موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 10%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 498119 / تحميل: 5898
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٩ ـ مصادر تاريخية (درجة ثانية)

اسم الكتاب

المؤلف

سنة الوفاة

كتاب سليم بن قيس

سليم بن قيس الكوفي

٩٠ ه

وقعة صفين (ط ٢ قم)

نصر بن مزاحم

٢١٢

تاريخ خليفة بن خياط

ابن خياط

٢٤٩

بصائر الدرجات (في فضائل آل محمد)

ابن فروخ الصفار

٢٩٠

كتاب المحن

أبو العرب التميمي

٣٣٣

الآثار الباقية (طبع لا يبزغ)

البيروني (عالم فلكي شيعي)

٤٤٠

تاريخ بغداد (ط ١ القاهرة)

الخطيب البغدادي

٤٦٣

روضة الواعظين (مجالس)

ابن الفتال النيسابوري

٥٠٨

الاحتجاج

أبو منصور الطبرسي

٦٢٠

أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج ٢

ابن الأثير الجزري

٦٣٠

مرآة الزمان في تاريخ الأعيان

سبط ابن الجوزي

٦٥٤

شرح نهج البلاغة

ابن أبي الحديد المعتزلي

٦٥٦

ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى

محب الدين الطبري

٦٩٤

فرائد السمطين في فضائل السبطين

الجويني

٧٣٠

رأس الحسين (ع)(ط القاهرة)

ابن تيمية

٧٣٨

دول الإسلام

الذهبي

٧٤٨

المختصر في أخبار البشر

عمر بن الوردي

٧٤٩

مرآة الجنان وعبرة اليقظان

اليافعي

٧٦٨

النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة

ابن تغري بردي

٨٧٤

شذرات الذهب في أخبار من ذهب

ابن عماد الحنبلي

١٠٨٩

٨١

١٠ ـ الكتب التاريخية الحديثة والمعاصرة(١)

(مرتبة على الحروف الهجائية لكنية المؤلف)

اسم الكتاب

اسم المؤلف وكنيته

(آ)

سيد الشهداء الإمام أبو عبد الله الحسين (ع)

الحسين بن علي (ع)

الأئمة الاثنا عشر (ع)

أيام العرب في الإسلام

في رحاب سيد الشهداء (ع)

المفيد في ذكرى السبط الشهيد

سفينة النجاة : عبرة كربلاء (مجالس)

الحسين (ع) عند أهل السنة

الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء

التاريخ الحسيني

شهيد كربلاء : الحسين الشهيد الخالد

خطب الحسين (ع) على طريق الشهادة

المرأة في ثورة الحسين (ع)

الإمام الحسين (ع) ثأر الله

آل اعتماد الحائري ، مصطفى

أبو علم ، توفيق

الأديب ، عادل

أبو الفضل إبراهيم ، محمّد

إبراهيم ، السيد عليّ

إبراهيم ، عبد الحسين العاملي

(ب)

البلاغي ، محمّد عبد الرسول

(مؤسسة البلاغ)

الببلاوي ، محمّد

البوهي ، محمّد لبيب

بيضون ، د. لبيب

(ج)

جابر ، غادة

جعفر ، عباس

__________________

(١) نوّهنا سابقا إلى أن الكتب التي ألّفت بعد سنة [١١١١ ه‍] نعتبرها حديثة.

٨٢

اسم الكتاب

اسم المؤلف وكنيته

مع الحسين (ع) في نهضته

من وحي الثورة الحسينية

منتخبات التواريخ لدمشق

أبناء الرسول (ص) في كربلاء

مجالس عاشوراء

وقعة كربلاء (دراسة تحليلية)

غصن الرسول : الحسين بن عليّ (ع)

الثائر الأول في الإسلام

المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة

تمثيلية شعرية عن موقعة الطف

أنصار الحسين (ع) : الرجال والدلالات

ثورة الحسين (ع) في الوجدان الشعبي

ثورة الحسين (ع) : ظروفها الاجتماعية

وآثارها الإنسانية

تاريخ النياحة على الإمام الشهيد ، ج ١

(ح)

حيدر ، أسد

الحسنى ، هاشم معروف

الحصني ، محمد أديب

(خ)

خالد ، خالد محمّد

(د)

دخيل ، محمّد عليّ

(ر)

الشيخ الركابي

رضا ، فؤاد عليّ

(س)

سرور ، محمّد عبد الباقي

(ش)

شرف الدين ، عبد الحسين

شرف الدين ، محمّد رضا

شمس الدين ، محمّد مهدي

شمس الدين ، محمد مهدي

شمس الدين ، محمّد مهدي

الشهرستاني ، صالح

٨٣

اسم الكتاب

اسم المؤلف وكنيته

الحسين بن عليّ : إمام الشاهدين

أدب الطف أو شعراء الحسين (ع)

الحسين ثائرا ـ الحسين شهيدا (مسرحيتان)

معالم المدرستين

مختصر تاريخ العرب

مقتل سيد الشهداء الحسين بن عليّ (ع)

بطلة كربلاء : زينب بنت الزهراء (قصة)

أبو الشهداء : الحسين بن عليّ (ع)

الإمام الحسين : سمو المعنى في سمو الذات

تاريخ الحسين ـ أيام الحسين (ع)

الدوافع الذاتية لأنصار الحسين (ع)

الفن الحربي في صدر الإسلام

حياة الإمام الحسين (ع) ، ٣ مجلدات

الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين (ع)

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب

ريحانة الرسول (ص)

كتاب عاشوراء ـ الشهيد والثورة

شلق ، د. عليّ

شبّر ، جواد

الشرقاوي ، عبد الرحمن

(ع)

العسكري ، السيد مرتضى

عليّ ، سيد أمير

عليّ خان ، عبد الكريم

عبد الرحمن ، عائشة

العقاد ، عباس محمود

العلايلي ، عبد الله

العلايلي ، عبد الله

عابدين ، محمّد عليّ

عون ، عبد الرؤوف

(ق)

القرشي ، باقر شريف

القزويني ، عبد الكريم

(ك)

الكاشي ، عبد الوهاب

(م)

محمّد ، أحمد فهمي

المدرّسي ، هادي

٨٤

اسم الكتاب

اسم المؤلف وكنيته

بين صلح الحسن (ع) وثورة الحسين (ع)

المجالس الحسينية ـ مع بطلة كربلاء

حقيقة النهضة الحسينية

تاريخ الشيعة

يزيد بن معاوية : فرع الشجرة الملعونة

وسيلة الدارين في أنصار الحسين (ع)

الفاجعة العظمى

العيون العبرى في مقتل سيد الشهداء (ع)

قادتنا : كيف نعرفهم ، ج ٦

الإمام الحسين (ع) ملتقى الكرامات

دار السلام (منامات عن أهل البيت) ج ١

مغنية ، أحمد

مغنية ، محمّد جواد

الشهيد مطهري

المظفر ، محمّد حسين

المكي ، أبو جعفر أحمد

الموسوي الزنجاني ، إبراهيم

الموسوي ، عبد الحسين بن حبيب

الميانجي ، إبراهيم

الميلاني ، محمّد هادي

(ن)

النائيني ، محمّد حسن

النوري

٨٥

١١ ـ كتب الجغرافيا والبلدان

(مرتبة على الحروف الهجائية لكنية المؤلف)

اسم الكتاب

اسم المؤلف وكنيته

رحلة ابن بطوطة

تاريخ الكوفة

رحلة ابن جبير

جولة أثرية في بعض البلاد الشامية

(ترجمة أحمد وصفي زكريا)

معجم البلدان

صورة الأرض

موجز تاريخ البلدان العراقية

المسالك والممالك

العراق في الخوارط القديمة

الجامع الأموي

تقويم البلدان

آثار البلاد وأخبار العباد

تاريخ كربلاء وحائر الحسين (ع)

مدينة الحسين (ع) أو مختصر تاريخ كربلاء

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء

بلدان الخلافة الشرقية (ترجمة بشير فرنسيس)

