موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 469205 / تحميل: 5527
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وقال محمد بن عيسى بن الطباع: قال عبد الرحمن بن مهدي: كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري، كان يقوى من الحديث على شيء لم يكن يقوى عليه سفيان، وسمعت وكيعاً يقول: نحوا عنّي هشيماً وهاتوا من شئتم - يعني في المذاكرة -.

وقال ابن مهدي: هشيم في حصين أثبت من سفيان وشعبة، وقال علي بن حجر: هشيم وأبو بشر مثل ابن عيينة في الزهري. وقال عيينة بن سعيد عن ابن المبارك قال: من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ هشيم، وقال العجلي: هشيم ثقة يدلس، وسئل أبو حاتم عن هشيم ويزيد بن هارون فقال: هشيم أحفظ منه ومن أبي عوانة »(١) .

عود إلى ترجمة الكلبي

وقد أثنى أبو اسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي على الكلبي، وجعله من أقران مجاهد والسدي حيث قال في ديباجة تفسيره: « وفرقة جرّدوا التفسير دون الأحكام وبيان الحلال والحرام، والحل عن العويصات المشكلات والرد على أهل الزيغ والشبهات، كمشايخ السلف الماضين والعلماء السابقين من التابعين وأتباعهم، مثل مجاهد، ومقاتل، والكلبي، والسدي، رضي الله عنهم أجمعين، ولكل من أهل الحق منهم غرض محمود وسعي مشكور »(٢) .

وقال ابن جزلة: « قال الحسن بن عثمان القاضي: وجدت العلم بالعراق والحجاز ثلاثة: علم أبي حنيفة، وتفسير الكلبي، ومغازي محمد بن إسحاق »(٣) .

وقال القاضي أبو عبد الله محمد بن علي العامري: « قد خرجت هذا من التفاسير التي سمعتها من الأئمةرحمهم‌الله ، منها: ما سمعت من الأُستاذ الامام أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الإِسفراينيرحمه‌الله ، مثل تفسير مقاتل بن سليمان

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). الكشف والبيان - مخطوط.

(٣). مختصر تاريخ بغداد - مخطوط.

٢١

والحلبي والكلبي وغيرهما ولم أعتمد إلّا بما صحّ عندي بتواتر واستفاضة أو روي في الصحاح بغير طعن الطاعن، والله الموفق لذلك »(١).

وقال ابن قتيبة: « الكلبي صاحب التفسير، وهو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، ويكنى أبا النضر وكان نسّاباً عالماً بالتفسير، وتوفي بالكوفة سنة ١٤٦ »(٢) .

وقال البغوي: « وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الأمة، ومن بعده من التابعين، أئمة السلف مثل: مجاهد، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري،رضي‌الله‌عنه ، وقتادة، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي، وزيد بن أسلم، والكلبي، والضحاك، ومقاتل بن حبان، ومقاتل بن سليمان، والسدّي، وغيرهم فأكثره مما أخبرني الشيخ أبو سعيد أحمد بن محمد الشريحي المذكور »(٣) .

وقال صديق حسن القنوجي: « وجمعته جمعاً حسناً، بعبارة سهلة، وألفاظ يسيرة، مع تعرض للترجيح بين التفاسير المتعارضة في مواضع كثيرة، وبيان المعنى العربي الإِعرابي واللغوي، مع حرص على إيراد صفوة ما ثبت عن التفسير النبوي، وعن عظماء الصحابة وعلماء التابعين، ومن دونهم من سلف الأئمة وأئمتها المعتبرين، كابن عباس حبر هذه الأمة ومن بعده من الأئمة، مثل مجاهد وعكرمة، وعطاء، والحسن، وقتادة، وأبي العالية، والقرظي، والكلبي والضحاك، ومقاتل، والسدي، وغيرهم من علماء اللغة والنحو كالفراء، والزجّاج، وسيبويه، والمبرد، والخليل، والنحاس »(٤) .

وقال علي بن محمد البزدوي: « ليس من اتهم بوجه ما يسقط به كلّ حديثه

____________________

(١). الناسخ والمنسوخ - مخطوط.

(٢). المعارف ٥٣٥ - ٥٣٦.

(٣). معالم التنزيل ١ / ٣ هامش تفسير الخازن.

(٤). فتح البيان في مقاصد القرآن ١ / ١٧.

٢٢

مثل الكلبي وأمثاله، ومثل سفيان الثوري وأصحابه، مع جلالة قدره وتقدّمه في العلم والورع »(١).

وقال علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري في شرح كلام البزدوي المذكور ما نصه: « قوله: مثل الكلبي. هو أبو سعيد محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير، ويقال له أبو النضر أيضاً، طعنوا فيه بأنه يروي تفسير كلّ آيه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسمى زوائد الكلبي، وبأنه روى حديثاً عند الحجاج، فسأل عمن يرويه فقال: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، فلمـّا خرجٍ قيل له: هل سمعت ذلك من الحسن؟ فقال: لا ولكنّي رويت عن الحسن غيظاً له.

وذكر في الأنساب: إن الثوري ومحمد بن إسحاق يرويان عنه ويقولان حدثنا أبو النضر حتى لا يعرف. قال: وكان الكلبي سبائياً من أصحاب عبد الله ابن سبأ، من أولئك الذين يقولون إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة، ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، وإذا رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها، والرعد صوته والبرق سوطه، حتى تبرأ واحد منهم وقال:

ومن قوم إذا ذكروا علياً

يصلّون الصلاة على السحاب

مات الكلبي سنة ١٤٦.

وأمثاله. مثل عطاء بن السائب، والربيعة، وعبد الرحمن، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم، اختلطت عقولهم فلم يقبل رواياتهم التي بعد الاختلاط، وقبلت الروايات التي قبله.

فإنْ قيل: ما نقل عن الكلبي يوجب الطعن عاماً، فينبغي أن لا يقبل رواياته جميعاً.

____________________

(١). أصول الفقه ٣ / ٧٢ بشرح عبد العزيز البخاري.

٢٣

قلنا: إنما يوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريق القطع، فأما إذا اتهم به فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة، وينبغي أن لا يثبت في موضع التهمة أيضاً، إلّا أن ذلك يورث شبهة في الثبوت، وبالشبهة تردّ الحجة، وينتفي ترجح الصدق في الخبر، فلذلك لم يثبت أو معناه.

ليس كل من اتهم بوجه ساقط الحديث، مثل الكلبي، وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة، وسفيان الثوري وغيرهم، فإنه قد طعن في كل واحد منهم بوجه، ولكن علوّ درجتهم في الدين، وتقدّم رتبتهم في العلم والورع، منع من قبول ذلك الطعن في حقهم ومن ردّ حديثهم به، إذ لو ردّ حديث أمثال هؤلاء بطعن كل واحد انقطع الرواية واندرس الأخبار، إذ لم يوجد بعد الأنبياءعليهم‌السلام من لا يوجد فيه أدنى شيء مما يجرح إلاّ من شاء الله تعالى، فلذلك لم يلتفت إلى مثل هذا الطعن، فيحمل على أحسن الوجوه، وهو قصد الصيانة »(١) .

ترجمة عبد العزيز البخاري

وعبد العزيز البخاري شارح البزدوي وصاحب الكلام المزبور في الدفاع عن الكلبي، من مشاهير الأئمة الكبار، وقد أثنى عليه عبد القادر القرشي في ( الجواهر المضية في طبقات الحنفية ) ومحمود بن سليمان الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ) والكاتب الجلبي في ( كشف الظنون ).

____________________

(١). كشف الأسرار في شرح أصول الفقه ٣ / ٧٢.

٢٤

(٢)

يحيى بن زياد الفراء

وفسّر يحيى بن زياد الفرّاء ( المولى ) بـ ( الأولى ) كما قال الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى:( هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) : «( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) . وفي لفظ المولى هاهنا أقوال: أحدها - قال ابن عباس: مولاكم أي مصيركم. وتحقيقه: أن المولى موضع الولي وهو القرب، فالمعنى: إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.

والثاني - قال الكلبي: يعني أولى بكم. وهو قول الزّجاج والفرّاء وأبي عبيدة »(١) .

ترجمة الفراء

١ - ابن خلكان: « أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي، المعروف بالفراء، الديلمي الكوفي، مولى بني أسد، وقيل مولى بني منقر.

كان أبرع الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، حكى عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لو لا الفراء لما كانت العربية، لأنه خلّصها وضبطها، ولو لا الفرّاء لسقطت العربية، لأنها كانت تتنازع، ويدّعيها كل من أراد، ويتكلّم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم. فتذهب.

وأخذ النحو عن أبي الحسن الكسائي، وهو والأحمر المقدّم ذكره من أشهر

____________________

(١). التفسير الكبير ٢٩ / ٢٢٧.

٢٥

أصحابه وأخصّهم به.

ولمـّا عزم الفرّاء على الاتصال بالمأمون كان يتردّد إلى الباب، فبينما هو ذات يوم على الباب، إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس النمري المعتزلي - وكان خصيصاً بالمأمون - قال: فرأيت أبهة أديب، فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحراً، وفاتشته عن النحو فوجدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلاً فقيهاً عارفاً باختلاف القوم، وبالنجوم ماهراً، وبالطب خبيراً، وبأيام العرب وأشعارها حاذقاً، فقلت: من تكون وما أظنك إلا الفرّاء؟ قال: انا هو، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون، فأمر بإحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به

وقال الخطيب في تاريخ بغداد: إنّ الفراء لما اتصل بالمأمون أمره أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العربية وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ في كتاب المعاني، وقال الرّاوي: وأردنا أن نعدّ الناس الذين اجتمعوا لإِملاء كتاب المعاني فلم نضبطهم، فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضياً، فلم يزل يمليه حتى أتمّه

وكان سبب إملائه كتاب المعاني: أن أحد أصحابه - وهو عمر بن بكير - كان يصحب الحسن بن سهل المقدّم ذكره، فكتب إلى الفراء أنّ الأمير الحسن لا يزال يسألني عن أشياء من القرآن لا يحضرني فيها جواب، فإنْ رأيت أن تجمع لي أصولاً، وتجعل في ذلك كتاباً يرجع اليه فعلت. فلمـّا قرأ الكتاب قال لأصحابه: إجتمعوا حتى أملي عليكم في القرآن، وجعل لهم يوماً، فلمـّا حضروا خرج إليهم وكان في المسجد رجل يؤذن فيه وكان من القراء، فقال له: إقرأ. فقرأ فاتحة الكتاب، ففسّرها حتى مرّ في القرآن كلّه على ذلك، يقرأ الرجل والفرّاء يفسّره، وكتابه هذا نحو ألف ورقة، وهو كتاب لم يعمل مثله، ولا يمكن لأحدٍ أنْ يزيد عليه.

وكان المأمون قد وكّل الفرّاء يلقّن ابنيه النحو، فلما كان يوماً أراد الفرّاء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفرّاء يقدّمانها له، فتنازعا أيّهما

٢٦

يقدّمانها له، فاصطلحا على أن يقدّم كلّ واحد منهما فرداً فقدّماها

وقال الخطيب أيضاً: كان الفقيه محمد بن الحسن ابن خالة الفرّاء، وكان الفرّاء يوماً جالساً عنده فقال له الفرّاء: قلّ رجل أنعم النظر في باب من العلم فأراد غيره إلّا سهل عليه، فقال له محمد: يا أبا زكريا قد أنعمت النظر في العربية، فأسألك عن باب من أبواب الفقه، فقال: هات على بركة الله تعالى. قال: ما تقول في رجل صلّى فسهى فسجد سجدتين للسهو فسهى فيهما؟ ففكّر الفرّاء فيهما ساعة ثم قال: لا شيء عليه. فقال له محمد: ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان تمام الصلاة وليس للتمام تمام. فقال محمد: ما ظننت آدميّاً يلد مثلك

وقال سلمة بن عاصم: إني لأعجب من الفرّاء كيف كان يعظّم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.

ومولد الفرّاء بالكوفة وتوفّي الفرّاء سنة سبع ومائتين في طريق مكّة، وعمره ثلاثة وستون سنة، رحمه الله تعالى »(١) .

٢ - اليافعي: « وفيها الامام البارع النحوي، يحيى بن زياد الفرّاء الكوفي، أجلّ أصحاب الكسائي، كان رأساً في النحو واللغة، أبرع الكوفيّين وأعلمهم بفنون الأدب، على ما ذكر بعض المؤرّخين، وحكي عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لو لا الفرّاء »(٢) .

٣ - الذهبي: « الفرّاء أخباري علامة نحوي، كان رأساً في قوة الحفظ. أملى تصانيفه كلّها حفظاً، مات بطريق مكة سنة ٢٠٧. عن ثلاث وستين سنة. اسمه يحيى بن زياد »(٣) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ٥ / ٢٢٥ - ٢٣٠.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٢٠٧.

(٣). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧٢.

٢٧

٤ - الذهبي أيضاً: « وهو أجلّ أصحاب الكسائي، وكان رأساً في النحو واللغة »(١) .

٥ - ابن الوردي: « أبرع الكوفيين نحواً وأدباً، وله كتاب الحدود وكتاب المعاني، وكتابان في المشكل، وكتاب النهي، وغير ذلك. توفي بطريق مكة، وعمره نحو ثلاث وستين، كان يفري الكلام فلقّب بذلك »(٢) .

(٣)

أبو زيد اللّغوي

وأمّا تصريح أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري اللّغوي بورود ( المولى ) بمعنى ( الأولى )، فقد اعترف به ( الدهلوي ) نفسه في كلامه، كما جاء في كلام غلام محمد بن محيي الدين بن عمر الأسلمي في ترجمة ( التحفة الاثنا عشرية ) حيث قال في الجواب عن حديث الغدير: « ولا يخفى أنّ أوّل الغلط في هذا الاستدلال هو إنكار أهل العربيّة قاطبة ثبوت ورود المولى بمعنى الأولى، بل قالوا لم يجيء قط المفعل بمعنى أفعل في موضع ومادة أصلاً، فضلاً عن هذه المادة بالخصوص، إلّا أن أبا زيد اللّغوي جوّز هذا متمسكاً بقول أبي عبيدة في تفسير( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم ».

وستأتي ترجمة أبي زيد اللّغوي في الكتاب إنْ شاء الله تعالى.

____________________

(١). العبر حوادث ٢٠٧.

(٢). تتمة المختصر حوادث ٢٠٧.

