موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 493461 / تحميل: 5834
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

١٧٧ ـ ما فعله الفرس بعد مقتل الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٩٤)

قال عبد الله بن العباس : حدّثني من شهد الواقعة أن فرس الحسينعليه‌السلام

[بعد مقتله] جعل يحمحم ويتخطّى القتلى في المعركة ، قتيلا بعد قتيل ، حتى وقف على جثّة الحسينعليه‌السلام ، فجعل يمرّغ ناصيته بالدم ، ويلطم الأرض بيده ، ويصهل صهيلا حتى ملأ البيداء. فتعجب القوم من فعاله.

فلما نظر عمر بن سعد إلى فرس الحسين قال : يا ويلكم آتوني به ، وكان من جياد خيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فركبوا في طلبه ، فلما أحسّ الجواد بالطلب ، جعل يلطم بيده ورجليه ويمانع عن نفسه ، حتى قتل خلقا كثيرا ، ونكّس فرسانا من خيولهم ، ولم يقدروا عليه. فصاح عمر بن سعد : دعوه حتى ننظر ما يصنع؟.

فلما أمن الجواد من الطلب ، أتى إلى جثة الحسينعليه‌السلام وجعل يمرّغ ناصيته بدمه ، ويبكي بكاء الثكلى ، وثار يطلب الخيمة.

فلما سمعت زينب بنت عليعليهما‌السلام صهيله عرفته ، فأقبلت على سكينة وقالت لها : قد جاء أبوك بالماء ، فاستقبليه. فخرجت سكينة فرحة بذكر أبيها ، فرأت الجواد عاريا ، والسرج خاليا من راكبه ، وهو يصهل وينعى صاحبه.

فهتكت خمارها [أي شقّته] ونادت : وا أبتاه! وا حسيناه! وا قتيلاه! وا غربتاه! وا بعد سفراه! وا طول كربتاه!. هذا الحسين بالعرا ، مسلوب العمامة والرّدا ، قد أخذ منه الخاتم والحذا. بأبي من رأسه بأرض وجثته بأخرى ، بأبي من رأسه إلى الشام يهدى ، بأبي من أصبحت حرمه مهتوكة بين الأعداء ، بأبي من عسكره يوم الاثنين مضى. ثم بكت بكاء شديدا.

فلما سمعت بنات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صهيل الجواد خرجن ، فإذا الفرس بلا راكب ، فعرفن أن حسينا قد قتل. فرفعن أصواتهن بالبكاء والعويل. ووضعت أم كلثوم يدها على رأسها ونادت : وا محمداه ، وا جداه ، وا نبياه ، وا أبا القاسماه ، وا علياه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه ، وا حسناه. هذا حسين بالعرا ، صريع بكربلا ، محزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والرّدا. اليوم مات محمّد المصطفى ، اليوم مات علي المرتضى ، اليوم ماتت فاطمة الزهرا. ثم غشي عليها.

١٨١

١٧٨ ـ ما ذا كان يقول جواد الحسين في صهيله؟ :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٣٥)

عن صاحب (المناقب) ومحمد بن أبي طالب : أن الفرس [كان] يصهل ويضرب برأسه الأرض عند الخيمة ، حتى مات.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم صفين : ولدي هذا يقتل بكربلا عطشانا ، وينفر فرسه ويحمحم ، ويقول في حمحمته : الظليمة الظليمة ، من أمة قتلت ابن بنت نبيها ، وهم يقرؤون القرآن الّذي جاء به إليهم.

* * *

١٧٩ ـ دم الحسينعليه‌السلام لا يعادله دم :

(ذيل الروضتين لأبي شامة ، ص ١٨)

في سنة ٥٩٦ ه‍ توفي بمصر الفقيه شهاب الدين محمّد الطوسي الحنبلي.

قال ابو شامة : بلغني أنه سئل : أيما أفضل ، دم الحسين (ع) أم دم الحلّاج؟.فاستعظم ذلك ، وقال : كيف يجوز أن يقال هذا!؟ قطرة من دم الحسينعليه‌السلام أفضل من مائة ألف دم مثل دم الحلاج.

فقال السائل : إن دم الحلاج كتب على الأرض (الله) ولا كذلك دم الحسين.فقال الطوسي : المتّهم يحتاج إلى تزكية.

قلت : وهذا جواب في غاية الحسن في هذا الموضع ، على أنه لم يصحّ ما ذكر من دم الحلاج.

١٨٠ ـ لماذا صارت مصيبة يوم عاشوراء أعظم المصائب؟ :

(علل الشرائع للصدوق ، ج ١ ص ٢٢٥ ط نجف)

سأل أحدهم الإمام الصادقعليه‌السلام قال : يابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغمّ وجزع وبكاء ، دون اليوم الّذي قبض فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واليوم الّذي ماتت فيه فاطمةعليها‌السلام واليوم الّذي قتل فيه أمير المؤمنينعليه‌السلام واليوم الّذي قتل فيه الحسنعليه‌السلام بالسم؟. فقال : إن يوم الحسينعليه‌السلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام ، وذلك أن أصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق على الله تعالى ، كانوا خمسة ؛ فلما مضى عنهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام فكان فيهم للناس عزاء وسلوة. فلما مضت فاطمةعليها‌السلام كان في

١٨٢

أمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام عزاء وسلوة. فلما مضى عنهم أمير المؤمنينعليه‌السلام كان للناس في الحسن والحسينعليهما‌السلام عزاء وسلوة. فلما مضى الحسنعليه‌السلام كان للناس في الحسينعليه‌السلام عزاء وسلوة. فلما قتل الحسينعليه‌السلام لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة ، فكان ذهابه كذهاب جميعهم ، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم. فلذلك صار يومه أعظم مصيبة.

مناد من السماء ينعى الحسينعليه‌السلام

١٨١ ـ مناد من السماء يتوعّد الأمة الضالة عند قتل الحسينعليه‌السلام :

(روضة الواعظين للنيسابوري ، ص ١٩٣ ط قم)

قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : لما ضرب الحسين بن عليعليهما‌السلام بالسيف ، ثم ابتدر [شمر] ليقطع رأسه ، نادى مناد (بعض الملائكة) من قبل الله رب العزّة تبارك وتعالى ، من بطنان العرش ، فقال : ألا أيتها الأمة المتحيّرة الظالمة الضالّة بعد نبيّها (القاتلة عترة نبيّها) ، لا وفّقكم الله (لصوم) ولا فطر ولا أضحى.

ثم قال الصادقعليه‌السلام : لا جرم والله ما وفّقوا ولا يوفّقون أبدا ، حتى يقوم ثائر الحسينعليه‌السلام (١) [يقصد الحجة القائم (عج)].

١٨٢ ـ مناد من السماء ينعى الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٢٩)

يقول أبو مخنف : إن (الشمر) لما شال الرأس الشريف في رمح طويل ، وكبّر العسكر ثلاث تكبيرات ؛ زلزلت الأرض ، وأظلمت السموات ، وقطرت السماء دما. ونادى مناد من السماء : قتل والله الإمام ابن الإمام أخو الإمام. قتل والله الهمام بن الهمام ، الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام . فارتفعت في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة ، فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاء. فلبثوا كذلك ساعة ثم انجلت عنهم.

١٨٣ ـ كم تتأخر الرؤيا؟ :

(مختصر صفوة الصفوة لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ، ص ٦٢)

قيل لجعفر الصادقعليه‌السلام : كم تتأخر الرؤيا؟. قال : خمسين سنة ، لأن

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ، ص ١٤٨.

١٨٣

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى كلبا أبقع ولغ في دمه ، فأوّله بأن رجلا يقتل الحسين ابن بنته. فكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسينعليه‌السلام وكان أبرص ، فتأخرت الرؤيا بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسين سنة.

١٨٤ ـ جرائم وحشية لم يشهد لها مثيل :(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٦)

في (مطالب السّؤول) لمحمد بن طلحة الشافعي قال : ثم احتزّوا رأس سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحبّه الحسينعليه‌السلام بشبا الحداد ، ورفعوه كما ترفع رؤوس ذوي الإلحاد ، على رؤوس الصعاد ، واخترقوا به أرجاء البلاد بين العباد ، واستاقوا حرمه وأطفاله أذلاء من الاضطهاد ، وأركبوهم على أخشاب الأقتاب بغير وطاء ولا مهاد.هذا مع علمهم بأنها الذرية النبوية ، المسؤول لها بالمودّة ، بصريح القرآن وصحيح الاعتقاد!.

تحقيق من الّذي قتل الحسينعليه‌السلام

١٨٥ ـ من الّذي باشر قتل الحسينعليه‌السلام ؟ :

يجب أن نفرّق عند دراسة هذا التحقيق بين أمرين :

الأول : من الّذي ضرب الحسينعليه‌السلام ضربة مميتة حتى صرعه ، أي ألقاه على الأرض.

والثاني : من الّذي ذبح الحسينعليه‌السلام وفصل رأسه عن جسده الشريف ، وهو ما يسمى بالإجهاز عليه(١) أي الإسراع في قتله وتتميمه.

وقد يكون الذبح هو سبب القتل ، وقد يكون تعجيلا للقتل ، كما حدث للحسينعليه‌السلام ، فقد ذبح وبه رمق.

وهذان الأمران مترددان حسب الروايات بين ثلاثة أشخاص هم :

شمر ـ وسنان ـ وخولي

أما ما يذكر من أن عمر بن سعد قتل الحسينعليه‌السلام فهو من قبيل المجاز ، بمعنى أنه هو الآمر لقتله ، باعتباره قائد الجيوش التي تولّت قتله ، فيكون هو القاتل حكما لا فعلا.

