موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 487330 / تحميل: 5756
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ما وجب معه عليه الطلب والخروج. فلما انعكس ذلك وظهرت أمارات الغدر فيه وسوء الاتفاق ، رام الرجوع والمكافّة والتسليم كما فعل أخوه ، فمنع من ذلك وحيل بينه وبينه. فالحالان متفقان ، إلا أن التسليم والمكافّة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ، ولم يجب إلى الموادعة ، وطلبت نفسه فمنع منها بجهده ، حتّى مضى كريما إلى جنة الله ورضوانه ، وهذا واضح لمتأمله (انتهيكلام السيد المرتضى).

٢٨٧ ـ تعليق العلامة المجلسي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٢٦)

قال المحقق المحدث المجلسي بعد نقل كلام السيد المرتضى :

وقد مضى في كتابه (الإمامة) وكتاب (الفتن) أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهمعليه‌السلام كان مأمورا بأمور خاصة ، مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم كانوا يعملون بها. ولا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا. وبعد الاطلاع على أحوال الأنبياءعليهم‌السلام وأن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى في ألوف من الكفرة ، ويسبّون آلهتهم ويدعونهم إلى دينهم ، ولا يبالون بما ينالهم من المكاره والضرب والحبس والقتل والإلقاء في النار ، ولا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك ، مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين والنصوص المتواترة ، لا مجال للاعتراض عليهم ، بل يجب التسليم لهم في كل ما صدر عنهم.

على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنهعليه‌السلام فدى بنفسه المقدسة دين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم تنزلزل أركان دولة بني أمية إلا بعد شهادته ، ولم يظهر للناس كفرهم وضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته. ولو كان يسالمهم ويوادعهم كان يقوى سلطانهم ويشتبه على الناس أمرهم ، فتعود بعد حين أعلام الدين طامسة وآثار الهداية مندرسة. مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنهعليه‌السلام هرب من المدينة خوفا من القتل.

إلى مكة ، وكذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له أن يتمّ حجّه ، فتحلل وخرج منها خائفا يترقب. وقد كانوا ضيّقوا عليه جميع الأقطار ولم يتركوا له موضعا للفرار.

ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم ، وولاه أمر الموسم ، وأمّره على الحاج كلهم ، وكان قد أوصاه بقبض

٢٨١

الحسينعليه‌السلام سرا ، وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة. ثم إنه دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام على أي حال اتفق. فلما علم الحسينعليه‌السلام بذلك حلّ من إحرام الحج وجعلها عمرة مفردة.

وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنهعليه‌السلام لما منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج

إلى الكوفة ، قال : «والله يا أخي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض ، لاستخرجوني منه حتّى يقتلونني». بل الظاهر أنه لو كان يسالمهم ويبايعهم لا يتركونه ، لشدة عداوتهم وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ويدفعونه بكل وسيلة. وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك.ألا ترى مروان ابن الحكم كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه؟. وكان عبيد الله بن زياد يقول : اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ، ثم نرى فيه رأينا؟.

ألا ترى كيف أمنّوا مسلم بن عقيل ، ثم قتلوه؟!.

فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته وبغضه لأهل البيتعليهم‌السلام كان ذا دهاء ونكراء وحزم ، وكان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه وذهاب ملكه وخروج الناس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على كل حال. ولذا صالحه الحسنعليه‌السلام ولم يتعرض له الحسينعليه‌السلام . ولذا كان معاوية يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسينعليه‌السلام لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته (انتهى كلام العلامة المجلسي).

٢٨٨ ـ لماذا خرج الحسينعليه‌السلام بعياله إلى العراق؟ :(مقتل المقرم ص ١٢٥)

ان الكلمة السديدة الناضجة في وجه حمل الحسين عياله إلى العراق مع علمه بما يقدم عليه ومن معه على القتل ، هو أنهعليه‌السلام لما علم بأن قتلته سوف تذهب ضياعا لو لم يتعقبها لسان ذرب(١) وجنان ثابت ، يعرّفان الأمة ضلال ابن ميسون(يزيد) وطغيان ابن مرجانة (ابن زياد) ، باعتدائهما على الذرية الطاهرة الثائرة في وجه المنكر ، ودحض ما ابتدعاه في الشريعة المقدسة.

وعرف سيد الشهداءعليه‌السلام من حرائر الرسالةعليه‌السلام الصبر على المكاره وملاقاة

__________________

(١) ذرب اللسان : ذو لسان حادّ. ولسان ذرب : أي فصيح.

٢٨٢

الخطوب والدواهي بقلوب أرسى من الجبال ، فلا يفوتهن تعريف الملأ المغمور بالترّهات والأضاليل ، نتائج أعمال هؤلاء المضلين ، وما يقصدونه من هدم الدين ، وأن الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم إحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي الحقيقة لقد أدت عقائل الوحي هذه الرسالة الجوهرية الخطيرة ، بجرأة وإخلاص ، وثبات ورباطة جأش ، رغم تفاقم الخطب وعظم المصيبة وقساوة المحنة فهاهي عقيلة الوحي زينبعليها‌السلام أخت الحسينعليه‌السلام تقف بجرأة وحزم أمام ابن زياد الجبار المتهور ، تفرغ عن لسان أبيها ، تقول له بكلام أنفذ من السهم ، وتلقمه حجرا وهي تقول :

«هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج (أي الفوز) ثكلتك أمك يابن مرجانة».ثم لا ننسى خطبها في الكوفة ومواقفها في الشامعليها‌السلام .

وها هي فاطمة بنت الحسين وأم كلثوم وسكينةعليهم‌السلام يتحدثن بمثل ما تحدثت به عمتهن زينبعليها‌السلام ، في ذلك الموقف الرهيب المحفوف بسيوف الخسف والغدر والجور ، فما يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة واحدة مهما أوتي من الجرأة والثبات والصمود ، ومهما بلغ من القوة والمنعة والمنزلة ، فكيف بهنّ وقد أعلنّ للملأ أجمع عن كل موبقات ابن ميسون وابن مرجانة.

هذا على أنه وإن وضع الله الجهاد ومكافحة الأعداء عن المرأة وأمرها بلزوم بيتها ، فذاك فيما إذا قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال ، وأما إذا توقف إقامة الحق عليها فقط ، بحيث لولا قيامها لدرست أسس الشريعة وذهبت الغاية من تضحية الصفوة ، كان الواجب القيام به.

ينتج من هذا أن جهاد العقيلات في معركة كربلاء كان في طرف موازنة مع جهاد الشهداء.

وجاء في (اللهوف) ص ٤٧ : ومما يمكن أن يكون سببا لحمل الحسينعليه‌السلام عياله ، أنه إن تركها بالحجاز أو غيرها من البلاد ، كان يزيد بن معاوية قد أنفذ ليأخذهن إليه ، وصنع بهن من الاستئصال وسيّئ الأعمال ، ما يمنع الحسين من الجهاد والشهادة.

٢٨٣

٥ ـ هل ألقى الحسينعليه‌السلام بيده إلى التهلكة؟

٢٨٩ ـ هل عرّض الحسينعليه‌السلام نفسه للتهلكة؟ :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم عن استشهاد الأئمةعليهم‌السلام :

وليس في إقدامهم على الشهادة إعانة على إزهاق نفوسهم القدسية وإلقائها في التهلكة الممنوع منه بنص الذكر المجيد ، فإن الإبقاء على النفس والحذر من إيرادها مورد الهلكة إنما يجب إذا كان مقدورا لصاحبها أو لم يقابل بمصلحة أهمّ من حفظها. وأما إذا وجدت هنا لك مصلحة تكافىء تعريض النفس للهلاك ، كما في الجهاد والدفاع عن النفس ، مع العلم بتسرب القتل إلى فئة من المجاهدين ، فيجب عندها بذل النفس والتضحية بها. ولقد أمر الله الأنبياء والمرسلين والمؤمنين فمشوا إليه قدما موطّنين أنفسهم على القتل وكم فيهم سعداء ، وكم من نبي قتل في سبيل دعوته ولم يبارح قوله دعوته حتّى أزهقت نفسه الطاهرة!. وقد تعبّد الله طائفة من بني إسرائيل بقتل أنفسهم فقال :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ ) [البقرة : ٥٤].

وقد أثنى سبحانه على المؤمنين في إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [التوبة : ١١١] وقال تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) [البقرة : ٢٠٧] وقال تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١٦٩) [آل عمران : ١٦٩].

٢٩٠ ـ التعبّد بالقتل أسمى درجات السعادة ، وليس هو إلقاء إلى التهلكة :

(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ١٢)

يقول السيد ابن طاووس : ولعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة ، يعتقد أن الله لا يتعبّد بمثل هذه الحالة. أما سمع في القرآن الصادق المقال ، أنه تعبّد قوما بقتل أنفسهم ، فقال تعالى :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ) [البقرة : ٥٤] أنه هو القتل ، وليس الأمر كذلك ، وإنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة.