٢٨

(٤)

أبو عبيدة

وأمّا تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنّى البصري ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد نصّ عليه الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) أيضاً كما سيأتي قريباً، وفي ( التفسير ) كما عرفت من عبارته الماضية، وكذا ذكره ابن الجوزي في ( زاد المسير )، واعترف به ( الدّهلوي ) كذلك، وصرّح به الأسلمي المذكور في ( الترجمة العبقريّة ).

ترجمة أبي عبيدة

١ - الذهبي: « أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري، اللغوي الحافظ، صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروبة وأبي عمرو بن شيبة. وعنه: أبو عثمان المازني وأبو العيناء وخلق.

قال الحافظ: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي عالم بجميع العلوم من أبي عبيدة. وذكره ابن المبارك فصحّح رواياته.

مات أبو عبيدة سنة عشر ومائتين، وقيل سنة تسع »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي، العلّامة الأخباري صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروة وأبي عمر بن العلا وكان أحد أوعية العلم. وقيل توفي سنة إحدى عشرة »(٢) .

٣ - وذكر ابن الأثير في خطبة كتابه ( النهاية ) القول بأنّ أبا عبيدة أوّل من

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧١.

(٢). العبر حوادث ٢١٠.

٢٩

ألّف في فن غريب الحديث بعد اختلاط الألسن وتداخل اللغات، حيث قال: « فلما أعضل الدّاء وعزّ الدّواء ألهم الله جماعة من أولى المعارف والنهى وذوي البصائر والحجى، أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفاً من عنايتهم، وجانباً من رعايتهم، فشرّعوا فيه للناس موارد، ومهّدوا فيه لهم معاهد، حراسة لهذا العلم الشريف من الضّياع، وحفظاً لهذا المهمّ العزيز من الاختلال، فقيل: إنّ أوّل من جمع في هذا الفن شيئاً وألّفه أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي، فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأثر كتاباً »(١).

٤ - وقال السيوطي نقلاً عن أبي الطيّب اللّغوي بعد ذكر الخليل: « وكان في هذا العصر ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب، لم ير قبلهم ولا بعدهم مثلهم، عنهم أخذ جلّ ما في أيدي الناس من هذا العلم بل كلّه، وهم أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعي، وكلّهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر، ورووا عنه القراءة. ثم أخذوا بعد أبي عمرو عن عيسى بن عمرو أبي الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب، وعن جماعة من ثقات الأعراب وعلمائهم وكان أبو زيد أحفظ الناس للّغة بعد أبي مالك وأوسعهم رواية وأكثرهم أخذاً عن البادية، وقال ابن منادر: كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها

وأبو زيد من الأنصار، وهو من رواة الحديث، ثقة عندهم مأمون، وكذلك حاله في اللغة، وقد أخذ عنه اللغة أكابر الناس منهم سيبويه وحسبك، قال أبو حاتم عن أبي زيد: كان سيبويه يأتي مجلسي وله ذؤابتان قال: فإذا سمعته يقول: وحدثني من أثق بعربيته فإنّما يريدني.

وكبر سنّ أبي زيد حتى اختلّ حفظه ولم يختل عقله، ومن جلالة أبي زيد في اللغة ما حدثنا به جعفر بن محمد حدثنا محمد بن الحسن الأزدي عن أبي حاتم عن

____________________

(١). النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب.

٣٠

أبي زيد قال: كتب رجل من أهل رامهرمز إلى الخليل يسأله كيف يقال: ما أوقفك هاهنا ومن أوقفك؟ فكتب إليه: هما واحد. قال أبو زيد: ثم لقيني الخليل فقال لي في ذلك فقلت له: إنما يقال من وقفك وما أوقفك. قال: فرجع إلى قولي.

وأما أبو عبيدة فإنه كان أعلم الثلاثة بأيّام العرب وأخبارهم وأجمعهم لعلومهم، وكان أكمل القوم، قال عمر بن شيبة: كان أبو عبيدة يقول: ما التقى فرسان في جاهلية ولا إسلام إلّا عرفتهما وعرفت فارسيهما، وهو أوّل من ألّف في غريب الحديث ».

وقال السيوطي نقلاً عن أبي الطيّب: « أخبرنا جعفر بن محمد أخبرنا إبراهيم ابن حمد قال قال أبو حاتم: إذا فسّرت حروف القرآن المختلف فيها وحكيت عن العرب شيئاً فإنّما أحكيه عن الثقات منهم، مثل أبي زيد والأصمعي وأبي عبيدة ويونس، وثقات من فصحاء الأعراب وحملة العلم »(١) .

(٥)

أبو الحسن الأخفش

وممن نصّ على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ): أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي المعروف بالأخفش قال الفخر الرازي: « إنّ أبا عبيدة وإنْ قال في قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) معناه: هي أولى بكم. وذكر هذا أيضاً الأخفش والزّجاج وعلي بن عيسى واستشهدوا ببيت لبيد »(٢) .

____________________

(١). المزهر في اللغة ٢ / ٢٤٩.

(٢). نهاية العقول في الكلام ودراية الأصول - مخطوط.

٣١

ترجمة الأخفش

١ - ابن خلكان: « أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط. أحد نحاة البصرة من أئمة العربية، وأخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه، وكان يقول: ما وضع سيبويه في كتابه شيئاً إلّا وعرضه عليّ وكان يرى أنه أعلم به منّي وأنا اليوم أعلم به منه

وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل سنة إحدى وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى »(١) .

٢ - اليافعي: « وفيها الأخفش الأوسط إمام العربية »(٢) .

٣ - السيوطي: « قال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشي ثم قطرب. قال: وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل »(٣) .

(٦)

أبو العباس ثعلب

وأما تفسير أبي العباس ثعلب أحمد بن يحيى الشيباني البغدادي ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد ذكره الحسين بن أحمد الزوزني في شرح المعلّقات السّبع حيث قال:

« فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

الفرج موضع المخافة، والفرج ما بين قوائم الدواب، فما بين اليدين فرج

____________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ١٢٢.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٢١٥.

(٣). بغية الوعاة ١ / ٥٩٠.

٣٢

وما بين الرجلين فرج، والجمع فروج.

وقال ثعلب: إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشيء كقوله تعالى( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي هي الأولى بكم »(١) .

مصادر ترجمة ثعلب

ولقد ترجم لأبي العباس ثعلب بكل ثناء وتبجيل في المصادر التالية:

١ - وفيات الأعيان ١ / ٨٤ - ٨٧.

٢ - تاريخ بغداد ٥ / ٢٠٤.

٣ - مرآة الجنان حوادث سنة ٢٩١.

٤ - العبر في خبر من غبر حوادث سنة ٢٩١.

٥ - تتمة المختصر في أخبار البشر حوادث سنة ٢٩١.

وقد أوردنا في الكتاب سابقاً ترجمته عن هذه الكتب.

وقال الذهبي بترجمته في ( تذكرة الحفاظ ): « ثعلب - العلّامة المحدّث شيخ اللّغة والعربية حدّث عنه: نفطويه ومحمد بن العباس اليزيدي وعلى الأخفش ومحمد بن الأعرابي وأحمد بن كامل وأبو عمرو الزاهد ومحمد بن مقسم وآخرون. مولده سنة ٢٠٠. وابتدأ بالطلب سنة ست عشرة حتى برع في علم الأدب، ولو سمع إذ ذاك لسمع من عفان ودونه.

وإنما أخرجته في هذا الكتاب لأنه قال: سمعت من القواريري مائة ألف حديث. وقال الخطيب. وقال الخطيب: كان ثعلب ثقة حجة ديّناً صالحاً مشهوراً بالحفظ قال المبرّد: أعلم الكوفيين ثعلب. فذكر له الفرّاء فقال: لا يعشره »(٢) .

____________________

(١). شرح المعلقات للزوزني: ٩١.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٦٦.

٣٣

(٧)

أبو العباس المبرد

وأما حكم أبي العباس محمد بن يزيد المبرد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد ذكره علم الهدى السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه حيث قال: « قال أبو العباس بالمبرّد في كتابه المترجم عن صفات الله تعالى: أصل يا ولي أولى الذي هو أولى وأحق، ومثله المولى »(١) .

مصادر ترجمة المبرد

وللمبرّد ترجمة في كثير من كتب التاريخ والأدب مع المدح العظيم والثناء الجميل، وقد أشرنا سابقاً إلى ترجمته في عدة من المصادر، مثل:

١ - وفيات الأعيان ٤ / ٣١٤.

٢ - العبر في خبر من غبر حوادث: ٢٨٥.

٣ - تاريخ بغداد ٣ / ٣٨٠ - ٣٨٧.

٤ - مرآة الجنان حوادث: ٢٨٥.

٥ - بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٦ - المنتظم في تاريخ الأمم ٧ / ٩ - ١١.

وقد نصّ جلال الدين السّيوطي على وثاقته حيث قال: « وكان فصيحاً بليغاً مفوهاً ثقةً أخباريا علّامة صاحب نوادر وظرافة »(٢) .

____________________

(١). الشافي في الامامة: ١٢٣.

(٢). بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٣٤

ترجمة الشريف المرتضى

وأما السيد المرتضى الذي نقل عن المبرد كلامه المذكور فمن كبار علمائنا الذي أطراهم علماء السنة وأثنوا عليهم الثناء البالغ، وذكروا فضائلهم وأوصافهم الحميدة في معاجم الرجال ومصادر التراجم وقد تقدم سابقاً في الكتاب طرف من كلماتهم في حقه. فراجع.

(٨)

أبو إسحاق الزجّاج

وأما حكم أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فهو صريح كلام الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) وقد نقلناه آنفا.

ترجمة الزجاج

١ - السمعاني: « والمشهور بهذه النسبة أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل النحوي الزجاج، صاحب كتاب معاني القرآن.

كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، حميد المذهب، وله مصنفات حسان في الأدب »(١) .

٢ - النووي: « أبو اسحاق الزجاج الامام في العربية، مذكور في الروضة في الشرط في الطلاق، فيمن علّق طلاقها بأوّل ولد، هو أبو إسحاق [ إبراهيم ] بن السرّي بن سهل البصري النحوي، صاحب كتاب معاني القرآن قال الخطيب في

____________________

(١). الأنساب - الزجاج.

٣٥

تاريخ بغداد. كان أبو إسحاق الزجاج هذا من أهل الفضل والدين حسن الاعتقاد وحسن المذهب، له مصنّفات حسان في الأدب. روى عنه علي بن عبد الله بن المغيرة وغيره وتوفي الزجاج يوم الجمعة لإِحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ٣١١ »(١).

٣ - ابن خلكان: « كان من أهل العلم بالأدب والدّين »(٢) .

٤ - اليافعي: « كان من أهل العلم بالأدب والدّين المتين، وله من التصانيف في معاني القرآن وعلوم الأدب والعربية »(٣) .

(٩)

إبن الأنباري

وأما تصريح محمد بن القاسم الأنباري بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد نقله السيد المرتضى حيث قال: « وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتابه في القرآن المعروف بالمشكل: والموالي في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام، أوّلهنّ المولى المنعم المعتق، ثم المنعم عليه المعتق، والمولى الولي والمولى الأولى بالشيء، وذكر شاهداً عليه الآية التي قدّمنا ذكرها، وبيت لبيد، والمولى الجار، والمولى ابن العم، والمولى الصهر، والمولى الحليف، واستشهد على كلّ واحد من أقسام مولى بشيء من الشعر، لم نذكره لأن غرضنا سواه »(٤) .

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٠.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٣١ - ٣٣.

(٣). مرآة الجنان، حوادث ٣١٠.

(٤). الشافي في الامامة: ١٣٤.

٣٦

ترجمة ابن الأنباري

١ - السمعاني: « أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن ابن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة الأنباري النحوي، صاحب التصانيف، كان من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً روى عنه: أبو الحسن الدار قطني، وأبو عمر ابن حيويه الخزاز، وأبو الحسين بن البواب وطبقتهم.

وكان صدوقاً فاضلاً ديّناً برّاً خيراً من أهل السنّة، وصنّف كتباً كثيرة في علم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة، وكان يملي وأبوه حي، يملي هو في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن، وكان يملي من حفظه، وما كتب عنه الإِملاء قط إلّا من حفظه. وكانت ولادته في رجب سنة ٢٧١. وتوفي ليلة النحر من ذي الحجة سنة ٣٢٨ »(١) .

٢ - ابن الأثير: « ثم صنّف الناس غير من ذكرنا في هذا الفن تصانيف كثيرة منهم: شمس بن حمدويه، وأبو العباس أحمد بن يحيى اللغوي المعروف بثعلب، وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وأحمد بن الحسن الكندي، وأبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب وغيرهم.

هؤلاء من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث »(٢) .

٣ - ابن خلكان: « كان علّامة وقته في الأدب، وأكثر الناس حفظاً لها، وكان صدوقاً ثقة ديّناً خيّراً من أهل السنّة »(٣) .

____________________

(١). الأنساب - الأنباري.

(٢). النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٣٦٣.

٣٧

٤ - الذهبي: « ابن الأنباري الحافظ شيخ الإسلام كان من أفراد الدهر في سعة الحفظ مع الصّدق والدين. قال الخطيب: كان صدوقاً ديّناً من أهل السنّة »(١) .

٥ - الصفدي: « محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي العلّامة كان إماماً في نحو الكوفيين، وأملى كتاب غريب الحديث في خمسة وأربعين ورقة ...»(٢) .

٦ - ابن الجزري: « الإِمام الكبير والأُستاذ الشهير قال أبو علي القالي: كان ابن الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهداً في القرآن، وكان ثقة صدوقاً، وكان أحفظ من تقدّم من الكوفيين.

وقال حمزة بن محمد بن ماهر: كان زاهداً متواضعاً.

وقال الداني فيه: إمام في صناعته مع براعة فهـ وسعة علمه وصدق لهجته. وقال أبو علي التنوخي: كان ابن الأنباري يملي من حفظه، ما أملى قط من دفتر قال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه، حدّثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقاً. قال التميمي:

وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. وحدّثت عنه أنّه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيراً بأسانيدها ...»(٣) .

٧ - السيوطي: « قال الزبيدي: كان من أعظم الناس علماً بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً، سمع من ثعلب وخلق، وكان صدوقاً فاضلاً ديّناً خيّراً من أهل السنّة »(٤) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٤٢.

(٢). الوافي بالوفيات ٤ / ٣٤٤.