خطط الكوفة وشرح خريطتها

خطط دمشق

أضواء على معالم محافظة كربلاء

صفة جزيرة العرب

الإشارات إلى معرفة الزيارات

مفصّل جغرافية العراق

البلدان

ابن بطوطة

البراقي النجفي ، حسين

ابن جبير

جلبي ، أوليا

الحموي ، ياقوت

ابن حوقل النصيبي

الحسني ، عبد الرزاق

ابن خرداذبه ، عبيد الله

سوسة ، د. أحمد

الطنطاوي ، عليّ

أبو الفداء

القزويني

الكليدار ، د. عبد الجواد

آل كليدار ، محمّد حسن مصطفى

الكليدار آل طعمة ، عبد الحسين

لسترنغ ، كي

ماسينيون ، لويس

المنجد ، صلاح الدين

النويني ، محمّد

الهمداني

الهروي ، أبو الحسن

الهاشمي ، طه

اليعقوبي

٨٦

الفصل الثاني

أنساب آل أبي طالبعليهم‌السلام وتراجمهم

١ ـ ترجمة أبي طالبعليه‌السلام

ـ أولاد أبي طالبعليهم‌السلام

٢ ـ ترجمة عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام

ـ أولاد عقيلعليهم‌السلام ـ أحفاد عقيلعليهم‌السلام

٣ ـ ترجمة جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام

ـ ترجمة عبد الله بن جعفرعليه‌السلام ـ أولادهعليهم‌السلام

٤ ـ أعمام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين النصرة والتخاذل

ـ لما ذا لم يشارك العباسيون في نصرة الحسينعليه‌السلام ؟

٥ ـ ترجمة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأولاده

٦ ـ ترجمة الإمام عليّعليه‌السلام ـ بعض فضائلهعليه‌السلام

ـ مخطط نسل الإمام عليعليه‌السلام ـ زوجاته وأولاده

٧ ـ أولاد الإمام الحسنعليهم‌السلام وزوجاته

٨ ـ أولاد الإمام الحسينعليهم‌السلام وزوجاته.

٨٧

ملاحظة هامة :

بعد انتهاء الفصل الأول المتعلق بالمصادر ، يبدأ من هذا الموضع

من الموسوعة ، ترقيم الفقرات برقم متسلسل يسبق عنوان الفقرة.

٨٨

الفصل الثاني :

أنساب آل أبي طالبعليهم‌السلام وتراجمهم

مقدمة الفصل :

نبدأ هذا الفصل بذكر أنساب أهل البيتعليهم‌السلام المتفرعين من سيّد البطحاء وبيضة البلد وأرومة بني هاشم ، عمّ النبي المكرّم ، وناصره وحاميه المعظّم ، عمه (أبي طالب). مبتدئين بنسب ابنه الأكبر (عقيل) وأولاده ، ثم بنسب ابنه الأوسط (جعفر الطيار) وأولاده ، ثم بنسب ابنه الأصغر (عليّ بن أبي طالب) وأولادهعليهم‌السلام . ثم بأولاد الحسنعليهم‌السلام ، ثم بأولاد الحسينعليهم‌السلام وزوجاته.

وذلك لأن هؤلاء هم الوحيدون من بني هاشم الذين نصروا الإسلام في كربلاء.أما بنو العباس عمّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يحضر أحد منهم في كربلاء.

١ ـ ترجمة أبي طالب وأولادهعليهم‌السلام

١ ـ ترجمة أبي طالبعليه‌السلام :

اسمه عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ، عمّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسليل الأسرة الهاشمية الكريمة ، التي سطّر لها التاريخ ملحمة في كل صورة حسنة ، مادّتها الخير وإطارها الأخلاق.

وفي حين ساد كثير من الناس قومهم بالمال والثراء ، فإن أبا طالب ساد قومه بالجاه والشرف ، حتّى سمتّه قريش «سيّد البطحاء».

ولما ولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتيما كفله جده عبد المطلب حتّى سن سبع سنين ، ولما توفي كفله عمه أبو طالبعليه‌السلام ، وظل كافله وحاميه مدة ٤٥ عاما ، حتّى فارق الحياة في الخامسة والثمانين من عمره. وبعد ثلاثة أيام توفيت خديجة المخلصة زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذاك العام «عام الحزن». وبعد ذلك بعام هاجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة ، بعد أن سمع جبرئيل يقول له : «اخرج منها

٨٩

فقد مات ناصرك».(راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٢ ص ٢٩ ط ٢ مصر)

ولقد كان أبو طالبعليه‌السلام من أول المؤمنين بالدعوة الجديدة ، يدلنا على ذلك استمرار حمايته للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أن يصل إليه أي أذى من المشركين ، ومقاطعته لكل قريش من أجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته. إلا أن الظروف الخاصة كانت تفرض عليه أن يكتم إيمانه ، فكان أبو طالب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل (حزقيل) مؤمن آل فرعون ، الّذي كان يكتم إيمانه.

يقول الإمام عليّعليه‌السلام : «كان والله أبو طالب مؤمنا مسلما ، يكتم إيمانه مخافة على بني هاشم أن تنابذها قريش».

وحين كان المشركون يسألون أبا طالب عن دينه ، كان يحسن التخلص ويقول لهم : «إنني على ملةّ أبي ، عبد المطلب». علما بأن عبد المطلّب وهاشم وجميع آباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأجداده ، كانوا مسلمين موحّدين على دين إبراهيم الخليلعليه‌السلام ، وليسوا مشركين كغيرهم من قريش ، إذ هم من الذرية المختارة التي اصطفاها الله على العالمين في قوله :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ) [آل عمران : ٣٣ ـ ٣].

ولا أدلّ على إيمان أبي طالب العميق بالدعوة الإسلامية ، من تربيته لأولاده كلهم على مبادئ الإسلام والشهادة ، حتّى كانوا خير سند للإمام الحسينعليه‌السلام حين قام يدافع عن حوزة الإسلام ومبادئه ، التي كادت تداس وتندثر ، وأظهروا من آيات البطولة ما لم يشهد له مثيل. ولا عجب في ذلك إذا كانوا من نسل أبي طالب الّذي قال فيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لله درّ أبي طالب ، لو ولد الناس كلّهم كانوا شجعانا».

ولهذا الموقف النبيل الّذي لا يعرف الحدود ، أحبّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يردّ لأبي طالب بعض المعروف في كفالته وتربيته ونصرته ، فعندما حصلت مجاعة في مكة ، وكان أبو طالب فقيرا وكثير العيال ، وكان عليعليه‌السلام قد أدرك سن التمييز ، فاجتمع أهل البيت ليخففوا عن أبي طالب عياله ، فقال لهم : اتركوا لي عقيلا واصنعوا ما شئتم. فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا ، وأخذ حمزة جعفرا ، وأخذ العباس طالبا. فكان عليعليه‌السلام ربيب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٩٠

٢ ـ أولاد أبي طالبعليهم‌السلام :

(عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة ، ص ٣٠ ط ٢)

وقد كان لأبي طالبعليه‌السلام أربعة بنين هم : طالب وعقيل وجعفر وعلي رضوان الله عليهم أجمعين. وكان كل واحد منهم أكبر من الّذي يليه بعشر سنين. فيكون طالب أسنّ من عليعليه‌السلام بثلاثين سنة ، وبه كان يكنّى أبوه. وكان لأبي طالب من البنات ثلاث : أم هاني وفاختة وجمانة. وأمهم جميعا فاطمة بنت أسد بن هاشم ، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي. وكانت جليلة القدر ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعوها أمي لأنها ربّته. وكانت من السابقات إلى الإسلام. ولما توفيتعليها‌السلام صلّى عليها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخل قبرها وترحم عليها.

٢ ـ ترجمة عقيل وأولادهعليه‌السلام

٣ ـ ترجمة عقيل :(المصدر السابق ص ٣١)

يكنّى أبا يزيد. وكان أبو طالبعليه‌السلام يحبه حبا شديدا. ولذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعقيل : «إني لأحبك حبّين : حبا لك ، وحبا لحب أبي طالب». وكان عقيل نسابة عالما بأنساب العرب وقريش. وخرج إلى بدر مع المشركين فأسره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفداه عمه العباس بأربعة آلاف درهم.

ويذكر ابن قتيبة في (المعارف) أن عقيلا أسلم يوم بدر بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويؤيد كونه كان مسلما من قبل ما رواه الطبري في تاريخه (ج ٢ ص ٢٨٢) من قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه : «إني قد عرفت رجالا من بني هاشم قد خرجوا إلى بدر كرها ، فمن لقي منكم أحدا منهم فلا يقتله». فهذا يفيد إيمان عقيل بالنبوة قبل الهجرة ، غير أن سياسته لقريش اضطرته إلى التستر والاستخفاء ، كما فعل أبوه أبو طالب من قبل بأمر من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . توفي عقيل سنة ٦٠ ه‍.

