موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 27%
الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 487312 / تحميل: 5756
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

٢٣٨ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ثورة الحسين في الوجدان الشعبي لمحمد مهدي شمس الدين ص ٣١٩)

روى أبو حمزة الثّمالي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليه‌السلام فإنه فيه مأجور.

ويبدو أن السرّ في مشروعية هذا البكاء وهذا الجزع ، مع كراهة ما عداه وتحريم بعض أفراده ، هو أن هذا البكاء والجزع ليس أمرا شخصيا يتعلق بعاطفة بشرية تتفجر بالأسف على ما فات ، وإنما هو حزن على قضية دينية عامة ، تتمثل بالإمام الحسينعليه‌السلام وثورته. فالحزن هنا ليس موقفا عاطفيا ، وإنما هو موقف مبدئي يعبّر المؤمن فيه عن التحامه به واعتناقه له ، بهذا التعبير العاطفي.

ولنعم من قال :

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنما عيني لأجلك باكيه

تبتلّ منكم كربلا بدم ولا

تبتلّ مني بالدموع الجاريه

أنست رزيّتكم رزايانا التي

سلفت وهوّنت الرزايا الآتيه

وفجائع الأيام تبقى مدة

وتزول ، وهي إلى القيامة باقيه

٣ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام ومراسم الحزن

يوم عاشوراء

٢٣٩ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام والحزن عليه :

(المجالس السنيّة للسيد محسن الأمين ، ج ١ ص ٣ و ٤ ط ٣)

يقول العلامة المجتهد السيد محسن الأمين عليه الرحمة والرضوان :

لا يخفى أنه قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لمن بذل نفسه في أسمى المقاصد وأنفع الغايات. وجرت على ذلك جميع الأمم في كل عصر وزمان.

وإن سيدنا ومولانا الإمام ابن الإمام أخا الإمام أبا الأئمة ، الحسين الشيهد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أحد ريحانتي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسبطيه وخليفته في أمته ، من أعاظم رجال الإسلام ، بل من أعاظم رجال الكون. فقد جمع

٢٤١

إلى شريف نسبه وكريم عنصره ، وبنوّته لسيد الأنبياء ولسيد الأوصياء وللبضعة الزهراء سيدة النساء صلوات الله عليهم ، أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ، وقام بما لم يسمع بمثله قبله ولا بعده ، من بذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين وإظهار فضائح المنافقين. وأظهر من إباء الضيم وعزة النفس والشجاعة والبسالة والصبر والثبات ما بهر العقول.

ومصيبته وكيفية شهادتهعليه‌السلام من أفظع ما صدر في الكون ، مع أنه ابن بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لم يكن على وجه الأرض ابن بنت غيره.

وقد حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى لتلك المصيبة قبل وقوعها ، وكذلك آله الأئمة الأطهارعليهم‌السلام كانت سيرتهم تجديد الأحزان لذكرى تلك الفاجعة الأليمة ، حتّى قال الإمام الرضاعليه‌السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه ، حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقد ندبواعليهم‌السلام إلى ما ندب إليه العقل ، في حق كل محبّ مع حبيبه ، من الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم. واقتدى بهم في ذلك شيعتهم وأولياؤهم ، فجدّدوا ذكرى مصيبة الحسينعليه‌السلام وكيفية شهادته ، التي تكاد أن تفتّت الصخور ، فضلا عن الأكباد والقلوب ، لا سيما في عشرة المحرم التي وقعت فيها تلك المصائب الفادحة.

٢٤٠ ـ حرمة الجرح واللطم المؤذي :

(المصدر السابق)

إلى أن يقولرحمه‌الله : كما أن ما يفعله جملة من الناس ، من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن ، إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه بسوء الأفعال ، فذلك مما يغضب الحسينعليه‌السلام ويبعد عنه ، لا

مما يقرّب إليه. فهوعليه‌السلام قد قتل في سبيل الإحياء لدين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه الأعمال مما نهى عنها دين جده ، فكيف يرضى بها ، وتكون مقرّبة إليه تعالى ، والله تعالى لا يطاع من حيث يعصى

وهكذا ما يجري من التمثيل والتشبيه للوقعة ، فإنه في نفسه مشتمل على كثير من المحرّمات ، وموجب لهتك الحرمة ، وفتح باب القدح للذين يحاولونه بما استطاعوا ، فيكون منهيّا عنه بقوله : ولا تكونوا شينا علينا.

٢٤٢

٢٤١ ـ إظهار الحزن والمصيبة يوم العاشر من المحرم :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٣٩)

عن المفيد في (مسارّ الشيعة) قال : وفي العاشر من المحرم قتل الحسينعليه‌السلام ، وجاءت الرواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام باجتناب الملاذّ فيه ، وإقامة سنن المصائب ، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس ، والتغدّي بعد ذلك بما يتغدّى به أصحاب المصائب كالألبان وما أشبهها ، دون اللذيذ من الطعام والشراب.

٢٤٢ ـ إقامة الذكرى والحزن على الحسينعليه‌السلام :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٨)

روى الصدوق مسندا إلى الرضاعليه‌السلام قال : كان أبي صلوات الله عليه وآله ، إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلبه حتّى تمضي منه عشرة أيام.فإذا كان يوم العاشر ، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، وكان يقول هذا اليوم الّذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام .

يقول السيد نعمة الله الجزائري : يظهر من هذا الخبر ومما روي بمعناه ، أن ما يفعله عوامنا في عشرة أيام المحرم ، من اجتناب أكثر الملاذّ والتشبه بأهل المصيبة ، في المأكل والملبس ودخول الحمام ، وترك حلق الرأس وغير ذلك ، ليس هو بدعة ، بل هو ثواب جزيل ، واشتراك لأهل البيتعليه‌السلام في مصابهم.

٢٤٣ ـ حديث الإمام الرضاعليه‌السلام لابن شبيب عن يوم العاشر من المحرّم :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٢ ط بيروت)

عن الريان بن شبيب ، قال : دخلت على الإمام الرضاعليه‌السلام في أول يوم من المحرم ، فقال لي : يابن شبيب أصائم أنت؟. فقلت : لا. فقال : إن هذا اليوم هو اليوم الّذي دعا فيه زكرياعليه‌السلام ربهعزوجل ، فقال :( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ) (٣٨) [آل عمران : ٣٨] فاستجاب الله له ، وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب( أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ) [آل عمران : ٣٩]. فمن صام هذا اليوم ، ثم دعا اللهعزوجل ، استجاب الله له كما استجاب لزكرياعليه‌السلام .

ـ حرمة شهر المحرم :

ثم قالعليه‌السلام : يابن شبيب ، إن المحرّم هو الشّهر الّذي كان أهل الجاهلية فيما

٢٤٣

مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ، ولا حرمة نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لقد قتلوا في هذا الشّهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا.

يابن شبيب ، إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنه ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، ما لهم في الأرض شبيهون. ولقد بكت السموات السبع والأرضون لقتله. ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم : يا لثارات الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، لقد حدثني أبي عن أبيه عن جدهعليه‌السلام أنه لما قتل جدي الحسينعليه‌السلام مطرت السماء دما وترابا أحمر.

يابن شبيب ، إن بكيت على الحسينعليه‌السلام حتّى تصير دموعك على خديك ، غفر الله كل ذنب أذنبته ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تلقى اللهعزوجل ولا ذنب عليك ، فزر الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله ، فالعن قتلة الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسينعليه‌السلام فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولّى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.

٢٤٤ ـ حرمة الشهر الحرام ، واستحلال دماء أهل البيتعليهم‌السلام فيه :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٨ ط نجف)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام قال : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون القتال فيه ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا. أرض كرب

٢٤٤

وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

٢٤٥ ـ الحزن يوم عاشوراء سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٥٠)

من السنّة النبوية إظهار الحزن يوم عاشوراء والبكاء فيه لمصرع أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وذلك لأمرين :

أولا : لأن في ذلك مواساة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لو كان حيا لتقبّل من المؤمنين التعازي لمقتل سبطه وريحانته من الدنيا الحسين بن فاطمةعليه‌السلام . وكما قال الشريف الرضي :

لو رسول الله يحيا بعده

جلس اليوم لديه للعزا

بل لو بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسنعليهم‌السلام ، لقعدوا لعزائه والحزن عليه ، وبكوه باللوعة والأسى والدموع والحسرات :

ميّت تبكي له فاطمة

وأبوها وعليّ ذو العلا

ولقد ثبت أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أخبره جبرئيل بمقتل الحسينعليه‌السلام حزن عليه وجزع ، وأقام المأتم من أجله في مجمع أصحابه ، وبكى عليه الصحابة.

ثانيا : وقد ثبت عن أئمة أهل البيت النبوي ، وهم قدوة المسلمين وأسوتهم ، أنهم أقاموا المآتم في مثل هذا اليوم ، بل في كل وقت. وحزنوا وبكوا لهذه الفاجعة ، وحثّوا أتباعهم على ذلك.

فحري بنا الاقتداء بهم والسير على منوالهم ، لأنهم سفينة نوح من ركبها نجا ، وباب حطّة من دخله كان آمنا ، وأحد الثّقلين من تمسّك بهم لم يضل أبدا.

وكيف لا يحزن المؤمن على إمام الدين وعلم اليقين وقدوة المسلمين ، الّذي قدّم نفسه قربانا للدين ، ودفاعا عن الإسلام والمسلمين ، وحفاظا على الفضيلة واليقين.إذ لو لا تضحية الحسينعليه‌السلام لا نمحت آثار الدين ، وتقوّضت أعمدة اليقين ، واندثرت معالم الإسلام المبين. فكل مسلم اليوم مدين له بالحق والإكرام ، إذ لولاه ما بقي مسلم ولا إسلام.

٢٤٥

اتخاذ بني أميّة يوم عاشوراء يوم عيد وفرح

٢٤٦ ـ اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح سنّة أموية :

(المصدر السابق ، ص ١٥١)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين :

أما اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح وسرور ، وإجراء مراسم الأعياد فيه ، من طبخ الحبوب وشراء الألبان ، والاكتحال والزينة ، والتوسعة على العيال ، فهي سنّة أموية حجّاجية ، لا يرضاها الله ولا رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهي من أقبح البدع وأشنعها.

وقد اختلق بعض علماء السوء وأعوان الظلمة شيئا من الأحاديث في فضل يوم عاشوراء ، وذلك في عهد الملك العضوض ، عداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته ، ومراغمة لشيعتهم ومحبيهم ، وتبعهم من تبعهم غفلة عن حقيقة الحال. وكيف يرضى المسلم لنفسه أن يفرح في يوم قتل فيه ابن بنت نبيه ، وفي يوم يحزن فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته.

