موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 487412 / تحميل: 5757
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

فقلت: إبعثني مصدّقاً. قال: فجعلت أقرأ الكتاب وأقول: صدق. فأمسك يدي والكتاب وقال:

تبغض علياً؟!

قلت: نعم.

قال: فلا تبغضه، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّاً، فو الّذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.

قال: فما كان من الناس أحد بعد رسول الله أحبّ إليَّ من علي.

وفي رواية: فلمـّا أتيت النبيّ دفعت الكتاب فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجهه. فقلت: يا رسول الله، هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجلٍ وأمرتني أنْ أُطيعه، ففعلت ما أمرت. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

خرّجهما أحمد »(١). .

وفي ( ذخائر العقبى ):

« ذكر أنّه من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأنّه وليّ كلّ مؤمنٍ بعده

عن عمران بن حصين عن عمرو بن ميمون قال: إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه »(٢). إلى آخر الحديث بطوله كما تقدّم في رواية أحمد والحاكم وغيرهما فلا نكرّر.

ترجمة المحبّ الطبري

والمحبّ الطبري فقيه، محدّث، كبير، كان شيخ الحرم في عصره،

__________________

(١). الرياض النضرة في مناقب العشرة ٣ / ١٢٩ - ١٣٠.

(٢). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ٨٦.

٢٠١

فلاحظ:

١ - تذكرة الحفّاظ ٤ / ٢٥٥.

٢ - النجوم الزاهرة ٨ / ٧٤.

٣ - مرآة الجنان ٤ / ٢٢٤.

٤ - طبقات السبكي ٥ / ٨.

٥ - شذرات الذهب ٥ / ٤٢٥.

٦ - البداية والنهاية ١٣ / ٣٤٠.

٧ - طبقات الحفاظ: ٥١٤، قال:

« المحبّ الطبري، الإمام المحدّث فقيه الحرم، أبو العبّاس أحمد بن عبد الله بن محمّد بن أبي بكر المكي الشافعي وكان إماماً، زاهداً صالحاً، كبير الشأن. مات في جمادى الآخرة، سنة ٦٩٤».

(٣٤)

رواية صدر الدين الحمويني الجويني

ورواه صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمّد الحمويني الجويني، بسنده قائلاً: « أخبرني الشيخ الإمام نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني - بقراءتي عليه بإسفراين في أواخر شهر جمادى الأخرى سنة ٦٧٥ - بروايته عن والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء سعد الحق والدين، قدوة الواصلين والعارفين محمّد بن أبي بكر الحموئي - تغمّده الله بغفرانه، إجازةً - بروايته عن شيخ شيوخ الإسلام نجم الحق والدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمّد بن عبد الله الصوفي الخيوقي المعروف بكبرى - رضوان الله عليه، إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أنبأنا محمّد بن عمر بن

٢٠٢

علي الطوسي - بقراءتي بنيسابور - قال: أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي الفضل السقّائي، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن طلحة الجنابذي قال: حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن محمّد المفتي، نبأ ابن شاهين، نبأ أبو القاسم البغوي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا جعفر بن سليمان، نبأ يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين:

إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي»(١). .

من مصادر ترجمة الحمويني

وهذه عدّة من مصادر ترجمة الحمويني:

١ - تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٥٠٥.

٢ - المعجم المختص

٣ - طبقات الأسنوي ١ / ٢١٧ قال:

« الصّدر الحموي، صدر الدين، إبراهيم بن سعد الدين محمّد بن المؤيّد، المعروف بالحموي، نسبة إلى مدينة حماة، لأنّ جدّه كان من أبناء ملوكها.

كان المذكور إماماً في علوم الحديث والفقه، كثير الأسفار في طلب العلم، طويل المراجعة، مشهوراً بالولاية هو وأبوه، سكن بقريةٍ من قرى نيسابور، وتوفي بها حوالي السبعمائة ».

__________________

(١). فرائد السمطين في مناقب المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين: ١ / ٥٦.

٢٠٣

(٣٥)

كلام شمس الدّين الذهبي

وذكر شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي رواية جعفر بن سليمان، ثم نقل عن ابن عدي تصحيح النسائي الحديث، ولم يتعقّبه بشيء! وهذا نص العبارة:

« جعفر بن سليمان، ثنا يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال:

بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سريةً استعمل عليها عليّاً. الحديث. وفيه: ما تريدون من علي؟! علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

قال ابن عدي: أدخله النسائي في صحاحه »(١). .

وقال الذهبي بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام في سياق مناقبه:

« وقال جعفر بن سليمان الضبعي: ثنا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية واستعمل عليهم عليّاً، وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ أو غزوا أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أنْ يأتوا رحالهم، فأخبروه بمسيرهم، فأصاب علي جارية، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لنخبرنّه، قال: فقدمت السرية فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبروه بمسيرهم. فقام إليه أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، قد أصاب

__________________

(١). ميزان الاعتدال - ترجمة جعفر بن سليمان ١ / ٤١٠.

٢٠٤

علي جاريةً فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال: صنع كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم الثالث كذلك، ثم الرابع. فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليهم مغضباً فقال:

ما تريدون من علي! علي منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أحمد في المسند، والترمذي وحسّنه، والنسائي »(١). .

فيا للعجب! هذا الذهبي الموسوم بالتحامل والاعتداء على فضائل أهل بيت الأصطفاء، يثبت حتماً وجزماً رواية جعفر هذا الحديث، وابن عدي المفرط في الجرح والإزراء يعترف بأن النّسائي أدخله في الصّحاح بلا امتراء، ولم يتمكّنا من التفوّه بحرف في التعقّب على التصحيح، فضلاً عن التوهين والتضعيف غير النجيح، ومع ذلك تعدّى المخاطب ( الدهلوي ) طور ابن عدي، وذهب عريضاً في خلاف الذهبي، بلا اكتراثٍ من مؤاخذة أرباب النّقد والكمال والجهابذة الأقيال!!

ترجمة الذهبي

والذّهبي من علمائهم المعتمدين في الحديث والتاريخ والرجال، وعلى مصنّفاته في هذه معوّلهم فلاحظ تراجمه في:

١ - البدر الطالع ٢ / ١١٠.

٢ - شذرات الذهب ٦ / ١٥٣.

٣ - طبقات السبكي ٥ / ٢١٦.

٤ - طبقات القرّاء ٢ / ٧١.

__________________

(١). تاريخ الإسلام ٣ / ٦٣٠.

٢٠٥

٥ - الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣.

٦ - النجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢.

٧ - الدرر الكامنة ٤ / ٢٣٦.

٨ - طبقات الحفّاظ: ٥٢١. قال ما ملخّصه:

« الذهبي، الإمام، الحافظ، محدّث العصر وخاتمة الحفّاظ، ومؤرّخ الإسلام، وفرد الدهر، والقائم بأعباء هذه الصناعة، ولد سنة ٦٧٣ وطلب الحديث وله ١٨ سنة، فسمع الكثير، ورحل، وعني بهذا الشأن وتعب فيه، وخدمه، إلى أنْ رسخت فيه قدمه، وتلا بالسبع وأذعن له الناس. وحكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر أنّه قال: شربت ماء زمزمٍ لأصل إلى مراتب الذهبي في الحفظ.

والذي أقوله: إن المحدّثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر.

توفي سنة ٧٤٨ ».

(٣٦)

رواية الزّرندي

ورواه محمّد بن يوسف الزرندي في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام قال:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي »(١). .

__________________

(١). نظم درر السمطين في مناقب المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين: ٩٨.

٢٠٦

« عن علي -رضي‌الله‌عنه - قال قال لي رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سألت الله فيك خمساً، فمنعني واحدةً وأعطاني فيك أربعاً، سألته أنْ يجمع عليك اُمّتي فأبى عليَّ. وأعطاني أني أول من تنشقّ عنه الأرض وأنت معي، ولواء الحمد تحمله، تسبقه الأوّلين والآخرين. وأعطاني أنك أخي في الدنيا والآخرة، وأعطاني أن بيتك مقابل بيتي في الجنّة، وأنّك ولي المؤمنين بعدي »(١). .

« روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عزّ وجلّ من قبل أنْ يخلق آدمعليه‌السلام بأربعة عشر ألف عام، فلمـّا خلق الله عزّ وجلّ آدمعليه‌السلام سلك ذلك النور في صلبه، ولم يزل الله عزّ وجلّ ينقله من صلب إلى صلب، حتى أقرّه في صلب عبد المطلب، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب فقسّمه قسمين، قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب.

فعلي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(٢). .

ترجمة الزّرندي

ترجم له الحافظ ابن حجر في أعيان القرن الثامن(٣). .

والشيرازي في تاريخ شيراز وعلمائها(٤). .

وعنهما صاحب معجم المؤلّفين إذ قال: « محمّد بن يوسف بن

__________________

(١). نفس المصدر: ١١٩.

(٢). معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول - مخطوط.

(٣). الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.

(٤). شدّ الاْزار: ٤١١.

٢٠٧

الحسن بن محمّد بن محمود بن الحسن الزرندي، المدني، الأنصاري، الحنفي، شمس الدين، محدّث، مسند، راوية، فقيه، ناظم، حدّث بحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة، وقدم شيراز فدرّس ونشر الحديث، وولي بها القضاء، وتوفي بها. من آثاره: بغية المرتاح إلى طلب الأرباح، مولد النبيّ، نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين، ومعارج الوصول إلى معرفة آل الرسول » وأرخ وفاته بسنة ٧٤٧(١). .