وخرج ولد عقيل مع الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء ، فقتل منهم تسعة نفر ، وكان مسلم بن عقيل أشجعهم. وفي ذلك يقول الشاعر :

عين جودي بعبرة وعويل

واندبي إن ندبت آل الرسول

سبعة منهم لصلب عليّ

قد أبيدوا وسبعة لعقيل

٩١

٤ ـ أولاد عقيل :(نسب قريش لمصعب الزبيري ، ص ٨٤)

الذكور :

اسم الولد

صفته

أمه

يزيد

سعيد

وبه كان يكنّى

أمهما : رابطة بنت عمرو من بني نفيل

جعفر الأكبر

أبو سعيد الأحول

أمهما : من بني أبي بكر بن كلاب ابن ربيعة

مسلم بن عقيلعليه‌السلام

عبد الله الأكبرعليه‌السلام

عبد الله الأصغر

لا بقية له

قتل بالطف

أمهم : أم ولد(١) يقال لها عليّة ، اشتراها عقيل من الشام. وقيل إن أم مسلم كانت نبطية من آل فرزندا

عبد الرحمنعليه‌السلام

قتل بالطف

علي الأكبر

درج

أم ولد

جعفر الأصغر

درج

أم ولد

حمزة ، عيسى ، علي عثمان ، محمّد

درجوا

أمهات أولاد شتى.

البنات :

أم هانئ (رملة) ،

زينب ، فاطمة ،

زينب الصغرى ،

أم لقمان

أمهات أولاد شتى

__________________

(١) أم ولد : هي الأمة أو الجارية أو المملوكة ، يشتريها الرجل فيطؤها بملك اليمين ، فإذا حملت وأنجبت له ولدا أصبحت (أم ولد) ، وحكمها أنه إذا مات صاحبها أعتقت من نصيب ولدها ، وذلك لأن الولد لا يجوز أن يملك أمّه.

٩٢

وقد انقرض ولد عقيل إلا من محمّد بن عقيل ، وكانت عنده زينب الصغرى بنت عليعليه‌السلام فولدت له : عبد الله بن محمّد.

٥ ـ أحفاد عقيل :(المعارف لابن قتيبة ، ص ٨٨ ط ٢)

أما أحفاد عقيل :

فولد مسلم بن عقيل : عبد الله وعلي ، أمهما رقية بنت عليعليهم‌السلام . ومسلم بن مسلم وعبد العزيز.

وولد محمّد بن عقيل : القاسم وعبد الله وعبد الرحمن ؛ أمهم زينب الصغرى بنت عليعليه‌السلام .

وولد عبد الله بن عقيل : محمّد ورقية وأم كلثوم ؛ أمهم ميمونة بنت عليعليه‌السلام .

وولد أبو سعيد بن عقيل : محمّد

وولد عبد الرحمن بن عقيل : سعيد ؛ أمه خديجة بنت عليعليه‌السلام .

تعليق : يظهر من هذا أن أغلب أولاد عقيل قد تزوجوا من بنات عمهم بنات الإمام عليعليه‌السلام . وهذا يدل على المحبة والالفة التي كانت بين عائلة عليعليه‌السلام وعائلة عقيلعليه‌السلام . وقد أثر عن الإمام عليعليه‌السلام قوله : بناتي لأولاد إخوتي ، وذلك اقتداء بقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما نظر يوما إلى أولاد علي وجعفر ، فقال : بناتنا لبنينا ، وبنونا لبناتنا (عقيلة بني هاشم لعلي بن الحسين الهاشمي ، ص ٢٦).

٣ ـ ترجمة جعفر الطيار وأولادهعليهم‌السلام

٦ ـ ترجمة جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام :(المصدر السابق ص ٨٩)

جعفر الطيار هو ذو الهجرتين وذو الجناحين. وكان استشهد يوم مؤتة فقطعت يداه ، فأبدله اللهعزوجل بهما جناحين يطير بهما في الجنة. ووجدوا يومئذ في مقدّمه أربعا وخمسين ضربة سيف [وفي الإصابة : بضعا وتسعين طعنة].

وقدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الحبشة يوم فتح خيبر ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«ما أدري بأي الأمرين أنا أسرّ ؛ بقدوم جعفر ، أم بفتح خيبر؟».

وقال أبو هريرة : ما ركب الكور (أي أقتاب الإبل) ، ولا احتذى النعال ، ولا وطئ التراب أحد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أفضل من جعفرعليه‌السلام .

٩٣

وكان يكنى أبا عبد الله. ومن أولاده : عبد الله وعون ومحمد ؛ أمهم أسماء بنت عميس الخثعمية. وكان له ثمانية ذكور ، لم ينجب منهم غير عبد الله ، وهو أكبرهم.

٧ ـ ترجمة عبد الله بن جعفر :

(عمدة الطالب في أنساب أبي طالب لابن عنبة ، ص ٣٢ ط ٢)

عبد الله بن جعفر ، أحد أجواد بني هاشم الأربعة ، وهم : الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر.

يكنّى أبا جعفر. أمه أسماء بنت عميس الخثعمية. وهو أول مولود ولد للمسلمين المهاجرين إلى الحبشة. وهو زوج مولاتنا زينب العقيلة بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال السيد علي خان في (الدرجات الرفيعة) : إن أول من بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصبيان الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر الطيارعليهم‌السلام ، ولقد دعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : الله م بارك في صفقته.

وقال المسعودي : سمع عبد الله بن جعفر يوم جمعة يقول : الله م إنك عوّدتني عادة وعوّدتها عبادك ، فإن قطعتها عني فلا تبقني. فمات في تلك الجمعة في أيام عبد الملك بن مروان ، وصلى عليه أبان بن عثمان بمكة. وقال كثير من المؤرخين بأنه توفي بالمدينة سنة ٨٠ ه‍ ، وله من العمر تسعون سنة.

وأعقب عشرين ذكرا ، وقد استشهد منهم مع ابن عمه الحسينعليه‌السلام في كربلاء :عون ومحمد الأصغر.

٨ ـ أولاد عبد الله بن جعفرعليه‌السلام :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ، ص ٨٢)

اسم الولد

صفته

أمه

جعفر الأكبر

عون الأكبر

علي بن عبد الله

أم كلثوم

انقرض

انقرض

فيه البقية منولده

أمهم جميعا : زينب العقيلة بنت أمير المؤمنين عليعليه‌السلام

٩٤

اسم الولد

صفته

أمه

الحسين بن عبد الله

عون الأصغرعليه‌السلام

قتل بالطف

أمهما : جمانة بنت المسيب بننجبة الفزاري

أبو بكر ، محمّد ،

عبد الله الأصغر ،

محمّد الأصغر

قتل بالطف

أمهم : الخوصاء بنت حصفة ابن ثقيف

يحيى ، هرون ،

صالح ، موسى ،

أم أبيها ، أم محمّد

أمهم جميعا : ليلى بنت مسعود ابنخالد النهشلية

صالح الأصغر ،

أسماء ، لبابة

أمهم : آمنة بنت عبد الله بن كعب

حسين الأصغر ،

معمرية ، اسحق

أمهات أولاد شتى.

٤ ـ أعمام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين النصرة والتخاذل

أعمام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

نزل الوحي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بدعوة عشيرته ليساندوه في دعوته الجديدة ، حيث قال :( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٢١٤) [الشعراء : ٢١٤]. وكان أكبر سند ينتظره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أعمامه الثلاثة : الحمزة والعباس وأبو طالبعليهم‌السلام .

موقف أعمام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الدعوة الإسلامية

٩ ـ موقف الحمزةعليه‌السلام :

فأما الحمزة فقد تبنّى الدعوة من أول لحظة ، وظل يساند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويعاضده حتّى استشهد في غزوة أحد ، وسمّاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أسد الله وأسد رسوله. ومن المؤسف أنه لم يعقب ولدا.

٩٥

١٠ ـ موقف العباس بن عبد المطلب :

وأما العباس ، فلم ينصر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة ، فقد كان في جيش المشركين الّذي جاء يقاتل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر. وقيل إنه أسلم يوم فتح خيبر وكتم إسلامه. وقيل إن إسلامه كان قبل يوم بدر ، وأنه كان يكتب بأخبار المشركين إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولذلك حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليه حين أسر يوم بدر ، وسعى في فكاكه.

وكان العباس بن عبد المطلب غنيا ثريا ، وبينه وبين أبي سفيان علاقة جيدة ، لذلك جاء بأبي سفيان يوم فتح مكة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليبايع.

١١ ـ موقف أولاد العباس :

وقد أنجب العباس عشرة بنين ، هم : الفضل بن العباس وعبد الله وعبيد الله وقثم وعبد الرحمن ومعبد وكثير وتمّام وعون والحرث.

والغريب أنه لم يشترك مع الحسينعليه‌السلام في كربلاء أحد من هذا النسل.