٢٨٤

ثم يعرض تفسير آية التهلكة بما ذكره الإمام الصادقعليه‌السلام ، وهو أن بعض الصحابة تخلّفوا عن نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقاموا في بيوتهم لإصلاح أحوالهم ، فنزلت الآية :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة : ١٩٥] ومعناه : إن تخلّفتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم. وليست هذه الآية في رجل يحرّض على العدو أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء الثواب والآخرة.

٢٩١ ـ دفع شبهة : هل ألقى الحسينعليه‌السلام بنفسه إلى التهلكة؟ :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري :

واعلم أن جماعة من مخالفينا أورد واهنا شبهة ، بل وربما قاله بعض الجهال فينا ، وهو أن الحسينعليه‌السلام كان عالما بأن يجري عليه ما جرى قبل مسيره إلى العراق ، فلم سار إليها حتّى صار كالمعين على نفسه؟. وهذه شبهة ركيكة ، والجواب عنها من وجوه :

الوجه الأول : أن الإمام إذا وجد الأعوان وجب عليه القيام بأمر الجهاد ، ولا يجوز له التقاعد عنه لظنه بهم الخذلان له ، كما لم يجز للأنبياءعليهم‌السلام ترك الجهاد لهذه المظنّة ، بل قاموا بالدعوة حتّى أصيبوا من الأمة بالمصائب العظام ، كما وقع لأولي العزم وغيرهم ، استتماما لحجة الله تعالى على الخلائق.

الوجه الثاني : أنهعليه‌السلام لو لم يسر إلى العراق لما تركوه ، ولو ذهب إلى المكان البعيد ، مصداقا لقولهعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية ، حين نصحه بأن يلحق بالرمال من اليمن حتّى ينظر بواطن أهل العراق ، فقال له : يا أخي نعم ما رأيت من الصلاح ، ولكن هؤلاء القوم ما يسكتون عن طلبي أينما ذهبت حتّى يسفكوا دمي ، فعند ذلك يلبسهم الله ذلّ الدنيا والآخرة.

الوجه الثالث : أن الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام قد خصّهم الله تعالى بأنواع من التكاليف ، فلعل هذا ـ وهو الإلقاء إلى التهلكة ـ منها ، نظرا إلى الحكم والمصالح الإلهية.

فإن قلت : كيف لم يبايع ليزيد حتّى لا يصل إليه الضرر ، كما بايع أخوه الحسنعليه‌السلام ؟ قلت : هذا مجرد كلام ، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وذلك

٢٨٥

أنهعليه‌السلام رأى أخاه الحسنعليه‌السلام لما سالم معاوية ، وكيف فعل به أولا ، وكيف غدر به آخرا ، حتّى قتله مسموما. فما كان يصنع ابنه يزيد مع الحسينعليه‌السلام إلا أسوأ من هذا ، لأن معاوية كان فيه الدهاء ، وما كان يتجرأ على قتل الحسينعليه‌السلام ظاهرا ، ولهذا أوصى عند موته ليزيد ، أنك [إن] تظفر بالحسينعليه‌السلام فلا تقتله ، واذكر فيه القرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٩٢ ـ بين هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهجرة السبطعليه‌السلام :

(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ٣١)

يقول السيد هاشم معروف الحسني :

هناك هجرتان من أجل الإسلام ورسالة الإسلام :

الأولى منهما : كانت فرارا من الموت الّذي استهدف رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشخصه ، وقد نفّذها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من ربه ، ليتابع رسالته وينقذها من مشركي مكة وجبابرة قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.

والثانية : قام بها سبطه الزكي الحسين بن عليعليه‌السلام ولكنها كانت للشهادة ، بعد أن أدرك أن الأخطار المحدقة برسالة جده ، لا يمكن تفاديها وتجاوزها إلا بشهادته.

لقد هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة إلى المدينة لأجل رسالته ، بعد أن تآمرت قريش على قتله لتتخلص منها ، لأن بقاءها وانتشارها مرهون بحياته ، وبعد أن وجدت أن جميع وسائل العنف التي استعملتها معه خلال ثلاثة عشر عاما لم تغير من موقفه شيئا ، كما لم تجدها جميع الاغراءات والعروض السخية. وكان ردّه الأخير على عروض أبي سفيان وأبي جهل ومغرياتهما أن قال : «والله لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتّى يحكم الله أو أهلك دونه».

وظل الحزب الأموي بقيادة أبي سفيان وأبنائه يتحيّن الفرص ويستغل المناسبات ليجهض على الإسلام وعلى قادة الإسلام ، بعد أن عملوا بكل جهدهم لإفراغ الإسلام من مضمونه الحقيقي واتخاذه أداة ظاهرية للوصول إلى الحكم.

وحين عادت الجاهلية تعصف برياحها على بلاد الإسلام ، وتلقي بظلها على المسلمين ، سطع ضوء في الظلام ومن بين ركام الإسلام المتداعي ، وأضاءت للملأ

٢٨٦

ملامح أمل جديد في دياجي ذلك الظلام المطبق ، وبدا للعالم إنسان يخطّ على التراب بدمه هذه الكلمات :

«ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما».

إنه الحسين ، ابن علي وفاطمة الزهراءعليهم‌السلام سبط ذلك الرسول الّذي هاجر [الهجرة الأولى] من مكة إلى المدينة ، لأجل رسالته ولا نقاذها من الشرك والوثنية.جاء يهاجر [الهجرة الثانية] لأجل نفس الرسالة ولانقاذها من الشذوذ والانحراف والجور والفساد. خرج من مدينة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عاصمة أبيه الكوفة ، خرج مهاجرا لإحياء دين جده ورسالته ، وإيقاظ الآمال في نفوس الفقراء والمستضعفين ، الذين باتوا يساقون كالأنعام بيد الولاة والحكام.

ولقد رضي الحسينعليه‌السلام أن يقدّم نفسه وأهله قربانا لهذه الرسالة ، حين رأى الموت والشهادة أحلى إلى قلبه من العقد الّذي يزيّن جيد الفتاة ، وحين أدرك أن لا عزّة ولا كرامة إلا بالجهاد والفداء.

لقد هاجر الحسينعليه‌السلام من مدينة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أرض الشهادة والخلود ، ليقدّم دمه الزكي ودماء إخوته وأنصاره ثمنا لإحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنقاذها من الضياع والاندثار.

وهكذا كانت نهضة الحسينعليه‌السلام الامتداد الطبيعي لرسالة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجهاد الحسينعليه‌السلام امتدادا لجهاد جده وأبيهعليه‌السلام ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«حسين مني وأنا من حسين». فعقيدة الحسين هي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحيى وتبقى بالحسينعليه‌السلام .

٦ ـ معالم النهضة المقدسة

٢٩٣ ـ ثلاثة مشاعل من رسالة الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه للشيخ حبيب آل إبراهيم ، بعلبك ،

السنة العاشرة ، العدد الأول ، نيسان ١٩٦٨)

ماهي رسالة الحسينعليه‌السلام ؟

تعال نسأل عنها الإمام الحسين نفسه

في يوم شهادته بالذات رفع الشهيد شعارات ثلاثة ،

٢٨٧

كانت خير عنوان للرسالة التي خرج يؤديها بدمه ،

ودم الشهداء الذين معه.

هذه الشعارات هي : المسؤولية ـ التصميم ـ العزّة.

١ ـ المسؤولية :

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين».

هذه الكلمات مشاعل ، تضيء الطريق للسالكين ، بها يحدد سيد الشهداء أغراض نهضته : إنه لم يخرج طمعا بمنصب ولا عن انحراف ، إنما خرج يطلب الإصلاح في دين جده خاتم الرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يريد أمرا بمعروف ونهيا عن منكر.

ها هنا مشعل!. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنه المسؤولية ؛ مسؤولية المسلم عن عقيدته وممارستها.

ولقد كان أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام حيثما سار وثار ، نموذجا مثاليا للمسلم حين تحيق بعقيدته الآفات والأخطار.

ثم قال الحسينعليه‌السلام : «فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر ، حتّى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين».

إنه ينادي : أيها الناس لا يكن ميزان قبولكم إياي شخصي ، إنما اقبلوني لأني أمثّل حقا. فمن قبلني فإنما يقبل الحق ، ومن ردّ عليّ فإنما يردّ على الحق هكذا ترتفع المبادئ فوق الأشخاص. وحينذاك تضيع النفوس وحاجاتها ، ويبقى المبدأ هو القائم البارز. ونعم ، يبقى الشخص بمقدار ما يمثّل من مبدأ.

٢ ـ التصميم :

وقالعليه‌السلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ ، قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

٢٨٨

ها هو الحسينعليه‌السلام يعلن تصميمه على أداء رسالته ، وأنه لن يتراجع. وأنه يؤثر أن يموت ميتة الكرام في سبيل الرسالة ، على أن يطيع اللئام ولكن لماذا؟. من أين ينبع هذا التصميم؟.

من الله ورسوله ، ومن تربيته ، ومن نفسه. فلا الله يرضى له التراجع ولا رسوله ، ولا حقّ من ربّوه ، ولا نفسه.