وكتبه المذكورة أصبحت من مصادر الحديث المعتمدة لدى المتأخّرين عنه.

(٣٧)

رواية الكازروني

ورواه سعد الدين محمّد بن مسعود الكازروني مرسلاً إرسال المسلّم في كلام له في مدح مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أورده السيّد شهاب الدين أحمد، حيث قال:

« قال الشيخ الإمام الرحلة، الذي لم يزل في عبادة الله تعالى في السّكون والرحلة، سعيد الحق والدين، محمّد بن مسعود بن محمّد الكازروني في كتابه نصاب النقاب، أحسن الله تعالى إليه في المآب:

النافذ في مسالك الصواب وبيانه: أنت مع الحق والحق معك، الآخذ بممالك الثواب وبرهانه: طوبى لمن اتّبعك، المريد الصّادق في طريقة

__________________

(١). معجم المؤلفين ١٢ / ١٢٤.

٢٠٨

مناجاة( فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) البريد السابق في حقيقة نجاة: أنا أول من آمن به وصدّقه، الفائز بسعادات: إنّه لأوّل من آمن من أصحابي سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً، المتماسك في جادة وفاء: أنت الوافي بعهدي، المتمالك في مادّة صفاء: إنّك تبلّغ سؤالاتي من بعدي، الوالي بعلاية: أنت وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، المشرف بتشريف: من أحبَّ علياً فقد أحبّني، المحمود بلطيفة: من سبّ علياً فقد سبّني، أول أربعة: إنّ الجنة تشتاق إلى أربعة طوبى لمن اتّبعه، القويّ في المعارك حتى كان يقول أصحابه: هو يحفظنا ويقينا، البصير في المدارك حتى قال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، المخصوص بعناية: إنّه حامل رايتي يوم القيامة، المنصوص بهداية: ما بعثته في سرية إلّا وقد رأيت ملكاً أمامه، المشغول بعارفة: أنا قسيم الجنة والنار، المشمول بعاطفة: اللّهم أدر الحق معه حيث دار، المبشَّر ببشارة: لو أحبّه أهل الأرض جميعاً لما خلق الله النار، المعظّم بفضيلة: من كنت مولاه فعلي مولاه، المتفرّع من دوحة( الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ) المتفرّد بدولة: يا فاطمة بعلكِ ما يقاس به أحد من الناس، المكرم بقربه: علي منّي بمنزلة الرأس، الذي ارتضاه الله تعالى وليّا وكان له لسان صدق عليّاً.

فرضوان الله تعالى عليه وعلى ذريّته الطّيبين أجمعين »(١). .

ترجمة الكازروني

والسعيد الكازروني ذكره العسقلاني في أعيان القرن الثامن فنقل عن

__________________

(١). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

٢٠٩

ابن الجزري قوله: « كان سعيد الدين محدّثاً فاضلاً، سمع الكثير، وأجاز له المزي وبنت الكمال وجماعة، وخرّج المسلسل وألّف المولد النبوي فأجاد. ومات في أواخر جمادى الآخرة سنة ٧٥٨»(١). .

وتوجد ترجمته في:

كفاية المتطلّع لتاج الدين الدهان، حيث ذكر الطريق إلى ( شرح المشارق ) للكازروني.

وشدّ الأزار: ٦١ - ٦٤.

ومعجم المؤلفين ١٢ / ٢٠.

(٣٨)

رواية السيّد علي الهمداني

ورواه السيّد علي الهمداني في كتابه ( المودّة في القربى ):

« عن ابن عمر قال: كنّا نصلّي مع النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - فالتفت إلينا فقال: يا أيّها الناس، هذا وليكم بعدي في الدنيا والآخرة فاحفظوه. يعني علياً »(٢). .

ترجمة السيّد الهمداني

وقد ذكر السيّد علي الهمداني بكلّ تبجيل في كتب مشايخ الصّوفية مثل: ( نفحات الاُنس من حضرات القدس ) لعبد الرحمن الجامي، وفي

__________________

(١). الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ٤ / ٢٥٦.

(٢). المودة في القربى. راجع ينابيع المودّة: ٣٠٦.

٢١٠

الكتب المؤلَّفة في فقهاء الحنفيّة مثل ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ) للكفوي، وفي كتب الإجازات والأسانيد مثل ( السمط المجيد ) للقشاشي، و ( الإنتباه ) لعبد الرحيم الدهلوي.

(٣٩)

رواية السيّد شهاب الدين أحمد

ورواه السيّد شهاب الدين أحمد عن عددٍ كبير من كبار المحدّثين المخرجين لهذا الحديث الشريف فقال:

« الباب الخامس: في أنّ النبي منه وهو من النبي، رغما لكلّ جاحد غوي وجاهل غبي:

عن عمران بن حصين - رضي الله تعالى عنه -: إن رسول الله - صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم وبارك وسلّم - قال: إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

رواه الطبري وقال: أخرجه أحمد والترمذي وقال: حسن غريب، وأبو حاتم، ورواه الزرندي أيضاً».

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب -رضي‌الله‌عنه -، فمضى في السرية فأصاب جاريةً، فأنكروا عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ فأقبل إليهم رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه فقال:

ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

٢١١

رواه في جامع الاُصول وقال: أخرجه الترمذي. ورواه الطبري من قوله: إنّ علياً منّي وقال: أخرجه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن وأبو حاتم ».

« عن بريدة: إنّه كان يبغض عليّاً، فقال له النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - تبغض علياً؟ قال: نعم! قال صلّى الله عليه وسلّم: لا تبغضه، وإنْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً. قال: فما كان أحد من الناس بعد رسول الله أحبّ إليّ من علي. وفي رواية: إنه قال له النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

رواه الطبري وقال: أخرجه أحمد.

وعن عباية عن علي - رحمة الله ورضوانه عليه - قال قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: علي يقضي ديني وينجز موعدي وخير من اُخلّف بعدي من أهلي.

رواه الزرندي ».

« عن عمرو بن ميمون قال: إني لجالس عند ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - إذْ أتاه سبعة رهط فقالوا: يا ابن عباس، إمّا أنْ تقوم معنا وإمّا أنْ تخلونا عن هؤلاء. فقال ابن عباس: بل أقوم معكم، قال: وهو يومئذٍ صحيح البصر قبل أنْ يعمى، قال: فانتدوا فتحدّثوا فلا ندري ما قالوا، فجاء ينفض ثوبه ويقول: اُف تف، إنّ أولئك وقعوا في رجلٍ تفرّد بعشر خصال

رواه الصالحاني بإسناده إلى الحافظ الإمام أبي يعلى الموصلي بإسناده وقال: هذا حديث حسن متين. ورواه الطبري وقال: أخرجه أحمد بتمامه وأبو القاسم في الموافقات، وفي الأربعين الطوال، وأخرج النسائي بعضه »(١). .

__________________

(١). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل. القسم الثاني. الباب الخامس والباب السابع والعشرون.

٢١٢

ترجمة الشّهاب أحمد

وهو: السيّد شهاب الدين أحمد بن جلال الدين عبد الله الحسيني الإيجي الشافعي، من أعلام القرن التّاسع، ذكره الحافظ السخاوي في الضوء اللّامع(١). .

وبيت هذا السيّد بيت فقه وحديث وتصوّف، وأصلهم من مكران، توفي أبوه سنة ٨٤٠.

وكتابه ( توضيح الدلائل ) في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام جزء من كتابه الكبير في فضائل الخلفاء، وهو لا يزال مخطوطاً.

(٤٠)

رواية ابن حجر العسقلاني

ورواه شهاب الدين ابن حجر العسقلاني في أحاديث منتقاة أوردها بترجمة الإمامعليه‌السلام من (الإصابة ) حيث قال:

« أخرج الترمذي بإسنادٍ قوي عن عمران بن حصين في قصّة قال فيها: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: ما تريدون من علي؟ إنّ عليّاً منّي وأنا من علي وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

« أخرج أحمد والنسائي من طريق عمرو بن ميمون: إني لجالس عند ابن عباس »(٢). .

وقال ابن حجر في ( فتح الباري ) بشرح حديث بريدة الذي بتره البخاري:

__________________

(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ١ / ٣٦٧.

(٢). الإصابة في تمييز الصحابة ٢ / ٢٧١.

٢١٣

« وأخرج أحمد أيضاً هذا الحديث من طريق أجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة بطوله، وزاد في آخره: لا تقع في علي، فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

وأخرجه أحمد أيضاً والنسائي من طريق سعد بن عبيدة، عن عبد الله ابن بريدة مختصراً، وفي آخره: فإذا النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - قد احمرّ وجهه يقول: من كنت وليّه فعليّ وليه. أخرجه الحاكم من هذا الوجه، وفيه قصّة الجارية نحو رواية عبد الجليل.

وهذه طرق يقوى بعضها ببعض »(١). .

وقال ابن حجر: « بريدة قال: بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية واستعمل علينا عليّاً، فلمـّا جئناه قال: كيف رأيتم صاحبكم؟ قال: فإمّا شكوته وإمّا شكاه غيري، فرفعت رأسي - وكنت رجلاً مكباباً - فإذا النبيّ قد احمرّ وجهه وهو يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢). .

ولا يخفى أنّ حكم شروح البخاري عند ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان المحدثين ) حكم متنها وهو صحيح البخاري الذي قال جمهورهم بكونه أصحّ الكتب بعد القرآن، فيكون ما أورده ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري ) الذي هو أشهر تلك الشروح حديثاً مقطوع الصّدور عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ترجمة ابن حجر العسقلاني

بن حجر العسقلاني هو « الحافظ » على الإطلاق، و « شيخ الإسلام »

__________________

(١). فتح الباري في شرح البخاري ٨ / ٥٤ كتاب المغازي.

(٢). المطالب العالية ٤ / ٥٩ رقم ٣٦٥٩.

٢١٤

في جميع الآفاق انظر:

١ - الضوء اللامع ٢ / ٣٦.

٢ - ذيل تذكرة الحفّاظ للسيوطي: ٣٨٠.

٣ - حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣.

٤ - شذرات الذّهب ٧ / ٢٧٠.

٥ - طبقات الحفّاظ: ٥٥٢ قال ما ملخّصه:

« شيخ الإسلام وإمام الحفّاظ في زمانه، وحافظ الديار المصرية بل حافظ الدنيا مطلقاً، قاضي القضاة ».

وقد ترجمنا له في بعض المجلَّدات بالتّفصيل.

(٤١)

رواية حسين بن المعين الميبدي

ورواه حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي في ( الفواتح ) عن الترمذي عن عمران بن حصين ولفظه: « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي »(١). .

ترجمة الميبدي

وقد أثنى صاحب ( حبيب السّير ) على القاضي الميبدي ووصفه بأنّه كان من أفاضل علماء العراق بل أعظم علماء تلك الآفاق، وكان قاضي ديار

__________________

(١). الفواتح - شرح ديوان علي. الفاتحة السابعة في فضائله.

٢١٥

يزد، ومن مؤلّفاته شرح ديوان أمير المؤمنين، وفيه علم كثير

كما اعتمد عليه صاحب ( كتائب أعلام الأخيار ) في بعض التراجم والفوائد.

وقد ذكر ( كاشف الظنون ) كتاب ( الفواتح ) قائلاً: « ديوان علي بن أبي طالب -رضي‌الله‌عنه - وقد شرحه حسين بن معين الدين اليزدي المتوفى سنة ٨٧٠ ».

وتوجد ترجمته أيضاً في ( معجم المؤلفين ٤ / ٦٣ ).

(٤٢)

رواية الجلال السّيوطي

ورواه جلال الدين السّيوطي بطرقٍ متعدّدة، منها عن الترمذي والحاكم: « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. ت ك عن عمران بن حصين »(١). .

ورواه عن ابن أبي شيبة وأورد تصحيحه له(٢). .

وكذا في ( جمع الجوامع ) حيث نصَّ على صحته(٣). .

ترجمة السّيوطي

وقد ترجمنا للجلال السّيوطي في بعض المجلّدات السابقة، وإليك

__________________

(١). جمع الجوامع: يلاحظ

(٢). القول الجلي في مناقب علي: ٦٠.

(٣). جمع الجوامع: يلاحظ

٢١٦

مصادر ترجمته لتراجع:

١ - البدر الطالع ١ / ٣٢٨.

٢ - الضوء اللامع ٤ / ٦٥.

٣ - النور السافر: ٥٤.

٤ - شذرات الذهب ٨ / ٥١.

٥ - حسن المحاضرة ١ / ١٨٨ وهي ترجمة مفصّلة كتبها السيوطي نفسه.

(٤٣)

رواية القسطلاني

وأورد شهاب الدين القسطلاني حديث الولاية بشرح ما أخرجه البخاري.

« ( قال حدّثني محمّد بن بشّار ) بندار العبدي. ( قال حدّثنا روح بن عبادة ) - بضم العين وتخفيف الموحدة - القيسي أبو محمّد البصري ( قال حدّثنا علي بن سويد بن منجوف ) - بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم وبعد الواو الساكنة فاء - السدوسي البصري ( عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة ) ابن الخصيب - بضم الخاء وفتح الصاد المهملة آخره موحدة مصغّراً - الأسلميرضي‌الله‌عنه أنه ( قال: بعث النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - إلى خالد ليقبض الخمس ) أي خمس الغنيمة، قال بريدة: ( وكنت أبغض عليّاً )رضي‌الله‌عنه لأنّه رآه أخذ من المغنم جارية ( وقد اغتسل ) فظن انه غنمها ووطئها.

وللإسماعيلي من طرق إلى روح بن عبادة: بعث عليّاً إلى خالد ليقسم

٢١٧

الخمس. وفي رواية له: ليقسم الفيء، فاصطفى علي منه لنفسه مسبيّة أي جاريةً ثم أصبح ورأسه يقطر.

( فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ ) يعني علياً!

( فلمـّا قدمنا على النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - ذكرت ذلك ) الذي رأيت من علي -رضي‌الله‌عنه - ( له ) عليه الصلاة والسلام ( فقال: يا بريدة أتبغض علياً؟ فقلت: نعم. قال: لا تبغضه).

زاد أحمد من طريق عبد الجليل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: فإنْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً.

وله أيضاً من طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة: لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

( فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك ).

قال الحافظ أبو ذر: إنّما أبغض عليّاً لأنّه رآه أخذ من المغنم جارية فظنّ أنه غنمها، فلمـّا أعلمه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه أخذ أقل من حقه أحبّه. إنتهى. وفي طريق عبد الجليل: قال: فما كان في الناس أحد أحبّ إليَّ من علي.

ولعلّ الجارية كانت بكراً غير بالغ، فأدّى اجتهادهرضي‌الله‌عنه إلى عدم الإستبراء.

وفيه جواز التسريّ على بنت النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - بخلاف التزويج عليها »(١). .

أقول: فحديث الولاية أورده القسطلاني في شرح البخاري، وشروح البخاري عند ( الدّهلوي ) كما في كتابه ( بستان المحدّثين ) على حدّ

__________________

(١). إرشاد الساري في شرح البخاري ٦ / ٤٢١.

٢١٨

البخاري نفسه في الثبوت وقطعيّة الصدور.

ترجمة القسطلاني

والقسطلاني من أكابر الأئمة الحفّاظ:

١ - الشعراني: « ومنهم شيخنا الإمام المحدّث الشيخ شهاب الدين القسطلاني شارح البخاري -رضي‌الله‌عنه -. كان عالماً صالحاً محدّثاً مقرباً، وكان من أهل الإنصاف، كلّ من ردّ عليه سهواً أو غلطا يزيد في محبّته وتعظيمه وكان من أزهد الناس في الدنيا مات في شهر ربيع الأوّل قريبا من العشرين وتسعمائة، ودفن في المدرسة العينيّة، قريباً من جامع الأزهر »(١). .

٢ - العيدروس اليمني: « العلّامة الحافظ ذكره السخاوي في ضوئه وارتفع شأنه بعد ذلك، فأعطي السّعد في قلمه وكلمه، وصنف التصانيف المقبولة التي سارت بها الركبان في حياته، ومن أجلّها شرحه على صحيح البخاري مزجاً في عشرة أسفار كبار، لعلّه أحسن شروحها وأجمعها وألخصها. ومنها: المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، وهو كتاب جليل المقدار عظيم الوقع كثير النفع ليس له نظير في بابه. ويحكى أن الحافظ السيوطي كان يغض منه، ويزعم أنه يأخذ من كتبه ويستمد منها ولا ينسب النقل إليها وحكى الشيخ جار الله ابن فهدرحمه‌الله : أن الشيخرحمه‌الله قصد إزالة ما في خاطر الشيخ الجلال السيوطي، فمشى من القاهرة إلى الروضة - وكان الجلال السيوطي معزلاً عن الناس بالروضة - فوصل صاحب الترجمة إلى باب السيوطي ودقّ الباب، فقال له: من أنت؟

__________________

(١). لواقح الأنوار في طبقات السادة الأخيار - الباب الأوّل من القسم الثالث.

٢١٩

قال: أنا القسطلاني، جئت إليك حافياً كشوف الرأس ليطيب خاطرك عليّ. فقال له: قد طاب خاطري عليك، ولم يفتح له الباب ولم يقابله.

وبالجملة: فإنّه كان إماماً حافظاً متقناً جليل القدر حسن التقرير والتحرير، لطيف الإشارة بليغ العبارة، حسن الجمع والتأليف، لطيف الترتيب والترصيف، كان زينة أهل عصره ونقاوة ذوي دهره، ولا يقدح فيه تحامل معاصريه عليه، فلا زالت الأكابر على هذا في كلّ عصر.رحمه‌الله »(١). .

٣ - ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان المحدّثين ) فأورد ما ذكر بترجمته، وذكر ما كان بين القسطلاني والسّيوطي، فقال: بأنّ ما كان يصنعه القسطلاني نوع خيانة وكتمان حق لكنّ ( الدهلوي ) نفسه في نفس كتابه ( بستان المحدّثين ) ينقل المطالب عن الكتب المختلفة بواسطة كتاب ( مقاليد الأسانيد ) من دون أن يذكر الواسطة كما لا يخفى على المحقّق!!

وتوجد ترجمته أيضاً في:

١ - الضوء اللامع ٢ / ١٠٣.

٢ - الكواكب السائرة ١ / ١٢٦.

٣ - شذرات الذهب ٨ / ١٢١.

٤ - البدر الطالع ١ / ١٠٢.

