موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 492582 / تحميل: 5820
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

الصعيد ثلاثا ، وهو علّة الكائنات لاشتقاقه من نور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي هو علة العلل ، المتفرّع من الشعاع الإلهي الأقدس ؛ أظلمت الدنيا ثلاثة أيام(١) واسودّت سوادا عظيما(٢) ، حتى ظنّ الناس أن القيامة قامت(٣) ، وبدت الكواكب نصف النهار(٤) ، وأخذ بعضها يضرب بعضا(٥) ولم ير نور الشمس(٦) ، ودامت الدنيا على هذا ثلاثة أيام(٧) .

ولا غرابة في اضمحلال نور الشمس في المدة التي كان فيها سيد شباب أهل الجنة عاريا على وجه الصعيد ، إذ هو العلة في مجرى الكون ، لما عرفت من اشتقاقه من الحقيقة المحمدية ، التي هي علة العلل ، والعقل الأول

وإذا صحّ الحديث بتغيّر الكون لأجل إبراز عظم نبيّ من الأنبياء ، حتى غامت السماء وأمطرت ، وحين استقى به أحد علماء النصارى في سرّ من رأى(٨) مع أنه لم يكشف عن جسد ذلك النبي ولا كانت أعضاؤه مقطّعة ؛ فإذن كيف لا يتغير الكون ولا يمحى نور الشمس والقمر ، وقد ترك سيد شباب أهل الجنة على وجه الصعيد مجرّدا ، ومثّلوا بذلك الهيكل القدسي كلّ مثلة؟!.

ثم يقول السيد المقرّم ، ص ٣٧٤ : بلى لقد تغيّرت أوضاع الموجودات واختلفت

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦ ؛ والصواعق المحرقة ص ٢٨٩ ؛ والخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٩ ؛ وتذكرة الخواص ، ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩.

(٢) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ وتهذيب التهذيب ، ج ٢ ص ٣٥٤ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تهذيب التهذيب ، ج ١ ص ٣٥٤ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩.

(٥) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٣٨ ؛ والكواكب الدريّة للمناوي ، ج ١ ص ٥٦.

(٦) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٧ ؛ وتاريخ الخلفاء ص ١٣٨ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والإتحاف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ والكواكب الدرية ، ج ١ ص ٥٦.

(٧) كامل الزيارات ، ص ٧٧.

(٨) الخرايج والجرايح للقطب الراوندي ، ص ٦٤ ط هند.

٢٠١

الكائنات ، فبكته الوحوش وجرت دموعها رحمة له ومطرت السماء دما(١) فأصبحت الحباب [جمع حب : وهو الجرة الكبيرة] والجرار وكلّ شيء ملآن دما(٢) وحتى بقي أثره على البيوت والجدران مدة(٣) ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط(٤) حتى في بيت المقدس(٥) .

ولما دخل الرأس المقدس إلى قصر الإمارة ، سالت الحيطان دما(٦) وخرجت نار من بعض جدران قصر الإمارة ، وقصدت عبيد الله بن زياد ، فقال لمن حضر عنده :اكتمه(٧) وولّى هاربا منها ، فتكلم الرأس الشريف بصوت جهوري : إلى أين تهرب يا ملعون ، فإن لم تنلك في الدنيا فهي في الآخرة مثواك ، ولم يسكت الرأس حتى ذهبت النار ، فأدهش من في القصر(٨) .

ومكث الناس شهرين أو ثلاثة يرون الجدران ملطّخة بالدم ، ساعة تطلع الشمس وعند غروبها(٩) . إلى حوادث عديدة ، مثل الغراب المتلطّخ بدم الحسينعليه‌السلام ، وقصة العوسجة المباركة

__________________

(١) الخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والخطط المقريزية ج ٢ ص ٩٨٩ ؛ والإتحاف بحب الأشراف ص ٥٥ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومناقب ابن شهر اشوب ج ٢ ص ٢٠٦ وص ١٨٢ ط نجف ؛ والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ٣٢٢ ؛ وكنز العمال ج ٤ ص ٢٩١ رقم ٥٨٦٨.

(٢) الخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦.

(٣) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٥) مجمع الزوائد للهيثمي ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٥ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ١٣٨ ؛ والعقد الفريد ، ج ٢ ص ٣١٥ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٠.

(٦) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٧) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٠٣ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٧ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٣٣٨.

(٨) شرح قصيدة أبي فراس ، ص ١٤٩.

(٩) كامل ابن الأثير ، ج ٦ ص ٢٧ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥.

٢٠٢

١٩٦ ـ غضب الدنيا لمصرع الإمام الحسينعليه‌السلام والصفوة المختارة من صحبه :

يقول أبو مخنف في مقتله ، ص ٩٣ : وتزلزلت الأرض لمصرع الحسينعليه‌السلام ، وأظلم الشرق والغرب ، وأخذت الناس الرجفة والصواعق ، وأمطرت السماء دما عبيطا [أي خالصا طريا] ولم تمطر السماء دما إلا ذلك اليوم ويوم شرح فيه يحيى بن زكرياعليه‌السلام .

وجاء في (لواعج الأشجان) للسيد الأمين ، ص ١٩٠ : أنها أظلمت الدنيا ثلاثة أيام بعد مقتل الحسينعليه‌السلام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تر الحمرة في السماء قبل قتل الحسين ، وهي تدل على غضب السماء لمقتلهعليه‌السلام .

وقال السدّي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها ، وأمطرت السماء دما يوم قتله ، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطّعت. وما قلع حجر بالشام (وفي رواية : في الدنيا) إلا وجد تحته دم عبيط. ومكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحيطان بالدماء من ساعة طلوع الشمس إلى غروبها.

وجاء في (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٣٧ : وارتفعت في السماء ـ في ذلك الوقت ـ غبرة شديدة مظلمة ، فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاءهم ، فلبثوا بذلك ساعة ثم انجلت عنهم.

وفي (العيون العبرى) للميانجي ، ص ١٨٩ : ومما ظهر يوم قتله من الآيات ؛ أن السماء اسودّت اسودادا عظيما ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

وفي (تاريخ الخلفاء) للسيوطي ، ص ٢٠٧ : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثت الدنيا سبعة أيام ، والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة ، والكواكب يضرب بعضها بعضا.

وفي (فرائد السمطين) للحمويني ، ج ٢ ص ١٦٦ ، عن كتاب (دلائل النبوة) لأبي بكر الشاشي [٢٩١ ـ ٣٦٥ ه‍] بإسناده عن أم سالم خالة جعفر ابن سليمان ، قالت :لما قتل الحسينعليه‌السلام مطرنا مطرا على البيوت والحيطان كالدم ، فبلغني أنه كان بالبصرة وبالكوفة وبالشام وبخراسان ، حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب.

٢٠٣

بكاء السماء

١٩٧ ـ اشتراك السماء بحمرة شفقها في البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٤٠)

عن ابن سيرين : أن الدنيا أظلمت بعد قتل الحسينعليه‌السلام ثلاثة أيام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تكن تظهر قبل ذلك.

وعن الثعلبي : أن السماء بكت ، وبكاؤها حمرتها.

وعن غيره : أن آفاق السماء احمرّت بعد قتلهعليه‌السلام ستة أشهر ، ثم لا زالت الحمرة ترى بعد ذلك.

وعن ابن سعد : أن هذه الحمرة لم تر في السماء قبل قتلهعليه‌السلام (١) .