__________________

(١) جهز على الجريح وأجهز : أثبت قتله ، وأسرعه ، وتمّم عليه.

١٨٤

والظاهر من الروايات أن خولي ليس هو القاتل الفعلي ، فيكون أمر صرع الحسينعليه‌السلام ثم ذبحه ، دائرا بين شمر وسنان.

والذي أرجّحه أن القاتل هو (شمر) ، مستدلا بأمور ثلاثة :

١ ـ الشهرة التي على ألسن الخطباء ، والتي توارثوها أبا عن جدّ ؛ أن قاتل الحسينعليه‌السلام هو شمر بن ذي الجوشن.

٢ ـ ما صرّحت به الزيارة القائمية ، من أن الّذي قتل الحسينعليه‌السلام هو الشمر.

٣ ـ أن الثلاثة المذكورين كانوا قساة أجلافا ، ولكن الشمر كان أجرأهم على القتل وسفك الدماء. والذي زاد في حقد الشمر على الحسينعليه‌السلام قول السبط له أنه رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه ، فقال له : إن الّذي يتولى قتله رجل أبرص أبقع ، له بوز طويل كبوز الكلب. وهذا ينطبق على الشمر.

يؤيد ما سبق ما قاله المستشرق رينهارت دوزي في كتابه (مسلمي إسبانيا) حيث قال : لم يتردد الشمر لحظة في قتل حفيد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أحجم غيره عن هذا الجرم الشنيع ، وإن كانوا مثله في الكفر.

(راجع كتاب حياة الإمام الحسينعليه‌السلام لباقر شريف القرشي ، ج ٣ ص ٢٩٢)

(أقول) : لذلك عندما أقبل خولي لقتل الحسينعليه‌السلام فضعف وأرعد ، قال له شمر : ثكلتك أمك ، ما أرجعك عن قتله؟!.

وأمامي الآن على الطاولة عشرون رواية ، يمكن أن أستخلص منها النتائج التالية :

١ ـ أن الّذي ضرب الحسينعليه‌السلام بسهم فأوقعه عن ظهر جواده صريعا إلى الأرض ، هو خولي بن يزيد الأصبحي.

٢ ـ والذي ضرب الحسينعليه‌السلام بالسيف على رأسه (أو بالرمح في حلقه) فصرعه ، هو سنان بن أنس النخعي.

٣ ـ أما الّذي أجهز على الحسينعليه‌السلام فذبحه وقطع رأسه ، فهو شمر بن ذي الجوشن الضبابي. وبعد ذبحه دفع الرأس إلى خولي.

فالذين زعموا أن خولي هو الّذي ذبحه ، فلأنهم رأوا الرأس في يده ، فتوهموا أنه هو الّذي ذبحه فيكون سنان وشمر قد اشتركا في قتلهعليه‌السلام .

١٨٥

والآن نعرض بعض أقوال المؤرخين واجتهادات المحققين.

١٨٦ ـ رأي بعض المحققين فيمن قتل الحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص ، ص ٢٦٤ ط ٢ نجف)

١) ـ رأي سبط ابن الجوزي :

قال : وقد اختلفوا في قاتل الحسينعليه‌السلام على أقوال :

أحدها : سنان بن أنس النخعي (قاله هشام بن محمّد).

والثاني : الحصين بن نمير ، رماه بسهم ، ثم نزل فذبحه ، وعلّق رأسه في عنق فرسه ، ليتقرب به إلى ابن زياد.

والثالث : مهاجر بن أوس التميمي.

والرابع : كثير بن عبد الله الشعبي.

والخامس : شمر بن ذي الجوشن.

والأصح أنه سنان بن أنس النخعي ، وشاركه شمر بن ذي الجوشن.

٢) ـ رأي السيد باقر شريف القرشي :

(حياة الإمام الحسين ج ٣ ص ٢٩٢)

قال : اختلف المؤرخون في المجرم الأثيم الّذي أجهز على ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذه بعض الأقوال :

١ ـ سنان بن أنس : احتزّ رأسه الشريف.

٢ ـ شمر بن ذي الجوشن.

٣ ـ عمر بن سعد (ذكر ذلك المقريزي وغيره).

٤ ـ خولي بن يزيد الأصبحي : احتزّ رأسه.

٥ ـ شبل بن يزيد الأصبحي.

٦ ـ الحصين بن نمير (نصّ على ذلك بعض المؤرخين).

٧ ـ المهاجر بن أوس التميمي (ذكره سبط ابن الجوزي).

٨ ـ كثير بن عبد الله الشعبي.

١٨٦

ثم يقول : هذه بعض الأقوال ، والذي نراه أن شمر بن ذي الجوشن ممن تولى قتل الإمامعليه‌السلام واشترك مع سنان في حزّ رأسه الشريف.

٣) ـ رأي الفاضل الدربندي :(أسرار الشهادة ، ص ٤٢٧)

قال : اختلف فيمن قتل الحسينعليه‌السلام ، ولكن الزيارة القائمية صريحة بأنه الشمر. أما خولي وسنان فلهما مدخلية في القتل. ولذلك قال بعض العلماء : إن القاتل كان ثلاثتهم.

ويؤيد ذلك ما ذكره البعض الآخر من أن سنان بن أنس النخعي ، وخولي ابن يزيد الأصبحي ، وشمر بن ذي الجوشن الضبابي ، أقبلوا ومعهم رأس الحسينعليه‌السلام ، ومضوا به إلى عمر بن سعد وهم يتحدثون ؛ فخولي يقول : أنا ضربته بالسيف ففلقت هامته ، والشمر يقول : أنا أبنت رأسه عن بدنه.

(أقول) : وفي هذا الاجتهاد ، فصل الخطاب وشفاء الفؤاد.

لكن لي نقد بسيط على الرواية التي أوردها الفاضل الدربندي حيث قال عن سنان : أنا ضربته بالسيف ففلقت هامته ، ثم قال شمر : أنا أبنت رأسه عن بدنه. فهذه الرواية توحي للسامع بأن القاتل الفعلي هو سنان ، وأن شمر قطع رأس الحسينعليه‌السلام بعد موته. والصحيح أن الحسينعليه‌السلام لما ضعف وهو جالس على الأرض ، طعنه سنان بالرمح في ترقوته وفي صدره ، فسقط صريعا يجود بنفسه. ثم جاء شمر ـ وكان الحسينعليه‌السلام به رمق ـ فتكلم معه ، ثم ذبحه قبل أن يموت.فيكون سنان وشمر مشتركين في قتل الحسينعليه‌السلام ، وشمر هو الّذي ذبحه كما يذبح الكبش ، بعد أن أكبّه على وجهه ، وبدأ يجزّ رأسه من قفاه. فسنان لم يضربه بالسيف على هامته كما ذكر الدربندي ، ولم يكن هو قاتله الفعلي.

٤) ـ رأي المؤرّخ القرماني :(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٠٨)

قال : ثم حمل الرجال على الحسينعليه‌السلام من كل جانب ، وهو يجول فيهم يمينا وشمالا ؛ فضربه زرعة بن شريك على يده اليسرى ، وضربه آخر على عاتقه ، وطعنه سنان بن أنس بالرمح ، فوقع.

فنزل إليه الشمر فاحتزّ رأسه ، وسلّمه إلى خولي الأصبحي.

(أقول) : في هذه الرواية الوصف الفعلي لما حدث للحسينعليه‌السلام ، حيث

١٨٧

صرّحت بأن الّذي صرعه سنان ، والذي ذبحه شمر ، ثم سلّمه إلى خولي فرفعه.فتوهم بعضهم أن خولي هو الّذي تولى ذبحه.

٥) ـ رأي فخر الدين الطريحي :(المنتخب للطريحي ، ص ٣٧ ط ٢)

قال : طعنه سنان بالسنان فصرعه إلى الأرض ، فابتدر إليه خولي ليحتزّ رأسه ، فارتعد ورجع عن قتله. فقال له الشمر : فتّ الله عضدك ، ما لك ترعد؟. ثم إن الشمر نزل عن فرسه ودنا إلى الحسينعليه‌السلام فذبحه كما يذبح الكبش. ألا لعنة الله على القوم الظالمين.

وفي الصفحة ٤٩٣ من (المنتخب) قال : طعنه سنان بسنانه ، ورماه خولي بسهم ميشوم ، فوقع في لبّته ، وسقط عن ظهر جواده إلى الأرض يجول في دمه ، فجاءه الشمر فاحتزّ رأسه بحسامه ، ورفعه فوق قناته.

٦) ـ رأي الشيخ عبد الله الشبراوي :(الإتحاف بحب الأشراف ص ٥٣)

قال : ثم إن سنان بن أنس النخعي حمل على الحسينعليه‌السلام في تلك الحالة وطعنه برمح ، وقال لخولي بن يزيد الأصبحي : احتزّ رأسه ، فأرعد وضعف. فنزل عليه شمر وذبحه ، وأخذ رأسه ودفعه إلى خولي.

٧) ـ رأي الطبري وابن الأثير :(تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٦٠ ط ١ مصر)

قال الطبري : ثم انصرفوا ، وهوعليه‌السلام ينوء ويكبو.

قال الراوي : وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي ، فطعنه بالرمح فوقع. ثم قال لخولي بن يزيد الأصبحي : احتزّ رأسه ، فأراد أن يفعل فضعف وأرعد. فقال له سنان بن أنس : فتّ الله عضديك وأبان يديك. فنزل إليه فذبحه واحتز رأسه ، ثم دفعه إلى خولي بن يزيد.

٨) ـ رأي السيد إبراهيم الميانجي :(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٥)

قال : وطعنه سنان بن أنس بالرمح فوقع ، فنزل إليه شمر فاحتزّ رأسه ، وسلّمه إلى خولي الأصبحي.