(٤٤)

رواية عبد الوهاب البخاري المفسّر

ورواه الحاج عبد الوهاب بن محمّد رفيع صاحب ( تفسير الأنوري )

__________________

(١). النور السافر عن أخبار القرن العاشر: ١١٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ما وجب معه عليه الطلب والخروج. فلما انعكس ذلك وظهرت أمارات الغدر فيه وسوء الاتفاق ، رام الرجوع والمكافّة والتسليم كما فعل أخوه ، فمنع من ذلك وحيل بينه وبينه. فالحالان متفقان ، إلا أن التسليم والمكافّة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ، ولم يجب إلى الموادعة ، وطلبت نفسه فمنع منها بجهده ، حتّى مضى كريما إلى جنة الله ورضوانه ، وهذا واضح لمتأمله (انتهيكلام السيد المرتضى).

٢٨٧ ـ تعليق العلامة المجلسي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٢٦)

قال المحقق المحدث المجلسي بعد نقل كلام السيد المرتضى :

وقد مضى في كتابه (الإمامة) وكتاب (الفتن) أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهمعليه‌السلام كان مأمورا بأمور خاصة ، مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم كانوا يعملون بها. ولا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا. وبعد الاطلاع على أحوال الأنبياءعليهم‌السلام وأن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى في ألوف من الكفرة ، ويسبّون آلهتهم ويدعونهم إلى دينهم ، ولا يبالون بما ينالهم من المكاره والضرب والحبس والقتل والإلقاء في النار ، ولا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك ، مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين والنصوص المتواترة ، لا مجال للاعتراض عليهم ، بل يجب التسليم لهم في كل ما صدر عنهم.

على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنهعليه‌السلام فدى بنفسه المقدسة دين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم تنزلزل أركان دولة بني أمية إلا بعد شهادته ، ولم يظهر للناس كفرهم وضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته. ولو كان يسالمهم ويوادعهم كان يقوى سلطانهم ويشتبه على الناس أمرهم ، فتعود بعد حين أعلام الدين طامسة وآثار الهداية مندرسة. مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنهعليه‌السلام هرب من المدينة خوفا من القتل.

إلى مكة ، وكذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له أن يتمّ حجّه ، فتحلل وخرج منها خائفا يترقب. وقد كانوا ضيّقوا عليه جميع الأقطار ولم يتركوا له موضعا للفرار.

ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم ، وولاه أمر الموسم ، وأمّره على الحاج كلهم ، وكان قد أوصاه بقبض

٢٨١

الحسينعليه‌السلام سرا ، وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة. ثم إنه دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام على أي حال اتفق. فلما علم الحسينعليه‌السلام بذلك حلّ من إحرام الحج وجعلها عمرة مفردة.

وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنهعليه‌السلام لما منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج

إلى الكوفة ، قال : «والله يا أخي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض ، لاستخرجوني منه حتّى يقتلونني». بل الظاهر أنه لو كان يسالمهم ويبايعهم لا يتركونه ، لشدة عداوتهم وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ويدفعونه بكل وسيلة. وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك.ألا ترى مروان ابن الحكم كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه؟. وكان عبيد الله بن زياد يقول : اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ، ثم نرى فيه رأينا؟.

ألا ترى كيف أمنّوا مسلم بن عقيل ، ثم قتلوه؟!.

فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته وبغضه لأهل البيتعليهم‌السلام كان ذا دهاء ونكراء وحزم ، وكان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه وذهاب ملكه وخروج الناس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على كل حال. ولذا صالحه الحسنعليه‌السلام ولم يتعرض له الحسينعليه‌السلام . ولذا كان معاوية يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسينعليه‌السلام لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته (انتهى كلام العلامة المجلسي).

٢٨٨ ـ لماذا خرج الحسينعليه‌السلام بعياله إلى العراق؟ :(مقتل المقرم ص ١٢٥)

ان الكلمة السديدة الناضجة في وجه حمل الحسين عياله إلى العراق مع علمه بما يقدم عليه ومن معه على القتل ، هو أنهعليه‌السلام لما علم بأن قتلته سوف تذهب ضياعا لو لم يتعقبها لسان ذرب(١) وجنان ثابت ، يعرّفان الأمة ضلال ابن ميسون(يزيد) وطغيان ابن مرجانة (ابن زياد) ، باعتدائهما على الذرية الطاهرة الثائرة في وجه المنكر ، ودحض ما ابتدعاه في الشريعة المقدسة.

وعرف سيد الشهداءعليه‌السلام من حرائر الرسالةعليه‌السلام الصبر على المكاره وملاقاة

__________________

(١) ذرب اللسان : ذو لسان حادّ. ولسان ذرب : أي فصيح.

٢٨٢

الخطوب والدواهي بقلوب أرسى من الجبال ، فلا يفوتهن تعريف الملأ المغمور بالترّهات والأضاليل ، نتائج أعمال هؤلاء المضلين ، وما يقصدونه من هدم الدين ، وأن الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم إحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي الحقيقة لقد أدت عقائل الوحي هذه الرسالة الجوهرية الخطيرة ، بجرأة وإخلاص ، وثبات ورباطة جأش ، رغم تفاقم الخطب وعظم المصيبة وقساوة المحنة فهاهي عقيلة الوحي زينبعليها‌السلام أخت الحسينعليه‌السلام تقف بجرأة وحزم أمام ابن زياد الجبار المتهور ، تفرغ عن لسان أبيها ، تقول له بكلام أنفذ من السهم ، وتلقمه حجرا وهي تقول :

«هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج (أي الفوز) ثكلتك أمك يابن مرجانة».ثم لا ننسى خطبها في الكوفة ومواقفها في الشامعليها‌السلام .

وها هي فاطمة بنت الحسين وأم كلثوم وسكينةعليهم‌السلام يتحدثن بمثل ما تحدثت به عمتهن زينبعليها‌السلام ، في ذلك الموقف الرهيب المحفوف بسيوف الخسف والغدر والجور ، فما يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة واحدة مهما أوتي من الجرأة والثبات والصمود ، ومهما بلغ من القوة والمنعة والمنزلة ، فكيف بهنّ وقد أعلنّ للملأ أجمع عن كل موبقات ابن ميسون وابن مرجانة.

هذا على أنه وإن وضع الله الجهاد ومكافحة الأعداء عن المرأة وأمرها بلزوم بيتها ، فذاك فيما إذا قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال ، وأما إذا توقف إقامة الحق عليها فقط ، بحيث لولا قيامها لدرست أسس الشريعة وذهبت الغاية من تضحية الصفوة ، كان الواجب القيام به.

ينتج من هذا أن جهاد العقيلات في معركة كربلاء كان في طرف موازنة مع جهاد الشهداء.

وجاء في (اللهوف) ص ٤٧ : ومما يمكن أن يكون سببا لحمل الحسينعليه‌السلام عياله ، أنه إن تركها بالحجاز أو غيرها من البلاد ، كان يزيد بن معاوية قد أنفذ ليأخذهن إليه ، وصنع بهن من الاستئصال وسيّئ الأعمال ، ما يمنع الحسين من الجهاد والشهادة.

٢٨٣

٥ ـ هل ألقى الحسينعليه‌السلام بيده إلى التهلكة؟

٢٨٩ ـ هل عرّض الحسينعليه‌السلام نفسه للتهلكة؟ :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم عن استشهاد الأئمةعليهم‌السلام :

وليس في إقدامهم على الشهادة إعانة على إزهاق نفوسهم القدسية وإلقائها في التهلكة الممنوع منه بنص الذكر المجيد ، فإن الإبقاء على النفس والحذر من إيرادها مورد الهلكة إنما يجب إذا كان مقدورا لصاحبها أو لم يقابل بمصلحة أهمّ من حفظها. وأما إذا وجدت هنا لك مصلحة تكافىء تعريض النفس للهلاك ، كما في الجهاد والدفاع عن النفس ، مع العلم بتسرب القتل إلى فئة من المجاهدين ، فيجب عندها بذل النفس والتضحية بها. ولقد أمر الله الأنبياء والمرسلين والمؤمنين فمشوا إليه قدما موطّنين أنفسهم على القتل وكم فيهم سعداء ، وكم من نبي قتل في سبيل دعوته ولم يبارح قوله دعوته حتّى أزهقت نفسه الطاهرة!. وقد تعبّد الله طائفة من بني إسرائيل بقتل أنفسهم فقال :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ ) [البقرة : ٥٤].

وقد أثنى سبحانه على المؤمنين في إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [التوبة : ١١١] وقال تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) [البقرة : ٢٠٧] وقال تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١٦٩) [آل عمران : ١٦٩].

٢٩٠ ـ التعبّد بالقتل أسمى درجات السعادة ، وليس هو إلقاء إلى التهلكة :

(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ١٢)

يقول السيد ابن طاووس : ولعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة ، يعتقد أن الله لا يتعبّد بمثل هذه الحالة. أما سمع في القرآن الصادق المقال ، أنه تعبّد قوما بقتل أنفسهم ، فقال تعالى :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ) [البقرة : ٥٤] أنه هو القتل ، وليس الأمر كذلك ، وإنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة.

٢٨٤

ثم يعرض تفسير آية التهلكة بما ذكره الإمام الصادقعليه‌السلام ، وهو أن بعض الصحابة تخلّفوا عن نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقاموا في بيوتهم لإصلاح أحوالهم ، فنزلت الآية :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة : ١٩٥] ومعناه : إن تخلّفتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم. وليست هذه الآية في رجل يحرّض على العدو أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء الثواب والآخرة.

