موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 493766 / تحميل: 5848
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الرجلان والثلاثة والأربعة يستأذنون الحسينعليه‌السلام في الذبّ عنه والدفع عن حرمه ، وكل واحد يحمي الآخر من كيد عدوه.

مصرع الشهيدين الأخوين الغفاريّينرحمهما‌الله

٨٧ ـ مصرع الأخوين الغفاريين :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٦ ط نجف)

فجاءه عبد الله وعبد الرحمن ابنا عروة [أو عزرة] الغفاريان ، فقالا :

يا أبا عبد الله عليك السلام ، قد حازنا الناس إليك ، فأحببنا أن نقتل بين يديك (وندفع عنك). قال : مرحبا بكما ، ادنوا مني ، فدنوا منه ، وجعلا يقاتلان. وجعل عبد الرحمن يرتجز ويقول :

قد علمت حقا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار

لنضربنّ معشر الفجّار

بكل عضب صارم بتّار

يا قوم ذودوا عن بني الأخيار

فقاتل حتى قتل.

وقد مرّ شبيه هذا الشعر لقرة بن أبي قرة ، في الفقرة ٨٠.

(وفي رواية مقتل الخوارزمي) أن هناك شخصا آخر اسمه (عبد الرحمن بن عروة) غير الأخوين الغفاريين ، وهو الّذي خرج وهو يقول :

قد علمت حقا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار

لأضربن معشر الأشرار

بالمشرفيّ الصارم البتّار

مصرع الشهيدين الأخوين الجابريّينرحمهما‌الله

١٠١

٨٨ ـ مصرع الأخوين الجابريّين :(لواعج الأشجان ، ص ١٤٧)

وأتاه فتيان ، وهما سيف بن الحارث بن سريع ، ومالك بن عبد الله بن سريع الجابريان [في مقتل الخوارزمي : بطن من همدان يقال لهم بنو جابر] ، وهما ابنا عم وأخوان لأم ، وهما يبكيان. فقال لهما الحسينعليه‌السلام : يا ابني أخي ، ما يبكيكما؟.فو الله إني لأرجو أن تكونا بعد (عن) ساعة قريري العين. فقالا : جعلنا الله فداك ، والله ما على أنفسنا نبكي ، ولكن نبكي عليك ، نراك وقد أحيط بك ، ولا نقدر على أن ننفعك (وفي رواية : نمنعك). فقالعليه‌السلام : جزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما [أي حزنكما] من ذلك ، ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين.

ثم استقدما وقالا : السلام عليك يابن رسول الله. فقال : وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته. فقاتلا حتى قتلا.

وقد أورد الخوارزمي في مقتله ج ٢ ص ٢٣ هذا الكلام منسوبا للأخوين الغفاريين.

مصرع جنادة ابن الحارث الأنصاري رحمه‌الله

٨٩ ـ شهادة جنادة بن الحرث الأنصاري : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١)

ثم خرج من بعده جنادة بن الحرث الأنصاري ، وهو يقول :

أنا جنادة وأنا ابن الحارث

لست بخوّار ولا بناكث

عن بيعتي حتى يقوم وارث

من فوق شلو في الصعيد ماكث

فحمل ولم يزل يقاتل حتى قتل [على رواية ابن شهر اشوب] ستة عشر رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

مصرع الغلام عمرو بن جنادة الأنصاريرحمه‌الله

١٠٢

٩٠ ـ مصرع الغلام عمرو بن جنادة الأنصاري :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١)

ثم خرج من بعده عمرو بن جنادة وهو ينشد ويقول :

أضق الخناق من ابن سعد وارمه

من هامه بفوارس الأنصار

ومهاجرين مخضّبين رماحهم

تحت العجاجة من دم الكفار

خضبت على عهد النبي محمّد

فاليوم تخضب من دم الفجّار

واليوم تخضب من دماء معاشر

رفضوا القران لنصرة الأشرار

ثم حمل فقاتل حتى قتل.

مصرع شاب قتل أبوه في المعركةرحمه‌الله

٩١ ـ مصرع شاب قتل أبوه في المعركة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ١٤٥)

لعل السيد عبد الرزاق المقرّمرحمه‌الله في مقتله اشتبه بأن هذا الشاب هو عمرو بن جنادة الأنصاري ، مع أن أغلب المصادر تورده منفصلا عن عمرو بن جنادة ، مما يدل على أنه شخص آخر.

وقد ذكر السيد عبد الكريم الحسيني القزويني في كتابه (الوثائق الرسمية) ص ١٨٢ : أن أباه الّذي قتل في أول المعركة هو جنادة بن كعب الخزرجي.

يقول السيد المقرّم في مقتله ، ص ٣١٤ :

وجاء عمرو بن جنادة الأنصاري بعد أن قتل أبوه ، وهو ابن إحدى عشرة سنة ، يستأذن الحسينعليه‌السلام فأبى ، وقال : هذا غلام قتل أبوه في الحملة الأولى ، ولعل أمه تكره ذلك

أما الخوارزمي فيقول في مقتله : ثم خرج من بعده شاب قتل أبوه في المعركة ، وكانت أمه معه. فقالت : يا بني اخرج فقاتل بين يدي ابن رسول الله حتى تقتل.فقال : أفعل. فخرج يستأذن الحسينعليه‌السلام فأبى ، وقال : هذا شاب قتل أبوه في

١٠٣

(الحملة الأولى) ولعل أمه تكره خروجه. فقال الشاب : أمي أمرتني يابن رسول الله.

وفي (الناسخ) قال الحسينعليه‌السلام : يا فتى قتل أبوك ، وإذا قتلت فإلى من تلتجئ أمك في هذا القفر؟. فأراد أن يرجع ، فجاءته أمه وقالت : يا بني تختار سلامة نفسك على نصرة ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا أرضى عنك أبدا!.

فبرز الشاب وقاتل قتال الأبطال ، وأمه تنادي خلفه : أبشر يا بني ، ستسقى من يد ساقي حوض الكوثر. فبرز وهو يقول :

أميري حسين ونعم الأمير

سرور فؤاد البشير النذير

عليّ وفاطمة والداه

فهل تعلمون له من نظير

فما أسرع أن قتل ورمي برأسه إلى جهة الحسينعليه‌السلام ، فأخذت أمه رأسه ومسحت الدم عنه ، وقالت له : أحسنت يا بني ، يا قرة عيني وسرور قلبي. ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته(١) ، وعادت إلى المخيم فأخذت عمود خيمة وحملت على القوم وهي تقول :

أنا عجوز في النساء ضعيفه

خاوية بالية نحيفه

أضربكم بضربة عنيفه

دون بني فاطمة الشريفه

فضربت رجلين فقتلتهما ، فردّها الحسينعليه‌السلام إلى الخيمة ودعا لها(٢) .

ـ تعليق السيد محسن الأمين على شهادة الغلام السابق :

(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٢٣٤)

يقول السيد الأمينرحمه‌الله : وهذا منتهى علوّ النفس وصدق الولاء ، من هذه المرأة وابنها ، أن يكون زوجها قد قتل وهي تنظر إليه ، ثم تأمر ولدها الشاب بنصرة الحسينعليه‌السلام ، وهي تعلم أنه مقتول ، فتسوقه إلى القتل مختارة طائعة ، ويطيعها ابنها في ذلك ، فيقدم على القتل غير مبال ولا وجل. ثم يرخّص له الحسينعليه‌السلام في ترك القتال مخافة أن تكون أمه تكره قتاله ، بعدما قتل أبوه في المعركة ، فيأبى ويقول : أمي أمرتني بذلك.

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٤ نقلا عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢١٩.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٥ نقلا عن البحار للمجلسي ، ج ١٠ ص ١٩٨.

١٠٤

حقا إنه لمقام عظيم وموقف جليل ، تزلّ فيه الأقدام وتذهل فيه الألباب.

شهادة المولى واضح التركيرحمه‌الله

٩٢ ـ شهادة واضح التركي مولى الحرث المذحجي :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٨)

كان (واضح) غلاما تركيا شجاعا قارئا ، وهو مولى للحارث المذحجي السلماني. وقد أبلى في كربلاء بلاء حسنا.

ولما صرع واضح التركي [أي سقط وبه رمق] ، استغاث بالحسينعليه‌السلام ؛ فأتاه أبو عبد اللهعليه‌السلام واعتنقه وهو يجود بنفسه ، فقال : من مثلي وابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واضع خدّه على خدي!. ثم فاضت نفسه الطاهرة(١) .

مصرع الشهيد أبي عمر النهشليرحمه‌الله

٩٣ ـ شهادة أبي عمر النهشلي :(لواعج الأشجان ، ص ١٤٨ ط نجف)

وحدّث مهران مولى بني كاهل ، قال : شهدت كربلاء مع الحسينعليه‌السلام فرأيت رجلا يقاتل قتالا شديدا ؛ لا يحمل على قوم إلا كشفهم ، ثم يرجع إلى الحسينعليه‌السلام وهو يرتجز ويقول :

أبشر هديت الرشد تلقى أحمدا

في جنة الفردوس تعلو صعدا

(وهذه الأبيات تنسب إلى غيره ؛ مثل سويد ، ومثل سعيد بن عبد الله الحنفي ، ومثل إبراهيم بن الحصين).

__________________

(١) مقتل العوالم ، ص ٩١ ؛ وإبصار العين للسماوي ، ص ٨٥.

١٠٥

فقلت : من هذا؟. فقالوا : أبو عمر النهشلي ، وقيل الخثعمي. فاعترضه عامر بن نهشل ، فقتله واحتزّ رأسه. وكان أبو عامر هذا متهجّدا كثير الصلاة.

مصرع أسلم التركي مولى الحسين (ع)

٩٤ ـ شهادة أسلم التركي غلام الحسينعليه‌السلام :(لواعج الأشجان ، ص ١٤٧)

ذكر العلامة الأمين في (أعيان الشيعة ـ حرف الألف) أنه قرأ في أحد كتب الرجال لبعض المعاصرين : أنه كان للحسينعليه‌السلام مولى اسمه أسلم بن عمرو ، وكان اشتراه بعد وفاة أخيه الحسنعليه‌السلام ، ووهبه لابنه علي بن الحسينعليه‌السلام . وكان أبوه (عمرو) تركيا. وكان (أسلم) هذا كاتبا عند الحسينعليه‌السلام في بعض حوائجه.

فلما خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة كان أسلم ملازما له ، حتى أتى معه كربلاء. فلما كان اليوم العاشر وشبّ القتال ، استأذن في القتال.

