موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 500886 / تحميل: 5914
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

وَنُقَدِّسُهُ ونُهَلِّلُهُ ونُمَجِّدُهُ(١) ، وَمَا(٢) مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ ولَاذِي رُوحٍ غَيْرُنَا(٣) حَتّى بَدَا لَهُ فِي خَلْقِ الْأَشْيَاءِ ، فَخَلَقَ مَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وغَيْرِهِمْ ، ثُمَّ أَنْهى(٤) عِلْمَ ذلِكَ إِلَيْنَا ».(٥)

١١٩٩/ ٨. سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، قَالَ : سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَعْقُوبَ ، عَنْ سِنَانِ بْنِ طَرِيفٍ(٦) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ(٧) : قَالَ : « إِنَّا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتٍ نَوَّهَ(٨) اللهُ بِأَسْمَائِنَا ، إِنَّهُ لَمَّا خَلَقَ(٩) السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ أَمَرَ مُنَادِياً ، فَنَادى(١٠) : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ - ثَلَاثاً - أَشْهَدُ(١١) أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ - ثَلَاثاً - أَشْهَدُ(١٢) أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً - ثَلَاثاً - ».(١٣)

١٢٠٠/ ٩. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الصَّغِيرِ(١٤) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ‌

__________________

(١). تقدّم معنى التقديس والتهليل والتمجيد ذيل الحديث ٣ من هذا الباب.

(٢). في البحار ، ج ٥٧ : « ولا ».

(٣). صفة لذي روح باعتبار المحلّ.

(٤). في حاشية « ض » : « ألقى ». وفيمرآة العقول : « انتهى ».

(٥).الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٨٣ ، ح ١٢٨٥ ؛ البحار ، ج ١٥ ، ص ٢٤ ، ح ٤٥ ؛ وج ٥٧ ، ص ١٩٦ ، ح ١٤٢.

(٦). في « ب ، ج ، ف ، بح ، بف » : « ظريف ». وهو سهو. راجع : رجال النجاشي ، ص ٢١٤ ، الرقم ٥٥٨ ؛ رجال البرقي ، ص ٤٠ ؛ رجال الطوسي ، ص ٢٢١ ، الرقم ٢٩٤٤.

(٧). في « بف » والوافي والبحار : - « يقول ».

(٨). يقال : نوّهتُه تنويهاً ، إذا رفعتَه. ونوّهتُ باسمه إذا رفعتَ ذكره. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٥٤ ( نوه ).

(٩). فيمرآة العقول والأمالي : + « الله ».

(١٠). في«بس»:«ينادي».وفي حاشية«ج» :«فينادي».

(١١). في « ج » : + « وأشهد ».

(١٢). في « ج » : « وأشهد ».

(١٣) الأمالي للصدوق ، ص ٦٠٤ ، المجلس ٨٨ ، ح ٤ ، بسنده عن سهل بن زياد.الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٨٣ ، ح ١٢٨٦ ؛ البحار ، ج ١٦ ، ص ٣٦٨ ، ح ٧٨.

(١٤) هكذا في حاشية « ش » وهامش المطبوع. وفي « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف ، جر » والمطبوع : « الحسين بن عبدالله الصغير ». وما أثبتناه هو الظاهر ؛ فإنّه يأتي في ، ح ٢١ من الباب ، رواية أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله ، عن أبي عبد الله الحسين الصغير ، عن محمّد بن إبراهيم الجعفري.

والظاهر اتّحاد السند مع سندنا هذا ووقوع التحريف في ما نحن فيه ، بأن كان الأصل - مثلاً - هكذا : الحسين بن =

٤٤١

إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيِّ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ(١) مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍعليه‌السلام :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ كَانَ إِذْ لَاكَانَ(٢) ، فَخَلَقَ الْكَانَ والْمَكَانَ(٣) ، وَخَلَقَ نُورَ الْأَنْوَارِ الَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ الْأَنْوَارُ ، وأَجْرى فِيهِ مِنْ نُورِهِ الَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ الْأَنْوَارُ ، وهُوَ النُّورُ الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ مُحَمَّداً وعَلِيّاً ، فَلَمْ يَزَالَا نُورَيْنِ أَوَّلَيْنِ ؛ إِذْ لَاشَيْ‌ءَ كُوِّنَ قَبْلَهُمَا ، فَلَمْ يَزَالَا يَجْرِيَانِ طَاهِرَيْنِ مُطَهَّرَيْنِ فِي الْأَصْلَابِ الطَّاهِرَةِ(٤) حَتَّى افْتَرَقَا فِي أَطْهَرِ(٥) طَاهِرَيْنِ : فِي عَبْدِ اللهِ وأَبِي طَالِبٍعليهما‌السلام ».(٦)

١٢٠١/ ١٠. الْحُسَيْنُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٧) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ‌

__________________

= عبيد الله عن الحسين أبي عبد الله الصغير ، أو عن أبي عبد الله الصغير ، فجاز نظر الناسخ من « عبيد الله » المصحَّف في أكثر النسخ بأبي عبد الله إلى « أبي عبد الله » قبل الصغير ، فوقع السقط في السند.

هذا ، والمراد من الحسين بن عبيدالله هو الحسين بن عبيدالله بن سهل ، كما تقدّم في ذيل الحديث الثالث من الباب ، فلاحظ.

(١). هكذا في « بح ، بف ، جر ». وفي « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس » وحاشية « جر » والمطبوع : « أحمد بن عليّ بن‌محمّد بن عبد الله بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ».

وما أثبتناه هو الظاهر ؛ فإنّ عليّ بن محمّد والد أحمد - / وهو علي المشطب - ، توفّي سنة ٢١٦ كما في هامش عمدة الطالب ، ص ٣٦٥ ، فيبعد جدّاً رواية ولَده أحمد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مباشرة. والراوي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام هو جدّه محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب. راجع : رجال النجاشي ، ص ٣٥٨ ، الرقم ٩٦٢.

ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكر وقوع خلل في العنوان ، إمّا بوقوع السقط قبل « عمر » أو بالنسبة إلى الجدّ بعد « عبد الله » ، فإنّ عمر بن عليّ بن أبي طالب لم يعقب إلّامن رجل واحد وهو « محمّد بن عمر ». راجع : تهذيب الأنساب ، ص ٢٩١ - ٢٩٧.

(٢). في « بر » وحاشية « ف ، بس » : « مكان ».

(٣). في « بر » والوافي : + « وخلق الأنوار ».

(٤). في « ج » : « أصلاب الطاهرات ».

(٥). في « بف » : - « أطهر ».

(٦).الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٨١ ، ح ١٢٨٢ ؛ البحار ، ج ١٥ ، ص ٢٤ ، ح ٤٦ ؛ وج ٥٧ ، ص ١٩٦ ، ح ١٤٣.

(٧). في « بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « جر » : « الحسين بن محمّد بن عبد الله ». وفي البحار : « الحسين بن محمّد عن =‌

٤٤٢

جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ :

قَالَ لِي(١) أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « يَا جَابِرُ ، إِنَّ اللهَ أَوَّلَ مَا خَلَقَ ، خَلَقَ مُحَمَّداً وعِتْرَتَهُ الْهُدَاةَ الْمُهْتَدِينَ(٢) ، فَكَانُوا أَشْبَاحَ نُورٍ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ ».

قُلْتُ : ومَا الْأَشْبَاحُ؟

قَالَ : « ظِلُّ النُّورِ ، أَبْدَانٌ نُورَانِيَّةٌ(٣) بِلَا أَرْوَاحٍ ، وكَانَ(٤) مُؤَيَّداً بِرُوحٍ(٥) واحِدَةٍ(٦) ، وهِيَ رُوحُ الْقُدُسِ ، فَبِهِ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ وعِتْرَتُهُ ، و(٧) لِذلِكَ خَلَقَهُمْ حُلَمَاءَ ، عُلَمَاءَ(٨) ، بَرَرَةً ، أَصْفِيَاءَ ، يَعْبُدُونَ اللهَ بِالصَّلَاةِ والصَّوْمِ والسُّجُودِ والتَّسْبِيحِ والتَّهْلِيلِ ، ويُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ(٩) ، ويَحُجُّونَ ويَصُومُونَ ».(١٠)

١٢٠٢/ ١١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وغَيْرُهُ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَارِثٍ(١١) ، عَنْ سَالِمِ بْنِ‌

__________________

= عبد الله ». لكنّ الظاهر أنّه سهو ، وأنّ الحسين هو الحسين بن عبيد الله المذكور في السند السابق ، فيكون السند معلّقاً على سابقه. يؤيّد ذلك ما تقدّم فيالكافي ، ح ٣١٠ وح ١١٩٤.

(١). فيالوافي : - « لي ».

(٢). في « ف ، بر ، بف » : « المهديّين ».

(٣). في البحار ، ج ٦١ : « نوريّة ».

(٤). في « ب » : « فكان ».

(٥). في البحار ، ج ٥٧ : « بنور ».

(٦). في « ب ، بح » والبحار ، ج ١٥ و ٥٧ و ٦١ : « واحد ». والروح يذكّر ويؤنّث.

(٧). في البحار ، ج ٦١ : - « و ».

(٨). في « ب » : « وعلماء ».

(٩). في « ج ، ف » وحاشية « ض ، بر » : « الصلاة ».

(١٠).الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٨٢ ، ح ١٢٨٣ ؛ البحار ، ج ١٥ ، ص ٢٥ ، ح ٤٧ ؛ وج ٥٧ ، ص ١٩٧ ، ح ١٤٤ ؛ وج ٦١ ، ص ١٤٢ ، ح ٢٠.

(١١). لم نجد عنوان « عبدالسلام بن حارث » في شي‌ءٍ من الأسناد والطرق. والظاهر وقوع التحريف في العنوان ، وأنّ الصواب فيه هو « عبدالسلام بن حرب » وهو النهدي المذكور في مصادر رجال العامّة والخاصّة. وقد عُدَّ من رواة عبدالسلام بن حرب هذا ، أبوغسّان مالك بن إسماعيل ، وهو مالك بن إسماعيل النهدي المذكور في السند. راجع : رجال الطوسي ، ص ٢٣٧ ، الرقم ٣٢٤٤ ؛ تهذيب الكمال ، ج ١٨ ، ص ٦٦ ، الرقم ٣٤١٨ ؛ وج ٢٧ ، =

٤٤٣

أَبِي حَفْصَةَ الْعِجْلِيِّ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « كَانَ فِي رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ثَلَاثَةٌ لَمْ تَكُنْ(١) فِي أَحَدٍ غَيْرِهِ : لَمْ يَكُنْ لَهُ فَيْ‌ءٌ ، وكَانَ لَايَمُرُّ فِي طَرِيقٍ فَيُمَرُّ فِيهِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ(٢) إِلَّا عُرِفَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِيهِ ؛ لِطِيبِ عَرْفِهِ(٣) ، وكَانَ لَايَمُرُّ بِحَجَرٍ ولَابِشَجَرٍ(٤) إِلَّا سَجَدَ لَهُ ».(٥)

١٢٠٣/ ١٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمَّا عُرِجَ بِرَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انْتَهى بِهِ جَبْرَئِيلُعليه‌السلام إِلى مَكَانٍ ، فَخَلّى عَنْهُ(٦) ، فَقَالَ لَهُ : يَا جَبْرَئِيلُ ، أَتُخَلِّينِي(٧) عَلى هذِهِ الْحَالِ(٨) ؟ فَقَالَ : امْضِهْ ؛ فَوَ اللهِ لَقَدْ وطِئْتَ مَكَاناً مَا وطِئَهُ بَشَرٌ ، ومَا(٩) مَشى فِيهِ بَشَرٌ قَبْلَكَ ».(١٠)

١٢٠٤/ ١٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ‌

__________________

= ص ٨٦ ، الرقم ٥٧٢٧.

يؤكّد ذلك ما ورد في الغارات ، ج ١ ، ص ٨٠ ، من رواية أبي غسّان النهدي مالك بن إسماعيل عن عبدالسلام بن حرب النهدي ، وما ورد في شواهد التنزيل ، ج ١ ، ص ٥٩ ، ح ٦٢ ، من رواية أبي غسّان مالك بن إسماعيل النهدي عن عبدالسلام بن حرب.

(١). في « ب » : « لم يكن ».

(٢). فيالوافي « ثلاث ».

(٣). « العَرْف » : الريح ، طيّبةً كانت أو منتنةً. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٠٠ ( عرف ).

(٤). في « ب ، بح ، بف » وشرح المازندراني والوافي والبحار : « ولا شجر » بدون الباء.

(٥).الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٠٥ ، ح ١٣١٦ ؛ البحار ، ج ١٦ ، ص ٣٦٨ ، ح ٧٩ ؛ وج ١٧ ، ص ٣٤٦ ، ح ١٧.

(٦). « فَخَلَّى عنه » ، أي تركه وأعرض عنه. ويقال أيضاً : خَلَّى الأمرَ وتخلّى منه وعنه وخالاه ، أي تركه. راجع : لسان‌العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٣٩ ( خلا ).

(٧). هكذا في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار ، ج ١٨. وفي سائر النسخ والمطبوع : « تخلّيني » بدون همزة الاستفهام.

(٨). هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول والبحار. وفي المطبوع : « الحالة ». (٩). في « ب » وحاشية « ج » : « ولا ».

(١٠).الوافي ، ج ٣ ، ص ٧١٤ ، ح ١٣٣٠ ؛ البحار ، ج ١٨ ، ص ٣٠٦ ، ح ١٢.

٤٤٤

الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :

سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وأَنَا حَاضِرٌ ، فَقَالَ(١) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، كَمْ عُرِجَ بِرَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فَقَالَ(٢) : « مَرَّتَيْنِ ، فَأَوْقَفَهُ جَبْرَئِيلُ مَوْقِفاً ، فَقَالَ لَهُ : مَكَانَكَ يَا مُحَمَّدُ ، فَلَقَدْ وَقَفْتَ مَوْقِفاً مَا وقَفَهُ مَلَكٌ قَطُّ ولَانَبِيٌّ ؛ إِنَّ رَبَّكَ يُصَلِّي(٣) ، فَقَالَ : يَا جَبْرَئِيلُ ، وكَيْفَ يُصَلِّي؟ قَالَ : يَقُولُ : سُبُّوحٌ ، قُدُّوسٌ(٤) ، أَنَا(٥) رَبُّ الْمَلَائِكَةِ والرُّوحِ ، سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي. فَقَالَ(٦) : اللهُمَّ عَفْوَكَ(٧) عَفْوَكَ ». قَالَ : « وَكَانَ كَمَا قَالَ اللهُ :( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) (٨) ».

فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا( قابَ قَوْسَيْنِ ) (٩) ( أَوْ أَدْنى ) (١٠) ؟

قَالَ(١١) : « مَا بَيْنَ سِيَتِهَا(١٢) إِلى رَأْسِهَا(١٣) ». فَقَالَ(١٤) : « كَانَ(١٥) بَيْنَهُمَا حِجَابٌ يَتَلَأْلَأُ‌

__________________

(١). في « ف » : + « له ».

(٢). في « بف » والوافي : « قال ».

(٣). في « ف » : + « عليك ».

(٤). « سبّوح قدّوس » ، يُرْوَيان بالضمّ والفتح. والفتح أقيس وليس بالكثير ، ولم يجي‌ء منه إلّا قَدّوس وسَبّوح‌وذَرّوح. والضمّ أكثر استعمالاً ، وهو من أبنية المبالغة. والمراد بهما الطهارة والتنزيه عن العيوب. وقال المجلسي : « وهما هنا خبران لمبتدأ محذوف ، أي أنا سبّوح. أو قوله : « أنا » مبتدأ ، و « ربّ » منصوب باختصاص ». راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٣٢ ( سبح ) ؛ وج ٤ ، ص ٢٣ ( قدس ).

(٥). في « ف » : - « أنا ».

(٦). في البحار : + « النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٧). احتمل المازندراني والمجلسي كون « عفوك » مرفوعاً بتقدير الخبر ، أي عفوك محيط بالمذنبين.

(٨). النجم (٥٣) : ٩.

(٩). قال الجوهري : « تقول : بينهما قابُ قوس وقِيبُ قوس ، وقادُ قوس وقِيدُ قوس ، أي قدرُ قوسٍ. والقابُ : ما بين الـمَقْبِض والسِيَة. ولكلّ قوس قابان ». الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٠٧ ( قوب ).

(١٠). في « ب » : - « أو أدنى ».

(١١). في « ض » : « فقال ».

(١٢). في « ف » : « سئها ». وسِيَةُ القوس : ما عُطِف وانحنى من طرفيها. والجمع : سِياتٌ ، والهاء عوض من الواو. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٨٧ ( سيا ).

(١٣) فيمرآة العقول : « ويمكن أن يقرأ : رِآسها بكسر الراء ، ثمّ الهمزة ، ثمّ الألف ، فيكون بمعنى المقبض ».

(١٤) في « ب » وحاشية « بف » وشرح المازندراني والوافي والبحار : « قال ». وفي « ف » : + « كما قال ».

(١٥) في « ب » وحاشية « بف » والبحار : « فكان كما قال ».

٤٤٥

بَخَفْقٍ(١) - ولَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وقَدْ قَالَ : زَبَرْجَدٌ - فَنَظَرَ فِي(٢) مِثْلِ سَمِّ(٣) الْإِبْرَةِ إِلى مَا شَاءَ اللهُ مِنْ نُورِ الْعَظَمَةِ ، فَقَالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى : يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ(٤) : لَبَّيْكَ رَبِّي(٥) ، قَالَ : مَنْ لِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ : اللهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وسَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ ، وقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ(٦) ».

قَالَ : ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام لِأَبِي بَصِيرٍ : « يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، واللهِ ، مَا جَاءَتْ ولَايَةُ عَلِيٍّ مِنَ الْأَرْضِ ، ولكِنْ جَاءَتْ مِنَ السَّمَاءِ مُشَافَهَةً ».(٧)

١٢٠٥/ ١٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيْفٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : صِفْ لِي نَبِيَّ اللهِعليه‌السلام .

قَالَ : « كَانَ(٨) نَبِيُّ اللهِعليه‌السلام أَبْيَضَ ، مُشْرَبَ(٩) حُمْرَةٍ ، أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ(١٠) ، مَقْرُونَ‌

__________________

(١). هكذا في « ش ، ض ، و، بد ، بر ، بش ، بل ، جف ، جو » وفيالوافي والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : « يخفق». والخفق : التحرّك والاضطراب. يقال : يتحرّك ويضطرب. يقال : خفقت الرايةُ تَخْفُقُ وتَخْفُقُ خَفْقاً وخَفَقاناً ، أي اضطربت وتحرّكت. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٦٩ ( خفق ).

(٢). في « ج ، ض ، بح ، بر ، بف » : - « في ».

(٣). « السَمُّ » : الثَقْبُ ، ومنه سمّ الخِياط. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٥٣ ( سمم ).

(٤). في « ض » والوافي : « فقال ».

(٥). في حاشية « ف » : « ربّ ».

(٦). « الغُرُّ » : جمع الأغرّ ، من الغُرّة : بياض الوجه. و « الـمُحَجَّلُ » : هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأرساغ - جمع الرُسُغ ، وهو المفصل ما بين الساعد والكفّ أو الساق والقدم - ولا يجاوز الركبتين. و « الغرّ المحجّلين » ، أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٤٦ ( حجل ) ؛ وج ٣ ، ص ٣٥٤ ( غرر ).

(٧).الوافي ، ج ٣ ، ص ٧١٤ ، ح ١٣٣١ وقال : « في هذا الحديث أسرار غامضة » وللمزيد راجعه ؛ البحار ، ج ١٨ ، ص ٣٠٦ ، ح ١٣. (٨). في « بر » : - « كان ».

(٩). في « بر » : « مشرّب ». وفيالوافي : + « من ». و « الإشراب » : خلط لون بلون ، كأنّ أحد اللونين سُقِيَ اللون الآخر. يقال : بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرَةً بالتخفيف. وإذا شُدِّد كان للتكثير والمبالغة. النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٥٤ ( شرب ).

(١٠). « أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ » ، أي أسودهما ، من الدَعَج والدُعْجَة بمعنى السواد في العين وغيرها. يريد أنّ سواد عَيْنَيْه =

٤٤٦

الْحَاجِبَيْنِ ، شَثْنَ الْأَطْرَافِ(١) ، كَأَنَّ الذَّهَبَ أُفْرِغَ عَلى بَرَاثِنِهِ(٢) ، عَظِيمَ مُشَاشَةِ(٣) الْمَنْكِبَيْنِ ، إِذَا الْتَفَتَ يَلْتَفِتُ جَمِيعاً مِنْ شِدَّةِ اسْتِرْسَالِهِ(٤) ، سُرْبَتُهُ(٥) سَائِلَةٌ مِنْ لَبَّتِهِ(٦) إِلى سُرَّتِهِ كَأَنَّهَا وسَطُ الْفِضَّةِ الْمُصَفَّاةِ ، وكَأَنَّ عُنُقَهُ إِلى كَاهِلِهِ(٧) إِبْرِيقُ(٨) فِضَّةٍ ، يَكَادُ أَنْفُهُ إِذَا شَرِبَ أَنْ يَرِدَ الْمَاءَ ، وإِذَا مَشى تَكَفَّأَ(٩) كَأَنَّهُ يَنْزِلُ فِي صَبَبٍ(١٠) ، لَمْ يُرَ مِثْلُ نَبِيِّ اللهِ قَبْلَهُ وَلَابَعْدَهُصلى‌الله‌عليه‌وآله ».(١١)

__________________

= كان شديد السواد. وقيل : الدَعَجُ : شدّة سواد العين في شدّة بياضها. النهاية ، ج ٢ ، ص ١١٩ ( دعج ).

(١). يقال : شَثْنُ الكفّين والقدمين ، أي أنّهما يميلان إلى الغِلَظ والقِصَر. وقيل : هو الذي في أنامله غِلَظٌ بلا قصر ، ويحمد ذلك في الرجال ؛ لأنّه أشدّ لقبضهم ، ويذمّ في النساء. والأطراف من البدن : اليدان والرجلان والرأس. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٤٤ ( شثن ) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٠٨ ( طرف ).

(٢). « البَراثِنُ » : جمع البُرْثُن ، وهي الكفّ بكمالها مع الأصابع.لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٥٠ ( برثن ).

(٣). قال الجوهري : « الـمُشاشَةُ : واحدة الـمُشاش ، وهي رؤوس العظام الليّنة التي يمكن مضغها. وقال ابن الأثير : « الـمُشاش : رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين ». راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠١٩ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٣٣ ( مشش ).

(٤). « الاسترسال » : الاستئناس والطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدّثه به ، وأصله السكون والثبات. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٢٣ ( رسل ).

(٥). في شرح المازندراني : « مسربته ». وفيالوافي : « سربة ». و « السُرْبَةُ » : الشعر المستدقّ الذي يأخذ من الصدر إلى السُرَّة ، أو النابت وسط الصدر إلى البطن.لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤٦٥ ( سرب ).

(٦). « اللَبَّةُ » : الـمَنْحَرُ ، وموضع القلادة من الصدر. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٢٤ ( لبب ).

(٧). « الكاهِلُ » : الحارِكُ ، أو مقدّم أعلى الظهر ممّا يلي العنق وهو الثلث الأعلى وفيه ستّ فِقَر ، أو ما بين الكَتِفَيْن ، أو مَوْصِل العنق في الصُلْب. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٩٣ ( كهل ).

(٨). « الإبريق » : الشديد البرق واللمعان ، اسم من بَرَقَ السيفُ وغيرُه ، أي لَمَعَ وتلألأ. والمراد تشبيه عنقه الشريف بالفضّة الخالصة في البرق واللمعان. راجع :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٥ ( برق ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ١٤٩.

(٩). « تَكَفَّأَ » ، أي تمايل إلى قدّام. النهاية ، ج ٤ ، ص ١٨٣ ( كفأ ).

(١٠). الصَبَبُ » : ما انحدر من الأرض. وجمعه أصْباب. وهذا ممّا يدلّ على تواضعه وخضوعه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٦١ ( صبب ).

(١١). الأمالي للطوسي ، ص ٣٤٠ ، المجلس ١٢ ، ح ٣٥ ، بسند آخر عن عليّ بن موسى ، عن آبائه ، عن عليّعليهم‌السلام ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٠٣ ، ح ١٣١٤ ؛ البحار ، ج ١٦ ، ص ١٨٨ ، ح ٢٣.

٤٤٧

١٢٠٦/ ١٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله قَالَ : إِنَّ اللهَ مَثَّلَ لِي أُمَّتِي فِي الطِّينِ ، وعَلَّمَنِي أَسْمَاءَهُمْ كَمَا عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، فَمَرَّ بِي أَصْحَابُ الرَّايَاتِ(١) ، فَاسْتَغْفَرْتُ لِعَلِيٍّ وشِيعَتِهِ ، إِنَّ رَبِّي وعَدَنِي فِي شِيعَةِ عَلِيٍّ خَصْلَةً(٢) ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا هِيَ؟ قَالَ : الْمَغْفِرَةُ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ، وأَنْ(٣) لَايُغَادِرَ(٤) مِنْهُمْ صَغِيرَةً ولَاكَبِيرَةً(٥) ، وَلَهُمْ تُبَدَّلُ السَّيِّئَاتُ حَسَنَاتٍ ».(٦)

١٢٠٧/ ١٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ(٧) بْنِ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « خَطَبَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله النَّاسَ(٨) ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ الْيُمْنى‌

__________________

(١). فيالوافي : « وأصحاب الرايات : رؤساء الأديان المختلفة ».

(٢). في حاشية « ف » : « في شيعته على خصلة ».

(٣). فيالوافي : « وإن كان ». وفي البصائر ، ح ١ و ١١ : - « وأن ».

(٤). « الـمُغادَرَةُ » : الترك.لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٨ - ٩ ( غدر ).

(٥). في « ف » : « كبيرة ولا صغيرة ».

(٦).بصائر الدرجات ، ص ٨٣ ، ح ١ ، عن أحمد بن محمّد ويعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال. وفيه ، ص ٨٥ ، ح ١١ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام . راجع :بصائر الدرجات ، ص ٨٤ - ٨٦ ، ح ٥ و ٧ و ١٢ - ١٥ ؛ وفضائل الشيعة ، ص ٣٢ ، ضمن ح ٢٧ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ٨٩ ، المجلس ١٠ ، ح ٥ ؛ وص ١٢٦ ، المجلس ١٥ ، ضمن ح ٤ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٦٤٨ ، المجلس ٣٣ ، ضمن ح ١٠ ؛ وتفسير فرات ، ص ٣٩٢ ، ضمن ح ٥٢٥ ؛ وص ٥٤٤ ، ضمن ح ٦٩٩.الوافي ، ج ٤ ، ص ٥٤ ، ح ١٦٥٩.

(٧). هكذا في حاشية « بف ». وفي النسخ والمطبوع : « الحسن ».

والصواب ما أثبتناه ؛ فقد روى إبراهيم بن هاشم ، والد عليّ بن إبراهيم عن الحسين بن سيف عن أبيه في عدّة من الأسناد ، اُنظر على سبيل المثال :بصائر الدرجات ، ص ٤ ، أحاديث ٥ - ٧ ، وص ٦٩ ، ح ١ ، وص ١٨٦ ، ح ٤٧ ، وص ٢٦٠ ، ح ٢ ، وص ٢٩٧ ، ح ٤.

والخبر رواه الصفّار فيبصائر الدرجات ، ص ١٩٢ ، ح ٤ - باختلاف يسير - عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه قال : حدّثني أبو القاسم عن محمّد بن عبد الله قال : سمعت جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول : خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الخبر.

(٨). في « ف » : + « يوماً ».

