موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 498129 / تحميل: 5898
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

قال : ومدينة بابل بناها (بيوراسب) الجبار ، واشتق اسمها من اسم المشتري ، لأن (بابل) باللسان البابلي الأول اسم المشتري. ولما استتم بناؤها جمع إليها كل من قدر عليه من العلماء ، وبنى لهم اثني عشر قطرا ، على عدد البروج ، وسماها بأسمائهم. فلم تزل عامرة حتّى كان الاسكندر ، وهو الّذي خرّبها.

وبابل اليوم هي اسم ناحية ، منها الكوفة والحلة. وأما المدينة فهي خراب لا يوجد غير أطلالها ، التي تقع شمال الحلة على مسافة ٣ أميال (٦ كم). وهي الآن بعيدة عن ضفة شط الحلة اليمنى ، وكان الشط يمرّ بها في العهد القديم ، قبل تحويله.

وفي كتاب (أضواء على معالم محافظة كربلاء) لمحمد النويني ، ج ١ ص ٢٤ :تقع بابل على مقربة من شط الفرات الشرقي ، وقد كانت عاصمة للدولة البابلية.

وفي بابل جرت أكبر موقعة بين سعد بن أبي وقاص وجيوش الفرس سنة ١٦ ه‍ حين فتح المدائن. ويقال إن فيها ألقى النمرود سيدنا إبراهيم الخليلعليه‌السلام في النار ، فكانت عليه بردا وسلاما.

ـ كور بابل :(المصدر السابق)

أما كور بابل فيضم مجموعة القرى التالية ، التي تقع على فرع الفرات المسمى بنهر العلقمي [انظر الشكل ١٢] ، بعضها على شرقه كالعقر والغاضرية ، وبعضها على غربه وهي شفية. أما نينوى فتقع قرب شط الفرات الأصلي على شط فرعه المسمى نهر نينوى.

٧١٧ ـ العقر :

قال الخليل : سمعت أعرابيا من أهل الصمّان يقول : كل فرجة تكون بين شيئين فهي: عقر وعقر لغتان.

والعقر : عدة مواضع ، منها عقر بابل ، قرب كربلاء. وقد روي أن الحسينعليه‌السلام لما انتهى إلى كربلاء ، وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد ، قال :ما اسم تلك القرية؟. وأشار إلى العقر. فقيل له : اسمها العقر ، فقال : نعوذ بالله من العقر!. فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟. قالوا : كربلاء!. قال : أرض كرب وبلاء. وأراد الخروج منها فمنع ـ كما هو مذكور في مقتله ـ حتّى كان منه ما كان.

٦٠١

٧١٨ ـ الغاضرية :

قرية منسوبة إلى بني غاضرة من بني أسد ، الذين قد اشترى منهم الحسينعليه‌السلام أرض كربلاء ، وهي الأرض المنبسطة التي كانت مزرعة لبني أسد ، شمالي الهيابي ، وتعرف بأراضي الحسينية. وقد نزلها بنو أسد بعد اختطاط الكوفة ونزول القبائل المضرية واليمانية.

٧١٩ ـ النواويس :(أضواء على معالم محافظة كربلاء ، ص ٢٥)

كانت النواويس مقبرة عامة للنصارى قبل الفتح الاسلامي ، وتقع في أراضي الحسينية قرب نينوى ، وهي الأطلال الكائنة في شمال غربي كربلاء التي تعرف بكربلاء القديمة ، يستخرج منها بعض الحباب الخزفية التي كان البابليون يدفنون موتاهم فيها.

وقد ذكرها الإمام الحسينعليه‌السلام في خطبته المشهورة عند ما عزم على المسير إلى الكوفة ، فقال : «كأني بأوصالي [هذه] تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء».

٧٢٠ ـ الحائر :

وهي الأراضي المنخفضة من كربلاء التي تضمّ قبر الحسينعليه‌السلام إلى رواق بقعته الشريفة. وقد حار الماء حولها على عهد المتوكل العباسي ، أي دار حول القبر دون أن يمسه ، وذلك عندما حاول المتوكل الغاشم حرث القبر الشريف ، وسلّط عليه الماء ليعفّي أثره.

وسوف يأتي بحث مستفيض حول (الحائر)و (الحرم) عند الكلام عن مرقد الحسينعليه‌السلام في كربلاء ، في أواخر الجزء الثاني من الموسوعة.

٧٢١ ـ المدائن :(الفهرست : معجم الخريطة التاريخية ، ص ٩٥)

المدائن (أو مدائن كسرى) : هي قاعدة مملكة الفرس لعهد الفتح الاسلامي ، وتدعى عند اليونان (طيسفون). تقع على الشاطئ الأيسر من نهر دجلة ، وأطلالها اليوم على بعد ٢٦ كم جنوب بغداد. وفيها آثار إيوان كسرى أنوشروان (طاق كسرى) الّذي وصفه البحتري في قصيدته السينية المشهورة. ومنذ أن دفن فيها الصحابي الجليل سلمان الفارسي أصبحت القرية تسمى (سلمان باك) : أي سلمان الطاهر.

٦٠٢

يقول اليعقوبي في كتابه (البلدان) ص ١٠٦ :

من أراد من بغداد إلى المدائن وما والاها مما على حافتي دجلة من المدن والطساسيج ، خرج من بغداد فسلك أي الجانبين الشرقي من دجلة أو الغربي في قرى عظام فيها ديار الفرس ، حتّى يصير إلى المدائن ، وهي على سبعة فراسخ من بغداد. والمدائن دار ملوك الفرس ، وكان أول من نزلها أنوشروان ، وهي عدة مدن في جانبي دجلة ، منها اسبانير في الجانب الشرقي ، وفيها إيوان كسرى العظيم الّذي ليس للفرس مثله ، ارتفاع سمكه ثمانون ذراعا. وفي هذه المدينة كان ينزل سلمان الفارسي.

نزول كربلاء

٧٢٢ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام أول نزوله كربلاء ، وفيه يذكر ما حلّ به :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٦)

وكان نزول الحسينعليه‌السلام في (كربلاء) في الثاني من المحرم سنة ٦١ ه‍.فجمع ولده وإخوته وأهل بيته ، فنظر إليهم وبكى ، ثم قال : الله م إنا عترة نبيك محمّد صلواتك عليه ، قد أزعجنا وأخرجنا وطردنا عن حرم جدنا ، وتعدّت بنو أمية علينا.

الله م فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين(١) .

٧٢٣ ـ من خطبة لهعليه‌السلام في أصحابه ، وفيها يذكر مصرعه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٧)

ثم خطبعليه‌السلام في أصحابه ، فقال :

أما بعد ، فإن الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الدّيّانون(٢) .

ثم قال لهم : أهذه كربلاء؟. قالوا له : نعم. فقال : هذه موضع كرب وبلاء. ههنا مناخ ركابنا ، ومحطّ رحالنا ، ومسفك دمائنا.

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٣٠.

(٢) مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٣١ نقلا عن البحار ، ج ١٠ ص ١٩٨.

٦٠٣

موقف الإنسان من الدين والدنيا :

(سيد الشهداء للسيد مصطفى الاعتماد ، ص ٦٨)

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الدّيّانون

هذه الجمل الذهبية التي فاه بها الإمام الحسينعليه‌السلام كحقيقة أبدية تعبّر أصدق تعبير ، عن تعلّقات النفس البشرية ، وتطوراتها الفجائية ، على أثر المطامع والأغراض الدنيوية الرخيصة. فارتكاز الناس أبدا على الحياة الدنيا ، أما الدين فليس لديهم بحيث يستحق أيما اهتمام إذا تعارض مع الدنيا. أما إذا كان الدين إلى جانب لا يمسّ مصالحهم بسوء فهو حق يعترف به ، ولكن لو تراءى شبح البلايا ، فانهم يتسللون لواذا من تحت راية الحق والحقيقة ، بلا هوادة أو تحاش.

٧٢٤ ـ تخييم الحسينعليه‌السلام في كربلاء مع أهله وأصحابه :

(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ١٤٦)

لما نزل أصحاب الحسينعليه‌السلام في كربلاء ، ضربوا أخبيتهم امتثالا لأمره ، فضربوا خيامهم قبالة الشمال الشرقي أبوابها. وأول خيمة نصبوها خيمة الحسينعليه‌السلام العظمى حيث هي محل مجتمعهم وناديهم ، ثم ضربوا أخبية عيالات الحسينعليه‌السلام غربي الخيمة العظمى على مسافة خمسين ذراعا ، وحجبوها بالزقاقات والأستار المزركشة بالأبريسم ، ثم خيّم أهل بيته خلف الخيمة العظمى ، أي قبلها متصلة بخيم الهاشميات ، ثم نصب الأنصار خيامهم شرقي خيم الهاشميين ، فكانت الخيم كلها كنصف دائرة محيطة بخيمة الحسين العظمى. ومن وراء الخيم مرابط الخيول ومعاطن الإبل (أي مرابضها).

٧٢٥ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام وهو يصلح سيفه بعد أن خيّم في كربلاء ، وحديثه مع زينبعليها‌السلام بعد أن نعى نفسه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٧)

قال الخوارزمي : فنزل القوم وحطّوا الأثقال ناحية من الفرات. وضربت خيمة الحسينعليه‌السلام لأهله وبنيه وبناته ، وضربت خيم إخوته وبني عمه حول خيمته.

وجلس الحسينعليه‌السلام في خيمته يصلح سيفه ومعه جون مولى أبي ذرّ الغفاري ، فجعل يصلحه ويقول :

٦٠٤

(الشكل ١٦):

رسم تمثيلي لتوزيع خيام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

يا دهر أفّ لك من خليل

كم لك بالإشراق والأصيل

من صاحب وطالب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل

وكلّ حي سالك سبيلي

ما أقرب الوعد من الرحيل

وإنما الأمر إلى الجليل

سبحانه جلّ عن المثيل(١)

قال زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام : وجعل أبي يردد هذه الأبيات فحفظتها منه ، وخنقتني العبرة ولزمت السكوت حسب طاقتي. فأما عمتي زينب فلما سمعت بذلك استعبرت وبكت ، وكانت ضعيفة القلب ، فبان عليها الحزن والجزع ، فأقبلت تجرّ أذيالها إلى الحسينعليه‌السلام وقالت : يا أخي ويا قرّة عيني ، ليت الموت أعدمني الحياة. يا خليفة الماضين وثمال الباقين(٢) . فنظر إليها الحسينعليه‌السلام وقال : يا أختاه لا يذهبنّ بحلمك الشيطان [وفي رواية : تعزّي بعزاء الله] فإن أهل

__________________

(١) مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٩ ط نجف ، بدون الشطرة الأخيرة ، وأورد هذا الشعر ليلة عاشوراء.

(٢) الثّمال : الغياث ، وأصله من الثميلة ، وهي البقية من الماء.

٦٠٥

السماء يموتون وأهل الأرض لا يبقون ، وكل شيء هالك إلا وجهه ، له الحكم وإليه ترجعون. فأين أبي وجدي اللذان هما خير مني ، فلي بهما ولكل مؤمن أسوة حسنة.وعزّاها ، ثم قال لها : بحقي عليك يا أختاه ، إذا أنا قتلت فلا تشقّي عليّ جيبا ولا تخمشي عليّ وجها(١) . ثم ردّها إلى خدرها.

