موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 487397 / تحميل: 5757
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

( عن محمّد بن الأشعث) (١) ، عن موسى بن إسماعيل بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن علي( عليهم‌السلام ) قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا قود.

[ ٣٥٣٤١ ] ٩ - وبإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن المفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام - في حديث - قال: قلت له: تجوز شهادة النساء مع الرجال في الدم؟ قال: نعم.

أقول: وتقدَّم ما يدل على ذلك(٢) .

٣ - باب ثبوت القتل بالاقرار به، وحكم ما لو أقر اثنان بقتل واحد على الانفراد، وحكم من أقر ثمَّ رجع

[ ٣٥٣٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل وجد مقتولاً فجاء رجلان إلى وليّه، فقال أحدهما: أنا قتلته عمداً، وقال الآخر: أنا قتلته خطأ؟ فقال: إن هو أخذ [ بقول ](٣) صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأً سبيل، وإن أخذ بقول صاحب

____________________

(١) في المصدر: عن محمّد بن محمّد بن الاشعث الكندي.

٩ - التهذيب ٦: ٢٦٦ / ٧١٢، والاستبصار ٣: ٢٧ / ٨٣، أورده بتمامه في الحديث ٣٢ من الباب ٢٤ من أبواب الشهادات.

(٢) تقدم في الحديث ٢٦ و ٣٣ من الباب ٢٤ من أبواب الشهادات.

الباب ٣

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٢٨٩ / ١.

(٣) اثبتناه من المصدر.

١٤١

الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن حيّ(٣) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٥) ، وتقدَّم حكم من أقرَّ بالقتل ثمَّ رجع في مقدّمات الحدود(٦) .

٤ - باب حكم ما لو أقر انسان بقتل آخر، ثم أقر آخر بذلك وبرأ الأول

[ ٣٥٣٤٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم(٧) ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: أُتي أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) برجل وجد في خربة وبيده سكين ملطخ بالدم، وإذا رجل مذبوح يتشحّط في دمه فقال له أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ما تقول؟ قال: أنا قتلته، قال: اذهبوا به فأقيدوه(٨) به، فلما ذهبوا به(٩) أقبل رجل مسرع - إلى أن قال: - فقال: أنا قتلته، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام )

____________________

(١) في الفقيه: شيء ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ١٠: ١٧٢ / ٦٧٧.

(٣) الفقيه ٤: ٧٨ / ٢٤٤.

(٤) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الحديث ١ من الباب ٦٩ من أبواب القصاص في النفس.

(٥) يأتي في الباب ٤ من هذه الابواب.

(٦) تقدم في الحديث ٤ من الباب ١٢ من أبواب مقدمات الحدود.

الباب ٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٢٨٩ / ٢.

(٧) في المصدر زيادة: عن أبيه.

(٨) في المصدر: فاقتلوه.

(٩) في المصدر زيادة ليقتلوه به.

١٤٢

للأوَّل: ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال: وما كنت أستطيع أن أقول، وقد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين ملطخ بالدم، والرجل يتشحط في دمه، وأنا قائم عليه خفت(١) الضرب فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة، وأخذني البول فدخلت الخربة فرأيت الرجل متشحّطاً في دمه، فقمت متعجباً! فدخل علي هؤلاء فأخذوني، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن، وقولوا له: ما الحكم فيهما، قال: فذهبوا إلى الحسن وقصّوا عليه قصّتهما، فقال الحسن( عليه‌السلام ) : قولوا لامير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إن كان هذا ذبح ذاك فقد أحيا هذا، وقد قال الله عزَّ وجلَّ:( ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً ) (٢) يخلى عنهما، وتخرج دية المذبوح من بيت المال.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم نحوه(٣) .

ورواه أيضاً مرسلاً نحوه(٤) .

ورواه الصدوق بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) نحوه(٥) .

[ ٣٥٣٤٤ ] ٢ - محمّد بن محمّد المفيد في( المقنعة) قال: قضى الحسن بن عليّ( عليهما‌السلام ) في حياة أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في رجل اتهم بالقتل فاعترف به، وجاء الاخر فنفى عنه ما اعترف به من القتل وأضافه إلى نفسه وأقر به، فرجع المقرّ الأوَّل عن إقراره، بأن يبطل القود فيهما والدية، وتكون دية المقتول من بيت مال المسلمين، وقال: إن يكن الذي أقرَّ ثانياً قد قتل نفساً

____________________

(١) في المصدر: وخفت.

(٢) المائدة ٥: ٣٢.

(٣) التهذيب ١٠: ١٧٣ / ٦٧٩.

(٤) التهذيب ٦: ٣١٥ / ٨٧٤.

(٥) الفقيه ٣: ١٤ / ٣٧.

٢ - المقنعة: ١١٥.

١٤٣

فقد أحيا باقراره نفساً، والاشكال واقع فالدية على بيت المال، فبلغ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ذلك، فصوبه وأمضى الحكم فيه.

٥ - باب حكم ما لو شهد شهود على انسان بقتل شخص فجاء آخر وأقر بقتله وبرأ المشهود عليه

[ ٣٥٣٤٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل قتل فحمل إلى الوالي وجاءه قوم فشهد عليه الشهود أنه قتل عمداً، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء المقتول ليقاد به، فلم يريموا(١) حتّى أتاهم رجل فأقرَّ عند الوالي أنه قتل صاحبهم عمدا، وأن هذا الرجل الذي شهد عليه الشهود بريء من قتل صاحبه(٢) فلا تقتلوه به وخذوني بدمه؟ قال: فقال أبوجعفر( عليه‌السلام ) : إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقر على نفسه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الاخر، ثمَّ لا سبيل لورثة الذي أقر على نفسه على ورثة الّذي شهد عليه، وإن أرادوا أن يقتلوا الذي شهد عليه فليقتلوا(٣) ولا سبيل لهم على الذي أقر ثم ليؤد الدية الذي أقرَّ على نفسه إلى أولياء الذي شُهد عليه نصف الدية، قلت: أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعاً؟ قال: ذاك لهم، وعليهم أن يدفعوا إلى أولياء الذي شُهد عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه، ثمَّ يقتلونهما، قلت: إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال: فقال: الدية بينهما نصفان، لأنَّ أحدهما أقرَّ والآخر شُهد

____________________

الباب ٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٢٩٠ / ٣.

(١) لم يريموا: لم يبرحوا. ( الصحاح - ريم - ٥: ١٩٣٩ ).

(٢) في المصدر: صاحبكم فلان.

(٣) في المصدر: فليقتلوه.

١٤٤

عليه، قلت: كيف جعلت لأولياء الّذي شُهد عليه على الّذي أقرَّ(١) نصف الدية حيث(٢) قتل، ولم تجعل لاولياء الذي أقر على أولياء الذي شُهد عليه ولم يقر(٣) ؟ قال: فقال: لان الّذي شُهد عليه ليس مثل الّذي أقرَّ، الّذي شُهد عليه لم يقّر ولم يبرأ صاحبه، والآخر أقرَّ وبرأ صاحبه، فلزم الّذي أقرَّ وبرأ صاحبه ما لم يلزم الّذي شُهد عليه ولم يقر ولم يبرأ صاحبه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب(٤) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على بعض المقصود(٥) .

٦ - باب انه اذا وجد قتيل في زحام ونحوه لا يدرى من قتله فديته من بيت المال

[ ٣٥٣٤٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، وعبدالله بن بكير جميعاً، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قضى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في رجل وجد مقتولا لا يدرى من قتله، قال: إن كان عرف(٦) له أولياء يطلبون ديته اعطوا ديته من بيت مال المسلمين ولا يبطل دم امرئ مسلم لأنَّ ميراثه للإِمام فكذلك تكون ديته على الإِمام، ويصلّون

____________________

(١) في المصدر زيادة: على نفسه.

(٢) في المصدر: حين.

(٣) في المصدر: يقتل.

(٤) التهذيب ١٠: ١٧٢ / ٦٧٨.

(٥) تقدم في الباب ٤ من هذه الابواب.

الباب ٦

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٣٥٤ / ١، التهذيب ١٠: ٢٠٢ / ٧٩٩.

(٦) في المصدر زيادة: وكان.

١٤٥

عليه، ويدفنونه، قال: وقضى في رجل زحمه الناس يوم الجمعة في زحام الناس فمات، أنَّ ديته من بيت مال المسلمين.

[ ٣٥٣٤٧ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: ازدحم الناس يوم الجمعة في امرة عليّ( عليه‌السلام ) بالكوفة فقتلوا رجلاً، فودى ديته إلى أهله من بيت مال المسلمين.

[ ٣٥٣٤٨ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ليس في الهايشات(١) عقل ولا قصاص.

والهايشات: الفزعة تقع بالليل والنهار فيشج الرجل فيها، أو يقع قتيل لا يدرى من قتله وشجه.

[ ٣٥٣٤٩ ] ٤ - قال: وقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث آخر -: رفع(٢) إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فوداه من بيت المال.

[ ٣٥٣٥٠ ] ٥ - وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنَّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: من مات في زحام الناس يوم الجمعة أو يوم عرفة أو على جسر لا

____________________

٢ - الكافي ٧: ٣٥٥ / ٥، التهذيب ١٠: ٢٠٢ / ٧٩٨.

٣ - الكافي ٧: ٣٥٥ / ٦، التهذيب ١٠: ٢٠٣ / ٨٠٢.

