من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟12%

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43981 / تحميل: 4773
الحجم الحجم الحجم
من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٢٥٠١-٩٧-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مسألة ٩٣ : لو مات وله نخل وعليه دَيْن مستوعب تعلّق الدَّين بالنخل‌ ، فإذا أثمر بعد وفاته فالوجه أنّ الثمرة للورثة ؛ لأنّ الدَّين - على ما اخترناه نحن - لا يمنع انتقال الملك إلى الورثة ، والثمرة حدثت في ملكهم فلا يتعلّق الدَّين بها ، فإذا بدا صلاحها وجب العُشر أو نصفه ، وبه قال الشافعي(١) ، ومن منع الانتقال جعل الدَّين متعلّقاً بالثمرة والأصل معاً.

فإن مات بعد أن أطلع النخل تعلّق الدَّين بالأصل والثمرة معاً ، وانتقل الملك في الاُصول والثمرة إلى الورثة ، فإذا بدا صلاحها وجبت الزكاة على الورثة.

فإن كان لهم مال أخرجوه من مالهم ؛ لأنّ الوجوب حصل في ملكهم ، وتعلّق حق الغرماء بذلك لا يمنع من وجوب الزكاة كالمرهون وما حدث من الزيادة في ملك الورثة ؛ فإنّها زيادة غير متميزة فتبعت أصلها كزيادة الرهن.

فإن لم يكن للورثة ما يؤدّون الزكاة احتمل سقوطها ، لتعلّق الدّين بالعين هنا فمنع من تعلّق الزكاة ، ووجوبها ؛ لأنّ الزكاة تتعلّق بالعين وهي استحقاق جزء من المال فتقدّم على حقوق الغرماء.

مسألة ٩٤ : تضمّ الزروع المتباعدة والثمار المتفرقة في الحكم‌ سواء اتّفقت في الإِيناع أو اختلفت ، وسواء اتّفقت في الاطلاع أو اختلفت إذا كانت لعام واحد ، فلو كان له نخل بتهامة يسرع إدراكه لحرارتها ، وآخر بنجد يبطئ لبرودتها ، وبلغا معاً خمسة أوسق وجبت الزكاة وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر.

ولو كان له نخل في بعضها رطب ، وفي بعضها بسر ، وفي بعضها طلع ، فجذّ الرطب ، ثم بلغ البسر فجذّ ، ثم بلغ الطلع فجذّ ، فإنّه يضمّ بعضها إلى بعض ، لتعذّر إدراك الثمرة في وقت واحد ؛ وإن كانت في نخلة واحدة.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٥٨٨ - ٥٨٩.

١٦١

فلو اعتبر اتّحاد وقت الإِدراك لم تجب الزكاة غالباً ، وقد أجمع المسلمون على ضمّ ما يدرك إلى ما تأخّر.

ولو كان له نخل بتهامة وأخر بنجد فأثمرت التهامية وجذّت ، ثم بلغت النجدية فإنّها تضمّ إلى التهامية.

ولو كان له نخل يطلع في السنة مرّتين ، قال الشيخ : لا يضمّ الثاني إلى الأول ، لأنّه في حكم ثمرة سنتين(١) ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقيل : تضمّ ، لأنّها ثمرة عام واحد(٣) ، وهو الأقوى.

ولو كان بعضه يحمل مرة والباقي مرّتين ضمّمنا الجميع.

وعلى قول الشيخ ، يضمّ الأول منهما إلى الحمل الواحد ، ويكون للثاني حكم نفسه.

مسألة ٩٥ : الثمرة إن كانت كلّها جنساً واحداً اُخذ منه‌ سواء كان جيّداً ، كالبُردي ، وهو أجود نخل بالحجاز ، أو رديئاً كالجُعرور ومُصران الفأرة ، وعذق ابن حُبَيْق ، ولا يطالب بغيره.

ولو تعدّدت الأنواع اُخذ من كلّ نوع بحصته لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيّد ، وعن الفقراء بأخذ الردي‌ء ، وهو قول عامة أهل العلم(٤) .

وقال مالك والشافعي : إذا تعدّدت الأنواع اُخذ من الوسط(٥) .

والأولى أخذ عُشر كلّ واحد ، لأنّ الفقراء بمنزلة الشركاء.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢١٥.

(٢) المجموع ٥ : ٤٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٧٣ ، المغني ٢ : ٥٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٨.

(٣) القائل هو المحقّق في المعتبر : ٢٦٨.

(٤) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٣ - ٥٧٤ ، والمجموع ٥ : ٤٨٨.

(٥) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٨١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٨ ، وانظر : المجموع ٥ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، وفتح العزيز ٥ : ٥٨١.

١٦٢

ولا يجوز إخراج الردي‌ء ، لقوله تعالى :( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (١) .

ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يؤخذ الجُعْرور وعذق ابن حُبَيْق(٢) ، لهذه الآية ، وهما ضربان من التمر ، أحدهما يصير قشراً على نوى ، والآخر إذا أثمر صار حشفاً(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « يترك معافارة(٤) واُم جُعرور لا يزكّيان »(٥) .

ولا يجوز أخذ الجيّد عن الردي‌ء ، لقولهعليه‌السلام : ( إيّاك وكرائم أموالهم )(٦) فإن تطوّع المالك جاز وله ثواب عليه.

والعَذْق بفتح العين ، وقيل : بكسرها(٧) .

تذنيب : لا يجزئ أخذ الرطب عن التمر ، ولا العنب عن الزبيب ، فإن أخذه الساعي رجع بما نقص عن الجفاف.

وهل يجوز على سبيل القيمة؟ الأقرب ذلك ، ويجوز أن يأخذ كلّاً من الرطب والعنب عن مثله.

مسألة ٩٦ : يجوز الخرص على أرباب الغلّات والثمار‌ بأن يبعث الإِمام ساعياً إذا بدا صلاح الثمرة أو اشتدّ الحَبُّ ليخرصها ويعرف قدر الزكاة ويُعرِّف المالك ذلك ، وبه قال الحسن وعطاء والزهري ومالك والشافعي وأحمد وأبو‌

____________________

(١) البقرة : ٢٦٧.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١١٠ - ١١١ / ١٦٠٧ ، وسنن الدارقطني ٢ : ١٣١ ذيل الحديث ١١.

(٣) الحَشَف من التمر : ما لم يُنْو ، فإذا يَبِس صَلُب وفسد. لسان العرب ٩ : ٤٧ « حشف ».

(٤) معافارة : ضرب ردي‌ء من التمر. مجمع البحرين ٣ : ٤٠٩ « عفر ».

(٥) الكافي ٣ : ٥١٤ / ٧ ، والتهذيب ٤ : ١٨ / ٤٧.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ / ١٥٨٤ ، سنن النسائي ٥ : ٥٥ ، ومسند أحمد ١ : ٢٣٣.

(٧) العذق ، بالفتح : النخلة. وبالكسر : العرجون بما فيه من الشماريخ. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ١٩٩.

١٦٣

عُبَيْد وأبو ثور وأكثر العلماء(١) ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرومَهم وثمارَهم(٢) .

وقال الشعبي : الخرص بدعة(٣) .

وقال أصحاب الرأي : إنّه ظنٌّ وتخمين لا يلزم به حكم ، وإنّما كان الخرص تخويفاً للأَكَرَة(٤) لئلّا يخونوا ، فأمّا أن يلزم به حكم فلا(٥) .

