موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 501955 / تحميل: 5926
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

سير من رويت في حقهم، وفي سير الآخرين من الصحابة معهم ونحن نشير إشارة سريعة الى بعض تلك الأحاديث، وخلاصة البحوث المتعلقة بها من هذه الناحية:

١ - لقد عارض عبد العزيز الدهلوي حديث الثقلين بحديث: « اهتدوا بهدى عمار ». فذكر السيدرحمه‌الله ان عماراً من شيعة عليعليه‌السلام ، وأنه قد تخلف عن بيعة أبي بكر هذا هدى عمار فلماذا لم يهتدوا بهداه؟

ثم ان عمر بن الخطاب قد أعرض عن هدى عمار، وعثمان اعتدى عليه، وعبد الرحمن بن عوف خالفه، وسعد بن أبي وقاص كان يبغضه، وطلحة والزبير ومن معهما خرجوا على علي وعمار معه، وعمرو بن العاص خرج لقتله، ومعاوية سر بمقتله

٢ - وعارض الحديث المذكور بما رووه في حق ابن مسعود عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: « رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد ». فذكر السيد صنائع عثمان مع ابن مسعود.

٣ - وعارضه بحديث: « أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل » كما عارض به العاصمي حديث « أنا مدينة العلم وعليّ بابها ».

فذكر السيدرحمه‌الله ما كان من معاذ بن جبل من الجهل بأحكام الشرع المبين، والتصرف الباطل في أموال المسلمين

٤ - وعارضه بحديث « أصحابي كالنجوم ».

فذكر السيد في جوابه موارد كثيرة من جهل الصحابة بالقرآن والاحكام الشرعية، وارتكاب بعضهم المحرمات كالربا، وبيع الخمر، وبيع الأصنام، والكذب الصريح

٥ - وعارضه أيضاً بحديث « انما الشورى للمهاجرين والأنصار ».

فذكر السيد ما كان من أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن تبعه وغيرهم من الاصحاب من الخلاف والاعتراض على خلافة الخلفاء الثلاثة، فهي كانت من غير مشورة من المهاجرين والأنصار.

٨١

٦ - وعارض العاصمي حديث « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » بحديث « أرحم - أو: أرأف - أمتى بأمتي أبو بكر » فذكر السيد قضايا من سيرة أبي بكر تكذب ذلك بكل وضوح.

٧ - وعارضه بحديث: « لكل أمة أمين وأمين هذه الامة أبو عبيدة ». فذكر السيد قضايا من تاريخ أبي عبيدة تنافي الامانة بكل صراحة.

٨ - وعارض عبد العزيز الدهلوي الحديث المذكور بحديث: « ما صب الله شيئاً في صدري الا وصببته في صدر أبي بكر » فذكر السيد جهل أبي بكر بأبسط المعارف الالهية والأمور الشرعية بل حتى بمفاهيم بعض الألفاظ القرآنية

٩ - وعارضه بحديث: « لو كان بعدي نبي لكان عمر ».

فذكر السيد في وجوه بطلانه أن المسبوق بالكفر لا يكون نبياً

(١٠) - النقض

ومنها: النقض وقد كانرحمه‌الله ذا يد طولى في هذه الجهة كسائر جهات البحث وكتابه مشحون بأنواع النقوض القوية التي لا يمكن الجواب عنها

فمما قال عبد العزيز الدهلوي في الجواب عن حديث الغدير: انه لو كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد الامامة والخلافة لجاء بلفظ صريح في الدلالة حتى لا يكون فيه خلاف ونزاع.

فنقض عليه السيدرحمه‌الله بحديث: « الأئمة من بعدي اثنا عشر ». الذي حار القوم في معناه، وذكروا له وجوهاً عديدة حتى قال بعضهم بأن الاولى ترك الخوض في البحث عنه

ذكر السيد كلماتهم حوله لأجل النقض ثم قال بأن التحقيق وضوح دلالة هذا الحديث على مذهب الامامية، وانما زعم القوم اجماله وأطنبوا في توجيهه حتى يصرفوه عن الدلالة على المعنى الظاهر فيه.

٨٢

واستدل بعضهم على خلافة أبي بكر بحديث « خوخة أبي بكر » قال: يدل على ذلك بمعونة القرائن.

فنقض عليه بأن حديث « من كنت مولاه فعليّ مولاه » أحرى بأن يكون دالا على الامامة ولو بمعونة القرائن

وأنكر ابن كثير معنى حديث أبي هريرة في فضل صوم يوم الغدير بأن « صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهراً؟ هذا باطل ».

فأبطل هذا الكلام بذكر فضل صيام أيام من السنة بأحاديث أهل السنة أنفسهم كيوم السابع والعشرين من رجب، وصوم أيام من شهر رجب، وصوم يوم عرفة

وأنكر ابن روزبهان أن يكون أمير المؤمنين قد دعا على أنس بن مالك، والبراء بن عازب، وجرير بن عبد الله البجلي الذين كتموا الشهادة بحديث الغدير قائلا: « لم يكن من أخلاق أمير المؤمنين أن يدعو على صاحب رسول الله ».

فأبطله بذكر موارد من دعاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام والصحابة

ولو أردنا أن نذكر نماذج أخر للنقض في الكتاب لطال بنا المقام، وفيما ذكرناه كفاية.

(١١) - المعارضة

ومنها - المعارضة وهي من أمتن أساليبه في الجواب فقد عارض السخاوي حديث: « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » بما وضعوه على لسان أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخرجه البخاري بسنده عن محمد بن الحنفية قال:

« قلت لابي: أي الناس خير بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: أبو بكر.

٨٣

قال قلت: ثم من؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا الا رجل من المسلمين ».

فأجاب عنه السيد مكذباً إياه بحديث أخرجه البخاري نفسه عن مالك بن أوس عن عمر بن الخطاب في حديث طويل، أنه قال مخاطباً عليّاً والعباس: « فلما توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال أبو بكر: أنا ولي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها. فقال أبو بكر قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نورث ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً، والله يعلم انه لصادق بار راشد تابع للحق.

ثم توفى أبو بكر فكنت أنا ولي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً، والله يعلم اني لصادق بار راشد تابع للحق ».

فمن كان يرى أبا بكر وعمر كاذبين آثمين غادرين خائنين كيف يراهما خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!

وعارض المولوي عبد العزيز الدهلوي حديث مدينة العلم بما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: « لو كان بعدي نبي لكان عمر ».

فأجاب السيد هذه المعارضة بوجوه كذب فيها الحديث المذكور، وكان من جملة الوجوه: ان هذا الحديث يدل على أفضلية عمر من أبي بكر، فهو معارض بما استدلوا به من الاخبار - واجمعوا عليه - على أفضلية أبي بكر من عمر بن الخطاب فالحديث باطل، فالمعارضة ساقطة.

وعارض عبد العزيز حديث: « انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي » بحديث: « أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهديتم ».

فأبطل السيد هذا الحديث وأثبت وضعه في بحث طويل وفي وجوه كثيرة منها: - المعارضة بالأحاديث الواردة في ذم الاصحاب، المخرجة في الصحاح والمسانيد كحديث الذود عن الحوض ونحوه

٨٤

(١٢) - الإلزام

ومنها - الزام القوم بما ألزموا به أنفسهم، فطالما يرد على دليل أو مناقشة للدهلوي أو غيره من أهل السنة بما التزم به من دليل أو حديث أو قاعدة

وان من أهم موارد الإلزام موضوع الصحاح الستة والصحيحين منها بالخصوص

ففي حديث: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » عقد فصلا عنوانه « قطعية أحاديث الصحيحين » ذكر فيه ان ذلك مذهب ابن الصلاح، وأبي إسحاق الأسفراييني، وأبي حامد الأسفراييني، والقاضي أبى الطيب، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وأبي عبد الله الحميدي، وأبي نصر عبد الرحيم ابن عبد الخالق، والسرخسي الحنفي، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وأبي يعلى الحنبلي، وابن الزاغوني الحنبلي، وابن فورك، ومحمد بن طاهر المقدسي، والبلقيني، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وعبد الحق الدهلوي، وولي الله الدهلوي وغيرهم.

بل عن بعضهم انه وقف تجاه قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « فقلت: يا رسول الله كلما رواه البخاري عنك صحيح؟ فقال: صحيح. فقلت له: أرويه عنك يا رسول الله؟ قال: أروه عني ».

وعن بعضهم: أنه ذكر صحيح مسلم أيضاً.

وعن جماعة كالعسقلاني والنووي وابن حجر المكي الإجماع على أن صحيحيهما أصح الكتب بعد القرآن

ومع ذلك قدح الآمدي، ومحمود بن عبد الرحمن الاصفهاني، وابن حجر المكي، وإسحاق الهروي في حديث: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » المخرج في الصحيحين

وقدح البخاري، وابن الجوزي، وابن تيمية في حديث: « اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي » المخرج في صحيح مسلم.

٨٥

وأبطل السهارنفوري وعبد العزيز الدهلوي حديث هجر فاطمة الزهراءعليها‌السلام أبا بكر وهو في باب فرض الخمس وغيره - من صحيح البخاري الذي جاء فيه: « فغضبت فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت » وأخرجه مسلم في باب حكم الفيء من كتاب الجهاد.

وأبطل المولوي حيدر علي الفيض آبادي حديث: « ايتوني بكتف ودواة » المخرج في سبعة مواضع من البخاري، وبثلاثة طرق عند مسلم ابن الحجاج

فقدح هؤلاء في هذه الأحاديث مردود بما نص عليه أئمتهم من قطعية صدور الصحيحين وانهما أصح الكتب بعد القرآن والإجماع على صحة ما روي فيهما

هذا الرد عليهم هو من باب الإلزام.

ومن ذلك إلزامهم بما يروونه في حق بعض الاشخاص من علمائهم وعرفائهم أو في شأن بعض كتبهم في الحديث أو غيره من الكرامات

فقد ذكروا في فضل « عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي » تزول قلنسوة من السماء اليه

وفي حق الثعلبي قال القشيري: رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب: أقبل الرجل الصالح. فالتفتّ فإذا الثعلبي مقبل.

وهكذا غير ما ذكرنا من الكرامات التي لا يجوز الاعتقاد بها قطعاً، الا أن التمسك بها جائز لإلزام الخصم بها في البحوث العلمية وهذا باب واسع نكتفي منه بهذا المقدار.