(وروي) أنه لما سمعت ذلك أخته زينب أو أم كلثوم جاءت إلى الحسينعليه‌السلام وقالت: يا أخي هذا كلام من أيقن بالموت ، قال : نعم يا أختاه. قالت : إذن فردّنا إلى حرم جدنا. فقال : يا أختاه لو ترك القطا (ليلا) لنام. فقالت : واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة ، مات جدي رسول الله ومات أبي علي وماتت أمي فاطمة ومات أخي الحسن ، وبقي ثمال أهل البيت ، واليوم ينعى إليّ نفسه. وبكت ، فبكت النسوة ولطمن الخدود وشققن الجيوب ، وجعلت أخته تنادي : وا محمداه وا أبا القاسماه ، اليوم مات جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وا أبتاه وا علياه ، اليوم مات أبي علي. وا أماه وا فاطماه ، اليوم ماتت أمي فاطمة. وا أخاه وا حسناه ، اليوم مات أبي علي. وا أماه وا فاطماه ، اليوم ماتت أمي فاطمة. وا أخاه وا حسناه ، اليوم مات أخي الحسن.وا أخاه وا حسيناه ، وا ضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله. فعزّاها الحسين وصبّرها ، وقال :يا أختاه تعزّي بعزاء الله ، وارضي بقضاء الله ، فإن أهل السماء يفوتون ، وأهل الأرض يموتون ، وجميع البرية لا يبقون ، وكل شيء هالك إلا وجهه ، فتبارك الله الّذي إليه جميع الخلق يرجعون ، فهو الّذي خلق الخلق بقدرته ، ويفنيهم بمشيئته ، ويبعثهم بإرادته. يا أختاه كان جدي وأبي وأمي وأخي خيرا مني وأفضل ، وقد ذاقوا الموت وضمّهم التراب ، وإن لي ولك ولكل مؤمن برسول الله أسوة حسنة.

ثم قالعليه‌السلام : يا زينب ويا أم كلثوم ويا فاطمة ويا رباب ، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيبا ، ولا تخمشن عليّ وجها ، ولا تقلن فيّ هجرا.

(وفي تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤٣) عن زين العابدينعليه‌السلام أن الحسينعليه‌السلام قال هذه الأبيات عشية اليوم التاسع من المحرم.

قال علي بن الحسينعليه‌السلام : إني لجالس في العشية التي قتل أبي الحسين بن عليعليهما‌السلام في صبيحتها ، وعندي عمتي زينب تمرّضني ، إذ دخل أبي وهو يقول :[يا دهر أفّ لك من خليل] إلى آخر الأبيات المتقدمة.

__________________

(١) مقتل الحسين لأبي مخنف ص ٥٠ ، وأورد المقرم نظير هذا الكلام ص ٢٦٤ في ليلة عاشوراء منقولا عن الله وف. ولدى الرجوع إلى الله وف ص ٤٥ تبيّن أنه أورده هنا أول نزولهعليه‌السلام كربلاء.

٦٠٦

يقول زين العابدينعليه‌السلام : ففهمت ما قال ، وعرفت ما أراد ، وخنقتني العبرة فرددتها ، وعلمت أن البلاء قد نزل بنا.

وأما عمتي زينبعليها‌السلام فإنها لما سمعت ما سمعت ، وهي امرأة ـ ومن شأن النساء الرقة والجزع ـ لم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها حاسرة ، حتّى انتهت إليه ، وهي تقول :

واثكلاه!. ليت الموت أعدمني الحياة. اليوم ماتت أمي فاطمة ، وأبي علي ، وأخي الحسنعليهم‌السلام . يا خليفة الماضي وثمال الباقي.

فنظر إليها الحسينعليه‌السلام ، ثم قال : يا أخيّة لا يذهبنّ حلمك الشيطان ، فإن الموت نازل لا محالة. فقالت : بأبي وأمي أتستقتل ، نفسي لك الفدا؟. فردّت عليه غصته ، وترقرقت عيناه بالدموع ، ثم قال : لو ترك القطا ليلا لنام!. فقالت زينبعليها‌السلام : يا ويلتاه ، أفتغصب نفسك اغتصابا؟ فذلك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي. ثم لطمت وجهها ، وأهوت إلى جيبها فشقّته ، وخرّت مغشيا عليها.

فقام إليها الحسينعليه‌السلام فصبّ على وجهها الماء حتّى أفاقت ، وقال لها : يا أخيّة ، اتّقي الله وتعزّي بعزاء الله ، فإن سكان السموات يفنون ، وأهل الأرض كلهم يموتون ، وجميع البرية يهلكون.

ثم قال لها : يا أختاه ، إني أقسمت عليك فأبرّي قسمي ؛ لا تشقّي عليّ جيبا ، ولا تخمشي عليّ وجها ، ولا تدعي عليّ بالويل والثبور ، إذا أنا هلكت.

(أقول) : ومما يرجح أن تكون هذه الحادثة حدثت في هذا الموقف وليس ليلة العاشر من المحرم ، أن الحسينعليه‌السلام لا يصبّ على وجه زينب الماء في تلك الليلة ، وهو لا يملك منه قطرة لشرب الأطفال والعيال.

ـ تعليق على قولهعليه‌السلام : يا دهر أفّ لك من خليل :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٧٦)

يقول الفاضل الدربندي : إن قصد الحسينعليه‌السلام من الدهر هنا ، ليس الزمان وإنما الدنيا ، أو إن قصده من الدهر أهل الدهر ؛ وغرضه من قوله هو توبيخ أهل الدنيا الذين يغترون بها. وهذا مثل قول الإمام عليعليه‌السلام : «يا دنيا غرّي غيري».لأن الدهر بمعنى الزمان هو من خلق الله ، ولا يجوز سبّه ، مصداقا لما ورد في بعض الآثار : «لا تسبّوا الدهر ، فإن الدهر هو الله». أي هو من مخلوقات الله.

٦٠٧

٧٢٦ ـ من خطبة للحسينعليه‌السلام في أصحابه ، وفيها يصف حال الدنيا :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٣٢)

ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمّد وآله ، وقال :

أما بعد ، فقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون. وإن الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها ، ولم يبق منها إلا صبابة(١) كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل. ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقّا ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما(٢) .

[الأجوبة]

٧٢٧ ـ جواب زهير بن القين البجلي مؤثرا النهوض مع الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٣٣)

فقام زهير بن القين ، وقال : سمعنا يابن رسول الله مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلّدين ، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها.

٧٢٨ ـ جواب برير بن خضير الهمداني فاديا نفسه للحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٦)

وقال للحسين رجل من أصحابه يقال له برير بن خضير الهمداني : يابن رسول الله لقد منّ الله تعالى علينا بك أن نقاتل بين يديك ، وتقطّع فيك أعضاؤنا ، ثم يكون جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شفيعنا يوم القيامة(٣) فلا أفلح قوم ضيّعوا

__________________

(١) الصبابة : بقية الماء في الإناء. والمرعى الوبيل : أي الثقيل والوخيم. والبرم : ما يوجب السآمة والضجر.

(٢) كذا في الله وف ص ٤٤ ، والعقد الفريد ج ٢ ص ٣١٢ ، وحلية الأولياء لأبي نعيم ج ٣ ص ٣٩ ، وتاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ٣٣٣. وعند الطبري ج ٦ ص ٢٢٩ أنه خطبهعليه‌السلام بذي حسم.وفي مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٩٢ ، وذخائر العقبى ص ١٤٩ ، ومقتل الخوارزمي ج ٢ ص ٥ أنه خطب ذلك يوم عاشوراء. وفي سير أعلام النبلاء للذهبي ج ٣ ص ٢٠ أنه خطبه بأصحابه لما نزل به ابن سعد.

(٣) مقتل المقرم ص ٢٣٣ نقلا عن اللهوف ص ٤٤.

٦٠٨

ابن بنت نبيهم ، أفّ لهم غدا ما يلاقون ، سينادون بالويل والثبور في نار جهنم وهم فيها خالدون.

٧٢٩ ـ جواب نافع بن هلال الجملي فاديا نفسه للحسينعليه‌السلام ومواسيا له :

(المصدر السابق)

وقال للحسينعليه‌السلام رجل آخر من شيعته يقال له نافع بن هلال الجملي (وفي رواية الخوارزمي : هلال بن نافع) : يابن رسول الله أنت تعلم أن جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يقدر أن يشرب الناس محبته ، ولا أن يرجعوا إلى ما كان أحب ، فكان منهم منافقون يعدونه بالنصر ويضمرون له الغدر ، يلقونه بأحلى من العسل ، ويخلفونه بأمرّ من الحنظل ، حتّى قبضه الله تبارك وتعالى إليه. وإن أباك عليا صلوات الله عليه قد كان في مثل ذلك ، فقوم قد أجمعوا على نصرته وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقوم قعدوا عنه وخذلوه ، حتّى مضى إلى رحمة الله ورضوانه وروحه وريحانه. وأنت اليوم يابن رسول الله على مثل تلك الحالة ، فمن نكث عهده وخلع بيعته فلن يضرّ إلا نفسه ، والله تبارك وتعالى مغن عنه. فسر بنا يابن رسول الله راشدا معافى ، مشرّقا إن شئت أو مغرّبا ، فوالذي لا إله إلا هو ما أشفقنا من قدر الله ولا كرهنا لقاء ربنا ، وإنا على نيّاتنا وبصائرنا ، نوالي من والاك ونعادي من عاداك(١) .

٧٣٠ ـ كتاب الحر إلى ابن زياد :

(الوثائق الرسمية لعبد الكريم القزويني ، ص ٩٩)

ولما استقرّ المكان بالحسينعليه‌السلام وركبه الثائر ، كتب الحر بن يزيد التميمي قائد الكتيبة الأولى إلى عبيد الله بن زياد يخبره بقدوم الحسينعليه‌السلام ونزوله كربلاء.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٣٣ نقلا عن مقتل العوالم ص ٧٦. وذكر السيد علي بن الحسين الهاشمي النجفي في كتابه (الحسين في طريقه إلى الشهادة) ص ١٠٢ كل ما سبق من ردود أصحاب الحسينعليه‌السلام أنها كانت في موضع (البيضة) بين شراف والعذيب ، بعد أن خطب فيهم خطبة : «من رأى منكم سلطانا جائرا ..." وقد أوردناها سابقا على أنها رسالة لا خطبة كما رجّحنا.

٦٠٩

٧٣١ ـ كتاب عبيد الله بن زياد للحسينعليه‌السلام يخبره فيه بكتاب يزيد له بقتله أو يبايع :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٩)

ولما وصل كتاب الحر إلى عبيد الله بن زياد ، كتب ابن زياد للحسينعليه‌السلام : أما بعد يا حسين ، فقد بلغني نزولك كربلاء ، وقد كتب إليّ أمير المؤمنين يزيد أن لا أتوسّد الوثير ، ولا أشبع من الخمير ، حتّى ألحقك باللطيف الخبير ، أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد. فلما ورد كتابه وقرأه الحسينعليه‌السلام رمى به من يده ، وقال : لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق. فقال له الرسول : جواب الكتاب؟. فقال له : لا جواب له عندي ، لأنه قد حقّت عليه كلمة العذاب(١) .

فغضب ابن زياد ، وانتدب عمر بن سعد لقتال الحسينعليه‌السلام .

اليوم الثالث من المحرّم

٧٣٢ ـ ندب عمر بن سعد لقتال الحسينعليه‌السلام والخيار الصعب :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٩)

ثم جمع عبيد الله بن زياد أصحابه ، فقال : أيها الناس ، من منكم يتولّى قتال الحسين بولايته أيّ بلد شاء؟. فلم يجبه أحد!.

فالتفت إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص ، وكان ابن زياد قبل ذلك بأيام قد عقد له وولاه (الرّي وتستر) وأمره بحرب الديلم ، وأعطاه عهده. وأخّره من أجل شغله بأمر الحسينعليه‌السلام .

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٧ ط ٢ نجف :

وقال ابن زياد لعمر بن سعد : اكفني هذا الرجل ، وكان عمر يكره قتاله. فقال :اعفني!. فقال : لا أعفيك. وكان ابن زياد قد ولّى عمر بن سعد (الرّي وخوزستان).فقال : قاتله وإلا عزلتك ، فقال : أمهلني الليلة ، فأمهله. ففكر ، فاختار ولاية الري على قتل الحسينعليه‌السلام . فلما أصبح غدا عليه ، فقال : أنا أقاتله!.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٣٦ ، ومناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٨ ط نجف.