مزيج من الدوافع ، لا أشمل ولا أكمل : الدين والتربية والنفسية. كلها تدفعه لأن يعلنها صريحة مدوّية : أنه لن يتراجع عن أداء رسالته ، ولو كلّفه ذلك مصرعه ...والدين في المقدمة.

وهذا مشعل!. الدين حافز لا يرضى التراجع ، ولا يقبل بأنصاف الحلول.

٣ ـ العزّة :

ثم قالعليه‌السلام : «لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».

كلمات تنضح بالعزة

إنه لن يسكت ذليلا ، ولن يسكت عبدا والمنحرفون يريدونه ذليلا وعبدا معا. ولو أنه ذل واستعبد لربما أنالوه ما يرضيه ؛ ولكنه عزّ ، وإذ عزّ ثار ولكم تكلّف.

العزة غاليا( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) [المنافقون : ٨].

وهذا مشعل!. الإيمان عزّ ، ولا ذلّ مع الإيمان.

٧ ـ أهداف نهضة الحسينعليه‌السلام

* مدخل :

قبل أن يسير الحسينعليه‌السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ، دعا بدواة وبياض وكتب وصية تاريخية لأخيه محمّد بن الحنفية. وهذه الوصية هي أفضل وثيقة صادرة عن صاحب النهضة ، يوضح فيها بجلاء أهداف نهضته المباركة ، يقول فيها :

«إني لم أخرج أشرا (أي فرحا) ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن

٢٨٩

المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسيرة أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين».

ففي هذه الوثيقة يبيّن الحسينعليه‌السلام ما يلي :

١ ـ أن نهضته ليس غرضها السلطان والدنيا وما يلازمها من الفرح والبطر ، ولا الإفساد والظلم.

٢ ـ أن نهضته تنطلق من مبدأ وجوب الإصلاح لكل فاسد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٣ ـ أن غايته الأولى والأخيرة إحقاق الحق الّذي أبطله المتحكمون والمبطلون ، المتمثل بسيرة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه عليعليه‌السلام .

٤ ـ أنه سوف يعمل جاهدا لتطبيق مبادئه السامية مستعينا بأنصار الحق ، وسوف يبذل في سبيل ذلك كل غال ورخيص ، ويصبر على تنفيذ ذلك ولو ضحّى بنفسه وما يملك.

والحسينعليه‌السلام رغم علمه بمصيره وشهادته ، التي وصلت حدّ الاشتهار ، إلا أنه كان يعمل وفق تكليفه الشرعي المبني على ظواهر الأمور.

٢٩٤ ـ هدفان رئيسيان للنهضة :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين لعبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٢)

لو تصفحنا الوثائق الأولى لقائد هذه الثورة ـ الحسينعليه‌السلام ـ لرأيناها تحمل الهدفين التاليين :

١ ـ الثورة على حكم يزيد ، أي تغيير الجهاز الحاكم.

٢ ـ إقامة الشريعة الاسلامية وتطبيقها ، في مقابل المخالفات التي أشاعها الحكام آنذاك.

٢٩٥ ـ الحسينعليه‌السلام فاتح وليس مغامرا :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٥٦)

كان الحسينعليه‌السلام يعتقد في نهضته أنه فاتح منصور ، لما في شهادته من إحياء دين الرسول وإماتة البدعة وتفظيع أعمال المناوئين وتفهيم الأمة أنه أحق بالخلافة من غيره ، وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم :

٢٩٠

«من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلفّ لم يبلغ الفتح»(١) .

فإنهعليه‌السلام لم يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلال وكسح أشواك الباطل عن الشريعة المطهرة ، وإقامة أركان العدل والتوحيد ، وأن الواجب على الأمة القيام في وجه المنكر.

وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله

لما سأله حين رجوعه إلى المدينة : «من الغالب؟». فقال السجّادعليه‌السلام : إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم ، تعرف الغالب!(٢) .

فإنه يشير إلى تحقّق الغاية التي ضحّى سيد الشهداء بنفسه القدسية من أجلها ، وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور الله تعالى ومحو ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمائة الشهادة له بالرسالة ، بعد أن كان الواجب على الأمة في أوقات الصلوات الخمس الإعلان بالشهادة لنبي الإسلام ، ذلك الّذي هدم صروح الشرك وأبطل عبادة الأوثان. كما وجب على الأمة الصلاة على النبي وعلى آله الطاهرين في التشهدين ، وأن الصلاة عليه بدون الصلاة على آله : بتراء(٣) .

كما أن العقيلة زينبعليها‌السلام أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد : «فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا يرحض عنك عارها وشنارها».

تصريحات الفيلسوف الألماني ماربين

٢٩٦ ـ أسرار شهادة الحسينعليه‌السلام للفيلسوف الألماني (ماربين):

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ٥٢)

قال الحكيم الألماني ماربين في كتابه (السياسة الإسلامية) من جملة كلام طويل :

لا يشك صاحب الوجدان إذا دقّق النظر في أوضاع ذاك العصر ، وكيفية نجاح بني

__________________

(١) كامل الزيارات ، ص ٧٥ ؛ وبصائر الدرجات للصفار ، ج ١٠ ص ١٤١.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي.

(٣) الصواعق المحرقة ، ص ٨٧.

٢٩١

أمية في مقاصدهم واستيلائهم على جميع طبقات الناس وتزلزل المسلمين ، أن الحسين قد أحيا بقتله دين جده وقوانين الإسلام. ولو لم تقع تلك الواقعة ، ولم تظهر تلك الحسّيات الصادقة بين المسلمين لأجل قتل الحسين ، لم يكن الإسلام على ماهو عليه الآن قطعا ، بل كان من الممكن ضياع رسومه وقوانينه حيث كان يومئذ حديث العهد.

عزم الحسينعليه‌السلام على إنجاح هذا المقصد وإعلان الثورة ضد بني أمية من يوم توفي والده ، فلما قام يزيد مقام معاوية خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة ، وكان يظهر مقصده العالي ، ويبث روح الثورة في المراكز الإسلامية المهمة كمكة والعراق وأينما حل ، فازدادت نفرة قلوب المسلمين ، التي هي مقدمة الثورة على بني أمية ، ولم يكن يجهل يزيد مقاصد الحسينعليه‌السلام ، وكان يعلم أن الثورة إذا أعلنت في جهة والحسين قائدها مع تنفر المسلمين عموما من حكومة بني أمية وميل القلوب وتوجه الانظار إلى الحسينعليه‌السلام ، عمّت جميع البلدان ، وفي ذلك زوال ملكهم وسلطانهم ، فعزم يزيد قبل كل شيء من يوم بويع على قتل الحسينعليه‌السلام . ولقد كان هذا أعظم خطأ سياسي صدر من بني أمية ، فجعلهم نسيا منسيا ولم يبق منهم أثر ولا خبر.

وأعظم الأدلة على أن الحسينعليه‌السلام أقدم على قتل نفسه ولم تكن من غرضه سلطنة ولا رئاسة ، هو أنه مضافا إلى ما كان عليه من العلم والسياسة والتجربة التي وقف عليها زمن أبيه وأخيه في قتال بني أمية ، كان يعلم أنه مع عدم تهيئة الأسباب له واقتدار يزيد ، لا يمكنه المقاومة والغلبة.

وكان يقول من يوم توفي والده إنه يقتل وأعلن يوم خروجه من المدينة أنه يمضي إلى القتل ، وأظهر ذلك لأصحابه والذين أتبعوه من باب إتمام الحجة ، حتى يتفرق الذين التفوا حوله طمعا بالدنيا ، وطالما كان يقول «وخير لي مصرع أنا لاقيه». ولو لم يكن قصده ذلك ولم يكن عالما عامدا ، لجمع الجنود ولسعى في تكثير أصحابه وزيادة استعداده ، لا أن يفرق الذين كانوا معه. ولكن لما لم يكن له قصد إلا القتل مقدمة لذلك المقصد العالي ، وإعلان الثورة المقدسة ضد يزيد ، رأى أن خير الوسائل إلى ذلك (الانفراد والمظلومية) ، فإنّ أثر هذه المصائب أشد وأكثر في القلوب.

من الظاهر أن الحسينعليه‌السلام مع ما كانت له من المحبوبية في قلوب المسلمين

٢٩٢

في ذلك الزمان ، لو كان يطلب قوة واستعدادا لأمكنه أن يخرج إلى حرب يزيد جيشا جرارا ، ولكنه لو صنع ذلك لكان قتله في سبيل السلطة والإمارة ، ولم يفز (بالمظلومية) التي انتجت تلك الثورة العظيمة. هذا هو الذي جعله لا يبقي معه إلا الذين لا يمكن انفكاكهم عنه ، كأولاده وإخوانه وبني أخوته وبني أعمامه وجماعة من خواص أصحابه ، حتى أنه أمر هؤلاء أيضا بمفارقته ، ولكنهم أبوا عليه ذلك ، وهؤلاء أيضا كانوا من المعروفين بين المسلمين بجلالة القدر وعظم المنزلة وقتلهم معه مما يزيد في عظم المصيبة وأثر الوقعة. نعم إن الحسينعليه‌السلام بمبلغ علمه وحسن سياسته بذل كمال جهده في إفشاء ظلم بني أمية وإظهار عداوتهم لبني هاشم وسلك في ذلك كل طريق.