وفي (اللهوف) : إن سنان بن أنس ضربه بالسيف في حلقه الشريف ، ثم احتزّ رأسه المقدس. ثم انتهبوا سلبه.

١٨٨

وعن (تظلم الزهراء) : إن المروي عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام أن القاتل سنان ؛ ولكن الأشهر أنه شمر ، كما في زيارة الناحية المقدسة.

تحقيق اليوم الّذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام

١٨٧ ـ في أيّ يوم قتل الحسينعليه‌السلام :

اتفق الرواة والمؤرخون على أن شهادة الحسينعليه‌السلام كانت يوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه‍. ولكن اختلفوا في اليوم ، والأغلب أنه كان يوم الجمعة.

قال ابن شهر اشوب في مناقبه ، ج ٣ ص : استشهدعليه‌السلام يوم السبت العاشر من المحرم قبل الزوال ، ويقال يوم الجمعة بعد صلاة الظهر. وقيل يوم الاثنين ، بطف كربلاء بين نينوى والغاضرية. ودفن بكربلاء من غربي الفرات.

وأما السيد الأمين في (أعيان الشيعة) ج ٤ ص ٢٨٨ فيرجّح ما حققه أبو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين) من أن شهادتهعليه‌السلام كانت يوم الجمعة عاشر محرم بعد صلاة الظهر. وينفي ما ذكره المفيد من أن عمره كان ٥٨ سنة ، بل ٥٧ سنة.

وأما اليعقوبي في تاريخه ، ج ٢ ص ٢٤٣ فيقول : وكان مقتلهعليه‌السلام لعشر ليال خلون من المحرم سنة ٦١ ه‍. واختلفوا في اليوم ، فقالوا : يوم السبت ، وقالوا : يوم الاثنين ، وقالوا : يوم الجمعة. وكان من شهور العجم في تشرين الأول.

١٨٨ ـ الأشهر أن مقتل الحسينعليه‌السلام كان يوم الجمعة :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٣٢٧)

قال أبو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين) : كان مولدهعليه‌السلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة. وقتل يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم سنة إحدى وستين ، وله ست وخمسون سنة وشهور.

وقيل : قتل يوم السبت ، والذي ذكرناه أولا أصح.

وأما ما نقله العامة من أنه قتل يوم الاثنين فباطل ، هو شيء قالوه بلا رواية. وكان أول المحرم الّذي قتل فيهعليه‌السلام يوم الأربعاء. أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات [أي قوائم الحسابات الفلكية] ، وإذ كان ذلك كذلك ، فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر من المحرم يوم الاثنين.

١٨٩

قال أبو الفرج : وهذا دليل صحيح واضح ، تنضاف إليه الرواية.

١٨٩ ـ التحقيق الفلكي ليوم مقتله الشريف :

(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤٣)

قال اليعقوبي : وكانت الشمس يومئذ في الميزان ، سبع عشرة درجة وعشرين دقيقة. والقمر في الدلو ، عشرين درجة وعشرين دقيقة. وزحل في السرطان ، تسعا وعشرين درجة وعشرين دقيقة. والمشتري في الجدي ، اثنتي عشرة درجة وأربعين دقيقة. والزهرة في السنبلة ، خمس درجات وخمسين دقيقة. وعطارد في الميزان ، خمس درجات وأربعين دقيقة. والرأس في الجوزاء ، درجة وخمسا وأربعين دقيقة.

١٩٠

الباب السابع

حوادث ما بعد الشهادة

ويتضمن الأمور التالية :

الفصل ٢٥ ـ آيات كونية :

ـ أهوال يوم العاشر

ـ مشاركة الدنيا في الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام

ـ حزن أم سلمة والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمةعليها‌السلام على الحسينعليه‌السلام

الفصل ٢٦ ـ حوادث بعد الشهادة :

ـ ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر

حوادث بعد ظهر يوم العاشر من المحرم :

ـ سلب الحسينعليه‌السلام

ـ نهب الخيام وحرقها

ـ الناجون من القتل

ـ وطء الخيل لجسد الحسينعليه‌السلام

ـ تراجم وأنساب بعض قتلة الحسينعليه‌السلام

الفصل ٢٧ ـ مسيرة الرؤوس والسبايا إلى الكوفة :

عشية اليوم العاشر من المحرم :

ـ حال السبايا مساء اليوم العاشر

ـ تسيير رؤوس الشهداء إلى الكوفة

١٩١

اليوم الحادي عشر من المحرم :

ـ تسيير السبايا إلى الكوفة

مساء اليوم الثاني عشر :

ـ وصول الرؤوس والسبايا إلى ضاحية الكوفة

اليوم الثالث عشر من المحرم :

ـ دخول موكب الرؤوس والسبايا إلى الكوفة

ـ خطب في الكوفة : خطبة زينب الكبرى وفاطمة الصغرى وأم كلثوم وزين العابدينعليه‌السلام

ـ دفن جسد الحسينعليه‌السلام والشهداء رضي الله عنهم

ـ إدخال رأس الحسينعليه‌السلام والعترة الطاهرة على ابن زياد

ـ محاورة زينب وملاسنة زين العابدينعليه‌السلام لابن زياد

اليوم الرابع عشر وما بعده :

ـ خبر عبد الله بن عفيف الأزدي

ـ تطويف الرأس الشريف في سكك الكوفة

ـ صلب الرأس وكلامه

ـ نعي الحسينعليه‌السلام في المدينة

١٩٢

الباب السابع

حوادث ما بعد الشهادة

مقدمة الباب التاسع :

ما أن فاضت روح الإمام الحسينعليه‌السلام مسرعة إلى الرفيق الأعلى ، زاهدة بالدنيا الفانية وأهلها ، حتى لبست الدنيا ثوب الحداد على سيد الشهداءعليه‌السلام .فبكت عليه الأرض والسماء والملائكة والجن ، وحدثت آيات كونية تدل على منزلة الحسينعليه‌السلام ومركزيته في هذا الكون.

ولم تكتف طغمة الفجّار والكفار ، بقتل الحسينعليه‌السلام وذبحه ، وقتل أهله وأصحابه ، وسبي نسائه وأطفاله ، حتى قاموا بدافع من الحقد الطاغي بسلب الحسينعليه‌السلام ألبسته ، ونهب خيامه وحرقها. وأشدّها ألما وتأثيرا على النفس رضّ صدر الحسينعليه‌السلام ووطؤه بسنابك الخيل ، حتى تفتّت أجزاء جسده ، وطحنت جناجن صدره. وكان العشرة الذين انتدبوا لهذا العمل كلهم أبناء حرام.

وبات السبايا والأطفالعليه‌السلام بحماية زينب العقيلةعليها‌السلام ليلة الحادي عشر من المحرم في خيمة منفردة في كربلاء ، ومعهم الإمام زين العابدينعليه‌السلام يعالج سكرات المرض. واستطاعت العقيلةعليها‌السلام أن تتحمل كل هذه المآسي وتواجه كل هذه الكوارث ، بقلب ثابت وجنان ثاقب ، حتى سمّيت «بطلة كربلاء».

وبينما كان القمر ينير صفحة السماء والأرض ، كان جنود عمر بن سعد يعدّون رؤوس الشهداءعليه‌السلام ويعيّنون قاتليهم حتى ينالوا الجوائز. وتحت جناح الليل ساروا بالرؤوس ـ وعددها يتجاوز السبعين ـ حتى أوصلوهم إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة.

وفي اليوم الحادي عشر من المحرم ، سيّروا السبايا إلى الكوفة بعد أن مرّوا بهم على أجساد الشهداءعليهم‌السلام . وعندما دخل السبايا إلى الكوفة خطبت زينبعليها‌السلام بالجمع المحتشد من أهل الكوفة ، ثم تابعتها فاطمة الصغرى بنت الإمام

١٩٣

الحسينعليهما‌السلام وأم كلثوم بنت عليعليها‌السلام ، ثم خطب بهم الإمام زين العابدينعليه‌السلام وهو متحامل على مرضه.

ولما عرضت السبايا على ابن زياد ، أمر بهم فوضعوا في السجن. ومن هناك خرج الإمام زين العابدينعليه‌السلام بقدرة إلهية متوجها إلى كربلاء ليقوم بمهمة دفن جسد أبيه الحسينعليه‌السلام وبقية الشهداء من أهل البيتعليهم‌السلام والأصحاب.

ثم قام ابن زياد بتطويف رأس الحسين وأنصارهعليه‌السلام في طرق الكوفة ، مفتخرا بنصره وإنجازه. وأثناء ذلك مرّ الرأس الشريف وهو محمول على الرمح (بزيد بن أرقم) فخاطبه زيد ، فردّ عليه الرأس بآية من القرآن.

ثم أمر بالرأس الشريف فصلب شامخا بالعلاء ، حزينا على بني الإنسان ، الذين أضاعوا الإيمان والوفاء والصدق والاحسان.

وفي الأثناء كانت القارورة التي قد أودعها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند أم سلمة ، وهي مليئة بتراب من كربلاء ، كانت تفور دما قانيا ، فعلمت منه أم سلمة أن ريحانة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد استشهد. فأبلغت أهل المدينة بالنبأ قبل وصوله ، فبدأت بيوت المسلمين فيها بإقامة العزاء على فقيدها الغالي.

وإذا حزنت أم سلمة رضي الله عنها وأهل المدينة على مقتل الحسينعليه‌السلام ، فكيف لا يحزن عليه جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبوه عليعليه‌السلام وأمه الزهراءعليها‌السلام ، وهم في عالم الخلود يرزقون!. وإذا كنا مسلمين حقا ، فمن منا لا يحزن لحزن النبي وأهل البيتعليهم‌السلام ، ومن لا يبكي على مصابهم؟!.