٦١٠

(أقول) : والذي حدث أن عمر حارب الحسينعليه‌السلام وقتله ، ولكنه لم يعطه ابن زياد الولاية التي كان وعده بها ، فخسر الدنيا والآخرة.

وفي (كامل ابن الأثير) ج ٣ ص ٣٧٩ :

وكتب عهده على الري ، فعسكر بالناس في (حمام أعين). فلما كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ، دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال له : سر إلى الحسينعليه‌السلام .

٧٣٣ ـ عمر بن سعد يستشير أصحابه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٩)

قال الخوارزمي : فقال عمر بن سعد : فأمهلني أيها الأمير اليوم ، حتّى أنظر في أمري. قال : فقد أمهلتك.

فانصرف عمر بن سعد ، وجعل يستشير إخوانه ومن يثق به ، فلا يشير عليه أحد بذلك ، غير أنه يقول له : اتّق الله ولا تفعل.

وأقبل إليه حمزة بن المغيرة بن شعبة وهو ابن أخته ، فقال : أنشدك الله يا خال ، أن تسير إلى قتال الحسينعليه‌السلام ، فإنك تأثم بذلك وتقطع رحمك ، فوالله لأن خرجت من مالك ودنياك وسلطان الأرض كلها ، خير لك من أن تلقى الله بدم الحسين بن فاطمةعليه‌السلام . فسكت عمر ، وفي قلبه من (الرّي) ما فيه.

وبات ليلته قلقا مضطربا ، لأن نفسه في صراع بين الدنيا وقتل الحسينعليه‌السلام .وسمع يقول :

دعاني عبيد الله من دون قومه

إلى خطةّ فيها خرجت لحيني

فوالله ما أدري وإني لحائر

أفكّر في أمري على خطرين

أأترك ملك الرّي والريّ منيتي

أم ارجع مذموما بقتل حسين

وفي قتله النار التي ليس دونها

حجاب ، وملك الريّ قرّة عيني

(وفي مقتل أبي مخنف ، ص ٥١) وأجابه هاتف يقول :

ألا أيها النغل الّذي خاب سعيه

وراح من الدنيا ببخسة عين

ستصلى جحيما ليس يطفى لهيبها

وسعيك من دون الرجال بشين

إذا أنت قاتلت الحسين بن فاطم

وأنت تراه أشرف الثّقلين

فلا تحسبنّ الريّ يا أخسر الورى

تفوز به من بعد قتل حسين

ولما أصبح ذهب إلى عبيد الله بن زياد.

٦١١

ـ نصيحة الصديق كامل :(المنتخب للطريحي ، ص ٢٨٠)

وكان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يقال له (كامل) ، وكان صديقا لأبيه من قبله. فقال له : يا عمر ، مالي أراك بهيئة وحركة ، فما الّذي أنت عازم عليه؟.وكان كامل كاسمه ذا رأي وعقل ودين كامل. فقال له ابن سعد : إني قد وليت أمر هذا الجيش في حرب الحسينعليه‌السلام ، وإنما قتله عندي وأهل بيته كأكلة آكل وكشربة ماء ، وإذا أنا قتلته خرجت إلى ملك الريّ. فقال له كامل : أفّ لك يا عمر بن سعد ، تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول الله؟!. أفّ لك ولدينك يا عمر ، أسفهت الحق وضللت الهدى؟!. أما تعلم إلى حرب من تخرج ، ولمن تقاتل؟. إنا لله وإنا إليه راجعون. والله لو أعطيت الدنيا وما فيها على قتل رجل واحد من أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما فعلت. فكيف تريد قتل الحسين ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. وما الّذي تقول غدا لرسول الله إذا وردت عليه وقد قتلت ولده وقرة عينه وثمرة فؤاده ، وابن سيدة نساء العالمين وابن سيد الوصيين ، وهو سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين.وإنه في زماننا هذا بمنزلة جده في زمانه ، وطاعته فرض علينا كطاعته. وإنه باب الجنة والنار ، فاختر لنفسك ما أنت مختار. وإني أشهد بالله أن من حاربه أو قتله أو أعان عليه أو على قتله ، لا يلبث في الدنيا بعده إلا قليلا. فقال له عمر بن سعد :فبالموت تخوّفني ، وإني إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس ، وأتولى ملك الري. فقال له كامل : إني أحدثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله. اعلم أني سافرت مع أبيك سعد إلى الشام ، فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي وتهت وعطشت ، فلاح لي دير راهب ، فملت إليه ونزلت عن فرسي ، وأتيت إلى باب الدير لأشرب ماء. فأشرف عليّ راهب من ذلك الدير وقال : ما تريد؟. فقلت له : إني عطشان. فقال لي : أنت من أمة هذا النبي ، الّذي يقتل بعضهم بعضا على حب الدنيا مكالبة ، ويتنافسون فيها على حطامها؟. فقلت له : أنا من الأمة المرحومة ، أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال : إنكم أشرّ أمّة ، فالويل لكم يوم القيامة ، وقد عدوتم إلى عترة نبيكم ، تسبون نساءه وتنهبون أمواله!. فقلت : لا يا راهب ، نحن نفعل ذلك؟!. قال : نعم. وإنكم إذا فعلتم ذلك عجّت السموات والأرضون والبحار والجبال والبراري والقفار والوحوش والأطيار باللعنة على قاتله ، ثم لا يلبث قاتله في الدنيا إلا قليلا. ثم يظهر رجل يطلب بثأره ، فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله ، وعجّل الله بروحه إلى النار. ثم قال الراهب : إني لا أرى لك قرابة

٦١٢

من قاتل هذا ابن الطيّب. والله إني لو أدركت أيامه لوقيته في نفسي من حرّ السيوف.فقلت : يا راهب إني أعيذ نفسي أن أكون ممن يقاتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .فقال : إن لم تكن أنت فرجل قريب منك. وإن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار ، وإن عذابه أشدّ عذابا من عذاب فرعون وهامان. ثم ردّ الباب في وجهي ، ودخل يعبد الله تعالى ، وأبى أن يسقيني الماء.

قال كامل : فركبت فرسي ولحقت أصحابي. فقال لي أبوك سعد : ما أبطأك عنا يا كامل؟. فحدّثته بما سمعته من الراهب. فقال لي : صدقت.

ثم إن سعدا أخبرني أنه نزل بدير هذا الراهب مرة من قبل ، فأخبره أنه هو أبو الرجل الّذي يقتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فخاف أبوك سعد من ذلك ، وخشي أن تكون أنت قاتله ، فأبعدك عنه وأقصاك. فاحذر يا عمر أن تخرج عليه ، فيكون عليك نصف عذاب أهل النار.

٧٣٤ ـ محاولة تنصّل فاشلة :(المصدر السابق)

ولما أصبح عمر بن سعد ذهب إلى عبيد الله بن زياد ، فقال له ابن زياد : ما عندك يا عمر؟. فقال : أيها الأمير إنك قد ولّيتني هذا العمل [يقصد ولاية الريّ] وكتبت العهد ، وقد سمع الناس به ، فإن رأيت أن تنفذه لي ، وتبعث إلى قتال الحسين غيري من أشراف أهل الكوفة ، فإن بها مثل : أسماء بن خارجة ، وكثير بن شهاب ، ومحمد بن الأشعث ، وعبد الرحمن بن قيس ، وشبث بن ربعي ، وحجّار ابن أبجر.

فقال له : يا عمر ، لا تعلمني بأشراف الكوفة ، فإني لا أستأمرك فيمن أريد أن أبعث ، فإن سرت إلى الحسين ، فرّجت عنا هذه الغمة ، فأنت الحبيب القريب ، وإلا فاردد إلينا عهدنا ، والزم منزلك ، فإنا لا نكرهك. فسكت عمر بن سعد.

٧٣٥ ـ تهديد ووعيد :(المصدر السابق ، ص ٢٤٠)

وغضب عبيد الله بن زياد ، فقال : والله يابن سعد ، لئن لم تسر إلى الحسين وتتولّ حربه وتقدم عليه بما يسوء ، لأضربنّ عنقك ، ولأهدمنّ دارك ، ولأنهبنّ مالك ، ولا أبقي عليك كائنا ما كان. فقال عمر : فإني سائر إليه غدا إنشاء الله. فجزاه عبيد الله خيرا ، وسرى عنه غضبه ، ووصله وأعطاه.

وضمّ إليه أربعة آلاف فارس ، وقال له : خذ بكظم الحسين وحل بينه وبين الفرات.

٦١٣

فسار عمر بن سعد من غده في أربعة آلاف ، حتّى نزل كربلاء في اليوم الثالث من المحرم. وجهّز خمسمائة فارس بقيادة عمرو بن الحجاج ، فنزلوا على شريعة الفرات.

وفي (الأخبار الطوال) لأبي حنيفة الدينوري ص ٢٥٤ :

ثم وجهّ [ابن زياد] : الحصين بن نمير ، وحجّار بن أبجر ، وشبث بن ربعي ، وشمر بن ذي الجوشن ، ليعاونوا عمر بن سعد على أمره.

قالوا : وكان ابن زياد إذا وجّه الرجل إلى قتال الحسينعليه‌السلام في الجمع الكثير ، يصلون إلى كربلاء ولم يبق منهم إلا القليل ، كانوا يكرهون قتال الحسينعليه‌السلام ، فيرتدعون ويتخلفون.

٧٣٦ ـ ظهور كرامة للإمام عليعليه‌السلام بشأن من يقتل الحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٦ ط ٢ نجف)

قال ابن سيرين : وقد ظهرت كرامات علي بن أبي طالبعليه‌السلام في هذا ، فإنه لقي عمر بن سعد يوما وهو شاب ، فقال : ويحك يابن سعد ، كيف بك إذا قمت يوما مقاما تخيّر فيه بين الجنة والنار ، فتختار النار؟!.

(لقاء عمر بن سعد)

٧٣٧ ـ رسول عمر بن سعد يسأل الحسينعليه‌السلام عما جاء به إلى هذا الموضع ، وجواب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٠)

ولما جاء عمر بن سعد كربلاء ، دعا رجلا من أصحابه يقال له : عروة بن قيس الأحمسي ، فقال له : امض إلى الحسين وسله : ما الّذي جاء به إلى هذا الموضع؟وما الّذي أخرجه من مكة بعدما كان مستوطنا بها؟!. فقال عروة : أيها الأمير ، إني كنت قبل اليوم أكاتب الحسينعليه‌السلام ويكاتبني ، وإني لأستحي أن أصير إليه ، فإن رأيت أن تبعث غيري!. ثم طلب أيضا من الرؤساء أن يذهبوا إلى الحسينعليه‌السلام ويسألوه عن مقدمه ، فأبوا وكرهوا لأنهم ممن كاتبوه بالتوجه إليهم.

فبعث رجلا يقال له قرة بن قيس الحنظلي ، فلما أشرف ورآه الحسينعليه‌السلام قال :هل تعرفون هذا؟. فقال حبيب بن مظاهر الأسدي : نعم يابن رسول الله ، هذا رجل

٦١٤

من بني تميم ثم من بني حنظلة ، وكنت أعرفه حسن الرأي ، وما ظننت أن يشهد هذا المشهد. ثم تقدم الحنظلي حتّى وقف بين يدي الحسينعليه‌السلام فسلّم عليه وأبلغه رسالة عمر بن سعد.

