موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 501948 / تحميل: 5926
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الصفار، عن العباس بن معروف، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواة، أو ربط كيساً، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم.

[ ٢٢٣٠٠ ] ١٢ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ما اقترب عبد من سلطان جائر إلّا تباعد من الله، ولا كثر ماله إلّا اشتد حسابه، ولا كثر تبعه إلّا كثرت شياطينه.

[ ٢٢٣٠١ ] ١٣ - وبالإسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إيّاكم وأبواب السلطان وحواشيها، فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من الله عزّوجلّ، ومن آثر السلطان على الله أذهب الله عنه الورع وجعله حيراناً.

[ ٢٢٣٠٢ ] ١٤ - وبإسناده السابق في عيادة المريض عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث - قال: من تولى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنه ونار جهنم وبئس المصير، ومن خف لسلطان جائر في حاجة كان قرينه في النار، ومن دل سلطانا على الجور قرن مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد اهل النار عذابا، ومن عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه، وكان في درجته مع قارون في التابوت الاسفل من النار، ومن علق سوطاً بين يدي سلطان جائر جعلها الله حية طولها سبعون ألف ذراع، فيسلطه الله عليه في نار جهنم خالداً فيها مخلّداً، ومن سعى بأخيه إلى سلطان ولم ينله(١) منه سوء ولا مكروه أحبط الله عمله، وإن

____________________

١٢ - عقاب الأعمال: ٣١٠ / ١.

١٣ - عقاب الأعمال: ٣١٠ / ٢.

١٤ - عقاب الأعمال: ٣٣١، ٣٣٥، ٣٣٧ وأورده في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

(١) في نسخة: يبذله ( هامش المخطوط ).

١٨١

وصل منه إليه سوء أو مكروه أو أذى جعله الله في طبقة مع هامان في جهنّم.

[ ٢٢٣٠٣ ] ١٥ - ورام بن أبي فراس في( كتابه) قال: قال( عليه‌السلام ) : من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإِسلام.

[ ٢٢٣٠٤ ] ١٦ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة، وأعوان الظلمة، وأشباه الظلمة، حتى من برى لهم قلماً، ولاق لهم دواة.

قال: فيجتمعون في تابوت من حديد ثمّ يرمى بهم في جهنم.

[ ٢٢٣٠٥ ] ١٧ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز في( كتاب الرجال) عن حمدويه، عن محمّد بن إسماعيل الرازي، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن صفوان بن مهران الجمال قال: دخلت على أبي الحسن الاول( عليه‌السلام ) فقال لي: يا صفوان، كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً، قلت: جعلت فداك أيّ شيء؟ قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل، - يعني هارون - قلت: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق - يعني طريق مكة -، ولا أتولّاه بنفسي، ولكنّي ابعث معه غلماني.

فقال لي: يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: فقال لي: أتحب بقاءهم حتّى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم، قال: من أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النار.

قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون

____________________

١٥ - تنبيه الخواطر ١: ٥٤.

١٦ - تنبيه الخواطر ١: ٥٤.

١٧ - رجال الكشي ٢: ٧٤٠ / ٨٢٨، وأورد قطعة منه في الحديث ٧ من الباب ٣٧ من أبواب الأمر بالمعروف.

١٨٢

فدعاني فقال لي: يا صفوان بلغني إنّك بعت جمالك، قلت: نعم، قال: ولم؟ قلت: أنا شيخ كبير وإنّ الغلمان لا يفون بالاعمال؟ فقال: هيهات هيهات، إنّي لاعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: ما لي ولموسى بن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في جهاد النفس(١) ، وغيره(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٤٣ - باب تحريم مدح الظالم دون رواية الشعر في غير ذلك

[ ٢٢٣٠٦ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث المناهي - أنه نهى عن المدح وقال: احثوا في وجوه المداحين التراب.

قال: وقال:( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من تولّى خصومة ظالم أو أعإنّ عليها ثمّ نزل به ملك الموت قال له: ابشر بلعنة الله ونار جهنم وبئس المصير.

قال: وقال( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من مدح سلطاناً جائراً وتخفّف

____________________

(١) تقدم في الحديثين ٣٣، ٣٦ من الباب ٤٦، وفي الحديثين ٣، ٥ من الباب ٨٠ من أبواب جهاد النفس.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ من هذه الأبواب ، وفي الباب ١١، وفي الحديث ٧ من الباب ٤١ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي.

(٣) يأتي في الباب ٤٣، وفي الحديث ١٢ من الباب ٤٥ من هذه الأبواب

الباب ٤٣

فيه حديثان

١ - الفقيه ٤: ٥ / ١.

١٨٣

وتضعضع له طمعاً فيه كان قرينه في النار.

قال: وقال( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَركَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (١) .

وقال( عليه‌السلام ) : من ولى جائراً على جور كان قرين هامان في جهنّم.

[ ٢٢٣٠٧ ] ٢ - وفي( عيون الأخبار) عن محمّد بن موسى بن المتوكل، ومحمّد ابن محمّد بن عصام الكليني، والحسن بن أحمد المؤدب وعليّ بن عبدالله الوراق وعليّ بن أحمد الدقاق كلهم عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن إبراهيم العلوي الحلواني (١) ، عن موسى بن محمّد الحجّازي(٢) ، عن رجل، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا( عليه‌السلام ) أنّ المأمون قال له: هل رويت من الشعر شيئاً؟ فقال: قد رويت منه الكثير، فقال: أنشدني، ثمّ ذكر أشعاراً كثيرة أنشدها له في الحلم والسكوت عن الجاهل، وترك عتاب الصديق واستجلاب العدو، وكتمان السر، وغير ذلك مما كان يقوله ويتمثل به.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الحكم الثإنّي في الزيارات(٣) ، وغيرها(٥) .

____________________

(١) هود ١١: ١١٣.

٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٧٤ / ١، وأورد قطعة منه في الحديث ٦ من الباب ٥١ من أبواب صلاة الجمعة.

(٢) في المصدر: عليّ بن إبراهيم العلوي الجواني.

(٣) في المصدر: موسى بن محمّد بن المحاربي

(٤) تقدم في البابين ١٠٤، ١٠٥ من أبواب المزار.

(٥) تقدم في الحديث ٢ من الباب ١٧ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٧ من الباب ٥١ من أبواب صلاة الجمعة، وفي الحديث ٣ من الباب ٧ من أبواب العشرة، وفي الحديث ١ من الباب ٥٤ من أبواب الطواف، وفي الحديث ٩ من الباب ٤١ من أبواب جهاد النفس ويأتي ما يدل =

١٨٤

٤٤ - باب تحريم صحبة الظالمين ومحبة بقائهم

[ ٢٢٣٠٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، رفعه عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّوجلّ:( وَلَا تَركَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (١) قال: هو الرجل يأتي السلطان فيحبّ بقاءه إلى أن يدخل يده إلى كيسه فيعطيه.

[ ٢٢٣٠٩ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن هشام، عمّن أخبره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ قوماً ممن آمن بموسى( عليه‌السلام ) قالوا: لو أتينا عسكر فرعون فكنّا فيه ونلنا من دنياه حتّى إذا كان الّذي نرجوه من ظهور موسى( عليه‌السلام ) صرنا إليه، ففعلوا فلما توجه موسى( عليه‌السلام ) ومن معه هاربين من فرعون ركبوا دوابّهم وأسرعوا في السير ليلحقوا موسى( عليه‌السلام ) وعسكره فيكونوا معهم، فبعث الله ملكاً فضرب وجوه دوابّهم فردّهم إلى عسكر فرعون، فكانوا فيمن غرق مع فرعون.

[ ٢٢٣١٠ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: حقّ على الله عزّ وجلّ إنّ تصيروا مع من عشتم معه في دنياه.

____________________

= على الحكم الثاني في الحديث ١٥ من الباب ١٠٥ من هذه الأبواب

الباب ٤٤

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٠٨ / ١٢.

(١) هود ١١: ١١٣.

٢ - الكافي ٥: ١٠٩ / ١٣.

٣ - الكافي ٥: ١٠٩ / ذيل حديث ١٣.

١٨٥

[ ٢٢٣١١ ] ٤ - وعنه، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن مهران بن محمّد بن أبي نصر(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: ما من جبار إلّا ومعه مؤمن يدفع الله عزّوجلّ به عن المؤمنين، وهو أقلّهم حظّاً في الآخرة، يعني: أقل المؤمنين حظّاً بصحبة الجبار.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد مثله(٢) .

[ ٢٢٣١٢ ] ٥ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(٣) ، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن عياض، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحبّ إنّ يعصى الله.

[ ٢٢٣١٣ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عقاب الأعمال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد،( عن ابن بنت الوليد بن صبيح، عن الكاهلي) (٤) عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من سوّد اسمه في ديوان الجبارين من ولد فلان حشره الله يوم القيامة حيراناً(٥) .

ورواه الكليني كما مر(٦) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا(٧) ، وفي جهاد النفس(٨) ، وفي الامر

____________________

٤ - الكافي ٥: ١١١ / ٥.

(١) في التهذيب: مهران بن محمّد بن أبي بصير ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٣٦ / ٩٢٩.

٥ - الكافي ٥: ١٠٨ / ١١، وأورده في الحديث ٥ ونحوه في الحديث ٦ من الباب ٣٧ من أبواب الأمر بالمعروف.

(٣) في المصدر زيادة: وعلي بن محمّد القاساني.

٦ - عقاب الأعمال: ٣١٠ / ١.

(٤) في المصدر زيادة: عن ابن بنت الوليد بن صبيح الباهلي

وهو الموافق لما ورد في البحار ٧٥: ٣٧٢ / ٢٠.

(٥) في المصدر: خنزيراً.

(٦) مَرّ في الحديث ٩ من الباب ٤٢ من هذه الأبواب عن الشيخ الطوسي.

(٧) تقدم في الحديثين ١، ١٧ من الباب ٤٢ من هذه الأبواب

(٨) تقدم في الحديثين ٣٣، ٣٦ من الباب ٤٦، وفي الحديث ١٢ من الباب ٥٠ من أبواب جهاد النفس.

١٨٦

بالمعروف والنهي عن المنكر(١) ، وفي أحاديث العشرة(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٤٥ - باب تحريم الولاية من قبل الجائر إلّا ما استثني

[ ٢٢٣١٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ومحمّد بن حمران، عن الوليد بن صبيح قال: دخلت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فاستقبلني زرارة خارجاً من عنده فقال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا وليد أما تعجب من زرارة؟ سألني عن أعمال هؤلاء أيّ شيء كان يريد؟ أيريد إنّ أقول له: « لا » فيروي ذاك(٤) عليّ.

