موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 487960 / تحميل: 5773
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

أباه يقول في سجوده: سبحانك اللهّم، أنت ربّي حقّاً حقّاً، سجدت لك يا ربّ تعبّداً ورقّاً، اللهمّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي، اللهمّ قني عذابك يوم تبعث عبادك، وتب عليّ إنّك أنت التوّاب الرحيم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الجهر والاخفات في الركوع والقنوت(١) .

٣ - باب استحباب التجافي في السجود للرجل خاصّة، وأن لايضع شيئاً من بدنه على شيء منه

[ ٨١٢٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن جماعة، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان، عن حفص الأعور، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان علي( عليه‌السلام ) إذا سجد يتخوّى كما يتخوّى(٢) البعير الضامر، يعني بروكه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ٨١٢٩ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن( عليه‌السلام ) قال: إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها.

____________________

(١) تقدم ما يدل بعمومه على استحباب الإخفات في الحديث ٧ من الباب ٦٩ من أحكام المساجد، وما يدل على جواز الجهر والاخفات في الحديثين ١ و ٢ من الباب ٢٠ من أبواب القنوت وفي الحديث ١ من الباب ٢٥ من أبواب الركوع.

الباب ٣

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٢١/٢.

(٢) يتخوى: أي يجافي بطنه عن الأرض في سجوده بأن يجنح بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ولا يفرشهما افتراش الأسد ويكون شبه المعلق ويسمى هذا تخويه لأنه القى التخويه بين الأعضاء. ( مجمع البحرين - خوى - ١: ١٣٣ ).

(٣) التهذيب ٢: ٧٩/٢٩٦.

٢ - الكافي ٣: ٣٣٦/٤.

٣٤١

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، مثله(١) .

[ ٨١٣٠ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا قال: المرأة إذا سجدت تضمّمت، والرجل إذا سجد تفتّح.

[ ٨١٣١ ] ٤ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّه قال في حديث: ولا تلثم، ولا تحتفز، ولا تقع على قدميك، ولا تفترش ذراعيك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ٨١٣٢ ] ٥ - قال صاحب الصحاح: وفي الحديث عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) : إذا صلّت المرأة فلتحتفز أي تتضام إذا جلست وإذا سجدت، ولا تتخوّى كما يتخوّى الرجل.

أقول: وتقدم ما يدل على ذلك في كيفية الصلاة(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٢: ٩٤/٣٥١.

٣ - الكافي ٣: ٣٣٦/٨ والتهذيب ٢: ٩٥/٣٥٣.

٤ - الكافي ٣: ٣٣٦/٩، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٦ من هذه الأبواب، وأورده بتمامه في الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب القيام. وقطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١٥ من أبواب القواطع.

(٢) التهذيب ٢: ٨٤/٣٠٩.

٥ - الصحاح ٣: ٨٧٤ مادة حفز.

(٣) تقدّم في الحديث ٤ من الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة.

٣٤٢

٤ - باب وجوب السجود على الجبهة والكفّين والركبتين وابهامي الرجلين، واستحباب الارغام بالأنف، وجملة من أحكام السجود

[ ٨١٣٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، عن محمّد بن مصادف(١) قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: إنّما السجود على الجبهة وليس على الأنف سجود.

[ ٨١٣٤ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : السجود على سبعة أعظم: الجبهة، واليدين، والركبتين، والابهامين من الرجلين، وترغم بأنفك إرغاماً، أمّا الفرض فهذه السبعة، وأما الإرغام بالأنف فسنّة من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) .

و رواه الصدوق في ( الخصال ) عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، ( عن حريز )(٢) عن زرارة ، مثله ، إلّا أنّه قال : و الكفّين(٣)

____________________

الباب ٤

فيه ٩ أحاديث

١- التهذيب ٢: ٢٩٨/١٢٠٠ والاستبصار ١: ٣٢٦/١٢٢٠.

(١) في نسخة: مضارب ( هامش المخطوط ).

٢ - التهذيب ٢: ٢٩٩/١٢٠٤، والاستبصار ١: ٣٢٧/١٢٢٤.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) الخصال: ٣٤٩.

٣٤٣

[ ٨١٣٥ ] ٣ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه (عليه‌السلام ) قال: إنّ عليّاً (عليه‌السلام ) كره تنظيم الحصى في الصلاة، وكان يكره أن يصلّي على قصاص شعره حتّى يرسله إرسالاً.

[ ٨١٣٦ ] ٤ - وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن عمّار، عن جعفر، عن أبيه قال: قال علي( عليه‌السلام ) : لا تجزي صلاة لا يصيب الأنف ما يصيب الجبين.

أقول: حمله الشيخ على الكراهة دون الفرض لما مرّ(١) .

[ ٨١٣٧ ] ٥ - وعنه، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام ) ، قال: رأيته وهو ساجد وقد رفع قدميه من الأرض وإحدى قدميه على الأخرى.

أقول: حمله الشيخ على الضرورة، وحمله بعضهم على التقيّة، ويحتمل الحمل على السجود المندوب كسجدة الشكر، وعلى رفع القدمين سوى الابهامين.

[ ٨١٣٨ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق (عليه‌السلام ) ، عن أبيه (عليه‌السلام ) ، أنّه قال: إذا سجد أحدكم فليباشر بكفّيه الأرض لعلّ الله يدفع عنه الغلّ(٢) يوم القيامة.

____________________

٣ - التهذيب ٢: ٢٩٨/١٢٠٣ وأورده في الحديث ٤ من الباب ١٤ من أبواب ما يسجد عليه.

٤ - التهذيب ٢: ٢٩٨/١٢٠٢، والاستبصار ١: ٣٢٧/١٢٢٣.

(١) مرّ في الحديث ١ من هذا الباب.

٥ - التهذيب ٢: ٣٠١/١٢١٤، والاستبصار ١: ٣٢٩/١٢٣٣.

٦ - الفقيه ١: ٢٠٥/٩٣٠، أورده عن ثواب الأعمال والعلل في الحديث ١ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

(٢) في نسخة: الغلل ( هامش المخطوط ).

٣٤٤

[ ٨١٣٩ ] ٧ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عمّن سمع أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: لا صلاة لمن لم يصب أنفه مايصيب جبينه.

أقول: تقدّم الوجه فيه(١) .

[ ٨١٤٠ ] ٨ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون القدّاح،( عن جعفربن محمّد( عليه‌السلام ) )(٢) قال: يسجد ابن آدم على سبعة أعظم: يديه، ورجليه، وركبتيه، وجبهته.

[ ٨١٤١ ] ٩ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجيع البيان) قال: روي أنّ المعتصم سأل أبا جعفر محمّد بن علي بن موسى الرضا( عليه‌السلام ) عن قوله: ( وَأَنَّ الـمَسَاجِدَ لِلّهِ فَلَا تَدعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) (٣) ؟ فقال: هي الأعضاء السبعة التي يسجد عليها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، وعلى جملة من أحكام السجود في الركوع(٥) ، وفي كيفيّة الصلاة(٦) ، وغير ذلك(٧) ، ويأتي ما يدلّ عليه في جهاد النفس(٨) في الفروض على الجوارح.

____________________

٧ - الكافي ٣: ٣٣٣/٢.

(١) تقدّم في ذيل الحديث ٤ من هذا الباب.

٨ - قرب الاسناد: ١٢.

(٢) ليس في المصدر.

٩- مجمع البيان ٥: ٣٧٢.

(٣) الجن ٧٢: ١٨.

(٤) تقدّم في الحديث ١٤ من الباب ٨ من أبواب اعداد الفرائض.

(٥) تقدّم في الأبواب ٣ و ٤ و ٧ و ٩ وفي الحديثين ٢ و ٣ من الباب ١٤، وفي الأبواب ١٥ و ٢٠ و ٢٣ و ٢٥ من أبواب الركوع.

(٦) تقدّم في الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة.

(٧) تقدّم في الباب ١٤ من أبواب ما يسجد عليه.

(٨) يأتي في الحديثين ١ و ٧ من الباب ٢ من أبواب جهاد النفس.

٣٤٥

٥ - باب استحباب الجلوس على اليسار بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة، والطمأنينة فيه

[ ٨١٤٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن عبد الحميد بن عوّاض، عن أبى عبد الله( عليه‌السلام ) قال: رأيته إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى جلس حتّى يطمئنّ ثمّ يقوم.

[ ٨١٤٣ ] ٢ - وعنه، عن الحجّال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: رأيت أبا جعفر وأبا عبد الله( عليهما‌السلام ) إذا رفعا رءوسهما من السجدة الثانية نهضا ولم يجلسا.

أقول: حمله الشيخ وغيره على نفي الوجوب لما مضى(١) ويأتي(٢) ، ويمكن الحمل على التقيّة لما يأتي(٣) .

[ ٨١٤٤ ] ٣ - وبإسناده عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبوعبد الله( عليه‌السلام ) : إذا رفعت رأسك في(٤) السجدة الثانية من الركعة الأولى حين تريد أن تقوم فاستو جالساً ثمّ قم.

[ ٨١٤٥ ] ٤ - وبإسناده عن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه

____________________

الباب ٥

فيه ٦ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٨٢/٣٠٢، والاستبصار ١: ٣٢٨/١٢٢٨.

٢ - التهذيب ٢: ٨٣/٣٠٥، والاستبصار ١: ٣٢٨/١٢٣١.

(١) تقدّم في الحديث ١ من هذا الباب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من هذا الباب.

(٣) يأتي في الحديث ٦ من هذا الباب.