ولم يكن جعل يوم عاشوراء عيدا معروفا في الديار المصرية إلا بدعة باطلة ، أول من أدخلها صلاح الدين الأيوبي ، كما حكاه المقريزي في خططه. والظاهر أن الباعث عليه كان أمرا سياسيا ، وهو مراغمة العلويين الذين سلبهم صلاح الدين ملكهم ، فقصد إلى محو كل أثر لهم.

٢٤٧ ـ احتفال بني أمية بالأفراح يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٦)

في (نفس المهموم) عن أبي الريحان البيروني في (الآثار الباقية) قال : وكانوا يعظّمون هذا اليوم (أي يوم عاشوراء) إلى أن اتفق فيه قتل الحسين بن عليعليه‌السلام وفعل به وبهم ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ؛ من القتل بالعطش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس وإجراء الخيول على الأجساد ، فتشاءموا به. فأما بنو أمية فقد لبسوا فيه ما تجددوا وتزينوا واكتحلوا وعيّدوا ، وأقاموا الولائم والضيافات وطعموا الحلاوات. وجرى الرسم في العامة على ذلك ، في أيام ملكهم ، وبقي فيهم بعد زواله عنهم.

٢٤٦

وأما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون أسفا لقتل سيد الشهداءعليه‌السلام فيه ، ويظهرون ذلك بمدينة السلام (أي بغداد) وأمثالها من المدن والبلاد ، ويزورون فيه التربة المسعودة بكربلاء. ولذلك كره فيه الشيعة تجديد الأواني والأثاث.

٢٤٨ ـ المحبة الزائفة والتناقض العجيب ، صفة متعصّبي السنة :

(كتاب «التعجب» بذيل كنز الفوائد للكراجكي ، ص ٣٤٨)

يقول الكراجكي : ومن عجيب أمرهم دعواهم محبة أهل البيتعليهم‌السلام مع ما يفعلون يوم المصاب بالحسينعليه‌السلام من المواظبة على البر والصدقة والمحافظة على البذل والنفقة ، والتبرك بشراء ملح السنة ، والتفاخر بالملابس المنتخبة ، والمظاهرة بتطيّب الأبدان ، والمجاهرة بمصافحة الإخوان ، والتوفر على المزاورة والدعوات. واعتذارهم بأنه يوم ليس كالأيام ، وأنه مخصوص بالمناقب العظام.ويدّعون أن اللهعزوجل تاب فيه على آدمعليه‌السلام ، فكيف وجب أن يقضى فيه حق آدم فيتخذ عيدا ، ولم يجز أن يقضى حق سيد الأولين والآخرين محمّد خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مصابه بسبطه وولده وريحانته وقرة عينه ، وبأهله الذين أصيبوا ، وحريمه الذين سبوا وهتكوا!.

ويحكى أن رجلا قال للإمام زين العابدينعليه‌السلام : إنا لنحبّكم أهل البيت.فقالعليه‌السلام : أنتم تحبّون حبّ السّنّورة (أي القطة) ، من شدة حبّها لولدها تأكله!.

٢٤٩ ـ أهل الشام يطبخون الحبوب ويتخذون يوم عاشوراء عيدا لهم :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٩)

يقول ابن كثير : وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء ، النواصب من أهل الشام ، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ، ويغتسلون ويتطيّبون ويلبسون أفخر ثيابهم ، ويتخذون ذلك اليوم عيدا ، يصنعون فيه أنواع الأطعمة ، ويظهرون السرور والفرح ، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم.

(أقول) : وبعد أن يعترف ابن كثير بما سبق ، يردّ ردّا شديدا على الذين يقيمون ذكرى مقتل الحسينعليه‌السلام ، وذلك لتعصبه الشديد الّذي فاق تعصّب أهل الشام.ويحضرني في هذا المقام أن أذكر أبيات مهذب الدين أحمد بن منير الطرابلسي في قصيدته (التترية) حيث يقول :

٢٤٧

وحلقت في عشر المحرّ

م ما استطال من الشّعر

ونويت صوم نهاره

وصيام أيام أخر

ولبست فيه أجلّ ثو

ب للملابس يدّخر

وسهرت في طبخ الحبو

ب من العشاء إلى السّحر

وغدوت مكتحلا أصا

فح من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطري

ق أقصّ شارب من عبر

٢٤٩ ـ الاكتحال على الحسينعليه‌السلام :(ذيل الروضتين لابي شامة ، ص ١١)

في سنة ٥٩٣ ه‍ توفي أحمد بن عيسى الهاشمي والد الواثق بالله ، ويعرف بابن الغريق. وكان شاعرا فاضلا ، فمن شعره ما اعتذر به عن الاكتحال يوم عاشوراء ، قال :

لم أكتحل في صباح يوم

أريق فيه دم الحسين

إلا لحزني وذاك أني

سوّدت حتّى بياض عيني

٢٥٠ ـ تحويل بني أمية يوم عاشوراء إلى يوم بركة :

(علل الشرائع للشيخ الصدوق ، ج ١ ص ٢٢٦)

قال عبد الله بن الفضل الهاشمي : فقلت للصادقعليه‌السلام : يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف سمّت العامة يوم عاشوراء يوم بركة؟. فبكىعليه‌السلام ثم قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام تقرّب الناس بالشام إلى يزيد ، فوضعوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال. فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم ، وأنه يوم بركة ، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه. حكم الله فيما بيننا وبينهم.

أحاديث موضوعة في فضل يوم عاشوراء

٢٥١ ـ جملة من الأحاديث الموضوعة في فضل يوم عاشوراء :

روى الخوارزمي في مقتله (ج ٢ ص ١ ـ ٤ ط نجف) جملة من الأحاديث التي لا يبعد أن يكون الأمويون قد وضعوها حسب مخططهم في تزييف الحقائق وصرف الناس عن جريمتهم المنكرة في كربلاء. ونحن نسوقها مع تعليق الرواة عليها.

٢٤٨

ـ فضائل يوم عاشوراء :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١ و ٢ ط نجف)

روى شيخ السنّة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي ، عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام يوم عاشوراء كتبت له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها.ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع سموات ، ومن أفطر عنده مؤمنا يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن أشبع جائعا يوم عاشوراء رفعت له بكل شعرة من رأسه درجة في الجنة. فقال عمر : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقد فضّلنا اللهعزوجل في يوم عاشوراء؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم ، خلق الله السموات في يوم عاشوراء ، وخلق الكرسي فيه ، وخلق الجبال فيه ، والنجوم كمثله ، وخلق القلم فيه ، واللوح كمثله ، وخلق جبرئيلعليه‌السلام فيه ، وخلق الملائكة كمثله ، وخلق آدم فيه ، وحواء كمثله ، وخلق الجنة فيه ، وأسكن آدم الجنة فيه ، وولد إبراهيم خليل الرحمن في يوم عاشوراء ، ونجّاه الله من النار فيه ، وفداه فيه ، وأغرق فرعون فيه ، ورفع إدريس فيه ، وكشف الله الكرب عن أيوب فيه ، ورفع عيسى بن مريم فيه ، وولد فيه ، وتاب الله على آدم فيه ، وغفر ذنب داود فيه ، وأعطي سليمان ملكه فيه ، وولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ، واستوى الرب على العرش فيه ، وتقومالقيامة في يوم عاشوراء.

قال شيخ السنة أبوبكر البيهقي : هذا حديث منكر ، وإسناده ضعيف ، وفي متنه ما لا يستقيم ، وهو ما روي فيه من خلق السموات والأرضين والجبال كلها في يوم عاشوراء ، والله يقول :( اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) [الأعراف : ٥٤]. ومن المحال أن تكون هذه الستة كلها في يوم عاشوراء. فدل ذلك على ضعف هذا الخبر ، والله أعلم.

(أقول) : وقد روي فيه ولادة نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم عاشوراء ، وهذا لم يثبت أبدا ، إذ المجمع عليه ولادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ربيع الأول.

ولا يبعد أن يكون بنو أمية قد وضعوا مثل هذه الأحاديث ، ليصرفوا الناس عن الحزن في يوم عاشوراء لمصاب الحسينعليه‌السلام . أما ما جاء في أول الحديث من استحباب الصوم فيه ، فإن الصوم عندنا في يوم العاشر غير مستحب ، لكن يستحب الإمساك فيه إلى الظهر تأسّيا بجوع الحسينعليه‌السلام وعطشه ، ثم الإفطار على زاد الحسينعليه‌السلام كما سترى.

٢٤٩

ـ عدم صحة أحاديث فضل يوم عاشوراء :

(أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب لحوت البيروتي ، ص ٢٧٧)

وأما غير ذلك مما اشتهر فعله في يوم عاشوراء ، كالاكتحال والتزيّن باللباس وغيره ، وزيارة العلماء والإخوان ونحو ذلك من الأمور الحسنة ، فلم يصحّ منها شيء ، بل هي من وضع قتلة الحسينعليه‌السلام اتخذوه عيدا ، كما اتخذه الروافض يوم حزن.

وكذا ما يذكر في كتب الترغيب ، أن آدم تاب الله عليه يوم عاشوراء ، ونوحا نجّاه الله يوم عاشوراء ، وإبراهيم نجاه الله من النار يوم عاشوراء ، وأيوب عافاه الله يوم عاشوراء ، ويونس أخرجه الله من بطن الحوت يوم عاشوراء ، ويعقوب اجتمع بيوسف يوم عاشوراء ، والتوراة نزلت يوم عاشوراء ، وما أشبه ذلك من الأخلاط ؛ فكله كذب لا أصل له.

٢٥٢ ـ إخبار ميثم التمّار بشهادة الحسينعليه‌السلام في عشر المحرم ، ومن يتخذه يوم بركة :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٠ ط بيروت)

حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر الصدوق ، قال : حدثنا عن جبلة المكية ، قالت : سمعت الميثم التمار يقول : والله لتقتلنّ هذه الأمة ابن نبيّها في المحرم ، لعشر مضين منه ، وليتخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة. وإن ذلك لكائن ، قد سبق في علم الله تعالى ذكره. أعلم ذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام .ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شيء ، حتّى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء. وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

ثم قالعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

ـ أخبار مكذوبة :

قالت جبلة : فقلت له : يا ميثم ، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الّذي يقتل فيه

٢٥٠

الحسين بن عليعليهما‌السلام يوم بركة؟. فبكى ميثم ، ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدمعليه‌السلام ، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي قبل الله فيه توبة داودعليه‌السلام ، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت ، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة. ويزعمون أنه اليوم الّذي استوت فيه سفينة نوحعليه‌السلام على الجوديّ ، وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل ، وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول.

ثم قال ميثم : يا جبلة ، اعلمي أن الحسين بن عليعليهما‌السلام سيد الشهداء يوم القيامة ، ولأصحابه على سائر الشهداء درجة.

يا جبلة ، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط ، فاعلمي أن سيدك الحسينعليه‌السلام قد قتل.

