موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 495800 / تحميل: 5865
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

المتوفى سنة ٩٣٢ بتفسير قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال:

« إعلم - يا هذا - إن الآية لبيان فرضيّة حبّ أهل البيت على جميع المسلمين إلى يوم القيامة، صلّى الله على محمّد وأهل بيته، فقد روي أنها لـمّا نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما » ثم قال بعد ذكر نبذةٍ من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام :

« عن عمران بن الحصين قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. رواه صاحب الفردوس » ثم قال بعد أخبارٍ اُخرى في فضائل الإمامعليه‌السلام :

« إعلم - يا هذا - إن هذه الأحاديث وردت عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في عليرضي‌الله‌عنه ، وما ازداد علي فضلاً إلّا بتزويج فاطمة بنت سيد المرسلين - صلّى الله عليه وسلّم - وما تزوّج فاطمة إلّا بكونه أهلاً لها رضي الله عنها ».

ترجمة الحاج عبد الوهاب البخاري

وقد ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي في كتابه ( أخبار الأخيار ) فأثنى عليه الثناء البالغ، ومدح تفسيره المذكور، وذكر له ولكتابه كرامات(١). .

__________________

(١). أخبار الأخيار: ٢٠٦.

٢٢١

(٤٥)

رواية الشّامي صاحب السّيرة

ورواه محمّد بن يوسف الصّالحي الشامي في ( سيرته ) حيث قال:

« روى الإمام أحمد، والبخاري، والإسماعيلي، والنسائي: عن بريدة ابن الحصيب -رضي‌الله‌عنه - قال: أصبنا سبياً، فكتب خالد إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إبعث إلينا من يخمّسه، وفي السّبي وصيفة هي من أفضل السّبي، فبعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عليّاً إلى خالد يقبض منه الخمس. وفي رواية: لتقسيم الفئ. فقبضه منه، فخمّس وقسّم، واصطفى علي سبيّة، فأصبح وقد اغتسل ليلاً، وكنت أبغض علياً لم أبغضه أحداً، وأحببت رجلاً من قريش لم أحببه إلّا بغضه عليّاً، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ وفي رواية: فقلت: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم تر إلى الوصيفة فإنّها صارت في الخمس، ثم صارت في آل محمّد، ثم في آل علي، فواقعت بها.

فلمّا قدمنا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ذكرت له ذلك. وفي رواية: فكتب خالد إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بذلك. فقلت: إبعثني، فبعثني، فجعل يقرأ الكتاب وأقول: صدق. فإذا النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قد احمرّ وجهه، فقال: من كنت وليّه فعليّ وليّه. ثم قال: يا بريدة أتبغض علياً؟ فقلت: نعم. قال: لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك.

وفي رواية: والذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة، وانْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً.

٢٢٢

و في رواية: لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

قال بريدة: فما كان في الناس أحد أحب إليَّ من علي »(١) .

ترجمة الصالحي الشامي

ومحمّد بن يوسف الصالحي الشامي من مشاهير علماء القوم المحققين المعتمدين:

١ - الشعراني: « ومنهم: الأخ الصالح العالم الزاهد المتمسّك بالسنة المحمدية الشيخ محمّد الشامي، نزيل التربة البرقوتية،رضي‌الله‌عنه . كان عالماً صالحاً متفنّناً في العلوم، وألّف السّيرة المشهورة التي جمعها من ألف كتاب، وأقبل الناس على كتابتها، ومشى فيها على أنموذجٍ لم يسبق إليه وكان لا يقبل من الولاة وأعوانهم شيئاً، ولا يأكل من طعامهم »(٢) .

٢ - الخفاجي: « وممّن أخذت عنه الأدب والشعر شيخنا العلّامة أحمد العلقمي، والعلّامة محمّد الصّالحي الشّامي »(٣) .

٣ - ابن حجر المكّي: وصفه في كلامٍ له بـ « الإمام العلّامة الصالح الفهامة الثقة المطّلع والحافظ المتتبّع الشيخ محمّد الشامي الدمشقي ثم المصري »(٤). .

__________________

(١). سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ٦ / ٢٣٥ - ٢٣٦.

(٢). لواقح الأنوار. الباب الأوّل من القسم الثالث.

(٣). ريحانة الألباء ١ / ٢٧.

(٤). الخيرات الحسان:

٢٢٣

السيرة الشامية

وكتابه ( سبل الهدى والرشاد ) المعروف بـ ( السيرة الشامية ) من أجلّ كتب القوم في السّيرة، فقد عرفت أنّه جمعه من ألف كتاب، وقال ( كاشف الظنون ): « هو أحسن كتب المتأخرين وأبسطها في السيرة النبوية » و « أتى فيه من الفوائد بالعجب العجاب »(١). . وَعدّه أحمد بن زيني دحلان في مصادر كتابه ( السيرة النبوية ) وقد قال بعد ذكرها: « وهذه الكتب هي أصحّ الكتب المؤلّفة في هذا الشأن »(٢). ، كما اعتمد عليه كثير من العلماء من محدّثين ومتكلّمين، ونقلوا عنه واستندوا إليه في بحوثهم المختلفة.

(٤٦)

رواية ابن حجر المكي وتصحيحه

ورواه شهاب الدين أحمد بن حجر المكي وحكم بصحته بكلّ صراحة في ( المنح المكيّة شرح القصيدة الهمزية )، بشرح قوله:

« علي صنو النبيّ ومن دين فؤادي وداده والولاء ».

قال: « وذلك عملاً بما صحّ عنه - صلّى الله عليه وسلّم - وهو: اللّهم والِ من ولاه وعادِ من عاداه. وإنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

__________________

(١). كشف الظنون ٢ / ٩٧٨.

(٢). السيرة الدحلانية - مقدمة الكتاب ١ / ٧ - المقدّمة.

٢٢٤

ترجمة ابن حجر المكي

وابن حجر المكي من أعاظم الأثبات المعتبرين عندهم:

١ - الشعراني: « ومنهم - الشيخ الإمام العلّامة المحقق الصالح الورع الزاهد الخاشع الناسك الشيخ شهاب الدين ابن حجر نزيل الحرم المكّي -رضي‌الله‌عنه -. أخذ العلم عن مشايخ الإسلام بمصر، وأجازوه بالفتوى والتدريس، وأفتى بجامع الأزهر والحجاز، وانتفع به خلائق وهو مفتي الحجاز الآن، يصدرون كلّهم إلّا عن قوله، وله أعمال عظيمة في الليل، لا يكاد يطّلع عليها إلّا من خلى من الحسد من صغره إلى الآن »(١). .

٢ - الخفاجي: « العلّامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي، نزيل مكة، شرّفها الله، علّامة الدهر خصوصاً الحجاز، فإذا نشرت حلل الفضل فهو طراز الطراز. فكم حجّت وفود الفضلاء لكعبته، وتوجّهت وجوه الطلب إلى قبلته، إنْ حدّث عن الفقه والحديث لم تتقرط الأذان بمثل أخباره في القديم والحديث »(٢). .

٣ - العيدروس اليمني: « الشّيخ الإمام شيخ الإسلام خاتمة أهل الفتيا والتدريس، ناشر علوم الإمام محمّد بن إدريس، الحافظ شهاب الدين وكان بحراً في علم الفقه وتحقيقه لا تكدّره الدّلاء، وإمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون وانعقدت عليه خناصر الملأ، إمام اقتدت به الأئمّة وهمام صار في إقليم الحجاز اُمة برع في علومٍ كثيرة من التفسير

__________________

(١). لواقح الأنوار. الباب الأوّل من القسم الثالث.

(٢). ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥.

٢٢٥

والحديث وعلم الكلام واُصول الفقه وفروعه والفرائض والحساب والنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والتصوّف »(١). .

٤ - الشرقاوي: « العلّامة المحقّق الناسك الخاشع الزاهد السّمح شهاب الدين ابن حجر، نزيل مكة المشرفة، أخذرضي‌الله‌عنه العلم عن جماعةٍ من مشايخ الإسلام بمصر، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فدرّس وأفتى بالجامع الأزهر والحجاز، وانتفع به خلائق كثيرة، وصنف عدّة كتب نافعة محرّرة في الفقه والاُصول »(٢) .

هذا، وقد رووا كتب ابن حجر المكي بأسانيدهم، واعتمدوا عليها ونقلوا عنها في مؤلّفاتهم، واستندوا إلى آرائه في بحوثهم، ولا حاجة إلى إيراد شيء من ذلك بعد ثبوت الأمر ووضوحه

(٤٧)

رواية علي المتقي الهندي

ورواه الشيخ علي بن حسام الدين المتقي الهندي بطرقٍ متعددة في كتابه ( كنز العمال ) الذي رتّب فيه كتاب ( جمع الجوامع للسيوطي ) ففيه: « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمنٍ بعدي. ت ك عن عمران بن حصين»(٣) .

« دعوا علياً، دعوا علياً، دعوا علياً، إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ

__________________

(١). النور السافر في أعيان القرن العاشر: ٢٨٧.

(٢). التحفة البهية في طبقات الشافعيّة.

(٣). كنز العمال ١١ / ٥٩٩ رقم: ٣٢٨٨٣.

٢٢٦

مؤمنٍ بعدي. حم عن عمران بن حصين »(١). .

« يا بريدة، إنّ علياً وليّكم بعدي، فأحبّ علياً فإنّه يفعل ما يؤمر.