ونمنع عدم تعلّق الحكم به فإنّه اجتهاد في معرفة قدر الثمرة وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير فهو كتقويم المتلفات.

فروع :

أ - وقت الخرص حين بدوّ الصلاح ، لأنّهعليه‌السلام كان يبعث حين يطيب قبل أن يؤكل منه(٦) .

ولأنّ فائدته معرفة الزكاة وإطلاق أرباب الثمار في التصرف فيها ، والحاجة إنّما تدعو إلى ذلك حين بدوّ الصلاح ، وتجب الزكاة فيه.

ب - محلّ الخرص : النخل والكرم ، أمّا الغلّات فقول الشيخ يعطي جوازه ، فإنّه قال : يجوز الخرص في الغلّات(٧) ، لوجود المقتضي وهو‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٦ ، المجموع ٥ : ٤٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٧٨ ، المغني ٢ : ٥٦٤ - ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٨.

(٢) اُنظر على سبيل المثال : سنن الترمذي ٣ : ٣٦ / ٦٤٤ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٥٨٢ / ١٨١٩.

(٣) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٦٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٦٨.

(٤) أَكَرَة : جمع أكّار : الفلّاح. الصحاح ٢ : ٥٨٠ ، القاموس المحيط ١ : ٣٦٥ « أكر ».

(٥) المغني ٢ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٦) راجع : سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٦.

(٧) الخلاف ٢ : ٦٠ ، المسألة ٧٣.

١٦٤

الاحتياج إلى الأكل منه كالفريك(١) وغيره.

ومنع عطاء والزهري ومالك وأحمد ، لأنّ الشرع لم يرد بالخرص فيه(٢) .

ج - صفة الخرص - إن كان نوعاً واحداً - أن يدور بكلّ نخلة أو شجرة وينظر كَم في الجميع رطباً أو عنباً ، ثم يقدّر ما يجي‌ء منه تمراً ، وإن كان أنواعاً خرص كلّ نوع على حدته ، لأنّ الأنواع تختلف ، فمنها ما يكثر رطبه ويقلّ تمره ، ومنها بالعكس ، وكذا العنب يختلف ، ولأنّه يحتاج إلى معرفة كلّ نوع حتى يخرج عُشرة.

مسألة ٩٧ : إذا خرص الخارص خيّر المالك‌ بين أن يضمن الحصّة للفقراء ، ويسلّم إليه الثمرة ليتصرّف فيها بأكل وبيع وغير ذلك ، وبين إبقائه أمانة إلّا أنّه لا يجوز له التصرف في شي‌ء منه بأكل أو بيع ، وبين أن يضمن الخارص حصّة المالك ، لأنّ عبد الله بن رواحة خرص على أهل خيبر ، وقال : إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي ، فكانوا يأخذونه(٣) .

فإن اختار الحفظ ثم أتلفها أو فرّط فتلفت ضمن نصيب الفقراء بالخرص ، وإن أتلفها أجنبي ضمن قيمة ما أتلف ، والفرق : أنّ ربّ المال وجب عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي ، ولهذا لو أتلف اُضحيته المعيّنة ضمن اُضحيةً مكانها ، وإن أتلفها أجنبي ضمن القيمة.

ولو تلفت بجائحة(٤) من السماء أو أتلفها ظالم سقط الخرص والضمان عن المتعهد إجماعاً ، لأنّها تلفت قبل استقرار الزكاة ، ويقبل قول المالك لو‌

____________________

(١) أفرك السنبل. أي : صار فريكاً ، وهو حين يصلح أن يفرك فيؤكل. لسان العرب ١٠ : ٤٧٣ « فرك ».

(٢) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٦.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٣٣ / ٢٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٢٣.

(٤) الجائحة : كلّ ما أذهب الثمر أو بعضها من أمر سماوي. لسان العرب ٢ : ٤٣١ « جوح ».

١٦٥

ادّعى التلف بغير تفريط.

مسألة ٩٨ : لو لم يضمن المالك ولا الخارص بل اختار المالك إبقاءها أمانةً جاز‌ ، فإذا حفظها إلى وقت الإِخراج كان عليه زكاة الموجود خاصة سواء اختار الضمان أو حفظها على سبيل الأمانة ، وسواء كانت أكثر ممّا خرصه الخارص أو أقلّ - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّ الزكاة أمانة فلا تصير مضمونةً بالشرط كالوديعة.

وقال مالك : يلزمه ما قال الخارص زاد أو نقص إذا كانت الزكاة متقاربة ؛ لأنّ الحكم انتقل إلى ما قال الساعي لوجوب ما قال عند تلف المال(٢) .

ويمنع الانتقال ، وإنّما يعمل بقوله إذا تصرّف في الثمرة ولم يعلم قدرها ، لأنّ الظاهر إصابته.

مسألة ٩٩ : يجزئ الخارص الواحد‌ - وبه قال مالك وأحمد(٣) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص وحده(٤) ، ولأنّ الخارص يفعل ما يؤدّي اجتهاده إليه فهو كالحاكم ، وهو أحد قولي الشافعي(٥) .

وفي الثاني : لا بدّ من اثنين ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث مع عبد الله بن رواحة غيره(٦) ، ولأنّ الخارص يقدّر الواجب فهو بمنزلة المقوِّمين(٧) .

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٨٨ ، المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩.

(٢) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٢ ، المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩.

(٣) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٠ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٧ ، المغني ٢ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٢ / ١٨٢٠.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٦) نقله في الاُم ٢ : ٣٤.

(٧) الاُم ٢ : ٣٤ ، المجموع ٥ : ٤٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

١٦٦

وإنفاذ غيره معه لا يدلّ على أنّه خارص ، ويحتمل أن يكون مُعيناً وكاتباً ، ولأنّه جائز عندنا ، والكلام في الوجوب ، ويخالف الخارصُ المقوّمين ، لأنّهم ينقلون ذلك إلى الحاكم فافتقر إلى العدد كالشهادة بخلاف الخرص فإنّه حكم يجزئ فيه الواحد.

وله قول ثالث : إن كان الخرص على صبي أو مجنون أو غائب فلا بدّ من اثنين(١) .

إذا ثبت هذا ، فيشترط في الخارص الأمانة والمعرفة إجماعاً ، لأنّ الخرص إنّما يتمّ بهما.

مسألة ١٠٠ : وعلى الخارص أن يترك في خرصه ما يحتاج المالك إليه‌ من أكل أضيافه وإطعام جيرانه وأصدقائه وسؤّاله - المستحقّين للزكاة - ويحسبه منها ، وما يتناثر من الثمرة ويتساقط وينتابه الطير ، ويأكل منها المارّة ، فلو استوفى الكلّ أضرّ بالمالك.

وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( خفّفوا على الناس فإنّ في المال العريّة والواطية والآكلة)(٢) .

والعرية : النخلة والنخلات تهب إنساناً ثمرتها(٣) . وقد قالعليه‌السلام : ( ليس في العرايا صدقة )(٤) .

والواطئة : السابلة. سمّوا به ، لوطئهم بلاد الثمار مجتازين(٥) .

والآكلة : أرباب الثمار وأهلهم(٦) ، وقالعليه‌السلام : ( إذا خرصتم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٧.

(٢) سنن البيهقي ٤ : ١٢٤.

(٣) راجع : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٨ ، والصحاح ٦ : ٢٤٢٣ « عرا ».

(٤) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٧ / ١٤٥١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٤.

