موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 487061 / تحميل: 5748
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الراهب علامات النبوة ، فقال لعمه : ارجع بابن أخيك ، واحذر عليه من اليهود ، فرجع.

ولما صار عمره الشريف خمسا وعشرين سنة ، ذهب بتجارة إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد ، فربحت التجارة ضعف ما كانت تربح ، ورأى ميسرة منه صفات حميدة لا تحصى ، فأخبر خديجة بذلك. فأعجبت به وتزوجتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي بنت أربعين سنة. وكانت خديجةعليها‌السلام خير نساء قريش نسبا ، وأكثرهن مالا ، وأوفرهن جمالا ، وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة وبسيدة قريش. ولم يتزوجصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليها حتّى ماتت. وهي أول من آمن به على الإطلاق ، حين بعث بالنبوة ، وعمره أربعون سنة.

ـ أولاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(المصدر السابق)

أما أولادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد ذكر العلماء أنهم سبعة : ثلاثة ذكور وأربعة بنات ، وكلهم من خديجةعليها‌السلام ما عدا (إبراهيم) من مارية القبطية. فأما الذين من خديجة ، فأول من ولد منهم (القاسم) وبه كان يكنّى ،

ثم زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ، ثم الطاهر. وقد ولد هؤلاء كلهم بمكة.ثم ولد إبراهيم بالمدينة. وقد مات الذكور الثلاثة صغارا. أما (زينب) فتزوجت من ابن خالتها أبو العاص بن الربيع ، فولدت له عليا وأمامة ؛ فأما عليّ فمات مراهقا يوم الفتح ، وأما أمامة فتزوجها الإمام عليعليه‌السلام بعد وفاة فاطمةعليها‌السلام بوصية منها.وأما (رقية) فتزوجها عثمان بن عفان ، فولدت له عبد الله ، فمات وعمره ست سنين.وبعد وفاة رقية تزوج عثمان أختها (أم كلثوم) ، ولذلك سمّي ذو النورين ، ولم تنجب له ولدا.

وانحصر نسل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفاطمة الزهراءعليها‌السلام التي حاول كثير من الصحابة خطبتها ، حتّى نزل الأمر الإلهي بتزويجها من ابن عمها علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ليلتقي النوران المباركان في الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ويكون من هذه السلالة المختارة الأئمة الأطهارعليهم‌السلام .

تزوج الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة الزهراءعليها‌السلام في السنة الثانية من الهجرة وعمرها عشر سنين ، وعمرهعليه‌السلام ٢٥ سنة. ولما تزوجت فاطمةعليها‌السلام من

١٠١

عليعليه‌السلام نضح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الماء على رأسها وصدرها ، وقال : «إني أعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم».

وتوفيت فاطمةعليها‌السلام بعد وفاة أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أشهر ، وقيل ستة أشهر ، ودفنها الإمام عليعليه‌السلام ليلا سرا ، وعمرها الشريف على التحقيق ١٨ عاما ، وفي بعض روايات العامة ٢٨ عاما. ولم يتزوجعليه‌السلام غيرها في حياتها.

٦ ـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام وأولاده

١٥ ـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام :

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. ولم يكن في زمانه هاشمي ولد من هاشمية إلا هو وإخوته.

كنيته : أبو الحسن ، ولقبه : سيد الوصيين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، والإمام ، وأمير المؤمنين ، والصدّيق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وقسيم الجنة والنار ، والوصي ، وحيدرة ، وأبو تراب.

وهو أول من أسلم بعد خديجةعليها‌السلام وعمره اثنا عشر عاما.

هيئتهعليه‌السلام :(المختصر في أخبار البشر لابن الوردي ، ج ١ ص ٢٥٠)

كان الإمام عليعليه‌السلام شديد الأدمة ، عظيم العينين ، بطينا أصلع ، عظيم اللحية ، كثير شعر الصدر ، مائلا إلى القصر ، حسن الوجه ، لا يغيّر شيبه ، كثير التبسّم.

١٦ ـ شيء من فضائل الإمامعليه‌السلام :

(المصدر السابق ، ص ٢٥١)

فضائل الإمام عليعليه‌السلام أكثر من أن تحصى. منها مشاهده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حروبه كلها ، ومؤاخاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له عند الهجرة ، وسبق إسلامه ، ومبيته على فراش النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له يوم خيبر وقد عجزت الأقران عن فتح الحصن : «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله».وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم : «من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه». وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى؟». وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أقضاكم علي».

(أقول) : وإذا كانت مقوّمات الخلافة وقيادة الأمة تتركز في عاملين أساسيين

١٠٢

هما : العلم والقوة ، فقد اجتمعا فيهعليه‌السلام دون غيره. فأما في العلم والحكمة ، فيكفيه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه : «أنا مدينة العلم وعلي بابها». وأما في القوة والشجاعة ، فقد كان المجليّ في كل الحروب ، ويكفيه قول جبرئيل في معركة أحد : «لا فتى إلا علي ، ولا سيف إلا ذو الفقار». وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

في غزوة الخندق : «ضربة علي يوم الخندق ، تعدل عمل الثّقلين إلى يوم القيامة».

ولله درّ الشاعر الإيراني سعدي الشيرازي وهو من السنّة ، حين أراد أن يصوّر فضائل الإمام عليعليه‌السلام ، فقال :

كتاب فضل تو را آب بحر كافى نيست

كه تر كنند سرأنكشت وصفحه بشمارند

والمعنى : إذا أردت أن تعدّ صفحات كتاب فضائل عليعليه‌السلام فإن ماء البحر لن يكفيك لترطيب رؤوس أصابعك. وقد انتزع الشاعر هذا المعنى من قوله تعالى :( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) [لقمان: ٢٧] صدق الله العظيم.

١٧ ـ زوجات الإمام علي وأولادهعليهم‌السلام :

رزق الإمام عليعليه‌السلام من الأولاد الذكور ١٤ ، ومن الإناث ١٩ ، على خلاف في ذلك.

وأول أزواج الإمام عليعليه‌السلام فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، لم يتزوج عليها في حياتها ، وولدت له الحسن والحسين (والسقط محسن) وزينب العقيلة وأم كلثوم.

وبعد وفاة فاطمةعليه‌السلام تزوج أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية ، فولدت له أربعة بنين : العباس وجعفرا وعبد الله وعثمان. وقد قتل الأربعة مع الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، ولم يعقب منهم غير العباسعليه‌السلام .

وتزوج عليعليه‌السلام ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلية التميمية ، وولدت له عبيد الله وأبا بكر ، قتلا مع الحسينعليه‌السلام أيضا.

وتزوجعليه‌السلام أسماء بنت عميس الخثعمية ، وولدت له محمدا الأصغر ، ويحيى توفي في حياة أبيه.

وولد له من الصهباء (أم حبيب) بنت ربيعة التغلبية من سبي خالد بن الوليد بعين

١٠٣

نسل الإمام علي بن أبي طالب

١٠٤

١٠٥

بقية نسل الإمام علي (ع)[الذكور] :

١٠٦

التمر : عمر الأطرف ورقية (توأمان). وكان عمر المذكور آخر ولد أبيه ، وعاش خمسا وثمانين سنة ، وحاز نصف ميراث أبيهعليه‌السلام .

وتزوج عليعليه‌السلام أيضا أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ـ بناء على وصية فاطمةعليها‌السلام ـ وأمها زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وولدت له محمّد الأوسط ، ولا عقب له.

وولد لهعليه‌السلام من خولة بنت جعفر الحنيفة : محمّد الأكبر ابن الحنفية ، وله عقب.

البنات : وكانت لهعليه‌السلام بنات من أمهات شتى ، منهن : أم الحسن (أو أم الحسين) ورملة الكبرى ، من أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي. ومن بناته : أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الصغرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم سلمة وأم جعفر (جمانة) ونفيسة ، لأمهات أولاد شتى.

وبنوه الذكور لم يعقب منهم إلا خمسة : الحسن والحسينعليهما‌السلام ومحمد ابن الحنفية والعباس وعمر الأطراف رضي الله عنهم. [انظر مخطط نسل الإمام عليعليه‌السلام ص ١١٥].

وتوفي الإمام عليعليه‌السلام وخلفّ أربع حرائر : أمامة بنت زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وليلى التميمية ، وأسماء بنت عميس ، وفاطمة بنت حزام الكلابية (أم البنين) ، وثمانية عشر ولدا.

وكانت وفاتهعليه‌السلام سنة ٤٠ ه‍ وعمره الشريف ٦٣ عاما ، ودفن في الغريّ (النجف).