فقال له الحسينعليه‌السلام : يا هذا أبلغ صاحبك عني أني لم أرد هذا البلد ، ولكن كتب إليّ أهل مصركم هذا أن آتيهم فيبايعوني ويمنعوني وينصروني ولا يخذلوني ، فإن كرهوني انصرفت عنهم من حيث جئت. فقال له حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرّة عهدي بك وأنت حسن الرأي في أهل هذا البيت ، فما الّذي غيّرك حتّى جئت بهذه الرسالة. فأقم عندنا وانصر هذا الرجل الّذي قد أتانا الله به. فقال الحنظلي :لعمري لنصرته أحق من نصرة غيره ، ولكن أرجع إلى صاحبي بالرسالة وأنظر في ذلك. ثم انصرف فأخبره بجواب الحسينعليه‌السلام . فقال ابن سعد : الحمد لله ، والله إني لأرجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله.

(وفي رواية أبي مخنف) أن الّذي أتى إلى الحسينعليه‌السلام هو رجل من خزيمة.

(قال في مقتله ص ٥٢) فقال له زهير : الق سلاحك وادخل. فقال : حبا وكرامة.ثم ألقى سلاحه ودخل عليه فقبّل يديه ورجليه ، وقال : يا مولاي ما الّذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا؟. فقال : كتبكم. فقال : الذين كاتبوك هم اليوم من خواص ابن زياد. فقال لهعليه‌السلام : ارجع إلى صاحبك وأخبره بذلك. فقال : يا مولاي من الّذي يختار النار على الجنة ، فوالله ما أفارقك حتّى ألقى حمامي بين يديك. فقال له الحسينعليه‌السلام : واصلك الله كما واصلتنا بنفسك. ثم أقام عند الحسينعليه‌السلام حتّى قتل.

٧٣٨ ـ كتاب عمر بن سعد إلى ابن زياد يخبره فيه بموقف الحسينعليه‌السلام ، وجواب الكتاب :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤١)

ثم كتب ابن سعد إلى عبيد الله بن زياد :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. إلى الأمير عبيد الله بن زياد ، من عمر بن سعد. أما بعد فإني نزلت بالحسين ، ثم بعثت إليه رسولا أسأله عما أقدمه إلى هذا البلد؟. فذكر أن أهل الكوفة أرسلوا إليه يسألونه القدوم عليهم ، ليبايعوه وينصروه ، فإن بدا لهم في نصرته [أي بدا لهم شيء يمنعهم من نصرته] فإنه ينصرف من حيث جاء ، فيكون بمكة

٦١٥

أو يكون بأي بلد أمرته ، فيكون كواحد من المسلمين. فأحببت أن أعلم الأمير بذلك ليرى رأيه ، والسلام.

فلما قرأ عبيد الله كتابه ، فكّر في نفسه ساعة ، ثم أنشد :

الآن إذ علقت مخالبنا به

يرجو النجاة ولات حين مناص

ثم قال : أيرجو ابن أبي تراب النجاة ، هيهات هيهات ، لا أنجاني الله من عذابه إن نجا الحسين مني.

٧٣٩ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد رقم (١) يطالبه بعرض البيعة على الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق)

ثم كتب إلى ابن سعد : أما بعد ، فقد بلغني كتابك وما ذكرت فيه من أمر الحسين ، فإذا أتاك كتابي فاعرض عليه البيعة لأمير المؤمنين يزيد ، فإن فعل وبايع ، وإلا فائتني به والسلام.

فلما ورد الكتاب على عمر بن سعد وقرأه ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون. إن عبيد الله لا يقبل العافية ، والله المستعان.

ولم يعرض ابن سعد على الحسينعليه‌السلام بيعة يزيد ، لأنه علم أن الحسينعليه‌السلام لا يجيبه إلى ذلك أبدا.

٧٤٠ ـ خطبة ابن زياد يغري فيها الناس بالمال ، ويحرّضهم للخروج لحرب الحسينعليه‌السلام :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٢)

ثم جمع ابن زياد الناس في جامع الكوفة ، وخرج فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

أيها الناس ، إنكم بلوتم آل أبي سفيان ، فوجدتموهم كما تحبون. وهذا أمير المؤمنين يزيد قد عرفتموه ؛ حسن السيرة ، محمود الطريقة ، (ميمون النقيبة) ، محسنا إلى الرعية (متعاهدا للثغور) ، يعطي العطاء في حقه ، وقد أمنت السبل على عهده (وأطفئت الفتن بجهده). وكما كان معاوية في عصره ، كذلك ابنه يزيد في أثره ؛ يكرم العباد ويغنيهم بالأموال ويزيدهم بالكرامة ، وقد زادكم في أرزاقكم مائة بالمائة ، وأمرني أن أوفّرها عليكم ، وآمركم أن تخرجوا إلى حرب عدوه الحسين بن علي ، فاسمعوا له وأطيعوا.

٦١٦

إعلان النفير العام

ثم نزل من المنبر ، ووضع لأهل الرياسة العطاء ، وأعطاهم. ونادى فيهم أن يتهيؤوا للخروج إلى عمر بن سعد ليكونوا عونا له على قتال الحسينعليه‌السلام .

وخرج إلى النّخيلة(١) وعسكر فيها. وبعث على الحصين بن نمير التميمي ، وحجّار بن أبجر ، وشمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، وأمرهم بمعاونة عمر ابن سعد.

٧٤١ ـ استبطاء شبث بن ربعي وتمارضه :

(مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري ، ص ٥٠)

ثم أرسل [عبيد الله بن زياد] إلى شبث بن ربعي أن أقبل إلينا ، فإنا نريد أن نوجّه بك إلى حرب الحسين. فتمارض شبث ، فأرسل إليه : أما بعد ، فإن رسولي أخبرني بتمارضك ، وأخاف أن تكون من الذين( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ) (١٤) [البقرة : ١٤].(فانظر) إن كنت في طاعتنا فأقبل إلينا مسرعا. فأقبل إليه شبث بن ربعي بعد العشاء (الآخرة) لئلا ينظر إلى وجهه فلا يرى عليه أثر العلّة. فلما دخل رحّب به وقرّب مجلسه ، ثم قال له :أريد أن تشخص (غدا) إلى قتال الحسين عونا لابن سعد. فقال : أفعل أيها الأمير (فخرج في ألف فارس).

٧٤٢ ـ قطع الطريق على من يريد الالتحاق بالحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم ، ص ٢٤٠)

وجعل عبيد الله بن زياد زجر بن قيس الجعفي مسلحة في خمسمائة فارس ، وأمره أن يقيم بجسر الصراة ، يمنع من يخرج من أهل الكوفة يريد الحسينعليه‌السلام . فمرّ به عامر بن أبي سلامة بن عبد الله بن عرار الدالاتي. فقال له زجر : قد عرفت حيث تريد ، فارجع. فحمل عليه وعلى أصحابه فهزمهم ، ومضى وليس أحد منهم يطمع في الدنوّ منه. فوصل كربلاء ولحق بالحسينعليه‌السلام حتّى قتل معه. وكان قد شهد المشاهد مع أمير المؤمنين عليعليه‌السلام .

__________________

(١) النّخيلة : هي العباسية في كلام ابن نما ، وتعرف اليوم بالعباسيات ، وموقعها قريب من (ذي الكفل) وهي تبعد فرسخين شمال الكوفة.

٦١٧

٧٤٣ ـ إرهاب ابن زياد :

(الوثائق الرسمية للسيد عبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٠٥)

ثم إن عبيد الله بن زياد أخذ يرسل الكتيبة تلو الكتيبة ، والفوج تلو الفوج ، إلى عمر بن سعد ، ويحثّ الناس على الخروج لحرب الحسينعليه‌السلام بعد أن زاد في عطائهم مائة بالمائة.

ثم نودي في شوارع وسكك وأزقة الكوفة : «ألا برئت الذمّة ممن وجد في الكوفة ، ولم يخرج لحرب الحسين».

وبعث ابن زياد سويد بن عبد الرحمن المنقري في خيل إلى الكوفة ، وأمره أن يطوف بها ، فمن وجده قد تخلّف أتاه به.

فبينما هو يطوف في أحياء الكوفة ، إذ وجد رجلا من أهل الشام ، قد كان قدم الكوفة في طلب ميراث له (وفي رواية : لأخذ دين له في ذمة رجل من أهل العراق).فأرسل به إلى ابن زياد. فقال ابن زياد : اقتلوه ، ففي قتله تأديب لمن لم يخرج بعد ، فقتل(١) .

٧٤٤ ـ جيوش من الهمج الرّعاع :(الوثائق الرسمية ، ص ١٠٦)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني :

فتأثّر الرأي العام بالجو اللاشعوري ، أو ما يسمى بالسلوك الجمعي ، وإذا بالغوغائية جماعات وجماعات تخرج لحرب ابن بنت نبيّها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير ملتفتة إلى ما ينتج من هذا المصير الوخيم الّذي أقبلت إليه مسرعة ، وفقد الفرد سيطرته على نفسه وعقله ، وأصبح يعيش في حالة هستيرية لا يعي ولا يشعر ، لأنه تأثّر بالعقل الجمعي وسلوكه ، وخصوصا بعد أن قتل جماعة من النخبة الواعية ، أمثال ميثم التمّار وغيره ، واعتقل البقية مثل : المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، وسليمان بن صرد الخزاعي ، واختفى آخرون. وصفا الجو إلى ابن زياد حيث أخذ يلعب بالطبقة التي وصفها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بقوله :

«همج رعاع ، أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستنيروا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق».

__________________

(١) الأخبار الطوال للدينوري ، ص ٢٥٤.

٦١٨

اليوم السادس من المحرّم

(اكتمال الجيوش الأموية في كربلاء)

تجهيز الجيوش

٧٤٥ ـ القوات الأموية تزحف إلى كربلاء :

فأول من خرج إلى عمر بن سعد ، شمر بن ذي الجوشن الضّبابي في أربعة آلاف ، فصار ابن سعد في تسعة آلاف.

ثم أتبعه ابن زياد بيزيد بن ركاب الكلبي في ألفين ،

والحصين بن نمير السكوني في أربعة آلاف ،

ومضاير بن رهينة المازني في ثلاثة آلاف ،

ونصر بن خرشة في ألفين.

فتمّ له عشرون ألف فارس ، تكمّلت عنده إلى ست ليال خلون من المحرم.

وبعث كعب بن طلحة في ثلاثة آلاف ، وشبث بن ربعي في ألف ، وحجّار بن أبجر في ألف فارس. فصار عمر بن سعد في خمسة وعشرين ألفا.

ولم يزل ابن زياد يرسل بالعساكر إلى عمر بن سعد حتّى تكامل عنده ثلاثون ألفا ، ما بين فارس وراجل.

يقول ابن شهراشوب في (المناقب) ص ٢٤٨ :

وكان جميع أصحاب الحسينعليه‌السلام اثنين وثمانين رجلا ، منهم الفرسان اثنان وثلاثون فارسا ، ولم يكن لهم من السلاح إلا السيف والرمح.

٧٤٦ ـ التعداد الكمي للجيش الأموي في كربلاء :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين ، ص ١٠٧)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني :

إن الاحصائيات التي رواها أرباب المقاتل وبعض الكتب التاريخية عن كمية تعداد الجيش الأموي الّذي أرسله عبيد الله بن زياد إلى كربلاء لحرب الحسينعليه‌السلام والقضاء على ثورته المقدسة ، هي على حسب الترتيب الزمني :

٦١٩

اسم قائد الكتيبة

عددها

كتيبة الحر بن يزيد التميمي

١٠٠٠ مقاتل

كتيبة عمر بن سعد (قائد الجيش)

٤٠٠٠ مقاتل

كتيبة شمر بن ذي الجوشن

٤٠٠٠ مقاتل

كتيبة يزيد بن ركاب الكلبي

٢٠٠٠ مقاتل

كتيبة الحصين بن نمير التميمي

٤٠٠٠ مقاتل

كتيبة مضاير بن رهينة المازني

٣٠٠٠ مقاتل

كتيبة نصر بن خرشة

٢٠٠٠ مقاتل

كتيبة كعب بن طلحة

٣٠٠٠ مقاتل

كتيبة شبث بن ربعي الرياحي

١٠٠٠ فارس

كتيبة حجّار بن أبجر

١٠٠٠ فارس

المجموع

٢٥٠٠٠ مقاتل

وما زال عبيد الله بن زياد يرسل إليه الخيل والرجال حتّى تكامل عنده ثلاثون ألفا ، ما بين فارس وراجل. كما أن بقية الجيوش الأموية كانت في حالة إنذار واستنفار عام.