(١) الهايشات، في الصحاح: الهيشة: الجماعة من الناس وهاش القوم اذا تحركوا وهاجوا، وفيه أيضاً: الهوشة: الفتنة والهيج والاضطراب، والهواشات: الجماعات من الناس اذا اختلط بعضها ببعض ( هيش ) و ( هوش ) ٣: ١٠٢٨.

٤ - الكافي ٧: ٣٥٥ / ذيل ٦.

(٢) في المصدر: يرفعه.

٥ - الكافي ٧: ٣٥٥ / ٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٣ من أبواب موجبات الضمان.

١٤٦

يعلمون من قتله، فديته من بيت المال.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد(١) ، والّذي قبله بإسناده عن علي بن إبراهيم إلى قوله: وشجه، والّذي قبلهما كذلك، والأول بإسناده عن ابن محبوب مثله.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي( عليهم‌السلام ) مثله(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن السكوني، وزاد: أو عيد، أو على بئر(٣) .

أقول: وتقدَّم ما يدل على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٥) .

٧ - باب أن ما أخطأت به القضاة في دم أو قطع فديته من بيت المال

[ ٣٥٣٥١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قضى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أن ما أخطأت به القضاة في دم أو قطع فعلى بيت مال المسلمين.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن ابراهيم(٦) .

____________________

(١) التهذيب ١٠: ٢٠١ / ٧٩٦.

(٢) التهذيب ١٠: ٢٠٢ / ٧٩٧.

(٣) الفقيه ٤: ١٢٢ / ٤٢٧.

(٤) لعل المقصود فيما تقدم في الباب ٤ من هذه الابواب.

(٥) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٨، وفي الحديث ٦ من الباب ٩ وفي الحديث ٥ من الباب ١٠ من هذه الابواب، وفي الباب ٢٣ من أبواب موجبات الضمان.

الباب ٧

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٣٥٤ / ٣.

(٦) التهذيب ١٠: ٢٠٣ / ٨٠١.

١٤٧

أقول: وتقدَّم مايدلُّ على ذلك(١) .

٨ - باب حكم القتيل يوجد في قبيلة، أو على باب دار، أو في قرية، أو قريباً منها، أو بين قريتين، أو بالفلاة

[ ٣٥٣٥٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنه قال في رجل كان جالساً مع قوم فمات وهو معهم، أو رجل وجد في قبيلة( و) (٢) على باب دار قوم فادُّعي عليهم، قال: ليس عليهم شيء، ولا يبطل دمه.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان مثله(٣) ، ثمَّ قال الشيخ: وعنه، عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه، قال: لا يبطل دمه ولكن يعقل(٤) .

ورواه أيضاً بإسناده عن حمّاد، عن المغيرة، عن ابن سنان مثله(٥) .

[ ٣٥٣٥٣ ] ٢ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر( عليه‌السلام ) يقول: لو أنَّ رجلاً قتل في قرية، أو قريباً من قرية ولم توجد

____________________

(١) تقدم في الباب ١٠ من أبواب آداب القاضي.

الباب ٨

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٣٥٥ / ٢.

(٢) في المصدر: أو.

(٣) التهذيب ١٠: ٢٠٥ / ٨٠٨.

(٤) التهذيب ١٠: ٢٠٥ / ٨٠٩.

(٥) التهذيب ١٠: ٢٠٥ / ٨١٠.

٢ - الكافي ٧: ٣٥٥ / ١.

١٤٨

بيّنة على أهل تلك القرية أنّه قتل عندهم، فليس عليهم شيء.

[ ٣٥٣٥٤ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن وجد قتيل بأرض فلاة، أُدّيت ديته من بيت المال، فانَّ أمير المؤمنمين( عليه‌السلام ) كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم.

[ ٣٥٣٥٥ ] ٤ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يوجد قتيلاً في القرية، أو بين قريتين، قال: يقاس ما بينهما فأيّهما كانت أقرب ضمنت.

ورواه الصدوق بإسناده عن سماعة مثله(١) .

وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم(٣) .

وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن خالد(٤) ، والّذي قبله بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله.

[ ٣٥٣٥٦ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر( عليه‌السلام ) يقول: قضى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في

____________________

٣ - الكافي ٧: ٣٥٥ / ٣، والتهذيب ١٠: ٢٠٤ / ٨٠٤.

٤ - الكافي ٧: ٣٥٦ / ١.

(١) الفقيه ٤: ٧٤ / ٢٢٤.

(٢) الكافي ٧: ٣٥٦ / ذيل ١.

(٣) التهذيب ١٠: ٢٠٥ / ٨٠٦، والاستبصار ٤: ٢٧٧ / ١٠٥١.

(٤) التهذيب ١٠: ٢٠٤ / ٨٠٥، والاستبصار ٤: ٢٧٧ / ١٠٥٠.

٥ - التهذيب ١٠: ٢٠٥ / ٨٠٧، والاستبصار ٤: ٢٧٨ / ١٠٥٢.

١٤٩

رجل قتل في قرية، أو قريباً من قرية أن يغرم أهل تلك القرية إن لم توجد بيّنة على أهل تلك القرية أنّهم ما قتلوه.

أقول: لعله محمول على وجود اللوث(١) وتحقّق القسامة.

[ ٣٥٣٥٧ ] ٦ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن العبّاس بن معروف، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد أبي الخزرج، عن فضيل بن عثمان الأعور(٢) ، عن أبي عبدالله، عن أبيه( عليهما‌السلام ) في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة، ووسطه وصدره في قبيلة، والباقي في قبيلة، قال: ديته على من وجد في قبيلته صدره وبدنه، والصلاة عليه.

محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن سنان مثله(٣) .

[ ٣٥٣٥٨ ] ٧ - وبإسناده عن محمّد بن سهل(٤) ، عن بعض أشياخه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنَّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) سئل عن رجل كان جالساً مع قوم ثقات(٥) ونفر(٦) معهم، أو رجل وجد في قبيلة، أو على دار قوم فأُدعي عليهم، قال: ليس عليهم قود، ولا يبطل دمه، عليهم الدية.

[ ٣٥٣٥٩ ] ٨ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن السندي بن محمّد،

____________________

(١) اللوث: أمارة يظن بها صدق المدعي فيما أدعاه من القتل، كوجود ذي سلاح ملطخ بالدم عند قتيل في دار. « مجمع البحرين ( لوث ) ٢: ٢٦٣ ».

٦ - التهذيب ١٠: ٢١٣ / ٨٤٢.

(٢) في المصدر: فضل بن عثمان الاعور.

(٣) الفقيه ٤: ١٢٣ / ٤٢٨.

٧ - الفقيه ٤: ٧٢ / ٢٢١.

(٤) في المصدر زيادة: عن أبيه.

(٥) في نسخة: فمات « هامش المخطوط ».

(٦) في النسخة الخطية: ونفر.

٨ - قرب الإسناد: ٧٠.

١٥٠

عن أبي البختري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أنه أُتي عليُّ( عليه‌السلام ) بقتيل وجد بالكوفة مقطعاً، فقال: صلّوا عليه ما قدرتم عليه منه، ثمَّ استحلفهم قسامة بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً، وضمنهم الدية.

قال الشيخ: لا تنافي بين الأخبار، لأنَّ الدية إنّما تلزم أهل القرية والقبيلة الّذين وجد القتيل فيهم إذا كانوا متّهمين بقتله وامتنعوا من القسامة، فأمّا إذا لم يكونوا متّهمين بقتله أو أجابوا إلى القسامة فلا دية عليهم، وتؤدى دية القتيل من بيت المال(١) ، واستدلَّ بما تقدَّم(٢) وبما يأتي(٣) .

٩ - باب ثبوت القسامة في القتل مع التهمة واللوث اذا لم يكن للمدعي بينة فيقيم خمسين قسامة أنَّ المدعى عليه قتله، فتثبت القصاص في العمد والدية في الخطأ، الا أن يقيم المدعى عليه خمسين قسامة فيسقط وتؤدى الدية من بيت المال

[ ٣٥٣٦٠ ] ١ محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنما جعلت القسامة احتياطاً للناس لكيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلاً، أو يغتال رجلاً حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل.

[ ٣٥٣٦١ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن القسامة كيف كانت؟ فقال: هي حقٌّ وهي مكتوبة عندنا، ولولا

____________________

(١) راجع التهذيب ١٠: ٢٠٥ / ذيل ٨١٠.

(٢) تقدم في الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديثين ٥ و ٦ من الباب الآتي من هذه الأبواب.

الباب ٩

فيه ٩ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٧٤ / ٢٢٥.

٢ - الكافي ٧: ٣٦٠ / ١.

١٥١

ذلك لقتل الناس بعضهم بعضاً ثمَّ لم يكن شيء، وإنّما القسامة نجاة للناس.

[ ٣٥٣٦٢ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير(١) ، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلها البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، إلا في الدم خاصة، فان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بينما هو بخيبر إذ فقدت الانصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الانصار: إنَّ فلاناً اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده(٢) برمته، فان لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيد برمته فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) (٣) ، وقال: إنمّا حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوِّه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله، وإلا حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلا، وإلّا اغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٤) .

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن بريد مثله (٥) .

____________________

٣ - الكافي ٧: ٣٦١ / ٤.

(١) في المصدر زيادة: عن عمر بن اذينة.

(٢) في علل الشرائع: أقده « هامش المخطوط » وفي الكافي: أقيدوه.

(٣) في المصدر زيادة: من عنده.