(٥) راجع : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٧ ، والنهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢٠٠.

(٦) راجع أيضاً : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٨.

١٦٧

فخذوا ودعوا الثُلْث فإن لم تدعوا الثُلْث فدعوا الربع )(١) .

وتأوّل الشافعي ذلك بأمرين :

أحدهما : إذا خرصتم فدعوا لهم الثُلْث أو الرُبع ليفرّقوه بأنفسهم على جيرانهم ومن يسألهم ويتبعهم.

والثاني : إذا لم يرض بما خرصه الساعي منعه من التصرف فيه ، فأمرهم أن يدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرّفوا فيه ، ويضمنوا حقّه بقدر ما يجي‌ء من الباقي(٢) .

مسألة ١٠١ : يخرص الخارص الجميع‌ ؛ لإِطلاق النصوص المقتضية لوجوب العُشر ، وهو الجديد للشافعي ، وفي القديم : يترك للمالك نخلة أو نخلات يأكل منها هو وأهله ، ويختلف ذلك بقلّة العيال وكثرتهم(٣) .

والوجه : المنع ، لتعلّق حقّ الفقراء.

وقال أحمد : لا يحتسب على المالك ما يأكله بالمعروف(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الفقراء شركاء ، نعم لو قلّ جدّاً لم يحتسب ، لعسر الاحتراز منه.

مسألة ١٠٢ : لو ادّعى المالك غلط الخارص بالمحتمل قبل من غير يمين‌ ، وبه قال أحمد(٥) .

وقال الشافعي : لا بدّ من اليمين(٦) ، وسيأتي.

____________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٥ / ٦٤٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٥ ، سنن النسائي ٥ : ٤٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٣.

(٢) لم نجده في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٣) المجموع ٥ : ٤٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٨٧.

(٤) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢.

(٥) المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٠.

(٦) المجموع ٥ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١.

١٦٨

وإن ادّعى غير المحتمل لم تسمع دعواه في حطّ ذلك القدر.

وهل يحطّ القدر المحتمل؟ إشكال ينشأ من ظهور كذبه ومن ادّعاء القليل ضمناً ، وللشافعية وجهان(١) .

ولو ادّعى تعمّد الإِجحاف لم يلتفت إلى قوله كما لو ادّعى الكذب على الشاهد ، والجور على الحاكم.

ولو قال : أخذت كذا وبقي كذا ولا أعلم غير ذلك ، قُبل قوله وإن كان ممّا لا يقع غلطاً في الخرص ؛ لأنّه لم يضف ذلك إلى خطأ الخارص.

مسألة ١٠٣ : لو لم يخرج الإِمام خارصاً فاحتاج ربّ المال إلى التصرّف في الثمرة‌ فأخرج خارصاً جاز أن يأخذ بقدر ذلك ، ولو خرص هو وأخذ بقدر ذلك جاز أيضاً ، ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر ممّا [ له ](٢) أخذه ، ولو لم يخرص لم يجز أن يتناول من الثمرة شيئاً وإن قلّ - خلافاً لأحمد(٣) - إن كان بعد بدوّ الصلاح ، ويجوز قبله.

مسألة ١٠٤ : لو ادّعى المالك التلف أو تلف البعض قُبل قوله بغير يمين‌ ، لأنّه حقّ لله تعالى فلا يمين فيه كالصلاة والحدّ - خلافاً للشافعي(٤) - سواء كان بسبب ظاهر كوقوع الجراد أو نزول الأكراد ، أو خفي كالسرقة ، إلّا أن يعلم كذبه ، لأنّ الشارع جعل الأمر إليه ، لقولهعليه‌السلام للساعي : ( قل لهم : هل لله في مالكم حقّ؟ ).

وقال الشافعي : إن ادّعى سبباً ظاهراً افتقر إلى البيّنة ، لأنّه مدّعٍ(٥) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١ - ٥٩٢.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢.

(٤ و ٥ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٨٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩ - ٨٠.

١٦٩

وتجب الزكاة في الباقي إن كان التلف بعد بدوّ الصلاح أو قبله وكان الباقي نصاباً ، ولو كان بعد بدوّ الصلاح وقصر الباقي عن النصاب وجبت أيضاً لو بلغ مع التالف ، خلافاً لبعض الجمهور حيث قال : إنّ الزكاة إنّما تجب يوم الحصاد(١) .

ولو ادّعى أنّها سرقت بعد نقلها إلى البيدر ضمن إن كان بعد إمكان الأداء وإلّا فلا.

مسألة ١٠٥ : لو تلفت الثمرة قبل بدوّ الصلاح ، أو الزرع قبل اشتداد الحبّ لم تجب الزكاة‌ إجماعاً ، وكذا إن أتلفه المالك سواء قصد الفرار من الزكاة أو لا عندنا ؛ لعدم المقتضي وأصالة البراءة ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أحمد ومالك : إن فعله فراراً وجبت الزكاة(٣) ، وليس بجيّد.

وكذا الخلاف لو أتلف النصاب أو بعضه قبل الحول فراراً ، أو سبك الذهب أو الفضة أو صاغهما حُليّاً وغيره.

مسألة ١٠٦ : لو احتاج إلى قطع الثمرة أجمع بعد بدوّ الصلاح لئلّا تتضرّر النخلة بمصّ الثمرة جاز القطع‌ إجماعاً ، لأنّ الزكاة تجب على طريق المواساة فلا يكلّف ما يتضرّر به ويهلك أصل ماله ، ولأنّ في حفظ الاُصول حظّاً للفقراء لتكرّر حقّهم.

ولا يضمن المالك خرصها ، بل يقاسم الساعي بالكيل أو الوزن بُسراً أو رطباً ، وله بيع الجميع ، ويأخذ الساعي حصّة الفقراء من الثمن ، ولو كفى تجفيف الثمرة جفّفها وأخرج الزكاة ممّا قطعه بعد بدوّ الصلاح.

وهل للمالك قطعها لمصلحة من غير ضرورة؟ الوجه ذلك ، لأنّ الزكاة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٤.

(٢) المجموع ٥ : ٤٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٩.

(٣) المغني ٢ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٤.

١٧٠

وجبت مواساةً فلا يجوز تفويت مصلحته(١) بسببها فيقاسم.

وفي قطعها لغير مصلحة إشكال ينشأ من تضرّر الفقراء بقطعها لغير فائدة ، ومن عدم منع المالك من التصرف في ماله كيف شاء.

ومنع الشافعي من قطعها مطلقاً بدون إذن الساعي(٢) .

ولو أراد قطع الثمرة لتحسين الباقي منها جاز.

وقال بعض الجمهور : إذا قطع البعض لمصلحة كان عليه فيه الزكاة يابساً(٣) ، وهو رواية عن أحمد(٤) ، وليس بمعتمد.

مسألة ١٠٧ : يجوز للساعي أن يقاسم الثمرة مع المالك قبل الجذاذ وبعده‌ ، وهو أحد قولي الشافعي ؛ لأنّهما شريكان فيما تصحّ قسمته فجازت.

وفي الثاني : لا تجوز على رؤوس النخل بناء على أنّ القسمة بيع(٥) ؛ وهو ممنوع.

فإذا اختار المالك أن يسلّم عُشرها مشاعاً إلى الساعي تعيّن حقّ الفقراء فيه فإنّ الفقراء وإن ملكوا جزءاً من المال فإنّ ملكهم لا يستقرّ لجواز أن يدفع إليهم من غيره فإذا تسلّم ذلك تعيّن حقّهم فيه.