الديلمي عن علي »(٢). .

ورواه في ( منتخب كنز العمال ) في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. ت ك‍ عن عمران بن حصين »(٣). .

« سألت الله - يا علي - فيك خمساً، فمنعني واحدةً وأعطاني أربعاً، سألت الله أن يجمع عليك اُمّتي فأبى عليَّ، وأعطاني فيك أنّ أوّل من تنشقُّ عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي معك لواء الحمد وأنت تحمله بين يديَّ، تسبق به الأوّلين والآخرين، وأعطاني أنك ولي المؤمنين بعدي. الخطيب والرافعي، عن علي »(٤). .

ترجمة المتقي الهندي

والمتّقي الهندي، من كبار علماء أهل السنّة في الهند، في الفقه والحديث، حتى لقد أفرد بعضهم ترجمته بكتاب مفرد، وتجد الثناء عليه في:

__________________

(١). المصدر ١١ / ٦٠٨ رقم: ٣٢٩٤.

(٢). المصدر ١١ / ٦١٢ رقم: ٣٢٩٦٣.

(٣). منتخب كنز العمّال. ط هامش مسند أحمد ٥ / ٣٠، ٣٥.

(٤). كنز العمال ١١ / ٦٢٥ رقم: ٣٣٠٤٧.

٢٢٧

١ - النور السّافر: ٣١٤.

٢ - سبحة المرجان: ٤٣.

٣ - شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩.

٤ - نزهة الخواطر ٤ / ٢٣٤.

(٤٨)

رواية العيدروس اليمني

ورواه شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني بقوله:

« أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي »(١). .

ترجمة العيدروس

وترجم له عبد القادر بن شيخ بن عبد الله قال: « وفي ليلة السبت لخمس وعشرين خلت من رمضان سنة تسعين، توفي الشيخ الكبير والعلم الشهير القطب العارف بالله شيخ بن عبد الله العيدروس بأحمدآباد، ودفن بها في صحن داره، وعليه قبّة عظيمة، وكان مولده سنة ٩١٩ بتريم، ولفضلاء الآفاق فيه جملة مستكثرة من المراثي، حتى أني لم أر أحداً رثي بهذا القدر، وكان مدة إقامته بالهند ٣٢ سنة، لأنّه دخلها سنة ٩٥٨.

__________________

(١). العقد النبوي والسرّ المصطفوي - مخطوط.

٢٢٨

وكان شيخاً كاسمه كما قال بعض الصلحاء في وصفه، ولقد صار - بحمد الله - شيخ زمانه باتّفاق عارفي وقته. وروي عن الشيخ الكبير والعلم الشهير أبي بكر ابن سالم باعلوي أنه كان يقول: ما أحد من آل باعلوي أوّلهم وآخرهم أعطي مثله. وروي مثل ذلك عن الولي العلّامة عبد الله بن عبد الرحمن الشهير بالنحوي باعلوي وزاد: والله ما هو إلّا آية اليوم، فهو عديم النظير.

ومن شيوخه: شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي المصري، والفقيه الصالح العلّامة عبد الله بن أحمد باقشير الحضرمي. وله من كلٍّ منهما إجازة، في جماعةٍ آخرين يكثر عددهم. واجتمع بالعلّامة الربيع بزبيد.

وأمّا مقروّاته فكثيرة جداً. ومن تصانيفه: العقد النبوي والسرّ المصطفوي، والفوز والبشرى، وشرحان على القصيدة المسمّاة: تحفة المريد

ومناقبه وكراماته ليس هذا محلّها، وقد أفردها غير واحدٍ من العلماء بالتّصنيف »(١) .

(٤٩)

رواية ميرزا مخدوم صاحب النواقض

ورواه عبّاس الشهير بميرزا مخدوم بن معين الدين في كتابه ( النواقض )

__________________

(١). النور السافر: ٣٢٧. ملخصاً.

٢٢٩

عن الترمذي عن عمران بن حصين، قال: « بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة »(١). .

كتاب النواقض

وكتاب النواقض هذا من أشهر كتب القوم في الردّ على الإماميّة، قد ذكره كاشف الظنون بقوله: « نواقض على الرّوافض للشّريف ميرزا مخدوم بن مير عبد الباقي من ذريّة السيّد الشريف الجرجاني، المتوفى في حدود سنة ٩٥٥ بمكة المشرفة. ذكر فيه تزييف مذهب الروافض وتقبيحه »(٢). .

وقد أخذ منه بعض من تأخّر عنه ونسج على منواله كالبرزنجي في ( نواقض الروافض ) والسهارنفوري في ( مرافض الروافض ) بل الأوّل منهما مختصر من ( النواقض ) كما صرّح البرزنجي في مقدمته، وقد ترجم المرادي للبرزنجي في كتاب ( سلك الدرر ) وقال في نهايتها: « وبالجملة فقد كان من أفراد العالم علماً وعملاً. وكانت وفاته في غرة محرّم سنة ١١٠٣ ودفن بالمدينة »(٣). .

(٥٠)

رواية الوصّابي اليمني

ورواه إبراهيم بن عبد الله الوصّابي اليمني بطرق متعددة عن أساطين

__________________

(١). النواقض. الفرع الثاني من الفصل الأول.

(٢). كشف الظنون

(٣). سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ٣ / ٦٥ - ٦٦.

٢٣٠

المحدثين في باب عنونه بقوله « الباب العاشر فيما جاء من الأخبار بأنّه وليّ كلّ مؤمنٍ بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من كنت مولاه فعليّ مولاه، وأنّه لا يجوز الصّراط إلّا من كان معه براءة بولاية علي، مع فضائل متفرقة خصّه الله تعالى بها، رضي الله تعالى عنه » فقال:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، واستعمل عليها علياً، فمضى على السرية، فأصاب جاريةً من السّبي، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قالوا: إذا لقينا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذ قدموا من بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وسلّموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم.

فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال مثل مقالته، فأعرض عنه. ثم قام الثالث فقال مثل مقالتهما، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ - ثلاثاً - إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، و أخرجه الإِمام أحمد في مسنده وقال فيه: فأقبل رسول الله على الرابع - وقد تغيّر وجهه - فقال: دعوا علياً، علي منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

ورواه عن بريدة بن الحصيب قال:

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - في رواية اُخرى: إنّ خالد بن الوليد قال: اغتنمها يا بريدة فأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما صنع، فقدمت ودخلت المسجد ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في منزلٍ وناس من أصحابه على بابه،

٢٣١

فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خيراً، فتح الله على المسلمين، فقالوا: ما أقدمك؟ فقلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.

قالوا: فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإنّه سيسقط من عينه، ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يسمع الكلام. فخرج مغضباً فقال: ما بال القوم ينتقصون علياً، من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن فارق عليّاً فقد فارقني، إنّ علياً منّي وأنا منه، خلق من طينتي، وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

يا بريدة، أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وإنّه وليّكم بعدي.

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وابن أسبوع الأندلسي في الشفاء ».

قال:

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - قال قال لي رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: يا بريدة، إنّ علياً وليّكم بعدي، فأحبَّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به.

أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ».

قال:

« وعن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إنّ علياً مني وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة ».

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله: دعوا علياً - ثلاثاً - إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الإِمام أحمد في مسنده ».

٢٣٢

قال:

« عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لبريدة: إنّ عليّاً وليّكم بعدي، فأحبّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به أخرجه الحاكم في المستدرك، والضّياء في المختارة ».

قال:

« وعن أبي ذر الغفاري -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - عليّ منّي وأنا من علي، وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، وحبّه إيمان وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة.

أخرجه الديلمي في مسند الفردوس »(١). .

الوصابي وكتابه

وإبراهيم بن عبد الله الوصّابي من علماء أهل السنّة المتعمدين، عدّه العجيلي في ( ذخيرة المآل ) من أجلّة العلماء، ووصفه المولوي حسن زمان في ( القول المستحسن ) لدى النقل عن كتابه بـ « الشّيخ المحدّث »، كما نقل عنه العجيلي في كتابه المذكور، والشيخ محمد محبوب عالم في ( تفسيره ) وكذا ( الدهلوي ) وتلميذه الرشيد وستطّلع على ذلك في مجلّد حديث التشبيه.

وقد ترجم له في ( معجم المؤلفين ١ / ٥٦ ) وذكر كتابه المذكور.

(٥١)

رواية الحافي الحسيني الشّافعي

ورواه أحمد بن محمد بن أحمد الحافي الحسيني الشافعي ضمن

__________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب. الباب الرابع - مخطوط.

٢٣٣

فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: « روى الإِمام أحمد في المسند عن بريدة، وفي كتاب فضائل علي، ورواه أكثر المحدثين: إن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - بعث خالد بن وليد في سرية وبعث عليّاً في سرية اُخرى، وكلاهما إلى اليمن وقال: إنْ اجتمعتما فعلي على الناس، وإنْ افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على جنده. فاجتمعا وأغارا وسبيا نساء وأخذا أموالاً وقتلا ناساً، وأخذ علي جاريةً فاختصّها لنفسه. فقال خالد لأربعة من المسلمين - منهم بريدة الأسلمي - إسبقوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاذكروا له كذا، واذكروا له كذا - الاُمور عدّدها على علي - فسبقوا إليه.