قالت جبلة : فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، فصحت حينئذ وبكيت ، وقلت : قد والله قتل سيدنا الحسين بن عليعليهما‌السلام .

صيام يوم عاشوراء

٢٥٣ ـ هل يجوز صيام يوم عاشوراء؟ :

(البحار ، ج ٤٥ ص ٩٤ ط ٣)

في (الكافي) للكليني حدثنا جعفر بن عيسى ، قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن صوم عاشورا ، وما يقول الناس فيه؟ فقال : عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسينعليه‌السلام . وهو يوم يتشاءم به آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتشاءم به أهل الإسلام. واليوم الّذي يتشاءم به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به.

٢٥٤ ـ هل يصام يوم تاسوعاء ويوم عاشوراء؟ :

(الكافي للكليني : باب صوم عرفة وعاشوراء)

عن أبان عن عبد الملك ، قال : سألت الإمام الصادقعليه‌السلام عن صوم تاسوعا

٢٥١

وعاشورا من شهر المحرم؟ فقال : تاسوعا يوم حوصر فيه الحسينعليه‌السلام وأصحابه بكربلا

ثم قالعليه‌السلام : وأما يوم عاشورا فيوم أصيب فيه الحسينعليه‌السلام صريعا بين أصحابه ، وأصحابه حوله صرعى عراة. أفصوم يكون في ذلك اليوم؟. كلا ورب البيت ما هو يوم صوم ، وما هو إلا يوم حزن ومصيبة ، دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين. ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام ، غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم (يقصد الذين يقلدونهم في ذلك الفرح أو يوافقونهم على عملهم ولا يستنكرونه). وذلك يوم بكت [فيه] جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام. فمن صامه أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ، ممسوخ القلب مسخوطا عليه. ومن ادّخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه ، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده ، وشاركه الشيطان في جميع ذلك.

٢٥٥ ـ الصيام والتبرك في يوم عاشوراء سنّة باطلة :

(أمالي الشيخ الطوسي ، ص ٦١)

عن صفوان ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : سألته عن صوم يوم عاشورا؟. فقالعليه‌السلام : ذاك يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، فإن كنت شامتا فصم.

ثم قالعليه‌السلام : إن آل أمية ومن أعانهم على قتل الحسينعليه‌السلام من أهل الشام ، نذروا نذرا إن قتل الحسينعليه‌السلام وسلم من خرج إلى الحسينعليه‌السلام وصارت الخلافة في آل أبي سفيان ، أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم ، يصومون فيه شكرا.فصارت في آل سفيان سنّة إلى اليوم في الناس ، واقتدى بهم الناس جميعا لذلك.فلذلك يصومونه ، ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح في ذلك اليوم.

٢٥٦ ـ صوم يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٨٧)

قال ابن وهب للصادقعليه‌السلام : فما قولك في صومه من غير تبييت؟.فقالعليه‌السلام : لا تجعله صوم يوم كامل ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من الماء ، فإنه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسولعليهم‌السلام وانكشفت الغمة عنهم. ومنهم ثلاثون قتيلا ، من مواليهم ومن أهل البيتعليهم‌السلام .

٢٥٢

يقول السيد محمّد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان) ج ٢ ص ٩ :

على أن لحوق يوم عاشوراء في وجوب الصوم أو استحبابه ، ككونه عيدا من الأعياد الإسلامية ، مما ابتدعه بنو أمية ، حيث أبادوا فيه ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ، بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم ونهب أموالهم في وقعة الطف ، ثم تبرّكوا باليوم فاتخذوه عيدا وشرّعوا صومه تبركا به ، ووضعوا له فضائل وبركات ، ودسّوا أحاديث تدل على أنه كان عيدا إسلاميا ، بل من الأعياد العامة التي كانت تعرفه عرب الجاهلية واليهود والنصارى منذ بعث موسى وعيسىعليهما‌السلام ؛ وكل ذلك لم يكن.

٢٥٧ ـ ما يستحب يوم عاشوراء :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ١٥٢)

يقول السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

ومن السّنّة يوم عاشوراء ترك السعي في الحوائج ، وترك ادخار شيء فيه.

روى الصدوق في (الأمالي) بسنده عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء ، قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة. ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل اللهعزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه. ومن سمّى يوم عاشورا يوم بركة ، وادّخر فيه لمنزله شيئا ، لم يبارك له فيما ادخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد ، إلى أسفل درك من النار.

٤ ـ فلسفة المآتم الحسينية

٢٥٨ ـ فلسفة المآتم الحسينية للفيلسوف الألماني [ماربين] في كتابه (السياسة الإسلامية):

(المجالس الفاخرة للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٣٧)

هذا مقتطف من الكلمة المترجمة للمسيو ماربين الألماني ، وقد نشرتها جريدة (حبل المتين) الفارسية في العدد ٨٢ من أعداد سنة ١٧ ، وعرّبها السيد صدر الدين بن السيد إسماعيل الصدر الموسوي ، وقد أخذناها من كتاب السيد عبد الحسين شرف الدين : (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة) طبع مطبعة العرفان بصيدا ، عام ١٣٣٢ ه‍ :

٢٥٣

(قال) : إن عدم معرفة بعض مؤرخينا بحقيقة الحال ، أوجب أن ينسبوا في كتبهم طريقة إقامة الشيعة لعزاء الحسين إلى الجنون. ولكن جهلوا مقدار تغيير هذه المسألة وتبديلها في الإسلام ، فإنا لم نر في سائر الأقوام ما نراه في شيعة الحسين من الحسّيات السياسية والثورات المذهبية ، بسبب إقامة عزاء الحسين. وكل من أمعن النظر في رقي شيعة علي الذين جعلوا إقامة عزاء الحسين شعارهم في مدة مئة سنة ، يذعن أنهم فازوا بأعظم الرقي ، فإنه لم يكن قبل مئة سنة من شيعة علي والحسين في الهند إلا ما يعدّ على الأصابع ، واليوم هم في الدرجة الثالثة من حيث الجمعية إذا قيسوا بغيرهم ، وكذلك هم في سائر نقاط الأرض. وإذا قسنا دعاتنا مع تلك المصاريف الباهظة والقوة الهائلة ، والشيعة ترى دعاتنا لم يحظوا بعشر ترقّيات هذه الفرقة ، وإن كان قسسنا يحزّنون القلوب بذكر مصائب المسيح ، ولكن لا بذلك الشكل والأسلوب المتداول بين شيعة الحسين ، ويغلب على الظن أن سبب ذلك هو أن مصائب الحسين أشد حزنا وأعظم تأثيرا من مصائب المسيح. فعلى مؤرخينا أن يعرفوا حقيقة رسوم الأغيار وعاداتهم ولا ينسبوها إلى الجنون. وإني أعتقد بأن بقاء القانون الإسلامي وظهور الديانة الإسلامية وترقي المسلمين هو مسبّب عن قتل الحسين ، وحدوث تلك الوقائع المحزنة. وهكذا ما تراه اليوم بين المسلمين من حسن السياسة وإباء الضيم ، ما هو إلا بواسطة عزاء الحسين. وما دامت في المسلمين هذه الملكة والصفة ، لا يقبلون ذلا ولا يدخلون في أسر أحد.

ينبغي لنا أن ندقق النظر فيما يذكر من النكات الدقيقة الحيوية في مجالس إقامة عزاء الحسين ، ولقد حضرت دفعات في المجالس التي يذكر فيها عزاء الحسين في (إسلامبول) مع مترجم ، وسمعتهم يقولون : الحسين الّذي كان إمامنا ومقتدانا ومن تجب طاعته ومتابعته علينا ، لم يتحمل الضيم ولم يدخل في طاعة يزيد ، وجاد بنفسه وعياله وأولاده وأمواله في سبيل حفظ شرفه وعلو حسبه ومقامه ، وفاز في مقابل ذلك بحسن الذكر والصيت في الدنيا والشفاعة يوم القيامة والقرب من الله ، وأعداؤه قد خسروا الدنيا والآخرة. فرأيت بعد ذلك وعلمت أنهم في الحقيقة يدرّس بعضهم علنا ، بأنكم إن كنتم من شيعة الحسين وأصحاب شرف ، إن كنتم تطلبون السيادة والفخر ، فلا تدخلوا في طاعة أمثال يزيد ، ولا تتحملوا الذل ، بل اختاروا الموت بعزّة على الحياة بذلة ، حتّى تفوزوا بحسن الذكر في الدنيا والآخرة وتحظوا بالفلاح.

٢٥٤

من المعلوم حال الأمة التي تلقى عليها أمثال هذه التعاليم من المهد إلى اللحد ، في أي درجة تكون في الملكات العظيمة والسجايا العالية. إنها تحوي كل نوع من أنواع السعادة والشرف ، ويكون جميع أفرادها جندا مدافعين عن عزهم وشرفهم.هذا هو التمدن الحقيقي اليوم هذا هو طريق تعليم الحقوق هذا هو معنى تدريس أصول السياسة.

٢٥٩ ـ الخواطر التي تبعثها فينا ذكرى الحسينعليه‌السلام وشهادته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٧٣)

يقول الدكتور علي الشلق : خلافة الحسين بن عليعليهما‌السلام التي دخلت في التاريخ العربي الاسلامي ، وأصبحت نقطة هامة في مجرى التاريخ الانساني العام ، تثير في ذهن المطّلع احتداما من نوع خاص ، مشوبا بالألم واليأس والاشمئزاز والكبرياء والثورة.

الألم : مشاركة لأولئك الذين يذكرونه ، ويألمون من أعماق الوجدان لألمه ، وألم ذويه.

واليأس : من هذا الانسان في خداعه وزوره وخيانته وهمجيته ، كائنا من كان ، والوصول إلى درجة الانهيار ، قنوطا من أمل في صلاح البشرية.

والاشمئزاز : من إنسان تافه حقير ، يؤازره فريق من صنفه ، فيلطخ جبين الانسانية والشرف ، بالخزي والعار.

والكبرياء : تلك الصفة التي تشمخ على أنوف الأعزاء الأبطال من الناس ، فيتعالون فوق الجرائم ، ويهدفون إلى الأسمى.

والثورة : هذه الوسيلة النبيلة البطولية والطريقة الانسانية الإلهية ، للاندفاع كالبراكين في وجه كل ظالم مهين ، وتحطيم كل حاجز يمنع الإنسان الفرد ، من أن يعيش بكرامة وحرية ، ونظام شريف ، ويمنع الانسانية من أن تتقدم وتستعلي.

٢٦٠ ـ إقامة الذكرى لمقتل الحسينعليه‌السلام والبكاء عليه كل عام :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٢٧ ـ ١٣٠)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين الحسيني العامليرحمه‌الله :

٢٥٥

قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم ، وإظهار الحزن عليهم ، لا سيما من بذل نفسه وجاهد حتّى قتل ، لمقصد سام وغاية نبيلة. وقد جرت على ذلك الأمم في كل عصر وزمان ، وجعلته من أفضل أعمالها وأسنى مفاخرها.