ويجوز للساعي أن يبيع نصيب الفقراء من صاحب الثمرة أو غيره ، أو يبيعا(٦) جميعاً ويقتسما الثمن ، وإذا قسّمها قبل الجذاذ قسّمها بالخرص ويأخذ نصيبهم نخلات منفردة ويأخذ ثمرها.

____________________

(١) في نسخة « ط » : مصلحة.

(٢) المجموع ٥ : ٤٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٢.

(٣) وهو قول أبي بكر من فقهاء الحنابلة. راجع : المغني ٢ : ٥٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٦٧.

(٤) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٧.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٢.

(٦) أي : يبيع الساعي وصاحب الثمرة.

١٧١

ولو قطعها المالك جاز قسمتها كيلاً أو وزناً ، وللشافعي قولان : أحدهما : المنع ، لاشتماله على الربا ، بل يأخذ الساعي العُشر مشاعاً ويبيعه(١) .

وهو ممنوع ، للتعديل ، ولأنّ للمالك أن يدفع إلى الفقراء أكثر ممّا يستحقّون.

مسألة ١٠٨ : إذا خرص الخارص وضمن المالك الحصة تصرّف في الثمرة كيف شاء‌ من أكل وبيع وغير ذلك ، لأنّه فائدة التضمين.

فإذا قطعها بعد الخرص قبل التضمين للحاجة أخذ الساعي عُشرها بسراً ، وإن كان لا لحاجة فكذلك.

وقال الشافعي : يأخذ عُشرها تمراً ، لأنّ الثمرة تجب تبقيتها إلى إدراكها ، فإذا قطعها ضمن خرصها بخلاف القطع للعطش(٢) . واختاره الشيخ في المبسوط(٣) .

وأمّا طلع الفحال فلا شي‌ء فيه إجماعاً ، لأنّه لا يجي‌ء منه شي‌ء تجب فيه الزكاة فهو بمنزلة ثمرة لا زكاة فيها.

وإذا ضمن المالك الحصّة فأكلها رطباً ضمن الزكاة بحكم الخرص تمراً ، وإن كان قبل التضمين بعد الخرص أو قبله كان القول قوله فيما وصل إليه ، ولا يمين عندنا - خلافاً للشافعي(٤) - ويضمن الحصة رطباً ، لأنّه الواجب عليه والمالك يضمن الزكاة بالمثل ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : يضمن قيمة الرطب ، لأنّ الرطب لا مثل له(٥) ، وهو ممنوع.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٨٢.

(٢) المجموع ٥ : ٤٧٥ - ٤٧٦.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢١٧.

(٤) الاُم ٢ : ٣٢.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧١ - ٤٧٢ و ٤٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٩.

١٧٢

وحكم العنب حكم الرطب في ذلك كلّه.

مسألة ١٠٩ : يصحّ تصرف المالك في النصاب قبل الخرص وبعده‌ بالبيع والهبة وغيرهما إذا ضمن حصّة الفقراء ، فإذا باع كانت الصدقة عليه ، وكذا لو وهبها - وبه قال الحسن ومالك والثوري والأوزاعي(١) - لأنّها كانت واجبةً عليه ، ولأنّ الزكاة في العين.

ولو شرطها على المشتري جاز - وبه قال الليث(٢) - لأنّه شرط سائغ ، ولأنّ الزكاة تجب في العين التي انتقلت إلى المشتري فتجب على المشتري عملاً بالشرط.

ولو لم يضمن البائع الزكاة ولا شرطها على المشتري احتمل صحّة البيع في الجميع فيضمن البائع الزكاة ، لأنّه تصرف في مال الغير ، وبطلان البيع في قدر نصيب الفقراء ، لتعلّق حقّهم بالعين فهم شركاء فيتخيّر المشتري لو لم يعلم ، لتبعّض الصفقة عليه.

البحث الثاني

فيما ظنّ وجوب الزكاة فيه من الغلّات وليس كذلك‌

مسألة ١١٠ : لا زكاة في شي‌ء من الثمار والغلّات إلّا في التمر والزبيب والحنطة والشعير‌ عند علمائنا أجمع ، وهو رواية عن أحمد ، وبه قال ابن عمر وموسى بن طلحة والحسن البصري وابن سيرين والشعبي والحسن بن صالح بن حي وابن أبي ليلى وابن المبارك وأبو عبيد(٣) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٥ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩.

(٢) المغني ٢ : ٥٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٥.

(٣) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، الأموال - لأبي عبيد - : ٤٧٢ - ٤٧٣ و ٤٧٨.

١٧٣

لقول عبد الله بن عمر : إنّما سنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحنطة والشعير والتمر والزبيب(١) .

وبعث(٢) أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم ، فأمرهما أن لا يأخذا الصدقة إلّا من هذه الأربعة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وأمّا ما أنبتت الأرض من شي‌ء من الأشياء فليس فيه زكاة إلّا أربعة أشياء : البُرّ والشعير والتمر والزبيب »(٤) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الزكاة على تسعة أشياء : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذهب والفضة والإِبل والبقر والغنم وعفا عمّا سوى ذلك »(٥) .

ولأنّ ما عدا هذه الغلّات لا نصّ فيها ولا إجماع ، ولا هي في معناها في غلبة « الاقتيات »(٦) بها وكثرة نفعها ووجودها ، فلا يصح قياسه عليها ، ولا إلحاقه بها فبقي الأصل ، وخالف جماعة من الجمهور في ذلك(٧) ، ونحن نذكره في مسائل :

مسألة ١١١ : لا زكاة في الحبوب‌ غير ما قلناه عند علمائنا ، وذهب‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ٩٤ / ١.

(٢) أي : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٩٨ / ١٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٥ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠١.

(٤) التهذيب ٤ : ١٩ / ٥٠.

(٥) الكافي ٣ : ٥١٠ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٥ / ١١ ، الاستبصار ٢ : ٥ / ١١.

(٦) ورد في الطبعة الحجرية والنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : الأصناف. وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه.

(٧) راجع : المجموع ٥ : ٤٥٦ ، والمغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، وبداية المجتهد ١ : ٢٥٣.

١٧٤

الشافعي ومالك إلى أنّه ليس فيما عدا النخل والكرم من الشجر زكاة ، وأمّا الحبوب فلا تجب إلّا فيما يصان ويدّخر(١) .

وقال أبو حنيفة : تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض فتجب في جميع ما تنبته الأرض إلّا الحطب والقصب والحشيش(٢) .

وقال أبو يوسف ومحمد : تجب في الحبوب والثمار الباقية(٣) .

وقال أحمد : تجب في جميع الثمار والحبوب التي تكال وتدّخر سواء أنبته الآدميون أو نبت لنفسه - وأوجب الزكاة من اللوز دون الجوز ، لأنّ اللوز يكال(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( فيما سقت السماء العُشر )(٥) .

وهو معارض بقولهعليه‌السلام : ( ليس في الخضراوات صدقة )(٦) ولأنّه أعم ، ولأنّه ورد في معرض بيان قدر الواجب في هذا النوع من الأصناف التي تجب فيها الزكاة.

مسألة ١١٢ : لا زكاة في الزيتون‌ عند علمائنا أجمع - وهو الجديد‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٧٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٩٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٤.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٨ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦‌

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥٩ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٥٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٨ / ١٥٩٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١ / ٦٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٠ / ١٨١٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٧ / ٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠١.