فجاء واحد من جانبه فقال: إن علياً فعل كذا. فأعرض عنه. فجاء الآخر من الجانب الآخر فقال: إنّ علياً فعل كذا، فأعرض عنه. فجاء بريدة الأسلمي فقال: يا رسول الله: إنّ علياً فعل كذا، وأخذ جاريةً لنفسه. فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى احمرّ وجهه فقال: دعوا لي علياً - يكرّرها - إنّ علياً منّي وأما من علي، وإنَّ حظّه من الخمس أكثر ممّا أخذ، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١) .

ترجمة الحافي

وهذا الكتاب ذكره له صاحب ( إيضاح المكنون ) ولم يؤرّخ وفاته.

ثم أنه وصفه بـ « الشيعي » ولعلّه لِما رأى في كتابه من فضائل مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإلّا فإنّه ليس من الشّيعة الإِماميّة الأثني عشريّة لأنّهم لا يرون فضيلةً لأولئك الذين ذكرهم الحافي في هذا الكتاب.

__________________

(١). التبر المذاب في ترتيب الأصحاب. ترجمة أمير المؤمنين.

٢٣٤

(٥٢)

رواية الجمال المحدّث الشّيرازي

ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، قال:

« الحديث الثالث عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية وأمّر عليهم علياً، فصنع علي شيئاً أنكروه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله لنخبرنّه به، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. قال: فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله، فقام أحد من الأربعة فقال:

يا رسول الله ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب من وجهه فقال: ما تريدون من علي؟! علي منّي وأنا منه وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

وقال بعد ذكر حديث الغدير برواية الإِمام الصادقعليه‌السلام المشتملة على شعر حسان: « ورواه أبو سعيد الخدري، وفيه الاستشهاد بالشعر المذكور، وفيه من التاريخ وزيادة البيان ما لم يرو عن غيره. فقال: لـمّا نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم بغدير خم - يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة - دعا الناس إلى علي، فأخذ بضبعيه فرفعهما، حتى نظر الناس إلى بياض إبط رسول الله فقال:

الله أكبر الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضي الربّ برسالتي، والولاية لعلي من بعدي، من كنت مولاه فعليّ مولاه »(١). .

__________________

(١). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - الحديث الثالث.

٢٣٥

ترجمة جمال الدين الشيرازي

فهذا جمال الدين شيخ إجازة ( الدهلوي )، يروي هذا الحديث في كتاب ( الأربعين ) الذي نصَّ في خطبته على جمعها من الكتب المعتبرة. وقد ذكرنا مناقبه ومآثره في مجلّد ( حديث الغدير )، ومجلّد ( حديث التّشبيه ).

(٥٣)

رواية علي بن سلطان القاري

ورواه علي بن سلطان محمد الهروي القاري في فضائل الإِمام من شرح المشكاة حيث قال:

« في الرياض، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سريةً واستعمل عليها عليّاً. قال: فمضى على السريةً فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أخبرناه بما صنع علي. فقال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدؤا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه -

٢٣٦

فقال: ما تريدون من علي؟ ثلاثاً. إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب.

وأخرجه أحمد وقال فيه: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع - وقد تغيّر وجهه - فقال: دعوا علياً، علي منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وله طريق آخر عن بريدة.

وأصله في صحيح البخاري »(١). .

دفاع القاري عن عمر بن سعد

هذا، والقاري من المتعصّبين المتحاملين على أهل البيت الطاهرين، حتّى جعل يدافع عن عمر بن سعد اللعين فقال: « قال ابن معين في عمر بن سعد: كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟ إنتهى. أقول: رحم الله من أنصف، والعجب ممن يخرّج حديثه في كتبهم مع علمهم بحاله. تم كلام ميرك.

وفيه: إنّه قد يقال: إنه لم يباشر لقتله، ولعل حضوره مع العسكر كان بالرأي والإِجتهاد، وربما حسن حاله وطاب مآله، ومن الذي سلم من صدور معصية عنه وظهور زلّة منه، فلو فتح الباب أشكل الأمر على ذوي الألباب »(٢). .

هذا، ولا يخفى الاضطراب في كلامه، فهو في حين تجويزه حضوره مع العسكر بالرأي والإِجتهاد يقول: « وربما حسن حاله وطاب مآله ».

__________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٨١.

(٢). المرقاة. كتاب الجنائز، الفصل الثاني من باب البكاء على الميت ٢ / ٣٩١.

٢٣٧

ترجمة القاري

ومع هذا التعصّب القبيح الذي رأيت، وكذا ما صدر منه في حقّ والدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما سترى، فقد وصفه القوم في تراجمهم إيّاه بأعلى صفات المدح وأثنوا عليه غاية الثناء، فقد قال المحبّي بترجمته:

« علي بن محمد سلطان الهروي المعروف بالقاري، الحنفي، نزيل مكة، وأحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق وتنقيح العبارات. وشهرته كافية عن الإِطراء في وصفه.

ولد بهراة ورحل إلى مكة وتدبّرها، وأخذ بها عن الاُستاذ أبي الحسن البكري، والسيد زكريا الحسيني، والشهاب أحمد بن حجر الهيتمي، والشيخ أحمد المصري تلميذ القاضي زكريا، والشيخ عبد الله السّندي، والعلّامة قطب الدين المكي، وغيرهم.

واشتهر ذكره وطار صيته.

وألّف التآليف الكبيرة اللطيفة التأدية، المحتوية على الفوائد الجليلة، منها شرحه على المشكاة في مجلّدات وهو أكبرها وأجلّها، وشرح الشفاء، وشرح الشمائل، وشرح النخبة، وشرح الشاطبية، وشرح الجزرية، ولخّص من القاموس مواد وسمّاه الناموس، وله الأثمار الجنية في أسماء الحنفية، وشرح ثلاثيّات البخاري، ونزهة الخاطر الفاتر في ترجمة الشيخ عبد القادر.

لكنّه امتحن بالإِعتراض على الأئمة، لا سيّما الشافعي وأصحابه، واعترض على الإِمام مالك في إرسال اليد في الصلاة، وألّف في ذلك رسالةً فانتدب لجوابه الشيخ محمّد مكين وألف رسالة جواباً له في جميع ما قاله، وردّ عليه اعتراضاته.

وأعجب من ذلك ما نقله عنه السيّد محمد بن عبد الرسول البرزنجي

٢٣٨

الحسيني في كتابه سداد الدين في إثبات النجاة في الدرجات للوالدين: أنّه شرح الفقه الأكبر المنسوب إلى الإِمام أبي حنيفة، وتعدّى فيه طوره في الإِساءة في حق الوالدين، ثم إنّه ما كفاه ذلك حتى ألّف فيه رسالةً، وقال في شرحه للشفاء - متبجّحاً ومفتخراً بذلك - إني ألّفت في كفرهما رسالة. فليته إذ لم يراع حقّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حيث آذاه بذلك، كان استحيا من ذكر ذلك في شرح الشفاء الموضوع لبيان شرف المصطفى - صلّى الله عليه وسلّم -. وقد عاب الناس على صاحب الشّفا ذكره فيه عدم مفروضيّة الصلاة عليه - صلّى الله عليه وسلّم - في الصّلاة، وادّعاء تفرّد الشافعي بذلك، بأنّ هذه المسألة ليست من موضوع كتابه.

وقد قيّض الله تعالى الإِمام عبد القادر الطبري للردّ على القاري، فألّف رسالةً أغلظ فيها في الردّ عليه.

وبالجملة، فقد صدر منه أمثال ذلك، وكان غنيّاً عنه أنْ تصدر منه، ولولاها لاشتهرت مؤلفاته، بحيث ملأت الدنيا، لكثرة فائدتها وحسن انسجامها.

وكانت وفاته بمكة في شوال سنة ١٠١٤ ودفن بالمعلّاة. ولمـّا بلغ خبر وفاته علماء مصر صلّوا عليه بجامع الأزهر صلاة الغيبة، في مجمعٍ حافل يجمع أربعة آلاف نسمة فأكثر »(١). .

(٥٤)

رواية المنّاوي

ورواه عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي المنّاوي الشافعي عن الديلمي في الفردوس قائلاً:

__________________

(١). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ١٨٥.

٢٣٩

« يا بريدة، إن عليّاً وليّكم من بعدي. فر »(١). .

ورواه مرةً اُخرى عن الطّيالسي فقال:

« يا علي، أنت وليّ كلّ مؤمنٍ من بعدي. طيا »(٢). .

ترجمة المناوي

وقد قال المحبّي بترجمة المناوي ما ملخّصه:

« عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زيد العابدين الملقب زين الدين الحدادي ثم المناوي القاهري الشافعي - وقد تقدم ذكر تتمة نسبه في ترجمة ابنه زين العابدين - الإمام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب.

وكان إماماً، فاضلاً، زاهداً، عابداً، قانتاً لله، خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرّباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلةٍ واحدة من الطعام، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحدٍ ممّن عاصره.

وانقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزلٍ، وأقبل على التأليف، فصنّف في غالب العلوم، ثم وليّ تدريس المدرسة الصّالحية، فحسده أهل عصره، وكانوا لا يعرفون مزيّة علمه لانزوائه عنهم، ولمـّا حضر الدرس فيها ردّ عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، وشرع في قراءة مختصر المزني، ونصب الجدل في المذاهبٍ، وأتى في تقريره بما لم يسمع من غيره، فأذعنوا لفضله، وصار أجلّاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه منهم خلق كثير.