ثمّ قال: يا وليد متى كانت الشيعة تسألهم عن أعمالهم؟ إنما كانت الشيعة تقول: يؤكل من طعامهم ويشرب من شرابهم، ويستظل بظلّهم، متى كانت الشيعة تسأل من هذا؟.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) .

ورواه الكشي في كتاب( الرجال) عن حمدويه، عن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير مثله (٦) .

____________________

(١) تقدم في الباب ١٥، وفي الأحاديث ٤ - ٧، ٩، ١١، ١٢، ١٦ من الباب ١٧، وفي الحديثين ١، ٦ من الباب ١٨، وفي الباب ٣٨ من أبواب الأمر والنهي.

(٢) تقدم في الحديث ٥ من الباب ١١، في الباب ٢٧ من أبواب العشرة.

(٣) يأتي في الحديث ١٠ من الباب ٤٥ من هذه الأبواب

الباب ٤٥

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٥: ١٠٥ / ٢.

(٤) في نسخة: ذلك ( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٦: ٣٣٠ / ٩١٧.

(٦) رجال الكشي ١: ٣٦٨ / ٢٤٧.

١٨٧

[ ٢٢٣١٥ ] ٢ - وبالإسناد عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: كنّا عند أبي جعفر( عليه‌السلام ) على باب داره بالمدينة فنظر إلى الناس يمرون أفواجاً، فقال لبعض من عنده: حدث بالمدينة أمر؟ فقال: أصلحك الله(١) ولي المدينة والٍ فغدا الناس(٢) يهنؤونه، فقال: إنّ الرجل ليغدي عليه بالامر يهنّئ به، وإنّه لباب من أبواب النار.

[ ٢٢٣١٦ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن سنان، عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : فلان يقرؤك السلام، وفلان وفلان، فقال: وعليهم السلام، قلت: يسألونك الدعاء قال: ومالهم؟ قلت: حبسهم أبو جعفر فقال: ومالهم؟ وماله؟ فقلت: استعملهم فحبسهم، فقال: ومالهم؟ وماله؟ ألم أنههم؟ ألم أنههم؟ ألم أنههم؟ هم النار هم النار هم النار، ثمّ قال: اللّهم اجدع(٣) عنهم سلطانهم.

قال: فانصرفنا من مكة فسألنا عنهم، فإذا هم قد اخرجوا بعد الكلام بثلاثة أيام.

[ ٢٢٣١٧ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود بن زربي قال: أخبرني مولى لعليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: كنت بالكوفة فقدم أبو عبدالله( عليه‌السلام ) الحيرة فأتيته، فقلت: جعلت فداك لو كلّمت داود بن عليّ أو بعض هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات، فقال: ما كنت لافعل - إلى إنّ قال: - جعلت فداك ظننت إنّك إنّما كرهت ذلك

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٠٧ / ٦.

(١) في نسخة: جعلت فداك ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة زيادة: إليه ( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ٥: ١٠٧ / ٨.

(٣) الجدع: قطع الأنف واليد والشفة ( الصحاح - جدع - ٣: ١١٩٣ ).

٤ - الكافي ٥: ١٠٧ / ٩.

١٨٨

مخافة إنّ أجور أو أظلم، وإنّ كل إمرأة لي طالق، وكل مملوك لي حرّ وعليّ وعليّ إن ظلمت أحداً أو جرت عليه(١) ، وإنّ لم اعدل، قال: كيف قلت؟ فأعدت عليه الأيمان فرفع رأسه إلى السماء، فقال: تناول السماء أيسر عليك من ذلك.

[ ٢٢٣١٨ ] ٥ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد، عن حميد، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي وليت عملاً فهل لي من ذلك مخرج؟ فقال: ما أكثر من طلب المخرج من ذلك فعسر عليه، قلت: فما ترى؟ قال: أرى إنّ تتقي الله عزّوجلّ ولا تعد(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ٢٢٣١٩ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من تولى عرافة قوم اُتي به يوم القيامة ويداه مغلولتإنّ إلى عنقه، فإنّ قام فيهم بأمر الله عزّوجلّ أطلقه الله، وإنّ كان ظالماً هوى به في نار جهنم وبئس المصير.

[ ٢٢٣٢٠ ] ٧ - وفي( عقاب الأعمال) بسند تقدم في عيادة المريض (٤) عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث - قال: من أكرم أخاه فإنّما يكرم الله عزّوجلّ، فما ظنكم بمن يكرم الله عزّوجلّ إنّ يفعل به.

____________________

(١) في نسخة: على أحد ( هامش المخطوط ).

٥ - الكافي ٥: ١٠٩ / ١٥.

(٢) في التهذيب: تعود ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ٦: ٣٣٢ / ٩٢٢.

٦ - الفقيه ٤: ١١ / ١، وأورده في الحديث ١٤ من الباب ٥٠ من أبواب جهاد النفس.

٧ - عقاب الأعمال: ٣٣٩.

(٤) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الإحتضار.

١٨٩

ومن تولى عرافة قوم(١) حبس على شفير جهنم بكلّ يوم ألف سنة، وحشر ويده مغلولة إلى عنقه، فإنّ كان قام فيهم بأمر الله أطلقها الله، وإنّ كان ظالماً هوى به في نار جهنم سبعين خريفاً.

[ ٢٢٣٢١ ] ٨ - وفي( التوحيد) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن اسماعيل، عن الحضرمي، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : من نظر في الله كيف كان هلك، ومن طلب الرياسة هلك.

[ ٢٢٣٢٢ ] ٩ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب مسائل الرجال، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد( عليه‌السلام ) إنّ محمّد بن عليّ بن عيسى كتب اليه يسأله عن العمل لبني العباس وأخذ ما يتمكن من أموالهم هل فيه رخصة؟ فقال: ما كان المدخل فيه بالجبر والقهر فالله قابل العذر، وما خلا ذلك فمكروه، ولا محالة قليله خير من كثيره وما يكفر به ما يلزمه فيه من يرزقه يسبب وعلى يديه ما يسرك فينا وفي موالينا، قال:( فكتبت إليه) (٢) في جواب ذلك أعلمه إنّ مذهبي في الدخول في أمرهم وجود السبيل إلى إدخال المكروه على عدوه، وانبساط اليد في التشفي منهم بشيء أن نقرّب(٣) به إليهم، فأجاب: من فعل ذلك فليس مدخله في العمل حراماً بل أجراً وثواباً.

[ ٢٢٣٢٣ ] ١٠ - عليّ بن إبراهيم في( تفسيره) عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سأل رجل أبا عبدالله( عليه‌السلام )

____________________

(١) في نسخة زيادة: ولم يحبسن فيهم ( هامش المخطوط ) وكذا المصدر.

٨ - التوحيد: ٤٦٠ / ٣٢.

٩ - مستطرفات السرائر: ٦٨ / ١٤.

(٢) في نسخة: فكتبت ( هامش المخطوط ).

(٣) كذا في الأصل، وكتب في هامشه: ( أتقرب، ظاهراً ) وفي المصدر: أن اتقرب.

١٠ - تفسير القمي ١: ١٧٦.

١٩٠

عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان يعملون لهم ويحبون لهم ويوالونهم، قال: ليس هم من الشيعة، ولكنّهم من أُولئك، ثمّ قرأ أبو عبدالله( عليه‌السلام ) هذه الآية( لُعنَ الَّذينَ كَفَرُوا مَن بَني إسرائيلَ عَلَى لِسَانِ داوُدَ وعيسى ابنِ مَريَمَ - إلى قوله: -وَلكنَّ كَثِيراً منهُمْ فَاسِقُونَ ) (١) قال: الخنازير على لسان داود، والقردة على لسان عيسى( كَانُوا لَا يَتَنَاهَونَ عَنَ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لبئسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) (٢) قال: كانوا يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمور، ويأتون النساء أيّام حيضهن، ثمّ احتج الله على المؤمنين الموالين للكفار، فقال:( تَرَى كَثِيراً مِنهُم يَتَوَلَّوْنَ الَّذينَ كَفَرُوا لبْئسَ مَا قَدَّمَت لَهُم أَنفُسُهُم - إلى قوله: -وَلكنَّ كَثِيراً مِنهُم فَاسِقُونَ ) (٣) فنهى الله عزّوجلّ أن يوالي المؤمن الكافر إلّا عند التقية.

[ ٢٢٣٢٤ ] ١١ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) عن محمّد بن قولويه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن معمر بن خلّاد قال: قال أبوالحسن( عليه‌السلام ) : ما ذئبان ضاريان في غنم قد غاب عنها رعاؤها بأضر في دين المسلم من حب الرئاسة.

ثمّ قال: لكن صفوان لا يحب الرئاسة.

[ ٢٢٣٢٥ ] ١٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره عن سليمان الجعفري قال: قلت لابي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: يا سليمان الدخول في أعمالهم والعون لهم والسعي في

____________________

(١) المائدة ٥: ٧٨ - ٨١.

(٢) المائدة ٥: ٧٩.

(٣) المائدة ٥: ٨٠ - ٨١.

١١ - رجال الكشي ٢: ٧٩٣ / ٩٦٥، وأورده عن الكافي في الحديث ١ من الباب ٥٠ من أبواب جهاد النفس.

١٢ - تفسير العياشي ١: ٢٣٨ / ١١٠.

١٩١

حوائجهم عديل الكفر، والنظر إليهم على العمد من الكبائر التى يستحقّ بها النار.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا(١) ، وفي جهاد النفس(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٤٦ - باب جواز الولاية من قبل الجائر لنفع المؤمنين والدفع عنهم، والعمل بالحقّ بقدر الإِمكان

[ ٢٢٣٢٦ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن عليّ بن يقطين قال: قال لي أبوالحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) : إنّ لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه.

ورواه الكليني، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن يقطين مثله(٤) .

[ ٢٢٣٢٧ ] ٢ - قال الصدوق في خبر آخر: أولئك عتقاء الله من النار.

[ ٢٢٣٢٨ ] ٣ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإِخوان.

____________________

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢، وفي الحديث ١٢ من الباب ٥، وفي الباب ٤٢ من هذه الأبواب

(٢) تقدم في الحديثين ١٠، ١٣ من الباب ٥٠ من أبواب جهاد النفس.

(٣) يأتي في الأبواب ٤٦، ٤٧، ٤٨، ٤٩ من هذه الأبواب

الباب ٤٦

فيه ١٧ حديثاً

١ - الفقيه ٣: ١٠٨ / ٤٥١.