(٣). طبقات القراء ٢ / ٢٣٠.

(٤). بغية الوعاة ١ / ٢١٢.

٣٨

(١٠)

محمد بن عزيز السجستاني

وأما تصريح محمد بن عزيز السجستاني العزيزي بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد جاء في تفسيره لغريب القرآن المسمى ( نزهة القلوب ) حيث قال: « مولانا. أي: ولينا. والمولى على ثمانية أوجه: المعتق والمعتق والولي والأولى بالشيء وابن العم والصهر والجار والحليف ».

نزهة القلوب

وهذا التفسير أوله: « الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله وسلّم تسليما، هذا تفسير غريب القرآن ألف على حروف المعجم ليقرب تناوله ويسهل حفظه على من أراده. وبالله التوفيق والعون ».

ذكره القاضي الشوكاني بقوله: « تفسير السجستاني المسمى نزهة القلوب أرويه بالإسناد السابق إلى الشماخي أيضا عن أحمد بن عباس السامري عن محمد ابن علي المؤذن عن عبد الله بن محمد بن دحمان عن محمد بن أحمد المعروف بابن الخطاب عن أبي الحسن عبد الباقي بن فارس المقري عن عبد الله بن الحسين بن حسنون المقري عن المؤلف »(١) .

ترجمة العزيزي السجستاني

١ - السيوطي: « محمد بن عزيز أبو بكر العزيزي السجستاني بزائين

____________________

(١). إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر: ٢٥.

٣٩

معجمتين كما ذكره الدارقطني وابن ماكولا وغيرهما. وقيل: الثانية مهملة نسبة لبني عزرة، وردّ بأن القياس فيه العزري لا العزيري.

كان أديباً فاضلاً متواضعاً، أخذ عن أبي بكر الأنباري، وصنّف غريب القرآن المشهور فجوّده، ويقال: إنه صنّفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه الأنباري يصلح فيه مواضع. رواه عنه ابن سحنون وغيره. مات سنة ٣٠٣.

وقال ابن النجّار في ترجمته: كان عبداً صالحاً، روى عنه غريب القرآن أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطّة العكبري وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الوزّان، وأبو أحمد عبد الله بن حسنون المقري وغيرهم.

قال: والصحيح في اسم أبيه عزير آخره راء. هكذا رأيته بخط ابن ناصر الحافظ، وذكر أنه شاهده بخط يده وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه وكانوا متقنين. وذكر لي شيخنا أبو محمد الأخضر أنه رأى نسخة بغريب القرآن بخط مصنفه وفي آخرها: كتبه محمد بن عزير بالراء المهملة »(١) .

٢ - السيوطي: أيضاً: « النوع السادس والثلاثون في معرفة غريبه، أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم: أبو عبيدة وأبو عمرو الزاهد وابن دريد. ومن أشهرها: كتاب العزيزي فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرّره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري »(٢) .

٣ - السمعاني: « وكتاب غريب القرآن للعزيري، وهو: محمد بن عزير السجستاني المعروف بالعزيري لأنه من بني عزرة. هكذا ذكره القاضي أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن أبي البقاء القاضي، وروى الكتاب عن أبي موسى الأندلسي

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ١٧١.

(٢). الإِتقان في علوم القرآن ١ / ١١٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

عليه هنا(١) وفي الطلاق(٢) والحدود(٣) وغير ذلك(٤) ، ويأتي ما ظاهره المنافاة ونبينّ وجهه(٥) .

٥٥ - باب أنه مع الخلوة بالزوجة من غير وطء لا يجب المهر كلّه بل يجب نصفه إذا طلّقها إن علم ذلك بوجه، وحكم الاشتباه والاختلاف

[ ٢٧١٩٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل تزوّج امرأة فأغلق باباً وأرخى ستراً ولمس وقبّل ثمّ طلّقها، أيوجب عليه الصداق؟ قال: لا يوجب الصداق إلّا الوقاع.

[ ٢٧١٩١ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الرجل يطلق المرأة وقد مسّ كلّ شيء منها إلّا أنّه لم يجامعها، ألها عدّة؟ فقال: ابتلي أبو جعفر( عليه‌السلام ) بذلك، فقال له أبوه عليّ بن الحسين (عليهما‌السلام ) : إذا أغلق باباً وأرخى سترا وجب المهر والعدّة.

أقول: هذا يحتمل الحمل على التقيّة وعلى الاستحباب، قال الكلينيّ: قال ابن أبي عمير: اختلف الحديث في أنّ لها المهر كملا، وبعضهم قال:

____________________

(١) يأتي في الحديث ١ من الباب ٥٥ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٣٧ من أبواب العدد.

(٣) يأتي في الباب ٣٩ من أبواب حد الزنا.

(٤) يأتي في الحديث ٢ من الباب ١٢ من أبواب ميراث الازواج.

(٥) يأتي في الاحاديث ٢ و ٣ و ٤ و ٦ من الباب ٥٥ من هذه الأبواب.

الباب ٥٥

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٦: ١٠٩ / ٥.

٢ - الكافي ٦: ١٠٩ / ٧.

٣٢١

نصف المهر، وإنّما معنى ذلك أنّ الوالي إنّما يحكم بالظاهر إذا أغلق الباب وأرخى الستر وجب المهر، وإنّما هذا عليها إذا علمت أنه لم يمسّها فليس لها فيما بينها وبين الله إلّا نصف المهر، ونقل الشيخ(١) ذلك أيضاً، ثمّ قال: وهذا وجه حسن، ونحن إنّما أوجبنا نصف المهر مع العلم بعدم الدخول، ومع التمكّن من معرفة ذلك، فأمّا مع ارتفاع العلم فالقول ما قاله ابن أبي عمير.

[ ٢٧١٩٢ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا تزوّج الرجل المرأة ثمّ خلا بها فأغلق عليها بابا أو أرخى سترا ثمّ طلقها فقد وجب الصداق، وخلاؤه بها دخول.

أقول: تقدّم وجهه(٢) .

[ ٢٧١٩٣ ] ٤ - وبإسناده عن الصفّار، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن غياث بن كلّوب، عن إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه كان يقول: من أجاف من الرجال على أهله باباً أو أرخى ستراً فقد وجب عليه الصداق.

أقول: حمله الشيخ على كونهما متّهمين لما يأتي(٣) .

[ ٢٧١٩٤ ] ٥ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن ظريف، عن ثعلبة، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل تزوّج امرأة فأُدخلت عليه فأغلق الباب وأرخى الستر وقبّل

____________________

(١) التهذيب ٧: ٤٦٧ / ذيل الحديث ١٨٦٩.

٣ - التهذيب ٧: ٤٦٤ / ١٨٦٣، والاستبصار ٣: ٢٢٧ / ٨٢١.

(٢) تقدم في ذيل الحديث ٢ من هذا الباب.

٤ - التهذيب ٧: ٤٦٤ / ١٨٦٤، والاستبصار ٣: ٢٢٧ / ٨٢٢.

(٣) يأتي في الحديث ١ و ٣ من الباب ٥٦ من هذه الأبواب.

٥ - التهذيب ٧: ٤٦٧ / ١٨٧٠، والاستبصار ٣: ٢٢٩ / ٨٢٨.

٣٢٢

ولمس من غير أن يكون وصل إليها ثمّ طلّقها على تلك الحال؟ قال: ليس عليه إلّا نصف المهر.

[ ٢٧١٩٥ ] ٦ - وعن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن أسباط، عن علاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المهر، متى يجب؟ قال: إذا أرخت الستور وأجيف الباب، وقال: إني تزوجت امرأة في حياة أبي عليّ بن الحسين (عليهما‌السلام ) وإن نفسي تاقت إليها فذهبت اليها فنهاني أبي وقال: لاتفعل يا بنيّ، لا تأتها في هذه الساعة، وإني أبيت إلّا أن أفعل، فلمّا أن دخلت عليها قذفت إليها بكساء كان عليّ وكرهتها وذهبت لاخرج فقامت مولاة لها فأرخت الستر وأجافت الباب، فقلت: مه، قد وجب الذي تريدين.

أقول: هذا يحتمل الحمل على التقيّة وعلى التبرُّع، وإنّه أوجبه على نفسه ولم يكن واجباً، ذكره الشيخ لما مضى(١) ويأتي(٢) .

[ ٢٧١٩٦ ] ٧ - وعنه، عن محمّد بن عبدالله بن زرارة ومحمّد وأحمد ابني الحسن بن علي، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، أنّه أراد أن يتزوّج(٣) قال: فكره ذلك أبي فمضيت وتزوّجتها حتّى إذا كان بعد ذلك زرتها فنظرت فلم أر ما يعجبني، فقمت لانصرف فبادرتني القائمة(٤) الباب لتغلقه، فقلت: لا تغلقيه لك الذي تريدين، فلمّا رجعت إلى أبي فأخبرّته بالامر كيف كان، فقال: إنّه ليس لها عليك إلّا النصف يعني نصف المهر، وقال: إنّك تزوّجتها في ساعة حارّة.

____________________

٦ - التهذيب ٧: ٤٦٥ / ١٨٧٦، والاستبصار ٣: ٢٢٨ / ٨٢٥.

(١) مضى في الحديث ٥ من هذا الباب.

(٢) يأتي في الحديثين ٧ و ٨ من هذا الباب.

٧ - التهذيب ٧: ٤٦٦ / ١٨٦٨، والاستبصار ٣: ٢٢٨ / ٨٢٦، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣٨ من أبواب مقدمات النكاح، وصدره في الحديث ٢ من الباب ١٣ من أبواب عقد النكاح.

(٣) في المصدر زيادة: امرأة.

(٤) في المصدر زيادة: معها.

٣٢٣

[ ٢٧١٩٧ ] ٨ - وبإسناده عن عليّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن أبي بصير قال: تزوّج أبو جعفر( عليه‌السلام ) امرأة فأغلق الباب، فقال: افتحوا ولكم ما سألتم، فلمّا فتحوا صالحهم.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك(١) ، ويأتي ما ما يدلّ عليه(٢) .

٥٦ - باب حكم ما لو خلا الرجل بالمرأه فادّعت الوطء أو تصادقا على عدمه وكانا مأمونين أو متهمين

[ ٢٧١٩٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد،( عن ابن محبوب) (٣) ، عن ابن رئاب، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : الرجل يتزوّج المرأة فيرخي عليها وعليه الستر ويغلق الباب ثمّ يطلّقها، فتسئل المرأة هل أتاك؟ فتقول: ما أتاني، ويسئل هو هل أتيتها؟ فيقول: لم آتها؟ فقال: لا يصدقان، وذلك أنّها تريد أن تدفع العدّة عن نفسها، ويريد هو أن يدفع المهر عن نفسه يعني إذا كانا متّهمين.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن محبوب، مثله(٤) .

____________________

٨ - التهذيب ٧: ٤٦٧ / ١٨٦٩، والاستبصار ٣: ٢٢٩ / ٨٢٧.

(١) تقدم ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٣٠ من أبواب المتعة وفي الباب ١٥ من أبواب نكاح العبيد والإِماء، وفي الحديث ٥ من الباب ١٣ من أبواب العيوب وفي الأبواب ٢٤ و ٣٠ و ٣١ و ٣٤ و ٣٥ و ٤١ وفي الحديثين ٨ و ١٢ من الباب ٤٨ وفي الحديث ٨ من الباب ٤٩ وفي الباب ٥١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي ما يدل على بعض المقصود في البابين ٥٦ و ٥٧ من هذه الأبواب وفي الحديثين ٤ و ٨ من الباب ١ من أبواب العدد.

الباب ٥٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ١١٠ / ٨.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) التهذيب ٧: ٤٦٥ / ١٨٦٥، والاستبصار ٣: ٢٢٧ / ٨٢٣.

٣٢٤

[ ٢٧١٩٩ ] ٢ - وعن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يتزوّج المرأة فيدخل بها فيغلق عليها باباً ويرخي عليها ستراً ويزعم أنّه لم يمسّها، وتصدِّقه هي بذلك، عليها عدّة؟ قال: لا، قلت: فإنّه شيء دون شيء؟ قال: إن أخرج الماء اعتدّت، يعني إذا كانا مأمونين صدقاً.

[ ٢٧٢٠٠ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في الرجل يتزوّج المرأة البكر أو الثيّب فيرخي عليه وعليها الستر أو غلق(١) عليه وعليها الباب ثمّ يطلّقها، فتقول: لم يمسّني، ويقول هو: لم أمسّها؟ قال: لا يصدَّقان، لأنّها تدفع عن نفسها العدّة ويدفع عن نفسه المهر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) .

٥٧ - باب حكم من خلا بزوّجته وكانت بكراً فادّعت الوطء

[ ٢٧٢٠١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن رجل تزوّج جارية لم تدرك لا يجامع مثلها، أو تزوّج رتقاء، فأدخلت عليه، فطلقّها ساعة أُدخلت عليه؟ قال: هاتان ينظر إليهنَّ من يوثق به من النساء، فإن كنَّ كما

____________________

٢ - الكافي ٦: ١١٠ / ٩.

٣ - علل الشرائع: ٥١٧ / ٧.

(١) في المصدر: يغلق.

(٢) تقدم في الباب ٥٥ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٥٧ من هذه الأبواب، وفي الحديث ١ من الباب ٢ من أبواب اللعان.

الباب ٥٧

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٤٦٥ / ١٨٦٦، والاستبصار ٣: ٢٢٧ / ٨٢٤.

٣٢٥

دخلن عليه فإنَّ لها نصف الصداق الذي فرض لها، ولا عدّة عليهنّ منه، قال: فإن مات الزوّج عنهن قبل أن يطلق فإن لها الميراث ونصف الصداق، وعليهن العدّة أربعة أشهر وعشراً.

ورواه الكلينيّ عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبن محبوب، عن ابن بكير وعليّ بن رئاب، نحوه، إلى قوله: ولا عدّة عليها منه(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على بعض المقصود(٢) .

٥٨ - باب حكم ما لو مات الزوّج أو الزوجة قبل الدخول هل يثبت نصف المهر المسمّى أم كله

[ ٢٧٢٠٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) في الرجل يموت وتحته امرأة لم يدخل بها، قال: لها نصف المهر، ولها الميراث كاملاً، وعليها العدّة كاملة.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، مثله(٣) .

[ ٢٧٢٠٣ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، وعن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب،

____________________

(١) الكافي ٦: ١٠٧ / ٥.

(٢) تقدّم في الحديث ١ من الباب ١٥ من أبواب العيوب والتدليس وفي الباب ٥٦ من هذه الأبواب.