__________________

(١). كنوز الحقائق من أخبار خير الخلائق - هامش الجامع الصغير:

(٢). نفس المصدر:

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

نمير السكوني في أربعة آلاف ، و [مضاير بن رهينة] المازني في ثلاثة آلاف ، ونصر ابن فلان في ألفين ؛ فذلك عشرون ألفا ، ما بين فارس وراجل.

وعن بعض من حضر المعركة (وهو عبد الله بن عمار بن يغوث) قال :

«والله ما رأيت مكثورا قط ولقد كان يحمل فيهم ، وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا».

مما يؤكد أن عددهم لا يقل عن عشرين ألفا ، وأنهم تكاملوا في كربلاء إلى ثلاثين ألفا ، ما عدا المدد المتصل بهم والذي لم يصل بعد إلى كربلاء.

٧٤٨ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد (٢):

(كتاب الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ١٥٩)

ثم كتب ابن زياد إلى عمر بن سعد : إني لم أجعل لك علة في قتال الحسين ، من كثرة الخيل والرجال. فانظر أن لا تبدأ أمرا حتّى تشاورني ، غدوّا وعشيا مع كل غاد ورائح ، والسلام.

والتأمت العساكر إلى عمر بن سعد [في كربلاء] لست مضين من المحرم.

٧٤٩ ـ عناصر الجيش الأموي :

(حياة الإمام الحسين للسيد باقر القرشي ، ج ٣ ص ١٥٦)

يتألف الجيش الأموي من خمسة عناصر ، ومن بينها :

١ ـ الانتهازيون : وهم أصحاب المصالح ، مثل : عمر بن سعد ، وحجار بن أبجر ، وشبث بن ربعي ، وشمر بن ذي الجوشن ، وقيس بن الأشعث ، ويزيد بن الحرث.

٢ ـ المرتزقة : غايتهم الحصول على مغانم الحرب والأموال. وهم الذين نهبوا ثقل الحسينعليه‌السلام ، وعمدوا إلى سلب حرائر النبوة وعقائل الوحي ، فلم يتركوا ما عليهن من حلي وحلل ، وسلبوا الإمام الحسينعليه‌السلام وسائر الشهداء من الملابس ولا مات الحرب [أي الدروع].

٣ ـ الممسوخون : وهم الحاقدون على كل الناس ، ورغبتهم الذبح واقتراف الجرائم ، مثل : شمر ، وحرملة بن كاهل ، والحكيم بن الطفيل الطائي ، وسنان بن أنس ، وعمرو بن الحجاج ، وأمثالهم من «كلاب الطراد «كما سمّاهم بذلك بعض المؤرخين. وقد صدرت منهم في كربلاء من القساوة والهمجية ما تترفع عنه الوحوش والكلاب.

٦٢١

٤ ـ المكرهون : وهم الذين كانت عواطفهم مع الحسينعليه‌السلام ، ولكن الجبن وخور النفس منعهم من نصرته. وهؤلاء لم يشتركوا في الحرب ، وكانوا يدعون للحسين بالنصرة. وكان بعضهم من أشياخ الكوفة يقفون على تل يبكون ويقولون :اللهم أنزل عليه نصرك!. وقد أنكر عليهم واحد منهم فقال لهم : يا أعداء الله ألا تنزلون فتنصروه؟!(١) .

ومما لا شبهة فيه أن هؤلاء قد اقترفوا إثما عظيما ، وشاركوا المحاربين جريمتهم ، لأنهم لم يقوموا بإنقاذ الإمام وحمايته من المعتدين.

٥ ـ الخوارج : وهم من أحقد الناس على الإمام عليعليه‌السلام وآل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأن الإمام علياعليه‌السلام قد وترهم في واقعة النهروان ، فتسابقوا إلى قتل العترة الطاهرة للتشفّي منها.

٧٥٠ ـ سوق الحدادين يعجّ بصانعي السيوف والرماح والسهام لقتال الحسينعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٨)

وقيل : إنه من اليوم السادس من المحرم كان سوق الحدادين بالكوفة ، قائما على ساق لهم : وهج ورهج ، ووجبة وجلبة. فكل من تلقاه إما أن يشتري سيفا أو رمحا أو سهما أو سنانا ، ويحدّدها عند الحداد ، وينقعها بالسم ، لإراقة دم ريحانة الرسول ومهجة فؤاد البتول. وكانت السهام كلها مسمومة ، وبعضها ذو شعبة أو شعبتين ، وبعضها ذو ثلاث شعب.

أما السهم الّذي وقع في نحر الطفل الرضيع فكان ذا شعبتين ، فذبحه من الوريد إلى الوريد. وأما السهم الّذي وقع على قلب الحسين ـ روحي له الفدا ـ فكان له ثلاث شعب ، فخرق أحشاءه وخرّق قلبه الشريف ، حتّى خرج من قفاه.

٧٥١ ـ التعداد الكمي للجيش الحسيني :

(الوثائق الرسمية ، ص ١١٠)

وأما التعداد الكمي للجيش الحسيني ، الّذي قاتل مع الحسينعليه‌السلام ، فقد اختلف الرواة وأرباب المقاتل في تحديده الكمي.

__________________

(١) أنساب الأشراف للبلاذري ، ج ٢ ص ٥١٧.

٦٢٢

فقد ذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) وابن الأثير في (الكامل) ج ٣ ص ٢٨٦ وغيرهم : أنهم اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا ، والمجموع :

٣٢ فارسا+ ٤٠ راجلا ـ ٧٢ محاربا

وبعضهم قال بأكثر من هذا العدد ، ففي رواية الطبري أنهم كانوا أربعين فارسا ومائة راجل. وفي رواية الإمام الباقرعليه‌السلام أنهم كانوا خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل. وأنا أرجّح الرواية الأخيرة لأنها عن معصوم.

(أقول) : والظاهر أن الذين اعتبروا العدد ٧٢ اقتصروا على عدّ الرجال العرب الأحرار ، دون الموالي والعبيد ، الذين كانوا بكثرة مع الحسينعليه‌السلام ؛ من مواليه ومن موالي أصحابه. فمن هنا جاء الفرق بين العدد ٧٢ والعدد ١٤٥.

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني في (الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين) : قمت بعملية جرد لإحصاء جميع أسماء أصحاب الحسينعليه‌السلام وأهل بيته الذين حاربوا معه في اليوم العاشر من المحرم ، وقد ذكرهم بأسمائهم الشيخ محمّد السماوي في كتابه (إبصار العين في أنصار الحسين) ، فكان عددهم

لا يتجاوز المائة وعشرة رجال ، من المشاة والفرسان. وهم طائفتان :

١ ـ من بني هاشم ، وعددهم ستة عشر ١٦ رجلا.

٢ ـ من الأصحاب ، وهم من مختلف القبائل والأجناس ، وعددهم ٩٤ رجلا.

(أقول) : وسوف يأتي تحقيق كامل بأسماء هؤلاء الأنصار من الآل والأصحاب في أول الجزء الثاني من هذه الموسوعة إنشاء الله.

اليوم السابع من المحرّم

(الحصار ومنع الماء)

٧٥٢ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد (٣) بمنع الماء عن الحسينعليه‌السلام :

(الوثائق الرسمية للقزويني ، ص ١١٢)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني : ثم إن عبيد الله بن زياد أخذ يرسل الكتاب تلو الكتاب ، والرسول تلو الرسول ، يحثّ عمر بن سعد على مقاتلة الحسينعليه‌السلام . فبعث إليه كتابا آخر جاء فيه :

٦٢٣

أما بعد ، فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فلا يذوقوا منه قطرة ، كما صنع بالتقيّ الزكي المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان(١) .

الحصار

ولما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد ، أمر عمرو بن الحجاج ومعه خمسمائة فارس ، فنزلوا على الشريعة ، وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، ومنعوهم أن يستقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسينعليه‌السلام بثلاثة أيام.

٧٥٣ ـ عبد الله بن الحصين الأزدي يتوعّد الحسينعليه‌السلام بالموت عطشا ، ودعاء الحسينعليه‌السلام عليه :

(الوثائق الرسمية ، ص ١١٢)

ثم إن عبد الله بن (أبي) الحصين الأزدي نادى في لؤم وحقارة وخسّة نفس وخبث سريرة : يا حسين أما تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء ، ووالله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا.

فتأثر الحسينعليه‌السلام من كلامه ، وقال : الله م اقتله عطشا ، ولا تغفر له أبدا.

قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الّذي لا إله غيره ، لقد رأيته يشرب الماء حتّى يبغر(٢) ، ثم يقيء ويصيح : العطش ، ثم يعود فيشرب الماء حتّى يبغر ، ثم يقيئه ويتلظى عطشا ، فما زال ذلك دأبه حتّى هلك.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٧ ط ٢ نجف :

وناداه عمرو بن الحجاج : يا حسين ، هذا الماء تلغ فيه الكلاب وتشرب منه خنازير أهل السواد والحمر والذئاب ، وما تذوق منه والله قطرة حتّى تذوق الحميم في نار الجحيم. فكان سماع هذا الكلام على الحسينعليه‌السلام أشدّ من منعهم إياه الماء.

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣١٢.

(٢) بغر البعير : شرب ولم يرو ، فأخذه داء من الشرب. والبغر : كثرة شرب الماء ، أو داء وعطش.