١٨ ـ زواج أمير المؤمنينعليه‌السلام بأم البنين رضي الله عنها :

(المجالس السّنيّة للسيد محسن الأمين ، ج ١ ص ١٣٣)

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لأخيه عقيل ، وكان نسّابة عالما بأخبار العرب وأنسابهم : إبغني امرأة قد ولدتها الشجعان من العرب ، لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا. فقال له عقيل : أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية (وهي المكنّاة أم البنين) فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس. فتزوجها عليعليه‌السلام فولدت له : العباس ثم عبد الله ثم جعفر ثم عثمان. وحضر هؤلاء الإخوة الأربعة مع أخيهم الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، وأبلوا في نصرته بلاء حسنا ، وجاهدوا أمامه حتّى قتلوا

١٠٧

جميعهم. وكان أحسنهم بلاء وأعظمهم جهادا ومواساة لأخيه الحسينعليه‌السلام أبو الفضل العباس وهو أكبرهم ، وكان عمره يومئذ أربعا وثلاثين سنة.

١٩ ـ عقب بنات الإمام عليعليه‌السلام :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٤٥)

١ ـ كانت رقية الصغرى بنت عليعليه‌السلام عند مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : عبد الله قتل يوم الطف ، وعليا ومحمدا. وقد انقرض ولد مسلمعليه‌السلام .

٢ ـ كانت زينب الصغرى بنت عليعليه‌السلام عند محمّد بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فولدت له : عبد الله وعبد الرحمن والقاسم.

٣ ـ كانت أم هانئ بنت عليعليه‌السلام عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : محمدا قتل بالطف ، وعبد الرحمن ومسلما وأم كلثوم.

٤ ـ وكانت ميمونة بنت عليعليه‌السلام عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له عقيلا.

٥ ـ وكانت أم كلثوم الصغرى (نفيسة) عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : أم عقيل.

٦ ـ وكانت خديجة بنت عليعليه‌السلام عند عبد الرحمن بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : سعيدا وعقيلا.

٧ ـ وكانت فاطمة بنت عليعليه‌السلام عند محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : حميدة.

٨ ـ وكانت أمامة بنت عليعليه‌السلام عند الصلت بن عبد الله.

٧ ـ أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام وزوجاته

٢٠ ـ أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام :

(إسعاف الراغبين لمحمد الصبان بهامش نور الأبصار للشبلنجي ص ١٨٣) نقل سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) عن ابن سعد في طبقاته ، أنه كان للحسنعليه‌السلام من الأولاد :

محمّد الأصغر ـ جعفر ـ حمزة ـ محمّد الأكبر ـ زيد ـ الحسن المثنى ـ

١٠٨

إسماعيل ـ يعقوب ـ القاسم ـ أبو بكر ـ طلحة ـ عبد الله. فاطمة ـ أم الحسن ـ أم الخير ـ أم عبد الرحمن ـ أم سلمة ـ أم عبد الله.

وعن الأسلمي أنهم : علي الأكبر ـ علي الأصغر ـ جعفر ـ عبد الله ـ القاسم ـ زيد ـ عبد الرحمن ـ إسماعيل ـ الحسين الأثرم ـ عقيل ـ الحسن المثنى. فاطمة ـ سكينة ـ أم الحسن.

واقتصر البلاذري في (أنساب الأشراف) على ذكر :

الحسن المثنى ـ زيد ـ حسين ـ عبد الله ـ أبي بكر ـ عبد الرحمن ـ القاسم ـ طلحة ـ عمرو.

رواية أخرى : (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة ص ٥٥)

وفي رواية شيخ الشرف العبيدلي أنه ولد للحسنعليه‌السلام تسعة عشر ولدا : منهم خمس بنات ، وأحد عشر ذكرا ، هم :

زيد ـ الحسن المثنى ـ الحسين (الأثرم) ـ طلحة ـ إسماعيل ـ عبد الله ـ حمزة ـ يعقوب ـ عبد الرحمن ـ أبو بكر ـ عمر.

وزاد الموضّح النسابة : القاسم ، وهي زيادة صحيحة. وقال : عبد الله هو أبو بكر.

وأما البنات فهن : أم الحسين (أو أم الخير أو رملة) ـ أم الحسن ـ فاطمة ـ أم سلمة ـ أم عبد الله. وزاد الموضّح : رقية.

وقال أبو نصر البخاري : أولد الحسن بن عليعليه‌السلام ١٣ ذكرا وست بنات.أعقب من ولد الحسنعليه‌السلام أربعة : زيد والحسن المثنى والحسين الأثرم وعمر.

إلا أن الحسين الأثرم وعمر انقرضا سريعا ، وبقي عقب الحسنعليه‌السلام من رجلين لا غير : زيد والحسن المثنى ، وزيد هو أكبر أولاد الحسنعليه‌السلام .

٢١ ـ أولاد الحسنعليه‌السلام وأمهاتهم :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٤٦)

ـ الحسن بن الحسنعليه‌السلام : أمه خولة بنت منظور بن زبّان.

١٠٩

ـ زيد بن الحسنعليه‌السلام ، أم الخير : أمهما أم بشر بنت أبي مسعود بن عقبة الأنصاري.

ـ القاسم ، أبو بكر (عبد الله) : قتلا يوم الطف ، أمهما أم ولد اسمها (نفيلة).

ـ طلحة بن الحسنعليه‌السلام درج : أمه أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي.

ـ عمرو ، عبد الرحمن ، الحسين الأثرم : لأمهات أولاد شتى.

ـ أم عبد الله ، فاطمة ، أم سلمة ، رقية : لأمهات أولاد شتى.

٢٢ ـ عقب بنات الحسنعليه‌السلام :

ـ كانت أم الحسين عند عبد الله بن الزبير بن العوام.

ـ وكانت أم عبد الله عند زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام فولدت له الحسن والحسين الأكبر ، ومحمد الباقرعليه‌السلام ، وعبيد الله.

ـ وكانت رقية عند عمرو بن المنذر بن الزبير بن العوام.

ـ وكانت أم سلمة عند عمر بن زين العابدينعليه‌السلام .

٨ ـ أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام وزوجاته

تمهيد حول تعدد الأسماء :

يظهر جليّا أن عدد أولاد الحسينعليه‌السلام أقل بشكل ملحوظ من أولاد أخيه الحسنعليه‌السلام أو من أولاد أي شخص آخر من الهاشميين ، كأبناء الإمام عليعليه‌السلام وأبناء عقيل وأبناء عبد الله بن جعفر. ورغم هذا فقد قدّم الإمام الحسينعليه‌السلام كل أولاده في كربلاء ، ولم يبق منهم إلا زين العابدينعليه‌السلام الّذي شاء الله أن تدوم منه ذرية الإمامة.

قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : ما أقلّ ولد أبيك؟. قال : العجب كيف ولدت له.إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يفرغ للنساء؟!.

وعند تعداد أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام نجد ظاهرة غريبة عند أهل البيتعليهم‌السلام . فقد كان الواحد منهم يسمّي بنفس الاسم أكثر من ولد من أولاده. فلسنا نغالي إذا قلنا : إن كل أولاد الحسينعليه‌السلام كان اسمهم (علي) ، ومن هنا كانوا يضطرون للتمييز بينهم أن يقولوا : علي الأكبر ، وعلي الأوسط ، وعلي الأصغر.

١١٠

في كتاب (النسب) عن يحيى بن الحسن ، قال يزيد لعلي بن الحسينعليه‌السلام :واعجبا لأبيك سمّى عليّا وعليا!. فقالعليه‌السلام : إن أبي أحبّ أباه فسمّى باسمه مرارا. (وفي رواية أخرى) قال زين العابدينعليه‌السلام : إنه لو كان للحسينعليه‌السلام مائة ولد لسمّى كل واحد منهم عليا ، باسم أبيهعليه‌السلام .

وهذا الأمر ينطبق أيضا على بنات الإمام عليعليه‌السلام ، فلقد سمّى الإمام ثلاثة من بناته باسم (زينب) تيمّنا باسم زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولا يخفى كم سبّب هذا من خلط عند الرواة حين يذكرون اسم زينب بدون تحديد. وهذه الزينبات الثلاث هن :زينب الكبرى وهي العقيلة ، وزينب الصغرى أم كلثوم ، وكلتاهما من بنات السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، ثم زينب ثالثة أصغر منهما لأم أخرى. وحصل الالتباس أيضا من أن زينب العقيلةعليها‌السلام يطلق عليها البعض اسم زينب الصغرى ، تمييزا لها عن خالتها زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي اعتبروها الكبرى ، بينما يطلق البعض عليها اسم زينب الكبرى تمييزا لها عن أختها زينب الصغرى أم كلثوم.