الباب ٥٨

فيه ٢٥ حديثاً

١ - الكافي ٦: ١١٨ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٥ من أبواب العدد.

(٣) التهذيب ٨: ١٤٤ / ٤٩٩، الاستبصار ٣: ٣٣٩ / ١٢٠٧.

٢ - الكافي ٥: ٤٠١ / ٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب ميراث الازواج.

٣٢٦

عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن غلام وجارية زوّجهما وليّان لهما، يعني غير الأب، وهما غير مُدركين؟ فقال: النكاح جائز، وأيّهما أدرك كان على الخيار، وإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر - إلى أن قال: - فإن كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية ورضي بالنكاح ثمّ مات قبل أن تدرك الجارية، أترثه؟ قال: نعم، يعزل ميراثها منه حتّى تدرك فتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلّا الرضا بالتزويج، ثمّ يدفع إليها الميراث ونصف المهر، الحديث.

[ ٢٧٢٠٤ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل تزوّج امرأة ولم يدخل بها؟ قال: إن هلكت أو هلك أو طلّقها فلها النصف، وعليها العدّة كملا، ولها الميراث.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبدالله بن بكير، مثله(١) .

[ ٢٧٢٠٥ ] ٤ - وبالإِسناد عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن امرأة هلك زوّجها ولم يدخل بها؟ قال: لها الميراث وعليها العدّة كاملة، وإن سمّى لها مهراً فلها نصفه، وإن لم يكن سمّى لها مهراً فلا شيء لها.

ورواه الصدوق بإسناده عن عبيد بن زرارة، مثله(٢) .

[ ٢٧٢٠٦ ] ٥ - وعن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، وعن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان

____________________

٣ - الكافي ٦: ١١٨ / ٢، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٥١ من هذه الأبواب.

(١) التهذيب ٨: ١٤٤ / ٥٠٠، الاستبصار ٣: ٣٣٩ / ١٢٠٨.

٤ - الكافي ٦: ١٢٠ / ١١.

(٢) الفقيه ٣: ٣٢٧ / ١٥٨٦.

٥ - الكافي ٦: ١١٨ / ٣. وفي ٧: ١٣٢ / ١ بالسند الثاني.

٣٢٧

جميعاً، عن ابن أبي عمير وصفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن رجل، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) ، قال في المتوفّى عنها زوّجها ولم يدخل بها: إنّ لها نصف الصداق، ولها الميراث، وعليها العدّة.

[ ٢٧٢٠٧ ] ٦ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن لم يكن دخل بها وقد فرض لها مهراً فلها نصف ما فرض لها، ولها الميراث وعليها العدّة.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، مثله(١) .

[ ٢٧٢٠٨ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة، قال: سألته عن المرأة تموت قبل أن يدخل بها؟ أو يموت الزوّج قبل أن يدخل بها؟ قال: أيّهما مات فللمرأة نصف ما فرض لها، وإن لم يكن فرض لها فلا مهر لها.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب، مثله(٢) .

[ ٢٧٢٠٩ ] ٨ - وعن الحسين بن محمّد، عن المعلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان(٣) ، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، أنه قال في امرأة توفّيت قبل أن يدخل بها، مالها من المهر؟ وكيف ميراثها؟ فقال: إذا كان قد فرض لها صداقاً فلها نصف المهر وهو يرثها، وإن لم يكن فرض لها صداقاً فلا صداق لها، وفي رجل توفّي قبل أن يدخل بامرأته، قال: إن كان

____________________

٦ - الكافي ٦: ١١٨ / ٤ وأورده عن التهذيبين في الحديث ٣ من الباب ٣٥ من أبواب العدد.

(١) التهذيب ٨: ١٤٤ / ٥٠١، الاستبصار ٣: ٣٣٩ / ١٢٠٩.

٧ - الكافي ٦: ١١٩ / ٥.

(٢) التهذيب ٨: ١٤٦ / ٥٠٩، الاستبصار ٣: ٣٤١ / ١٢١٩.

٨ - الكافي ٦: ١١٩ / ٦.

(٣) في نسخة زيادة: ابن عثمان. « هامش المخطوط ».

٣٢٨

فرض لها مهراً فلها نصف المهر وهي ترثه، وإن لم يكن فرض لها مهراً فلا مهر لها وهو يرثها.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن فضّالة، عن أبان، مثله، إلّا أنّه اقتصر على المسألة الأوّلى(١) .

[ ٢٧٢١٠ ] ٩ - وبالإِسناد عن أبان بن عثمان، عن عبيد بن زرارة وفضل أبي العبّاس قالا: قلنا لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : ماتقول في رجل تزوّج امرأة ثمّ مات عنها وقد فرض(٢) الصداق؟ قال: لها نصف الصداق وترثه من كلّ شيء، وإن ماتت فهو كذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إسماعيل، عن فضّالة بن أيّوب، عن أبان بن عثمان، عن عبيد بن زرارة والفضل أبي العبّاس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (٣) .

[ ٢٧٢١١ ] ١٠ - وعنه، عن فضالة، عن أبان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، مثله.

[ ٢٧٢١٢ ] ١١ - وعن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن أحمد بن الحسن، عن معاوية بن وهب، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ؟ في المتوفى عنها زوّجها ولم يدخل بها: إن كان سمّى لها مهراً فلها نصفه وهي ترثه، وإن لم يكن سمى لها مهرا فلا مهر لها وهي ترثه، قلت: والعدّة؟ قال: كفّ عن هذا.

____________________

(١) التهذيب ٨: ١٤٧ / ٥١٠، الاستبصار ٣: ٣٤١ / ١٢٢٠.

٩ - الكافي ٦: ١١٩ / ٧.

(٢) في المصدر زيادة: لها.

(٣) التهذيب ٨: ١٤٧ / ٥١١، والاستبصار ٣: ٣٤٢ / ١٢٢١.

١٠ - التهذيب ٨: ١٤٧ / ٥١٢، الاستبصار ٣: ٣٤٢ / ١٢٢٢.

١١ - الكافي ٦: ١١٩ / ٩، وأورد نحوه عن التهذيبين في الحديث ٥ من الباب ٣٥ من أبواب العدد.

٣٢٩

[ ٢٧٢١٣ ] ١٢ - وعن حميد، عن ابن سماعة، وعن أبي العبّاس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل وأبي العبّاس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في المرأة يموت عنها زوّجها قبل أن يدخل بها، قال: لها نصف المهر، ولها الميراث، وعليها العدّة.

[ ٢٧٢١٤ ] ١٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في أُختين أُهديتا لاخوين - إلى أن قال: - قيل له: فإن ماتتا قبل انقضاء العدّة؟ قال: يرجع الزوجاًن بنصف الصداق على ورثتهما فيرثانهما الزوجاًن، قيل: فإن مات الزوجان(١) ؟ قال: ترثانهما ولهما نصف المهر.

[ ٢٧٢١٥ ] ١٤ - وعنه، عن عبد العزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في الرجل يزوِّج ابنه يتيمة في حجره، وابنه مدرك واليتيمة غير مدركة، قال: نكاحه جائز على ابنه، فإن مات عزل ميراثها منه حتّى تدرك، فإذا ادركت حلفت بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلّا رضاها بالنكاح، ثمّ يدفع إليها الميراث ونصف المهر، الحديث.

[ ٢٧٢١٦ ] ١٥ - وقد تقدّم في حديث زرارة عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، في جارية لم تدرك لا يجامع مثلها أو رتقاء - إلى أن قال: - قلت: فإن مات الزوج عنهنّ قبل أن يطلّق؟ قال: لها الميراث ونصف الصداق وعليهنّ العدّة.

[ ٢٧٢١٧ ] ١٦ - وفي حديث عبدالله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في رجل أرسل يخطب عليه امرأة وهو غائب فأنكحوا

____________________

١٢ - الكافي ٦: ١١٩ / ١٠.

١٣ - الفقيه ٣: ٢٦٧ / ١٢٦٩، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٤٩ من أبواب ما يحرّم بالمصاهرة.

(١) أضاف في الفقيه: وهما في العدّة.

١٤ - الفقيه ٤: ٢٢٧ / ٧٢٧.

١٥ - تقدّم في الحديث ١ من الباب ٥٧ من هذه الأبواب.

١٦ - تقدّم في الحديث ٢ من الباب ٢٨ من أبواب عقد النكاح.

٣٣٠

الغائب وفرضوا الصداق، ثمّ جاء خبره أنّه توفّي بعدما سيق الصداق؟ فقال: إن كان أملك بعدما توفّي فليس لها صداق ولا ميراث، وإن كان أملك قبل أن يتوفّى فلها نصف الصداق وهي وارثة وعليها العدّة.

[ ٢٧٢١٨ ] ١٧ - وفي حديث الحلبيّ عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا التقى الختانان وجب المهر.

[ ٢٧٢١٩ ] ١٨ - وفي حديث داود بن سرحان عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا أولجه فقد وجب الغسل والجَلد والرجم، ووجب المهر.

[ ٢٧٢٢٠ ] ١٩ - وفي حديث يونس بن يعقوب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: لا يوجب المهر إلّا الوقاع في الفرج.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليه في العدد(٢) وفي الميراث(٣) .

[ ٢٧٢٢١ ] ٢٠ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبداًلله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة وابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: سألته عن المتوفّى عنها زوّجها ولم يدخل بها؟ فقال: إن كان فرض لها مهراً فلها مهرها، وعليها العدّة، ولها الميراث، وعدّتها أربعة أشهر وعشراً، وإن لم يكن(٤) فرض لها مهرا فليس لها مهر، ولها الميراث، وعليها العدّة.

____________________

١٧ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٥٤ من هذه الأبواب.

١٨ - تقدم في الحديث ٥ من الباب ٥٤ من هذه الأبواب.

١٩ - تقدم في الحديث ٦ من الباب ٥٤ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في الباب ٥٤ من هذه الأبواب.

(٢) ويأتي في الباب ٣٥ من أبواب العدد.

(٣) ويأتي في الباب ١٢ من أبواب ميراث الأزواج.

٢٠ - التهذيب ٨: ١٤٥ / ٥٠٢، الاستبصار ٣: ٣٤٠ / ١٢١٢.

(٤) في نسخة زيادة: قد « هامش المخطوط ».

٣٣١

وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، مثله(١) .

[ ٢٧٢٢٢ ] ٢١ - وعنه، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا توفّي الرجل عن امرأته ولم يدخل بها فلها المهر كله، إن كان سمّى لها مهراً، وسهمها من الميراث، وإن لم يكن سمّى لها مهراً لم يكن لها مهر وكان لها الميراث.

[ ٢٧٢٢٣ ] ٢٢ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، إنه قال في المتوفّى عنها زوّجها إذا لم يدخل بها: إن كان فرض لها مهراً فلها مهرها الذي فرض لها، ولها الميراث، وعدّتها أربعة أشهر وعشراً كعدّة التي دخل بها، وإن لم يكن فرض لها مهراً فلا مهر لها، وعليها العدّة، ولها الميراث.

وعنه، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة، مثله(٢) .

وعنه، عن القاسم(٣) ، عن علي، عن أبي بصير، نحوه(٤) .

[ ٢٧٢٢٤ ] ٢٣ - وعنه، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يتزوّج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها؟ قال: لها صداقها كاملاً، وترثه، وتعتدّ أربعة أشهر وعشراً كعدّة المتوفّى عنها زوّجها.

____________________

(١) التهذيب ٨: ١٤٥ / ٥٠٤، والاستبصار ٣: ٣٤٠ / ١٣١٤.

٢١ - التهذيب ٨: ١٤٥ / ٥٠٣، الاستبصار ٣: ٣٤٠ / ١٢١٣.

٢٢ - التهذيب ٨: ١٤٦ / ٥٠٥، الاستبصار ٣: ٣٤١ / ١٢١٥.

(٢) التهذيب ٨: ١٤٦ / ٥٠٦ والاستبصار ٣: ٣٤١ / ١٢١٦.

(٣) رواية الحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة قليلة، وعن القاسم بن محمّد كثيرة جداً فالاطلاق يحمل على الثاني - منه قده -

(٤) التهذيب ٨: ١٤٦ / ٥٠٧، والاستبصار ٣: ٣٤١ / ١٢١٧.

٢٣ - التهذيب ٨: ١٤٦ / ٥٠٨، والاستبصار ٣: ٣٤١ / ١٢١٨.

٣٣٢

[ ٢٧٢٢٥ ] ٢٤ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن داود بن الحصين، عن منصور بن حازم قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : رجل تزوّج امرأة وسمى لها صداقا ثمّ مات عنها ولم يدخل بها؟ قال: لها المهر كاملا، ولها الميراث، قلت: فإنهم رووا عنك أنّ لها نصف المهر؟ قال: لا يحفظون عنّي، إنّما ذلك للمطلّقة(١) .

[ ٢٧٢٢٦ ] ٢٥ - سعد بن عبدالله في( بصائر الدرجات) : عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ما أجد أحداً أُحدّثه! وإنّي لأُحدّث الرجل بالحديث فيتحدّث به فأوتى فأقول: إنّي لم أقله.

أقول: هذا قرينة واضحة على حمل حديث منصور بن حازم السابق على التقيّة لتواتر تلك الاحاديث ووضوحها وثقة رواتها، واعلم أنّه قد رجّح الشيخ الاحاديث الاخيرة وحمل السابقة على أنّه يستحبّ للمرأة أو أوليائها ترك نصف المهر، قال: على أنّ الذي أُفتي به أنّه إذا مات الرجل قبل الدخول فلها المهر كلّه، وإن ماتت هي كان لاوليائها نصف المهر، لأنّ كلّ ما دلّ على وجوب جميع المهر يتضمّن إذا مات الرجل، لا إذا ماتت هي، وأنا لا أتعدى الاخبار، فكلّ ما تضمنّ أنّها إذا ماتت فلاوليائها نصف المهر محمول على ظاهره، انتهى، ووافقه بعض المتأخّرين(٢) ، ولا يخفى قوة الاحاديث السابقة:

أمّا أوّلاً: فلكثرتها وقلّة ما عارضها.

وأمّا ثانياً: فلرواية ثقات الرواة لها، وكون رواتها أوثق وأورع وأكثر.

____________________

٢٤ - التهذيب ٨: ١٤٧ / ٥١٣، والاستبصار ٣: ٣٤٢ / ١٢٢٣.

