موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 13%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 487097 / تحميل: 5748
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

محمّد بن شهر اشوب ومحمد بن أبي طالب الموسوي : إنه ابن ١٨ سنة. وقال الشيخ المفيد : إن له ١٩ سنة. فعلى هذا يكون هو أصغر من أخيه زين العابدينعليه‌السلام .وقيل إنه ابن ٢٥ سنة ، فيكون هو الأكبر ، وهذا هو الأصح والأشهر.

وقال السيد عبد الرزاق المقرّم في كتابه (علي الأكبر) : ولد علي الأكبر ويكنّى بأبي الحسن في حدود سنة ٣٣ ه‍ ، فله يوم الطف ما يقارب ٢٧ سنة. ويلقّب بالأكبر ، لأنه أكبر من الإمام السجّادعليه‌السلام الّذي له يوم الطف ٢٣ سنة.

ولعل هذا القول (أي أنه هو الأكبر) هو الأوجه ، ويؤيده ما ورد في (تاريخ اليعقوبي) ، ومعارف ابن قتيبة ، وتاريخ ابن خلّكان : بأنه ليس للحسينعليه‌السلام عقب إلا من علي بن الحسين الأصغر ، وهو زين العابدينعليه‌السلام .

شهادة عبد الله ابن مسلم ابن عقيلعليه‌السلام

١٠٦ ـ مصرع عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام على يد يزيد بن الرقّاد الجهني ، وقيل عمرو بن صبيح وأسيد بن مالك :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٢ ط نجف)

وبرز عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأمه رقية بنت عليعليهما‌السلام وهو يرتجز ويقول :

اليوم ألقى مسلما وهو أبي

وفتية بادوا على دين النبي

ليسوا بقوم عرفوا بالكذب

لكن خيار وكرام النسب

من هاشم السادات أهل الحسب

وفي (مقتل أبي مخنف) ص ٧٢ : أنه لما برز حسر عن ذراعيه وهو يرتجز ويقول :

نحن بنو هاشم الكرام

نحمي بنات السيد الهمام

سبط رسول الملك العلّام

نسل عليّ الفارس الضرغام

١٢١

فدونكم أضرب بالصمصام

والطعن بالعسّال باهتمام

أرجو بذاك الفوز بالقيام

عند مليك قادر علّام

فقتل ثلاثة رجال(١) فرماه عمرو بن صبيح الصيداوي [وفي رواية : الصدائي] بسهم ، فوضع عبد الله بن مسلم يده على جبهته يتّقيه ، فأصاب السهم كفّه ونفذ إلى جبهته فسمّرها فلم يستطع أن يحركّها. ثم طعنه أسيد بن مالك بالرمح في قلبه فقتله.(وقيل) إن قاتل عبد الله بن مسلم هو يزيد بن الرّقّاد الجهني(٢) ، وكان يقول : رميته بسهم وكفّه على جبهته يتقي النبل ، فأثبتّ كفّه في جبهته ، فما استطاع أن يزيل كفه عن جبهته. وقال حين رميته : الله م إنهم استقلّونا واستذلّونا ، فاقتلهم كما قتلونا. ثم رماه بسهم آخر ، وكان يقول : جئته وهو ميّت ، فنزعت سهمي من جوفه ، ولم أزل أنضنض الآخر عن جبهته حتى أخذته وبقي النصل.

ترجمة رقيّة بنت الإمام عليعليه‌السلام

(مقتبس من كتاب : السيدة رقية بنت الحسينعليهما‌السلام للسيد عامر الحلو)

من زوجات الإمام عليعليه‌السلام : الصهباء (أم حبيب) التغلبية بنت عباد بن ربيعة بن يحيى ، من سبي اليمامة أو عين التمر. اشتراها أمير المؤمنينعليه‌السلام فأولدها عمر الأطرف ورقية ، وهما توأمان

(مروج الذهب للمسعودي).

تزوّج رقية هذه مسلم بن عقيلعليه‌السلام فولدت له : عبد الله وعليا

(المعارف لابن قتيبة).

وقد قتل ولدها عبد الله بن مسلمعليه‌السلام يوم كربلاء ، وكانت هي مع نساء الحسين في كربلاء بعد أن قتل زوجها مسلم في الكوفة.

__________________

(١) قال ابن شهر اشوب : إنه قتل ٩٨ رجلا في ثلاث حملات ، ولم يذكر ذلك غيره.

(٢) وهو ما ذكره المقرم في مقتله ، ص ٣٢٧.

١٢٢

١٠٧ ـ شهادة محمّد بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٢)

وخرج محمّد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقاتل حتى قتل. قتله أبو جرهم الأزدي ولقيط بن ياسر الجهني.

حملة آل أبي طالب عليهم‌السلام

١٠٨ ـ شهادة بقية أهل البيتعليهم‌السلام وإخوة الحسينعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٤ ط ٤)

يقول السيد المقرم في مقتله ، ص ٣٢٨ : ولما قتل عبد الله بن مسلم ، حمل آل أبي طالب حملة واحدة. فصاح بهم الحسينعليه‌السلام : صبرا على الموت يا بني عمومتي ، والله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا.

١٠٩ ـ شهادة بعض أولاد عقيلعليه‌السلام :

فخرج جعفر بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فحمل وهو يرتجز ويقول :

أنا الغلام الأبطحيّ الطالبي

من معشر في هاشم وغالب

ونحن حقا سادة الذوائب

فينا حسين أطيب الأطائب

من عترة البرّ التقيّ الغالب

فقتل خمسة عشر فارسا [على رواية محمّد بن أبي طالب] ، ورجلين [على رواية ابن شهر اشوب]. فقتله عبد الله بن عروة الخثعمي ، وقيل بشر بن سوط الهمداني.

ثم خرج من بعده أخوه عبد الرحمن بن عقيل ، فحمل وهو يقول :

أبي عقيل فاعرفوا مكاني

من هاشم وهاشم إخواني

كهول صدق سادة الأقران

هذا حسين شامخ البنيان

وسيّد الشيب مع الشبّان

فقتل [على رواية محمّد بن أبي طالب وابن شهر اشوب] سبعة عشر فارسا. فحمل عليه عثمان بن خالد الجهني وبشر بن سوط الهمداني فقتلاه.

وخرج عبد الله الأكبر بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام فما زال يضرب فيهم حتى أثخن بالجراح وسقط إلى الأرض. فجاء عثمان بن خالد التميمي وبشر بن سوط فقتلاه.

١٢٣

وأصابت الحسن المثنّى ابن الإمام الحسنعليه‌السلام ثماني عشرة جراحة وقطعت يده اليمنى ، ولم يستشهد.

ثم برز من بعده موسى بن عقيلعليه‌السلام وهو يرتجز ويقول :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٧٤)

يا معشر الكهول والشبّان

أضربكم بالسيف والسنان

أحمي عن الفتية والنسوان

وعن إمام الإنس ثم الجان

أرضي بذاك خالق الإنسان

سبحانه ذو الملك الديّان

ثم حمل على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل سبعين فارسا ، ثم قتلرحمه‌الله .

١١٠ ـ مصرع إبراهيم بن الحسين :

وبرز من بعده إبراهيم بن الحسين ، وهو يقول :

اقدم حسين اليوم تلقى أحمدا

ثم أباك الطاهر المؤيّدا

والحسن المسموم ذاك الأسعدا

وذا الجناحين حليف الشهدا

وحمزة الليث الكمي السيّدا

في جنة الفردوس فازوا سعدا

ثم حمل على القوم فقتل خمسين فارسا ، وقتلرحمه‌الله .

١١١ ـ مصرع أحمد بن محمد الهاشمي ، قيل إنه عباسي :

وبرز من بعده أحمد بن محمد الهاشمي ، وهو يرتجز ويقول :

اليوم أبلو حسبي وديني

بصارم تحمله يميني

أحمي به عن سيدي وديني

ابن علي الطاهر الأمين ثم

ثم حمل على القوم ، ولم يزل يقاتل حتى قتل ثمانين فارسا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

١١٢ ـ شهادة محمّد وعون ولدي عبد الله بن جعفرعليهم‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٥ ط ٤)

وحمل الناس على الحسينعليه‌السلام وأهل بيته من كل جانب.

فخرج محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأمه زينب الكبرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقيل الخوصاء من بني تيم اللات ، وهو يقول :

١٢٤

أشكو إلى الله من العدوان

فعال قوم في الردى عميان

قد تركوا معالم القرآن

ومحكم التنزيل والتبيان

وأظهروا الكفر مع الطغيان

ثم قاتل حتى قتل عشرة أنفس ، فحمل عليه عامر بن نهشل التميمي فقتله.

وخرج أخوه عون بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام وأمه زينب الكبرىعليها‌السلام وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن جعفر

شهيد صدق في الجنان أزهر

يطير فيها بجناح أخضر

كفى بهذا شرفا في المحشر

ثم قاتل حتى قتل [على رواية ابن شهر اشوب] ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا.فحمل عليه عبد الله بن قطبة الطائي فقتله.

قال صاحب (نفس المهموم) ص ١٥٥ : اعلم أنه كان لعبد الله بن جعفر ابنان مسميان بعون : (الأكبر) وأمه زينب العقيلةعليها‌السلام ، (والأصغر) وأمه جماعة بنت المسيّب بن نجبة. والظاهر أن المقتول بالطف هو الأول.

١١٣ ـ مرقد عون على طريق المسيّب :

(موجز تاريخ البلدان العراقية ، ص ٥٨)

قال السيد عبد الرزاق الحسني : وعلى بعد ثمانية أميال [١٥ كم] من شرقي كربلاء مرقد الإمام عون بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام ، وأمه زينب بنت عليعليها‌السلام ، وقيل الخوصاء.