٢٩١ ـ دفع شبهة : هل ألقى الحسينعليه‌السلام بنفسه إلى التهلكة؟ :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري :

واعلم أن جماعة من مخالفينا أورد واهنا شبهة ، بل وربما قاله بعض الجهال فينا ، وهو أن الحسينعليه‌السلام كان عالما بأن يجري عليه ما جرى قبل مسيره إلى العراق ، فلم سار إليها حتّى صار كالمعين على نفسه؟. وهذه شبهة ركيكة ، والجواب عنها من وجوه :

الوجه الأول : أن الإمام إذا وجد الأعوان وجب عليه القيام بأمر الجهاد ، ولا يجوز له التقاعد عنه لظنه بهم الخذلان له ، كما لم يجز للأنبياءعليهم‌السلام ترك الجهاد لهذه المظنّة ، بل قاموا بالدعوة حتّى أصيبوا من الأمة بالمصائب العظام ، كما وقع لأولي العزم وغيرهم ، استتماما لحجة الله تعالى على الخلائق.

الوجه الثاني : أنهعليه‌السلام لو لم يسر إلى العراق لما تركوه ، ولو ذهب إلى المكان البعيد ، مصداقا لقولهعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية ، حين نصحه بأن يلحق بالرمال من اليمن حتّى ينظر بواطن أهل العراق ، فقال له : يا أخي نعم ما رأيت من الصلاح ، ولكن هؤلاء القوم ما يسكتون عن طلبي أينما ذهبت حتّى يسفكوا دمي ، فعند ذلك يلبسهم الله ذلّ الدنيا والآخرة.

الوجه الثالث : أن الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام قد خصّهم الله تعالى بأنواع من التكاليف ، فلعل هذا ـ وهو الإلقاء إلى التهلكة ـ منها ، نظرا إلى الحكم والمصالح الإلهية.

فإن قلت : كيف لم يبايع ليزيد حتّى لا يصل إليه الضرر ، كما بايع أخوه الحسنعليه‌السلام ؟ قلت : هذا مجرد كلام ، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وذلك

٢٨٥

أنهعليه‌السلام رأى أخاه الحسنعليه‌السلام لما سالم معاوية ، وكيف فعل به أولا ، وكيف غدر به آخرا ، حتّى قتله مسموما. فما كان يصنع ابنه يزيد مع الحسينعليه‌السلام إلا أسوأ من هذا ، لأن معاوية كان فيه الدهاء ، وما كان يتجرأ على قتل الحسينعليه‌السلام ظاهرا ، ولهذا أوصى عند موته ليزيد ، أنك [إن] تظفر بالحسينعليه‌السلام فلا تقتله ، واذكر فيه القرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٩٢ ـ بين هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهجرة السبطعليه‌السلام :

(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ٣١)

يقول السيد هاشم معروف الحسني :

هناك هجرتان من أجل الإسلام ورسالة الإسلام :

الأولى منهما : كانت فرارا من الموت الّذي استهدف رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشخصه ، وقد نفّذها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من ربه ، ليتابع رسالته وينقذها من مشركي مكة وجبابرة قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.

والثانية : قام بها سبطه الزكي الحسين بن عليعليه‌السلام ولكنها كانت للشهادة ، بعد أن أدرك أن الأخطار المحدقة برسالة جده ، لا يمكن تفاديها وتجاوزها إلا بشهادته.

لقد هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة إلى المدينة لأجل رسالته ، بعد أن تآمرت قريش على قتله لتتخلص منها ، لأن بقاءها وانتشارها مرهون بحياته ، وبعد أن وجدت أن جميع وسائل العنف التي استعملتها معه خلال ثلاثة عشر عاما لم تغير من موقفه شيئا ، كما لم تجدها جميع الاغراءات والعروض السخية. وكان ردّه الأخير على عروض أبي سفيان وأبي جهل ومغرياتهما أن قال : «والله لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتّى يحكم الله أو أهلك دونه».

وظل الحزب الأموي بقيادة أبي سفيان وأبنائه يتحيّن الفرص ويستغل المناسبات ليجهض على الإسلام وعلى قادة الإسلام ، بعد أن عملوا بكل جهدهم لإفراغ الإسلام من مضمونه الحقيقي واتخاذه أداة ظاهرية للوصول إلى الحكم.

وحين عادت الجاهلية تعصف برياحها على بلاد الإسلام ، وتلقي بظلها على المسلمين ، سطع ضوء في الظلام ومن بين ركام الإسلام المتداعي ، وأضاءت للملأ

٢٨٦

ملامح أمل جديد في دياجي ذلك الظلام المطبق ، وبدا للعالم إنسان يخطّ على التراب بدمه هذه الكلمات :

«ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما».

إنه الحسين ، ابن علي وفاطمة الزهراءعليهم‌السلام سبط ذلك الرسول الّذي هاجر [الهجرة الأولى] من مكة إلى المدينة ، لأجل رسالته ولا نقاذها من الشرك والوثنية.جاء يهاجر [الهجرة الثانية] لأجل نفس الرسالة ولانقاذها من الشذوذ والانحراف والجور والفساد. خرج من مدينة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عاصمة أبيه الكوفة ، خرج مهاجرا لإحياء دين جده ورسالته ، وإيقاظ الآمال في نفوس الفقراء والمستضعفين ، الذين باتوا يساقون كالأنعام بيد الولاة والحكام.

ولقد رضي الحسينعليه‌السلام أن يقدّم نفسه وأهله قربانا لهذه الرسالة ، حين رأى الموت والشهادة أحلى إلى قلبه من العقد الّذي يزيّن جيد الفتاة ، وحين أدرك أن لا عزّة ولا كرامة إلا بالجهاد والفداء.

لقد هاجر الحسينعليه‌السلام من مدينة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أرض الشهادة والخلود ، ليقدّم دمه الزكي ودماء إخوته وأنصاره ثمنا لإحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنقاذها من الضياع والاندثار.

وهكذا كانت نهضة الحسينعليه‌السلام الامتداد الطبيعي لرسالة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجهاد الحسينعليه‌السلام امتدادا لجهاد جده وأبيهعليه‌السلام ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«حسين مني وأنا من حسين». فعقيدة الحسين هي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحيى وتبقى بالحسينعليه‌السلام .

٦ ـ معالم النهضة المقدسة

٢٩٣ ـ ثلاثة مشاعل من رسالة الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه للشيخ حبيب آل إبراهيم ، بعلبك ،

السنة العاشرة ، العدد الأول ، نيسان ١٩٦٨)

ماهي رسالة الحسينعليه‌السلام ؟

تعال نسأل عنها الإمام الحسين نفسه

في يوم شهادته بالذات رفع الشهيد شعارات ثلاثة ،

٢٨٧

كانت خير عنوان للرسالة التي خرج يؤديها بدمه ،

ودم الشهداء الذين معه.

هذه الشعارات هي : المسؤولية ـ التصميم ـ العزّة.

١ ـ المسؤولية :

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين».

هذه الكلمات مشاعل ، تضيء الطريق للسالكين ، بها يحدد سيد الشهداء أغراض نهضته : إنه لم يخرج طمعا بمنصب ولا عن انحراف ، إنما خرج يطلب الإصلاح في دين جده خاتم الرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يريد أمرا بمعروف ونهيا عن منكر.

ها هنا مشعل!. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنه المسؤولية ؛ مسؤولية المسلم عن عقيدته وممارستها.

ولقد كان أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام حيثما سار وثار ، نموذجا مثاليا للمسلم حين تحيق بعقيدته الآفات والأخطار.

ثم قال الحسينعليه‌السلام : «فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر ، حتّى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين».

إنه ينادي : أيها الناس لا يكن ميزان قبولكم إياي شخصي ، إنما اقبلوني لأني أمثّل حقا. فمن قبلني فإنما يقبل الحق ، ومن ردّ عليّ فإنما يردّ على الحق هكذا ترتفع المبادئ فوق الأشخاص. وحينذاك تضيع النفوس وحاجاتها ، ويبقى المبدأ هو القائم البارز. ونعم ، يبقى الشخص بمقدار ما يمثّل من مبدأ.

٢ ـ التصميم :

وقالعليه‌السلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ ، قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

٢٨٨

ها هو الحسينعليه‌السلام يعلن تصميمه على أداء رسالته ، وأنه لن يتراجع. وأنه يؤثر أن يموت ميتة الكرام في سبيل الرسالة ، على أن يطيع اللئام ولكن لماذا؟. من أين ينبع هذا التصميم؟.

من الله ورسوله ، ومن تربيته ، ومن نفسه. فلا الله يرضى له التراجع ولا رسوله ، ولا حقّ من ربّوه ، ولا نفسه.

مزيج من الدوافع ، لا أشمل ولا أكمل : الدين والتربية والنفسية. كلها تدفعه لأن يعلنها صريحة مدوّية : أنه لن يتراجع عن أداء رسالته ، ولو كلّفه ذلك مصرعه ...والدين في المقدمة.

وهذا مشعل!. الدين حافز لا يرضى التراجع ، ولا يقبل بأنصاف الحلول.

٣ ـ العزّة :

ثم قالعليه‌السلام : «لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».

كلمات تنضح بالعزة

إنه لن يسكت ذليلا ، ولن يسكت عبدا والمنحرفون يريدونه ذليلا وعبدا معا. ولو أنه ذل واستعبد لربما أنالوه ما يرضيه ؛ ولكنه عزّ ، وإذ عزّ ثار ولكم تكلّف.

العزة غاليا( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) [المنافقون : ٨].

وهذا مشعل!. الإيمان عزّ ، ولا ذلّ مع الإيمان.