ومن هذا القبيل ما حصل من خلط كبير بين أبناء الحسينعليه‌السلام الثلاثة الذين كانوا معه في كربلاء ، والذين هم باسم واحد (علي) ؛ أيهم الأكبر وأيهم الأوسط وأيهم الأصغر ، وأيهم في ترتيب الكبر زين العابدينعليه‌السلام . مما سنناقشه في الفقرة التالية.

٢٣ ـ أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام :

أغلب الروايات على أن عدد أولاد سيدنا الحسينعليه‌السلام عشرة ؛ منهم ستة ذكور وأربع بنات ، وإن كان أكثرهم لم يذكروا اسم البنت الرابعة.

ففي (مطالب السّؤول) لمحمد بن طلحة الشافعي (ص ٧٠ ط حجر إيران) أنهم :

الذكور : علي الأكبر ـ علي الأوسط (زين العابدين) ـ علي الأصغر ـ محمّد ـ عبد الله ـ جعفر. وقد مات محمّد في حياة أبيه ، كما مات جعفر في حياة أبيه صغيرا.

البنات : زينب ـ فاطمة ـ سكينة (ولم يذكر الرابعة) وهي رقية التي توفيت في دمشق صغيرة.

وذكر أن المقتول في كربلاء بالسهم هو الطفل علي الأصغر ، وأن عبد الله قتل مع أبيه شهيدا.

١١١

وقال : ويذكر البعض أن زين العابدينعليه‌السلام هو الأصغر ، ومنهم من يزعم أنه الأكبر ، كما سترى!.

٢٤ ـ أيّهم علي الأكبر؟ :

بالنسبة لأبناء الحسينعليه‌السلام الذكور ، باعتبار أن محمدا وجعفرا توفيّا في حياة أبيهما الحسينعليه‌السلام وكذلك السقط محسن ، فالذين حضروا الطف منهم هم : علي الأكبر وعلي الأوسط وعلي الأصغر وعبد الله الرضيع.

وقد مال البعض إلى اعتبار الأكبر هو زين العابدينعليه‌السلام ، والأصغر شهيد كربلاء ، ولم يذكر الأوسط مطلقا ، وهذا ما اعتمده الشيخ المفيد فقط.

كما مال البعض الآخر إلى تسمية زين العابدينعليه‌السلام عليا الأصغر ، وفي هذه الحالة لا يعتبر ولدا ثالثا باسم (علي). منهم مصعب الزبيري في (نسب قريش) ، واليعقوبي في تاريخه ، وسبط ابن الجوزي في تذكرته ، والمنّاوي في طبقاته.

إلا أن الأكثرية على أن زين العابدينعليه‌السلام هو علي الأوسط ، وأن أول المستشهدين من أهل البيتعليهم‌السلام في كربلاء هو علي الأكبرعليه‌السلام . منهم ابن شهراشوب وابن طلحة الشافعي وغيرهما.

يقول العلامة المجلسي في (البحار ، ج ٤٥ ص ٣٣٢ ، ط ٣) بعد استعراض جملة من الروايات : الصحيح أن للحسينعليه‌السلام ثلاثة أولاد باسم علي ، وزين العابدينعليه‌السلام هو علي الأوسط ، كما ذكر ابن طلحة الشافعي.

٢٥ ـ أيهم علي الأصغر؟ :

الناحية الثانية في الموضوع ، هي أن الذين اعتبروا الأكبر شهيد كربلاء ، والأوسط زين العابدينعليه‌السلام ، اعتبر بعضهم عبد الله الرضيع باسم علي الأصغرعليه‌السلام ، وهو الّذي جاءه سهم وهو في حجر أبيه فذبحه ، والبعض الآخر اعتبر طفلا آخر باسم علي الأصغر ، أكبر من عبد الله الرضيع ، استشهد مع أبيهعليه‌السلام جاءه سهم فمات. وفي حين اعتبر البعض أن عمر عبد الله الرضيع عدة أشهر ، اعتبر بعضهم أنه ولد في نفس اليوم الّذي قتل فيه ، أي يوم عاشوراء (ذكر ذلك صاحب الحدائق الوردية) ، وهي رواية نادرة.

والخلاصة : إنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام ثلاثة أبناء باسم (علي) غير عبد الله الرضيع ، كما دلت على ذلك رواية ابن طلحة الشافعي وروايات أخرى ، وكلهم استشهدوا في كربلاء ما عدا زين العابدينعليه‌السلام ، وهو علي الأوسط.

١١٢

٢٦ ـ بنات الحسينعليه‌السلام :

أما بنات الحسينعليه‌السلام فقد ذكر بعضهم أنهن اثنتان : فاطمة وسكينة ، والكبرى فاطمة. وذكر آخرون أنهن أربعة : زينب وفاطمة وسكينة ، ولم يذكروا الرابعة ، وهي حتما رقيةعليها‌السلام التي ماتت في دمشق ، ودفنت في الخربة قرب دار يزيد.

قال الحمزاوي في كتاب (النفحات) : وكانت للحسينعليه‌السلام بنت تسمى رقية ، وأمها شاه زنان بنت كسرى ، خرجت مع أبيها الحسينعليه‌السلام من المدينة حين خرج ، وكان لها من العمر خمس سنين ، وقيل سبع سنين ، حتّى جاءت معه إلى كربلاء (المصدر : معالي السبطين ، ص ١٢٨).

ولكن زينب بنت الحسينعليها‌السلام لم يرد ذكرها في وقعة الطف ، إنما ورد ذكر عمتها زينب العقيلة بنت الإمام عليعليها‌السلام ، وهي بطلة كربلاء.

وفي بعض الأخبار أن الحسينعليه‌السلام ترك في المدينة ابنة صغيرة له اسمها (فاطمة الصغرى) تركها عند أم سلمة ، (وفي رواية) عند أسماء بنت عميس ، لأنها كانت مريضة ، وهي التي جاء الغراب المتمرغ في دمه يوم عاشوراء فوقع بالمدينة على جدار دارها ، مخبرا إياها بوفاة أبيها ، فهي غير فاطمة بنت الحسينعليها‌السلام السابقة.

٢٧ ـ أولاد الحسينعليه‌السلام وأمهاتهم :

الذكور :

اسم الولد

اسم أمّه

١ ـ علي بن الحسين الأكبر (شهيد كربلاء)

أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأمها بنت أبي سفيان ابن حرب

٢ ـ علي بن الحسين الأوسط (زين العابدينعليه‌السلام )

أمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد بن شهريار بن أبرويز ملك الفرس.وكان الحسينعليه‌السلام سمّاها :غزالة (تاريخ اليعقوبي)

٣ ـ علي بن الحسين الأصغر

أمه سلافة (ابن قتيبة) ، أو شهربانويه (ابن شهراشوب)

١١٣

٤ ـ عبد الله الرضيع

أمه الرباب بنت امرئ القيس الكلبية

٥ ـ جعفر

أمه السلافة [قضاعية] من بليّ (تذكرة الخواص)

٦ ـ محمّد

أمه الرباب (ابن شهراشوب)

٧ ـ السقط محسن

دفن في جبل الجوشن غربي حلب

والمعقب الوحيد من ولد الحسينعليه‌السلام هو زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام ، فلم يكن على وجه الأرض حسيني إلا من نسله.

البنات :

١ ـ زينب (أم كلثوم)

لم نعثر على أحوالها

٢ ـ فاطمة (أم الحسن)

أمها أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية

٣ ـ سكينة

أمها الرباب بنت امرئ القيس الكلبية ، أم عبد الله الرضيع

٤ ـ رقية

أمها شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ، أم الإمام زين العابدينعليه‌السلام (مشارق الأنوار عن درر الأصداف)

٥ ـ فاطمة الصغرى

لم نعثر على أحوالها.

نسل بنات الحسينعليه‌السلام :

١ ـ فاطمة بنت الحسينعليها‌السلام

تزوجت بابن عمها الحسن المثنى ، ثم بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فأولدها الديباج.

١١٤

٢ ـ سكينة بنت الحسينعليها‌السلام

تزوجت بابن عمها عبد الله بن الحسنعليه‌السلام فقتل عنها يوم كربلاء قبل أن يبني بها ، ثم تزوجها مصعب بن الزبير قهرا ، ولما قتل تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله ، ثم خلف عليها زيد بن عمرو ابن عثمان بن عفان

٢٨ ـ زوجات الإمام الحسينعليه‌السلام :

(أدب الطف لجواد شبّر ، ص ٤٦)

١ ـ شاهزنان (أو شهربانويه) بنت يزدجرد بن شهريار كسرى : وهي أم زين العابدينعليه‌السلام . و (شاه زنان) تعني بالفارسية : ملكة النساء. وسوف تأتي قصة زواج الإمامعليه‌السلام منها.

٢ ـ ليلى بنت أبي مرة بن عروة الثقفي ، عظيم القريتين الّذي قالت فيه قريش :

( لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) وعنوا بالقريتين مكة والطائف.وليلى هي أم علي الأكبرعليه‌السلام أول المستشهدين يوم الطف من آل أبي طالبعليهم‌السلام .