٨٦

الباب الرابع

بحوث وتحقيقات في كتاب العبقات

ومن يدرس كتاب « عبقات الأنوار » يجد فيه الى جانب « اثبات امامة الأئمة الاطهار » والرد على إشكالات المخالفين على أدلة الامامية في باب الامامة بحوثاً وتحقيقات علمية قيمة، بحيث لو أخرج كل واحد منها لكان كتاباً لطيفاً في موضوعه.

في هذا الكتاب بحوث علمية من أصول العقائد، والتفسير، والحديث، والدراية، والتاريخ، والرجال، والأدب يتطرق الى كل بحث منها لمناسبة يقتضيها المقام حيث يريد المؤلفرحمه‌الله إتمام الكلام على المسألة الخلافية من شتى جوانبها

ونحن نذكر هنا طرفاً من هذه البحوث تحت عناوين وضعناها لها، معترفين بعدم وفاء مذكراتنا لجميع بحوث الكتاب، آملين التوفيق لاتمامها في فرصة أخرى بإذن الله تعالى.

١ - أحاديث موضوعة

لقد وردت في حق عليّعليه‌السلام أحاديث لا تعد ولا تحصى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تناقلتها الصحابة والتابعون، وأثبتها الأئمة والحفاظ في أسفارهم ومعاجمهم، موثقين رجالها، مصححين طرقها، فأما ما لم يصل إلينا من تلك الأحاديث فالله اعلم بها وبعددها.

ولما رأى المخالفون لأمير المؤمنينعليه‌السلام تلك الأحاديث وكثرتها عدداً ووضوحها في الدلالة على إمامته عمدوا الى التصرف فيها وتحريفها زيادة أو نقيصة، والى وضع فضائل لابي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وغيرهم من الصحابة، والصحابة بصورة عامة

وقد راج سوق هذا الوضع والتزوير - كما يحدثنا التاريخ - في زمن معاوية، وشاعت هذه الأحاديث وانتشرت، ووصفها بعض علماء السنة

٨٧

بالصحة عمداً أو جهلا

ومع ذلك لم تخف حقيقة الحال على ذوي العلم والبصيرة، بل لقد نص عليها وصرح بها بعض المتعصبين من علماء الحديث كابن الجوزي في كتاب الموضوعات وأورد ابن أبي الحديد بعض الأحاديث التي وضعتها « البكرية » في مقابلة أحاديث من فضائل أمير المؤمنين

وجاء علماء الكلام وأصحاب الكتب في الامامة منهم، فعارضوا بهذه الموضوعات الأحاديث الصحاح في فضل عليعليه‌السلام الأمر الذي استدعى البحث عن تلك المفتريات والكشف عن حالها بالنظر في أسانيدها ومداليلها على ضوء آراء علماء الجرح والتعديل من أهل السنة في كتاب « عبقات الأنوار » وكان من جملة هذه الأحاديث المحرفة أو الموضوعة رأساً في مقابل فضيلة من الفضائل:

١- لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن الله اتخذ صاحبكم خليلا.

٢ - سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر.

٣ - ما صب الله في صدري شيئاً الا وصببته في صدر أبي بكر.

٤ - لو كان بعدي نبي لكان عمر.

٥ - لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.

٦ - ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر.

٧ - ابن عمر: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى اني لأرى الري يخرج من أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر ابن الخطاب. قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم.

٨ - أبو سعيد الخدري: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك. وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره. قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين.

٨٨

٩ - أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

١٠ - اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.

١١ - خلقني الله من نوره، وخلق أبا بكر من نوري، وخلق عمر من نور أبي بكر، فخلق أمتي من نور عمر، وعمر سراج أهل الجنة.

١٢ - عمرو بن العاص: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت: من الرجال؟ قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر. فعد رجالا. فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم.

١٣ - خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء.

١٤ - عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ.

١٥ - أرحم - أو: أرأف - أمتى بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياءاً عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الامة أبو عبيدة الجراح.

١٦ - من أحب ان ينظر الى ابراهيم في خلته فلينظر الى أبي بكر في سماحته ومن أحب ان ينظر الى نوح في شدته فلينظر الى عمر بن الخطاب في شجاعته ومن أحب ان ينظر الى إدريس في رفعته فلينظر الى عثمان في رحمته، ومن أحب ان ينظر الى يحيى بن زكريا في عبادته فلينظر الى عليّ بن أبي طالب في طهارته.

١٧ - أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها وعليّ بابها.

١٨ - أنا مدينة العلم وعليّ بابها وأبو بكر وعمر وعثمان حيطانها وأركانها.

١٩ - أنا مدينة العلم وأساسها أبو بكر وجدرانها عمر وسقفها عثمان وبابها عليّ.

٨٩

٢٠ - أنا مدينة العلم وعليّ بابها ومعاوية حلقتها.

٢١ - أنا مدينة العلم وعليّ بابها وأبو بكر محرابها.

٢٢ - أنا مدينة الصدق وأبو بكر بابها، وأنا مدينة العدل وعمر بابها، وأنا مدينة الحياء وعثمان بابها، وأنا مدينة العلم وعليّ بابها.

٢٣ - لا تقولوا في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي الا خيراً.

٢٤ - أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.

٢٥ - ابن عمر: كنا في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي لا نفاضل بينهم.

٢٦ - محمد بن الحنفية: قلت لابي أي الناس خير بعد النبي؟ قال: أبو بكر. قال قلت: ثم من؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنث؟ قال: ما أنا الا رجل من المسلمين.

٢ - عدالة الصحابة

ومن البحوث المهمة ذات الأثر الكبير في جميع المسائل الإسلامية « مسألة عدالة الصحابة أجمعين » فعن بعض الفرق القول بكفر الصحابة جميعاً. والمشهور بين أهل السنة هو القول بأن الصحابة كلهم عدول ثقات. وقد نسب هذا القول الى أكثرهم.

والحق أن « الصحبة » لا توجب « العصمة » لاحد. والصحابة فيهم العدول ويغر العدول، وبهذا صرح جمع من أعلام أهل السنة كالتفتازاني والمارزي وابن العماد والشوكاني، وتبعهم: الشيخ محمد عبدة وبعض تلامذته وآخرون من الكتاب والعلماء المعاصرين.

وقد توفر كتاب « عبقات الأنوار » على جوانب من سير مشاهير الاصحاب ومشايخهم لا يظن بقاء أحد على القول بعدالة الصحابة أجمعين بعد مراجعتها ..!

٩٠

٣ - الحسن والقبح العقليان

ومن المباحث المهمة في علم الكلام بحث الحسن والقبح العقليين، الذي يثبته العدلية وينكره الا شاعرة، ويترتب عليه آثار جليلة وكثيرة، وتعرض السيد لهذا البحث في قسم حديث: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ». والذي يهمنا إيراده هنا ما ذكره من أن جمعاَ كثيراً وجماً غفيراً من أكابر نحارير أهل السنة يثبتون الحسن والقبح العقليين. فذكر كلمات القوم وحاصلها أن القول بثبوت الحسن والقبح العقليين مذهب:

١ - أبي بكر القفال الشاشي.

٢ - أبي بكر الصيرفي.

٣ - أبي بكر الفارسي.

٤ - القاضي أبي حامد.

٥ - الحليمي.

٦ - علاء الدين السمرقندي صاحب ( ميزان الأصول في نتائج العقول ).

٧ - عبد العزيز البخاري صاحب ( كشف الأسرار - شرح أصول البزودي ).

٨ - أبي المظفر السمعاني صاحب ( القواطع في أصول الفقه ).

٩ - أبي شكور الكشي صاحب ( التمهيد ).

١٠ - أبي حامد الغزالي في ( اقتصاد الاعتقاد ).

١١ - عبيد الله بن مسعود صاحب ( التوضيح في حل غوامض التنقيح ).

١٢ - نظام الدين الشاشي صاحب ( كتاب الخمسين في أصول الحنفية ).

١٣ - الملا علي القاري في ( شرح الفقه الأكبر ).

١٤ - ابن قيم الجوزية في ( زاد المعاد ).

١٥ - كمال الدين السهالي في ( العروة الوثقى ).

٩١

١٦ - صالح بن مهدي المقبلي في ( ملحقات الأبحاث المسددة ) وفي ( العلم الشامخ ).

وقد نسب هذا القول الى كثير من أصحاب أبي حنيفة وعلى الخصوص العراقيين منهم. وذكر القاري عن الحاكم الشهيد في المنتقى انه قال أبو حنيفة لا عذر لاحد في الجهل بخالقه لما يرى من خلق السماوات والأرض وخلق نفسه وغيره. وفي المسايرة لابن الهمام الحنفي: قالت الحنفية قاطبة بثبوت الحسن والقبح على الوجه الذي قالته المعتزلة. وفيه عن بعض أكابر الاشاعرة انه لا يتم استحالة النقص على الله الا على رأي المعتزلة. وفيه عن أبي منصور الماتريدي وعامة مشايخ سمرقند: من مات ولم يؤمن ولم تبلغه دعوة رسول يخلد في النار.

٤ - موقف أهل السنة من أئمة أهل البيت

وقد يدعي بعض المؤلفين من أهل السنة - كعبد العزيز الدهلوي - أنهم هم المتبعون لأهل البيت -عليهم‌السلام -الراكبون لسفينتهم والمقتدون بهم يقولون هذا إزراءاً بالشيعة وطعناً في دينهم

وهذا ما دعا السيدرحمه‌الله الى إيراد طرف من كلماتهم الشائنة لائمة أهل البيتعليهم‌السلام كشفاً عن الحقيقة، ولكي يعلن للملإ العلمي أن كل ما يحاوله أهل السنة هو الرد على الشيعة ومعتقداتهم سواء كان بمدح أهل البيت ودعوى محبتهم والانقياد لهم، أو كان بالطعن فيهم وتكذيبهم والحط عليهم والعياذ بالله.

فتلك كلمات ولي الله الدهلوي في أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتابه ( إزالة الخفاء عن سيرة الخلفاء ) و ( قرة العينين في فضائل الشيخين ).

وكلمات ابن تيمية فيه وفي بعض أئمة أهل البيت في ( منهاج السنة ).