١٩٤

الفصل الخامس والعشرون

آيات كونية

ويتضمن هذا الفصل :

١ ـ كرامات صدرت عن سيد الشهداءعليه‌السلام

٢ ـ أهوال اليوم العاشر

٣ ـ حوادث كونية غير عادية :

ـ بكاء السماء دما

ـ بكاء السماء والأرض

ـ بكاء الملائكة والجن

ـ بكاء كل شيء لمقتل الحسينعليه‌السلام

ـ بكاء الحيوانات : قصة الغراب الملطّخ بالدم

ـ بكاء النبات والشجر : قصة العوسجة المباركة

٤ ـ الذين رأوا الحسينعليه‌السلام في المنام بعد مقتله :

ـ حزن أم سلمة رضي الله عنها

ـ رؤيا أم سلمة وابن عباس رضي الله عنهما وحزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ـ حزن فاطمة الزهراءعليها‌السلام .

١٩٥
١٩٦

الفصل الخامس والعشرون

آيات كونيّة

١٩٠ ـ ما حصل من الآيات الباهرة بعد استشهاد الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٢٩)

قال الفاضل الدربندي : إن ما حصل من حين شهادة سيد الشهداءعليه‌السلام من الأمور العظيمة والآثار العجيبة ، وخوارق العادات الباهرة والآيات الظاهرة الساطعة ، والكرامات والمعجزات الجليلة القاهرة ؛ بل من حين سقوطهعليه‌السلام عن جواده ، إلى أن رجع أهل البيتعليهم‌السلام من الشام إلى المدينة ـ مما هو خارج من حدّ العدّ والإحصاء.

فمنها ما يتعلق بالرأس الشريف ، ومنها ما يتعلق بواحد من هذه الأمور المذكورة. ومنها ما وقع في عالم الغيب ، أي عالم البرزخ والجنان والميزان ، ومنها ما يتعلق بهذا العالم. والأخيرة منها إما سماوية أو أرضية. وهذه إما وقعت وانقضت بعد مدة ، أو من الأمور الباقية إلى يوم القيامة. ومن هذا القسم الأخير ، الحمرة التي ترى في الشفق في السماء.

وإن شئت أن تعبّر بعبارة أخرى ، فقل : إن شهادة سيد الشهداءعليه‌السلام قد أعقبت في عوالم الإمكان أمورا عظيمة ، مبتدئة من العرش والكرسي وأهل الملكوت والملأ الأعلى ، منتهية إلى ما تحت الثرى.

١٩١ ـ معجزات صدرت عن سيد الشهداءعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة ، ص ١٧٦)

وقال الفاضل الدربندي : إن معجزات الحسينعليه‌السلام هي كمناقبه وفضائله مما لا يحصى. منها ما كان في حياة جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه الإمام عليعليه‌السلام ، ومنها بعدهما. ومنها قبل مسيره إلى كربلاء ، وبعضها أثناء خروجه حتى وصوله كربلاء وإلى أن قتل فيها. فقد صدر منه فيها أزيد من مئة معجزة. وفي يوم عاشوراء إلى غروب الشمس صدر منه أزيد من ألف معجزة.

١٩٧

وبعد استشهادهعليه‌السلام حدثت معجزات جمّة ؛ منها صيحة جبرئيل ومشيه في الميدان باكيا نائحا ، وكسوف الشمس ، وغلبة الظلمة ، وطيران النجوم ، وإرعاد السماء ، وإمطارها دما عبيطا [أي طريا لا يجمد) ، ووجود الدماء العبيطة تحت كل حجر ومدر في جميع أصقاع الأرض ، وكون جدران بيوت جملة من البلدان كالملاحف المعصفرة ، وزلزلة الأرض ، وبكاء جميع الموجودات ، مما يرى ومما لا يرى ، وتلاطم البحار ، وخروج الحيتان منها إلى الأرض ، وسقوط الطيور من الهواء إلى الأرض ، وظهور العلامات العجيبة في كل ناحية من الأرض إلى غير ذلك مما لا يعدّ ولا يحصى.

ثم إن ما صدر من جسده الشريف المطروح في أرض كربلاء ، حين نزول أرواح أصحاب الكساء وغيرهم من الأنبياء والصدّيقين والصدّيقات ، وكذا الملائكة المقربين لزيارته ، وفي غير تلك الأوقات ، مما في غاية الكثرة.

ثم إن ما صدر من رأسه الشريف من حين إبانته من الجسد الشريف ، إلى أن يدفن ، أكثر من أن يحصى أو يستقصى. وهكذا المعجزات الصادرة عن الدماء السائلة من رأسه الشريف في كل موضع نزل به.

ثم لا يخفى ما حصل لكل ناقة وجمل وكل شيء نهب في كربلاء من أموال آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من آيات ساطعة وبيّنات قاطعة. ومنه صيرورة الزعفران الّذي سرقوه نارا ، ومن وضع منه على جسمه صار أبرصا. ولما ذبحوا البعير صار نارا ، ولما طبخوه كان طعم لحمه علقما.

١٩٢ ـ أهوال يوم العاشر من المحرم :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٣٨)

يقول الشيخ حبيب آل إبراهيمرحمه‌الله :

يوم العاشر من المحرم ، يوم لم يجر في العالم مثله ، ولم يمرّ على نبي أو وصيّ نبي نظيره ، فلقد لاقى الحسينعليه‌السلام في نفسه وأهله وأصحابه النجوم الزواهر ، ما لم يلاقه أحد ، وقاسى ما لم يقاسه بشر ، ولم يخرج في كل أحواله عن طاعة الله ، ولا مال عن مرضاته طرفة عين. والأفعال التي ارتكبها فيه أعداؤه ، والهمجية التي أبدوها ، والظلم الّذي تعمّدوه ، والغشم الّذي تقصّدوه ،

لم يكن ولا وقع ولا أظن أنه يقع نظيره من أحد أبدا. فحقيق بأن يظهر الله تعالى

١٩٨

عنده من المخاوف والقوارع والزلازل والأهوال ، ما فيه عظة للخلق وعبرة للعالمين.

لقد أهلك الله (ثمود) عندما عقروا الناقة ، وأنزل (بعاد) العذاب لما تمرّدوا على نبيهم هودعليه‌السلام ، وأغرق قوم نوحعليه‌السلام بالطوفان ، ودمّر قوم لوطعليه‌السلام ، ومسخ من بني إسرائيل قردة وخنازير ، وأهلك فرعون وجنوده في اليم. ولقد أنبأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنه يجري على هذه الأمة ما جرى في بني إسرائيل ، حذو القذّة بالقذّة(١) والنعل بالنعل ، فكيف يستبعد فعل الله وتنكيله ونزول المخاوف والأهوال بقوم قتلوا ابن بنت نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيد شباب أهل الجنة ، وجزّروا آله وأصحابه مصابيح أهل الأرض ، كما تجزّر الأضاحي؟!.

١٩٣ ـ حديث كعب الأحبار عن فداحة خطب الحسينعليه‌السلام وعلائم مصرعه :

(مثير الأحزان للجواهري ، ج ١ ص ٢٩)

وفي (البحار) عن كعب الأحبار ، حين سأله الناس عن الفتن التي ستصدر ، إلى أن قال : وأعظمها فتنة وأشدها مصيبة لا تنسى إلى أبد الآبدين ، مصيبة الحسين ، وهي الفساد الّذي ذكره الله تعالى في كتابه حيث قال :( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) [الروم : ٤١]. أو لا تعلمون أنه يفتح يوم قتله أبواب السموات ويؤذن للسماء بالبكاء ، فتبكي دما!. فإذا رأيتم الحمرة في السماء قد ارتفعت ، فاعلموا أن السماء تبكي حسينا. فقيل : يا كعب ، لم لا تفعل السماء كذلك ولا تبكي دما لقتل الأنبياء؟!. فقال : ويحكم إن قتل الحسينعليه‌السلام أمر عظيم ، وإنه ابن سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنه يقتل علانية مبارزة ظلما وعدوانا ، ولا تحفظ فيه وصية جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو مزاج مائه وبضعة لحمه ، يذبح بعرصة كربلاء. فو الذي نفس كعب بيده لتبكيه زمرة من الملائكة في السموات السبع ، لا يقطعون بكاءهم إلى آخر الدهر. وإن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع. وما من نبيّ إلا ويأتي إليها ويزورها ويبكي على مصابه وإنه يوم قتله تنكسف الشمس وينخسف القمر وتدوم الظلمة على الناس ثلاثة أيام ، وتمطر السماء دما ، وتدكدك الجبال

__________________

(١) حذا حذوه : امتثل به ، وحذا النعل بالنعل : قدّرها بها. والقذّة : ريشة السهم. والمعنى : إنه سيجري على هذه الأمة كما جرى على بني إسرائيل ، تطابق النعل بالنعل والسهم بالسهم.

١٩٩

وتغطمط(١) البحار ، ولو لا بقية من ذريته وطائفة من شيعته الذين يطلبون بدمه ويأخذون بثأره ، لصب الله عليهم نارا من السماء أحرقت الأرض ومن عليها.

١٩٤ ـ سلمان الفارسي رضي الله عنه يؤكد حديث كعب الأحبار :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧١)

قال هبيرة بن يريم : حدثني أبي قال : لقيت سلمان الفارسي فحدّثته بهذا الحديث ، فقال سلمان : لقد صدقك كعب والذي نفس سلمان بيده ، لو أني أدركت أيامه [أي الحسينعليه‌السلام ] لضربت بين يديه بالسيف أو أقطّع بين يديه عضوا عضوا ، فأسقط بين يديه صريعا ، فإن القتيل معه يعطى أجر سبعين شهيدا ، كلهم كشهداء بدر وأحد وحنين وخيبر.