تعليق (حول مرقد عون)(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٤٠)

قال : لا يرتاب اللبيب بأن عون مقبور مع الشهداء في الحائر الحسيني المقدّم.وما ذهبت إليه المزاعم من أن مشهد عون واقع على يسار السابلة في طريق كربلاء ـ المسيّب بمسافة خمسة عشر كيلومترا ، فغير صحيح. إنما هو قبر سيد جليل كان اسمه (عون) يقيم في الحائر الحسيني ، وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ من كربلاء ، خرج إليها وأدركه الموت فدفن في ضيعته ، وبني على مرقده هذا المزار المشهور ، وعليه قبة عالية ، والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات. ويظن الناس أنه قبر عون بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، والبعض يزعم أنه قبر عون ابن عبد

١٢٥

الله بن جعفرعليه‌السلام ، وهو غير صحيح ، إذ أن المدفون فيه اسمه عون بن عبد الله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن داود بن أحمد المسوّر بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبطعليه‌السلام . دفن في ضيعته.

١١٤ ـ شهادة عبد الله الأكبر بن الحسنعليه‌السلام (مقتل المقرم ص ٣٣٠)

وخرج أبو بكر بن الحسنعليه‌السلام وهو عبد الله الأكبر ، وأمه أم ولد يقال لها رملة ، وهي أم القاسمعليه‌السلام ، برز وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن حيدره

ضرغام آجام وليث قسوره

على الأعادي مثل ريح صرصره

أكيلكم بالسيف كيل السندره

[وقد اقتبس ذلك من شعر جده الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ].

فقاتل حتى قتل. وكان عبد الله بن الحسنعليه‌السلام قد تزوج من ابنة عمه سكينة بنت الحسينعليه‌السلام قبيل المعركة ، وقيل إنه قتل قبل البناء بها.

ملاحظة :

قال السيد إبراهيم الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٥٨ :

يظهر أنه كان للإمام الحسن (ع) ابنان مسمّيان بعبد الله : أحدهما إليه الأصغر) ، والآخر (الأكبر) وهو المكنى بأبي بكر ، وكان أخا للقاسم لأبويه ، وقد زوّجه عمه الحسينعليه‌السلام ابنته سكينة.

شهادة القاسم ابن الحسنعليهما‌السلام

١١٥ ـ مصرع القاسم بن الحسنعليه‌السلام [فلقة القمر] وهو غلام لم يبلغ الحلم ، على يد عمرو بن سعد الأزدي(لواعج الأشجان ، ص ١٧٣ و ١٧٤)

وخرج من بعده أخوه لأمه وأبيه القاسم بن الحسنعليه‌السلام ، وأمه أم ولد ، وهو غلام لم يبلغ الحلم. فلما نظر الحسينعليه‌السلام إليه قد برز ، اعتنقه وجعلا يبكيان

١٢٦

حتى غشي عليهما. ثم استأذن عمه في المبارزة فأبى أن يأذن له ، فلم يزل الغلام يقبّل يديه ورجليه ، حتى أذن له. فخرج ودموعه تسيل على خديه وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن الحسن

سبط النبي المصطفى والمؤتمن

هذا حسين كالأسير المرتهن

بين أناس لا سقوا صوب(١) المزن

فقاتل قتالا شديدا ، حتى قتل على صغر سّنه [على بعض الروايات] خمسة وثلاثين رجلا.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٣٧٤ ط ٢ :

ثم إن القاسم تقدم إلى عمر بن سعد ، وقال له : يا عمر أما تخاف الله ، أما تراقب الله يا أعمى القلب ، أما تراعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!. فقال عمر : أما كفاكم التجبر ، أما تطيعون يزيد؟. فقال القاسمعليه‌السلام : لا جزاك الله خيرا ، تدّعي الإسلام ، وآل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطاشى ظماء ، قد اسودّت الدنيا بأعينهم.

وفي (اللواعج) قال حميد بن مسلم : كنت في عسكر ابن سعد ، حين خرج علينا غلام كأن وجهه شقة قمر(٢) ، وفي يده سيف ، وعليه قميص وإزار ونعلان ، قد انقطع شسع إحداهما ، ما أنسى أنها كانت اليسرى [وأنف ابن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحتفي في الميدان ، فوقف يشدّ شسع نعله(٣) ].

وفي ذلك قال الشاعر مجنّسا :

أتراه حين أقام يصلح نعله

بين العدى كيلا يروه بمحتفي(٤)

غلبت عليه شآمة حسنية

أم كان بالأعداء ليس بمحتفي(٥)

فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي : والله لأشدّنّ عليه. فقلت : سبحان الله وما تريد بذلك!. والله لو ضربني ما بسطت إليه يدي ، دعه يكفيكه هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه. فقال : والله لأفعلنّ. فشدّ عليه ، فما ولّى حتى ضرب رأسه

__________________

(١) المزن : السحاب الأبيض. والصّوب : انصباب المطر.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣١ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٦ ؛ ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج ؛ وإرشاد المفيد ؛ وإعلام الورى ، ص ١٤٦.

(٣) ذخيرة الدارين ، ص ١٥٢ ؛ وإبصار العين ، ص ١٣٧.

(٤) في عجز البيتين جناس تام ؛ فكلمة (محتفي) الأولى : من الاحتفاء ، وهو المشي بلا نعل.

(٥) وكلمة (محتفي) الثانية : من عدم الاحتفاء ، أي عدم الاهتمام والاكتراث.

١٢٧

بالسيف ففلقه ، ووقع الغلام إلى الأرض لوجهه ، ونادى : يا عماه!. فانقضّ عليه الحسينعليه‌السلام كالصقر ، وتخلل الصفوف ، وشدّ شدة ليث أغضب ، فضرب عمرو بن سعد بن نفيل بالسيف ، فاتقاها بالساعد فقطعها من لدن المرفق ، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر. ثم تنحّى عنه الحسينعليه‌السلام فحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوه ، فاستقبلته بصدورها ووطئته بحوافرها ، فمات.

وانجلت الغبرة فإذا بالحسينعليه‌السلام قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه ، والحسينعليه‌السلام يقول : بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك وأبوك. ثم قالعليه‌السلام : عزّ والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك [أو يعينك فلا يغني عنك(١) ]. صوت والله كثر واتره ، وقلّ ناصره!.

ثم حمله ووضع صدره على صدره. وكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان الأرض. فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي والقتلى من أهل بيته(٢) . ثم رفع طرفه إلى السماء وقالعليه‌السلام : الله م أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا

[ولا تغفر لهم أبدا(٣) ].

وصاح الحسينعليه‌السلام في تلك الحال : صبرا يا بني عمومتي ، صبرا يا أهل بيتي ، فو الله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا.

١١٦ ـ عرس القاسمعليه‌السلام :

ذكر فخر الدين الطريحي في كتابه (المنتخب في المراثي والخطب) ص ٣٧٣ ، وكذلك الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٥٨ ، قصة زواج القاسمعليه‌السلام .

وملخصها أن الإمام الحسنعليه‌السلام كان قد أوصى بتزويج ابنه القاسمعليه‌السلام من ابنة أخيه الحسينعليه‌السلام المسماة زبيدة. ذلك أن الحسينعليه‌السلام بعد وفاة زوجته شهربانو أم زين العابدينعليه‌السلام تزوج بأختها شاهزنان ، فولدت له زبيدة هذه ، وقبر زبيدة خاتون في الري جنوبي طهران على مسافة ثلاثة ضرائح من قبر الشاه عبد العظيم الحسني (راجع أسرار الشهادة ، ص ٣١٠).

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٨.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣٢ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٧ ؛ والبداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٦ ؛ وإرشاد المفيد.

(٣) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٨.

١٢٨

لذلك قام الحسينعليه‌السلام في كربلاء بإجراء عقد الزواج بين القاسم وزبيدة في خيمة ، بعد أن ألبسه ثيابا جديدة. لكن القاسم رغم ذلك فضّل الشهادة على الزواج ، وقال لخطيبته : لقد أخّرنا عرسنا إلى الآخرة. فبكت الهاشميات.

يقول المحقق السيد عبد الرزاق المقرّم في كتابه (القاسم بن الحسن) ص ٣٢٠ :كل ما يذكر في عرس القاسم غير صحيح ، لعدم بلوغ القاسم سن الزواج ، ولم يرد به نص صحيح من المؤرخين.

ترجمة الغلام القاسم بن الحسنعليه‌السلام

(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٥٨)

في بعض الكتب : توفي الإمام الحسنعليه‌السلام وللقاسم سنتان ، فربّاه عمه الحسينعليه‌السلام في حجره ، وكفله مع سائر إخوته. وكان يوم عاشوراء غلاما لم يبلغ الحلم (عمره ١٣ سنة). وكان وجهه من جماله كفلقة القمر. أمه وأم عبد الله : رملة. [وفي طبقات ابن سعد] : نفيلة.

١١٧ ـ شهادة بعض إخوة الإمام الحسينعليهم‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٨ ط ٤)

وتقدمت إخوة الحسينعليه‌السلام عازمين على أن يموتوا دونه.

فأول من خرج منهم أبو بكر بن عليعليه‌السلام واسمه عبد الله ، وأمه ليلى بنت مسعود من بني نهشل ، فتقدم وهو يرتجز ويقول :

شيخي عليّ ذو الفخار الأطول

من هاشم الصدق الكريم المفضل

هذا الحسين ابن النبي المرسل

نذود عنه بالحسام الفيصل

تفديه نفسي من أخ مبجّل

يا ربّ فامنحني ثواب المجزل

فلم يزل يقاتل حتى قتله زجر بن بدر النخعي.

ثم خرج من بعده أخوه عمر بن عليعليه‌السلام ، أمه أم حبيب الصهباء بنت ربيعة التغلبية ، فحمل على زجر قاتل أخيه فقتله ، واستقبل القوم وجعل يضرب بسيفه ضربا منكرا ، وهو يقول :

١٢٩

خلّوا عداة الله خلّوا عن عمر

خلّوا عن الليث الهصور المكفهر

يضربكم بسيفه ولا يفرّ

وليس فيها بالجبان المنحجر

فلم يزل يقاتل حتى قتل.

وخرج محمّد الأصغر بن عليعليه‌السلام وأمه أم ولد ، فرماه رجل من تميم من بني أبان بن دارم ، فقتله وجاء برأسه.