وإلى ذلك يشير أبو العلاء المعري بقوله :

(شرح التنوير على سقط الزند)

وعلى الدهر من دماء الشهي

دين : عليّ ونجله ، شاهدان

فهما في أواخر الليل فج

ران ، وفي أولياته شفقان

ثبتا في قميصه(٢) ليجيء الحش

ر مستعديا إلى الرحمن

وجمال الأوان عقب جدود

كلّ جدّ منهم جمال أوان

يابن مستعرض الصفوف ببدر

ومبيد الجموع من غطفان

أحد الخمسة الذين هم الأغ

راض في كل منطق والمعاني

والشخوص التي خلقن ضياء

قبل خلق المرّيخ والميزان

قبل أن تخلق السموات وال

أرض ويؤذن لهنّ بالدوران

وبهم فضّل المليك بنو حوّ

اء حتى سموا على الحيوان

وفي (مناقب ابن شهر اشوب) ج ٣ ص ٢١٢ ط نجف :

قال السدي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السماء ، وعلامتها حمرة أطرافها.

__________________

(١) كل ما نقلناه من هذا الكلام موجود في (الصواعق المحرقة) لابن حجر ، فراجع.

(٢) أي في قميص الدهر.

٢٠٤

وعن زرارة بن أعين عن الصادقعليه‌السلام قال : بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن عليعليه‌السلام أربعين صباحا ، ولم تبك إلا عليهما. قلت : فما بكاؤها؟. قال : كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء.

وعن الأسود بن قيس : لما قتل الحسينعليه‌السلام ارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب ، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ، ستة أشهر.

وفي (تاريخ النّسوي) عن أبي قبيل : أنه لما قتل الحسين بن عليعليهما‌السلام كسفت الشمس كسفة ، بدت الكواكب نصف النهار ، حتى ظننا أنها هي

[أي القيامة].

وفي (الإتحاف بحب الأشراف) للشبراوي ص ٧٤ ، قال الحسن الكندي : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثنا أياما سبعة ، إذا صلينا العصر نظرنا الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا الكواكب كأنها يضرب بعضها بعضا.

١٩٨ ـ ماذا تعني حمرة السماء؟ :

(الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي ص ٤٢)

عن ابن سيرين : أن الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين (ع)». ولعل المراد بها شدة الحمرة وزيادتها ، فلا ينافي الأحاديث التي علّقت دخول وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر [وذلك أن السنة يعتبرون وقت صلاة المغرب من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر الغربي ، ثم يدخل وقت العشاء ، بينما يعتبر الشيعة هذه الفترة وقت فضيلة المغرب].

قال ابن الجوزي : وحكمة ذلك [أي حمرة السماء] أنّ غضبنا يؤثّر حمرة الوجه ، والحقّ سبحانه تنزّه عن الجسمية ، فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسينعليه‌السلام بحمرة الأفق ، إظهارا لعظيم الجناية».

بكاء السماء والأرض

١٩٩ ـ بكاء السماء على المؤمن :(فرائد السمطين للحمويني ، ص ١٦٨)

من كتاب (خلاصة التفاسير) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) [الدخان : ٢٩] : وذلك أن المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا. قال عطاء : بكاؤها حمرة أطرافها.

٢٠٥

٢٠٠ ـ تفسير الآية :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) :(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

في (المنتخب) عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] أنه إذا قبض الله نبيا بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة ، وإذا مات إمام من الأئمة الأوصياء بكت عليه السماء والأرض أربعين شهرا ، وإذا مات العالم العامل بعلمه بكتا أربعين يوما عليه. وأما الحسينعليه‌السلام فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر. وتصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما ، وأن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسينعليه‌السلام ولم تر قبله أبدا ، وأن يوم قتله لم يرفع حجر من الدنيا إلا وجد تحته دم.

وروي في أول الجزء الخامس من (صحيح مسلم) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها.

وفي (ينابيع المودة) ج ٢ ص ٣ ، عن إبراهيم النخعي قال : خرج عليعليه‌السلام فجلس في المسجد [رحبة الكوفة] ، واجتمع أصحابه. فجاء الحسينعليه‌السلام فوضع يده على رأسه ، فقال : يا بنيّ إن الله ذمّ أقواما في كتابه ، فتلا الآية من سورة الدخان( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩]. وقال : يا بنيّ لتقتلنّ من بعدي ، ثم تبكيك السماء والأرض. وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكرياعليه‌السلام ، وعلى الحسين ابني.

٢٠١ ـ بكاء السماء والأرض لمقتل الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ١ ص ١٠٤)

يقول الشيخ محمّد مهدي المازندراني بعد أن ذكر الآية( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩] : ولقد بكت السماء والأرض لقتل الحسينعليه‌السلام زمنا طويلا. (في رواية) : بكتا أربعين صباحا ، (وفي رواية) : ستة أشهر ، (وفي رواية) : سنة كاملة ، (وفي رواية) : سنة وتسعة أشهر.

وفي كيفية بكائهما اختلاف في الأخبار.

فأما بكاء السماء (ففي رواية) مكثت سنة وتسعة أشهر مثل العلقة مثل الدم ، بحيث أن الشمس تطلع في حمرة وتغيب في حمرة ، أو بحيث لا ترى الشمس فيها ، ولا زالت الحمرة ترى بعد ذلك مع الشفق ، ولم تكن قبل قتله.

٢٠٦

(وفي رواية) : أمطرت ترابا أحمر ، (وفي رواية) : أمطرت رمادا ، (وفي خبر) :أمطرت دما

والأرض بكت بالسواد وبالحمرة والدم. فقيل : ما رفع حجر ولا مدر ولا صخر إلا رؤي تحته دم يغلي ، واحمرت الحيطان كالعلق ، فوجد الدم تحت كل حصاة قلبت في بيت المقدس ، هو لبكائها على الحسينعليه‌السلام .

واسودت السماء يوم قتل الحسينعليه‌السلام اسودادا عظيما ، واشتبكت النجوم ، وانكسفت الشمس ثلاثا ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ثم تجلّت عنها. فليت أن الشمس لم تطلع وتركت الدنيا مظلمة ، لأن بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقين مكشّفات الوجوه ، ليس عليهن قناع ولا خمار ، وقد أحاطت بهن الأعداء».

بكاء الملائكة والجن

٢٠٢ ـ بكاء الملائكة والجن على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٦ ط حجر طهران)

عن صفوان الجمّال عن الصادقعليه‌السلام قال : سألته في طريق المدينة ونحن نريد مكة ، فقلت : يابن رسول الله ، مالي أراك كئيبا منكسرا؟. فقال : لو تسمع ما نسمع لشغلك عن مسألتي!. فقلت : وما الّذي تسمع؟. قال : ابتهال الملائكة إلى اللهعزوجل ، على قتلة أمير المؤمنينعليه‌السلام وقتلة الحسينعليه‌السلام ، ونوح الجن وبكاء الملائكة الذين حوله ، وشدة جزعهم. فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم؟!.

بكاء كل شيء لمقتل الحسينعليه‌السلام

٢٠٣ ـ بكاء جميع الكائنات على الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

عن ميثم التمّار قال : عهد إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخبرني بأن هذه الأمة تقتل ابن نبيّها ، ويبكي عليه كل شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء ، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم ، والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات والأرضين ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

٢٠٧

ثم قال عليعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

٢٠٤ ـ بكاء كل ما خلق الله على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ طبع حجر طهران)

عن أبي بصير عن الباقرعليه‌السلام قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين بن عليعليه‌السلام حتى ذرفت دموعهما.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع والأرضون السبع ، وما فيهن وما بينهن ، وما يتقلّب عليهن ، والجنة والنار ، وما خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى.