(٦) سنن الدارقطني ٢ : ٩٥ - ٩٦ / ٣ - ٦ و ٩٧ / ١٠ ، مصنّف عبد الرزاق ٤ : ١١٩ / ٧١٨٥.

١٧٥

للشافعي ، وقول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبي عبيد وأحمد في رواية(١) - لأنّه لا يدّخر يابساً فأشبه الخضراوات ، ولأنّه ليس بمصان حالة الاختيار فلا تجب فيه الزكاة كغيره من الثمار ، ولأنّه إذا لم تجب في التين مع ما يمكن فيه من القوت فالزيتون أولى.

وقال في القديم : تجب فيه الزكاة ، وبه قال الزهري والأوزاعي ومالك والليث والثوري وأبو ثور وأحمد - في رواية - وأصحاب الرأي(٢) ، لقوله تعالى :( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) (٣) في سياق( وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ ) (٤) .

ولا حجّة فيه ، لأنّها لم يرد بها الزكاة ، لنزولها(٥) بمكة ، والزكاة فرضت بالمدينة ، ولهذا ذكر الرمان ولا زكاة فيه.

والموجبون شرطوا بلوغ خمسة أوسق(٦) .

والذي يطلب زيته كالشامي والمدقوقي يخرج عُشره زيتوناً أو زيتاً ، وما لا يطلب زيته ، بل يؤكل أدماً كالبغدادي يخرج عُشرة إذا بدا صلاحه ، لأنّها حالة الادّخار.

مسألة ١١٣ : لا زكاة في الورس‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول الشافعي في الجديد وأحمد - لأنّه ليس بمقتات.

وفي القديم : تجب فيه - وهو رواية عن أحمد - ولا يوسق بل يجب من‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٥ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦١ - ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٩٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٤ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥٢.

(٣ و ٤ ) الأنعام : ١٤١.

(٥) يقصد بالضمير في ( لأنها ) و ( بها ) و ( لنزولها ) الآية.

(٦) المغني ٢ : ٥٥٢ و ٥٥٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٣ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

١٧٦

قليله وكثيرة ؛ لأنّ أبا بكر بعث إلى بني خُفّاش أن أدّوا زكاة الذرة والورس(١) ؛ وجاز أن يكون عن اجتهاد.

وكذا لا زكاة في غيره من الورق مثل السدر والخطمي والأشنان والسعتر والآس ، لأنّه ليس بمنصوص ولا في معناه.

مسألة ١١٤ : لا زكاة في الأزهار كالزعفران والعُصْفُر والقُطْن‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول أحمد في رواية(٢) - للأصل ، ولأنّه ليس بحَبّ ولا تمر فأشبه الخضراوات.

ولقول عليعليه‌السلام : « ليس في الفاكهة والبقل والتوابل(٣) والزعفران زكاة »(٤) .

وللشافعي قولان في الزعفران : الوجوب وعدمه(٥) .

وأما القِرْطِمْ - وهو حَبّ العُصْفُر - فلا زكاة فيه عندنا - وهو الجديد للشافعي(٦) - لأنّه ليس بمقتات ، ولأنّ السِّمْسِم لا تجب فيه الزكاة ودهنه أنفع فهذا أولى.

وفي القديم : تجب وتعتبر الأوساق الخمسة بخلاف الزعفران ، لحديث أبي بكر(٧) . ولا حجّة فيه ، وحكي عن أحمد أنّ في القطن زكاةً(٨) .

____________________

(١) المهذب - للشيرازي - ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، المغني ٢ : ٥٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٠ - ٥٥١ ، وانظر : سنن البيهقي ٤ : ١٢٦.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

(٣) التوابل : جمع ، واحدها : تابل. وتبل القدر : جعل فيه التابل. والتابل : أبزار الطعام.

القاموس المحيط ٣ : ٣٤٠ « تبل ».

(٤) أورده ابن قدامة في الشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

(٦ و ٧ ) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

(٨) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

١٧٧

مسألة ١١٥ : العسل لا زكاة فيه‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك والشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وابن المنذر(١) - للأصل ، والأحاديث الدالّة على نفي الزكاة عن غير التسعة ، ولأنّه مائع خارج من حيوان فأشبه اللبن.

وقال عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري وسليمان بن موسى والأوزاعي وأحمد وإسحاق : تجب فيه بكلّ حال(٢) ، لأنّ عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جدّه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأخذ في زمانه من قرب العسل من كلّ عشر قرب قربة من أوسطها(٣) .

وقال أبو سيّارة : يا رسول الله إنّ لي نحلاً ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أدِّ العُشر ) قال : فاحم إذن جبلها. فحماه له(٤) .

ولا حجّة فيه ، لجواز أن لا يكون زكاة بل كان يأخذ خُمساً ونصفه لنفسهعليه‌السلام .

وقال أبو حنيفة : إن كان في غير أرض الخراج وجب فيه العُشر ؛ لأنّ العُشر والخراج لا يجتمعان(٥) .

ولا حجّة فيه علينا بل على أحمد.

____________________

(١) المنتقي - للباجي - ٢ : ١٧٢ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ - ٧٤ ، المغني ٢ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

(٢) المغني ٢ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

(٣) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٩٦ - ١٤٨٩.

(٤) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٩٦ / ١٤٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٤ / ١٨٢٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٦ ، وانظر : المغني ٢ : ٥٧٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٦٢ ، اللباب ١ : ١٥٢ ، المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩ و ٥٨٠ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

١٧٨

واختلف الموجبون ، فقال أبو يوسف ومحمد : نصابه خمسة أوساق(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )(٢) .

وقال أبو حنيفة : تجب في قليله وكثيره ؛ بناءً على أصله في الحبوب والثمار(٣) .

وقال أحمد : نصابه عشرة أفراق ، والفَرْق ستّة عشر رطلاً بالعراقي ، وهو قول الزهري ، لقول عمر : إن أدّيتم صدقتها من كلّ عشرة أفراق فرقاً حميناها لكم(٤) ، ولا حجّة فيه.

مسألة ١١٦ : قال الشيخ : العَلَس نوع من الحنطة ، لأنّه حنطة حبّتان منه في كمام فتجب فيه الزكاة‌ حينئذٍ ، ويضمّ إلى نصاب الحنطة لو قصر إلّا به(٥) .

وأمّا السُّلْت ، فقال : إنّه شعير ، لمشابهته إيّاه في الصورة فيضمّ إليه حينئذٍ(٦) .

وقال بعض الشافعية : بل يضمّ إلى الحنطة ، لأنّه على طبعها(٧) .

وقال آخرون : إنّه أصل بنفسه(٨) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ٩٧٩ ، صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٧.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٦٢ ، اللباب ١ : ١٥٢ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٤) المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢١٧.

(٦) الخلاف ٢ : ٦٥ ، المسألة ٧٧.

(٧) المجموع ٥ : ٥١٠.

(٨) المجموع ٥ : ٥٠٩.

١٧٩

وللشافعي قولان : الضمّ إلى الشعير ، وعدم ضمّه مطلقاً(١) ، وهو الأقرب عندي.

وجعل الشافعي نصاب العَلَس عشرة أوسق لأجل قشره(٢) .