وخرج عبد الله بن عليعليه‌السلام وأمه ليلى بنت مسعود النهشلية ، فقاتل حتى قتل.وهو أخو أبي بكر بن علي (ع) لأمه وأبيه ، وهو غير عبد الله الأصغر بن عليعليه‌السلام شقيق العباسعليه‌السلام ، كما صرح بذلك الشيخ المفيد في (الإرشاد).

١١٨ ـ مصرع إخوة العباسعليه‌السلام وهم عبد الله وجعفر وعثمانعليهم‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٩ ط ٤)

ولما رأى العباس بن علي (ع) كثرة القتلى من أهله قال لإخوته من أمه وأبيه ، وهم عبد الله وجعفر وعثمانعليه‌السلام ، وأمهم أم البنين فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية :يا بني أمي تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله ، فإنه لا ولد لكم.

وفي (مقاتل الطالبيين) لأبي الفرج الاصفهاني ، ص ٥٥ : قال أبو مخنف في حديث الضحاك المشرفي : «إن العباس بن عليعليه‌السلام قدّم أخاه جعفرا بين يديه ، لأنه لم يكن له ولد ، ليحوز ولد العباس بن علي ميراثه».

وقال الطبري في تاريخه : «وزعموا أن العباس بن عليعليه‌السلام قال لإخوته من

١٣٠

أمه ، عبد الله وجعفر وعثمان : يا بني أمي تقدموا حتى أرثكم ، فإنه لا ولد لكم ، ففعلوا فقتلوا».

فبرز عبد الله الأصغر بن عليعليه‌السلام وعمره خمس وعشرون سنة وهو يقول :

أنا ابن ذي النجدة والافضال

ذاك عليّ الخير ذي الفعال

سيف رسول الله ذو النّكال

في كل يوم ظاهر الأهوال

فاختلف هو وهاني بن ثبيت الحضرمي ضربتين ، فقتله هاني.

ثم برز بعده أخوه جعفر بن عليعليه‌السلام وكان عمره تسع عشرة سنة وهو يقول :

إني أنا جعفر ذو المعالي

نجل عليّ الخير ذو النوال

أحمي حسينا بالقنا العسّال(١)

وبالحسام الواضح الصقال

حسبي بعمّي شرفا وخالي

فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي أيضا فقتله ، وجاء برأسه.

ثم برز بعده أخوه عثمان بن عليعليه‌السلام (٢) فقام مقام إخوته ، وكان عمره إحدى وعشرين سنة وهو يقول :

إني أنا عثمان ذو المفاخر

شيخي عليّ ذو الفعال الطاهر

صنوّ النبي ذي الرشاد السائر

ما بين كل غائب وحاضر

هذا حسين خيرة الأخاير

وسيّد الصغار والأكابر

بعد الرسول والوصي الناصر

فرماه خولي بن يزيد الأصبحي على جبينه فسقط عن فرسه ، وحمل عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله ، وجاء برأسه.

__________________

(١) العسّال : الرمح يهتزّ لينا.

(٢) قال أبو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين) ص ٥٥ : وهذا عثمان هو الّذي روي عن عليعليه‌السلام أنه قال : إنما سميته باسم أخي (من الرضاعة) عثمان بن مظعون. وكان ابن مظعون هذا من أجلاء الصحابة ، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا ، وهاجر الهجرتين وشهد بدرا ، وكان ممن حرّم الخمرة على نفسه في الجاهلية. توفي سنة ٢ ه‍ وصلى عليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودفن في بقيع الغرقد.

١٣١

شهادة أبي الفضل العباس

قمر بني هاشم

كان العباس بن عليعليه‌السلام رجلا وسيما جميلا ، قويا أيّدا طويلا ، يركب الفرس المطهّم [أي السمين العالي] ورجلاه تخطان في الأرض. ولبطولته المشهودة أعطاه الحسينعليه‌السلام لواءه يوم كربلاء ، وطلب منه الاستسقاء أكثر من مرة ، فاستسقى الماء للنساء ، فسمّي السّقّاء. ولجماله الملحوظ سمّي قمر بني هاشم.

١١٩ ـ استسقاء أبي الفضل العباسعليه‌السلام ومصرعه على يد زيد بن الرقّاد الجهني(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣٥)

أورد الخوارزمي في مقتله مصرع العباس باختصار كبير ، ج ٢ ص ٢٩ قال :

ثم خرج من بعده العباس بن عليعليه‌السلام وأمه أم البنين ، وهو السّقّاء ، فحمل وهو يقول :

أقسمت بالله الأعزّ الأعظم

وبالحجون صادقا وزمزم

وبالحطيم والفنا المحرّم

ليخضبنّ اليوم جسمي بدمي

دون الحسين ذي الفخار الأقدم

إمام أهل الفضل والتكرّم

فلم يزل يقاتل حتى قتل جماعة من القوم ثم قتل. فقال الحسينعليه‌السلام : الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي.

وأما الطبري فمن العجب العجاب أنه لم يذكر شيئا أبدا عن مصرع العباس.واعتبر السيد ابن طاووس في (اللهوف) مقتل العباسعليه‌السلام آخر أهل البيتعليهم‌السلام وذلك باختصار.

١٣٢

أما السيد المقرّم فقد أورد في مقتله مصرع العباسعليه‌السلام بإسهاب ، ص ٣٣٤ ، وهذا نصّه :

قال العباسعليه‌السلام : قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين وأريد أن آخذ ثأري منهم. فأمره الحسينعليه‌السلام أن يطلب الماء للأطفال ، فذهب العباسعليه‌السلام إلى القوم ووعظهم وحذّرهم غضب الجبار فلم ينفع ، فنادى بصوت عال : يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله ، قد قتلتم أصحابه وأهل بيته ، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء ، فقد أحرق الظمأ قلوبهم ، وهو مع ذلك يقول :دعوني أذهب إلى الروم أو الهند وأخلّي لكم الحجاز والعراق. فأثّر كلام العباسعليه‌السلام في نفوس القوم حتى بكى بعضهم. ولكن الشمر صاح بأعلى صوته :يابن أبي تراب لو كان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة ، إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.

ثم إنه ركب جواده وأخذ القربة ، فأحاط به أربعة آلاف ورموه بالنبال ، فلم ترعه كثرتهم وأخذ يطرد أولئك الجماهير وحده ، ولواء الحمد يرفرف على رأسه ، فلم تثبت له الرجال ، ونزل إلى الفرات مطمئنا غير مبال بذلك الجمع. ولما اغترف من الماء ليشرب تذكّر عطش أخيه الحسينعليه‌السلام ومن معه ، فرمى الماء وقال :

يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لا كنت أن تكوني

هذا الحسين وارد المنون

وتشربين بارد المعين

تالله ما هذا فعال ديني(١)

ولا فعال صادق اليقين

ثم ملأ القربة وركب جواده وتوجّه نحو المخيم فقطع عليه الطريق ، وجعل يضرب حتى أكثر القتل فيهم وكشفهم عن الطريق وهو يقول :

لا أرهب الموت إذا الموت رقى(٢)

حتى أوارى في المصاليت لقى(٣)

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣٦ نقلا عن (رياض المصائب) ص ٣١٣ للسيد محمّد مهدي الموسوي. (٢) إذا الموت رقى : أي صعد ، كناية عن الكثرة أو القرب أو الإشراف. (وفي رواية) زقا : أي صاح. (٣) المصاليت : جمع مصلات ، وهو الرجل الشجاع. لقى : مطروحا.

١٣٣

نفسي لسبط المصطفى الطهر وقى

إني أنا العباس أغدو بالسّقا

ولا أخاف الشرّ يوم الملتقى

فكمن له زيد بن الرقّاد الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي ، فضربه على يمينه فبراها ، فقالعليه‌السلام :

والله إن قطعتم يميني

إني أحامي أبدا عن ديني

وعن إمام صادق اليقين

سبط النبي الطاهر الأمين

فلم يعبأ بيمينه بعد أن كان همه إيصال الماء إلى أطفال الحسينعليه‌السلام وعياله ، ولكن الحكيم بن الطفيل كمن له من وراء نخلة ، فلما مرّ به ضربه على شماله فقطعها(١) فقالعليه‌السلام :

يا نفس لا تخشي من الكفّار

وأبشري برحمة الجبّار

مع النبي السيد المختار

مع جملة السادات والأطهار

قد قطّعوا ببغيهم يساري

فأصلهم يا ربّ حرّ النار(٢)

وتكاثروا عليه وأتته السهام كالمطر ، فأصاب القربة سهم وأريق ماؤها ، وسهم أصاب صدره(٣) وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته ، وسقط على الأرض ينادي : عليك مني السلام أبا عبدالله(٤) . فأتاه الحسينعليه‌السلام وقد استشهد ، فقال :الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي(٥) .

وفي (الفاجعة العظمى) للسيد عبد الحسين الموسوي ، ص ١٤٦ :

(وفي بعض الكتب) : أخذ الحسينعليه‌السلام رأسه ووضعه في حجره ، وجعل يمسح الدم عن عينيه ، فرآه وهو يبكي. فقال الحسينعليه‌السلام : ما يبكيك يا أبا الفضل؟. قال : يا نور عيني ، وكيف لا أبكي ومثلك الآن جئتني وأخذت رأسي ، فبعد ساعة من يرفع رأسك عن التراب ، ومن يمسح التراب عن وجهك!.

__________________

(١) مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢١ ط إيران.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٨.

(٣) رياض المصائب ، ص ٣١٥.

(٤) المنتخب للطريحي ، ص ٣١٢ ط نجف سنة ١٣٦٩ ه‍ ؛ ورياض المصائب ص ٣١٥. وفي مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٢ ط إيران ، أن حكيم بن الطفيل هو الّذي ضربه بعمود من حديد على رأسه الشريف.

(٥) بحار الأنوار ، ج ١٠ ص ٢٥١ ؛ وتظلم الزهراء ، ص ١٢٠.

