موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 496802 / تحميل: 5880
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

موسوعة كربلاء الجزء ١

١
٢

موسوعة كربلاء الجزء ١

تأليف الدكتور لبيب بيضون

الجزء الاول

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

تبويب الكتاب

الجزء الأول

تمّ تبويب الجزء الأول من الموسوعة وفق الأبواب التالية :

(١) ـ الباب الأول : (مقدمات)

ويشمل مقدمة في مصادر الموسوعة ، ثم استعراض لأنساب آل أبي طالب ، ثم توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم ، ثم فصل عن الإمام الحسينعليه‌السلام وجملة من مناقبه وفضائله ، ثم أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه ، وإقامة المآتم الحسينية ، ثم فلسفة النهضة الحسينية وأهدافها.

(٢) ـ الباب الثاني : (الأوضاع السابقة للنهضة)

ويشمل العداوة بين بني أمية وبني هاشم ، ثم خلافة الإمام الحسنعليه‌السلام وصلحه مع معاوية ، وحكم معاوية وبعض هناته ، ومنها توليته ليزيد.

(٣) ـ الباب الثالث : (الإعداد للنهضة)

ويشمل حكم يزيد ، ونهضة الإمام الحسينعليه‌السلام في المدينة ، ثم في مكة ، حتّى خروجه منها في ٨ ذي الحجة سنة ٦٠ ه‍. ويتضمن هذا الباب مكاتبات البصريين والكوفيين للحسينعليه‌السلام ، ومسير مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، ونصائح المشفقين والمندّدين.

(٤) ـ الباب الرابع : (مسير الحسينعليه‌السلام إلى العراق)

ويشمل تهيّؤ الحسينعليه‌السلام للسفر ، ثم مسيره من مكة إلى كربلاء. ويتضمن هذا الباب تحقيقا بعدد الهاشميين الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام ، وتحقيقا بالمواضع التي مرّبها.

٥

(٥) ـ الباب الخامس : (في كربلاء)

ويشمل هذا الباب كل ما حدث للحسينعليه‌السلام منذ حلّ في كربلاء في ٢ محرم ، وحتى بدء القتال يوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه‍.

الجزء الثاني

كما تمّ تبويب الجزء الثاني من الموسوعة وفق الأبواب الأربعة التالية :

(٦) ـ الباب السادس : (معركة كربلاء)

ويشمل أسماء المستشهدين من أنصار الحسينعليه‌السلام ، ومعركة كربلاء ، واستشهاد جميع الصحب والآل ، حتّى مصرع الإمام الحسينعليه‌السلام .

(٧) ـ الباب السابع : (حوادث بعد الشهادة)

ويشمل اشتراك الطبيعة في الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، وأهوال يوم العاشر من المحرم. ثم نهب الخيام وتحريقها وسلب حرائر النبوة. ثم مسير الرؤوس والسبايا إلى الكوفة ، وإقامتهم فيها حتّى ١٩ محرم.

(٨) ـ الباب الثامن : (مسير الرؤوس والسبايا إلى الشام)

ويشمل مسير الرؤوس والسبايا إلى دمشق ، وشماتة يزيد بقتل الحسينعليه‌السلام .

ثم ردّ نسائه إلى المدينة المنورة. ووصف لمرقد الحسينعليه‌السلام ، والمشاهد المشرّفة لأهل البيتعليهم‌السلام في دمشق والقاهرة. ويختم هذا الباب ببيان عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام .

(٩) ـ الباب التاسع : (جرائم يزيد بعد حادثة كربلاء)

ويشمل هجوم جيش يزيد على المدينة المنورة واستباحتها ثلاثة أيام ، ثم تطويق الكعبة المشرّفة وضربها بالمنجنيق وحرق أستارها. وينتهي هذا الباب بتقويم يزيد وبيان فسقه وكفره ، وأنه من أكبر الأسباب التي عملت على انقسام المسلمين واختلافهم وضياعهم.

٦

ترجمة المؤلف

لبيب بيضون

ولد بدمشق عام ١٩٣٨ م.

أتم دراسته المتوسطة في المدرسة المحسنية ، ثم حصل على الشهادة الثانوية من ثانوية ابن خلدون ـ فرع الرياضيات والفيزياء. تابع تحصيله الجامعي في جامعة دمشق حيث حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الفيزيائية ، ثم على الدبلوم في التربية عام ١٩٦٢ م.

عيّن بعد ذلك مدرّسا في الثانويات الرسمية لمدة سنتين.

ثم اجتاز مسابقة لانتقاء المعيدين في كلية العلوم بجامعة دمشق ، فعيّن معيدا في قسم الفيزياء. وبعد عدة سنوات نقل إلى الهيئة الفنية.

وفي عام ١٩٧٦ أوفد بمنحة كوبرنيك إلى بولونيا ، فنال الماجستير في الفيزياء من جامعة غداينسك.

ثم ترفع إلى مدير أعمال في الهيئة الفنية في القسم المذكور. وفي نيسان ١٩٩٨ أحيل على التقاعد.

إضافة لميله العلمي ، فهو كاتب ومؤلف بارع ، استطاع بأسلوبه الرصين أن يقدّم للأمة العربية والاسلامية العديد من المؤلفات القيّمة ، التي اتسمت بالطابع العلمي والأدبي معا ، إضافة إلى التوجيه الاجتماعي.

وفي عام ١٩٩٨ م نال الدكتوراة الإبداعية من الاتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية الّذي مركزه في باريس ، وذلك لتأليفه كتاب خطب الإمام الحسينعليه‌السلام على طريق الشهادة ، وكتاب تصنيف نهج البلاغة الّذي طبع عدة مرات.

أصدر من مؤلفاته :

١ ـ مختارات علمية في الفيزياء النووية والالكترونية ، صدر في طبعته الثانية عام ١٩٧٢.

٧

٢ ـ مظاهر من العظمة والابداع في خلق الانسان ، جزآن : صدرا عام ١٩٧٠ و ١٩٧١.

٣ ـ الكحول والمسكرات والمخدرات ، صدر عام ١٩٧١.

٤ ـ خطب الإمام الحسينعليه‌السلام على طريق الشهادة ، صدر عام ١٩٧٤.

٥ ـ تصنيف نهج البلاغة ، صدرت الطبعة الأولى في دمشق عام ١٩٧٨ ، والثانية في قم عام ١٩٨٤.

٦ ـ صراع مع الذات ، وهو عن مذكراته في بولونيا ، جزآن : صدرا عام ١٩٨٠ و ١٩٨١.

٧ ـ علماء وأعلام ، جزآن : صدرا عام ١٩٨٠ و ١٩٨٢.

٨ ـ مختارات شعرية ، جزآن : صدرا عام ١٩٨٠.

٩ ـ إيمان أبي طالبعليه‌السلام ، صدر عام ١٩٨٠.

١٠ ـ بهلول الكوفي ، صدر عام ١٩٨٢.

١١ ـ علوم الطبيعة في نهج البلاغة ، طبع في طهران عام ١٩٨٢.

١٢ ـ أضواء على المهرجان الألفي لنهج البلاغة ، صدر في دمشق عام ١٩٨٢

١٣ ـ ذكرى المؤتمر الثالث لنهج البلاغة ـ المرأة في الإسلام ومن خلال نهج البلاغة ـ الفقر ، أسبابه وعلاجه. صدرت في طهران عام ١٩٨٤ ضمن كتاب (نهج البلاغة نبراس السياسة ومنهل التربية).

١٤ ـ الفيزياء العملية لطلاب السنوات الأولى في كلية العلوم ، بالاشتراك مع الأستاذين عماد قدسي وعمر طه ، صدر عام ١٩٨٣.

١٥ ـ قصة الغدير وقصة المباهلة (مترجمتان) ، صدرتا عام ١٩٨٥.