وكلمات ابن العربي وابن خلدون في سيد الشهداء الحسين بن عليعليهما‌السلام .

٩٢

وكلمات عبد القادر الجيلاني في أنه ينبغي أن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور لا يوم مصيبة وحزن

وقول بعضهم في حق الامام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام « في نفسي منه شيء ».

وقول بعضهم في حق الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : « يروي عن أبيه عجائب، يهم ويخطئ ».

٥ - حول الصحيحين

لقد حف القوم الصحيحين بكل قداسة، ووضعوهما في هالة من النور والعظمة، ووضعوا لهما الكرامات الباهرة

انهما كتابان ألفهما محدثان من المحدثين شرطا فيهما على أنفسهما شروطاً خاصة ومن حق الباحث أن يبحث عن تلك الشروط، وأن يسأل عن توفر ما اشترطاه في كلّ واحد واحد من أحاديث الكتابين

ثم ان البخاري ومسلماً بشران كسائر أفراد البشر يعرضهما الخطأ والسهو والنسيان، وهل الالتزام بما اشترطاه على أنفسهما قد أوجب لهما العصمة عن الخطأ والنسيان، وبلغ بكتابيهما الى حد القرآن؟

وإذا كان لما اشترطاه هذا الأثر فلماذا لا يعتقدون هذا الاعتقاد فيما ألف على شرطهما كالمستدرك وغيره؟

هذه - وغيرها - أمور جديرة بالبحث والتحقيق، ولا يجوز لنا أن نمر عليها مر الجهلة والمتعصبين، الذين ينزلون الكتابين منزلة الوحي المبين

ليس كل ما في الكتابين بصحيح

لقد انتهى بنا البحث وأرشدتنا الأدلة الى أنه ليس كل ما روي في الكتابين بصحيح، وأهم تلك الأدلة هي الوجوه التالية:

١ - طعن أكابر الأئمة المعاصرين للبخاري ومسلم في الكتابين

٩٣

ومؤلفيهما وتركهم لحديثهما والمنع من مجالستهما كما لا يخفى على من راجع تراجم الرجلين في ( سير أعلام النبلاء ) وغيره.

٢ - قدح علماء الجرح والتعديل في كثير من رجالهما كما لا يخفى على من راجع ( هدى الساري في مقدمة فتح الباري ) وغيره.

٣ - آراء كبار العلماء في الرجلين وكتابيهما، الصريحة في وجود الأحاديث الباطلة فيهما، وأن الذي حمل القوم على القول بصحة كل ما أخرجاه هو التعصب وتجد نصوص عبارات بعض هؤلاء العلماء في قسم حديث الغدير من كتاب ( عبقات الأنوار ).

٤ - وجود الأحاديث الكثيرة المقدوحة سنداً ودلالة من قبل أساطين المحققين من أهل السنة كالاسماعيلي، ومغلطاي، وابن حزم، وابن الجوزي، والدمياطي والغزالي، وامام الحرمين، وابن عبد البر، والنووي، وابن حجر، والكرماني والداودي، والحميدي، وابن القيم وغيرهم في هذين الكتابين، وتجد نصوص طائفة من هذه الأحاديث وكلمات هؤلاء الاعلام في قسم حديث الغدير من كتاب ( عبقات الأنوار ).

ليس كل ما ليس في الكتابين بغير صحيح

ثم ما الدليل على أن كل ما لم يخرجاه فليس بصحيح، حتى إذا أرادوا رد حديث أو الطعن فيه قالوا: ليس في أحد الصحيحين؟!

قال النووي: « لم يلتزما استيعاب الصحيح، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه، وانما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله ».

وقال القاضي الكتاني: « لم يستوعبا كل الصحيح في كتابيهما ».

وقال العلقمي: « ليس بلازم في صحة الحديث كونه في الصحيحين ولا في أحدهما ».

وقال ابن القيم: « هل قال البخاري قط: ان كل حديث لم أدخله في

٩٤

كتابي فهو باطل، أو ليس بحجة، أو ضعيف؟ وكم قد احتج البخاري بأحاديث خارج الصحيح وليس لها ذكر في صحيحه؟ وكم صحح من حديث خارج عن صحيحه؟ ».

تعصب المؤلفين في الامامة والمناقب

ومما ذكرنا يظهر تعصب بعض المؤلفين في الامامة والكلام، وأصحاب الكتب في الفضائل والمناقب كالفخر الرازي حيث يطعن في سند حديث الغدير من جهة عدم إخراج البخاري ومسلم إياه، وكابن تيمية يرد على حديث « ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة » قائلا بأنه « ليس في الصحيحين » وكالبدايوني الهندي القائل في جواب جملة « كرار غير فرار » من حديث « سأعطي الراية غداً رجلا » بأنها « غير مذكورة في الصحيحين ».

ومنهم من يطعن في بعض الأحاديث المخرجة فيهما أو في أحدهما غير مكترث بالذين ذهبوا الى قطعية صدور جميع أحاديثهما، ذكرهم السيد في قسم حديث المنزلة وابن تيمية وابن الجوزي الذين قدحوا في حديث: « اني تارك فيكم الثقلين » وهو في صحيح مسلم؟!

وكالامدي ومن لف لفه الذين أبطلوا حديث: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » وهو في الصحيحين!!

وكالدهلوي الذي أبطل حديث هجر الزهراءعليها‌السلام أبا بكر حتى توفيت وهو في الصحيحين!!

وفي هذا القدر كفاية لمن طلب الرشاد والهداية.

٦ - تحقيق حال رجال

وفي كتاب « عبقات الأنوار » ترجمة المئات من الاعلام من الصحابة والتابعين والرواة وكبار العلماء والمؤلفين في مختلف العلوم والفنون ذكر السيد تراجمهم لأغراض مختلفة أهمها اثبات ثقتهم والاعتماد عليهم

٩٥

أو جرحهم واسقاطهم عن درجة الاعتبار فهو يعطيك قائمة بأسماء الثقات وقوائم بأسماء الوضاعين، والضعفاء، والمدلسين، ومن تكلم فيهم من الرواة والمحدثين.

وقد يستدعي الأمر التوسع في بيان حال الرجل توثيقاً أو تجريحاً، ومن هنا فقد حقق حال رجال تحقيقاً شاملا يتوفر على فوائد تاريخية ورجالية لا تخفى قيمتها على ذوي الفضل وأهل التحقيق، ولنذكر هنا بعض الامثلة على ذلك:

أ - تحقيق حال عباد بن يعقوب الرواجني

لقد أثبت وثاقة عباد بن يعقوب الرواجني بعشرة وجوه:

١ - كونه من مشايخ البخاري.

٢ - كونه من مشايخ الترمذي.

٣ - كونه من مشايخ ابن ماجة.

٤ - رواية كبار الأئمة كأبي حاتم والبزار وابن خزيمة عنه.

٥ - توثيق أبي حاتم الرازي.

٦ - توثيق ابن خزيمة النيسابوري.

٧ - قول الدارقطني: صدوق.

٨ - قول بعض أعلامهم: لو لا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث: عباد بن يعقوب وابراهيم بن محمد بن ميمون.

٩ - قول الحافظ ابن حجر: « بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك ».

١٠ - قول الحافظ ابن حجر: « رافضي مشهور الا انه كان صدوقاً ».

وقد ظهر أنه لا ذنب للرواجني الا « التشيع » و « أنه يشتم السلف » كعثمان وطلحة والزبير كما في « تهذيب التهذيب » وغيره. ولعل الذي جعله « يستحق الترك » ما رواه من أن أبا بكر أمر خالد بن الوليد أن يقتل علياً،

٩٦

ثم ندم فنهاه عن ذلك رواه السمعاني في « الأنساب ».

ب - تحقيق حال ابن عقدة

وصنف أبو العباس ابن عقدة كتاباً بطرق حديث: « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه » رواه فيه من مائة وخمس طرق ثم ذكر ثمانية وعشرين رجلا من الصحابة لم يذكر أسمائهم. قال السيد بن طاوس: « والكتاب عندي الآن » وقد ذكر هذا الكتاب لابن عقدة جماعة من حفاظ واعلام أهل السنة كابن حجر وابن تيمية والسمهودي والمناوي وغيرهم.

وقد طعن عبد العزيز الدهلوي تبعاً لنصر الله الكابلي في أبي العباس ابن عقدة، قال الكابلي فيما زعمه من مكايد الامامية: « التاسع والتسعون: نقل ما يؤيد مذهبهم عن كتاب رجل يتخيل أنه من أهل السنة وليس منهم، كابن عقدة كان جارودياً رافضياً، فانه ربما ينخدع منه كل ذي رأي غبين، ويميل الى مذهبهم أو تلعب به الشكوك ».

وقد أثبت السيد صاحب العبقات وثاقة ابن عقدة وجلالته عن الدارقطني وأبي علي الحافظ وحمزة السهمي والسمعاني والسيوطي وسبط ابن الجوزي والفتني والبدخشاني

وانه قد روى عنه الأكابر من الحفاظ كالطبراني والدارقطني وأبي نعيم وابن عدي، وكان الدارقطني يقول: أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود الى زمن أبي العباس ابن عقدة أحفظ منه. وعده السبكي في طبقاته من حفاظ هذه الشريعة، ونقل السيوطي آراءه في تدريب الراوي وابن الجوزي في معرفة الصحابة، والذهبي في الجرح والتعديل.

فظهر أنه لا ذنب لابن عقدة الا ما ذكره السيوطي بقوله: « وعنده تشيع » وانه - كما قال سبط ابن الجوزي -: « كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها، ولا يتعرض للصحابة بمدح ولا بذم فنسبوه الى الرفض ». ومن قال الفتني: « وما ضعفه الا عصري متعصب ».

٩٧

ج - تحقيق حال الأجلح بن عبد الله

وطعن الدهلوي في سند حديث الولاية: « ان عليّاً مني وأنا من عليّ وهو ولي كل مؤمن من بعدي » قائلا: « في أسناده الأجلح وهو شيعي متهم في حديثه ».

فأجاب السيد عنه بثلاثين وجه منها:

توثيق يحيى بن معين، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، ومدح أحمد، وقول الفلاس وابن عدي: « مستقيم الحديث صدوق » وتصحيح الحاكم حديثاً هو في طريقه، وفي التقريب: « صدوق شيعي ». وهو من رجال أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

فظهر أنه لا ذنب له الا « التشيع ».