(٤) التهذيب ١٠: ١٦٦ / ٦٦١.

(٥) علل الشرائع: ٥٤١ / ١، وفيه: عن بريدة.

١٥٢

[ ٣٥٣٦٣ ] ٤ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن بكير، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنَّ الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم أنَّ البيّنة على المدّعي واليمين على المدعى عليه، وحكم في دمائكم أنَّ البيّنة على المدعى(١) عليه واليمين على منَّادعى، لئلا يبطل دم امرئ مسلم.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير مثله(٢) .

[ ٣٥٣٦٤ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد، والعباس، والهيثم جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن الفضيل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا وجد رجل مقتول في قبيلة قوم، حلفوا جميعاً ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلاً، فان أبوا أن يحلفوا، اغرموا الدية فيما بينهم في أموالهم سواء سواء بين جميع القبيلة من الرجال المدركين.

[ ٣٥٣٦٥ ] ٦ - وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان أبي رضي ‌الله‌ عنه إذا لم يقم(٣) القوم المدعون البينة على قتل قتيلهم ولم يقسموا بأن المتهمين قتلوه، حلّف المتهمين بالقتل خمسين يمينا بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً، ثمَّ يؤدي الدية إلى أولياء القتيل، ذلك إذا قتل في حي واحد، فأما إذا قتل في عسكر، أو سوق مدينة، فديته تدفع إلى أوليائه من بيت المال.

____________________

٤ - الكافي ٧: ٣٦١ / ٦، وأورده في الحديث من الباب ٣ من أبواب كيفية الحكم.

(١) في المصدر: من أدُّعيَ.

(٢) الفقيه ٤: ٧٢ / ٢١٩.

٥ - التهذيب ١٠: ٢٠٦ / ٨١١، والاستبصار ٤: ٢٧٨ / ١٠٥٣.

٦ - التهذيب ١٠: ٢٠٦ / ٨١٢، والاستبصار ٤: ٢٧٨ / ١٠٥٤.

(٣) في المصدر: يقسم.

١٥٣

[ ٣٥٣٦٦ ] ٧ - وبإسناده عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنما جعلت القسامة ليغلظ بها في الرجل المعروف بالشر(١) المتهم، فان شهدوا عليه جازت شهادتهم.

محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن موسى بن بكر مثله(٢) .

[ ٣٥٣٦٧ ] ٨ - وفي( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: هي حق ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضاً ولم يكن شيء، وإنمّا القسامة حوط يحاط(٣) به الناس.

[ ٣٥٣٦٨ ] ٩ - وعن محمّد بن عليّ ماجيلويه. عن محمّد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن سنان قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنمّا وضعت القسامة لعلة الحوط يحتاط على الناس لكي إذا رأى الفاجر عدوَّه فرَّ منه مخافة القصاص.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن يونس، عن ابن سنان (٤) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في القضاء(٥) ويأتي ما يدلُّ عليه(٦) .

____________________

٧ - التهذيب ١٠: ٣١٥ / ١١٧٦.

(١) في المصدر: بالستر.

(٢) الفقيه ٤: ٧٣ / ٢٢٢.

٨ - علل الشرائع: ٥٤٢ / ٣.

(٣) في المصدر يحتاط.

٩ - علل الشرائع: ٥٤٢ / ٤.

(٤) المحاسن: ٣١٩ / ٤٧.

(٥) تقدم في الحديث ٦ من الباب ٣ من أبواب كيفية الحكم.

(٦) يأتي في الباب الاتي من هذه الابواب.

١٥٤

١٠ - باب كيفية القسامة وجملة من أحكامها

[ ٣٥٣٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن القسامة، هل جرت فيها سنّة؟ فقال: نعم خرج رجلان من الانصار يصيبان من الثمار فتفرقا فوجد أحدهما ميتاً، فقال أصحابه لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنمّا قتل صاحبنا اليهود، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : يحلف اليهود، قالوا: يا رسول الله كيف يحلف اليهود على أخينا [ وهم ](١) قوم كفار؟ قال: فاحلفوا أنتم، قالوا: كيف نحلف على ما لم نعلم ولم نشهد؟ فوداه النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) من عنده.

قال: قلت: كيف كانت القسامة؟ قال: فقال: أما أنها حق، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضاً، وإنمّا القسامة حوط يحاط به الناس.

[ ٣٥٣٧٠ ] ٢ - وبالإسناد عن يونس، عن عبدالله بن مسكان، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن القسامة هل جرت فيها سنة؟ فذكر مثل حديث ابن سنان، وقال في حديثه: هي حق وهي مكتوبة عندنا.

[ ٣٥٣٧١ ] ٣ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن القسامة، فقال: هي حق، إنَّ رجلاً من الانصار وجد قتيلا في قليب(١٢) من قلب

____________________

الباب ١٠

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٣٦٠ / ٢، والتهذيب ١٠: ١٦٨ / ٦٦٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - الكافي ٧: ٣٦١ / ٣، ولم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

٣ - الكافي ٧: ٣٦١ / ٥.

(٢) القليب: البئر « الصحاح - قلب - ١: ٢٠٦ ».

١٥٥

اليهود، فأتوا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقالوا: يا رسول الله إنا وجدنا رجلاً منا قتيلاً في قليب من قلب اليهود، فقال: ايتوني بشاهدين من غيركم، قالوا: يا رسول الله ما لنا شاهدان من غيرنا، فقال لهم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : فليقسم خمسون رجلاً منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قال: يا رسول الله كيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم، فوداه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، قال: زرارة: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إنمّا جعلت القسامة احتياطاً لدماء الناس كيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلاً أو يغتال رجلاً حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل.

ورواه الشيخ بإسناده عن ابن اذينة(١) ، والّذي قبله بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن وكذا الأوَّل.

[ ٣٥٣٧٢ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : سألني ابن شبرمة، ما تقول في القسامة في الدم؟ فأجبته بما صنع النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، فقال: أرأيت لو(٢) لم يصنع هكذا، كيف كان القول فيه؟ قال: فقلت له: أما ما صنع النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقد أخبرتك به وأما ما لم يصنع فلا علم لي به.

[ ٣٥٣٧٣ ] ٥ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال ؛ سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن القسامة أين كان بدوها؟ فقال: كان من قبل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لما كان

____________________

(١) التهذيب ١٠: ١٦٦ / ٦٦٢.

٤ - الكافي ٧: ٣٦٢ / ٧، والتهذيب ١٠: ١٦٨ / ٦٦٤.

(٢) في المصدر زيادة: أنّ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ).

٥ - الكافي ٧: ٣٦٢ / ٨.

١٥٦

بعد فتح خيبر تخلف رجل من الانصار عن أصحابه فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحطاً في دمه قتيلاً، فجاءت الانصار إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقالوا: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلاً على أنهم قتلوه، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول الله من يصدِّق اليهود؟ فقال: أنا إذن أدي صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم فيها؟ فقال: إنّ الله عزَّ وجلَّ حكم في الدماء ما لم يحكم في شيء من حقوق الناس لتعظيمه الدماء، لو أنَّ رجلاً ادعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقل من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدعي وكان اليمين على المدعى عليه، فاذا ادعى الرجل على القوم أنهم قتلوا كانت اليمين لمدَّعي الدم قبل المدعي عليهم، فعلى المدعي أن يجيء بخمسين يحلفون إنَّ فلاناً قتل فلاناً، فيدفع اليهم الّذي حلف عليه، فان شاؤوا عفوا، وإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا قبلوا الدية، وإن لم يقسموا فانَّ على الذين ادعي عليهم أن يحلف منه خمسون ما قتلنا ولا علمنا له قاتلاً، فان فعلوا أدى أهل القرية الذين وجد فيهم، وإن كان بأرض فلاة اديت ديته من بيت المال، فإنَّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم.

ورواه الصدوق بإسناده عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة مثله(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ٣٥٣٧٤ ] ٦ - وبإسناده عن محمّد بن عليِّ بن محبوب، عن أحمد بن عبدوس، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن مفضل بن صالح، عن ليث المرادي، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن القسامة على من هي؟ أعلى أهل

____________________

(١) الفقيه ٤: ٧٣ / ٢٢٣.

(٢) التهذيب ١٠: ١٦٧ / ٦٦٣.

٦ - التهذيب ١٠: ١٦٨ / ٦٦٦.

١٥٧

القاتل؟ أو على أهل المقتول؟ قال: على أهل المقتول، يحلفون بالله الّذي لا إله إلا هو لقتل فلان فلاناً.

[ ٣٥٣٧٥ ] ٧ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن منصور بن يونس، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : سألني عيسى(١) ، وابن شبرمة معه عن القتيل يوجد في أرض القوم(٢) ، فقلت: وجد الانصار رجلاً في ساقية من سواقي خيبر، فقالت الانصار: اليهود قتلوا صاحبنا، فقال لهم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لكم بينة؟ فقالوا: لا، فقال: أفتقسمون؟ فقالت الانصار: كيف نقسم على ما لم نره؟ فقال: فاليهود يقسمون، فقالت الانصار: يقسمون على صاحبنا؟! قال: فوداه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) من عنده، فقال ابن شبرمة: أرأيت لو لم يؤده النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ؟ قال: قلت: لا نقول(٣) لما قد صنع رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لو لم يصنعه، قال: فقلت(٤) : فعلى من القسامة؟ قال: على أهل القتيل.

أقول: وتقدِّم ما يدلُّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٦) .