فأما عبد الله بن العباس ـ وقد كان تلميذا للإمام عليعليه‌السلام ـ فإذا كان لم يشترك في نصرة الحسينعليه‌السلام لأنه كان قد كفّ بصره ، فأي عذر للباقين من أولاد العباس وأولادهم؟.

وفي الواقع فقد كانت نصرة أعمام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للدعوة مختلفة ؛ فبعضهم نصرها بالسيف وهو الحمزة ، وبعضهم نصرها بالمال وهو العباس ، وبعضهم نصرها بالحماية والرعاية وهو أبو طالب. وبعضهم ناصبها العداء حتّى كان من أهل النار وهو أبو لهب.

ومن المخزي حقا أن يقف بنو العباس هذا الموقف الشائن من ابن عمهم الحسينعليه‌السلام ، فيتخلّفوا عن نصرته ويخسروا شرف الفتح الّذي أراده لهم. في حين لم يتخلف ولا شخص من أحفاد أبي طالبعليه‌السلام ، سواء من أبناء عقيل وأحفاده ، أو أحفاد جعفر ، أو أبناء عليعليهم‌السلام وأحفاده ، حتّى الأطفال منهم الذين لم يبلغوا الحلم.

وقد تمادى هذا الغيّ بأحفاد العباس ، إلى أبعد من هذا. فحين قام أبو مسلم الخراساني بثورته ضد حكم بني أمية ، داعيا إلى أصحاب الحق الشرعي من أبناء عليعليهم‌السلام ، حتّى انتصر على بني أمية وقوّض عرشهم ، لم يكن من العباسيين إلا أن التفوّا عليه وقتلوه ، واغتصبوا الخلافة وحوّلوها عن أصحابها الشرعيين. وبدأ

٩٦

أولهم أبو العباس السفاح يسفح الدماء من نحور الأمويين والعلويين على حدّ سواء.ثم جاء ثانيهم أبو جعفر المنصور الدوانيقي ، ينصر أطماعه في الحكم ، ويلا حق العلويين فيبيدهم أينما ثقفوا. وعلى هواه سار كل من جاء بعده ، حتّى فاق بنو العباس في طغيانهم واضطهادهم للعلويين والتنكيل بهم ما فعله بنو أمية. وكما قال الشاعر :

تالله ما فعلت أميّة فيهم

معشار ما فعلت بنو العباس

١٢ ـ موقف أبي طالبعليه‌السلام :

وأما أبو طالب الّذي كان شقيق عبد الله والد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد كان طالبا للشرف والعلاء ، دون المال والشهوات. فهو رغم فقره وقلة ذات يده ، أصبح شيخ البطحاء وسيد قريش. وقد كان مثل أبيه عبد المطلب على دين إبراهيمعليه‌السلام . فأوكل الله إليه كفالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاة عبد المطلب. ولإيمانه بنبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفله وحماه وجعله كواحد من أبنائه ، بل كان يفضّله عليهم. وحين قاطع المشركون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألجأ أبو طالب محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى شعبه ثلاث سنين ، خوفا عليه وحماية لدعوته. وقد كانت الظروف تفرض على أبي طالب أن يلعب دور «التقيّة «تجاه قريش ، ريثما تقف الدعوة على أقدامها. وإن البيب يدرك أن أعمال الإنسان هي التي تنبئ عن حقيقة إيمانه وعقيدته ، في حين لا قيمة للتشهد بالشهادتين إذا كان لا ينبع من القلب ، بل يصدر من اللسان والسيف على العنق.

ومن أعظم الدلائل على إيمان هذا الرجل العظيم ، الّذي كان محور نجاح الدعوة ، والذي لعب أكبر دور في فوزها وازدهارها ، أنه لم يمنع أحدا من أولاده عن متابعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في دعوته ، بل إنه كان يحضّهم على الصلاة خلفه ، والمحافظة عليه من بعده. كما سمح لزوجته بالإسلام ، فكانت فاطمة بنت أسد من أوائل المسلمات.

روى ابن الأثير أن أبا طالبعليه‌السلام رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي ، وعليّعليه‌السلام عن يمينه ، ولم تكن الصلاة مشروعة على الناس في ذلك الوقت ، فقال لابنه جعفر :«صل جناح ابن عمك». أي صلّ عن يسار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما صلى أخوك عن يمينه ، فتصيرا له مثل الجناحين. ولما انصرفوا أنشأ أبو طالب يقول :

٩٧

إنّ عليا وجعفرا ثقتي

عند ملمّ الخطوب والنّوب

لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما

أخي لأمي من بينهم وأبي

والله لا أخذل النبي ولا

يخذله من بنيّ ذو حسب

وبهذا النّفس العقائدي الجارف ، الّذي لا يعرف الشك ولا التواني ، قام أحفاد أبو طالب ينصرون الدعوة يوم كربلاء ، كما نصرها جدهم أبو طالب في مكة والبطحاء. حتّى أن كل الذين استشهدوا من أهل البيتعليهم‌السلام يوم كربلاء وعددهم ١٧ شهيدا ، كانوا كلهم من صلب أبي طالبعليه‌السلام .

قال الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام : «قتل مع جدي الحسينعليه‌السلام سبعة عشر رجلا ، كلهم حملت بهم فاطمة بنت أسد زوجة أبي طالبعليه‌السلام ».

انظر (لائحة المستشهدين مع الحسينعليه‌السلام من آل أبي طالب) ، ولاحظ أن كل شهداء أهل البيتعليهم‌السلام يوم كربلاء هم من نسل أبي طالب وأولاده الثلاثة : عقيل وجعفر وعليعليهم‌السلام .

١٣ ـ لماذا لم يشارك العباسيون في نصرة الحسينعليه‌السلام ؟ :

(انصار الحسينعليه‌السلام لمحمد مهدي شمس الدين ، ص ٢٠٥ ط ٢)

قال الشيخ محمّد مهدي شمس الدين : لقد فجّر الثورة الهاشميون ما من شك ، ولكن أي الهاشميين هم؟. إنهم الطالبيون من سلالة أبي طالبعليه‌السلام . أما العباسيون أبناء العباس بن عبد المطلب ، فالغريب أنه لم يشترك منهم فيها أحد.سوى نصيحة عبد الله بن عباس للحسينعليه‌السلام التي لم تعد المشافهة. فلماذا يكون هذا؟.

وكل الثورات التي أشعلتها ثورة الحسينعليه‌السلام فيما بعد ، في العراق والحجاز وإيران ، كان قادتها طالبيين ، ولم يكن فيهم عباسيّ واحد على الإطلاق!.

لقد كان العباس عمّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غنيا ومترافقا مع أبي سفيان ، ولم يسلما إلا متأخرين. في حين كان أبو طالب من الفقراء ، وكان أول من آمن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونصره وحماه ، وعلى نهجه سار أولاده وأحفاده جميعاعليهم‌السلام . فالعباس يمثّل الغنى والمال ، وأخوه أبو طالب يمثل العقيدة والكمال. ففي حين كان العباسيون بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينعمون بجوائز الخلفاء وترف العيش ، كان الطالبيون يحترقون بنار الثورات ضد الظلم والباطل.

٩٨

المستشهدون مع الحسين من آل أبي طالبعليه‌السلام

وإن الألى بالطفّ من آل هاشم

تأسّوا فسنّوا للكرام التاسيا

٩٩

وظل العباسيون يسايرون الطالبيين والعلويين ، ويستفيدون من جهادهم وسمعتهم ، حتّى استطاعوا أن يغتصبوا الحق منهم ويقوموا بالدولة العباسية ، عند ذلك أظهروا حقيقتهم تجاه العلويين ، ولم يترددوا ساعة في إبادتهم واستئصالهم ، فكانوا هم والأمويون على حدّ سواء ، إذا لم يكن العباسيون أكثر بطشا وألدّ عداوة.وكما قال أبو فراس الحمداني في قصيدته الشافية :

ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت

تلك الجرائم إلا دون نيلكم

ـ أساليب تعذيب العباسيين لشيعة أهل البيتعليهم‌السلام :

(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ١٥٩)

روى الرواة عن أساليب تعذيب أبي جعفر المنصور للعلويين ، أنه كان يضع العلويين في الأسطوانات ويسمرهم في الحيطان ، وأحيانا يضعهم في سجن مظلم ويتركهم يموتون جوعا ، ويترك الموتى بين الأحياء ، فتقتلهم الروائح الكريهة ، ثم يهدم السجن على الجميع (كما جاء في تاريخ اليعقوبي).

٥ ـ ترجمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأولاده

١٤ ـ ترجمة النبي الأعظم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وآله الطّاهرين ، ص ٥ ـ ٨٦)

هو محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.

ولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكة عند طلوع الفجر من يوم الاثنين لاثنتي عشرة أو سبع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول عام الفيل. ومات أبوه عبد الله وأمه حامل به. فلما ولد كفله جده عبد المطلب وسمّاه (محمدا) ، ولم يسمّ بهذا الاسم أحد من قبل. وعقّ عنه في اليوم السابع من ولادته. ولما بلغصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ست سنين خرجت به أمه إلى المدينة المنورة لزيارة أخواله من بني النجار ، فمرضت وهي راجعة به وتوفيت ، ودفنت بالأبواء.

ولما صار عمره الشريف ثماني سنين مرض جده عبد المطلب مرض الموت ، فأوصى به إلى عمه أبي طالب لفخامته ، ولكونه شقيق أبيه عبد الله. ولما صار عمره اثنتي عشرة سنة وسافر به عمه إلى الشام ووصل الركب إلى بصرى ، رأى منه بحيرا

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

وراجع: وفيات الأعيان ٢ / ٤٥٩، تاريخ بغداد ١٢ / ٣٤، النجوم الزاهرة ٤ / ١٧٢، طبقات الشافعية ٣ / ٤٦٢، طبقات القرّاء ١ / ٥٥٨، وغيرها.

(٨)

ابن حزم الأندلسي

وقد نصّ الحافظ ابن حزم الأندلسي، المتوفّى سنة ٤٧٥، ه‍، على بطلان هذا الحديث وعدم جواز الإِحتجاج به فإنّه قال في رأي الشيخين ما نصّه: « أمّا الرواية: اقتدوا باللذين من بعدي فحديث لا يصحّ. لأنّه مرويّ عن مولى لربعيّ مجهول، وعن المفضّل الضبيّ وليس بحجّة.

كما حدّثنا أحمد بن محمد بن الجسور، نا محمد بن كثير الملّائي، نا المفضّل الضبيّ، عن ضرار بن مرّة، عن عبد الله بن أبي الهذيل العنزي، عن جدّته، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد ابن اُمّ عبد.

وكما حدّثنا أحمد بن قاسم، قال: نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ، قال: حدّثني قاسم بن أصبغ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا محمد ابن كثير، أنا سفيان الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي، عن ربعي، عن حذيفة

وأخذناه أيضاً عن بعض أصحابنا، عن القاضي أبي الوليد ابن الفرضي، عن ابن الدخيل، عن العقيلي، نا محمد بن إسماعيل، نا محمد بن فضيل، نا وكيع، نا سالم المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش وأبي عبد الله - رجل من أصحاب حذيفة - عن حذيفة.

قال أبو محمد: سالم ضعيف. وقد سمّى بعضهم المولى فقال: هلال مولى

٤٢١

ربعيّ. وهو مجهول لا يعرف من هو أصلاً. ولو صحّ لكان عليهم لا لهم، لأنّهم - نعني أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي - أترك الناس لأبي بكر وعمر. وقد بيّنّا أنّ أصحاب مالك خالفوا أبا بكر ممّا رووا في الموطّأ خاصة في خمسة مواضع، وخالفوا عمر في نحو ثلاثين قضية ممّا رووا في الموطّأ خاصة. وقد ذكرنا أيضاً أنّ عمر وأبابكر اختلفا، وأنّ اتّباعهما فيما اختلفا فيه متعذّر ممتنع لا يعذر عليه أحد ».

وقال في الفصل:

« قال أبو محمد: ولو أنّنا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو أبلسوا أسفاً - لاحتججنا بما روي: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.

قال أبو محمد: ولكنّه لم يصحّ، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصحّ »(١) .

ترجمته:

وأبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، حافظ، فقيه، ثقة، له تراجم حسنة في كتبهم، وإن كانوا ينتقدون عليه صراحته وشدّته في عباراته

قال الحافظ ابن حجر: « الفقيه الحافظ الظاهري، صاحب التصانيف، كان واسع الحفظ جدّاً، إلّا أنّه لثقة حافظته كان يهجم، كالقول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة.

قال صاعد بن أحمد الربعي: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس كلّهم لعلوم الإِسلام وأشبعهم معرفة، وله مع ذلك توسّع في علم البيان، وحظّ من البلاغة، ومعرفة بالسِيَر والأنساب.

قال الحميدي: كان حافظاً للحديث، مستنبطاً للأحكام من الكتاب

____________________

(١). الإحكام في اُصول الأحكام: المجلّد ٢ الجزء ٦ ص ٢٤٢ - ٢٤٣. الفصل في الملل والنحل ٤ / ٨٨.

٤٢٢

والسُنّة، متفنّناً في علومٍ جَمّة، عاملاً بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ والتديّن وكرم النفس، وكان له في الأثر باع واسع.

قال مؤرّخ الأندلس أبو مروان ابن حبّان: كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب، مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة، وكان لا يخلو في فنونه من غلط، لجرأته في السؤال على كل فنّ »(١) .

وراجع: وفيات الأعيان ٣ / ١٣، نفح الطيب ١ / ٣٦٤، العبر في خبر من غبر ٣ / ٢٣٩.

(٩)

برهان الدين العبري الفرغاني

وقد نصّ العلّامة عبيد الله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي - المتوفّى سنة ٧٤٣ ه‍ - على أنّه حديث موضوع لا يجوز الاستدلال به والاستناد إليه، وهذا نصّ كلامه: « وقيل: إجماع الشيخين حجّة لقوله صلّى الله عليه [ وآله ] سلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فالرسول أمرنا بالاقتداء بهما، والأمر للوجوب، وحينئذٍ يكون مخالفتهما حراماً. ولا نعني بحجّيّة إجماعهما سوى ذلك.

الجواب: إنّ الحديث موضوع لما بيّنّا في شرح الطوالع »(٢) .

ترجمته:

والعبري من كبار أئمّة القوم في علم الكلام والمعقول، وشرحه على « المنهاج » وعلى « الطوالع » للقاضي البيضاوي من أشهر كتبهم في الكلام والأُصول

____________________

(١). لسان الميزان ٤ / ١٩٨.

(٢). شرح المنهاج - مخطوط.

٤٢٣

... وقد ترجموا له وأثنوا عليه واعترفوا بفضله.

قال الحافظ ابن حجر: « كان عارفاً بالأصلين، وشرح مصنّفات ناصر الدين البيضاوي ذكره الذهبي في المشتبه - في العبري - فقال: عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة. ومات في شهر رجب سنة ٧٤٣. قلت: رأيت بخطّ بعض فضلاء العجم أنّه مات في غرّة ذي الحجّة منها وهو أثبت، ووصفه فقال: هو الشريف المرتضى قاضي القضاة، كان مطاعا عند السلاطين، مشهورا في الآفاق، مشاراً إليه في جميع الفنون، ملاذ الضعفاء، كثير التواضع والإِنصاف »(١) .

وقال الأسنوي: « كان أحد الأعلام في علم الكلام والمعقولات، ذا حظٍّ وافر من باقي العلوم، وله التصانيف المشهورة »(٢) .

وقال اليافعي: « الإِمام العلّامة، قاضي القضاة، عبيد الله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي، البارع العلّامة المناظر، يضرب بذكائه ومناظرته المثل، كان إماماً بارعاً، متفنّناً، تخرج به الأصحاب، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي،.

وأقرأهما وصنّف فيهما. وأمّا الأُصول والمعقول فتفرّد فيها بالإِمامة، وله تصانيف وكان اُستاذ الاُستاذين في وقته »(٣) .

(١٠)

شمس الدين الذهبي

وأبطل الحافظ الكبير الذهبي - المتوفّى سنة ٧٤٨ ه‍ - هذا الحديث مرّة بعد

____________________

(١). الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ٢ / ٤٣٣.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٢٣٦.

(٣). مرآة الجنان ٤ / ٣٠٦.

٤٢٤

اُخرى، واستشهد بكلمات جهابذة فنّ الحديث والرجال وإليك ذلك:

قال: « أحمد بن صليح، عن ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر بحديث: اقتدوا باللذين من بعدي.

وهذا غلط، وأحمد لا يعتمد عليه »(١)

وقال: « أحمد بن محمد بن غالب الباهلي غلام خليل، عن إسماعيل بن أبي اويس وشيبان وقرّة بن حبيب. وعنه: ابن كامل وابن السماك وطائفة.

وكان من كبار الزّهاد ببغداد. قال ابن عديّ: سمعت أبا عبد الله النهاوندي يقول: قلت لغلام خليل: ما هذه الرقائق التي تحدّث بها؟ قال: قال وضعناها لنرقّق بها قلوب العامة.