١٦ ـ الكلمات الفارسية في اللغة العربية ، صدر عام ١٩٨٥.

١٧ ـ غدير الأنوار في علوم الأخيار ، صدر عام ١٩٩١.

١٨ ـ دوحة آل بيضون ، صدر عام ١٩٩١.

١٩ ـ الشيعة في العالم.

٢٠ ـ قصة كربلاء ، صدر عام ١٩٩٥.

٢١ ـ قواعد اللغة الفارسية ، صدرت الطبعة الثانية عام ١٩٩٥.

٢٢ ـ طب المعصومين ، صدر عام ١٩٩٨.

٢٣ ـ قصص ومواعظ ، صدر عام ١٩٩٩.

٨

٢٤ ـ ديوان شعر (نجوى القلب) صدر عام ٢٠٠٠.

٢٥ ـ مواعظ وحكم ، صدر عام ٢٠٠٠.

٢٦ ـ حجر بن عدي ، صدر عام ٢٠٠٠.

٢٧ ـ فرائد الأشعار ، صدر عام ٢٠٠٠.

٢٨ ـ معارج التقوى ، صدر عام ٢٠٠١.

٢٩ ـ نهج العارفين (أدعية) ، صدر عام ٢٠٠١.

٣٠ ـ أنساب العترة الطاهرة ، صدر عام ٢٠٠١.

٣١ ـ القرآن وإعجازه ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٢ ـ صفحات من حياتي ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٣ ـ الله والإعجاز العلمي في القرآن ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٤ ـ الشهيد محمّد بن أبي بكر ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٥ ـ مدخل إلى نهج البلاغة [العقائد] ، صدر عام ٢٠٠٣.

٣٦ ـ معالم العلوم في تراث الإمام عليعليه‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٣.

٣٧ ـ تبسيط المسائل الفقهية (النجاسات والمطهرات) ، صدر عام ٢٠٠٤.

٣٨ ـ قصة طوفان نوحعليه‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٤.

٣٩ ـ قصة سلمان المحمدي (الفارسي) ، صدر عام ٢٠٠٤.

٤٠ ـ قصة يوسفعليه‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٤.

٤١ ـ التفسير المبين لجزء (عمّ) ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٢ ـ نفحات من شذى إقبال ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٣ ـ دمشق القديمة وأهل البيتعليهم‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٤ ـ أوليات المعرفة [العقائد] ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٥ ـ الشهيدان أويس القرني ومحمد بن أبي حذيفة ، صدر عام ٢٠٠٥.

٩
١٠

الإهداء

إلى النفوس الأبية التي رفضت كل ذلّ وعار

وإلى الصدور العامرة التي لم تستكن يوما إلى صغار

وإلى الأرواح القدسية التي هفت إلى منازل الأبرار

إلى الرجال المؤمنين الذين استهانوا بالحياة والأعمار

وإلى الأبطال المكافحين لحماية الرسالة والفضيلة والذّمار

وإلى الأشبال الذين أحدقوا بالبدر ساعة البلاء والإحصار

إلى المخلصين الصادقين ، المقاتلين في كربلاء ، وقد عزّت الأنصار وإلى الذين لم ترهبهم جيوش البغاة وقد ازدلفت اليهم من شتيت الأمصار

وإلى الذين قدّموا نفوسهم للموت ، وبريق السيوف يخطف بالأبصار

إلى التائهين الذين انقلبوا إلى الحق بعد طول الضلال والاغترار وإلى المخطئين الذين أيقنوا أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الأوزار

وإلى التائبين الذين انقلبوا عن غيّهم في اللحظات الحاسمة قبل ساعة الاحتضار.

إلى النجوم الزواهر من بني هاشم وآل أبي طالب الأخيار

وإلى حبّات قلب فاطمة البتول زوجة الوصيّ وبنت محمّد المختار وإلى أعلام الهداية وقرابين الرسالة السادة الميامين الأطهار

١١

إلى عبد الرحمن وجعفر وعبد الله أبناء عقيل ومسلم المغوار

وإلى القاسم الغلام وعبد الله الرضيع وأبي الفضل العباس قمر الأقمار وإلى محمّد وجعفر وعثمان وعمر وعبد الله أبناء حيدرة الكرار

إلى الحق المشرق الّذي لا يخبر رغم الكسوف والزلازل والإعصار وإلى الحرية والفضيلة والإباء التي تأبى الضياع والغروب والانحدار وإلى المبدأ القويم الّذي لا تتفتّح أزاهره إلا بدم الشهادة المدرار

إلى سيد الشهداء (أبي عبد الله الحسين) سيد الأشراف والأحرار وإلى أمير ركب الهدى وقد سار على درب الشهادة والفخار

وإلى أسد العرين وقد حلّ في كربلاء تترصده المنايا والأخطار

إلى سيد البطولة الّذي لم يعبا بزحف الأشرار والكفار

وإلى إمام التضحية الّذي لم يضنّ بنفس أو بأهل أو بأولاد صغار وإلى مشعل الإباء الّذي اختار المنية دون الدنيّة

والشهادة دون النار والعار.

د. لبيب بيضون

١٢

المقدمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

بعد ليل دامس طويل من الجهالة والظلام ، انشقّ الوجود عن فجر صادق مبين ، وصبح أبلج منير ، يؤذن بولادة خير البرية والأنام ، حاملا مبادئ الحرية والعدالة والإسلام.

وظل الفجر الجديد يطارد ذيول الليل المنحسر ، حتّى شعشع نوره الأرجاء ، وملأ بلألائه آفاق الأرض والسماء.

وما أن أفلت شمس ذلك اليوم البشير ، حتّى أشرق القمر المنير ، تحفّه النجوم المتلألئة كالأزاهير. ولم يطل الأمر حتّى بدأت بقايا الليل المختبئة في الكهوف والأخاديد ، تلملم بعضها بعضا من جديد ، وتشحن الفضاء بظلامها المديد. إلى أن طوّقت البدر بسوادها ، ولفّعت القمر ببرقعها ، معلنة مقتل الإمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام .

وحزنت النجوم الزهر على المصاب الكبير ، وانقضّ أحدها ليأخذ بثأرها المستطير ، فاغتاله الظلام وواراه عن الأنظار ، بين غدر الغادرين وخذلان المترددين. فإذا قد قضى نجل المرتضى وفاطمة الزهرا ، وسبط النبي المصطفى ، الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام .

وفي غضبة النور على الظلام ، توقّد نجم في الجوزاء ، حتّى غدا كوكبا درّيّا يفيض بالضياء ، فجازت أشعته الهادية كل قلب من الأحياء ، وتنوّرت منه الدّنيا بالضوء والسناء. وما زال متّقدا في أعالي السماء ، حتّى كوّرت شعلته الحمراء ، وبدأت غرّته تقطر بالدماء ، لتسقي الحجر الأصم في الصحراء ، وتنبت في القفر أزهار الولاء والفداء. إنه الإمام الحسينعليه‌السلام سيد الشهداء.

ويمتزج الألم بالدموع ، والحزن بالخشوع ، والدم يكتب الخلود بالنجيع ، ويعيد كل فصل من فصول التاريخ إلى ربيع هناك حيث انتصر الدم على السيف ،

١٣

وتغلبّ الحق على الزيف في أرض كربلاء ، في هجير الصحراء ، وقد منعوا حتّى الطفل الرضيع من شربة الماء!.

لقد علّمنا الحسينعليه‌السلام كيف أن الموت الهادف يصنع الحياة ، وأن الألم الواعي يهب الحرية والإباء ، وأن حياة الذل والهوان لا تجتمع مع العقيدة والإيمان.