٧ ـ أهداف نهضة الحسينعليه‌السلام

* مدخل :

قبل أن يسير الحسينعليه‌السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ، دعا بدواة وبياض وكتب وصية تاريخية لأخيه محمّد بن الحنفية. وهذه الوصية هي أفضل وثيقة صادرة عن صاحب النهضة ، يوضح فيها بجلاء أهداف نهضته المباركة ، يقول فيها :

«إني لم أخرج أشرا (أي فرحا) ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن

٢٨٩

المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسيرة أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين».

ففي هذه الوثيقة يبيّن الحسينعليه‌السلام ما يلي :

١ ـ أن نهضته ليس غرضها السلطان والدنيا وما يلازمها من الفرح والبطر ، ولا الإفساد والظلم.

٢ ـ أن نهضته تنطلق من مبدأ وجوب الإصلاح لكل فاسد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٣ ـ أن غايته الأولى والأخيرة إحقاق الحق الّذي أبطله المتحكمون والمبطلون ، المتمثل بسيرة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه عليعليه‌السلام .

٤ ـ أنه سوف يعمل جاهدا لتطبيق مبادئه السامية مستعينا بأنصار الحق ، وسوف يبذل في سبيل ذلك كل غال ورخيص ، ويصبر على تنفيذ ذلك ولو ضحّى بنفسه وما يملك.

والحسينعليه‌السلام رغم علمه بمصيره وشهادته ، التي وصلت حدّ الاشتهار ، إلا أنه كان يعمل وفق تكليفه الشرعي المبني على ظواهر الأمور.

٢٩٤ ـ هدفان رئيسيان للنهضة :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين لعبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٢)

لو تصفحنا الوثائق الأولى لقائد هذه الثورة ـ الحسينعليه‌السلام ـ لرأيناها تحمل الهدفين التاليين :

١ ـ الثورة على حكم يزيد ، أي تغيير الجهاز الحاكم.

٢ ـ إقامة الشريعة الاسلامية وتطبيقها ، في مقابل المخالفات التي أشاعها الحكام آنذاك.

٢٩٥ ـ الحسينعليه‌السلام فاتح وليس مغامرا :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٥٦)

كان الحسينعليه‌السلام يعتقد في نهضته أنه فاتح منصور ، لما في شهادته من إحياء دين الرسول وإماتة البدعة وتفظيع أعمال المناوئين وتفهيم الأمة أنه أحق بالخلافة من غيره ، وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم :

٢٩٠

«من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلفّ لم يبلغ الفتح»(١) .

فإنهعليه‌السلام لم يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلال وكسح أشواك الباطل عن الشريعة المطهرة ، وإقامة أركان العدل والتوحيد ، وأن الواجب على الأمة القيام في وجه المنكر.

وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله

لما سأله حين رجوعه إلى المدينة : «من الغالب؟». فقال السجّادعليه‌السلام : إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم ، تعرف الغالب!(٢) .

فإنه يشير إلى تحقّق الغاية التي ضحّى سيد الشهداء بنفسه القدسية من أجلها ، وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور الله تعالى ومحو ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمائة الشهادة له بالرسالة ، بعد أن كان الواجب على الأمة في أوقات الصلوات الخمس الإعلان بالشهادة لنبي الإسلام ، ذلك الّذي هدم صروح الشرك وأبطل عبادة الأوثان. كما وجب على الأمة الصلاة على النبي وعلى آله الطاهرين في التشهدين ، وأن الصلاة عليه بدون الصلاة على آله : بتراء(٣) .

كما أن العقيلة زينبعليها‌السلام أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد : «فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا يرحض عنك عارها وشنارها».

تصريحات الفيلسوف الألماني ماربين

٢٩٦ ـ أسرار شهادة الحسينعليه‌السلام للفيلسوف الألماني (ماربين):

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ٥٢)

قال الحكيم الألماني ماربين في كتابه (السياسة الإسلامية) من جملة كلام طويل :

لا يشك صاحب الوجدان إذا دقّق النظر في أوضاع ذاك العصر ، وكيفية نجاح بني

__________________

(١) كامل الزيارات ، ص ٧٥ ؛ وبصائر الدرجات للصفار ، ج ١٠ ص ١٤١.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي.

(٣) الصواعق المحرقة ، ص ٨٧.

٢٩١

أمية في مقاصدهم واستيلائهم على جميع طبقات الناس وتزلزل المسلمين ، أن الحسين قد أحيا بقتله دين جده وقوانين الإسلام. ولو لم تقع تلك الواقعة ، ولم تظهر تلك الحسّيات الصادقة بين المسلمين لأجل قتل الحسين ، لم يكن الإسلام على ماهو عليه الآن قطعا ، بل كان من الممكن ضياع رسومه وقوانينه حيث كان يومئذ حديث العهد.

عزم الحسينعليه‌السلام على إنجاح هذا المقصد وإعلان الثورة ضد بني أمية من يوم توفي والده ، فلما قام يزيد مقام معاوية خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة ، وكان يظهر مقصده العالي ، ويبث روح الثورة في المراكز الإسلامية المهمة كمكة والعراق وأينما حل ، فازدادت نفرة قلوب المسلمين ، التي هي مقدمة الثورة على بني أمية ، ولم يكن يجهل يزيد مقاصد الحسينعليه‌السلام ، وكان يعلم أن الثورة إذا أعلنت في جهة والحسين قائدها مع تنفر المسلمين عموما من حكومة بني أمية وميل القلوب وتوجه الانظار إلى الحسينعليه‌السلام ، عمّت جميع البلدان ، وفي ذلك زوال ملكهم وسلطانهم ، فعزم يزيد قبل كل شيء من يوم بويع على قتل الحسينعليه‌السلام . ولقد كان هذا أعظم خطأ سياسي صدر من بني أمية ، فجعلهم نسيا منسيا ولم يبق منهم أثر ولا خبر.

وأعظم الأدلة على أن الحسينعليه‌السلام أقدم على قتل نفسه ولم تكن من غرضه سلطنة ولا رئاسة ، هو أنه مضافا إلى ما كان عليه من العلم والسياسة والتجربة التي وقف عليها زمن أبيه وأخيه في قتال بني أمية ، كان يعلم أنه مع عدم تهيئة الأسباب له واقتدار يزيد ، لا يمكنه المقاومة والغلبة.

وكان يقول من يوم توفي والده إنه يقتل وأعلن يوم خروجه من المدينة أنه يمضي إلى القتل ، وأظهر ذلك لأصحابه والذين أتبعوه من باب إتمام الحجة ، حتى يتفرق الذين التفوا حوله طمعا بالدنيا ، وطالما كان يقول «وخير لي مصرع أنا لاقيه». ولو لم يكن قصده ذلك ولم يكن عالما عامدا ، لجمع الجنود ولسعى في تكثير أصحابه وزيادة استعداده ، لا أن يفرق الذين كانوا معه. ولكن لما لم يكن له قصد إلا القتل مقدمة لذلك المقصد العالي ، وإعلان الثورة المقدسة ضد يزيد ، رأى أن خير الوسائل إلى ذلك (الانفراد والمظلومية) ، فإنّ أثر هذه المصائب أشد وأكثر في القلوب.

من الظاهر أن الحسينعليه‌السلام مع ما كانت له من المحبوبية في قلوب المسلمين

٢٩٢

في ذلك الزمان ، لو كان يطلب قوة واستعدادا لأمكنه أن يخرج إلى حرب يزيد جيشا جرارا ، ولكنه لو صنع ذلك لكان قتله في سبيل السلطة والإمارة ، ولم يفز (بالمظلومية) التي انتجت تلك الثورة العظيمة. هذا هو الذي جعله لا يبقي معه إلا الذين لا يمكن انفكاكهم عنه ، كأولاده وإخوانه وبني أخوته وبني أعمامه وجماعة من خواص أصحابه ، حتى أنه أمر هؤلاء أيضا بمفارقته ، ولكنهم أبوا عليه ذلك ، وهؤلاء أيضا كانوا من المعروفين بين المسلمين بجلالة القدر وعظم المنزلة وقتلهم معه مما يزيد في عظم المصيبة وأثر الوقعة. نعم إن الحسينعليه‌السلام بمبلغ علمه وحسن سياسته بذل كمال جهده في إفشاء ظلم بني أمية وإظهار عداوتهم لبني هاشم وسلك في ذلك كل طريق.

ولما كان يعلم الحسينعليه‌السلام عداوة بني أمية له ولبني هاشم ، ويعرف أنهم بعد قتله يأسرون عياله وأطفاله ـ وذلك يؤيد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسلمين سيما العرب كما قد وقع ـ حملهم معه وجاء بهم من المدينة.

نعم إن ظلم بني أمية وقساوة قلوبهم في معاملاتهم مع حرم محمد وصباياه أثّر في قلوب المسلمين تأثيرا عظيما لا ينقص عن أثر قتله وأصحابه. ولقد أظهر في عمله هذا عقيدة بني أمية في الإسلام وسلوكهم مع المسلمين سيما ذراري نبيهم. لهذا كان الحسين يقول في جواب أصحابه والذين كانوا يمنعونه عن هذا السفر : «إني أمضي إلى القتل» ولما كانت أفكار المانعين محدودة وأنظارهم قاصرة لا يدركون مقاصد الحسينعليه‌السلام العالية ، لم يألوا جهدهم في منعه ، وآخر ما أجابهم به أن قال لهم «شاء الله ذلك وجدي أمرني به». فقالوا إن كنت تمضي إلى القتل فما وجه حملك النسوة والأطفال ، فقال : «إن الله شاء أن يراهن سبايا». ولما كان الحسين بينهم رئيسا روحانيا لم يكن لهم بدّ من السكوت.