ولما كان يعلم الحسينعليه‌السلام عداوة بني أمية له ولبني هاشم ، ويعرف أنهم بعد قتله يأسرون عياله وأطفاله ـ وذلك يؤيد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسلمين سيما العرب كما قد وقع ـ حملهم معه وجاء بهم من المدينة.

نعم إن ظلم بني أمية وقساوة قلوبهم في معاملاتهم مع حرم محمد وصباياه أثّر في قلوب المسلمين تأثيرا عظيما لا ينقص عن أثر قتله وأصحابه. ولقد أظهر في عمله هذا عقيدة بني أمية في الإسلام وسلوكهم مع المسلمين سيما ذراري نبيهم. لهذا كان الحسين يقول في جواب أصحابه والذين كانوا يمنعونه عن هذا السفر : «إني أمضي إلى القتل» ولما كانت أفكار المانعين محدودة وأنظارهم قاصرة لا يدركون مقاصد الحسينعليه‌السلام العالية ، لم يألوا جهدهم في منعه ، وآخر ما أجابهم به أن قال لهم «شاء الله ذلك وجدي أمرني به». فقالوا إن كنت تمضي إلى القتل فما وجه حملك النسوة والأطفال ، فقال : «إن الله شاء أن يراهن سبايا». ولما كان الحسين بينهم رئيسا روحانيا لم يكن لهم بدّ من السكوت.

ومما يدل على أنه لم يكن له غرض إلا ذلك المقصد العالي الذي كان في نفسه ، ولم يتحمل تلك المصائب لسلطنة وإمارة ولم يقدم على هذا الخطر من غير علم ودارية ـ كما تصوره بعض المؤرخين منا ـ أنه قال لبعض ذوي النباهة قبل الواقعة بأعوام كثيرة ، على سبيل السلوة : إنه بعد قتلي وظهور تلك المصائب المحزنة ، يبعث الله رجالا يعرفون الحق من الباطل ، يزورون قبورنا ، ويبكون على مصابنا ، ويأخذون بثأرنا من أعدائنا ، أولئك جماعة ينشرون دين الله وشريعة جدي ، وأنا وجدي نحبهم وهو يحشرون معنا يوم القيامة. وليتأمل المتأمل في كلام

٢٩٣

الحسينعليه‌السلام وحركاته يرى أنه لم يترك طريقا من السياسة إلا سلكه في إظهار شنائع بني أمية وعداوتهم القلبية لبني هاشم ومظلومية نفسه ، وهذا مما يدل على حسن سياسته وقوة قلبه وتضحية نفسه ، في طريق الوصول إلى المقصد الذي كان في نظره ، حتى أنه في آخر ساعات حياته عمل عملا حير عقول الفلاسفة ، ولم يصرف نظره عن ذلك المقصد العالي مع تلك المصائب المحزنة والهموم المتراكمة وكثرة العطش والجراحات ، وهو قصة (عبد الله الرضيع). فلما كان الحسينعليه‌السلام يعلم أن بني أمية لا يرحمون له صغيرا رفع طفله الصغير تعظيما للمصيبة على يده أمام القوم وطلب منهم أن يأتوه بشربة من الماء فلم يجيبوه إلا بالسهم.

ويغلب على الظن أن غرض الحسينعليه‌السلام من هذا العمل تفهيم العالم بشدة عداوة بني أمية لبني هاشم وأنها إلى أي درجة بلغت. ولا يظن أحد أن يزيد كان مجبورا على تلك الأعمال المفجعة لأجل الدفاع عن نفسه ، لأن قتل الطفل الرضيع في تلك الحال بتلك الكيفية ، ليس هو إلا توحش وعداوة سبعية ، منافية لقواعد كل دين وشريعة ، ويمكن أن تكون هذه الفاجعة كافية لافتضاح بني أمية ورفع الستار عن قبائح أعمالهم ونياتهم السيئة بين العالم ، سيما المسلمين ، وأنهم يخالفون الإسلام في حركاتهم بل يسعون بعصبية جاهلية إلى إبادة آل محمد وجعلهم أيدي سبأ.

ونظرا لتلك المقاصد العالية التي كانت في نظر الحسينعليه‌السلام مضافا إلى وفور علمه وسياسته التي كان لا يشك فيها اثنان لم يرتكب أمرا يوجب إجبار بني أمية للدفاع عن أنفسهم ، حتى أنه مع ذلك النفوذ والاقتدار الذي كان له في ذلك العصر لم يسع في تسخير البلاد الإسلامية وضمها إليه ولا هاجم ولاية من ولايات يزيد إلى أن حاصروه في واد غير ذي زرع ، قبل أن تبدو منه أقل حركة عدائية أو تظهر منه ثورة ضد بني أمية لم يقل الحسينعليه‌السلام سأكون ملكا أو سلطانا أو أصبح صاحب سلطة. نعم كان يبث روح الثورة في المسلمين بنشره شنائع بني أمية واضمحلال الدين إن دام ذلك الحال ، وكان يخبر بقتله ومظلوميته وهو مسرور. ولما حوصر في تلك الأرض القفراء أظهر لهم من باب إتمام الحجة بأنهم لو تركوه لرحل بعياله وأطفاله وخرج من سلطة يزيد ، ولقد كان لهذا الإظهار الدال على سلامة نفس الحسينعليه‌السلام في قلوب المسلمين غاية التأثير.

لقد قتل قبل الحسينعليه‌السلام ظلما وعدوانا كثير من الرؤساء الروحانيين وأرباب

٢٩٤

الديانات وقامت الثورة بعد قتلهم بين تابعيهم ضد الأعداء ، كما وقع مكررا في بني إسرائيل ، وقصة يحيى من أعظم الحوادث التاريخية ، ومعاملة اليهود مع المسيح لم ير نظيرها إلى ذلك العهد ، ولكن واقعة الحسينعليه‌السلام فاقت الجميع لم يرشدنا التاريخ إلى أحد من الروحانيين وأرباب الديانات أنه أقدم على قتل نفسه عالما عامدا لمقاصد عالية لا تنجح إلا بقتله ، فإن كل واحد من أرباب الديانات الذين قتلوا ، ثار عليهم أعداؤهم وقتلوهم ظلما ، وبمقدار مظلوميتهم قامت الثورة بعدهم ، ومقاصد الحسينعليه‌السلام كانت على علم وحكمة وسياسة وليس لها نظير في التاريخ ، فإنه لم يزل يوالي السعي في تهيئة أسباب قتله نظرا لذلك المقصد العالي ، ولم نجد في التاريخ رجلا ضحّى بحياته عالما عامدا لترويج ديانته من بعده إلا الحسينعليه‌السلام .

المصائب التي تحمّلها الحسينعليه‌السلام في طريق إحياء دين جده تفوق على مصائب أرباب الديانات السابقين ، ولم ترد على أحد منهم. نعم إن هناك رجالا قتلوا في طريق إحياء الدين ولكنهم لم يكونوا كالحسين ، فإنه ضحّى بنفسه العزيزة في طريق إحياء دين جده وفداه بأولاده وإخوانه وأقربائه وأحبابه وأمواله وعياله ، ولم تقع هذه المصائب دفعة واحدة حتى تكون في حكم مصيبة واحدة ، بل وقعت متوالية واحدة بعد أخرى ، ويختص الحسينعليه‌السلام دون غيره بتواتر أمثال هذه المصائب كما يشهد له التاريخ.

لم تنته المصائب التي وردت على الحسينعليه‌السلام من قتله وقتل أصحابه وتسيير نسائه وبناته ، إلا وانكشف الغطاء عن سرائر بني أمية وقبائح أعمالهم ، وظهرت بين المسلمين الحسيات السياسية ، وتوطدت أسباب الثورة ضد سلطنة يزيد وبني أمية ، وعلم الجميع أن بني أمية مخربو الإسلام ، وصار الجميع يرفض بدعهم وتقولاتهم ، وعرفوا بالظلم والغصب ، بالعكس من بني هاشم فإنهم عرفوا بالمظلومية وأن لهم الرئاسة الروحانية بالاستحقاق ، وإليهم تنمى الحقيقة الروحانية.

كأن المسلمين بعد قتل الحسينعليه‌السلام قد دخلوا في دور جديد وظهرت الروحانية الإسلامية بأجلى مظاهرها وتجددت بعد أن كانت مندرسة غائبة عن أذهان المسلمين وكما أنه لا يشك اثنان في تفوق مصائب الحسينعليه‌السلام على جميع مصائب روحاني السلف ، فكذلك لا يشك في الثورة التي حدثت بعده بأنها فاقت جميع الثورات السالفة وأن امتدادها وأثرها أكثر ، وأن بها ظهرت للعالم (مظلومية

٢٩٥

آل محمد) فكانت أولى نتائج هذه الثورة اختصاص الرئاسة الروحانية التي لها أهمية عظمى في عالم السياسة ببني هاشم ، وخصوصا في أولاد الحسينعليه‌السلام (فكان منهم أئمة الشيعة) ونظرة عموم المسلمين إلى بني هاشم سيما أولاد الحسين نظرهم إلى الروحانيين. ولم يطل العهد حتى نزعت تلك السلطة من بني أمية وزالت السلطة والقدرة من آل يزيد في أقل من قرن ، واندرست آثارهم على وجه لم يبق منهم عين ولا أثر. وأينما ذكرت أسماؤهم في متون الكتب قرنها المسلمون بكلمة الشماتة ، وكل ذلك نتيجة سياسة الحسين الذي يمكن أن يقال إنه لم يأت في أرباب الديانات والروحانيين رجل عرف عواقب الأمور مع بعد نظر وحسن سياسة كالحسينعليه‌السلام .