٧٤٧ ـ تحقيق حول أعداد جيش عمر بن سعد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦١ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ولم يحضر قتال الحسينعليه‌السلام أحد من أهل الشام ، بل كلهم من أهل الكوفة ممن كاتبه ، وكانوا ستة آلاف مقاتل.

(أقول) : الّذي استفاضت فيه روايات الشيعة ـ وهم أهل هذا البيت ، وأهل البيت أدرى بالذي فيه ـ أن العسكر الذين أحاطوا بالحسينعليه‌السلام يقربون إلى ثلاثين ألفا ، وهو المروي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام .

وفي (مطالب السّؤول) : أنهم كانوا اثنين وعشرين ألفا.

وفي كتاب (محمّد بن أبي طالب) ما حاصله : إن ابن زياد سيّر ابن سعد إلى الحسينعليه‌السلام في تسعة آلاف ، ثم يزيد بن ركاب الكلبي في ألفين ، والحصين ابن

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

٧٨٠ ـ الحسينعليه‌السلام يبعث أنس بن كاهل لينصح عمر بن سعد :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦١)

قال : ودعاعليه‌السلام برجل من أصحابه يقال له «أنس بن كاهل «وقال له : امض إلى هؤلاء القوم وذكّرهم الله تعالى ورسوله ، عساهم يرجعون عن قتالنا ، وأعلم أنهم لا يرجعون ، ولكن لتكون لي عليهم حجة يوم القيامة.

قال : فانطلق أنس حتّى دخل على ابن سعد وهو جالس فلم يسلّم عليه. فقال له :

يا أخا كاهل ما منعك أن تسلّم عليّ ، ألست مؤمنا مسلما؟. والله ما كفرت وقد عرفت الله ورسوله. فقال له أنس : كيف عرفت الله ورسوله وأنت تريد أن تقتل ولده وأهل بيته ومن نصرهم؟ فنكّس ابن سعد رأسه وقال : إني أعلم أن قاتلهم في النار لا محالة ، ولكن لا بدّ أن أنفذّ أمر الأمير عبيد الله بن زياد. فرجع أنس إلى الحسينعليه‌السلام وأخبره بما قاله.

٧٨١ ـ الزحف المباشر : الجيش الأموي بقيادة عمر بن سعد يزحف لقتال الحسينعليه‌السلام بعد صلاة العصر :(لواعج الأشجان للأمين ، ص ٤٠٣)

ونهض عمر بن سعد عشية الخميس لتسع خلون من المحرم ، ونادى في عسكره بالزحف نحو الحسينعليه‌السلام ، وقال : يا خيل الله اركبي ، وبالجنة أبشري. فركب الناس ، ثم زحف نحوهم بعد العصر.

وكان الحسينعليه‌السلام جالسا أمام بيته محتبيا بسيفه ، وخفق برأسه فرأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إنك صائر إلينا عن قريب».

(وفي رواية) أنهعليه‌السلام جلس فرقد ، ثم استيقظ وقال : يا أختاه رأيت الساعة جدي محمدا وأبي عليا وأمي فاطمة وأخي الحسنعليه‌السلام وهم يقولون : يا حسين إنك رائح إلينا غدا.

٧٨٢ ـ زينبعليها‌السلام توقظ الحسينعليه‌السلام :(الوثائق الرسمية ، ص ١٢٣)

وبينما الحسينعليه‌السلام واضع رأسه بين ركبتيه ، سمعت الحوراء زينب بنت عليعليه‌السلام الصيحة وضجّة الخيل ، فدنت من أخيها ، وقالت : يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت؟. فنهض الحسينعليه‌السلام قائما ، وقصّ عليها رؤياه. فلطمت أخته وجهها ، وقالت : يا ويلتا!. فقال الحسينعليه‌السلام : ليس لك الويل يا أخيّة ، اسكتي رحمك الرحمن.

٦٤١

٧٨٣ ـ العباسعليه‌السلام يستعلم الأمر؟ :(مقتل المقرّم ، ص ٢٥٤)

فقالعليه‌السلام لأخيه العباس : اركب «بنفسي أنت(١) «حتّى تلقاهم ، واسألهم عما جاءهم وما الّذي يريدون؟. فركب العباس في عشرين فارسا ، فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر وسألهم عن ذلك. قالوا : جاء أمر الأمير أن نفرض عليكم النزول على حكمه ، أو ننازلكم الحرب.

فانصرف العباس يخبر الحسينعليه‌السلام بذلك ، ووقف أصحابه يعظون القوم.

(وفي رواية مقتل الخوارزمي ج ١ ، ص ٢٥٠) أنه لما بعث الحسينعليه‌السلام أخاه العباسعليه‌السلام ليستطلع خبر ابن سعد ، قال : يا هؤلاء ما شأنكم وما تريدون؟.فقالوا : جاءنا الأمر من عبيد الله بن زياد أن نعرض عليكم ، إما أن تنزلوا على الحكم وإلا ناجزناكم. فرجع العباس إلى الحسينعليه‌السلام فأخبره بذلك ، فأطرق ساعة يفكر ، وأصحابه يخاطبون أصحاب عمر بن سعد.

٧٨٤ ـ محاورة حبيب بن مظاهر وزهير بن القين مع عسكر ابن سعد ، وبيان سبب عدول زهير إلى الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٠)

فقال لهم حبيب بن مظاهر الأسدي : أما والله لبئس القوم قوم يقدمون غدا على الله ورسوله وقد قتلوا ذريته وأهل بيته ، المتهجّدين بالأسحار ، الذاكرين الله بالليل والنهار ، وشيعته الأتقياء الأبرار. فقال له رجل من أصحاب ابن سعد يقال له عروة بن قيس (وفي رواية : عزرة بن قيس(٢) ) : إنك لتزكّي نفسك ما استطعت!. فقال له زهير بن القين : (يا عزرة إن الله قد زكّاها وهداها(٣) ). اتّق الله يابن قيس ولا تكن من الذين يعينون على الضلال وقتل النفوس الزكية الطاهرة وعترة خير الأنبياء وذرية أصحاب الكساء. فقال له ابن قيس : إنك لم تكن عندنا من شيعة أهل البيت ، وإنما

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٧ ؛ وروضة الواعظين ، ص ١٥٧ ؛ والإرشاد للمفيد ؛ والبداية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٧٦. وظاهر من هذه العبارة مقام العباسعليه‌السلام عند أخيه الحسينعليه‌السلام حتّى أقامه مقام نفسه.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٥٦ ، نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٧. وذكر الخوارزمي في مقتله أن هذه المحاورة جرت بعد خطبة امتحان الأصحاب.

(٣) المصدر السابق.

٦٤٢

كنت عثمانيا نعرفك ، فكيف صرت ترابيا؟. فقال له زهير : إني كنت كذلك ، غير أني لما رأيت الحسينعليه‌السلام مغصوبا على حقه ، ذكرت جده ومكانه منه ، فرأيت لنفسي أن أنصره وأكون من حزبه ، وأجعل نفسي من دون نفسه ، حفظا لما ضيّعتم من حق الله وحق رسوله. (وفي مقتل المقرم) قال عزرة : يا زهير ، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، وإنما كنت على غير رأيهم!. قال زهير : أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم؟. أما والله ما كتبت إليه كتابا قط ، ولا أرسلت إليه رسولا ولا وعدته نصرتي ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلما رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه عدوه ، فرأيت أن أنصره وأن أكون من حزبه ، وأجعل نفسي دون نفسه ، حفظا لما ضيّعتم من حق رسوله(١) .

٧٨٥ ـ استمهال القوم : الحسينعليه‌السلام يطلب من ابن سعد الإمهال باقي اليوم للصلاة والدعاء :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٠)

فقال الحسين للعباسعليه‌السلام : ارجع يا أخي إلى القوم ، فإن استطعت أن تصرفهم وتدفعهم عنا باقي هذا اليوم فافعل ، لعلنا نصلي لربنا ليلتنا هذه وندعو الله ونستعينه ونستنصره على هؤلاء القوم. (وفي رواية : ارجع إليهم واستمهلهم هذه العشية إلى غد ، لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم أني أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار(٢) ). فأقبلالعباس إلى القوم وهم وقوف ، فقال لهم : يا هؤلاء إن أبا عبد الله يسألكم الانصراف عنه باقي يومكم هذا حتّى ينظر في هذا الأمر ، ثم نلقاكم به غدا إنشاء الله. فأخبر القوم أميرهم عمر بن سعد ، فقال لأصحابه : ما ترون؟. قالوا له : أنت الأمير. فقال له عمرو بن الحجاج : سبحان الله العظيم ، والله لو كان هؤلاء من الترك أو الديلم ، ثم سألونا هذه الليلة (وفي رواية : هذه المنزلة(٣) ) لقد كان ينبغي أن تجيبوهم إلى ذلك ، فكيف وهم آل الرسول محمّد؟!. فقال ابن سعد : أخبروهم أنّا أجّلناهم باقي يومنا هذا إلى

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٥٦ ، نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٧.

(٢) اللهوف ص ٥٠ ومقتل المقرم ص ٢٥٦. وذكر الخوارزمي أن هذا الطلب جرى بعد خطبة امتحان الأصحاب ، وهو قول ضعيف.

(٣) مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٨ وذكر هذا الطلب قبل خطبة امتحان الأصحاب

٦٤٣

غد ، فإن استسلموا ونزلوا على الحكم وجّهنا بهم إلى الأمير عبيد الله ، وإن أبوا ناجزناهم.

فانصرف الفريقان ، وعاد كلّ إلى معسكره.

خطبة امتحان الأصحاب

٧٨٦ ـ خطبة امتحان الأصحاب ، وفيها يختبر الحسينعليه‌السلام أصحابه ويعطيهم الرخصة بمفارقته والتفرق عنه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٦)

وجمع الحسينعليه‌السلام أصحابه بين يديه ، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال : الله م لك الحمد على ما علّمتنا من القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وأكرمتنا به من قرابة رسولك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين.

أما بعد ، فإني لا أعلم أصحابا أصلح منكم ، ولا أعلم أهل بيت أبرّ ولا أوصل ولا أفضل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعا عني خيرا. إن هؤلاء القوم ما يطلبون أحدا غيري ، ولو قد أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم أبدا. وهذا الليل قد غشيكم فقوموا واتّخذوه جملا. وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من إخوتي ، وتفرّقوا في سواد هذا الليل ، وذروني وهؤلاء القوم.

(وفي مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٥٧) :

وجمع الحسينعليه‌السلام أصحابه قرب المساء قبل مقتله بليلة(١) فقال :

أثني على الله أحسن الثناء ، وأحمده على السرّاء والضرّاء. الله م إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة ، وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، ولم تجعلنا من المشركين.

أما بعد ، فإني لا أعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني جميعا(٢) . وقد أخبرني جدي رسول

__________________

(١) إثبات الرجعة للفضل بن شاذان.

(٢) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٨ ، وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٤.

٦٤٤

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأني سأساق إلى العراق فأنزل أرضا يقال لها (عمورا وكربلاء) وفيها أستشهد ، وقد قرب الموعد(١) .

ألا وإني أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غدا ، وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ، ليس عليكم مني ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعا خيرا ، وتفرّقوا في سوادكم ومدائنكم ، فإن القوم إنما يطلبونني ، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري(٢) .