وقال السيد الأمين في (لواعج الأشجان) : وخرج غلام تركي من موالي الحسينعليه‌السلام ، وكان قارئا للقرآن وعارفا بالعربية وكاتبا ، فجعل يقاتل ويرتجز ويقول :

البحر من طعني وضربي يصطلي

والجوّ من سهمي ونبلي بمتلي

إذا حسامي في يميني ينجلي

ينشقّ قلب الحاسد المبجّل

فقتل [في رواية ابن شهر اشوب] سبعين رجلا ، فتحاوشوه حتى سقط صريعا ، فجاء إليه الحسينعليه‌السلام فبكى ، ووضع خده على خده ، ففتح عينيه فرأى الحسينعليه‌السلام فتبسم ، ثم صار إلى ربه.

٩٥ ـ شهادة مالك بن ذودان :(لواعج الأشجان ، ص ١٤٨)

ثم برز مالك بن ذودان ، وأنشأ يقول :

إليكم من مالك الضرغام

ضرب فتى يحمي عن الكرام

يرجو ثواب الله ذي الإنعام

فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

١٠٦

٩٦ ـ شهادة إبراهيم بن الحصين الأسدي :(المصدر السابق)

وبرز إبراهيم بن الحصين الأسدي وهو يرتجز ويقول :

أضرب منكم مفصلا وساقا

ليهرق اليوم دمي إهراقا

ويرزق الموت أبا إسحاقا

أعني بني الفاجرة الفسّاقا

فقتل [على رواية ابن شهر اشوب] أربعة وثمانين رجلا ، وأنشأ يقول :

اقدم حسين اليوم تلقى أحمدا

ثم أباك الطاهر المؤيّدا

والحسن المسموم ذاك الأسعدا

وذا الجناحين حليف الشهدا

وحمزة الليث الكمي السيّدا

في جنة الفردوس فازوا سعدا

وقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

٩٧ ـ شهادة سوّار بن منعم بن حابس بن أبي عمير الفهمي الهمداني :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٥)

وقاتل سوّار بن أبي عمير من ولد فهم بن جابر الهمداني ، قتالا شديدا حتى ارتثّ بالجراح وأخذ أسيرا ، فأراد ابن سعد قتله ، وتشفّع فيه قومه ، وبقي عندهم جريحا إلى أن توفي على رأس ستة أشهر ،رحمه‌الله .

٩٨ ـ شهادة سعد بن الحارث وأخيه أبي الحتوف الأنصاري :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين لإبراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ١٤٩)

ولما سمع الأنصاريان : سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف ، استنصار الحسينعليه‌السلام واستغاثته ، وكانا في جيش عمر بن سعد ، فمالا بسيفيهما على أعداء الحسين ، وقاتلا حتى قتلا.

قال حميد بن أحمد في كتابه (الحدائق الوردية) : ومن المقتولين يوم الطف مع الحسينعليه‌السلام : أبو الحتوف الأنصاري وأخوه سعد بن الحرث ، وكانا من الخوارج ، فخرجا مع عمر بن سعد إلى حرب الحسينعليه‌السلام . فلما كان يوم العاشر من المحرم وقتل أصحاب الحسينعليه‌السلام ولم يبق معه غير سويد بن عمرو ابن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي ، جعل الحسينعليه‌السلام ينادي : ألا من ناصر فينصرنا ، ألا من ذابّ يذبّ عن حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. فسمعن النساء والأطفال نداء الحسينعليه‌السلام فتصارخن بالعويل والبكاء.

١٠٧

فلما سمع سعد بن الحرث وأخوه أبو الحتوف أصوات النساء والأطفال من آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان بعد صلاة الظهر ، وهما في حومة الحرب ، قالا : إنا لله ولا حكم إلا لله ، ولا طاعة لمن عصاه. وهذا الحسين ابن بنت نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونحن نرجو شفاعة جده يوم القيامة ، فكيف نقاتله وهو بهذا الحال ، نراه لا ناصر له ولا معين؟!. فمالا بين يدي الحسينعليه‌السلام على أعداء الله وأعدائه ، فجعلا يقاتلان قريبا منه ، حتى قتلا من القوم جماعة كثيرة وجرحا آخرين ؛ ثم قتلا معا في مكان واحد ، رضوان الله عليهما.

مصرع سويد بن عمرو ابن أبي المطاع الخثعمي

٩٩ ـ مصرع سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي :

(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٩٤)

وأما سويد بن أبي المطاع فكان قد صرع ، فوقع بين القتلى مثخنا بالجراحات (وظنّ أنه قتل). فلما قتل الحسينعليه‌السلام وسمعهم يقولون : قتل الحسينعليه‌السلام ، فوجد خفّة ، فتحامل وأخرج سكّينة من خفّه (وكان سيفه قد أخذ) ، فقاتلهم بسكينه ساعة. وكان يرتجز ويقول :

اقدم حسين اليوم تلقى أحمدا

وشيخك الحبر عليا ذا الندى

وحسنا كالبدر وافى الأسعدا

وعمك القرم الهمام الأرشدا

حمزة ليث الله يدعى أسدا

وذا الجناحين تبوّا مقعدا

في جنة الفردوس يعلو صعدا

وتعطّفوا عليه فقتلوه. قتله عروة بن بطان الثعلبي وزيد بن رقّاد الجبني. وكان سويد آخر من قتل من أصحاب الحسينعليه‌السلام .

وفي (تاريخ الطبري) ج ٦ ص ٢٥٥ : أنه آخر من بقي مع الحسينعليه‌السلام من أصحابه ، قتله عروة بن بطار التغلبي وزيد بن رقاد الجبني.

١٠٠ ـ كل قتيل في جنب الله شهيد :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥)

وكان يأتي الحسين الرجل بعد الرجل ، فيقول : السلام عليك يابن رسول الله ،

١٠٨

فيجيبه الحسينعليه‌السلام : وعليك السلام ، ونحن خلفك ، ويتلو :( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) [الأحزاب : ٢٣] ، ثم يحمل فيقتل. حتى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم ، ولم يبق مع الحسينعليه‌السلام إلا أهل بيته.

(يقول الخوارزمي) : وهكذا يكون المؤمن ، يؤثر دينه على دنياه ، وموته على حياته ، في سبيل الله ، ينصر الحق وإن قتل. قال تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) [آل عمران : ١٦٩].

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل قتيل في جنب الله شهيد».

ولما وقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على شهداء أحد وفيهم حمزة بن عبد المطلب ، قال : أنا شهيد هؤلاء القوم ، زمّلوهم بدمائهم ، فإنهم يحشرون يوم القيامة وكلومهم رواء ، وأوداجهم تشخب دما ؛ فاللون لون الدم ، والريح ريح المسك. فهم كما قيل :

كسته القنا حلّة من دم

فأضحت لرائيه من أرجوان

جزته معانقة الدارعين

معانقة القاصرات الحسان

* معنى (الشهيد) ومعنى ذكراه :

(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه ـ بعلبك ، السنة ١٠ نيسان ١٩٦١)

يقول الشيخ حبيب آل إبراهيمرحمه‌الله :

الشهيد بكل بساطة إنسان قتل ، مع شرط أساسي : في سبيل رسالة. وبدون هذا الشرط لن يكون (شهيدا) ، بل : إنسان مات.

من جسد الشهيد من ذكراه يرتفع رمز ، يحوّله من قتيل إلى ضمير ؛ ضمير أمة أو جماعة بأكملها ، تجد فيه تعبيرا عن آمالها ، فتكرم ذكراه ، لكي يبقى الشهيد حيا في النفوس يذكي الآمال.

ههنا الفرق : الشهيد حيّ بما يمثّل من آمال ، أما القتيل فميّت.

لقد كان الحسينعليه‌السلام ضمير الإسلام ، يحتجّ على كل انحراف عن النهج الّذي خطّه من قبل جده خاتم الرسل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٠٩

( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١٦٩)

[آل عمران : ١٦٩].

أشهر المستشهدين من أصحاب الحسينعليه‌السلام

مع ذكر قاتليهم (مرتبين على الأحرف الهجائية)

(اسم الشهيد)

(اسم قاتله)

أبو ثمامة الصائدي

(ابن عمه) قيس بن عبد الله

أنس بن الحارث الكاهلي

(استشهد رميا بالنبل)

بربر بن خضير الهمداني

رضي بن منقذ العبدي وكعب بن جابر الأزدي

جون مولى أبي ذر الغفاري

(أستشهد على يد جماعة من القوم)

حبيب بن مظاهر الأسدي

الحصين بن نمير (وقيل بديل بن صريم)

الحر بن يزيد الرياحي

(أستشهد رميا بالنبل)

حنظلة بن أسعد الشبامي

(أستشهد على يد جماعة من القوم)

زهير بن القين البجلي

كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي

سعيد بن عبد الله الحنفي

(أستشهد رميا بالنبل)

سوار بن أبي عمير الفهمي

(أستشهد أسيرا)

سويد بن عمرو الخثعمي

عروة بن بطار التغلبي وزيد بن رقاد الجهني

شوذب مولى بني شاكر

(أستشهد بالمبارزة)

عابس بن شبيب الشاكري

(أستشهد على يد جماعة من القوم)

عبد الله بن عمير الكلبي

(أستشهد أسيرا)

عمرو بن جنادة الأنصاري

(أستشهد على يد جماعة من القوم)

عمرو بن قرظة الأنصاري

(أستشهد رميا بالنبل)

مسلم بن عوسجة الأسدي

مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة

نافع بن هلال الجملي

(أستشهد أسيرا) قتله الشمر

وهب بن حباب الكلبي

(أستشهد أسيرا)

١١٠

الفصل الثالث والعشرون

شهادة أهل البيتعليهم‌السلام

ويتضمن :

ـ مقدمة الفصل

١ ـ شهادة علي الأكبرعليه‌السلام

٢ ـ شهادة عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام

٣ ـ حملة آل أبي طالبعليه‌السلام

٤ ـ شهادة الغلام القاسم بن الحسنعليه‌السلام

٥ ـ شهادة بعض إخوة الحسينعليه‌السلام

٦ ـ شهادة أبي الفضل العباس وإخوتهعليه‌السلام

٧ ـ الحسينعليه‌السلام يودّع عياله

٨ ـ شهادة علي الأصغر بن الحسينعليه‌السلام

٩ ـ شهادة عبد الله الرضيععليه‌السلام

١٠ ـ الضحاك بن عبد الله المشرقي يترك المعركة

١١ ـ جدول بأشهر المستشهدين من آل أبي طالبعليه‌السلام مع ذكر أمهاتهم ومن قتلهم.

١١١
١١٢

الفصل الثالث والعشرون

شهادة أهل البيتعليهم‌السلام

مقدمة الفصل :

بعد أن صرع جميع أصحاب الحسينعليهم‌السلام تقريبا ، خرج أهل البيتعليهم‌السلام من آل أبي طالبعليه‌السلام للمبارزة والقتال ، وكان عددهم ما بين ١٧ و ٢٧ شخصا.