ثم قال سلمان : يا يريم ، ليت أم سلمان أسقطت سلمان ، أو كان حيضة ، ولم يسمع بقتل الحسين بن فاطمةعليهما‌السلام . ويحك يا يريم ، أتدري من حسين؟. حسين سيد شباب أهل الجنة على لسان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحسين لا يهدأ دمه حتى يقف بين يدي الله سبحانه وتعالى ، وحسين من تفزع لقتله الملائكة. ويحك يا يريم ، أتعلم كم من ملك ينزل يوم يقتل الحسينعليه‌السلام ويضمه إلى صدره ، وتقول الملائكة بأجمعها : إلهنا وسيدنا ، هذا فرخ رسولك ومزاج مائه وابن بنته. يا يريم إن أنت أدركت أيام مقتله ، واستطعت أن تقتل معه ، فكن أول قتيل ممن يقتل بين يديه ، فإن كل دم يوم القيامة يطالب به ، بعد دم الحسين ودماء أصحابه الذين قتلوا بين يديه. وانظر يا يريم إن أنت نجوت ولم تقتل معه فزر قبره ، فإنه لا يخلو من الملائكة أبدا. ومن صلّى عند قبره ركعتين حفظه الله من بغضهم وعداوتهم حتى يموت.

قال هبيرة : فأما سلمان فمات بالمدائن في خلافة عمر بن الخطاب ، وأما (يريم) فإنه لم يلحق لذلك.

حوادث كونية غير عادية

١٩٥ ـ تغيّر مظاهر الكون لمقتل الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٧١ إليها

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم : ولأجل بقاء الحسينعليه‌السلام عار على وجه

__________________

(١) تغطمط البحر : عظمت أمواجه.

٢٠٠

الصعيد ثلاثا ، وهو علّة الكائنات لاشتقاقه من نور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي هو علة العلل ، المتفرّع من الشعاع الإلهي الأقدس ؛ أظلمت الدنيا ثلاثة أيام(١) واسودّت سوادا عظيما(٢) ، حتى ظنّ الناس أن القيامة قامت(٣) ، وبدت الكواكب نصف النهار(٤) ، وأخذ بعضها يضرب بعضا(٥) ولم ير نور الشمس(٦) ، ودامت الدنيا على هذا ثلاثة أيام(٧) .

ولا غرابة في اضمحلال نور الشمس في المدة التي كان فيها سيد شباب أهل الجنة عاريا على وجه الصعيد ، إذ هو العلة في مجرى الكون ، لما عرفت من اشتقاقه من الحقيقة المحمدية ، التي هي علة العلل ، والعقل الأول

وإذا صحّ الحديث بتغيّر الكون لأجل إبراز عظم نبيّ من الأنبياء ، حتى غامت السماء وأمطرت ، وحين استقى به أحد علماء النصارى في سرّ من رأى(٨) مع أنه لم يكشف عن جسد ذلك النبي ولا كانت أعضاؤه مقطّعة ؛ فإذن كيف لا يتغير الكون ولا يمحى نور الشمس والقمر ، وقد ترك سيد شباب أهل الجنة على وجه الصعيد مجرّدا ، ومثّلوا بذلك الهيكل القدسي كلّ مثلة؟!.

ثم يقول السيد المقرّم ، ص ٣٧٤ : بلى لقد تغيّرت أوضاع الموجودات واختلفت

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦ ؛ والصواعق المحرقة ص ٢٨٩ ؛ والخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٩ ؛ وتذكرة الخواص ، ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩.

(٢) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ وتهذيب التهذيب ، ج ٢ ص ٣٥٤ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تهذيب التهذيب ، ج ١ ص ٣٥٤ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩.

(٥) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٣٨ ؛ والكواكب الدريّة للمناوي ، ج ١ ص ٥٦.

(٦) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٧ ؛ وتاريخ الخلفاء ص ١٣٨ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والإتحاف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ والكواكب الدرية ، ج ١ ص ٥٦.

(٧) كامل الزيارات ، ص ٧٧.

(٨) الخرايج والجرايح للقطب الراوندي ، ص ٦٤ ط هند.

٢٠١

الكائنات ، فبكته الوحوش وجرت دموعها رحمة له ومطرت السماء دما(١) فأصبحت الحباب [جمع حب : وهو الجرة الكبيرة] والجرار وكلّ شيء ملآن دما(٢) وحتى بقي أثره على البيوت والجدران مدة(٣) ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط(٤) حتى في بيت المقدس(٥) .

ولما دخل الرأس المقدس إلى قصر الإمارة ، سالت الحيطان دما(٦) وخرجت نار من بعض جدران قصر الإمارة ، وقصدت عبيد الله بن زياد ، فقال لمن حضر عنده :اكتمه(٧) وولّى هاربا منها ، فتكلم الرأس الشريف بصوت جهوري : إلى أين تهرب يا ملعون ، فإن لم تنلك في الدنيا فهي في الآخرة مثواك ، ولم يسكت الرأس حتى ذهبت النار ، فأدهش من في القصر(٨) .

ومكث الناس شهرين أو ثلاثة يرون الجدران ملطّخة بالدم ، ساعة تطلع الشمس وعند غروبها(٩) . إلى حوادث عديدة ، مثل الغراب المتلطّخ بدم الحسينعليه‌السلام ، وقصة العوسجة المباركة

__________________

(١) الخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والخطط المقريزية ج ٢ ص ٩٨٩ ؛ والإتحاف بحب الأشراف ص ٥٥ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومناقب ابن شهر اشوب ج ٢ ص ٢٠٦ وص ١٨٢ ط نجف ؛ والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ٣٢٢ ؛ وكنز العمال ج ٤ ص ٢٩١ رقم ٥٨٦٨.

(٢) الخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦.

(٣) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٥) مجمع الزوائد للهيثمي ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٥ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ١٣٨ ؛ والعقد الفريد ، ج ٢ ص ٣١٥ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٠.

(٦) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٧) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٠٣ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٧ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٣٣٨.

(٨) شرح قصيدة أبي فراس ، ص ١٤٩.

(٩) كامل ابن الأثير ، ج ٦ ص ٢٧ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥.

٢٠٢

١٩٦ ـ غضب الدنيا لمصرع الإمام الحسينعليه‌السلام والصفوة المختارة من صحبه :

يقول أبو مخنف في مقتله ، ص ٩٣ : وتزلزلت الأرض لمصرع الحسينعليه‌السلام ، وأظلم الشرق والغرب ، وأخذت الناس الرجفة والصواعق ، وأمطرت السماء دما عبيطا [أي خالصا طريا] ولم تمطر السماء دما إلا ذلك اليوم ويوم شرح فيه يحيى بن زكرياعليه‌السلام .

وجاء في (لواعج الأشجان) للسيد الأمين ، ص ١٩٠ : أنها أظلمت الدنيا ثلاثة أيام بعد مقتل الحسينعليه‌السلام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تر الحمرة في السماء قبل قتل الحسين ، وهي تدل على غضب السماء لمقتلهعليه‌السلام .

وقال السدّي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها ، وأمطرت السماء دما يوم قتله ، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطّعت. وما قلع حجر بالشام (وفي رواية : في الدنيا) إلا وجد تحته دم عبيط. ومكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحيطان بالدماء من ساعة طلوع الشمس إلى غروبها.

وجاء في (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٣٧ : وارتفعت في السماء ـ في ذلك الوقت ـ غبرة شديدة مظلمة ، فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاءهم ، فلبثوا بذلك ساعة ثم انجلت عنهم.

وفي (العيون العبرى) للميانجي ، ص ١٨٩ : ومما ظهر يوم قتله من الآيات ؛ أن السماء اسودّت اسودادا عظيما ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

وفي (تاريخ الخلفاء) للسيوطي ، ص ٢٠٧ : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثت الدنيا سبعة أيام ، والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة ، والكواكب يضرب بعضها بعضا.

وفي (فرائد السمطين) للحمويني ، ج ٢ ص ١٦٦ ، عن كتاب (دلائل النبوة) لأبي بكر الشاشي [٢٩١ ـ ٣٦٥ ه‍] بإسناده عن أم سالم خالة جعفر ابن سليمان ، قالت :لما قتل الحسينعليه‌السلام مطرنا مطرا على البيوت والحيطان كالدم ، فبلغني أنه كان بالبصرة وبالكوفة وبالشام وبخراسان ، حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب.

٢٠٣

بكاء السماء

١٩٧ ـ اشتراك السماء بحمرة شفقها في البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٤٠)

عن ابن سيرين : أن الدنيا أظلمت بعد قتل الحسينعليه‌السلام ثلاثة أيام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تكن تظهر قبل ذلك.

وعن الثعلبي : أن السماء بكت ، وبكاؤها حمرتها.

وعن غيره : أن آفاق السماء احمرّت بعد قتلهعليه‌السلام ستة أشهر ، ثم لا زالت الحمرة ترى بعد ذلك.

وعن ابن سعد : أن هذه الحمرة لم تر في السماء قبل قتلهعليه‌السلام (١) .

وإلى ذلك يشير أبو العلاء المعري بقوله :

(شرح التنوير على سقط الزند)

وعلى الدهر من دماء الشهي

دين : عليّ ونجله ، شاهدان

فهما في أواخر الليل فج

ران ، وفي أولياته شفقان

ثبتا في قميصه(٢) ليجيء الحش

ر مستعديا إلى الرحمن

وجمال الأوان عقب جدود

كلّ جدّ منهم جمال أوان

يابن مستعرض الصفوف ببدر

ومبيد الجموع من غطفان

أحد الخمسة الذين هم الأغ

راض في كل منطق والمعاني

والشخوص التي خلقن ضياء

قبل خلق المرّيخ والميزان

قبل أن تخلق السموات وال

أرض ويؤذن لهنّ بالدوران

وبهم فضّل المليك بنو حوّ

اء حتى سموا على الحيوان

وفي (مناقب ابن شهر اشوب) ج ٣ ص ٢١٢ ط نجف :

قال السدي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السماء ، وعلامتها حمرة أطرافها.