(٤) الكافي ٥: ١١٢ / ٧.

٢ - الفقيه ٣: ١٠٨ / ٤٥٢.

٣ - الفقيه ٣: ١٠٨ / ٤٥٣، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٣ من أبواب الكفارات.

١٩٢

[ ٢٢٣٢٩ ] ٤ - وبإسناده عن عبيد بن زرارة أنه قال: بعث أبو عبدالله( عليه‌السلام ) رجلاً إلى زياد بن عبيدالله، فقال: وأد(١) نقص عملك(٢) .

[ ٢٢٣٣٠ ] ٥ - وفي( المقنع) قال: روي عن الرضا( عليه‌السلام ) أنّه قال: إنّ لله مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه.

[ ٢٢٣٣١ ] ٦ - قال: وسُئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل يحبّ آل محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وهو في ديوان هؤلاء فيقتل تحت رايتهم؟ فقال: يحشره الله على نيته.

[ ٢٢٣٣٢ ] ٧ - وفي( الأمالي) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليّ بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن زيد الشحام قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) يقول: من تولّى أمراً من أُمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس كان حقا على الله عزّوجلّ إنّ يؤمن روعته يوم القيامة، ويدخله الجنة.

[ ٢٢٣٣٣ ] ٨ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عمّن ذكره، عن عليّ بن أسباط، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن عليّ بن يقطين قال: قلت لابي الحسن( عليه‌السلام ) : ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال: إنّ كنت لا بدّ فاعلاً فاتق أموال الشيعة.

____________________

٤ - الفقه ٣: ١٠٨ / ٤٥٤.

(١) في نسخة: داو ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: وإذا نقص عملك فداوه ( هامش المخطوط ).

٥ - المقنع: ١٢٢.

٦ - المقنع: ١٢٢.

٧ - أمالي الصدوق: ٢٠٣ / ٢.

٨ - الكافي ٥: ١١٠ / ٣، والتهذيب ٦: ٣٣٥ / ٩٢٧.

١٩٣

قال: فأخبرني علي أنه كان يجبيها من الشيعة علانية ويردها عليهم في السر.

[ ٢٢٣٣٤ ] ٩ - وعن الحسين بن الحسن الهاشمي، عن صالح بن أبي حمّاد، عن محمّد بن خالد، عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) فقال لي: يا زياد إنّك لتعمل عمل السلطان؟ قال: قلت: أجل، قال لي: ولم؟ قلت: أنا رجل لي مروءة وعليّ عيال وليس وراء ظهري شيء، فقال لي: يا زياد لئن أسقط من حالق فأتقطع قطعة أحب إليّ من إنّ أتولى لأحد منهم عملاً او أطأ بساط رجل منهم إلاّ، لماذا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك، قال: إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فك أسره، أو قضاء دينه.

يا زياد، إن أهون ما يصنع الله جل وعز بمن تولى لهم عملاً ان يضرب عليه سرادق من نار إلى إنّ يفرغ(١) من حساب الخلائق(٢) .

يا زياد، فإن وليت شيئا من اعمالهم فأحسن إلى إخوانك فواحدة بواحدة، والله من وراء ذلك.

يا زياد، أيما رجل منكم تولى لأحد منهم عملا ثم ساوى بينكم وبينهم فقولوا له: أنت منتحل كذاب.

يا زياد، إذا ذكرت مقدرتك على الناس فاذكر مقدرة الله عليك غدا، ونفاد ما أتيت اليهم عنهم، وبقاء ما أتيت(٣) إليهم عليك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) ، وكذا الّذي قبله.

____________________

٩ - الكافي ٥: ١٠٩ / ١.

(١) في نسخة: يفرغ الله ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: الخلق ( هامش المخطوط ).

(٣) في التهذيب: أبقيت ( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ٦: ٣٣٣ / ٩٢٤.

١٩٤

[ ٢٢٣٣٥ ] ١٠ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن ابن سنان، عن حبيب، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ذكر عنده رجل من هذه العصابة قد ولي ولاية، فقال: كيف صنيعه إلى إخوانه؟ قال: قلت: ليس عنده خير، قال: اُفّ، يدخلون فيما لا ينبغي لهم ولا يصنعون إلى إخوانهم خيرا.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عبد الجبار مثله(١) .

[ ٢٢٣٣٦ ] ١١ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن السياري، عن أحمد بن زكريا الصيدلاني(٢) ، عن رجل من بني حنيفة من اهل بست وسجستان قال: وافقت(٣) أبا جعفر( عليه‌السلام ) في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم، فقلت له وأنا معه على المائدة وهناك جماعة من أولياء السلطان: إنّ والينا جعلت فداك رجل يتوالاكم اهل البيت ويحبكم، وعليّ في ديوانه خراج، فإنّ رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإِحسان إلي، فقال لي: لا أعرفه، فقلت: جعلت فداك إنه على ما قلت من محبتكم أهل البيت، وكتابك ينفعني عنده، فأخذ القرطاس فكتب « بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإن موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، وإنما لك من عملك(٤) ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك، واعلم أن الله عزّوجلّ سائلك عن مثاقيل الذر والخردل ».

قال: فلما وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبدالله

____________________

١٠ - الكافي ٥: ١١٠ / ٢.

(١) التهذيب ٦: ٣٣٠ / ٩١٦.

١١ - الكافي ٥: ١١١ / ٦.

(٢) في نسخة: أحمد بن زكريا الصيدناني ( هامش المخطوط ).

(٣) في نسخة: رافقت ( هامش المخطوط ).

(٤) في نسخة زيادة: إلّا ( هامش المخطوط ).

١٩٥

النيسابوري وهو الوالي فاستقبلني على فرسخين من المدينة، فدفعت إليه الكتاب فقبّله ووضعه على عينيه، وقال: ما حاجتك؟ فقلت: خراج عليّ في ديوإنّك فأمر بطرحه عنّي، وقال: لا تؤدّ خراجاً ما دام لي عمل، ثمّ سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم، فأمر لي ولهم بما يقوتنا وفضلاً، فما أديت في عمله خراجاً ما دام حياً ولا قطع عنّي صلته حتّى مات.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد نحوه(١) .

[ ٢٢٣٣٧ ] ١٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد البارقي(٢) ، عن عليّ بن أبي راشد(٣) ، عن إبراهيم بن السندي، عن يونس بن عمار(٤) قال: وصفت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) من يقول بهذا الامر ممّن يعمل عمل(٥) السلطان، فقال: إذا ولوكم يدخلون عليكم المرفق وينفعونكم في حوائجكم؟ قال: قلت: منهم من يفعل(٦) ومنهم من لا يفعل، قال: من لم يفعل ذلك منهم فابرأوا منه برئ الله منه.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٧) .

[ ٢٢٣٣٨ ] ١٣ - وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن إبراهيم النهاوندي، عن السياري، عن ابن جمهور وغيره من أصحابنا قال: كان

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٣٤ / ٩٢٦.

١٢ - الكافي ٥: ١٠٩ / ١٤.

(٢) في المصدر: أحمد بن محمّد البرقي.

(٣) في التهذيب: أبي عليّ بن راشد.

(٤) في المصدر: يونس بن حمّاد.

(٥) في التهذيب: مع ( هامش المخطوط ).

(٦) في نسخة زيادة: ذلك ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

(٧) التهذيب ٦: ٣٣٢ / ٩٢٣.

١٣ - التهذيب ٦: ٣٣٣ / ٩٢٥.

١٩٦

النجاشي وهو رجل من الدهاقين عاملاً على الاهواز وفارس فقال بعض أهل عمله لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ في ديوان النجاشي عليّ خراجاً، وهو ممّن يدين بطاعتك، فإن رأيت أن تكتب له كتاباً قال: فكتب إليه كتاباً: « بسم الله الرحمن الرحيم، سرّ أخاك يسرك الله » فلّما ورد عليه وهو في مجلسه، فلما خلا ناوله الكتاب وقال له: هذا كتاب أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فقبله ووضعه على عينيه، ثمّ قال: ما حاجتك؟ فقال: عليّ خراج في ديوانك، قال له: كم هو؟ قلت: هو عشرة آلاف درهم، قال: فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه، ثمّ أخرج مثله فأمره إنّ يثبتها له لقابل، ثمّ قال: هل سررتك؟ قال: نعم، قال: فأمر له بعشرة آلاف درهم اخرى، فقال له: هل سررتك؟ فقال: نعم جعلت فداك، فأمر له بمركب ثمّ أمر له بجارية وغلام وتخت ثياب في كل ذلك يقول: هل سررتك؟ فكلما قال نعم زاده حتّى فرغ، قال له: إحمل فرش هذا البيت الّذي كنت جالساً فيه حين دفعت إلي كتاب مولأيّ فيه، وارفع إلي جميع حوائجك.

قال: ففعل وخرج الرجل فصار إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) بعد ذلك فحدّثه بالحديث على وجهته، فجعل يستبشر بما فعل، فقال له الرجل: يا ابن رسول الله كأنّه قد سرك ما فعل بي؟ قال: أيّ والله لقد سرّ الله ورسوله.

[ ٢٢٣٣٩ ] ١٤ - وعنه، عن محمّد بن عيسى العبيدي قال: كتب أبوعمر الحذاء إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) وقرأت الكتاب والجواب بخطّه يعلمه أنّه كان يختلف إلى بعض قضاة هؤلاء، وأنه صير إليه وقوفا ومواريث بعض ولد العباس أحياءً وأمواتاً، وأجرى عليه الارزاق وأنه كان يؤدي الامانة اليهم، ثمّ إنه بعد عاهد الله إنّ لا يدخل لهم في عمل، وعليه مؤونة، وقد تلف أكثر ما كان في يده، وأخاف إنّ ينكشف عنه ما لا يحبّ أن ينكشف من

____________________

١٤ - التهذيب ٦: ٣٣٦ / ٩٣٠.

١٩٧

الحال، فإنه منتظر أمرك في ذلك فما تأمر به؟ فكتب( عليه‌السلام ) إليه: لا عليك، وإنّ دخلت معهم الله يعلم ونحن ما أنت عليه.

[ ٢٢٣٤٠ ] ١٥ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: من أحللنا له شيئاً أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال، وما حرمناه من ذلك فهو له حرام.

محمّد بن الحسن الصفار في( بصائر الدرجات) عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد نحوه (١) .

[ ٢٢٣٤١ ] ١٦ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن يقطين، أو عن زيد، عن عليّ بن يقطين أنه كتب إلى أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) : إن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان - وكان وزيرا لهارون - فإن أذنت جعلني الله فداك هربت منه، فرجع الجواب: لا آذن لك بالخروج من عملهم، واتق الله، أو كما قال.