٣ - التهذيب ٢: ٨٢/٣٠٣، والاستبصار ١: ٣٢٨/١٢٢٩.

(٤) في الاستبصار: من ( هامش المخطوط ).

٤ - التهذيب ٢: ٨٣/٣٠٧، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب التشهد، وقطعة منه في =

٣٤٦

السلام) قال: إذا جلست في الصلاة فلا تجلس على يمينك واجلس على يسارك، الحديث.

[ ٨١٤٦ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن الحسن بن زياد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن علي بن الحزّور، عن الأصبغ بن نباتة قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إذا رفع رأسه من السجود قعد حتّى يطمئنّ ثمّ يقوم، فقيل له: يا أميرالمؤمنين، كان من قبلك أبوبكر وعمر إذا رفعوا رءوسهم من السجود نهضوا على صدور أقدامهم كما تنهض الابل، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إنّما يفعل ذلك أهل الجفا من الناس، إنّ هذا من توقيرالصلاة.

[ ٨١٤٧ ] ٦ - وبإسناده عن علي بن الحكم، عن رحيم قال: قلت لأبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : جعلت فداك، أراك إذا صلّيت فرفعت رأسك من السجود في الركعة الأولى والثالثة تستوي جالساً ثمّ تقوم، فنصنع كما تصنع؟ فقال: لا تنظروا إلى ما أصنع أنا، اصنعوا ما تؤمرون.

أقول: أوّل الحديث يدلّ على الاستحباب، وآخره على نفي الوجوب كما ذكره الشيخ، ويحتمل التقيّة لما مرّ(١) .

____________________

= الحديث ٢ من الباب ١٩ من هذه الأبواب، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٢٢ من أبواب الركوع.

٥ - التهذيب ٢: ٣١٤/١٢٧٧.

٦ - التهذيب ٢: ٨٢/٣٠٤، والاستبصار ١: ٣٢٨/١٢٣٠.

(١) مر في الحديث ٢ من هذا الباب.

تقدّم ما يدلّ على الطمأنينة في الحديث ١٤ من الباب ٨ من أبواب اعداد الفرائض، وفي الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة، والباب ٢٥ من هذه الأبواب.

٣٤٧

٦ - باب جواز الاقعاء بين السجدتين وبعدهما على كراهيّة

[ ٨١٤٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا تقع بين السجدتين إقعاءاً(١) .

ورواه الكليني عن جماعة، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، مثله(٢) .

[ ٨١٤٩ ] ٢ - وبأسانيده عن معاوية بن عمّار وابن مسلم والحلبي قالوا: لا تقع في الصلاة بين السجدتين كاقعاء الكلب.

[ ٨١٥٠ ] ٣ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بالاقعاء في الصلاة فيما بين السجدتين.

[ ٨١٥١ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن يحيى المعاذي، عن الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق، عن سعد بن عبد الله، أنّه قال لجعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : إنّي أُصلّي في المسجد الحرام فأقعد على رجلي اليسرى من أجل الندى؟ فقال: اقعد على إليتيك

____________________

الباب ٦

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٣٠١/١٢١٣ والاستبصار ١: ٣٢٧/١٢٢٥.

(١) الاقعاء: هو ان يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين قاله الجوهري وهذا تفسير الفقهاء، فأما أهل اللغة فالاقعاء عندهم ان يلصق الرجل اليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويتساند الى ظهره. مجمع البحرين ( قعا ) ١: ٣٤٨ والصحاح ٦: ٢٤٦٥.

(٢) الكافي ٣: ٣٣٦/٣.

٢ - التهذيب ٢: ٨٣/٣٠٦، والاستبصار ١: ٣٢٨/١٢٢٧.

٣ - التهذيب ٢: ٣٠١/١٢١٢، والاستبصار ١: ٣٢٧/١٢٢٦.

٤ - التهذيب ٢: ٣٧٧/١٥٧٣.

٣٤٨

وإن كنت في الطين.

[ ٨١٥٢ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في حديث قال: لا تلثم، ولا تحتفز، ولا تقع على قدميك، ولا تفترش ذراعيك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

[ ٨١٥٣ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين في( معاني الأخبار ): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمرو بن جميع قال: قال أبوعبد الله( عليه‌السلام ) : لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين، وبين الركعة الأولى والثانية، وبين الركعة الثالثة والرابعة، وإذا أجلسك الإمام في موضع يجب أن تقوم فيه تتجافى، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهّدين إلّا من علّة، لأنّ المقعي ليس بجالس، إنّما جلس بعضه على بعض، والاقعاء أن يضع الرجل أليتيه على عقبيه في تشهّديه، فأما الأكل مقعياً فلا بأس به، لأنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قد أكل مقعياً.

[ ٨١٥٤ ] ٧ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب حريز بن عبد الله: عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بالاقعاء

____________________

٥ - الكافي ٣: ٣٣٦/٩، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٣ وفي الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب القيام، وقطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١٥ من أبواب القواطع.

(١) التهذيب ٢: ٨٤/٣٠٩.

٦ - معاني الأخبار: ٣٠٠/١.

٧ - مستطرفات السرائر: ٧٣/٩، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب التشهد. ويأتي حكم التجافي في الباب ٦٧ من أبواب الجماعة.

٣٤٩

فيما بين السجدتين، الحديث.

٧ - باب كراهة نفخ موضع السجود وغيره في الصلاة، وعدم تحريمه، وكراهة النفخ في الرقى، والطعام، والشراب، والتعويذ

[ ٨١٥٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: الرجل ينفخ في الصلاة موضع جبهته؟ فقال: لا.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد، عن الفضل، مثله(١) .

وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن الفضل، مثله(٢) .

[ ٨١٥٦ ] ٢ - وباسناده عن أحمد بن محمّد، عن أبي محمّد الحجّال، عن أبي إسحاق، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بالنفخ في الصلاة في موضع السجود ما لم يؤذ أحداً.

[ ٨١٥٧ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن رجل(٣) قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن المكان يكون

____________________

الباب ٧

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٣٤/٨.

(١) الاستبصار ١: ٣٢٩/١٢٣٥.

(٢) التهذيب ٢: ٣٠٢/١٢٢٢.

٢ - التهذيب ٢: ٣٢٩/١٣٥١، والاستبصار ١: ٣٣٠/١٢٣٦.

٣ - التهذيب ٢: ٣٠٢/١٢٢٠، والاستبصار ١: ٣٢٩/١٢٣٤.

(٣) في المصدر زيادة: من بني عجل.

٣٥٠

عليه الغبار، أفأنفخه إذا أردت السجود؟ فقال: لا بأس.

محمّد بن علي بن الحسين قال: سأل رجل الصادق( عليه‌السلام ) ، وذكر الحديث(١) .

[ ٨١٨٥ ] ٤ - قال: وروي عن الصادق( عليه‌السلام ) أنّه قال: إنما يكره ذلك خشية أن يؤذي من إلى جانبه.

[ ٨١٥٩ ] ٥ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث المناهي - قال: ونهى أن ينفخ في طعام أو شراب وأن ينفخ في موضع السجود.

[ ٨١٦٠ ] ٦ - وفي( العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن ليث المرادي قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : الرجل يصلّي فينفخ في موضع جبهته؟ قال: ليس به بأس، إنّما يكره ذلك أن يؤذي من إلى جانبه.

[ ٨١٦١ ] ٧ - وفي( المجالس ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن الحسن القرشي، عن سليمان بن جعفر البصري، عن عبد الله بن الحسين بن زيد بن علي، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : إنّ الله كره لكم أيّتها الأمة أربعاً وعشرين خصلة ونهاكم عنها إلى أن قال وكره

____________________

(١) الفقيه ١: ١٧٧/٨٣٨.

٤ - الفقيه ١: ١٧٧/٨٣٩.

٥ - الفقيه ٤: ٥/١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٩٢ من أبواب آداب المائدة.

٦ - علل الشرائع: ٣٤٥/١.

٧ - أمالي الصدوق: ٢٤٨/٣، أورد قطعة منه في الحديث ١١ من الباب ١٥ من أبواب أحكام الخلوة، وأورده بتمامه في الحديث ١٧ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

٣٥١

النفخ في الصلاة.

ورواه في( الفقيه) بإسناده عن سليمان بن جعفر، مثله (١) .

وفي( الخصال) بهذا الإسناد، مثله (٢) .

[ ٨١٦٢ ] ٨ - وعن أحمد بن محمّد بن إبراهيم(٣) العجلي، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن الحسين بن مصعب قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : يكره النفخ في الرقى، والطعام، وموضع السجود.

[ ٨١٦٣ ] ٩ - وبإسناده عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: لا يتفل المؤمن في القبلة، فإن فعل ذلك ناسياً يستغفر الله(٤) ، لا ينفخ الرجل في موضع سجوده، ولا ينفخ في طعامه، ولا في شرابه، ولا في تعويذه.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٥) .

____________________

(١) الفقيه ٣: ٣٦٣/١٧٢٧.

(٢) الخصال: ٥٢٠/٩.

٨ - الخصال: ١٥٨/٢٠٣.

(٣) في المصدر: الهيثم.

٩ - الخصال: ٦١٣.

(٤) في المصدر زيادة: منه.

(٥) يأتي في الباب ٩٢ من أبواب آداب المائدة وفي عنوان الباب ٦ من أبواب قواطع الصلاة.

٣٥٢

٨ - باب أنّ من أصابت جبهته مكاناً غير مستو أو لا يجوز السجود عليه وجب أن يجرّها الى موضع آخر، وان لم يمكن جاز أن يرفعها قليلاً ثم يضعها

[ ٨١٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبوعبد الله( عليه‌السلام ) : إذا وضعت جبهتك على نبكة(١) فلا ترفعها ولكن جرّها على الأرض.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن إسماعيل، مثله(٢) .

وبإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ٨١٦٥ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمّد،( عن أبيه) (٤) ، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن حسين بن حمّاد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: أضع وجهي للسجود فيقع وجهي على حجر أو على موضع مرتفع، أحول وجهي إلى مكان مستو؟ فقال: نعم، جر وجهك على الأرض من غير أن ترفعه.

[ ٨١٦٦ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن موسى بن القاسم وأبي قتادة

____________________

الباب ٨

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٣٣/٣.

(١) النبكة: بالتحريك وقد تسكن: الأرض التي فيها صعود ونزول والتل الصغير أيضاً، وفي الصحاح النبك جمع نبكة وهي أكمة محددة الرأس ( مجمع البحرين - نبك - ٢٩٥: ٥ والصحاح ٤: ١٦١٢ ).

(٢) التهذيب ٢: ٣٠٢/١٢٢١.

(٣) الاستبصار ١: ٣٣٠/١٢٣٨.

٢ - التهذيب ٢: ٣١٢/١٢٦٩، والاستبصار ١: ٣٣٠/١٢٣٩.

(٤) ليس في الاستبصار ( هامش المخطوط ).

٣ - التهذيب ٢: ٣١٢/١٢٧٠.

٣٥٣

جميعاً، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما‌السلام ) ، قال: سألته عن الرجل يسجد على الحصى فلا يمكّن جبهته من الأرض؟ قال: يحرّك جبهته حتى يتمكّن، فينحي الحصى عن جبهته ولا يرفع رأسه.

وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، مثله(١) .

ورواه الحميري في( قرب الإسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، مثله (٢) .

[ ٨١٦٧ ] ٤ - وعنه، عن معاوية بن حكيم، عن أبي مالك الحضرمي، عن الحسن بن حمّاد قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع؟ فقال: ارفع رأسك ثمّ ضعه.

[ ٨١٦٨ ] ٥ - وبإسناده عن المفضّل بن صالح، عن الحسين بن حمّاد قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يسجد على الحصى؟ قال: يرفع رأسه حتى يستمكن.

قال الشيخ: هذا محمول على الاضطرار، حيث لا يتأتّى ذلك إلّا مع رفع الرأس، واستدلّ بما مضى، وباستلزامه زيادة سجود عمداً، وهو مبطل لما يأتي.

[ ٨١٦٩ ] ٦ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في( الاحتجاج ): عن

____________________

(١) الاستبصار ١: ٣٣١/١٢٤٠.

(٢) قرب الاسناد: ٩٣.

٤ - التهذيب ٢: ٣٠٢/١٢١٩، والاستبصار ١: ٣٣٠/١٢٣٧.

٥ - التهذيب ٢: ٣١٠/١٢٦٠.

٦ - الاحتجاج: ٤٨٤.

٣٥٤

محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن صاحب الزمان( عليه‌السلام ) ، أنّه كتب إليه يسأله عن المصلّى يكون في صلاة الليل في ظلمة، فإذا سجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته على مسح أو نطع، فإذا رفع رأسه وجد السجادة، هل يعتدّ بهذه السجدة أم لا يعتدّ بها؟ فكتب إليه في الجواب: ما لم يستو جالساً فلا شيء عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة.

ورواه الشيخ في كتاب( الغيبة) بالإسناد الآتي (١) .

٩ - باب أنّه يجزئ من السجود بالجبهة مسمّاه ما بين قصاص الشعر الى الحاجب، واستحباب الاستيعاب أو وضع قدر درهم، وعدم جواز السجود على حائل كالعمامة والقلنسوة

[ ٨١٧٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) ، قال: قلت: الرجل يسجد وعليه قلنسوة أو عمامة؟ فقال: إذا مسّ جبهته الأرض فيما بين حاجبه (٢) وقصاص شعره فقد أجزأ عنه.

ورواه الصدوق بإسناده عن زرارة(٣) .

ورواه الشيخ أيضاً بإسناده عن زرارة، مثله(٤) .

[ ٨١٧١ ] ٢ - وعنه، عن عبد الله بن بحر، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن

____________________

(١) الغيبة: ٢٣٣.

الباب ٩

فيه ٥ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٨٥/٣١٤، أورده في الحديث ٢ من الباب ١٤ من أبواب ما يسجد عليه.

(٢) في المصدر: حاجبيه.

(٣) الفقيه ١: ١٧٦/٨٣٣.

(٤) التهذيب ٢: ٢٣٦/٩٣١.

٢ - التهذيب ٢: ٨٥/٣١٣.

٣٥٥

أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن حدّ السجود؟ قال: ما بين قصاص الشعر إلى موضع الحاجب، ما وضعت منه أجزأك.

[ ٨١٧٢ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن موسى بن عمر، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ابن بكير وثعلبة بن ميمون جميعاً، عن بريد، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: الجبهة إلى الأنف، أيّ ذلك أصبت به الأرض في السجود أجزأك، والسجود عليه كلّه أفضل.

[ ٨١٧٣ ] ٤ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن مروان بن مسلم وعمّار الساباطي جميعاً، قال: ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد، أيّ ذلك أصبت به الأرض أجزأك.

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عمّار الساباطي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله، إلّا أنّه قال: فما أصاب الأرض منه فقد أجزأك(١) .

وبإسناده عن زرارة، عنه( عليه‌السلام ) ، مثل ذلك(٢) .

[ ٨١٧٤ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: الجبهة كلّها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود، فأيّما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك مقدار الدرهم أو مقدار طرف الأنملة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث ما يسجد عليه(٣) .

____________________

٣ - التهذيب ٢: ٢٩٨/١١٩٩، والاستبصار ١: ٣٢٦/١٢٢١.

٤ - التهذيب ٢: ٢٩٨/١٢٠١، والاستبصار ١: ٣٢٧/١٢٢٢.

(١) الفقيه ١: ١٧٦/٨٣٦.

(٢) الفقيه ١: ١٧٦/٨٣٧.

٥ - الكافي ٣: ٣٣٣/١.

(٣) تقدّم في الباب ١٤ من أبواب ما يسجد عليه.

٣٥٦

١٠ - باب استحباب مساواة المسجد للموقف وموضع اليدين، وكراهة علوّ مسجد الجبهة عنهما، وجواز كونه أخفض منهما

[ ٨١٧٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن موضع جبهة الساجد، أيكون أرفع من مقامه؟ فقال: لا، ولكن ليكن مستوياً.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، مثله(١) .

[ ٨١٧٦ ] ٢ - وعنه، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد؟ فقال: إنّي أحبّ أن أضع وجهي في موضع قدمي، وكرهه.

[ ٨١٧٧ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن يسار المنقري، عن علي بن جعفر السكوني، عن إسماعيل بن مسلم الشعيري، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) عن أبيه، عن آبائه (عليهم‌السلام ) ، أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: ضعوا اليدين حيث تضعون الوجه، فإنّهما يسجدان كما يسجد الوجه.

____________________

الباب ١٠

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٨٥/٣١٥.

(١) الكافي ٣: ٣٣٣/٤.

٢ - التهذيب ٢: ٨٥/٣١٦.

٣ - التهذيب ٢: ٢٩٧/١١٩٨.

٣٥٧

[ ٨١٧٨ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن محمّد بن عبد الله، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه سأله عمّن يصلّي وحده فيكون موضع سجوده أسفل من مقامه؟ فقال: إذا كان، وحده فلا بأس.

أقول: ويأتي ما يدلّ على بعض المقصود(١) .

١١ - باب جواز علو مسجد الجبهة عن الموقف، وانخفاضه عنه بمقدار لبنة لا أزيد

[ ٨١٧٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن النهدي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن السجود على الأرض المرتفع؟ فقال: إذا كان موضع جبهتك مرتفعاً عن موضع يديك (٢) قدر لبنة فلا بأس.

[ ٨١٨٠ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمروبن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المريض، أيحلّ له أن يقوم على فراشه ويسجد على الأرض؟ قال: فقال: إذا كان الفراش

____________________

٤ - التهذيب ٣: ٢٨٢/٨٣٥، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ٦٣ من أبواب الجماعة.

(١) يأتي في الباب ١١ من هذه الأبواب.

الباب ١١

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٣١٣/١٢٧١.

(٢) في المصدر: بدنك.

٢ - الكافي ٣: ٤١١/١٣.

٣٥٨

غليظاً قدر آجرة(١) أو أقلّ استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الأرض، وإن كان أكثرمن ذلك فلا.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد، مثله(٢) .

[ ٨١٨١ ] ٣ - قال الكليني: وفي حديث آخر في السجود على الأرض المرتفعة قال: إذا كان موضع جبهتك مرتفعاً عن رجليك قدر لبنة فلا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٣) .

١٢ - باب أنّ من كان بجبهته دمل أو نحوه وجب أن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض، وإلّا وجب أن يسجد على أحد جانبي جبهته، وإلّا فعلى ذقنه

[ ٨١٨٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن بعض أصحابه، عن مصادف قال: خرج بي دمّل فكنت أسجد على جانب، فرأى أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أثره فقال: ما هذا؟ فقلت: لا أستطيع أن أسجد من أجل الدمل، فانما أسجد منحرفاً، فقال لي: لا تفعل ذلك (٤) احفر حفيرة، واجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك على الأرض.