ومن المسلم به أن أول من تقدّم من أهل البيتعليهم‌السلام إلى البراز الابن الأكبر للحسينعليه‌السلام وهو علي الأكبرعليه‌السلام رغم ما رواه ابن نما في (مثير الأحزان ، ص ٥١) من أن علي الأكبرعليه‌السلام برز إلى القتال حين لم يبق مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته إلا الأقل ، وأن ذلك كان بعد شهادة العباسعليه‌السلام . ووافقه على ذلك الخوارزمي في مقتله. أما في (مقتل الحسين المشتهر بمقتل أبي مخنف) فقد ذكر شهادة علي الأكبرعليه‌السلام بعد القاسمعليه‌السلام ، بينما ذكر شهادة العباسعليه‌السلام في أول المبارزات قبل الأصحاب ، وهذا مستبعد جدا.

ويمكن ترتيب شهادة أهل البيتعليهم‌السلام التي سبقت شهادة الحسينعليه‌السلام كما يلي :

ـ شهادة علي الأكبرعليه‌السلام .

ـ شهادة عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام .

ـ شهادة محمّد بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام .

ـ حملة آل أبي طالبعليه‌السلام : شهادة جعفر بن عقيل ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ عبد الله الأكبر بن عقيل ـ محمّد وعون الأكبر ولدي عبد الله بن جعفر.

ـ شهادة عبد الله الأكبر بن الحسنعليه‌السلام .

ـ شهادة الغلام القاسم بن الحسنعليه‌السلام .

١١٣

ـ شهادة بعض إخوة الحسينعليه‌السلام : أبو بكر بن عليعليه‌السلام ـ عمر بن عليعليه‌السلام ـ إخوة العباس لأمه وأبيه : عبد الله ـ جعفر ـ عثمان بن عليعليه‌السلام .

ـ شهادة أبي الفضل العباسعليه‌السلام .

ـ شهادة عبد الله الرضيععليه‌السلام أصغر أبناء الحسينعليه‌السلام .

المستشهدون من آل أبي طالبعليهم‌السلام

١٠١ ـ المستشهدون من آل أبي طالبعليهم‌السلام :

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٥٧)

ذكر سليمان بن قتّة أسماء المستشهدين من أهل البيتعليهم‌السلام في الأبيات التالية :

عين جودي بعبرة وعويل

واندبي إن ندبت آل الرسول

ستة كلهم لصلب عليّ

قد أصيبوا وسبعة لعقيل

واندبي إن بكيت عونا أخاهم

ليس فيما ينوبهم بخذول

وسميّ النبي غودر فيهم

قد علوه بصارم مصقول

وقد وردت هذه الأشعار في الفقرة ١٤ عن (مروج الذهب) للمسعودي بصيغة أخرى ، ص ٤٦ ، فراجع.

توضيح : أراد بقوله (ستة كلهم لصلب علي) أبناء الإمام عليعليه‌السلام وهم :الحسينعليه‌السلام ـ العباس ـ عبد الله ـ جعفر ـ عثمان ـ أبو بكر (محمّد الأصغر أو عبد الله).

وأراد بقوله (وسبعة لعقيل) : مسلم بن عقيل ـ عبد الله بن مسلم ـ محمّد ابن مسلم ـ محمّد بن أبي سعيد بن عقيل ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ جعفر بن عقيل ـ عبد الله بن عقيل.

وأراد بقوله (وسميّ النبي) هو محمّد أخو عون بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام .

١٠٢ ـ شهادة أهل البيتعليهم‌السلام (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٦)

ولما قتل أصحاب الحسينعليه‌السلام ، ولم يبق إلا أهل بيته ، وهم : ولد عليعليه‌السلام ، وولد جعفر ، وولد عقيل ، وولد الحسن ، وولدهعليه‌السلام ، وعددهم على الأشهر ١٧ شخصا ، اجتمعوا وودّع بعضهم بعضا وعزموا على الحرب.

١١٤

وقد مرّ إحصاء بأسمائهم وعددهم وترتيب استشهادهم فيما مضى في الفصل الحادي والعشرين ، ص ٤٢(١) .

١٠٣ ـ بروز علي الأكبر بن الحسينعليه‌السلام للقتال :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٨ ط ٣)

ولما لم يبق مع الحسينعليه‌السلام إلا أهل بيته ، عزموا على ملاقاة الحتوف ببأس شديد وحفاظ مرّ ونفوس أبيّة ، وأقبل بعضهم يودّع بعضا.

وأول من تقدّم إلى البراز علي الأكبرعليه‌السلام وعمره سبع وعشرون سنة(٢) فإنه ولد في ١١ شعبان سنة ٣٣ ه‍. وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي.

١٠٤ ـ دعاء ليلى لابنها :

(الفاجعة العظمى لعبد الحسين بن حبيب الموسوي الحائري ، ص ١٣٨)

قال السيد عبد الحسين الموسوي : عندما برز علي الأكبرعليه‌السلام إلى القتال ، بادر إليه بكر بن غانم. فلما خرج إليه اللعين تغيّر وجه الحسينعليه‌السلام ، فقالت أمه ليلى :

__________________

(١) المشهور بين أصحاب التواريخ والمقاتل أن عددهم (١٧) شخصا هم :

خمسة من نسل عقيل وهم : عبد الله ومحمد ولدا مسلم بن عقيل ، وجعفر وعبد الرحمن وعبد الله أولاد عقيل. واثنان من أولاد عبد الله بن جعفر ، وهما عون ومحمد. وخمسة من أولاد الإمام علي عليه‌السلام وهم : العباس واخوته لأمه وأبيه جعفر وعثمان وعبد الله ، وأبو بكر. وثلاثة من أولاد الحسن عليه‌السلام وهم : أبو بكر وعبد الله والقاسم. واثنان من أولاد الإمام الحسين عليه‌السلام وهما : علي الأكبر وعبد الله الرضيع.

هذا وقد ألّفت كتابا بعنوان (أنساب العترة الطاهرة) يحوي في آخره تحقيقا قيّما لأسماء المستشهدين من آل أبي طالب عليه‌السلام في كربلاء ، مأخوذا من ١٤ مصدر بطريقة التقاطع.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٦٨. وذكر المقرّم في مقتله ، ص ٣١٨ أن عمر علي الأكبر كان ٢٧ سنة نقلا عن مخطوط (أنيس الشيعة) فليراجع. واعتبره المقرم أول المستشهدين من أهل البيت الطاهر ، بينما اعتبر الخوارزمي شهادته متأخرة بعد شهادة العباس (ع). ونذكر هنا أنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف أربعة ذكور : (الأول) علي الأكبر شهيد كربلاء ، أمه ليلى بنت أبي مرة الثقفي. (والثاني) علي الأوسط زين العابدينعليه‌السلام ، أمه شاهزنان بنت كسرى يزدجرد ملك الفرس. قال المفيد : الأكبر هو زين العابدينعليه‌السلام ، وهو الّذي اتصلت منه سلالة النبي (ص).(والثالث) علي الأصغر ، أصابه سهم وهو طفل فمات ، أمه سلافة. (والرابع) عبد الله الرضيع الّذي أتاه سهم فذبحه وهو في حجر أبيه ، وأمه الرباب بنت امرئ القيس الكلابية ، وهي أم سكينةعليه‌السلام .

١١٥

يا سيدي لعل قد أصابه شيء؟!. قالعليه‌السلام : لا يا ليلى ، ولكن قد خرج إليه من أخاف منه عليه ؛ فادعي له ، فإني قد سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إن دعاء الأم يستجاب في حق ولدها». فكشفت رأسها ودعت له ، ولعنت بكرا ، إلى أن جرى بينهما ما جرى.

(وفي خبر) دعت ليلى بهذا الدعاء : يا رادّ يوسف على يعقوب من بعد الفراق ، وجاعله في الدهر مسرورا ، ويا رادّ إسماعيل إلى هاجر. إلهي بعطش أبي عبد الله ، إلهي بغربة أبي عبد الله ، امنن عليّ بردّ ولدي.

١٠٥ ـ مصرع علي الأكبر بن الحسينعليه‌السلام على يد مرة بن منقذ العبدي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٠)

فاستأذن أباه في القتال ، فأذن له. ثم نظر إليه نظرة آيس منه ، وأرخى عينيه فبكى.

ثم رفع سبابتيه نحو السماء وقال : الله م كن أنت الشهيد عليهم ، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) وكنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه. الله م فامنعهم بركات الأرض ، وإن منعتهم ففرقهم تفريقا ، ومزّقهم تمزيقا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترض الولاة عنهم أبدا.فإنهم دعونا لينصرونا ، ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا(٢) . ثم صاح الحسينعليه‌السلام بعمر بن سعد : مالك قطع الله رحمك ولا بارك لك في أمرك ، وسلّط عليك من يذبحك على فراشك ، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم رفع صوته وقرأ :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ٣٣ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٣٤) [آل عمران: ٣٣ ـ ٣٤].

شهادة علي الأكبرعليه‌السلام

ثم حمل علي بن الحسينعليه‌السلام وهو يقول :

أنا علي بن الحسين بن علي

نحن وبيت الله أولى بالنبي

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢١ نقلا عن مثير الأحزان لابن نما ، واللهوف ، ص ٦٣.

(٢) ذكر أبو مخنف في مقتله مثل هذا الكلام بعد استشهاد القاسمعليه‌السلام ص ٨٠.

١١٦

والله لا يحكم فينا ابن الدّعي

أطعنكم بالرمح حتى ينثني

أضربكم بالسيف حتى يلتوي

ضرب غلام هاشميّ علوي

وكان علي الأكبرعليه‌السلام مرآة الجمال النبوي ، ومثال خلقه السامي ، وأنموذجا من منطقة البليغ ، كأن الشاعر (الشيخ عبد الحسين صادق) عناه بقوله :

ورث الصفات الغرّ وهي تراثه

من كل غطريف وشهم أصيد

في بأس حمزة في شجاعة حيدر

بإبا الحسين وفي مهابة أحمد

وتراه في خلق وطيب خلائق

وبليغ نطق كالنبيّ محمّد

قال المرحوم الحاج شيخ جعفر : فلما تجلى وجه طلعته من أفق العقاب ، واستبرى يده وقدمه على العنان والركاب ، فأخذت عماته وأخواته بعنانه وركابه ، فأحدقن به ومنعنه من العزيمة ، والحسينعليه‌السلام ينادي : خلوّا سبيله فإنه ممسوس في الله ، ومقتول في سبيل الله.

وفي (الدمعة الساكبة) : لما توجّه علي الأكبر إلى الحرب ، اجتمعت النساء حوله كالحلقة ، وقلن له : ارحم غربتنا ، ولا تستعجل إلى القتال ، فإنه ليس لنا طاقة في فراقك.

قال : فلم يزل يجهد ويبالغ في طلب الإذن من أبيه ، حتى أذن له. ثم ودّع أباه والحرم ، وتوجّه نحو الميدان.