[ ٢٢٣٤٢ ] ١٧ - العياشي في( تفسيره) عن مفضل بن مريم الكاتب (٢) قال: دخلت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وقد أمرت أن أخرج لبني هاشم جوائز فلم أعلم إلّا وهو على رأسي فوثبت إليه فسألني عمّا أمر لهم، فناولته الكتاب فقال: ما أرى لاسماعيل هاهنا شيئا فقلت: هذا الذي خرج

____________________

١٥ - التهذيب ٤: ١٣٨ / ٣٨٧.

(١) بصائر الدرجات: ٤٠٤ / ٣.

١٦ - قرب الاسناد: ١٢٦.

١٧ - تفسير العياشي ٢: ١٦٣ / ٧٩.

(٢) في المصدر: المفضل بن مزيد الكاتب.

١٩٨

إلينا، ثمّ قلت: جعلت فداك قد ترى مكاني من هؤلاء القوم فقال: أنظر ما أصبت فعد به على أصحابك فإنّ الله تعالى يقول:( إنّ الحسنات يذهبن السيئات ) (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٤٧ - باب وجوب رد الظالم إلى أهلها إنّ عرفهم و إلّا تصدق بها

[ ٢٢٣٤٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبدالله بن حمّاد، عن عليّ بن أبي حمزة قال كان لي صديق من كتاب بني امية فقال لي: استأذن لي عليّ أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فاستأذنت له(٤) ، فأذن له، فلما إنّ دخل سلم وجلس، ثمّ قال: جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مإلّا كثيرا، وأغمضت في مطالبه، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لولا إنّ بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبي لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئاً إلّا ما وقع في أيديهم.

قال: فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: إنّ قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال له: فاخرج من جميع ما كسبت(٥) في ديوانهم

____________________

(١) هود ١١: ١١٤.

(٢) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٤٤، وفي الحديث ٩ من الباب ٤٥ من هذه الأبواب

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ٤٨، وفي الحديث ١ من الباب ٤٩ من هذه الأبواب

الباب ٤٧

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ١٠٦ / ٤.

(٤) في نسخة: عليه ( هامش المخطوط ).

(٥) في نسخة: اكتسبت ( هامش المخطوط ).

١٩٩

فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدّقت به، وأنا أضمن لك على الله عزّوجلّ الجنة، فأطرق الفتى طويلاً ثمّ قال له: لقد فعلت جعلت فداك.

قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئاً على وجه الارض إلّا خرج منه حتّى ثيابه الّتي كانت على بدنه قال: فقسمت له قسمة واشترينا له ثياباً وبعثنا إليه بنفقة، قال: فما أتى عليه إلّا أشهر قلائل حتّى مرض، فكنّا نعوده، قال: فدخلت يوماً وهو في السوق(١) قال: ففتح عينيه ثمّ قال لي: يا عليّ وفى لي والله صاحبك، قال: ثمّ مات فتولّينا أمره، فخرجت حتّى دخلت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، فلمّا نظر إليّ قال لي: يا عليّ وفينا والله لصاحبك، قال: فقلت صدقت جعلت فداك هكذا والله قال لي عند موته.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب نحوه(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في جهاد النفس(٣) ، وغير ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

____________________

(١) السوق: النزع، كان روح الإنسان تساق لتخرج من بدنه ( مجمع البحرين - سوق - ٥: ١٨٨ ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٣١ / ٩٢٠.

(٣) تقدم في الباب ٧٨، وفي الحديثين ٤، ٥ من الباب ٨٧ من أبواب جهاد النفس.

(٤) تقدم في الحديث ١ من الباب ٥ من أبواب ما يجب فيه الزكاة، وفي الحديث ٦ من الباب ١، والحديث ٩ من الباب ٢، وفي الحديث ٨ من الباب ٤١ من أبواب الأمر بالمعروف.

(٥) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٧٦ من هذه الأبواب ، وفي الباب ١٨ من أبواب اللقطة.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

قال : ومدينة بابل بناها (بيوراسب) الجبار ، واشتق اسمها من اسم المشتري ، لأن (بابل) باللسان البابلي الأول اسم المشتري. ولما استتم بناؤها جمع إليها كل من قدر عليه من العلماء ، وبنى لهم اثني عشر قطرا ، على عدد البروج ، وسماها بأسمائهم. فلم تزل عامرة حتّى كان الاسكندر ، وهو الّذي خرّبها.

وبابل اليوم هي اسم ناحية ، منها الكوفة والحلة. وأما المدينة فهي خراب لا يوجد غير أطلالها ، التي تقع شمال الحلة على مسافة ٣ أميال (٦ كم). وهي الآن بعيدة عن ضفة شط الحلة اليمنى ، وكان الشط يمرّ بها في العهد القديم ، قبل تحويله.

وفي كتاب (أضواء على معالم محافظة كربلاء) لمحمد النويني ، ج ١ ص ٢٤ :تقع بابل على مقربة من شط الفرات الشرقي ، وقد كانت عاصمة للدولة البابلية.

وفي بابل جرت أكبر موقعة بين سعد بن أبي وقاص وجيوش الفرس سنة ١٦ ه‍ حين فتح المدائن. ويقال إن فيها ألقى النمرود سيدنا إبراهيم الخليلعليه‌السلام في النار ، فكانت عليه بردا وسلاما.

ـ كور بابل :(المصدر السابق)

أما كور بابل فيضم مجموعة القرى التالية ، التي تقع على فرع الفرات المسمى بنهر العلقمي [انظر الشكل ١٢] ، بعضها على شرقه كالعقر والغاضرية ، وبعضها على غربه وهي شفية. أما نينوى فتقع قرب شط الفرات الأصلي على شط فرعه المسمى نهر نينوى.

٧١٧ ـ العقر :

قال الخليل : سمعت أعرابيا من أهل الصمّان يقول : كل فرجة تكون بين شيئين فهي: عقر وعقر لغتان.

والعقر : عدة مواضع ، منها عقر بابل ، قرب كربلاء. وقد روي أن الحسينعليه‌السلام لما انتهى إلى كربلاء ، وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد ، قال :ما اسم تلك القرية؟. وأشار إلى العقر. فقيل له : اسمها العقر ، فقال : نعوذ بالله من العقر!. فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟. قالوا : كربلاء!. قال : أرض كرب وبلاء. وأراد الخروج منها فمنع ـ كما هو مذكور في مقتله ـ حتّى كان منه ما كان.

٦٠١

٧١٨ ـ الغاضرية :

قرية منسوبة إلى بني غاضرة من بني أسد ، الذين قد اشترى منهم الحسينعليه‌السلام أرض كربلاء ، وهي الأرض المنبسطة التي كانت مزرعة لبني أسد ، شمالي الهيابي ، وتعرف بأراضي الحسينية. وقد نزلها بنو أسد بعد اختطاط الكوفة ونزول القبائل المضرية واليمانية.

٧١٩ ـ النواويس :(أضواء على معالم محافظة كربلاء ، ص ٢٥)

كانت النواويس مقبرة عامة للنصارى قبل الفتح الاسلامي ، وتقع في أراضي الحسينية قرب نينوى ، وهي الأطلال الكائنة في شمال غربي كربلاء التي تعرف بكربلاء القديمة ، يستخرج منها بعض الحباب الخزفية التي كان البابليون يدفنون موتاهم فيها.

وقد ذكرها الإمام الحسينعليه‌السلام في خطبته المشهورة عند ما عزم على المسير إلى الكوفة ، فقال : «كأني بأوصالي [هذه] تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء».

٧٢٠ ـ الحائر :

وهي الأراضي المنخفضة من كربلاء التي تضمّ قبر الحسينعليه‌السلام إلى رواق بقعته الشريفة. وقد حار الماء حولها على عهد المتوكل العباسي ، أي دار حول القبر دون أن يمسه ، وذلك عندما حاول المتوكل الغاشم حرث القبر الشريف ، وسلّط عليه الماء ليعفّي أثره.

وسوف يأتي بحث مستفيض حول (الحائر)و (الحرم) عند الكلام عن مرقد الحسينعليه‌السلام في كربلاء ، في أواخر الجزء الثاني من الموسوعة.

٧٢١ ـ المدائن :(الفهرست : معجم الخريطة التاريخية ، ص ٩٥)

المدائن (أو مدائن كسرى) : هي قاعدة مملكة الفرس لعهد الفتح الاسلامي ، وتدعى عند اليونان (طيسفون). تقع على الشاطئ الأيسر من نهر دجلة ، وأطلالها اليوم على بعد ٢٦ كم جنوب بغداد. وفيها آثار إيوان كسرى أنوشروان (طاق كسرى) الّذي وصفه البحتري في قصيدته السينية المشهورة. ومنذ أن دفن فيها الصحابي الجليل سلمان الفارسي أصبحت القرية تسمى (سلمان باك) : أي سلمان الطاهر.

٦٠٢

يقول اليعقوبي في كتابه (البلدان) ص ١٠٦ :

من أراد من بغداد إلى المدائن وما والاها مما على حافتي دجلة من المدن والطساسيج ، خرج من بغداد فسلك أي الجانبين الشرقي من دجلة أو الغربي في قرى عظام فيها ديار الفرس ، حتّى يصير إلى المدائن ، وهي على سبعة فراسخ من بغداد. والمدائن دار ملوك الفرس ، وكان أول من نزلها أنوشروان ، وهي عدة مدن في جانبي دجلة ، منها اسبانير في الجانب الشرقي ، وفيها إيوان كسرى العظيم الّذي ليس للفرس مثله ، ارتفاع سمكه ثمانون ذراعا. وفي هذه المدينة كان ينزل سلمان الفارسي.

نزول كربلاء

٧٢٢ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام أول نزوله كربلاء ، وفيه يذكر ما حلّ به :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٦)

وكان نزول الحسينعليه‌السلام في (كربلاء) في الثاني من المحرم سنة ٦١ ه‍.فجمع ولده وإخوته وأهل بيته ، فنظر إليهم وبكى ، ثم قال : الله م إنا عترة نبيك محمّد صلواتك عليه ، قد أزعجنا وأخرجنا وطردنا عن حرم جدنا ، وتعدّت بنو أمية علينا.

الله م فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين(١) .

٧٢٣ ـ من خطبة لهعليه‌السلام في أصحابه ، وفيها يذكر مصرعه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٧)

ثم خطبعليه‌السلام في أصحابه ، فقال :

أما بعد ، فإن الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الدّيّانون(٢) .