د - تحقيق حال سبط ابن الجوزي

وتعرض السيد لحال سبط ابن الجوزي فأشبع الموضوع بحثاً وتحقيقاً، وذلك لأنه اعتمد عليه في نقل رواية أحمد بن حنبل لحديث النور: « خلقت أنا وعليّ من نور واحد » فكان من الضروري بيان ثقته والاعتماد عليه.

فذكر مدح أبي المؤيد الخوارزمي وابن خلكان وقطب الدين البعلبكي وأبي الفداء وابن الوردي والذهبي والداودي واليافعي والقاري وغيرهم وتعظيمهم إياه وقد وصفه الخوارزمي في ( جامع مسانيد أبي حنيفة ) بـ « الامام الحافظ » وقال هؤلاء كلهم بأنه « كان له القبول التام عند الخاص والعام ».

واعتمد على تاريخه ( مرآة الزمان ) من تأخر عنه من المؤرخين كابن خلكان والصفدي، والحلبي في سيرته، كما اعتمد عليه جماعة من علماء الكلام كالكابلي في ( صواقعه ) والدهلوي في ( تحفته ).

نعم طعن فيه وفي تاريخه الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) فقال: « يأتي بمناكير الحكايات وما أظنه بثقة، بل يحيف ويجازف ثم انه يترفض ».

٩٨

وقد أجابوا عن ذلك ففي ( كشف الظنون ): « قال في الذيل: هذا من الحسد، فانه في غاية التحرير، ومن أرخ بعده فقد تطفل عليه، لا سيما الذهبي والصفدي، فان نقولهما منه في تاريخهما ».

فظهر أنه لا ذنب له الا « الترفض » وسببه تأليف كتاب « تذكرة الخواص من الامة في ذكر مناقب الأئمة ».

هـ - تحقيق حال الجاحظ

وتمسك الفخر الرازي بصدد الطعن في حديث الغدير بعدم نقل الجاحظ إياه.

فانبرى السيد للجواب عنه في وجوه:

الاول: انه من النواصب، كما نص عليه ( الدهلوي )، وصاحب كتاب المروانية كما نص عليه ابن تيمية.

والثاني: ان له أباطيل وأضاليل حول مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام وفضائله لم يرتضها حتى بعض أهل نحلته كالاسكافي.

والثالث: قول الحافظ الخطابي: الجاحظ ملحد.

والرابع: قول ثعلب: ليس ثقة ولا مأموناً.

والخامس: قول الذهبي في الميزان: « كان من أئمة البدع ». وفي ( سير اعلام النبلاء ): « كان ماجنا قليل الدين » قال: « يظهر من شمائل الجاحظ أنه يختلق » وقد أورده في ( المغني في الضعفاء ).

والسادس: قول الخطيب: كان لا يصلي.

والسابع: ما ذكره ابو الفرج الاصبهاني من انه كان يرمى بالزندقة وأنشد في ذلك أشعارا.

والثامن: قول ابن حزم: كان أحد المجان الضلال.

والتاسع: قول الأزهري: « ان أهل العلم ذموه وعن الصدق دفعوه ».

والعاشر: قول ثعلب: « كان كذاباً على الله وعلى رسوله

٩٩

وعلى الناس ».

فهل يليق بالرازي الاستدلال بعدم رواية الجاحظ لحديث الغدير؟!

٧ - تحقيق حال كتب

ومن الفوائد في كتاب « عبقات الأنوار » معرفة الكتب والفنون، فهو يعطيك أسامي آلاف الكتب في مختلف العلوم والفنون مع اسماء مؤلّفيها بحيث لو جمعت لشكلت كتاباً مفرداً في هذا الفن يقع في مجلدات عديدة.

ومن هذه الكتب ما ينقل عنها في بحوثه، وهي أهم الكتب وأشهرها في كل فن وقد ذكرنا سابقاً أسلوبه في النقل والاستدلال.

وربما تعرض لحال بعض تلك الكتب فأثبت نسبتها الى أصحابها، أو أكد اعتبار ما جاء فيها أو بالعكس وإليك نماذج من تحقيقاته في هذا المجال:

أ - تحقيق حول مسند أحمد

لقد وقع الخلاف بين علماء أهل السنة - حتى الحنابلة منهم - حول أحاديث مسند أحمد بن حنبل، فقال جماعة بأن ما أودعه أحمد مسنده قد احتاط فيه اسناداً ومتناً ولم يورد فيه الا ما صح سنده عنده، فأمر بالرجوع اليه وجعله أصلا يعرف به الصحيح والسقيم، وما ليس فيه فلا أصل له، وأنكر آخرون أن يكون المسند بهذه المثابة عند أحمد.

وقد بحث السيدرحمه‌الله هذا الموضوع مؤيداً القول الاول ومحققاً إياه أحسن تحقيق.

فحديث الثقلين: « اني تارك فيكم الثقلين » الذي أخرجه في المسند بطرق عديدة صحيح عنده، فبطل قول البخاري: « قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي سعيد قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تركت فيكم الثقلين. أحاديث الكوفيين هذه مناكير ».

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

فما رعت كوفان حرمة له

ولا وعت بما أتى في (هل أتى)

٦٤٦ ـ تحقيق أشهر المواضع التي مرّ بها ركب الشهادة بقيادة الإمام الحسينعليه‌السلام أثناء مسيره من مكة المكرمة إلى كربلاء(١)

تبلغ المسافة التي قطعها الإمام الحسينعليه‌السلام من مكة إلى كربلاء حوالي ١٦٠٠ كم. وقد مرّ أثناء مسيره بمواضع كثيرة كما هو مبيّن في المخطط الجغرافي المرفق بعد صفحات ، نعدّ من أشهرها :

١ ـ بستان ابن عامر [والأصح : ابن معمّر] : هو أول منزل مرّ به الحسينعليه‌السلام .

٢ ـ التنعيم : موضع في حلّ مكة ، يبعد عن مكة شمالا فرسخين [١٢] كم.وسمي به لأنه عن يمينه جبل اسمه نعيم وآخر عن شماله اسمه ناعم والوادي نعيمان.

٣ ـ الصّفاح : بين حنين وأنصاب الحرم ، يسرة الداخل إلى مكة.

٤ ـ وادي العقيق : ويمتد من الجنوب إلى الشمال ، وفيه ثلاثة مواضع هي :

٥ و ٦و ٧ ـ ذات عرق ، غمرة ، المسلح. ويعتبر السنة ذات عرق ميقات العراقيين وأهل الشرق ، بينما يحتاط فقهاء الإمامية بالإحرام من المسلح ، وهو أبعد من مكة.وتبعد ذات عرق مرحلتين [٩٠ كم] عن مكة.

٨ ـ الحاجر من بطن الرّمّة : بطن الرمة منزل لأهل البصرة إذا أرادوا المدينة ، وفيه يجتمع أهل الكوفة والبصرة ، ويقع شمال نجد. والحاجر : ما يمسك الماء من شفة الوادي.

٩ ـ الخزيميّة : نسبة إلى خزيمة بن حازم ، وهي قبل زرود.

__________________

(١) ما نذكره من ترتيب المنازل مأخوذ من (معجم البلدان) لياقوت الحموي.

توضيح : الميل : نحو ٢ كم. والفرسخ : نحو ٦ كم. والمرحلة : نحو ٤٥ كم. ذلك أن الفرسخ ٣ أميال هاشمية ، والميل أربعة آلاف ذراع هاشمي. فإذا اعتبرنا الذراع ٤٦ سم ، نجد : الميل ٤٦ ٤٠٠٠ ١٨٤٠ م ٨٤ / ١ كم. فيكون الميل حوالي ٨٥ / ١ كم ، وهو يكافئ الميل البحري [أما الميل البري فيساوي ٦ ر ١ كم]. ويكون الفرسخ ٨٥ / ١ ٣ ٥٥ / ٥ كم ٦ كم. والمرحلة ـ ٨ فراسخ ٦ / ٥ ٨ ٤٥ كم. وهي المسافة التي يقطعها الجمل في يوم كامل.

٥٤١

١٠ ـ زرود : هي رمال بين الثعلبية والخزيمية ، وهي دون الخزيمية بميل.

١١ ـ الثعلبية : سميت باسم ثعلبة من بني أسد ، وهو الّذي حفر فيها عينا.

١٢ ـ الشّقوق : منزل لبني أسد ، فيه قبر العبّادي.

١٣ ـ زبالة : فيها حصن وجامع لبني أسد. سمّيت باسم زبالة بنت مسعر ، امرأة من العمالقة. ويوم زبالة من أيام العرب.

١٤ ـ بطن العقبة.

١٥ ـ شراف : سمي باسم رجل يقال له شراف استخرج عينا ، ثم حدثت آبار كثيرة ماؤها عذب. ومن شراف إلى واقصة ميلان [٤ كم].

١٦ ـ ذو حسم : جبل كان النعمان بن المنذر يصطاد به.

١٧ ـ البيضة : ما بين واقصة إلى عذيب الهجانات ، وهي أرض واسعة لبني يربوع بن حنظلة.

١٨ ـ عذيب الهجانات : العذيب واد لبني تميم وهو حدّ السواد ، وهو مسلحة الفرس ، بينه وبين القادسية ستة أميال ، ويقال له عذيب الهجانات لأن هجائن النعمان بن المنذر ملك الحيرة كانت ترعى فيه.

ـ والقادسية : جنوب الكوفة بمسافة مرحلة ، وهي التي وقعت فيها الوقعة الشهيرة ، التي انتصر فيها سعد بن أبي وقاص على جيش الفرس ، ومهّد لفتوح العراق بعد ذلك.

١٩ ـ الرّهيمة (بالتصغير) : عين تبعد عن (خفية) ثلاثة أميال (٦ كم) ، وتبعد خفية عن الرحبة مغربا بضعة عشر ميلا.

٢٠ ـ قصر بني مقاتل : قصر ينسب إلى مقاتل بن حسان بن ثعلبة ، يقع بين عين التمر والقطقطانة والقريّات. خرّبه عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس ، ثم جدده.ويسمى (الأخيضر).

ـ القطقطانة : قرية تقع غرب الكوفة ، تبعد عن الرّهيمة إلى الكوفة نيفا وعشرين ميلا.