مسألة ١١٧ : لا شي‌ء في الاُرز عندنا ، ولا في غيره من الحبوب سوى الحنطة والشعير‌ ، سواء كان من القُطنيّات التي تقطن في البيت وهي اللوبيا والعَدس والماش والحِمَّص والباقِلاء والهُرْطُمان ، أو من الأبازير(٣) كالكُسْفُرة والكَمُّون ، أو البُزُور كبَزْر الكتّان والقِثّاء والخيار ، أو حبّ البقول كالرشاد ، وحَبّ الفُجْل والقِرْطِمْ والسِّمْسِم وسائر الحبوب - خلافاً لأحمد(٤) - للأصل.

وقال الشافعي : لا تجب الزكاة في الزرع إلّا أن يكون ممّا ييبس ويدّخر ويقتات وينبته الآدميون وهي القطنيّة إذا بلغ كلٌّ منها نصاباً ، ولا يضمّ بعضها إلى بعض(٥) .

واختلفت الرواية عن أحمد في الضمّ(٦) .

وجعل الشافعي نصاب الاُرز عشرة أوسق لأجل قشره(٧) .

وقال أبو حنيفة : تجب الزكاة في كلّ ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلّا الحَطَب والقَصَب والحشيش(٨) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٥٠٩ - ٥١٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٧٠.

(٢) المجموع ٥ : ٥٠٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٩.

(٣) الأبازير جمع الجمع لـ ( أبزار ) واحدها : بزر. بمعنى : التابل. وهو ما يتطيّب به الطعام.

لسان العرب ٤ : ٥٦ « بزر ».

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٣ ، المجموع ٥ : ٤٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٨٣.

(٦) المغني ٢ : ٥٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٩.

(٧) المجموع ٥ : ٥٠٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣٨٣.

(٨) بدائع الصنائع ٢ : ٥٨ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٨٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

تمهيدات

٢٤١
٢٤٢

وإنّ من الضروري ، قبل الورود في البحث ، التعرّض للأُمور التالية باختصار شديد

الأمر الأوّل :

إنّ حال الإمام الحسينعليه‌السلام حال جميع الأنبياء الكرام في الأُمم السابقة ، وحال جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الأُمّة وكذلك حال سائر أولياء الله والمصلحين الإلهيّين فلقد أدّى كلٌّ منهم رسالته في أُمّته ، سواء استجابت له أو لا وصبر على ما لقيه من أصحابه وغيرهم من الأذى والبلاء.

والقرآن الكريم مشحونٌ بأنباء الرسل والأنبياء

وقد تنبّه لهذا المعنى في خصوص أمر الإمام أبي عبد الله الشهيد هلال بن نافع فإنّه لمّا بلغ الإمام خبر شهادة مسلم بن عقيل بالكوفة ، استعبر باكياً ثمّ قال : «اللهمّ اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً عندك ، واجمع بيننا وإيّاهم في مستقرّ رحمتك ، إنّك على كلّ شيء قدير» ، وثب إليه هلال فقال :

«يا ابن بنت رسول الله! تعلم أنّ جدّك رسول الله لا يقدر أن يشرب

٢٤٣

الخلائق محبّته ، ولا أن يرجعوا من أمرهم إلى ما يحبّ ، وقد كان منهم منافقون يبدونه النصر ويضمرون له الغدر ، يلقونه بأحلى من العسل ويلحقونه بأمرّ من الحنظل ، حتّى توفّاه اللهعزوجل .

وإنّ أباك عليّاً قد كان في مثل ذلك ، فقوم أجمعوا على نصره وقاتلوا معه المنافقين والفاسقين والمارقين والقاسطين ، حتّى أتاه أجله.

وأنتم اليوم عندنا في مثل ذلك الحال( فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ) (١) والله يغني عنه ، فسر بنا راشداً ، مشرّقاً إنْ شئت أو مغرّباً ، فوالله ما أشفقنا من قدر الله ، ولا كرهنا لقاء ربّنا ، وإنّا على نيّاتنا ونصرتنا ، نوالي من والاك ، ونعادي من عاداك»(٢) .

الأمر الثاني :

إنّ الإمامعليه‌السلام كان على علمٍ تامٍّ بنيّات القوم وما سيقع عليه ، وكلّ الأدلّة والقرائن قائمة على ذلك ، وقد صرّح به في كلّ مرحلةٍ

فتارةً : قال : «والله لا يَدَعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة ـ وأشار إلى قلبه الشريف ـ من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلَّط عليهم من يذلّهم ، حتّى يكونوا أذلّ من فرم الأَمَة»(٣) .

وأُخرى : قال ـ لدى خروجه من مكّة ـ «والله لأنْ أُقتل خارجاً منها بشبرٍ أحبّ إليَّ من أنْ أُقتل داخلاً منها بشبر ، وأيم الله لو كنت في جحر

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ١٠

(٢) انظر : الفتوح ـ لابن أعثم ـ ٥ / ٩٣

(٣) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٣١ ، تاريخ الطبري ٣ / ٣٠٠ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٢١٦ ، بغية الطلب ٦ / ٢٦١٥ ـ ٢٦١٦ ، البداية والنهاية ٨ / ١٣٥

٢٤٤

هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقضوا فيَّ حاجتهم ، ووالله ليعتدنّ علَيَّ كما اعتدت اليهود في السبت»(١) .

وثالثةً : في الطريق ، حيث أخبر عن أصحاب الكتب أنّهم سيقتلونه وسيأتي بعض التفصيل.

فقد كانعليه‌السلام على علمٍ بقتله ، وبموضع قتله كسائر أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام كما قال عبد الله بن عبّاس : «ما كنّا نشكّ وأهل البيت متوافرون أنّ الحسين بن عليّ يُقتل بالطفّ»(٢) .

وعنه : «إنّ أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلاً ولم يزيدوا رجلاً ، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم»(٣) .

ورابعةً : لمّا وجّه مسلماً إلى أهل الكوفة ، قال له : «وسيقضي الله من أمرك ما يحبّ ويرضى ، وأنا أرجو أنْ أكون أنا وأنت في درجة الشهداء»(٤) .

بل لقد علم بذلك الأباعد أيضاً :

فقد أخرج ابن سعد بإسناده عن العربان بن الهيثم : «كان أبي يتبدّى فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين ، فكنّا لا نبدو إلّا وجدنا رجلاً من بني أسد هناك ، فقال له أبي : أراك ملازماً هذا المكان؟!

قال : بلغني أنّ حسيناً يقتل ها هنا ؛ فأنا أخرج لعلّي أُصادفه فأُقتل

__________________

(١) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٢٨ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، بغية الطلب ٦ / ٢٦١١ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٩٣ ، البداية والنهاية ٨ / ١٣٥

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٩٧ ح ٤٨٢٦

(٣) مناقب آل أبي طالب ٤ / ٦٠

(٤) الفتوح ـ لابن أعثم ـ ٥ / ٣٦

٢٤٥

معه.

فلمّا قُتل الحسين قال أبي : انطلقوا ننظر هل الأسدي في من قتل؟

فأتينا المعركة فطوّفنا ، فإذا الأسدي مقتول»(١) .

وعن عبد الله بن شريك العامري : «كنت أسمع أصحاب عليٍّ ـ إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد ـ يقولون : هذا قاتل الحسين بن عليّ ، وذلك قبل أن يقتل بزمان»(٢) .

بل حتّى النساء في البيوت بلغهنّ الخبر ، فمثلاً

لمّا عزم الإمامعليه‌السلام على الخروج من مكّة نحو العراق : «كتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظّم عليه ما يريد أنْ يصنع ، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة ، وتخبره أنّه إنْ لم يفعل إنّما يساق إلى مصرعه ، وتقول : أشهد لسمعت عائشة أنّها تقول : إنّها سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : يقتل الحسين بأرض بابل.