فلم يزل يقاتل حتى ضجّ أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم ، حتى أنه روي أنه على عطشه قتل ١٢٠ رجلا. ثم رجع إلى أبيه الحسينعليه‌السلام وقد أصابته جراحات كثيرة. فقال : يا أبت العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة من ماء سبيل ، أتقوى بها على الأعداء؟. فبكى الحسينعليه‌السلام وقال : يا بنيّ عزّ على محمّد وعلى علي وعلى أبيك ، أن تدعوهم فلا يجيبوك ، وتستغيث بهم فلا يغيثوك.يا بنيّ هات لسانك. فأخذ لسانه فمصّه ، ودفع إليه خاتمه(١) وقال له : خذ هذا الخاتم في فيك ، وارجع إلى قتال عدوك ، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا.

وأورد المقرم في مقتله : ومن جهة أن ليلى أم علي الأكبر هي بنت ميمونة ابنة أبي

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٢ نقلا عن مقتل العوالم ، ص ٩٥.

١١٧

سفيان(١) صاح رجل من القوم : يا علي إن لك رحما بأمير المؤمنين [يزيد] ونريد أن نرعى الرحم ، فإن شئت آمنّاك!. فقالعليه‌السلام : إن قرابة رسول الله أحقّ أن ترعى(٢) .

فرجع علي بن الحسين إلى القتال ، وحمل وهو يقول :

الحرب قد بانت لها حقائق

وظهرت من بعدها مصادق

والله ربّ العرش لا نفارق

جموعكم أو تغمد البوارق

وجعل يقاتل حتى قتل تمام المئتين (وفي رواية : فقال مرّة بن منقذ العبدي(٣) :عليّ آثام العرب إن لم أثكل أباه به ، فطعنه بالرمح في ظهره(٤) ). ثم ضربه (مرّة) على مفرق رأسه ضربة صرعه فيها ، وضربه الناس بأسيافهم ، فاعتنق الفرس فحمله الفرس إلى عسكر عدوه ، فقطّعوه بأسيافهم إربا إربا. فلما بلغت روحه التراقي نادى بأعلى صوته : يا أبتاه! هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا ، وهو يقول لك : العجل ، فإن لك كأسا مذخورة(٥) . فصاح الحسينعليه‌السلام : قتل الله قوما قتلوك يا بني ، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة رسول الله ، على الدنيا بعدك العفا(٦) .

وروي أن الحسينعليه‌السلام بكى عليه بكاء شديدا.

وفي (ناسخ التواريخ) أن الحسينعليه‌السلام لما جاء إلى ولده ، رآه وبه رمق ، وفتح

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٠ نقلا عن الإصابة لابن حجر ، ج ٤ ص ١٧٨ ـ ترجمة أبي مرة.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢١ نقلا عن (سر السلسلة) لأبي نصر في النسب ؛ ونسب قريش لمصعب الزبيري ، ص ٥٧.

(٣) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٣ نقلا عن كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٣٠ ؛ والأخبار الطوال ، ص ٢٥٤ ؛ وإرشاد المفيد ومثير ابن نما واللهوف. وفي تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٦ أن اسمه (مرة بن منقذ بن النعمان العبدي) ؛ وفي مقتل العوالم ، ص ٩٥ (منقذ بن مرة) ، وهو ما أورده الخوارزمي في مقتله.

(٤) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٤ عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٢ ط إيران.

(٥) ذكر أبو مخنف في مقتله ، ص ٨١ هذا الكلام باختصار.

(٦) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٥ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٦. والعفاء : التراب.

وقال أبو عبيدة : العفاء : الدروس والهلاك.

١١٨

عليعليه‌السلام عينيه في وجه أبيه ، وقال : يا أبتاه أرى أبواب السماء قد انفتحت ، والحور العين بيدها كؤوس الماء قد نزلن من السماء ، وهن يدعونني إلى الجنة ؛ فأوصيك بهذه النسوة ، بأن لا يخمشن عليّ وجها. ثم سكن وانقطع أنينه.

وفي (الفاجعة العظمى) ص ١٣٧ ، قال أبو مخنف : ووضع الحسينعليه‌السلام رأس ولده علي في حجره ، وجعل يمسح الدم عن ثناياه ، وجعل يلثمه ويقول : يا بني ، لعن الله قوما قتلوك ، ما أجرأهم على الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهملت عيناه بالدموع وقال :أما أنت يا بني ، فقد استرحت من كرب الدنيا ومحنها ، وصرت إلى روح وريحان ، وبقي أبوك ، وما أسرع لحوقه بك.

قال : وجعل الحسينعليه‌السلام يتنفس الصعداء.

وفي (المنتخب) : وصاح الحسينعليه‌السلام بأعلى صوته ، فتصارخن النساء. وقال لهن الحسينعليه‌السلام : اسكتن ، فإن البكاء أمامكنّ.

ـ زينبعليها‌السلام تؤبّن الشهيد

(الفاجعة العظمى ، ص ١٣٧)

وروي أن زينبعليها‌السلام خرجت مسرعة تنادي بالويل والثبور ، وتقول :

يا حبيباه

قال حميد بن مسلم : لكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها شمس طالعة ، تنادي بالويل والثبور. تصيح : وا حبيباه!. وا ثمرة فؤاداه!. وا نور عيناه!.

فسألت عنها ، فقيل : هي زينب بنت عليعليهما‌السلام . ثم جاءت حتى انكبّت عليه.فجاء إليها الحسينعليه‌السلام حتى أخذ بيدها وردّها إلى الفسطاط ثم أقبل مع فتيانه إلى ابنه ، فقال : احملوا أخاكم. فحملوه من مصرعه حتى وضعوه عند الفسطاط الّذي يقاتلون أمامه.

وذكر الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٥٣ : وفي الزيارة المروية عن الصادقعليه‌السلام : بأبي أنت وأمي من مذبوح مقتول من غير جرم ، وبأبي أنت وأمي دمك المرتقى به إلى حبيب الله [أي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] ، وبأبي أنت وأمي من مقدّم بين يدي أبيك يحتسبك ويبكي عليك ، محترقا عليك قلبه ، يرفع دمك بكفّه إلى أعنان السماء ، لا ترجع منه قطرة ، ولا تسكن من أبيك زفرة.

١١٩

ترجمة علي الأكبر ابن الإمام الحسينعليه‌السلام

كان يكنّى أبا الحسن ، ويلقّب (بالأكبر) لأنه أكبر أولاد الحسينعليه‌السلام على ما رواه صاحب (الحدائق الوردية). وروى ابن إدريس في (السرائر) ، والمفيد في (الإرشاد) : أنه ولد بعد وفاة جده أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بسنتين (وقيل : ولد في أوائل خلافة عثمان). أمه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وهي (ليلى) بنت ميمونة ابنة أبي سفيان.

وكان علي الأكبرعليه‌السلام أول المستشهدين يوم الطف من أهل البيتعليه‌السلام ، وقيل كان عمره ٢٧ وقيل ٢٥ وقيل ١٩ وقيل ١٨ والأول هو الأصح.

وكان علي الأكبر أشبه الناس خلقا وخلقا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لابل إنه شابه الخمسة أصحاب الكساء ، وهم :

محمّد وفاطمة وعلي والحسنانعليهم‌السلام .

فأما شباهته بجده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ففي كلامه ومقاله ، وفي خلقه وأخلاقه. وأما شباهته بجده الإمام عليعليه‌السلام ففي كنيته وشجاعته وتعصبه للحق. وأما شباهته بجدته فاطمة الزهراءعليها‌السلام ففي مدة حياته ، إذ توفيت الزهراء وعمرها ثماني عشرة سنة. وأما شباهته بعمه الحسنعليه‌السلام فقد شابهه بالبهاء والهيبة ، فكان وجهه يتلألأ نورا. وأما شباهته بأبيه الحسينعليه‌السلام فقد شابهه بالإباء والكرم ، ويكفيه إباء وكرما أنه أول من برز من أهل البيت الطاهر يوم كربلاء ، وما زال يضرب في القوم [ضرب غلام هاشميّ علوي] حتى استشهد رضوان الله عليه.

ـ تحقيق في سنّ علي الأكبرعليه‌السلام :

قال الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٥٤ : ولدعليه‌السلام في ١١ من شعبان ، كما في (أنيس الشيعة) في أوائل خلافة عثمان. أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة ابن مسعود الثقفي.

قال صاحب (نفس المهموم) : اختلفوا في سنّه الشريف اختلافا عظيما ، فقال

١٢٠

محمّد بن شهر اشوب ومحمد بن أبي طالب الموسوي : إنه ابن ١٨ سنة. وقال الشيخ المفيد : إن له ١٩ سنة. فعلى هذا يكون هو أصغر من أخيه زين العابدينعليه‌السلام .وقيل إنه ابن ٢٥ سنة ، فيكون هو الأكبر ، وهذا هو الأصح والأشهر.

وقال السيد عبد الرزاق المقرّم في كتابه (علي الأكبر) : ولد علي الأكبر ويكنّى بأبي الحسن في حدود سنة ٣٣ ه‍ ، فله يوم الطف ما يقارب ٢٧ سنة. ويلقّب بالأكبر ، لأنه أكبر من الإمام السجّادعليه‌السلام الّذي له يوم الطف ٢٣ سنة.

ولعل هذا القول (أي أنه هو الأكبر) هو الأوجه ، ويؤيده ما ورد في (تاريخ اليعقوبي) ، ومعارف ابن قتيبة ، وتاريخ ابن خلّكان : بأنه ليس للحسينعليه‌السلام عقب إلا من علي بن الحسين الأصغر ، وهو زين العابدينعليه‌السلام .

شهادة عبد الله ابن مسلم ابن عقيلعليه‌السلام

١٠٦ ـ مصرع عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام على يد يزيد بن الرقّاد الجهني ، وقيل عمرو بن صبيح وأسيد بن مالك :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٢ ط نجف)

وبرز عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأمه رقية بنت عليعليهما‌السلام وهو يرتجز ويقول :

اليوم ألقى مسلما وهو أبي

وفتية بادوا على دين النبي

ليسوا بقوم عرفوا بالكذب

لكن خيار وكرام النسب

من هاشم السادات أهل الحسب

وفي (مقتل أبي مخنف) ص ٧٢ : أنه لما برز حسر عن ذراعيه وهو يرتجز ويقول :

نحن بنو هاشم الكرام

نحمي بنات السيد الهمام

سبط رسول الملك العلّام

نسل عليّ الفارس الضرغام

١٢١

فدونكم أضرب بالصمصام

والطعن بالعسّال باهتمام

أرجو بذاك الفوز بالقيام

عند مليك قادر علّام

فقتل ثلاثة رجال(١) فرماه عمرو بن صبيح الصيداوي [وفي رواية : الصدائي] بسهم ، فوضع عبد الله بن مسلم يده على جبهته يتّقيه ، فأصاب السهم كفّه ونفذ إلى جبهته فسمّرها فلم يستطع أن يحركّها. ثم طعنه أسيد بن مالك بالرمح في قلبه فقتله.(وقيل) إن قاتل عبد الله بن مسلم هو يزيد بن الرّقّاد الجهني(٢) ، وكان يقول : رميته بسهم وكفّه على جبهته يتقي النبل ، فأثبتّ كفّه في جبهته ، فما استطاع أن يزيل كفه عن جبهته. وقال حين رميته : الله م إنهم استقلّونا واستذلّونا ، فاقتلهم كما قتلونا. ثم رماه بسهم آخر ، وكان يقول : جئته وهو ميّت ، فنزعت سهمي من جوفه ، ولم أزل أنضنض الآخر عن جبهته حتى أخذته وبقي النصل.