ولقد عملت على وضع هذه الموسوعة السنية ، وعمدت إلى جعلها حفيّة وفيّة ، لتكون لقلب كل حرّ روضة غنيّة ، يقطف من دوحتها ثمارا جنيّة ، وقطوفا حسنة وحسينية ، وينهل من نبعها الطامي كأسا فاطمية وعلوية ، فتعود مهجته بها زاكية أبيّة ، وترجع نفسه بولائها راضية مرضيّة.

إن دروس الحسينعليه‌السلام دروس عميقة بالغة الأثر والتأثير ، تعلمنا ـ إضافة لدروس التضحية والبطولة والفداء ـ أن ننظر إلى الأمور نظرة بعيدة مديدة ، عميقة محيطة مترامية ، فيكون جهادنا وفداؤنا قربانا للأجيال المتحدّرة والأحقاب المتلاحقة ، لا أن يكون قربانا عابرا ، يستهدف اللحظة الراهنة.

ثم تعلمنا بالاضافة لذلك أن لا يكون إيماننا مجرد إيمان فكريّ نظري لا يستند إلى واقع عملي ، وإنما أن يكون واقعا وتطبيقا ودفاعا وتضحية في سبيل المثل الأعلى

ثم تعلمنا أن نستهين بالمصاعب والمصائب مهما عظمت ، ونمحو من خلدنا فكرة المستحيلات ، بما نتسلح به من إرادة قوية مؤمنة وتصميم حازم أكيد.

وما أظن أن إنسانا في مسرح التاريخ والبطولة ، استطاع أو يستطيع أن تكون له مثل هذه الكفاءات العالية ، والمواهب الفريدة النادرة ـ غير الإمام الحسينعليه‌السلام ـ ليمثل هذا الدور الجوهري الخطير في قيادة حركة الإيمان وإحياء دعوة الإسلام ، فيصدّع مسيرة الكفر المتقدمة ، ويسحق زحوف النفاق المتفجرة ، ويعيد للرسالة المحمدية قدسيتها المفقودة وهيبتها المنهوبة ، وقد أوشكت على الإنطفاء شعلتها ، وعلى الغروب مقلتها. فأيقظ النفوس وأهاج الأرواح ، لتستبصر واقع أمرها ، وتضطلع بالمسؤوليات المترتبة عليها ، فتسترخص بالنفس والنفيس في سبيل الحق ، وتحمي صرح الكرامة مهما كلّفها ذلك من تضحيات ، وتروّي نبتة الفضيلة بدمائها غير عابئة بالموت.

١٤

إنه الإمام الحسينعليه‌السلام ، الّذي عقد كل هذه الآمال العريضة الجسيمة ، على مصرع شخصه الكريم ومصرع كل أهله وأنصاره ، إذ لم يجد أمضى من ذلك سلاحا ، ولا أقوم من ذلك سبيلا ، لبلوغ غرضه الشريف. فهزّت شهادته أركان العروبة والإسلام ، وقلبت مفاهيم الخوف والخنوع والاستسلام ، إلى مبادئ الثورة والعزّة والإقدام ، فكان منها ما كان من المستحيلات والفتوح ، الّتي أحيت معالم الإسلام الخالد ، ودفعت مسيرته الهادرة إلى يومنا الحاضر ، وأرست دعائمه ثابتة كالجبال ، ونصبت راياته خفاقة مدى الأجيال.

دمشق في ١ محرم الحرام ١٤١٠ ه

الموافق ٣ آب ١٩٨٩ م

د. لبيب وجيه بيضون

١٥

من وحي الشّهادة

(آيات من سورة آل عمران)

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١٣)قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) صدق الله العظيم

١٦

من الأثر النبوي الشريف

أخرج الثعالبي في تفسيره الكبير عن جرير بن عبد الله البجلي (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفورا له.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائبا.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنة ، ثم منكر ونكير. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافرا. ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله».

١٧

نداء إلى الشبيبة المؤمنة للاقتداء بالحسينعليه‌السلام

دم ودموع ، وسموّ واستعلاء

وألم يفري الضلوع ، وعزّة للنفس وإباء

تلك ذكرى أبي الشهداء الحسينعليه‌السلام

ما العبرة في ذكرى أبي الشهداء؟.

هي عبرة العقيدة الّتي لا تضعف ، والإيمان الّذي لا يهن ، والعزّة الّتي لا تستخذي ، والإباء الّذي لا يقهر ، والقلب الشجاع الّذي لا تردعه الأهوال.

وهي في الجانب الآخر : عبرة النفس الإنسانية حين تمسخ ، والطبع البشري حين ينتكس ، والشرّ اللئيم الخسيس حين تسعفه القوة المادية ، والنذالة القذرة المنتنة حين تواتيها الظروف.

وما الّذي صنعته الأيام والدهور ، بهذا وذاك؟.

لقد خلدّت العقيدة والإيمان والعزة والإباء والقلب الشجاع ، خلّدتها في القلوب نورا وإيمانا وعقيدة تذكيها القرون والأجيال

ولقد دفنت الطبع المنتكس والشّر اللئيم والنذالة القذرة. وعفّت على هذه الصور البشعة ، إلا أن تذكرها بالمقت والازدراء.

ألا فلينظر الشباب أي الطريقين يسلك اليوم بعد ألف وثلاثمائة عام.

لينظر أيسلك طريق الخلود الكريم ، أم طريق الفناء المهين؟.

سيد قطب

١٨

أشهر المستشهدين من أصحاب الحسينعليه‌السلام

١٩

دروس من سيرة الحسينعليه‌السلام واستشهاده

يعلمنا هذا الكتاب دروسا كثيرة من خلال سيرة الإمام الحسينعليه‌السلام واستشهاده.

يعلمنا أن المؤمن الصحيح :

يؤمن بالمسؤولية ، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

لا يكتفي بالأفكار ، بل يعمل على تحقيق أفكاره وتطبيقها عمليا.

لا يعتقد فحسب ، بل يعتقد ويعمل.

يقول كلمة الحق ، حتّى أمام السلطان الجائر.

لا يعصي ربه ليرضي الناس [لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق].

المؤمن عزيز النفس ، يتحلى بالإباء والتضحية والفداء.

يأبى الذل والظلم والاستعباد.

حرّ متحرر ، تنبع أعماله من إرادته وتفكيره.

صادق فيما عاهد الله عليه ، لا يغيّر ولا يبدّل.

مستقيم ، لا يساوم ولا ينحرف ، ولا تطغيه الشهوات.

يطبّق مبدأه على نفسه أولا ، ثم على الآخرين.

جريء صريح ، يقاوم الباطل بلا هوادة ولا مهادنة.

شجاع حازم ، لا ترهبه كثرة الأعداء.

صامد لا يتراجع ، وثابت لا تردعه الأهوال.

جسور يذلل المصاعب ، ويستهين بالمستحيلات.

لا يبدأ أحدا بقتال ، حتّى يقيم الحجة عليه.

يقدّم نفسه قربانا للعقيدة والأجيال.

يفكر في الآخرين ، قبل أن يفكر في نفسه.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

[ ويلزمه كفن الزوجة ](١) وهو أحد قولي الشافعي(٢) .

وقال في الآخَر : لا يلزمه كفنها - وبه قال أحمد - لأنّ النفقة وجبت في مقابلة الاستمتاع وقد فات بالموت ، فسقطت النفقة ، بخلاف الأقارب ، فإنّ قرابتهم باقية(٣) .

وينتقض بالعبد ؛ فإنّ النفقة وجبت بالملك وقد زال بموته ومع هذا يجب تجهيز العبد.

إذا ثبت هذا ، فإنّه يكفّن الكفن الواجب ، وهو ثلاثة أثواب : مئزر ، وقميص ، وإزار عندنا.

ومَن اقتصر في الواجب على الواحد اقتصر عليه(٤) هنا.