١١ - باب عدد القسامة في العمد والخطأ والنفس والجراح

[ ٣٥٣٧٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى،

____________________

٧ - الفقيه ٤: ٧٢ / ٢٢٠.

(١) في المصدر زيادة: بن موسى.

(٢) في المصدر زيادة: وحدهم.

(٣) في المصدر: لا تقول.

(٤) في المصدر زيادة: له.

(٥) تقدم في الباب ٩ من هذه الابواب.

(٦) يأتي في الباب الاتي من هذه الابواب.

الباب ١١

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٣٦٣ / ١٠، والتهذيب ١٠: ١٦٨ / ٦٦٧.

١٥٨

عن يونس، عن عبدالله بن سنان، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : في القسامة خمسون رجلاً في العمد، وفي الخطأ خمسة وعشرون رجلاً، وعليهم أن يحلفوا بالله.

[ ٣٥٣٧٧ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن فضّال، وعن محمّد بن عيسى، عن يونس جميعاً، عن الرضا( عليه‌السلام ) وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن ابن ظريف بن ناصح، عن أبيه ظريف بن ناصح، عن عبدالله بن أيوب، عن أبي عمر المتطبب(١) ، قال: عرضت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ما أفتى به أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في الديات فمما أفتى به في الجسد وجعله ست فرائض: النفس، والبصر، والسمع، والكلام ونقص الصوت من الغنن(٢) ، والبحح(٣) ، والشلل من اليدين والرجلين، ثم جعل مع كل شيء من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية، والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلاً، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر، وما كان دون ذلك فحسابه(٤) من ستّة نفر والقسامة في النفس، والسمع، والبصر، والعقل، والصوت من الغنن، والبحح، ونقص اليدين والرجلين فهو ستة أجزاء الرجل، تفسير ذلك: إذا اصيب الرجل من هذه الاجزاء الستة وقيس ذلك فان كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك حلف هو وحده، وإن كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه رجلان، وإن كان ثلثي بصره حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر، وإن كان أربعة(٥) أخماس بصره حلف هو وحلف معه

____________________

٢ - الكافي ٧: ٣٦٢ / ٩.

(١) في المصدر: أبي عمرو المتطبب.

(٢) الغنن: الصوت من قبل الخيشوم. « الصحاح ( غنن ) ٦: ٢١٧٤ ».

(٣) البحح: غلظ في الصوت وخشونة. «لسان العرب ( بحح ) ٢: ٤٠٦ ».

(٤) في المصدر: فبحسابه.

(٥) في التهذيب: خمسة اسداس « هامش المخطوط ».

١٥٩

أربعة(١) ، وإن كان بصره كله حلف هو وحلف معه خمسة نفر، وكذلك القسامة( في الجروح كّلها) (٢) ، فان لم يكن للمصاب من يحلف معه ضوعفت عليه الايمان، فان كان سدس بصره حلف مرة واحدة، وإن كان الثلث حلف مرتين، وإن كان النصف حلف ثلاث مرات، وإن كان الثلثين حلف أربع مرات، وإن كان خمسة أسداس حلف خمس مرات، وإن كان كله حلف ست مرات، ثمَّ يعطى.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم نحوه(٣) وكذا الّذي قبله.

ورواه الشيخ والصدوق كما يأتي من أسانيدهما إلى كتاب ظريف(٤) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على بعض المقصود(٥) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٦) .

١٢ - باب الحبس في تهمة القتل ستة أيام

[ ٣٥٣٧٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بأسانيده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنَّ النبيِّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) كان يحبس في تهمة الدم ستّة أيّام، فان جاء أولياء المقتول بثَبَت(٧) ، وإلا خلّى سبيله.

____________________

(١) في المصدر زيادة: نفر.

(٢) في المصدر: كلها في الجروح.

(٣) التهذيب ١٠: ١٦٩ / ٦٦٨.

(٤) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٢ من أبواب ديات الاعضاء.

(٥) تقدم في الحديثين ٣ و ٦ من الباب ٩، وفي الحديثين ٣ و ٥ من الباب ١٠ من هذه الابواب.

(٦) يأتي في البابين ٣ و ١٨ من أبواب ديات الاعضاء.

الباب ١٢

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ١٠: ١٧٤ / ٦٨٣.

(٧) الثبت: بفتحتين: الحجة « الصحاح ( ثبت ) ١: ٢٤٥ ». وقد ورد في التهذيب المورد الثاني: ببينة ثبتت، وفي الكافي: ببينة.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

٨١٩ ـ خبر ابن حوزة :(مناقب آل أبي طالب ، ج ٣ ص ٢١٤ ط نجف)

عن ابن بطّة في (الإبانة) وابن جرير في تاريخه : أن ابن حوزة نادى الحسينعليه‌السلام ، فقال : يا حسين أبشر ، فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة.قال : ويحك أنا!. قال : نعم. قال : ولي رب رحيم ، وشفاعة نبي مطاع. الله م إن كان عبدك كاذبا فجرّه (أو : فحزه) إلى النار. قال : فما هو إلا أن ثنى عنان فرسه ، فوثب فرمى به ، وبقيت رجله في الركاب ، ونفر الفرس فجعل يضرب برأسه كل حجر وشجر ، حتّى مات.

(وفي رواية) : الله م جرّه إلى النار ، وأذقه حرّها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة. فسقط عن فرسه في الخندق ، وكان فيه نار. فسجد الحسينعليه‌السلام .

(وفي كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٨٩) :

فقالعليه‌السلام : الله م حزه إلى النار. فغضب ابن حوزة من دعاء الحسينعليه‌السلام وكان بينه وبين الحسين نهر ، فعلقت قدمه بالركاب ، وجالت به الفرس فسقط عنها ، فانقطعت فخذه وساقه وقدمه ، وبقي جنبه الآخر متعلقا بالركاب ، يضرب به كل حجر وشجر ، حتّى مات.

٨٢٠ ـ اهتداء مسروق بن وائل الحضرمي :(المصدر السابق)

وكان مسروق بن وائل الحضرمي قد خرج معهم ، وقال : لعلّي أصيب رأس الحسينعليه‌السلام ، فأصيب به منزلة عند ابن زياد!. فلما رأى ما صنع الله بابن حوزة بدعاء الحسينعليه‌السلام رجع ، وقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا ، لا أقاتلهم أبدا.

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني في (الوثائق الرسمية) ص ١٦٤ :

وانتهت هذه الواقعة بشقاوة ابن حوزة ، وكرامة للحسينعليه‌السلام ، وهداية لابن وائل ، فهي شقاوة وكرامة وهداية.

٨٢١ ـ تميم بن الحصين الفزاري يتوعد الحسينعليه‌السلام بعدم ذوق الماء :

(أمالي الشيخ الصدوق ، ص ١٣٤ ط بيروت)

ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له : تميم بن الحصين الفزاري ، فنادى : يا حسين ويا أصحاب الحسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات! والله لا ذقتم منه قطرة حتّى تذوقوا الموت جزعا. فقال الحسينعليه‌السلام :

٦٦١

من الرجل؟. فقيل : تميم بن حصين. فقال الحسينعليه‌السلام : هذا وأبوه في النار.الله م اقتل هذا عطشا في هذا اليوم. فخنقه العطش ، حتّى سقط عن فرسه ، فوطئته الخيل بسنابكها فمات.

٨٢٢ ـ محمّد بن الأشعث ينفي قرابة الحسينعليه‌السلام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاء مولانا الحسين عليه ، فمات بادي العورة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٩)

ثم رفع الحسينعليه‌السلام صوته وقال : الله م إنا أهل بيت نبيك وذريته وقرابته ، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا ، إنك سميع قريب. فسمعها محمّد بن الأشعث ، فقال : يا حسين وأي قرابة بينك وبين محمّد؟ فقال الحسين : الله م إن محمّد بن الأشعث يقول إنه ليس بيني وبين رسولك قرابة ، الله م فأرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا فما كان بأسرع من أن تنحّى محمّد بن الأشعث وخرج من المعسكر ، فنزل عن فرسه وإذا بعقرب سوداء خرجت من بعض الحجرة فضربته ضربة تركته متلوثا في ثيابه مما به.

(وفي لواعج الأشجان ، ص ١٥١) أن محمّدا بن الأشعث قال : يا حسين أي حرمة لك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليست لغيرك؟. فتلا الحسينعليه‌السلام :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ) [آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤]. ثم قال : وإن محمدا لمن آل إبراهيم.

ثم رفع الحسينعليه‌السلام رأسه إلى السماء فقال : الله م أر محمدا بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزّه بعده أبدا. فعرض له عارض ، فخرج من المعسكر يتبرّز ، فسلّط الله عليه عقربا فلدغته ، فمات بادي العورة.

(وفي رواية ابن شهراشوب في المناقب ، ج ٣ ص ٢١٥ ط نجف) :

فبرز ابن الأشعث للحاجة ، فلسعته عقرب على ذكره ، فسقط وهو يستغيث ، ويتقلّب على حدثه.

٦٦٢

ترجمة محمّد بن الأشعث

(أسرة الغدر)

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٨٧)

والده الأشعث بن قيس الكندي.

روى ابن عبد البرّ في (الاستيعاب) وابن حجر العسقلاني في (الإصابة) قال : إن الأشعث بن قيس أسلم في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم ارتدّ بعده. فأسره أبو بكر ، فرجع إلى الإسلام ، وزوّجه أبو بكر أخته أم فروة ، فولدت منه محمّد بن الأشعث الّذي قاتل الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء.