٤٤٨

قَابِضاً(١) عَلى كَفِّهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَدْرُونَ - أَيُّهَا النَّاسُ - مَا فِي كَفِّي؟ قَالُوا : اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَقَالَ(٢) : فِيهَا أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وقَبَائِلِهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ الشِّمَالَ(٣) ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، أَتَدْرُونَ مَا فِي كَفِّي؟ قَالُوا : اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَقَالَ(٤) : أَسْمَاءُ أَهْلِ النَّارِ وأَسْمَاءُ(٥) آبَائِهِمْ وقَبَائِلِهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(٦)

ثُمَّ قَالَ : حَكَمَ اللهُ وعَدَلَ ، حَكَمَ اللهُ وعَدَلَ ، حَكَمَ اللهُ وعَدَلَ(٧) ،( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) ».(٨)

١٢٠٨/ ١٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي خُطْبَةٍ لَهُ خَاصَّةً يَذْكُرُ فِيهَا(٩) حَالَ النَّبِيِّ والْأَئِمَّةِعليهم‌السلام وَصِفَاتِهِمْ : « فَلَمْ يَمْنَعْ رَبَّنَا - لِحِلْمِهِ وأَنَاتِهِ(١٠) وعَطْفِهِ - مَا كَانَ مِنْ عَظِيمِ جُرْمِهِمْ وقَبِيحِ أَفْعَالِهِمْ أَنِ انْتَجَبَ لَهُمْ أَحَبَّ أَنْبِيَائِهِ إِلَيْهِ ، وأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(١). في « ب ، ج ، بس » وحاشية « بح ، بر » وحاشية بدرالدين : « قابض » أي هو قابض.

(٢). في شرح المازندراني : « قال ».

(٣). في البصائر : « اليسرى ».

(٤). في البصائر : + « فيها ».

(٥). في « ض » : - « أسماء ».

(٦). فيالوافي : « لـمّا كان نجاة الناجين من الاُمّة وهلاك الهالكين منهم مسبّبين عن رسالتهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبها صار أحد الفريقين من أصحاب اليمين والآخر من أصحاب الشمال ، جاز التعبير عن هذا المعنى كون أسمائهما في كفّيه المباركين ».

(٧). هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي والبحار والبصائر. وفي المطبوع‌وبعض النسخ : - « حكم الله وعدل » الثالث.

(٨).بصائر الدرجات ، ص ١٩٢ ، ح ٤ ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه ، عن أبي القاسم ، عن محمّد بن عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .الوافي ، ج ٤ ، ص ٥ ، ح ١٦٦٠ ؛ البحار ، ج ١٧ ، ص ١٥٢ ، ح ٥٥.

(٩). في « ف » : « فيها يذكر ».

(١٠). « الأَناةُ » : العلم والوقار والتثبّت. راجع :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٨ ( أنى ).

٤٤٩

فِي حَوْمَةِ الْعِزِّ(١) مَوْلِدُهُ ، وفِي دَوْمَةِ(٢) الْكَرَمِ مَحْتِدُهُ(٣) ، غَيْرَ مَشُوبٍ حَسَبُهُ ، ولَا مَمْزُوجٍ نَسَبُهُ ، ولَامَجْهُولٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ صِفَتُهُ ، بَشَّرَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ فِي كُتُبِهَا ، وَنَطَقَتْ بِهِ الْعُلَمَاءُ بِنَعْتِهَا ، وتَأَمَّلَتْهُ الْحُكَمَاءُ بِوَصْفِهَا ، مُهَذَّبٌ لَايُدَانى ، هَاشِمِيٌّ لَا يُوَازى ، أَبْطَحِيٌّ لَايُسَامى(٤) ، شِيمَتُهُ(٥) الْحَيَاءُ ، وطَبِيعَتُهُ السَّخَاءُ ، مَجْبُولٌ عَلى أَوْقَارِ(٦) النُّبُوَّةِ وأَخْلَاقِهَا ، مَطْبُوعٌ عَلى أَوْصَافِ الرِّسَالَةِ وأَحْلَامِهَا(٧) ، إِلى أَنِ انْتَهَتْ بِهِ أَسْبَابُ مَقَادِيرِ اللهِ إِلى أَوْقَاتِهَا ، وجَرى بِأَمْرِ اللهِ الْقَضَاءُ فِيهِ إِلى نِهَايَاتِهَا ، أَدَّاهُ(٨) مَحْتُومُ قَضَاءِ اللهِ إِلى غَايَاتِهَا ، تُبَشِّرُ(٩) بِهِ كُلُّ أُمَّةٍ مَنْ بَعْدَهَا ، ويَدْفَعُهُ كُلُّ أَبٍ إِلى أَبٍ مِنْ ظَهْرٍ إِلى ظَهْرٍ(١٠) ، لَمْ يَخْلِطْهُ فِي عُنْصُرِهِ(١١) سِفَاحٌ(١٢) ، ولَمْ‌...............................................

__________________

(١). « حَوْمَةُ العزّ » : معظمه. حومة القتال والرمل وغيره ، أي معظمه. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠٨ ( حوم ).

(٢). « الدَوْمةُ » : واحدة الدَوْم ، وهي ضِخام الشجر. وقيل : هو شجر المُقْل. قال الجوهري : « أصحاب اللغة يقولونه بضمّ الدال ، وأصحاب الحديث يفتحونها ». وفيالوافي : « دَوْمة الشي‌ء : أصله ». راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٢٣ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٤١ ( دوم ).

(٣). في البحار : - « محتده ». وقال الجوهري : « حَتَدَ بالمكان يَحْتِدُ : أقام به وثبت. والـمَحْتِدُ : الأصل ، يقال : فلان من مَحْتِدِ صدقٍ ومَحْفِدِ صدقٍ ». والمراد : المقام والمسكن. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٦٢ ( حتد ).

(٤). « لا يُسامى » ، أي لا يغالَب في السُمُوّ والرفعة ، من المساماة : المفاخرة. يقال : ساماه : فاخره وطاوله ، أي غالبه‌في الطَوْل والفضل وفي صفة من الأوصاف ، من السموّ بمعنى الارتفاع. وفيالوافي : « الموازاة والمساواة : وهي بمعنى الارتفاع والعلوّ ، يعني ليس في ارتفاعه وعلوّه أحد ». راجع :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٩٧ ( سمو ).

(٥). « الشِيمةُ » : الخُلُق والطبيعة.لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣٢٩ ( شيم ).

(٦). « الأَوْقارُ » : جمع الوِقْر ، الحِمْلُ الثقيل ، أو أعمّ. والحِمْل : ما يُحْمَل. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٨٣ ( وقر ).

(٧). « الأَحْلامُ » : جمع الحِلْم ، وهو العقل ، وكأنّه من الحِلْم ، بمعنى الأناة والتثبّت في الاُمور ، وذلك من شعار العقلاء. النهاية ، ج ١ ، ص ٤٣٤ ( حلم ). (٨). فيالوافي : « أدّى ».

(٩). فيالوافي : « يبشّر ».

(١٠). فيمرآة العقول : « في بعض النسخ بالطاء المهملة ، أي من مسلم إلى مسلم ». أي من طهر إلى طهر.

(١١). « العُنْصُر » و « العُنْصَرُ » : الأصل. النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٠٩ ( عنصر ).

(١٢). « السِفاحُ » : الزنا ، مأخوذ من سَفَحْتُ الماء إذا صَبَبْتَهُ. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١٧ ( سفح ).

٤٥٠

يُنَجِّسْهُ(١) فِي ولَادَتِهِ نِكَاحٌ ، مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلى أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ فِي خَيْرِ فِرْقَةٍ ، وأَكْرَمِ سِبْطٍ(٢) ، وَأَمْنَعِ رَهْطٍ(٣) ، وأَكْلَا حَمْلٍ(٤) ، وأَوْدَعِ حِجْرٍ(٥) ، اصْطَفَاهُ اللهُ وارْتَضَاهُ واجْتَبَاهُ ، وآتَاهُ مِنَ الْعِلْمِ مَفَاتِيحَهُ(٦) ، ومِنَ الْحُكْمِ(٧) يَنَابِيعَهُ(٨) ، ابْتَعَثَهُ(٩) رَحْمَةً لِلْعِبَادِ ، ورَبِيعاً(١٠) لِلْبِلَادِ ، وَأَنْزَلَ اللهُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ ، فِيهِ الْبَيَانُ والتِّبْيَانُ( قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) (١١) ، قَدْ بَيَّنَهُ(١٢) لِلنَّاسِ ، ونَهَجَهُ(١٣) بِعِلْمٍ قَدْ فَصَّلَهُ ، ودِينٍ قَدْ أَوْضَحَهُ ، وفَرَائِضَ قَدْ أَوْجَبَهَا ، وَحُدُودٍ حَدَّهَا لِلنَّاسِ وبَيَّنَهَا ، وأُمُورٍ قَدْ كَشَفَهَا لِخَلْقِهِ وأَعْلَنَهَا(١٤) ، فِيهَا دَلَالَةٌ إِلَى النَّجَاةِ ، ومَعَالِمُ(١٥) تَدْعُو إِلى هُدَاهُ(١٦) ، فَبَلَّغَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله مَا أُرْسِلَ بِهِ ، وصَدَعَ بِمَا‌

__________________

(١). في « بس » : « ولا ينجّسه ».

(٢). « السِبْطُ » : واحد الأسباط ، وهي الأولاد خاصّة. وقيل : أولاد الأولاد. وقيل : أولاد البنات. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٣٤ ( سبط ).

(٣). رَهْطُ الرجل : عشيرته وأهله. لا واحد له من لفظه. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٨٣ ( رهط ).

(٤). « أَكْلَأُ حَمْلٍ » ، أي أحفظها وأحرسها ؛ من الكِلاءَة بمعنى الحفظ والحِراسة. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٦٩ (كلأ).

(٥). في بح « حجز » بالزاي. و « أودع حِجْرٍ » ، أي أوقره وأرفهه ؛ من ودُعَ وداعَةً ودَعَةً ، أي سكن وترفّه. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٦٦ ( ودع ).

(٦). في « ج » : « مفاتيحاً ». وفي حاشية : « ج ، ف ، بف » : « مفاتيح ».

(٧). في شرح المازندراني : « الحُكم - بالضمّ والسكون - : الحكمة ». والحِكم جمع الحكمة لا يناسبه الضمير المفرد والمذكّر في « ينابيعه ». ومثله فيالوافي .

(٨). في « ج ، ض » : « ينابيعاً ». وفي « ف » وحاشية « بف » : « ينابيع ».

(٩). في « ج » : « انبعثه ». وفي « ف » : « وانبعثه ». لم يُرتعدية الانفعال من البعث.

(١٠). « الرَبِيعُ » : عَلَمٌ ، والمطر في الربيع ، والحظّ من الماء للأرض. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٦٥ ( ربع ).

(١١). الزمر (٣٩) : ٢٨.

(١٢). في حاشية « ف » : « قد تبيّنه ».

(١٣) في « ج ، ض ، ف » : « نهّجه » بالتثقيل. و « نهجه » : أبانه وأوضحه ؛ من نَهَجْتُ الطريق ، إذا أبَنْتَهُ وأوضحته. ونَهَجَ الطريقَ ، أي سلكه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٦ ( نهج ).

(١٤) في«ض،بر،بس» وحاشية « ج » : « وأعلن ».

(١٥) احتمل في « معالم » الجرّ عطفاً على النجاة.

(١٦) في « ج » : « هداة ». وفي « ف » : « الهداة ».

٤٥١

أُمِرَ(١) ، وأَدّى مَا حُمِّلَ مِنْ أَثْقَالِ النُّبُوَّةِ ، وصَبَرَ لِرَبِّهِ ، وجَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ ، ونَصَحَ لِأُمَّتِهِ ، وَدَعَاهُمْ إِلَى النَّجَاةِ ، وحَثَّهُمْ عَلَى الذِّكْرِ ، ودَلَّهُمْ عَلى سَبِيلِ الْهُدى ، بِمَنَاهِجَ ودَوَاعٍ أَسَّسَ لِلْعِبَادِ أَسَاسَهَا(٢) ، ومَنَارٍ(٣) رَفَعَ لَهُمْ(٤) أَعْلَامَهَا ، كَيْلَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ ، وكَانَ بِهِمْ رَؤُوفاً رَحِيماً(٥) ».(٦)

١٢٠٩/ ١٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي دُرُسْتُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ :

أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَعليه‌السلام : أَكَانَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله مَحْجُوجاً بِأَبِي طَالِبٍ(٧) ؟

__________________

(١). « صدع بما امر » ، أي أجهر به ، من صَدَعتُ بالحقّ ، إذا تكلّمتَ به جهاراً. وفي الشروح : أو أظهره ، من صدعه ، إذا أظهره وبيّنه. أو فرّق به بين الباطل والحقّ من صدعه إذا شقّه. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٤١ ( صدع ).

(٢). في « ف » : - « أساسها ».

(٣). في « بس » ومرآة العقول : « منائر ».

(٤). في « ف » : - « لهم ».

(٥). في حاشية«بح» :+« صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله تسليماً».

(٦).الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٠٥ ، ح ١٣١٧ ؛ البحار ، ج ١٦ ، ص ٣٦٩ ، ح ٨٠.

(٧). في كمال الدين : « بآبي » بدل « بأبي طالب ».

وروي هذا الحديث في كمال الدين ، ص ٦٦٥ ، ح ٧ ، وعنه في البحار ، ج ١٧ ، ص ١٣٩ ، ح ٢٤ ، وفيهما : « آبي » بدل « أبي طالب » ، فقيل في توفيقهما وجوه :

الأوّل : أنّ « أبي طالب » تصحيف « آبي بالط » ، و « آبي » و « بالط » اسمان - لشخص واحد على ما صرّح به الصدوق في كمال الدين ، ص ٦٦٤ ، ذيل حديث ٣ ، أو اسمان لشخصين على ما احتمله المجلسي في البحار ، ج ١٧ ، ص ١٤٢ ، ذيل حديث ٢٨ ، أو « آبي » من ألقاب علماء النصارى ، أو لقب آخر أوصياء عيسى ٧ ، وكان « آبي » هذا اسمه « بالط » كما يستفاد ممّا رواه الصدوق في كمال الدين ، ص ٦٦٤ ، ح ٤ و ٥ ، وعنه في البحار ، ج ١٧ ، ص ١٤١ ، ح ٢٥ و ٢٦.