____________________

(١) الآجر بالمدّ والتشديد أشهر من التخفيف: اللبن اذا طبخ والواحدة آجرة، يبنى به ( مجمع البحرين ٣: ٢٠١ ).

(٢) التهذيب ٣: ٣٠٧/٩٤٩.

٣ - الكافي ٣: ٣٣٣/٤.

(٣) تقدّم في الأحاديث ٢، ٤، ٥ من الباب ٨، وفي الباب ١٠ من هذه الأبواب.

الباب ١٢

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٨٦/٣١٧.

(٤) في الكافي بدل ( ذلك ): ولكن - هامش المخطوط -.

٣٥٩

محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، مثله(١) .

[ ٨١٨٣ ] ٢ - وعن علي بن محمّد بإسناد له قال: سئل أبو عبد الله( عليه‌السلام ) عمّن بجبهته علّة لا يقدر على السجود عليها؟ قال: يضع ذقنه على الأرض، إنّ الله تعالى يقول: ( وَيَخِرُّونَ لِلأَذقَانِ سُجَّداً ) (٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) .

أقول: حمله الشيخ على العجزعن الحفيرة المذكورة.

[ ٨١٨٤ ] ٣ - علي بن إبراهيم في( تفسيره) عن أبيه، عن الصباح، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله - في حديث - قال: قلت له: رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد (٤) ؟ قال: يسجد ما بين طرف شعره، فإن لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن، قال: فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر، فإن لم يقدر فعلى ذقنه، قلت: على ذقنه؟ قال: نعم، أما تقرأ كتاب الله عزّ وجلّ: ( يَخِرُّونَ لِلأَذقَانِ سُجَّداً ) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على إجزاء السجود على أحد جانبي الجبهة(٥) .

____________________

(١) الكافي ٣: ٣٣٣/٥.

٢ - الكافي ٣: ٣٣٤/٦.

(٢) الاسراء ١٧: ١٠٧.

(٣) التهذيب ٢: ٨٦/٣١٨.

٣ - تفسير القمي ٢: ٣٠، تقدّم صدره في الحديث ٦ من الباب ٣٣ من أبواب القراءة.

(٤) في المصدر زيادة: عليها.

(٥) تقدّم في الباب ٩ من هذه الأبواب.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

الباب الثالث

الإعداد للنهضة

الفصل ١٢ ـ في المدينة المنوّرة

ـ خروج الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة

الفصل ١٣ ـ في مكة المكرمة

ـ مكاتبات البصريين والكوفيين

الفصل ١٤ ـ مسير مسلم بن عقيل

ـ ملفّ الكوفة

ـ نهضة مسلم بن عقيل في الكوفة

الفصل ١٥ ـ عزم الحسينعليه‌السلام على المسير إلى العراق ونصائح الأصحاب

٤٠١

الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة

٤٠٢

الفصل الثاني عشر

في المدينة المنورة

[١٥ رجب سنة ٦٠ هجرية]

قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم (١)أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِين ) (٣) [العنكبوت : ١ ـ ٣].

٤٤٢ ـ كتاب من يزيد يدعو أهل المدينة إلى بيعته :

أول عمل قام به يزيد بعد قدومه من (حوّارين) شرق حمص ، بعد موت أبيه بثلاثة أيام إلى عشرة أيام ، أن كتب كتابا إلى عامله على المدينة ، وهو ابن عمه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان [وفي رواية ابن قتيبة الدينوري في (الإمامة والسياسة) ص ١٧٤ :خالد بن الحكم] مع مولى لمعاوية يقال له ابن زريق ، هذا نصه :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) . من عبد الله يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة.

أما بعد ، فإن معاوية بن أبي سفيان ، كان عبدا استخلفه الله على العباد ، ومكّن له في البلاد ، وكان من حادث قضاء الله جلّ ثناؤه ، وتقدّست أسماؤه فيه ، ما سبق في الأولين والآخرين ، لم يدفع عنه ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل. فعاش حميدا ومات سعيدا. وقد قلّدنا اللهعزوجل ما كان إليه. فيا لها من مصيبة ما أجلّها ، ونعمة ما أعظمها ؛ نقل الخلافة ، وفقد الخليفة. فنستوزعه الشكر ، ونستلهمه الحمد ، ونسأله الخيرة في الدارين معا ، ومحمود العقبى في الآخرة والأولى ، إنه ولي ذلك ، وكل شيء بيده لا شريك له.

وإن أهل المدينة قومنا ورجالنا ، ومن لم نزل على حسن الرأي فيهم ، والاستعداد بهم ، واتباع أثر الخليفة فيهم ، والاحتذاء على مثاله لديهم ؛ من الاقبال عليهم ، والتقبّل من محسنهم ، والتجاوز عن مسيئهم. فبايع لنا قومنا ، ومن قبلك من رجالنا ، بيعة منشرحة بها صدوركم ، طيّبة عليها أنفسكم. وليكن أول من يبايعك

٤٠٣

من قومنا وأهلنا : الحسين ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن جعفر ، ويحلفون على ذلك بجميع الأيمان اللازمة ، ويحلفون بصدقة أموالهم غير عشرها ، وجزية رقيقهم ، وطلاق نسائهم ، بالثبات على الوفاء بما يعطون من بيعتهم ، ولا قوة إلا بالله ، والسلام.

تعليق المؤلف :

لم أر نفاقا أكثر من نفاق يزيد في هذا الكتاب. فهو رغم إلحاده ، صوّر نفسه بأنه من أكبر المؤمنين بالله والراضين بقضائه (من حادث قضاء الله جلّ ثناؤه ، وتقدّست أسماؤه) ، ثم هو يغالط في المفاهيم حين يدّعي أن أباه معاوية قد استخلفه (الله) على العباد ، وهو ما زال يقاتل إمام المسلمين علي بن أبي طالب حتّى استشهدعليه‌السلام ، فمن الّذي استخلفه عليا لمسلمين؟ يقول :

(فإنّ معاوية كان عبدا استخلفه الله على العباد). ومعاوية باعتباره أول من شقّ عصا الإسلام وحاول الانفصال عن الدولة الإسلامية ، يكون أول من أشاع الفتن في الإسلام والمسلمين ، فكيف من هذه صفته يكون قد (عاش حميدا ، ومات سعيدا).ثم إذا كان يزيد يعرف حرمة أهل مكة والمدينة ويدّعي أنهم قومه وأهله ، فعلام نهب مدينتهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وحرّق كعبتهم؟!.

وفي (تاريخ اليعقوبي) ج ٢ ص ٢٤١ ، قال :

وكان يزيد غائبا ، فلما قدم دمشق كتب إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وهو عامل المدينة :

إذا أتاك كتابي هذا ، فأحضر الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فخذهما بالبيعة لي ، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما ، وابعث لي برؤوسهما. وخذ الناس بالبيعة ، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم ، وفي الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير ، والسلام.

٤٤٣ ـ ما جاء في الصحيفة المرفقة بالكتاب كأنها أذن فأرة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٠)

فكتب يزيد إلى الوليد بن عتبة واليه على المدينة بموت معاوية ، وأمره أن يأخذ له البيعة من جميع أهل المدينة. وأرفق الكتاب بصحيفة صغيرة كأنها أذن فأرة مكتوب

٤٠٤

فيها : أما بعد ، فخذ الحسين وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا عنيفا ليست فيه رخصة ، فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه ، وابعث إليّ برأسه والسلام. فلما قرأ الوليد الكتاب قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، يا ويح الوليد ممن أدخله في هذه الإمارة ، مالي وللحسين بن فاطمة!.

٤٤٤ ـ علاقة مروان بالوليد :(الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٥٤)

فلما أتى الوليد نعي معاوية فظع به وكبر عليه. وبعث إلى مروان بن الحكم فدعاه. وكان مروان عاملا على المدينة من قبل الوليد. فلما قدمها الوليد كان مروان يختلف إليه متكارها ، فلما رأى الوليد ذلك منه شتمه عند جلسائه. فبلغ ذلك مروان فانقطع عنه ، ولم يزل مصارما له حتّى جاء نعي معاوية.

٤٤٥ ـ مشاورة الوليد لمروان بن الحكم :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ص ١٧٥)

وذكروا أن (الوليد بن عتبة) لما أتاه الكتاب من يزيد فظع به. فدعا مروان بن الحكم ، وكان على المدينة قبله. فلما دخل عليه مروان ، وذلك في أول الليل ، قال له الوليد : احتسب صاحبك يا مروان. فقال له مروان : اكتم ما بلغك ، إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم أقرأه الكتاب ، وقال له : ما الرأي؟.

فقال : أرسل الساعة إلى هؤلاء النفر ، فخذ بيعتهم ، فإنهم إن بايعوا لم يختلف على يزيد أحد من أهل الإسلام ، فعجّل عليهم قبل أن يفشو الخبر فيتمنعّوا.

في رواية أخرى :(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٧ ط ٢)

فلما وقف الوليد على الكتاب بعث إلى مروان بن الحكم فأحضره وأوقفه على كتاب يزيد ، واستشاره وقال : كيف ترى أن أصنع بهؤلاء؟. قال : أرى أن تبعث إليهم الساعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في الطاعة ، فإن لم يفعلوا وإلا ضربت أعناقهم ، قبل أن يعلموا بموت معاوية ، لأنهم إن علموا وثب كل واحد منهم في جانب ، وأظهر الخلاف والمنابذة ودعا إلى نفسه ، إلا ابن عمر فإنه لا يرى الولاية والقتال ، إلا أن يدفع عن نفسه ، أو يدفع إليه هذا الأمر عنوا.