(وفي رواية مقتل أبي مخنف ، ص ٦١) أنه قال :

معاشر المؤمنين ، لست أعلم أصحابا أصبر منكم ، ولا أهل بيت أوفى وأفضل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني أحسن الجزاء. وإني أظنّ أن آخر أيامي هذه مع هؤلاء القوم الظالمين ، وقد أبحتكم فما في رقابكم مني ذمام وحرج. وهذا الليل قد انسدل عليكم ، فليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، وتفرّقوا في البيداء يمينا وشمالا ، عسى أن يفرّج الله عنا وعنكم ، فإن القوم يطلبوني دونكم.

ردّ الآل والأصحاب

٧٨٧ ـ كلام أهل البيتعليهم‌السلام في الردّ على خطبة الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

فتكلم إخوة الحسينعليه‌السلام وجميع أهل بيته وقالوا : يابن رسول الله ، فماذا تقول الناس ، وماذا نقول لهم؟. إنا تركنا شيخنا وسيدنا وابن بنت نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم نرم معه بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف!. لا والله يابن رسول الله لا نفارقك أبدا ، ولكنا نفديك بأنفسنا ونقتل بين يديك ونرد موردك ، فقبّح الله العيش من بعدك.

(وفي مقتل المقرم ، ص ٢٥٨) فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وأبناء عبد الله بن جعفر : لم نفعل ذلك ، لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبدا. بدأهم بهذا القول العباس بن عليعليه‌السلام وتابعه الهاشميون.

__________________

(١) إثبات الرجعة للفضل بن شاذان.

(٢) مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٨ ط نجف.

٦٤٥

والتفت الحسينعليه‌السلام إلى بني عقيل وقال : حسبكم من القتل بمسلم ، اذهبوا قد أذنت لكم. فقالوا : إذن ما يقول الناس وما نقول لهم ، إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ، ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف ، ولا ندري ما صنعوا!. لا والله لا نفعل ، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ، ونقاتل معك حتّى نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك(١) .

٧٨٨ ـ كلام مسلم بن عوسجة الأسدي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم مسلم بن عوسجة الأسدي فقال : يابن رسول الله أنحن نخلّيك هكذا وننصرف عنك ، وقد أحاط بك هؤلاء الأعداء؟. لا والله لا يراني الله وأنا أفعل ذلك أبدا ، حتّى أكسر في صدورهم رمحي ، وأضرب فيهم بسيفي ، ما ثبت قائمه بيدي. ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ، ولم أفارقك حتّى أموت بين يديك. (وفي مقتل المقرم ص ٢٥٩) أنه قال : أنحن نخلّي عنك؟!. وبماذا نعتذر إلى الله في أداء حقك؟ أما والله لا أفارقك حتّى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضرب بسيفي ما ثبت قائمه بيدي(٢) .

٧٨٩ ـ كلام سعيد بن عبد الله الحنفي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم سعيد بن عبد الله الحنفي فقال : لا والله يابن رسول الله لا نخلّيك أبدا ، حتّى يعلم الله تبارك وتعالى أنا حفظنا فيك غيبة رسوله. ووالله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ، يفعل بي ذلك سبعين مرة ، لما فارقتك أبدا حتّى ألقى حمامي من دونك. وكيف لا أفعل ذلك ، وإنما هي قتلة واحدة ، ثم أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا(٣) .

٧٩٠ ـ كلام زهير بن القين البجلي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم زهير بن القين البجلي فقال : والله يابن رسول الله لوددت أني قتلت فيك

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٨ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٤ ؛ والإرشاد للمفيد ؛ وإعلام الورى ، ص ١٤١ ؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي ج ٣ ص ٢٠٢ ؛ ومقتل أبي مخنف ص ٦٢.

(٢) إرشاد المفيد وتاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٩ ؛ ومقتل أبي مخنف ص ٦٢ ؛ واللهوف ص ٥٢.

(٣) اللهوف ص ٥٢ ؛ ومقتل المقرم ص ٢٥٩ ، نقلا عن إرشاد المفيد وتاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٩. وفي مناقب ابن شهراشوب ومقتل أبي مخنف أن هذا الكلام قاله مسلم بن عوسجة.

٦٤٦

ثم نشرت ، حتّى أقتل فيك ألف مرة ، وأن الله قد دفع القتل عنك وعن هؤلاء الفتية من إخوتك وولدك وأهل بيتك(١) .

٧٩١ ـ كلام بقية الأصحاب :(المصدر السابق)

وتكلم جماعة بنحو هذا الكلام وقالوا : أنفسنا لك الفداء ، ونقيك بأيدينا ووجوهنا وصدورنا ، فإذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفيّنا وقضينا ما علينا.

٧٩٢ ـ الحسينعليه‌السلام يرخّص لمحمد بن بشير الحضرمي بمفارقته ، فيأبى :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٣٩)

ووصل الخبر إلى محمّد بن بشير الحضرمي في تلك الحال ، أن قد أسر ابنك بثغر الرّي!. فقال : عند الله أحتسبه ونفسي ، ما كنت أحب أن يؤسر وأنا أبقى بعده. فسمع الحسينعليه‌السلام قوله ، فقال : رحمك الله أنت في حلّ من بيعتي ، فاعمل في فكاك ابنك. فقال : أكلتني السباع حيا إن فارقتك. قالعليه‌السلام : فأعط ابنك [الآخر] هذه الأثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه ، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.

٧٩٣ ـ جواب الحسينعليه‌السلام على كلمات أصحابه :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٠)

ولما عرف الحسينعليه‌السلام من أصحابه صدق النية والإخلاص في المفاداة دونه ، أوقفهم على غامض القضاء فقال : إني غدا أقتل ، وكلكم تقتلون معي ، ولا يبقى منكم أحد(٢) حتّى القاسم وعبد الله الرضيع ، إلا ولدي علي زين العابدين ، لأن الله لم يقطع نسلي منه ، وهو أبو أئمة ثمانية(٣) . فقالوا بأجمعهم : الحمد لله الّذي أكرمنا بنصرك وشرّفنا بالقتل معك. أولا نرضى أن نكون معك في درجتك يابن رسول الله!. فدعا لهم بالخير(٤) وكشف عن أبصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان وعرّفهم منازلهم فيها(٥) .

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٥٩ نقلا عن إرشاد المفيد ؛ وتاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٩ ، وكذا في مقتل أبي مخنف ص ٦٣ ؛ وفي الله وف ص ٥٢.

(٢) نفس المهموم في مقتل الحسين المظلوم ، ص ١٢٢.

(٣) أسرار الشهادة للفاضل الدربندي.

(٤) نفس المهموم ، ص ١٢٢.

(٥) الخرايج والجرايح للقطب الراوندي.

٦٤٧

٧٩٤ ـ الحسينعليه‌السلام يري كل شهيد منزلته في الجنة ـ تجلّي الحقائق وانكشاف الحجب :(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٦٨)

بعد أن طلب الإمام الحسينعليه‌السلام من أصحابه التفرق عنه ليلة العاشر ، قالوا :الحمد لله الّذي شرّفنا بالقتل معك. ثم دعا وقال لهم : ارفعوا رؤوسكم وانظروا ، فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة ، وهو يقول لهم : هذا منزلك يا فلان ، وهذا قصرك يا فلان ، وهذه زوجتك يا فلان فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه ليصل إلى منزله من الجنة.

وفي (علل الشرائع للصدوق) مسندا عن عمارة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام (قال) قلت له : أخبرني عن أصحاب الحسينعليه‌السلام وإقدامهم على الموت. فقالعليه‌السلام :إنهم كشف لهم الغطاء حتّى رأوا منازلهم من الجنة. فكان الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى الحور يعانقها ، وإلى مكانه من الجنة.

٧٩٥ ـ علي بن مظاهر يريد بعث زوجته إلى أهلها ، فتأبى :

(الفاجعة العظمى للسيد عبد الحسين بن حبيب الموسوي ، ص ١٢١)

ويروى أن الحسينعليه‌السلام في آخر خطبته [في امتحان الأصحاب] قال :أصحابي ، بني عمومتي ، أهل بيتي ؛ ألا ومن كان في رحله امرأة فليبعث بها إلى أهلها ، فإن نسائي تسبى ، وأخاف على نسائكم السبي.

فقام من بينهم علي بن مظاهر الأسدي [أخو حبيب] وأقبل إلى خيمته ، فتبسمت زوجته في وجهه ، فقال لها : دعينا والتبسّم ، قومي والحقي بابني عمك من بني أسد. فقالت : لم يابن مظاهر ، هل فعلت معك مكروها؟ قال : حاشا لله. ولكن أما سمعت غريب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطبنا في هذه الساعة؟. قالت : بلى ، ولكن سمعت في آخر خطبته همهمة لا أعرفها. قال : خطبنا وقال : ألا ومن كان في رحله امرأة فليبعث بها إلى أهلها.

فلما سمعت الحرة ذلك نطحت رأسها بعمود الخيمة وقالت : ما أنصفتني يابن مظاهر ، أيسرّك أن زينبعليها‌السلام يسلب إزارها وأنا أتزيّن بإزاري؟!. أم يسرّك أن سكينة تسلب قرطيها وأنا أتزين بقرطي؟!. لا كان ذلك أبدا. بل أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء.

فلما سمع منها ذلك رجع إلى الحسينعليه‌السلام فرآه جالسا ومعه أخوه

٦٤٨

العباسعليه‌السلام فسلّم عليهما وجلس ، وقال : سيدي أبت الأسدية أن تفارقكم. فقال الحسينعليه‌السلام : جزاكم الله خير الجزاء.

٧٩٦ ـ لا يقاتل معي من عليه دين :

روى الثوري عن أبي الجحّاف عن أبيه ، أن رجلا قال للحسينعليه‌السلام : إن عليّ دينا. قالعليه‌السلام : لا يقاتل معي من عليه دين (أخرجه الطبراني برقم ٢٨٧٢).

٧٩٧ ـ الضحاك بن عبد الله المشرقي يعاهد الحسينعليه‌السلام على نصرته ما لم يصبحعليه‌السلام وحيدا :(تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ٣٢١ ط ليدن)

روى الطبري عن الضحاك بن عبد الله المشرقي ، قال : قدمت مع مالك بن النضر الأرحبي على الحسينعليه‌السلام ، فسلمنا عليه ثم جلسنا إليه. فردّ علينا ، ورحّب بنا وسألنا عما جئنا له؟. فقلنا : جئنا لنسلّم عليك وندعو الله لك بالعافية ، ونحدث بك عهدا ، ونخبرك خبر الناس. وإنا نحدّثك أنهم قد جمعوا على حربك ، فر رأيك.فقال الحسينعليه‌السلام : حسبي الله ونعم الوكيل. قال : فتذممنا وسلّمنا عليه ودعونا الله له. قال : فما يمنعكما من نصرتي؟. فقال مالك بن النضر : عليّ دين ولي عيال.فقلت له : إن عليّ دينا وإن لي عيالا ، ولكنك إن جعلتني في حلّ من الانصراف إذا لم أجد مقاتلا ، قاتلت عنك ما كان لك نافعا وعنك دافعا.

(قال) قالعليه‌السلام : فأنت في حلّ ، فأقمت معه.

(أقول) : وظل الضحاك هذا يقاتل مع الحسينعليه‌السلام حسب الاتفاق ، حتّى أصبح الحسينعليه‌السلام وحيدا فريدا ، فانسلّ من المعركة وذهب إلى أهله.