الثانى : أنّ « آبي بالط » تصحيف « أبي طالب » كما يظهر من كلام المجلسي في البحار ، ج ١٧ ، ص ١٤٠ ، ذيل حديث ٢٤. فالخبر واحد على هذين الوجهين.

الثالث : أنّه ليس في البين تصحيف ، بل يحتمل أن يكون السائل سأل عن حال كليهما وكان الجواب واحداً. ذكره المجلسي في البحار ، ج ١٧ ، ص ١٤٠ ، ذيل حديث ٢٤.

أقوى الوجوه - بعد غمض النظر عن كلام المحقّق الشعراني ، حيث قال : ولا ريب في ضعف هذه الرواية ؛ لأنّ =

٤٥٢

فَقَالَ : « لَا ، ولكِنَّهُ(١) كَانَ(٢) مُسْتَوْدَعاً لِلْوَصَايَا(٣) ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

قَالَ : قُلْتُ : فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصَايَا عَلى أَنَّهُ مَحْجُوجٌ(٤) بِهِ؟

فَقَالَ : « لَوْ كَانَ مَحْجُوجاً بِهِ ، مَا دَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصِيَّةَ ».(٥)

قَالَ : فَقُلْتُ : فَمَا كَانَ حَالُ أَبِي طَالِبٍ(٦) ؟

قَالَ : « أَقَرَّ بِالنَّبِيِّ وبِمَا جَاءَ بِهِ ، ودَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصَايَا ، ومَاتَ(٧) مِنْ يَوْمِهِ ».(٨)

١٢١٠/ ١٩. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ رَجُلٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله بَاتَ آلُ مُحَمَّدٍعليهم‌السلام بِأَطْوَلِ لَيْلَةٍ‌

__________________

= أحمد بن هلال غال كذّاب ، واميّة بن قيس الذي روى عنه أحمد أيضاً ضعيف متّصف بالكذب ، وردّ الخبر أولى من التكلّف في تأويله - هو الأوّل ؛ فإنّه يرد على الثاني والثالث أوّلاً بأنّه لو كان ذاك المستودع للوصايا أبا طالب ، لما أخّر الأداء والدفع إلى يوم وفاته ، وثانياً لم يدلّ دليل على كون أبي طالب نصرانيّاً ولم يحتمله أحد ممّن يعتدّ بقوله ، ولو كان كذلك لكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله متّهماً بأنّه أخذ العلم بالتوراة والإنجيل والشرائع السابقة وأخبار النبيّينعليهم‌السلام من عمّه أبي طالب ؛ لأنّه كان في حضانته وتربيته منذ صباه مدّة ثلاثين سنة بل أربعين ، والنصارى يقرؤون التوراة وكتب الأنبياء السابقين ولا يتركونها نظير ترك المسلمين. ولكن لم يدّع أحد من المنكرين من معاصريهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه ولا في أبي طالب شيئاً يوهم ذلك. ذكره المحقّق الشعراني. وللمزيد اُنظر : كمال الدين ، ص ١٦٦ ، ذيل حديث ٢١ ؛ شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ١٦٤ ، تعليقة المحقّق الشعراني ؛ البحار ، ج ١٧ ، ص ١٣٩ - ١٤١ ، ح ٢٤ - ٢٦ ؛ وج ٣٥ ، ص ٧٥ ، ح ٨.

(١). في البحار : « لكن ».

(٢). في « ب » : - « كان ».

(٣). فيالوافي : « محجوباً بأبي طالب ، يعني أنّ أبا طالب كان حجّة عليه قبل أن يبعث للوصايا ، أي وصايا الأنبياءعليهم‌السلام ».

(٤). فيالوافي : « على أنّه محجوج به ، يعني على أن يكون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حجّة عليه ».

(٥). فيالوافي : « وذلك لأنّ الوصيّة تنتقل ممّن له التقدّم ».

(٦). في كمال الدين : « آبي » بدل « أبي طالب ».

(٧). في كمال الدين : + « آبي ».

(٨). كمال الدين ، ص ٦٦٥ ، ح ٧ ، بسنده عن سعد بن عبد الله ، عن جماعة من أصحابنا الكوفيّين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن اميّة بن عليّ القيسي ، عن درست بن أبي منصور الواسطي.الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٠١ ، ح ١٣١١ ؛ البحار ، ج ١٧ ، ص ١٤٠ ، ذيل ح ٢٤ ؛ وج ٣٥ ، ص ٧٣ ، ح ٨.

٤٥٣

حَتّى ظَنُّوا(١) أَنْ لَاسَمَاءَ تُظِلُّهُمْ ؛ ولَا أَرْضَ تُقِلُّهُمْ(٢) ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله وتَرَ الْأَقْرَبِينَ(٣) وَالْأَبْعَدِينَ فِي اللهِ.

فَبَيْنَا(٤) هُمْ كَذلِكَ إِذْ أَتَاهُمْ آتٍ - لَايَرَوْنَهُ ويَسْمَعُونَ كَلَامَهُ - فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ ، إِنَّ فِي اللهِ عَزَاءً(٥) مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ ، ونَجَاةً مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ ، ودَرَكاً(٦) لِمَا(٧) فَاتَ :( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ ) (٨) ( عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلّا مَتاعُ الْغُرُورِ ) (٩) إِنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ(١٠) وَفَضَّلَكُمْ وطَهَّرَكُمْ(١١) ، وجَعَلَكُمْ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّهِ ، واسْتَوْدَعَكُمْ عِلْمَهُ(١٢) ، وأَوْرَثَكُمْ كِتَابَهُ(١٣) ،

__________________

(١). فيمرآة العقول : « ويمكن أن يقرأ : ظُنُّوا على بناء المجهول ، أي ظنّ الحاضرون بهم ذلك ».

(٢). « تُقِلُّهُمْ » ، أي ترفعهم وتحملهم. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٠٤ ( قلل ).

(٣). « وَتَرَ الأقربين » ، قال العلّامة المازندراني : « الوَتْرُ : الذَحْلُ ، وهو طلب المكافاة بجناية جنيت على الرجل من قتل أو جرح أو نحو ذلك. والحمل للمبالغة. والمقصود أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان طالب الجنايات للأقارب والأباعد ودافع الجور والظلم عنهم وحافظ حقوقهم ». وقال الفيض : « الوَتْر : الحقد ؛ يعني أسخطهم على نفسه وأهله وجعلهم ذوي حقد عليهم في طلب رضاء الله سبحانه ». وقال المجلسي : « أي جنى عليهم وقتل أقاربهم وجعلهم ذوي أوتار ودخول طالبين للدماء ونقصهم أموالهم ، كلّ ذلك في الله أي لطلب رضاه ». راجع : شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ١٦٦ ؛الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٢١ ؛مرآة العقول ، ج ٥ ، ص ٢٢٦ ؛لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٧٤ - ٢٧٥ ( وتر ).

(٤). في « ض ، ف ، بر ، بس » وحاشية « بح » وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول والبحار : « فبينما ».

(٥). « العَزاءُ » : الصبر ، أو حسنه. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧١٨ ( عزى ).

(٦). « الدَرَك » : إدراك الحاجة ومطلبه. والدَرْكُ : اللحاق والوصول إلى الشي‌ء.لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤١٩ ( درك ). (٧). في « ف » : « لكلّ ما ».

(٨). « زُحْزِحَ » ، أي نُحِّيَ وبُوعِدَ. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٩٧ ( زحزح ).

(٩). آل عمران (٣) : ١٨٥.

(١٠). في « ض » : « قد اختاركم ».

(١١). في « ج » : « طهّركم وفضّلكم ». وقوله : « وطهّركم » إشارة إلى الآية ٣٣ من سورة الأحزاب (٣٣) :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

(١٢). « استودعكم علمه » ، أي جعلكم حَفَظَةً لعلمه. من استودعتُه وديعةً ، إذا استحفظتَه إيّاه. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٩٦ ( ودع ).

(١٣) إشارة إلى الآية ٣٢ من سورة فاطر (٣٥) :( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ) .

٤٥٤

وَجَعَلَكُمْ تَابُوتَ عِلْمِهِ وعَصَا عِزِّهِ ، وضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ نُورِهِ(١) ، وعَصَمَكُمْ مِنَ الزَّلَلِ ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ ، فَتَعَزَّوْا بِعَزَاءِ اللهِ(٢) ؛ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَنْزِعْ(٣) مِنْكُمْ رَحْمَتَهُ ، ولَنْ يُزِيلَ عَنْكُمْ نِعْمَتَهُ ، فَأَنْتُمْ أَهْلُ اللهِ - عَزَّ وجَلَّ - الَّذِينَ بِهِمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ ، واجْتَمَعَتِ الْفُرْقَةُ(٤) ، وَائْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ ، وأَنْتُمْ أَوْلِيَاؤُهُ ؛ فَمَنْ تَوَلاَّكُمْ فَازَ ؛ ومَنْ ظَلَمَ حَقَّكُمْ زَهَقَ(٥) ؛ مَوَدَّتُكُمْ مِنَ اللهِ واجِبَةٌ فِي كِتَابِهِ(٦) عَلى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ اللهُ عَلى نَصْرِكُمْ - إِذَا يَشَاءُ - قَدِيرٌ ؛ فَاصْبِرُوا لِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ ؛ فَإِنَّهَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ ، قَدْ قَبَّلَكُمُ اللهُ مِنْ نَبِيِّهِ ودِيعَةً ، وَاسْتَوْدَعَكُمْ أَوْلِيَاءَهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ أَدّى أَمَانَتَهُ آتَاهُ(٧) اللهُ صِدْقَهُ ، فَأَنْتُمُ الْأَمَانَةُ الْمُسْتَوْدَعَةُ ، ولَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْوَاجِبَةُ والطَّاعَةُ الْمَفْرُوضَةُ(٨) ، وقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله وقَدْ أَكْمَلَ لَكُمُ الدِّينَ ، وبَيَّنَ لَكُمْ سَبِيلَ الْمَخْرَجِ ، فَلَمْ يَتْرُكْ لِجَاهِلٍ حُجَّةً ، فَمَنْ جَهِلَ أَوْ تَجَاهَلَ أَوْ أَنْكَرَ أَوْ نَسِيَ أَوْ تَنَاسى ، فَعَلَى اللهِ حِسَابُهُ ، واللهُ مِنْ وَرَاءِ حَوَائِجِكُمْ ، وأَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ ، والسَّلَامُ عَلَيْكُمْ »(٩)

فَسَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام : مِمَّنْ(١٠) أَتَاهُمُ التَّعْزِيَةُ؟ فَقَالَ : « مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالى ».(١١)

__________________

(١). إشارة إلى الآية ٣٥ من سورة النور (٢٤) :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ ) .

(٢). المراد بالتعزّي التأسّي والتصبّر عند المصيبة ، وأن يقول :( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) [ البقرة (٢) : ١٥٦ ] كما أمر الله تعالى. ومعنى « بعزاء الله » ، أي بتعزية الله إيّاه ، فقام الاسم مقام المصدر. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٣ ( عزا ).

(٣). في « ج » : « لن ينزع ».

(٤). قال المازندراني : « ولو قرئت بالكسر واُريد بها جنس الطائفة الشامل للطوائف المتفرّقة لم يكن بعيداً ». وقريب منه قاله المجلسي.

(٥). « زَهَقَ » ، أي بطل وهلك. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٨٤ ( زهق ).

(٦). إشارة إلى الآية ٢٣ من سورة الشورى (٤٢) :( قُلْ لَّا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

(٧). في شرح المازندراني : « أتاه ».

(٨). في « ب » : « المفترضة ».

(٩). في « ف » : + « قال ».

(١٠). في « بح » : « من أين ».

(١١). راجع :الكافي ، كتاب الجنائز ، باب التعزّي ، ح ٤٦٥١ و ٤٦٥٢ و ٤٦٥٥ ؛ والأمالي للصدوق ، ص ٢٧٤ ، المجلس ٤٦ ، ح ١١ ؛ وكمال الدين ، ص ٣٩٢ ، ح ٧ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٦٦٠ ، المجلس ٣٥ ، ح ٩ ؛ وتفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٠٩ ، ح ١٦٦ – ١٦٨.الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٢٠ ، ح ١٣٣٥ ؛ البحار ، ج ٢٢ ، ص ٥٣٧ ، ح ٣٩.

٤٥٥

١٢١١/ ٢٠. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « كَانَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله إِذَا رُئِيَ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ ، رُئِيَ لَهُ نُورٌ كَأَنَّهُ شِقَّةُ(١) قَمَرٍ ».(٢)

١٢١٢/ ٢١. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ الصَّغِيرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيِّ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ(٣) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى(٤) ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « نَزَلَ جَبْرَئِيلُعليه‌السلام عَلَى النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، ويَقُولُ : إِنِّي قَدْ(٥) حَرَّمْتُ النَّارَ عَلى صُلْبٍ أَنْزَلَكَ(٦) ، وبَطْنٍ حَمَلَكَ ، وَحِجْرٍ كَفَلَكَ(٧) ؛ فَالصُّلْبُ صُلْبُ أَبِيكَ(٨) عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، والْبَطْنُ الَّذِي حَمَلَكَ فَآمِنَةُ بِنْتُ وهْبٍ ، وأَمَّا حِجْرٌ كَفَلَكَ(٩) ، فَحِجْرُ أَبِي طَالِبٍ ».(١٠)

__________________

(١). « الشِقّةُ » : نصف الشي‌ء إذا شُقَّ. وفيالوافي : « كأنّه شبّهه صلوات الله عليهما بالبدر ، دون الهلال ؛ أو مافوقه ؛ لأنّ القمر على هيئة الكرة ؛ فتأمّل ». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٩٢ ( شقق ).

(٢).الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٠٤ ، ح ١٣١٥ ؛ البحار ، ج ١٦ ، ص ١٨٩ ، ح ٢٧.

(٣). راجع : ما قدّمناه ، ذيل ح ٩ من الباب.

(٤). محمّد بن يحيى هو شيخ المصنّف كما لا يخفى ، فللخبر طريقان.

(٥). فيالوافي : - « قد ».

(٦). في « بس » : « قد أنزلك ».

(٧). في « ف » : « كفّلك » بالتثقيل.