ثم قال لهم : أهذه كربلاء؟. قالوا له : نعم. فقال : هذه موضع كرب وبلاء. ههنا مناخ ركابنا ، ومحطّ رحالنا ، ومسفك دمائنا.

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٣٠.

(٢) مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٣١ نقلا عن البحار ، ج ١٠ ص ١٩٨.

٦٠٣

موقف الإنسان من الدين والدنيا :

(سيد الشهداء للسيد مصطفى الاعتماد ، ص ٦٨)

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الدّيّانون

هذه الجمل الذهبية التي فاه بها الإمام الحسينعليه‌السلام كحقيقة أبدية تعبّر أصدق تعبير ، عن تعلّقات النفس البشرية ، وتطوراتها الفجائية ، على أثر المطامع والأغراض الدنيوية الرخيصة. فارتكاز الناس أبدا على الحياة الدنيا ، أما الدين فليس لديهم بحيث يستحق أيما اهتمام إذا تعارض مع الدنيا. أما إذا كان الدين إلى جانب لا يمسّ مصالحهم بسوء فهو حق يعترف به ، ولكن لو تراءى شبح البلايا ، فانهم يتسللون لواذا من تحت راية الحق والحقيقة ، بلا هوادة أو تحاش.

٧٢٤ ـ تخييم الحسينعليه‌السلام في كربلاء مع أهله وأصحابه :

(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ١٤٦)

لما نزل أصحاب الحسينعليه‌السلام في كربلاء ، ضربوا أخبيتهم امتثالا لأمره ، فضربوا خيامهم قبالة الشمال الشرقي أبوابها. وأول خيمة نصبوها خيمة الحسينعليه‌السلام العظمى حيث هي محل مجتمعهم وناديهم ، ثم ضربوا أخبية عيالات الحسينعليه‌السلام غربي الخيمة العظمى على مسافة خمسين ذراعا ، وحجبوها بالزقاقات والأستار المزركشة بالأبريسم ، ثم خيّم أهل بيته خلف الخيمة العظمى ، أي قبلها متصلة بخيم الهاشميات ، ثم نصب الأنصار خيامهم شرقي خيم الهاشميين ، فكانت الخيم كلها كنصف دائرة محيطة بخيمة الحسين العظمى. ومن وراء الخيم مرابط الخيول ومعاطن الإبل (أي مرابضها).

٧٢٥ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام وهو يصلح سيفه بعد أن خيّم في كربلاء ، وحديثه مع زينبعليها‌السلام بعد أن نعى نفسه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٧)

قال الخوارزمي : فنزل القوم وحطّوا الأثقال ناحية من الفرات. وضربت خيمة الحسينعليه‌السلام لأهله وبنيه وبناته ، وضربت خيم إخوته وبني عمه حول خيمته.

وجلس الحسينعليه‌السلام في خيمته يصلح سيفه ومعه جون مولى أبي ذرّ الغفاري ، فجعل يصلحه ويقول :

٦٠٤

(الشكل ١٦):

رسم تمثيلي لتوزيع خيام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

يا دهر أفّ لك من خليل

كم لك بالإشراق والأصيل

من صاحب وطالب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل

وكلّ حي سالك سبيلي

ما أقرب الوعد من الرحيل

وإنما الأمر إلى الجليل

سبحانه جلّ عن المثيل(١)

قال زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام : وجعل أبي يردد هذه الأبيات فحفظتها منه ، وخنقتني العبرة ولزمت السكوت حسب طاقتي. فأما عمتي زينب فلما سمعت بذلك استعبرت وبكت ، وكانت ضعيفة القلب ، فبان عليها الحزن والجزع ، فأقبلت تجرّ أذيالها إلى الحسينعليه‌السلام وقالت : يا أخي ويا قرّة عيني ، ليت الموت أعدمني الحياة. يا خليفة الماضين وثمال الباقين(٢) . فنظر إليها الحسينعليه‌السلام وقال : يا أختاه لا يذهبنّ بحلمك الشيطان [وفي رواية : تعزّي بعزاء الله] فإن أهل

__________________

(١) مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٩ ط نجف ، بدون الشطرة الأخيرة ، وأورد هذا الشعر ليلة عاشوراء.

(٢) الثّمال : الغياث ، وأصله من الثميلة ، وهي البقية من الماء.

٦٠٥

السماء يموتون وأهل الأرض لا يبقون ، وكل شيء هالك إلا وجهه ، له الحكم وإليه ترجعون. فأين أبي وجدي اللذان هما خير مني ، فلي بهما ولكل مؤمن أسوة حسنة.وعزّاها ، ثم قال لها : بحقي عليك يا أختاه ، إذا أنا قتلت فلا تشقّي عليّ جيبا ولا تخمشي عليّ وجها(١) . ثم ردّها إلى خدرها.

(وروي) أنه لما سمعت ذلك أخته زينب أو أم كلثوم جاءت إلى الحسينعليه‌السلام وقالت: يا أخي هذا كلام من أيقن بالموت ، قال : نعم يا أختاه. قالت : إذن فردّنا إلى حرم جدنا. فقال : يا أختاه لو ترك القطا (ليلا) لنام. فقالت : واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة ، مات جدي رسول الله ومات أبي علي وماتت أمي فاطمة ومات أخي الحسن ، وبقي ثمال أهل البيت ، واليوم ينعى إليّ نفسه. وبكت ، فبكت النسوة ولطمن الخدود وشققن الجيوب ، وجعلت أخته تنادي : وا محمداه وا أبا القاسماه ، اليوم مات جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وا أبتاه وا علياه ، اليوم مات أبي علي. وا أماه وا فاطماه ، اليوم ماتت أمي فاطمة. وا أخاه وا حسناه ، اليوم مات أبي علي. وا أماه وا فاطماه ، اليوم ماتت أمي فاطمة. وا أخاه وا حسناه ، اليوم مات أخي الحسن.وا أخاه وا حسيناه ، وا ضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله. فعزّاها الحسين وصبّرها ، وقال :يا أختاه تعزّي بعزاء الله ، وارضي بقضاء الله ، فإن أهل السماء يفوتون ، وأهل الأرض يموتون ، وجميع البرية لا يبقون ، وكل شيء هالك إلا وجهه ، فتبارك الله الّذي إليه جميع الخلق يرجعون ، فهو الّذي خلق الخلق بقدرته ، ويفنيهم بمشيئته ، ويبعثهم بإرادته. يا أختاه كان جدي وأبي وأمي وأخي خيرا مني وأفضل ، وقد ذاقوا الموت وضمّهم التراب ، وإن لي ولك ولكل مؤمن برسول الله أسوة حسنة.

ثم قالعليه‌السلام : يا زينب ويا أم كلثوم ويا فاطمة ويا رباب ، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيبا ، ولا تخمشن عليّ وجها ، ولا تقلن فيّ هجرا.

(وفي تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤٣) عن زين العابدينعليه‌السلام أن الحسينعليه‌السلام قال هذه الأبيات عشية اليوم التاسع من المحرم.

قال علي بن الحسينعليه‌السلام : إني لجالس في العشية التي قتل أبي الحسين بن عليعليهما‌السلام في صبيحتها ، وعندي عمتي زينب تمرّضني ، إذ دخل أبي وهو يقول :[يا دهر أفّ لك من خليل] إلى آخر الأبيات المتقدمة.

__________________

(١) مقتل الحسين لأبي مخنف ص ٥٠ ، وأورد المقرم نظير هذا الكلام ص ٢٦٤ في ليلة عاشوراء منقولا عن الله وف. ولدى الرجوع إلى الله وف ص ٤٥ تبيّن أنه أورده هنا أول نزولهعليه‌السلام كربلاء.

٦٠٦

يقول زين العابدينعليه‌السلام : ففهمت ما قال ، وعرفت ما أراد ، وخنقتني العبرة فرددتها ، وعلمت أن البلاء قد نزل بنا.

وأما عمتي زينبعليها‌السلام فإنها لما سمعت ما سمعت ، وهي امرأة ـ ومن شأن النساء الرقة والجزع ـ لم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها حاسرة ، حتّى انتهت إليه ، وهي تقول :

واثكلاه!. ليت الموت أعدمني الحياة. اليوم ماتت أمي فاطمة ، وأبي علي ، وأخي الحسنعليهم‌السلام . يا خليفة الماضي وثمال الباقي.

فنظر إليها الحسينعليه‌السلام ، ثم قال : يا أخيّة لا يذهبنّ حلمك الشيطان ، فإن الموت نازل لا محالة. فقالت : بأبي وأمي أتستقتل ، نفسي لك الفدا؟. فردّت عليه غصته ، وترقرقت عيناه بالدموع ، ثم قال : لو ترك القطا ليلا لنام!. فقالت زينبعليها‌السلام : يا ويلتاه ، أفتغصب نفسك اغتصابا؟ فذلك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي. ثم لطمت وجهها ، وأهوت إلى جيبها فشقّته ، وخرّت مغشيا عليها.

فقام إليها الحسينعليه‌السلام فصبّ على وجهها الماء حتّى أفاقت ، وقال لها : يا أخيّة ، اتّقي الله وتعزّي بعزاء الله ، فإن سكان السموات يفنون ، وأهل الأرض كلهم يموتون ، وجميع البرية يهلكون.

ثم قال لها : يا أختاه ، إني أقسمت عليك فأبرّي قسمي ؛ لا تشقّي عليّ جيبا ، ولا تخمشي عليّ وجها ، ولا تدعي عليّ بالويل والثبور ، إذا أنا هلكت.

(أقول) : ومما يرجح أن تكون هذه الحادثة حدثت في هذا الموقف وليس ليلة العاشر من المحرم ، أن الحسينعليه‌السلام لا يصبّ على وجه زينب الماء في تلك الليلة ، وهو لا يملك منه قطرة لشرب الأطفال والعيال.

ـ تعليق على قولهعليه‌السلام : يا دهر أفّ لك من خليل :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٧٦)

يقول الفاضل الدربندي : إن قصد الحسينعليه‌السلام من الدهر هنا ، ليس الزمان وإنما الدنيا ، أو إن قصده من الدهر أهل الدهر ؛ وغرضه من قوله هو توبيخ أهل الدنيا الذين يغترون بها. وهذا مثل قول الإمام عليعليه‌السلام : «يا دنيا غرّي غيري».لأن الدهر بمعنى الزمان هو من خلق الله ، ولا يجوز سبّه ، مصداقا لما ورد في بعض الآثار : «لا تسبّوا الدهر ، فإن الدهر هو الله». أي هو من مخلوقات الله.