ترجمة رقيّة بنت الإمام عليعليه‌السلام

(مقتبس من كتاب : السيدة رقية بنت الحسينعليهما‌السلام للسيد عامر الحلو)

من زوجات الإمام عليعليه‌السلام : الصهباء (أم حبيب) التغلبية بنت عباد بن ربيعة بن يحيى ، من سبي اليمامة أو عين التمر. اشتراها أمير المؤمنينعليه‌السلام فأولدها عمر الأطرف ورقية ، وهما توأمان

(مروج الذهب للمسعودي).

تزوّج رقية هذه مسلم بن عقيلعليه‌السلام فولدت له : عبد الله وعليا

(المعارف لابن قتيبة).

وقد قتل ولدها عبد الله بن مسلمعليه‌السلام يوم كربلاء ، وكانت هي مع نساء الحسين في كربلاء بعد أن قتل زوجها مسلم في الكوفة.

__________________

(١) قال ابن شهر اشوب : إنه قتل ٩٨ رجلا في ثلاث حملات ، ولم يذكر ذلك غيره.

(٢) وهو ما ذكره المقرم في مقتله ، ص ٣٢٧.

١٢٢

١٠٧ ـ شهادة محمّد بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٢)

وخرج محمّد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقاتل حتى قتل. قتله أبو جرهم الأزدي ولقيط بن ياسر الجهني.

حملة آل أبي طالب عليهم‌السلام

١٠٨ ـ شهادة بقية أهل البيتعليهم‌السلام وإخوة الحسينعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٤ ط ٤)

يقول السيد المقرم في مقتله ، ص ٣٢٨ : ولما قتل عبد الله بن مسلم ، حمل آل أبي طالب حملة واحدة. فصاح بهم الحسينعليه‌السلام : صبرا على الموت يا بني عمومتي ، والله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا.

١٠٩ ـ شهادة بعض أولاد عقيلعليه‌السلام :

فخرج جعفر بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فحمل وهو يرتجز ويقول :

أنا الغلام الأبطحيّ الطالبي

من معشر في هاشم وغالب

ونحن حقا سادة الذوائب

فينا حسين أطيب الأطائب

من عترة البرّ التقيّ الغالب

فقتل خمسة عشر فارسا [على رواية محمّد بن أبي طالب] ، ورجلين [على رواية ابن شهر اشوب]. فقتله عبد الله بن عروة الخثعمي ، وقيل بشر بن سوط الهمداني.

ثم خرج من بعده أخوه عبد الرحمن بن عقيل ، فحمل وهو يقول :

أبي عقيل فاعرفوا مكاني

من هاشم وهاشم إخواني

كهول صدق سادة الأقران

هذا حسين شامخ البنيان

وسيّد الشيب مع الشبّان

فقتل [على رواية محمّد بن أبي طالب وابن شهر اشوب] سبعة عشر فارسا. فحمل عليه عثمان بن خالد الجهني وبشر بن سوط الهمداني فقتلاه.

وخرج عبد الله الأكبر بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام فما زال يضرب فيهم حتى أثخن بالجراح وسقط إلى الأرض. فجاء عثمان بن خالد التميمي وبشر بن سوط فقتلاه.

١٢٣

وأصابت الحسن المثنّى ابن الإمام الحسنعليه‌السلام ثماني عشرة جراحة وقطعت يده اليمنى ، ولم يستشهد.

ثم برز من بعده موسى بن عقيلعليه‌السلام وهو يرتجز ويقول :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٧٤)

يا معشر الكهول والشبّان

أضربكم بالسيف والسنان

أحمي عن الفتية والنسوان

وعن إمام الإنس ثم الجان

أرضي بذاك خالق الإنسان

سبحانه ذو الملك الديّان

ثم حمل على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل سبعين فارسا ، ثم قتلرحمه‌الله .

١١٠ ـ مصرع إبراهيم بن الحسين :

وبرز من بعده إبراهيم بن الحسين ، وهو يقول :

اقدم حسين اليوم تلقى أحمدا

ثم أباك الطاهر المؤيّدا

والحسن المسموم ذاك الأسعدا

وذا الجناحين حليف الشهدا

وحمزة الليث الكمي السيّدا

في جنة الفردوس فازوا سعدا

ثم حمل على القوم فقتل خمسين فارسا ، وقتلرحمه‌الله .

١١١ ـ مصرع أحمد بن محمد الهاشمي ، قيل إنه عباسي :

وبرز من بعده أحمد بن محمد الهاشمي ، وهو يرتجز ويقول :

اليوم أبلو حسبي وديني

بصارم تحمله يميني

أحمي به عن سيدي وديني

ابن علي الطاهر الأمين ثم

ثم حمل على القوم ، ولم يزل يقاتل حتى قتل ثمانين فارسا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

١١٢ ـ شهادة محمّد وعون ولدي عبد الله بن جعفرعليهم‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٥ ط ٤)

وحمل الناس على الحسينعليه‌السلام وأهل بيته من كل جانب.

فخرج محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأمه زينب الكبرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقيل الخوصاء من بني تيم اللات ، وهو يقول :

١٢٤

أشكو إلى الله من العدوان

فعال قوم في الردى عميان

قد تركوا معالم القرآن

ومحكم التنزيل والتبيان

وأظهروا الكفر مع الطغيان

ثم قاتل حتى قتل عشرة أنفس ، فحمل عليه عامر بن نهشل التميمي فقتله.

وخرج أخوه عون بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام وأمه زينب الكبرىعليها‌السلام وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن جعفر

شهيد صدق في الجنان أزهر

يطير فيها بجناح أخضر

كفى بهذا شرفا في المحشر

ثم قاتل حتى قتل [على رواية ابن شهر اشوب] ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا.فحمل عليه عبد الله بن قطبة الطائي فقتله.

قال صاحب (نفس المهموم) ص ١٥٥ : اعلم أنه كان لعبد الله بن جعفر ابنان مسميان بعون : (الأكبر) وأمه زينب العقيلةعليها‌السلام ، (والأصغر) وأمه جماعة بنت المسيّب بن نجبة. والظاهر أن المقتول بالطف هو الأول.

١١٣ ـ مرقد عون على طريق المسيّب :

(موجز تاريخ البلدان العراقية ، ص ٥٨)

قال السيد عبد الرزاق الحسني : وعلى بعد ثمانية أميال [١٥ كم] من شرقي كربلاء مرقد الإمام عون بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام ، وأمه زينب بنت عليعليها‌السلام ، وقيل الخوصاء.

تعليق (حول مرقد عون)(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٤٠)

قال : لا يرتاب اللبيب بأن عون مقبور مع الشهداء في الحائر الحسيني المقدّم.وما ذهبت إليه المزاعم من أن مشهد عون واقع على يسار السابلة في طريق كربلاء ـ المسيّب بمسافة خمسة عشر كيلومترا ، فغير صحيح. إنما هو قبر سيد جليل كان اسمه (عون) يقيم في الحائر الحسيني ، وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ من كربلاء ، خرج إليها وأدركه الموت فدفن في ضيعته ، وبني على مرقده هذا المزار المشهور ، وعليه قبة عالية ، والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات. ويظن الناس أنه قبر عون بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، والبعض يزعم أنه قبر عون ابن عبد

١٢٥

الله بن جعفرعليه‌السلام ، وهو غير صحيح ، إذ أن المدفون فيه اسمه عون بن عبد الله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن داود بن أحمد المسوّر بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبطعليه‌السلام . دفن في ضيعته.

١١٤ ـ شهادة عبد الله الأكبر بن الحسنعليه‌السلام (مقتل المقرم ص ٣٣٠)

وخرج أبو بكر بن الحسنعليه‌السلام وهو عبد الله الأكبر ، وأمه أم ولد يقال لها رملة ، وهي أم القاسمعليه‌السلام ، برز وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن حيدره

ضرغام آجام وليث قسوره

على الأعادي مثل ريح صرصره

أكيلكم بالسيف كيل السندره

[وقد اقتبس ذلك من شعر جده الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ].

فقاتل حتى قتل. وكان عبد الله بن الحسنعليه‌السلام قد تزوج من ابنة عمه سكينة بنت الحسينعليه‌السلام قبيل المعركة ، وقيل إنه قتل قبل البناء بها.

ملاحظة :

قال السيد إبراهيم الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٥٨ :

يظهر أنه كان للإمام الحسن (ع) ابنان مسمّيان بعبد الله : أحدهما إليه الأصغر) ، والآخر (الأكبر) وهو المكنى بأبي بكر ، وكان أخا للقاسم لأبويه ، وقد زوّجه عمه الحسينعليه‌السلام ابنته سكينة.

شهادة القاسم ابن الحسنعليهما‌السلام

١١٥ ـ مصرع القاسم بن الحسنعليه‌السلام [فلقة القمر] وهو غلام لم يبلغ الحلم ، على يد عمرو بن سعد الأزدي(لواعج الأشجان ، ص ١٧٣ و ١٧٤)

وخرج من بعده أخوه لأمه وأبيه القاسم بن الحسنعليه‌السلام ، وأمه أم ولد ، وهو غلام لم يبلغ الحلم. فلما نظر الحسينعليه‌السلام إليه قد برز ، اعتنقه وجعلا يبكيان

١٢٦

حتى غشي عليهما. ثم استأذن عمه في المبارزة فأبى أن يأذن له ، فلم يزل الغلام يقبّل يديه ورجليه ، حتى أذن له. فخرج ودموعه تسيل على خديه وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن الحسن

سبط النبي المصطفى والمؤتمن

هذا حسين كالأسير المرتهن

بين أناس لا سقوا صوب(١) المزن

فقاتل قتالا شديدا ، حتى قتل على صغر سّنه [على بعض الروايات] خمسة وثلاثين رجلا.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٣٧٤ ط ٢ :

ثم إن القاسم تقدم إلى عمر بن سعد ، وقال له : يا عمر أما تخاف الله ، أما تراقب الله يا أعمى القلب ، أما تراعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!. فقال عمر : أما كفاكم التجبر ، أما تطيعون يزيد؟. فقال القاسمعليه‌السلام : لا جزاك الله خيرا ، تدّعي الإسلام ، وآل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطاشى ظماء ، قد اسودّت الدنيا بأعينهم.