ولا يجوز أن يكفّن أزيد ممّا تستحبّ زيادته ، إلّا بإذن الغرماء.

مسألة ٣٠٩ : لا يؤمر المفلس بتحصيل ما ليس بحاصلٍ له‌ وإن لم يُمكَّن من تفويت ما عنده حتى لو جنى على المفلس أو على عبده جانٍ ، فله القصاص ، ولا يلزمه أن يعفو على المال ؛ لأنّه اكتساب.

ولو أوجبت الجناية المالَ ، لم يكن له العفو مجّاناً ؛ لأنّه تفويت ، إلّا بإذن الغرماء.

وكذا لو قُتل المفلس ، لم يكن لوارثه العفوُ مجّاناً إن كان قُتل خطأً.

ولو أسلم في شي‌ء ، لم يكن له أن يقبض أدون صفةً أو قدراً ، إلّا بإذن الغرماء.

____________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٧.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٧ ، المغني ٤ : ٥٣٤ - ٥٣٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٩.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عليها ». والصحيح ما أثبتناه.

٦١

فإذا قُسّم ماله وقصر عن الديون أو لم يكن له مالٌ ألبتّة ، لم يؤمر بالتكسّب ولا بأن يؤاجر نفسه ليصرف الأُجرة والكسب في الديون أو في نفقتها - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لقوله تعالى :( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (٢) .

ولما رواه العامّة عن أبي سعيد الخدري : أنّ رجلاً أُصيب في ثمار ابتاعها فكثر دَيْنه ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تصدّقوا عليه » فتصدّقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « خُذُوا ما وجدتم [ و ](٣) ليس لكم إلّا ذلك »(٤) .

ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا حجر على معاذ لم يزد على بيع ماله(٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه غياث بن إبراهيم عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام : « أنّ عليّاًعليه‌السلام كان يحبس في الدَّيْن ، فإذا تبيّن له إفلاس وحاجة خلّى سبيله حتى يستفيد مالاً »(٦) .

واستعدت امرأة على زوجها عند أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه لا ينفق عليها وكان زوجها معسراً ، فأبى أن يحبسه وقال : « إنّ مع العسر يسراً »(٧) ولو كان التكسّب واجباً لأمر به.

ولأنّ هذا تكسّب للمال ، فلا يُجبر عليه ، كما لا يُجبر على قبول الهبة‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٢٢ ، المعونة ٢ : ١١٨٣ ، المغني ٤ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٧.

(٢) البقرة : ٢٨٠.

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٥٧ ، الهامش (٤)

(٥) راجع : الهامش (٤) من ص (٧)

(٦) التهذيب ٦ : ٢٩٩ / ٨٣٤ ، الاستبصار ٣ : ٤٧ / ١٥٦.

(٧) التهذيب ٦ : ٢٩٩ - ٣٠٠ / ٨٣٧.

٦٢

والصدقة ولا تُجبر المرأة على التزويج لتأخذ المهر ، كذا هنا.

وعن مالك رواية أُخرى : أنّه إن كان ممّن يعتاد إجارة نفسه ، لزمه(١) .

وقال أحمد - في الرواية الشهيرة عنه - وإسحاق : يؤاجر ، فإن امتنع أجبره القاضي - وبه قال عمر بن عبد العزيز وعبيد الله بن الحسن العنبري وسوار القاضي - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله باع سرقاً في دَيْنه ، وكان سرق رجلاً دخل المدينة وذكر أنّ وراءه مالاً ، فداينه الناس ، فركبته الديون ولم يكن وراءه مال ، فأُتي به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسمّاه [ سرقاً ](٢) وباعه بخمسة أبعرة. قالوا : والحُرّ لا يجوز بيعه ، فثبت أنّه باع منافعه. رواه العامّة(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه السكوني عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام : « أنّ عليّاًعليه‌السلام كان يحبس في الدَّيْن ثمّ ينظر فإن كان له مالٌ أعطى الغرماء ، وإن لم يكن له مالٌ دَفَعَه إلى الغرماء ، فيقول لهم : اصنعوا به ما شئتم ، إن شئتم آجروه ، وإن شئتم استعملوه »(٤) وذكر الحديث.

ولأنّ المنافع تجري مجرى الأعيان في صحّة العقد عليها وتحريم أخذ الزكاة ، كالأعيان(٥) .

والحديث الذي رووه من طريق العامّة منسوخ بالإجماع ؛ لأنّ البيع وقع على رقبته ، ولهذا روي في الحديث أنّ غرماءه قالوا للّذي يشتريه :

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) المغني ٤ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٨.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٠٠ / ٨٣٨ ، الاستبصار ٣ : ٤٧ / ١٥٥.

(٥) المغني ٤ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٧ ، الوسيط ٤ : ١٥ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٣.

٦٣

ما تصنع به؟ فقال : أعتقه ، فقالوا : لسنا بأزهد منك في إعتاقه ، فأعتقوه(١) .

وحديث الخاصّة ضعيف السند ؛ لأنّه رواية السكوني ، وهو عامّيّ المذهب.

والمنافع لا تجري مجرى المال في جميع الأحكام ، فإنّه لا يجب عليه الحجّ لأجل المنافع ، ولا الزكاة.

مسألة ٣١٠ : لو كانت له أُمّ ولدٍ أو ضيعةٌ موقوفة عليه ، ففي وجوب مؤاجرتهما نظر‌ : من حيث إنّ المنافع وإن لم تكن مالاً فإنّها تجري مجراها ، فيجعل بدلها للدَّيْن ، ومن حيث إنّ المنافع لا تُعدّ أموالاً حاضرة حاصلة ، ولو كانت تُعدّ من الأموال ، لوجب إجارة المفلس نفسه ، ولوجب بها الحجّ والزكاة. والثاني أقرب.

وللشافعيّة وجهان(٢) كهذين.

فعلى الأوّل يؤاجره مرّةً بعد أُخرى إلى أن يفنى الدَّيْن ، فإنّ المنافع لا نهاية لها ، وقضيّته إدامة الحجر إلى قضاء الدَّيْن. لكنّه كالمستبعد.

وفي جواز بيع أُمّ الولد نظرٌ ، أقربه ذلك إن كانت قد رُهنت قبل الاستيلاد ، فإنّها تُباع في الرهن ، أو كان ثمنها دَيْناً على مولاها ولا وجه له سواها.

مسألة ٣١١ : إذا قسّم الحاكمُ مالَ المفلس بين الغرماء ، انفكّ حجره ، ولا حاجة إلى حكم الحاكم بذلك ؛ لأنّ الحجر لحفظ المال على الغرماء وقد حصل الغرض ، فيزول الحجر ، وهو أحد قولي الشافعي.

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٩.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨٢ ، منهاج الطالبين : ١٢١.

٦٤

والأظهر عنده : أنّه لا بُدَّ من فكّ القاضي ؛ لأنّه حَجْرٌ لا يثبت إلّا بإثبات القاضي ، فلا يرفع إلّا برفعه ، كالسفيه. ولأنّه حجر يحتاج إلى نظر واجتهاد كحجر السفيه(١) .

ونمنع الملازمة الأُولى ؛ فإنّ الحجر هنا لمعنىً وقد زال ، بخلاف السفيه ، فإنّه لا يُعلم زواله إلّا بعد الاختيار المستند إلى الحاكم. ولأنّ هذا الحجر لتفريق ماله وقد حصل ، وذلك لحفظ ماله ، فتركه محجوراً عليه يزيد في الغرض. ولأنّه حجر للغرماء وقد اعترفوا بسقوطه.

هذا إذا اعترف الغرماء بأن لا مال له سواه ، ولو ادّعوا مالاً ، فسيأتي.