وقد كان الأشعث في صفوف الإمام عليعليه‌السلام يدّعي نصرته وينافق لمعاوية. وكان له دور في صفين في تأليب الناس ضدّ الإمامعليه‌السلام لقبوله التحكيم ، ليخلق الفتنة بين المسلمين.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «إن الأشعث كان من مشاوري عبد الرحمن بن ملجم المرادي في قتل الإمام عليعليه‌السلام ، وسمّت بنته جعدة الإمام الحسنعليه‌السلام ، وقاتل ابنه الخبيث محمّد بن الأشعث الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف». فيا لها من عائلة مجرمة.

خطبة الحسين الأولى يوم عاشوراء

٨٢٣ ـ نسبه ومكانته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٧٨)

ثم دعا الحسينعليه‌السلام براحلته فركبها ، ونادى بصوت عال يسمعه جلّهم :

أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حقّ لكم عليّ ، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم. فإن قبلتم عذري وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النّصف من أنفسكم ، كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم عليّ سبيل ، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النّصف من أنفسكم( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ) (٧١) [يونس : ٧١].( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (١٩٦) [الأعراف : ١٩٦].

٦٦٣

ثم حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الملائكة والأنبياء ، وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ، ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه(١) ثم قال :

الحمد لله الّذي خلق الدنيا ، فجعلها دار فناء وزوال ، متصرّفة بأهلها حالا بعد حال. فالمغرور من غرّته ، والشقيّ من فتنته. فلا تغرّنكم هذه الدنيا ، فإنها تقطع رجاء من ركن إليها ، وتخيّب طمع من طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، وجنّبكم رحمته ، فنعم الربّ ربّنا ، وبئس العبيد أنتم. أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم!. لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم. فتّبا لكم ولما تريدون. إنا لله وإنا إليه راجعون.هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين(٢) .

فقال ابن سعد : ويلكم كلّموه ، فإنه ابن أبيه. والله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما انقطع ولما حصر.

فتقدم شمر فقال : يا حسين ما هذا الّذي تقول؟. أفهمنا حتّى نفهم.

(وفي سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٣ ص ٣٠١) :

«فقالعليه‌السلام : لا تعجلوا ، والله ما أتيتكم حتّى أتتني كتب أماثلكم ، بأنّ السّنّة قد أميتت ، والنفاق قد نجم ، والحدود قد عطّلت ، فاقدم لعل الله يصلح بك الأمة ، فأتيت. فإذ كرهتم ذلك ، فأنا أرجع».

ثم قالعليه‌السلام : أيها الناس ، انسبوني من أنا ، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، وانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟. ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيّه وابن عمه ، وابن أول المؤمنين بالله والمصدّق لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبما جاء به من عند ربه؟.أوليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي؟. أو ليس جعفر الطيار عمي؟. أو لم

__________________

(١) أورد المقرم في مقتله هذه الفقرة نقلا عن الطبري ج ٦ ص ٢٤٢ ، ولم يوردها الخوارزمي في مقتله.

(٢) أورد المقرم هذه الفقرة نقلا عن مقتل محمّد بن أبي طالب ، وأوردها الخوارزمي ج ١ ص ٢٥٢ ليلة العاشر وليس يوم عاشوراء. كما أوردها ابن شهراشوب في مناقبه ج ٣ ص ٢٤٩ ط نجف.

٦٦٤

يبلغكم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي ولأخي : هذان سيّدا شباب أهل الجنة؟.(وفي رواية أبي مخنف : وقوله إني مخلّف فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي؟).فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحق ، فوالله ما تعمّدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ، ويضرّ به من اختلقه. وإن كذّبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبا سعيد الخدري ، وسهيل بن سعد الساعدي ، والبراء بن عازب(١) ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي ولأخي. أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي(٢) ؟.

ـ مقاطعة الشمر لخطبة الحسينعليه‌السلام :

فقال الشمر : هو يعبد الله على حرف(٣) إن كان يدري ما تقول!. فقال له حبيب:والله إني أراك تعبد الله على سبعين حرفا(٤) ، وأنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك.

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٣) :

«فناداه شمر : الساعة ترد الهاوية. فقال الحسينعليه‌السلام : الله أكبر. أخبرني جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «رأيت كأن كلبا ولغ في دماء أهل بيتي». وما إخالك إلا إياه.

فقال شمر : أنا أعبد الله على حرف [أي على شبهة] إن كنت أدري ما تقول».

(وفي مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٣) :

«فقال الشمر للحسينعليه‌السلام : يا حسين بن علي ، أنا أعبد الله على حرف إن كنت

__________________

(١) البراء بن عازب مذكور في مقتل ابن نما خاصة ، وتجد ترجمته فيما يأتي.

(٢) أورد أبو مخنف هذه الفقرة في مقتله ص ٥٤ قبل يوم عاشوراء. وكذلك الخوارزمي في مقتله ج ١ ص ٢٥٣ بتحريف بسيط.

(٣) قال تعالى في سورة الحج الآية ١١ :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ، فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ، وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ، خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ، ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) . وتفسيرها : أنّ من الناس من يعبد الله على ضعف ، كضعف القائم على حرف أي على طرف جبل. وقيل على حرف : أي على شك. وقيل من يعبد الله بلسانه دون قلبه ، فإن أصابه خير اطمأن به ، وإن أصابه بلاء واختبار انقلب على وجهه.

(٤) يعبد الله على سبعين حرفا : أي هائم في طرق الضلال والشبهات ، يعبد الله على سبعين شبهة.

٦٦٥

أدري ما تقول. فسكت الحسينعليه‌السلام . فقال حبيب بن مظاهر للشمر : يا عدو الله وعدو رسوله ، إني لأظنك تعبد الله على سبعين حرفا ، وأنا أشهد أنك لا تدري ما يقول ، فإن الله تبارك وتعالى قد طبع على قلبك.

فقال له الحسينعليه‌السلام : حسبك يا أخا بني أسد ، فقد قضي القضاء وجفّ القلم والله بالغ أمره. والله إني لأشوق إلى جدي وأبي وأمي وأخي وأسلافي ، من يعقوب إلى يوسف وأخيه ، ولي مصرع أنا لاقيه».

ثم قال الحسينعليه‌السلام : فإن كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكّون أني ابن بنت نبيكم؟. فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري ، فيكم ولا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل فيكم قتلته ، أو بمال استهلكته ، أو بقصاص من جراحة؟. فأخذوا لا يكلمونه.

ثم نادى : يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ أن اقدم ، فقد أينعت الثمار واخضرّ الجناب ، وإنما تقدم على جند لك مجنّدة؟!. فقالوا : لم نفعل. قالعليه‌السلام : سبحان الله ، بلى والله لقد فعلتم.

(وفي رواية تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢ ط ٢ نجف) :

«أنه نادى : يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا زيد بن الحرث ، ويا فلان ويا فلان ، ألم تكتبوا إليّ؟. فقالوا : ما ندري ما تقول!.

وكان الحر بن يزيد اليربوعي من ساداتهم ، فقال له : بلى والله لقد كاتبناك ، ونحن الذين أقدمناك ، فأبعد الله الباطل وأهله».

ثم قالعليه‌السلام : أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمك ، فإنهم لن يروك إلا ما تحب ، ولن يصل إليك منهم مكروه. فقال له الحسينعليه‌السلام : أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد(١) .(وفي رواية :ولا أقرّ إقرار العبيد).

__________________

(١) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢٦.

٦٦٦

ثم نادى : يا عباد الله( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) (٢٠) [الدخان : ٢٠]. أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب(١) .

ترجمة البراء بن عازب

هو البراء بن عازب بن الحرث بن عدي الأنصاري الأوسي ، يكنى أبا عامر. صحابي ابن صحابي. استصغر يوم بدر ، وشهد أحدا. وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام . قال أبو عمرو بن عبد البر في (الاستيعاب) :شهد مع عليعليه‌السلام الجمل وصفين والنهروان ، ثم نزل الكوفة ومات بها أيام مصعب بن الزبير سنة ٧٢ ه‍.

وقال العلامة الحلي : البراء بن عازب مشكور بعد إذ أصابته دعوة أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتمان حديث غدير خم ، فأصابه البرص والعمى ، كما أصاب أنس بن مالك أيضا.

وروى الشيخ المفيد في (الإرشاد) قال : إن عليا قال للبراء ذات يوم : يا براء يقتل ابني الحسين وأنت حي لا تنصره!. فلما قتل الحسينعليه‌السلام كان البراء يقول : صدق والله علي بن أبي طالب ، قتل الحسين ولم أنصره ، ثم أظهر الحسرة على ذلك والندم.

ترجمة زيد بن أرقم

هو زيد بن أرقم بن قيس الأنصاري الخزرجي. صحابي مشهور. أول مشاهده الخندق ، ثم شهد ما بعده. وهو الّذي رفع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قول عبد الله بن أبي :( لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ ، لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ) فكذّبه عبد الله بن أبي وحلف ، فأنزل الله تعالى تصديق زيد بن أرقم وتكذيب عبد الله بن أبي ، وذلك في سورة المنافقين. قال أبو عمرو بن عبد البر في (الإستيعاب) : سكن زيد بن أرقم الكوفة ، وبنى دارا في بني كندة. وشهد مع عليعليه‌السلام صفين ، وهو معدود في خاصته.