وفي (اللواعج) قال حميد بن مسلم : كنت في عسكر ابن سعد ، حين خرج علينا غلام كأن وجهه شقة قمر(٢) ، وفي يده سيف ، وعليه قميص وإزار ونعلان ، قد انقطع شسع إحداهما ، ما أنسى أنها كانت اليسرى [وأنف ابن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحتفي في الميدان ، فوقف يشدّ شسع نعله(٣) ].

وفي ذلك قال الشاعر مجنّسا :

أتراه حين أقام يصلح نعله

بين العدى كيلا يروه بمحتفي(٤)

غلبت عليه شآمة حسنية

أم كان بالأعداء ليس بمحتفي(٥)

فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي : والله لأشدّنّ عليه. فقلت : سبحان الله وما تريد بذلك!. والله لو ضربني ما بسطت إليه يدي ، دعه يكفيكه هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه. فقال : والله لأفعلنّ. فشدّ عليه ، فما ولّى حتى ضرب رأسه

__________________

(١) المزن : السحاب الأبيض. والصّوب : انصباب المطر.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣١ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٦ ؛ ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج ؛ وإرشاد المفيد ؛ وإعلام الورى ، ص ١٤٦.

(٣) ذخيرة الدارين ، ص ١٥٢ ؛ وإبصار العين ، ص ١٣٧.

(٤) في عجز البيتين جناس تام ؛ فكلمة (محتفي) الأولى : من الاحتفاء ، وهو المشي بلا نعل.

(٥) وكلمة (محتفي) الثانية : من عدم الاحتفاء ، أي عدم الاهتمام والاكتراث.

١٢٧

بالسيف ففلقه ، ووقع الغلام إلى الأرض لوجهه ، ونادى : يا عماه!. فانقضّ عليه الحسينعليه‌السلام كالصقر ، وتخلل الصفوف ، وشدّ شدة ليث أغضب ، فضرب عمرو بن سعد بن نفيل بالسيف ، فاتقاها بالساعد فقطعها من لدن المرفق ، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر. ثم تنحّى عنه الحسينعليه‌السلام فحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوه ، فاستقبلته بصدورها ووطئته بحوافرها ، فمات.

وانجلت الغبرة فإذا بالحسينعليه‌السلام قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه ، والحسينعليه‌السلام يقول : بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك وأبوك. ثم قالعليه‌السلام : عزّ والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك [أو يعينك فلا يغني عنك(١) ]. صوت والله كثر واتره ، وقلّ ناصره!.

ثم حمله ووضع صدره على صدره. وكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان الأرض. فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي والقتلى من أهل بيته(٢) . ثم رفع طرفه إلى السماء وقالعليه‌السلام : الله م أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا

[ولا تغفر لهم أبدا(٣) ].

وصاح الحسينعليه‌السلام في تلك الحال : صبرا يا بني عمومتي ، صبرا يا أهل بيتي ، فو الله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا.

١١٦ ـ عرس القاسمعليه‌السلام :

ذكر فخر الدين الطريحي في كتابه (المنتخب في المراثي والخطب) ص ٣٧٣ ، وكذلك الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٥٨ ، قصة زواج القاسمعليه‌السلام .

وملخصها أن الإمام الحسنعليه‌السلام كان قد أوصى بتزويج ابنه القاسمعليه‌السلام من ابنة أخيه الحسينعليه‌السلام المسماة زبيدة. ذلك أن الحسينعليه‌السلام بعد وفاة زوجته شهربانو أم زين العابدينعليه‌السلام تزوج بأختها شاهزنان ، فولدت له زبيدة هذه ، وقبر زبيدة خاتون في الري جنوبي طهران على مسافة ثلاثة ضرائح من قبر الشاه عبد العظيم الحسني (راجع أسرار الشهادة ، ص ٣١٠).

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٨.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣٢ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٧ ؛ والبداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٦ ؛ وإرشاد المفيد.

(٣) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٨.

١٢٨

لذلك قام الحسينعليه‌السلام في كربلاء بإجراء عقد الزواج بين القاسم وزبيدة في خيمة ، بعد أن ألبسه ثيابا جديدة. لكن القاسم رغم ذلك فضّل الشهادة على الزواج ، وقال لخطيبته : لقد أخّرنا عرسنا إلى الآخرة. فبكت الهاشميات.

يقول المحقق السيد عبد الرزاق المقرّم في كتابه (القاسم بن الحسن) ص ٣٢٠ :كل ما يذكر في عرس القاسم غير صحيح ، لعدم بلوغ القاسم سن الزواج ، ولم يرد به نص صحيح من المؤرخين.

ترجمة الغلام القاسم بن الحسنعليه‌السلام

(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٥٨)

في بعض الكتب : توفي الإمام الحسنعليه‌السلام وللقاسم سنتان ، فربّاه عمه الحسينعليه‌السلام في حجره ، وكفله مع سائر إخوته. وكان يوم عاشوراء غلاما لم يبلغ الحلم (عمره ١٣ سنة). وكان وجهه من جماله كفلقة القمر. أمه وأم عبد الله : رملة. [وفي طبقات ابن سعد] : نفيلة.

١١٧ ـ شهادة بعض إخوة الإمام الحسينعليهم‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٨ ط ٤)

وتقدمت إخوة الحسينعليه‌السلام عازمين على أن يموتوا دونه.

فأول من خرج منهم أبو بكر بن عليعليه‌السلام واسمه عبد الله ، وأمه ليلى بنت مسعود من بني نهشل ، فتقدم وهو يرتجز ويقول :

شيخي عليّ ذو الفخار الأطول

من هاشم الصدق الكريم المفضل

هذا الحسين ابن النبي المرسل

نذود عنه بالحسام الفيصل

تفديه نفسي من أخ مبجّل

يا ربّ فامنحني ثواب المجزل

فلم يزل يقاتل حتى قتله زجر بن بدر النخعي.

ثم خرج من بعده أخوه عمر بن عليعليه‌السلام ، أمه أم حبيب الصهباء بنت ربيعة التغلبية ، فحمل على زجر قاتل أخيه فقتله ، واستقبل القوم وجعل يضرب بسيفه ضربا منكرا ، وهو يقول :

١٢٩

خلّوا عداة الله خلّوا عن عمر

خلّوا عن الليث الهصور المكفهر

يضربكم بسيفه ولا يفرّ

وليس فيها بالجبان المنحجر

فلم يزل يقاتل حتى قتل.

وخرج محمّد الأصغر بن عليعليه‌السلام وأمه أم ولد ، فرماه رجل من تميم من بني أبان بن دارم ، فقتله وجاء برأسه.

وخرج عبد الله بن عليعليه‌السلام وأمه ليلى بنت مسعود النهشلية ، فقاتل حتى قتل.وهو أخو أبي بكر بن علي (ع) لأمه وأبيه ، وهو غير عبد الله الأصغر بن عليعليه‌السلام شقيق العباسعليه‌السلام ، كما صرح بذلك الشيخ المفيد في (الإرشاد).

١١٨ ـ مصرع إخوة العباسعليه‌السلام وهم عبد الله وجعفر وعثمانعليهم‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٩ ط ٤)

ولما رأى العباس بن علي (ع) كثرة القتلى من أهله قال لإخوته من أمه وأبيه ، وهم عبد الله وجعفر وعثمانعليه‌السلام ، وأمهم أم البنين فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية :يا بني أمي تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله ، فإنه لا ولد لكم.

وفي (مقاتل الطالبيين) لأبي الفرج الاصفهاني ، ص ٥٥ : قال أبو مخنف في حديث الضحاك المشرفي : «إن العباس بن عليعليه‌السلام قدّم أخاه جعفرا بين يديه ، لأنه لم يكن له ولد ، ليحوز ولد العباس بن علي ميراثه».

وقال الطبري في تاريخه : «وزعموا أن العباس بن عليعليه‌السلام قال لإخوته من

١٣٠

أمه ، عبد الله وجعفر وعثمان : يا بني أمي تقدموا حتى أرثكم ، فإنه لا ولد لكم ، ففعلوا فقتلوا».

فبرز عبد الله الأصغر بن عليعليه‌السلام وعمره خمس وعشرون سنة وهو يقول :

أنا ابن ذي النجدة والافضال

ذاك عليّ الخير ذي الفعال

سيف رسول الله ذو النّكال

في كل يوم ظاهر الأهوال

فاختلف هو وهاني بن ثبيت الحضرمي ضربتين ، فقتله هاني.

ثم برز بعده أخوه جعفر بن عليعليه‌السلام وكان عمره تسع عشرة سنة وهو يقول :

إني أنا جعفر ذو المعالي

نجل عليّ الخير ذو النوال

أحمي حسينا بالقنا العسّال(١)

وبالحسام الواضح الصقال

حسبي بعمّي شرفا وخالي

فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي أيضا فقتله ، وجاء برأسه.

ثم برز بعده أخوه عثمان بن عليعليه‌السلام (٢) فقام مقام إخوته ، وكان عمره إحدى وعشرين سنة وهو يقول :

إني أنا عثمان ذو المفاخر

شيخي عليّ ذو الفعال الطاهر

صنوّ النبي ذي الرشاد السائر

ما بين كل غائب وحاضر

هذا حسين خيرة الأخاير

وسيّد الصغار والأكابر

بعد الرسول والوصي الناصر

فرماه خولي بن يزيد الأصبحي على جبينه فسقط عن فرسه ، وحمل عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله ، وجاء برأسه.

__________________

(١) العسّال : الرمح يهتزّ لينا.

(٢) قال أبو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين) ص ٥٥ : وهذا عثمان هو الّذي روي عن عليعليه‌السلام أنه قال : إنما سميته باسم أخي (من الرضاعة) عثمان بن مظعون. وكان ابن مظعون هذا من أجلاء الصحابة ، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا ، وهاجر الهجرتين وشهد بدرا ، وكان ممن حرّم الخمرة على نفسه في الجاهلية. توفي سنة ٢ ه‍ وصلى عليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودفن في بقيع الغرقد.

١٣١

شهادة أبي الفضل العباس

قمر بني هاشم

كان العباس بن عليعليه‌السلام رجلا وسيما جميلا ، قويا أيّدا طويلا ، يركب الفرس المطهّم [أي السمين العالي] ورجلاه تخطان في الأرض. ولبطولته المشهودة أعطاه الحسينعليه‌السلام لواءه يوم كربلاء ، وطلب منه الاستسقاء أكثر من مرة ، فاستسقى الماء للنساء ، فسمّي السّقّاء. ولجماله الملحوظ سمّي قمر بني هاشم.