ـ خفان : عين جنوب الكوفة ، عليها قرية لولد عيسى بن موسى الهاشمي.

٥٤٢

٢١ ـ نينوى : تقع شرق كربلاء. كانت من قرى الطف الزاهرة بالعلوم ، وصادف عمرانها زمن الإمام الصادقعليه‌السلام . وفي أوائل القرن الثالث الهجري لم يبق لها خبر. ومنطقة نينوى تمتد من أراضي السليمانية اليوم إلى سور بلدة كربلاء. ونينوى هي الموضع المعروف بباب طويريح شرقي كربلاء تقول الروايات : فلم يزل الحسينعليه‌السلام يتياسر حتّى انتهى إلى (نينوى) ، فطلب من الحرّ أن ينزل نينوى أو الغاضريات أو شفية.

أو العقر ، فلم يوافقه على ذلك. فسار حتّى نزل كربلاء ، وهي أرض جرداء ، ليس فيها كلأ ولا ماء.

٢٢ ـ الغاضريات : قرية منسوبة إلى غاضرة من بني أسد ، وهي تقع على بعد كيلومتر تقريبا شمال كربلاء.

٢٣ ـ شفية : بئر لبني أسد.

٢٤ ـ العقر : كانت بها منازل بخت نصّر.

٢٥ ـ الطفّ : القرى الثلاث الأخيرة هي من قرى الطف ، وهي متقاربة.والطف في اللغة : ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق. وطف الفرات : هو الشاطئ الّذي به قتل الحسينعليه‌السلام ، وهي أرض بادية تطلّ على الريف.

٢٦ ـ كربلاء : تقع على بعد عدة كيلومترات من مشرعة الفرات شمال غرب الكوفة. وقد كانت في عهد البابليين معبدا. والاسم محرّف من كلمتي.

[كرب] بمعنى معبد أو مصلّى أو حرم ، و [أبلا] بمعنى إله باللغة الآرامية ، فيكون معناها (حرم الإله) ولما سأل الحسينعليه‌السلام عن اسم هذه الأرض ، فقيل له كربلاء ، قال : الله م أعوذ بك من الكرب والبلاء. ههنا محطّ ركابنا ومسفك دمائنا ومحلّ قبورنا ، بهذا حدّثني جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٤٧ ـ بيان ما لقي الحسينعليه‌السلام من أحداث هامة في بعض المواضع التي مرّ بها أثناء مسيرته إلى كربلاء :

مكة المكرمة : البقعة المقدسة التي فيها البيت الحرام والكعبة المشرّفة. وقد غادرها الإمام الحسينعليه‌السلام مرغما نتيجة ملاحقة السلطة له للقبض عليه أو قتله ولو كان متمسّكا بأستار الكعبة( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٢١) [القصص : ٢١].

٥٤٣

(الشكل ٩):

مخطط المنازل التي مرّ بها الحسينعليه‌السلام أثناء مسيره من مكة إلى كربلاء

٥٤٤

التنعيم : لقي الحسينعليه‌السلام في هذا الموضع عيرا أرسلها إلى يزيد واليه على اليمن ، فأخذهاعليه‌السلام .

ذات عرق : لقي فيها بشر بن غالب وسأله عن حال الناس في الكوفة.

الحاجر : بعث منها إلى أهل الكوفة مع قيس بن مسهر جواب كتاب مسلم ابن عقيل.

بعض العيون : لقي فيها عبد الله بن مطيع العدوي ، وتحاور معه.

الخزيميّة : سمعت زينبعليه‌السلام هاتفا ينعي أخاها الحسينعليه‌السلام .

زرود : لقي فيهاعليه‌السلام زهير بن القين وهو راجع من الحج ، وكلّمه فانقلب إلى نصرته ، وقد كان كارها له.

الثعلبية : وفيها بلغه خبر مقتل مسلم وهانئ بن عروة.

الشقوق : لقي فيهعليه‌السلام الشاعر الفرزدق بن غالب وسأله عن أهل الكوفة.

زبالة : ورد عليه فيها مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر رسوله إلى مسلم.وأنشد فيهاعليه‌السلام : فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة

بطن العقبة : نصحه فيها عمرو بن لوذان بالرجوع.

ذو حسم : طلع عليه الحر بن يزيد الرياحي في ألف فارس.

العذيب : بلغه فيه خبر مقتل قيس بن مسهر الصيداوي. وحذّره الطّرمّاح بن عدي الطائي من أهل الكوفة ، وطلب منه اللجوء إلى قومه.

الرّهيمة : لقي فيهاعليه‌السلام أبا هرة الأزدي ، وتناقش معه في سبب المسير.

قصر بني مقاتل : لقي فيهعليه‌السلام عبيد الله بن الحر الجعفي ، وطلب نصرته فأبى.

نينوى : جاء أمر ابن زياد للحر بأن يضيّق على الحسينعليه‌السلام ولا ينزله إلا بالعراء ، على غير حصن ولا ماء. فاضطر إلى النزول في كربلاء.

وكان ذلك في ٢ محرم الحرام سنة ٦١ ه‍.

٥٤٥

مسيرة الحسينعليه‌السلام

قال الامام الحسين (ع) لاصحابه يوم نزوله كربلاء :

الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق" على السنتهم ، يحوطونه مادرّت معائشهم ، فاذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون. الى أن قال :

ألا ترون الى الحق لا يعمل به ، والى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه ، فاني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين الا بر ما.

قال الحسينعليه‌السلام للحر متمثلا بقول أخي الأوس لابن عمه :

سأمضي فما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

اقدّم نفسي لا أريد بقاءها

لتلقى خميسا في النزال عرمرما

فإنم عشت لم أذمم وأن متّ لم ألم

كفى بك ذلا أن تعيش وترغما

بدء المسير إلى العراق

(الثلاثاء ٨ ذو الحجة سنة ٦٠ ه‍)

قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) [النساء : ١٠٠]

٦٤٨ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع رسل والي مكة وقد جاؤوا يمنعونه من المسير :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٧ ط أولى مصر)

(عن أبي مخنف) قال : لما خرج الحسينعليه‌السلام من مكة اعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص ، وعليهم يحيى بن سعيد. فقالوا له : انصرف ، أين تذهب؟. فأبى عليهم ومضى. وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط. ثم إن الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعا شديدا. ومضى الحسينعليه‌السلام على وجهه ، فنادوه : يا حسين ألا تتقي الله؟. تخرج من الجماعة ، وتفرّق بين هذه الأمة!. فتأوّل الحسين قول اللهعزوجل

٥٤٦

( لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) [يونس : ٤١].

قال السيد علي بن الحسين الهاشمي في كتابه (الحسين في طريقه إلى الشهادة) ص ٢٠ : وكان عمرو بن سعيد قد بعث كتابا إلى الحسينعليه‌السلام بناء على إشارة عبد الله بن جعفر. وقيل لحق عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد بالحسين في بعض الطريق ، فلما سلّمه يحيى الكتاب ، جهدا في أن يرجع فامتنع ، وقال : إني رأيت رؤيا فيها رسول الله ، وأمرت بأمر أنا ماض له ، عليّ كان أو لي. فقالا له : وما تلك الرؤيا؟. قال : ما حدّثت أحدا بها وما أنا محدث بها حتّى ألقى ربي فلما أيس منه عبد الله بن جعفر ، أمر ابنيه عونا ومحمدا بلزوم المسير معه والجهاد دونه ، ورجع مع يحيى إلى مكة. وقيل ورد الكتاب على الحسينعليه‌السلام في ذات عرق.

ثم إن الحسينعليه‌السلام جدّ بسيره حتّى انتهى إلى بستان ابن معمّر [بني عامر] وهو أول منزل لمن يفصل من مكة على هذا الطريق.

«بستان بني عامر»

٦٤٩ ـ مسير الحسينعليه‌السلام إلى العراق ولقاؤه بالفرزدق الشاعر :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥١ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : وأما الحسينعليه‌السلام فإنه خرج من مكة سابع ذي الحجة سنة ستين. فلما وصل إلى (بستان بني عامر) لقي الفرزدق الشاعر ، وكان يوم التروية ، فقال له : إلى أين يابن رسول الله ، ما أعجلك عن الموسم؟ قال : لو لم أعجل لأخذت أخذا. فأخبرني يا فرزدق عما وراءك. فقال : تركت الناس بالعراق ، قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية ، فاتّق الله في نفسك وارجع.

فقال لهعليه‌السلام : يا فرزدق ، إن هؤلاء قوم لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد في الأرض ، وأبطلوا الحدود ، وشربوا الخمور ، واستأثروا في أموال الفقراء والمساكين. وأنا أولى من قام بنصرة دين الله ، وإعزاز شرعه والجهاد في سبيله ، لتكون كلمة الله هي العليا. فأعرض عنه الفرزدق وسار.

٦٥٠ ـ نصيحة عبد الله بن عمر للحسينعليه‌السلام بعدم الخروج :

(تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، ص ١٩٢)

عن يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي قال : سمعت الشعبي يحدّث عن ابن

٥٤٧

عمر ، أنه كان بماء له ، فبلغه أن الحسين بن عليعليهما‌السلام قد توجه إلى العراق ، فلحقه على مسيرة ثلاث ليال ، فقال له : أين تريد؟. فقال : العراق. وإذا معه طوامير وكتب ، فقال : هذه كتبهم وبيعتهم. فقال : لا تأتهم ، فأبى. قال [ابن عمر] : إني محدّثك حديثا. إن جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخيّره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله لا يليها أحد منكم أبدا. وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم [فارجعوا]. فأبى أن يرجع.

قال : فاعتنقه ابن عمر وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل.

رواية أخرى : (أمالي الشيخ الصدوق ، ص ١٣٣ ط بيروت)

وسمع عبد الله بن عمر بخروج الحسينعليه‌السلام ، فقدّم راحلته وخرج خلفه مسرعا ، فأدركه في بعض المنازل. فقال : أين تريد يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال :العراق. قال : مهلا ارجع إلى حرم جدك. فأبى الحسينعليه‌السلام عليه. فلما رأى ابن عمر إباءه ، قال : يا أبا عبد الله ، اكشف لي عن الموضع الّذي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّله منك. فكشف الحسينعليه‌السلام عن سرّته ، فقبّلها ابن عمر ثلاثا ، وبكى. وقال :أستودعك الله يا أبا عبد الله ، فإنك مقتول في وجهك هذا.