__________________

(١) كل ما نقلناه من هذا الكلام موجود في (الصواعق المحرقة) لابن حجر ، فراجع.

(٢) أي في قميص الدهر.

٢٠٤

وعن زرارة بن أعين عن الصادقعليه‌السلام قال : بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن عليعليه‌السلام أربعين صباحا ، ولم تبك إلا عليهما. قلت : فما بكاؤها؟. قال : كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء.

وعن الأسود بن قيس : لما قتل الحسينعليه‌السلام ارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب ، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ، ستة أشهر.

وفي (تاريخ النّسوي) عن أبي قبيل : أنه لما قتل الحسين بن عليعليهما‌السلام كسفت الشمس كسفة ، بدت الكواكب نصف النهار ، حتى ظننا أنها هي

[أي القيامة].

وفي (الإتحاف بحب الأشراف) للشبراوي ص ٧٤ ، قال الحسن الكندي : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثنا أياما سبعة ، إذا صلينا العصر نظرنا الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا الكواكب كأنها يضرب بعضها بعضا.

١٩٨ ـ ماذا تعني حمرة السماء؟ :

(الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي ص ٤٢)

عن ابن سيرين : أن الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين (ع)». ولعل المراد بها شدة الحمرة وزيادتها ، فلا ينافي الأحاديث التي علّقت دخول وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر [وذلك أن السنة يعتبرون وقت صلاة المغرب من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر الغربي ، ثم يدخل وقت العشاء ، بينما يعتبر الشيعة هذه الفترة وقت فضيلة المغرب].

قال ابن الجوزي : وحكمة ذلك [أي حمرة السماء] أنّ غضبنا يؤثّر حمرة الوجه ، والحقّ سبحانه تنزّه عن الجسمية ، فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسينعليه‌السلام بحمرة الأفق ، إظهارا لعظيم الجناية».

بكاء السماء والأرض

١٩٩ ـ بكاء السماء على المؤمن :(فرائد السمطين للحمويني ، ص ١٦٨)

من كتاب (خلاصة التفاسير) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) [الدخان : ٢٩] : وذلك أن المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا. قال عطاء : بكاؤها حمرة أطرافها.

٢٠٥

٢٠٠ ـ تفسير الآية :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) :(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

في (المنتخب) عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] أنه إذا قبض الله نبيا بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة ، وإذا مات إمام من الأئمة الأوصياء بكت عليه السماء والأرض أربعين شهرا ، وإذا مات العالم العامل بعلمه بكتا أربعين يوما عليه. وأما الحسينعليه‌السلام فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر. وتصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما ، وأن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسينعليه‌السلام ولم تر قبله أبدا ، وأن يوم قتله لم يرفع حجر من الدنيا إلا وجد تحته دم.

وروي في أول الجزء الخامس من (صحيح مسلم) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها.

وفي (ينابيع المودة) ج ٢ ص ٣ ، عن إبراهيم النخعي قال : خرج عليعليه‌السلام فجلس في المسجد [رحبة الكوفة] ، واجتمع أصحابه. فجاء الحسينعليه‌السلام فوضع يده على رأسه ، فقال : يا بنيّ إن الله ذمّ أقواما في كتابه ، فتلا الآية من سورة الدخان( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩]. وقال : يا بنيّ لتقتلنّ من بعدي ، ثم تبكيك السماء والأرض. وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكرياعليه‌السلام ، وعلى الحسين ابني.

٢٠١ ـ بكاء السماء والأرض لمقتل الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ١ ص ١٠٤)

يقول الشيخ محمّد مهدي المازندراني بعد أن ذكر الآية( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩] : ولقد بكت السماء والأرض لقتل الحسينعليه‌السلام زمنا طويلا. (في رواية) : بكتا أربعين صباحا ، (وفي رواية) : ستة أشهر ، (وفي رواية) : سنة كاملة ، (وفي رواية) : سنة وتسعة أشهر.

وفي كيفية بكائهما اختلاف في الأخبار.

فأما بكاء السماء (ففي رواية) مكثت سنة وتسعة أشهر مثل العلقة مثل الدم ، بحيث أن الشمس تطلع في حمرة وتغيب في حمرة ، أو بحيث لا ترى الشمس فيها ، ولا زالت الحمرة ترى بعد ذلك مع الشفق ، ولم تكن قبل قتله.

٢٠٦

(وفي رواية) : أمطرت ترابا أحمر ، (وفي رواية) : أمطرت رمادا ، (وفي خبر) :أمطرت دما

والأرض بكت بالسواد وبالحمرة والدم. فقيل : ما رفع حجر ولا مدر ولا صخر إلا رؤي تحته دم يغلي ، واحمرت الحيطان كالعلق ، فوجد الدم تحت كل حصاة قلبت في بيت المقدس ، هو لبكائها على الحسينعليه‌السلام .

واسودت السماء يوم قتل الحسينعليه‌السلام اسودادا عظيما ، واشتبكت النجوم ، وانكسفت الشمس ثلاثا ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ثم تجلّت عنها. فليت أن الشمس لم تطلع وتركت الدنيا مظلمة ، لأن بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقين مكشّفات الوجوه ، ليس عليهن قناع ولا خمار ، وقد أحاطت بهن الأعداء».

بكاء الملائكة والجن

٢٠٢ ـ بكاء الملائكة والجن على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٦ ط حجر طهران)

عن صفوان الجمّال عن الصادقعليه‌السلام قال : سألته في طريق المدينة ونحن نريد مكة ، فقلت : يابن رسول الله ، مالي أراك كئيبا منكسرا؟. فقال : لو تسمع ما نسمع لشغلك عن مسألتي!. فقلت : وما الّذي تسمع؟. قال : ابتهال الملائكة إلى اللهعزوجل ، على قتلة أمير المؤمنينعليه‌السلام وقتلة الحسينعليه‌السلام ، ونوح الجن وبكاء الملائكة الذين حوله ، وشدة جزعهم. فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم؟!.

بكاء كل شيء لمقتل الحسينعليه‌السلام

٢٠٣ ـ بكاء جميع الكائنات على الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

عن ميثم التمّار قال : عهد إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخبرني بأن هذه الأمة تقتل ابن نبيّها ، ويبكي عليه كل شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء ، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم ، والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات والأرضين ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

٢٠٧

ثم قال عليعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

٢٠٤ ـ بكاء كل ما خلق الله على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ طبع حجر طهران)

عن أبي بصير عن الباقرعليه‌السلام قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين بن عليعليه‌السلام حتى ذرفت دموعهما.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع والأرضون السبع ، وما فيهن وما بينهن ، وما يتقلّب عليهن ، والجنة والنار ، وما خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى.

(وفي المنتخب للطريحي ، ص ٣٩ ط ٢) عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع ومن فيهن ، من الجن والإنس والوحوش والدواب والأشجار والأطيار ، ومن في الجنة والنار ، وما لا يرى. كل ذلك يبكون على الحسينعليه‌السلام ويحزنون لأجله ، إلا ثلاث طوائف من الناس ، فإنها لم تبك عليه أبدا. فقيل : فمن هذه الثلاثة التي لم تبك على الحسينعليه‌السلام ؟.فقال : هم أهل دمشق وأهل البصرة وبنو أمية. لعنة الله على الظالمين.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلا ثلاثة (أشياء) : البصرة ودمشق وآل عثمان (ابن عفان). وفي رواية : وآل الحكم بن أبي العاص.

٢٠٥ ـ بكاء كل شيء أربعين صباحا :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ ط حجر إيران)

عن أبان بن عثمان عن زرارة (قال) قال الصادقعليه‌السلام : يا زرارة إن السماء بكت على الحسينعليه‌السلام أربعين صباحا بالدم ، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد ، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة ، وإن الجبال تقطّعت وتشتّرت (وانتثرت) ، وإن البحار تفجّرت ، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسينعليه‌السلام .

٢٠٨

بكاء الحيوانات

٢٠٦ ـ قصة الطيور ونوحهم على الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ٣٣)

في (البحار) : روي عن طريق أهل البيتعليه‌السلام أنه لما استشهد الحسينعليه‌السلام بقي في كربلاء صريعا ، ودمه على الأرض مسفوحا ، وإذا بطائر أبيض قد أتى وتمسّح بدمه ، وجاء والدم يقطر منه ، فرأى طيورا تحت الظلال على الغصون والأشجار يلعبون ، فقال لهم : أنتم تأكلون وتتنعّمون والحسين في كربلاء مقتول؟!. فذهبوا معه إلى كربلاء. فلما رأوه على تلك الحال تصايحن وأعلنّ بالبكاء والثبور ، وتواقعن على دمه يتمرّغن فيه ، وطار كلّ واحد منهم إلى ناحية يعلم أهلها عن قتل الحسينعليه‌السلام .

فمن القضاء والقدر أن طيرا من هذه الطيور قصد مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاء يرفرف ، والدم يتقاطر من أجنحته ، ودار حول قبر سيدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلن بالنداء :ألا قتل الحسين بكربلا ألا ذبح الحسين بكربلا.