٦٠٧

٧٢٦ ـ من خطبة للحسينعليه‌السلام في أصحابه ، وفيها يصف حال الدنيا :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٣٢)

ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمّد وآله ، وقال :

أما بعد ، فقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون. وإن الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها ، ولم يبق منها إلا صبابة(١) كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل. ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقّا ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما(٢) .

[الأجوبة]

٧٢٧ ـ جواب زهير بن القين البجلي مؤثرا النهوض مع الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٣٣)

فقام زهير بن القين ، وقال : سمعنا يابن رسول الله مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلّدين ، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها.

٧٢٨ ـ جواب برير بن خضير الهمداني فاديا نفسه للحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٦)

وقال للحسين رجل من أصحابه يقال له برير بن خضير الهمداني : يابن رسول الله لقد منّ الله تعالى علينا بك أن نقاتل بين يديك ، وتقطّع فيك أعضاؤنا ، ثم يكون جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شفيعنا يوم القيامة(٣) فلا أفلح قوم ضيّعوا

__________________

(١) الصبابة : بقية الماء في الإناء. والمرعى الوبيل : أي الثقيل والوخيم. والبرم : ما يوجب السآمة والضجر.

(٢) كذا في الله وف ص ٤٤ ، والعقد الفريد ج ٢ ص ٣١٢ ، وحلية الأولياء لأبي نعيم ج ٣ ص ٣٩ ، وتاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٣٣٣. وعند الطبري ج ٦ ص ٢٢٩ أنه خطبهعليه‌السلام بذي حسم.وفي مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٩٢ ، وذخائر العقبى ص ١٤٩ ، ومقتل الخوارزمي ج ٢ ص ٥ أنه خطب ذلك يوم عاشوراء. وفي سير أعلام النبلاء للذهبي ج ٣ ص ٢٠ أنه خطبه بأصحابه لما نزل به ابن سعد.

(٣) مقتل المقرم ص ٢٣٣ نقلا عن اللهوف ص ٤٤.

٦٠٨

ابن بنت نبيهم ، أفّ لهم غدا ما يلاقون ، سينادون بالويل والثبور في نار جهنم وهم فيها خالدون.

٧٢٩ ـ جواب نافع بن هلال الجملي فاديا نفسه للحسينعليه‌السلام ومواسيا له :

(المصدر السابق)

وقال للحسينعليه‌السلام رجل آخر من شيعته يقال له نافع بن هلال الجملي (وفي رواية الخوارزمي : هلال بن نافع) : يابن رسول الله أنت تعلم أن جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يقدر أن يشرب الناس محبته ، ولا أن يرجعوا إلى ما كان أحب ، فكان منهم منافقون يعدونه بالنصر ويضمرون له الغدر ، يلقونه بأحلى من العسل ، ويخلفونه بأمرّ من الحنظل ، حتّى قبضه الله تبارك وتعالى إليه. وإن أباك عليا صلوات الله عليه قد كان في مثل ذلك ، فقوم قد أجمعوا على نصرته وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقوم قعدوا عنه وخذلوه ، حتّى مضى إلى رحمة الله ورضوانه وروحه وريحانه. وأنت اليوم يابن رسول الله على مثل تلك الحالة ، فمن نكث عهده وخلع بيعته فلن يضرّ إلا نفسه ، والله تبارك وتعالى مغن عنه. فسر بنا يابن رسول الله راشدا معافى ، مشرّقا إن شئت أو مغرّبا ، فوالذي لا إله إلا هو ما أشفقنا من قدر الله ولا كرهنا لقاء ربنا ، وإنا على نيّاتنا وبصائرنا ، نوالي من والاك ونعادي من عاداك(١) .

٧٣٠ ـ كتاب الحر إلى ابن زياد :

(الوثائق الرسمية لعبد الكريم القزويني ، ص ٩٩)

ولما استقرّ المكان بالحسينعليه‌السلام وركبه الثائر ، كتب الحر بن يزيد التميمي قائد الكتيبة الأولى إلى عبيد الله بن زياد يخبره بقدوم الحسينعليه‌السلام ونزوله كربلاء.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٣٣ نقلا عن مقتل العوالم ص ٧٦. وذكر السيد علي بن الحسين الهاشمي النجفي في كتابه (الحسين في طريقه إلى الشهادة) ص ١٠٢ كل ما سبق من ردود أصحاب الحسينعليه‌السلام أنها كانت في موضع (البيضة) بين شراف والعذيب ، بعد أن خطب فيهم خطبة : «من رأى منكم سلطانا جائرا ..." وقد أوردناها سابقا على أنها رسالة لا خطبة كما رجّحنا.

٦٠٩

٧٣١ ـ كتاب عبيد الله بن زياد للحسينعليه‌السلام يخبره فيه بكتاب يزيد له بقتله أو يبايع :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٩)

ولما وصل كتاب الحر إلى عبيد الله بن زياد ، كتب ابن زياد للحسينعليه‌السلام : أما بعد يا حسين ، فقد بلغني نزولك كربلاء ، وقد كتب إليّ أمير المؤمنين يزيد أن لا أتوسّد الوثير ، ولا أشبع من الخمير ، حتّى ألحقك باللطيف الخبير ، أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد. فلما ورد كتابه وقرأه الحسينعليه‌السلام رمى به من يده ، وقال : لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق. فقال له الرسول : جواب الكتاب؟. فقال له : لا جواب له عندي ، لأنه قد حقّت عليه كلمة العذاب(١) .

فغضب ابن زياد ، وانتدب عمر بن سعد لقتال الحسينعليه‌السلام .

اليوم الثالث من المحرّم

٧٣٢ ـ ندب عمر بن سعد لقتال الحسينعليه‌السلام والخيار الصعب :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٩)

ثم جمع عبيد الله بن زياد أصحابه ، فقال : أيها الناس ، من منكم يتولّى قتال الحسين بولايته أيّ بلد شاء؟. فلم يجبه أحد!.

فالتفت إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص ، وكان ابن زياد قبل ذلك بأيام قد عقد له وولاه (الرّي وتستر) وأمره بحرب الديلم ، وأعطاه عهده. وأخّره من أجل شغله بأمر الحسينعليه‌السلام .

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٧ ط ٢ نجف :

وقال ابن زياد لعمر بن سعد : اكفني هذا الرجل ، وكان عمر يكره قتاله. فقال :اعفني!. فقال : لا أعفيك. وكان ابن زياد قد ولّى عمر بن سعد (الرّي وخوزستان).فقال : قاتله وإلا عزلتك ، فقال : أمهلني الليلة ، فأمهله. ففكر ، فاختار ولاية الري على قتل الحسينعليه‌السلام . فلما أصبح غدا عليه ، فقال : أنا أقاتله!.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٣٦ ، ومناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٨ ط نجف.

٦١٠

(أقول) : والذي حدث أن عمر حارب الحسينعليه‌السلام وقتله ، ولكنه لم يعطه ابن زياد الولاية التي كان وعده بها ، فخسر الدنيا والآخرة.

وفي (كامل ابن الأثير) ج ٣ ص ٣٧٩ :

وكتب عهده على الري ، فعسكر بالناس في (حمام أعين). فلما كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ، دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال له : سر إلى الحسينعليه‌السلام .

٧٣٣ ـ عمر بن سعد يستشير أصحابه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٩)

قال الخوارزمي : فقال عمر بن سعد : فأمهلني أيها الأمير اليوم ، حتّى أنظر في أمري. قال : فقد أمهلتك.

فانصرف عمر بن سعد ، وجعل يستشير إخوانه ومن يثق به ، فلا يشير عليه أحد بذلك ، غير أنه يقول له : اتّق الله ولا تفعل.

وأقبل إليه حمزة بن المغيرة بن شعبة وهو ابن أخته ، فقال : أنشدك الله يا خال ، أن تسير إلى قتال الحسينعليه‌السلام ، فإنك تأثم بذلك وتقطع رحمك ، فوالله لأن خرجت من مالك ودنياك وسلطان الأرض كلها ، خير لك من أن تلقى الله بدم الحسين بن فاطمةعليه‌السلام . فسكت عمر ، وفي قلبه من (الرّي) ما فيه.

وبات ليلته قلقا مضطربا ، لأن نفسه في صراع بين الدنيا وقتل الحسينعليه‌السلام .وسمع يقول :

دعاني عبيد الله من دون قومه

إلى خطةّ فيها خرجت لحيني

فوالله ما أدري وإني لحائر

أفكّر في أمري على خطرين

أأترك ملك الرّي والريّ منيتي

أم ارجع مذموما بقتل حسين

وفي قتله النار التي ليس دونها

حجاب ، وملك الريّ قرّة عيني

(وفي مقتل أبي مخنف ، ص ٥١) وأجابه هاتف يقول :

ألا أيها النغل الّذي خاب سعيه

وراح من الدنيا ببخسة عين

ستصلى جحيما ليس يطفى لهيبها

وسعيك من دون الرجال بشين

إذا أنت قاتلت الحسين بن فاطم

وأنت تراه أشرف الثّقلين

فلا تحسبنّ الريّ يا أخسر الورى

تفوز به من بعد قتل حسين

ولما أصبح ذهب إلى عبيد الله بن زياد.