مسألة ٣١٢ : لو اتّفق الغرماء على رفع الحجر عنه ، فالأقوى رفعه‌ ؛ لأنّ الحجر لهم ، وهو حقّهم ، وهُمْ في أموالهم كالمرتهن في حقّ المرهون ، وهو أحد قولي الشافعي.

والآخَر : أنّه لا يرتفع ؛ لاحتمال أن يكون هناك غريمٌ آخَر - سواهم - غائب ، فلا بُدَّ من نظر الحاكم واجتهاده(٢) .

وإدامة العقوبة بالتجويز غير جائز ، ولهذا إذا قسّم المال ، لم يزل تجويز ورود غريمٍ.

ولو باع المفلس مالَه من غريمٍ بدَيْنه ولا يُعرف له غريمٌ سواه ، فالأقرب : صحّة البيع ؛ لأنّ الحجر عليه لدَيْن ذلك الغريم ، فإذا رضي وبرئت ذمّته ، وجب أن يصحّ ، وهو أحد قولي الشافعي(٣) .

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٥١٩ ، الوسيط ٤ : ١٥ ، الوجيز ١ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٢.

(٢) الوسيط ٤ : ١٥ ، الوجيز ١ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤ - ٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٣.

(٣) الوجيز ١ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٣.

٦٥

والأظهر عنده(١) : أنّه لا يصحّ من غير مراجعة القاضي ؛ لأنّ الحجر على المفلس لا يقتصر على الغريم الملتمس ، بل يثبت على العموم ، ومن الجائز أن يكون له غريمٌ آخَر(٢) .

والوجهان مفرَّعان على أنّ بيع المفلس من الأجنبيّ لا يصحّ ، فإن صحّ ، فهذا أولى(٣) .

ولو حجر لديون جماعة وباع أمواله منهم بديونهم ، فعلى الخلاف(٤) .

ولو باع ماله من غريمه الواحد بعين أو ببعض دَيْنه ، فهو كما لو باع من الأجنبيّ ؛ لأنّ ذلك لا يتضمّن ارتفاع الحجر ، بخلاف ما إذا باع [ بكلّ الدَّيْن ، فإنّه يسقط الدَّين ، فإذا سقط الدَّيْن ارتفع الحجر.

ولو باع ](٥) من أجنبيّ بإذن الغرماء ، لم يصح(٦) .

والوجه : الصحّة - وهو أحد قولي الشافعي(٧) - كما يصحّ بيع المرهون بإذن المرتهن.

وإذا قلنا : إنّه إذا فُرّقت أمواله وقُضيت الديون ارتفع الحجر عنه ، صحّ البيع من الغريم بالدَّيْن ؛ لتضمّنه البراءة من الدَّيْن.

ويمكن أن يقال : لا نجزم بصحّة البيع.

وإن قلنا : إنّ سقوط الدَّيْن يُسقط الحجر ؛ لأنّ صحّة البيع إمّا أن تفتقر إلى ارتفاع الحجر أو لا ، فإن افتقرت ، وجب الجزم بعدم الصحّة ، وإلّا لزم‌

____________________

(١) في « ج ، ر » : « عندهم ».

(٢) الوجيز ١ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥.

(٥) ما بين المعقوفين أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز » و« روضة الطالبين ».

(٦ و ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٣.

٦٦

الدور ؛ لأنّه لا يصحّ البيع ما لم يرتفع الحجر ، ولا يرتفع الحجر ما لم يسقط الدَّيْن ، ولا يسقط الدَّيْن ما لم يصحّ البيع.

وإن لم تفتقر ، فغاية الممكن اقتران صحّة البيع وارتفاع الحجر ، فلتخرج الصحّة على الخلاف فيما إذا قال : كلّما ولدت ولداً فأنت طالق ، فولدت ولداً بعد ولد هل تطلّق بالثاني؟ وفيما إذا قال العبد لزوجته : إن مات سيّدي فأنتِ طالق طلقتين ، وقال السيّد لعبده : إذا متُّ فأنت حُرٌّ ، فمات السيّد ، هل له نكاحها قبل زوج وإصابة؟(١) .

وهذا عندنا لا يتأتّى.

البحث الثالث : في حبسه

مسألة ٣١٣ : مَنْ وجب عليه دَيْنٌ حالّ فطُولب به ولم يؤدّه ، نظر الحاكم فإن كان في يده مالٌ ظاهر‌ ، أمره الحاكم بالقضاء ، فإن ذكر أنّه لغيره ، حكم عليه بإقراره إن صدّقه المـُقرّ له أو لم يُعلم منه تصديق ولا تكذيب.

فإن كذّبه ، لم يقبل منه إقراره ، وألزمه بالخروج من الديون ، فإن امتنع مع قدرته على القضاء، حبسه الحاكم.

ويحلّ لصاحب الدَّيْن الإغلاظ له في القول بأن يقول : يا ظالم ، يا معتدي ، ونحو ذلك ؛ لقولهعليه‌السلام : « ليّ الواجد يُحلّ عقوبتَه وعِرْضَه »(٢) .

والليّ : المطل. والعقوبة : حبسه. والعرض : الإغلاظ له في القول.

وقالعليه‌السلام : « إنّ لصاحب الحقّ مقالاً »(٣) .

ولو ظهر عناده بإخفاء ماله وعلم يساره وتمكّنه ، كان للحاكم ضربه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٥٥.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٥٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٥ / ١٦٠١.

٦٧

ولو لم يكن في يده مالٌ ظاهر ، فإن كان أصل الدعوى مالاً أو كان قد عُرف له أصلُ مالٍ ثمّ خفي أمره ، طُولب بالبيّنة على الإعسار. وإن كانت الدعوى غرامةً عن إتلافٍ أو جناية ولم يُعرف له قبل ذلك أصلُ مالٍ ، حكم بقوله مع اليمين.

مسألة ٣١٤ : إذا ثبت إعسار المديون عند الحاكم بالبيّنة أو بإقرار الغريم ، لم يجز حبسه ولا ملازمته‌ ، ووجب إنظاره ؛ لقوله تعالى :( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (١) .

ولما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لغرماء الذي كثر دَيْنه : « خُذُوا ما وجدتم ، وليس لكم إلّا ذلك »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « إنّ عليّاًعليه‌السلام كان يحبس في الدَّيْن ، فإذا تبيّن له إفلاس وحاجة خلّى سبيله حتى يستفيد مالاً »(٣) .

ولأنّ الحبس إمّا لإثبات الإعسار أو لقضاء الدَّيْن ، والأوّل ثابت ، والقضاء متعذّر ، فلا فائدة في الحبس.

وقال أبو حنيفة : للغريم ملازمته ، لكن لا يمنعه من التكسّب(٤) .

مسألة ٣١٥ : إذا كان للمديون مالٌ ، أمره الحاكم ببيعه وإيفاء الدَّيْن من ثمنه مع مطالبة أربابها‌ ، فإن امتنع ، باع الحاكم متاعه عليه ، وقضى منه الدَّيْن ، وبه قال الشافعي وأحمد(٥) .‌

____________________

(١) البقرة : ٢٨٠.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٥٧ ، الهامش (٤)

(٣) تقدّم تخريجه في ص ٦١ ، الهامش (٦)

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٦ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٣ ، المغني ٤ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٠.

(٥) تقدّم تخريجه في ص ٤٥ ، الهامش (١)

٦٨

وقال أبو حنيفة : لا يبيع الحاكم ، بل يحبس الغريم إلى أن يبيع هو بنفسه(١) .

وقد تقدّم(٢) البحث في ذلك.

وهل للحاكم أن يحجر عليه؟ الأقرب عندنا : المنع ؛ لأنّ التقدير أنّه متمكّن من الإيفاء ، فلا معنى للحجر ، بل يُحبس أو يُباع عليه ، وهو أحد وجهي الشافعي.