وقال أبو داود: أخشى أن يكون دجّال بغداد.

وقال الدارقطني: متروك.

ومن مصائبه: قال: حدّثنا محمد بن عبد الله العمري، حدّثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.

فهذا ملصق بمالك. وقال أبو بكر النقّاش: وهو واه »(٢) .

وقال: « محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطّاب العدوي، العمري.

ذكره العقيلي وقال: لا يصحّ حديثه، ولا يعرف بنقل الحديث، حدّثنا أحمد ابن الخليل، حدّثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، حدّثني محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم، أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي.

فهذا لا أصل له من حديث مالك، بل هو معروف من حديث حذيفة بن

____________________

(١). ميزان الاعتدال في نقد الرجال ١ / ١٠٥.

(٢). ميزان الاعتدال في نقد الرجال ١ / ١٤١.

٤٢٥

اليمان.

وقال الدار قطني: العمري هذا يحدّث عن مالك بأباطيل.

وقال ابن مندة: له مناكير »(١) .

وقال: « عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود.

قلت: سنده واهٍ جدّاً »(٢) .

ترجمته:

والذهبي أعرف من أن يعرّف، فهو إمام المتأخرين في التواريخ والسّير، والحجّة عندهم في الجرح والتعديل وإليك بعض مصادر ترجمته: الدرر الكامنة ٣ / ٣٣٦، الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣، طبقات الشافعية ٥ / ٢١٦، فوات الوفيات ٢ / ٣٧٠، البدر الطالع ٢ / ١١٠، شذرات الذهب ٦ / ١٥٣، النجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢، طبقات القرّاء ٢ / ٧١.

(١١)

نور الدّين الهيثمي

ونصّ الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي - المتوفّى سنة ٨٠٧ ه‍ - على سقوط الحديث عن أبي الدرداء حيث قال: « وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر،

____________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ٦١٠.

(٢). تلخيص المستدرك ٣ / ٧٥.

٤٢٦

فإنّهما حبل الله الممدود، ومن تمسّك بهما فقد تمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.

رواه الطبراني. وفيه من لم أعرفهم »(١) .

وكذا عن ابن مسعود وقد تقدّمت عبارته.

ترجمته:

والحافظ الهيثمي من أكابر حفّاظ القوم، وأئمّتهم.

قال الحافظ السخاوي بعد وصفه بالحفظ: « وكان عجباً في الدين والتقوى والزهد والإِقبال على العلم والعبادة والأوراد وخدمة الشيخ

قال شيخنا في معجمه: كان خيّراً ساكناً ليّناً سليم الفطرة، شديد الإِنكار للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده، محبّاً في الحديث وأهله

وقال البرهان الحلبي: إنّه كان من محاسن القاهرة.

وقال التقيّ الفاسي: كان كثير الحفظ للمتون والآثار، صالحاً خيّراً.

وقال الأقفهسي: كان إماماً عالماً حافظاً زاهداً

والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدّاً »(٢) .

وراجع أيضاً: حسن المحاضرة ١ / ٣٦٢، طبقات الحفّاظ: ٥٤١، البدر الطالع ١ / ٤٤.

(١٢)

ابن حجر العسقلاني

واقتفى الحافظ ابن حجر العسقلاني - المتوفّى سنة ٨٥٢ ه‍ - أثر الحافظ

____________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ٥٣.

(٢). الضوء اللامع ٥ / ٢٠٠.

٤٢٧

الذهبي، فأبطل الحديث في غير موضع. فقال بترجمة أحمد بن صليح:

« أحمد بن صليح، عن ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما بحديث: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. وهذا غلط. وأحمد لا يعتمد عليه »(١) .

وقال بترجمة غلام خليل بعد كلام الذهبي: « وقال الحاكم: سمعت الشيخ أبا بكر ابن إسحاق يقول: أحمد بن محمد بن غالب ممّن لا أشكّ في كذبه.

وقال أبو أحمد الحاكم: أحاديثه كثيرة لا تحصى كثرةً، وهو بيّن الأمر في الضّعف.

وقال أبو داود: قد عرض عليَّ من حديثه فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلّها. وروى عن جماعةٍ من الثقات أحاديث موضوعة على ما ذكره لنا القاضي أحمد بن كامل، مع زهده وورعه. ونعوذ بالله من ورع يقيم صاحبه ذلك المقام »(٢) .

وأضاف إلى كلام الذهبي بترجمة محمد العمري: « وقال العقيلي بعد تخريجه: هذا حديث منكر لا أصل له. وأخرجه الدار قطني من رواية أحمد الخليلي البصري بسنده وساق بسندٍ كذلك ثم قال: لا يثبت، والعمري هذا ضعيف »(٣) .

ترجمته:

وابن حجر العسقلاني حافظهم على الإِطلاق، وشيخ الإِسلام عندهم في جميع الآفاق، إليه المرجع في التاريخ والحديث والرجال، وعلى كتبه المعوَّل في جميع العلوم قال الحافظ السيوطي:

« الإمام الحافظ في زمانه، قاضي القضاة، انتهت إليه الرحلة والرياسة في

____________________

(١). لسان الميزان ١ / ١٨٨.

(٢). لسان الميزان ١ / ٢٧٢.

(٣). لسان الميزان ٥ / ٢٣٧.

٤٢٨

الحديث في الدنيا بأسرها، لم يكن في عصره حافظ سواه. وألّف كتباً كثيرة كشرح البخاري، وتعليق التعليق، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، ولسان الميزان، والإِصابة في الصحابة، ونكت ابن الصلاح، ورجال الأربعة وشرحها، والألقاب »(١) .

وهكذا وُصف في كلّ كتاب توجد فيه ترجمة له فراجع: البدر الطالع ١ / ٨٧، الضوء اللامع ٢ / ٣٦، شذرات الذهب ٨ / ٢٧٠، ذيل رفع الإِصر: ٨٩، ذيل تذكرة الحفّاظ: ٣٨٠.

(١٣)

شيخ الإِسلام الهروي

وقال الشيخ أحمد بن يحيى الهروي الشافعي - المتوفّى سنة ٩١٦ ه‍ - ما نصّه:

« من موضوعات أحمد الجرجاني:

من قال القرآن مخلوق فهو كافر. الإِيمان يزيد وينقص. ليس الخبر كالمعاينة. الباذنجان شفاء من كلّ داء. دانق من حرام أفضل عند الله من سبعين حجة مبرورة. موضوع. اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر. باطل.

إنّ الله يتجلّى للخلائق يوم القيامة ويتجلّى لأبي بكر خاصّة. باطل »(٢) .

ترجمته:

وهذا الشيخ من فقهاء الشّافعية، وكان شيخ الإِسلام بمدينة هراة، وهو

____________________

(١). حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣.

(٢). الدرّ النضيد: ٩٧.

٤٢٩

حفيد السّعد التفتازاني.

قال الزركلي: « أحمد بن يحيى بن محمد بن سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني الهروي، شيخ الإِسلام، من فقهاء الشافعية، يكنّى سيف الدين ويعرف بـ « حفيد السعد » التفتازاني. كان قاضي هراة مدّة ثلاثين عاماً، ولـمّا دخل الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي كان الحفيد ممّن جلسوا لاستقباله في دار الإِمارة، ولكنّ الوشاة اتّهموه عند الشاه بالتعصّب، فأمر بقتله مع جماعةٍ من علماء هراة، ولم يعرف له ذنب، ونعت بالشهيد. له كتب منها: مجموعة سمّيت: الدرّ النضيد من مجموعة الحفيد ط. في العلوم الشرعية والعربيّة »(١) .

(١٤)

عبد الرؤوف المناوي

وطعن العلّامة عبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي المصري - المتوفّى سنة ١٠٢٩ ه‍ - في سند الحديث عن حذيفة، وتعقّبه عن ابن مسعود بكلمة الذهبي. وهذا نصّ عبارته:

« ( اقتدوا باللذين ) بفتح الذال. أي الخليفتين اللذين يقومان ( من بعدي: أبو بكر وعمر ) أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه، المؤذن بحسن سيرتهما وصدق سريرتهما، وإيماء لكونهما الخليفتين بعده. وسبب الحثّ على الاقتداء بالسابقين الأولين ما فطروا عليه من الأخلاق المرضيّة والطبيعة القابلة للخيور السنيّة، فكأنّهم كانوا قبل الإِسلام كأرض طيّبة في نفسها، لكنّها معطّلة عن الحرث بنحو عوسج وشجر عضاة. فلمـّا

____________________

(١). الأعلام ١ / ٢٧٠.