٢٠٧ ـ غراب ملطّخ بدم الحسينعليه‌السلام يقع في بيت فاطمة الصغرى بنت الحسينعليهما‌السلام في المدينة ، منبئا بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ـ تراجم النساء ، ص ٢٨٦)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : حدثني أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام قال : لما قتل الحسين بن عليعزوجل جاء غراب فوقع في دمه وتمرّغ ، ثم طار فوقع في المدينة ، على جدار (دار) فاطمة بنت الحسين بن عليعليهم‌السلام وهي الصغرى. ونعب الغراب ، فرفعت رأسها ونظرت إليه ، فرأته متلطّخا بالدم ، فبكت بكاء شديدا ، وأنشأت تقول :

نعب الغراب فقلت : من

تنعاه ، ويلك يا غراب

قال : الإمام. فقلت : من؟

قال : الموفّق للصواب

قلت : الحسين؟! فقال لي :

ملقى على وجه التراب

إنّ الحسين بكربلا

بين الأسنة والحراب

فابك الحسين بعبرة

ترضي الإله مع الثواب

٢٠٩

ثم استقلّ به الجناح

ح ، فلم يطق ردّ الجواب

فبكيت مما حلّ بي

بعد الوصيّ المستجاب

قال أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام : فنعته لأهل المدينة ، فقالوا : قد جاءتنا بسحر (بني) عبد المطلب!. فما كان بأسرع من أن جاءهم الخبر بقتل الحسين ابن عليعليه‌السلام .

تعليق : يقول الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٩٠ :

لا يخفى أن فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام كانت بكربلاء ، وجرى عليها ما جرى على أهل البيتعليهم‌السلام من الأسر والذل ، وأنها خطبت عند دخولها الكوفة بخطبتها الآتية المفصّلة ، إلى غير ذلك مما مرّ وسيمرّ علينا في طي الفصول الآتية ؛ من أنها كانت مع أهل البيتعليهم‌السلام ولم تكن في المدينة. وإنما نقلناه هنا تبعا لبعض أرباب المقاتل والعلامة المجلسي ، حيث ذكروه في المقام ، وأسندوه إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

ويقول السيد المقرم في مقتله ، ص ٣٧٦ : لعل هناك للحسينعليه‌السلام ابنة أخرى اسمها فاطمة الصغرى غير (فاطمة) التي كانت معه في كربلاء ، وهي التي جاءها الغراب المتلطخ بدم الحسينعليه‌السلام ونزل في بيتها في المدينة

٢٠٨ ـ خبر فاطمة الصغرىعليها‌السلام في المدينة :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤١٠)

وعن بعض كتب المقاتل : وكان للحسينعليه‌السلام بنت تسمى بفاطمة ، وكانت حين خروجه من المدينة مريضة ، فجعلها عند أم سلمة رضي الله عنها. وكانت كل يوم تجيء خلف الباب لعلها تجد من كان له اطلاع بحال والدها. ولما طال زمان الفراق ولم يصل الخبر من والدها ، اشتغلت بالبكاء وتراكمت عليها الأحزان. وكتبت كتابا لوالدها وبيّنت فيه حالها ، وبعثته مع أعرابي ذاهب إلى كربلاء. فأوصله الأعرابي إلى الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، فقرأه على الهاشميات ، فبكين جميعا.

(أقول) : وهذه البنت الصغيرة هي التي جاءها نبأ استشهاد أبيها الحسينعليه‌السلام من كربلاء بصورة طائر ملطخ بدم الحسينعليه‌السلام حتى وقع في بيتها.

٢١٠

بكاء النبات والشجر

وتصديقا لما ورد من اشتراك كل شيء في الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، حتى الشجر والحجر ، نورد القصة التالية ، وهي قصة شجرة مباركة من نوع [العوسجة] وهي نبات شوكي يشبه توت السياج.

٢٠٩ ـ خبر العوسجة المباركة(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٣ ط ٣)

عن هند بنت الجون ، قالت : نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيمة خالتي أم معبد الخزاعية ، ومعه أصحاب له ، فكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس. فقال [أي نام القيلولة] في الخيمة هو وأصحابه حتى أبرد ، وكان يوما قائظا شديد حرّه.

فلما قام من رقدته ، دعا بماء فتوضأ للصلاة ، ومجّ ماء من فيه أمام عوسجة يابسة كانت إلى جنب خيمة أم معبد [العوسجة : شجرة ذات شوك ، وحملها أحمر اللون]. ثم فعل أصحابه مثل ذلك. ثم قام فصلى ركعتين. فعجبت وفتيات الحي من ذلك ، وما كان عهدنا ولا رأينا مصلّيا قبله.

فلما كان من الغد ، أصبحنا وقد علت العوسجة ، حتى صارت كأعظم دوحة عادية وأبهى ، وخضد الله شوكها [أي نزعه] ، وساخت عروقها وكثرت أفنانها ، واخضرّ ساقها وورقها. ثم أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة ، في لون الورس المسحوق ، ورائحة العنبر ، وطعم الشهد. والله ما أكل منها جائع إلا شبع ، ولا ظمآن إلا روي ، ولا سقيم إلا برئ ، ولا ذو حاجة وفاقة إلا استغنى ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا سمنت ودرّ لبنها. ورأينا النماء والبركة في أموالنا منذ يوم نزل ، وأخصبت بلادنا وأمرعت ، فكنا نسمي تلك الشجرة (المباركة). وكان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي يستظلون بها ، ويتزوّدون من ورقها في الأسفار ، ويحملون معهم في الأرض القفار ، فيقوم لهم مقام الطعام والشراب.

العوسجة تحزن على أهل البيتعليهم‌السلام :

فلم تزل كذلك وعلى ذلك [حتى] أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها ، واصفرّ ورقها ، فأحزننا ذلك وفرقنا له. فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا هو قد قبض ذلك اليوم. فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون ذلك في العظم والطعم والرائحة.

٢١١

فأقامت على ذلك ثلاثين سنة. فلما كانت ذات يوم أصبحنا وإذا بها قد تشوّكت من أولها إلى آخرها ، فذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها. فما كان إلا يسير حتى وافى مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا ، وانقطع ثمرها. ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي مرضانا بها ، ونستشفي به من أسقامنا.

فأقامت على ذلك برهة طويلة. ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد بعثت من ساقها دما عبيطا [أي طريا] جاريا ، وأوراقها ذابلة تقطر دما كماء اللحم. فقلنا أن قد حدث أمر عظيم. فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية. فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من تحتها ، وجلبة شديدة ورجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :

أيابن النبي ويابن الوصيّ

بقيّة ساداتنا الأكرمين

ثم كثرت الرنّات والأصوات ، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون. فأتانا بعد ذلك [خبر] قتل الحسينعليه‌السلام . ويبست الشجرة وجفّت ، فكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك ، فذهبت واندرس أثرها.

حزن السيدة أم سلمة رضي الله عنها

٢١٠ ـ حزن أم سلمة ومعجزة القارورة :(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٤٦)

وكان أول صارخة صرخت في المدينة (أم سلمة) زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبريل أعلمني أن أمتي تقتل الحسينعليه‌السلام ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دما عبيطا [أي طريا] فاعلمي أن الحسين قد قتل.

وكانت عندها ، فلما حضر ذلك الوقت ، جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلما رأتها قد صارت دما ، صاحت : وا حسيناه ، وابن رسول الله!. وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قط.

٢١١ ـ إخبار أم سلمة بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ط نجف)

جاء في مسند أحمد بن حنبل وغيره ، قال ابن عباس : بينا أنا راقد في منزلي ، إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة ، وهي تقول : يا بنات عبد المطلب

٢١٢

أسعدنني وابكين معي ، فقد قتل سيّدكنّ. فقيل : ومن أين علمت ذلك؟!. قالت :رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الساعة في المنام شعثا مذعورا ، فسألت عن ذلك؟. فقال :قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته ، فدفنتهم.

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاها تربة جاء بها جبرئيل من كربلاء ، وقال لها : اجعليها في قارورة ، فإذا صارت دما فقد قتل ابنك ، فرأيت القارورة الآن صارت دما عبيطا يفور.

٢١٢ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى رأسه ولحيته دم :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٧)

أحضر جبرئيلعليه‌السلام تربة من كربلاء ، وأعطاها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره أنه [أي الحسينعليه‌السلام ] سيقتل ، فطلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أم سلمة أن تحفظها.

قالت أم سلمة : فما مضت الأيام والسنون إلا وقد سافر الحسينعليه‌السلام إلى أرض كربلاء ، فحسّ قلبي بالشر ، وصرت كل يوم أتحسس القارورة. فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة انقلبت دما عبيطا ، فعلمت أن الحسينعليه‌السلام قد قتل. فجعلت أنوح وأبكي يومي كله إلى الليل ، ولم أتهنّ بطعام ولا منام إلى طائفة من الليل ، فأخذني النعاس ، وإذا أنا بالطيف ؛ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبل وعلى رأسه ولحيته دم كثير. فجعلت أنفضه بكمي ، وأقول : نفسي لنفسك الفدا ، متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله؟. من أين لك هذا التراب؟. قال : هذه الساعة فرغت من دفن ولدي الحسينعليه‌السلام .

قالت أم سلمة : فانتبهت مرعوبة ، لم أملك على نفسي ، فصحت : وا حسيناه!.وا ولداه!. وا مهجة قلباه ؛ حتى علا نحيبي. فأقبلت إليّ نساء الهاشميات وغيرهن وقلن : ما الخبر يا أم المؤمنين؟. فحكيت لهن القصة. فعلا الصراخ وقام النياح ، وصار كأنه حين ممات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وسعين إلى قبره مشقوقة الجيب ومكشوفة الرأس ، فصحن : يا رسول الله ، قتل الحسين. فو الله الّذي لا إله إلا هو ، فقد أحسسنا كأن القبر يموج بصاحبه ، حتى تحركت الأرض من تحتنا ، فخشينا أنها تسيخ بنا. فانحرفنا ، بين مشقوقة الجيب ومنشورة الشعر وباكية العين.