١١٩ ـ استسقاء أبي الفضل العباسعليه‌السلام ومصرعه على يد زيد بن الرقّاد الجهني(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣٥)

أورد الخوارزمي في مقتله مصرع العباس باختصار كبير ، ج ٢ ص ٢٩ قال :

ثم خرج من بعده العباس بن عليعليه‌السلام وأمه أم البنين ، وهو السّقّاء ، فحمل وهو يقول :

أقسمت بالله الأعزّ الأعظم

وبالحجون صادقا وزمزم

وبالحطيم والفنا المحرّم

ليخضبنّ اليوم جسمي بدمي

دون الحسين ذي الفخار الأقدم

إمام أهل الفضل والتكرّم

فلم يزل يقاتل حتى قتل جماعة من القوم ثم قتل. فقال الحسينعليه‌السلام : الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي.

وأما الطبري فمن العجب العجاب أنه لم يذكر شيئا أبدا عن مصرع العباس.واعتبر السيد ابن طاووس في (اللهوف) مقتل العباسعليه‌السلام آخر أهل البيتعليهم‌السلام وذلك باختصار.

١٣٢

أما السيد المقرّم فقد أورد في مقتله مصرع العباسعليه‌السلام بإسهاب ، ص ٣٣٤ ، وهذا نصّه :

قال العباسعليه‌السلام : قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين وأريد أن آخذ ثأري منهم. فأمره الحسينعليه‌السلام أن يطلب الماء للأطفال ، فذهب العباسعليه‌السلام إلى القوم ووعظهم وحذّرهم غضب الجبار فلم ينفع ، فنادى بصوت عال : يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله ، قد قتلتم أصحابه وأهل بيته ، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء ، فقد أحرق الظمأ قلوبهم ، وهو مع ذلك يقول :دعوني أذهب إلى الروم أو الهند وأخلّي لكم الحجاز والعراق. فأثّر كلام العباسعليه‌السلام في نفوس القوم حتى بكى بعضهم. ولكن الشمر صاح بأعلى صوته :يابن أبي تراب لو كان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة ، إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.

ثم إنه ركب جواده وأخذ القربة ، فأحاط به أربعة آلاف ورموه بالنبال ، فلم ترعه كثرتهم وأخذ يطرد أولئك الجماهير وحده ، ولواء الحمد يرفرف على رأسه ، فلم تثبت له الرجال ، ونزل إلى الفرات مطمئنا غير مبال بذلك الجمع. ولما اغترف من الماء ليشرب تذكّر عطش أخيه الحسينعليه‌السلام ومن معه ، فرمى الماء وقال :

يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لا كنت أن تكوني

هذا الحسين وارد المنون

وتشربين بارد المعين

تالله ما هذا فعال ديني(١)

ولا فعال صادق اليقين

ثم ملأ القربة وركب جواده وتوجّه نحو المخيم فقطع عليه الطريق ، وجعل يضرب حتى أكثر القتل فيهم وكشفهم عن الطريق وهو يقول :

لا أرهب الموت إذا الموت رقى(٢)

حتى أوارى في المصاليت لقى(٣)

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٣٦ نقلا عن (رياض المصائب) ص ٣١٣ للسيد محمّد مهدي الموسوي. (٢) إذا الموت رقى : أي صعد ، كناية عن الكثرة أو القرب أو الإشراف. (وفي رواية) زقا : أي صاح. (٣) المصاليت : جمع مصلات ، وهو الرجل الشجاع. لقى : مطروحا.

١٣٣

نفسي لسبط المصطفى الطهر وقى

إني أنا العباس أغدو بالسّقا

ولا أخاف الشرّ يوم الملتقى

فكمن له زيد بن الرقّاد الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي ، فضربه على يمينه فبراها ، فقالعليه‌السلام :

والله إن قطعتم يميني

إني أحامي أبدا عن ديني

وعن إمام صادق اليقين

سبط النبي الطاهر الأمين

فلم يعبأ بيمينه بعد أن كان همه إيصال الماء إلى أطفال الحسينعليه‌السلام وعياله ، ولكن الحكيم بن الطفيل كمن له من وراء نخلة ، فلما مرّ به ضربه على شماله فقطعها(١) فقالعليه‌السلام :

يا نفس لا تخشي من الكفّار

وأبشري برحمة الجبّار

مع النبي السيد المختار

مع جملة السادات والأطهار

قد قطّعوا ببغيهم يساري

فأصلهم يا ربّ حرّ النار(٢)

وتكاثروا عليه وأتته السهام كالمطر ، فأصاب القربة سهم وأريق ماؤها ، وسهم أصاب صدره(٣) وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته ، وسقط على الأرض ينادي : عليك مني السلام أبا عبدالله(٤) . فأتاه الحسينعليه‌السلام وقد استشهد ، فقال :الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي(٥) .

وفي (الفاجعة العظمى) للسيد عبد الحسين الموسوي ، ص ١٤٦ :

(وفي بعض الكتب) : أخذ الحسينعليه‌السلام رأسه ووضعه في حجره ، وجعل يمسح الدم عن عينيه ، فرآه وهو يبكي. فقال الحسينعليه‌السلام : ما يبكيك يا أبا الفضل؟. قال : يا نور عيني ، وكيف لا أبكي ومثلك الآن جئتني وأخذت رأسي ، فبعد ساعة من يرفع رأسك عن التراب ، ومن يمسح التراب عن وجهك!.

__________________

(١) مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢١ ط إيران.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٨.

(٣) رياض المصائب ، ص ٣١٥.

(٤) المنتخب للطريحي ، ص ٣١٢ ط نجف سنة ١٣٦٩ ه‍ ؛ ورياض المصائب ص ٣١٥. وفي مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٢ ط إيران ، أن حكيم بن الطفيل هو الّذي ضربه بعمود من حديد على رأسه الشريف.

(٥) بحار الأنوار ، ج ١٠ ص ٢٥١ ؛ وتظلم الزهراء ، ص ١٢٠.

١٣٤

وكان الحسينعليه‌السلام جالسا ، إذ شهق العباس شهقة ، وفارقت روحه الطيبة.فصاح الحسينعليه‌السلام : وا أخاه ، وا عباساه ، وا ضيعتاه!.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٣١٢ ط ٢ نجف ، قال :

روي أن العباس بن عليعليه‌السلام كان حامل لواء أخيه الحسينعليه‌السلام ، فلما رأى جميع عسكر الحسينعليه‌السلام قتلوا وإخوانه وبنو عمه بكى وأنّ ، وإلى لقاء ربه اشتاق وحنّ. فحمل الراية وجاء نحو أخيه الحسينعليه‌السلام وقال : يا أخي هل رخصة؟.فبكى الحسينعليه‌السلام بكاء شديدا حتى ابتلّت لحيته المباركة بالدموع. ثم قال : يا أخي كنت العلامة من عسكري ، ومجمع عددنا ، فإذا أنت غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات ، وعمارتنا تنبعث إلى الخراب. فقال العباسعليه‌السلام : فداك روح أخيك ، يا سيدي قد ضاق صدري من حياة الدنيا ، وأريد أخذ الثأر من هؤلاء المنافقين.فقال الحسينعليه‌السلام : إذا غدوت إلى الجهاد فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء.

فلما أجاز الحسينعليه‌السلام أخاه العباس للبراز ، برز كالجبل العظيم ، وقلبه كالطود الجسيم ، لأنه كان فارسا هماما وبطلا ضرغاما ، وكان جسورا على الطعن والضرب ، في ميدان الكفاح والحرب. فلما توسّط الميدان وقف وقال : يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنكم قتلتم أصحابه وإخوته وبني عمه ، وبقي فريدا مع أولاده ، وهم عطاشى قد أحرق الظمأ قلوبهم ، فاسقوه شربة من الماء ، لأن أطفاله وعياله وصلوا إلى الهلاك ، وهو مع ذلك يقول لكم : دعوني أخرج إلى أطراف الروم والهند وأخلّي لكم الحجاز والعراق ، والشرط لكم أن غدا في القيامة لا أخاصمكم عند الله ، حتى يفعل الله بكم

ما يريد!.

فلما أوصل العباسعليه‌السلام إليهم الكلام عن أخيه ، فمنهم من سكت ولم يردّ جوابا ، ومنهم من جلس يبكي. فخرج الشمر وشبث بن ربعي ، فجاء [الشمر] نحو العباس وقال : يابن أبي تراب قل لأخيك : لو كان كل وجه الأرض ماء وهو تحت أيدينا ، ما سقيناكم منه قطرة إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.

فتبسم العباسعليه‌السلام ومضى إلى أخيه الحسينعليه‌السلام وعرض عليه ما قالوا ، فطأطأ رأسه إلى الأرض ، وبكى حتى بلّ أزياقه [أي أكمامه]. فسمع الحسينعليه‌السلام الأطفال ينادون : العطش!.

١٣٥

الاستسقاء الأخير

فلما سمع العباسعليه‌السلام ذلك رمق بطرفه إلى السماء ، وقال : إلهي وسيدي ، أريد [أن] أعتدّ بعدّتي ، وأملأ لهؤلاء الأطفال قربة من الماء. فركب فرسه وأخذ رمحه ، والقربة في كتفه.

وكان قد جعل عمر بن سعد أربعة آلاف خارجي موكلين على الماء ، لا يدعون أحدا من أصحاب الحسينعليه‌السلام يشرب منه. فلما رأوا العباس قاصدا إلى الفرات أحاطوا به من كل جانب ومكان. فقال لهم : يا قوم ، أنتم كفرة

أم مسلمون؟. هل يجوز في مذهبكم أو في دينكم أن تمنعوا الحسينعليه‌السلام وعياله شرب الماء ، والكلاب والخنازير يشربون منه ، والحسين مع أطفاله وأهل بيته يموتون من العطش. أما تذكرون عطش القيامة؟!.

فلما سمعوا كلام العباسعليه‌السلام وقف خمسمئة رجل ورموه بالنبل والسهام ، فحمل عليهم فتفرقوا عنه هاربين كما تتفرق الغنم عن الذئب ، وغاص في أوساطهم وقتل منهم ـ على ما نقل ـ قريبا من ثمانين فارسا. فهمز فرسه إلى الماء وأراد أن يشرب ، فذكر عطش الحسينعليه‌السلام وعياله وأطفاله ؛ فرمى الماء من يده ، وقال :والله لا أشربه وأخي الحسينعليه‌السلام وعياله وأطفاله عطاشى ، لا كان ذلك أبدا.