٤٣٠

اُزيل ذلك منها بظهور دولة الهدى أنبتت نباتاً حسناً، فلذلك كانوا أفضل الناس بعد الأنبياء، وصار أفضل الخلق بعدهم من اتّبعهم بإحسان إلى يوم الصراط والميزان.

فإن قلت: حيث أمر باتّباعهما فكيف تخلّف عليرضي‌الله‌عنه عن البيعة؟

قلت: كان لعذر ثم بايع. وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما وإقامة الجمع والأعياد معهما والثناء عليهما حيّين وميّتين.

فإن قلت: هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الاُصول من أنّه لم ينصّ على خلافة أحد.

قلت: مرادهم لم ينصّ نصّاً صريحاً. وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة وغير ذلك.

( حم ت ) في المناقب وحسّنه ( ه‍ ) من حديث عبد الملك بن عمير عن ربعي ( عن حذيفة ) بن اليمان.

قال ابن حجر: اختلف فيه على عبد الملك. وأعلّه أبو حاتم. وقال البزّار كابن حزم: لا يصحّ. لأنّ عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة. لكن له شاهد. وقد أحسن المصنّف حيث عقّبه بذكر شاهده فقال:

( اقتدوا باللذين ) بفتح الذال ( من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار ) بن ياسر، أي سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده فإنّه ما عرض عليه أمران إلّا اختار أرشدهما، كما يأتي في حديث ( وتمسّكوا بعهد ابن مسعود ) عبد الله، أي ما يوصيكم به.

قال التوربشتي: أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة، فإنّه أوّل من شهد بصحّتها وأشار إلى استقامتها قائلاً: ألا نرضى لدنيانا من رضيه لديننا بيننا، كما يومئ إليه المناسبة بين مطلع الخبر وتمامه.

( ت ) وحسّنه ( عن ابن مسعود. الروياني عن حذيفة ) قال: بينا نحن عند رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم إذ قال: لا أدري ما قدر بقائي فيكم، ثم

٤٣١

ذكره. ( عد عن أنس ).

ورواه الحاكم عن ابن مسعود باللفظ المذكور قال الذهبي: وسنده واهٍ »(١) .

ترجمته:

والمناويّ علّامة محقّق كبير، وكتابه ( فيض القدير ) من الكتب المفيدة وقد ترجم له وأثنى عليه العلّامة المحبّي ووصفه بـ « الإِمام الكبير الحجّة » وهذه عبارته:

« عبد الرءوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين، الملقّب بزين الدين، الحدادي ثم المناوي، القاهري، الشافعي.

الإِمام الكبير الحجّة، الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب.

وكان إماماً فاضلاً، زاهداً، عابداً، قانتاً لله خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرّباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلةٍ واحدةٍ من الطعام.

وقد جمع من العلوم والمعارف - على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها - ما لم يجتمع في أحدٍ ممّن عاصره »(٢) .

(١٥)

ابن درويش الحوت

وقال العلّامة ابن درويش الحوت - المتوفّى سنة ١٠٩٧ ه‍ -: « خبر ( اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ).

رواه أحمد والترمذي وحسنّه. وأعلّه أبو حاتم، وقال البزّار كابن حزم: لا

____________________

(١). فيض القدير - شرح الجامع الصغير ٢ / ٥٦.

(٢). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٢ / ٤١٢ - ٤١٦.

٤٣٢

يصحّ. و في رواية للترمذي وحسّنها: واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود وقال الهيثمي: سندها واه »(١) .

____________________

(١). أسنى المطالب: ٤٨.

٤٣٣

(٣)

تأمّلات في متن ودلالة

حديث الاقتداء

قد أشرنا في المقدّمة إلى استدلال القوم بحديث الاقتداء في باب الخلافة والإِمامة وفي الفقه والاُصول في مسائل مهمّة

فقد استدلّ به القاضي البيضاوي في كتابه الشهير « طوالع الأنوار في علم الكلام » وابن حجر المكّي في « الصواعق المحرقة » وابن تيميّة في « منهاج السنّة » وولي الله الدهلوي - صاحب: حجّة الله البالغة - في كتابه « قرّة العينين في تفضيل الشيخين » ومن الطريف جدّاً أنّ هذا الأخير ينسب رواية الحديث إلى البخاري ومسلم وهذه عبارته:

« قوله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.

فعن حذيفة: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. متّفق عليه.

وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم: اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود. أخرجه الترمذي »(١) .

إذ لا يخفى أنّ النسبة كاذبة إلّا أنْ يكون « متّفق عليه » اصطلاحاً خاصاً بالدهلوي، يعني به اتّفاقهما على عدم الإِخراج!!

واستدلّ به الشيخ علي القاري ووقع فيما وقع فيه الدهلوي

____________________

(١). قرّة العينين: ١٨٩.

٤٣٤

فقد جاء في « شرح الفقه الأكبر »: « مذهب عثمان وعبد الرحمن بن عوف: أنّ المجتهد يجوز له أنْ يقلِّد غيره إذا كان أعلم منه بطريق الدين، وأنْ يترك اجتهاد نفسه ويتّبع اجتهاد غيره. وهو المروي عن أبي حنيفة، لا سيّما و قد ورد في الصحيحين: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فأخذ عثمان وعبد الرحمن بعموم هذا الحديث وظاهره ».

ولعلّه يريد غير صحيحي البخاري ومسلم!! وإلّا فقد نصّ الحاكم - كما عرفت - على أنّهما لم يخرجاه!!

وهكذا فإنّك تجد حديث الاقتداء يُذكر أو يستدلّ به في كتب الاُصول المعتمدة فقد جاء في المختصر:

« مسألة: الإِجماع لا ينعقد بأهل البيت وحدهم خلافاً للشيعة. ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد. ولا بأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - عند الأكثرين. قالوا: عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين من بعدي. اقتدوا باللذين من بعدي. قلنا: يدلّ على أهلية اتّباع المقلّد، ومعارض بمثل: أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم. و خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء ».

قال شارحه العضد: « أقول: لا ينعقد الإِجماع بأهل البيت وحدهم مع مخالفة غيرهم لهم، أو عدم الموافقة والمخالفة، خلافاً للشيعة. ولا بالأئمّة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد. ولا بأبي بكر وعمر عند الأكثرين خلافاً لبعضهم.

لنا: أنّ الأدلّة لا تتناولهم. وقد تكرّر فلم يكرّر. أمّا الشيعة فبنوا على أصلهم في العصمة، وقد قرّر في الكلام فلم يتعرّض له. وأمّا الآخرون فقالوا: قال عليه الصلاة والسلام: عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين من بعدي. وقال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.

الجواب: أنّهما إنّما يدلّان على أهلية الأربعة أو الاثنين لتقليد المقلَّد لهم، لا على حجّيّة قولهم على المجتهد. ثم إنّه معارض بقوله: أصحابي كالنجوم »(١) .

____________________

(١). شرح المختصر في الاُصول ٢ / ٣٦.

٤٣٥

وفي المنهاج وشرحه: « وذهب بعضهم إلى أنّ إجماع الشيخين وحدهما حجّة لقولهعليه‌السلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. رواه أحمد بن حنبل وابن ماجة والترمذي وقال: حسن، وذكره ابن حبان في صحيحه.

وأجاب الإِمام وغيره عن الخبرين بالمعارضة بقوله: أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم وهو حديث ضعيف. وأجاب الشيخ أبو إسحاق في ( شرح اللمع ) بأنّ ابن عبّاس خالف جميع الصحابة في خمس مسائل انفرد بها، وابن مسعود انفرد بأربع مسائل، ولم يحتجّ عليهما أحد بإجماع »(١) .

وفي مسلّم الثبوت وشرحه: « ولا ينعقد الإِجماع بالشيخين أميري المؤمنين أبي بكر وعمر عند الأكثر، خلافا للبعض، ولا ينعقد بالخلفاء الأربعة خلافاً لأحمد الإمام ولبعض الحنفية قالوا: كون اتّفاق الشيخين إجماعاً، قالوا: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. رواه أحمد، فمخالفتهما حرام قلنا: هذا خطاب للمقلّدين، فلا يكون حجّة على المجتهدين، وبيان لأهليّة الاتّباع، لا حصر الاتّباع فيهم، وعلى هذا فالأمر للإِباحة أو للندب، وأحد هذين التأويلين ضروري، لأنّ المجتهدين كانوا يخالفونهم، والمقلّدون كانوا قد يقلّدون غيرهم ولم ينكر عليهم أحد، لا الخلفاء أنفسهم ولا غيرهم، فعدم حجّية قولهم كان معتقدهم. وبهذا اندفع ما قيل إنّ الإِيجاب ينافي هذا التأويل »(٢) .