__________________

(١) أورد أبو مخنف في مقتله هذا الكلام ص ٥٥ وذلك يوم عاشوراء.

٦٦٧

وذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) : أنه لما وصل رأس الحسينعليه‌السلام ووصل ابن سعد إلى الكوفة من غد يوم وصوله ، ومعه بنات الحسينعليه‌السلام وأهله ، جلس ابن زياد في قصر الإمارة وأذن للناس إذنا عاما ، وأمر بإحضار الرأس ، فوضع بين يديه ، فجعل ينظر إليه ويبتسم وبيده قضيب يضرب به ثناياهعليه‌السلام . وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله ، وهو شيخ كبير. فلما رآه يضرب ثناياه بالقضيب ، قال : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فو الله الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله عليهما ما لا أحصيه كثرة يقبّلهما ، ثم انتحب باكيا. فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك ، أتبكي لفتح الله!. لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ، لضربت عنقك.فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلى منزله.

وعن زيد بن أرقم أنه قال : مرّ برأس الحسينعليه‌السلام وهو على رمح وأنا في غرفة لي في الكوفة ، فلما حاذاني سمعته يقرأ :

( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فوقف والله شعري وناديت : رأسك والله يابن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب.

وتوفي زيد بن أرقم سنة ست أو ثمان وستين ٦٨ للهجرة.

٨٢٤ ـ نصيحة زهير بن القين لأهل الكوفة وملا سنته مع الشمر :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٨٣)

وخرج إليهم زهير بن القين على فرس ذنوب [أي ذي ذنب وافر] وهو شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله (وفي رواية : نذار عباد الله).إن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتّى الآن إخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف. وأنتم للنصيحة منا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا أمة وأنتم أمة. إن الله ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد ، فإنكم لا تدركون منهما إلا سوء عمر سلطانهما ، ليسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم

٦٦٨

وقرّاءكم ، أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهانئ بن عروة وأشباهه فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا : لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى عبيد الله بن زياد سلما. فقال زهير : عباد الله ، إن ولد فاطمة أحق بالودّ والنصر من ابن سميّة ، فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم. فخلّوا بين هذا الرجل وبين يزيد ، فلعمري إنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسينعليه‌السلام . فرماه شمر بسهم ، وقال : اسكت أسكت الله نأمتك(١) أبرمتنا بكثرة كلامك. فقال زهير : يابن البوّال على عقبيه ما إياك أخاطب ، إنما أنت بهيمة.والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فقال الشمر : إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة. فقال زهير : أفبالموت تخوّفني ، فو الله للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم(٢) . ثم أقبل على القوم رافعا صوته وقال : عباد الله لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فو الله لا تنال شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوما أهرقوا دماء ذريته وأهل بيته ، وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حريمهم. فناداه رجل من أصحابه ، إن أبا عبد الله يقول لك : أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء ، فلقد نصحت هؤلاء وأبلغت ، لو نفع النصح والإبلاغ(٣) .

٨٢٥ ـ نصيحة برير بن خضير لأصحاب عمر بن سعد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٢)

فقال الحسينعليه‌السلام لبرير بن خضير : كلّم القوم يا برير وانصحهم. فتقدم برير حتّى وقف قريبا من القوم ، والقوم قد زحفوا إليه عن بكرة أبيهم ، [ونادى : يا معشر الناس إن الله بعث محمدا (بالحق) بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله (بإذنه) وسراجا منيرا. وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه ، وقد حيل بينه وبين ابن بنت رسول الله ، أفجزاء محمّد هذا؟. فقالوا : يا برير قد أكثرت الكلام فاكفف عنا ، فو الله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله(٤) ]. فقال لهم برير : يا هؤلاء اتقوا

__________________

(١) النأمة : الصوت. وأسكت الله نأمته : أي أماته.

(٢) أورد أبو مخنف في مقتله نظير هذا الكلام ، ص ٥٦.

(٣) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٣.

(٤) مقتل المقرم ص ٢٨٥ ، ولم يوردها الخوارزمي.

٦٦٩

الله فإن ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه ، فهاتوا ما عندكم وما الّذي تريدون أن تصنعوا بهم؟. فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير عبيد الله بن زياد فيرى رأيه فيهم. فقال برير : أفلا ترضون منهم أن يرجعوا إلى المكان الّذي أقبلوا منه؟!. ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم التي أعطيتموها من أنفسكم وأشهدتم الله عليها وكفى بالله شهيدا. ويلكم دعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم من دونهم ، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم لعبيد الله ، وحلّأتموهم [أي طردتموهم ومنعتموهم] عن ماء الفرات الجاري ، وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس ، وترده الكلاب والخنازير!. بئسما خلّفتم محمدا في ذريته. ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة ، فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم : يا هذا ما ندري ما تقول. فقال برير : الحمد لله الّذي زادني فيكم بصيرة. الله م إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم. الله م ألق بأسهم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان(١) .

فجعل القوم يرشقونه بالسهام ، فرجع برير إلى ورائه.

خطبة الحسين الثانية يوم عاشوراء

٨٢٦ ـ وفيها يستنهض الناس لنصرته ويبدي سخطه على أهل الكوفة :

ورد في (الفاجعة العظمى) ص ٦٧ :

روي في (المناقب) بإسناده عن عبد الله بن محمّد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده عن عبد الله ، قال :

لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسينعليه‌السلام رتّبهم مراتبهم وأقام الرايات في مواضعها ، وعبأ أصحاب الميمنة والميسرة ، وقال لأهل القلب : اثبتوا.وأحاطوا بالحسينعليه‌السلام من كل جانب حتّى جعلوه في مثل الحلقة.

(وفي لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣١ ط ٤) :

ثم ركب الحسينعليه‌السلام ناقته ، وقيل فرسه ، وخرج إلى الناس ، فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتّى قال لهم : ويلكم ما عليكم أن تنصتوا لي فتسمعوا قولي ، وإنما

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٨٥ و ٢٨٦ عن البحار ، ج ١٠ عن محمّد بن أبي طالب.

٦٧٠

أدعوكم إلى سبيل الرشاد ، فمن أطاعني كان من المرشدين ، ومن عصاني كان من المهلكين ، وكلكم عاص لأمري غير مستمع قولي ، فقد ملئت بطونكم من الحرام وطبع على قلوبكم. ويلكم ألا تنصتون؟! ألا تسمعون؟!. فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم ، فقالوا : أنصتوا له. فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله وصلى على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الملائكة والأنبياء والرسل ، وأبلغ في المقال ، ثم قال :

تبّا(١) لكم أيتها الجماعة وترحا(٢) أحين استصرختمونا والهين(٣) (وفي رواية :ولهين متحيّرين) فأصرخناكم موجفين(٤) (مؤدّين(٥) مستعدّين) سللتم علينا سيفا لنا (في رقابنا) في أيمانكم ، وحششتم(٦) علينا نارا قدحناها (أجّجناها) على عدونا وعدوكم ، فأصبحتم إلبا(٧) على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طمعتم فيه. من غير حدث كان منا ، ولا رأي تفيّل لنا(٨) . فهلا لكم الويلات ، إذ كرهتمونا وتركتمونا ، تجهّزتموها(٩) والسيف مشيم(١٠) (لم يشهر) والجأش طامن(١١) والرأي لمّا يستحصف(١٢) (يستحصد). ولكن أسرعتم إليها كطيرةالدّبا(١٣) وتداعيتم إليها كتداعي (كتهافت) الفراش ، فسحقا (فقبحا) لكم يا عبيد

__________________

(١) التبّ : الهلاك.

(٢) التّرح : الهم.

(٣) الوله : الحزن.

(٤) موجفين : مسرعين في العدو.

(٥) مؤدّين : متهيئين مناصرين.

(٦) حششتم : أوقدتم.

(٧) إلبا : أي مجتمعين.

(٨) تفيّل رأيه : أخطأ وضعف.

(٩) الضمير للحرب أو الفتنة ، والتجهّز : التهيّؤ.

(١٠) مشيم : مغمد.

(١١) طامن : مطمئن.

(١٢) استحصف : استحكم.

(١٣) الدّبا : أول ما يكون الجراد قبل أن يطير ، ثم يكون غوغاء إذا هاج بعضه في بعض ، ثم يكون كتفانا ثم يصير خيفانا ثم يكون جرادا. ويضرب المثل بالدبا لكثرته.

٦٧١

الأمّة (فإنما أنتم من طواغيت الأمّة) وشذّاذ الأحزاب(١) ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب (الكلم) ، ومطفئي السّنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيدي عترة الأوصياء ، وملحقي العهّار(٢) بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخ أئمة المستهزئين ، الذين جعلوا القرآن عضين(٣) ولبئس ما قدّمت لهم أنفسهم ، وفي العذاب هم خالدون. وأنتم ابن حرب وأشياعه تعضدون (أهؤلاء تعضدون) وعنّا تخاذلون. أجل والله الخذل فيكم معروف (الغدر فيكم قديم) ، وشجت عليه أصولكم ، وتأزّرت عليه فروعكم (وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته أصولكم وفروعكم) ، وثبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم ، فكنتم أخبث ثمر (شيء) شجا للناظر(٤) وأكلة للغاصب. (ألا لعنة الله على الناكثين ، الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها) ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ، فأنتم والله هم.