فلمّا قرأ كتابها قال : فلا بُدّ لي إذاً من مصرعي ؛ ومضى»(٣) .

هذا بالنسبة إلى هذا الأمر باختصار ، في ضوء كتب القوم ورواياتهم ، وأمّا على أُصولنا ورواياتنا ، فللبحث طور آخر ومجال آخر.

الأمر الثالث :

لقد تواترت الأخبار من طرق الفريقين في أنّ النبيّ صلّى الله عليه

__________________

(١) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٢١ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٢١٦ ـ ٢١٧

(٢) انظر : الإرشاد ٢ / ١٣١ ـ ١٣٢ ، كشف الغمّة ٢ / ٩

(٣) البداية والنهاية ٨ / ١٣١ حوادث سنة ٦٠ ه

٢٤٦

وآله وسلّم قد أخبر بأنّ الإمام الحسين سيقتل في العراق ، ومن ذلك ما أخرجه أحمد أنّه قال : «دخل علَيَّ البيتَ ملَك لم يدخل علَيَّ قبلها فقال لي : إنّ ابنك هذا ـ يعني حسيناً ـ مقتول ؛ وإنْ شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها»(١) وقد نصّ الحافظ الهيثمي على أنّ «رجال هذا الحديث رجال الصحيح»(٢) .

وأخرج الطبراني بسندٍ معتبر ، أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت في يده تربة فقال : «أخبرني جبريلعليه‌السلام أنّ هذا ـ وأشار إلى الحسين ـ يُقتل بأرض العراق ، فقلت لجبريلعليه‌السلام : أرني تربة الأرض التي يُقتل بها : فهذه تربتها»(٣) .

وكذلك الأخبار عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كقوله : «ليُقتلنَّ الحسين قتلاً ، وإنّي لأعرف التربة التي يُقتل فيها ، قريباً من النهرين»(٤) .

قال الهيثمي : «رجاله ثقات»(٥) .

وتواترت الأخبار في أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر المسلمين بنصرة الإمامعليه‌السلام ، ومن ذلك ما رواه جماعة من أكابر الحفّاظ بأسانيدهم عن أنس بن الحارث ، أنّه قال :

«سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إنّ ابني هذا ـ يعني

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ٦ / ٢٩٤ ، وانظر : المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٣ / ١٠٩ ح ٢٨١٩ و ٢٨٢٠ وج ٢٣ / ٢٨٩ ح ٦٣٧ وص ٣٢٨ ح ٧٥٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٨٧

(٢) مجمع الزوائد ٩ / ١٨٧

(٣) المعجم الكبير ٣ / ١٠٩ ـ ١١٠ ح ٢٨٢١

(٤) المعجم الكبير ٣ / ١١٠ ـ ١١١ ح ٢٨٢٤

(٥) مجمع الزوائد ٩ / ١٩٠

٢٤٧

الحسين ـ يُقتل بأرضٍ يقال لها : كربلاء ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره»(١) .

لكنّ حال الإمامعليه‌السلام حال جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

الأمر الرابع :

إنّه إذا كان الإمامعليه‌السلام عارفاً بوظيفته وعالماً بمصيره ، وكان المسلمون كلّهم مأمورين بنصرته وهو يقول في رسالته إلى بني هاشم : «من لحق بي منكم استشهد معي ، ومن تخلّف لم يبلغ ـ أو : لم يدرك ـ الفتح»(٢)

فما معنى نهي من نهاه عن الخروج من الحجاز؟!

وأيّ معنى لقول ابن عمر للإمامعليه‌السلام : «إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ، وإنّك بضعة منه ولا تعطاها ـ يعني الدنيا ـ»(٣) ؟!

أكان ابن عمر جاهلاً بحقّ الإمام؟! أو كان انحيازه عن أهل البيت إلى

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٤ / ٢٢٤ ح ٣٥٤٣ ، وانظر : التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٢ / ٣٠ رقم ١٥٨٣ ، البداية والنهاية ٨ / ١٥٩ ، أُسد الغابة ١ / ١٤٦ رقم ٢٤٦ ، الإصابة ١ / ١٢١ رقم ٢٦٦ ، الخصائص الكبرى ٢ / ١٢٥ ، كنز العمّال ١٢ / ١٢٦ ح ٣٤٣١٤ ، وغيرها

(٢) بصائر الدرجات : ٥٠١ ـ ٥٠٢ ح ٥ ، كامل الزيارات : ٧٥ ب ٢٣ ح ١٥ ، وعنهما في : بحار الأنوار ٤٥ / ٨٤ ـ ٨٥ ح ١٣ وص ٨٧ ح ٢٣

(٣) انظر : أنساب الأشراف ٣ / ٣٧٥ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٢٥ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٢٠٨ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٩٦ ، بغية الطلب ٦ / ٢٦٠٨

٢٤٨

هذه الدرجة من البعد والانحراف؟!

أمّا ابن عبّاس ، فقد قال له الإمام أوّلاً : «إنّك شيخ قد كبرت» ، ثمّ قال : «لأنْ أُقتل بمكان كذا وكذا أحبّ إليّ أن تستحلّ بي ـ يعني مكّة ـ»(١) فاستسلم ابن عبّاس وسكت.

وسنذكر كلمات أُخرى للإمامعليه‌السلام قالها لدى خروجه من مكّة نحو العراق.

هذا ، وسيقع بحثنا في فصول :

__________________

(١) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٢٨ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٢١١ ، بغيةالطلب ٦ / ٢٦١١

٢٤٩
٢٥٠

الفصل الأول :

في الكتب والرسل

٢٥١
٢٥٢

قال ابن كثير(١) :

«قالوا : لمّا بايع الناس معاوية ليزيد ، كان حسين ممّن لم يبايع له ، وكان أهل الكوفة يكتبون إليه ، يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية ، كلّ ذلك يأبى عليهم ، فقدم منهم قوم ...».

يفيد هذا الخبر :

١ ـ إنّ المكاتبة كانت في زمان حكومة معاوية.

٢ ـ وكانت لمّا بايع الناس معاوية ليزيد ، والإمام ممّن لم يبايع

٣ ـ ولم تكن مرّةً واحدة ، بل كانوا «يكتبون» إليه(٢)

٤ ـ ولم يكتفوا بالكتابة ، بل أرسلوا من قبلهم قوماً إلى المدينة ليرضوهعليه‌السلام بالخروج إليهم

٥ ـ ووسّطوا محمّد بن الحنفيّة أيضاً

فماذا قال الإمامعليه‌السلام ؟

قال : «إنّ القوم إنّما يريدون أن يأكلوا بنا ، ويستطيلوا بنا ،

__________________

(١) البداية والنهاية ٨ / ١٢٩ ، وقد تقدّم في الصفحة ١٥٥

(٢) انظر كذلك : أنساب الأشراف ٣ / ٣٧٠ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٧٧ ، البداية والنهاية ٨ / ١٢١ و ١٢٧

٢٥٣

ويستنبطوا دماء الناس ودماءنا»(١) .

وماذا كتب إليهم؟

كتب إليهم : «فالصقوا بالأرض ، وأخفوا الشخص ، واكتموا الهوى واحترسوا ما دام ابن هند حيّاً ...»(٢) .