١٣٤

وكان الحسينعليه‌السلام جالسا ، إذ شهق العباس شهقة ، وفارقت روحه الطيبة.فصاح الحسينعليه‌السلام : وا أخاه ، وا عباساه ، وا ضيعتاه!.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٣١٢ ط ٢ نجف ، قال :

روي أن العباس بن عليعليه‌السلام كان حامل لواء أخيه الحسينعليه‌السلام ، فلما رأى جميع عسكر الحسينعليه‌السلام قتلوا وإخوانه وبنو عمه بكى وأنّ ، وإلى لقاء ربه اشتاق وحنّ. فحمل الراية وجاء نحو أخيه الحسينعليه‌السلام وقال : يا أخي هل رخصة؟.فبكى الحسينعليه‌السلام بكاء شديدا حتى ابتلّت لحيته المباركة بالدموع. ثم قال : يا أخي كنت العلامة من عسكري ، ومجمع عددنا ، فإذا أنت غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات ، وعمارتنا تنبعث إلى الخراب. فقال العباسعليه‌السلام : فداك روح أخيك ، يا سيدي قد ضاق صدري من حياة الدنيا ، وأريد أخذ الثأر من هؤلاء المنافقين.فقال الحسينعليه‌السلام : إذا غدوت إلى الجهاد فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء.

فلما أجاز الحسينعليه‌السلام أخاه العباس للبراز ، برز كالجبل العظيم ، وقلبه كالطود الجسيم ، لأنه كان فارسا هماما وبطلا ضرغاما ، وكان جسورا على الطعن والضرب ، في ميدان الكفاح والحرب. فلما توسّط الميدان وقف وقال : يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنكم قتلتم أصحابه وإخوته وبني عمه ، وبقي فريدا مع أولاده ، وهم عطاشى قد أحرق الظمأ قلوبهم ، فاسقوه شربة من الماء ، لأن أطفاله وعياله وصلوا إلى الهلاك ، وهو مع ذلك يقول لكم : دعوني أخرج إلى أطراف الروم والهند وأخلّي لكم الحجاز والعراق ، والشرط لكم أن غدا في القيامة لا أخاصمكم عند الله ، حتى يفعل الله بكم

ما يريد!.

فلما أوصل العباسعليه‌السلام إليهم الكلام عن أخيه ، فمنهم من سكت ولم يردّ جوابا ، ومنهم من جلس يبكي. فخرج الشمر وشبث بن ربعي ، فجاء [الشمر] نحو العباس وقال : يابن أبي تراب قل لأخيك : لو كان كل وجه الأرض ماء وهو تحت أيدينا ، ما سقيناكم منه قطرة إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.

فتبسم العباسعليه‌السلام ومضى إلى أخيه الحسينعليه‌السلام وعرض عليه ما قالوا ، فطأطأ رأسه إلى الأرض ، وبكى حتى بلّ أزياقه [أي أكمامه]. فسمع الحسينعليه‌السلام الأطفال ينادون : العطش!.

١٣٥

الاستسقاء الأخير

فلما سمع العباسعليه‌السلام ذلك رمق بطرفه إلى السماء ، وقال : إلهي وسيدي ، أريد [أن] أعتدّ بعدّتي ، وأملأ لهؤلاء الأطفال قربة من الماء. فركب فرسه وأخذ رمحه ، والقربة في كتفه.

وكان قد جعل عمر بن سعد أربعة آلاف خارجي موكلين على الماء ، لا يدعون أحدا من أصحاب الحسينعليه‌السلام يشرب منه. فلما رأوا العباس قاصدا إلى الفرات أحاطوا به من كل جانب ومكان. فقال لهم : يا قوم ، أنتم كفرة

أم مسلمون؟. هل يجوز في مذهبكم أو في دينكم أن تمنعوا الحسينعليه‌السلام وعياله شرب الماء ، والكلاب والخنازير يشربون منه ، والحسين مع أطفاله وأهل بيته يموتون من العطش. أما تذكرون عطش القيامة؟!.

فلما سمعوا كلام العباسعليه‌السلام وقف خمسمئة رجل ورموه بالنبل والسهام ، فحمل عليهم فتفرقوا عنه هاربين كما تتفرق الغنم عن الذئب ، وغاص في أوساطهم وقتل منهم ـ على ما نقل ـ قريبا من ثمانين فارسا. فهمز فرسه إلى الماء وأراد أن يشرب ، فذكر عطش الحسينعليه‌السلام وعياله وأطفاله ؛ فرمى الماء من يده ، وقال :والله لا أشربه وأخي الحسينعليه‌السلام وعياله وأطفاله عطاشى ، لا كان ذلك أبدا.

ثم ملأ القربة وحملها على كتفه الأيمن ، وهمز فرسه وأراد أن يوصل الماء إلى الخيمة ، فاجتمع عليه القوم ، فحمل عليهم فتفرقوا عنه ، وصار نحو الخيمة ، فقطعوا عليه الطريق ، فحاربهم محاربة عظيمة. فصادفه نوفل الأزرق وضربه على يده اليمنى فبراها ، فحمل العباس القربة على كتفه الأيسر. فضربه نوفل أيضا فبرى كفه الأيسر من الزند ، فحمل القربة بأسنانه ، فجاء سهم فأصاب القربة ، فانفرت وأريق ماؤها.ثم جاء سهم آخر في صدره ، فانقلب عن فرسه إلى الأرض. وصاح إلى أخيه الحسينعليه‌السلام : أدركني. فساق الريح الكلام إلى الخيمة.

فلما سمع الحسينعليه‌السلام كلامه ، أتاه فرآه طريحا ، فصاح : وا أخاه ، وا عباساه ، وا قرة عيناه ، وا قلة ناصراه!. ثم بكى بكاء شديدا. وحمل العباس إلى الخيمة ، فجددوا الأحزان وأقاموا العزاء( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) [الشعراء : ٢٢٧].

(أقول) : وهذا مناقض للواقع والمشهور ، من أن العباسعليه‌السلام دفن في المكان الّذي استشهد فيه ، منحازا عن باقي الشهداءعليهم‌السلام .

١٣٦

أما أبو مخنف فقد ذكر في مقتله ، ص ٥٧ مصرع العباسعليه‌السلام مبكّرا قبل بدء القتال (وهو قول ضعيف واهن كما أسلفنا) ، وذلك حين طلب منه الحسينعليه‌السلام الاستسقاء للأطفال ، قال :

واشتدّ العطش بالحسين وأصحابه ، فقال الحسين لأخيه العباسعليه‌السلام : يا أخي اجمع أهل بيتك واحفروا بئرا ففعلوا ذلك فلم يجدوا فيها ماء ، فقال الحسين للعباسعليه‌السلام : امض إلى الفرات وائتنا بشربة من الماء. فقال له العباس : سمعا وطاعة. (قال) : فضمّ إليه رجالا ، فسار العباس والرجال من يمينه وعن شماله ، حتى أشرفوا على الفرات ، فرآهم أصحاب ابن زياد ، وقالوا : من أنتم؟. فقالوا :نحن أصحاب الحسينعليه‌السلام . فقالوا : وما تريدون؟. قالوا : كظّنا العطش ، وأشدّ الأشياء علينا عطش الحسينعليه‌السلام . فلما سمعوا كلامهم حملوا عليهم حملة رجل واحد ، فقاتلهم العباس وأصحابه ، فقتل منهم رجالا ، وهو يقول :

أقاتل القوم بقلب مهتد

أذبّ عن سبط النبيّ أحمد

أضربكم بالصارم المهنّد

حتى تحيدوا عن قتال سيدي

إني أنا العباس ذو التودّد

نجل علي المرتضى المؤيّد

وحمل عليهم ففرقهم يمينا وشمالا ، وقتل رجالا حتى كشفهم عن المشرعة ، ونزل ومعه القربة فملأها ، ومدّ يده ليشرب ، فذكر عطش أخيه الحسين ، فقال : والله لا ذقت الماء وسيدي الحسين عطشان. ثم رمى الماء من يده وخرج والقربة على ظهره. ثم صعد من المشرعة فأخذه النبل من كل مكان حتى صارت درعه كالقنفذ.فحمل عليه أبرص بن شيبان ، فضربه على يمينه فطارت مع السيف ، فأخذ السيف بشماله. وحمل على القوم وقتل منهم رجالا ونكّس أبطالا والقربة على ظهره. فلما نظر ابن سعد قال : ويلكم ارشقوا القربة بالنبل ، فو الله إن شرب الحسين الماء أفناكم عن آخركم. (قال) فحملوا على العباس حملة منكرة ، فقتل منهم مائة وثمانين فارسا ، فضربه عبد الله بن يزيد الشيباني على شماله فقطعها ، فأخذ السيف بفيه. ثم حمل على القوم ويداه تنضحان دما ، فحملوا عليه جميعا ، فقاتلهم قتالا شديدا ، فضربه رجل منهم بعمود من حديد ففلق هامته ، وخرّ صريعا إلى الأرض يخور بدمه وهو ينادي : يا أبا عبد الله عليك مني السلام. فلما سمع الحسينعليه‌السلام صوته نادى : وا أخاه ، وا عباساه ، وا مهجة قلباه ثم حمل على القوم فكشفهم عنه ، ونزل إليه وحمله على ظهر جواده ، وأقبل به إلى الخيمة وطرحه وبكى عليه بكاء

١٣٧

شديدا ، حتى بكى جميع من كان حاضرا. وقال صلوات الله عليه : جزاك الله من أخ خيرا ، لقد جاهدت في الله حقّ جهاده.

(أقول) : وهذا الكلام مخالف أيضا للرواية الصحيحة ، وهي أن الحسينعليه‌السلام ترك أخاه العباس في مكان استشهاده على المشرعة ، فكان مدفنه في موضعه المعروف منحازا عن الشهداء.