ومما يدل على أنه لم يكن له غرض إلا ذلك المقصد العالي الذي كان في نفسه ، ولم يتحمل تلك المصائب لسلطنة وإمارة ولم يقدم على هذا الخطر من غير علم ودارية ـ كما تصوره بعض المؤرخين منا ـ أنه قال لبعض ذوي النباهة قبل الواقعة بأعوام كثيرة ، على سبيل السلوة : إنه بعد قتلي وظهور تلك المصائب المحزنة ، يبعث الله رجالا يعرفون الحق من الباطل ، يزورون قبورنا ، ويبكون على مصابنا ، ويأخذون بثأرنا من أعدائنا ، أولئك جماعة ينشرون دين الله وشريعة جدي ، وأنا وجدي نحبهم وهو يحشرون معنا يوم القيامة. وليتأمل المتأمل في كلام

٢٩٣

الحسينعليه‌السلام وحركاته يرى أنه لم يترك طريقا من السياسة إلا سلكه في إظهار شنائع بني أمية وعداوتهم القلبية لبني هاشم ومظلومية نفسه ، وهذا مما يدل على حسن سياسته وقوة قلبه وتضحية نفسه ، في طريق الوصول إلى المقصد الذي كان في نظره ، حتى أنه في آخر ساعات حياته عمل عملا حير عقول الفلاسفة ، ولم يصرف نظره عن ذلك المقصد العالي مع تلك المصائب المحزنة والهموم المتراكمة وكثرة العطش والجراحات ، وهو قصة (عبد الله الرضيع). فلما كان الحسينعليه‌السلام يعلم أن بني أمية لا يرحمون له صغيرا رفع طفله الصغير تعظيما للمصيبة على يده أمام القوم وطلب منهم أن يأتوه بشربة من الماء فلم يجيبوه إلا بالسهم.

ويغلب على الظن أن غرض الحسينعليه‌السلام من هذا العمل تفهيم العالم بشدة عداوة بني أمية لبني هاشم وأنها إلى أي درجة بلغت. ولا يظن أحد أن يزيد كان مجبورا على تلك الأعمال المفجعة لأجل الدفاع عن نفسه ، لأن قتل الطفل الرضيع في تلك الحال بتلك الكيفية ، ليس هو إلا توحش وعداوة سبعية ، منافية لقواعد كل دين وشريعة ، ويمكن أن تكون هذه الفاجعة كافية لافتضاح بني أمية ورفع الستار عن قبائح أعمالهم ونياتهم السيئة بين العالم ، سيما المسلمين ، وأنهم يخالفون الإسلام في حركاتهم بل يسعون بعصبية جاهلية إلى إبادة آل محمد وجعلهم أيدي سبأ.

ونظرا لتلك المقاصد العالية التي كانت في نظر الحسينعليه‌السلام مضافا إلى وفور علمه وسياسته التي كان لا يشك فيها اثنان لم يرتكب أمرا يوجب إجبار بني أمية للدفاع عن أنفسهم ، حتى أنه مع ذلك النفوذ والاقتدار الذي كان له في ذلك العصر لم يسع في تسخير البلاد الإسلامية وضمها إليه ولا هاجم ولاية من ولايات يزيد إلى أن حاصروه في واد غير ذي زرع ، قبل أن تبدو منه أقل حركة عدائية أو تظهر منه ثورة ضد بني أمية لم يقل الحسينعليه‌السلام سأكون ملكا أو سلطانا أو أصبح صاحب سلطة. نعم كان يبث روح الثورة في المسلمين بنشره شنائع بني أمية واضمحلال الدين إن دام ذلك الحال ، وكان يخبر بقتله ومظلوميته وهو مسرور. ولما حوصر في تلك الأرض القفراء أظهر لهم من باب إتمام الحجة بأنهم لو تركوه لرحل بعياله وأطفاله وخرج من سلطة يزيد ، ولقد كان لهذا الإظهار الدال على سلامة نفس الحسينعليه‌السلام في قلوب المسلمين غاية التأثير.

لقد قتل قبل الحسينعليه‌السلام ظلما وعدوانا كثير من الرؤساء الروحانيين وأرباب

٢٩٤

الديانات وقامت الثورة بعد قتلهم بين تابعيهم ضد الأعداء ، كما وقع مكررا في بني إسرائيل ، وقصة يحيى من أعظم الحوادث التاريخية ، ومعاملة اليهود مع المسيح لم ير نظيرها إلى ذلك العهد ، ولكن واقعة الحسينعليه‌السلام فاقت الجميع لم يرشدنا التاريخ إلى أحد من الروحانيين وأرباب الديانات أنه أقدم على قتل نفسه عالما عامدا لمقاصد عالية لا تنجح إلا بقتله ، فإن كل واحد من أرباب الديانات الذين قتلوا ، ثار عليهم أعداؤهم وقتلوهم ظلما ، وبمقدار مظلوميتهم قامت الثورة بعدهم ، ومقاصد الحسينعليه‌السلام كانت على علم وحكمة وسياسة وليس لها نظير في التاريخ ، فإنه لم يزل يوالي السعي في تهيئة أسباب قتله نظرا لذلك المقصد العالي ، ولم نجد في التاريخ رجلا ضحّى بحياته عالما عامدا لترويج ديانته من بعده إلا الحسينعليه‌السلام .

المصائب التي تحمّلها الحسينعليه‌السلام في طريق إحياء دين جده تفوق على مصائب أرباب الديانات السابقين ، ولم ترد على أحد منهم. نعم إن هناك رجالا قتلوا في طريق إحياء الدين ولكنهم لم يكونوا كالحسين ، فإنه ضحّى بنفسه العزيزة في طريق إحياء دين جده وفداه بأولاده وإخوانه وأقربائه وأحبابه وأمواله وعياله ، ولم تقع هذه المصائب دفعة واحدة حتى تكون في حكم مصيبة واحدة ، بل وقعت متوالية واحدة بعد أخرى ، ويختص الحسينعليه‌السلام دون غيره بتواتر أمثال هذه المصائب كما يشهد له التاريخ.

لم تنته المصائب التي وردت على الحسينعليه‌السلام من قتله وقتل أصحابه وتسيير نسائه وبناته ، إلا وانكشف الغطاء عن سرائر بني أمية وقبائح أعمالهم ، وظهرت بين المسلمين الحسيات السياسية ، وتوطدت أسباب الثورة ضد سلطنة يزيد وبني أمية ، وعلم الجميع أن بني أمية مخربو الإسلام ، وصار الجميع يرفض بدعهم وتقولاتهم ، وعرفوا بالظلم والغصب ، بالعكس من بني هاشم فإنهم عرفوا بالمظلومية وأن لهم الرئاسة الروحانية بالاستحقاق ، وإليهم تنمى الحقيقة الروحانية.

كأن المسلمين بعد قتل الحسينعليه‌السلام قد دخلوا في دور جديد وظهرت الروحانية الإسلامية بأجلى مظاهرها وتجددت بعد أن كانت مندرسة غائبة عن أذهان المسلمين وكما أنه لا يشك اثنان في تفوق مصائب الحسينعليه‌السلام على جميع مصائب روحاني السلف ، فكذلك لا يشك في الثورة التي حدثت بعده بأنها فاقت جميع الثورات السالفة وأن امتدادها وأثرها أكثر ، وأن بها ظهرت للعالم (مظلومية

٢٩٥

آل محمد) فكانت أولى نتائج هذه الثورة اختصاص الرئاسة الروحانية التي لها أهمية عظمى في عالم السياسة ببني هاشم ، وخصوصا في أولاد الحسينعليه‌السلام (فكان منهم أئمة الشيعة) ونظرة عموم المسلمين إلى بني هاشم سيما أولاد الحسين نظرهم إلى الروحانيين. ولم يطل العهد حتى نزعت تلك السلطة من بني أمية وزالت السلطة والقدرة من آل يزيد في أقل من قرن ، واندرست آثارهم على وجه لم يبق منهم عين ولا أثر. وأينما ذكرت أسماؤهم في متون الكتب قرنها المسلمون بكلمة الشماتة ، وكل ذلك نتيجة سياسة الحسين الذي يمكن أن يقال إنه لم يأت في أرباب الديانات والروحانيين رجل عرف عواقب الأمور مع بعد نظر وحسن سياسة كالحسينعليه‌السلام .

قبل أن تصل سبايا الحسين إلى الشام قامت الثورة ضد يزيد وظهرت بمظلومية الحسين سرائر بني أمية ، وكشف الغطاء عن نياتهم وتوجه اللوم على يزيد حتى من أهل بيته وحرمه(١) . وصار يزيد يسمع تقديس الحسينعليه‌السلام وأولاد علي وعظمتهم ومظلوميتهم بعد أن لم يكن يمكن ذكرهم عنده بخير. وكان يصعب عليه ذلك إلا أنه لم يكن له بدّ غير السكوت ، ولما أراد تبرئة نفسه من تلك الأعمال ألقى المسؤولية على عماله ولم يزل يسمع محامد الحسينعليه‌السلام . قال يزيد ذات يوم : إن سلطنة الحسين كانت أهون عليّ من هذا المقام العالي الذي فاز به آل علي وبنو هاشم.

وأخيرا فشيعة الحسينعليه‌السلام لم يزالوا يستفيدون من هذه الثورات ، وتزيد قوة بني هاشم وعظمتهم حتى لم يمض أقل من قرن إلا وصارت السلطنة الإسلامية الوسيعة في بني هاشم من دون مزاحم ، وأبادوا بني أمية على وجه لم يبق منهم اسم ولا رسم. (انتهى كلام ماربين).