فحقيق بالمسلمين بل جميع الأمم ، أن يقيموا الذكرى في كل عام للحسين ابن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، فإنه من عظماء الرجال وأعاظمهم في نفسه ، ومن الطراز الأول. جمع أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ؛ علما وفضلا ، وزهادة وعبادة ، وشجاعة وسخاء ، وسماحة وفصاحة ، ومكارم أخلاق ، وإباء للضيم ، ومقاومة للظلم. وقد جمع إلى كرم الحسب شرف العنصر والنسب ، فهو أشرف الناس أبا وأمّا وجدا وجدة وعمّا وعمة وخالا وخالة وقد جاهد لنيل أسمى المقاصد وأنبل الغايات ، وقام بما لم يقم بمثله أحد قبله ولا بعده ، فبذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين ، وإظهار فضائح المنافقين ، واختار المنية على الدنيّة ، وميتة العزّ على حياة الذل ، ومصارع الكرام على طاعة اللئام. وأظهر من إباء الضيم وعزّة النفس ، والشجاعة والبسالة ، والصبر والثبات ، ما بهر العقول وحيّر الألباب. واقتدى به في ذلك كل من جاء بعده ، حتّى قال القائل :

وإن الألى بالطف من آل هاشم

تأسّوا فسنّوا للكرام التأسّيا

وحقيق بمن كان كذلك ، أن تقام له الذكرى في كل عام ، وتبكي له العيون دما بدل الدموع. وأي رجل في الكون قام بما قام به الحسينعليه‌السلام ؟.

ـ هل يوم عاشوراء يوم فرح أم يوم ترح؟ :(المصدر السابق ص ١٣٩)

وليس أعجب ممن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور واكتحال ، وتوسعة على العيال ، لأخبار وضعت في زمن الملك العضوض ، اعترف بوضعها النقّاد ، وسنّة سنّها الحجاج بن يوسف ، عدوّ الله وعدو رسوله. وأي مسلم تطاوعه نفسه أو يساعده قلبه على الفرح في يوم قتل ابن بنت نبيّه؟!. وريحانته وابن وصيه؟. وبما ذا يواجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبماذا يعتذر إليه؟. وهو مع ذلك يدّعي محبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله!. ومن شروط المحبة ، الفرح لفرح المحبوب ، والحزن لحزنه!.

٢٥٦

أضف إلى ذلك ما يرجوه المسلم الموحّد المقتدي بنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأجر والثواب يوم الحساب ، على الحزن والبكاء لقتل الحسينعليه‌السلام . فقد نعاه جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أصحابه ، وبكى لقتله قبل وقوعه ، وبكى له أصحابه رضوان الله عليهم وفيهم أبو بكر وعمر ، فيما رواه الماوردي الشافعي في (أعلام النبوة) ، وروته أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، وروي عنهم بالأسانيد الصحيحة. وأخبر بذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام في خروجه إلى صفين ، وبكى وأبكى. وبكى زين العابدينعليه‌السلام على مصيبة أبيه الحسينعليه‌السلام أربعين سنة.

وكان الإمام الصادقعليه‌السلام يبكي لتذكّر مصيبة الحسينعليه‌السلام ويستنشد الشعر في رثائه ويبكي. وكانعليه‌السلام إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام : إن يوم الحسينعليه‌السلام أقرح جفوننا وأسال دموعنا ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء.

وقد حثّواعليهم‌السلام شيعتهم وأتباعهم على البكاء وإقامة الذكرى لهذه الفاجعة الأليمة في كل عام. وهم نعم القدوة وخير من اتّبع ، وأفضل من اقتفي أثره ، وأخذت منه سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فهم أحد الثّقلين اللذين أمرنا باتباعهما والتمسك بهما ، ومثل باب حطّة الّذي من دخله كان آمنا ، ومفاتيح باب مدينة العلم الّذي لا تؤتى إلا منه.

٢٦١ ـ كلام السيد علي جلال الحسيني المصري :

(المصدر السابق ، ص ١٣٠)

وقال السيد علي جلال الحسيني المصري المعاصر ، في كلام له في مقدمة (كتاب الحسين) التقطنا منه هذه الكلمات ، وفيها جملة من صفات الحسينعليه‌السلام واستحسان إقامة الذكرى له ، قال :

إن الأمة التي تعنى بسير عظمائها ، ومن امتاز منها بأمر في الدين ، أو تفرّد بعمل من أعمال الدنيا ، وتعرف أخبارهم ؛ تحفظ تاريخ حياتها وتستفيد منه. والسيد الإمام أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وريحانته ، وابن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ونشأة بيت النبوة ، له أشرف نسب وأكمل نفس ، جمع

٢٥٧

الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ؛ من علوّ الهمة ومنتهى الشجاعة وأقصى غاية الجود ، وأسرار العلم وفصاحة اللسان ، ونصرة الحق والنهي عن المنكر وجهاد الظلم ، والتواضع عن عزّ ، والعدل والصبر والحلم ، والعفاف والمروءة والورع وغيرها. واختصّ بسلامة الفطرة وجمال الخلقة ، ورجاحة العقل وقوة الجسم. وأضاف إلى هذه المحامد ، كثرة العبادة وأفعال الخير ، كالصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والإحسان. وكان إذا أقام بالمدينة أو غيرها ، مفيدا بعلمه ، مرشدا بعمله ، مهذّبا بكريم أخلاقه ، مؤدّبا ببليغ بيانه ، سخيّا بماله ، متواضعا للفقراء ، معظّما عند الخلفاء ، مواصلا للصدقة على الأيتام والمساكين ، منتصفا للمظلومين ، مستقلا بعبادته.

مشى من المدينة على قدميه إلى مكة حاجّا خمسا وعشرين مرة [المسافة نحو ٥٠٠ كم]. وعاش مدة يقاتل مع أبيه أصحاب الجمل ، فجنود معاوية ، فالخوارج.فكان الحسينعليه‌السلام في وقته علم المهتدين ونور الأرض ، فأخبار حياته فيها هدى للمسترشدين بأنوار محاسنه ، المقتفين آثار فضله.

ولا شك أن الأمة تنفعها ذكرى ما أصابها من الشدائد في زمن بؤسها ، كما يفيدها تذكّر ما كسبته من المآثر أيام عزها. ومقتل الحسينعليه‌السلام من الحوادث العظيمة ، وذكراه نافعة ، وإن كان حديثه يحزن كل مسلم ، ويسخط كل عاقل.

٢٦٢ ـ من الّذي قتل الحسينعليه‌السلام ؟ :(المصدر السابق ، ص ١٣٢)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني غفر الله له :

ومن عجيب أمرهعليه‌السلام أن يقتله شيعته ، ثم يجدّدون الحزن عليه في كل بلاد المسلمين كل عام ، من يوم قتله إلى الآن.

فيردّ عليه العلامة الأمين ردّا ساحقا ، فيقول :

حاش لله أن يكون الذين قتلوا الحسينعليه‌السلام هم شيعته ، بل الذين قتلوه ؛ بعضهم خوارج ، وبعضهم أهل طمع لا يرجعون إلى دين ، وبعضهم أجلاف أشرار ، وبعضهم اتّبعوا رؤساءهم ، الذين قادهم حبّ الدنيا إلى قتاله. ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد.

أما شيعته المخلصون ، فكانوا له أنصارا ، وما برحوا حتّى قتلوا دونه ، ونصروه بكل ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم. وكثير منهم لم يتمكن من نصره ، أو لم

٢٥٨

يكن عالما بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه. أما أن أحدا من شيعته ومحبيه قاتله ، فذلك لم يكن.

وهذه هفوة من هذا السيد الّذي أجاد في أكثر ما كتبه عن الحسينعليه‌السلام في كتابه المذكور ، لكنه تبع في هذا الكلام عن سلامة نيّة ، من يريد عيب الشيعة بكل وسيلة ، ويستنكر تجديد الحزن على الحسينعليه‌السلام في كل عام.

٢٦٣ ـ مصرع الحسينعليه‌السلام عظة وقدوة :(المصدر السابق)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني ، ولنعم ما قال :

وكما أن حياة الحسينعليه‌السلام منار المهتدين ، فمصرعه عظة المعتبرين وقدوة المستبسلين. ألم تر كيف اضطره نكد الدنيا إلى إيثار الموت على الحياة ، وهو أعظم رجل في وقته ، ولا نظير له في شرقها ولا في غربها. وأبت نفسه الكريمة الضيم ، واختار السّلّة على الذلة ، فكان كما قال فيه أبو نصر بن نباتة :

والحسين الّذي رأى الموت في العزّ

حياة ، والعيش في الذل قتلا

ومع التفاوت الّذي بلغ أقصى ما يتصور بين فئته القليلة وجيش ابن زياد ، في العدد والعدد والمدد ، فقد كان ثباته ورباطة جأشه وشجاعته ، تحيّر الألباب ، ولا عهد للبشر بمثلها. كما كانت دناءة أخصامه لا شبيه لها.

وما سمع منذ خلق الله العالم ولن يسمع حتّى يفنى ، أفظع من ضرب ابن مرجانة من ابن سميّة ، بقضيب ثغر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأسه بين يديه ، بعد أن كان سيد الخلقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلثمه.

٢٦٤ ـ العدل الإلهي في مصير الحسينعليه‌السلام ومصير أعدائه :

(المصدر السابق ، ص ١٣٣)

ومن آثار العدل الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، كما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد.

وهل أمهل يزيد بن معاوية بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك في دم الحسينعليه‌السلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب؟. وأي عبرة لأولي الأبصار أعظم من كون ضريح الحسينعليه‌السلام حرما معظما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.

٢٥٩

٢٦٥ ـ العناية الإلهية بأهل البيتعليهم‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٤)

وتأمّل عناية الله في البيت النبوي الكريم ، يقتل أبناء الحسينعليهم‌السلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.

٢٦٦ ـ شتان ما بين الذهب والرغام! :(المصدر السابق)

ثم يقول : وشتان ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير!.وهل يستوي الفاسق الفاجر والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام؟. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له.واقتضت أيضا أن يبقى أثر جهاد الحسينعليه‌السلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.

٢٦٧ ـ من الّذي خذل الحسينعليه‌السلام حيّا وميّتا؟ :

(المصدر السابق ، ص ١٣٥)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني :

ومن غريب أمر شيعة الحسينعليه‌السلام أنهم خذلوه حيا ونصروه ميّتا ، فإنهم بعد قتله ندموا على ما فرّطوا في حقه ، وسمّوا أنفسهم (التوابين) ، وقاموا لأخذ ثأره ، فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد!.