(وفي رواية ابن نما ، ص ٢٩) : أنه ذكر لعبد الله بن عمر ما حصل ليحيى بن زكرياعليه‌السلام .

٦٥١ ـ الحسينعليه‌السلام يذكر يحيىعليه‌السلام في أكثر من منزل :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٦٦ ط نجف)

عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال : خرجنا مع الحسينعليه‌السلام فما نزل منزلا ولا ارتحل منه ، إلا ذكر يحيى بن زكريا وقتله. وقال يوما : ومن هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل [يعرّض بما سيحصل معه].

٦٥٢ ـ كتاب عمرو بن سعيد إلى يزيد يخبره بأمر الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق ، ص ٦٧)

وكتب عمرو بن سعيد ـ وهو والي المدينة ـ بأمر الحسينعليه‌السلام إلى يزيد. فلما قرأ يزيد الكتاب تمثّل بهذا البيت :

فإن لا تزر أرض العدو وتأته

يزرك عدوّ أو يلومنك كاشح

٥٤٨

«التّنعيم»

٦٥٣ ـ الحسينعليه‌السلام يلقى عيرا في (التنعيم) عليها حلل أرسلها إلى يزيد واليه على اليمن بحير بن يسار ، فيحجزها :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٠٢)

وسار الحسينعليه‌السلام من مكة ، ومرّ بالتنعيم(١) فلقي عيرا عليها ورس(٢) وحلل أرسلها إلى يزيد بن معاوية ، واليه على اليمن بحير بن يسار الحميري.

(وفي رواية الخوارزمي : بحير بن ريسان). فأخذها الحسينعليه‌السلام وقال لأصحاب الإبل : من أحب منكم أن ينصرف معنا إلى العراق أوفيناه كراءه وأحسنّا صحبته ، ومن أحب المفارقة أعطيناه من الكراء بقدر ما قطع من الطريق. ففارقه بعضهم ومضى من أحب صحبته(٣) . ثم وزّعها على الفقراء والمحتاجين من أصحابه.

تعليق السيد المقرّم :

كان الحسينعليه‌السلام يرى أن هذا ماله الّذي جعله الله تعالى له ، يتصرف فيه كيف شاء ، لأنه إمام على الأمة منصوب من المهيمن سبحانه ، وقد اغتصب يزيد وأبوه حقه وحق المسلمين ، فكان من الواجب عليه أن يحتوي على فيء المسلمين لينعش المحاويج منهم ، وقد أفاض على الأعراب الذين صحبوه في الطريق ، ورفعوا إليه ما مسّهم من مضض الفقر.

«الصّفاح»

٦٥٤ ـ كتاب عبد الله بن جعفرعليه‌السلام إلى الحسينعليه‌السلام بعثه مع ابنيه عون ومحمد :(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٦٩)

وبعث عبد الله بن جعفر بابنيه عون ومحمد إلى الحسينعليه‌السلام وهو في الطريق ، بكتاب يقول فيه :

__________________

(١) التنعيم : موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة.

(٢) الورس : نبات كالسمسم يصبغ به ، ويتخذ منه الزعفران ، وهو يجلب من اليمن والحبشة.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٨ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٠ ؛ والبداية ، ج ٨ ص ١٦٦ ؛ والإرشاد للمفيد ؛ ومثير الأحزان لابن نما الحلي ، ص ٢١.

٥٤٩

أما بعد ، فإني أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي ، فإني مشفق عليك من الوجه الّذي توجهت له ، أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك. وإن هلكت اليوم طفئ نور الأرض ، فإنك علم المهتدين ورجاء المؤمنين. فلا تعجل بالمسير ، فإني في إثر كتابي ، والسلام.

ثم صار عبد الله بن جعفر إلى الوالي عمرو بن سعيد فسأله أن يكتب للحسينعليه‌السلام كتابا ، تجعل له الأمان فيه ، وتمنّيه البر والصلة. فكتب له كتابا وأنفذه مع أخيه يحيى بن سعيد. فلحقه يحيى مع عبد الله بن جعفر ، بعد إنفاذ ابنيه ، وجهدا به أن يرجع ، فلم يفعل

ولما أيس منه عبد الله بن جعفر ، أمر ابنيه عونا ومحمدا بلزومه والمسير معه والجهاد دونه. ورجع هو إلى مكة.

(أقول) : وقد مرّ كتاب مشابه لهذا بعثه عبد الله بن جعفر من المدينة للحسينعليه‌السلام ينهاه فيه عن المسير إلى العراق ، ويمنّيه بأخذ الأمان له من والي المدينة.

«ذات عرق»

٦٥٥ ـ ما دار بين الحسينعليه‌السلام وبشر بن غالب الأسدي وقد اجتمع به (بذات عرق) وهو قادم من العراق :(مقتل الخوارزمي ، ص ٢٢١)

قال الحسين لبشر : كيف خلّفت أهل العراق؟. فقال : يابن رسول الله ، خلّفت القلوب معك والسيوف مع بني أمية. فقال له الحسين : صدقت يا أخا بني أسد(١) إن الله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. فقال له الأسدي : يابن رسول الله أخبرني عن قول الله تعالى :( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) [الإسراء : ٧١]. فقال له الحسينعليه‌السلام : نعم يا أخا بني أسد ، هما إمامان ؛ إمام هدى دعا إلى هدى ، وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة. فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنة ، وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار(٢) ، وهو قوله تعالى :( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) (٧) [الشورى : ٧].

وما زالعليه‌السلام يواصل سيره حتّى أتى (غمرة).

__________________

(١) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢١.

(٢) ذكر المقرم في مقتله شبيه هذا الكلام ص ٢١١ منسوبا إلى شخص مجهول لقي الحسينعليه‌السلام في الثعلبية.

٥٥٠

٦٥٦ ـ كتاب يزيد إلى ابن زياد بر صد تحركات الحسينعليه‌السلام :

(مع الحسين في نهضته للسيد أسد حيدر ، ص ١٧٠ و ١٧١)

كتب يزيد إلى ابن زياد بعد توجه الحسينعليه‌السلام إلى العراق :

بلغني أن حسينا قد فصل من مكة متوجها إلى العراق ، فاترك العيون عليه ، وضع الأرصاد على الطريق ، واحبس على الظنّة ، واقتل على التهمة(١) .

وفي هذا الكتاب يقرر يزيد لابن زياد النقاط التالية :

١ ـ اتخاذ الجواسيس بكثرة.

٢ ـ وضع المعسكرات المؤدية إلى الكوفة لرصد الطرق.

٣ ـ شدة الحراسة والحذر ، والأخذ على الظنّة.

٤ ـ القتل على التهمة وبدون مهلة.

٥ ـ مواصلة الإخبار والاتصال مع يزيد بكل ما يحدث.

٦٥٧ ـ ابن زياد يرصد الطرق حول الكوفة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٨)

قال : ولما وصل كتاب يزيد إلى عبيد الله بن زياد أن يأخذ على الحسين المراصد والمسالح والثغور ، أنفذ ابن زياد للحصين بن نمير التميمي ، وكان على شرطته ، أن ينزل القادسية وينظم المسالح ما بين القطقطانية إلى خفان. وتقدّم إلى الحر بن يزيد الرياحي أن يتقدم بين يدي الحصين في ألف فارس.

«الحاجر من بطن الرّمة»

٦٥٨ ـ كتاب الحسينعليه‌السلام إلى أهل الكوفة جوابا لكتاب مسلم بن عقيل بعثه من (الحاجر):(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٠ ط نجف)

ولما بلغ الحسينعليه‌السلام إلى الحاجر من بطن الرّمة(٢) [بتخفيف الميم] كتب كتابا إلى جماعة من أهل الكوفة ، منهم سليمان بن صرد الخزاعي ، والمسيّب بن

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ، ج ٤ ص ١٩ ؛ وتاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٥.

(٢) الحاجر : ما يمسك الماء من شفّة الوادي. وبطن الرّمة : منزل لأهل البصرة إذا أرادوا المدينة.

٥٥١

نجبة ، ورفاعة بن شداد وغيرهم. وأرسله مع قيس بن مسهر الصيداوي(١) (ونرجّح أنه مع عبد الله بن يقطر(٢) ، وذلك قبل أن يعلم بقتل مسلم ، يقول فيه :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. من الحسين بن عليعليهما‌السلام إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين. سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الّذي لا إله إلا هو. أما بعد ، فإن كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم ، على نصرنا والطلب بحقنا ، فسألت الله أن يحسن لنا الصنيع ، وأن يثيبكم على ذلك اعظم الأجر. وقد شخصت إليكم من (مكة) يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية. فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا ، فإني قادم عليكم في أيامي هذه إنشاء الله تعالى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكان مسلم بن عقيل قد كتب إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة ، فأقبل قيس [أو عبد الله بن يقطر] بكتاب الحسينعليه‌السلام إلى الكوفة.

توضيح : (حول الكتب والرسل)

حصل عند الرواة اختلاط كبير بين قصة مقتل عبد الله بن يقطر ، وبين قصة مقتل قيس بن مسهر الصيداوي ، وهما رسولان للحسينعليه‌السلام بينه وبين مسلم بن عقيل وأهل الكوفة.

وقد مرت سابقا (في الصفحة ٥٧٤) قصة استشهاد عبد الله بن يقطر برواية الخوارزمي ، وهو منطلق من الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام بكتاب من مسلم بن عقيل ، فأمسكته شرطة الحصين وقدّمه إلى ابن زياد فقتله صبرا. ونحن نستبعد هذه الرواية ، التي تورد مقتل ابن يقطر في وقت مبكر ، قبل نهضة مسلم واستشهاده ، أي قبل مسير الحسينعليه‌السلام من مكة يوم التروية إلى العراق. فالملاحظ أن الحسينعليه‌السلام أثناء مسيره إلى الكوفة بلغه أولا نبأ استشهاد مسلم وهانئ ، ثم بلغه نبأ مقتل عبد الله ابن يقطر (في زبالة) ، ثم بلغه مقتل رسوله الآخر قيس بن مسهر (في العذيب). فمن المنطقي أن يكون الحسينعليه‌السلام قد بعث ابن يقطر بكتاب إلى أهل الكوفة وهو في الطريق ، ثم بعث قيس بن مسهر بكتاب آخر وهو في آخر الطريق. فأمسك عبد الله بن يقطر أولا وقتل ، ثم أمسك قيس بن مسهر وقتل. فأما الكتاب الأول الّذي ذكرناه

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٢٣.