ترجمة أبي الفضل العباسعليه‌السلام

أبو الفضل العباسعليه‌السلام هو ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. أمه فاطمة بنت حزام الكلابية ، اختارها له أخوه عقيل لتلد له غلاما فارسا ، وقد اشتهرت عشيرتها بالشجاعة والبأس ، وكان آباؤها وأخوالها فرسان العرب في الجاهلية. وقد ولدت للإمامعليه‌السلام أربعة أولاد ،

فسميت لذلك (أم البنين) وهم : العباس وجعفر وعثمان وعبد الله ، وقد استشهدوا جميعا في كربلاء وكانت أم البنين من أفضل النساء ، عارفة بحق أهل البيتعليهم‌السلام ومخلصة في ولائهم. كان أكبر أولادها العباسعليه‌السلام ، ولد في ٤ شعبان سنة ٢٦ ه‍.

وقد اجتمعت في العباس كل صفات العظمة ، من بأس وشجاعة وإباء ونجدة من جهة ، وجمال وبهجة ووضاءة وطلاقة من جهة أخرى ، ولما تطابق فيه الجمالان الخلقي والخلقي ، قيل فيه (قمر بني هاشم). وقد عاشعليه‌السلام مع أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام أربع عشرة سنة ، وحضر معه حروبه ، ولكنه لم يأذن له أبوه بالنزال فيها. وقتل مع أخيه الحسينعليه‌السلام بكربلاء وعمره ٣٤ سنة ، وكان صاحب رايته.

من ألقاب العباسعليه‌السلام : (السّقّاء) لأنه استسقى الماء لأهل البيتعليهم‌السلام يوم الطف. و (أبو الفضل) لأنه كان له ولد اسمه الفضل.

و (باب الحوائج) لكثرة ما صدر عنه من الكرامات يوم كربلاء وبعده.ومنها (قمر بني هاشم) لما ذكرنا من جمال هيئته ووسامته. وكان يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض.

١٣٨

تابع : ترجمة العباسعليه‌السلام

ولقد شهدت الأمة بطولة العباسعليه‌السلام ومواقفه مع أخيه الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، واستماتته في الدفاع من أجله ، حتى أن الحسينعليه‌السلام خاطبه قائلا : «بنفسي أنت" ، فأقامه مقام نفسه الزكية ، وهذا شرف لم يبلغه أحد من الناس.

وعن منزلة العباسعليه‌السلام ذكر السيد عبد الحسين الموسوي في (الفاجعة العظمى) ص ١٤٧ : روى الشيخ أبو نصر البخاري عن المفضّل بن عمر أنه قال : قال الإمام الصادقعليه‌السلام : كان عمّنا العباس ابن عليعليه‌السلام نافذ البصيرة صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد اللهعليه‌السلام وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا.

وعن (الأمالي) بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام قال : رحم الله عمي العباس ، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدله اللهعزوجل جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة ، كما جعل لجعفر بن أبي طالبعليه‌السلام . وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.

ويقع مرقد العباسعليه‌السلام في كربلاء المقدسة على مسافة بسيطة من قبر الحسينعليه‌السلام ، ويلاحظ أن مرقده الشريف منفرد عن مرقد الحسين والشهداءعليهم‌السلام ، ويبعد عن مرقد الحسينعليه‌السلام نحو ٣٥٠ مترا ، وقد أقيمت فوقه قبة من الذهب شبيهة بقبة الحسينعليه‌السلام .

١٢٠ ـ ثواب من يسقي الماء للعطاشى(الفاجعة العظمى ، ص ١٠٤)

بما أن أبا الفضل العباسعليه‌السلام كان ساقي عطاشى كربلاء ، نذكر هذين الحديثين :

قال الإمام زين العابدينعليه‌السلام : من سقى مؤمنا من ظمأ ، سقاه الله من الرحيق المختوم.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء ، كان

١٣٩

كمن أعتق رقبة. ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء ، كان كمن أحيا نفسا ، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.

١٢١ ـ شهادة أولاد العباس بن عليعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٢٧٨)

ذكر السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه (العباس قمر بني هاشم) ص ١٩٥ : أنه كان للعباسعليه‌السلام خمسة أولاد : الفضل وعبيد الله والحسن والقاسم وبنت واحدة.

وعدّ ابن شهر اشوب في مناقبه من الشهداء يوم الطف من ولد العباسعليه‌السلام :محمّد بن العباسعليه‌السلام أمه لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب. وليس للعباسعليه‌السلام نسل إلا من ولده عبيد الله.

١٢٢ ـ استغاثة الحسينعليه‌السلام :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٠)

ولما قتل العباسعليه‌السلام التفت الحسينعليه‌السلام فلم ير أحدا ينصره. ونظر إلى أهله وصحبه مجزّرين كالأضاحي ، وهو إذ ذاك يسمع عويل الأيامى وصراخ الأطفال ، صاح بأعلى صوته : هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. هل من موحّد يخاف الله فينا؟. هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا.؟. هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا(١) ؟. فارتفعت أصوات النساء بالبكاء(٢) .

الحسينعليه‌السلام يودّع عياله

ثم إن الحسينعليه‌السلام أمر عياله بالسكوت وودّعهم. وكان عليه جبّة خز دكناء ، وعمامة مورّدة ، أرخى لها ذؤابتين.

١٢٣ ـ الحسينعليه‌السلام يودّع النساء الهاشميات

(المنتخب للطريحي ص ٤٥٠)

في (المنتخب) : فدعاعليه‌السلام ببردة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتحف بها ، وأفرغ عليه درعه الفاضل ، وتقلّد سيفه ، واستوى على متن جواده وهو غائص في الحديد.

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٢.

(٢) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٦٥.

١٤٠

٥٧ ـ ثلاث فضائل للإمامعليه‌السلام لا تضاهى :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٥٨ ط ٢)

ذكر مسلم أن معاوية أمر سعدا بالسبّ فأبى. فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟. فقال : ثلاث قالهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلن أسبّه ، ولئن تكن لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النّعم (أي الحمر الوحشية يضرب بها المثل لقيمتها وندرتها).(١) سمعته يقول لعليعليه‌السلام وقد خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له عليعليه‌السلام :خلّفتني مع النساء والصبيان!. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي. (٢) وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحبّ الله ورسوله. قال : فتطاولنا إليها.فقال : ادعوا إليّ عليا ، فأتاه وبه رمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه. (٣) ولما نزلت( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) [آل عمران : ٦١] دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وعليا والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فقال : الله م هؤلاء أهلي.

وقال عبد الله بن عمر : كان لعلي بن أبي طالب ثلاث ، لو كان لي واحدة منهن كانت أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس : تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية ، وآية النجوى (إذ لم يعمل بها أحد غيره).

٥٨ ـ أربع مناقب للإمام عليعليه‌السلام :

(النص والاجتهاد)

سئل الحسن البصري فيما يقوله عن فضل عليعليه‌السلام ؟

فقال : ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع :

ـ ائتمانه على (براءة).

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له في غزوة تبوك وقد خلّفه على المدينة : يا علي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي.

ـ وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الثقلان كتاب الله وعترتي.

ـ وأنه لم يؤمّر عليه أمير قط ، وقد أمّرت الأمراء على غيره.

٥٩ ـ محبة علي بن أبي طالبعليه‌السلام دليل الإيمان وطهارة المولد :

قال الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٩٧ :

ونقل هذه الأحاديث سيد حكماء الإسلام المير داماد في كتابه (تصحيح الإيمان وتقويم الأديان) :

١٤١

في صحيح البخاري وأبي داود ومسند أحمد بن حنبل وفضائل السمعاني وحلية الحافظ أبي نعيم وغيرها من كتب العامة ، من طرائق مختلفات وطرق شتى ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليعليه‌السلام : «لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لا أنت لم يعرف حزب الله».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من زعم أنه آمن بما جئت به وهو يبغض عليا ، فهو كاذب ليس بمؤمن».

وعن أبي سعيد الخدري قال : كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغضهم عليا.

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بوروا

(أي اختبروا) أولادكم بحب علي بن أبي طالب ، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشده ، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغيّه».

وروى البيهقي أن الأنصار كانت تقول : إنا كنا لنعرف الرجل لغير أبيه ، لبغضه علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

جملة من فضائل فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٦٠ ـ فضائل فاطمةعليها‌السلام الخاصة :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول لابن طلحة الشافعي)

من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لفاطمةعليها‌السلام وهو في مرضه الأخير على مسمع من كل زوجاته : «يا فاطمة ، أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة؟!.».

(أورده البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي)

وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة أن فاطمةعليها‌السلام كانت أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غيرها ، وأنها سيدة نساء أهل الجنّة.

٦١ ـ ابن الحنفية يعترف بفضل الحسينعليه‌السلام وفضل أمه الزهراءعليها‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٤ ص ٦٦)

حدّث الصولي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في خبر ، أنه جرى بين الحسينعليه‌السلام

١٤٢

وأخيه محمّد بن الحنفية كلام (أي خصومة). فكتب ابن الحنفية إلى الحسينعليه‌السلام : أما بعد يا أخي ، فإن أبي وأباك عليعليه‌السلام ، لا تفضلني فيه ولا أفضلك ، وأمك فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو كان ملء الأرض ذهبا ملك أمّي ما وفّت بأمّك. فإذا قرأت كتابي هذا فصر إليّ حتّى تترضّاني ، فإنك أحقّ بالفضل مني ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ففعل الحسينعليه‌السلام ذلك ، فلم يجر بعد ذلك بينهما شيء.

٦٢ ـ حبّ فاطمةعليها‌السلام وبغضها ـ ويل لمن يظلم ذريتها :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦ ط ٢)

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لسلمان : يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي ، ومن أبغضها فهو في النار. يا سلمان حبّ فاطمة ينفع مائة موطن من المواطن ، أيسر تلك المواطن : الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة. فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي الله عنه. ومن غضبت عليه غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه.

يا سلمان ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها ، وويل لمن يظلم ذريتها.

فضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام

٦٣ ـ ثواب محبة الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام :

أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عليعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد الحسن والحسينعليه‌السلام وقال : «من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في الجنّة».