قال ابن شهراشوب في مناقبه ، ج ٣ ص ٢٤٠ :

٤٠٥

فأحضر الوليد مروان وشاوره في ذلك. فقال : الرأي أن تحضرهم وتأخذ منهم البيعة قبل أن يعلموا. فوجّه في طلبهم وكانوا عند التربة.

٤٤٦ ـ استدعاء الشخصيات الأربعة :(مقتل الحسين لأبي مخنف ص ١١)

قال أبو مخنف : فأنفذ (الوليد بن عتبة) في طلبهم ، فقيل للرسول : إنهم مجتمعون عند قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأقبل عليهم ، وقال لهم : أجيبوا الوليد فإنه يدعوكم.

فقالوا له : انصرف.

٤٤٧ ـ دعوة الوليد بن عتبة للإمام الحسينعليه‌السلام وابن الزبير :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٥٣)

فأرسل الوليد عبد الله بن عمرو بن عثمان ، وهو غلام حدث ، إلى الحسين وابن الزبير يدعوهما ، فوجدهما في المسجد وهما جالسان ، فأتاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس. فقال : أجيبا الأمير. فقالا : انصرف ، الآن نأتيه.

رواية أخرى :(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٧ ط ٢)

فأرسل الوليد عمر بن عثمان إلى الحسينعليه‌السلام وإلى عبد الله بن الزبير ، فوجدهما في المسجد ، فقال : أجيبا الأمير. فقالا : انصرف فالآن نأتيه.

ثم قال ابن الزبير للحسينعليه‌السلام : ظنّ فيما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي ليس له عادة بالجلوس فيها إلا لأمر. فقال الحسينعليه‌السلام : أظن طاغيتهم قد هلك ، فبعث إلينا ليأخذ البيعة علينا ليزيد قبل أن يفشو في الناس الخبر. قال ابن الزبير : هو ذاك. فما تريد أن تصنع؟. قال : أجمع فتياني وأذهب إليه.

(أقول) : إن ابن الزبير كان خائفا من الذهاب إلى الوالي لذلك هرب ، أما الحسينعليه‌السلام فقد أراد الذهاب ولكن بعد أن يتحصّن بفتيانه.

٤٤٨ ـ الحسينعليه‌السلام يشاور الثلاثة فيما سيفعلون :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤١٩)

وأقبل عبد الله بن الزبير على الحسينعليه‌السلام وقال : يابن رسول الله أتدري ما يريد الوليد منا؟. قال : نعم. اعلموا أنه قد مات معاوية وتولى الأمر من بعده ابنه يزيد ، وقد وجّه الوليد في طلبكم ليأخذ البيعة عليكم ، فما أنتم قائلون؟.

٤٠٦

فقال عبد الرحمن : أما أنا فأدخل بيتي وأغلق بابي ، ولا أبايعه.

وقال عبد الله بن عمر : أما أنا فعليّ بقراءة القرآن ولزوم المحراب.

وقال عبد الله بن الزبير : أما أنا فما كنت بالذي أبايع يزيد.

وقال الحسينعليه‌السلام : أما أنا فأجمع فتياني وأتركهم بفناء الدار ، وأدخل على الوليد وأناظره وأطالب بحقي. فقال له عبد الله بن الزبير : إني أخاف عليك منه.

قالعليه‌السلام : لست آتيه إلا وأنا قادر على الامتناع منه إنشاء الله تعالى.

٤٤٩ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام قاله لعبد الله بن الزبير لما بعث الوليد بن عتبة يستدعيهما :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٢)

قال الحسينعليه‌السلام لعبد الله بن الزبير : أنا أخبرك ، أظنّ أن معاوية قد مات ، وذلك أني رأيت البارحة في منامي كأن معاوية منكوس ، ورأيت النار تشتعل في داره ، فتأولت ذلك في نفسي أن قد مات معاوية. فقال ابن الزبير : فاعلم أن ذلك كذلك ، فماذا نصنع يا أبا عبد الله(١) ، إن دعينا إلى بيعة يزيد. فقال الحسينعليه‌السلام :أما أنا فلا أبايع أبدا ، لأن الأمر كان لي بعد أخي الحسن ، فصنع معاوية ما صنع ، وكان حلف لأخي الحسن أن لا يجعل الخلافة لأحد من ولده ، وأن يردّها عليّ إن كنت حيا ، فإن كان معاوية خرج من دنياه ولم يف لي ولا لأخي بما ضمن ، فقد جاءنا ما لا قرار لنا به. أتظن يا أبا بكر أني أبايع ليزيد ، ويزيد رجل فاسق معلن بالفسق ، يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود ، ونحن بقية آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا والله لا يكون ذلك أبدا.

قال : فبينا هما كذلك في المحاورة ، إذ رجع الرسول فقال : أبا عبد الله ، إن الأمير قاعد لكما خاصة فقوما إليه. فزبره الحسينعليه‌السلام وقال : انطلق إلى أميرك لا أمّ لك ، فمن أحبّ أن يصير إليه منا فإنه صائر إليه. فأما أنا فإني أصير إليه الساعة إنشاء الله ، ولا قوة إلا بالله.

فرجع الرسول إلى الوليد ، فقال : أصلح الله الأمير ، أما الحسين بن علي خاصة ، فإنه صائر إليك في إثري ، فقد أجاب.

__________________

(١) أبو عبد الله : كنية الإمام الحسينعليه‌السلام ، وأبو بكر : كنية عبد الله بن الزبير.

٤٠٧

فقال مروان : غدر والله الحسين. فقال الوليد : مهلا فليس مثل الحسين يغدر ، ولا يقول شيئا ثم لا يفعل.

٤٥٠ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام لما عزم على مقابلة الوليد ، وقد أمر أصحابه بالاستعداد للطوارئ :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٢)

ثم إن الحسينعليه‌السلام أقبل على من معه ، وقال : صيروا إلى منازلكم فإني صائر إلى الرجل ، فأنظر ما عنده وما يريد. فقال له ابن الزبير : جعلت فداك إني خائف عليك أن يحبسوك عندهم ، فلا يفارقونك أبدا ، دون أن تبايع أو تقتل. فقال الحسينعليه‌السلام : إني لست أدخل عليه وحدي ، ولكني أجمع إليّ أصحابي وخدمي وأنصاري وأهل الحق من شيعتي ، ثم آمرهم أن يأخذ كل واحد منهم سيفه مسلولا تحت ثيابه ، ثم يصيروا بإزائي ، فإذا أنا أومأت إليهم وقلت : يا آل الرسول ادخلوا ، فعلوا ما أمرتهم به ، فأكون على الامتناع دون المقادة والمذلة في نفسي ، فقد علمت والله أنه جاء من الأمر ما لا أقوم به

ولا أقرّ له ، ولكنّ قدر الله ماض ، وهو الّذي يفعل في أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يشاء ويرضى.

٤٥١ ـ وصية الحسينعليه‌السلام لأصحابه :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤٠ ط نجف)

ثم قال الحسينعليه‌السلام لمن حوله من أهل بيته : إذا أنا دخلت على الوليد فخاطبته وخاطبني وناظرته وناظرني ، كونوا على الباب. فإذا سمعتم الصيحة قد علت ، والأصوات قد ارتفعت ، فاهجموا إلى الدار ، ولا تقتلوا أحدا ولا تثيروا الفتنة.

فلما دخل عليه وقرأ الكتاب ، قالعليه‌السلام : ما كنت أبايع ليزيد. فقال مروان :بايع لأمير المؤمنين. فقال الحسينعليه‌السلام : كذبت ويلك على المؤمنين ، من أمرّه عليهم؟. فقام مروان وجرّد سيفه ، وقال : مر سيافك أن يضرب عنقه قبل أن يخرج من الدار ، ودمه في عنقي!. وارتفعت الصيحة ، فهجم

تسعة عشر رجلا من أهل بيته وقد انتضوا خناجرهم ، فخرج الحسينعليه‌السلام معهم.

٤٠٨

٤٥٢ ـ دخول الحسينعليه‌السلام على الوليد بن عتبة :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٧ ط نجف)

فجمع الحسينعليه‌السلام أهله وفتيانه ، ثم قال : إذا دعوتكم فاقتحموا. ثم دخل على الوليد ـ ومروان عنده ـ فأقرأه كتاب يزيد ، ودعاه إلى البيعة. فقالعليه‌السلام :مثلي لا يبايع سرّا ، بل على رؤوس الناس وهو أحبّ إليكم. وكان الوليد يحب العافية ، فقال : انصرف في دعة الله حتّى تأتينا مع الناس.

فقال له مروان : والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع ، لا قدرت عليه أبدا ، حتّى تكثر القتلى بينكما. احبس الرجل عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٤١٩ : «فقال مروان : فاتك الثعلب فلا ترى إلا غباره ، واحذر أن يخرج حتّى يبايعك أو تضرب عنقه».

فوثب الحسينعليه‌السلام قائما وقال : يابن الزرقاء [وهو اسم جدة مروان]

هو يقتلني أو أنت ، كذبت ومنت!.

ثم خرج الحسينعليه‌السلام ، فقال الوليد : يا مروان ، والله ما أحبّ أن لي ما طلعت عليه الشمس وأني قتلت حسينا.