فهذه نماذج من إستدلال القوم بحديث الاقتداء بالشيخين في مسائل الفقه والاُصوليين

لكنّ الذي يظهر من مجموع هذه الكلمات أنّ الأكثر على عدم حجّية إجماعهما

____________________

(١). الإبهاج في شرح المنهاج ٢ / ٣٦٧.

(٢). فواتح الرحموت في مسلّم الثبوت ٢ / ٢٣١.

٤٣٦

وإذا ضممنا إلى ذلك أنّ الأكثر - أيضاً - على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينصّ على خلافة أحدٍ من بعده كما جاء في المواقف وشرحها « والإِمام الحقّ بعد النبي صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم : أبوبكر ثبتت إمامته بالإجماع، وإن توقّف فيه بعضهم ولم ينصّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم على أحدٍ خلافاً للبكرية، فإنّهم زعموا النصّ على أبي بكر، وللشيعة فإنّهم يزعمون النصّ على علي كرّم الله وجهه، إمّا نصّاً جلياً وإمّا نصّاً خفيّاً. والحقّ عند الجمهور نفيهما»(١) .

وقال المناوي بشرحه: « فإن قلت: هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنّه لم ينصّ على خلافة أحدٍ.

قلت: مرادهم: لم ينصّ نصّاً صريحاً، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة ونحو ذلك(٢) .

علمنا أنّ المستدلّين بهذا الحديث في جميع المجالات – ابتداءً بباب الإِمامة والخلافة، وانتهاءً بباب الاجتهاد والإِجماع - هم « البكرية » وأتباعهم

إذن فالأكثر يُعْرِضون عن مدلول هذا الحديث ومفاده وإنّ المستدلّين به قوم متعصّبون لأبي بكر وإمامته وهذا وجه آخر من وجوه وضعه واختلاقه

قال الحافظ ابن الجوزي: « قد تعصَّب قوم لا خلاق لهم يدّعون التمسّك بالسُنّة فوضعوا لأبي بكر فضائل »(٣) .

لكن من هم؟

هم « البكرية » أنفسهم!!

____________________

(١). شرح المواقف - مباحث الإِمامة ٨ / ٣٥٤.

(٢). فيض القدير ٢ / ٥٦.

(٣). الموضوعات ١ / ٣٠٣.

٤٣٧

قال العلّامة المعتزلي: « فلمـّا رأت البكرية ما صنعت الشيعة(١) ، وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث، نحو: ( لو كانت متّخذاً خليلاً ) فإنّهم وضعوه في مقابلة ( حديث الإِخاء ). ونحو ( سدّ الأبواب ) فإنّه كان لعليعليه‌السلام ، فقلبته البكرية إلى أبي بكر. ونحو: ( ايتني بدواةٍ وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه إثنان ) ثم قال: ( يأبى الله والمسلمون إلّا أبا بكر ) فإنّهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه: ( إيتوني بدواةٍ وبياض أكتب لكم ما لا تضلّون بعده أبداً. فاختلفوا عنده وقال قوم منهم: لقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله ) ونحو حديث: ( أنا راضٍ عنك، فهل أنت عنّي راض؟ ) ونحو ذلك »(٢) .

وبعد، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلّم هنا عن هذه الجهة وبغضّ النظر عن السند؟

يقول المناوي: « أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه ».

لكنّ أوّل شيء يعترض عليه به تخلّف أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرهما به، ولذا قال:

« فإن قلت: حيث أمر باتّباعهما فكيف تخلّف عليرضي‌الله‌عنه عن البيعة؟ قلت: كان لعذر ثم بايع، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما »(٣) .

أقول: لقد وقع القوم - بعد إنكار النصّ وحصر دليل الخلافة في الإِجماع - في مأزق كبير وإشكال شديد، وذلك لأنّهم قرّروا في علم الاُصول أنّه إذا خالف

____________________

(١). الذي صنعته الشيعة أنّها استدلّت بالأحاديث التي رواها أهل السنّة في فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام باعتبار أنّها نصوص جليّة أو خفيّة على إمامته كما ذكر صاحب « شرح المواقف » وغيره.

(٢). شرح نهج البلاغة ١١ / ٤٩.

(٣). فيض القدير ٢ / ٥٦.

٤٣٨

واحد من الاُمّة أو اثنان لم ينعقد الإِجماع.

قال الغزّالي: « إذا خالف واحد من الاُمّة أو اثنان لم ينعقد الإِجماع دونه، فلو مات لم تصر المسألة إجماعاً، خلافاً لبعضهم. ودليلنا: أنّ المحرّم مخالفة الاُمّة كافّة »(١) .

وفي مسلّم الثبوت وشرحه: « قيل: إجماع الأكثر مع ندرة المخالف بأنْ يكون واحداً أو اثنين إجماع والمختار أنّه ليس بإجماع لانتفاء الكلّ الذي هو مناط العصمة. ثم اختلفوا فقيل: ليس بحجّةٍ أصلاً كما أنّه ليس بإجماع، وقيل: بل حجّة ظنّية غير الإِجماع، لأنّ الظاهر إصابة السواد الأعظم قيل: ربّما كان الحقّ مع الأقل وليس فيه بعد ».

فقال المكتفون بإجماع الأكثر: « صحّ خلافة أبي بكر مع خلاف علي وسعد ابن عبادة وسلمان ».

فأجيب: « ويدفع بأنّ الإِجماع بعد رجوعهم إلى بيعته. هذا واضح في أمير المؤمنين علي ».

فلو سلّمنا ما ذكروه من بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فما الجواب عن تخلّف سعد بن عبادة »؟!

أمّا المناوي فلم يتعرّض لهذه المشكلة وتعرّض لها شارح مسلّم الثبوت فقال بعد ما تقدّم: « لكنّ رجوع سعد بن عبادة فيه خفاء، فإنّه تخلّف ولم يبايع وخرج عن المدينة، ولم ينصرف إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة أمير المؤمنين عمر، وقيل: مات سنة إحدى عشرة في خلافة أمير المؤمنين الصدّيق الأكبر. كذا في الاستيعاب وغيره. فالجواب الصحيح عن تخلّفه: أنّ تخلّفه لم يكن عن اجتهاد، فإنّ أكثر الخزرج قالوا: منّا أمير ومنكم أمير، لئلّا تفوت رئاستهم ولم يبايع سعد لما كان له حبّ السيادة، وإذا لم

____________________

(١). المستصفى ١ / ٢٠٣.

٤٣٩

تكن مخالفته عن الاجتهاد فلا يضرّ الإِجماع

فإن قلت: فحينئذٍ قد مات هورضي‌الله‌عنه شاقّ عصا المسلمين مفارق الجماعة و قد قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم: لم يفارق الجماعة أحد ومات إلّا مات ميتة الجاهلية. رواه البخاري. والصحابة لا سيّما مثل سعد برآء عن موت الجاهلية.

قلت: هب أنّ مخالفة الإِجماع كذلك، إلّا أنّ سعداً شهد بدراً على ما في صحيح مسلم، والبدريّون غير مؤاخذين بذنب، مثلهم كمثل التائب وإنْ عظمت المصيبة، لِما أعطاهم الله تعالى من المنزلة الرفيعة برحمته الخاصة بهم. وأيضاً: هو عقبي ممّن بايع في العقبة، وقد وعدهم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم الجنّة والمغفرة. فإيّاك وسوء الظنّ بهذا الصنيع. فاحفظ الأدب »(١) .

ولو تنزّلنا عن قضية سعد بن عبادة، فما الجواب عن تخلّف الصدّيقة الزهراءعليها‌السلام ؟! وهي من الصحابة، بل بضعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فإذا كان الصحابة - لا سيّما مثل سعد - برآء عن موت الجاهلية، فما ظنّك بالزهراء التي قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني »(٢) و قال: « فاطمة بضعة منّي، يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها »(٣) . و قال: « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة إلّا مريم بنت عمران »(٤) هذه الأحاديث التي استدلّ بها الحافظ السهيلي وغيره من الحفّاظ على أنّها أفضل من الشيخين فضلاً عن غيرهما(٥) .

____________________

(١). فواتح الرحموت - شرح مسلّم الثبوت ٢ / ٢٢٣ - ٢٢٤.

(٢). فيض القدير ٤ / ٤٢١ عن البخاري في المناقب.

(٣). فيض القدير ٤ / ٤٢١.

(٤). فيض القدير ٤ / ٤٢١.

(٥). فيض القدير ٤ / ٤٢١.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735