(١) قوله: لا يحفظون عني: كأنه للتقيّة، وإلّا فالاحاديث السابقة وأمثالها يبعد بل يستحيل عدم حفظ رواتها لها فتأمل « منه قده ».

٢٥ - مختصر بصائر الدرجات: ١٠٢.

(٢) راجع كفاية الاحكام: ١٨٣ ورياض المسائل ٢: ١٤٤.

٣٣٣

وأمّا ثالثاً: فلاعتضادها بأحاديث كثيرة ممّا مضى(١) ويأتي(٢) .

وأمّا رابعاً: فلقوّة دلالتها، ووضوحها وصراحتها، وضعف دلالة ما عارضها، وقبوله للتأويل بالحمل على الاستحباب، وبحمل المهر على النصف، لأنّ نصف المسمّى إذا كان هو الثابت لها شرعاً يجوز أن يطلق عليه لفظ: مهرها، ولفظ: المهر، بل: المهر كلّه، ولايأبى ذلك إلّا الاخير.

وأمّا خامساً: فلبعدها عن التقيّة، وإمكان حمل ما عارضها عليها، وهو أقوى المرجحات وأظهر أسباب اختلاف الحديث.

وأمّا الترجيح بموافقة الآية فجوابه يحتاج إلى التطويل، وأمّا تفصيل الشيخ فيردّه الأحاديث الدالّة على تساوي موت كلّ واحد من الزوجين كما تقدّم(٣) ، والله أعلم.

٥٩ - باب أنّه إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول من غير تقدير المهر فلا مهر لها ولها الميراث (*)

[ ٢٧٢٢٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي، وعن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم جميعاً، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبداًلله، قال: سألته عن رجل تزوّج امرأة ولم يفرض لها صداقاً فمات عنها أو طلقها قبل أن يدخل بها، مالها عليه؟ فقال: ليس لها صداق، وهي ترثه ويرثها.

____________________

(١) مضى في الباب ٥٤ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ١ و ٣ من الباب ٣٥ من أبواب العدد، وفي الحديث ١ من الباب ١١، وفي الحديث ١ من الباب ١٢ من أبواب ميراث الأزواج.

(٣) تقدم في الحديث ٣ و ٧ و ١٣ من هذا الباب.

الباب ٥٩

فيه ٥ أحاديث

(*) هذا مذكور في المواريث وبعض ما تقدّم في الباب السابق كذلك « منه قدّه ».

١ - الكافي ٧: ١٣٣ / ٤، وأورده في الحديث ٤ من الباب ١٢ من أبواب ميراث الأزواج.

٣٣٤

[ ٢٧٢٢٨ ] ٢ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) : عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليه‌السلام ) ، في المرأة يتزوّجها الرجل ثمّ يموت ولا(١) يفرض لها صداقاً، أنّه كان يقول: حسبها الميراث.

[ ٢٧٢٢٩ ] ٣ - وبالإِسناد عن عليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه كان يقضي في الرجل يتزوّج المرأة ولا يفرض لها صداقاً ثمّ يموت قبل أن يدخل بها، أنّ لها الميراث ولا صداق لها.

[ ٢٧٢٣٠ ] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن زيد الشحّام، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في رجل تزوّج امرأة ولم يسمّ لها مهراً فمات قبل أن يدخل بها، قال: هي بمنزلة المطلّقة.

أقول: لعلّه محمول على الاستحباب بالنسبة إلى الوارث لما مرّ(٢) ، أو على كونها بمنزلة المطلّقة في سقوط المهر لا في ثبوت المتعة.

[ ٢٧٢٣١ ] ٥ - العيّاشي في( تفسيره) : عن أُسامة بن حفص، عن (٣) موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: سله عن رجل يتزوّج المرأة ولم يسمّ لها مهراً؟ قال: لها الميراث، وعليها العدّة، ولا مهر لها، وقال: أما تقرأ ما قال الله في كتابه:( وإن طلّقتموهن من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم ) (٤) .

____________________

٢ - قرب الاسناد: ٤٦.

(١) في المصدر: ولم.

٣ - قرب الاسناد: ٥٠.

٤ - التهذيب ٧: ٤٥٨ / ١٨٣٤.

(٢) مرّ في الاحاديث ١ و ٢ و ٣ من هذا الباب.

٥ - العياشي ١: ١٢٤ / ١٢٥.

(٣) في المصدر: ( قيمّ ) بدل ( عن ).

(٤) البقرة ٢: ٢٣٧.

٣٣٥

أقول: كان المفروض الموت قبل الدخول بقرينة ذكر الميراث، والغرض من الاستدلال أنّ التنصيف مشروط بتعيين المهر فلا شيء لها مع عدمه، وتقدّم ما يدلُّ على المقصود(١) .

٦٠ - باب حكم من زوّج عبده حرّة ثم باعه قبل الدخول

[ ٢٧٢٣٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، في رجل زوّج مملوكاً له من امرأة حرّة على مائة درهم، ثمّ إنّه باعه قبل أن يدخل عليها، قال: فقال: يعطيها سيّده من ثمنه نصف ما فرض لها، إنّما هو بمنزلة دَين لو كان استدانه بإذن سيّده.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك(٢) .

____________________

(١) تقدم في الحديث ٢، ٣ من الباب ٢١ وفي الاحاديث ٤، ٧، ٨، ١١، ٢٠، ٢١، ٢٢ من الباب ٥٨ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدلّ على ذلك في الباب ١٢ من أبواب ميراث الازواج.

الباب ٦٠

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢١٠ / ٧٤٥، وأورده عن التهذيب والفقيه في الحديث ١ من الباب ٧٨ من أبواب نكاح العبيد والاماء.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ٧٨ من أبواب نكاح العبيد.

٣٣٦

أبواب القسم والنشوز والشقاق

١ - باب أنّ للزوجة الحرّة ليلة من أربع، وللثنتين ليلتان، وللثلاث ثلاث، وللاربع أربع، فإن كان عنده أقلّ فالباقي للزوّج يبيت حيث شاء ويفضّل من شاء

[ ٢٧٢٣٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سئل عن الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الاخرى، أله أن يفضّل إحداهما على الأُخرى؟ قال: نعم، يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنَّ أربعاً، الحديث.

[ ٢٧٢٣٤ ] ٢ - وعنه، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن مسكان، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: سألته عن الرجل تكون له المرأتان وإحداهما أحبّ إليه من الأُخرى، له أن يفضلها بشيء؟ قال: نعم، له أن يأتيها ثلاث ليال، والأُخرى ليلة، لأنّ له أن

____________________

أبواب القسم والنشوز والشقاق

الباب ١

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٧: ٤٢٠ / ١٦٨١، الاستبصار ٣: ٢٤٢ / ٨٦٥، يأتي ذيله في الحديث ٦ من الباب ٢، وأورده عن النوادر في الحديث ٣ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

٢ - التهذيب ٧: ٤١٩ / ١٦٧٩، الاستبصار ٣: ٢٤٢ / ٨٦٦، تقدمت قطعة منه في الحديث ٥ من الباب ٤٦ من أبواب ما يحرّم بالمصاهرة، وتأتي قطعة منه في الحديث ٧ وقطعة منه في الحديث ٩ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

٣٣٧

يتزوّج أربع نسوة، فليلتاه يجعلهما حيث يشاء - إلى أن قال: - وللرجل أن يفضّل نساءه بعضهنّ على بعض ما لم يكنَّ أربعاً.

ورواه الصدوق في( العلل) (١) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد(٢) ، عن صفوان، مثله.

[ ٢٧٢٣٥ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن الرجل تكون عنده امرأتان وإحداهما أحبّ إليه من الأُخرى؟ قال: له أن يأتيها ثلاث ليال، والأُخرى ليلة، فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلِّ امرأة ليلة، فلذلك كان له أن يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنَّ أربعاً.

[ ٢٧٢٣٦ ] ٤ - وفي( العلل) : عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: الرجل تكون له المرأتان، أله أن يفضّل إحداهما بثلاث ليال؟ قال: نعم.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(٣) .

____________________

(١) علل الشرائع: ٥٠٣ / ١.

(٢) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٣ - الفقيه ٣: ٢٧٠ / ١٢٨٣.

٤ - علل الشرائع: ٥٠٣ / ٣.

(٣) يأتي في الأحاديث ٤، ٨، ٩ من الباب ٢ والباب ٤، ٩ وغيرها من هذه الأبواب.

٣٣٨

٢ - باب أنّ من تزوج امرأة وعنده غيرها اختصت الجديدة بسبع ليال ان كانت بكراً وأقله ثلاث ليال، وبثلاث ان كانت ثيّباً

[ ٢٧٢٣٧ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن محمّد بن مسلم قال: قلت له: الرجل تكون عنده المرأة يتزوّج أخرى أله أن يفضّلها؟ قال: نعم، إن كانت بكراً فسبعة أيّام، وإن كانت ثيّباً فثلاثة أيّام.

[ ٢٧٢٣٨ ] ٢ - وفي( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن الاعمش، عن عباية الاسدي عن عبدالله بن عباس - في حديث - أن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) تزوّج زينب بنت جحش فأولم وأطعم الناس - إلى أن قال: - ولبث سبعة أيّام بلياليهنّ عند زينب ثمّ تحوّل إلى بيت أُمّ سلمة، وكان ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

[ ٢٧٢٣٩ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في الرجل يتزوّج البكر، قال: يقيم عندها سبعة أيّام.

[ ٢٧٢٤٠ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبداًلله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في الرجل يكون عنده المرأة فيتزوّج أخرى، كم يجعل للتي يدخل بها؟ قال: ثلاثة أيّام ثمّ يقسم.

____________________

الباب ٢

فيه ٩ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ٢٦٩ / ١٢٨١.

٢ - علل الشرائع: ٦٥ / ٣.

٣ - الكافي ٥: ٥٦٥ / ٣٩.

٤ - الكافي ٥: ٥٦٥ / ٤٠.

٣٣٩

[ ٢٧٢٤١ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن الحضرميِّ، عن محمّد بن مسلم، قال: قلت لابي جعفر( عليه‌السلام ) : رجلٌ تزوّج امرأة وعنده امرأة؟ فقال: إن كانت بكراً فليبت عندها سبعاً، وإن كانت ثيّباً فثلاثاً.

[ ٢٧٢٤٢ ] ٦ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إذا تزوّج الرجل بكراً وعنده ثيب فله أن يفضّل البكر بثلاثة أيّام.

[ ٢٧٢٤٣ ] ٧ - وعنه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قلت له: الرجل تكون عنده المرأة فيتزوّج جارية بكراً؟ قال: فليفضّلها حين يدخل بها ثلاث(١) ليال.

[ ٢٧٢٤٤ ] ٨ - وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل كانت له امرأة فتزوّج عليها، هل يحلُّ له أن يفضّل واحدة على الأُخرى؟ فقال: يفضّل المحدثة حدثان عرسها ثلاثة أيّام إن كانت بكراً، ثمَّ يسوّي بينهما بطيبة نفس إحداهما الأُخرى.

أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره) عن عثمان بن عيسى، مثله، إلّا أنّه قال: ثمّ يسوّي بينهما إلّا أن تطيب نفس إحداهما للأُخرى (٢) .

____________________

٥ - التهذيب ٧: ٤٢٠ / ١٦٨٢، الاستبصار ٣: ٢٤١ / ٨٦٤.

٦ - التهذيب ٧: ٤٢٠ / ١٦٨١، الاستبصار ٣: ٢٤٢ / ٨٦٥، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ١٢٠ / ٣٠٤، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ١ من هذه الأبواب، وللحديث في النوادر صدر يأتي في الحديث ٣ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

٧ - التهذيب ٧: ٤١٩ / ١٦٧٩، الاستبصار ٣: ٢٤٢ / ٨٦٦، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ١١٧ / ٢٩٦. وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر: بثلاث.

٨ - التهذيب ٧: ٤١٩ / ١٦٨٠.

(٢) نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ١١٨ / ٢٩٨.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

فما رعت كوفان حرمة له

ولا وعت بما أتى في (هل أتى)

٦٤٦ ـ تحقيق أشهر المواضع التي مرّ بها ركب الشهادة بقيادة الإمام الحسينعليه‌السلام أثناء مسيره من مكة المكرمة إلى كربلاء(١)

تبلغ المسافة التي قطعها الإمام الحسينعليه‌السلام من مكة إلى كربلاء حوالي ١٦٠٠ كم. وقد مرّ أثناء مسيره بمواضع كثيرة كما هو مبيّن في المخطط الجغرافي المرفق بعد صفحات ، نعدّ من أشهرها :

١ ـ بستان ابن عامر [والأصح : ابن معمّر] : هو أول منزل مرّ به الحسينعليه‌السلام .

٢ ـ التنعيم : موضع في حلّ مكة ، يبعد عن مكة شمالا فرسخين [١٢] كم.وسمي به لأنه عن يمينه جبل اسمه نعيم وآخر عن شماله اسمه ناعم والوادي نعيمان.

٣ ـ الصّفاح : بين حنين وأنصاب الحرم ، يسرة الداخل إلى مكة.

٤ ـ وادي العقيق : ويمتد من الجنوب إلى الشمال ، وفيه ثلاثة مواضع هي :

٥ و ٦و ٧ ـ ذات عرق ، غمرة ، المسلح. ويعتبر السنة ذات عرق ميقات العراقيين وأهل الشرق ، بينما يحتاط فقهاء الإمامية بالإحرام من المسلح ، وهو أبعد من مكة.وتبعد ذات عرق مرحلتين [٩٠ كم] عن مكة.

٨ ـ الحاجر من بطن الرّمّة : بطن الرمة منزل لأهل البصرة إذا أرادوا المدينة ، وفيه يجتمع أهل الكوفة والبصرة ، ويقع شمال نجد. والحاجر : ما يمسك الماء من شفة الوادي.

٩ ـ الخزيميّة : نسبة إلى خزيمة بن حازم ، وهي قبل زرود.

__________________

(١) ما نذكره من ترتيب المنازل مأخوذ من (معجم البلدان) لياقوت الحموي.

توضيح : الميل : نحو ٢ كم. والفرسخ : نحو ٦ كم. والمرحلة : نحو ٤٥ كم. ذلك أن الفرسخ ٣ أميال هاشمية ، والميل أربعة آلاف ذراع هاشمي. فإذا اعتبرنا الذراع ٤٦ سم ، نجد : الميل ٤٦ ٤٠٠٠ ١٨٤٠ م ٨٤ / ١ كم. فيكون الميل حوالي ٨٥ / ١ كم ، وهو يكافئ الميل البحري [أما الميل البري فيساوي ٦ ر ١ كم]. ويكون الفرسخ ٨٥ / ١ ٣ ٥٥ / ٥ كم ٦ كم. والمرحلة ـ ٨ فراسخ ٦ / ٥ ٨ ٤٥ كم. وهي المسافة التي يقطعها الجمل في يوم كامل.