٦٤ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو لفاطمة وعليعليهما‌السلام بالبركة في نسلهما :

روى أبو حاتم عن أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل على فاطمة وعليعليهما‌السلام بعد زواجهما ، فدعا بماء فتوضأ ، ثم أفرغه على علي وفاطمةعليهما‌السلام وقال : الله م بارك فيهما وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما. (وفي رواية) : وبارك لهما في شبليهما (الشبل : ولد الأسد). وهو من الإخبار بالمغيبات ، كما قال جلال الدين السيوطي في (ديوان الحيوان) لأن المراد بالشبلين الحسن والحسينعليهما‌السلام .

١٤٣

٦٥ ـ آدم يسأل الله بالخمسة أن يتوب عليه :

(المنتخب للطريحي ، ص ٧٧ ط ٢)

روى الفقيه المغازلي الشافعي ، بإسناده عن ابن عباس قال : سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سأله بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام إلا تبت عليّ ، فتاب عليه.

٦٦ ـ فضيلة الخمسةعليهم‌السلام على هذه الأمة :

(المصدر السابق ص ١١٠)

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : بي أنذرتم ، ثم بعلي بن أبي طالب اهتديتم ، وقرأ قوله تعالى :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) [الرعد : ٧]. وبالحسن أعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون وبه تشقون. ألا وإنما الحسين باب من أبواب الجنّة ، من عانده حرّم الله عليه رائحة الجنّة.

٦٧ ـ اقتدوا بالشمس والقمر والزهرة والفرقدين :

(شجرة طوبى للمازندراني ، ج ٢ ص ٤٢٦)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا بالشمس ، فإذا غابت الشمس فاقتدوا بالقمر ، فإذا غاب القمر فاقتدوا بالزّهرة ، فإذا غابت الزهرة فاقتدوا بالفرقدين ، فإذا افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة.

فقالوا : يا رسول الله فما الشمس وما القمر ، وما الزّهرة وما الفرقدان؟ ...فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعليّ القمر ، وفاطمة الزّهرة ، والفرقدان : الحسن والحسين ، وأما النجوم الزاهرة فالأئمة التسعة من صلب الحسين ، والتاسع مهديّهم.

يقول الشيخ محمّد مهدي الحائري المازندراني معقبا على هذا الحديث :

أما الشمس التي هي (النبوة) فغابت بقلب مكمد محزون ، مما قاسىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أمته. وأما الزّهرة التي هي (فاطمة الزهراء) فقد أخمدوا ضوءها وزهرتها باللطم والعصر بين الحائط والباب. وأما القمر وهو (فلك الإمامة) فقد خسفوه بسيف عبد الرحمن بن ملجم. وأما الفرقدان وهما (الحسن والحسين) فغاب أحدهما بقلب مسموم وقد تقيّأ كبده ، وغاب الآخر بعد الظهر من يوم عاشوراء ، وانكسفت الشمس ، وأمطرت السماء دما.

١٤٤

٦٨ ـ المكتوب على باب الجنّة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤ ط نجف)

عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على مبغضهم لعنة الله.

فضائل الأئمة الاثني عشر

مدخل :

يقصد بأهل البيتعليهم‌السلام أينما ذكروا مقرونين بأنهم الأمان من الضلال ، وأنهم سفينة نوح ، وأنهم باب حطّة من دخله كان آمنا الخ ، يقصد بهم الأئمة الاثنا عشر حصرا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمةعليها‌السلام ، أو ما نعبّر عنه

(بالمعصومين الأربعة عشر) ، لأنهم لولا العصمة لا تنطبق عليهم تلك الأوصاف وتلك المنزلة.

٦٩ ـ أهل البيتعليهم‌السلام أمان لأهل الأرض :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٣٠)

أخرج أبو عمرو الغفاري عن إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأمتي».

وأخرج أحمد بن حنبل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء ، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض».

وفي رواية صحّحها الحاكم على شرط الشيخين ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف».

وقد يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى :( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) [الأنفال:٣٣] أقيم أهل بيته مقامه في الأمان ، لأنهم منه وهو منهم ، كما ورد في بعض الطرق.

٧٠ ـ أهل البيتعليهم‌السلام كسفينة نوح وباب حطّة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٩)

أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٤٥

يقول : «إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلفّ عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطةّ في بني إسرائيل ، من دخله غفر له».

٧١ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام هم رجال الأعراف :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٠٧ ط ٢)

عن الإمام محمّد الباقر قال : سأل ابن الكواء أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : ما معنى قوله تعالى :( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) [الأعراف : ٤٦]؟.

فقالعليه‌السلام : نحن أصحاب الأعراف ، نعرف أصحابنا بسيماهم. نقف بين الجنّة والنار فلا يدخل الجنّة إلا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه.

٧٢ ـ أئمة أهل البيتعليهم‌السلام يحفظون الشريعة :

وأخرج المللا في سيرته عن عمر بن الخطاب (كما في الصواعق المحرقة لابن حجر ، ص ٩٠) أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «في كل خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى اللهعزوجل ، فانظروا من توفدون». صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ ـ محبة أهل البيتعليه‌السلام

٧٣ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرض :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ١٥)

إن محبة النبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجبة على كل مسلم ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

(رواه البخاري عن أنس بن مالك).

وهذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد جمع فيه كل أنواع المحبة ، وهي ثلاثة : محبة الإجلال والإعظام كمحبة الولد للوالد ، ومحبة الشفقة والرحمة كمحبة الوالد لولده ، ومحبة المشاكلة والاستحسان كمحبة سائر الناس.فجمعصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصناف المحبة في محبته.

وروى الديلمي والطبراني وأبو الشيخ ابن حبّان والبيهقي مرفوعا ، أن

١٤٦

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، وأهلي أحبّ إليه من أهله ، وذاتي أحبّ إليه من ذاته».

وروى ابن مسعود : «حب آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما ، خير من عبادة سنة ، ومن مات عليه دخل الجنّة».

٧٤ ـ أحبّوا أهل بيتي لحبّي :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٢)

أخرج الترمذي وحسّنه ، والطبراني عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبّوني لحب الله ، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي».

٧٥ ـ محبة أهل النبي جزء من محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٩)

وكان الصحابة الكرام يتمنّون لأقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكثر مما يتمنّونه لأقربائهم ، محبة منهم له وإيثارا له على أنفسهم.

منها قول أبي بكر حين أسلم والده أبو قحافة ، قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثك بالحق ، لإسلام أبي طالب كان أقرّ لعيني من إسلام أبي قحافة ، وذلك أن إسلام أبي طالب كان أقرّ لعينك.

٧٦ ـ فضل محبة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(المصدر السابق)

ومن توقير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبرّه ، توقير آله وذريته وأمهات المؤمنين. وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «معرفة آل محمّد براءة من النار ، وحب آل محمّد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمّد أمان من العذاب».

قال بعضهم :

(معرفتهم) تعني معرفة منزلتهم منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيعرف وجوب إكرامهم وحرمتهم بسببهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أبو بكر : راقبوا محمدا في آل بيته.

وأتى عبد الله بن حسن بن الحسينعليه‌السلام إلى عمر بن عبد العزيز في حاجة.فقال : يا أبا محمّد ، إذا كانت لك حاجة فأرسل إليّ أحضر إليك ، فإني أستحي من الله أن يراك على بابي.

١٤٧

ودخلت بنت أسامة بن زيد مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عمر بن عبد العزيز ، فجعل يدها بين يديه ، ومشى بها حتّى أجلسها في مجلسه ، وجلس بين يديها ، وما ترك لها حاجة إلا قضاها.

يقول الشبراوي في (الإتحاف) ص ١٧ : هذا مع بنت مولاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما بالك بابن بضعته وذريته والمنتمين إلى الزهراء ابنته؟!.

وهذا كله لما وجب لآل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الشرف والمجد لنسبتهم إليه ، وسريان لحمه ودمه الكريمين فيهم. فهم بعضه ، وبعضه في وجوب الإجلال والتعظيم كجميعه ، وحرمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميتا كحرمته حيّا.

٧٧ ـ تفسير آية المودة :

(المصدر السابق ، ص ١٧)

قال تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال ابن عباس : المعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودّوني في نفسي لقرابتي منكم ، لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينهم وبينهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرابة. لكن الأنسب ما قاله غيره في تفسير الآية ، أن المعنى : قل يا محمّد لأمتك ، لا أطلب منكم على ما جئتكم به من الهدى ، والنجاة من الردى ، عوضا ولا أجرة ولا جزاء ، إلا أن تودّوا قرابتي وعترتي وتحبوهم ، وتعاملوهم بالمعروف والاحسان ، ويكون بينكم وبينهم غاية الودّ والمحبة والصلة.

روايات أخرى :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٠٤)

قال الله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣]. قال في (المواهب) : إن المراد بالقربى من ينتسب إلى جده الأقرب عبد المطلب.

وقال في (الصواعق) : المراد بأهل البيت والآل وذوي القربىعليهم‌السلام في كل ما جاء في فضلهم ، مؤمنو بني هاشم والمطلب.

وينافي هذا ما روى الطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الذين نزلت فيهم الآية؟.قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام .

١٤٨

٧٨ ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام هي أجر الرسالة المحمدية :

(الفصول المهمة في تأليف الأمة للسيد عبد الحسين شرف الدين ص ٤٠)

أخرج الحاكم (كما في تفسير آية المودة في القربى من مجمع البيان للطبرسي) بالإسناد إلى أبي ثمامة الباهلي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة. فأنا أصلها ، وعليّ فرعها ، وفاطمة لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها. فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى. ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام حتّى يصير كالشن (أي الجلد اليابس) البالي ، ثم لم يدرك محبتنا ، أكبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢٣) [الشورى : ٢٣].

٧٩ ـ اقتراف الحسنة هو مودّة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٣٩)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) [الشورى : ٢٣] قال : المودة لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٨٠ ـ أربع يسأل عنها المؤمن يوم القيامة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٤٢ ط نجف)

أنبأني أبو المظفر عبد الملك بن علي الهمداني حدّثني أبو برزة الأسلمي ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن جلوس ذات يوم : والذي نفسي بيده ،

لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأله الله تعالى عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت.