(٨). في « ب ، ج ، بح ، بس ، بف » وحاشية « ف » والوافي : « أبيه ».

(٩). في « ف » : « كفّلك » بالتثقيل.

(١٠). الأمالي للصدوق ، ص ٦٠٦ ، المجلس ٨٨ ، ح ١٢ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١٣٦ ، ح ١ ، بسند آخر ، وفيهما مع=

٤٥٦

* وفِي رِوَايَةِ ابْنِ فَضَّالٍ : « وَفَاطِمَةَ(١) بِنْتِ أَسَدٍ ».

١٢١٣/ ٢٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « يُحْشَرُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً(٢) وحْدَهُ(٣) ، عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وهَيْبَةُ(٤) الْمُلُوكِ ».(٥)

١٢١٤/ ٢٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْأَصَمِّ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ واقِدٍ ، عَنْ مُقَرِّنٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ(٦) : « إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَوَّلُ مَنْ قَالَ بِالْبَدَاءِ ، يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وحْدَهُ(٧) ، عَلَيْهِ بَهَاءُ الْمُلُوكِ وسِيمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ ».(٨)

١٢١٥/ ٢٤. بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ؛

وَ(٩) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ جَمِيعاً :

__________________

= زيادة : « وفاطمة بنت أسد » في آخره ؛ الخصال ، ص ٢٩٣ ، باب الخمسة ، ح ٥٩ ، بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع زيادة واختلاف يسير. وفي معاني الأخبار ، ص ١٧٩ ، ذيل ح ١ ؛ وعلل الشرائع ، ص ١٧٦ ، ح ١ ، بسند آخر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٠٢ ، ح ١٣١٢ و ١٣١٣.

(١). عطف على أبي طالب في تلك الرواية.

(٢). « الاُمّة » : الرجل المنفرد بدين. النهاية ، ج ١ ، ص ٦٨ ( أمم ).

(٣). هكذا في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي والبحار. وفي بعض النسخ والمطبوع : « واحدة ». (٤). في « ف » : « وهيئته ».

(٥).الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٩٤ ، ح ١٢٩٩ ؛ البحار ، ج ١٥ ، ص ١٥٧ ، ح ٨٤.

(٦). في « ج » : - « قال ».

(٧).في«ب»:«واحدة».وفي«ض»:+«و».

(٨).الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٩٤ ، ح ١٣٠٠ ؛ البحار ، ج ١٥ ، ص ١٥٧ ، ح ٨٥.

(٩). هكذا في المطبوع وحاشية « بح ». وفي النسخ : - « و » ، لكنّ الظاهر ثبوتها وأنّ في السند تحويلاً بعطف « محمّد=

٤٥٧

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « يُبْعَثُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أُمَّةً وَحْدَهُ ، عَلَيْهِ بَهَاءُ الْمُلُوكِ(١) وَسِيمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَ ذلِكَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ قَالَ بِالْبَدَاءِ ».

قَالَ : « وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَرْسَلَ رَسُولَ اللهِ(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله إِلى رُعَاتِهِ(٣) فِي إِبِلٍ قَدْ نَدَّتْ لَهُ(٤) ، فَجَمَعَهَا(٥) ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ ، فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ ، وَ جَعَلَ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَتُهْلِكُ آلَكَ(٦) ؟ إِنْ تَفْعَلْ فَأَمْرٌ(٧) مَا بَدَا لَكَ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله بِالْإِبِلِ وَقَدْ وَجَّهَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي كُلِّ طَرِيقٍ وَفِي كُلِّ شِعْبٍ(٨) فِي طَلَبِهِ ، وَجَعَلَ يَصِيحُ : يَا رَبِّ ، أَتُهْلِكُ آلَكَ؟ إِنْ تَفْعَلْ فَأَمْرٌ‌

__________________

=بن سنان عن المفضّل بن عمر » على « ابن محبوب عن ابن رئاب عن عبد الرحمن بن الحجّاج ».

توضيح ذلك : أنّ مقتضى لفظة « جميعاً » تعدّد الراوي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وهذا ينافي وقوع لفظة « عن » بين جميع سلسلة الرواة.

ثمّ إنّه روى ابن جمهور عن أبيه عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الكافي ، ح ٤٣٥٩ و ٤٦٣٧ و ٤٦٨٥ و ٦٧٤٢ و ٨٢٦٤. ولازم ذلك وقوع التحويل في السند بعطف طبقتين على ثلاث طبقات ، وأنّ الراوي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام هو المفضّل بن عمر وعبد الرحمن بن الحجّاج.

هذا ، ولا يبعد وقوع الخلل في الجزء الأوّل من السند أيضاً ؛ وبأن يكون الصواب : « ابن رئاب وعبد الرحمن بن الحجّاج » ؛ فإنّه مضافاً إلى أنّهما من مشايخ ابن محبوب ، لم نجد رواية ابن رئاب عن عبد الرحمن بن الحجّاج في موضع. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٩٢ - ٩٣ ؛ وج ٢١ ، ص ١٩ - ٢٠.

ثمّ إنّه لا يبعد الجمع بين النسخة الصحيحة والمصحّفة في « وعن » قبل « محمّد بن سنان ».

(١). فيالوافي : « الملك ».

(٢). في « بح » : « رسوله ».

(٣). فيمرآة العقول ، والوافي : « رعائه » جمع الراعي ، كالرعاة.

(٤). في قولهعليه‌السلام : « قد ندّت له » احتمالان : إمّا من النَّدّ بمعنى الشرد والنفور. وهذا مختار المازندراني والأظهر عند المجلسي. وإمّا من الندو أو الندي بمعنى تفرّق الشي‌ء وخروج الإبل من مرعاها. وهو الأنسب عند الفيض. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٦٤ ( ندد ) ؛ وج ٢ ، ص ١٧٥٢ ( ندا ).

(٥). في « بف » والوافي : « يجمعها ».

(٦). في شرح المازندراني : « ألك أن تفعل ». وقال : « مفعول « تهلك » محذوف. ثمّ قال : « منهم من قرأ : آلك ، بمدّ الألف على أنّه مفعول تهلك ». وفيالوافي اختار الأوّل واحتمل الثاني.

(٧). احتمل فيمرآة العقول كونَ الكلمة أمراً. وقال المازندراني : « قرئ : إن تفعل ، بكسر الهمزة على الشرط و جُعل « فأمر » على صيغة الأمر جزاه ». كما هو المحتمل عند الفيض فيالوافي .

(٨). « الشِعْب » : الطريق في الجبل ، ومسيل الماء في بطن أرض ، أو ما انفرج بين الجبلين. القاموس المحيط ،=

٤٥٨

مَا بَدَا لَكَ ، وَ لَمَّا(١) رَأى رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أَخَذَهُ فَقَبَّلَهُ ، وَ قَالَ(٢) : يَا بُنَيَّ ، لَاوَجَّهْتُكَ بَعْدَ هذَا فِي شَيْ‌ءٍ ؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُغْتَالَ(٣) فَتُقْتَلَ ».(٤)

١٢١٦/ ٢٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « لَمَّا أَنْ وَ جَّهَ صَاحِبُ الْحَبَشَةِ بِالْخَيْلِ(٥) – وَ مَعَهُمُ الْفِيلُ - لِيَهْدِمَ الْبَيْتَ ، مَرُّوا بِإِبِلٍ(٦) لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَسَاقُوهَا ، فَبَلَغَ ذلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، فَأَتى صَاحِبَ الْحَبَشَةِ ، فَدَخَلَ الْآذِنُ(٧) ، فَقَالَ : هذَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ ، قَالَ(٨) : وَ مَا يَشَاءُ؟ قَالَ التَّرْجُمَانُ : جَاءَ فِي إِبِلٍ لَهُ سَاقُوهَا يَسْأَلُكَ رَدَّهَا ، فَقَالَ مَلِكُ الْحَبَشَةِ لِأَصْحَابِهِ : هذَا رَئِيسُ قَوْمٍ وَ زَعِيمُهُمْ(٩) جِئْتُ إِلى بَيْتِهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ لِأَهْدِمَهُ وَ هُوَ يَسْأَلُنِي إِطْلَاقَ إِبِلِهِ! أَمَا لَوْ سَأَلَنِيَ الْإِمْسَاكَ عَنْ هَدْمِهِ لَفَعَلْتُ ، رُدُّوا عَلَيْهِ إِبِلَهُ.

فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِتَرْجُمَانِهِ : مَا قَالَ لَكَ(١٠) الْمَلِكُ؟ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ :

__________________

=ج ١ ، ص ١٨٤ ( شعب ).

(١). في « بح ، بر ، بف » : « فلمّا ».

(٢). في « ب ، ف » والبحار : « فقال ».

(٣). « الاغتيال » : هو أن يُخْدَعَ ويُقْتَل في موضع لا يراه فيه أحد. النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٣ ( غيل ).

(٤).الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٩٤ ، ح ١٣٠١ ؛ البحار ، ج ١٥ ، ص ١٥٧ ، ح ٨٦.

(٥). قولهعليه‌السلام : « بالخيل » مفعولُ « وجّه » والباء زائدة. قال المجلسي فيمرآة العقول : « أو المفعول مقدّر ، أي وَ جَّهَ ‌قائداً وهو ابن الصباح بالخيل ، فالباء للمصاحبة. ويمكن أن يقرأ : وُجِّهَ على بناء المجهول ، فالمراد بصاحب الحبشة : أبرهة ».

(٦). « الإِبِلُ » : اسم الجمع ، لا واحد لها من لفظها ، وهي مؤنّثة ؛ لأنّ أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميّين فالتأنيث لها لازم. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦١٨ ( أبل ).

(٧). في « ف » : « الآتون ». وفي الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦٩ ( أذن ) : « الآذِنُ : الحاجب ». وفي المرآة : « فدخل الآذن ، أي ‌الحاجب الذي يطلب الإذن للناس ويأذنهم للدخول ».

(٨). في « ف » : « ثمّ قال ».

(٩). « الزعيم » : الكفيل ، ورئيس القوم وسيّدهم ، أو المتكلّم عنهم. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٧٢ ( زعم ).

(١٠). في « ب ، ف ، بح ، بر ، بف » والوافي والبحار : - « لك ».

٤٥٩

أَنَا رَبُّ الْإِبِلِ ، وَ لِهذَا الْبَيْتِ رَبٌّ يَمْنَعُهُ ، فَرُدَّتْ(١) إِلَيْهِ(٢) إِبِلُهُ ، وَ انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَحْوَ مَنْزِلِهِ ، فَمَرَّ بِالْفِيلِ فِي مُنْصَرَفِهِ(٣) ، فَقَالَ لِلْفِيلِ : يَا مَحْمُودُ ، فَحَرَّكَ الْفِيلُ رَأْسَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَتَدْرِي(٤) لِمَ جَاؤُوا بِكَ؟ فَقَالَ الْفِيلُّ بِرَأْسِهِ : لَا ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : جَاؤُوا بِكَ لِتَهْدِمَ بَيْتَ رَبِّكَ ، أَفَتُرَاكَ فَاعِلَ ذلِكَ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ : لَا.

فَانْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلى مَنْزِلِهِ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ، غَدَوْا بِهِ لِدُخُولِ الْحَرَمِ ، فَأَبى وَ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِبَعْضِ مَوَالِيهِ عِنْدَ ذلِكَ : اعْلُ الْجَبَلَ ، فَانْظُرْ تَرى(٥) شَيْئاً(٦) ؟ فَقَالَ : أَرى سَوَاداً مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ(٧) ، فَقَالَ لَهُ : يُصِيبُهُ بَصَرُكَ أَجْمَعَ؟ فَقَالَ لَهُ : لَا ، وَلَأَوْشَكَ(٨) أَنْ يُصِيبَ ، فَلَمَّا أَنْ قَرُبَ ، قَالَ : هُوَ طَيْرٌ كَثِيرٌ وَ لَا أَعْرِفُهُ ، يَحْمِلُ كُلُّ طَيْرٍ فِي مِنْقَارِهِ حَصَاةً(٩) مِثْلَ(١٠) حَصَاةِ الْخَذْفِ(١١) ، أَوْ دُونَ حَصَاةِ الْخَذْفِ ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : وَرَبِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا تُرِيدُ(١٢) إِلاَّ الْقَوْمَ حَتّى لَمَّا صَارَتْ(١٣) فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ أَجْمَعَ ، أَلْقَتِ الْحَصَاةَ ، فَوَقَعَتْ كُلُّ حَصَاةٍ عَلى هَامَةِ(١٤) رَجُلٍ ، فَخَرَجَتْ مِنْ دُبُرِهِ ، فَقَتَلَتْهُ(١٥) ، فَمَا انْفَلَتَ(١٦)

__________________

(١). فيالوافي : « فر دّ ».

(٢). في « ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار : « عليه ».

(٣).في«ب»:«فمرّ في منصرفه بالفيل».

(٤).في«بس»:«تدري»بدون الهمزة.

(٥). في « ف » : « ما ترى ».

(٦). فيالوافي : + « فصعد ».

(٧). في « ب » : + « فصعد ».

(٨). في « بف » : « وأوشك ».

(٩). في « ف » : « حصاً ».

(١٠). في « ب » : « من ».

(١١). « الخَذْفُ » : هو رميك حَصاةً أو نَواةً تأخذها بين سبّابتيك وترمي بها ، أو تتّخذ مِخْذَفةً من خشب ثمّ ترمي بها الحصاة بين إبهامك والسبّابة. النهاية ، ج ٢ ، ص ١٦ ( خذف ).

(١٢). في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بس ، بف » والبحار : « ما يريد ». قال فيمرآة العقول ، ج ٥ ، ص ٢٤٠ : « وقد يذكّروقد يؤنّث ».

(١٣) هكذا في « ض ، ف ». وفي « بر » : « صار ». وفي المطبوع وبعض النسخ : « صاروا ».

(١٤) « الهامَةُ » : الرأس ، والجمع : هامٌ. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦٣ ( هيم ).

(١٥) في « ج » : « فقتله ».

(١٦) « الانفلات » : التخلّص من الشي‌ء فَجأةً من غير تمكّث. النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٦٧ ( فلت ).