ألا وإن الدّعيّ ابن الدعيّ(٥) قد ركز بين اثنتين : السّلّة(٦) أو الذلّة ، وهيهات منا الذلّة (وهيهات منا أخذ الدنيّة) ، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون ، وجدود (وحجور) طابت ، وحجور (وحجز) طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر (من أن تؤثر) طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا قد أعذرت وأنذرت ، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد (العتاد) وكثرة العدو ، وخذلان الناصر (وخذلة الأصحاب).

ثم وصلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلامه بأبيات فروة بن مسيك المرادي ، وهو صحابي مخضرم ، فقال:

فإن نهزم فهزّامون قدما

وإن نغلب فغير مغلبّينا

وما إن طبّنا(٧) جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

إذا ما الموت رفّع عن أناس

كلاكله(٨) أناخ بآخرينا

__________________

(١) الشذّاذ : الذين يكونون في القوم وليسوا من قبائلهم.

(٢) العهر : الفجور.

(٣) عضين : مفرّق.

(٤) شجا : مصدر بمعنى الحزن والهم.

(٥) المقصود به : عبيد الله ابن زياد.

(٦) السّلة : أي استلال السيوف.

(٧) الطّب : العادة.

(٨) الكلكل : الصدر.

٦٧٢

فأفنى ذلكم سروات قومي

كما أفنى القرون الأولينا

فلو خلد الملوك إذا خلدنا

ولو بقي الكرام إذا بقينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا

سيلقى الشامتون كما لقينا

ثم قال : أما والله لا تلبثون بعدها إلا كريث(١) ما يركب الفرس ، حتّى تدور بكم دور الرحى(٢) وتقلق بكم قلق المحور(٣) . عهد عهده إليّ أبي عن جدي( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ) (٧١) [يونس : ٧١]( ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ، ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) «هود ٥٦»(٤) .

اللهم احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف(٥) يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله ، قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم(٦) ، فإنهم غرّونا وكذّبونا وخذلونا ، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير(٧) .

٨٢٧ ـ مقاصد الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف من خلال خطبتيه السابقتين :(مقتل المقرّم ، ص ٨١ و ٨٢)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله :

وعلى هذه السنن مشى أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، فلم يبدأ القوم بقتال مهما رأى من أعدائه التكاتف على الضلال والمقابلة له بكل ما لديهم من حول وطول ، حتّى منعوه وعياله وصحبه من الماء الّذي لم يزل صاحب الشريعةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجاهر بأن «الناس في الماء والكلأ شرع سواء». لأنهعليه‌السلام أراد إقامة الحجة

__________________

(١) كريث : كمقدار.

(٢) الرحى : حجر الطاحون.

(٣) المحور : ما تدور حوله البكرة أو الطاحون.

(٤) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٤ واللهوف ص ٥٤.

(٥) هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي.

(٦) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن مقتل العوالم ص ٨٤.

(٧) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن الله وف ص ٥٦. وذكر الخوارزمي في مقتله ج ٢ ص ٦ كامل الخطبة بتحريف بسيط.

٦٧٣

عليهم ، فوقف في ذلك الملأ المغمور بالأضاليل ، ونادى بحيث يعي الجماهير حجته ، فعرّفهم أولا خسارة هذه الدنيا الفانية لمن تقلّب فيها ، فلا تعود عليهم إلا بالخيبة ، ثم تراجع ثانيا إلى التعريف بمنزلته من نبيّ الإسلام ، وشهادته له ولأخيه المجتبى بأنهما سيدا شباب أهل الجنة ، وناهيك بشهادة من لا ينطق عن الهوى ، وكان محبوّا بالوحي الإلهي ، أن تؤخذ ميزانا للتمييز بين الحق والباطل. وفي الثالثة عرّفهم بأنه يؤدي كل ما لهم عنده من مال وحرمات ، وفي الرابعة نشر المصحف الكريم على رأسه ودعاهم إلى حكمه. وحتى إذا لم تجد هذه النصائح القيّمة فيهم ، ووضح لديه إصرارهم على الغي والعناد لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كشف الستار عن الإباء العلوي ، الّذي انحنت عليه أضالعه ، ورفع الحجاب عن الأنفة التي كان أبناء عليعليه‌السلام يتدارسونها ليلا ونهارا ، وتلهج بها أنديتهم. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ألا وإن الدّعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلّة ، وهيهات منا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا وإني زاحف بهذه الأسرة عليقلة العدد وخذلان الناصر».

هذه وصايا الشريعة المطهرة وأحكامها الباعثة على الدعوة إلى الحق والنهضة لسدّ باب الباطل ، وكما ألزمت جهاد المضلين المشركين ، أباحت ترك الجهاد للصبي والمقعد والأعمى والشيخ الكبير والمرأة والبالغ الّذي لم يأذن له أبواه. لكن مشهد (الطف) خرق ناموسها الأكبر وجاز تلك المقررات جريا على المصالح والأسرار التي قصرت عنها أحلام البشر ، وقد تلقّاها (أبيّ الضيم)عليه‌السلام ، من جده المنقذ الأكبر وأبيه الوصيّ المقدّم. فالحسينعليه‌السلام لم يشرّع سنّة أخرى في الجهاد ، وإنما هو درس إلهي أثبته اللوح الأقدس في عالم الإبداع ، محدد الظرف والمكان ، تلقّاه الأمين جبرئيل وأفاضه على حبيب الله وصفيه (محمّد)صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأودعه صاحب الدعوة الإلهية عند ولده سيد الشهداءعليه‌السلام .عليه‌السلام .

فكل ما يشاهد في ذلك المشهد الدامي من الغرائب التي تنحسر عن الوصول إلى كنهها عقول الرجال ، فهو مما آثر المولى سبحانه به وليه وحجته أبا عبد الله الحسينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٧٤

٨٢٨ ـ الحسينعليه‌السلام يلقي الحجة النهائية على عمر بن سعد ، ويخبره بنوع قتلته:(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨)

ثم قالعليه‌السلام : أين عمر بن سعد ، ادعوا لي عمر. فدعي له ، وكان كارها لا يحب أن يأتيه. فقال : يا عمر أنت تقتلني وتزعم أن يوليك الدعيّ ابن الدعي بلاد الري وجرجان. والله لا تتهنّأ بذلك أبدا ، عهد معهود ، فاصنع ما أنت صانع ، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، وكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة ، يتراماه الصبيان ، ويتخذونه غرضا بينهم(١) . فغضب عمر بن سعد من كلامه ، ثم صرف وجهه عنه. ونادى بأصحابه : ما تنظرون به؟ احملوا بأجمعكم ، إنما هي أكلة واحدة.

٨٢٩ ـ النفوس الخيّرة تستيقظ : توبة الحر وتوجّهه إلى الحسينعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣٧ ط ٤)

ولما رأى الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا على قتال الحسينعليه‌السلام (٢) قال لعمر بن سعد : أمقاتل أنت هذا الرجل؟. قال : إي والله قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي!. قال : فما لكم فيما عرضه عليكم رضى؟. قال :أما لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ذلك. فأقبل الحر حتّى وقف عن الناس جانبا ، ومعه رجل من قومه يقال له : قرة بن قيس. فقال له : يا قرة ، هل سقيت فرسك اليوم؟. قال : لا. قال : أما تريد أن تسقيه؟. قال قرة : فظننت والله أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال ، فكره أن أراه حين يصنع ذلك. فقلت له : لم أسقه وأنا منطلق فأسقيه. فاعتزلت ذلك المكان الّذي كان فيه ، فو الله لو أطلعني على الّذي يريد لخرجت معه إلى الحسينعليه‌السلام . فأخذ الحر يدنو من الحسينعليه‌السلام قليلا قليلا ، فقال له المهاجر بن أوس : ما تريد يابن يزيد ، أتريد أن تحمل؟. فلم يجبه ، وأخذه مثل الأفكل [وهي الرعدة]. فقال له المهاجر :

__________________

(١) لواعج الأشجان ص ١٣٢ ومقتل المقرم ص ٢٨٩ ، نقلا عن تظلم الزهراء ومقتل العوالم ص ٨٤.

(٢) ذهب الخوارزمي إلى أن توبة الحر كانت بعد (الحملة الأولى) وهو ما أيّده ابن طاووس في الله وف. أما المقرّم فيعتبر توبته قبل بدء القتال ، وذلك نقلا عن تاريخ الطبري ، وهو ما اعتمده ابن شهراشوب في مناقبه والسيد الأمين في لواعجه.

٦٧٥

إن أمرك لمريب ، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا ، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك. فما هذا الّذي أرى منك؟!. فقال الحر : إني والله أخيّر نفسي بين الجنة والنار ، فو الله إني لا أختار على الجنة شيئا ولو قطّعت وحرقت. ثم ضرب فرسه نحو الحسين(١) منكّسا برأسه حياء من آل الرسول ، بما أتى إليهم وجعجع بهم ، وهو يقول : الله م إليك أنيب فتب عليّ ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيك. وقال للحسينعليه‌السلام : جعلت فداك يابن رسول الله ، أنا صاحبك الّذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان.والله الّذي لا إله إلا هو ، ما ظننت القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم ، ولا يبلغون بك هذه المنزلة. والله لو علمت أنهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الّذي ركبت. وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي ، مواسيا لك بنفسي ، حتّى أموت بين يديك ، فهل لي من توبة؟. قال الحسينعليه‌السلام : نعم ، يتوب الله عليك(٢) ويغفر لك. ما اسمك؟. قال : أنا الحر. قال : أنت الحر كما سمّتك أمك ، أنت الحر في الدنيا والآخرة ، انزل. فقال : أنا لك فارسا خير مني لك راجلا ، أقاتلهم على فرسي ساعة ، وإلى النزول يصير آخر أمري. (وفي رواية) «ثم قال : يابن رسول الله ، كنت أول خارج عليك ، فأذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك(٣) فلعلي أن أكون ممن يصافح جدك محمدا غدا في القيامة».