٦١١

ـ نصيحة الصديق كامل :(المنتخب للطريحي ، ص ٢٨٠)

وكان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يقال له (كامل) ، وكان صديقا لأبيه من قبله. فقال له : يا عمر ، مالي أراك بهيئة وحركة ، فما الّذي أنت عازم عليه؟.وكان كامل كاسمه ذا رأي وعقل ودين كامل. فقال له ابن سعد : إني قد وليت أمر هذا الجيش في حرب الحسينعليه‌السلام ، وإنما قتله عندي وأهل بيته كأكلة آكل وكشربة ماء ، وإذا أنا قتلته خرجت إلى ملك الريّ. فقال له كامل : أفّ لك يا عمر بن سعد ، تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول الله؟!. أفّ لك ولدينك يا عمر ، أسفهت الحق وضللت الهدى؟!. أما تعلم إلى حرب من تخرج ، ولمن تقاتل؟. إنا لله وإنا إليه راجعون. والله لو أعطيت الدنيا وما فيها على قتل رجل واحد من أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما فعلت. فكيف تريد قتل الحسين ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. وما الّذي تقول غدا لرسول الله إذا وردت عليه وقد قتلت ولده وقرة عينه وثمرة فؤاده ، وابن سيدة نساء العالمين وابن سيد الوصيين ، وهو سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين.وإنه في زماننا هذا بمنزلة جده في زمانه ، وطاعته فرض علينا كطاعته. وإنه باب الجنة والنار ، فاختر لنفسك ما أنت مختار. وإني أشهد بالله أن من حاربه أو قتله أو أعان عليه أو على قتله ، لا يلبث في الدنيا بعده إلا قليلا. فقال له عمر بن سعد :فبالموت تخوّفني ، وإني إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس ، وأتولى ملك الري. فقال له كامل : إني أحدثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله. اعلم أني سافرت مع أبيك سعد إلى الشام ، فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي وتهت وعطشت ، فلاح لي دير راهب ، فملت إليه ونزلت عن فرسي ، وأتيت إلى باب الدير لأشرب ماء. فأشرف عليّ راهب من ذلك الدير وقال : ما تريد؟. فقلت له : إني عطشان. فقال لي : أنت من أمة هذا النبي ، الّذي يقتل بعضهم بعضا على حب الدنيا مكالبة ، ويتنافسون فيها على حطامها؟. فقلت له : أنا من الأمة المرحومة ، أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال : إنكم أشرّ أمّة ، فالويل لكم يوم القيامة ، وقد عدوتم إلى عترة نبيكم ، تسبون نساءه وتنهبون أمواله!. فقلت : لا يا راهب ، نحن نفعل ذلك؟!. قال : نعم. وإنكم إذا فعلتم ذلك عجّت السموات والأرضون والبحار والجبال والبراري والقفار والوحوش والأطيار باللعنة على قاتله ، ثم لا يلبث قاتله في الدنيا إلا قليلا. ثم يظهر رجل يطلب بثأره ، فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله ، وعجّل الله بروحه إلى النار. ثم قال الراهب : إني لا أرى لك قرابة

٦١٢

من قاتل هذا ابن الطيّب. والله إني لو أدركت أيامه لوقيته في نفسي من حرّ السيوف.فقلت : يا راهب إني أعيذ نفسي أن أكون ممن يقاتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .فقال : إن لم تكن أنت فرجل قريب منك. وإن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار ، وإن عذابه أشدّ عذابا من عذاب فرعون وهامان. ثم ردّ الباب في وجهي ، ودخل يعبد الله تعالى ، وأبى أن يسقيني الماء.

قال كامل : فركبت فرسي ولحقت أصحابي. فقال لي أبوك سعد : ما أبطأك عنا يا كامل؟. فحدّثته بما سمعته من الراهب. فقال لي : صدقت.

ثم إن سعدا أخبرني أنه نزل بدير هذا الراهب مرة من قبل ، فأخبره أنه هو أبو الرجل الّذي يقتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فخاف أبوك سعد من ذلك ، وخشي أن تكون أنت قاتله ، فأبعدك عنه وأقصاك. فاحذر يا عمر أن تخرج عليه ، فيكون عليك نصف عذاب أهل النار.

٧٣٤ ـ محاولة تنصّل فاشلة :(المصدر السابق)

ولما أصبح عمر بن سعد ذهب إلى عبيد الله بن زياد ، فقال له ابن زياد : ما عندك يا عمر؟. فقال : أيها الأمير إنك قد ولّيتني هذا العمل [يقصد ولاية الريّ] وكتبت العهد ، وقد سمع الناس به ، فإن رأيت أن تنفذه لي ، وتبعث إلى قتال الحسين غيري من أشراف أهل الكوفة ، فإن بها مثل : أسماء بن خارجة ، وكثير بن شهاب ، ومحمد بن الأشعث ، وعبد الرحمن بن قيس ، وشبث بن ربعي ، وحجّار ابن أبجر.

فقال له : يا عمر ، لا تعلمني بأشراف الكوفة ، فإني لا أستأمرك فيمن أريد أن أبعث ، فإن سرت إلى الحسين ، فرّجت عنا هذه الغمة ، فأنت الحبيب القريب ، وإلا فاردد إلينا عهدنا ، والزم منزلك ، فإنا لا نكرهك. فسكت عمر بن سعد.

٧٣٥ ـ تهديد ووعيد :(المصدر السابق ، ص ٢٤٠)

وغضب عبيد الله بن زياد ، فقال : والله يابن سعد ، لئن لم تسر إلى الحسين وتتولّ حربه وتقدم عليه بما يسوء ، لأضربنّ عنقك ، ولأهدمنّ دارك ، ولأنهبنّ مالك ، ولا أبقي عليك كائنا ما كان. فقال عمر : فإني سائر إليه غدا إنشاء الله. فجزاه عبيد الله خيرا ، وسرى عنه غضبه ، ووصله وأعطاه.

وضمّ إليه أربعة آلاف فارس ، وقال له : خذ بكظم الحسين وحل بينه وبين الفرات.

٦١٣

فسار عمر بن سعد من غده في أربعة آلاف ، حتّى نزل كربلاء في اليوم الثالث من المحرم. وجهّز خمسمائة فارس بقيادة عمرو بن الحجاج ، فنزلوا على شريعة الفرات.

وفي (الأخبار الطوال) لأبي حنيفة الدينوري ص ٢٥٤ :

ثم وجهّ [ابن زياد] : الحصين بن نمير ، وحجّار بن أبجر ، وشبث بن ربعي ، وشمر بن ذي الجوشن ، ليعاونوا عمر بن سعد على أمره.

قالوا : وكان ابن زياد إذا وجّه الرجل إلى قتال الحسينعليه‌السلام في الجمع الكثير ، يصلون إلى كربلاء ولم يبق منهم إلا القليل ، كانوا يكرهون قتال الحسينعليه‌السلام ، فيرتدعون ويتخلفون.

٧٣٦ ـ ظهور كرامة للإمام عليعليه‌السلام بشأن من يقتل الحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٦ ط ٢ نجف)

قال ابن سيرين : وقد ظهرت كرامات علي بن أبي طالبعليه‌السلام في هذا ، فإنه لقي عمر بن سعد يوما وهو شاب ، فقال : ويحك يابن سعد ، كيف بك إذا قمت يوما مقاما تخيّر فيه بين الجنة والنار ، فتختار النار؟!.

(لقاء عمر بن سعد)

٧٣٧ ـ رسول عمر بن سعد يسأل الحسينعليه‌السلام عما جاء به إلى هذا الموضع ، وجواب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٠)

ولما جاء عمر بن سعد كربلاء ، دعا رجلا من أصحابه يقال له : عروة بن قيس الأحمسي ، فقال له : امض إلى الحسين وسله : ما الّذي جاء به إلى هذا الموضع؟وما الّذي أخرجه من مكة بعدما كان مستوطنا بها؟!. فقال عروة : أيها الأمير ، إني كنت قبل اليوم أكاتب الحسينعليه‌السلام ويكاتبني ، وإني لأستحي أن أصير إليه ، فإن رأيت أن تبعث غيري!. ثم طلب أيضا من الرؤساء أن يذهبوا إلى الحسينعليه‌السلام ويسألوه عن مقدمه ، فأبوا وكرهوا لأنهم ممن كاتبوه بالتوجه إليهم.

فبعث رجلا يقال له قرة بن قيس الحنظلي ، فلما أشرف ورآه الحسينعليه‌السلام قال :هل تعرفون هذا؟. فقال حبيب بن مظاهر الأسدي : نعم يابن رسول الله ، هذا رجل

٦١٤

من بني تميم ثم من بني حنظلة ، وكنت أعرفه حسن الرأي ، وما ظننت أن يشهد هذا المشهد. ثم تقدم الحنظلي حتّى وقف بين يدي الحسينعليه‌السلام فسلّم عليه وأبلغه رسالة عمر بن سعد.

فقال له الحسينعليه‌السلام : يا هذا أبلغ صاحبك عني أني لم أرد هذا البلد ، ولكن كتب إليّ أهل مصركم هذا أن آتيهم فيبايعوني ويمنعوني وينصروني ولا يخذلوني ، فإن كرهوني انصرفت عنهم من حيث جئت. فقال له حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرّة عهدي بك وأنت حسن الرأي في أهل هذا البيت ، فما الّذي غيّرك حتّى جئت بهذه الرسالة. فأقم عندنا وانصر هذا الرجل الّذي قد أتانا الله به. فقال الحنظلي :لعمري لنصرته أحق من نصرة غيره ، ولكن أرجع إلى صاحبي بالرسالة وأنظر في ذلك. ثم انصرف فأخبره بجواب الحسينعليه‌السلام . فقال ابن سعد : الحمد لله ، والله إني لأرجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله.

(وفي رواية أبي مخنف) أن الّذي أتى إلى الحسينعليه‌السلام هو رجل من خزيمة.

(قال في مقتله ص ٥٢) فقال له زهير : الق سلاحك وادخل. فقال : حبا وكرامة.ثم ألقى سلاحه ودخل عليه فقبّل يديه ورجليه ، وقال : يا مولاي ما الّذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا؟. فقال : كتبكم. فقال : الذين كاتبوك هم اليوم من خواص ابن زياد. فقال لهعليه‌السلام : ارجع إلى صاحبك وأخبره بذلك. فقال : يا مولاي من الّذي يختار النار على الجنة ، فوالله ما أفارقك حتّى ألقى حمامي بين يديك. فقال له الحسينعليه‌السلام : واصلك الله كما واصلتنا بنفسك. ثم أقام عند الحسينعليه‌السلام حتّى قتل.

٧٣٨ ـ كتاب عمر بن سعد إلى ابن زياد يخبره فيه بموقف الحسينعليه‌السلام ، وجواب الكتاب :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤١)

ثم كتب ابن سعد إلى عبيد الله بن زياد :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. إلى الأمير عبيد الله بن زياد ، من عمر بن سعد. أما بعد فإني نزلت بالحسين ، ثم بعثت إليه رسولا أسأله عما أقدمه إلى هذا البلد؟. فذكر أن أهل الكوفة أرسلوا إليه يسألونه القدوم عليهم ، ليبايعوه وينصروه ، فإن بدا لهم في نصرته [أي بدا لهم شيء يمنعهم من نصرته] فإنه ينصرف من حيث جاء ، فيكون بمكة

٦١٥

أو يكون بأي بلد أمرته ، فيكون كواحد من المسلمين. فأحببت أن أعلم الأمير بذلك ليرى رأيه ، والسلام.

فلما قرأ عبيد الله كتابه ، فكّر في نفسه ساعة ، ثم أنشد :

الآن إذ علقت مخالبنا به

يرجو النجاة ولات حين مناص

ثم قال : أيرجو ابن أبي تراب النجاة ، هيهات هيهات ، لا أنجاني الله من عذابه إن نجا الحسين مني.