تعليق المؤلف :

(أقول) : لو كان عند مروان بن الحكم ذرة من الوفاء والشهامة ، ما قابل الحسينعليه‌السلام بمثل هذه المعاملة ، وحسبك منها أمره الوالي بقتل الحسينعليه‌السلام قبل أن يفلت من يده. وهل ينسى مروان من الّذي أطلق سراحه يوم أخذ أسيرا في معركة الجمل؟!. فقد توسّط الحسن والحسينعليهما‌السلام إلى أبيهما في إطلاق سراحه والعفو عنه ، بعد أن صار في شبكة الأسر ، ثم قالا له : لقد تاب مروان فاسمح له أن يبايعك من جديد. فقال عليعليه‌السلام : لا حاجة لي ببيعته ، إنها يد يهودية (غادرة).وأطلق سراحه كرامة للحسنينعليه‌السلام .

أفهل يعقل أن يعامل من فعل مع مروان مثل هذا الجميل ، مثل هذه المعاملة؟.لكن كلّ إناء ينضح بما فيه ، ولا غرابة فهو من نسل الزرقاء بنت موهب التي كانت مومسا في الجاهلية.

٤٠٩

٤٥٣ ـ تحرّز ابن الزبير وهربه :(المصدر السابق)

وأما ابن الزبير ، فإنه قال : الآن آتيكم. ثم خرج في الليل إلى مكة ، على طريق (الفرع) ، هو وأخوه جعفر بن الزبير. فأرسلوا الطلب خلفهم ، ففاتهم.

وفي رواية (الكامل في التاريخ) لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٥٤ :

وأما ابن الزبير ، فقال : الآن آتيكم. ثم أتى داره فكمن فيها. وخرج من ليلته فأخذ طريق (الفرع) ، هو وأخوه جعفر ، ليس معهما ثالث. وساروا نحو مكة.

٤٥٤ ـ رحيل عبد الله بن الزبير :(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٠)

فلما كان في نصف الليل وهدأت العيون ، خرج عبد الله بن الزبير ومعه إخوته بأجمعهم. فقال عبد الله لإخوته : خذوا عليهم غير المحجة [أي غير الطريق الشرعي] فإني آخذ عليها مخافة أن يلحقنا الطلب.

قال : فتفرق عنه إخوته ، ومضى عبد الله ومعه أخوه جعفر ، ليس معهما ثالث.

٤٥٥ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام لما دخل على الوليد ودعاه إلى بيعة يزيد ، وفيه يعلن مبدأه في نهضته المقدسة واستحالة مبايعته ليزيد :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٣)

دخل الحسينعليه‌السلام على الوليد فسلّم عليه بالإمرة وقال : كيف أصبح الأمير اليوم وكيف حاله؟ فردّ عليه الوليد بن عتبة ردّا حسنا ، ثم أدناه وقرّبه ، ومروان بن الحكم هناك جالس ، وقد كان بين مروان والوليد منافرة ومنازعة. فلما نظر الحسينعليه‌السلام إلى مروان جالسا في مجلس الوليد ، قال : أصلح الله الأمير ، الصلاح خير من الفساد ، والصلة خير من الشحناء. وقد آن لكما أن تجتمعا ، فالحمد لله الّذي أصلح ذات بينكما ، فلم يجيباه في هذا بشيء. فقال الحسينعليه‌السلام : هل ورد عليكم من معاوية خبر ، فإنه كان عليلا وقد طالت علّته ، فكيف هو الآن؟. فتأوه الوليد وتنفّس الصعداء وقال : يا أبا عبد الله آجرك الله في معاوية ، فقد كان لكم عمّ صدق ووالي عدل ، لقد ذاق الموت. وهذا كتاب أمير المؤمنين يزيد. فقال الحسينعليه‌السلام : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وعظّم الله لك الأجر أيها الأمير ، ولكن لماذا دعوتني؟. فقال : دعوتك للبيعة التي قد اجتمع الناس عليها!. فقال الحسينعليه‌السلام : أيها الأمير ، إن مثلي لا يعطي بيعته سرا ، وإنما يجب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة ، فإذا دعوت الناس غدا إلى

٤١٠

البيعة دعوتنا معهم ، فيكون الأمر واحدا(١) . فقال الوليد : أبا عبد الله ، والله لقد قلت فأحسنت القول ، وأجبت جواب مثلك ، وهكذا كان ظني بك ، فانصرف راشدا ، وتأتينا غدا مع الناس.

فقال مروان : أيها الأمير إن فارقك الساعة ولم يبايع فإنك لم تقدر منه على مثلها أبدا ، حتّى تكثر القتلى بينك وبينه ، فاحبسه عندك ، ولا تدعه يخرج أو يبايع وإلا فاضرب عنقه. فالتفت إليه الحسينعليه‌السلام وقال : ويلي عليك يابن الزرقاء(٢) أتأمر بضرب عنقي ، كذبت والله ولؤمت (وفي رواية : وأثمت)(٣) والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك ، فإن شئت ذلك فرم أنت ضرب عنقي إن كنت صادقا. (وفي رواية أبي مخنف) : «يابن الزرقاء ، أنت تأمر بقتلي ، كذبت يابن اللخنا [أي المنتنة] وبيت الله ، لقد أهجت عليك وعلى صاحبك مني حربا طويلا».

٤٥٦ ـ إعلان الحسينعليه‌السلام لنهضته المقدسة :

(المصدر السابق)

ثم أقبل الحسينعليه‌السلام على الوليد ، فقال : أيها الأمير ، إنّا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الرحمة. بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق ، شارب خمر ، قاتل نفس ، معلن بالفسق ، فمثلي لا يبايع لمثله ، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون ، أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة(٤) . فأغلظ الوليد في كلامه وارتفعت الأصوات ، فهجم تسعة عشر رجلا قد انتضوا خناجرهم ، وأخرجوا الحسينعليه‌السلام إلى منزله قهرا(٥) .

__________________

(١) مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم ، ص ١٤٢ نقلا عن تاريخ الطبري (طبعة أولى مصر) ص ١٨٩ ؛ وروى ذلك أبو مخنف في مقتله ، ص ١٢ بتحريف.

(٢) جاء في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٢٩ طبع إيران ؛ والآداب السلطانية للفخري ، ص ٨٨ : أن جدة مروان كانت من البغايا. وفي الكامل لابن الأثير ، ج ٤ ص ٧٥ :كان الناس يعيّرون ولد عبد الملك بن مروان بالزرقاء بنت موهب ، لأنها من المومسات ومن ذوات الرايات. ذكر هذا كله في حاشية مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٤٢.

(٣) مقتل الحسين للمقرم ص ١٤٣ نقلا عن الطبري وابن الأثير وإعلام الورى.

(٤) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٤٤ عن مثير الأحزان لابن نما الحلي.

(٥) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٤٤ عن مناقب ابن شهراشوب ، ج ٢ ص ٢٠٨ ، ولم يذكره الخوارزمي.

٤١١

٤٥٧ ـ مجادلة مروان مع الوليد بن عتبة بشأن الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق)

فقال مروان للوليد : عصيتني ، فوالله لا يمكنك على مثلها. قال الوليد :

(ويح غيرك) يا مروان ، اخترت لي ما فيه هلاك ديني ، أقتل حسينا إن قال لا أبايع!. والله لا أظن أمرأ يحاسب بدم الحسين إلا خفيف الميزان يوم القيامة(١) ولا ينظر الله إليه ولا يزكيّه وله عذاب أليم(٢) .

٤٥٨ ـ الوليد بن عتبة يغلظ للحسينعليه‌السلام في الكلام :

(تاريخ ابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢٠٠)

وقد كان الوليد أغلظ للحسينعليه‌السلام ، فشتمه الحسينعليه‌السلام وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه. فقال الوليد : إن هجنا (أثرنا) بأبي عبد الله إلا أسدا. فقال له مروان : اقتله. قال الوليد : إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف.

أسماء زوجة الوليد تنهاه عن شتم الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق)

فلما صار الوليد إلى منزله ، قالت له امرأته أسماء بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : أسببت حسينا؟. قال : هو بدأ فسبّني!. قالت : وإن سبّك حسين تسبّه؟!. وإن سبّ أباك تسبّ أباه؟!. قال : لا.

٤٥٩ ـ إمساك عبد الله بن مطيع العدوي وحبسه :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٢)

وطلب والي المدينة عبد الله بن الزبير فلم يجده. فأرسل إلى كلّ من كان من شيعته فأخذه وحبسه. وكان فيمن حبس يومئذ عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي.وأمه يقال لها العجماء بنت عامر الخزاعية. فتوسط عبد الله ابن عمر إلى الوالي في إطلاق سراحه ، فقال مروان : إنما نحن حبسناه بأمر أمير المؤمنين يزيد ، وعليكم أن تكتبوا له ، ونكتب نحن أيضا.

قال : فوثب أبو جهم بن حذيفة العدوي ، فقال : نكتب وتكتبون ، وابن العجماء محبوس!. لا والله لا يكون ذلك أبدا.

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ١٩٠.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم نقلا عن الله وف على قتلى الطفوف ، ص ١٣.

٤١٢

ثم وثب بنو عدي فجعلوا يحضرون ، حتّى صاروا إلى باب السجن ، فاقتحموا على عبد الله بن مطيع فأخرجوه ، وأخرجوا كل من كان في السجن ، ولم يتعرض إليهم أحد. فاغتمّ الوليد بن عتبة.