والثاني : أنّه يحجر عليه إذا التمسه الغرماء ؛ لئلّا يتلف ماله(٣) .

ولو أخفى ماله ، حبسه القاضي حتى يُظهره.

روي أنّهعليه‌السلام قال : [ « ليّ الواجد يُحلّ عِرْضَه وعقوبته »(٤) .

قال المفسّرون : أراد بالعقوبة الحبس و ](٥) الملازمة ، فإن لم ينزجر [ بالحبس ](٦) زاد في تعزيره بما يراه من ضرب وغيره.

ولو كان له مالٌ ظاهر ، فهل يحبسه لامتناعه؟ الأولى ذلك ؛ لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله حبس رجلاً أعتق شقصاً له من عبد في قيمة الباقي(٧) .

فإن ادّعى أنّه قد تلف ماله وصار معسراً ، فعليه البيّنة ، فإن شهدوا على التلف ، قُبلت شهادتهم ولم يُعتبر فيهم الخِبْرة الباطنة. وإن شهدت على إعساره ، قُبلت إن كانوا من أهل الخِبْرة الباطنة.

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٤٦ ، الهامش (٥)

(٢) في ص ٤٥ ، المسألة ٢٩١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٢.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ١٥٥.

(٥ و ٦) ما بين المعقوفين أضفناه من العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٧٢.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ ، وراجع سنن البيهقي ٦ : ٤٩.

٦٩

ويُحمل قولهم : « إنّه(١) معسر » على أنّهم وقفوا على تلف المال.

فإن ادّعى المديون أنّه معسر لا شي‌ء له ، أو قُسّم مال المحجور على الغرماء وبقي بعض الدَّيْن فزعم أنّه لا يملك شيئاً آخَر وأنكر صاحب الدَّيْن أو الغرماء إعسارَه ، فإن كان الدَّيْن لزمه في مقابلة مالٍ - كما إذا ابتاع أو استقرض ، أو باع سَلَماً - فهو كما لو ادّعى هلاك المال ، فعليه البيّنة. وإن لزم لا في مقابلة مالٍ ، قُبل قوله مع اليمين ؛ لأنّ الأصل العدم ، وهو أصحّ وجوه الشافعيّة.

والثاني : أنّه لا يُقبل ، ويحتاج إلى البيّنة ؛ لأنّ الظاهر من حال الحُرّ أنّه يملك شيئاً ، قلّ أم كثر.

والثالث : أنّه إن لزمه باختياره - كالصداق والضمان - لم يُقبل قوله ، وعليه البيّنة. وإن لزمه لا باختياره - كأرش الجناية وغرامة المتلف - قُبل قوله مع اليمين ؛ لأنّ الظاهر أنّه لا يشغل ذمّته اختياراً ، ولا يلتزم بما لا يقدر عليه(٢) .

مسألة ٣١٦ : إذا ادّعى المديون الإعسار وكان أصل الدعوى مالاً‌ ، أو كان له مالٌ فادّعى تلفه ، افتقر إلى البيّنة ؛ لأنّ الأصل بقاء المال في يده ، فإذا ادّعى خلاف الأصل ، كان عليه البيّنة. فإن لم تكن بيّنة ، حلف الغرماء على عدم التلف. فإذا حلفوا ، حُبس.

قال ابن المنذر : أكثر مَنْ يُحفظ عنه العلم من علماء الأمصار وقُضاتهم يرون الحبس في الدَّيْن ، منهم : مالك والشافعي وأبو عبيد‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ويُحمل على قولهم : إنّهم ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٣.

٧٠

والنعمان وسوار وعبيد الله بن الحسن وشريح والشعبي(١) .

وقال عمر بن عبد العزيز : يُقسّم ماله بين الغرماء ، ولا يُحبس. وبه قال [ عبيد الله بن أبي ](٢) جعفر والليث بن سعد(٣) .

وإن شهدت البيّنة بتلف ماله ، سُمعت. فإن طلب الغرماء يمينه على ذلك مع البيّنة ، لم يُجابوا؛ لأنّ ذلك تكذيب للشهود.

وإن شهدت البيّنة بالإعسار وقد كان له مالٌ ، لم تُسمع إلّا أن تكون البيّنة من أهل الخِبْرة الباطنة ؛ لأنّ الإعسار أمر خفيّ ، فافتقرت الشهادة به إلى العِشرة الطويلة والاختبار في أكثر الأوقات.

فإن شهدت بذلك وكانت من أهل الخِبْرة الباطنة ، سُمعت الشهادة ، وثبت الإعسار عندنا - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لقبيصة بن المخارق : « يا قبيصة إنّ المسألة لا تحلّ إلّا لأحد ثلاثة : رجل تحمّل حمالةً فحلّت له المسألة حتى يؤدّيها ثمّ يمسك ، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش - أو‌

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٤٥ - ١٤٦ ، المغني ٤ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٧ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٠٤ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٣ ، التفريع ٢ : ٢٤٧ ، التلقين ٢ : ٤٢٩ ، الذخيرة ٨ : ٢٠٤ ، المعونة ٢ : ١١٨٢ ، النوادر والزيادات ١٠ : ١٥ ، التنبيه : ١٠١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢٧ ، الوسيط ٤ : ١٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ - ٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٠٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٤١.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عبد الله بن ». وما أثبتناه كما في الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٤٦ ، وتاريخ مدينة دمشق ٣٧ : ٤٠٨.

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٤٦ ، المغني ٤ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٧.

(٤) المغني ٤ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٧.

٧١

قال : سداداً من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه : لقد أصاب فلاناً فاقة ، فحلّت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش - أو قال : سداداً من عيش »(١) .

وقال مالك : لا تُسمع البيّنة على الإعسار ؛ لأنّها شهادة على النفي ، فلا تُسمع ، كما لو شهدت أنّه لا حقّ لزيد على عمرو(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ هذه الشهادة وإن تضمّنت النفي إلّا أنّها تشهد بثبوت حال تظهر ويوقف عليها ، كما لو شهد أن لا وارث غير هذا ، فإنّه تُسمع شهادته ، بخلاف الشهادة بأنّه لا حقّ عليه ؛ لأنّ ذلك ممّا لا يوقف عليه ولا يشهد به حال يتوصّل بها إلى معرفته ، بخلاف صورة النزاع.

مسألة ٣١٧ : تُسمع بيّنة الإعسار في الحال‌ - وبه قال الشافعي وأحمد(٣) - لأنّ كلّ بيّنةٍ جاز سماعها بعد مدّة جاز سماعها في الحال ، كسائر البيّنات.

وقال أبو حنيفة : لا تُسمع في الحال ، ويُحبس المفلس. واختلف أصحابه في الضابط لمدّة الحبس. فقال بعضهم : يُحبس المفلس شهرين ثمّ تُسمع البيّنة. وقال الطحاوي : يُحبس شهراً. وروي ثلاثة أشهر. وروي أربعة أشهر حتى يغلب على ظنّ الحاكم أنّه لو كان له مال لأظهره(٤) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٧٢٢ / ١٠٤٤ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٢٠ / ١٦٤٠ ، سنن النسائي ٥ : ٨٩ ، ولا يخفى أنّ الحديث ورد في النسخ الخطّيّة والحجريّة بتفاوت وتقديمٍ وتأخيرٍ في بعض الكلمات والجملات. والمثبت قريب لما في المصادر.

(٢) النوادر والزيادات ١٠ : ١٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧ ، المغني ٤ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٨.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٤٨٦ ، الوسيط ٤ : ١٧ ، الوجيز ١ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٣ ، المغني ٤ : ٥٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٨.

(٤) فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٥ : ٢٢٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧ ، المغني ٤ : ٥٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٨.

٧٢

وليس بصحيح ، وإلّا لاستُغني بذلك عن البيّنة.