قبل أن تصل سبايا الحسين إلى الشام قامت الثورة ضد يزيد وظهرت بمظلومية الحسين سرائر بني أمية ، وكشف الغطاء عن نياتهم وتوجه اللوم على يزيد حتى من أهل بيته وحرمه(١) . وصار يزيد يسمع تقديس الحسينعليه‌السلام وأولاد علي وعظمتهم ومظلوميتهم بعد أن لم يكن يمكن ذكرهم عنده بخير. وكان يصعب عليه ذلك إلا أنه لم يكن له بدّ غير السكوت ، ولما أراد تبرئة نفسه من تلك الأعمال ألقى المسؤولية على عماله ولم يزل يسمع محامد الحسينعليه‌السلام . قال يزيد ذات يوم : إن سلطنة الحسين كانت أهون عليّ من هذا المقام العالي الذي فاز به آل علي وبنو هاشم.

وأخيرا فشيعة الحسينعليه‌السلام لم يزالوا يستفيدون من هذه الثورات ، وتزيد قوة بني هاشم وعظمتهم حتى لم يمض أقل من قرن إلا وصارت السلطنة الإسلامية الوسيعة في بني هاشم من دون مزاحم ، وأبادوا بني أمية على وجه لم يبق منهم اسم ولا رسم. (انتهى كلام ماربين).

__________________

(١) قال السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله صفحة ٢٠ : ولقد فشا الانكار على يزيد حتى من حريمه وأهل بيته ، حتى أن زوجته هند بنت عمرو بن سهيل وكان زوجة عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبره معاوية على طلاقها لرغبة يزيد فيها فإنها لما أبصرت الرأس مصلوبا على باب دارها ، والأنوار النبوية تتصاعد منه إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر طريا ويشم منه رائحة طيبة ، عظم مصابه في قلبها فلم تتمالك أن دخلت على يزيد في مجلسه مهتوكة الحجاب وهي تصيح : رأس ابن بنت رسول الله مصلوب على دارنا. فقام إليها وغطاها وقال لها : أعولي على الحسين فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد قصد بذلك تعمية الامر وإبعاد السبة عنه وذلك بإلقاء التبعة على عامله

٢٩٦

إنها لكلمات حرة صادقة جاءت على لسان رجل غربي مدقق مطّلع. ومن المؤسف أن نرى أمثال هذا الفيلسوف من الغربيين أشد إنصافا ودفاعا عن الحق ، حتى من علماء العرب أنفسهم (وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) صدق الله العظيم.

٢٩٧ ـ مختصر ما حصل للحسينعليه‌السلام حتّى مقتله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٧)

يقول السيوطي : فأما ابن الزبير فلم يبايع ، ولا دعا إلى نفسه.

وأما الحسينعليه‌السلام فكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية ، وهو يأبى. فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهموما ، يجمع الإقامة مرة ، ويريد المسير إليهم أخرى. فأشار عليه ابن الزبير بالخروج.

وكان ابن عباس يقول له : لا تفعل.

وقال له ابن عمر : «لا تخرج ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة. وإنك بضعة منه ، ولا تنالها (أي الدنيا).

(وفي رواية تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٢ ص ٣٥٧) : «لا ينالها أحد منكم ، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير ، فأبى».

واعتنقه [ابن عمر] وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل!. فكان ابن عمر يقول :غلبنا حسين بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة.

وكلّمه في ذلك أيضا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو واقد الليثي وغيرهم ، فلم يطع أحدا منهم.

وصمم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس : والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان ، فلم يقبل منه. فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير.

وبعث أهل العراق إلى الحسينعليه‌السلام الرسل والكتب يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ، ومعه طائفة من آل بيته ، رجالا ونساء وصبيانا.

فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجّه إليه جيشا من أربعة آلاف ، عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فخذله أهل الكوفة ، كما هو شأنهم مع

٢٩٧

أبيه من قبله. فلما رهقه السلاح عرض عليهم الاستسلام والرجوع ، والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده [هذه الدعوى مغلوطة من وضع الإعلام الأموي] فأبوا إلا قتله!. فقتل وجيء برأسه في طست ، حتّى وضع بين يدي ابن زياد ؛ لعن الله قاتله ، وابن زياد معه ويزيد أيضا.

ويتابع السيوطي حديثه فيقول : وكان قتله بكربلاء. وفي قتله قصة فيها طول ، لا يحتمل القلب ذكرها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقتل معه ستة عشر رجلا من أهل بيته

ولما قتل الحسينعليه‌السلام وبنو أمية ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه. اه

٨ ـ ثمرات النهضة الحسينية

٢٩٨ ـ نهضة الحسينعليه‌السلام تحقق أهدافها القريبة والبعيدة ، ثمرات نهضة الحسينعليه‌السلام :

(الأئمة الاثنا عشر لعادل الأديب ، ص ١٣٦)

لقد استطاعت ثورة الحسينعليه‌السلام أن تحقق من قيامها الثمرات التالية :

١ ـ وضع الحدّ الفاصل أمام الجماهير ، بين الإسلام الصحيح والحكم الأموي الخادع ، وتحطيم الإطار الديني المزيّف الّذي كان الأمويون يحيطون به سلطانهم ، وبيان مدى بعده عن الدين.

٢ ـ الشعور بالإثم : ولّد استشهاد الحسينعليه‌السلام المفجع في كربلاء في ضمير كل مسلم استطاع أن ينصره فلم ينصره ، بعد أن عاهده على الثورة ولّد فيهم الشعور بالإثم ، ولزوم التكفير عن ذلك التقصير.

ولقد قدّر لهذا الشعور بالإثم أن يظل دائم الأوار ، حافزا دائما إلى الثورة والانتقام ، من رؤوس الفتنة والانحراف ، وقدّر له أن يدفع الناس إلى الثورات على الأمويين والظالمين كلما سنحت الفرصة.

٣ ـ تنمية الروح النضالية في الإنسان المسلم ، وتحطيم كل الحواجز النفسية والاجتماعية التي حالت دون الثورة.

٢٩٨

ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسينعليه‌السلام في بعث روح الثورة والنضال في المجتمع الإسلامي ، يحسن بنا أن نلاحظ أن هذا المجتمع خلال عشرين عاما من مقتل الإمام عليعليه‌السلام وحتى ثورة الحسينعليه‌السلام أخلد إلى السكون ولم يقم بأي ثورة أو احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والظلم والقتل وسرقة أموال الأمة ، التي كان يقوم بها الأمويون وأعوانهم ، بل خلد إلى الخنوع والنوم والتسليم.

أما بعد ثورة الحسينعليه‌السلام واستشهاده ، فقد اندلعت الثورات على يد الجماهير وتوثّبت الروح النضالية فيهم ، وبدؤوا يبحثون عن زعيم يقودهم لنزع قيد الخنوع والاستسلام ، وإرجاع الحياة والحركة للإسلام. ونلاحظ هذه الروح الثورية في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسينعليه‌السلام والتي هي في واقعها تثأر لكرامة الإسلام والمسلمين.

٢٩٩ ـ ثورات على خطّ الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٩)

ونجمل هنا ذكر بعض هذه الثورات :

١ ـ ثورة التوابين : التي اندلعت في الكوفة بقيادة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ، وكانت ردّ فعل مباشر لمقتل الحسينعليه‌السلام ، وانطلقت من مبدأ الشعور بالإثم والتقصير في نصرة الحسينعليه‌السلام . وكانت سنة ٦٥ ه‍.

٢ ـ ثورة أهل المدينة : وكانت تهدف إلى تقويض سلطان الأمويين الظالم اللاإسلامي ، وقد بدأت هذه الثورة بطرد حاكم يزيد من المدينة ، ومعه كل الأمويين وعددهم ألف شخص. فكان من نتيجة ذلك أن بعث يزيد بالمجرم السفّاك مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي اشتهر باسم (مسرف) من شدة ما أسرف في قتل أهل المدينة من أبناء الصحابة والتابعين. وقد سبى المدينة ثلاثة أيام ، حتّى أن جيشه افتضّ ألف فتاة عذراء من بنات الصحابة الأجلاء.