٤٦٠ ـ لقاء بين مروان بن الحكم والحسينعليه‌السلام في الطريق ، ومروان ينصح الحسينعليه‌السلام ببيعة يزيد ، والحسينعليه‌السلام يبيّن فسوق يزيد ، وأسباب رفضه لبيعته :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٤)

فأقام الحسينعليه‌السلام في منزله تلك الليلة ، وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ٦٠ ه‍. فلما أصبح خرج من منزله يستمع الأخبار ، فلقيه مروان فقال له :يا أبا عبد الله إني لك ناصح فأطعني ترشد وتسدّد. فقال : وما ذاك؟ قل أسمع.فقال : إني أرشدك لبيعة يزيد ، فإنها خير لك في دينك وفي دنياك. فاسترجع الحسينعليه‌السلام وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة براع مثل يزيد. ثم قال : يا مروان أترشدني إلى بيعة يزيد ، ويزيد رجل فاسق!.لقد قلت شططا من القول وزللا ، ولا ألومك فإنك اللعين الّذي لعنك رسول الله وأنت في صلب أبيك الحكم بن العاص ، ومن لعنه رسول الله فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد. إليك عني يا عدوّ الله ، فإنا أهل بيت رسول الله ، الحق فينا ينطق على ألسنتنا ، وقد سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان(١) الطلقاء وأبناء الطلقاء ، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه». ولقد رآه أهل المدينة على منبر رسول الله فلم يفعلوا به ما أمروا ، فابتلاهم بابنه يزيد.فغضب مروان من كلام الحسين فقال : والله لا تفارقني حتّى تبايع ليزيد صاغرا ، فإنكم آل أبي تراب قد ملئتم شحناء ، وأشربتم بغض آل أبي سفيان ، وحقيق عليهم أن يبغضوكم. فقال الحسين : إليك عني ، فإنك رجس ، وإني من أهل بيت الطهارة قد أنزل الله فينا( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣]. فنكّس رأسه ولم ينطق. ثم قال له الحسين : أبشر يابن الزرقاء بكل ما تكره من رسول الله يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي وحق يزيد. (وطال الحديث بينه وبين مروان ، وهو غضبان).

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٤٦ نقلا عن الله وف ، ص ١٣ ؛ ومثير ابن نما ، ص ١٠.

٤١٣

فمضى مروان إلى الوليد وأخبره بمقالة الحسينعليه‌السلام .

وكان عبد الله بن الزبير مضى إلى مكة حين اشتغلوا بمحاورة الحسينعليه‌السلام ، وتنكّب الطريق. فبعث الوليد بثلاثين رجلا في طلبه ، فلم يقدروا عليه.

وفي (لواعج الأشجان) للسيد الأمين ، ص ٢٤ ط نجف : «فلما كان آخر نهار السبت ، بعث الوليد الرجال إلى الحسينعليه‌السلام ليحضر فيبايع ، فقال لهم الحسينعليه‌السلام : أصبحوا ثم ترون ونرى.

فكفوّا تلك الليلة عنه ولم يلحّوا عليه. فخرج في تلك الليلة ـ وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب ـ متوجها نحو مكة».

فكتب الوليد إلى يزيد يخبره بما كان من أمر ابن الزبير ، ومن أمر الحسينعليه‌السلام ، وأنه لا يرى عليه طاعة ولا بيعة.

٤٦١ ـ كتاب الوليد بن عتبة إلى يزيد عن امتناع الحسينعليه‌السلام من البيعة :

(بحار الأنوار للمجلسي ، ج ٤٤ ص ٣١٢)

فلما سمع (الوليد بن) عتبة بن أبي سفيان ذلك ، دعا الكاتب وكتب :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) . إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين : أما بعد ، فإن الحسين ابن علي ليس يرى لك خلافة ولا بيعة ، فرأيك في أمره والسلام.

٤٦٢ ـ جواب يزيد بقتل الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق)

فلما ورد الكتاب على يزيد ، كتب الجواب إلى (الوليد بن) عتبة :

أما بعد ، فإذا أتاك كتابي هذا فعجّل عليّ بجوابه ، وبيّن لي في كتابك كل من في طاعتي ، أو خرج منها ، وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي.

٤٦٣ ـ الكتاب الثاني من يزيد إلى الوليد يطلب منه صراحة رأس الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٥)

فلما ورد الكتاب على يزيد غضب غضبا شديدا ، وكان إذا غضب احولّت عيناه.فكتب إلى الوليد :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. من يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة :

أما بعد فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانية على أهل المدينة توكيدا منك

٤١٤

عليهم ، وذر عبد الله بن الزبير ، فإنه لن يفوتنا ولن ينجو منا أبدا ما دمنا أحياء.وليكن مع جواب كتابي رأس الحسين. فإن فعلت ذلك جعلت لك أعنة الخيل ، ولك عندي الجائزة العظمى والحظ الأوفر ، والسلام.

فلما ورد الكتاب على الوليد أعظم ذلك ، وقال : والله لا يراني الله وأنا قاتل الحسين ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو جعل لي يزيد الدنيا وما فيها.

٤٦٤ ـ موقف عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس من البيعة :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٥٥)

ثم إن الوليد أرسل إلى ابن عمر ليبايع ، فقال : إذا بايع الناس بايعت ، فتركوه ، وكانوا لا يتخوّفونه.

وقيل : إن ابن عمر كان هو وابن عباس بمكة ، فعادا إلى المدينة ، فلقيهما الحسينعليه‌السلام وابن الزبير ، فسألاهما : ما وراءكما؟. فقالا : موت معاوية وبيعة يزيد. فقال ابن عمر : لا تفرّقا جماعة المسلمين. وقدم هو وابن عباس المدينة ، فلما بايع الناس بايعا.

ويقول ابن كثير في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ١٦٣ :

ولما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية ، كان الحسينعليه‌السلام ممن امتنع من مبايعته ، هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن عباس. ثم مات ابن أبي بكر وهو مصمم على ذلك.

فلما مات معاوية سنة ستين وبويع ليزيد ، بايع ابن عمر وابن عباس ، وصمم على المخالفة الحسينعليه‌السلام وابن الزبير.

٤٦٥ ـ لماذا ألخ يزيد على أخذ البيعة من الحسينعليه‌السلام خاصة؟ :

(وقعة كربلاء للشيخ الركابي ، ص ٧٠)

كانت خلافة يزيد مهلهلة ، وأغلب الناس غير مقتنعين بها ، وكان لا بدّ له لتثبيت حكومته من أن يضرب عصفورين بحجر ، فطلب البيعة من الإمام الحسينعليه‌السلام .فهو لا يبغي من ذلك بيعة الحسينعليه‌السلام كفرد بقدر ما يرمي إلى تأييد الناس له إذا رأوا الحسين يبايع ، لأن الحسينعليه‌السلام كانت له منزلة سامية في نفوس الناس ، حتّى في نفوس أعدائه من المقربين من الحزب الأموي.

٤١٥

فمن الواضح أن مبايعة الإمام الحسينعليه‌السلام ليزيد كانت تعني تحقيق ما يلي :الاعتراف الشرعي بحكومة يزيد ، وبأنها تمثّل إرادة المسلمين ، وهذا بطبعه يؤدي بالتالي إلى أن عامة المسلمين سوف يبايعون يزيد ، فسيعطي خلافة يزيد صفة الشرعية الإسلامية.

لذلك رفض الإمام الحسينعليه‌السلام البيعة شكلا ومضمونا ، وقال : «مثلي لا يبايع مثله». وبدأ يعمل لإقامة دولة إسلامية صحيحة ، معتمدا على واقعين أساسيين :

١ ـ الإرادة الجماهيرية الرافضة لحكومة يزيد ، والتي تعتبر أرضية خصبة يجب تنميتها لقيام حكومة إلهية.

٢ ـ فساد القيادة التي تولاها يزيد والحزب الأموي.

٤٦٦ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام ناجى به جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد زار قبره الشريف :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٦)

وفي هذه الليلة خرج الحسين من منزله وأتى قبر جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسطع له نور من القبر(١) فقال : السلام عليك يا رسول الله ، أنا الحسين بن فاطمة ، فرخك وابن فرختك ، وسبطك والثّقل(٢) الّذي خلّفته في أمتك ، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني وضيّعوني ولم يحفظوني ، وهذه شكواي إليك حتّى ألقاك ، صلى الله عليك.

ثم صفّ قدميه فلم يزل راكعا وساجدا حتّى الصباح(٣) .

٤٦٧ ـ من كلام لهعليه‌السلام وقد زار قبر جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرة ثانية ، وخبر رؤيته للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٦)

وفي الليلة الثانية جاء الحسينعليه‌السلام إلى قبر جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصلى ركعات ، ثم قال : الله م إن هذا قبر نبيك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا ابن بنت نبيك ، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت. الله م إني أحبّ المعروف وأنكر المنكر ، وإني أسألك يا ذا الجلال

__________________

(١) مقتل المقرم ، ص ١٤٤ نقلا عن أمالي الصدوق ، ص ٩٣ مجلس ٣٠.

(٢) الثّقل : كل شيء نفيس مصون.

(٣) مقتل المقرم ، ص ١٤٥ عن مقتل العوالم ، ص ٥٤ ؛ والبحار ، ج ١٠ ص ١٧٢.

٤١٦

والإكرام بحق هذا القبر ومن فيه إلا اخترت لي من أمري ما هو لك رضى ولرسولك رضى وللمؤمنين رضى. ثم جعل يبكي عند القبر ، حتّى إذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى ، فإذا هو برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه ، فجاء حتّى ضمّ الحسين إلى صدره ، وقبّل بين عينيه ، وقال : «حبيبي يا حسين ، كأني أراك عن قريب مني مرمّلا بدمائك ، مذبوحا بأرض كربلاء ، بين عصابة من أمتي ، وأنت في ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروى. وهم في ذلك يرجون شفاعتي ، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، وما لهم عند الله من خلاق. حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قدموا عليّ وهم إليك مشتاقون ، وإن لك في الجنة لدرجات لن تنالها إلا بالشهادة». قال : فجعل الحسين في منامه ينظر إلى جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسمع كلامه ويقول له : يا جداه لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا ، فخذني إليك وأدخلني معك إلى قبرك. فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا حسين لا بدّ لك من الرجوع إلى الدنيا حتّى ترزق الشهادة(١) وما قد كتب الله لك من الثواب العظيم ، فإنك وأباك وأمك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتّى تدخلوا الجنة». فانتبه الحسينعليه‌السلام وقصّ رؤياه على أهل بيته ، فاشتدّ حزنهم وكثر بكاؤهم(٢) .