٦٢٤

٧٥٤ ـ عند ما أضرّ العطش بالحسينعليه‌السلام ومن معه ، حفروا بئرا فشربوا منها ثم غاضت :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٤)

وورد أمر من ابن زياد بالتضييق على الحسين ومنعه من الماء كما فعل بعثمان.ولما أضرّ العطش بالحسينعليه‌السلام وبمن معه ، أخذ فأسا وجاء إلى وراء خيمة النساء ، فخطا على الأرض تسع عشرة خطوة نحو القبلة ، ثم احتفر هناك ، فنبعت له هناك عين من الماء العذب ، فشرب الحسينعليه‌السلام وشرب أصحابه بأجمعهم ، وملؤوا أسقيتهم ، ثم غارت العين فلم يشهد لها أثر.

وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فكتب إلى عمر بن سعد : بلغني أن الحسين يحفر الآبار ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه ، فانظر إذا ورد عليك كتابي هذا فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت ، وضيّق عليهم ولا تدعهم أن يذوقوا من الماء قطرة ، وافعل بهم كما فعلوا بالزكي عثمان ، والسلام(١) .

فضيّق عليهم ابن سعد غاية التضييق ، ودعا برجل يقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي ، فضمّ إليه خيلا كثيرة ، وأمره أن ينزل على الشريعة التي هي حذاء معسكر الحسينعليه‌السلام ، فنزلت الخيل على شريعة الماء.

تعليق :

لقد دأب الإعلام الأموي على تشويه الحقائق وإيهام الرعاع من الناس أن الحسينعليه‌السلام له ضلع في مقتل الخليفة عثمان عطشا ، علما بأنه مع أخيه الحسنعليه‌السلام وبأمر من أبيهما الإمام عليعليه‌السلام كانا من المدافعين عن عثمان والواقفين على باب بيته بسيوفهم يوم مقتله. أما القاتل الحقيقي الّذي ورّط عثمان في الفتنة ، ثم أسلمه إلى الهلاك والقتل في آخر لحظة ، فهو معاوية. واللبيب يميّز بين أعمال من اتخذوا الغدر والوصولية مبدأ لهم ، وبين من التزموا بالحق

لا يحيدون عنه قيد أنملة ، وهم عليعليه‌السلام وأولاده. وكيف يقاس من انطبعت أعمالهم بالرجس ، بمن طهّرهم الله من كل رجس؟!.

__________________

(١) ذكر المقرم في مقتله ص ٢٤٤ ما يشبه هذا الكلام ، منقولا عن الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٤ ؛ وإرشاد المفيد وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٢.

٦٢٥

٧٥٥ ـ عبيد الله بن زياد يمارس الحرب الاقتصادية ضد الحسينعليه‌السلام بأبشع صورها ، فيمنعه من الماء ويعزله عن العالم :

(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، ص ١٨٣)

وقد استعمل ابن زياد مع الحسينعليه‌السلام الحرب الاقتصادية بأبشع صورها ، وأقصى ما يتصوّر ؛ من معاملة وحشية وخطة همجية. فطوّق جيش الحسينعليه‌السلام لمنع الإمدادات الخارجية ، وقطع الاتصال بينه وبين العالم الخارجي ، حتّى وصلت الحال إلى حدّ منع الماء عنه وعن عياله وأطفاله.

٧٥٦ ـ حقوق الحسينعليه‌السلام في ماء الفرات :

(معالي السبطين لمحمد مهدي المازندراني ، ج ١ ص ١٩٥)

قال المرحوم الحاج شيخ جعفر : اعلم أن للحسينعليه‌السلام في الماء حقوقا أربعة :

الأول : حقه في الماء ، من حيث الاشتراك مع جميع الناس ، فإن الناس كلهم شركاء في الماء.

الثاني : حقه في الماء ، من حيث الاشتراك مع جميع ذوات الأرواح ، فإن لكل ذات روح في الماء حقا ، ومنه كل الحيوان.

الثالث : من حيث ثبوت حق السقي له على أهل الكوفة ، فإنه قد سقاهم ثلاث مرات ؛ مرة في الكوفة في زمان أبيهعليه‌السلام ، وتارة في صفين ، وأخرى في القادسية ، حين الملاقاة مع عسكر الحر بن يزيد الرياحي.

الرابع : له حقّ في الفرات مخصوص ، فإن نهر الفرات نحلة الله لفاطمةعليها‌السلام ومهر الزهراء.

ولم يراعوا لعنهم الله هذه الحقوق ، ومنعوه منه كما منعوا منه أصحابه وعياله وأطفاله ، وذلك قبل مقتلهعليه‌السلام بثلاثة أيام.

٧٥٧ ـ نصيحة الهمداني لعمر بن سعد :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٣)

قال الراوي : فلما نزل الحسينعليه‌السلام في أرض كربلاء ، أول من حال بينه وبين ماء الفرات عمر بن سعد. فاشتدّ العطش بالحسينعليه‌السلام وأطفاله وأهل بيتهعليهم‌السلام . وقام رجل من أصحاب الحسينعليه‌السلام [لعله يزيد بن الحصين

٦٢٦

الهمداني] وقال : يابن رسول الله أتأذن لي أن أمضي إلى ابن سعد فأكلمه في أمر الماء ، وأعرّفه بعطش الحرم والأطفال ، فعساه يرتدع عن القتال؟. فقالعليه‌السلام :ذلك إليك ، افعل ما شئت.

قال : فجاء الهمداني ووبّخه بكلام ، فكان من عذره أن قال : يا أخا همدان ، والله إني أعرف الناس بحق الحسين وحرمته عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكني حائر في أمري ، ما أدري كيف أصنع؟ وفي هذا الوقت كنت أتفكر في أمري ، بين ترك ملك الرّي وقتل الحسين. ثم قال : نفسي لأمّارة بالسوء ، ما تحسّن لي ترك ملك الري ، وأني إذا قتلت حسينا أكون أميرا على سبعين ألف فارس!.

قال : فنهض من عنده مكسور القلب ، ورجع إلى الحسينعليه‌السلام وقال :

يا مولاي إن القوم استحوذ عليهم الشيطان ، وإن عمر بن سعد قد عزم على قتلك وقتل أصحابك وأهل بيتك ، ورضي بدخول النار بولاية الريّ ، ذلك هو الخسران المبين.

الاستسقاء الأول

٧٥٨ ـ معركة على الماء : استسقاء العباسعليه‌السلام بمساعدة نافع بن هلال الجملي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٤ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ٩٨)

فلما اشتدّ العطش بالحسينعليه‌السلام وأصحابه ، دعا أخاه العباسعليه‌السلام وضمّ إليه ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ، وبعث معهم عشرين قربة في جوف الليل ، حتّى دنوا من الفرات ، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء.

فقال عمرو بن الحجاج : من الرجل؟ فقال له نافع بن هلال : أنا ابن عم لك من أصحاب الحسينعليه‌السلام جئت حتّى أشرب من هذا الماء الّذي منعتمونا منه. فقال له عمرو : اشرب هنيئا مريئا. فقال له نافع : ويحك كيف تأمرني أن أشرب من الماء ، والحسينعليه‌السلام ومن معه يموتون عطشا؟!. فقال : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء.

فصاح نافع بأصحابه فدخلوا الفرات ، وصاح عمرو بأصحابه ليمنعوهم. فحمل عليهم العباسعليه‌السلام ونافع بن هلال فكشفوهم. واقتتل القوم على الماء قتالا شديدا ، فكان قوم يقاتلون وقوم يملؤون القرب ، حتّى ملؤوها وأقبلوا بالماء.

٦٢٧

ثم عاد عمرو بن الحجاج وأصحابه وأرادوا أن يقطعوا عليهم الطريق ، فقاتلهم العباسعليه‌السلام وأصحابه حتّى ردّوهم. وقتل من أصحاب عمرو بن الحجاج جماعة ، ولم يقتل من أصحاب الحسينعليه‌السلام أحد.

ثم رجع القوم إلى معسكرهم بالماء ، فشرب الحسينعليه‌السلام ومن كان معه ، ولقّب العباس يومئذ بالسّقّاء(١) .

(يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٢٤٦) : ولكن لا يفوتنا أن تلك الكمية القليلة من الماء ، ما عسى أن تجدي أولئك الجمع ، الّذي هو أكثر من مائة وخمسين رجالا ونساء وأطفالا ، أو إنهم ينيفون على المائتين. ومن المقطوع به أنها لم ترو أكبادهم إلا مرة واحدة ، فسرعان أن عاد إليهم الظمأ ، وإلى الله المشتكى!.

٧٥٩ ـ خطاب الحسينعليه‌السلام بالقوم يذكّرهم فيه بحسبه ونسبه :

(لواعج الأشجان ، ص ١١٦ ط ٤ ؛ ومثير الأحزان للجواهري ، ص ٦٤)

ثم وثب الحسينعليه‌السلام متوكئا على قائم سيفه ، ونادى بأعلى صوته : أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد ، أول نساء هذه الأمة إسلاما؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن سيّد الشهداء حمزة عم أبي؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفرا الطيار في الجنة عمي؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنا متقلده؟.قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنا لابسها؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن عليا كان أول القوم إسلاما وأعلمهم علما وأعظمهم حلما ، وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟. قالوا : الله م نعم قال : فبم تستحلّون دمي؟ وأبي الذائد عن الحوض ، يذود عنه رجالا كما

__________________

(١) من الغريب أن أبا مخنف في مقتله ذكر أن العباسعليه‌السلام استشهد هنا وهو يستسقي ، ولم يرجع بالماء إلى الحسينعليه‌السلام . وقد انفرد بهذه الرواية ، وسنذكرها في مصرع العباسعليه‌السلام فيما بعد.