__________________

(١) قال السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله صفحة ٢٠ : ولقد فشا الانكار على يزيد حتى من حريمه وأهل بيته ، حتى أن زوجته هند بنت عمرو بن سهيل وكان زوجة عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبره معاوية على طلاقها لرغبة يزيد فيها فإنها لما أبصرت الرأس مصلوبا على باب دارها ، والأنوار النبوية تتصاعد منه إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر طريا ويشم منه رائحة طيبة ، عظم مصابه في قلبها فلم تتمالك أن دخلت على يزيد في مجلسه مهتوكة الحجاب وهي تصيح : رأس ابن بنت رسول الله مصلوب على دارنا. فقام إليها وغطاها وقال لها : أعولي على الحسين فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد قصد بذلك تعمية الامر وإبعاد السبة عنه وذلك بإلقاء التبعة على عامله

٢٩٦

إنها لكلمات حرة صادقة جاءت على لسان رجل غربي مدقق مطّلع. ومن المؤسف أن نرى أمثال هذا الفيلسوف من الغربيين أشد إنصافا ودفاعا عن الحق ، حتى من علماء العرب أنفسهم (وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) صدق الله العظيم.

٢٩٧ ـ مختصر ما حصل للحسينعليه‌السلام حتّى مقتله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٧)

يقول السيوطي : فأما ابن الزبير فلم يبايع ، ولا دعا إلى نفسه.

وأما الحسينعليه‌السلام فكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية ، وهو يأبى. فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهموما ، يجمع الإقامة مرة ، ويريد المسير إليهم أخرى. فأشار عليه ابن الزبير بالخروج.

وكان ابن عباس يقول له : لا تفعل.

وقال له ابن عمر : «لا تخرج ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة. وإنك بضعة منه ، ولا تنالها (أي الدنيا).

(وفي رواية تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٢ ص ٣٥٧) : «لا ينالها أحد منكم ، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير ، فأبى».

واعتنقه [ابن عمر] وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل!. فكان ابن عمر يقول :غلبنا حسين بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة.

وكلّمه في ذلك أيضا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو واقد الليثي وغيرهم ، فلم يطع أحدا منهم.

وصمم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس : والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان ، فلم يقبل منه. فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير.

وبعث أهل العراق إلى الحسينعليه‌السلام الرسل والكتب يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ، ومعه طائفة من آل بيته ، رجالا ونساء وصبيانا.

فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجّه إليه جيشا من أربعة آلاف ، عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فخذله أهل الكوفة ، كما هو شأنهم مع

٢٩٧

أبيه من قبله. فلما رهقه السلاح عرض عليهم الاستسلام والرجوع ، والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده [هذه الدعوى مغلوطة من وضع الإعلام الأموي] فأبوا إلا قتله!. فقتل وجيء برأسه في طست ، حتّى وضع بين يدي ابن زياد ؛ لعن الله قاتله ، وابن زياد معه ويزيد أيضا.

ويتابع السيوطي حديثه فيقول : وكان قتله بكربلاء. وفي قتله قصة فيها طول ، لا يحتمل القلب ذكرها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقتل معه ستة عشر رجلا من أهل بيته

ولما قتل الحسينعليه‌السلام وبنو أمية ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه. اه

٨ ـ ثمرات النهضة الحسينية

٢٩٨ ـ نهضة الحسينعليه‌السلام تحقق أهدافها القريبة والبعيدة ، ثمرات نهضة الحسينعليه‌السلام :

(الأئمة الاثنا عشر لعادل الأديب ، ص ١٣٦)

لقد استطاعت ثورة الحسينعليه‌السلام أن تحقق من قيامها الثمرات التالية :

١ ـ وضع الحدّ الفاصل أمام الجماهير ، بين الإسلام الصحيح والحكم الأموي الخادع ، وتحطيم الإطار الديني المزيّف الّذي كان الأمويون يحيطون به سلطانهم ، وبيان مدى بعده عن الدين.

٢ ـ الشعور بالإثم : ولّد استشهاد الحسينعليه‌السلام المفجع في كربلاء في ضمير كل مسلم استطاع أن ينصره فلم ينصره ، بعد أن عاهده على الثورة ولّد فيهم الشعور بالإثم ، ولزوم التكفير عن ذلك التقصير.

ولقد قدّر لهذا الشعور بالإثم أن يظل دائم الأوار ، حافزا دائما إلى الثورة والانتقام ، من رؤوس الفتنة والانحراف ، وقدّر له أن يدفع الناس إلى الثورات على الأمويين والظالمين كلما سنحت الفرصة.

٣ ـ تنمية الروح النضالية في الإنسان المسلم ، وتحطيم كل الحواجز النفسية والاجتماعية التي حالت دون الثورة.

٢٩٨

ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسينعليه‌السلام في بعث روح الثورة والنضال في المجتمع الإسلامي ، يحسن بنا أن نلاحظ أن هذا المجتمع خلال عشرين عاما من مقتل الإمام عليعليه‌السلام وحتى ثورة الحسينعليه‌السلام أخلد إلى السكون ولم يقم بأي ثورة أو احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والظلم والقتل وسرقة أموال الأمة ، التي كان يقوم بها الأمويون وأعوانهم ، بل خلد إلى الخنوع والنوم والتسليم.

أما بعد ثورة الحسينعليه‌السلام واستشهاده ، فقد اندلعت الثورات على يد الجماهير وتوثّبت الروح النضالية فيهم ، وبدؤوا يبحثون عن زعيم يقودهم لنزع قيد الخنوع والاستسلام ، وإرجاع الحياة والحركة للإسلام. ونلاحظ هذه الروح الثورية في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسينعليه‌السلام والتي هي في واقعها تثأر لكرامة الإسلام والمسلمين.

٢٩٩ ـ ثورات على خطّ الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٩)

ونجمل هنا ذكر بعض هذه الثورات :

١ ـ ثورة التوابين : التي اندلعت في الكوفة بقيادة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ، وكانت ردّ فعل مباشر لمقتل الحسينعليه‌السلام ، وانطلقت من مبدأ الشعور بالإثم والتقصير في نصرة الحسينعليه‌السلام . وكانت سنة ٦٥ ه‍.

٢ ـ ثورة أهل المدينة : وكانت تهدف إلى تقويض سلطان الأمويين الظالم اللاإسلامي ، وقد بدأت هذه الثورة بطرد حاكم يزيد من المدينة ، ومعه كل الأمويين وعددهم ألف شخص. فكان من نتيجة ذلك أن بعث يزيد بالمجرم السفّاك مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي اشتهر باسم (مسرف) من شدة ما أسرف في قتل أهل المدينة من أبناء الصحابة والتابعين. وقد سبى المدينة ثلاثة أيام ، حتّى أن جيشه افتضّ ألف فتاة عذراء من بنات الصحابة الأجلاء.

٣ ـ ثورة المختار الثقفي : الّذي خرج من العراق طالبا الأخذ بالثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام ، وذلك سنة ٦٦ ه‍. فتتبّع المختار قتلة الحسينعليه‌السلام وآله ، وقتلهم ومثّل بهم. فقتل منهم في يوم واحد مائتين وثمانين رجلا ، حتّى قتل منهم الآلاف.ولم ينج منه أحد ، حتّى عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وأضرابهم.

٢٩٩

٤ ـ ثورة ابن الأشعث : وفي سنة ٨١ ه‍ ثار عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجاج في العراق ، وخلع عبد الملك بن مروان. وقد استمرت ثورته إلى سنة ٨٣ ه‍ ، وأحرزت انتصارات عسكرية ، ثم قضى عليها الحجاج بمساعدة جيوش شامية.

٥ ـ ثورة الشهيد زيد بن علي : وفي سنة ١٢٢ ه‍ ثار في الكوفة على طغيان الأمويين زيد بن علي ، وهو ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام . ولكن سرعان ما أخمدت ثورته ، وقتل وصلبرحمه‌الله .

وكان من نتيجة هذه الثورات تقويض ملك بني أمية خلال تسعين سنة ، وقد كان يتوقع له أن يستمر مئات السنين.

فلسفة الابتلاء

٣٠٠ ـ الدنيا دار ابتلاء :

(الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري : اعلم أيّدك الله أن البلاء إنما كتب على المؤمن ، وأن الدنيا ليست بدار ثواب ولا بدار عقاب ، لم يرض سبحانه بأن يجعل ثواب المؤمن فيها ولا عقاب الكافر فيها ، وذلك لقلة أيامها ونقصان الأعمار فيها ، ومن ثم بعث الدواهي والمصائب فيها إلى أحبابه وأقاربه.

ولا مصيبة مثل مصيبة مولانا الحسينعليه‌السلام ، فإنها هدّت أركان الدين وصدّعت قواعد الشرع المبين ، وأبكت الأجفان وأقرحت القلوب. ولعمري إنها المصيبة التي يتسلى بها المؤمن عن كل مصاب ، والداهية المنسية له مفارقة الخلان والأحباب.

٣٠١ ـ المؤمن أشدّ ابتلاء :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦٨)

روي أن رجلا جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوقف بين يديه ، فقال : يا رسول الله إني أحب اللهعزوجل ، فقال : استعدّ للبلاء!. فقال : يا رسول الله وإني أحبك ، فقال له : استعدّ للفقر!. فقال : وإني أحبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : استعدّ لكثرة الأعداء!.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735