مسألة ٣١٨ : إذا أقام مدّعي الإعسار البيّنةَ ، شرط فيها أن يكونوا من أهل الخِبْرة الباطنة‌ والعشرة المتقادمة وكثرة الملابسة سرّاً وجهراً وكثرة المجالسة وطول الجوار ، فإنّ الأموال قد تخفى ولا يُعرف تفصيلها إلّا بأمثال ذلك. فإن عرف القاضي أنّهم من أهل الخِبْرة ، فذاك ، وإلاّ جاز له أن يعتمد على قولهم إذا كانوا بهذه الصفة.

ويكفي شاهدان على ذلك ، كما في سائر الأموال.

وقال بعض الشافعيّة : لا تُقبل هذه الشهادة إلّا من ثلاثة(١) ؛ لأنّ رجلاً ذكر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ جائحة أصابت مالَه ، وسأله أن يُعطيه من الصدقة ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه »(٢) .

وهو محمول على الاحتياط والاستظهار.

وإذا لم يُعرف له أصل مالٍ ولم يكن أصل الدعوى مالاً ، قُدّم قوله فيحلف وتسقط عنه المطالبة.

وإن أقام بيّنةً بالإعسار ، قُبلت.

فإن طلب غريمه يمينه مع البيّنة ، لم يُجب إليه ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « البيّنة على المدّعي واليمين على المنكر »(٣) .

وقال الشافعي : يحلف(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٣.

(٢) كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧ ، وراجع المصادر في الهامش (١) من ص ٧١.

(٣) سنن البيهقي ١٠ : ٢٥٢ ، وفيه : « على مَنْ أنكر ».

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٤ ، المغني ٤ : ٥٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٩.

٧٣

وهل الإحلاف واجب أو مستحبّ؟ قال في حرملة : إنّه واجب ؛ لجواز أن يكون له مال لم تقف عليه البيّنة ، فإذا ادّعى ذلك ، حلف له(١) .

وقال في الأُمّ : إنّه مستحبّ ؛ لأنّ ذلك قدح في الشهادة فلم يُسمع ، كما إذا شهد شاهدان على رجل أنّه أقرّ لزيد بكذا ، فقال المـُقرّ له : احلفوا لي المـُقرّ أنّني أقررت له ، لم يلزم ؛ لأنّه قدح في الشهادة ، كذا هنا(٢) .

مسألة ٣١٩ : صورة الشهادة بالإعسار يجب أن تكون على الإثبات المتضمّن للنفي‌ ، ولا يجعل الشهادة على النفي صرفة خالصةً عن الإثبات ، فيقول الشهود : إنّه معسر لا يملك إلّا قوت يومه وثياب بدنه. وإن قالوا مع ذلك : « إنّه ممّن تحلّ له الصدقة » كان جيّداً ، وليس شرطاً.

ولا يقتصرون على قولهم : لا شي‌ء له ، لئلّا تتمحّض شهادتهم نفياً لفظاً ومعنى. فإن طلب الغرماء إحلافه مع البيّنة ، لم يلزم ، خلافاً للشافعي في أحد قوليه. وفي الثاني : أنّه مستحبّ(٣) .

نعم ، لو ادّعى أنّ له مالاً لا يعرفه الشاهد ، فالأقوى عندي أنّ له إحلافه على ذلك ؛ لإمكان صدقه في دعواه ، وحينئذٍ تتوقّف اليمين على استدعاء الخصم ؛ لأنّها حقّه :

ويجوز أن يعفو عنها ، فلا يتبرّع الحاكم بإحلافه.

والشافعي لمـّا أثبت اليمين مطلقاً إمّا على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب - على اختلاف قوليه - تردّد في أنّه هل يتوقّف الحلف‌

____________________

(١) لاحظ : التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٦ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٨ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٧٤.

(٢) لاحظ الأُمّ ٣ : ٢١٢ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٦ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٨ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٧٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٤.

٧٤

على استدعاء الخصم؟ على وجهين :

أحدهما : لا ، كما لو كانت الدعوى على ميّت أو غائب ، وعلى هذا فهو من آداب القضاء.

وأظهرهما : نعم ، كيمين المدّعى عليه(١) .

مسألة ٣٢٠ : قد بيّنّا أنّه يُقبل قوله في الإعسار إذا لم يُعرف له سابقة مال‌ ، مع يمينه ، فحينئذٍ نقول : إنّه يُقبل في الحال ، كما لو أقام البيّنة تُسمع في الحال ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : يتأنّى القاضي ويبحث عن باطن حاله ، ولا يقنع بقوله ، بخلاف ما إذا أقام البيّنة(٣) .

وحيث قلنا : إنّه لا يُقبل قوله إلّا بالبيّنة لو ادّعى أنّ الغرماء يعرفون إعساره ، كان له إحلافهم على نفي المعرفة ، فإن نكلوا ، حلف ، وثبت إعساره. وإن حلفوا ، حُبس. وكلّما ادّعى ثانياً وثالثاً وهلُمّ جرّاً أنّه قد ظهر لهم إعساره ، كان له تحليفهم ، إلّا أن يعرف القاضي أنّه يقصد الإيذاء واللجاج. فإذا حبسه فلا يغفل عنه بالكلّيّة.

ولو كان غريباً لا يتمكّن من إقامة البيّنة ، وكّل به القاضي مَنْ يبحث عن منشئه ومنتقله ويفحص عن أحواله بقدر الطاقة ، فإذا غلب على ظنّه إفلاسه ، شهد به عند القاضي ؛ لئلّا تتخلّد عليه عقوبة السجن.

مسألة ٣٢١ : إذا ادّعى الإعسار وأقام البيّنة عليه ، لم يكن للغرماء مطالبته باليمين مع البيّنة على ما تقدّم‌(٤) ، سواء شهدت البيّنة بالإعسار أو‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٤.

(٤) في ص ٧٢ ، ضمن المسألة ٣١٨.

٧٥

بتلف المال الذي كان في يده ، وهو أحد قولي الشافعي ، وظاهر كلام أحمد(١) .

ولهما قولٌ آخَر : إنّه يستحلف ؛ لاحتمال أن يكون له مالٌ لا يعرفه الشهود(٢) .

ويُحتمل قويّاً إلزامه باليمين على الإعسار إن شهدت البيّنة بتلف المال ، وسقوطها عنه إن شهدت بالإعسار ؛ لأنّها إذا شهدت بالتلف ، صار كمن ثبت له أصل مالٍ واعترف الغريم بتلفه وادّعى مالاً غيره ، فإنّه يلزمه اليمين ، كذا هنا إذا قامت البيّنة بالتلف ، فإنّها لا تزيد على الإقرار.

مسألة ٣٢٢ : لو ثبت الإعسار ، خلّاه الحاكم على ما تقدّم‌(٣) ، فإن عاد الغرماء بعد أوقات وادّعوا أنّه استفاد مالاً ، وأنكر ، قُدّم قوله مع اليمين وعدم البيّنة ، وعليهم إقامة البيّنة ، فإن جاؤا بشاهدَيْن شهدا بأنّهما رأيا في يده مالاً يتصرّف فيه ، أخذه الغرماء.

فإن قال : أخذته من فلان وديعةً أو مضاربةً ، وصدّقه المـُقرّ له ، حُكم عليه بذلك ، وليس للغرماء فيه حقٌّ.

وهل للغرماء إحلافه على عدم المواطأة مع المـُقرّ له وأنّه أقرّ عن تحقيقٍ؟ الأقرب : المنع ؛ لأنّه لو رجع عن إقراره لم يُقبل ، فلا معنى لتحليفه.

ويُحتمل إحلافه ؛ لجواز المواطأة ، فإذا امتنع من اليمين ، حُبس حتى يسلّم المال ، أو يحلف. ولأنّه لو أقرّ بالمواطأة ، حُبس على المال مع تصديق الغير.