٧٩٨ ـ كلام برير بن خضير الهمداني ، ونصيحته لعمر بن سعد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم برير بن خضير الهمداني ، وكان من الزهاد الذين يصومون النهار ويقومون الليل. فقال : يابن رسول الله ائذن لي أن آتي هذا الفاسق عمر بن سعد ، فأعظه لعله يتّعظ ويرتدع عما هو عليه. فقال الحسينعليه‌السلام : ذاك إليك يا برير.فذهب إليه حتّى دخل على خيمته فجلس ولم يسلّم. فغضب عمر وقال : يا أخا همدان ، ما منعك من السلام عليّ ، ألست مسلما أعرف الله ورسوله وأشهد بشهادة الحق؟. فقال له برير : لو كنت عرفت الله ورسوله كما تقول ، لما خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم. وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه ويلج كأنه بطون الحيات ،

٦٤٩

تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها ، وهذا الحسين بن علي وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشا ، وقد حلت بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه ، وتزعم أنك تعرف الله ورسوله!. فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى الأرض ، ثم رفع رأسه وقال : والله يا برير إني لأعلم يقينا أن كل من قاتلهم وغصبهم حقهم هو في النار لا محالة(١) ولكن يا برير أفتشير عليّ أن أترك ولاية الرّي فتكون لغيري ، فوالله ما أجد نفسي تجيبني لذلك. ثم قال :

دعاني عبيد الله من دون قومه

إلى خطةّ ، فيها خرجت لحيني

فوالله ما أدري وإني لحائر

أفكّر في أمري على خطرين

أأترك ملك الرّي والريّ منيتي

أم ارجع مأثوما بقتل حسين

وفي قتله النار التي ليس دونها

حجاب ، وملك الرّيّ قرّة عيني

فرجع برير إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يابن رسول الله إن ابن سعد قد رضي لقتلك بولاية الري(٢) .

ليلة العاشر من المحرم

(يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٢٦٢) :

كانت ليلة عاشوراء أشدّ ليلة مرّت على أهل بيت الرسالة

حفّت بالمكاره والمحن وأعقبت الشر وآذنت بالخطر.

وقد قطعت عنهم عصابة الضلال من بني أمية وأتباعهم كلّ الوسائل الحيوية.

وهناك ولولة النساء وصراخ الأطفال من العطش المبرّح والهمّ المدلهم.

٧٩٩ ـ الحسينعليه‌السلام ونافع بن هلال يتفقدان التلال حول المخيّم ، واختبار الحسينعليه‌السلام لنافع :(الوثائق الرسمية ، ص ١٣٢)

ثم إن الحسينعليه‌السلام خرج ليلا وحده ، ليختبر الثنايا والعقبات والأكمات المشرفة على المنزل ، وإذا بنافع بن هلال خلفه. فقال له الحسينعليه‌السلام : من

__________________

(١) مرّ شبيه هذا الكلام في نصيحة أنس بن كاهل ، ولم يورد المقرم في مقتله هذا الكلام.

(٢) الرّيّ : المنطقة الجنوبية من طهران اليوم.

٦٥٠

الرجل؟. قال : نافع جعلت فداك يابن رسول الله. قال الحسينعليه‌السلام : ما أخرجك في هذا الليل يا نافع؟. قال : سيدي أزعجني خروجك ليلا إلى جهة هذا الباغي.قالعليه‌السلام : خرجت أتفقد هذه التلعات مخافة أن تكون مكمنا لهجوم الخيل على مخيمنا ، يوم يحملون وتحملون.

ثم إنهعليه‌السلام رجع وهو قابض على يسار نافع ، وهو يقول : هي هي والله ، وعد لا خلف فيه. ثم قال لنافع : ألا تسلك بين هذين الجبلين ، وانج بنفسك؟. قال نافع : سيدي إذن ثكلت نافعا أمّه. إن سيفي بألف ، وفرسي بمثله ، فوالله الّذي منّ عليّ بك في هذا المكان ، لن أفارقك أبا عبد الله حتّى يكلّا عن فري وجري(١) .

٨٠٠ ـ شهادة الحسينعليه‌السلام بأصحابه حين استعلمت زينبعليها‌السلام عن حالهم :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٥)

ثم إن الحسينعليه‌السلام فارق نافعا ، ودخل خيمة أخته زينبعليها‌السلام . فوضعت له متكأ ، وجلس يحدثها سرا. ونافع واقف ينتظر خروج الحسينعليه‌السلام .

قالت زينب لأخيها الحسينعليه‌السلام : هل استعلمت من أصحابك نياتهم؟. فإني أخشى أن يسلموك عند الوثبة. فقال لها : والله لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إلا الأشوس الأقعس ، يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل إلى محالب أمه.

٨٠١ ـ الأصحاب يكرّمون خاطر نسوة أهل البيتعليهم‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٦)

وقال الحسينعليه‌السلام لأصحابه : هلمّوا معي لنواجه النسوة ونطيّب خاطرهن.فجاء حبيب بن مظاهر ومعه أصحابه وصاح : يا معشر حرائر رسول الله ، هذه صوارم فتيانكم آلوا ألا يغمدوها إلا في رقاب من يريد السوء فيكم ، وهذه أسنة غلمانكم أقسموا ألا يركزوها إلا في صدور من يفرّق ناديكم.

فخرجن النساء إليهم ببكاء وعويل ، وقلن : أيها الطيبون حاموا عن بنات رسول الله وحرائر أمير المؤمنين.

فضجّ القوم بالبكاء حتّى كأن الأرض تميد بهم(٢) .

__________________

(١) المجالس الفاخرة للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٩٢.

(٢) الدمعة الساكبة ، ص ٢٢٥.

٦٥١

٨٠٢ ـ وصية الإمام الحسن لأخيه الحسينعليه‌السلام عند احتضاره :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦١ ط نجف)

فلما كانت الليلة التي قتل الحسينعليه‌السلام في صبيحتها ، قام يصلي ويدعو ويترحم على أخيه الحسنعليه‌السلام . وذلك لأن الحسنعليه‌السلام قال له لما احتضر : يا أخي اسمع ما أقول ، إن أباك لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسوّف إلى هذا الأمر رجاء أن يكون صاحبه ، فصرف عنه إلى غيره. فلما احتضر أبو بكر تسوّف أن يكون صاحبه ، فصرف عنه إلى عمر. فلما احتضر عمر تسوّف أن يكون صاحبه ، فصرف عنه إلى عثمان. تجرّد أبوك للطلب بالسيف ولم يدركه ، وأبى الله أن يجعل فينا أهل البيت النبوة والدنيا أو الخلافة(١) أو الملك. فإياك وسفهاء أهل الكوفة ، أن يستخفّوك فيخرجوك ويسلموك ، ولات حين مناص.

٨٠٣ ـ ليلة الوداع : ليلة صلاة ودعاء ، وتوجّه إلى الله :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٦ ط نجف)

وجاء الليل ، فبات الحسينعليه‌السلام وأصحابه الليل كله يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون ، وباتوا ولهم دويّ كدويّ النحل ، ما بين راكع وساجد ، وقائم وقاعد.

وفي ذلك يقول العلامة المجتهد السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

باتوا وبات إمامهم ما بينهم

ولهم دويّ حوله ونحيب

من راكع أو ساجد أو قارئ

أو من يناجي ربّه وينيب

منهم (زهير) زاهر الأفعال يت

لوه (برير)(ومسلم)(وحبيب)

فتأثر بهذا الجو الواقعي نفر من الجيش الأموي ، من ذوي الضمائر الحية ، التي كانت عليها غشاوة ضلال ، فانجلت بهذا الجو المشحون إيمانا وتقى وهدى.

وعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد ٣٢ رجلا

__________________

(١) يقصد الخلافة الزمنية ، أما الخلافة الدينية فهي ثابتة لأهل البيتعليهم‌السلام بأمر من الله تعالى ، سواء حكموا أم لم يحكموا. والمقصود بالنبوة هنا الخلافة الدينية أو الإمامة ، عبّر عنها بالنبوة لأنها من توابع النبوة ، وهي منصب إلهي

٦٥٢

٨٠٤ ـ الذين تسللوا في جنح الليل إلى الحسينعليه‌السلام :

(إبصار العين للشيخ السماوي ، ص ٨)

فجعل يتسلل إلى الحسينعليه‌السلام من أصحاب عمر بن سعد في ظلام الليل ، الواحد والاثنان ، حتّى بلغوا في اليوم العاشر زهاء ثلاثين ، ممن هداهم الله إلى السعادة ووفقهم للشهادة.

٨٠٥ ـ محاورة برير بن خضير مع جماعة الشّمر ، فيمن هم الطيبون؟ وثناء الحسين عليه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥١)

وجاء شمر بن ذي الجوشن في نصف الليل يتجسس ومعه جماعة من أصحابه ، حتّى قارب معسكر الحسينعليه‌السلام فسمعه يتلو قوله تعالى :( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ، إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً ، وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ* ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) «آل عمران ١٧٩».

فصاح رجل من أصحاب شمر : نحن وربّ الكعبة الطيبون ، وأنتم الخبيثون ، وقد ميّزنا الله منكم(١) . فقطع برير بن خضير الهمداني صلاته ثم نادى : يا فاسق يا فاجر يا عدوّ الله يابن البوّال على عقبيه ، أمثلك يكون من الطيبين والحسين ابن رسول الله من الخبيثين!. والله ما أنت إلا بهيمة لا تعقل ما تأتي وما تذر ، فأبشر يا عدو الله بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فصاح شمر : إن الله قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب. فقال برير : أبالموت تخوّفني ، والله إن الموت مع ابن رسول الله أحبّ إليّ من الحياة معكم ، والله لا نالت شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوما أراقوا دماء ذريته وأهل بيته.

فجاء إليه رجل من أصحابه وقال : يا برير ، إن أبا عبد الله يقول لك : ارجع إلى موضعك ولا تخاطب القوم ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت وأبلغت في النصح والدعاء.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٦٣ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٠ ، وذكر الطبري أن اسم الرجل (عبد الله بن شهر) ويلقب أبو حرب السبيعي.

٦٥٣

٨٠٦ ـ مقاربة البيوت من بعضها ليقاتلوا العدوّ من وجه واحد :

(إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ، ص ٢٣٢)

ثم أمر الحسينعليه‌السلام أصحابه أن يقرّب بعضهم بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا بين البيوت ، فيقبلوا القوم من وجه واحد ، والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، قد حفّت بهم إلا الوجه الّذي يأتيهم منه عدوهم.

٨٠٧ ـ حفر خندق وراء البيوت في ساعة متأخرة من الليل :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٥)

ثم إن الحسينعليه‌السلام أمر أصحابه أن يقاربوا البيوت بعضها من بعض ليستقبلوا القوم من وجه واحد ، وأمر بحفر خندق من وراء البيوت يوضع فيه الحطب ويلقى عليه بالنار إذا قاتلهم العدو ، كيلا تقتحمه الخيل ، فيكون القتال من وجه واحد(١) .

(وفي مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٨) :

فلما أيس الحسينعليه‌السلام من القوم ، وعلم أنهم مقاتلوه ، قال لأصحابه : قوموا فاحفروا لنا حفيرة شبه الخندق حول معسكرنا ، وأجّجوا فيها نارا ، حتّى يكون قتال هؤلاء القوم من وجه واحد ، فإنهم لو قاتلونا وشغلنا بحربهم لضاعت الحرم.

فقاموا من كل ناحية فتعاونوا واحتفروا الحفيرة. ثم جمعوا الشوك والحطب فألقوه في الحفيرة ، وأجّجوا فيها النار.

(وفي الوثائق الرسمية للسيد عبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٤٠) :

ثم إنهعليه‌السلام أمر أصحابه أن يحفروا خندقا من وراء البيوت ، ويضعوا فيه الحطب ، ويضرموا فيها النار في الغداة ، لئلا يهجم القوم من وراء الخيام.

٨٠٨ ـ رؤيا الحسينعليه‌السلام وخبر من يقتله واقتراب أجله :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥١)

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٠ ، وذكر الخوارزمي هنا محاورة مالك بن جريرة مع الحسينعليه‌السلام وقد رأى النار تشتعل في الخندق ، ولم أرجّح ذلك. بل ذكرتها بعد محاورة الحسينعليه‌السلام مع الشمر في نفس الخصوص يوم عاشوراء.