٧٣٩ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد رقم (١) يطالبه بعرض البيعة على الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق)

ثم كتب إلى ابن سعد : أما بعد ، فقد بلغني كتابك وما ذكرت فيه من أمر الحسين ، فإذا أتاك كتابي فاعرض عليه البيعة لأمير المؤمنين يزيد ، فإن فعل وبايع ، وإلا فائتني به والسلام.

فلما ورد الكتاب على عمر بن سعد وقرأه ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون. إن عبيد الله لا يقبل العافية ، والله المستعان.

ولم يعرض ابن سعد على الحسينعليه‌السلام بيعة يزيد ، لأنه علم أن الحسينعليه‌السلام لا يجيبه إلى ذلك أبدا.

٧٤٠ ـ خطبة ابن زياد يغري فيها الناس بالمال ، ويحرّضهم للخروج لحرب الحسينعليه‌السلام :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٢)

ثم جمع ابن زياد الناس في جامع الكوفة ، وخرج فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

أيها الناس ، إنكم بلوتم آل أبي سفيان ، فوجدتموهم كما تحبون. وهذا أمير المؤمنين يزيد قد عرفتموه ؛ حسن السيرة ، محمود الطريقة ، (ميمون النقيبة) ، محسنا إلى الرعية (متعاهدا للثغور) ، يعطي العطاء في حقه ، وقد أمنت السبل على عهده (وأطفئت الفتن بجهده). وكما كان معاوية في عصره ، كذلك ابنه يزيد في أثره ؛ يكرم العباد ويغنيهم بالأموال ويزيدهم بالكرامة ، وقد زادكم في أرزاقكم مائة بالمائة ، وأمرني أن أوفّرها عليكم ، وآمركم أن تخرجوا إلى حرب عدوه الحسين بن علي ، فاسمعوا له وأطيعوا.

٦١٦

إعلان النفير العام

ثم نزل من المنبر ، ووضع لأهل الرياسة العطاء ، وأعطاهم. ونادى فيهم أن يتهيؤوا للخروج إلى عمر بن سعد ليكونوا عونا له على قتال الحسينعليه‌السلام .

وخرج إلى النّخيلة(١) وعسكر فيها. وبعث على الحصين بن نمير التميمي ، وحجّار بن أبجر ، وشمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، وأمرهم بمعاونة عمر ابن سعد.

٧٤١ ـ استبطاء شبث بن ربعي وتمارضه :

(مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري ، ص ٥٠)

ثم أرسل [عبيد الله بن زياد] إلى شبث بن ربعي أن أقبل إلينا ، فإنا نريد أن نوجّه بك إلى حرب الحسين. فتمارض شبث ، فأرسل إليه : أما بعد ، فإن رسولي أخبرني بتمارضك ، وأخاف أن تكون من الذين( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ) (١٤) [البقرة : ١٤].(فانظر) إن كنت في طاعتنا فأقبل إلينا مسرعا. فأقبل إليه شبث بن ربعي بعد العشاء (الآخرة) لئلا ينظر إلى وجهه فلا يرى عليه أثر العلّة. فلما دخل رحّب به وقرّب مجلسه ، ثم قال له :أريد أن تشخص (غدا) إلى قتال الحسين عونا لابن سعد. فقال : أفعل أيها الأمير (فخرج في ألف فارس).

٧٤٢ ـ قطع الطريق على من يريد الالتحاق بالحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم ، ص ٢٤٠)

وجعل عبيد الله بن زياد زجر بن قيس الجعفي مسلحة في خمسمائة فارس ، وأمره أن يقيم بجسر الصراة ، يمنع من يخرج من أهل الكوفة يريد الحسينعليه‌السلام . فمرّ به عامر بن أبي سلامة بن عبد الله بن عرار الدالاتي. فقال له زجر : قد عرفت حيث تريد ، فارجع. فحمل عليه وعلى أصحابه فهزمهم ، ومضى وليس أحد منهم يطمع في الدنوّ منه. فوصل كربلاء ولحق بالحسينعليه‌السلام حتّى قتل معه. وكان قد شهد المشاهد مع أمير المؤمنين عليعليه‌السلام .

__________________

(١) النّخيلة : هي العباسية في كلام ابن نما ، وتعرف اليوم بالعباسيات ، وموقعها قريب من (ذي الكفل) وهي تبعد فرسخين شمال الكوفة.

٦١٧

٧٤٣ ـ إرهاب ابن زياد :

(الوثائق الرسمية للسيد عبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٠٥)

ثم إن عبيد الله بن زياد أخذ يرسل الكتيبة تلو الكتيبة ، والفوج تلو الفوج ، إلى عمر بن سعد ، ويحثّ الناس على الخروج لحرب الحسينعليه‌السلام بعد أن زاد في عطائهم مائة بالمائة.

ثم نودي في شوارع وسكك وأزقة الكوفة : «ألا برئت الذمّة ممن وجد في الكوفة ، ولم يخرج لحرب الحسين».

وبعث ابن زياد سويد بن عبد الرحمن المنقري في خيل إلى الكوفة ، وأمره أن يطوف بها ، فمن وجده قد تخلّف أتاه به.

فبينما هو يطوف في أحياء الكوفة ، إذ وجد رجلا من أهل الشام ، قد كان قدم الكوفة في طلب ميراث له (وفي رواية : لأخذ دين له في ذمة رجل من أهل العراق).فأرسل به إلى ابن زياد. فقال ابن زياد : اقتلوه ، ففي قتله تأديب لمن لم يخرج بعد ، فقتل(١) .

٧٤٤ ـ جيوش من الهمج الرّعاع :(الوثائق الرسمية ، ص ١٠٦)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني :

فتأثّر الرأي العام بالجو اللاشعوري ، أو ما يسمى بالسلوك الجمعي ، وإذا بالغوغائية جماعات وجماعات تخرج لحرب ابن بنت نبيّها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير ملتفتة إلى ما ينتج من هذا المصير الوخيم الّذي أقبلت إليه مسرعة ، وفقد الفرد سيطرته على نفسه وعقله ، وأصبح يعيش في حالة هستيرية لا يعي ولا يشعر ، لأنه تأثّر بالعقل الجمعي وسلوكه ، وخصوصا بعد أن قتل جماعة من النخبة الواعية ، أمثال ميثم التمّار وغيره ، واعتقل البقية مثل : المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، وسليمان بن صرد الخزاعي ، واختفى آخرون. وصفا الجو إلى ابن زياد حيث أخذ يلعب بالطبقة التي وصفها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بقوله :

«همج رعاع ، أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستنيروا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق».

__________________

(١) الأخبار الطوال للدينوري ، ص ٢٥٤.

٦١٨

اليوم السادس من المحرّم

(اكتمال الجيوش الأموية في كربلاء)

تجهيز الجيوش

٧٤٥ ـ القوات الأموية تزحف إلى كربلاء :

فأول من خرج إلى عمر بن سعد ، شمر بن ذي الجوشن الضّبابي في أربعة آلاف ، فصار ابن سعد في تسعة آلاف.

ثم أتبعه ابن زياد بيزيد بن ركاب الكلبي في ألفين ،

والحصين بن نمير السكوني في أربعة آلاف ،

ومضاير بن رهينة المازني في ثلاثة آلاف ،

ونصر بن خرشة في ألفين.

فتمّ له عشرون ألف فارس ، تكمّلت عنده إلى ست ليال خلون من المحرم.

وبعث كعب بن طلحة في ثلاثة آلاف ، وشبث بن ربعي في ألف ، وحجّار بن أبجر في ألف فارس. فصار عمر بن سعد في خمسة وعشرين ألفا.

ولم يزل ابن زياد يرسل بالعساكر إلى عمر بن سعد حتّى تكامل عنده ثلاثون ألفا ، ما بين فارس وراجل.

يقول ابن شهراشوب في (المناقب) ص ٢٤٨ :

وكان جميع أصحاب الحسينعليه‌السلام اثنين وثمانين رجلا ، منهم الفرسان اثنان وثلاثون فارسا ، ولم يكن لهم من السلاح إلا السيف والرمح.

٧٤٦ ـ التعداد الكمي للجيش الأموي في كربلاء :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين ، ص ١٠٧)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني :

إن الاحصائيات التي رواها أرباب المقاتل وبعض الكتب التاريخية عن كمية تعداد الجيش الأموي الّذي أرسله عبيد الله بن زياد إلى كربلاء لحرب الحسينعليه‌السلام والقضاء على ثورته المقدسة ، هي على حسب الترتيب الزمني :

٦١٩

اسم قائد الكتيبة

عددها

كتيبة الحر بن يزيد التميمي

١٠٠٠ مقاتل

كتيبة عمر بن سعد (قائد الجيش)

٤٠٠٠ مقاتل

كتيبة شمر بن ذي الجوشن

٤٠٠٠ مقاتل

كتيبة يزيد بن ركاب الكلبي

٢٠٠٠ مقاتل

كتيبة الحصين بن نمير التميمي

٤٠٠٠ مقاتل

كتيبة مضاير بن رهينة المازني

٣٠٠٠ مقاتل

كتيبة نصر بن خرشة

٢٠٠٠ مقاتل

كتيبة كعب بن طلحة

٣٠٠٠ مقاتل

كتيبة شبث بن ربعي الرياحي

١٠٠٠ فارس

كتيبة حجّار بن أبجر

١٠٠٠ فارس

المجموع

٢٥٠٠٠ مقاتل

وما زال عبيد الله بن زياد يرسل إليه الخيل والرجال حتّى تكامل عنده ثلاثون ألفا ، ما بين فارس وراجل. كما أن بقية الجيوش الأموية كانت في حالة إنذار واستنفار عام.

٧٤٧ ـ تحقيق حول أعداد جيش عمر بن سعد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦١ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ولم يحضر قتال الحسينعليه‌السلام أحد من أهل الشام ، بل كلهم من أهل الكوفة ممن كاتبه ، وكانوا ستة آلاف مقاتل.

(أقول) : الّذي استفاضت فيه روايات الشيعة ـ وهم أهل هذا البيت ، وأهل البيت أدرى بالذي فيه ـ أن العسكر الذين أحاطوا بالحسينعليه‌السلام يقربون إلى ثلاثين ألفا ، وهو المروي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام .

وفي (مطالب السّؤول) : أنهم كانوا اثنين وعشرين ألفا.

وفي كتاب (محمّد بن أبي طالب) ما حاصله : إن ابن زياد سيّر ابن سعد إلى الحسينعليه‌السلام في تسعة آلاف ، ثم يزيد بن ركاب الكلبي في ألفين ، والحصين ابن

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735