ثم ملأ القربة وحملها على كتفه الأيمن ، وهمز فرسه وأراد أن يوصل الماء إلى الخيمة ، فاجتمع عليه القوم ، فحمل عليهم فتفرقوا عنه ، وصار نحو الخيمة ، فقطعوا عليه الطريق ، فحاربهم محاربة عظيمة. فصادفه نوفل الأزرق وضربه على يده اليمنى فبراها ، فحمل العباس القربة على كتفه الأيسر. فضربه نوفل أيضا فبرى كفه الأيسر من الزند ، فحمل القربة بأسنانه ، فجاء سهم فأصاب القربة ، فانفرت وأريق ماؤها.ثم جاء سهم آخر في صدره ، فانقلب عن فرسه إلى الأرض. وصاح إلى أخيه الحسينعليه‌السلام : أدركني. فساق الريح الكلام إلى الخيمة.

فلما سمع الحسينعليه‌السلام كلامه ، أتاه فرآه طريحا ، فصاح : وا أخاه ، وا عباساه ، وا قرة عيناه ، وا قلة ناصراه!. ثم بكى بكاء شديدا. وحمل العباس إلى الخيمة ، فجددوا الأحزان وأقاموا العزاء( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) [الشعراء : ٢٢٧].

(أقول) : وهذا مناقض للواقع والمشهور ، من أن العباسعليه‌السلام دفن في المكان الّذي استشهد فيه ، منحازا عن باقي الشهداءعليهم‌السلام .

١٣٦

أما أبو مخنف فقد ذكر في مقتله ، ص ٥٧ مصرع العباسعليه‌السلام مبكّرا قبل بدء القتال (وهو قول ضعيف واهن كما أسلفنا) ، وذلك حين طلب منه الحسينعليه‌السلام الاستسقاء للأطفال ، قال :

واشتدّ العطش بالحسين وأصحابه ، فقال الحسين لأخيه العباسعليه‌السلام : يا أخي اجمع أهل بيتك واحفروا بئرا ففعلوا ذلك فلم يجدوا فيها ماء ، فقال الحسين للعباسعليه‌السلام : امض إلى الفرات وائتنا بشربة من الماء. فقال له العباس : سمعا وطاعة. (قال) : فضمّ إليه رجالا ، فسار العباس والرجال من يمينه وعن شماله ، حتى أشرفوا على الفرات ، فرآهم أصحاب ابن زياد ، وقالوا : من أنتم؟. فقالوا :نحن أصحاب الحسينعليه‌السلام . فقالوا : وما تريدون؟. قالوا : كظّنا العطش ، وأشدّ الأشياء علينا عطش الحسينعليه‌السلام . فلما سمعوا كلامهم حملوا عليهم حملة رجل واحد ، فقاتلهم العباس وأصحابه ، فقتل منهم رجالا ، وهو يقول :

أقاتل القوم بقلب مهتد

أذبّ عن سبط النبيّ أحمد

أضربكم بالصارم المهنّد

حتى تحيدوا عن قتال سيدي

إني أنا العباس ذو التودّد

نجل علي المرتضى المؤيّد

وحمل عليهم ففرقهم يمينا وشمالا ، وقتل رجالا حتى كشفهم عن المشرعة ، ونزل ومعه القربة فملأها ، ومدّ يده ليشرب ، فذكر عطش أخيه الحسين ، فقال : والله لا ذقت الماء وسيدي الحسين عطشان. ثم رمى الماء من يده وخرج والقربة على ظهره. ثم صعد من المشرعة فأخذه النبل من كل مكان حتى صارت درعه كالقنفذ.فحمل عليه أبرص بن شيبان ، فضربه على يمينه فطارت مع السيف ، فأخذ السيف بشماله. وحمل على القوم وقتل منهم رجالا ونكّس أبطالا والقربة على ظهره. فلما نظر ابن سعد قال : ويلكم ارشقوا القربة بالنبل ، فو الله إن شرب الحسين الماء أفناكم عن آخركم. (قال) فحملوا على العباس حملة منكرة ، فقتل منهم مائة وثمانين فارسا ، فضربه عبد الله بن يزيد الشيباني على شماله فقطعها ، فأخذ السيف بفيه. ثم حمل على القوم ويداه تنضحان دما ، فحملوا عليه جميعا ، فقاتلهم قتالا شديدا ، فضربه رجل منهم بعمود من حديد ففلق هامته ، وخرّ صريعا إلى الأرض يخور بدمه وهو ينادي : يا أبا عبد الله عليك مني السلام. فلما سمع الحسينعليه‌السلام صوته نادى : وا أخاه ، وا عباساه ، وا مهجة قلباه ثم حمل على القوم فكشفهم عنه ، ونزل إليه وحمله على ظهر جواده ، وأقبل به إلى الخيمة وطرحه وبكى عليه بكاء

١٣٧

شديدا ، حتى بكى جميع من كان حاضرا. وقال صلوات الله عليه : جزاك الله من أخ خيرا ، لقد جاهدت في الله حقّ جهاده.

(أقول) : وهذا الكلام مخالف أيضا للرواية الصحيحة ، وهي أن الحسينعليه‌السلام ترك أخاه العباس في مكان استشهاده على المشرعة ، فكان مدفنه في موضعه المعروف منحازا عن الشهداء.

ترجمة أبي الفضل العباسعليه‌السلام

أبو الفضل العباسعليه‌السلام هو ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. أمه فاطمة بنت حزام الكلابية ، اختارها له أخوه عقيل لتلد له غلاما فارسا ، وقد اشتهرت عشيرتها بالشجاعة والبأس ، وكان آباؤها وأخوالها فرسان العرب في الجاهلية. وقد ولدت للإمامعليه‌السلام أربعة أولاد ،

فسميت لذلك (أم البنين) وهم : العباس وجعفر وعثمان وعبد الله ، وقد استشهدوا جميعا في كربلاء وكانت أم البنين من أفضل النساء ، عارفة بحق أهل البيتعليهم‌السلام ومخلصة في ولائهم. كان أكبر أولادها العباسعليه‌السلام ، ولد في ٤ شعبان سنة ٢٦ ه‍.

وقد اجتمعت في العباس كل صفات العظمة ، من بأس وشجاعة وإباء ونجدة من جهة ، وجمال وبهجة ووضاءة وطلاقة من جهة أخرى ، ولما تطابق فيه الجمالان الخلقي والخلقي ، قيل فيه (قمر بني هاشم). وقد عاشعليه‌السلام مع أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام أربع عشرة سنة ، وحضر معه حروبه ، ولكنه لم يأذن له أبوه بالنزال فيها. وقتل مع أخيه الحسينعليه‌السلام بكربلاء وعمره ٣٤ سنة ، وكان صاحب رايته.

من ألقاب العباسعليه‌السلام : (السّقّاء) لأنه استسقى الماء لأهل البيتعليهم‌السلام يوم الطف. و (أبو الفضل) لأنه كان له ولد اسمه الفضل.

و (باب الحوائج) لكثرة ما صدر عنه من الكرامات يوم كربلاء وبعده.ومنها (قمر بني هاشم) لما ذكرنا من جمال هيئته ووسامته. وكان يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض.

١٣٨

تابع : ترجمة العباسعليه‌السلام

ولقد شهدت الأمة بطولة العباسعليه‌السلام ومواقفه مع أخيه الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، واستماتته في الدفاع من أجله ، حتى أن الحسينعليه‌السلام خاطبه قائلا : «بنفسي أنت" ، فأقامه مقام نفسه الزكية ، وهذا شرف لم يبلغه أحد من الناس.

وعن منزلة العباسعليه‌السلام ذكر السيد عبد الحسين الموسوي في (الفاجعة العظمى) ص ١٤٧ : روى الشيخ أبو نصر البخاري عن المفضّل بن عمر أنه قال : قال الإمام الصادقعليه‌السلام : كان عمّنا العباس ابن عليعليه‌السلام نافذ البصيرة صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد اللهعليه‌السلام وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا.

وعن (الأمالي) بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام قال : رحم الله عمي العباس ، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدله اللهعزوجل جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة ، كما جعل لجعفر بن أبي طالبعليه‌السلام . وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.

ويقع مرقد العباسعليه‌السلام في كربلاء المقدسة على مسافة بسيطة من قبر الحسينعليه‌السلام ، ويلاحظ أن مرقده الشريف منفرد عن مرقد الحسين والشهداءعليهم‌السلام ، ويبعد عن مرقد الحسينعليه‌السلام نحو ٣٥٠ مترا ، وقد أقيمت فوقه قبة من الذهب شبيهة بقبة الحسينعليه‌السلام .

١٢٠ ـ ثواب من يسقي الماء للعطاشى(الفاجعة العظمى ، ص ١٠٤)

بما أن أبا الفضل العباسعليه‌السلام كان ساقي عطاشى كربلاء ، نذكر هذين الحديثين :

قال الإمام زين العابدينعليه‌السلام : من سقى مؤمنا من ظمأ ، سقاه الله من الرحيق المختوم.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء ، كان

١٣٩

كمن أعتق رقبة. ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء ، كان كمن أحيا نفسا ، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.

١٢١ ـ شهادة أولاد العباس بن عليعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٢٧٨)

ذكر السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه (العباس قمر بني هاشم) ص ١٩٥ : أنه كان للعباسعليه‌السلام خمسة أولاد : الفضل وعبيد الله والحسن والقاسم وبنت واحدة.

وعدّ ابن شهر اشوب في مناقبه من الشهداء يوم الطف من ولد العباسعليه‌السلام :محمّد بن العباسعليه‌السلام أمه لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب. وليس للعباسعليه‌السلام نسل إلا من ولده عبيد الله.

١٢٢ ـ استغاثة الحسينعليه‌السلام :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٠)

ولما قتل العباسعليه‌السلام التفت الحسينعليه‌السلام فلم ير أحدا ينصره. ونظر إلى أهله وصحبه مجزّرين كالأضاحي ، وهو إذ ذاك يسمع عويل الأيامى وصراخ الأطفال ، صاح بأعلى صوته : هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. هل من موحّد يخاف الله فينا؟. هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا.؟. هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا(١) ؟. فارتفعت أصوات النساء بالبكاء(٢) .

الحسينعليه‌السلام يودّع عياله

ثم إن الحسينعليه‌السلام أمر عياله بالسكوت وودّعهم. وكان عليه جبّة خز دكناء ، وعمامة مورّدة ، أرخى لها ذؤابتين.

١٢٣ ـ الحسينعليه‌السلام يودّع النساء الهاشميات

(المنتخب للطريحي ص ٤٥٠)

في (المنتخب) : فدعاعليه‌السلام ببردة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتحف بها ، وأفرغ عليه درعه الفاضل ، وتقلّد سيفه ، واستوى على متن جواده وهو غائص في الحديد.

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٢.

(٢) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٦٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800