(وفي المنتخب للطريحي ، ص ٣٩ ط ٢) عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع ومن فيهن ، من الجن والإنس والوحوش والدواب والأشجار والأطيار ، ومن في الجنة والنار ، وما لا يرى. كل ذلك يبكون على الحسينعليه‌السلام ويحزنون لأجله ، إلا ثلاث طوائف من الناس ، فإنها لم تبك عليه أبدا. فقيل : فمن هذه الثلاثة التي لم تبك على الحسينعليه‌السلام ؟.فقال : هم أهل دمشق وأهل البصرة وبنو أمية. لعنة الله على الظالمين.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلا ثلاثة (أشياء) : البصرة ودمشق وآل عثمان (ابن عفان). وفي رواية : وآل الحكم بن أبي العاص.

٢٠٥ ـ بكاء كل شيء أربعين صباحا :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ ط حجر إيران)

عن أبان بن عثمان عن زرارة (قال) قال الصادقعليه‌السلام : يا زرارة إن السماء بكت على الحسينعليه‌السلام أربعين صباحا بالدم ، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد ، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة ، وإن الجبال تقطّعت وتشتّرت (وانتثرت) ، وإن البحار تفجّرت ، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسينعليه‌السلام .

٢٠٨

بكاء الحيوانات

٢٠٦ ـ قصة الطيور ونوحهم على الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ٣٣)

في (البحار) : روي عن طريق أهل البيتعليه‌السلام أنه لما استشهد الحسينعليه‌السلام بقي في كربلاء صريعا ، ودمه على الأرض مسفوحا ، وإذا بطائر أبيض قد أتى وتمسّح بدمه ، وجاء والدم يقطر منه ، فرأى طيورا تحت الظلال على الغصون والأشجار يلعبون ، فقال لهم : أنتم تأكلون وتتنعّمون والحسين في كربلاء مقتول؟!. فذهبوا معه إلى كربلاء. فلما رأوه على تلك الحال تصايحن وأعلنّ بالبكاء والثبور ، وتواقعن على دمه يتمرّغن فيه ، وطار كلّ واحد منهم إلى ناحية يعلم أهلها عن قتل الحسينعليه‌السلام .

فمن القضاء والقدر أن طيرا من هذه الطيور قصد مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاء يرفرف ، والدم يتقاطر من أجنحته ، ودار حول قبر سيدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلن بالنداء :ألا قتل الحسين بكربلا ألا ذبح الحسين بكربلا.

٢٠٧ ـ غراب ملطّخ بدم الحسينعليه‌السلام يقع في بيت فاطمة الصغرى بنت الحسينعليهما‌السلام في المدينة ، منبئا بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ـ تراجم النساء ، ص ٢٨٦)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : حدثني أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام قال : لما قتل الحسين بن عليعزوجل جاء غراب فوقع في دمه وتمرّغ ، ثم طار فوقع في المدينة ، على جدار (دار) فاطمة بنت الحسين بن عليعليهم‌السلام وهي الصغرى. ونعب الغراب ، فرفعت رأسها ونظرت إليه ، فرأته متلطّخا بالدم ، فبكت بكاء شديدا ، وأنشأت تقول :

نعب الغراب فقلت : من

تنعاه ، ويلك يا غراب

قال : الإمام. فقلت : من؟

قال : الموفّق للصواب

قلت : الحسين؟! فقال لي :

ملقى على وجه التراب

إنّ الحسين بكربلا

بين الأسنة والحراب

فابك الحسين بعبرة

ترضي الإله مع الثواب

٢٠٩

ثم استقلّ به الجناح

ح ، فلم يطق ردّ الجواب

فبكيت مما حلّ بي

بعد الوصيّ المستجاب

قال أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام : فنعته لأهل المدينة ، فقالوا : قد جاءتنا بسحر (بني) عبد المطلب!. فما كان بأسرع من أن جاءهم الخبر بقتل الحسين ابن عليعليه‌السلام .

تعليق : يقول الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٩٠ :

لا يخفى أن فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام كانت بكربلاء ، وجرى عليها ما جرى على أهل البيتعليهم‌السلام من الأسر والذل ، وأنها خطبت عند دخولها الكوفة بخطبتها الآتية المفصّلة ، إلى غير ذلك مما مرّ وسيمرّ علينا في طي الفصول الآتية ؛ من أنها كانت مع أهل البيتعليهم‌السلام ولم تكن في المدينة. وإنما نقلناه هنا تبعا لبعض أرباب المقاتل والعلامة المجلسي ، حيث ذكروه في المقام ، وأسندوه إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

ويقول السيد المقرم في مقتله ، ص ٣٧٦ : لعل هناك للحسينعليه‌السلام ابنة أخرى اسمها فاطمة الصغرى غير (فاطمة) التي كانت معه في كربلاء ، وهي التي جاءها الغراب المتلطخ بدم الحسينعليه‌السلام ونزل في بيتها في المدينة

٢٠٨ ـ خبر فاطمة الصغرىعليها‌السلام في المدينة :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤١٠)

وعن بعض كتب المقاتل : وكان للحسينعليه‌السلام بنت تسمى بفاطمة ، وكانت حين خروجه من المدينة مريضة ، فجعلها عند أم سلمة رضي الله عنها. وكانت كل يوم تجيء خلف الباب لعلها تجد من كان له اطلاع بحال والدها. ولما طال زمان الفراق ولم يصل الخبر من والدها ، اشتغلت بالبكاء وتراكمت عليها الأحزان. وكتبت كتابا لوالدها وبيّنت فيه حالها ، وبعثته مع أعرابي ذاهب إلى كربلاء. فأوصله الأعرابي إلى الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، فقرأه على الهاشميات ، فبكين جميعا.

(أقول) : وهذه البنت الصغيرة هي التي جاءها نبأ استشهاد أبيها الحسينعليه‌السلام من كربلاء بصورة طائر ملطخ بدم الحسينعليه‌السلام حتى وقع في بيتها.

٢١٠

بكاء النبات والشجر

وتصديقا لما ورد من اشتراك كل شيء في الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، حتى الشجر والحجر ، نورد القصة التالية ، وهي قصة شجرة مباركة من نوع [العوسجة] وهي نبات شوكي يشبه توت السياج.

٢٠٩ ـ خبر العوسجة المباركة(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٣ ط ٣)

عن هند بنت الجون ، قالت : نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيمة خالتي أم معبد الخزاعية ، ومعه أصحاب له ، فكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس. فقال [أي نام القيلولة] في الخيمة هو وأصحابه حتى أبرد ، وكان يوما قائظا شديد حرّه.

فلما قام من رقدته ، دعا بماء فتوضأ للصلاة ، ومجّ ماء من فيه أمام عوسجة يابسة كانت إلى جنب خيمة أم معبد [العوسجة : شجرة ذات شوك ، وحملها أحمر اللون]. ثم فعل أصحابه مثل ذلك. ثم قام فصلى ركعتين. فعجبت وفتيات الحي من ذلك ، وما كان عهدنا ولا رأينا مصلّيا قبله.