فقال عمر : فما آية حبّكم من بعدكم؟. قال : فوضع يده على رأس عليعليه‌السلام وهو إلى جانبه ، وقال : إن آية حبّي من بعدي حبّ هذا.

ومثل ذلك ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس.

١٤٩

٨١ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام فله الشفاعة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥٩)

أخرج الخطيب في تاريخه عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«شفاعتي لأمتي من أحب أهل بيتي».

٨٢ ـ من أحبّ أهل البيتعليهم‌السلام يثبّته الله على الصراط :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦٣)

أخرج الديلمي عن عليعليه‌السلام ، (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيّكم ، وحب أهل بيته ، وعلى قراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله ، مع أنبيائه وأصفيائه.

٨٣ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسألنا عن اثنين : القرآن والعترة :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٦١)

أخرج الطبراني عن المطلب بن عبد الله عن أبيه ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجحفة [غدير خم] فقال : ألست أولى بكم من أنفسكم؟. قالوا : بلى يا رسول الله. قال : فإني سائلكم عن اثنين : عن القرآن وعترتي.

٨٤ ـ لا يدخل الجنة من لم يعرف حق أهل البيتعليهم‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٤٥)

وأخرج الطبراني في الأوسط ، ونقله السيوطي في (إحياء الميت) والنبهاني في أربعينه وابن حجر في صواعقه ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الزموا مودتنا أهل البيت ، فإنه من لقي الله وهو يودّنا ، دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمل عمله إلا بمعرفة حقنا».

٨٥ ـ مودة أهل البيتعليهم‌السلام تطيل العمر :

(قادتنا كيف نعرفهم ، ج ٦)

وروي بإسناده عن عبد الله بن بدر ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أحبّ أن يبارك في أجله ، وأن يمتّع بما خوّله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. ومن لم يخلفني فيهم بتّك عمره (أي قطع) ، وورد عليّ يوم القيامة مسودا وجهه».

١٥٠

ـ وفي حديث مشابه : (المنتخب للطريحي ، ص ١٢ ط ٢)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أحبّ أن ينسّأ في أجله (أي يطول عمره) ، وأن يمتّعه الله بما خوّله الله ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة. فمن لم يخلفني فيهم بتر الله عمره ، وورد عليّ يوم القيامة مسودّا وجهه».

ومضامين هذه الأحاديث الشريفة أن أهل البيتعليهم‌السلام

(الذين هم الأئمة الأطهار) هم حجج الله البالغة ، ومناهل شريعته السائغة ، والقائمون مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده في أمره ونهيه ، والممثّلون له بأجلى مظاهر هديه. فالمحب لهم بسبب ذلك محبّ لله ولرسوله ، والمدافع عنهم كالمدافع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمبغض لهم مبغض لهما.

٨٦ ـ ماذا كان جواب الأمة على طلب نبيّهم :

لقد طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المسلمين أن يكون أجره على تبليغ الرسالة الإسلامية مودّة قرباه وذريته المختارة ، فماذا كان جوابهم على هذا الطلب ، وما ذا كان ردّهم على هذا الإحسان؟.

فمنذ أن أغمض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه بعد جهاده الكبير ، قام الناس يجرّدون أهل البيتعليهم‌السلام من مكانتهم الرفيعة ومنزلتهم السامية ، ويحرمونهم حقوقهم الدينية والدنيوية ، حتّى بكت فاطمةعليها‌السلام حزنا على فراق أبيها ، وصبر عليعليه‌السلام على طول المدة وشدة المحنة.

ولقد كان في علم الله وعلم رسوله ما ستفعل الأمة بأهله وذريته ، فكان يؤكد الوصيّة بهم ، ولزوم التمسك بحبلهم ، وأنهم الأمان من الضلال ، والنجاة من الغرق وكأن هذه الوصية بهم كانت وصية عليهم. لأن المسلمين عملوا على نقيضها ، فكانت الحجة على الظالمين منهم حجة من أبلغ الحجج. ولا سيما ما فعلوه مع الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ورهطه في كربلاء يوم العاشر من المحرّم.

عقاب من يبغض أهل البيتعليهم‌السلام

٨٧ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام في النار :

(إحياء الميت ، ص ٢٤٢)

أخرج الطبراني والحاكم عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١٥١

«يا بني عبد المطلب ، إني سألت الله لكم ثلاثا : أن يثّبت قلوبكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، ويهدي ضالّكم ، وسألته أن يجعلكم جوداء ونجداء ورحماء. فلو أن رجلا صفن (أي صفّ قدميه) بين الركن والمقام ، فصلّى وصام ، ثم مات وهو مبغض لأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، دخل النار».

٨٨ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام منافق :(إحياء الميت ، ص ٢٤٣)

أخرج ابن عدي في (الإكليل) عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أبغضنا أهل البيت ، فهو منافق».

٨٩ ـ مبغض العترة أحد ثلاث :(إحياء الميت ، ص ٢٤٤)

أخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عليعليه‌السلام (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يعرف حقّ عترتي والأنصار ، فهو لإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما لدينه ، وإما لغير طهور». يعني حملته أمه على غير طهر.

٩٠ ـ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام يحشر يهوديا :(إحياء الميت ، ص ٢٤٥)

أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول : «أيها الناس ، من أبغضنا أهل البيت ، حشره الله تعالى يوم القيامة يهوديا».

٩١ ـ غضب الله شديد على من آذى العترة :(إحياء الميت ص ٢٦٥)

أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي».

٩٢ ـ عقوبة من يظلم أهل البيتعليهم‌السلام أو يسبّهم :

(عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ، ج ٢ ص ٣٤ حديث ٦٥)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«حرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي ، وقاتلهم ، والمعين عليهم ، ومن سبّهم( لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٧٧) [آل عمران : ٧٧].

١٥٢

موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(حديث الثّقلين وحديث الغدير)

٩٣ ـ معنى الموالاة :

ليست الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام مجرد محبتهم والتعاطف معهم ، إنما تعني إضافة لذلك التقيد بأقوالهم والسير على منهاجهم. وهذه الموالاة واجبة على كل مسلم حسب منطوق حديث الثقلين ، الّذي ينص على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك بعد وفاته للأمة شيئين مهمّين غاليين ، إن تمسكوا بهما نجوا ، وإن تركوهما ضلوّا وغووا ، هما القرآن (وهو كتاب الله الصامت) وأئمة أهل البيت (وهم كتاب الله الناطق).

وإذا كانت الموالاة لأهل البيتعليهم‌السلام تعني متابعتهم والتمسك بهم ، فيجب على كل مسلم أن يتعلم فقه الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ويسير عليه ، حتّى يكون مواليا لأهل البيتعليهم‌السلام . أما محبة أهل البيتعليهم‌السلام باللسان بدون السير على نهجهم ، فهذه لا تنفع شيئا ، عدا عن أنها نفاق ظاهري. فأهل الكوفة كلهم كانت قلوبهم مع الحسينعليه‌السلام ، ولكن أسيافهم كانت عليه. فالمحكّ الحقيقي للولاية هو نصرة أهل البيتعليهم‌السلام بالقول والعمل ، والدفاع عنهم ، والبراءة من أعدائهم.

ومن العجب العجاب أن بعض المسلمين كانوا يدّعون محبة أهل البيتعليهم‌السلام ، ثم كانوا يسبّونهم على المنابر ، لا بل إنهم كانوا يرضون عن أعمال الذين حاربوا الإمام علياعليه‌السلام والإمام الحسنعليه‌السلام والإمام الحسينعليه‌السلام ، أمثال معاوية ويزيد وأعوانهم. فما هذا التناقض الغريب ، وكيف يقبله ذو منطق وعقيدة؟.

وإليك بعض الأحاديث الشريفة التي تؤكد على لزوم موالاة أهل البيتعليهم‌السلام والتمسك بهم ومتابعتهم والسير على مذهبهم دون سواهم.

٩٤ ـ ثواب نصرة أهل البيتعليهم‌السلام ، والذين تنالهم شفاعة جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥)

روى الناصر للحق عن آبائه رضوان الله عليهم ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، ولو أتوا بذنوب أهل الأرض : الضارب بسيفه أمام ذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في حوائجهم ، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه».

١٥٣

جعلنا الله من محبيهم والموالين لهم ، ورزقنا شفاعة جدهم بمنّه وسعة رحمته.

٩٥ ـ ولاية عليعليه‌السلام نسوها :

(تاريخ الشيعة لمحمد حسين المظفر ، ص ٩)

قال أبو سعيد الخدري : أمر الناس بخمس ، فعملوا بأربع وتركوا واحدة. قيل له : وما الأربع؟. قال : الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج. قيل : فما الواحدة التي تركوها؟. قال : ولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قيل له : وإنها لمفروضة معهن؟. قال : نعم هي مفروضة معهن.

٩٦ ـ تمسّكوا بالأئمة من بعدي :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٤٤ ط ٢)

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : خطب فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة خطبة بليغة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني راحل عن قريب ، ومنطلق للمغيب. وإني أوصيكم في عترتي خيرا ، فلا تخالفوهم ولا تخاصموهم ولا تنابذوهم. وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها بالنار.

معاشر الناس ، من افتقد منكم الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، وإن افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة (يقصد الأئمة الاثني عشر). أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، والحمد لله رب العالمين.

إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنهم هم الأولياء والأوصياء والخلفاء من بعدي ، أئمة أبرار وأوصياء أطهار ، وهم بعدد أسباط يعقوبعليه‌السلام ، وعدد حواريي عيسىعليه‌السلام ، وعدد نقباء بني إسرائيل.

[وقد مرت رواية مشابهة ، في الفقرة رقم ٤٢ مروية عن سلمان أيضا فراجع]

٩٧ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ص ١١١)

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ، ومكان العينين من الرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين».

١٥٤

٩٨ ـ موالاة العترة :

وأخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده ، بالإسناد إلى ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ؛ فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي». وهذا الحديث بعين لفظه هو الحديث ٣٨١٩ من (كنز العمال) ج ٦ ص ٢١٧.