فردّ عليه العلامة الأمينرحمه‌الله ، قائلا :

وأعجب منهم عموم أمة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين خذلوه حيا وميّتا ، ولم ينصروه ، ولم يستبينوا الرشد ، لا في ضحى الغد ، ولا في غيره!. فمن خذله حيا ثم ندم وتاب وطلب بثأره ، أحسن حالا ممن خذله وبقي مصرّا على ذنبه ، ولم يتب ولم يندم ، وأقام على طاعة أعداء الله. على أن هؤلاء التوابين أكثرهم لم يكن مخلىّ السّرب (أي حرا طليقا) لينصره ، بل كان محجورا عليه من قبل ابن زياد وأتباعه ، وكان لا يمكنه الوصول إليه إلا بشدة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

٣٦٩ ـ إرسال الرؤوس والسبايا إلى الشام :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٤٥)

بينما يقول الشيخ المفيد : فأرسل ابن زياد الرؤوس مع زحر بن قيس (وفي بعض الكتب : زجر ، وهو خطأ) ، وأنفذ معه أبا بردة بن عوف الأزدي وطارق بن أبي ظبيان في جماعة من أهل الكوفة ، حتى وردوا بها على يزيد ابن معاوية بدمشق.

ثم أمر ابن زياد بنساء الحسينعليه‌السلام وصبيانه فجهزوا ، وأمر بعلي بن الحسينعليه‌السلام فغلّ بغلّ إلى عنقه(١) (وفي رواية : في يديه ورقبته) على حال تقشعر منها الأبدان(٢) وتضطرب لها النفوس ، أسى وحزنا.

ثم سرّح بهم في إثر الرؤوس مع محفّر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن (وشبث بن ربعي وعمرو بن الحجاج ، وضم إليهم ألف فارس ، وحملهم على الأقتاب).

وأمرهم أن يلحقوا الرؤوس ، ويشهروهم في كل بلد يأتونها(٣) . فجدوا السير حتى لحقوا بهم في بعض المنازل. ولم يكن علي بن الحسينعليهما‌السلام يكلّم أحدا من القوم في الطريق كلمة ، حتى بلغوا دمشق. فلما انتهوا إلى باب يزيد ، رفع محفّر بن ثعلبة صوته فقال : هذا محفّر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة. فأجابه علي بن الحسينعليهما‌السلام فقال : ما ولدت أم محفّر أشرّ وألأم!.

وفي (جمهرة النسب) لابن الكلبي ، ج ١ ص ١٧٢ ، قال : منهم محفّز بن ثعلبة الّذي ذهب برأس الحسينعليه‌السلام إلى الشام ، وقال : أنا محفّز بن ثعلبة جئت برؤوس اللئام الكفرة!. فقال يزيد بن معاوية : ما تحفّزت عنه أم محفّز ألأم وأفجر.

٣٧٠ ـ مسير الرؤوس والسبايا إلى الشام :

(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد ، ص ٣٨)

وقال أبو مخنف : ثم استدعى اللعين عبيد الله بالشمر وخولي وشبث وحجر [لعله تصحيف : حجّار بن أبجر] وضم إليهم ألفا وخمسمائة فارس وزوّدهم ، وضم إليهم

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٤ ؛ والخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٨.

(٢) تاريخ القرماني ، ص ١٠٨. وخالف ابن تيمية ضرورة التاريخ ، فقال كما في (المنتقى من منهاج الاعتدال) للذهبي ، ص ٢٨٨ : سيّر ابن زياد حرم الحسين بعد قتله إلى المدينة.

(٣) المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٩ ط ٢.

٣٢١

الأسارى والحرم والرؤوس ، وبعثهم إلى دمشق. وأمرهم بإشهار الحرم والرؤوس في الأمصار.

٣٧١ ـ من كان رئيس العسكر الذين سيّروا الرؤوس والسبايا إلى الشام؟ :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٣)

يقول الفاضل الدربندي : إن محفّر بن ثعلبة كان هو المسلّم إليه الرؤوس الشريفة والحرم ، وهو كان رئيسا على الحراس والمستحفظين للرؤوس والحرم. وأما أمير المعسكر ورئيس الكل فهو خولي ، حين خروجهم من الكوفة. أما ابن سعد فقد كان عند خروجهم إلى الشام مقيما في الكوفة ومتخلفا عن العسكر.

أما عدد العسكر الذين أرسلوا مع الرؤوس والسبايا ، فكان ألفين أو أكثر ، منهم خمسون كانوا مسؤولين عن الرأس الشريف.

٣٧٢ ـ وصول رأس الحسينعليه‌السلام قبل غيره إلى دمشق مع رسالة :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٣٦)

وسبق زحر بن قيس الجعفي برأس الحسينعليه‌السلام إلى دمشق ، حتى دخل على يزيد ، فسلّم عليه ودفع إليه كتاب عبيد الله بن زياد.

قال : فأخذ يزيد كتاب عبيد الله بن زياد ، فوضعه بين يديه. ثم قال : هات ما عندك يا زحر. فقال زحر : أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله عليك وقصّ عليه ما حصل في كربلاء باختصار.

(أقول) : لعل سبب الإسراع بإيصال الرأس الشريف إلى دمشق هو أمران :

١ ـ الإسراع في أخذ الجائزة.

٢ ـ الخوف من سرقة الرأس في الطريق.

والأمر الأخير يبيّن لنا سبب الحراسة الشديدة التي كانت على الرؤوس ، فقد بعث ابن زياد جيشا كاملا قوامه ألفان من العسكر ليحرسوا [١٧] رأسا من أعيان الشهداء ، وحوالي ستين شخصا من السبايا.

٣٧٣ ـ كيف سيّروا السبايا على المطايا إلى الشام؟ :

قال المازندراني في (معالي السبطين) : اختلف في كيفية حمل السبايا.

قال ابن عبد ربه في (العقد الفريد) : وحمل أهل الشام بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا على أحقاب الإبل.

٣٢٢

وسوف نستعرض فيما يلي بعض أقوال الرواة في هذا الحادث الأليم ، ونترك للقارئ الحكم على مرتكبيه. وكما قال الشاعر :

لو بسبطي قيصر أو هرقل

فعلوا فعل يزيد ما عدا

قال الشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي في كتابه (الإتحاف بحبّ الأشراف) ص ٥٦: ثم أرسل ابن زياد السبايا مع عمر بن سعد إلى يزيد بن معاوية ، ومعه الصبيان والنساء مشدودين على أقتاب الجمال ، موثّقين بالحبال ، والنساء مكشّفات الوجوه والرؤوس. وفي عنق علي بن الحسينعليهما‌السلام ويديه الغل.

وقال المؤرخ القرماني الدمشقي في (أخبار الدول) ص ١٠٨ :

ثم إن عبيد الله بن زياد جهّز علي بن الحسينعليهما‌السلام ومن كان معه من حرمه ، بحيث تقشعرّ من ذكره الأبدان ، وترتعد منه مفاصل الإنسان ، إلى البغيض يزيد بن معاوية ، مع الشمر.

٣٧٤ ـ على أي شيء أركبوا السباياعليهم‌السلام ؟ :(البحار ، ج ٤٥ ص ١٥٤ ط ٣)

قال صاحب (إقبال الأعمال) : رأيت في كتاب (المصابيح) بإسناده إلى الإمام جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال : قال لي أبي محمّد الباقرعليه‌السلام : سألت أبي علي ابن الحسينعليهما‌السلام عن حمل يزيد له ، فقال : حملني على بعير يظلع [أي جمل يعرج في مشيته] بغير وطاء ، ورأس الحسينعليه‌السلام على علم. ونسوتنا خلفي على بغال [واكفة(١) ] ، والفارطة(٢) خلفنا وحولنا بالرماح. إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه بالرمح. حتى إذا دخلنا دمشق ، صاح صائح : يا أهل الشام ، هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون. يقول الشاعر :

وما الدهر حتى العيد إلا مآتم

وهل ترك العاشور للناس من عيد

أيفرح قلب ، والفواطم حسّر

يسار بها أسرى على قتب القود(٣)

__________________

(١) في الأصل (فأكفّ) : أي أميل وأشرف على السقوط ، ولعلها تصحيف. والصحيح [واكفة] :أي خيل بدون سرج.

(٢) الفارطة : المتقدمة والسابقة ، أو الظالمة المتجاوزة الحد.

(٣) القود : طائفة من الخيل تقاد في السفر مع الركب ولا تركب ، وهي مهيأة للدفاع عن الركب وليس للركوب.

٣٢٣

٣٧٥ ـ تخرّص ابن كثير! :(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٣)

بعد أن ذكر ابن كثير كيفية تسيير السبايا إلى يزيد ، على جمال بدون وطاء ، حاول أن يدافع عن يزيد فقال :

وهذا يردّ قول الرافضة : أنهم حملوا على جنائب الإبل سبايا عرايا ، حتى كذب من زعم منهم أن الإبل البخاتي(١) إنما نبتت لها الأسنمة من ذلك اليوم ، لتستر عوراتهن ، من قبلهن ودبرهن.

(أقول) : والله ما سمعنا بهذا يا متعصب!.

٣٧٦ ـ كم استغرق الطريق إلى دمشق؟ :

(المفيد في ذكرى السبط الشهيد لعبد الحسين إبراهيم العاملي ، ص ١٤٤)

يقول السيد عبد الحسين العاملي : لقد كانت مسافة الطريق شهرا للإبل ذوات الصبر والقوة ، ولكن الحداة الغلاظ الشداد ، أرهقوا قدرتها وأوجعوا صبرها ، فقطعت المسافة في عشرة أيام.

توضيح :

إن المسافة من الكوفة إلى دمشق عن طريق الموصل وحلب حوالي ١٨٠٠ كم ، يحتاج الجمل لقطعها دون توقف شهرا كاملا ، لأن الجمل يسير كل يوم نحو ٦٠ كم.

وقد كان الأمر جاء من يزيد بتسيير السبايا من أطول طريق مأهول بالسكان ، مع أنه كان بإمكانهم الوصول إلى دمشق عن طريق الصحراء ، مختصرين نصف المسافة.

٣٧٧ ـ الهدف من سلوك الطريق الطويلة الآهلة بالسكان هو التشهير بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب للعلامة السيد حسين مكي ، ص ٩)

يقول السيد حسينرحمه‌الله : كان بوسع ابن زياد أن يرسل الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى دمشق عبر الطريق الصحراوية القصيرة الواصلة بين الكوفة ودمشق. بيد

__________________

(١) البخت : الإبل الخراسانية ، وهي جمال طوال الأعناق يقال لها الجمال البخاتية ، وسواها تسمى الإبل العراب. ويظهر من قول ابن كثير أن المقصود بها الإبل ذات السنامين.