(٢) مثير الأحزان للجواهري ، ص ٣٥.

٥٥٢

آنفا والذي بعثه الحسينعليه‌السلام إلى مسلم بن عقيل من (الحاجر) فهو يبلّغ فيه أهل الكوفة بأنهعليه‌السلام سار من مكة يوم التروية ، وهذا أظنه بعثه مع عبد الله بن يقطر.وأما الكتاب الثاني فهو الّذي اختلف في كونه خطبة أم كتابا ، وسوف يأتي أنه بعثه من (البيضة) وقد رجّحنا أنه كتاب ، وأوله «من رأى سلطانا جائرا ..». فالأغلب أنه بعثه مع قيس بن مسهر. فيكون ترتيب الأحداث كما يلي :

١ ـ بعث الحسينعليه‌السلام عبد الله بن يقطر بكتاب من (الحاجر) ، ثم بلغه مقتله في (زبالة).

٢ ـ بعثعليه‌السلام قيس بن مسهر بكتاب من (البيضة) ، ثم بلغه مقتله في (العذيب).

٣ ـ لما بعث الحسينعليه‌السلام الكتاب الأول لم يكن قد بلغه مقتل مسلم بن عقيل ، فقد بعثه من الحاجر ، وبعد مرحلتين وصل (الثعلبية) فجاءه نبأ شهادة مسلم وهانئرحمهما‌الله .

٦٥٩ ـ ابن زياد يمنع التجول خارج الكوفة ، من (خفان) إلى القادسية إلى (القطقطانة)(١) :

وكان ابن زياد لما بلغه مسير الحسينعليه‌السلام من مكة إلى الكوفة ، بعث الحصين بن نمير التميمي صاحب شرطته ، أن ينزل القادسية ، وينظّم المسالح ما بين (القطقطانية) غربا ، و (خفان) جنوبا [انظر الشكل ٧].

شهادة عبد الله بن يقطر أخي الحسين (ع) من الرضاعة

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٢ ص ٤٥١ : (خفان) قرب الكوفة : عين عليها قرية لولد عيسى بن موسى الهاشمي. وفيه ج ٧ ص ٥٢٥ : (القطقطانة) تبعد عن الرهيمة إلى الكوفة نيّفا وعشرين ميلا.

٥٥٣

٦٦٠ ـ مصرع عبد الله بن يقطر على يد عبيد الله بن زياد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٨ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ٧٦)

وكان الحسينعليه‌السلام قد بعث بأخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر إلى أهل الكوفة وإلى مسلم بن عقيل [وهو لا يعلم بقتله] فأخذته خيل الحصين ، فسيّره من القادسية إلى ابن زياد. فقال له ابن زياد : اصعد المنبر فالعن الحسين وأباه

(الكذّاب ابن الكذّاب ، ثم انزل حتّى أرى فيك رأيي). فصعد المنبر ودعا للحسينعليه‌السلام ، ولعن يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وأبويهما. فرمي من فوق القصر (فتكسرت عظامه) ، فجعل يضطرب وبه رمق. فقام إليه عبد الملك بن عمير اللخمي ، فذبحه (فعيب عليه ، فقال : أردت أن أريحه).

«بعض العيون»

٦٦١ ـ نصيحة عبد الله بن مطيع العدوي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٦)

وسارعليه‌السلام من الحاجر ، وكان لا يمرّ بماء من مياه العرب إلا اتبعوه ، حتّى انتهى إلى ماء من المياه عليه عبد الله بن مطيع العدوي(١) فقال له : جعلت فداك يابن رسول الله ، لا تخرج إلى العراق فإن حرمتك من الله حرمة ، وقرابتك من رسول الله قرابة ، وقد قتل ابن عمك بالكوفة ، وإن بني أمية إن قتلوك لم يرتدعوا عن حرمة الله أن ينتهكوها ، ولم يهابوا أحدا بعدك أن يقتلوه. فالله الله أن تفجعنا بنفسك. فلم يلتفت الحسينعليه‌السلام إلى كلامه.

«الخزيميّة»

٦٦٢ ـ زينبعليها‌السلام تسمع في (الخزيميّة) هاتفا ينشد : (ألا يا عين فاحتفلي بجهد):(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٥)

ولما نزل الحسينعليه‌السلام بالخزيمية أقام فيها يوما وليلة ، فلما أصبح أقبلت إليه

__________________

(١) مرّ هذا الاسم عند خروج الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة ص ٥١٢ و ٥١٣ ، وذلك أنه بينما كانعليه‌السلام في موضع يقال له (الشريفة) إذ استقبله عبد الله بن مطيع العدوي ، وحذّره من الاغترار بأهل الكوفة ، ونصحه بكلام مشابه لهذا الكلام.

٥٥٤

أخته زينبعليها‌السلام فقالت له : يا أخي ألا أخبرك بشيء سمعته البارحة؟. فقال لها :وما ذاك يا أختاه؟. فقالت : إني خرجت البارحة في بعض الليل لقضاء حاجة ، فسمعت هاتفا يقول :

ألا يا عين فاحتفلي بجهد

فمن يبكي على الشهداء بعدي

على قوم تسوقهم المنايا

بمقدار إلى إنجاز وعد

فقال لها الحسينعليه‌السلام : يا أختاه كل ما قضي فهو كائن(١) .

وسار الحسينعليه‌السلام من الخزيميّة يريد الثعلبية ، فمرّ في طريقه بزرود.

٦٦٣ ـ ابن زياد يمنع التجول حول الكوفة ، ويقطع الطريق في وجه الحسينعليه‌السلام :(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٢)

وكان عبيد الله بن زياد أمر (عسكره) فأخذوا ما بين (واقصة) إلى طريق الشام إلى طريق البصرة ، فلا يدعون أحدا يلج ولا أحدا يخرج.

وأقبل الحسينعليه‌السلام لا يشعر بشيء ، حتّى لقي الأعراب فسألهم ، فقالوا : لا والله ما ندري غير أنا لا نستطيع أن نلج ولا نخرج. فسار تلقاء وجهه.

«زرود»

٦٦٤ ـ قصة انقلاب زهير بن القين وانضمامه إلى الحسينعليه‌السلام في (زرود):

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٠٧)

ولما نزل الحسينعليه‌السلام في زرود(٢) نزل بالقرب من زهير بن القين البجلي (وكان عثماني العقيدة) ويكره النزول معه ، لكن الماء جمعهم في المكان.

وفي (مثير الأحزان) للجواهري ، ص ٣٨ :

وحدّث جماعة من فزارة وبجيلة ، قالوا : كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة ، وكنا نساير الحسينعليه‌السلام فلم يكن شيء أبغض علينا من أن ننازله في منزل. وكنا إذا نزل الحسينعليه‌السلام في منزل لم نجد بدّا من أن ننازله فيه ، إذا نزل هو وأصحابه في جانب ننزل في جانب آخر.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٠٧ نقلا عن مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢٣.

(٢) في (المعجم مما استعجم) : زرود بفتح أوله وبالدال المهملة في آخره. وفي (معجم البلدان) ج ٤ ص ٣٢٧ : أنها رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج ، وهي دون الخزيمية بميل.

٥٥٥

فبينما نحن نتغدى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسينعليه‌السلام حتّى سلّم ودخل.ثم قال : يا زهير بن القين ، إن أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام بعثني إليك لتأتيه!. فطرح كل إنسان منا ما في يده ، حتّى كأن على رؤوسنا الطير.

ـ شهامة دلهم بنت عمرو زوجة زهير :(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٣٨)

فقالت له امرأته (دلهم بنت عمرو) : سبحان الله ، أيبعث إليك الحسينعليه‌السلام ابن رسول الله ، ثم لا تأتيه؟!. لو أتيته فسمعت كلامه ثم انصرفت!.

فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء (إلى أصحابه فرحا) مستبشرا ، قد أشرق (أسفر) وجهه. فأمر بفسطاطه وثقله(١) ومتاعه فقوّض (وحوّل) إلى الحسينعليه‌السلام .

ثم قال لامرأته دلهم : أنت طالق ، إلحقي بأهلك ، فإني لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلا خيرا ، وقد عزمت على صحبة هذا الرجل لأفديه بروحي وأقيه بنفسي. ثم أعطاها مالها ، وسلّمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها.

فقامت إليه وبكت وودعته ، وقالت : خار الله لك ، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسينعليه‌السلام .

وفي (الأخبار الطوال) للدينوري ، ص ٢٤٧ قال :

فقام زهير يمشي إلى الحسينعليه‌السلام ، فلم يلبث أن انصرف ، وقد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقلع ، وضرب إلى لزق فسطاط الحسينعليه‌السلام .

ثم قال لامرأته : أنت طالق ، فتقدمي مع أخيك حتّى تصلي إلى منزلك ، فإني قد وطّنت نفسي على الموت مع الحسينعليه‌السلام .

ثم قال لمن كان معه من أصحابه : من أحب منكم الشهادة فليقم ، ومن كرهها فليتقدم. فلم يقم معه منهم أحد. وخرجوا مع المرأة وأخيها حتّى لحقوا بالكوفة.

٦٦٥ ـ نبوءة سلمان في بلنجر(٢) :

(المفيد في ذكرى السبط الشهيد ، ص ٥٧)

ثم قال زهير لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتبعني ، وإلا فهو آخر العهد مني لكم.

__________________

(١) الثّقل : كل شيء نفيس مصون.

(٢) بلنجر : بلدة ببلاد الخزر ، خلف باب الأبواب ، فتحت في زمن عثمان سنة ٣٢ ه‍ على يد سلمان الفارسي أو سلمان بن ربيعة الباهلي.

٥٥٦

وإني سأحدّثكم حديثا : قد غزونا بلنجر (وفي بعض النسخ : غزونا البحر ، وهو تصحيف من الناسخ) ، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم كثيرة ، فقال لنا سلمان الفارسيرحمه‌الله : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وبما أصبتم من الغنائم؟. قلنا :نعم. فقال سلمان : إذا أدركتم سيد شباب أهل الجنة من آل محمّد ، فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معه ، مما أصبتم اليوم من الغنائم.