فلما كان من الغد ، أصبحنا وقد علت العوسجة ، حتى صارت كأعظم دوحة عادية وأبهى ، وخضد الله شوكها [أي نزعه] ، وساخت عروقها وكثرت أفنانها ، واخضرّ ساقها وورقها. ثم أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة ، في لون الورس المسحوق ، ورائحة العنبر ، وطعم الشهد. والله ما أكل منها جائع إلا شبع ، ولا ظمآن إلا روي ، ولا سقيم إلا برئ ، ولا ذو حاجة وفاقة إلا استغنى ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا سمنت ودرّ لبنها. ورأينا النماء والبركة في أموالنا منذ يوم نزل ، وأخصبت بلادنا وأمرعت ، فكنا نسمي تلك الشجرة (المباركة). وكان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي يستظلون بها ، ويتزوّدون من ورقها في الأسفار ، ويحملون معهم في الأرض القفار ، فيقوم لهم مقام الطعام والشراب.

العوسجة تحزن على أهل البيتعليهم‌السلام :

فلم تزل كذلك وعلى ذلك [حتى] أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها ، واصفرّ ورقها ، فأحزننا ذلك وفرقنا له. فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا هو قد قبض ذلك اليوم. فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون ذلك في العظم والطعم والرائحة.

٢١١

فأقامت على ذلك ثلاثين سنة. فلما كانت ذات يوم أصبحنا وإذا بها قد تشوّكت من أولها إلى آخرها ، فذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها. فما كان إلا يسير حتى وافى مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا ، وانقطع ثمرها. ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي مرضانا بها ، ونستشفي به من أسقامنا.

فأقامت على ذلك برهة طويلة. ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد بعثت من ساقها دما عبيطا [أي طريا] جاريا ، وأوراقها ذابلة تقطر دما كماء اللحم. فقلنا أن قد حدث أمر عظيم. فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية. فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من تحتها ، وجلبة شديدة ورجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :

أيابن النبي ويابن الوصيّ

بقيّة ساداتنا الأكرمين

ثم كثرت الرنّات والأصوات ، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون. فأتانا بعد ذلك [خبر] قتل الحسينعليه‌السلام . ويبست الشجرة وجفّت ، فكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك ، فذهبت واندرس أثرها.

حزن السيدة أم سلمة رضي الله عنها

٢١٠ ـ حزن أم سلمة ومعجزة القارورة :(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٤٦)

وكان أول صارخة صرخت في المدينة (أم سلمة) زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبريل أعلمني أن أمتي تقتل الحسينعليه‌السلام ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دما عبيطا [أي طريا] فاعلمي أن الحسين قد قتل.

وكانت عندها ، فلما حضر ذلك الوقت ، جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلما رأتها قد صارت دما ، صاحت : وا حسيناه ، وابن رسول الله!. وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قط.

٢١١ ـ إخبار أم سلمة بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ط نجف)

جاء في مسند أحمد بن حنبل وغيره ، قال ابن عباس : بينا أنا راقد في منزلي ، إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة ، وهي تقول : يا بنات عبد المطلب

٢١٢

أسعدنني وابكين معي ، فقد قتل سيّدكنّ. فقيل : ومن أين علمت ذلك؟!. قالت :رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الساعة في المنام شعثا مذعورا ، فسألت عن ذلك؟. فقال :قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته ، فدفنتهم.

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاها تربة جاء بها جبرئيل من كربلاء ، وقال لها : اجعليها في قارورة ، فإذا صارت دما فقد قتل ابنك ، فرأيت القارورة الآن صارت دما عبيطا يفور.

٢١٢ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى رأسه ولحيته دم :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٧)

أحضر جبرئيلعليه‌السلام تربة من كربلاء ، وأعطاها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره أنه [أي الحسينعليه‌السلام ] سيقتل ، فطلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أم سلمة أن تحفظها.

قالت أم سلمة : فما مضت الأيام والسنون إلا وقد سافر الحسينعليه‌السلام إلى أرض كربلاء ، فحسّ قلبي بالشر ، وصرت كل يوم أتحسس القارورة. فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة انقلبت دما عبيطا ، فعلمت أن الحسينعليه‌السلام قد قتل. فجعلت أنوح وأبكي يومي كله إلى الليل ، ولم أتهنّ بطعام ولا منام إلى طائفة من الليل ، فأخذني النعاس ، وإذا أنا بالطيف ؛ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبل وعلى رأسه ولحيته دم كثير. فجعلت أنفضه بكمي ، وأقول : نفسي لنفسك الفدا ، متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله؟. من أين لك هذا التراب؟. قال : هذه الساعة فرغت من دفن ولدي الحسينعليه‌السلام .

قالت أم سلمة : فانتبهت مرعوبة ، لم أملك على نفسي ، فصحت : وا حسيناه!.وا ولداه!. وا مهجة قلباه ؛ حتى علا نحيبي. فأقبلت إليّ نساء الهاشميات وغيرهن وقلن : ما الخبر يا أم المؤمنين؟. فحكيت لهن القصة. فعلا الصراخ وقام النياح ، وصار كأنه حين ممات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وسعين إلى قبره مشقوقة الجيب ومكشوفة الرأس ، فصحن : يا رسول الله ، قتل الحسين. فو الله الّذي لا إله إلا هو ، فقد أحسسنا كأن القبر يموج بصاحبه ، حتى تحركت الأرض من تحتنا ، فخشينا أنها تسيخ بنا. فانحرفنا ، بين مشقوقة الجيب ومنشورة الشعر وباكية العين.

٢١٣

حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢١٣ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاحبا كئيبا :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٢ و٢٣٠ ط ٣)

عن سلمى المدنية ، قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ، فقلت لها : ما يبكيك؟. قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، وعلى رأسه ولحيته أثر التراب.فقلت : ما لك يا رسول الله مغبرا؟. قال : شهدت قتل الحسينعليه‌السلام آنفا.

وعن غياث بن إبراهيم ، عن الصادقعليه‌السلام قال : أصبحت يوما أم سلمة رضي الله عنها تبكي ، فقيل لها : مم بكاؤك؟. فقالت : لقد قتل ابني الحسين الليلة ، وذلك أنني ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ مضى إلا الليلة ، فرأيته شاحبا كئيبا. فقالت : قلت : ما لي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا؟. قال : ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه عليهوعليهم‌السلام .

(وفي رواية أمالي الطوسي) قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام الساعة شعثا مذعورا ، فسألته عن شأنه ذلك ، فقال : قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته اليوم ، فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم.

٢١٤ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يلتقط دم الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣١ ط ٣)

عن عمار بن أبي عمار ، أن عبد الله بن عباس رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه يوما بنصف النهار ، وهو أشعث أغبر ، في يده قارورة فيها دم ، فقال : يا رسول الله ما هذا الدم؟. قال : دم الحسينعليه‌السلام لم أزل ألتقطه منذ اليوم.

فأحصي ذلك اليوم ، فوجد أنه قتلعليه‌السلام في ذلك اليوم.

(وذكر ابن شهر اشوب في مناقبه ، ج ٢ ص ٢٣٧) قال : وفي أثر ابن عباس ، رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه بعد قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو مغبر الوجه حافي القدمين ، باكي العينين ، وقد ضمّ حجز قميصه إلى نفسه ، وهو يقرأ هذه الآية :( وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) . وقال : إني مضيت إلى كربلاء والتقطت دم الحسين من الأرض ، وهو ذا في حجري ، وأنا ماض أخاصمهم بين يدي ربي.