٣ ـ الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية : وهي أم عبد الله الرضيع وسكينة.

٤ ـ أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية : وهي أم فاطمة (أم الحسن).وكانت أولا عند الإمام الحسنعليه‌السلام . وإنما تزوجها الحسينعليه‌السلام بوصية أخيه الحسنعليه‌السلام ، إذ قال له عند وفاته : لا أريد أن تخرج هذه المرأة من بيتكم ، وإني راض عنها.

٥ ـ المرأة القضاعية (سلافة) : وهي أم جعفر ، وقد مات جعفر في حياة أبيهعليه‌السلام .

٢٩ ـ قصة زواج الحسينعليه‌السلام من شاهزنان والدة زين العابدينعليه‌السلام :

قال ابن هشام في (السيرة الحلبية) :

لما جيء ببنات كسرى أسارى وكنّ ثلاثا ، مع أمواله وذخائره إلى عمر ، وقفن

١١٥

بين يديه ، وأمر المنادي أن ينادي عليهن ، وأن يزيل نقابهن عن وجوههن ، ليزيد المسلمون في ثمنهن ، فامتنعن من كشف نقابهن ، ووكزن المنادي في صدره.

فغضب عمر وأراد أن يعلوهن بالدرّة وهن يبكين. فقال له الإمام عليعليه‌السلام :مهلا يا أمير المؤمنين ، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «ارحموا عزيز قوم ذلّ ، وغنيّ قوم افتقر». فسكن غضبه. فقال له عليعليه‌السلام : بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السّوقة. فقال له عمر : كيف الطريق إلى العمل معهن؟.فقالعليه‌السلام : يقوّمن ، ومهما بلغ ثمنهن يقوّم به من يختارهن. فقوّمن ، وأخذهن عليعليه‌السلام ؛ فدفع واحدة لعبد الله بن عمر ، فجاء منها بولده سالم ؛ وأخرى لمحمد بن أبي بكر ، فجاء منها بولده القاسم ؛ والثالثة لولده الحسينعليه‌السلام ، فجاء منها بولده علي زين العابدينعليه‌السلام .

وهؤلاء الأولاد الثلاثة فاقوا أهل المدينة علما وورعا. وكان أهل المدينة قبل ذلك يرغبون عن التسري ، فلما نشأ هؤلاء الثلاثة منهن رغبوا في اتخاذ الجواري.

(أقول) : إن أسماء بنات يزدجرد الثلاث :

ـ شاهزنان (وتعني ملكة النساء) : التي تزوجها الإمام الحسينعليه‌السلام .

ـ شهر بانو (وتعني سيدة البلد) : التي تزوجها عبد الله بن عمر.

ـ كيهان بانو (وتعني سيدة العصر) : التي تزوجها محمّد بن أبي بكر.

وقد مرّ معي في إحدى الروايات أن الحسينعليه‌السلام بعد أن توفيت شاهزنان تزوج شهربانو أو شهربانويه ، ولذلك حصل خلط بين الاسمين. وفي رواية أن شاهزنان توفيت وهي تلد زين العابدينعليه‌السلام ، وهي رواية شاذة.

٣٠ ـ قصة زواج الحسينعليه‌السلام من الرباب ، ومدى إخلاصها له :

(ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ ص ١٤٢)

جاء في (الإصابة) أن امرأ القيس بن عدي الكلبي ، كان أميرا على قضاعة الشام.

فقال له عليعليه‌السلام : هذان ابناي ، وقد رغبنا في صهرك ، فأنكحنا بناتك. فقال امرؤ القيس : قد أنكحتك يا علي [المحياة] ابنتي ، وأنكحتك يا حسن

[سلمى] ابنتي ، وأنكحتك يا حسين [الرباب] ابنتي ، وهي أم سكينةعليها‌السلام .

وفي الرباب وابنتها سكينة يقول الحسينعليه‌السلام شعرا يدل على حبه الشديد لها :

١١٦

لعمرك إنني لأحبّ دارا

تحلّ بها سكينة والرباب

والرباب هي التي أقامت على الروضة المكرمة للحسينعليه‌السلام في كربلاء حولا كاملا ، تبكي على الحسينعليه‌السلام . ثم أنشدت :

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

ومن يبك حولا كاملا فلقد عذر

والمخاطب بالسلام عليكما في هذا البيت هما : زوجها الحسينعليه‌السلام وابنها عبد الله الرضيععليه‌السلام .

١١٧
١١٨

الفصل الثالث

توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم

١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

ـ من هم آل الرسولعليهم‌السلام ؟

ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

ـ من هم العترة؟

ـ من هم ذوو القربى؟

٢ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

٣ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء :

حديث الكساء ـ آية المباهلة ـ آية المودة

٤ ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

ـ بعض فضائل الإمام عليعليه‌السلام

ـ جملة من فضائل فاطمة الزهراءعليها‌السلام

ـ فضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام

ـ فضائل الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام

٥ ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام : تفسير آية المودة

ـ عقاب من يبغض أهل البيتعليهم‌السلام

ـ موالاة أهل البيتعليهم‌السلام : حديث الثقلين وحديث الغدير

ـ أشعار في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام .

١١٩
١٢٠

الفصل الثالث :

توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم

مقدمة الفصل :

نبدأ الفصل ببحث قيّم حول معنى (أهل البيت) والألفاظ المختلفة التي تطلق عليهم ، مثل : آل الرسول ـ عترة النبي ـ ذوو القربى. فهم بالمعنى الضيّق الخمسة أصحاب الكساء. وبالمعنى الموسّع المعصومون الأربعة عشر ؛ وهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة والأئمة الاثنا عشرعليهم‌السلام . وبالمعنى الأوسع كل أقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعشيرته الذين حرموا الصدقة من بعده.

ويلجئنا هذا إلى الحديث حول ثبوت إمامة الأئمة الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام الذين أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهديعليه‌السلام .

وبعد هذه المقدمة نشرع في ذكر فضائل أهل البيتعليهم‌السلام مبتدئين بالإمام عليعليه‌السلام وزوجته فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، ثم بفضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام والذين من ضمنهم الفرقدان الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ثم بفضائل الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام . ومن أبرز هذه الفضائل توصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم وموالاتهم ونصرتهم والمحافظة عليهم. والفرق بين المحبة والمودة ، أن المحبة شيء قلبي ، بينما المودة فشيء تطبيقي ، يقول تعالى على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣].

١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

٣١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

نستخدم عبارة (أهل البيت) كثيرا في كتاباتنا وخطبنا. كما نطلق عبارات أخرى على أهل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل (آل الرسول)و (عترة النبي).

و (ذوي القربى). فلنحدد مدلول هذه العبارات والمصطلحات ، التي يحتلّ الحسينعليه‌السلام ذروة سنام المجد منها.

١٢١

ولم أجد لهذه الغاية أفضل من فضل عقده محبّ أهل البيتعليهم‌السلام كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في أول كتابه :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول)

هذا الكتاب الّذي فتّشت عنه كثيرا حتّى وجدت نسخة حجرية منه في مكتبة الأسد ، مطبوعة في ذيل كتاب لسبط ابن الجوزي هو :

(تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة)

وهي طبعة حجرية قديمة طبعت في إيران سنة ١٢٨٧ ه‍.

يقول ابن طلحة الشافعي في سبب تأليفه لكتابه الجليل (مطالب السّؤول) : كنت في شبابي ألّفت كتابا باسم (زبدة المقال في فضائل الآل) ثم وسّعته وألّفت كتاب (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول).

وفي مقدمة الكتاب (ص ٣ ـ ٥) يقولرحمه‌الله :

هناك أربعة ألفاظ يوصف بها (أهل النبي) وتطلق عليهم ، هي :

١ ـ آل الرسول

٢ ـ أهل البيت

٣ ـ العترة

٤ ـ ذوو القربى.

ثم يشرع في شرح مضمون هذه الألفاظ ، فيقول :

٣٢ ـ من هم آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ :

قد تعددت أقوال الناس في تفسير (الآل). فذهب قوم إلى أن آل الشخص أهل بيته. وقال آخرون : إن آل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الذين حرّمت عليهم الزكاة ، وعوّضوا عنها خمس الخمس. وقال آخرون : آل الشخص من دان بدينه وتبعه فيه. فهذه الأقوال الثلاثة أشهر ما قيل.