٣ ـ ثورة المختار الثقفي : الّذي خرج من العراق طالبا الأخذ بالثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام ، وذلك سنة ٦٦ ه‍. فتتبّع المختار قتلة الحسينعليه‌السلام وآله ، وقتلهم ومثّل بهم. فقتل منهم في يوم واحد مائتين وثمانين رجلا ، حتّى قتل منهم الآلاف.ولم ينج منه أحد ، حتّى عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وأضرابهم.

٢٩٩

٤ ـ ثورة ابن الأشعث : وفي سنة ٨١ ه‍ ثار عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجاج في العراق ، وخلع عبد الملك بن مروان. وقد استمرت ثورته إلى سنة ٨٣ ه‍ ، وأحرزت انتصارات عسكرية ، ثم قضى عليها الحجاج بمساعدة جيوش شامية.

٥ ـ ثورة الشهيد زيد بن علي : وفي سنة ١٢٢ ه‍ ثار في الكوفة على طغيان الأمويين زيد بن علي ، وهو ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام . ولكن سرعان ما أخمدت ثورته ، وقتل وصلبرحمه‌الله .

وكان من نتيجة هذه الثورات تقويض ملك بني أمية خلال تسعين سنة ، وقد كان يتوقع له أن يستمر مئات السنين.

فلسفة الابتلاء

٣٠٠ ـ الدنيا دار ابتلاء :

(الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري : اعلم أيّدك الله أن البلاء إنما كتب على المؤمن ، وأن الدنيا ليست بدار ثواب ولا بدار عقاب ، لم يرض سبحانه بأن يجعل ثواب المؤمن فيها ولا عقاب الكافر فيها ، وذلك لقلة أيامها ونقصان الأعمار فيها ، ومن ثم بعث الدواهي والمصائب فيها إلى أحبابه وأقاربه.

ولا مصيبة مثل مصيبة مولانا الحسينعليه‌السلام ، فإنها هدّت أركان الدين وصدّعت قواعد الشرع المبين ، وأبكت الأجفان وأقرحت القلوب. ولعمري إنها المصيبة التي يتسلى بها المؤمن عن كل مصاب ، والداهية المنسية له مفارقة الخلان والأحباب.

٣٠١ ـ المؤمن أشدّ ابتلاء :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦٨)

روي أن رجلا جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوقف بين يديه ، فقال : يا رسول الله إني أحب اللهعزوجل ، فقال : استعدّ للبلاء!. فقال : يا رسول الله وإني أحبك ، فقال له : استعدّ للفقر!. فقال : وإني أحبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : استعدّ لكثرة الأعداء!.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

١١- ما قبل الله التوبة إلا بولايتنا أهل البيت.

قال الصادقعليه‌السلام :إن علياعليه‌السلام كان يقول:

«لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين:رجل يزداد كل يوم إحسانا،و رجل يتدارك سيئته بالتوبة،و أنى له بالتوبة؟و الله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت».

*الامالي للصدوق المجلس ٩٥ الحديث ٢ ص ٧٦٥،بحار الانوار ج ١٣ ص ٣٣٩ الرقم .١٤

٤٦١

١٢- سيغفر الله ذنوب المطيعين لنا.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«و أما المطيعون لنا فسيغفر الله ذنوبهم،فيزيدهم إحسانا إلى حسناتهم».

قالوا:يا أمير المؤمنين،و من المطيعون لكم؟قال:

«الذين يوحدون ربهم،و يصفونه بما يليق به من الصفات،و يؤمنون بمحمد نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و يطيعون الله في إتيان فرائضه و ترك محارمه،و يحيون أوقاتهم بذكره،و بالصلاة على نبيه محمد و آله الطيبين،و ينفون عن أنفسهم الشح و البخل،فيؤدون ما فرض عليهم من الزكاة و لا يمنعونها».

*التفسير المنسوب الى الامام العسكريعليه‌السلام ص ٥٥٤ الرقم ٣٢٨،بحار الانوار ج ٦٨ ص ١٦٤ الرقم ١٢،مستدرك الوسائل ج ١١ ص ٢٥٧ الرقم .١٢٩٢١

٤٦٢

١٣- لن ينجو من فخاخ الشياطين إلا من تثبت بنا.

من وصايا أمير المؤمنينعليه‌السلام لكميل بن زياد:«يا كميل إن الأرض مملوءة من فخاخهم(١) فلن ينجو منها إلا من تثبت(٢) بنا،و قد أعلمك الله عز و جل أنه لن ينجو منها إلا عباده و عباده أولياؤنا.يا كميل و هو قول الله عز و جل:( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَکَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) (٣) و قوله عز و جل:( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِکُونَ‌ ) (٤) ،يا كميل أنج بولايتنا من أن يشركك في مالك و ولدك كما أمر»(٥) .

*بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص ٢٨،تحف العقول ص .١٧٤

____________________

(١)أي من فخاخ الشياطين و الفخاخ جمع الفخ و هو آلة يصاد بها.

(٢)و في بعض النسخ:تشبث.

(٣)الاسراء: .٦٥

(٤)النحل: .١٠٠

(٥)الاسراء:٦٤،( وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِکَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِکَ وَ رَجِلِکَ وَ شَارِکْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَ الْأَوْلاَدِ... ) .

٤٦٣

١٤- إن استصرخوكم فانصروهم.

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد ذكره الفتن الحادثة بعده،فقام رجل فقال:يا أمير المؤمنين ما نصنع في ذلك الزمان؟فقال عليعليه‌السلام :

«أنظروا أهل بيت نبيكم فإن لبدوا فالبدوا،و إن استصرخوكم فانصروهم تؤجروا،فلا تسبقوهم فتصرعكم البلية».

*الغارات للثقفي ص ٩،كتاب سليم بن قيس الحديث ١٧ ص ٧١٥،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٧ ص ٥٨ و ٧٦،بحار الانوار ج ٣٤ ص ٢٦١ الرقم .١٠٠٦

٤٦٤

١٥-اذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردوه إلينا.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :«إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردوه إلينا،وقفوا عنده،و سلموا حتى يتبين لكم الحق،و لا تكونوا مذاييع عجلى(١) ،إلينا يرجع الغالي و بنا يلحق المقصر الذي يقصر بحقنا.من تمسك بنا لحق،و من سلك غير طريقتنا غرق».

*الخصال للصدوق حديث الأربعمائة ص ٦٢٧،بحار الانوار ج ٢ ص ١٨٩ الرقم .٢٠

____________________

(١)المذياع:الذي لا يكتم سرا،جمعه مذاييع.و العجلى:مؤنث عجلان بمعنى عجول.

٤٦٥

١٦-الويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلف.

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«...يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة،هذه مثلها فيكم فاركبوها،فكما نجا في هاتيك من نجا،فكذلك ينجو في هذه من دخلها،أنا رهين بذلك قسما حقا و ما أنا من المتكلفين،و الويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلف!أما بلغكم ما قال فيهم نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث يقول في حجة الوداع:إنى تارك فيكم الثقلين،ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا:كتاب الله و عترتي أهل بيتي،و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض،فانظروا كيف تخلفوني فيهما.ألا هذا عذب فرات فاشربوا،و هذا ملح أجاج فاجتنبوا».

*الارشاد للمفيد ج ١ ص ٢٣٣،تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢١١،الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٦٢٤،كشف اليقين ص ١٨٨،بحار الانوار ج ٢ ص ٩٩ الرقم .٥٩

٤٦٦

١٧- الله الله في ذرية نبيكم.

من وصية أمير المؤمنينعليه‌السلام قبل رحيله:«...الله الله في ذرية نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا يظلمن بحضرتكم و بين ظهرانيكم و أنتم تقدرون على الدفع عنهم».

*الكافي ج ٧ ص ٥٢ الرقم ٧،الامالي للطوسي المجلس ١٨ الحديث ٦٤ ص ٥٢٢،مناقب الخوارزمي ص ٣٨٥- ٣٨٦،تحف العقول ص ١٩٨،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ١٢٠،بحار الانوار ج ٤٢ ص ٢٤٩ الرقم .٥١

٤٦٧

١٨- من استبدل بنا هلك.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«...و اعلموا أن الله تبارك و تعالى يبغض من عباده المتلون،فلا تزولوا عن الحق و ولاية أهل الحق،فإنه من استبدل بنا هلك و من اتبع أمرنا لحق و من سلك غير طريقنا غرق،فإن لمحبينا أفواج من رحمة الله و إن لمبغضينا أفواج من عذاب الله.

طريقنا القصد و في أمرنا الرشد،أهل الجنة ينظرون إلى منازل شيعتنا كما يرى الكوكب الدري في السماء.

لا يضل من اتبعنا،و لا يهتدي من أنكرنا،و لا ينجو من أعان علينا،و لا يعان من أسلمنا،فلا تخلفوا عنا لطمع دنيا و حطام زائل عنكم و تزولون عنه،فإنه من اثر الدنيا عظمت حسرته غدا،و كذلك قال الله تعالى:( يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) (١) .

سراج المؤمن معرفة حقنا،و أشد العمى من عمى فضلنا،و ناصبنا العداوة بلا ذنب،إلا أنا دعوناه إلى الحق و دعاه غيرنا إلى الفتنة فاثرها علينا.لنا راية الحق من استظل بها كنته،و من سبق إليها فاز بعلمه».