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

٨١٩ ـ خبر ابن حوزة :(مناقب آل أبي طالب ، ج ٣ ص ٢١٤ ط نجف)

عن ابن بطّة في (الإبانة) وابن جرير في تاريخه : أن ابن حوزة نادى الحسينعليه‌السلام ، فقال : يا حسين أبشر ، فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة.قال : ويحك أنا!. قال : نعم. قال : ولي رب رحيم ، وشفاعة نبي مطاع. الله م إن كان عبدك كاذبا فجرّه (أو : فحزه) إلى النار. قال : فما هو إلا أن ثنى عنان فرسه ، فوثب فرمى به ، وبقيت رجله في الركاب ، ونفر الفرس فجعل يضرب برأسه كل حجر وشجر ، حتّى مات.

(وفي رواية) : الله م جرّه إلى النار ، وأذقه حرّها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة. فسقط عن فرسه في الخندق ، وكان فيه نار. فسجد الحسينعليه‌السلام .

(وفي كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٨٩) :

فقالعليه‌السلام : الله م حزه إلى النار. فغضب ابن حوزة من دعاء الحسينعليه‌السلام وكان بينه وبين الحسين نهر ، فعلقت قدمه بالركاب ، وجالت به الفرس فسقط عنها ، فانقطعت فخذه وساقه وقدمه ، وبقي جنبه الآخر متعلقا بالركاب ، يضرب به كل حجر وشجر ، حتّى مات.

٨٢٠ ـ اهتداء مسروق بن وائل الحضرمي :(المصدر السابق)

وكان مسروق بن وائل الحضرمي قد خرج معهم ، وقال : لعلّي أصيب رأس الحسينعليه‌السلام ، فأصيب به منزلة عند ابن زياد!. فلما رأى ما صنع الله بابن حوزة بدعاء الحسينعليه‌السلام رجع ، وقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا ، لا أقاتلهم أبدا.

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني في (الوثائق الرسمية) ص ١٦٤ :

وانتهت هذه الواقعة بشقاوة ابن حوزة ، وكرامة للحسينعليه‌السلام ، وهداية لابن وائل ، فهي شقاوة وكرامة وهداية.

٨٢١ ـ تميم بن الحصين الفزاري يتوعد الحسينعليه‌السلام بعدم ذوق الماء :

(أمالي الشيخ الصدوق ، ص ١٣٤ ط بيروت)

ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له : تميم بن الحصين الفزاري ، فنادى : يا حسين ويا أصحاب الحسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات! والله لا ذقتم منه قطرة حتّى تذوقوا الموت جزعا. فقال الحسينعليه‌السلام :

٦٦١

من الرجل؟. فقيل : تميم بن حصين. فقال الحسينعليه‌السلام : هذا وأبوه في النار.الله م اقتل هذا عطشا في هذا اليوم. فخنقه العطش ، حتّى سقط عن فرسه ، فوطئته الخيل بسنابكها فمات.

٨٢٢ ـ محمّد بن الأشعث ينفي قرابة الحسينعليه‌السلام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاء مولانا الحسين عليه ، فمات بادي العورة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٩)

ثم رفع الحسينعليه‌السلام صوته وقال : الله م إنا أهل بيت نبيك وذريته وقرابته ، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا ، إنك سميع قريب. فسمعها محمّد بن الأشعث ، فقال : يا حسين وأي قرابة بينك وبين محمّد؟ فقال الحسين : الله م إن محمّد بن الأشعث يقول إنه ليس بيني وبين رسولك قرابة ، الله م فأرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا فما كان بأسرع من أن تنحّى محمّد بن الأشعث وخرج من المعسكر ، فنزل عن فرسه وإذا بعقرب سوداء خرجت من بعض الحجرة فضربته ضربة تركته متلوثا في ثيابه مما به.

(وفي لواعج الأشجان ، ص ١٥١) أن محمّدا بن الأشعث قال : يا حسين أي حرمة لك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليست لغيرك؟. فتلا الحسينعليه‌السلام :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ) [آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤]. ثم قال : وإن محمدا لمن آل إبراهيم.

ثم رفع الحسينعليه‌السلام رأسه إلى السماء فقال : الله م أر محمدا بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزّه بعده أبدا. فعرض له عارض ، فخرج من المعسكر يتبرّز ، فسلّط الله عليه عقربا فلدغته ، فمات بادي العورة.

(وفي رواية ابن شهراشوب في المناقب ، ج ٣ ص ٢١٥ ط نجف) :

فبرز ابن الأشعث للحاجة ، فلسعته عقرب على ذكره ، فسقط وهو يستغيث ، ويتقلّب على حدثه.

٦٦٢

ترجمة محمّد بن الأشعث

(أسرة الغدر)

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٨٧)

والده الأشعث بن قيس الكندي.

روى ابن عبد البرّ في (الاستيعاب) وابن حجر العسقلاني في (الإصابة) قال : إن الأشعث بن قيس أسلم في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم ارتدّ بعده. فأسره أبو بكر ، فرجع إلى الإسلام ، وزوّجه أبو بكر أخته أم فروة ، فولدت منه محمّد بن الأشعث الّذي قاتل الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء.

وقد كان الأشعث في صفوف الإمام عليعليه‌السلام يدّعي نصرته وينافق لمعاوية. وكان له دور في صفين في تأليب الناس ضدّ الإمامعليه‌السلام لقبوله التحكيم ، ليخلق الفتنة بين المسلمين.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «إن الأشعث كان من مشاوري عبد الرحمن بن ملجم المرادي في قتل الإمام عليعليه‌السلام ، وسمّت بنته جعدة الإمام الحسنعليه‌السلام ، وقاتل ابنه الخبيث محمّد بن الأشعث الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف». فيا لها من عائلة مجرمة.

خطبة الحسين الأولى يوم عاشوراء

٨٢٣ ـ نسبه ومكانته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٧٨)

ثم دعا الحسينعليه‌السلام براحلته فركبها ، ونادى بصوت عال يسمعه جلّهم :

أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حقّ لكم عليّ ، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم. فإن قبلتم عذري وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النّصف من أنفسكم ، كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم عليّ سبيل ، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النّصف من أنفسكم( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ) (٧١) [يونس : ٧١].( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (١٩٦) [الأعراف : ١٩٦].

٦٦٣

ثم حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الملائكة والأنبياء ، وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ، ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه(١) ثم قال :

الحمد لله الّذي خلق الدنيا ، فجعلها دار فناء وزوال ، متصرّفة بأهلها حالا بعد حال. فالمغرور من غرّته ، والشقيّ من فتنته. فلا تغرّنكم هذه الدنيا ، فإنها تقطع رجاء من ركن إليها ، وتخيّب طمع من طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، وجنّبكم رحمته ، فنعم الربّ ربّنا ، وبئس العبيد أنتم. أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم!. لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم. فتّبا لكم ولما تريدون. إنا لله وإنا إليه راجعون.هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين(٢) .

فقال ابن سعد : ويلكم كلّموه ، فإنه ابن أبيه. والله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما انقطع ولما حصر.

فتقدم شمر فقال : يا حسين ما هذا الّذي تقول؟. أفهمنا حتّى نفهم.

(وفي سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٣ ص ٣٠١) :

«فقالعليه‌السلام : لا تعجلوا ، والله ما أتيتكم حتّى أتتني كتب أماثلكم ، بأنّ السّنّة قد أميتت ، والنفاق قد نجم ، والحدود قد عطّلت ، فاقدم لعل الله يصلح بك الأمة ، فأتيت. فإذ كرهتم ذلك ، فأنا أرجع».

ثم قالعليه‌السلام : أيها الناس ، انسبوني من أنا ، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، وانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟. ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيّه وابن عمه ، وابن أول المؤمنين بالله والمصدّق لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبما جاء به من عند ربه؟.أوليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي؟. أو ليس جعفر الطيار عمي؟. أو لم

__________________

(١) أورد المقرم في مقتله هذه الفقرة نقلا عن الطبري ج ٦ ص ٢٤٢ ، ولم يوردها الخوارزمي في مقتله.

(٢) أورد المقرم هذه الفقرة نقلا عن مقتل محمّد بن أبي طالب ، وأوردها الخوارزمي ج ١ ص ٢٥٢ ليلة العاشر وليس يوم عاشوراء. كما أوردها ابن شهراشوب في مناقبه ج ٣ ص ٢٤٩ ط نجف.

٦٦٤

يبلغكم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي ولأخي : هذان سيّدا شباب أهل الجنة؟.(وفي رواية أبي مخنف : وقوله إني مخلّف فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي؟).فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحق ، فوالله ما تعمّدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ، ويضرّ به من اختلقه. وإن كذّبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبا سعيد الخدري ، وسهيل بن سعد الساعدي ، والبراء بن عازب(١) ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي ولأخي. أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي(٢) ؟.

ـ مقاطعة الشمر لخطبة الحسينعليه‌السلام :

فقال الشمر : هو يعبد الله على حرف(٣) إن كان يدري ما تقول!. فقال له حبيب:والله إني أراك تعبد الله على سبعين حرفا(٤) ، وأنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك.

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٣) :

«فناداه شمر : الساعة ترد الهاوية. فقال الحسينعليه‌السلام : الله أكبر. أخبرني جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «رأيت كأن كلبا ولغ في دماء أهل بيتي». وما إخالك إلا إياه.

فقال شمر : أنا أعبد الله على حرف [أي على شبهة] إن كنت أدري ما تقول».

(وفي مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٣) :

«فقال الشمر للحسينعليه‌السلام : يا حسين بن علي ، أنا أعبد الله على حرف إن كنت

__________________

(١) البراء بن عازب مذكور في مقتل ابن نما خاصة ، وتجد ترجمته فيما يأتي.

(٢) أورد أبو مخنف هذه الفقرة في مقتله ص ٥٤ قبل يوم عاشوراء. وكذلك الخوارزمي في مقتله ج ١ ص ٢٥٣ بتحريف بسيط.

(٣) قال تعالى في سورة الحج الآية ١١ :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ، فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ، وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ، خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ، ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) . وتفسيرها : أنّ من الناس من يعبد الله على ضعف ، كضعف القائم على حرف أي على طرف جبل. وقيل على حرف : أي على شك. وقيل من يعبد الله بلسانه دون قلبه ، فإن أصابه خير اطمأن به ، وإن أصابه بلاء واختبار انقلب على وجهه.

(٤) يعبد الله على سبعين حرفا : أي هائم في طرق الضلال والشبهات ، يعبد الله على سبعين شبهة.

٦٦٥

أدري ما تقول. فسكت الحسينعليه‌السلام . فقال حبيب بن مظاهر للشمر : يا عدو الله وعدو رسوله ، إني لأظنك تعبد الله على سبعين حرفا ، وأنا أشهد أنك لا تدري ما يقول ، فإن الله تبارك وتعالى قد طبع على قلبك.

فقال له الحسينعليه‌السلام : حسبك يا أخا بني أسد ، فقد قضي القضاء وجفّ القلم والله بالغ أمره. والله إني لأشوق إلى جدي وأبي وأمي وأخي وأسلافي ، من يعقوب إلى يوسف وأخيه ، ولي مصرع أنا لاقيه».

ثم قال الحسينعليه‌السلام : فإن كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكّون أني ابن بنت نبيكم؟. فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري ، فيكم ولا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل فيكم قتلته ، أو بمال استهلكته ، أو بقصاص من جراحة؟. فأخذوا لا يكلمونه.

ثم نادى : يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ أن اقدم ، فقد أينعت الثمار واخضرّ الجناب ، وإنما تقدم على جند لك مجنّدة؟!. فقالوا : لم نفعل. قالعليه‌السلام : سبحان الله ، بلى والله لقد فعلتم.

(وفي رواية تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢ ط ٢ نجف) :

«أنه نادى : يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا زيد بن الحرث ، ويا فلان ويا فلان ، ألم تكتبوا إليّ؟. فقالوا : ما ندري ما تقول!.

وكان الحر بن يزيد اليربوعي من ساداتهم ، فقال له : بلى والله لقد كاتبناك ، ونحن الذين أقدمناك ، فأبعد الله الباطل وأهله».

ثم قالعليه‌السلام : أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمك ، فإنهم لن يروك إلا ما تحب ، ولن يصل إليك منهم مكروه. فقال له الحسينعليه‌السلام : أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد(١) .(وفي رواية :ولا أقرّ إقرار العبيد).

__________________

(١) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢٦.

٦٦٦

ثم نادى : يا عباد الله( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) (٢٠) [الدخان : ٢٠]. أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب(١) .

ترجمة البراء بن عازب

هو البراء بن عازب بن الحرث بن عدي الأنصاري الأوسي ، يكنى أبا عامر. صحابي ابن صحابي. استصغر يوم بدر ، وشهد أحدا. وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام . قال أبو عمرو بن عبد البر في (الاستيعاب) :شهد مع عليعليه‌السلام الجمل وصفين والنهروان ، ثم نزل الكوفة ومات بها أيام مصعب بن الزبير سنة ٧٢ ه‍.

وقال العلامة الحلي : البراء بن عازب مشكور بعد إذ أصابته دعوة أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتمان حديث غدير خم ، فأصابه البرص والعمى ، كما أصاب أنس بن مالك أيضا.

وروى الشيخ المفيد في (الإرشاد) قال : إن عليا قال للبراء ذات يوم : يا براء يقتل ابني الحسين وأنت حي لا تنصره!. فلما قتل الحسينعليه‌السلام كان البراء يقول : صدق والله علي بن أبي طالب ، قتل الحسين ولم أنصره ، ثم أظهر الحسرة على ذلك والندم.

ترجمة زيد بن أرقم

هو زيد بن أرقم بن قيس الأنصاري الخزرجي. صحابي مشهور. أول مشاهده الخندق ، ثم شهد ما بعده. وهو الّذي رفع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قول عبد الله بن أبي :( لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ ، لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ) فكذّبه عبد الله بن أبي وحلف ، فأنزل الله تعالى تصديق زيد بن أرقم وتكذيب عبد الله بن أبي ، وذلك في سورة المنافقين. قال أبو عمرو بن عبد البر في (الإستيعاب) : سكن زيد بن أرقم الكوفة ، وبنى دارا في بني كندة. وشهد مع عليعليه‌السلام صفين ، وهو معدود في خاصته.