٥٤١

١٠ ـ زرود : هي رمال بين الثعلبية والخزيمية ، وهي دون الخزيمية بميل.

١١ ـ الثعلبية : سميت باسم ثعلبة من بني أسد ، وهو الّذي حفر فيها عينا.

١٢ ـ الشّقوق : منزل لبني أسد ، فيه قبر العبّادي.

١٣ ـ زبالة : فيها حصن وجامع لبني أسد. سمّيت باسم زبالة بنت مسعر ، امرأة من العمالقة. ويوم زبالة من أيام العرب.

١٤ ـ بطن العقبة.

١٥ ـ شراف : سمي باسم رجل يقال له شراف استخرج عينا ، ثم حدثت آبار كثيرة ماؤها عذب. ومن شراف إلى واقصة ميلان [٤ كم].

١٦ ـ ذو حسم : جبل كان النعمان بن المنذر يصطاد به.

١٧ ـ البيضة : ما بين واقصة إلى عذيب الهجانات ، وهي أرض واسعة لبني يربوع بن حنظلة.

١٨ ـ عذيب الهجانات : العذيب واد لبني تميم وهو حدّ السواد ، وهو مسلحة الفرس ، بينه وبين القادسية ستة أميال ، ويقال له عذيب الهجانات لأن هجائن النعمان بن المنذر ملك الحيرة كانت ترعى فيه.

ـ والقادسية : جنوب الكوفة بمسافة مرحلة ، وهي التي وقعت فيها الوقعة الشهيرة ، التي انتصر فيها سعد بن أبي وقاص على جيش الفرس ، ومهّد لفتوح العراق بعد ذلك.

١٩ ـ الرّهيمة (بالتصغير) : عين تبعد عن (خفية) ثلاثة أميال (٦ كم) ، وتبعد خفية عن الرحبة مغربا بضعة عشر ميلا.

٢٠ ـ قصر بني مقاتل : قصر ينسب إلى مقاتل بن حسان بن ثعلبة ، يقع بين عين التمر والقطقطانة والقريّات. خرّبه عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس ، ثم جدده.ويسمى (الأخيضر).

ـ القطقطانة : قرية تقع غرب الكوفة ، تبعد عن الرّهيمة إلى الكوفة نيفا وعشرين ميلا.

ـ خفان : عين جنوب الكوفة ، عليها قرية لولد عيسى بن موسى الهاشمي.

٥٤٢

٢١ ـ نينوى : تقع شرق كربلاء. كانت من قرى الطف الزاهرة بالعلوم ، وصادف عمرانها زمن الإمام الصادقعليه‌السلام . وفي أوائل القرن الثالث الهجري لم يبق لها خبر. ومنطقة نينوى تمتد من أراضي السليمانية اليوم إلى سور بلدة كربلاء. ونينوى هي الموضع المعروف بباب طويريح شرقي كربلاء تقول الروايات : فلم يزل الحسينعليه‌السلام يتياسر حتّى انتهى إلى (نينوى) ، فطلب من الحرّ أن ينزل نينوى أو الغاضريات أو شفية.

أو العقر ، فلم يوافقه على ذلك. فسار حتّى نزل كربلاء ، وهي أرض جرداء ، ليس فيها كلأ ولا ماء.

٢٢ ـ الغاضريات : قرية منسوبة إلى غاضرة من بني أسد ، وهي تقع على بعد كيلومتر تقريبا شمال كربلاء.

٢٣ ـ شفية : بئر لبني أسد.

٢٤ ـ العقر : كانت بها منازل بخت نصّر.

٢٥ ـ الطفّ : القرى الثلاث الأخيرة هي من قرى الطف ، وهي متقاربة.والطف في اللغة : ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق. وطف الفرات : هو الشاطئ الّذي به قتل الحسينعليه‌السلام ، وهي أرض بادية تطلّ على الريف.

٢٦ ـ كربلاء : تقع على بعد عدة كيلومترات من مشرعة الفرات شمال غرب الكوفة. وقد كانت في عهد البابليين معبدا. والاسم محرّف من كلمتي.

[كرب] بمعنى معبد أو مصلّى أو حرم ، و [أبلا] بمعنى إله باللغة الآرامية ، فيكون معناها (حرم الإله) ولما سأل الحسينعليه‌السلام عن اسم هذه الأرض ، فقيل له كربلاء ، قال : الله م أعوذ بك من الكرب والبلاء. ههنا محطّ ركابنا ومسفك دمائنا ومحلّ قبورنا ، بهذا حدّثني جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٤٧ ـ بيان ما لقي الحسينعليه‌السلام من أحداث هامة في بعض المواضع التي مرّ بها أثناء مسيرته إلى كربلاء :

مكة المكرمة : البقعة المقدسة التي فيها البيت الحرام والكعبة المشرّفة. وقد غادرها الإمام الحسينعليه‌السلام مرغما نتيجة ملاحقة السلطة له للقبض عليه أو قتله ولو كان متمسّكا بأستار الكعبة( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٢١) [القصص : ٢١].

٥٤٣

(الشكل ٩):

مخطط المنازل التي مرّ بها الحسينعليه‌السلام أثناء مسيره من مكة إلى كربلاء

٥٤٤

التنعيم : لقي الحسينعليه‌السلام في هذا الموضع عيرا أرسلها إلى يزيد واليه على اليمن ، فأخذهاعليه‌السلام .

ذات عرق : لقي فيها بشر بن غالب وسأله عن حال الناس في الكوفة.

الحاجر : بعث منها إلى أهل الكوفة مع قيس بن مسهر جواب كتاب مسلم ابن عقيل.

بعض العيون : لقي فيها عبد الله بن مطيع العدوي ، وتحاور معه.

الخزيميّة : سمعت زينبعليه‌السلام هاتفا ينعي أخاها الحسينعليه‌السلام .

زرود : لقي فيهاعليه‌السلام زهير بن القين وهو راجع من الحج ، وكلّمه فانقلب إلى نصرته ، وقد كان كارها له.

الثعلبية : وفيها بلغه خبر مقتل مسلم وهانئ بن عروة.

الشقوق : لقي فيهعليه‌السلام الشاعر الفرزدق بن غالب وسأله عن أهل الكوفة.

زبالة : ورد عليه فيها مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر رسوله إلى مسلم.وأنشد فيهاعليه‌السلام : فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة

بطن العقبة : نصحه فيها عمرو بن لوذان بالرجوع.

ذو حسم : طلع عليه الحر بن يزيد الرياحي في ألف فارس.

العذيب : بلغه فيه خبر مقتل قيس بن مسهر الصيداوي. وحذّره الطّرمّاح بن عدي الطائي من أهل الكوفة ، وطلب منه اللجوء إلى قومه.

الرّهيمة : لقي فيهاعليه‌السلام أبا هرة الأزدي ، وتناقش معه في سبب المسير.

قصر بني مقاتل : لقي فيهعليه‌السلام عبيد الله بن الحر الجعفي ، وطلب نصرته فأبى.

نينوى : جاء أمر ابن زياد للحر بأن يضيّق على الحسينعليه‌السلام ولا ينزله إلا بالعراء ، على غير حصن ولا ماء. فاضطر إلى النزول في كربلاء.

وكان ذلك في ٢ محرم الحرام سنة ٦١ ه‍.

٥٤٥

مسيرة الحسينعليه‌السلام

قال الامام الحسين (ع) لاصحابه يوم نزوله كربلاء :

الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق" على السنتهم ، يحوطونه مادرّت معائشهم ، فاذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون. الى أن قال :

ألا ترون الى الحق لا يعمل به ، والى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه ، فاني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين الا بر ما.

قال الحسينعليه‌السلام للحر متمثلا بقول أخي الأوس لابن عمه :

سأمضي فما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

اقدّم نفسي لا أريد بقاءها

لتلقى خميسا في النزال عرمرما

فإنم عشت لم أذمم وأن متّ لم ألم

كفى بك ذلا أن تعيش وترغما

بدء المسير إلى العراق

(الثلاثاء ٨ ذو الحجة سنة ٦٠ ه‍)

قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) [النساء : ١٠٠]

٦٤٨ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع رسل والي مكة وقد جاؤوا يمنعونه من المسير :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٧ ط أولى مصر)

(عن أبي مخنف) قال : لما خرج الحسينعليه‌السلام من مكة اعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص ، وعليهم يحيى بن سعيد. فقالوا له : انصرف ، أين تذهب؟. فأبى عليهم ومضى. وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط. ثم إن الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعا شديدا. ومضى الحسينعليه‌السلام على وجهه ، فنادوه : يا حسين ألا تتقي الله؟. تخرج من الجماعة ، وتفرّق بين هذه الأمة!. فتأوّل الحسين قول اللهعزوجل

٥٤٦

( لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) [يونس : ٤١].

قال السيد علي بن الحسين الهاشمي في كتابه (الحسين في طريقه إلى الشهادة) ص ٢٠ : وكان عمرو بن سعيد قد بعث كتابا إلى الحسينعليه‌السلام بناء على إشارة عبد الله بن جعفر. وقيل لحق عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد بالحسين في بعض الطريق ، فلما سلّمه يحيى الكتاب ، جهدا في أن يرجع فامتنع ، وقال : إني رأيت رؤيا فيها رسول الله ، وأمرت بأمر أنا ماض له ، عليّ كان أو لي. فقالا له : وما تلك الرؤيا؟. قال : ما حدّثت أحدا بها وما أنا محدث بها حتّى ألقى ربي فلما أيس منه عبد الله بن جعفر ، أمر ابنيه عونا ومحمدا بلزوم المسير معه والجهاد دونه ، ورجع مع يحيى إلى مكة. وقيل ورد الكتاب على الحسينعليه‌السلام في ذات عرق.

ثم إن الحسينعليه‌السلام جدّ بسيره حتّى انتهى إلى بستان ابن معمّر [بني عامر] وهو أول منزل لمن يفصل من مكة على هذا الطريق.

«بستان بني عامر»

٦٤٩ ـ مسير الحسينعليه‌السلام إلى العراق ولقاؤه بالفرزدق الشاعر :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥١ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : وأما الحسينعليه‌السلام فإنه خرج من مكة سابع ذي الحجة سنة ستين. فلما وصل إلى (بستان بني عامر) لقي الفرزدق الشاعر ، وكان يوم التروية ، فقال له : إلى أين يابن رسول الله ، ما أعجلك عن الموسم؟ قال : لو لم أعجل لأخذت أخذا. فأخبرني يا فرزدق عما وراءك. فقال : تركت الناس بالعراق ، قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية ، فاتّق الله في نفسك وارجع.

فقال لهعليه‌السلام : يا فرزدق ، إن هؤلاء قوم لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد في الأرض ، وأبطلوا الحدود ، وشربوا الخمور ، واستأثروا في أموال الفقراء والمساكين. وأنا أولى من قام بنصرة دين الله ، وإعزاز شرعه والجهاد في سبيله ، لتكون كلمة الله هي العليا. فأعرض عنه الفرزدق وسار.

٦٥٠ ـ نصيحة عبد الله بن عمر للحسينعليه‌السلام بعدم الخروج :

(تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، ص ١٩٢)

عن يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي قال : سمعت الشعبي يحدّث عن ابن

٥٤٧

عمر ، أنه كان بماء له ، فبلغه أن الحسين بن عليعليهما‌السلام قد توجه إلى العراق ، فلحقه على مسيرة ثلاث ليال ، فقال له : أين تريد؟. فقال : العراق. وإذا معه طوامير وكتب ، فقال : هذه كتبهم وبيعتهم. فقال : لا تأتهم ، فأبى. قال [ابن عمر] : إني محدّثك حديثا. إن جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخيّره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله لا يليها أحد منكم أبدا. وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم [فارجعوا]. فأبى أن يرجع.

قال : فاعتنقه ابن عمر وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل.

رواية أخرى : (أمالي الشيخ الصدوق ، ص ١٣٣ ط بيروت)

وسمع عبد الله بن عمر بخروج الحسينعليه‌السلام ، فقدّم راحلته وخرج خلفه مسرعا ، فأدركه في بعض المنازل. فقال : أين تريد يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال :العراق. قال : مهلا ارجع إلى حرم جدك. فأبى الحسينعليه‌السلام عليه. فلما رأى ابن عمر إباءه ، قال : يا أبا عبد الله ، اكشف لي عن الموضع الّذي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّله منك. فكشف الحسينعليه‌السلام عن سرّته ، فقبّلها ابن عمر ثلاثا ، وبكى. وقال :أستودعك الله يا أبا عبد الله ، فإنك مقتول في وجهك هذا.

(وفي رواية ابن نما ، ص ٢٩) : أنه ذكر لعبد الله بن عمر ما حصل ليحيى بن زكرياعليه‌السلام .

٦٥١ ـ الحسينعليه‌السلام يذكر يحيىعليه‌السلام في أكثر من منزل :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٦٦ ط نجف)

عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال : خرجنا مع الحسينعليه‌السلام فما نزل منزلا ولا ارتحل منه ، إلا ذكر يحيى بن زكريا وقتله. وقال يوما : ومن هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل [يعرّض بما سيحصل معه].

٦٥٢ ـ كتاب عمرو بن سعيد إلى يزيد يخبره بأمر الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق ، ص ٦٧)

وكتب عمرو بن سعيد ـ وهو والي المدينة ـ بأمر الحسينعليه‌السلام إلى يزيد. فلما قرأ يزيد الكتاب تمثّل بهذا البيت :

فإن لا تزر أرض العدو وتأته

يزرك عدوّ أو يلومنك كاشح

٥٤٨

«التّنعيم»

٦٥٣ ـ الحسينعليه‌السلام يلقى عيرا في (التنعيم) عليها حلل أرسلها إلى يزيد واليه على اليمن بحير بن يسار ، فيحجزها :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٠٢)

وسار الحسينعليه‌السلام من مكة ، ومرّ بالتنعيم(١) فلقي عيرا عليها ورس(٢) وحلل أرسلها إلى يزيد بن معاوية ، واليه على اليمن بحير بن يسار الحميري.