فأما أنا فأستودعكم الله. ومضى زهير فصار من أنصار الحسينعليه‌السلام .

(أقول) : وهذا من نبوءة سلمان وعلومه التي استمدها من محمّد وآلهعليهم‌السلام .

«الثّعلبيّة»

٦٦٦ ـ نبأ المأساة : وصول خبر استشهاد مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة إلى الحسينعليه‌السلام في (الثعلبية):(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٩)

قال عبد الله بن سليمان والمنذر بن المشمعل الأسديان : قدمنا على الحسينعليه‌السلام حين نزل (الثعلبية) فأخبرناه بمقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وجرّهما من أرجلهما بأسواق الكوفة. فقال الحسينعليه‌السلام : إنا لله وإنا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما يردد ذلك مرارا. قلنا : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك وهؤلاء الصبية إلا انصرفت من مكانك هذا ، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوف منهم أن يكونوا عليك. فنظر الحسين إلى بني عقيل فقال لهم : ما ترون ، فقد قتل مسلم؟. فبادر بنو عقيل وقالوا : والله لا نرجع ، أيقتل صاحبنا وننصرف! لا والله لا نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق صاحبنا. فأقبل علينا الحسين وقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء(١) فعلمنا أنه قد عزم رأيه على المسير.فقلنا له : خار الله لك. فقال : رحمكما الله تعالى. فقال له أصحابه : إنك والله ما أنت بمثل مسلم ، ولو قدمت الكوفة ونظر الناس إليك لكانوا إليك أسرع ، وما عدلوا عنك ولا عدلوا بك أحدا ، فسكت.

وفي (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة ، ص ٥ :

__________________

(١) مقتل المقرم ، ص ٢١٠ عن كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٧.

٥٥٧

قال : وذكروا أن عبيد الله بن زياد بعث جيشا أمّر عليه عمرو بن سعيد [الصحيح : عمر بن سعد]. وقد جاء الحسينعليه‌السلام الخبر ، فهمّ أن يرجع ، ومعه خمسة من بني عقيل ، فقالوا له : أترجع وقد قتل أخونا ، وقد جاءك من الكتب ما تثق به؟!. فقال لبعض أصحابه : والله مالي عن هؤلاء من صبر ، يعني بني عقيل.

٦٦٧ ـ الحسينعليه‌السلام يواسي بنت مسلم الصغيرة :

(إبصار العين للشيخ السماوي ، ص ٤٨)

روى بعض المؤرخين أن الحسينعليه‌السلام لما قام من مجلسه بالثعلبية (وقد بلغه نبأ استشهاد مسلم) توجه نحو النساء ، وانعطف على ابنة لمسلم صغيرة (عمرها ١١ سنة) فجعل يمسح على رأسها ، فكأنها أحسّت. فقالت : ما فعل أبي؟. فقال : يا بنيّة أنا أبوك. ودمعت عينه ، فبكت البنت وبكت النساء لذلك.

٦٦٨ ـ ما قالهعليه‌السلام لرجل من أهل الكوفة في (الثعلبية) يبيّن أن أهل البيتعليهم‌السلام هم معادن العلم :(مقتل المقرم ، ص ٢١١)

وفي (الثعلبية) اجتمع بالحسين رجل من أهل الكوفة ، فقال له الحسينعليه‌السلام :أما والله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل في دارنا ، ونزوله بالوحي على جدي.يا أخا أهل الكوفة : من عندنا مستقى العلم. أفعلموا وجهلنا! هذا مما لا يكون(١) .

(أقول) : وهذا كان جوابهعليه‌السلام لأغلب الذين نصحوه ، ولم يدركوا الغايات البعيدة من نهضتهعليه‌السلام ، ولم ينظروا نظرته الواعية العميقة إلى الأمور ولعمري من لأحد أن يداني الحسينعليه‌السلام في علمه ومعرفته ، وهو الّذي عاش في كنف الرسول والإمام ، يغرّ العلم غرّا ، ومنه أخذ الأئمة التسعة المعصومون من ولدهعليه‌السلام علوم الجفر والصحيفة الجامعة.

وقد أعطينا لمحة عن هذه العلوم في الفصل الخامس ، ص ٢٤٩ فراجع.

٦٦٩ ـ يحيى بن شدّاد يتخوّف على الحسينعليه‌السلام من قلة أنصاره :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٠)

عن يحيى بن شداد الأسدي ، قال : مرّ بنا الحسينعليه‌السلام بالثعلبية ، فخرجت إليه

__________________

(١) بصائر الدرجات للصفّار ص ٣ ؛ وأصول الكافي ، باب مستقى العلم من أهل البيتعليهم‌السلام .

٥٥٨

مع أخي ، فإذا عليه جبّة صفراء ، لها جيب في صدرها. فقال له أخي : إني أخاف عليك من قلة أنصارك!. فضرب بالسوط على عيبة قد حقبها خلفه ، وقال : هذه كتب وجوه أهل المصر.

«الشّقوق»

٦٧٠ ـ ملاقاة الحسينعليه‌السلام للفرزدق (بالشقوق) وهو راجع من الكوفة ، وتحذيره من أهلها :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٣ إليها

لقي الفرزدق [ابن غالب] الشاعر ، الحسينعليه‌السلام بالشّقوق ، وهو راجع من الكوفة(١) ، فسلّم عليه ، ثم دنا منه فقبّل يديه. فقال له الحسينعليه‌السلام : من أين أقبلت يا أبا فراس؟. فقال : من الكوفة يابن رسول الله. قال : فكيف خلّفت أهل الكوفة؟. قال : خلّفت قلوب الناس معك ، وأسيافهم مع بني أمية ، والقضاء ينزل من السماء ، والله يفعل في خلقه ما يشاء. فقال له الحسينعليه‌السلام : صدقت وبررت ، إن الأمر لله تبارك وتعالى ، كلّ يوم هو في شأن ؛ فإن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر ، وإن حال القضاء دون الرجاء فلن يبعد من الحقّ بغيته(٢) (وفي رواية : فلم يعتد من كان الحق نيّته والتقوى سريرته). فقال الفرزدق : جعلت فداك يابن رسول الله ، كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته!. فاستعبر الحسينعليه‌السلام باكيا ، ثم قال : رحم الله مسلما فلقد صار إلى روح الله وريحانه وتحيته وغفرانه ورضوانه.أما إنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا. ثم أنشأ في ذلك يقول :

فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة

فإن ثواب الله أعلى وأنبل

__________________

(١) ذكر المقرم في مقتله ص ٢٠٣ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢١٨ وكامل ابن الأثير ج ٤ ص ١٦ والإرشاد للمفيد ، أن ملاقاة الفرزدق كانت في (الصفاح). وفي تذكرة الحفاظ للذهبي ج ١ ص ٣٣٨ ومناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٥ ط نجف ، أن ملاقاته كانت (بذات عرق). وفي الله وف ص ٤١ : كانت ملاقاته في (زبالة). وذكر المقرم بعض هذا الكلام على أنه جرى بين الحسينعليه‌السلام ورجل من أهل الكوفة لقيه في (الشقوق) وذكر الأشعار. يتضح من ذلك التضارب الكبير بين الروايات.

(٢) ورد هذا الكلام في مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٦ ط نجف ، منسوبا إلى رجل مجهول ، وليس الفرزدق.

٥٥٩

٢ وإن تكن الأبدان للموت أنشئت

فقتل امرئ في الله بالسيف أفضل

٣ وإن تكن الأرزاق قسما مقدّرا

فقلّة حرص المرء في الرزق أجمل

٤ وإن تكن الأموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل

٥ عليكم سلام الله يا آل أحمد

فإني أراني عنكم سوف أرحل

٦ سأمضي وما بالقتل عار على الفتى

إذا في سبيل الله يمضي ويقتل

وقد أضاف عليها أبو مخنف في مقتله الأبيات التالية ، وأوردها قبيل استشهادهعليه‌السلام :

٧ أرى كل ملعون كفور منافق

يروم فناها جهله ثم يعمل

٨ لقد غرّكم حلم الإله ، وإنه

كريم حليم لم يكن قطّ يعجل

٩ لقد كفروا يا ويلهم بمحمد

وربهم في الخلق ما شاء يفعل(١)

ثم ودّعه الفرزدق في نفر من أصحابه ، ومضى يريد مكة.

«زبالة»

٦٧١ ـ ما قالهعليه‌السلام حين بلغه مقتل عبد الله بن يقطر في (زبالة) وترخيصه لمن تبعه من الناس بالانصراف :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٩)

ثم سار الحسينعليه‌السلام حتّى انتهى إلى (زبالة) فورد عليه هناك مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر(٢) (وكان سرّحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه قد أصيب(٣) . وكان قد تبع الحسين خلق كثير من المياه التي يمرّ بها ، لأنهم كانوا يظنون استقامة الأمور لهعليه‌السلام .

__________________

(١) لم ترد هذه الأشعار جملة واحدة في مصدر من المصادر ، وقد ذكر ابن شهراشوب البيت الخامس ، ولم يذكره الخوارزمي. وقد اختلف في زمن إنشادها ، فذهب كل من الخوارزمي وأبي مخنف إلى أن الحسينعليه‌السلام أنشدها قبيل استشهاده وليس هنا.

(٢) ذكر المقرم في مقتله ص ٢١٢ : أنه ورد على الحسينعليه‌السلام في هذا الموضع خبر مقتل (قيس بن مسهر) نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٢٦ ، وبعد مراجعة تاريخ الطبري تبيّن أن هذه الرواية وردت في مقتل عبد الله بن يقطر. ومما يؤكد نسبتها لابن يقطر ، أن مقتل قيس بن مسهر ذكره المقرم فيما بعد في (العذيب) وهو الصحيح ، فاقتضى التنويه.

(٣) لعل هذه الرواية أصح من التي وردت سابقا ، والتي مؤداها أن مسلم بن عقيل بعث عبد الله بن يقطر من الكوفة للحسينعليه‌السلام فقبض عليه في القادسية وهو خارج من الكوفة ، ثم قتل.

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735