٢١٤

٢١٥ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبيده قارورتان :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٧١)

روي عن ابن عباس قال : كنت نائما في منزلي في المدينة قابلة الظهر ، فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مقبل من نحو كربلاء ، وهو أشعث أغبر والتراب على شيبه ، وهو باكي العين حزين القلب ، ومعه قارورتان مملوءتان دما. فقلت له : يا رسول الله ، ما هذه القارورتان المملوءتان دما؟. فقال : هذه فيها من دم الحسينعليه‌السلام ، وهذه الأخرى من دم أهل بيته وأصحابه. وإني رجعت الآن من دفن ولدي الحسين ، وهو مع ذلك لا يفيق من البكاء والنحيب.

قال ابن عباس : فاستيقظت من نومي فزعا مرعوبا حزينا على الحسينعليه‌السلام ولم أعلم بقتله. فبقيت في الهم والغم أربعة وعشرين يوما ، حتى جاء الناعي إلى المدينة بقتل الحسينعليه‌السلام فحسبت من يوم الرؤيا إلى ذلك اليوم ، فإذا هو يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، وفي تلك الساعة كان مقتله. فتعجبت من ذلك ، وتزايدت أحزاني وتصاعدت أشجاني.

حزن فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٢١٦ ـ بكاء فاطمةعليها‌السلام على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥١١)

في (كامل الزيارات) ص ٨٧ ؛ والبحار ، ج ٤٥ ص ٢٢٥ :

في حديث عبد الملك بن مقرن : وإن فاطمةعليها‌السلام إذا نظرت إليهم [أي الشهداء] ومعها ألف نبي وألف صدّيق وألف شهيد ، ومن الكرّوبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء ، وإنها لتشهق شهقة فلا يبقى في السموات ملك إلا بكى رحمة لصوتها ، وما تسكن حتى يأتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا بنيّة قد

أبكيت أهل السموات ، وشغلتهم عن التسبيح والتقديس ، فكفّي حتى يقدّسوا ، فإن الله بالغ أمره. وإنها لتنظر إلى من حضر منكم فتسأل الله لهم من كل خير ، ولا تزهدوا في إتيانه ، فإن الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى.

٢١٥
٢١٦

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

(بعد ظهر يوم العاشر من المحرم)

ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر سنة ٦١ ه‍.

ويتضمن الأمور التالية :

ـ سلب الحسينعليه‌السلام

ـ نهب الخيام

ـ سلب حرائر النبوة والإمامة

ـ امرأة من بكر بن وائل مع زوجها ينقلبان من عسكر ابن سعد ويدافعان عن نساء الحسينعليه‌السلام

ـ محاولة قتل زين العابدينعليه‌السلام

ـ إضرام النار في الخيام ، وخروج النساء مذعورات

ـ طفلان يموتان من الرعب ـ طفلتان تسحقان

ـ الناجون من القتل

ـ وطء الخيل جسد الحسينعليه‌السلام

ـ جرائم لم يشهد لها مثيل

ـ لا يقتل الحسينعليه‌السلام إلا ابن زنا

٢١٧

ـ تراجم وأنساب بعض قتلة الحسينعليه‌السلام :

ـ نسب يزيد

ـ نسب ابن زياد

ـ نسب معاوية

ـ نسب شمر

ـ ترجمة عبيد الله بن زياد

ـ ترجمة عمر بن سعد

٢١٨

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

٢١٧ ـ ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر :

استشهد الإمام الحسينعليه‌السلام بعد ظهر اليوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه‍.وقبل حلول الظلام تمّ السلب والنهب للحسينعليه‌السلام وخيامه ، ثم رضّوا صدره الشريف بسنابك الخيل ، ثم حملوا رأسه إلى عبيد الله بن زياد بالكوفة. ومنذ حصلت تلك المآسي المفجعة ، حدثت في الكون حوادث غريبة تنبئ عن غضب الله على القتلة الفاجرين ، وتشارك في الحزن والبكاء على مولانا الحسينعليه‌السلام ، حتى بكاه الجن والملائكة ، والحيوانات والحيتان ، والشجر والحجر ، وهو ما تكلمنا عنه في الفصل السابق.

وفي اليوم الحادي عشر من المحرم جاء الأمر بتسيير السبايا من كربلاء إلى الكوفة ، والمسافة حوالي ٧٠ كم. ثم ظل السبايا في الكوفة ثمانية أيام

في السجن [أي حتى ١٩ محرم] ، إلى أن جاء الأمر من يزيد بتسييرهم مع زين العابدينعليه‌السلام إلى الشام.

واستغرق الطريق إلى الشام ـ وهو أطول طريق آهل بالسكان يصل الكوفة بدمشق ، من جهة الموصل والجزيرة وحلب ـ على أقل تقدير اثني عشر يوما ، فدخلوا دمشق في الأول من شهر صفر.

وبعد أن أودع السبايا في الخربة عند باب الفراديس بدمشق ، ظلوا فيها زمنا غير معروف بالتحديد ، من ثلاثة أيام فصاعدا ، ثم نقلهم يزيد إلى قصره. ولما أظهر يزيد التقرب منهم أمام الناس ، سمح لهم ظاهريا بإقامة المأتم على الحسينعليه‌السلام ، فأقاموها سبعة أيام.

فإذا رجعوا مباشرة إلى المدينة ، وعرّجوا على كربلاء ، يصلونها عن طريق الصحراء المختصر في ٢٠ صفر ، موعد زيارة الأربعين للحسينعليه‌السلام .

٢١٩

وبعد مرور السبايا على كربلاء يوم الأربعين [٢٠ صفر] ، وحلولهم هناك ثلاثة أيام ، يقيمون المأتم على الحسينعليه‌السلام مع جابر بن عبد الله الأنصاري ؛ توجّهوا إلى المدينة المنورة ، فوصلوها في منتصف شهر ربيع الأول ، لأن المسافة تستغرق نحو ٢٤ يوما مع الراحة.

ويمكن تمثيل المعلومات السابقة بيانيا في الجدول التالي :

(الشكل ٦) : مخطط توزع الحوادث من ١٠ محرم إلى ١٥ ربيع الأول

الموافق لإقامة السبايا في الكوفة ، ثم مسيرهم إلى دمشق ، ثم رجوعهم إلى المدينة

هذا إذا صحّ أن السبايا وهم راجعون من دمشق إلى المدينة ، توافوا عند قبر أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام في كربلاء مع جابر بن عبد الله الأنصاري في ٢٠ صفر من سنة ٦١ ه‍ ، أي بعد أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . ونحن نستبعد حدوث ذلك لضيق الوقت. وسوف نناقش هذا الموضوع في حينه إنشاء الله.

حوادث بعد ظهر يوم العاشر من المحرم

سلب الحسينعليه‌السلام

٢١٨ ـ سلب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٩)

وأقبل القوم على سلب الحسينعليه‌السلام ، فسلبوا جميع ما كان عليه. فأخذ (إسحق بن حوية) قميصه ، و (بحر بن كعب) سراويله. وأخذ عمامته (الأخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي) وقيل (جابر بن يزيد). وأخذ برنسه (مالك بن النسر الكندي). وأخذ نعليه (الأسود بن خالد). وأخذ سيفه (القلانس النهشلي من دارم) وقيل (جميع بن الخلق الأودي) وقيل (الأسود بن حنظلة التميمي). ورأى (بجدل

٢٢٠

بن سليم الكلبي) الخاتم الّذي في إصبعه والدماء عليه ، فقطع إصبعه وأخذ الخاتم.وأخذ (قيس بن الأشعث بن قيس) قطيفته وكانت من خز(١) . وأخذ ثوبه الخلق (جعونة بن حوية الحضرمي). وأخذ القوس والحلل (الرجيل بن خيثمة الجعفي وهاني بن شبيب الحضرمي وجرير بن مسعود الحضرمي(٢) ). وأخذ درعه البتراء (عمر بن سعد). وأخذ رجل منهم تكّة سرواله ، وكانت لها قيمة.