فقال له الحسينعليه‌السلام : فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.

٨٣٠ ـ الحر بن يزيد يسمع هاتفا يبشّره بالخير :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٢٠ ط نجف)

(روى ابن نما) أن الحر قال للحسينعليه‌السلام : لما وجّهني عبيد الله إليك ، خرجت من القصر ، فنوديت من خلفي : أبشر يا حر بخير. فالتفتّ فلم أر أحدا. فقلت :

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٩٠ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٤.

(٢) مقتل المقرّم ص ٢٩٠ نقلا عن الله وف ص ٥٨ ؛ وأمالي الشيخ الصدوق ص ٩٧ مجلس ٣٠ ؛ وروضة الواعظين ص ١٥٩.

(٣) هذا بناء على أن الحر هو أول من استشهد من جماعة الحسينعليه‌السلام بالمبارزة ، ولم يعتمد المقرم ذلك ، وإنما ذكر مصرعه بعد جملة من الأصحاب. وأما أبو مخنف فقد ذكره آخر من استشهد من الأصحاب ، وهو قول ضعيف.

٦٧٦

والله ما هذه بشارة ، وأنا أسير إلى الحسينعليه‌السلام . وما كنت أحدّث نفسي باتّباعك. فقالعليه‌السلام : لقد أصبت أجرا وخيرا.

٨٣١ ـ توبة الحر بن يزيد الرياحي (على رواية مقتل أبي مخنف):

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٧٤)

وأورد أبو مخنف في المقتل المنسوب إليه توبة الحر بعد بدء القتال ، وبعد أن بدأ الحسينعليه‌السلام يستغيث فلا يغاث.

(قال أبو مخنف) : فوقع كلامهعليه‌السلام في مسامع الحر ، فأقبل على ابن أخيه قرّة وقال : أتنظر إلى الحسين يستغيث فلا يغاث ، ويستجير فلا يجار ، قد قتلت أنصاره وبنوه ، وقد أصبح بين مجادل ومخاذل ، فهل لك أن تسير بنا إليه ، وتقاتل بين يديه ، فإنّ الناس عن هذه الدنيا راحلة ، وكرامات الدنيا زائلة ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة.

فقال له : ما لي بذلك حاجة. فتركه الحر وأقبل على ولده وقال له : يا بنيّ لا صبر لي على النار ولا على غضب الجبار ، ولا أن يكون غدا خصمي أحمد المختار. يا بنيّ أما ترى الحسينعليه‌السلام يستغيث فلا يغاث ويستجير فلا يجار!. يا بنيّ سر بنا إليه نقاتل بين يديه ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة. فقال له ولده :حبا وكرامة.

ثم إنهما حملا من عسكر ابن زياد كأنهما يريدان القتال حتّى هجما على الحسينعليه‌السلام ، فنزل الحر عن ظهر جواده وطأطأ رأسه ، وجعل يقبّل يد الحسين ورجليه ، وهو يبكي بكاء شديدا. فقال له الحسينعليه‌السلام : ارفع رأسك يا شيخ ، فرفع رأسه وقال : يا مولاي أنا الّذي منعتك عن الرجوع. والله يا مولاي ما علمت أن القوم يبلغون منك هذا ، وقد جئتك تائبا مما كان مني ومواسيك بنفسي ، وقليل في حقك يا مولاي أن تكون نفسي لك الفداء. وها أنا ألقى حمامي يا مولاي بين يديك ، فهل من توبة عند ربي؟. فقال لهعليه‌السلام : إن تبت تاب الله عليك ويغفر لك وهو أرحم الراحمين ثم تقدم الحر إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ، فإني أول من خرج إليك وأحب أن أقتل بين يديك.فقال لهعليه‌السلام : ابرز بارك الله فيك.

٦٧٧

٨٣٢ ـ نصيحة الحر بن يزيد لأهل الكوفة بعد توبته :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩١)

ثم استأذن الحر الحسينعليه‌السلام في أن يكلم القوم ، فأذن له. فنادى بأعلى صوته : يا أهل الكوفة ، لأمّكم الهبل والعبر(١) إذ دعوتموه وأخذتم بكظمه(٢) وأحطتم به من كل جانب ، فمنعتموه التوجه إلى بلاد الله العريضة حتّى يأمن وأهل بيته ، وأصبح كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وحلّأتموه(٣) ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري ، الّذي يشربه اليهود والنصارى والمجوس ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه. وهاهم قد صرعهم العطش ، بئسما خلّفتم محمدا في ذريته ، لا سقاكم الله يوم الظمأ.

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢ ط ٢ نجف) :

وإذا لم تنصروه وتفوا له بما حلفتم عليه ، فدعوه يمضي حيث شاء من بلاد الله.أما أنتم مؤمنون؟!. وبنبوّة محمّد جده مصدّقون؟!. وبالمعاد موقنون؟!.

فحملت عليه الرجّالة ترميه بالنبل ، فتقهقر حتّى وقف أمام الحسينعليه‌السلام (٤) .

٨٣٣ ـ الرجوع عن الخطأ فضيلة :

(بقلم المؤلف)

(التربية الطيبة تكفل رجوع الإنسان إلى الحق مهما انحرف)

كثير أولئك الذين تتاح لهم في صغرهم فرض التربية والتهذيب ، والتنشئة الصالحة على المبادئ الأخلاقية الحميدة ، فتنطبع بها نفوسهم ، وتختلط نفحاتها بدمائهم ثم لا يلبثون أن تعترضهم في بداية حياتهم تقلبات من الزمان وتبدلات ، فيزهدون في تلك المبادئ السامية ، ويميلون إلى معاقرة الباطل والاستئناس به ثم هي فترة تمرّ من الزمن ، وإذا بهم قد استيقظوا وجلين مذعورين ، على أصوات ضميرهم ووجدانهم ، تدعوهم إلى النهوض من غفلتهم واليقظة من سكرتهم.فيطيحون بالباطل عن عاتق كواهلهم ، ويكنسون رواسبه من صفحات قلوبهم ،

__________________

(١) الهبل (بالتحريك والفتح) : الثّكل. والعبر : الحزن وجريان الدمعة.

(٢) الكظم (بالتحريك والفتح) : مخرج النّفس ، ويقال أخذ بكظمه : أي كربه وغمّه.

(٣) حّلأتموه : طردتموه ومنعتموه.

(٤) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧ ، وشبيه هذا الكلام في مقتل أبي مخنف ص ٧٨.

٦٧٨

ويعودون بأنفسهم إلى أصولهم وأحسابهم ، حتّى كأنهم لم يسمعوا بالباطل ولا عهد لهم به. لقد عادوا خلقا جديدا غير الّذي كانوه بالأمس ، فكأنهم من بعد غير الذين كانوا من قبل.

وقد يعجب المرء من هذا التحول الانقلابي ، وهذا التبدّل الفجائي ، غير متذكّر أن التربية والتوجيه في الصغر يتركان في صاحبهما جذورا قوية من النبل والأدب والأخلاق. تظل متشعبة في حنايا نفسه ، لا تموت ولا تغيب ، رغم ما تخضع له من عواصف متقلّبة ، وأنواء متغيّرة ، لا تلبث بعد حين أن تنقشع غيومها ، وتنجرف رواسبها ، فتعود النفس مشرقة وضّاءة ، غنية خيّرة معطاءة ، فتنبت بذورها ، وتعلو سوقها ، مورقة مزهرة ، تفيض بالحق ، وتجود بالخير.

وليس لنا من مثال نضربه على هؤلاء الأشخاص أروع من مثال :

«الحر بن يزيد التميمي»

ذلك الرجل الحر ، الّذي أوتي من كرم الأصل وحسن المنبت وطيب السريرة ، ما جعله يؤوب إلى الحق بعد انحرافه ، ويعود إلى التصديق والإخلاص والوفاء ، وقد كان حربا عليها. وينجو من نار جهنم ، وقد كان على شفا حفرة منها. وينال الشهادة والسعادة والفوز ، وقد كان في منأى عنها.

وإن هذا المثل الخالد من تراثنا التليد ، إن كان يدلّ على شيء ، فإنما يدلّ على أن حسن التوجيه والتربية في الصغر ، غالبا ما تؤدي بصاحبها إلى السعادة والنجاة والفوز بالجنة ، وتكون له ذخرا وسندا في كبره ، على الرغم مما يتعرض له من محن وأخطاء ، وفتن وأخطار.

٦٧٩

(انتهى الجزء الأول من الموسوعة)

والحمد لله ربّ العالمين

وبذلك تمّ الفصل العشرون بانتهاء الجزء الأول من موسوعة كربلاء ،

وذلك حين جّهز عمر بن سعد جيوشه لقتال الحسينعليه‌السلام

يوم العاشر من المحرم ، ووضع سهمه في كبد قوسه ،

معلنا بدء القتال والنزال ، بين طغمة الباطل والضلال ،

وبين صفوة الهدى والكمال ، من خير صحب وخير آل.

وهو ما سيجده القارئ في الجزء الثاني من الموسوعة

إن شاء الله

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735