*تفسير فرات الكوفي ص ٣٦٨- ٣٦٨ الرقم ٤٩٩،الخصال للصدوق حديث الاربعمائة ص ٦٣١،بحار الانوار ج ٦٨ ص .٦١

____________________

(١)الزمر: .٥٦

٤٦٨

١٩- من عدل عن ولايتنا فهم عن الصراط لناكبون.

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام قاله لابن الكواء في جواب سؤاله عن آية الاعراف:

«...إن الله تبارك و تعالى لو شاء لعرف العباد نفسه و لكن جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله و الوجه الذي يؤتى منه،فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا،فإنهم عن الصراط لناكبون،فلا سواء من اعتصم الناس به،و لا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض،و ذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها،لا نفاد لها و لا انقطاع».

*الاصول من الكافي ج ١ ص ١٨٤ الرقم ٩،بصائر الدرجات الباب ١٦ الحديث ٨ ص ٥١٧،تفسير فرات الكوفي ص ١٤٣ الرقم ١٧٤،شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج ١ ص ٢٦٣ الرقم ٢٥٦،الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٥٤٠،تفسير مجمع البيان ج ٤ ص ٦٥٣،كشف المحجة للسيد بن طاووس الفصل ١٥٦ ص .٢٧٣

٤٦٩

٢٠- من تخلف عنا قصر عنا.

من وصايا أمير المؤمنينعليه‌السلام لكميل بن زياد:

«يا كميل بن زياد سم كل يوم باسم الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و توكل على الله و اذكرنا و سم بأسمائنا و صل علينا،و استعذ بالله ربنا و أدرء(١) عن نفسك و ما تحوطه عنايتك(٢) تكف شر ذلك اليوم...يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا...

يا كميل إنما المؤمنون من قال بقولنا،فمن تخلف عنا قصر عنا،و من قصر عنا لم يلحق بنا،و من لم يكن معنا ففي الدرك الأسفل من النار.

يا كميل كل مصدور ينفث(٣) فمن نفث إليك منا بأمر و أمرك بستره فإياك أن تبديه فليس لك من إبدائه توبة فإذا لم يكن لك توبة فالمصير إلى لظى.

يا كميل إذاعة سر آل محمدعليهم‌السلام لا يقبل الله تعالى منها و لا يحتمل عليها أحدا،يا كميل و ما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه إلا مؤمنا موفقا.

يا كميل لا تعلم الكافرين أخبارنا فيزيدوا عليها فيبدوكم بها يوم يعاقبون عليها...

يا كميل إنه مستقر و مستودع،فاحذر أن تكون من المستودعين،يا كميل إنما تستحق أن تكون مستقرا إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج و لا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه و هديناك إليه...

*بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص ٢٥- ٢٨،تحف العقول ص ١٧١- .١٧٤

____________________

(١)درأه:دفعه دفعا شديدا.

(٢)أي:ما تهتم بأمره و حفظه و تعاهده،من حاطه و تحوطه حوطا و حياطة:اذا حفظه و تعهده و اهتم بأمره.

(٣)المصدور:الذي يشتكي من صدره،و المقصود:الممنوع عن بغيته.ينفث:أي يلقى ما في صدره من قيح أو دم أو غيظ و حرارة و المعنى:كل من اعترضه في حلقه شجى يصيح و يتنفس الصعداء و يلهج بما أسره،فاياك و اظهار اسراره للاشرار و الحمقاء.

٤٧٠

٢١- لا تختانوا ولاتكم.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«لا تختانوا ولاتكم،و لا تغشوا هداتكم،و لا تجهلوا أئمتكم،و لا تصدعوا عن حبلكم فتفشلوا و تذهب ريحكم،و على هذا فليكن تأسيس أموركم،و ألزموا هذه الطريقة،فإنكم لو عاينتم ما عاين من قد مات منكم ممن خالف ما قد تدعون إليه،لبدرتم و خرجتم و لسمعتم،و لكن محجوب عنكم ما قد عاينوا،و قريبا ما يطرح الحجاب».

*الاصول من الكافي ج ١ ص ٤٠٥ الرقم ٣،بحار الانوار ج ٢٧ ص ٢٤٥ الرقم .٥

٤٧١

٢٢- لا تزولوا عنهم فتفرقوا.

من وصية أمير المؤمنينعليه‌السلام لما ضرب:

«...فلا تزولوا عنهم فتفرقوا،و لا تتحرفوا عنهم فتمزقوا،و ألزموهم تهتدوا و ترشدوا،و اخلفوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم بأحسن الخلافة،فقد أخبركم أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض،أعني كتاب الله و ذريته...».

*دستور معالم الحكم ص .٨٨

٤٧٢

٢٣- لا تخلفوا عنهم فتزلوا.

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«إن مثلنا فيكم كمثل الكهف لأصحاب الكهف،و كباب حطة و هو باب السلم،فادخلوا في السلم كافة».

و قالعليه‌السلام في خطبته هذه:

«و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال:إني و أهل بيتي مطهرون،فلا تسبقوهم فتضلوا،و لا تخلفوا عنهم فتزلوا،و لاتخالفوهم فتجهلوا،و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم،هم أعلم الناس صغارا،و أعلم الناس كبارا،فاتبعوا الحق و أهله حيثما كان،و زايلوا الباطل و أهله حيثما كان».

*الغيبة للنعماني الباب ٢ ص ٤٤،تفسير القمي ص ٤- ٥،بحار الانوار ج ٢٣ ص ١٣٠ الرقم .٦٢

تكملة: اتباع أهل البيتعليهم‌السلام

٦- «فعجبنا لكم و لإجلابكم معه(أي مع معاوية)و انقيادكم له،و تدعون أهل بيت نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين لا ينبغي لكم شقاقهم و لا خلافهم،و لا أن تعدلوا بهم أحدا من الناس».

١٨- «حربي حرب الله،و سلمي سلم الله،و طاعتي طاعة الله،و ولايتي ولاية الله،و شيعتي أولياء الله،و أنصاري أنصار الله».

٥١- «إنما الطاعة لله و لرسوله و لولاة الأمر،و إنما أمر الله عز و جل بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر،و إنما أمر بطاعة اولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته».

٧٧-

«فويل ثم ويل ثم ويل

لمن يلقى الإله غدا بظلمي

‏و ويل ثم ويل ثم ويل

لجاحد طاعتي و مريد هضمي

‏و ويل للذي يشقى سفاها

يريد عداوتي من غير جرمي»

٨٧- «و تقربوا إلى الله بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه و لا تمسكوا بعصم الكوافر ...أفتدرون الاستكبار ما هو؟هو ترك الطاعة

٤٧٣

لمن أمروا بطاعته و الترفع على من ندبوا إلى متابعته،و القرآن ينطق من هذا عن كثير».

١١١- «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :...فمن سره أن يدخل جنة ربه فليتول عليا و الأوصياء من بعده و ليسلم لفضلهم،فإنهم الهداة بعدي».

١١٩- «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :...يا علي و الذي بعثني بالنبوة و اصطفاني على جميع البرية لو أن عبدا عبد الله تعالى ألف عام ما قبل الله ذلك منه إلا بولايتك و ولاية الأئمة من ولدك».

١٧٩- «لا فاز أخد و لا نال الروح و الجنة إلا من لقي خالقه بالإخلاص لهما(أي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و عليعليه‌السلام )و الاقتداء بنجومهما،فايقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم و شرف مقعدكم و كرم مآبكم و بفوزكم اليوم على سرر متقابلين».

٢٦٩- «فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن و ردوهم ورود الهيم العطاش».

٢٨٠- «فليهنأ بالنعمة من تمسك بولايتنا،و قبض على عروتنا».

٣٣٨- «عليكم بالطاعة و المعرفة بمن لا تعذرون بجهالته».

٤٧٤

خاتمة

الصلوات على محمد و آل محمد

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام في يوم الجمعة:

«...( إِنَّ اللَّهَ وَ مَلاَئِکَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (١) .اللهم صل على محمد و آل محمد و بارك على محمد و آل محمد و تحنن على محمد و آل محمد و سلم على محمد و آل محمد كأفضل ما صليت و باركت و ترحمت و تحننت و سلمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم أعط محمدا الوسيلة و الشرف و الفضيلة و المنزلة الكريمة،اللهم اجعل محمدا و آل محمد أعظم الخلائق كلهم شرفا يوم القيامة و أقربهم منك مقعدا و أوجههم عندك يوم القيامة جاها و أفضلهم عندك منزلة و نصيبا،اللهم أعط محمدا أشرف المقام و حباء(٢) السلام و شفاعة الإسلام،اللهم و ألحقنا به غير خزايا(٣) و لا ناكبين(٤) و لا نادمين و لا مبدلين،إله الحق آمين».

*الروضة من الكافي ج ٨ ص ١٧٥ الرقم .١٩٤

____________________

(١) الاحزاب: .٥٦

(٢) الحباء- بكسر الحاء- :العطية.