٣٢٤

أن يزيد وابن زياد كانا يهدفان إلى التشهير بمقتل الحسينعليه‌السلام وإلى إذاعة خبر مقتلهعليه‌السلام في الآفاق ، ليعلم الناس بقتله ، وحتى لا يبقى لأي مناصر للحق في الأمة الإسلامية أمل في مقاومة يزيد ، لأن الحسينعليه‌السلام كان علم الحق ونبراسه ، ومرجع الهدى وممثله. وقد رأى يزيد حين أمر ابن زياد بإرسال الرؤوس والسبايا إلى الشام وشهرهم في كل بلد ، أن من أبلغ أنواع الإخبار بمقتل الحسينعليه‌السلام أن يرى رأس الحسينعليه‌السلام يطاف به في البلاد ، وأن ترى نساؤه وصبيانه سبايا ، يسار بهم في البلاد ، ويشهر أمرهم في كل مكان يأتونه ، ولذا سلكوا بهم الطريق العامر بالبلاد الآهل بالسكان ، وهو الطريق من الكوفة إلى الموصل ، ثم إلى حلب فحماة فحمص فدمشق.

بحث جغرافي

نهر دجلة

قبل التعرف على الطريق الّذي سلكته الرؤوس والسبايا ، لا بدّ لنا من التعرّف على نهر دجلة ، الّذي يشكّل جزءا هاما من بداية الطريق ، ما بين مسكن والموصل.

٣٧٨ ـ تعريف بنهر دجلة :

يبلغ طول نهر دجلة ١٨٣٥ كم ، وهو ينبع من منطقة جبلية في تركيا ، تكسوها الثلوج شتاء. ثم يأتي إلى (جزيرة ابن عمر) حيث المنطقة المشتركة بين العراق وتركيا وسورية. فيشكل جزءا من الحدود السورية مع العراق على طول ٢٠ كم. ثم يدخل العراق (انظر الشكل ٨) فيمرّ بالموصل ، ثم يرفده الزاب الأعلى (الكبير) عند الحديثة ، ويرفده الزاب الأسفل (الصغير) عند السن. ثم يمرّ بتكريت ثم سامراء ، ثم يرفده نهر العظيم عند (بلد). ثم يمرّ ببغداد ، ثم بالمدائن (سلمان باك) حيث يكون أقرب ما يكون من نهر الفرات ، ويرفده هناك نهر ديالي. ثم يمرّ بالعزيزية والكوت والعمارة ، إلى أن ينتهي إلى القرنة ، وهي نقطة التقاء نهري دجلة والفرات ، حيث يؤلفان شط العرب الّذي يمرّ بالبصرة وعبادان ، ثم يصب في الخليج عند الفاو.

وبما أن مسير العسكر كان يتوخى دائما القرب من المياه والأنهار ، لذلك فإن مسير الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الموصل ، كان في قسمه الأول على نهر الفرات ، ثم انتقل بمحاذاة بغداد إلى نهر دجلة ، باتجاه الشمال حتى الموصل ، ثم

٣٢٥

انعطف الطريق إلى الغرب مارا بالجزيرة السورية إلى الرقة فحلب ، ثم انحرف باتجاه الجنوب مارا بحماة وحمص وبعلبك إلى دمشق (انظر الشكل ١٠).

٣٧٩ ـ جدول الدجيل

(مفصّل جغرافية العراق لطه الهاشمي ، ص ٥٠٩)

الدّجيل مصغر دجلة ، وهو فرع النهر الّذي كان يأخذ الماء من دجلة في جنوب

(الدور) من الضفة اليمنى للنهر ، ثم يعود فيصب بدجلة في شمال العاصمة بغداد. وهو يجري موازيا لنهر دجلة من الغرب ، ويسقي القرى والمزارع بين سامراء وبغداد (انظر الشكل التالي).

(الشكل ٧)

(مصور نهر الدجيل)

تحقيق الطريق من الكوفة إلى دمشق

٣٨٠ ـ تحقيق الطريق الّذي سلكته الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الشام :

سوف نذكر أولا الطرق التي كانت متّبعة في العراق والجزيرة والشام ، مع تقدير مسافاتها ، ثم ننتقل إلى المواقع التي مرّت بها الرؤوس والسبايا ، كما وردت في كتب التاريخ والمقاتل. علما بأن المسيرة من الكوفة إلى دمشق يبلغ طولها نحو ١٨٠٠ كيلومتر ، ولا يمكن أن تقطع في أقل من عشرة أيام.

٣٢٦

(الشكل ٨)

مصور نهر دجلة والفرات قديما

(عن كتاب : بلدان الخلافة الشرقية تأليف كي لسترنغ ، ص ٦٦٦)

٣٢٧

٣٨١ ـ المسافات من بغداد إلى الكوفة :

(أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للبشاري ، ص ١٣٤ ط ٢ ليدن)

وأما المسافات فتأخذ من بغداد إلى نهر الملك مرحلة(١) ، ثم إلى (القصر) مرحلة ، ثم إلى (حمام ابن عمر) مرحلة ، ثم إلى (الكوفة) مرحلة ، ثم إلى (القادسية) مرحلة.

وفي (البلدان) لليعقوبي ، ص ٩٢ :

من بغداد إلى الكوفة ثلاثون فرسخا(٢) ، وهي ثلاث مراحل : أولها (قصر ابن هبيرة) على اثني عشر فرسخا من بغداد ، كان يزيد ابن عمر بن هبيرة الفزاري ابتناه في أيام مروان بن محمّد بن مروان. وابن هبيرة يومئذ عامل مروان على العراق.وأراد البعد من الكوفة ، وهي مدينة عامرة جليلة ينزلها العمال والولاة ، وأهلها أخلاط من الناس. وهي على نهر يأخذ من الفرات يقال له (الصراة). وبين قصر ابن هبيرة وبين معظم الفرات مقدار ميلين إلى جسر على معظم الفرات يقال له جسر سورا. ومن قصر ابن هبيرة إلى موضع يقال له (سوق أسد) غربي الفرات ، في الطّسّوج(٣) الّذي يقال له الفلوجة. ومن سوق أسد إلى الكوفة. والمسافات من بغداد إلى الكوفة في عمارات وقرى عظام متصلة عامرة ، فيها أخلاط من العجم ومن العرب.

وفي كتاب (الخراج) لأبي الفرج قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي ص ١٨٨ :

فمن مدينة السلام [يقصد بغداد] إلى جسر (كوثي) على نهر الملك سبعة فراسخ ، ومن جسر كوثي إلى قصر ابن هبيرة خمسة فراسخ (انظر الشكل ١٢ فيما بعد) ، ومن قصر ابن هبيرة إلى (سوق أسد) سبعة فراسخ ، ومن سوق أسد إلى (ساهي) خمسة فراسخ ، ومن ساهي إلى مدينة الكوفة خمسة فراسخ. (ومن الكوفة إلى القادسية ٨ فراسخ)

__________________

(١) المرحلة : هي المسافة التي يقطعها المسافر في اليوم ، والفرسخ : ما يقطعه في ساعة.

(٢) الفرسخ ٣ أميال* ٥ ، ٥ كم ، والميل ـ ٦ ، ١ كم.

(٣) الطّسّوج : هو الناحية.

٣٢٨

٣٨٢ ـ المسافات من بغداد إلى الموصل :(مفصّل جغرافية العراق ، ص ٢٠٩)

طريق (بغداد ـ تكريت ـ شرقاط ـ موصل) :

يبلغ طول هذا الطريق زهاء [٢٦٨ ميلا ـ ٤٨٢ كم] ووجهته العامة إلى الشمال.وهو يسلك ضفة دجلة الغربية ، ويمرّ بأراض سهلة مكشوفة قليلة السكن ، وطبيعة الأرض فيه ترابية ورملية. يقطع الطريق بعض الوديان التي تصبّ في دجلة ، وفي الجداول التي تأخذ الماء منها ، إما على الجسور أو على القناطر.

يمرّ الطريق بالكاظمية وسميكة وبلد وتكريت حتى يصل إلى الشريمية. وفي محطة الشريمية يدخل الطريق المنطقة المرتفعة التي يبلغ ارتفاعها زهاء [١٥٠٠ يردة ـ ١٣٧٠ م] ويقطع منطقة متموجة ، ويصل إلى شرقاط ، ثم إلى القيّارة والشورة وحمام العليل ، حتى يصل الموصل.

٣٨٣ ـ المسافات من الموصل إلى نصيبين(المصدر السابق ، ص ١٩٤)

طريق (الموصل ـ تلعغر ـ سنجار ـ نصيبين) :

اتجاه الطريق العام من الشرق إلى الغرب ، فإلى الشمال الغربي فالشمال. يمرّ الطريق بأراض سهلة ترابية ورملية ، عدا قسم من جبل سنجار ، فهو جبل حجري.

يبلغ طول القسم الواقع بين الموصل وسنجار زهاء (٧٩ ميلا ـ ١٤٢ كم) وهو يصلح لسير السيارات والعجلات.

يمرّ الطريق بعين (أبو مارية) في شرقي (تلعفر) ، ويصل هذه القرية في الميل ٣٩. وفي الميل ٧٤ يصل (عين الغزال) ، فيدخل منطقة الروابي حتى يصل قرية

(بلد سنجار) ، وهي على سفح جبل سنجار الجنوبي.

أما القسم الواقع بين بلد سنجار ونصيبين فيبلغ طوله زهاء [٨٠ ميلا ـ ١٤٤ كم] يمرّ بصحراء قاحلة قليلة المياه ، لا تصلح لسير السيارات. وبعد قرية سنجار يتسلق الطريق جبل سنجار ويمر بمضيق شلو ، ثم ينزل من الجبل المذكور ويدخل السهل.وبعد أن يجتاز وادي (الردّ) وعدة وديان تصب فيه ، يصل (نصيبين).

٣٨٤ ـ الطريق التي تربط الموصل بدير الزور (ثم حلب):

(المصدر السابق ، ص ٢٠٣)

يبلغ طول هذا الطريق زهاء [٢١٠ ميلا ـ ٣٧٨ كم] فيه ثلاث عشرة مرحلة

٣٢٩

للمشاة ، ووجهته العامة إلى الغرب وإلى الجنوب الغربي. يمرّ بأراض سهلة ويقطع نهر الخابور على جسر جديدة في قرية (الصور) ، ويقطع نهر الفرات على الجسر في دير الزور. وبعد أن بترك مدينة الموصل يسلك طريق (الموصل ـ سنجار) إلى موقع (عين الغزال) ، ومنه يدخل في البادية حتى يصل موقع (البديع) وهو واقع في الميل التسعين. وبعد دير الزور يسلك الطريق ضفة وادي الفرات اليمنى إلى (مسكنة) ، ثم يتجه نحو الشمال الغربي ويصل مدينة حلب. ويبلغ طول طريق (دير الزور ـ حلب) زهاء [٢٠٥ ميلا ـ ٣٦٩ كم] ، فيكون طول طريق (الموصل ـ دير الزور ـ حلب) زهاء [٤١٥ ميلا ـ ٧٤٧ كم].