٢١٩ ـ مأساة مروّعة وجرائم وحشية :

لقد كانت عملية سلب الحسينعليه‌السلام من كل ما كان عليه ، من أعظم المآسي التي شهدتها أرض كربلاء. وهذه المآسي التي ارتكبها بنو أمية بالحسينعليه‌السلام تدل على الوحشية التي كانوا يعيشونها. وإلا فأي إنسان يملك ذرة من ضمير ووجدان فضلا عن الدين والغيرة ، يقدم على مثل هذه الأعمال؟!. فما أن قتل الحسينعليه‌السلام حتى خفّ القوم إلى سلب جثمانه الشريف ، حتى تركوه على صعيد الطف عريان. وما أحسن ما قال الشاعر :

عريان يكسوه الصعيد ملابسا

أفديه مسلوب الثياب مسربلا

وقال السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

عار له نسجت أعاصير الفلا

ثوب الرمال فكفّنته رماله

٢٢٠ ـ العقاب الإلهي للذين سلبوا الحسينعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٠)

كل من سلب الحسينعليه‌السلام لقي عقابه في الدنيا سريعا ، ولعذاب الآخرة أدهى وأمرّ. وهذه أمثلة على ذلك :

ـ بحر بن كعب التميمي ، الّذي أخذ سروال الحسينعليه‌السلام : صار زمنا مقعدا من رجليه. وكانت يداه في الشتاء تنضحان الماء ، وفي الصيف تيبسان كأنهما عودان.

ـ اسحق بن حوية ، الّذي أخذ ثوبهعليه‌السلام : لبسه فتغير وجهه وحضّ شعره وبرص بدنه.

__________________

(١) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ٧٣.

(٢) مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٤ ط إيران.

٢٢١

ـ الأخنس بن مرثد ، الّذي أخذ عمامته : اعتم بها فصار معتوها.

ـ بجدل بن سليم الكلبي ، الّذي قطع إصبع الحسينعليه‌السلام ليأخذ خاتمه : أخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه يتشحّط في دمه حتى هلك.

ـ الذين نهبوا الإبل التي كانت مع الحسينعليه‌السلام : لم يستطيعوا أكل لحمها ، لأنه كان أمرّ من الصبر ، ولما جعلوا اللحم في القدر صارت نارا.

ـ والذين نهبوا الورس والطيب الّذي كان مع الحسينعليه‌السلام : فلما عادوا بها إلى بيوتهم صارت دما ، وما تطيّبت امرأة من ذلك الطيب إلا برصت.

ـ والذي حاول نزع تكّة الحسينعليه‌السلام : شلّت يداه ، وهذه قصته المفصلة.

٢٢١ ـ قصة الّذي حاول سرقة تكّة الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١١ ط ٣)

روي أن رجلا بلا أيد ولا أرجل وهو أعمى ، يقول : رب نجّني من النار. فقيل له : لم تبق لك عقوبة ، ومع ذلك تسأل النجاة من النار؟!. قال : كنت فيمن قتل الحسين بكربلا.

فلما قتل ، رأيت عليه سراويل وتكّة حسنة ، بعد ما سلبه الناس. فأردت أن أنزع منه التكّة ، فرفع يده اليمنى ووضعها على التكة ، فلم أقدر على دفعها ، فقطعت يمينه. ثم هممت أن آخذ التكة ، فرفع شماله فوضعها على تكّته ، فقطعت يساره. ثم هممت بنزع التكة من السراويل ، فسمعت زلزلة ، فخفت وتركته.

فألقى الله علي النوم ، فنمت بين القتلى ، فرأيت كأن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقبل ومعه علي وفاطمةعليهما‌السلام ، فأخذوا رأس الحسينعليه‌السلام ، فقبّلته فاطمة ، ثم قالت : يا ولدي قتلوك!. قتلهم الله. من فعل هذا بك؟. فكان يقول : قتلني شمر ، وقطع يداي هذا النائم ، وأشار إليّ. فقالت فاطمة لي : قطع الله يديك ورجليك ، وأعمى بصرك ، وأدخلك النار. فانتبهت وأنا لا أبصر شيئا ، وسقطت مني يداي ورجلاي ، ولم يبق من دعائها إلا النار.

٢٢٢ ـ قصة الجمّال اللعين الّذي حاول سرقة تكّة الحسينعليه‌السلام :

(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٠٦)

في (الذريعة) عن سعيد بن المسيّب ، قال : لما استشهد (سيدي ومولاي)

٢٢٢

الحسينعليه‌السلام وحجّ الناس من قابل ، دخلت على علي بن الحسينعليه‌السلام فقلت له : يا مولاي ، قد قرب الحج ، فماذا تأمرني؟. فقالعليه‌السلام : امض على نيّتك وحج. فحججت ، فبينما أطوف بالكعبة ، وإذا (أنا) برجل مقطوع اليدين ، ووجهه كقطع الليل المظلم ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، ويقول : الله م رب هذا البيت الحرام ، اغفر لي وما أحسبك أن تفعل ، ولو تشفّع فيّ سكان سماواتك وأرضيك وجميع ما خلقت ، لعظم جرمي.

قال سعيد : فشغلت وشغل الناس عن الطواف ، حتى حفّ به الناس ، واجتمعنا عليه ، فقلنا : يا ويلك! لو كنت إبليس ما ينبغي لك أن تيأس من رحمة الله ، فمن أنت وما ذنبك؟. فبكى وقال : يا قوم ، أنا أعرف بنفسي وذنبي وما جنيت. فقلنا له :تذكره لنا. فقال :

كنت جمّالا لأبي عبد الله الحسينعليه‌السلام لما خرج من المدينة إلى العراق.وكنت أراه إذا أراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي ، فأرى تكّة تغشى الأبصار بحسن إشراقها ، وكنت أتمناها أن تكون لي ، حتى صرنا بكربلا وقتل الحسينعليه‌السلام وهي معه. فدفنت نفسي [أي اختبأت] في مكان من الأرض.

فلما جنّ الليل خرجت (من مكاني) فرأيت في تلك المعركة نورا لا ظلمة ، ونهارا لا ليلا ، والقتلى مطروحين على وجه الأرض (فذكرت لخبثي وشقاوتي التكّة ، فقلت : والله لأطلبنّ الحسين ، وأرجو أن تكون التكة في سراويله ، فآخذها). ولم أزل أنظر في وجوه القتلى حتى أتيت إلى الحسينعليه‌السلام فوجدته مكبوبا على وجهه ، وهو جثة بلا رأس ، ونوره مشرق ، مرمّل بدمائه ، والرياح سافية عليه. فدنوت منه وضربت بيدي إلى التكة (لآخذها) ، فإذا هو قد عقد لها عقدا كثيرة ، فلم أزل أحلّها حتى حللت عقدة منها.