(٣) غير خزايا:غير فضحين و موهونين.

(٤) لا ناكبين:أي غير عادلين عن طريقته.

٤٧٥

الفهرس

الباب الأول: إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ١١

الفصل الأوّل تصريحة عليه‌السلام بإمامته أنا أحق الناس بالأمر ١٣

١- إني أحق الناس بالخلافة ١٤

٢- محلي منها محل القطب من الرحا ١٥

٣-أنا و الله أولى بالأمر و أحق به ١٦

٤- قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و أنا أحق الناس بهذا الأمر ١٧

٥-أنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ١٨

٦- نحن آل الرسول و أحق بالأمر أنا أولى الناس بالأمر ١٩

١-أولى الناس بأمر الامة أقربها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ٢٠

٢- هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ ٢١

٣- أولى الناس بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أحق بالأمر ٢٢

٤-أنا أولى الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ٢٣

٥- لقد قبض الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله و لأنا أولى الناس به ٢٤

٦- فمن ذا أحق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مني حيا و ميتا؟ ٢٥

٧- أنا أولي بالناس مني بقميصي هذا ٢٦

٨- أنا أولى بالامر ممن تقدمني ٢٧

٩- نحن آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله و أولى به ٢٨

١٠- رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منا و نحن منه أنا الإمام ٢٩

١-أنا إمام المسلمين ٣٠

٢-أنا إمام البرية ٣١

٣-أنا إمام البرية بعد خير الخليقة ٣٢

٤-أنا إمام المتقين ٣٣

٥-أنا و الله الامام المبين ٣٤

٤٧٦

٦- خرج عليكم الإمام أنا الوصي ٣٥

١- هل تعلمون للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وصيا غيري؟ ٣٦

٢-أتعلمين أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعلني وصيا على أهله؟ ٣٧

٣- نعم الأخ أخوك علي و استوص به ٣٨

٤- خصني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالوصية ٣٩

٥- مكتوب على قائمة العرش:أن عليا وصي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ٤٠

٦-إن الله أوحى إلى نبيه أن يوصي إلي ٤١

٧-أنا وصي خير البشر ٤٢

٨-أنا وصي خير الأنبياء ٤٣

٩-أنا وصي الأوصياء ٤٤

١٠-أنا سيد الوصيين ٤٥

١١-أنا خير الوصيين ٤٦

١٢- لا ينكر هذا إلا راد على الله و رسوله أنا أمير المؤمنين ٤٧

١-إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني في حياته على جميع امته ٤٨

٢- هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :إنه أمير المؤمنين؟ ٤٩

٣-إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن ادعي بإمرة المؤمنين ٥٠

٤-أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بالسلام علي في حياته بإمرة المؤمنين ٥١

٥-الله جل جلاله أمرني على المؤمنين تصريحات اخرى ٥٢

١-إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ٥٣

٢- قضاء من الله على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ٥٤

٣-أنا خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و وزيره ٥٥

٤-أفيكم أحد قضى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ديونه غيري؟ ٥٦

٥-الإمامة لإبراهيم عليه‌السلام و ذريته ٥٧

٦- ترك كتاب الله و أهل بيته إمامين الفصل الثاني: احتجاجه عليه‌السلام بالقرآن آية اولي الأمر ٥٨

١-الآية لنا أهل البيت ٥٩

٢-أهل البيت هم اولوا الأمر ٦٠

٤٧٧

٣-احتجاجه عليه‌السلام بالآية يوم الشورى ٦١

٤-احتجاجه عليه‌السلام بالآية أيام خلافة عثمان ٦٢

٥-احتجاجه عليه‌السلام بالآية على الناكثين ٦٣

٦-إنما الطاعة لله و لرسوله و لولاة الأمر ٦٤

٧- قرن الله طاعتنا بطاعته و طاعة رسوله آية إكمال الدين ٦٥

١-أنزل الله:اليوم أكملت لكم دينكم ٦٦

٢- بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم ٦٧

٣- كانت ولايتي كمال الدين و رضا الرب آية الولاية ٦٨

١- نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ٦٩

٢-أنزل الله تبارك و تعالى في ٧٠

٣-احتجاجه عليه‌السلام بالآية يوم الشورى ٧١

٤-إقرؤوا إن شئتم:إنما وليكم الله آيات اخرى ٧٢

١-إن الله اصطفاه عليكم ٧٣

٢-إن الله اصطفى...آل ابراهيم...على العالمين ٧٤

٣- و آتيناهم ملكا عظيما ٧٥

٤- و اولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ٧٦

٥- فاسألوا أهل الذكر ٧٧

٦-إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ٧٨

الفصل الثالث: احتجاجه عليه‌السلام بيوم الغدير ٧٩

١-استناده عليه‌السلام بحديث الغدير في المسجد بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ٨٠

٢-استناده عليه‌السلام بحديث الغدير بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ٨١

٣-استناده عليه‌السلام بحديث الغدير يوم الشورى ٨٢

٤-استناده عليه‌السلام بحديث الغدير أيام خلافة عثمان ٨٣

٥-استناده عليه‌السلام بحديث الغدير يوم الجمل ٨٤

٦-استناده عليه‌السلام بحديث الغدير يوم صفين ٨٥

٧-استناده عليه‌السلام بحديث الغدير في الرحبة ٨٦

٤٧٨

٨- دعاؤه عليه‌السلام على أنس بن مالك حين كتم الشهادة ٨٧

٩- دعاؤه عليه‌السلام على زيد بن أرقم حين كتم الشهادة ٨٨

١٠-اللهم من كتم هذه الشهادة تجعل به آية يعرف بها ٨٩

١١- دعاؤه عليه‌السلام على الأربعة الذين كتموا الشهادة ٩٠

١٢- ذكره عليه‌السلام يوم الغدير في جمع أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ٩١

١٣-اما سمعتم قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الغدير؟ ٩٢

١٤-ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حضر الشجرة بخم ٩٣

١٥-اخذ بيدي يوم غدير خم فقال: ٩٤

١٦- من كنت مولاه فعلي مولاه ٩٥

١٧-اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ٩٦

١٨-ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقامني للناس كافة يوم غدير خم ٩٧

١٩-اوجب لي ولايته عليكم ٩٨

٢٠- فقام لي بالولاية من الله ٩٩

٢١- عممني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم ١٠٠

٢٢- خطبته عليه‌السلام في عيد الغدير ١٠١

الفصل الرابع: احتجاجه عليه‌السلام بحديث الدار ١٠٩

١- قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :فايكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي؟ ١١٠

٢- فقمت إليه و كنت أصغر القوم ١١١

الفصل الخامس: احتجاجه عليه‌السلام بحديث الثقلين ١١٢

١-استناده عليه‌السلام بحديث الثقلين يوم الشورى ١١٣

٢-استناده عليه‌السلام بحديث الثقلين أيام خلافة عثمان ١١٤

٣- نحن الثقل الأصغر و القرآن الثقل الأكبر ١١٥

٤-اما بلغكم ما قال فيهم نبيكم؟ ١١٦

٥- قد تركت فيكم الثقلين ١١٧

٦- كتاب الله و عترتي أهل بيتي ١١٨

٧-انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ١١٩

٤٧٩

٨- فلا تتقدموهم فتمزقوا ١٢٠

٩- و لا تقدموهم فتضلوا ١٢١

١٠- معنى حديث الثقلين الفصل السادس: احتجاجه عليه‌السلام بحديث المنزلة ١٢٢

١-استناده عليه‌السلام بحديث المنزلة بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٢٣

٢-استناده عليه‌السلام بحديث المنزلة يوم الشورى ١٢٤

٣-استناده عليه‌السلام بحديث المنزلة أيام خلافة عثمان ١٢٥

٤-استناده عليه‌السلام بكلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح خيبر ١٢٦

٥-استناده عليه‌السلام بكلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزاة تبوك ١٢٧

٦- ذكره عليه‌السلام حديث المنزلة عن مناقبه الخاصة ١٢٨

٧- انا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة هارون من موسى ١٢٩

٨- قال لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ١٣٠

٩- يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى ١٣١

١٠- الا أنه لا نبي بعدي ١٣٢

١١- أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ١٣٣

١٢- علي وصيي و هو مني بمنزلة هارون من موسى ١٣٤

الفصل السابع: احتجاجه عليه‌السلام بوصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٣٦

١- إن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى إلى آله ١٣٧

٢- أوصى إلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٣٨

٣- يا علي اقبل وصيتي ١٣٩

٤- قلت:بأبي و أمي أرجو أن يعينني ربي و يثبتني ١٤٠

٥- هل فيكم أحد وصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهله و ماله غيري؟ ١٤١

٦- إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني في وصيته بقضاء ديونه و عداته ١٤٢

٧- وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الوفاة ١٤٣

الفصل الثامن: احتجاجه عليه‌السلام بأحاديث سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث الإمامة ١٤٥

١- يا علي أنت أمير المؤمنين و إمام المتقين ١٤٦

٢- يا علي أنت الإمام و الخليفة من بعدي ١٤٧

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735