(وفي رواية الخوارزمي : بحير بن ريسان). فأخذها الحسينعليه‌السلام وقال لأصحاب الإبل : من أحب منكم أن ينصرف معنا إلى العراق أوفيناه كراءه وأحسنّا صحبته ، ومن أحب المفارقة أعطيناه من الكراء بقدر ما قطع من الطريق. ففارقه بعضهم ومضى من أحب صحبته(٣) . ثم وزّعها على الفقراء والمحتاجين من أصحابه.

تعليق السيد المقرّم :

كان الحسينعليه‌السلام يرى أن هذا ماله الّذي جعله الله تعالى له ، يتصرف فيه كيف شاء ، لأنه إمام على الأمة منصوب من المهيمن سبحانه ، وقد اغتصب يزيد وأبوه حقه وحق المسلمين ، فكان من الواجب عليه أن يحتوي على فيء المسلمين لينعش المحاويج منهم ، وقد أفاض على الأعراب الذين صحبوه في الطريق ، ورفعوا إليه ما مسّهم من مضض الفقر.

«الصّفاح»

٦٥٤ ـ كتاب عبد الله بن جعفرعليه‌السلام إلى الحسينعليه‌السلام بعثه مع ابنيه عون ومحمد :(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٦٩)

وبعث عبد الله بن جعفر بابنيه عون ومحمد إلى الحسينعليه‌السلام وهو في الطريق ، بكتاب يقول فيه :

__________________

(١) التنعيم : موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة.

(٢) الورس : نبات كالسمسم يصبغ به ، ويتخذ منه الزعفران ، وهو يجلب من اليمن والحبشة.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٨ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٠ ؛ والبداية ، ج ٨ ص ١٦٦ ؛ والإرشاد للمفيد ؛ ومثير الأحزان لابن نما الحلي ، ص ٢١.

٥٤٩

أما بعد ، فإني أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي ، فإني مشفق عليك من الوجه الّذي توجهت له ، أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك. وإن هلكت اليوم طفئ نور الأرض ، فإنك علم المهتدين ورجاء المؤمنين. فلا تعجل بالمسير ، فإني في إثر كتابي ، والسلام.

ثم صار عبد الله بن جعفر إلى الوالي عمرو بن سعيد فسأله أن يكتب للحسينعليه‌السلام كتابا ، تجعل له الأمان فيه ، وتمنّيه البر والصلة. فكتب له كتابا وأنفذه مع أخيه يحيى بن سعيد. فلحقه يحيى مع عبد الله بن جعفر ، بعد إنفاذ ابنيه ، وجهدا به أن يرجع ، فلم يفعل

ولما أيس منه عبد الله بن جعفر ، أمر ابنيه عونا ومحمدا بلزومه والمسير معه والجهاد دونه. ورجع هو إلى مكة.

(أقول) : وقد مرّ كتاب مشابه لهذا بعثه عبد الله بن جعفر من المدينة للحسينعليه‌السلام ينهاه فيه عن المسير إلى العراق ، ويمنّيه بأخذ الأمان له من والي المدينة.

«ذات عرق»

٦٥٥ ـ ما دار بين الحسينعليه‌السلام وبشر بن غالب الأسدي وقد اجتمع به (بذات عرق) وهو قادم من العراق :(مقتل الخوارزمي ، ص ٢٢١)

قال الحسين لبشر : كيف خلّفت أهل العراق؟. فقال : يابن رسول الله ، خلّفت القلوب معك والسيوف مع بني أمية. فقال له الحسين : صدقت يا أخا بني أسد(١) إن الله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. فقال له الأسدي : يابن رسول الله أخبرني عن قول الله تعالى :( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) [الإسراء : ٧١]. فقال له الحسينعليه‌السلام : نعم يا أخا بني أسد ، هما إمامان ؛ إمام هدى دعا إلى هدى ، وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة. فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنة ، وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار(٢) ، وهو قوله تعالى :( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) (٧) [الشورى : ٧].

وما زالعليه‌السلام يواصل سيره حتّى أتى (غمرة).

__________________

(١) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢١.

(٢) ذكر المقرم في مقتله شبيه هذا الكلام ص ٢١١ منسوبا إلى شخص مجهول لقي الحسينعليه‌السلام في الثعلبية.

٥٥٠

٦٥٦ ـ كتاب يزيد إلى ابن زياد بر صد تحركات الحسينعليه‌السلام :

(مع الحسين في نهضته للسيد أسد حيدر ، ص ١٧٠ و ١٧١)

كتب يزيد إلى ابن زياد بعد توجه الحسينعليه‌السلام إلى العراق :

بلغني أن حسينا قد فصل من مكة متوجها إلى العراق ، فاترك العيون عليه ، وضع الأرصاد على الطريق ، واحبس على الظنّة ، واقتل على التهمة(١) .

وفي هذا الكتاب يقرر يزيد لابن زياد النقاط التالية :

١ ـ اتخاذ الجواسيس بكثرة.

٢ ـ وضع المعسكرات المؤدية إلى الكوفة لرصد الطرق.

٣ ـ شدة الحراسة والحذر ، والأخذ على الظنّة.

٤ ـ القتل على التهمة وبدون مهلة.

٥ ـ مواصلة الإخبار والاتصال مع يزيد بكل ما يحدث.

٦٥٧ ـ ابن زياد يرصد الطرق حول الكوفة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٨)

قال : ولما وصل كتاب يزيد إلى عبيد الله بن زياد أن يأخذ على الحسين المراصد والمسالح والثغور ، أنفذ ابن زياد للحصين بن نمير التميمي ، وكان على شرطته ، أن ينزل القادسية وينظم المسالح ما بين القطقطانية إلى خفان. وتقدّم إلى الحر بن يزيد الرياحي أن يتقدم بين يدي الحصين في ألف فارس.

«الحاجر من بطن الرّمة»

٦٥٨ ـ كتاب الحسينعليه‌السلام إلى أهل الكوفة جوابا لكتاب مسلم بن عقيل بعثه من (الحاجر):(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٠ ط نجف)

ولما بلغ الحسينعليه‌السلام إلى الحاجر من بطن الرّمة(٢) [بتخفيف الميم] كتب كتابا إلى جماعة من أهل الكوفة ، منهم سليمان بن صرد الخزاعي ، والمسيّب بن

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ، ج ٤ ص ١٩ ؛ وتاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٥.

(٢) الحاجر : ما يمسك الماء من شفّة الوادي. وبطن الرّمة : منزل لأهل البصرة إذا أرادوا المدينة.

٥٥١

نجبة ، ورفاعة بن شداد وغيرهم. وأرسله مع قيس بن مسهر الصيداوي(١) (ونرجّح أنه مع عبد الله بن يقطر(٢) ، وذلك قبل أن يعلم بقتل مسلم ، يقول فيه :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. من الحسين بن عليعليهما‌السلام إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين. سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الّذي لا إله إلا هو. أما بعد ، فإن كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم ، على نصرنا والطلب بحقنا ، فسألت الله أن يحسن لنا الصنيع ، وأن يثيبكم على ذلك اعظم الأجر. وقد شخصت إليكم من (مكة) يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية. فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا ، فإني قادم عليكم في أيامي هذه إنشاء الله تعالى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكان مسلم بن عقيل قد كتب إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة ، فأقبل قيس [أو عبد الله بن يقطر] بكتاب الحسينعليه‌السلام إلى الكوفة.

توضيح : (حول الكتب والرسل)

حصل عند الرواة اختلاط كبير بين قصة مقتل عبد الله بن يقطر ، وبين قصة مقتل قيس بن مسهر الصيداوي ، وهما رسولان للحسينعليه‌السلام بينه وبين مسلم بن عقيل وأهل الكوفة.

وقد مرت سابقا (في الصفحة ٥٧٤) قصة استشهاد عبد الله بن يقطر برواية الخوارزمي ، وهو منطلق من الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام بكتاب من مسلم بن عقيل ، فأمسكته شرطة الحصين وقدّمه إلى ابن زياد فقتله صبرا. ونحن نستبعد هذه الرواية ، التي تورد مقتل ابن يقطر في وقت مبكر ، قبل نهضة مسلم واستشهاده ، أي قبل مسير الحسينعليه‌السلام من مكة يوم التروية إلى العراق. فالملاحظ أن الحسينعليه‌السلام أثناء مسيره إلى الكوفة بلغه أولا نبأ استشهاد مسلم وهانئ ، ثم بلغه نبأ مقتل عبد الله ابن يقطر (في زبالة) ، ثم بلغه مقتل رسوله الآخر قيس بن مسهر (في العذيب). فمن المنطقي أن يكون الحسينعليه‌السلام قد بعث ابن يقطر بكتاب إلى أهل الكوفة وهو في الطريق ، ثم بعث قيس بن مسهر بكتاب آخر وهو في آخر الطريق. فأمسك عبد الله بن يقطر أولا وقتل ، ثم أمسك قيس بن مسهر وقتل. فأما الكتاب الأول الّذي ذكرناه

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٢٣.

(٢) مثير الأحزان للجواهري ، ص ٣٥.

٥٥٢

آنفا والذي بعثه الحسينعليه‌السلام إلى مسلم بن عقيل من (الحاجر) فهو يبلّغ فيه أهل الكوفة بأنهعليه‌السلام سار من مكة يوم التروية ، وهذا أظنه بعثه مع عبد الله بن يقطر.وأما الكتاب الثاني فهو الّذي اختلف في كونه خطبة أم كتابا ، وسوف يأتي أنه بعثه من (البيضة) وقد رجّحنا أنه كتاب ، وأوله «من رأى سلطانا جائرا ..». فالأغلب أنه بعثه مع قيس بن مسهر. فيكون ترتيب الأحداث كما يلي :

١ ـ بعث الحسينعليه‌السلام عبد الله بن يقطر بكتاب من (الحاجر) ، ثم بلغه مقتله في (زبالة).

٢ ـ بعثعليه‌السلام قيس بن مسهر بكتاب من (البيضة) ، ثم بلغه مقتله في (العذيب).

٣ ـ لما بعث الحسينعليه‌السلام الكتاب الأول لم يكن قد بلغه مقتل مسلم بن عقيل ، فقد بعثه من الحاجر ، وبعد مرحلتين وصل (الثعلبية) فجاءه نبأ شهادة مسلم وهانئرحمهما‌الله .

٦٥٩ ـ ابن زياد يمنع التجول خارج الكوفة ، من (خفان) إلى القادسية إلى (القطقطانة)(١) :

وكان ابن زياد لما بلغه مسير الحسينعليه‌السلام من مكة إلى الكوفة ، بعث الحصين بن نمير التميمي صاحب شرطته ، أن ينزل القادسية ، وينظّم المسالح ما بين (القطقطانية) غربا ، و (خفان) جنوبا [انظر الشكل ٧].

شهادة عبد الله بن يقطر أخي الحسين (ع) من الرضاعة

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٢ ص ٤٥١ : (خفان) قرب الكوفة : عين عليها قرية لولد عيسى بن موسى الهاشمي. وفيه ج ٧ ص ٥٢٥ : (القطقطانة) تبعد عن الرهيمة إلى الكوفة نيّفا وعشرين ميلا.

٥٥٣

٦٦٠ ـ مصرع عبد الله بن يقطر على يد عبيد الله بن زياد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٨ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ٧٦)

وكان الحسينعليه‌السلام قد بعث بأخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر إلى أهل الكوفة وإلى مسلم بن عقيل [وهو لا يعلم بقتله] فأخذته خيل الحصين ، فسيّره من القادسية إلى ابن زياد. فقال له ابن زياد : اصعد المنبر فالعن الحسين وأباه

(الكذّاب ابن الكذّاب ، ثم انزل حتّى أرى فيك رأيي). فصعد المنبر ودعا للحسينعليه‌السلام ، ولعن يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وأبويهما. فرمي من فوق القصر (فتكسرت عظامه) ، فجعل يضطرب وبه رمق. فقام إليه عبد الملك بن عمير اللخمي ، فذبحه (فعيب عليه ، فقال : أردت أن أريحه).

«بعض العيون»

٦٦١ ـ نصيحة عبد الله بن مطيع العدوي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٦)

وسارعليه‌السلام من الحاجر ، وكان لا يمرّ بماء من مياه العرب إلا اتبعوه ، حتّى انتهى إلى ماء من المياه عليه عبد الله بن مطيع العدوي(١) فقال له : جعلت فداك يابن رسول الله ، لا تخرج إلى العراق فإن حرمتك من الله حرمة ، وقرابتك من رسول الله قرابة ، وقد قتل ابن عمك بالكوفة ، وإن بني أمية إن قتلوك لم يرتدعوا عن حرمة الله أن ينتهكوها ، ولم يهابوا أحدا بعدك أن يقتلوه. فالله الله أن تفجعنا بنفسك. فلم يلتفت الحسينعليه‌السلام إلى كلامه.

«الخزيميّة»

٦٦٢ ـ زينبعليها‌السلام تسمع في (الخزيميّة) هاتفا ينشد : (ألا يا عين فاحتفلي بجهد):(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٥)

ولما نزل الحسينعليه‌السلام بالخزيمية أقام فيها يوما وليلة ، فلما أصبح أقبلت إليه

__________________

(١) مرّ هذا الاسم عند خروج الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة ص ٥١٢ و ٥١٣ ، وذلك أنه بينما كانعليه‌السلام في موضع يقال له (الشريفة) إذ استقبله عبد الله بن مطيع العدوي ، وحذّره من الاغترار بأهل الكوفة ، ونصحه بكلام مشابه لهذا الكلام.

٥٥٤

أخته زينبعليها‌السلام فقالت له : يا أخي ألا أخبرك بشيء سمعته البارحة؟. فقال لها :وما ذاك يا أختاه؟. فقالت : إني خرجت البارحة في بعض الليل لقضاء حاجة ، فسمعت هاتفا يقول :

ألا يا عين فاحتفلي بجهد

فمن يبكي على الشهداء بعدي

على قوم تسوقهم المنايا

بمقدار إلى إنجاز وعد

فقال لها الحسينعليه‌السلام : يا أختاه كل ما قضي فهو كائن(١) .

وسار الحسينعليه‌السلام من الخزيميّة يريد الثعلبية ، فمرّ في طريقه بزرود.

٦٦٣ ـ ابن زياد يمنع التجول حول الكوفة ، ويقطع الطريق في وجه الحسينعليه‌السلام :(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٢)

وكان عبيد الله بن زياد أمر (عسكره) فأخذوا ما بين (واقصة) إلى طريق الشام إلى طريق البصرة ، فلا يدعون أحدا يلج ولا أحدا يخرج.