٦٢٨

يذاد البعير الصاد عن الماء ، ولواء الحمد في يد أبي يوم القيامة!. قالوا : قد علمنا ذلك كله ، ونحن غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشا.

المفاوضات

قال الشيخ المفيد : لما رأى الحسينعليه‌السلام نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى ومددهم لقتله ، أنفذ إلى عمر بن سعد أنني أريد أن ألقاك. فاجتمعا ليلا ، وتناجيا طويلا.

٧٦٠ ـ مكالمة الحسينعليه‌السلام لعمر بن سعد ونصيحته ، وأعذار ابن سعد :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٥)

وأرسل الحسينعليه‌السلام إلى ابن سعد مع عمرو بن قرظة الأنصاري ، أني أريد أن أكلّمك الليلة ، فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك. فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارسا ، والحسينعليه‌السلام في مثل ذلك. ولما التقيا أمر الحسينعليه‌السلام أصحابه فتنحّوا عنه ، وبقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبرعليه‌السلام . وأمر ابن سعد أصحابه فتنحّوا عنه ، وبقي معه ابنه حفص وغلام له يقال له : لاحق.

فقال الحسينعليه‌السلام لابن سعد : ويحك أما تتّقي الله الّذي إليه معادك؟. أتقاتلني وأنا ابن من علمت!. يا هذا ذر هؤلاء القوم وكن معي فإنه أقرب لك من الله. فقال له عمر : أخاف أن تهدم داري. فقال الحسينعليه‌السلام : أنا أبنيها لك. فقال عمر :أخاف أن تؤخذ ضيعتي. فقالعليه‌السلام : أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز(١) . ويروى أنهعليه‌السلام قال لعمر :

(أعطيك البغيبغة ، وكانت عظيمة فيها نخل وزرع كثير ، دفع معاوية فيها ألف ألف دينار فلم يبعها له(٢) ). فقال عمر : لي عيال أخاف عليهم. فقال : أنا أضمن سلامتهم. ثم سكت فلم يجبه عن ذلك. فانصرف عنه الحسينعليه‌السلام وهو يقول : ما لك ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا ، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك. فوالله إني لأرجو أن لا تأكل من برّ العراق إلا يسيرا. فقال له عمر مستهزئا : يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البرّ. ثم رجع عمر إلى معسكره.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٤٨ عن مقتل العوالم ص ٧٨.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٤٨ عن تظلم الزهراء ص ١٠٣.

٦٢٩

(أقول) : وقد صدق دعاء الحسينعليه‌السلام على عمر بن سعد ، فقد مات مذبوحا على فراشه (راجع ترجمته في الجزء الثاني من الموسوعة).

٧٦١ ـ حبّ الدنيا رأس كل خطيئة :

(بقلم المؤلف)

المقصود بالدنيا ما تشتمل عليه من متع عابرة وشهوات حيوانية ولذائذ آنيّة ، وما تنطوي عليه من تهالك وتحاسد وتباغض.

وهذه الرغبات المادية قد أباحها الشارع وأعطانا الحق في ممارستها ، ولكن في حدود معتدلة ومعقولة ، بحيث لا تؤدي إلى الحرص والطمع والانحراف والتهافت.

ورغم هذا كله ، نجد كثيرا من الناس تطغيهم نفسيتهم الأمارة بالسوء ، فيختارون الضلال على الهدى ، ويفضّلون الباطل على الحق ، وينحرفون منجرفين بتيار الهوى والشذوذ ؛ وذلك رغم وضوح الدلائل لديهم ، وقيام الحجة عليهم ، فيكون وبالهم كبيرا ، وعقاب أعمالهم شديدا.

من هؤلاء البغاة المنحرفين [عمر بن سعد بن أبي وقّاص] الّذي لم يرع للحسينعليه‌السلام قرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يحفظ له منزلة ولا قدرا ، وجاء يريد مساومته على الصلح مع يزيد ، الفاسق الفاجر ، كيما تنطفئ شعلة الثورة على الجور والطغيان ، وينعم هو في ظل يزيد بولاية الرّي وجرجان ، فيشبع دوافع نفسه الشريرة في التكالب على المال والأملاك والإمارة والسلطان.

لقد بات عمر بن سعد في صراع كبير بين الباطل والحق ، بين الاستجابة للدنيا أو الاستجابة للآخرة ، بين قتل الحسينعليه‌السلام أو ترك ولاية الري وجرجان. لقد بات في صراع مرير بين نفسه الأمّارة بالسوء وبين نفسه اللوّامة ، ولسان حاله يقول :

دعاني عبيد الله من دون قومه

إلى خطةّ ، فيها خرجت لحيّني

فوالله ما أدري وإني لحائر

أفكّر في أمري على خطرين

أأترك ملك الرّي والريّ منيتي

أم ارجع مأثوما بقتل حسين

حسين ابن عمّي والحوادث جمّة

لعمري ولي في الريّ قرّة عين

يقولون : إن الله خالق جنّة

ونار وتعذيب وغلّ يدين

فإن صدقوا فيما يقولون إنني

أتوب إلى الرحمن من سنتين

وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة

وملك عقيم دائم الحجلين

٦٣٠

ولقد نصحه الحسينعليه‌السلام نصائح كثيرة ، لم تلق منه غير اختلاق الذرائع والأعذار ، التي تتركز كلها حول حرصه على المصالح الدنيوية والمكاسب المادية.

وظلعليه‌السلام جاهدا في نصيحة عمر بن سعد ـ باعتباره القائد العام لجيش البغي والعدوان ـ وهو يتنصّل بشتى المعاذير ، والحسينعليه‌السلام يردّها عليه واحدة واحدة ، حتّى لم يبق في جعبة ابن سعد عذرا يعتذر به.

وماذا كان يحجب تلك الحجج والبراهين ، والدعوات والنصائح ، عن أن تجد طريقها إلى ضمير ابن سعد ، فيتحول عن طريق الذنوب والآثام والكبائر الجسام ، لو لا أن حبّ الدنيا قد أعمى قلبه ، والتكالب عليها قد أظلم صدره. فصدق فيه قول الإمام عليعليه‌السلام : «حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة».

ولقد وعده ابن زياد أن يعهد له بولاية الريّ ، فباع الفاسق دينه بالبغي والغيّ ، لكنه لم يسعد بولاية ولا عيش هنيّ ، بل ذبح على فراشه بتقدير خفيّ.

٧٦٢ ـ تعليق على انحراف عمر بن سعد :

(كشف الغمة في معرفة الأئمة لعلي بن عيسى الإربلي ، ج ٢ ص ٢٦٠)

قال المحقق أبو الحسن علي بن عيسى الإربلي :

التوفيق عزيز المنال ، ومن حقّت عليه كلمة العذاب لم ينجع فيه لوم اللّوّام ولا عذل العذّال. ومن غلبته نفسه ، تورّط من شهواتها في أعظم من القيود والأغلال.وكما أن الجنة لها رجال فالنار لها رجال ، وكما أعدّ الله لقوم الفوز والرضوان ، أعدّ للآخرين العقاب والنكال.

وهذا النجس ابن سعد أبعده الله ، عرف سوء فعله ، فأضلّه الله على علم ، وهو أقبح أنواع الضلال. وطبع الله على قلبه وختم على لبّه ، وجعل على بصره غشاوة فبئست الأحوال. وزهد في الآجلة وهي إلى بقاء ، ورغب في العاجلة وهي إلى زوال. وطمع في المال فخسر المآل. فأصلي نارا وقودها الناس والحجارة ، ولم يغن عنه رأيه في الريّ ولا نفعته الإمارة ، فخرج في طالع نحس ، وباع آخرته بثمن بخس ، وأصبح من سوء اختياره في أضيق حبس. فإنه عصى الله سبحانه طاعة للفجّار ، واتّخذ ابن زياد ربّا فأورده النار وبئس القرار. وباء في الدنيا بالعار ، وحشر في الآخرة مع مردة الكفّار.

وهكذا حال هذا الشقي الّذي سعى إلى سوء خاتمته وعاقبته ، فكان العذاب

٦٣١

الدائم مصيره والنار غايته ، فتبّا له محلأ عن موارد الأبرار ، وبعدا له وسحقا في هذه الدار وتلك الدار. فلقد أوغل في تمردّه ، وبالغ في وخامة كسب يده ، وترك الحق وراء ظهره وخلف أذنه. إذ لم ينظر في يومه لغده ، وعرف الصراط المستقيم فنكب طوعا عن سننه وجدده ، وصدّع قلب الرسول بما صنعه بولده ، وأبكى الأرض والسماء بجنايته ، وأحزن الملائكة الكرام والأنبياءعليهم‌السلام ببشاعة فعلته وقبح ملكته. وجاء بها شوهاء عقراء جذعاء تشهد بسوء ظفره ، وتنطق برديّ أثره ، ولؤم مخبره وفساد اختياره ونظره ، كافلة له بالعذاب الأليم ، إضافة له الخلود في نار الجحيم ، مقيما فيها أبدا إن شاء الله مع الشيطان الرجيم. طعامه فيها الزقّوم والغسلين وشرابه الحميم ، مخصوصا بمقت الله رب العالمين ، قريبا للعتاة المتمردين والطغاة الكافرين ، مصاحبا من شايعه وتابعه ورضي بفعله من الجنّة والناس أجمعين.