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٥٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٨ - ٤٩٩.

(٣) في ص ٦٧ ، المسألة ٣١٤.

٧٦

ولو طلب الغرماء يمين المـُقرّ له ، فالأقرب : أنّ لهم إحلافَه ؛ لأنّه لو كذّب المـُقرّ ثبت المال لهم ، فإذا صدّقه ، حلف.

وللشافعي الوجهان(١) .

وإن كذّبه المـُقرّ له ، صرف إليهم ، ولم يُفدْ إقراره شيئاً.

ولو أقرّ به ثانياً لغير الأوّل ، لم يلتفت إليه.

ولو أقرّ به لغائبٍ ، وقف حتى يحضر الغائب ، فإن صدّقه ، أخذه ، ولا حقّ فيه للغرماء. وإن كذّبه ، أخذه الغرماء ، أو يحلف بأنّه للغائب ، وتسقط المطالبة عنه ؛ لأصالة العسرة ، وإمكان صدقه.

مسألة ٣٢٣ : لو ادّعى الغرماء بعد فكّ الحجر أنّه قد استفاد مالاً ، كان القولُ قولَه مع اليمين وعدم البيّنة‌ ؛ لأنّ الأصل بقاء العسرة.

وإن أقرّ بالمال أنّه استفاده وطلب الغرماء الحَجْرَ عليه ، نظر الحاكم فإن كان ما حصل له يفي بالديون ، لم يحجر عليه. وإن كان أقلّ ، حجر عليه ، وقسّم ماله بين الغرماء.

وإن كان قد تجدّد له غرماء قبل الحجر الثاني ، قسّم بينهم وبين الأوائل - وبه قال الشافعي(٢) - لاستواء حقوقهم في الثبوت في الذمّة حال الحجر ، فأشبه غرماء الحجر الأوّل.

وقال مالك : يختصّ به الغرماء المتأخّرون ؛ لأنّه استفاده من جهتهم(٣) .

وهو غلط ؛ لأنّا لا نعلم ذلك. ولأنّا نقسّم مال المفلس بين غرمائه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٥.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٥٢.

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٥١.

٧٧

وزوجته وإن كان حقّها ثبت لا بمعاوضةٍ.

مسألة ٣٢٤ : لو ثبت للولد على والده مالٌ وكان الأب معسراً ، لم تحلّ مطالبته‌. وإن كان موسراً ، كان له مطالبته إجماعاً.

فإن امتنع من الأداء ، فالأقرب عندي : أنّه لا يُحبس لأجل ولده ؛ لأنّ الحبس نوع عقوبةٍ ، ولا يعاقب الوالد بالولد.

ولأنّ الله تعالى قد بالغ في الوصيّة في الأبوين حتى أنّهما لو أمراه بالكفر لم يُطعهما ومع ذلك يقول لهما قولاً حسناً(١) .

ولقولهعليه‌السلام : « أنت ومالك لأبيك »(٢) أي في حكم مال الأب ، فكما أنّه لا يُحبس في ماله ، كذا في مال ولده الذي هو في حكم ماله.

ولما رواه الحسين بن أبي العلاء عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : ما يحلّ للرجل من مال ولده؟ قال : « قوته بغير سرف إذا اضطرّ إليه » قال : فقلت له : فقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للرجل الذي أتاه فقدّم أباه فقال : « أنت ومالك لأبيك » فقال : « إنّما جاء بأبيه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا رسول الله هذا أبي قد ظلمني ميراثي من أُمّي ، فأخبره الأب أنّه قد أنفقه عليه وعلى نفسه ، فقال : أنت ومالك لأبيك ، ولم يكن عند الرجل شي‌ء ، أفكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحبس الأب للابن؟ »(٣) وهذا استفهام في معرض الإنكار ، وهو يدلّ على المراد.

____________________

(١) العنكبوت : ٨.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٩ / ٢٢٩١ و ٢٢٩٢ ، سنن سعيد بن منصور ٢ : ١١٥ / ٢٢٩١ و ٢٢٩٢ ، سنن البيهقي ٧ : ٤٨١ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٧ : ١٥٨ / ٢٧٣٦ و ٢٧٤٢ و ٢٧٥٠.

(٣) الكافي ٥ : ١٣٦ / ٦ ، الفقيه ٣ : ١٠٩ / ٤٥٦ ، التهذيب ٦ : ٣٤٤ / ٩٦٦ ، الاستبصار ٣ : ٤٩ / ١٦٢.

٧٨

وهو أحد قولي الشافعي(١) .

وله قولٌ آخَر : إنّه يُحبس ، وإلّا لعجز الابن عن الاستيفاء ، ويضيع حقّه(٢) .

وهو ممنوع ، بل إذا أثبت الابن الدَّيْنَ عند القاضي ، أخذه القاضي منه قهراً من غير حبس ، وصرفه إلى دَيْنه. ولأنّه قد يتمكّن من أخذه غيلةً ، فلا يكون عاجزاً.

ولا فرق بين دَيْن النفقة وغيرها ، ولا بين أن يكون الولد صغيراً أو كبيراً ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه لا يُحبس ، إلّا في نفقة الولد إذا كان صغيراً أو زَمِناً(٤) .

مسألة ٣٢٥ : لو استؤجر المديون إجارة متعلّقة بعينه ووجب حبسه ، ففي منع الإجارة المتعلّقة بعينه نظر‌ ينشأ : من جواز الحبس مطلقاً ؛ عملاً بإطلاق الأمر ، ومن كون عينه مستحقّةَ المنافع للغير ، فلا يجوز حبسه ؛ لئلّا يتعطّل شغل الغير.

والأقرب : الأوّل.

هذا فيما إذا لم يمكن الجمع بين الحبس واستيفاء المنافع ، أمّا لو لم يمتنع الجمع ، فإنّه يجوز حبسه قطعاً.

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٧ ، الوسيط ٤ : ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٥.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٥.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠.

٧٩

البحث الرابع : في الاختصاص

مسألة ٣٢٦ : مَنْ أفلس وحجر عليه الحاكم وكان من جملة ماله عينٌ اشتراها من غيره ولم يُقبضه الثمن فوجدها بائعها ، كان بالخيار‌ بين أن يفسخ البيع ويأخذ عينه بالشرائط الآتية ، وبين الضرب مع الغرماء بالثمن - وبه قال في الصحابة : عليّعليه‌السلام وعثمان وأبو هريرة ، وفي التابعين : عروة ابن الزبير ، ومن الفقهاء : مالك والأوزاعي والشافعي والعنبري وأحمد وإسحاق(١) - لما رواه العامّة عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « إذا أفلس الرجل ووجد البائع سلعته بعينها فهو أحقّ بها من الغرماء »(٢) .

وعن ابن خلدة الزرقي(٣) قاضي المدينة قال : أتينا أبا هريرة في صاحبٍ لنا أفلس ، فقال أبو هريرة : هذا الذي قضى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه إذا وجده بعينه »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عمر بن يزيد - في الصحيح - عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل يركبه الدَّيْن فيوجد متاع رجل عنده‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٤٩٣ - ٤٩٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٣.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١١٩٤ / ٢٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٠ / ٢٣٥٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٤٦ بتفاوت.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « أبي حلوة الفروفي ». وفي « ث ، ج » : « البروقي ». وفي « ر » : « حلوة البروقي ». وكلّها خطأ ، والصحيح ما أثبتناه كما في المصادر. واسمه : عمر بن خلدة ، كما في المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٠ ، وتهذيب التهذيب ٧ : ٣٨٨ / ٧٢٩.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٠ / ٢٣٦٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٩ / ١٠٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٠ - ٥١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735