واستدل من قال بالقول الأول بما أورده القاضي الحسين بن مسعود البغوي في كتابه الموسوم «بشرح سنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأحاديث المتفق على صحتها «يرفعه بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي إليك هدية سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. فقلت : بلى ، فاهدها إليّ. فقال : سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟. قال : قولوا :«اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم ؛

١٢٢

وبارك على محمّد وآل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. إنك حميد مجيد». فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسّر أحدهما (أي الأهل والآل) بالآخر ، فالمفسّر والمفسّر به سواء في المعنى ، فقد بدّل لفظا بلفظ مع اتحاد المعنى ، فيكون آله أهل بيته ، وأهل بيته آله. فيتحدا به في المعنى على هذا القول. ويكشف حقيقة ذلك أن أصل (آل) أهل ، فأبدلت الهاء همزة. ويدل عليه أن الهاء ترد في التصغير ، فيقال في تصغير (آل) أهيل ، والتصغير يردّ الأسماء إلى أصولها.

واستدل من قال بالتفسير الثاني بما خرّجه الأئمة في أسانيدهم المتفق على صحتها : الإمام مسلم وأبو داود والنسائي ، يرفعه كل واحد منهم بسنده في صحيحه ، إلى عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ ، وإنها لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمّد. وبما نقل إمام دار الهجرة مالك بن أنس في موطئه بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تحل الصدقة لآل محمّد ، إنما هي أوساخ الناس. فجعل حرمة الصدقات من خصائص آلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد قيل لزيد بن أرقم : من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين حرّمت عليهم الصدقات؟ قال : آل علي وآل جعفر وآل عباس وآل عقيل. وهذا التفسير قريب من الأول.

واستدل من قال بالتفسير الثالث بقوله تعالى :( إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ) (٥٩) [الحجر : ٥٩]. وأجمع المفسرون على أن المراد ب (آله) من آمن به وتبعه في دينه.

وإذا ظهر ما قيل في تفسير (الآل) ، فالمعاني كلها مجتمعة فيهمعليهم‌السلام :فهم أهل بيته ، وتحرم عليهم الزكاة ، وهم دائنون بدينه ومتّبعون منهاجه وسبيله ، فإطلاق اسم الآل عليهم حقيقة فيهم بالاتفاق.

٣٣ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

وأما اللفظة الثانية وهي (أهل البيت) فقد قيل هم من ناسبه إلى جده الأدنى ، وقيل من اجتمع معه في رحم ، وقيل من اتصل به بنسب أو سبب.

وهذه المعاني كلها موجودة فيهمعليهم‌السلام . فإنهم يرجعون بنسبهم إلى جده عبد المطلب ، ويجتمعون معه في رحم ، ويتصلون به بنسبهم وسببهم ، فهم أهل بيته حقيقة. فالآل وأهل البيت سواء ، اتحد معناهما على ما شرح أولا ، واختلف على ما ذكر ثانيا ، فحقيقتهما ثابتة لهمعليهم‌السلام .

١٢٣

وقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ؛ رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه ، لقد لقيت خيرا كثيرا. حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال :يابن أخي لقد كبر سني وقدم عهدي ، ونسيت بعض الّذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما أحدثكم فاقبلوه وما لا فلا تكلّفونيه.

ثم قال : قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وعظ وذكّر ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس إنما أنا بشر ، يوشك أن يأتيني رسول ربي (أي ملك الموت) فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثّقلين :أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ، أليس نساؤه بأهل بيته؟. قال : لا ، أهل بيته من حرموا الصدقة بعده.

٣٤ ـ من هم العترة؟ :

وأما اللفظة الثالثة وهي (العترة) ، فقد قيل : العترة هي العشيرة ، وقيل العترة هم الذرية ، وقد وجد الأمران فيهم ؛ فإنهم عترته وذريته. وأما العشيرة فالأهل الأدنون ، وهم كذلك. وأما الذرية ، فإن أولاد بنت الرجل ذريته. ويدل عليه قوله تعالى عن إبراهيمعليه‌السلام :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥]. فجعل الله سبحانه وتعالى هؤلاء المذكورين ، من ذرية إبراهيم ، ومن جملتهم عيسىعليه‌السلام ، ولم يتصل بإبراهيم إلا من جهة أمه مريمعليها‌السلام .

قصة الشعبي مع الحجاج :

وقد نقل أن الشعبي كان يميل إلى عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكان لا يذكرهم إلا ويقول : هم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته. فنقل ذلك عنه إلى الحجاج بن يوسف الثقفي وتكرر ذلك ، وكثر نقله عنه إليه ، فأغضبه ذلك منه ونقمه عليه.

فاستدعاه الحجاج يوما إلى مجلسه ، وقد اجتمع لديه أعيان المصرين الكوفة

١٢٤

والبصرة وعلماؤهما وقراؤهما. فلما دخل الشعبي عليه وسلّم ، فلم يبشّ به ، ولا وفّاه حقه من الرد عليه. فلما جلس قال له : يا شعبي ما أمر تبلّغني عنك يشهد عليك بجهلك؟. قال : ما هو يا أمير؟. قال : ألم تعلم أن أبناء الرجل من ينسبون إليه ، وأن الأنساب لا تكون إلا للآباء؟ فما بالك تقول عن أبناء علي أنهم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وهل لهم اتصال برسول الله إلا بأمهم فاطمةعليها‌السلام ؟ ، والنسب لا يكون بالبنات ، وإنما يكون بالآباء. فأطرق الشعبي ساعة ، حتّى بالغ الحجاج في الإنكار عليه ، وقرّع إنكاره مسامع الحاضرين ، والشعبي ساكت.

فلما رأى الحجاج سكوته أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه. فرفع الشعبي صوته وقال : يا أمير ، ما أراك إلا متكلما كلام من يجهل كتاب الله وسنة رسوله ، ومن يعرض عنهما. فازداد الحجاج غيظا منه ، وقال : ألمثلي تقول هذا ، يا ويلك!. قال الشعبي : نعم ، هؤلاء قرّاء المصرين حملة الكتاب العزيز ، فكلّ منهم يعلم ما أقول.أليس قد قال الله تعالى حين خاطب عباده بأجمعهم بقوله( يا بَنِي آدَمَ ) [وقال( يا بَنِي إِسْرائِيلَ ) [المائدة : ٧٢]. وقال عن إبراهيم :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) [الأنعام : ٨٤] إلى أن قال :( وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أفترى يا حجاج اتصال عيسى بآدم وباسرائيل الله.

(أي يعقوب) وبإبراهيم خليل الله ، بأي آبائه كان؟. أو بأي أجداد أبيه؟ هل كان إلا بأمه مريمعليها‌السلام . وقد صحّ النقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال للحسن : «إنّ ابني هذا سيّد ...».

فلما سمع الحجاج ذلك منه أطرق خجلا. ثم عاد يلطف بالشعبي ، واشتدّ حياؤه من الحاضرين.

وإذا وضح ذلك ، فالعترة الطاهرة هم ذريتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبناؤه وعشيرته ، فقد اجتمعت فيهم المعاني بأسرها.

٣٥ ـ من هم ذوو القربى؟ :

وأما اللفظة الرابعة وهي (ذوو القربى) فمستندها ما رواه الإمام أبو الحسن علي ابن أحمد الواحدي في تفسيره ، يرفعه بسنده إلى ابن عباس ، قال :

لما نزل قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣] قالوا :يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم؟. قال : علي وفاطمة وأبناؤهماعليهم‌السلام .

١٢٥

٢ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

ثم يخصص ابن طلحة الشافعي القسم الثاني من مقدمته الرائقة (ص ٥) لذكر المعاني التي ذكر اختصاصهم بها ، وهي الإمامة الثابتة لكل واحد منهم ، وكون عددهم منحصرا في اثني عشر إماما.

٣٦ ـ ثبوت الإمامة لأئمة أهل البيتعليهم‌السلام :

يقول ابن طلحة الشافعي في (مطالب السّؤول) ص ٥ :

أما ثبوت الإمامة لكل واحد منهم ، فإنه حصل ذلك لكل واحد بمن قبله.فحصلت للحسن النقي من أبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام . وحصلت بعده لأخيه الحسين الزكي منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الحسين لابنه زين العابدين منهعليه‌السلام .وحصلت بعد زين العابدين لولده محمّد الباقر منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الباقر لولده جعفر الصادق منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الصادق لولده موسى الكاظم منهعليه‌السلام .وحصلت بعد الكاظم لولده علي الرضا منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الرضا لولده محمّد القانع منهعليه‌السلام . وحصلت بعد القانع لولده علي المتوكل منهعليه‌السلام .وحصلت بعد المتوكل لولده الحسن الخالص منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الخالص لولده محمّد الحجة المهدي منهعليه‌السلام .

وأما ثبوتها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فمستقصى على أكمل الوجوه في كتب الأصول. انتهى كلامه.

٣٧ ـ الخلفاء بعدي اثنا عشر :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

أخرج ابن حنبل في مسنده عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في حجة الوداع : لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناواه ، ولا يضرّه مخالف ولا مطارق ، حتّى يمضي من أمتي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش.