٧٦٣ ـ طلب عمر بن سعد الاجتماع بالحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٧ ط ٢ نجف)

وكان عمر بن سعد يكره قتال الحسينعليه‌السلام ، فبعث إليه يطلب الاجتماع به ، فاجتمعا خلوة. فقال له عمر : ما جاء بك؟ فقال : أهل الكوفة. فقال :

أما عرفت ما فعلوا معكم؟. فقال : من خادعنا في الله انخدعنا له. فقال له عمر :قد وقعت الآن ، فما ترى؟. فقال : دعوني أرجع فأقيم بمكة أو المدينة أو أذهب إلى بعض الثغور فأقيم به كبعض أهله. فقال : أكتب إلى ابن زياد بذلك.

٧٦٤ ـ عمر بن سعد يبسط بساطا :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٥٩ ط حجر إيران)

قال أبو مخنف : ثم إن عمر بن سعد عبر الفرات ، وكان يخرج كل ليلة ويبسط بساطا ويدعو الحسينعليه‌السلام ويتحدثان جميعا حتّى يمضي من الليل شطره. وكان (خولي بن يزيد) من أقسى الناس قلبا على الحسينعليه‌السلام ، فلما نظر ذلك كتب إلى ابن زياد.

فكتب ابن زياد إلى عمر بن سعد : فإذا قرأت كتابي فأمره أن ينزل على حكمي ، فإن فعل وهو الفرض ، وإن أبى فامنعه من شرب الماء الفرات ، فقد حرّمته عليه وحلّلته على الكلاب والخنازير.

٦٣٢

٧٦٥ ـ ابن زياد يستنكر على عمر بن سعد محادثته للحسينعليه‌السلام وإمهاله :

(مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري ، ص ٥٢)

وبلغ ابن زياد أن عمر بن سعد يسامر الحسينعليه‌السلام ويحدّثه ويكره قتاله. فكتب إلى عمر بن سعد : إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلنّ الحسين بن علي ، وخذ بكظمه ، وحل بينه وبين الماء ، كما حيل بين عثمان يوم الدار.

فلما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد أمر مناديه فنادى : إنا قد أجّلنا حسينا وأصحابه ليلتهم ويومهم.

عروض الحسينعليه‌السلام

٧٦٦ ـ مخاطبة الحسينعليه‌السلام لعمر بن سعد وما عرضه عليه :

(تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ص ٣٥٢)

فتوجه عمر بن سعد إلى الحسينعليه‌السلام . فلما أتاه قال له الحسينعليه‌السلام : اختر واحدة من ثلاث : إما أن تدعوني فألحق بالثغور ، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد ، وإما أن تدعوني فأذهب من حيث جئت.

فقبل ذلك عمر بن سعد ، وكتب بذلك إلى عبيد الله. فكتب إليه عبيد الله : لا ولا كرامة ، حتّى يضع يده في يدي.

فقال الحسينعليه‌السلام : لا والله لا يكون ذلك أبدا.

٧٦٧ ـ طلب الحسينعليه‌السلام من عمر بن سعد أحد شروط ثلاثة :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٩)

عن الحريري عن عبد ربه ، أن الحسين بن عليعليهما‌السلام لما رهقه السلاح ، قال :ألا تقبلون مني ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبل من المشركين؟. قالوا : وما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبل من المشركين؟. قال : إذا جنح أحدهم قبل منه. قالوا : لا. قال :فدعوني أرجع. قالوا : لا. قال : فدعوني آتي أمير المؤمنين. فأخذ له رجل السلاح ، فقال له : أبشر بالنار!. فقالعليه‌السلام : بل أبشر إن شاء الله برحمة ربيعزوجل ، وشفاعة نبيّيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

تعليق :(المصدر السابق)

إن الخصلة الأخيرة التي تذكرها هذه الرواية ، وهي أن يأتي الحسينعليه‌السلام

٦٣٣

فيضع يده في يد يزيد ، قد انفرد بإيرادها رواة السنة. والثابت عند الشيعة أن الحسينعليه‌السلام ما سألهم إلا الرجوع إلى حرم الله وحرم جده ، أو الانتشار في أرض الله الواسعة ، فأبوا.

٧٦٨ ـ ثلاثون رجلا من جند عمر بن سعد يتحولون إلى الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ، ص ٢٢٠)

وكان مع عمر بن سعد (من قريش) قريب من ثلاثين رجلا من أهل الكوفة ، فقالوا : يعرض عليكم ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاث خصال ، فلا تقبلون شيئا منها؟!. فتحولوا مع الحسينعليه‌السلام فقاتلوا حتّى قتلوا معه.

افتراءات عمر بن سعد

٧٦٩ ـ كتاب عمر بن سعد إلى ابن زياد (٢) يتأول فيه على الحسينعليه‌السلام قبوله مفاوضة يزيد :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٤٩)

ثم كتب عمر بن سعد إلى ابن زياد : أما بعد ، فإن الله أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة. هذا الحسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الّذي منه أتى ، أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده ، فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا لك رضا وللأمة صلاح(١) .

وفي الحقيقة إن بعض هذه العروض قد اختلقها عمر بن سعد من عنده ، لأن الحسينعليه‌السلام لم يعتقد أصلا بخلافة يزيد حتّى يفاوضه.

بقول السيد الأمين في (لواعج الأشجان) ص ١٠١ ط نجف :

عن عقبة بن سمعان أنه قال : والله ما أعطاهم الحسينعليه‌السلام أن يضع يده في يد يزيد ولا أن يسير إلى ثغر من الثغور ، ولكنه قال : دعوني أرجع إلى المكان الّذي أقبلت منه ، أو أذهب في هذه الأرض العريضة.

__________________

(١) الإتحاف بحب الأشراف ص ١٥ ؛ وتهذيب التهذيب ج ٢ ص ٢٥٣.

(أقول) : ولعل هذه المحاولة للإصلاح من قبل عمر بن سعد ، سببها القرابة التي بين الحسينعليه‌السلام وعمر بن سعد. إذ أن نسب عمر بن سعد يتصل مع بني هاشم في كلاب بن مرة ، فهو عمر بن سعد بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.

٦٣٤

وقال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٥٨ ط ٢ نجف :

(وقد وقع في بعض النسخ) أن الحسينعليه‌السلام قال لعمر بن سعد : دعوني أمضي إلى المدينة أو إلى يزيد ، فأضع يدي في يده. ولا يصحّ ذلك عنه ، فإن عقبة بن سمعان قال: صحبت الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى العراق ، ولم أزل معه إلى أن قتل ، والله ما سمعته قال ذلك.

٧٧٠ ـ افتراء مقصود على الحسينعليه‌السلام :

(الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين لعبد الكريم القزويني ، ص ١١٦)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني :

وكيف يتفق هذا الكتاب مع أول وثيقة للحسينعليه‌السلام عند ما قال لوالي يزيد على المدينة الوليد بن عتبة : «أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة ...» إلى أن قال : «ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

ثم إن خبر هذا الكتاب أشاعه الأمويون ، وأرادوا أن يوهموا به الناس ، أن الحسينعليه‌السلام خشع وخضع ، وحنى رأسه لسلطان يزيد ، ليشوّهوا بذلك الموقف البطولي الّذي وقفه هو وأصحابه.

وقد حرص الأمويون وأعوانهم على إخفاء كثير من ملامح ثورة الحسينعليه‌السلام وملابساتها ، وأذاعوا كثيرا من الأخبار المكذوبة عنها ، ليوقفوا عملها التدميري في ملكهم وسلطانهم ، ولكن لم يفلحوا(١) .

وقد تصدّى لتكذيب هذا الكتاب أحد أصحاب الحسينعليه‌السلام وهو عقبة ابن سمعان ، كما جاء في (تاريخ الطبري) وهذا نصه من كامل ابن الأثير :

٧٧١ ـ ردّ افتراء : الحسينعليه‌السلام لم يعرض على عمر بن سعد أن يضع يده في يد يزيد :(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٨١)

وقد روي عن عقبة بن سمعان أنه قال :

صحبت الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة ، ومن مكة إلى العراق ، ولم أفارقه حتّى قتل. وسمعت جميع مخاطباته للناس إلى يوم مقتله ، فوالله ما أعطاهم ما

__________________

(١) ثورة الحسينعليه‌السلام للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، ص ١٧٠.

٦٣٥

يتذاكر به الناس ؛ من أنه يضع يده في يد يزيد ، ولا أن يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين. ولكنه قال : دعوني أرجع إلى المكان الّذي أقبلت منه ، أو دعوني أذهب في هذه الأرض العريضة ، حتّى ننظر إلى ما يصير إليه أمر الناس ، فلم يفعلوا.

٧٧٢ ـ (رواية أخرى) للخصال التي عرضها الحسينعليه‌السلام :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ج ٢ ص ٥)

أما ابن قتيبة فيورد رواية أخرى لا بأس بإثباتها ، وفيها تصحيف بين عمر ابن سعد (وعمرو بن سعيد) ، وبين شمر بن ذي الجوشن (وشهر بن حوشب) يقول :

ثم بعث عبيد الله بن زياد (عمرو بن سعيد) يقاتلهم. قال الحسينعليه‌السلام : يا عمرو ، اختر مني ثلاث خصال : إما أن تتركني أرجع كما جئت ، فإن أبيت هذه فأخرى ، سيّرني إلى الترك أقاتلهم حتّى أموت ، أو تسيّرني إلى يزيد فأضع يدي في يده ، فيحكم فيّ بما يريد.