وروى أبو مخنف في مقتله هذا الكلام ، ص ١٥ على النحو التالي :

إن الحسينعليه‌السلام لما خرج من المدينة أتى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالتزمه وبكى بكاء شديدا وسلّم عليه ، وقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد خرجت من جوارك كرها ، وفرّق بيني وبينك ، وأخذت قهرا أن أبايع يزيد ، شارب الخمور وراكب الفجور ، وإن فعلت كفرت ، وإن أبيت قتلت ، فها أنا خارج من جوارك كرها ، فعليك مني السلام يا رسول الله. ثم نام ساعة فرأى في منامه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد وقف به وسلّم عليه ، وقال : «يا بني لقد لحق بي أبوك وأمك وأخوك ، وهم مجتمعون في دار الحيوان ، ولكنا مشتاقون إليك ، فعجّل بالقدوم إلينا ، واعلم يا بني أن لك درجة مغشّاة بنور الله ، ولست تنالها إلا بالشهادة ، وما أقرب قدومك علينا».

__________________

(١) ورد بعض هذا الكلام في المناقب لابن شهراشوب ، ج ٢ ص ٢٤٠ ط نجف.

(٢) مقتل المقرم ، ص ١٤٨ نقلا عن مقتل العوالم ، ص ٥٤. والمقصود بعمه : جعفر الطيار ، وعم أبيه : حمزة سيد الشهداء.

٤١٧

٤٦٨ ـ محاورة بين الحسينعليه‌السلام وأخيه عمر الأطرف بعد أن رأى الرؤيا :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٤٨)

فقال له أخوه عمر الأطرف ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام : حدثني أبو محمد الحسن عن أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام أنك مقتول ، فلو بايعت لكان خيرا لك. قال الحسينعليه‌السلام : حدّثني أبي أن رسول الله أخبره بقتله وقتلي ، وأن تربته تكون بالقرب من تربتي ، أتظن أنك علمت ما لم أعلمه!. وإني لا أعطي الدنيّة من نفسي أبدا. ولتلقينّ فاطمة أباها شاكية مما لقيت ذريتها من أمته ، ولا يدخل الجنة من آذاها في ذريتها(١) .

٤٦٩ ـ وداع الحسينعليه‌السلام لقبر أمه وأخيه :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٩)

وتهيأ الحسينعليه‌السلام وعزم على الخروج من المدينة ، ومضى في جوف الليل إلى قبر أمه فودّعها. ثم مضى إلى قبر أخيه الحسنعليه‌السلام فودّعه.

وفي وقت الصبح أقبل إليه أخوه محمّد بن الحنفية.

٤٧٠ ـ من محاورة بين الحسينعليه‌السلام وأخيه محمّد بن الحنفية ينصحه فيها بالتنحي عن الأمصار ويدعوه للسفر إلى اليمن :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٧)

فأقبل إليه أخوه محمّد بن الحنفية ، فقال له : يا أخي فديتك نفسي ، أنت أحبّ الناس إليّ وأعزّهم عليّ ، ولست والله أدّخر النصيحة لأحد من الخلق ، وليس أحد أحقّ بها منك ، لأنك مزاج مائي ونفسي وروحي وبصري ، وكبير أهل بيتي ، ومن وجبت طاعته في عنقي. لأن الله تبارك وتعالى قد شرّفك وجعلك من سادات أهل الجنة ، إني أريد أن أشير عليك فاقبل مني. فقال له الحسينعليه‌السلام : قل يا أخي ما بدا لك. فقال : أشير عليك أن تتنحّى بنفسك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ، وأن تبعث رسلك إلى الناس فتدعوهم إلى بيعتك ، فإن بايعك الناس حمدت الله على ذلك وقمت فيهم بما كان يقومه رسول الله والخلفاء الراشدون المهديّون من بعده ، حتّى يتوفاك الله وهو عنك راض ، والمؤمنون عنك راضون ، كما رضوا عن أبيك وأخيك.

__________________

(١) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ١٥ طبع صيدا.

٤١٨

وإن اجتمع الناس على غيرك حمدت الله على ذلك وسكتّ ولزمت منزلك ، فإني خائف عليك أن تدخل مصرا من الأمصار ، أو تأتي جماعة من الناس فيقتتلون فتكون طائفة منهم معك ، وطائفة عليك ، فتقتل بينهم. (وفي رواية مثير الأحزان للجواهري ، ص ٧) : «فيقتتلوا فتكون لأول الأسنة غرضا ، فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا وأبا وأما ، أضيعها دما وأذلها أهلا». فقال له الحسينعليه‌السلام : يا أخي فإلى أين أذهب؟. قال : تخرج إلى مكة ، فإن اطمأنّت بك الدار بها فذاك الّذي تحب ، وإن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن ، فإنهم أنصار جدك وأبيك وأخيك ، وهم أرأف وأرقّ قلوبا وأوسع الناس بلادا وأرجحهم عقولا ، فإن اطمأنّت بك أرض اليمن فذاك ، وإلا لحقت بالرمال وشعوب الجبال (وفي رواية : شعب الجبال ، أي رؤوسها) ، وصرت من بلد إلى بلد ، حتّى تنظر ما يؤول إليه أمر الناس ، ويحكم الله بيننا وبين القوم الفاسقين. (وفي رواية تتمة ذلك) : «فإنك أصوب ما تكون رأيا وأحزمه عملا ، حتّى تستقبل الأمور استقبالا ، ولا تكون الأمور أبدا أشكل عليك منها حين تستدبرها استدبارا(١) ». فقال له الحسينعليه‌السلام : يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية ، فقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اللهم لا تبارك في يزيد». فقطع محمّد الكلام وبكى ، فبكى معه الحسين ساعة ، ثم قال :يا أخي جزاك الله عني خيرا ، فلقد نصحت وأشرت بالصواب ، وأرجو أن يكون رأيك موفقا مسددا ، وأنا عازم على الخروج إلى مكة ، وقد تهيأت لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي وشيعتي ، ممن أمرهم أمري ورأيهم رأيي. وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم في المدينة ، فتكون لي عينا عليهم ، ولا تخف عليّ شيئا من أمورهم(٢) .

وقام من عند ابن الحنفية ودخل المسجد وهو ينشد :

لا ذعرت السّوام في فلق الصب

ح مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيما

والمنايا يرصدنني أن أحيدا

وسمعه أبو سعيد المقبري ، فعرف أنه يريد أمرا عظيما.

__________________

(١) مقتل المقرم ، ص ١٥٠ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ١٩١ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٧ ؛ والمناقب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤٠ ؛ وشبيه هذا الكلام في مقتل أبي مخنف ، ص ١٤.

(٢) مقتل المقرم ، ص ١٥٠ عن مقتل محمّد بن أبي طالب. واعتذر العلامة الحلي عنه بالمرض ، وابن نما الحلي عنه بقروح أصابته ، ولم يذكر أرباب المقاتل هذا العذر.

٤١٩

وأصل الشعر ليزيد بن مفرغ ، ذكره أبو الفرج الاصفهاني في (الأغاني) ج ١٨ ص ٢٨٧ ، يقول الشاعر :

أيّ بلوى معيشة قد بلونا

فنعمنا وما رجونا خلودا

ودهور لقيننا موجعات

وزمان يكسّر الجلمودا

فصبرنا على مواطن ضيق

وخطوب تصيّر البيض سودا

أفإنس ، ما هكذا صبر إنس

أم من الجن ، أم خلقت حديدا

لا ذعرت السّوام في فلق الصب

ح مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيما

والمنايا يرصدنني أن أحيدا

وهي قصيدة طويلة ، وقد تمثّل الإمام الحسينعليه‌السلام بالبيتين الأخيرين منها.

٤٧١ ـ عزم الحسينعليه‌السلام على الخروج إلى مكة :

(تاريخ دمشق لابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسين ، ص ١٩٥)

عن أبي سعيد المقبري قال :

والله لرأيت الحسينعليه‌السلام وإنه ليمشي بين رجلين ، يعتمد على هذا مرة ، وعلى هذا مرة ، وعلى هذا أخرى ، حتّى دخل مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول :

لا ذعرت السّوام في فلق الصب

ح مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيما

والمنايا يرصدنني أن أحيدا

ويروى (إذا دعوت يزيدا). ويروى (حين أعطى من المهانة ضيما).

قال : فعلمت عند ذلك أنه لا يلبث إلا قليلا حتّى يخرج. فما لبث أن خرج حتّى لحق بمكة.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٨ :

«فقلت في نفسي : ما تمثّل بهذين البيتين إلا لشيء يريده. فخرج بعد ليلتين إلى مكة».

وفي (الفتوح) لابن أعثم ، ج ٥ ص ٣٥ :

ثم جعل يتمثّل بشعر يزيد بن المفرغ الحميري [توفي في الكوفة سنة ٦٩ ه‍] وهو يقول :

لا سهرت السّوام في فلق الصب

ح مضيئا ولا دعيت يزيدا

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735