وذكر القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة) باب ٧٧ ، عن كتاب (مودة القربى) بسنده عن جابر بن سمرة ، قال : كنت مع أبي عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «بعدي اثنا عشر خليفة». ثم أخفى صوته. فقلت لأبي : ما الّذي أخفى صوته؟.(قال) قال :«كلهم من بني هاشم».

١٢٦

وروى أيضا في ينابيعه عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا سيد النبيين ، وعليّ سيد الوصيين ، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أولهم علي وآخرهم المهدي».

٣٨ ـ من هم الاثنا عشر خليفة غير أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

وروي عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود ، أنه عهد إلينا نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة ، بعدد نقباء بني إسرائيل.

وقال القندوزي في (ينابيع المودة) أيضا : ذكر يحيى بن الحسن في كتاب

(العمدة) من عشرين طريقا ، أن الخلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ؛ في البخاري من ثلاثة طرق ، وفي مسلم من تسعة طرق ، وفي أبي داود من ثلاثة طرق

ثم قال : ذكر بعض المحققين أن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر ، قد اشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان ، علم أن مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حديثه هذا ، الاثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن حمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم ، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كلهم من بني هاشم». وفي رواية عبد الملك عن جابر ، وإخفاء صوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا القول ، يرجّح هذه الرواية ، لأنهم لا يحبون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم عن العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم للقربى.

٣٩ ـ إمامة أهل البيتعليهم‌السلام منصوصة في كتب السنّة :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٩)

يقول الفاضل الدربندي : فيا ليتهم قد تأملوا في الأخبار المتكاثرة المتضافرة المتواترة المفيدة القطع واليقين ، والمروية عن طرقهم عن سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في باب أن الخلفاء والأئمة من قريش ، بعد تأملهم في قصة يوم الطف ، وما جرى على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يزيد الطاغي الكافر الزنديق وجنوده. فلو كانوا متأملين في ذلك لعلموا أن إمامة أهل بيت العصمة آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منصوصة في طرقهم ، بالنصوص المتضافرة المتواترة. فإنكار قطعيات الشرع وضرورياته كفر ، وحمل

١٢٧

ما في تلك الأخبار المتضافرة على غير آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفر وجهل ، واستيقنتها أنفسهم ، وعتوا عتوّا كبيرا.

وبيان ذلك أنه قد روى البخاري ومسلم والترمذي والنّسائي وابن ماجة وابو داود والسجستاني في صحاحهم الستة ، ومالك في موطّئه ، وصاحب المصابيح ، وصاحب المشكاة ، وصاحب كتاب الفردوس ، وأحمد بن حنبل في مسنده ، والفقيه ابن المغازلي في مناقبه ، والحافظ أبو نعيم في حليته ، وغيرهم من حذقة الحديث من العامة ، بأسانيدهم المصححة عندهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن الخلفاء والأئمة بعده اثنا عشر ، لا يزال الدين بهم مستقيما إلى أن تقوم الساعة.

ففي صحيح مسلم مسندا إلى عامر بن سعيد بن أبي العاص ، قال : كتبت إلى ابن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فكتب إليّ :سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم جمعة ـ عشية رجم الأسلمي ـ يقول : «لا يزال هذا الدين قائما حتّى تقوم الساعة ، ويكون عليهم اثنا عشر خليفة».

وفي (مصباح البغوي) عن الصحاح عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش».

وأورد شيخ العامة جلال الدين السيوطي في (جامعه الصغير) في حرف الهمزة :إن عدة الخلفاء بعدي عدد نقباء موسىعليه‌السلام .

ثم يقول الفاضل الدربندي : ولا يخفى عليك أن علماء العامة لا بدّ أن يتدبروا ويتبصروا ويعطوا الإنصاف من أنفسهم. لأنهم لو حملوا هذه الأخبار المتضافرة على ما عندهم ، من كون أول السلسلة في باب الخلافة والإمامة ، الخلفاء الأربعة وهكذا ، لزم أن يكون يزيد الطاغي الكافر الزنديق هو سابع الخلفاء عندهم والأئمة المنصوصين بنصّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأي مسلم يرضى من نفسه أن ينسب أبغض خلق الله تعالى إلى الله وملائكته ورسله ، وأكفر الناس وأشرّهم ، إلى كونه منصوصا بالخلافة والإمامة ، متّصفا بالأوصاف الحسنة الموجودة في هذه الأخبار.

إذن فما عليه العامة من حمل هذه الأخبار ، لا يمكن أن يستصحّ بوجه من الوجوه. فإذا وجب بحكم الضرورة العقلية طرح هذا الحمل ، لزم حملها على ما عليها الإمامية الاثني عشرية ، مما قد استفاضت به كتب العامة.

١٢٨

٤٠ ـ الأئمة هم أهل البيتعليهم‌السلام :

(المصدر السابق)

ثم يقول الفاضل الدربندي : ومن أعجب العجاب غفلتهم وذهولهم وطيّهم الكشح عن الأخبار المستفيضة في طرقهم ، المفسرة لهذه الأخبار ، المذكورة بغاية التفسير والبيان.

فقد روى فخر خوارزم في مقتله بإسناده (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«فاطمة بهجة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي ؛ حبل ممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم به نجا ، ومن تخلفّ عنه هوى».

٤١ ـ رواية حذيفة بن اليمان :

(المصدر السابق)

ومن رواية حذيفة بن اليمان ، قال : صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم أقبل بوجهه الكريم علينا ، فقال : معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله كأني أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، من تمسّك بعترتي بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلّف عنهم كان من الهالكين.

فقلت : يا رسول الله على من تخلّفنا؟. قال : على من خلّف موسى بن عمران قومه. قلت : على وصيّه يوشع؟. قال : وصيي وخليفتي من بعدي علي ابن أبي طالب ، قائد البررة ، قاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله.

قلت : يا رسول الله ، كم تكون الأئمة من بعدك؟. قال : عدد نقباء بني إسرائيل (أي اثنا عشر) ، التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام ، أعطاهم الله تعالى علمي وفهمي ، خزّان علم الله ومعادن وحيه. قلت : يا رسول الله ، فما لأولاد الحسن؟قال : إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام وذلك قولهعزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨].

٤٢ ـ رواية سلمان الفارسي :

(المصدر السابق ، ص ٣٠)

ومن رواية سلمان الفارسي ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : معاشر الناس ،

١٢٩

إني راحل عن قريب ، ومنطلق إلى الغيب. أوصيكم في عترتي خيرا ، وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها في النار.

معاشر الناس ، من افتقد الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزّهر بعدي.

قال : فلم يزل حتّى دخل بيت عائشة ، فدخلت إليه. فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، سمعتك تقول : إذا فقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر فما الشمس وما القمر ، وما الفرقدان ، وما النجوم الزهر؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعلي القمر ، فإذا فقدتموني فتمسّكوا به بعدي. وأما الفرقدان فالحسن والحسينعليهما‌السلام ، فإذا فقدتم القمر فتمسكوا بهما. وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام والتاسع مهديّهم.

ثم يقول الفاضل الدربندي : وبالجملة فإن روايات التنصيص على الأئمة الاثنا عشر وتسميتهم بأسمائهم ، وذكر أن أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهدي (عج) يصلي خلفه المسيح بن مريمعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متواترة. وحديث جابر ابن عبد الله الأنصاري في ذلك مستفيض مشهور ، وكذلك غيره من الأحاديث.

(أقول) : وإليك رواية أخرى ، ذكرها الخوارزمي في مقتله ، فيها شفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين.

٤٣ ـ رؤية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام حين أسري به :

(مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ، ج ١ ص ٩٤)

ذكر ابن شاذان عن أبي سلمى ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ليلة أسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جلّ وعلا :( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) ، قلت :( وَالْمُؤْمِنُونَ ) [البقرة : ٢٨٥]. قال : صدقت يا محمّد. ومن خلّفت في أمّتك؟. قلت : خيرها. قال : علي بن أبي طالب؟. قلت : نعم يا ربّ.

قال : يا محمّد ، إني اطّلعت إلى الأرض اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم اطّلعت الثانية فاخترت عليا ، وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليعليه‌السلام . يا محمّد ، إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن

١٣٠

والحسين والأئمة من ولدهعليهم‌السلام من سنخ نور من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمّد ، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشّنّ (أي الجلد اليابس المتجعد) البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد أتريد أن تراهم؟. قلت : نعم يا رب. فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وعلي بن الحسين (زين العابدين) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمّد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمّد (الهادي) والحسن بن علي (العسكري) والمهديعليهم‌السلام ، في ضحضاح من نور ، قياما يصلّون ، وهو وسطهم (يعني المهدي) كأنه كوكب درّي. قال : يا محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك. وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي.