٦٥٤

فلما كان وقت السحر خفق الحسينعليه‌السلام برأسه خفقة(١) ثم استيقظ فقال :أتعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟. قالوا : فما رأيت يابن رسول الله؟. قال :رأيت كلابا قد شدّت عليّ لتنهشني وفيها كلب أبقع(٢) رأيته كأشدها عليّ ، وأظن الّذي يتولى قتلي رجل أبرص من هؤلاء القوم. ثم إني رأيت بعد ذلك جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي :

يا بنيّ أنت شهيد آل محمّد ، وقد استبشر بك أهل السموات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة. عجّل يا بنيّ ولا تتأخر ، فهذا ملك نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء(٣) . فهذا ما رأيت وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا.

__________________

(١) الخفقة : النومة اليسيرة.

(٢) أبقع : مختلف اللون ، فيه سواد وبياض.

(٣) مقتل المقرم ص ٢٦٧ نقلا عن نفس المهموم ص ١٢٥ عن الشيخ الصدوق.

٦٥٥

الفصل العشرون

يوم عاشوراء

(الجمعة في ١٠ محرّم سنة ٦١ ه‍)

[الموافق ١٠ ت ١ سنة ٦٨٠ م]

دم ودموع ، وسموّ واستعلاء

وألم يفري الضلوع ، وعزّة للنفس وإباء

تلك ذكرى أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء

في هذا اليوم الحالك ارتكب الحكم الأموي أبشع مجزرة دموية عرفها التاريخ.والذين قاموا بهذه المجزرة الرهيبة لم يتخلّوا فقط عن قوانين الإسلام ، بل انسلخوا حتّى من الأخلاق العربية والمبادئ الإنسانية.

تصوّروا أن مجموعة صغيرة من المؤمنين الملتزمين ، تحيط بهم جحافل جرّارة من جيوش عرمرمة ، حتّى ملكت عليهم أقطار الأرض والسماء ، ومنعتهم من كل شيء حتّى من الماء.

ولم يكن خوف الحسينعليه‌السلام من كثرة أعدائه ، ولم تكن دهشته من أنواع أسلحته وعتاده ، بأكثر من خوفه على تلك النفوس المريضة التي هامت في الباطل ، ودهشته أن كيف استطاع الأفاّكون أن يضلّوهم إلى هذا الحد ، ويجعلوهم يسيرون لقتل إمامهم ومن وجبت طاعته في أعناقهم!.

٨٠٩ ـ استسقاء رهط الحسينعليه‌السلام واستعدادهم للموت :

(دائرة المعارف للشيخ محمّد حسين الأعلمي ، ج ١٥ ص ١٧١)

وطلع فجر اليوم العاشر من المحرم ، وأرسل الحسينعليه‌السلام ابنه عليا في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ، ليسقوا الماء ، وهم في وجل شديد.

٦٥٦

فقام الحسينعليه‌السلام ونادى أصحابه ، وأمرهم بالصلاة ، فتيمموا بدلا من الوضوء لعدم توفر الماء ، وأقام بنفسه وصلّى بأصحابه صلاة الصبح.

فلما فرغ رفع يديه إلى السماء ، وقد أخذ المصحف بيده اليمنى ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إن الله قد أذن في قتلكم وقتلي ، وكلكم تقتلون في هذا اليوم إلا ولدي علي بن الحسينعليه‌السلام ، فاتقوا الله يا قوم واصبروا.

٨١٠ ـ خطبة الحسينعليه‌السلام في صباح اليوم الّذي استشهد فيه :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٥)

عن رجل من همدان ، قال : خطبنا الحسين بن عليعليه‌السلام غداة اليوم(١) الّذي استشهد فيه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

عباد الله ، اتقوا الله ، وكونوا من الدنيا على حذر. فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد ، كانت الأنبياء أحق بالبقاء ، وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء. غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء. فجديدها بال ، ونعيمها مضمحلّ ، وسرورها مكفهرّ. والمنزل بلغة ، والدار قلعة. فتزوّدوا فإن خير الزاد التقوى ، فاتقوا الله لعلكم تفلحون.

(وفي الوثائق الرسمية ، ص ١٤١) :

فتباشر أصحاب الحسينعليه‌السلام بلقاء ربهم ، وأنهم سيقدمون على روح وريحان ، وجنة عرضها السموات والأرض ، خالدين فيها أبدا. وإذا بهم فرحين يمازح بعضهم بعضا.

٨١١ ـ استبشار أصحاب الحسينعليه‌السلام بالشهادة والقدوم على الجنة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٢٦ ط ٤)

وأمر الحسينعليه‌السلام بفسطاط فضرب ، وأمر بجفنة فيها مسك كثير ، وجعل فيها نورة [أي كلسا] ثم دخل ليطلّي. فروي أن برير بن خضير الهمداني وعبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري وقفا على باب الفسطاط ، وازدحما أيهما يطّلي بعده ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن ، فقال له عبد الرحمن : يا برير (أتضحك؟) ما هذه ساعة

__________________

(١) الغداة : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

٦٥٧

باطل!. فقال برير : لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل كهلا ولا شابا ، وإنما أفعل ذلك استبشارا بما نصير إليه ، فوالله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة ثم نعانق الحور العين. (وفي رواية : لقد علم قومي ما أحببت الباطل كهلا ولا شابا ، ولكني مستبشر بما نحن لاقون. والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم ، ولوددت أنهم مالوا علينا الساعة(١) ).

وخرج حبيب بن مظاهر يضحك ، فقال له يزيد بن الحصين : ما هذه ساعة ضح!. قال حبيب : وأي موضع أحقّ بالسرور من هذا. ما هو إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم فنعانق الحور(٢) .

٨١٢ ـ تعبئة الحسينعليه‌السلام أصحابه يوم عاشوراء :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤)

ولما أصبح الحسينعليه‌السلام يوم الجمعة عاشر محرم (وفي رواية : يوم السبت) عبّأ أصحابه ، وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا. وعن الإمام الباقرعليه‌السلام أنهم كانوا خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل. فجعل على ميمنته :زهير بن القين ، وعلى مسيرته : حبيب بن مظاهر ، ودفع اللواء إلى أخيه : العباس بن علي ، وثبتعليه‌السلام مع أهل بيته في القلب. وجعلوا البيوت في ظهورهم.

٨١٣ ـ إضرام الخندق بالحطب :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٧ ط نجف)وأمرعليه‌السلام بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كانوا قد حفروه هناك في ساعة من الليل ، وأن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم ، فنفعهم ذلك.

٨١٤ ـ تعبئة عمر بن سعد جيشه :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤)

وعبّأ عمر بن سعد أصحابه ، فجعل على الميمنة : عمرو بن الحجاج ، وعلى الميسرة: شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل : عروة بن قيس ، وعلى الرجّالة :شبث بن ربعي ، وأعطى رايته : دريدا مولاه. وكان جنده اثنين وعشرين ألفا يزيد أو ينقص.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٦٢ عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤١ ، وذكره المقرم ليلة عاشوراء.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٦٣ عن رجال الكشي واللهوف ص ٥٤.

٦٥٨

(وفي كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٨٥) :

وكان الرؤساء في الكوفة أربعة :

فجعل على ربع أهل المدينة : عبد الله بن زهير الأزدي.

وعلى ربع ربيعة وكندة : قيس بن الأشعث بن قيس.

وعلى ربع مذحج وأسد : عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي.

وعلى تميم وهمدان : الحر بن يزيد الرياحي.

٨١٥ ـ دعاء الحسينعليه‌السلام وفيه يبدي ثقته بالله :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٨ ط نجف)

ثم ركب الحسينعليه‌السلام دابته ودعا بمصحف فوضعه أمامه ، ثم إنه أناخ راحلته ، وأمر عقبة بن سمعان فعقلها. ثم ركب فرسه وتهيأ للقتال.

فروي عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام أنه قال : لما صبّحت خيل الحسينعليه‌السلام ونظروا إلى جمعهم كأنه السيل رفع يديه بالدعاء وقال :

اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة. كم من همّ يضعف فيه الفؤاد ، وتقلّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ؛ أنزلته بك وشكوته إليك ، رغبة مني إليك عمن سواك ، فكشفته وفرّجته ، فأنت وليّ كل نعمة ، ومنتهى كل رغبة(١) .

٨١٦ ـ قول الشمر للحسينعليه‌السلام : تعجلت بالنار قبل يوم القيامة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٩ ط نجف)

وركب أصحاب عمر بن سعد ، وأقبلوا يجولون حول بيوت الحسينعليه‌السلام فيرون النار تضطرم في الخندق. فنادى شمر بأعلى صوته : يا حسين تعجّلت بالنار قبل يوم القيامة. فقال الحسينعليه‌السلام : من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن.فقالوا : نعم. قال : يابن راعية المعزى ، أنت أولى بها (مني) صليّا.

ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم ، فمنعه الحسينعليه‌السلام من ذلك. فقال له :دعني حتّى أرميه ، فإنه الفاسق من أعداء الله وعظماء الجبارين ، وقد أمكن الله منه.

فقال له الحسينعليه‌السلام : لا ترمه ، فإني أكره أن أبدأهم بقتال.

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٥ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٣ ، وذكر الكفعمي في المصباح ، ص ١٥٨ ط الهند ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا بهذا الدعاء يوم بدر.

٦٥٩

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢) :

ثم ناداه محمّد بن الأشعث : أبشر ، الساعة ترد الجحيم. فقالعليه‌السلام : من هذا؟. فقالوا : ابن الأشعث. فقال : لعنك الله وقومك.

الآيات الباهرة

٨١٧ ـ ابن أبي جويرية يسقط في النار :

(بحار الأنوار للمجلسي ، ج ٤٤ ص ٣١٧ ط ٣)

وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له يقال له : ابن أبي جويرية المزني. فلما نظر إلى النار تتّقد صفّق بيده ونادى : يا حسين وأصحاب حسين ، أبشروا بالنار!. فقد تعجلتموها في الدنيا. فقال الحسينعليه‌السلام : من الرجل؟.فقيل : ابن أبي جويرية المزني. فقال الحسينعليه‌السلام : الله م أذقه عذاب النار في الدنيا. فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار ، فاحترق.

٨١٨ ـ محاورة مالك بن جريرة مع الحسينعليه‌السلام وقد أشعلعليه‌السلام النار في الخندق حول معسكره :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٨)

وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد يقال له مالك بن جريرة على فرس له حتّى وقف على الحفيرة ، وجعل ينادي بأعلى صوته : أبشر يا حسين فقد تعجلت النار في الدنيا قبل الآخرة. فقال له الحسينعليه‌السلام : كذبت يا عدو الله ، أنا قادم على رب رحيم ، وشفيع مطاع ، ذاك جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم قال الحسينعليه‌السلام لأصحابه :من هذا؟. فقيل له : هذا مالك بن جريرة. فقال الحسينعليه‌السلام : الله م جرّه إلى النار وأذقه حرّها قبل مصيره إلى نار الآخرة. فلم يكن بأسرع من أن شبّ به الفرس فألقاه على ظهره ، فتعلقت رجله في الركاب ، فركض به الفرس حتّى ألقاه في النار ، فاحترق. فخرّ الحسينعليه‌السلام ساجدا ، ثم رفع رأسه وقال : يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها(١) .

__________________

(١) مقتل أبي مخنف ص ٦٣ ، وذكر اسما آخر وهو جبيرة الكلبي. وفي مقتل الحسين للمقرم ص ٢٨٢ ذكر اسما آخر وهو عبد الله بن حوزة التميمي. وفي لواعج الأشجان ص ١٢٤ ذكر أنه ابن أبي جويرية المزني.

٦٦٠

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735