٢١٣

حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢١٣ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاحبا كئيبا :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٢ و٢٣٠ ط ٣)

عن سلمى المدنية ، قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ، فقلت لها : ما يبكيك؟. قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، وعلى رأسه ولحيته أثر التراب.فقلت : ما لك يا رسول الله مغبرا؟. قال : شهدت قتل الحسينعليه‌السلام آنفا.

وعن غياث بن إبراهيم ، عن الصادقعليه‌السلام قال : أصبحت يوما أم سلمة رضي الله عنها تبكي ، فقيل لها : مم بكاؤك؟. فقالت : لقد قتل ابني الحسين الليلة ، وذلك أنني ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ مضى إلا الليلة ، فرأيته شاحبا كئيبا. فقالت : قلت : ما لي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا؟. قال : ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه عليهوعليهم‌السلام .

(وفي رواية أمالي الطوسي) قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام الساعة شعثا مذعورا ، فسألته عن شأنه ذلك ، فقال : قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته اليوم ، فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم.

٢١٤ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يلتقط دم الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣١ ط ٣)

عن عمار بن أبي عمار ، أن عبد الله بن عباس رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه يوما بنصف النهار ، وهو أشعث أغبر ، في يده قارورة فيها دم ، فقال : يا رسول الله ما هذا الدم؟. قال : دم الحسينعليه‌السلام لم أزل ألتقطه منذ اليوم.

فأحصي ذلك اليوم ، فوجد أنه قتلعليه‌السلام في ذلك اليوم.

(وذكر ابن شهر اشوب في مناقبه ، ج ٢ ص ٢٣٧) قال : وفي أثر ابن عباس ، رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه بعد قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو مغبر الوجه حافي القدمين ، باكي العينين ، وقد ضمّ حجز قميصه إلى نفسه ، وهو يقرأ هذه الآية :( وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) . وقال : إني مضيت إلى كربلاء والتقطت دم الحسين من الأرض ، وهو ذا في حجري ، وأنا ماض أخاصمهم بين يدي ربي.

٢١٤

٢١٥ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبيده قارورتان :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٧١)

روي عن ابن عباس قال : كنت نائما في منزلي في المدينة قابلة الظهر ، فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مقبل من نحو كربلاء ، وهو أشعث أغبر والتراب على شيبه ، وهو باكي العين حزين القلب ، ومعه قارورتان مملوءتان دما. فقلت له : يا رسول الله ، ما هذه القارورتان المملوءتان دما؟. فقال : هذه فيها من دم الحسينعليه‌السلام ، وهذه الأخرى من دم أهل بيته وأصحابه. وإني رجعت الآن من دفن ولدي الحسين ، وهو مع ذلك لا يفيق من البكاء والنحيب.

قال ابن عباس : فاستيقظت من نومي فزعا مرعوبا حزينا على الحسينعليه‌السلام ولم أعلم بقتله. فبقيت في الهم والغم أربعة وعشرين يوما ، حتى جاء الناعي إلى المدينة بقتل الحسينعليه‌السلام فحسبت من يوم الرؤيا إلى ذلك اليوم ، فإذا هو يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، وفي تلك الساعة كان مقتله. فتعجبت من ذلك ، وتزايدت أحزاني وتصاعدت أشجاني.

حزن فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٢١٦ ـ بكاء فاطمةعليها‌السلام على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥١١)

في (كامل الزيارات) ص ٨٧ ؛ والبحار ، ج ٤٥ ص ٢٢٥ :

في حديث عبد الملك بن مقرن : وإن فاطمةعليها‌السلام إذا نظرت إليهم [أي الشهداء] ومعها ألف نبي وألف صدّيق وألف شهيد ، ومن الكرّوبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء ، وإنها لتشهق شهقة فلا يبقى في السموات ملك إلا بكى رحمة لصوتها ، وما تسكن حتى يأتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا بنيّة قد

أبكيت أهل السموات ، وشغلتهم عن التسبيح والتقديس ، فكفّي حتى يقدّسوا ، فإن الله بالغ أمره. وإنها لتنظر إلى من حضر منكم فتسأل الله لهم من كل خير ، ولا تزهدوا في إتيانه ، فإن الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى.

٢١٥
٢١٦

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

(بعد ظهر يوم العاشر من المحرم)

ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر سنة ٦١ ه‍.

ويتضمن الأمور التالية :

ـ سلب الحسينعليه‌السلام

ـ نهب الخيام

ـ سلب حرائر النبوة والإمامة

ـ امرأة من بكر بن وائل مع زوجها ينقلبان من عسكر ابن سعد ويدافعان عن نساء الحسينعليه‌السلام

ـ محاولة قتل زين العابدينعليه‌السلام

ـ إضرام النار في الخيام ، وخروج النساء مذعورات

ـ طفلان يموتان من الرعب ـ طفلتان تسحقان

ـ الناجون من القتل

ـ وطء الخيل جسد الحسينعليه‌السلام

ـ جرائم لم يشهد لها مثيل

ـ لا يقتل الحسينعليه‌السلام إلا ابن زنا

٢١٧

ـ تراجم وأنساب بعض قتلة الحسينعليه‌السلام :

ـ نسب يزيد

ـ نسب ابن زياد

ـ نسب معاوية

ـ نسب شمر

ـ ترجمة عبيد الله بن زياد

ـ ترجمة عمر بن سعد

٢١٨

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

٢١٧ ـ ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر :

استشهد الإمام الحسينعليه‌السلام بعد ظهر اليوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه‍.وقبل حلول الظلام تمّ السلب والنهب للحسينعليه‌السلام وخيامه ، ثم رضّوا صدره الشريف بسنابك الخيل ، ثم حملوا رأسه إلى عبيد الله بن زياد بالكوفة. ومنذ حصلت تلك المآسي المفجعة ، حدثت في الكون حوادث غريبة تنبئ عن غضب الله على القتلة الفاجرين ، وتشارك في الحزن والبكاء على مولانا الحسينعليه‌السلام ، حتى بكاه الجن والملائكة ، والحيوانات والحيتان ، والشجر والحجر ، وهو ما تكلمنا عنه في الفصل السابق.

وفي اليوم الحادي عشر من المحرم جاء الأمر بتسيير السبايا من كربلاء إلى الكوفة ، والمسافة حوالي ٧٠ كم. ثم ظل السبايا في الكوفة ثمانية أيام

في السجن [أي حتى ١٩ محرم] ، إلى أن جاء الأمر من يزيد بتسييرهم مع زين العابدينعليه‌السلام إلى الشام.

واستغرق الطريق إلى الشام ـ وهو أطول طريق آهل بالسكان يصل الكوفة بدمشق ، من جهة الموصل والجزيرة وحلب ـ على أقل تقدير اثني عشر يوما ، فدخلوا دمشق في الأول من شهر صفر.

وبعد أن أودع السبايا في الخربة عند باب الفراديس بدمشق ، ظلوا فيها زمنا غير معروف بالتحديد ، من ثلاثة أيام فصاعدا ، ثم نقلهم يزيد إلى قصره. ولما أظهر يزيد التقرب منهم أمام الناس ، سمح لهم ظاهريا بإقامة المأتم على الحسينعليه‌السلام ، فأقاموها سبعة أيام.

فإذا رجعوا مباشرة إلى المدينة ، وعرّجوا على كربلاء ، يصلونها عن طريق الصحراء المختصر في ٢٠ صفر ، موعد زيارة الأربعين للحسينعليه‌السلام .

٢١٩

وبعد مرور السبايا على كربلاء يوم الأربعين [٢٠ صفر] ، وحلولهم هناك ثلاثة أيام ، يقيمون المأتم على الحسينعليه‌السلام مع جابر بن عبد الله الأنصاري ؛ توجّهوا إلى المدينة المنورة ، فوصلوها في منتصف شهر ربيع الأول ، لأن المسافة تستغرق نحو ٢٤ يوما مع الراحة.

ويمكن تمثيل المعلومات السابقة بيانيا في الجدول التالي :

(الشكل ٦) : مخطط توزع الحوادث من ١٠ محرم إلى ١٥ ربيع الأول

الموافق لإقامة السبايا في الكوفة ، ثم مسيرهم إلى دمشق ، ثم رجوعهم إلى المدينة

هذا إذا صحّ أن السبايا وهم راجعون من دمشق إلى المدينة ، توافوا عند قبر أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام في كربلاء مع جابر بن عبد الله الأنصاري في ٢٠ صفر من سنة ٦١ ه‍ ، أي بعد أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . ونحن نستبعد حدوث ذلك لضيق الوقت. وسوف نناقش هذا الموضوع في حينه إنشاء الله.

حوادث بعد ظهر يوم العاشر من المحرم

سلب الحسينعليه‌السلام

٢١٨ ـ سلب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٩)

وأقبل القوم على سلب الحسينعليه‌السلام ، فسلبوا جميع ما كان عليه. فأخذ (إسحق بن حوية) قميصه ، و (بحر بن كعب) سراويله. وأخذ عمامته (الأخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي) وقيل (جابر بن يزيد). وأخذ برنسه (مالك بن النسر الكندي). وأخذ نعليه (الأسود بن خالد). وأخذ سيفه (القلانس النهشلي من دارم) وقيل (جميع بن الخلق الأودي) وقيل (الأسود بن حنظلة التميمي). ورأى (بجدل

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800