٤٤ ـ الإمام عليعليه‌السلام يؤكد كون الأئمة من بني هاشم :

وجاء عليعليه‌السلام يفسر حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويوضح إبهامه في نهج البلاغة ، فقال : إن الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم (نهج البلاغة ، الخطبة ١٤٢).

٤٥ ـ الإنجيل يتنبّأ بالأئمة الاثني عشر :

جاء في الإصحاح الحادي عشر عن تنبؤات يوحنا اللاهوتي ما نصه :

«وظهرت آية عظيمة في السماء ، امرأة متسربلة بالشمس ، وتحت رجليها القمر ، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا».

فكأنه يتكلم عن مولاتنا فاطمة الزهراءعليها‌السلام وقد تسربلت بالشمس يعني أبيها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتزوجت بالقمر وهو علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وعلى رأسها إكليل من أبنائها المعصومين الاثني عشر ، الذين أولهم الحسن والحسين وآخرهم المهديعليه‌السلام . وليس هناك فيما تنبّأ به يوحنا اللاهوتي فيما سيحصل من أمور ، شيء شبيه بالذي ذكر ، غير فاطمة وأبيها وبعلها وبنيهاعليهم‌السلام .

١٣١

٤٦ ـ الحجة المهديعليه‌السلام هو الإمام الثاني عشر :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٤١)

قال الشيخ محمّد الصبان : يكون ظهور المهديعليه‌السلام في يوم عاشوراء. وقال سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر) : المهديعليه‌السلام من ولد الإمام الحسن العسكري ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ه‍ ، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريمعليه‌السلام .

وقال الشيخ محيي الدين بن العربي في (الفتوحات المكية) : اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهديعليه‌السلام ، لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جورا وظلما ، فيملؤها قسطا وعدلا. وهو من عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولد فاطمةعليها‌السلام ، جده الحسين بن عليعليهم‌السلام ووالده الإمام حسن العسكري ابن الإمام علي النقي ، ابن الإمام محمّد التقي ، ابن الإمام علي الرضا ، ابن الإمام جعفر الصادق يواطئ اسمه اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخلق ، وينزل عنه في الخلق ، إذ لا يكون أحد مثل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أخلاقه.

٣ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء

٤٧ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام المقصودون في آية التطهير؟ :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١٠)

يقول الشيخ مؤمن الشبلنجي : اختلف في المراد من (أهل البيت) فقيل :

١) ـ هم نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنهن في بيته.

٢) ـ هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٣) ـ هم من تحرم عليهم الصدقة بعده ، وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

وقال الفخر الرازي : والأولى أن يقال : هم أولاده وأزواجه ، والحسن والحسين. وعليعليهم‌السلام منهم ، لأنه كان من أهل بيته ، لمعاشرته فاطمة بنته وملازمته له.

١٣٢

تعليق المؤلف :

إن تعبير (أهل البيت) كما شرحنا سابقا يطلق على عدة أشياء ، فيقصد به الخمسة الذين ضمهم الكساء ، وقد يقصد به الأئمة الاثنا عشر ، وقد يقصد به ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم السادة الأشراف. وقد يقصد به نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لكن إذا كنا نبحث بالمقصود بهم في آية التطهير ، وهي قوله تعالى :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] فهم حصرا الخمسة أصحاب الكساء ، الذين نزلت فيهم الآية على وجه الخصوص كما سترى. أما الزوجات فهن مختلفات في الفضل فيما بينهن ، لكنهن لا يرقين إلى درجة هؤلاء الخمسة الذين طهّرهم الله وعصمهم من كل رجس ، منذ ولادتهم وحتى وفاتهم.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ثم يقول الشبلنجي : هذا ويشهد للقول بأن (أهل البيت) هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عدة آيات ودلالات ، منها : حديث الكساء ، وآية المباهلة ، وآية المودة.

٤٨ ـ حديث الكساء :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١١)

ثم يقول الشبلنجي : وروي من طرق عديدة صحيحة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ثم أخذ كلّ واحد منهما على فخذه ، ثم لفّ عليهم كساء ، ثم تلا هذه الآية :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

(وفي رواية) : الله م هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، كما جعلتها على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد.

١٣٣

(وفي رواية أم سلمة) قالت : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يدي. فقلت : وأنا معكم يا رسول الله. فقال : إنك من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خير.

وروى أحمد بن حنبل والطبراني عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنزلت هذه الآية في خمسة : فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمةعليهم‌السلام .

وروى سبط ابن الجوزي الحنفي المذهب في كتابه (تذكرة الخواص ، ص ٦٥٤ ط نجف) حديث الكساء بسنده عن واثلة بن الأسقع قال : أتيت فاطمة أسألها عن عليعليه‌السلام فقالت : توجّه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجلست أنتظره ، فإذا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبل ومعه علي والحسن والحسين قد أخذ بيد كل واحد منهم ، حتّى دخل الحجرة ، فأجلس الحسن على فخذه اليمنى ، والحسين على فخذه اليسرى ، وأجلس عليا وفاطمة بين يديه ، ثم لفّ عليهم كساه (أي ثوبه) ، ثم قرأ :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). ثم قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي حقا».

وقد أخرج العلامة الفقيه محب الدين الطبري الشافعي في كتابه (ذخائر العقبى ، ص ٢١ ـ ٢٤) أحاديث متعددة في قصة الكساء. منها حديث عن عائشة قالت :خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مرط (كساء) مرجّل من شعر. فجاء الحسن بن علي فأدخله فيه ، ثم جاء الحسين فأدخله فيه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها فيه ، ثم جاء عليعليه‌السلام فأدخله فيه ، ثم قال :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). أخرجه مسلم. وأخرج أحمد معناه عن واثلة ، وزاد في آخره : «اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحقّ».

ومنها حديث عن أم سلمة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة : ائتني بزوجك وابنيك. فجاءت بهم ، وأكفأ عليهم كساء فدكيا ، ثم وضع يده عليهم ، ثم قال :«اللهم إن هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، إنك حميد مجيد».

قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال :«إنك على خير».(أخرجه الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة).

١٣٤

وروى ابن شيبة وأحمد والترمذي وحسّنه ، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصحّحه ، عن أنس ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد نزول هذه الآية (كما في رواية الترمذي) كان يمرّ ببيت فاطمةعليها‌السلام إذا خرج إلى صلاة الفجر ، ويقول :الصلاة أهل البيت( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء أربعين صباحا إلى دار فاطمة ، يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية له عن ابن عباس : سبعة أشهر. وفي رواية لابن جرير وابن المنذر والطبراني : ثمانية أشهر.

وذكر ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) آية التطهير ، ثم قال : ذكر الترمذي في صحيحه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان من وقت نزول هذه الآية إلى قريب من ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة ، ثم يقول :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وذكر ابن حجر أحاديث غير ما تقدم ، وقال : وأشار المحب الطبري إلى أن هذا الفعل (أي وضع الكساء عليهم) تكرر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أم سلمة وبيت فاطمة وغيرهما. وهذا يفسّر لنا تعدد الروايات بأشكال مختلفة ، في هيئة اجتماعهم وما جللهم به وما دعا به لهم.

وقال الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي الشامي في كتابه (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول ، ص ٨ ط إيران) بعد أن ذكر حديث الكساء : فهؤلاء أهل بيته المرتقون بتطهيرهم إلى ذروة أوج الكمال ، المستحقون لتوقيرهم مراتب الإعظام والإجلال ، الموفّقون لتأييدهم لانتهاج مناهج الاستقامة والاعتدال ، المستبقون لتسديدهم إلى مدارج الفضائل والافضال.

٤٩ ـ حديث المباهلة يؤيد حديث الكساء :

(محمّد وعلي وبنوه الأوصياء للشريف العسكري ، ص ٣٢٣ ـ ٣٢٦)

ومما يؤكد أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الخمسة على وجه التحديد دون غيرهم ، ما وقع من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أراد المباهلة مع وفد نجران.

١٣٥

خرّج جماعة من علماء الجمهور حديث المباهلة بعبارات مختلفة في أحاديث مختلفة. وقصة المباهلة المشهورة حدثت في السنة العاشرة للهجرة. وهي أن وفدا من آل نجران وهم من النصارى ، جاؤوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجادلونه في المسيحعليه‌السلام ، فلما تعنّتوا في غلوائهم ، دعاهم الرسول إلى المباهلة ، وهي أن يجتمع فريق من كل طرف ، فيدعو الواحد على الآخر ، فتكون الغلبة لمن يستجيب الله دعاءه. فطلبوا منه الإنظار إلى صبيحة الغد. فقال لهم الأسقف : انظروا محمدا في غد ، فإن جاء بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فإنه على غير شيء. فلما جاء الغد جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين بين يديه ، وفاطمة خلفه. وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم ، فلما رآهم قال الأسقف : يا معشر النصارى ، إني لأرى وجوها لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها ، فلا تباهلوهم فتهلكوا. فامتنعوا عن المباهلة وفي ذلك نزلت الآية :( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١)[آل عمران : ٥٩ ـ ٦١].