كتب أهل الكوفة إلى مكّة

قال الشيخ المفيد :

«وبلغ أهل الكوفة هلاك معاوية فأرجفوا بيزيد ، وعرفوا خبر الحسينعليه‌السلام وامتناعه من بيعته ، وما كان من ابن الزبير في ذلك ، وخروجهما إلى مكّة ، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صُرَد ، فذكروا هلاك معاوية ، فحمدوا الله عليه ، فقال سليمان : إنّ معاوية قد هلك ، وإنّ حسيناً قد تقبَّضَ(٣) على القوم ببيعته ، وقد خرج إلى مكّة ، وأنتم شيعته وشيعة أبيه ، فإن كنتم تعلمون أنّكم ناصروه ومجاهدو عدوِّه فأعلموه ، وإن خفتم الفشل والوهن فلا تغرّوا الرجل في نفسه.

قالوا : لا ، بل نقاتل عدوّه ، ونقتل أنفسنا دونه.

قال : فكتبوا :

__________________

(١) البداية والنهاية ٨ / ١٢٩ ، وانظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٢٢ ، بغية الطلب ٦ / ٢٦٠٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٩٤

(٢) انظر : أنساب الأشراف ٣ / ٣٦٦ ، الأخبار الطوال : ٢٢٢

(٣) تقبَّضَ : زَواه ، وقَبَّضْتُ الشيءَ تقبيضاً : جَمَعْتُه وزَوَيْتُه ؛ انظر مادّة «قبض» في : لسان العرب ١١ / ١٣ ، تاج العروس ١٠ / ١٣٤

٢٥٤

بسم الله الرحمن الرحيم

للحسين بن عليّعليهما‌السلام ، من : سليمان بن صُرد ، والمسيّب ابن نجبة ، ورفاعة بن شدّاد ، وحبيب بن مظاهر ، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة

سلامٌ عليك ، فإنّا نحمد إليك الله الّذي لا إله إلّاهو.

أمّا بعدُ ، فالحمد لله الذي قصمَ عدوَّكَ الجبّار العنيد ، الذي انتزى على هذه الأُمّة فابتزَّها أمرها ، وغصبها فيئَها ، وتأمّر عليها بغير رضىً منها ، ثمّ قتل خيارها واستبقى شرارها ، وجعل مال الله دولةً بين جبابرتها وأغنيائها ، فبُعداً له كما بعدت ثمود.

إنّه ليس علينا إمام ، فأقبل لعلّ الله أن يجمعنا بك على الحقّ.

والنعمان بن بشير في قصر الإمارة ، لسنا نُجمِّعُ معه في جمعة ، ولا نخرج معه إلى عيد ، ولو قد بلغنا أنّك أقبلت إلينا أخرجناه حتّى نُلحقه بالشام إن شاء الله.

ثمّ سرّحوا الكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمدانيّ وعبد الله بن وال ، وأمروهما بالنجاء ، فخرجا مسرعَين ، حتّى قدما على الحسينعليه‌السلام بمكّة ، لعشرٍ مضينَ من شهر رمضان.

ولبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب ، وأنفذوا قيسَ بن مسهرٍ الصيداويّ وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبيّ وعمارة بن عبدٍ السلوليّ إلى الحسينعليه‌السلام ، ومعهم نحوٌ من مئةٍ وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة.

ثمّ لبثوا يومين آخرين ، وسرّحوا إليه هانئ بن هانئ السبيعيّ وسعيد

٢٥٥

ابن عبد الله الحنفيّ ، وكتبوا إليه :

بسم الله الرحمن الرحيم

للحسين بن عليّ من شيعته من المؤمنين والمسلمين.

أمّا بعد ، فحيَّ هلا ، فإنّ الناس ينتظرونك ، لا رأي لهم غيرك ، فالعجل العجل ، ثمّ العجل العجل ؛ والسلام.

وكتب شبث بن ربعيّ وحجّارُ بن أبجرَ ويزيدُ بن الحارث بن رُوَيْمٍ وعروةُ بن قيسٍ(١) وعمرو بن الحجّاج الزبيديّ ومحمّد بن عمرو التميمي(٢) :

أمّا بعد ، فقد اخضرَّ الجَناب ، وأينعت الثمار ، فإذا شئتَ فأقدمْ على جُندٍ لك مجنَّدٍ ؛ والسلام.

وتلاقت الرُسُلُ كلّها عنده ، فقرأ الكتب وسأل الرُسُلَ عن الناسِ ، ثمّ كتبَ مع هانئ بن هانئ وسعيد بن عبد الله ، وكانا آخر الرُّسُلِ :

بسم الله الرحمن الرحيم

من الحسين بن عليّ إلى الملأ من المسلمين والمؤمنين.

__________________

(١) كذا في المصدر ، والصحيح : عزرة بن قيس اليحمدي الأزدي البصري ، وقيل : الأحمسي البجلي.

انظر : الجرح والتعديل ٧ / ٢١ رقم ١٠٩ ، ميزان الاعتدال ٥ / ٨٣ رقم ٥٦٢٢ ، لسان الميزان ٤ / ١٦٦ رقم ٤٠٥ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٧٨ ، البداية والنهاية ٨ / ١٤٢ و ١٤٣

(٢) كذا في المصدر ، والصحيح : محمّد بن عمير التميمي ، كان له شرف وقدر بالكوفة ، وولي أذربيجان.

انظر : تاريخ الطبري ٣ / ٢٧٨ ، جمهرة أنساب العرب : ٢٣٢ و ٢٣٣ ، لسان الميزان ٥ / ٣٣٠ رقم ١٠٩٤

٢٥٦

أمّا بعد ، فإنّ هانئاً وسعيداً قَدما علَيَّ بكتبكم ، وكانا آخرَ من قدم علَيَّ من رسلكم ، وقد فهمت كلَّ الذي اقتصصتم وذكرتم ؛ ومقالة جُلّكم : أنّه ليسَ علينا إمامٌ فأقبلْ لعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى والحقِّ.

وإنّي باعثٌ إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي ، فإن كتب إليَّ أنّه قد اجتمع رأيُ مَلَئِكم وذوى الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمتْ به رُسُلُكم وقرأتُ في كتبكم ، أقدِم عليكم وشيكاً إن شاءَ اللهُ. فلعمري ما الإمام إلّاالحاكم بالكتاب ، القائمُ بالقسطِ ، الدائنُ بدين الحقِّ ، الحابسُ نفسه على ذات الله ؛ والسلام»(١) .

__________________

(١) الإرشاد ٢ / ٣٦ ـ ٣٩.

وانظر عن كتاب الإمام عليه‌السلام إلى أهل الكوفة وما قاله لمسلم ممّا يدلّ على عدم وثوقه بأهل الكوفة : أنساب الأشراف ٣ / ٣٧٠ ـ ٣٧١ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ، المنتظم ٤ / ١٤٢ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ، الأخبار الطوال : ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ، مقاتل الطالبيّين : ٩٩ ، تهذيب الكمال ٤ / ٤٨٧ ، الإصابة ٢ / ٧٨ ، الفتوح ـ لابن أعثم ـ ٥ / ٣٥ ـ ٣٦ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٦ ـ ٢٧ ، مروج الذهب ٣ / ٥٤ ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي ـ ١ / ٢٨١ ـ ٢٨٤

٢٥٧
٢٥٨

الفصلُ الثاني :

في إرسال مسلم بن عقيل إلى الكوفة

٢٥٩
٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482