فأرسل عمرو إلى ابن زياد بذلك ، فهمّ أن يسيّره إلى يزيد ، فقال له (شهر بن حوشب) : قد أمكنك الله من عدوك وتسيّره إلى يزيد؟!. والله لئن سار إلى يزيد لا رأى مكروها ، وليكوننّ من يزيد بالمكان الّذي لا تناله أنت منه ، ولا غيرك من أهل الأرض. لا تسيّره ولا تبلعه ريقه حتّى ينزل على حكمك.

(قال) فأرسل إليه يقول : لا ، إلا أن تنزل على حكمي. فقال الحسينعليه‌السلام :أنزل على حكم ابن الزانية؟!. لا والله لا أفعل. الموت دون ذلك وأحلى.

(قال) وأبطأ (عمرو بن سعيد) عن قتاله ، فأرسل عبيد الله بن زياد إلى (شهر بن حوشب) أن تقدم عمرا يقاتل ، وإلا فاقتله وكن أنت مكانه.

مكيدة الشّمر

٧٧٣ ـ شمر يدبّر مكيدة لعمر بن سعد ليتولى مكانه :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٥١ ط ٣ نجف)

ولما قرأ ابن زياد كتاب ابن سعد ، قال : هذا كتاب ناصح مشفق على قومه. وهمّ ابن زياد أن يجيبه إلى ذلك.

فقال شمر بن ذي الجوشن الكلابي : أتقبل هذا منه بعد أن نزل بأرضك؟. والله

٦٣٦

لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ، ليكوننّ أولى بالقوة منك ، وتكون أولى بالضعف والوهن منه ، فلا ترض إلا بنزوله على حكمك.

فاستصوب رأيه ، وقال له : نعم ما رأيت.

٧٧٤ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد (٤) بواسطة شمر بن ذي الجوشن ، يستنكر عليه لينه وتساهله مع الحسينعليه‌السلام :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤٧ ط نجف)

ثم أنفذ ابن زياد بشمر بن ذي الجوشن إلى ابن سعد بكتاب فيه : إني لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ، ولا لتعتذر له عندي ، ولا لتكون له شافعا. فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سالمين ، وإن أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم ، فإنهم لذلك مستحقون. فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنه عاقّ شاقّ قاطع ظلوم فإن أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت فاعتزل أمرنا وجندنا ، وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنا قد أمّرناه بأمرنا(١) .(وفي رواية : فإنه أشدّ منك حزما ، وأمضى منك عزما(٢) ). وكان أمر شمرا أنه إن لم يفعل بما فيه ، فاضرب عنقه وأنت الأمير.

وجاء في (مقتل الحسين) للمقرم ، ص ٢٥٢ تتمة ذلك :

فلما جاء الشمر بالكتاب ، قال له ابن سعد : ويلك لا قرّب الله دارك ، وقبّح الله ما جئت به ، وإني لأظن أنك الّذي نهيته وأفسدت علينا أمرا رجونا أن يصلح.والله لا يستسلم «حسين» فإن نفس أبيه بين جنبيه.

فقال الشمر : أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لأمر أميرك ، وإلا فخلّ بيني وبين العسكر. فقال له عمر : أنا أتولى ذلك ولا كرامة لك ، ولكن كن أنت على الرجالة(٣) .

٧٧٥ ـ وصول كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد مع الشمر وتأففه منه :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٨ ط ٢ نجف)

قال الواقدي : ولما وصل شمر إلى عمر بن سعد ، ناداه عمر بن سعد : لا أهلا

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٣.

(٢) مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٤٥.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٦.

٦٣٧

والله بك ولا سهلا يا أبرص ، لا قرّب الله دارك ، ولا أدنى مزارك ، وقبّح ما جئت به. ثم قرأ الكتاب ، وقال : والله لقد ثنيته عما كان في عزمه ولقد أذعن ، ولكنك شيطان فعلت ما فعلت. فقال له شمر : إن فعلت ما قال الأمير ، وإلا فخلّ بيني وبين العسكر.

فبعث عمر إلى الحسينعليه‌السلام فأخبره بما جرى. فقالعليه‌السلام : والله لا وضعت يدي في يد ابن مرجانة أبدا.

عرض الأمان

٧٧٦ ـ سبب كتابة ابن زياد أمانا للعباس وإخوتهعليهم‌السلام :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ١٦٦)

وكان عند ابن زياد رجل يقال له عبد الله بن أبي المحل بن حزام العامري ، وكانت عمته «أم البنين فاطمة بنت حزام». فقال : أصلح الله الأمير!. إن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد كان عندنا ههنا بالكوفة ، فخطب إلينا فزوّجناه بنتا ، يقال لها :أم البنين بنت حزام (الكلابية) ، فولدت له العباس وعبد الله وجعفرا وعثمان ، فهم بنو أختنا ، وهم مع الحسين أخيهم ، فإن رسمت لنا أن نكتب إليهم كتابا بأمان منك عليهم متفضّلا. فقال عبيد الله بن زياد : نعم وكرامة لكم. اكتبوا إليهم بما أحببتم ، ولهم عندي الأمان.

فكتب عبد الله بن أبي المحل إليهم بكتاب الأمان من عبيد الله بن زياد ، ودفع الكتاب إلى غلام له يقال له عرفان (وفي رواية الطبري : كزمان) حتّى أوصله إليهم.فلما قرأه الحسينعليه‌السلام قال للرسول : لا حاجة لنا في أمانك ، فإن أمان الله خير من أمان ابن مرجانة (وفي رواية ابن الأثير : ابن سمية).

٧٧٧ ـ الشّمر يعرض الأمان على بني أخته والعباس :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٦)

وأقبل شمر بن ذي الجوشن على عسكر الحسينعليه‌السلام ونادى بأعلى صوته : أين بنو أختي [يقصد العباس وإخوته] ، أين عبد الله وعثمان وجعفر بنو علي ابن أبي

٦٣٨

طالب(١) ؟ فسكتوا. فقال الحسينعليه‌السلام : أجيبوه ولو كان فاسقا ، فإنه بعض أخوالكم. فنادوه : ما شأنك وما تريد؟. فقال : يا بني أختي أنتم آمنون ، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين ، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية. فناداه العباس بن عليعليه‌السلام : تبّت يداك يا شمر ، لعنك الله ولعن ما جئت به من أمانك هذا ، يا عدو الله. (وفي رواية : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له(٢) ؟). أتأمرنا أن نترك أخانا الحسين بن فاطمةعليه‌السلام وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء(٣) ؟.

فرجع شمر إلى عسكره مغيظا.

__________________

(١) تزوج الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية (أم البنين) ، فأنجبت له :العباس وجعفر وعثمان وعبد الله ، وكلهم استشهدوا مع أخيهم الحسينعليه‌السلام . وقد ذكر شمر ما ذكر لقرابته من أمهم ، فهي من بني كلاب والشمر من بني كلاب أيضا.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٥٢ عن تذكرة الخواص ، ص ١٤٢ ؛ وإعلام الورى ، ص ٢٨.

(٣) اللهوف ، ص ٥٠ ؛ ومقتل المقرم ص ٢٥٣ ، نقلا عن مثير ابن نما ، ص ٢٨.

٦٣٩

الفصل التاسع عشر

اليوم التاسع من المحرم

(وعشية يوم التاسع)

(الخميس في ٩ محرم الحرام سنة ٦١ ه‍)

٧٧٨ ـ مكالمة الحسينعليه‌السلام للقوم ونصيحته لهم :

(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٦)

قال اليعقوبي : فلما كان من الغد ، خرج الحسينعليه‌السلام فكلّم القوم ، وعظّم عليهم حقّه ، وذكّرهم اللهعزوجل ورسوله ، وسألهم أن يخلّوا بينه وبين الرجوع ، فأبوا إلا قتاله ، أو أخذه حتّى يأتوا به عبيد الله بن زياد. فجعل يكلم القوم بعد القوم ، والرجل بعد الرجل ، فيقولون : ما ندري ما تقول!.

٧٧٩ ـ خطبة للحسينعليه‌السلام ينصح فيها القوم :(مقتل أبي مخنف ص ٦٠)

لما أصبح الحسينعليه‌السلام أذّن وأقام وصلى بأصحابه. فلما فرغ استدعى بدرع جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعمم بعمامته السحاب ، وتقلّد بسيف أبيه ذي الفقار ، ونزل إلى القوم وقال : أيها الناس ، اعلموا أن الدنيا دار فناء وزوال ، متغيّرة بأهلها من حال إلى حال.

معاشر الناس ، عرفتم شرائع الإسلام ، وقرأتم القرآن ، وعلمتم أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الملك الديّان ، ووثبتم على قتل ولده ظلما وعدوانا.

معاشر الناس ، أما ترون إلى ماء الفرات يموج كأنه بطون الحيات ، يشربه اليهود والنصارى ، والكلاب والخنازير ، وآل رسول الله يموتون عطشا!. فقالوا له : اقصر عن هذا الكلام فلن تذوق الماء ولا أحد من أصحابك ، بل تذوق الموت غصة بعد غصة. فلما سمع الحسينعليه‌السلام كلامهم رجع إلى أصحابه وقال لهم : إن القوم( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ ) (١٩) [المجادلة : ١٩].

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735