فمدّعليه‌السلام يده اليمنى وقبض على التكة ، فلم أقدر على أخذ يده عنها (ولا أصل إليها) فدعتني نفسي الملعونة أن أقطع يده. فوجدت قطعة سيف مطروح ، فأخذتها (واتّكيت على يده) فلم أزل أحزّها حتى فصلت يده عن زنده ، ثم نحّيتها عن التكة. ومددت يدي إلى التكة ثانيا لأحلّها ، فمدّ يده اليسرى (فقبض عليها) ، ففعلت بها ما فعلت باليمنى. ثم مددت يدي إلى التكة (لآخذها) ، فإذا الأرض ترجف والسماء تهتزّ ، وإذا ببكاء ونداء ، وقائل يقول : وا ابناه ، وا مقتولاه ، وا ذبيحاه ، وا حسيناه ، وا غربتاه. يا بنيّ قتلوك وما عرفوك ، ومن شرب الماء منعوك!.

٢٢٣

فلما رأيت ذلك صعقت ورميت نفسي بين القتلى ، وإذا بثلاث نفر وامرأة ، وحولهم خلائق (وقوف) ، وإذا بواحد منهم يقول : يا أبتاه يا حسين ، فداك جدك وأبوك ، وأمك وأخوك.

وإذا بالحسينعليه‌السلام قد جلس ، ورأسه على بدنه ، وهو يقول : لبّيك يا جداه ويا أبتاه ويا أماه ويا أخاه ، عليكم مني السلام. ثم إنه بكى (ع) وقال : يا جداه قتلوا والله رجالنا ، يا جداه سلبوا والله نساءنا (يا جداه نهبوا والله رحالنا ، يا جداه ذبحوا والله أطفالنا ، يا جداه) يعزّ عليك أن ترى حالنا ، وما فعل الكفار بنا.

وإذا هم جلسوا يبكون حوله على ما أصابه ، وفاطمةعليها‌السلام تقول : يا أبتاه يا رسول الله ، أما ترى ما فعلت أمّتك بولدي؟. ورأيتهم يأخذون من دم شيبة الحسينعليه‌السلام وتمسح به فاطمةعليها‌السلام ناصيتها ، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي والحسنعليهم‌السلام يمسحون به نحورهم وصدورهم وأيديهم إلى المرافق. وسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : فديتك يا حسين ، من قطع يدك اليمنى وثنّى باليسرى؟.فقال : يا جداه ، قطعها الجمّال [ويذكر له القصة كما مرت ...] ثم يقول : فلما أراد حلّ التكّة حسّ بك فرمى نفسه بين القتلى.

(يقول الجمال) : فلما سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلام الحسينعليه‌السلام بكى بكاء شديدا ، وأتى إليّ بين القتلى إلى أن وقف نحوي ، فقال : ما لي ولك يا جمّال ، تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل (وملائكة الله أجمعون ، وتباركت بهما أهل السموات والأرضين)؟!. أما كفاك ما صنع به الملاعين ، من الذل والهوان؟. سوّد الله وجهك في الدنيا والآخرة ، وقطع الله يديك ورجليك ، وجعلك في حزب من سفك دماءنا وتجرّأ على الله.

فما استتمّ دعاءه حتى شلّت يداي ، وحسست بوجهي كأنه ألبس قطعا من الليل مظلما. وبقيت على هذه الحالة ، فجئت إلى هذا البيت أستشفع ، وأنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا.

فلم يبق في مكة أحد إلا سمع حديثه ، وتقرّب إلى الله بلعنته ، وكلّ يقول : حسبك ما جنيت يا لعين( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) [الشعراء : ٢٢٧].

٢٢٤

نهب الخيام

٢٢٣ ـ شمر يأمر بنهب خيام الحسينعليه‌السلام والورس والحلل والإبل :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٨)

وأقبل الأعداء حتى أحدقوا بالخيمة ، ومعهم شمر بن ذي الجوشن ، فقال :ادخلوا فاسلبوا بزّتهن. فدخل القوم فأخذوا كل ما كان بالخيمة وأخذ قيس بن الأشعث قطيفة للحسينعليه‌السلام كان يجلس عليها ، فسمّي لذلك قيس قطيفة. وأخذ نعليه رجل من الأزد يقال له الأسود بن خالد. ثم مال الناس على الورس والخيل والإبل فانتهبوها.

يقول السيد الأمين في (لواعج الأشجان) ص ١٧٠ : ومال الناس على الورس والحلل والإبل فانتهبوها ، ونهبوا رحله وثقله ، وسلبوا نساءه.

٢٢٤ ـ عقوبة من سرق الجمال والزعفران من خيام الحسينعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب ، ج ٣ ص ٢١٥ ط نجف)

عن أحاديث بن الحاشر ، قال : كان عندنا رجل خرج على الحسينعليه‌السلام ثم جاء بجمل وزعفران ، فكلما دقّوا الزعفران صار نارا ، فلطّخت امرأته على يديها فصارت برصاء.

قال : ونحر البعير ، فكلما جزروا بالسكين صار نارا. قال : فقطّعوه فخرج منه النار ، فطبخوه ففارت القدر نارا.

وعن (تاريخ النّسوي) قال حماد بن زيد ، قال جميل بن مرة : لما طبخوا (اللحم) صارت مثل العلقم.

سلب حرائر النبوة والإمامة

٢٢٥ ـ سلب فاطمة بنت الحسينعليهما‌السلام قرطها وخرم أذنها :

(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٩٥)

قال الميانجي : وفي بعض الكتب ، وفي البحار أيضا ، قالت فاطمة الصغرى بنت الحسينعليهما‌السلام : كنت واقفة بباب الخيمة ، وأنا أنظر إلى أبي وأصحاب أبي ،

٢٢٥

مجزّرين كالأضاحي على الرمال ، والخيول على أجسادهم تجول ، وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي ، من بني أمية ، أيقتلوننا أو يأسروننا؟!.

فإذا برجل على ظهر جواده [لعله خولي] يسوق النساء بكعب رمحه ، وهن يلذن بعضهن ببعض ، وقد أخذ ما عليهن من أخمرة وأسورة ، وهن يصحن : وا جداه ، وا أبتاه ، وا علياه ، وا قلة ناصراه ، وا حسناه. أما من مجير يجيرنا؟

أما من ذائد يذود عنا؟!.

فطار فؤادي وارتعدت فرائصي ، فجعلت أجيل بطرفي يمينا وشمالا ، على عمّتي أم كلثوم ، خشية منه أن يأتيني. فبينما أنا على هذه الحالة ، وإذا به قد قصدني ، ففررت منهزمة ، وإني أظن أني أسلم منه. وإذا به قد تبعني ، فذهلت خشية منه ، وإذا بكعب الرمح بين كتفيّ ، فسقطت على وجهي. فخرم أذني ، وأخذ قرطي ومقنعتي ، وترك الدماء تسيل على خدي ، ورأسي تصهره الشمس. وولى راجعا إلى الخيم ، وأنا مغشيّ عليّ. وإذا أنا بعمتي عندي تبكي.

(إلى أن قالت) : فما رجعنا إلى الخيمة إلا وقد نهبت وما فيها. وأخي علي بن الحسينعليهما‌السلام مكبوب على وجهه لا يطيق الجلوس ، من كثرة الجوع والعطش والأسقام ، فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا.

٢٢٦ ـ سلب فاطمة الصغرىعليها‌السلام خلخالها :

(أمالي الصدوق ، ص ١٣٩ ط بيروت)

عن عبد الله بن الحسن المثنّىعليه‌السلام عن أمه فاطمة بنت الحسينعليهما‌السلام ، قالت :دخلت الغانمة (العامة) علينا الفسطاط ، وأنا جارية صغيرة ، وفي رجلي خلخالان من ذهب ، فجعل رجل يفضّ الخلخالين من رجلي وهو يبكي!. فقلت : ما يبكيك يا عدوّ الله؟. فقال : كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. فقلت : لا تسلبني. قال : أخاف أن يجيء غيري فيأخذه!.