__________________

(١) أورد أبو مخنف في مقتله هذا الكلام ص ٥٥ وذلك يوم عاشوراء.

٦٦٧

وذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) : أنه لما وصل رأس الحسينعليه‌السلام ووصل ابن سعد إلى الكوفة من غد يوم وصوله ، ومعه بنات الحسينعليه‌السلام وأهله ، جلس ابن زياد في قصر الإمارة وأذن للناس إذنا عاما ، وأمر بإحضار الرأس ، فوضع بين يديه ، فجعل ينظر إليه ويبتسم وبيده قضيب يضرب به ثناياهعليه‌السلام . وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله ، وهو شيخ كبير. فلما رآه يضرب ثناياه بالقضيب ، قال : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فو الله الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله عليهما ما لا أحصيه كثرة يقبّلهما ، ثم انتحب باكيا. فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك ، أتبكي لفتح الله!. لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ، لضربت عنقك.فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلى منزله.

وعن زيد بن أرقم أنه قال : مرّ برأس الحسينعليه‌السلام وهو على رمح وأنا في غرفة لي في الكوفة ، فلما حاذاني سمعته يقرأ :

( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فوقف والله شعري وناديت : رأسك والله يابن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب.

وتوفي زيد بن أرقم سنة ست أو ثمان وستين ٦٨ للهجرة.

٨٢٤ ـ نصيحة زهير بن القين لأهل الكوفة وملا سنته مع الشمر :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٨٣)

وخرج إليهم زهير بن القين على فرس ذنوب [أي ذي ذنب وافر] وهو شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله (وفي رواية : نذار عباد الله).إن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتّى الآن إخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف. وأنتم للنصيحة منا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا أمة وأنتم أمة. إن الله ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد ، فإنكم لا تدركون منهما إلا سوء عمر سلطانهما ، ليسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم

٦٦٨

وقرّاءكم ، أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهانئ بن عروة وأشباهه فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا : لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى عبيد الله بن زياد سلما. فقال زهير : عباد الله ، إن ولد فاطمة أحق بالودّ والنصر من ابن سميّة ، فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم. فخلّوا بين هذا الرجل وبين يزيد ، فلعمري إنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسينعليه‌السلام . فرماه شمر بسهم ، وقال : اسكت أسكت الله نأمتك(١) أبرمتنا بكثرة كلامك. فقال زهير : يابن البوّال على عقبيه ما إياك أخاطب ، إنما أنت بهيمة.والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فقال الشمر : إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة. فقال زهير : أفبالموت تخوّفني ، فو الله للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم(٢) . ثم أقبل على القوم رافعا صوته وقال : عباد الله لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فو الله لا تنال شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوما أهرقوا دماء ذريته وأهل بيته ، وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حريمهم. فناداه رجل من أصحابه ، إن أبا عبد الله يقول لك : أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء ، فلقد نصحت هؤلاء وأبلغت ، لو نفع النصح والإبلاغ(٣) .

٨٢٥ ـ نصيحة برير بن خضير لأصحاب عمر بن سعد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٢)

فقال الحسينعليه‌السلام لبرير بن خضير : كلّم القوم يا برير وانصحهم. فتقدم برير حتّى وقف قريبا من القوم ، والقوم قد زحفوا إليه عن بكرة أبيهم ، [ونادى : يا معشر الناس إن الله بعث محمدا (بالحق) بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله (بإذنه) وسراجا منيرا. وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه ، وقد حيل بينه وبين ابن بنت رسول الله ، أفجزاء محمّد هذا؟. فقالوا : يا برير قد أكثرت الكلام فاكفف عنا ، فو الله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله(٤) ]. فقال لهم برير : يا هؤلاء اتقوا

__________________

(١) النأمة : الصوت. وأسكت الله نأمته : أي أماته.

(٢) أورد أبو مخنف في مقتله نظير هذا الكلام ، ص ٥٦.

(٣) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٣.

(٤) مقتل المقرم ص ٢٨٥ ، ولم يوردها الخوارزمي.

٦٦٩

الله فإن ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه ، فهاتوا ما عندكم وما الّذي تريدون أن تصنعوا بهم؟. فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير عبيد الله بن زياد فيرى رأيه فيهم. فقال برير : أفلا ترضون منهم أن يرجعوا إلى المكان الّذي أقبلوا منه؟!. ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم التي أعطيتموها من أنفسكم وأشهدتم الله عليها وكفى بالله شهيدا. ويلكم دعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم من دونهم ، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم لعبيد الله ، وحلّأتموهم [أي طردتموهم ومنعتموهم] عن ماء الفرات الجاري ، وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس ، وترده الكلاب والخنازير!. بئسما خلّفتم محمدا في ذريته. ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة ، فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم : يا هذا ما ندري ما تقول. فقال برير : الحمد لله الّذي زادني فيكم بصيرة. الله م إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم. الله م ألق بأسهم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان(١) .

فجعل القوم يرشقونه بالسهام ، فرجع برير إلى ورائه.

خطبة الحسين الثانية يوم عاشوراء

٨٢٦ ـ وفيها يستنهض الناس لنصرته ويبدي سخطه على أهل الكوفة :

ورد في (الفاجعة العظمى) ص ٦٧ :

روي في (المناقب) بإسناده عن عبد الله بن محمّد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده عن عبد الله ، قال :

لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسينعليه‌السلام رتّبهم مراتبهم وأقام الرايات في مواضعها ، وعبأ أصحاب الميمنة والميسرة ، وقال لأهل القلب : اثبتوا.وأحاطوا بالحسينعليه‌السلام من كل جانب حتّى جعلوه في مثل الحلقة.

(وفي لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣١ ط ٤) :

ثم ركب الحسينعليه‌السلام ناقته ، وقيل فرسه ، وخرج إلى الناس ، فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتّى قال لهم : ويلكم ما عليكم أن تنصتوا لي فتسمعوا قولي ، وإنما

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٨٥ و ٢٨٦ عن البحار ، ج ١٠ عن محمّد بن أبي طالب.

٦٧٠

أدعوكم إلى سبيل الرشاد ، فمن أطاعني كان من المرشدين ، ومن عصاني كان من المهلكين ، وكلكم عاص لأمري غير مستمع قولي ، فقد ملئت بطونكم من الحرام وطبع على قلوبكم. ويلكم ألا تنصتون؟! ألا تسمعون؟!. فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم ، فقالوا : أنصتوا له. فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله وصلى على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الملائكة والأنبياء والرسل ، وأبلغ في المقال ، ثم قال :

تبّا(١) لكم أيتها الجماعة وترحا(٢) أحين استصرختمونا والهين(٣) (وفي رواية :ولهين متحيّرين) فأصرخناكم موجفين(٤) (مؤدّين(٥) مستعدّين) سللتم علينا سيفا لنا (في رقابنا) في أيمانكم ، وحششتم(٦) علينا نارا قدحناها (أجّجناها) على عدونا وعدوكم ، فأصبحتم إلبا(٧) على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طمعتم فيه. من غير حدث كان منا ، ولا رأي تفيّل لنا(٨) . فهلا لكم الويلات ، إذ كرهتمونا وتركتمونا ، تجهّزتموها(٩) والسيف مشيم(١٠) (لم يشهر) والجأش طامن(١١) والرأي لمّا يستحصف(١٢) (يستحصد). ولكن أسرعتم إليها كطيرةالدّبا(١٣) وتداعيتم إليها كتداعي (كتهافت) الفراش ، فسحقا (فقبحا) لكم يا عبيد

__________________

(١) التبّ : الهلاك.

(٢) التّرح : الهم.

(٣) الوله : الحزن.

(٤) موجفين : مسرعين في العدو.

(٥) مؤدّين : متهيئين مناصرين.

(٦) حششتم : أوقدتم.

(٧) إلبا : أي مجتمعين.

(٨) تفيّل رأيه : أخطأ وضعف.

(٩) الضمير للحرب أو الفتنة ، والتجهّز : التهيّؤ.

(١٠) مشيم : مغمد.

(١١) طامن : مطمئن.

(١٢) استحصف : استحكم.

(١٣) الدّبا : أول ما يكون الجراد قبل أن يطير ، ثم يكون غوغاء إذا هاج بعضه في بعض ، ثم يكون كتفانا ثم يصير خيفانا ثم يكون جرادا. ويضرب المثل بالدبا لكثرته.

٦٧١

الأمّة (فإنما أنتم من طواغيت الأمّة) وشذّاذ الأحزاب(١) ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب (الكلم) ، ومطفئي السّنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيدي عترة الأوصياء ، وملحقي العهّار(٢) بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخ أئمة المستهزئين ، الذين جعلوا القرآن عضين(٣) ولبئس ما قدّمت لهم أنفسهم ، وفي العذاب هم خالدون. وأنتم ابن حرب وأشياعه تعضدون (أهؤلاء تعضدون) وعنّا تخاذلون. أجل والله الخذل فيكم معروف (الغدر فيكم قديم) ، وشجت عليه أصولكم ، وتأزّرت عليه فروعكم (وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته أصولكم وفروعكم) ، وثبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم ، فكنتم أخبث ثمر (شيء) شجا للناظر(٤) وأكلة للغاصب. (ألا لعنة الله على الناكثين ، الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها) ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ، فأنتم والله هم.

ألا وإن الدّعيّ ابن الدعيّ(٥) قد ركز بين اثنتين : السّلّة(٦) أو الذلّة ، وهيهات منا الذلّة (وهيهات منا أخذ الدنيّة) ، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون ، وجدود (وحجور) طابت ، وحجور (وحجز) طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر (من أن تؤثر) طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا قد أعذرت وأنذرت ، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد (العتاد) وكثرة العدو ، وخذلان الناصر (وخذلة الأصحاب).

ثم وصلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلامه بأبيات فروة بن مسيك المرادي ، وهو صحابي مخضرم ، فقال:

فإن نهزم فهزّامون قدما

وإن نغلب فغير مغلبّينا

وما إن طبّنا(٧) جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

إذا ما الموت رفّع عن أناس

كلاكله(٨) أناخ بآخرينا

__________________

(١) الشذّاذ : الذين يكونون في القوم وليسوا من قبائلهم.

(٢) العهر : الفجور.

(٣) عضين : مفرّق.

(٤) شجا : مصدر بمعنى الحزن والهم.

(٥) المقصود به : عبيد الله ابن زياد.

(٦) السّلة : أي استلال السيوف.

(٧) الطّب : العادة.

(٨) الكلكل : الصدر.

٦٧٢

فأفنى ذلكم سروات قومي

كما أفنى القرون الأولينا

فلو خلد الملوك إذا خلدنا

ولو بقي الكرام إذا بقينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا

سيلقى الشامتون كما لقينا

ثم قال : أما والله لا تلبثون بعدها إلا كريث(١) ما يركب الفرس ، حتّى تدور بكم دور الرحى(٢) وتقلق بكم قلق المحور(٣) . عهد عهده إليّ أبي عن جدي( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ) (٧١) [يونس : ٧١]( ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ، ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) «هود ٥٦»(٤) .

اللهم احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف(٥) يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله ، قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم(٦) ، فإنهم غرّونا وكذّبونا وخذلونا ، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير(٧) .

٨٢٧ ـ مقاصد الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف من خلال خطبتيه السابقتين :(مقتل المقرّم ، ص ٨١ و ٨٢)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله :

وعلى هذه السنن مشى أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، فلم يبدأ القوم بقتال مهما رأى من أعدائه التكاتف على الضلال والمقابلة له بكل ما لديهم من حول وطول ، حتّى منعوه وعياله وصحبه من الماء الّذي لم يزل صاحب الشريعةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجاهر بأن «الناس في الماء والكلأ شرع سواء». لأنهعليه‌السلام أراد إقامة الحجة

__________________

(١) كريث : كمقدار.

(٢) الرحى : حجر الطاحون.

(٣) المحور : ما تدور حوله البكرة أو الطاحون.

(٤) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٤ واللهوف ص ٥٤.

(٥) هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي.

(٦) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن مقتل العوالم ص ٨٤.

(٧) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن الله وف ص ٥٦. وذكر الخوارزمي في مقتله ج ٢ ص ٦ كامل الخطبة بتحريف بسيط.

٦٧٣

عليهم ، فوقف في ذلك الملأ المغمور بالأضاليل ، ونادى بحيث يعي الجماهير حجته ، فعرّفهم أولا خسارة هذه الدنيا الفانية لمن تقلّب فيها ، فلا تعود عليهم إلا بالخيبة ، ثم تراجع ثانيا إلى التعريف بمنزلته من نبيّ الإسلام ، وشهادته له ولأخيه المجتبى بأنهما سيدا شباب أهل الجنة ، وناهيك بشهادة من لا ينطق عن الهوى ، وكان محبوّا بالوحي الإلهي ، أن تؤخذ ميزانا للتمييز بين الحق والباطل. وفي الثالثة عرّفهم بأنه يؤدي كل ما لهم عنده من مال وحرمات ، وفي الرابعة نشر المصحف الكريم على رأسه ودعاهم إلى حكمه. وحتى إذا لم تجد هذه النصائح القيّمة فيهم ، ووضح لديه إصرارهم على الغي والعناد لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كشف الستار عن الإباء العلوي ، الّذي انحنت عليه أضالعه ، ورفع الحجاب عن الأنفة التي كان أبناء عليعليه‌السلام يتدارسونها ليلا ونهارا ، وتلهج بها أنديتهم. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ألا وإن الدّعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلّة ، وهيهات منا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا وإني زاحف بهذه الأسرة عليقلة العدد وخذلان الناصر».