ذكر الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودة ، ص ٥٢) حديث المباهلة وقال : أخرج صاحب المناقب عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن أبيه عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام ، أن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال في خطبته : قال الله تعالى لجديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة أهل نجران وحاجّوه :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. فأخرج جديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه من الأنفس أبي ، ومن البنين أنا وأخي ، ومن النساء فاطمة أمي. فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منا.

(وفيه أيضا ، ص ٥٣) : قال الإمام الرضا رضي الله عنه (في تفسير آية المباهلة) : عنى الله تعالى من( أَنْفُسَنا ) نفس عليعليه‌السلام . ومما يدل على ذلك قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفد ثقيف : «لتنتهنّ بني وليعة ، أو لأبعثنّ إليكم رجلا كنفسي «يعني علي بن أبي طالب. فهذه خصوصية لا يلحقه فيها بشر.

(وفي ينابيع المودة أيضا ، ص ٢٦٦) قال : أخرج الدارقطني بسنده عن واثلة

١٣٦

(قال) قال الإمام عليعليه‌السلام يوم الشورى : والله لأحتجّنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيّهم ولا عربيّهم ولا عجميّهم ردّه. ثم قال لهم خصالا صدّقوها.

(إلى أن قالعليه‌السلام ) : أنشدتكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني؟. وهل فيكم من جعل الله نفس نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ، وأبناءه أبناءه ، ونساءه نساءه ، غيري؟. قالوا : لا. قال : فأنشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت أبو ولدي ، غيري؟. قالوا : لا.

٥٠ ـ آية المودّة :

ويقول الشبلنجي في (نور الأبصار) : ما قدّمناه من أن أهل البيتعليهم‌السلام هم :علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام هو ما جنح إليه الفخر الرازي في تفسيره والزمخشري في كشافه. وعبارته عند تفسير قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) : روي أنها لما نزلت ، قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟. قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام . وسوف نتناول تفسير هذه الآية فيما بعد ، عند حديثنا عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم.

٥١ ـ آية السلام :

قال الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في مناقبه : ومن الآيات التي نزلت في أهل البيتعليهم‌السلام ، آية السلام ، وهي قوله تعالى :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠) [الصافات : ١٣٠]. وقد عدّ ابن حجر في صواعقه هذه الآية من الآيات النازلة بحقهم.ونقل أن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس أنه قال : المراد بها السلام على آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . إلى أن قال :

(وذكر الفخر الرازي) أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يساوونه في خمسة أشياء :

في السلام ، قال تعالى (السلام عليك أيها النبي) ، وقال :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠). وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد في الصلاة. وفي الطهارة ، قال تعالى( طه ) (١) [طه : ١] أي يا طاهر ، وقال :( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). وفي تحريم الصدقة. وفي المحبّة ، قال تعالى( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) [آل عمران : ٣١] ، وقال :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) . ا ه.

٥٢ ـ الصلاة على محمّد وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وقد أخرج البخاري في كتاب تفسير القرآن ، من الجزء الثالث من صحيحه ، في

١٣٧

تفسير قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٥٦) [الأحزاب : ٥٦]. فقال الصحابة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟. فقال :

«قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد». وقد أخرج هذا الحديث مسلم في باب الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتاب الصلاة ، في الجزء الأول من صحيحه ، وأخرجه سائر المحدّثين فعلم أن الصلاة على آل محمّد جزء من الصلاة المأمور بها في هذه الآية. ولذا عدّها العلماء من الآيات النازلة بحقهم ، حتّى عدّها ابن حجر في صواعقه من آياتهم الخاصةعليهم‌السلام .

وحسبنا في إيثارهم على من سواهم ، إيثار اللهعزوجل إياهم ، حتّى جعل الصلاة عليهم جزءا من الصلاة المفروضة على جميع عباده ، فلا تصحّ بدونها صلاة أحد من العالمين أيا كان شأنه. بل لابدّ لكل من امتثل أمر الله بفرائضه ، أن يمتثل أمره في أثنائها بالصلاة عليهم ، كما يمتثل أمره بالشهادتين. ولذلك أثر عن جابر أنه كان يقول : لو صلّيت صلاة لم أصلّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ، ما رأيت أنها تقبل. وهذه منزلة عنت لها وجوه الأمة ، وخشعت أمامها أبصار العلماء الأئمة ، لذلك قال الشافعي إمام المذهب :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلّي عليكم لا صلاة له

٤ ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام

٥٣ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(الاتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٥٨)

قال بعض أهل العلم : إن آل البيتعليهم‌السلام حازوا الفضائل كلها ؛ علما وحلما ، وفصاحة وصباحة ، وذكاء وبديهة ، وجودا وشجاعة. فعلومهم لا تتوقف على تكرار درس ، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان بالأمس ، بل هي مواهب من مولاهم ، من أنكرها وأراد سترها كان كمن أراد ستر وجه الشمس. فما سألهم في العلوم مستفيد ووقفوا ، ولا جرى معهم في مضمار الفضل قوم إلا عجزوا وتخلّفوا.

٥٤ ـ بعض فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

وحسب أئمة العترة الطاهرة أن يكونوا عند الله ورسوله بمنزلة الكتاب الكريم ، لا

١٣٨

يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهم أعدال القرآن ، وشجرة النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعدن العلم ، وأهل بيت الوحي.

فيهم نزلت آية التطهير في قوله تعالى :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] وفيهم نزلت آية الرحمة والبركة في قوله تعالى :( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) (٧٣) [هود : ٧٣].

وفيهم نزلت آية المباهلة في قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. وفيهم نزلت آية الإطعام في قوله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨)إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ) (٩) [الإنسان : ٨ ـ ٩]. وفيهم نزلت آية المودة في قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (٣٣) [الشورى : ٢٣]. وفيهم نزلت آية النور في قوله تعالى:( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) (٣٥) [النور : ٣٥]. وفيهم نزلت آية الهداية في قوله تعالى :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. وفيهم نزلت آية الولاية في قوله تعالى :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥٥) [المائدة : ٥٥]. وفيهم نزلت آية الطاعة في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء : ٥٩]. وفيهم نزلت آية النعمة في قوله جلّ من قائل :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) [المائدة : ٣]. وفيهم نزلت آية الميثاق في قوله :( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا ) [المائدة : ٧]. يشير تعالى في هذه الآية إلى حادثة الغدير في حجة الوداع.

بعض فضائل الإمام عليعليه‌السلام

٥٥ ـ فضائل الإمام عليعليه‌السلام لا تحصى :

فضائل الإمام عليعليه‌السلام جمّة لا تحصى ، فهي بعدد ذرات الثرى. وكما قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدمة شرحه لنهج البلاغة (ج ١ ص ١٧ ط مصر ، تحقيق أبي الفضل إبراهيم) :

وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله. فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق

١٣٩

الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريض عليه ، ووضع المعائب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، أو يرفع له ذكرا ، حتّى حظّروا أن يسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة ، أدركته عيون كثيرة.

وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ؛ فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجليّ حلبتها ، كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى. اه.

(أقول) : وإنما أحببت أن أسوق في هذه الموسوعة بعض مناقبه وفضائلهعليه‌السلام للتبرك بذكره وتعطير الكتاب بأريج عطره.

٥٦ ـ بعض الروايات في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٣ ط نجف)

عن الإمام الرضاعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا علي إن الله قد غفر لك ولأهلك وشيعتك ، ومحبّي شيعتك ومحبّي محبّي شيعتك ، فأبشر فإنك الأنزع البطين ؛ منزوع من الشرك ، بطين من العلم.

وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام عن آبائه عن الحسينعليه‌السلام قال :سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أحبّ أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربي ، فليتولّ علي بن أبي طالب وذريته ، فإنهم لن يخرجوك من باب الهدى إلى باب الضلالة.

وروى الحمويني في (فرائد السمطين) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : من أحبّ أن يتمسّك بديني ، ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتد بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وليعاد عدوّه ، وليوال وليّه ، فإنه وصيي وخليفتي على أمتي ، في حياتي وبعد وفاتي ، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي. قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ سيّد العرب. فقيل : ألست سيد العرب؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أنا سيد العالمين (فضائل الخمسة ، ج ٢ ص ٩٧).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735