وأقبل الحسينعليه‌السلام لا يشعر بشيء ، حتّى لقي الأعراب فسألهم ، فقالوا : لا والله ما ندري غير أنا لا نستطيع أن نلج ولا نخرج. فسار تلقاء وجهه.

«زرود»

٦٦٤ ـ قصة انقلاب زهير بن القين وانضمامه إلى الحسينعليه‌السلام في (زرود):

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٠٧)

ولما نزل الحسينعليه‌السلام في زرود(٢) نزل بالقرب من زهير بن القين البجلي (وكان عثماني العقيدة) ويكره النزول معه ، لكن الماء جمعهم في المكان.

وفي (مثير الأحزان) للجواهري ، ص ٣٨ :

وحدّث جماعة من فزارة وبجيلة ، قالوا : كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة ، وكنا نساير الحسينعليه‌السلام فلم يكن شيء أبغض علينا من أن ننازله في منزل. وكنا إذا نزل الحسينعليه‌السلام في منزل لم نجد بدّا من أن ننازله فيه ، إذا نزل هو وأصحابه في جانب ننزل في جانب آخر.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٠٧ نقلا عن مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢٣.

(٢) في (المعجم مما استعجم) : زرود بفتح أوله وبالدال المهملة في آخره. وفي (معجم البلدان) ج ٤ ص ٣٢٧ : أنها رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج ، وهي دون الخزيمية بميل.

٥٥٥

فبينما نحن نتغدى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسينعليه‌السلام حتّى سلّم ودخل.ثم قال : يا زهير بن القين ، إن أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام بعثني إليك لتأتيه!. فطرح كل إنسان منا ما في يده ، حتّى كأن على رؤوسنا الطير.

ـ شهامة دلهم بنت عمرو زوجة زهير :(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٣٨)

فقالت له امرأته (دلهم بنت عمرو) : سبحان الله ، أيبعث إليك الحسينعليه‌السلام ابن رسول الله ، ثم لا تأتيه؟!. لو أتيته فسمعت كلامه ثم انصرفت!.

فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء (إلى أصحابه فرحا) مستبشرا ، قد أشرق (أسفر) وجهه. فأمر بفسطاطه وثقله(١) ومتاعه فقوّض (وحوّل) إلى الحسينعليه‌السلام .

ثم قال لامرأته دلهم : أنت طالق ، إلحقي بأهلك ، فإني لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلا خيرا ، وقد عزمت على صحبة هذا الرجل لأفديه بروحي وأقيه بنفسي. ثم أعطاها مالها ، وسلّمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها.

فقامت إليه وبكت وودعته ، وقالت : خار الله لك ، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسينعليه‌السلام .

وفي (الأخبار الطوال) للدينوري ، ص ٢٤٧ قال :

فقام زهير يمشي إلى الحسينعليه‌السلام ، فلم يلبث أن انصرف ، وقد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقلع ، وضرب إلى لزق فسطاط الحسينعليه‌السلام .

ثم قال لامرأته : أنت طالق ، فتقدمي مع أخيك حتّى تصلي إلى منزلك ، فإني قد وطّنت نفسي على الموت مع الحسينعليه‌السلام .

ثم قال لمن كان معه من أصحابه : من أحب منكم الشهادة فليقم ، ومن كرهها فليتقدم. فلم يقم معه منهم أحد. وخرجوا مع المرأة وأخيها حتّى لحقوا بالكوفة.

٦٦٥ ـ نبوءة سلمان في بلنجر(٢) :

(المفيد في ذكرى السبط الشهيد ، ص ٥٧)

ثم قال زهير لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتبعني ، وإلا فهو آخر العهد مني لكم.

__________________

(١) الثّقل : كل شيء نفيس مصون.

(٢) بلنجر : بلدة ببلاد الخزر ، خلف باب الأبواب ، فتحت في زمن عثمان سنة ٣٢ ه‍ على يد سلمان الفارسي أو سلمان بن ربيعة الباهلي.

٥٥٦

وإني سأحدّثكم حديثا : قد غزونا بلنجر (وفي بعض النسخ : غزونا البحر ، وهو تصحيف من الناسخ) ، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم كثيرة ، فقال لنا سلمان الفارسيرحمه‌الله : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وبما أصبتم من الغنائم؟. قلنا :نعم. فقال سلمان : إذا أدركتم سيد شباب أهل الجنة من آل محمّد ، فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معه ، مما أصبتم اليوم من الغنائم.

فأما أنا فأستودعكم الله. ومضى زهير فصار من أنصار الحسينعليه‌السلام .

(أقول) : وهذا من نبوءة سلمان وعلومه التي استمدها من محمّد وآلهعليهم‌السلام .

«الثّعلبيّة»

٦٦٦ ـ نبأ المأساة : وصول خبر استشهاد مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة إلى الحسينعليه‌السلام في (الثعلبية):(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٩)

قال عبد الله بن سليمان والمنذر بن المشمعل الأسديان : قدمنا على الحسينعليه‌السلام حين نزل (الثعلبية) فأخبرناه بمقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وجرّهما من أرجلهما بأسواق الكوفة. فقال الحسينعليه‌السلام : إنا لله وإنا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما يردد ذلك مرارا. قلنا : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك وهؤلاء الصبية إلا انصرفت من مكانك هذا ، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوف منهم أن يكونوا عليك. فنظر الحسين إلى بني عقيل فقال لهم : ما ترون ، فقد قتل مسلم؟. فبادر بنو عقيل وقالوا : والله لا نرجع ، أيقتل صاحبنا وننصرف! لا والله لا نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق صاحبنا. فأقبل علينا الحسين وقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء(١) فعلمنا أنه قد عزم رأيه على المسير.فقلنا له : خار الله لك. فقال : رحمكما الله تعالى. فقال له أصحابه : إنك والله ما أنت بمثل مسلم ، ولو قدمت الكوفة ونظر الناس إليك لكانوا إليك أسرع ، وما عدلوا عنك ولا عدلوا بك أحدا ، فسكت.

وفي (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة ، ص ٥ :

__________________

(١) مقتل المقرم ، ص ٢١٠ عن كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٧.

٥٥٧

قال : وذكروا أن عبيد الله بن زياد بعث جيشا أمّر عليه عمرو بن سعيد [الصحيح : عمر بن سعد]. وقد جاء الحسينعليه‌السلام الخبر ، فهمّ أن يرجع ، ومعه خمسة من بني عقيل ، فقالوا له : أترجع وقد قتل أخونا ، وقد جاءك من الكتب ما تثق به؟!. فقال لبعض أصحابه : والله مالي عن هؤلاء من صبر ، يعني بني عقيل.

٦٦٧ ـ الحسينعليه‌السلام يواسي بنت مسلم الصغيرة :

(إبصار العين للشيخ السماوي ، ص ٤٨)

روى بعض المؤرخين أن الحسينعليه‌السلام لما قام من مجلسه بالثعلبية (وقد بلغه نبأ استشهاد مسلم) توجه نحو النساء ، وانعطف على ابنة لمسلم صغيرة (عمرها ١١ سنة) فجعل يمسح على رأسها ، فكأنها أحسّت. فقالت : ما فعل أبي؟. فقال : يا بنيّة أنا أبوك. ودمعت عينه ، فبكت البنت وبكت النساء لذلك.

٦٦٨ ـ ما قالهعليه‌السلام لرجل من أهل الكوفة في (الثعلبية) يبيّن أن أهل البيتعليهم‌السلام هم معادن العلم :(مقتل المقرم ، ص ٢١١)

وفي (الثعلبية) اجتمع بالحسين رجل من أهل الكوفة ، فقال له الحسينعليه‌السلام :أما والله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل في دارنا ، ونزوله بالوحي على جدي.يا أخا أهل الكوفة : من عندنا مستقى العلم. أفعلموا وجهلنا! هذا مما لا يكون(١) .

(أقول) : وهذا كان جوابهعليه‌السلام لأغلب الذين نصحوه ، ولم يدركوا الغايات البعيدة من نهضتهعليه‌السلام ، ولم ينظروا نظرته الواعية العميقة إلى الأمور ولعمري من لأحد أن يداني الحسينعليه‌السلام في علمه ومعرفته ، وهو الّذي عاش في كنف الرسول والإمام ، يغرّ العلم غرّا ، ومنه أخذ الأئمة التسعة المعصومون من ولدهعليه‌السلام علوم الجفر والصحيفة الجامعة.

وقد أعطينا لمحة عن هذه العلوم في الفصل الخامس ، ص ٢٤٩ فراجع.

٦٦٩ ـ يحيى بن شدّاد يتخوّف على الحسينعليه‌السلام من قلة أنصاره :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٠)

عن يحيى بن شداد الأسدي ، قال : مرّ بنا الحسينعليه‌السلام بالثعلبية ، فخرجت إليه

__________________

(١) بصائر الدرجات للصفّار ص ٣ ؛ وأصول الكافي ، باب مستقى العلم من أهل البيتعليهم‌السلام .

٥٥٨

مع أخي ، فإذا عليه جبّة صفراء ، لها جيب في صدرها. فقال له أخي : إني أخاف عليك من قلة أنصارك!. فضرب بالسوط على عيبة قد حقبها خلفه ، وقال : هذه كتب وجوه أهل المصر.

«الشّقوق»

٦٧٠ ـ ملاقاة الحسينعليه‌السلام للفرزدق (بالشقوق) وهو راجع من الكوفة ، وتحذيره من أهلها :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٣ إليها

لقي الفرزدق [ابن غالب] الشاعر ، الحسينعليه‌السلام بالشّقوق ، وهو راجع من الكوفة(١) ، فسلّم عليه ، ثم دنا منه فقبّل يديه. فقال له الحسينعليه‌السلام : من أين أقبلت يا أبا فراس؟. فقال : من الكوفة يابن رسول الله. قال : فكيف خلّفت أهل الكوفة؟. قال : خلّفت قلوب الناس معك ، وأسيافهم مع بني أمية ، والقضاء ينزل من السماء ، والله يفعل في خلقه ما يشاء. فقال له الحسينعليه‌السلام : صدقت وبررت ، إن الأمر لله تبارك وتعالى ، كلّ يوم هو في شأن ؛ فإن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر ، وإن حال القضاء دون الرجاء فلن يبعد من الحقّ بغيته(٢) (وفي رواية : فلم يعتد من كان الحق نيّته والتقوى سريرته). فقال الفرزدق : جعلت فداك يابن رسول الله ، كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته!. فاستعبر الحسينعليه‌السلام باكيا ، ثم قال : رحم الله مسلما فلقد صار إلى روح الله وريحانه وتحيته وغفرانه ورضوانه.أما إنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا. ثم أنشأ في ذلك يقول :

فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة

فإن ثواب الله أعلى وأنبل

__________________

(١) ذكر المقرم في مقتله ص ٢٠٣ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢١٨ وكامل ابن الأثير ج ٤ ص ١٦ والإرشاد للمفيد ، أن ملاقاة الفرزدق كانت في (الصفاح). وفي تذكرة الحفاظ للذهبي ج ١ ص ٣٣٨ ومناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٥ ط نجف ، أن ملاقاته كانت (بذات عرق). وفي الله وف ص ٤١ : كانت ملاقاته في (زبالة). وذكر المقرم بعض هذا الكلام على أنه جرى بين الحسينعليه‌السلام ورجل من أهل الكوفة لقيه في (الشقوق) وذكر الأشعار. يتضح من ذلك التضارب الكبير بين الروايات.

(٢) ورد هذا الكلام في مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٦ ط نجف ، منسوبا إلى رجل مجهول ، وليس الفرزدق.

٥٥٩

٢ وإن تكن الأبدان للموت أنشئت

فقتل امرئ في الله بالسيف أفضل

٣ وإن تكن الأرزاق قسما مقدّرا

فقلّة حرص المرء في الرزق أجمل

٤ وإن تكن الأموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل

٥ عليكم سلام الله يا آل أحمد

فإني أراني عنكم سوف أرحل

٦ سأمضي وما بالقتل عار على الفتى

إذا في سبيل الله يمضي ويقتل

وقد أضاف عليها أبو مخنف في مقتله الأبيات التالية ، وأوردها قبيل استشهادهعليه‌السلام :

٧ أرى كل ملعون كفور منافق

يروم فناها جهله ثم يعمل

٨ لقد غرّكم حلم الإله ، وإنه

كريم حليم لم يكن قطّ يعجل

٩ لقد كفروا يا ويلهم بمحمد

وربهم في الخلق ما شاء يفعل(١)

ثم ودّعه الفرزدق في نفر من أصحابه ، ومضى يريد مكة.

«زبالة»

٦٧١ ـ ما قالهعليه‌السلام حين بلغه مقتل عبد الله بن يقطر في (زبالة) وترخيصه لمن تبعه من الناس بالانصراف :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٩)

ثم سار الحسينعليه‌السلام حتّى انتهى إلى (زبالة) فورد عليه هناك مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر(٢) (وكان سرّحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه قد أصيب(٣) . وكان قد تبع الحسين خلق كثير من المياه التي يمرّ بها ، لأنهم كانوا يظنون استقامة الأمور لهعليه‌السلام .

__________________

(١) لم ترد هذه الأشعار جملة واحدة في مصدر من المصادر ، وقد ذكر ابن شهراشوب البيت الخامس ، ولم يذكره الخوارزمي. وقد اختلف في زمن إنشادها ، فذهب كل من الخوارزمي وأبي مخنف إلى أن الحسينعليه‌السلام أنشدها قبيل استشهاده وليس هنا.

(٢) ذكر المقرم في مقتله ص ٢١٢ : أنه ورد على الحسينعليه‌السلام في هذا الموضع خبر مقتل (قيس بن مسهر) نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٢٦ ، وبعد مراجعة تاريخ الطبري تبيّن أن هذه الرواية وردت في مقتل عبد الله بن يقطر. ومما يؤكد نسبتها لابن يقطر ، أن مقتل قيس بن مسهر ذكره المقرم فيما بعد في (العذيب) وهو الصحيح ، فاقتضى التنويه.

(٣) لعل هذه الرواية أصح من التي وردت سابقا ، والتي مؤداها أن مسلم بن عقيل بعث عبد الله بن يقطر من الكوفة للحسينعليه‌السلام فقبض عليه في القادسية وهو خارج من الكوفة ، ثم قتل.

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735