ـ طريق الجزيرة الطويل

(تقويم البلدان لأبي الفداء ، ص ٢٧٤)

ذكر شيء من مسافات الجزيرة : من الأنبار إلى تكريت مرحلتان ، ومن تكريت إلى الموصل ستة أيام. [ومن الموصل إلى (آمد) أربعة أيام. ومن آمد إلى سميساط ثلاثة أيام]. ومن الموصل إلى نصيبين أربع مراحل. ومن نصيبين إلى رأس عين (عين الورد) ثلاث مراحل. ومن رأس عين إلى الرقة أربعة أيام. ومن رأس عين إلى (حرّان) ثلاثة أيام. ومن حران إلى الرّها (اورفه) يوم واحد.

٣٨٥ ـ المنازل من حلب إلى دمشق(البلدان لليعقوبي ، ص ١١٠)

من أراد أن يسلك من (حلب) الطريق الأعظم إلى (دمشق) ، خرج من حلب إلى مدينة (قنّسرين) ثم إلى (تل منّس) وهو أول عمل جند حمص. ومنها إلى مدينة (حماة) وأهل هذه المدينة قوم من اليمن. ثم إلى (الرستن) ثم إلى مدينة

(حمص). وبحمص أقاليم منها : مدينة (شيزر) ومدينة (كفرطاب).

ومن حمص إلى مدينة دمشق أربع مراحل ؛ في المرحلة الأولى (جوسية) والثانية (قارا) والثالثة (القطيفة) ومنها إلى مدينة دمشق.

ومن سلك من حمص على طريق البريد ، أخذ من (جوسية) إلى البقاع ، ثم إلى مدينة (بعلبك) ومنها إلى (عقبة الرمان) ثم إلى مدينة دمشق.

وأهل بعلبك من الفرس ، وفي أطرافها قوم من اليمن. وطرابلس وجبيل وصيداء وبيروت ، أهل هذه الكور كلها قوم من الفرس نقلهم إليها معاوية بن أبي سفيان.

وفي (المسالك والممالك) لعبيد الله بن خرداذبة ، ص ٩٨ :

٣٣٠

الطريق من حمص إلى دمشق على بعلبك (طريق البريد) :

من حمص إلى جوسيّة أربع سكك. ثم إلى بعلبك ست سكك ، ثم إلى دمشق تسع سكك.

٣٨٦ ـ من أين سار الإمام عليعليه‌السلام من الكوفة إلى (صفّين)؟ :

لما قرر الإمام عليعليه‌السلام المسير إلى صفين لحرب معاوية ، كان أمامه طريقان :

الأول طويل : وهو طريق الموصل نصيبين ، ويمرّ بأعلى الجزيرة.

والثاني قصير : وهو الطريق المحاذي لنهر الفرات ، ويمرّ ب (هيت)و (عانات) إلى الرقّة.

وكما سنرى فإن الإمام علياعليه‌السلام أمر قسما من جيشه [٣ آلاف جندي] بالتوجه وفق الطريق الطويل ، بقيادة معقل بن قيس ، بينما توجه هو وجيشه وفق الطريق القصير (محاذيا للفرات من الشرق مارا بالأنبار). والتقى القسمان عند الرقة ، وعبروا من جسر الرقة إلى الجنوب حيث دارت المعركة في جبل صفّين.

ولعل سبب إرسال معقل من الطريق الطويل ، هو لإخضاع أهل الجزيرة لحكم الإمامعليه‌السلام قبل مواجهة معاوية ، فأكثرهم كانوا موالين لبني أمية.

وفي تصوري أن الطريق الطويلة السابقة هي التي سيّروا منها الرؤوس والسبايا في طريقهم إلى حلب فدمشق.

٣٨٧ ـ الإمام عليعليه‌السلام يأمر معقل بن قيس بسلوك طريق الموصل إلى الرقة :

(وقعة صفين لنصر بن مزاحم ، ص ١٤٨ ط ٢)

عن أبي الودّاك ، أن علياعليه‌السلام بعث من (المدائن) معقل بن قيس الرياحي في ثلاثة آلاف رجل ، وقال له : خذ على الموصل ، ثم نصيبين ، ثم القني بالرقة ، فإني موافيها

فخرج معقل حتى أتى (الحديثة) وهي إذ ذاك منزل الناس ، وإنما بنى مدينة (الموصل) بعد ذاك محمّد بن مروان.

هذا يدلّ على أن الموصل المقصودة في الأخبار هي غير مدينة الموصل الحالية.

هذا وكان الإمامعليه‌السلام قد بعث مقدمة لجيشه في اثني عشر ألفا ، وأمرهم بالمسير على شاطئ الفرات الغربي ، من قبل البر. فساروا حتى بلغوا (عانات). ثم ارتأوا أن يعبروا منها إلى الضفة الشرقية ، ليلحقوا بجيش الإمامعليه‌السلام ، فمنعهم

٣٣١

أهلها. فاضطروا للرجوع ، وعبروا النهر من (هيت) ، ثم لحقوا علياعليه‌السلام متأخرين بقرية دون قرقيسيا [البصيرة اليوم](انظر الشكل ٩).

ويقول فلهوزن في (تاريخ الدولة العربية) ص ٧٣ :

ولا نكاد نجد من أخبار موقعة صفّين عند الطبري إلا ما يذكره أبو مخنف :

سلك عليعليه‌السلام مع جملة جيشه الطريق الحربي العادي مع نهر الدجلة ، ثم اخترق أرض الجزيرة. وعند قرقيسيا لحقت به مقدمة جيشه التي كان عليها أن تسير مع الشاطئ الأيمن للفرات. وبعد أن عبر عليعليه‌السلام الفرات عند الرقة ، التقت مقدمة جيشه بطلائع جيش الشام (انظر المخطط التالي).

(الشكل ٩)

مسير جيوش الإمام عليعليه‌السلام من الكوفة إلى صفين

٣٣٢

ويمكن استخلاص الطريق التي سلكها الإمام عليعليه‌السلام من الكوفة إلى الرقة ، من كتاب (موقعة صفين) لنصر بن مزاحم ، كما يلي :

الكوفة ـ شاطئ نرس ـ بابل ـ جسر الصراة ـ دير كعب ـ ساباط ـ بهرسير المدائن. ثم انطلق من هناك نحو الغرب إلى الضفة الشرقية للفرات ، فمرّ بالأنبار [الرمادي اليوم] ، ثم هيت ، ثم عانة ، ثم قرقيسيا ، حتى وصل الرقة.

٣٨٨ ـ كيف سيّروا الرؤوس والسبايا من أطول طريق مأهولة :

(تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب للسيد حسين يوسف مكي ، ص ٨)

قال ابن أعثم الكوفي في كتاب (الفتوح) ج ٥ ص ٢٣٦ :

فسار القوم بحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الكوفة إلى بلاد الشام على محامل بغير وطاء ، من بلد إلى بلد ، ومن منزل إلى منزل ، كما تساق أسارى الترك والديلم

[وقريب منه نصّ الطبري في تاريخه ، ونص الخوارزمي في مقتله].

وقد ذكر العلامة السيد حسين يوسف مكي العاملي في كتابه المذكور أعلاه رواية الخوارزمي ، ثم علّق عليها ، قال :

والخوارزمي وإن لم يذكر الطريق التي سلكوها بالرؤوس والسبايا ، إلا أن قوله «من بلد إلى بلد ، ومن منزل إلى منزل» يقتضي أن يكونوا قد سلكوا الطريق الشمالية إلى الموصل ثم إلى حلب ومنها إلى دمشق. لأنه لم تكن هناك طريق آهلة بالسكان توصل من الكوفة إلى دمشق غير هذه الطريق. وهذه الطريق نفسها التي سلكها الإمام عليعليه‌السلام إلى حرب صفين ، والتي سلكها جيش معاوية إلى حرب الإمام الحسنعليه‌السلام أيضا ، لأن جيشه وصل إلى (مسكن) ، وهي المعسكر الّذي اتخذه الإمام الحسنعليه‌السلام لمواجهة جيش معاوية ، وفيها التقى الجيشان.

وتقع مسكن هذه بين بغداد وسامراء ، وتبعد عن بغداد سبعين كيلومترا شمالا.

ثم قالرحمه‌الله ، ص ٩ : ويشير ابن شهر اشوب في مناقبه إلى أنهم سلكوا هذه الطريق ، وهو في صدد تعداد مناقب الحسينعليه‌السلام ورأسه الشريف قال : «ومن مناقبهعليه‌السلام ما ظهر من المشاهد التي يقال لها (مشهد الرأس) من كربلاء إلى عسقلان ، وما بينهما في الموصل ونصيبين وحماة وحمص ودمشق وغير ذلك».

فكلامه هذا يدل على أن للرأس الشريف في كل ما ذكره من البلاد مشهد.

٣٣٣

وفي الحقيقة إن الطريق التي سلكتها الرؤوس هي الطريق الممتدة من الكوفة إلى الموصل [في الشمال الغربي من العراق] ، ثم إلى نصيبين [في الشمال الشرقي من سورية] ثم إلى الرقة فحلب فدمشق.

المنازل التي مرّ بها موكب الرؤوس والسبايا

سوف نستعرض أولا ما ورد في عدة مصادر حول هذه المنازل ، ثم نحاول رسم الطريق ، بعد إجراء إحصاء للمواقع في كل المصادر المعتمدة.

٣٨٩ ـ المنازل التي مرت بها الرؤوس والسبايا أثناء تسييرها من الكوفة إلى دمشق :(مقتل أبي مخنف ، من ص ١١٠ ـ ١٢١)

(قال أبو مخنف) : ثم إن ابن زياد دعا بشمر بن ذي الجوشن وخولي ، وضمّ إليهما ألفا وخمسمائة فارس ، وأمرهم أن يسيروا بالسبايا والرأس إلى الشام ، وأن يشهروهم في جميع البلدان.

فنزلوا القادسية وساروا بالسبايا والرؤوس إلى شرقي الحصّاصة وعبروا تكريت. ثم أخذوا على طريق البر ، ثم على الأعمى ، ثم على دير عروة ثم على صليتا ، ثم على وادي النخلة فنزلوا فيها وباتوا. ثم أخذوا على أرميناء وساروا حتى وصلوا إلى لينا وكانت عامرة بالناس. ثم أخذوا على الكحيل وأتوا جهينة ومنها إلى (الموصل). ثم أخذوا على تل باعفر ، ثم على جبل سنجار فوصلوا إلى (نصيبين) فنزلوا وشهروا الرأس والسبايا.