هذه وصايا الشريعة المطهرة وأحكامها الباعثة على الدعوة إلى الحق والنهضة لسدّ باب الباطل ، وكما ألزمت جهاد المضلين المشركين ، أباحت ترك الجهاد للصبي والمقعد والأعمى والشيخ الكبير والمرأة والبالغ الّذي لم يأذن له أبواه. لكن مشهد (الطف) خرق ناموسها الأكبر وجاز تلك المقررات جريا على المصالح والأسرار التي قصرت عنها أحلام البشر ، وقد تلقّاها (أبيّ الضيم)عليه‌السلام ، من جده المنقذ الأكبر وأبيه الوصيّ المقدّم. فالحسينعليه‌السلام لم يشرّع سنّة أخرى في الجهاد ، وإنما هو درس إلهي أثبته اللوح الأقدس في عالم الإبداع ، محدد الظرف والمكان ، تلقّاه الأمين جبرئيل وأفاضه على حبيب الله وصفيه (محمّد)صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأودعه صاحب الدعوة الإلهية عند ولده سيد الشهداءعليه‌السلام .عليه‌السلام .

فكل ما يشاهد في ذلك المشهد الدامي من الغرائب التي تنحسر عن الوصول إلى كنهها عقول الرجال ، فهو مما آثر المولى سبحانه به وليه وحجته أبا عبد الله الحسينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٧٤

٨٢٨ ـ الحسينعليه‌السلام يلقي الحجة النهائية على عمر بن سعد ، ويخبره بنوع قتلته:(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨)

ثم قالعليه‌السلام : أين عمر بن سعد ، ادعوا لي عمر. فدعي له ، وكان كارها لا يحب أن يأتيه. فقال : يا عمر أنت تقتلني وتزعم أن يوليك الدعيّ ابن الدعي بلاد الري وجرجان. والله لا تتهنّأ بذلك أبدا ، عهد معهود ، فاصنع ما أنت صانع ، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، وكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة ، يتراماه الصبيان ، ويتخذونه غرضا بينهم(١) . فغضب عمر بن سعد من كلامه ، ثم صرف وجهه عنه. ونادى بأصحابه : ما تنظرون به؟ احملوا بأجمعكم ، إنما هي أكلة واحدة.

٨٢٩ ـ النفوس الخيّرة تستيقظ : توبة الحر وتوجّهه إلى الحسينعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣٧ ط ٤)

ولما رأى الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا على قتال الحسينعليه‌السلام (٢) قال لعمر بن سعد : أمقاتل أنت هذا الرجل؟. قال : إي والله قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي!. قال : فما لكم فيما عرضه عليكم رضى؟. قال :أما لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ذلك. فأقبل الحر حتّى وقف عن الناس جانبا ، ومعه رجل من قومه يقال له : قرة بن قيس. فقال له : يا قرة ، هل سقيت فرسك اليوم؟. قال : لا. قال : أما تريد أن تسقيه؟. قال قرة : فظننت والله أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال ، فكره أن أراه حين يصنع ذلك. فقلت له : لم أسقه وأنا منطلق فأسقيه. فاعتزلت ذلك المكان الّذي كان فيه ، فو الله لو أطلعني على الّذي يريد لخرجت معه إلى الحسينعليه‌السلام . فأخذ الحر يدنو من الحسينعليه‌السلام قليلا قليلا ، فقال له المهاجر بن أوس : ما تريد يابن يزيد ، أتريد أن تحمل؟. فلم يجبه ، وأخذه مثل الأفكل [وهي الرعدة]. فقال له المهاجر :

__________________

(١) لواعج الأشجان ص ١٣٢ ومقتل المقرم ص ٢٨٩ ، نقلا عن تظلم الزهراء ومقتل العوالم ص ٨٤.

(٢) ذهب الخوارزمي إلى أن توبة الحر كانت بعد (الحملة الأولى) وهو ما أيّده ابن طاووس في الله وف. أما المقرّم فيعتبر توبته قبل بدء القتال ، وذلك نقلا عن تاريخ الطبري ، وهو ما اعتمده ابن شهراشوب في مناقبه والسيد الأمين في لواعجه.

٦٧٥

إن أمرك لمريب ، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا ، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك. فما هذا الّذي أرى منك؟!. فقال الحر : إني والله أخيّر نفسي بين الجنة والنار ، فو الله إني لا أختار على الجنة شيئا ولو قطّعت وحرقت. ثم ضرب فرسه نحو الحسين(١) منكّسا برأسه حياء من آل الرسول ، بما أتى إليهم وجعجع بهم ، وهو يقول : الله م إليك أنيب فتب عليّ ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيك. وقال للحسينعليه‌السلام : جعلت فداك يابن رسول الله ، أنا صاحبك الّذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان.والله الّذي لا إله إلا هو ، ما ظننت القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم ، ولا يبلغون بك هذه المنزلة. والله لو علمت أنهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الّذي ركبت. وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي ، مواسيا لك بنفسي ، حتّى أموت بين يديك ، فهل لي من توبة؟. قال الحسينعليه‌السلام : نعم ، يتوب الله عليك(٢) ويغفر لك. ما اسمك؟. قال : أنا الحر. قال : أنت الحر كما سمّتك أمك ، أنت الحر في الدنيا والآخرة ، انزل. فقال : أنا لك فارسا خير مني لك راجلا ، أقاتلهم على فرسي ساعة ، وإلى النزول يصير آخر أمري. (وفي رواية) «ثم قال : يابن رسول الله ، كنت أول خارج عليك ، فأذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك(٣) فلعلي أن أكون ممن يصافح جدك محمدا غدا في القيامة».

فقال له الحسينعليه‌السلام : فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.

٨٣٠ ـ الحر بن يزيد يسمع هاتفا يبشّره بالخير :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٢٠ ط نجف)

(روى ابن نما) أن الحر قال للحسينعليه‌السلام : لما وجّهني عبيد الله إليك ، خرجت من القصر ، فنوديت من خلفي : أبشر يا حر بخير. فالتفتّ فلم أر أحدا. فقلت :

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٩٠ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٤.

(٢) مقتل المقرّم ص ٢٩٠ نقلا عن الله وف ص ٥٨ ؛ وأمالي الشيخ الصدوق ص ٩٧ مجلس ٣٠ ؛ وروضة الواعظين ص ١٥٩.

(٣) هذا بناء على أن الحر هو أول من استشهد من جماعة الحسينعليه‌السلام بالمبارزة ، ولم يعتمد المقرم ذلك ، وإنما ذكر مصرعه بعد جملة من الأصحاب. وأما أبو مخنف فقد ذكره آخر من استشهد من الأصحاب ، وهو قول ضعيف.

٦٧٦

والله ما هذه بشارة ، وأنا أسير إلى الحسينعليه‌السلام . وما كنت أحدّث نفسي باتّباعك. فقالعليه‌السلام : لقد أصبت أجرا وخيرا.

٨٣١ ـ توبة الحر بن يزيد الرياحي (على رواية مقتل أبي مخنف):

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٧٤)

وأورد أبو مخنف في المقتل المنسوب إليه توبة الحر بعد بدء القتال ، وبعد أن بدأ الحسينعليه‌السلام يستغيث فلا يغاث.

(قال أبو مخنف) : فوقع كلامهعليه‌السلام في مسامع الحر ، فأقبل على ابن أخيه قرّة وقال : أتنظر إلى الحسين يستغيث فلا يغاث ، ويستجير فلا يجار ، قد قتلت أنصاره وبنوه ، وقد أصبح بين مجادل ومخاذل ، فهل لك أن تسير بنا إليه ، وتقاتل بين يديه ، فإنّ الناس عن هذه الدنيا راحلة ، وكرامات الدنيا زائلة ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة.

فقال له : ما لي بذلك حاجة. فتركه الحر وأقبل على ولده وقال له : يا بنيّ لا صبر لي على النار ولا على غضب الجبار ، ولا أن يكون غدا خصمي أحمد المختار. يا بنيّ أما ترى الحسينعليه‌السلام يستغيث فلا يغاث ويستجير فلا يجار!. يا بنيّ سر بنا إليه نقاتل بين يديه ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة. فقال له ولده :حبا وكرامة.

ثم إنهما حملا من عسكر ابن زياد كأنهما يريدان القتال حتّى هجما على الحسينعليه‌السلام ، فنزل الحر عن ظهر جواده وطأطأ رأسه ، وجعل يقبّل يد الحسين ورجليه ، وهو يبكي بكاء شديدا. فقال له الحسينعليه‌السلام : ارفع رأسك يا شيخ ، فرفع رأسه وقال : يا مولاي أنا الّذي منعتك عن الرجوع. والله يا مولاي ما علمت أن القوم يبلغون منك هذا ، وقد جئتك تائبا مما كان مني ومواسيك بنفسي ، وقليل في حقك يا مولاي أن تكون نفسي لك الفداء. وها أنا ألقى حمامي يا مولاي بين يديك ، فهل من توبة عند ربي؟. فقال لهعليه‌السلام : إن تبت تاب الله عليك ويغفر لك وهو أرحم الراحمين ثم تقدم الحر إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ، فإني أول من خرج إليك وأحب أن أقتل بين يديك.فقال لهعليه‌السلام : ابرز بارك الله فيك.

٦٧٧

٨٣٢ ـ نصيحة الحر بن يزيد لأهل الكوفة بعد توبته :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩١)

ثم استأذن الحر الحسينعليه‌السلام في أن يكلم القوم ، فأذن له. فنادى بأعلى صوته : يا أهل الكوفة ، لأمّكم الهبل والعبر(١) إذ دعوتموه وأخذتم بكظمه(٢) وأحطتم به من كل جانب ، فمنعتموه التوجه إلى بلاد الله العريضة حتّى يأمن وأهل بيته ، وأصبح كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وحلّأتموه(٣) ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري ، الّذي يشربه اليهود والنصارى والمجوس ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه. وهاهم قد صرعهم العطش ، بئسما خلّفتم محمدا في ذريته ، لا سقاكم الله يوم الظمأ.

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢ ط ٢ نجف) :

وإذا لم تنصروه وتفوا له بما حلفتم عليه ، فدعوه يمضي حيث شاء من بلاد الله.أما أنتم مؤمنون؟!. وبنبوّة محمّد جده مصدّقون؟!. وبالمعاد موقنون؟!.

فحملت عليه الرجّالة ترميه بالنبل ، فتقهقر حتّى وقف أمام الحسينعليه‌السلام (٤) .

٨٣٣ ـ الرجوع عن الخطأ فضيلة :

(بقلم المؤلف)

(التربية الطيبة تكفل رجوع الإنسان إلى الحق مهما انحرف)

كثير أولئك الذين تتاح لهم في صغرهم فرض التربية والتهذيب ، والتنشئة الصالحة على المبادئ الأخلاقية الحميدة ، فتنطبع بها نفوسهم ، وتختلط نفحاتها بدمائهم ثم لا يلبثون أن تعترضهم في بداية حياتهم تقلبات من الزمان وتبدلات ، فيزهدون في تلك المبادئ السامية ، ويميلون إلى معاقرة الباطل والاستئناس به ثم هي فترة تمرّ من الزمن ، وإذا بهم قد استيقظوا وجلين مذعورين ، على أصوات ضميرهم ووجدانهم ، تدعوهم إلى النهوض من غفلتهم واليقظة من سكرتهم.فيطيحون بالباطل عن عاتق كواهلهم ، ويكنسون رواسبه من صفحات قلوبهم ،

__________________

(١) الهبل (بالتحريك والفتح) : الثّكل. والعبر : الحزن وجريان الدمعة.

(٢) الكظم (بالتحريك والفتح) : مخرج النّفس ، ويقال أخذ بكظمه : أي كربه وغمّه.

(٣) حّلأتموه : طردتموه ومنعتموه.

(٤) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧ ، وشبيه هذا الكلام في مقتل أبي مخنف ص ٧٨.

٦٧٨

ويعودون بأنفسهم إلى أصولهم وأحسابهم ، حتّى كأنهم لم يسمعوا بالباطل ولا عهد لهم به. لقد عادوا خلقا جديدا غير الّذي كانوه بالأمس ، فكأنهم من بعد غير الذين كانوا من قبل.

وقد يعجب المرء من هذا التحول الانقلابي ، وهذا التبدّل الفجائي ، غير متذكّر أن التربية والتوجيه في الصغر يتركان في صاحبهما جذورا قوية من النبل والأدب والأخلاق. تظل متشعبة في حنايا نفسه ، لا تموت ولا تغيب ، رغم ما تخضع له من عواصف متقلّبة ، وأنواء متغيّرة ، لا تلبث بعد حين أن تنقشع غيومها ، وتنجرف رواسبها ، فتعود النفس مشرقة وضّاءة ، غنية خيّرة معطاءة ، فتنبت بذورها ، وتعلو سوقها ، مورقة مزهرة ، تفيض بالحق ، وتجود بالخير.

وليس لنا من مثال نضربه على هؤلاء الأشخاص أروع من مثال :

«الحر بن يزيد التميمي»

ذلك الرجل الحر ، الّذي أوتي من كرم الأصل وحسن المنبت وطيب السريرة ، ما جعله يؤوب إلى الحق بعد انحرافه ، ويعود إلى التصديق والإخلاص والوفاء ، وقد كان حربا عليها. وينجو من نار جهنم ، وقد كان على شفا حفرة منها. وينال الشهادة والسعادة والفوز ، وقد كان في منأى عنها.

وإن هذا المثل الخالد من تراثنا التليد ، إن كان يدلّ على شيء ، فإنما يدلّ على أن حسن التوجيه والتربية في الصغر ، غالبا ما تؤدي بصاحبها إلى السعادة والنجاة والفوز بالجنة ، وتكون له ذخرا وسندا في كبره ، على الرغم مما يتعرض له من محن وأخطاء ، وفتن وأخطار.

٦٧٩

(انتهى الجزء الأول من الموسوعة)

والحمد لله ربّ العالمين

وبذلك تمّ الفصل العشرون بانتهاء الجزء الأول من موسوعة كربلاء ،

وذلك حين جّهز عمر بن سعد جيوشه لقتال الحسينعليه‌السلام

يوم العاشر من المحرم ، ووضع سهمه في كبد قوسه ،

معلنا بدء القتال والنزال ، بين طغمة الباطل والضلال ،

وبين صفوة الهدى والكمال ، من خير صحب وخير آل.

وهو ما سيجده القارئ في الجزء الثاني من الموسوعة

إن شاء الله

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735