٩٩ ـ حديث الثقلين وحديث الغدير :

(المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٥١ ط ٥)

الصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثّقلين (وهما القرآن وأهل البيت) متواترة ، وطرقها عن بضع وعشرين صحابيا متضافرة. وقد صدع بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مواقف له شتى ؛ مرة على منبره في المدينة ، وتارة بعد انصرافه من الطائف ، وتارة يوم عرفة في حجة الوداع ، وتارة يوم غدير خم وهو راجع من حجة الوداع ، وأخرى في حجرته المباركة وهو في مرضه الأخير ، إذ قال : «إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

[أخرج هذا الحديث الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري من طريقين :أحدهما في آخر ص ١٧ ، والثاني في آخر ص ٢٦ من الجزء الثالث من مسنده.وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن سعد عن أبي سعيد ، وهو الحديث ٩٤٥ من أحاديث (كنز العمال) ج ١ ص ٤٧].

وأخرج جلال الدين السيوطي في (الدر المنثور) ج ٢ ص ٦٠ أحاديث عديدة ، منها ما خرّجه عن الطبراني عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني لكم فرط ، وإنكم واردون عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني في الثّقلين». قيل وما الثقلان يا رسول الله؟ قال :

«الأكبر كتاب اللهعزوجل ، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به لن

١٥٥

تزلوّا ولا تضلوا. والأصغر عترتي ، وإنهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ، وسألت لهما ذلك ربي. فلا تقدّموهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهما فإنهما أعلم منكم».[وذكره في (التعقبات) ج ١ ص ١٨٣ من حديث الثقلين].

وذكر الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في (المناقب) حديث الغدير بسنده المتصل عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقمّمن (أي نظّف ما تحت الشجرات من القمامة). ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثّقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». ثم قال : «إن اللهعزوجل مولاي ، وأنا وليّ كل مؤمن ومؤمنة». ثم أخذ بيد عليعليه‌السلام فقال : «من كنت وليّه فهذا وليّه. الله م وال من والاه ، وعاد من عاداه».

تعليق : أحاديث الثقلين وحديث الغدير ، تقرّ بالإمامة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالبعليه‌السلام نصا لا لبس فيه ، حيث نقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولايته العامة على المسلمين إلى الإمام عليعليه‌السلام حيث قال لهم وهم مجتمعون في غدير خم :«ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟». قالوا : بلى ، الله ورسوله أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قال : «من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه ..." إلى آخر الحديث.

هذا وإن في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الثقلين عن القرآن والعترة : «وإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». حقيقتين هما :

الأولى : أن أهل البيتعليهم‌السلام والقرآن متلازمان ، فكما أن القرآن لا يأتيه الباطل ، فهم منزّهون من الباطل ، ومعصومون من الخطأ والدنس.

والثانية : أنهم مستمرون في ولايتهم إلى يوم القيامة ، وأنهم موجودون دائما ، إما بشكل إمام ظاهر كالإمام عليعليه‌السلام والأئمة من أولاده ، أو بشكل إمام مستتر كالإمام المهديعليه‌السلام ، وهو الإمام الثاني عشر ، الّذي ولد سنة ٢٥٥ ه‍ ، ثم تولى الإمامة سنة ٢٦٠ ه‍ حين توفي والدهعليه‌السلام وغاب الغيبة الصغرى. ثم غاب الغيبة الكبرى وعمره ٧٥ عاما. وهو الآن باعتقادنا حي يرزق ، غائب عن الأنظار ، يظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا. ومن مهماته أن يقيم دولة القرآن ، وأن يأخذ بثأر جده الحسينعليه‌السلام من أعدائه.

١٥٦

١٠٠ ـ روايات أخرى لحديث الثقلين :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمد الصبان ص ١١٠)

عن زيد بن أرقم (قال) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، إنما أنا بشر مثلكم ، يوشك أن يأتيني رسول ربيعزوجل فأجيبه. وإني تارك فيكم ثقلين : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فتمسّكوا بكتاب اللهعزوجل وخذوا به ؛ وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي «(أي أحذّركم الله في شأن أهل بيتي). ورواه مسلم.

وأخرج الترمذي وحسّنه ، والحاكم عن زيد بن أرقم (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«إني تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونّي فيهما».

١٠١ ـ تواتر حديث الثقلين من طرق السنّة :

(إحياء الميت للسيوطي ، ص ٢٤٠)

وقد ورد حديث الثقلين بصيغة [كتاب الله وعترتي] أيضا فيما أخرجه عيد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت ، وبصيغة [الثقلين : كتاب الله وعترتي] فيما أخرجه أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري ، وبنفس الصيغة ما أخرجه الترمذي عن جابر. وبصيغة : [الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، فيما أخرجه البزاز عن عليعليه‌السلام . وبصيغة [كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ، وبصيغة [خليفتين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي] ما أخرجه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت ، وما أخرجه البارودي عن أبي سعيد الخدري.

١٠٢ ـ ما معنى الثّقلين؟ :

قال ابن حجر في (الصواعق) بعد ذكره لحديث الثقلين : سمّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن والعترة : ثقلين ، لأن الثّقل كل شيء نفيس خطير ، وهذان كذلك ، إذ كل واحد منهما معدن للعلوم الدينية والأسرار العقلية الشرعية ، ولهذا حثّ على الاقتداء والتمسك بهما. وقيل : سمّيا (ثقلين) لثقل وجوب رعاية حقوقهما.

١٠٣ ـ أحاديث في ولاية أهل البيتعليهم‌السلام :

جاء في (الصواعق المحرقة) لابن حجر في ولاية الإمام عليعليه‌السلام وأهل البيتعليهم‌السلام ووجوب الاقتداء بهم :

١٥٧

ـ في الصفحة ١٤ تفسير الآية :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. قال ثابت البناني :( ثُمَّ اهْتَدى ) [طه : ٨٢] يعني إلى ولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩١ تفسير الآية :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤]. عن أبي سعيد الخدري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٢٤) [الصافات : ٢٤] عن ولاية علي وأهل بيتهعليهم‌السلام .

ـ وفي الصفحة ٩٩ تفسير الآية :( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٧) [البينة : ٧]. أخرج الحافظ جمال الدين الذرندي عن ابن عباس ، أن هذه الآية لما نزلت ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : «هو أنت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين».

١٠٤ ـ تفسير سورة العصر :

(مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي ، ج ٣ ص ٢٥٥)

وفي عليعليه‌السلام نزلت سورة (العصر) وتفسيرها :( وَالْعَصْرِ ) (١) [العصر : ١] أي أقسم برب عصر القيامة( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) (٢) [العصر : ٢] يقصد أعداء آل محمّد( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) [الشعراء : ٢٢٧] بولايتهم ،( وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) [الشعراء : ٢٢٧] بمواساة إخوانهم ،

( وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) [العصر : ٣] في فترة غيبة قائمهم (عج).

١٥٨

أشعار في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام

(هامش الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٩)

١٠٥ ـ أشعار في الموالاة :

قال الإمام الشافعي :

قالوا : ترفّضت ، قلت : كلا

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن تولّيت غير شكّ

خير إمام وخير هاد

إن كان حبّ الوليّ رفضا

فإنني أرفض العباد

وقالرحمه‌الله :

يا راكبا قف بالمحصّب من منى

واهتف بساكن خيفها والناهض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضا كملتطم الفرات الفائض

إني أحبّ بني النبيّ المصطفى

وأعدّه من واجبات فرائضي

إن كان رفضا حبّ آل محمّد

فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام والصلاة عليهم :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلي عليكم لا صلاة له

ومما ينسب إلى الشافعي هذه الأبيات تعليقا على حديث النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تفترق أمّتي ثلاثا وسبعين فرقة ، الناجية منها واحدة». قال :

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النّجا

وهم آل بيت المصطفى خاتم الرّسل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيف كما قد جاء في محكم النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلّاك آل محمّد

أم الفرقة اللائي نجت منهم قل لي

فإن قلت في الناجين فالقول واحد

وإن قلت في الهلّاك حفت عن العدل

إذا كان مولى القوم منهم ، فإنني

رضيت بهم ، لا زال في ظلّهم ظلّي

فخلّ عليّا لي إماما ونسله

وأنت من الباقين في أوسع الحلّ

وله في الولاية مدائح كثيرة ، منها قوله :

١٥٩

إذا في مجلس ذكروا عليّا

وشبليه وفاطمة الزّكيّة

يقال تجاوزوا يا قوم هذا

فهذا من حديث الرافضيّه

هربت من المهيمن من أناس

يرون الرّفض حبّ الفاطميّه

على آل الرسول صلاة ربي

ولعنته لتلك الجاهليه

وقال يرثي الحسينعليه‌السلام من قصيدة :

تأوّب همّي والفؤاد كئيب

وأرّق نومي والرقاد غريب

ومما نفى همّي وشيّب لمّتي

تصاريف أيام ، لهنّ خطوب

فمن مبلغ عني الحسين رسالة

وإن كرهتها أنفس وقلوب

يصلىّ على المبعوث من آل هاشم

ويغزى بنوه ، إنّ ذا لعجيب

لئن كان ذنبي حبّ آل محمّد

فذلك ذنب لست عنه أتوب

هم شفعائي يوم حشري وموقفي

إذا ما بدت للناظرين خطوب

وقالرحمه‌الله :

لقد كتموا آثار آل محمّد

محبّيهم خوفا ، وأعداؤهم بغضا

فأبرز من بين الفريقين نبذة

بها ملأ الله السموات والأرضا

وقال الشيخ أبو بكر بن عربي :

رأيت ولائي آل طه فريضة

على رغم أهل البعد يورثني القربا

فما طلب المبعوث أجرا على الهدى

بتبليغه ، إلا المودة في القربى

وقال أحدهم في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام ومعاداة أعدائهم :

يا بني الزهراء والنور الّذي

ظنّ موسى أنه نار قبس

لا أوالي الدهر من عاداكم

إنه آخر آي من (عبس)

يشير بذلك إلى قوله تعالى :( أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) (٤٢) [عبس : ٤٢].

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735