(قال أبو مخنف) : وجعلوا يسيرون إلى عين الورد وأتوا إلى قريب دعوات ونصبوا الرأس الشريف فيها ، وباتوا ثملين من الخمور إلى الصباح. ثم أتوا إلى (قنّسرين) وكانت عامرة بأهلها فلم يدخلوهم فرحلوا عنهم. ثم أتوا إلى معرة النعمان ثم نزلوا شيزر. ثم ساروا إلى كفر طاب ، ثم أتوا سيبور فمنعهم أهلها من النزول فيها ، وحصلت معركة شديدة بين الفريقين. ثم ساروا حتى وصلوا (حما) ثم ساروا إلى (حمص). ثم أتوا بعلبك وباتوا فيها ثملين ، ورحلوا منها وأدركهم المساء عند صومعة راهب ، ثم جدّوا في السير حتى دخلوا (دمشق).

(قال أبو مخنف) : وكان عدد الرؤوس التي دخلت دمشق ثمانية عشر رأسا ، ورأس الحسينعليه‌السلام بيد شمر ، والسبايا على المطايا بغير وطاء.

٣٣٤

٣٩٠ ـ رواية (ينابيع المودة)(ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ ص ١٧٧)

نقل القندوزي هذه الرواية عن (مقتل أبي مخنف المفصل) قال :

فساروا على ساحل الفرات ، فنزلوا على أول منزل ، وكان المنزل خرابا ثم وصلوا : تكريت ـ وادي النخلة ـ مرشاد ـ بعلبك ـ صومعة الراهب ـ دمشق.

٣٩١ ـ رواية (نور العين في مشهد الحسين):

(نور العين لأبي اسحق الإسفريني ، ص ٨٣)

عدّد الإسفريني المنازل كما يلي : الكوفة ـ أول منزلة ـ جرايا ـ تكريت ـ الموصل ـ كفرنوبة ـ حلب ـ قنّسرين ـ مدينة النعمان ـ كفر طاب ـ شيزر ـ حماة ـ حمص ـ خندق الطعام ـ جوسية ـ بعلبك ـ صومعة راهب [وكيف أخذ الراهب الرأس المقدس] ـ دمشق.

٣٩٢ ـ رواية (صاحب القمقام)(القمقام لفرهاد ميرزا ، ص ٤٩٥)

عن صاحب (المنتخب) أنهم مروا على : تكريت ـ دير عمر ـ وادي نخلة [باتوا فيه] ـ لينا ـ وادي الكحيلة ـ الجهينة ـ نصيبين ـ عين الوردة ـ حرّان ـ حلب ـ معارة نعمان ـ شيزر ـ حمص ـ بعلبك ـ دير النصارى ـ دمشق.

٣٩٣ ـ رواية (وسيلة الدارين):

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين لابراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٣٦٩)

عدّد الزنجاني أكثر من عشرين موضعا كما يلي :

أول منزل للسبايا وأهل البيتعليهم‌السلام دير في الطريق ـ القادسية ـ شرقي الحصّاصة [قرية من توابع الكوفة قرب قصر ابن هبيرة] ـ ثم عبروا تكريت ـ طريق البر ـ دير عروة ـ صليا ـ وادي النخلة ـ أرميناء ـ لينا ـ الكحيل ـ جهينة ـ عسقلان ـ الموصل ـ تلعفر ـ جبل سنجار ـ نصيبين ـ دعوات ـ قنسرين ـ جبل الجوشن قرب حلب ـ معرة النعمان ـ شيزر ـ كفر طاب ـ سيبور ـ حماة ـ حمص ـ بعلبك ـ دمشق.

٣٩٤ ـ تحقيق المنازل التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا :

بعد مراجعة أغلب المصادر المعتمدة ، يمكن وضع تصور قريب من الواقع للطريق التي سلكتها الرؤوس والسبايا في مسيرتهم من الكوفة إلى دمشق ، وذلك وفق الترتيب التالي :

٣٣٥

(الشكل ١٠)

مخطط مسير الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الموصل ثم حلب فدمشق

٣٣٦

٣٣٧

١ ـ أول منزل خراب

٢ ـ دير في الطريق

٣ ـ القادسية

٤ ـ شرقي الحصّاصة (قصر ابن هبيرة)

٥ ـ جرايا

٦ ـ مسكن

٧ ـ تكريت

٨ ـ طريق البر

٩ ـ الأعمى

١٠ ـ دير عروة (دير عمر)

١١ ـ صليتا (صليا)

١٢ ـ وادي النخلة [مبيت]

١٣ ـ أرميناء

١٤ ـ مرشاد

١٥ ـ لينا

١٦ ـ برساباد

١٧ ـ الكحيل (الأكحل)

١٨ ـ جهينة

١٩ ـ عسقلان

٢٠ ـ الموصل

٢١ ـ تل أعفر

٢٢ ـ جبل سنجار

٢٣ ـ نصيبين [مبيت]

٢٤ ـ كفرنوبة

٢٥ ـ عين الوردة (راس العين)

٢٦ ـ دير الراهب

٢٧ ـ حرّان

٢٨ ـ دعوات [مبيت]

٢٩ ـ الرقّة

٣٠ ـ دوسر (جعبر)

٣١ ـ بالس (مسكنة)

٣٢ ـ حلب : جبل الجوشن [مبيت]

٣٣ ـ قنّسرين

٣٤ ـ معرة النعمان

٣٥ ـ كفر طاب

٣٦ ـ شيزر [مبيت]

٣٧ ـ سيبور (معركة)

٣٨ ـ حماة : جبل زين العابدين [مبيت]

٣٩ ـ الرستن

٤٠ ـ حمص : كنيسة جرجيس الراهب

٤١ ـ خندق الطعام

٤٢ ـ جوسية ـ جبل الحسين

٤٣ ـ اللبوة

٤٤ ـ بعلبك [مبيت]

٤٥ ـ صومعة الراهب (دير النصارى)

٤٦ ـ حجر قرب دمشق.

وقد أثبتنا هذه المواضع على المخطط التاريخي السابق.

٣٣٨

بحث جغرافي

تعريف بأشهر المواضع والبلدان

نقوم أولا بالتعريف بأشهر الأماكن التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا ، ثم ننتقل إلى ذكر تلك الأماكن ونشرح ما حصل لهم في كل موضع منها.

٣٩٤ ـ دير في الطريق :(معجم البلدان لياقوت الحموي)

في أول مسير السباياعليهم‌السلام مروا على دير في الطريق ، وهذا الدير يقع حتما بين الكوفة والقادسية كما سنرى. ولدى التنقيب في (معجم البلدان) عن الأديرة التي تقع في تلك المنطقة ، عثرت على دير وحيد يقع بين الكوفة والقادسية ، لعله هو الدير المقصود ، واسمه دير سرجس وبكّس.

يقول ياقوت الحموي : دير سرجس وبكّس :

هو دير منسوب إلى راهبين بنجران. وهو دير بين الكوفة والقادسية على وجه الأرض ، وبينه وبين القادسية ميل ، وكان محفوفا بالكروم والأشجار والحانات.وقد خرّب وبطل ، ولم يبق منه إلا خرابات على ظهر الطريق يسميها الناس قباب أبي نواس.

(أقول) ويوافق ذلك ما ذكر في الرواية من أن جماعة الشمر باتوا يشربون الخمر.ومنطقة الكوفة والحيرة [التي تقع على بعد ٧ كم جنوبها] تعتبر مجمّعا للأديرة.ومن الأديرة الواقعة بظاهر الكوفة : دير عبد المسيح ، ودير الأعور.

٣٩٥ ـ القادسية(أخبار الدول للقرماني)

تدل الروايات أن ركب السبايا مرّ بعد ذلك على القادسية قبل التوجه شمالا. وقد مرّ التعريف بالقادسية في الجزء الأول من الموسوعة ص ٦٥٧ ، وهي بلدة بقرب الكوفة على طريق الحاج ، وكانت فيها وقعة القادسية. وتبعد عن الكوفة إلى الجنوب نحو ١٥ فرسخا [٨٠ كم].

وفي (لسان العرب) : القادسية قرية بين الكوفة وعذيب.

وهناك بلدة أخرى باسم (القادسية) من نواحي دجيل بقرب سامراء يعمل فيها الزجاج ، وليست هي المقصودة.

٣٣٩

وإذا صحّ أن السبايا مرّوا من القادسية (الأولى) فيكونوا قد سايروا نهر الفرات إلى الجنوب قليلا ، حتى وصلوا القادسية ، ثم اتخذوا طريقا صحراويا دائريا إلى الشمال ، يبعدهم عن أعين الناس أول انفصالهم عن الكوفة.

٣٩٦ ـ الحصّاصة(معجم البلدان لياقوت الحموي)

الحصّاصة هي من الحصّ ، وهو ذهاب النبت عن الأرض. وهي من قرى سواد العراق ، قرب قصر ابن هبيرة من أعمال الكوفة.

ورويت أيضا (الجصّاصة) وهي الموضع الّذي يعمل فيه الجص.

٣٩٧ ـ قصر ابن هبيرة(تقويم البلدان لأبي الفداء ، ص ٣٠٠)

مدينة قريبة من عمود نهر الفرات ، ويطلع إليها من الفرات أنهار متفرقة. وكربلاء محاذية لقصر ابن هبيرة من الغرب في البرية. وفيها قصر بناه يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري والي العراق في أيام مروان الحمار ، وهي بالقرب من جسر سورا من نواحي بابل القديم.

قال في (العزيزي) : ومن قصر ابن هبيرة إلى عمود الفرات الأعظم فرسخان.

وقال ياقوت في (معجم البلدان) : لما ولي يزيد بن عمر بن هبيرة العراق من قبل مروان بن محمّد بن مروان ، بنى قصره المعروف بقصر ابن هبيرة بالقرب من جسر سورا ، وسمّاه الهاشمية ، وفيه عدة حمامات.

٣٩٨ ـ مسكن(معجم البلدان لياقوت الحموي)

هو موضع قريب من (أوانا) على نهر دجيل عند دير الجاثليق. وذكرنا سابقا أنها تبعد عن بغداد ٧٠ كم شمالا ، وقد كان فيها معسكر الإمام الحسنعليه‌السلام لمواجهة جيش معاوية ، وفيها التقى الجيشان وحصل الصلح.

٣٩٩ ـ تكريت(المصدر السابق)

بلدة مشهورة بين بغداد والموصل ، وهي إلى بغداد أقرب ، وبينها وبين بغداد ٣٠ فرسخا [١٦٥ كم]. ولها قلعة حصينة في طرفها الأعلى راكبة على دجلة ، وهي غربي دجلة. قيل سمّيت باسم تكريت بنت وائل أخت بكر بن وائل. وأول من بنى القلعة هو سابور بن أردشير بن بابك ، وقد بناها الملك الفارسي لتكون بينهم وبين الروم إذا ما داهموهم. وكان على القلعة مرزبان [وهو المسؤول عن حراسة

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735