قالت : وانتهبوا ما في الأبنية ، حتيكانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا(١) .

٢٢٧ ـ سلب النساء الطاهرات :(مثير الأحزان لابن نما الحلي ، ص ٥٨)

قال ابن نما الحلي : ثم اشتغلوا بنهب عيال الحسينعليه‌السلام ونسائه ، حتى تسلب

__________________

(١) الملحفة : الملاءة التي تلتحف بها المرأة.

٢٢٦

المرأة مقنعتها من رأسها ، أو خاتمها من إصبعها ، أو قرطها من أذنها ، وحجلها من رجلها. وجاء رجل من سنبس إلى ابنة الحسينعليه‌السلام وانتزع ملحفتها من رأسها.وبقين عرايا تراوجهن رياح النوائب ، وتعبث بهن أكفّ المصائب. وقد غشيهنّ القدر النازل ، وساورهن الخطب الهائل. وقد بلين بكل كفور سفّاك ، وظلوم فتّاك ، وغشوم أفّاك.

وقال السيد ابن طاووس في (اللهوف) ص ٥٥ :

وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقرة عين البتول ، حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة عن ظهرها. وخرجت بنات آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحريمه يتسارعن على البكاء ، ويندبن لفراق الحماة والأحباء.

وقال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٦٤ :

وأخذ واحد ملحفة فاطمة بنت الحسينعليهما‌السلام ، وأخذ حليّها آخر. وعرّوا نساءه وبناته من ثيابهن.

٢٢٨ ـ جزاء خولي بن يزيد الأصبحي على سلبه :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٣٦)

قال أبو مخنف : والله ما مضت إلا أيام قلائل ، وظهر المختار بن أبي عبيدة الثقفي بأرض الكوفة ، يطالب بدم الحسينعليه‌السلام والأخذ بثأره. فوقع بخولي بن يزيد الأصبحي وهو ذلك الرجل.

قال : فلما أوقف بين يديه ، قال : ما صنعت بيوم كربلا؟. قال : ما صنعت شيئا ، غير أني أخذت من تحت زين العابدينعليه‌السلام نطعا كان نائما عليه ، وسلبت زينب [الأصح : فاطمة الصغرى] قناعها ، وأخذت القرطين اللذين كانا في أذنيها. فقال له : يا عدوّ الله ، وأي شيء يكون أعظم من هذا!. وأيّ شيء سمعتها تقول؟.(قال) قالت : قطع الله يديك ورجليك ، وأحرقك الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة.

فقال المختار : والله لأجيبنّ دعوتها. ثم أمر بقطع يديه ورجليه ، وإحراقه بالنار.

٢٢٩ ـ امرأة من بني بكر بن وائل تنقلب على عمر بن سعد ، وتدافع عن نساء أهل البيتعليهم‌السلام :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٥)

روى حميد بن مسلم قال : رأيت امرأة من بني بكر بن وائل ، كانت مع زوجها في

٢٢٧

أصحاب عمر بن سعد ، فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسينعليه‌السلام فسطاطهن ، وهم يسلبوهنّ ؛ أخذت سيفا وأقبلت نحو الفسطاط ، وقالت : يا آل بكر بن وائل ، أتسلب بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. لا حكم إلا لله ، يا لثارات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأخذها زوجها وردّها إلى رحله.

وخرج بنات سيد الأنبياء ، وقرّة عين الزهراء ، حاسرات مبديات للنياحة والعويل ، يندبن على الشباب والكهول. وأضرمت النار في الفسطاط ، فخرجن هاربات.

محاولة قتل زين العابدينعليه‌السلام

٢٣٠ ـ شمر يحاول قتل الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، وحميد بن مسلم يتوسل إليه بعدم قتله :

(لواعج الأشجان ، ص ١٧١)

وانتهوا إلى علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام وهو منبسط على فراشه ، وهو شديد المرض ، كان مريضا بالذّرب [أي الاسهال الشديد] وقد أشرف على الموت.ومع شمر جماعة من الرجالة ، فقالوا له : ألا نقتل هذا العليل؟. فأراد شمر قتله.

فقال له حميد بن مسلم : سبحان الله ، أتقتل الصبيان؟. إنما هو صبي ، وإنه لما به. فلم يزل يدفعهم عنه ، حتى جاء عمر بن سعد ، فصاح النساء في وجهه وبكين.فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيت هؤلاء (النسوة) ، ولا تتعرّضوا لهذا الغلام المريض ، ومن أخذ من متاعهن شيئا فليردّه. فلم يردّ أحد شيئا.

(وفي مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٨) :

فقال علي بن الحسينعليه‌السلام لحميد بن مسلم : جزيت من رجل خيرا ، فقد رفع الله عني بمقالتك شرّ هؤلاء.

(وفي مقتل الحسين للمقرم ، ص ٣٨٧) :

وانتهى القوم إلى علي بن الحسينعليه‌السلام وهو مريض على فراشه ، لا يستطيع النهوض. فقائل يقول : لا تدعوا منهم صغيرا ولا كبيرا ، وآخر يقول : لا تعجلوا حتى نستشير الأمير عمر بن سعد(١) . وجرّد الشمر سيفه يريد قتله ، فقال له حميد بن

__________________

(١) تظلم الزهراء ، ص ١٣٢.

٢٢٨

مسلم : يا سبحان الله أتقتل الصبيان؟ إنما هو صبي مريض(١) . فقال : إن ابن زياد أمر بقتل أولاد الحسين. وبالغ ابن سعد في منعه(٢) خصوصا لما سمع العقيلة زينب ابنة أمير المؤمنينعليه‌السلام تقول : لا يقتل حتى أقتل دونه ، فكفّوا عنه(٣) .

٢٣١ ـ قصة الّذي حمى زين العابدينعليه‌السلام يوم الطف ، ثم أسلمه :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ، ص ٥٨)

قال : كان زين العابدينعليه‌السلام مريضا. فلما قتل الحسينعليه‌السلام قال عمر بن سعد : لا تعرّضوا لهذا المريض.

قال علي بن الحسينعليه‌السلام : فغيّبني رجل منهم وأكرم نزلي وحضنني ، وجعل يبكي كلما دخل وخرج ، حتى كنت أقول : إن يكن عند أحد خير ، فعند هذا. إلى أن نادى منادي ابن زياد : ألا من وجد علي بن الحسين فليأتني به!. فقد جعلنا فيه ثلاثمئة درهم!.

قالعليه‌السلام : فدخل عليّ الرجل والله وهو يبكي ، وجعل يربط يديّ إلى عنقي ، وهو يقول : «أخاف». فأخرجني إليهم مربوطا ، حتى دفعني إليهم ، وأخذ ثلاثمئة درهم ، وأنا أنظر!.

حرق الخيام

٢٣٢ ـ حرق خيام الحسينعليه‌السلام :

(الفاجعة العظمى ، ص ١٨٥)

ولما ارتفع صياح النساء ، غضب اللعين عمر بن سعد ، وصاح : يا ويلكم اكبسوا عليهن الخباء ، وأضرموها نارا واحرقوها وما فيها. فقال رجل منهم : ويلك يابن سعد ، أما كفاك قتل الحسينعليه‌السلام وأهل بيته وأنصاره ، عن حرق أطفاله ونسائه ؛ لقد أردت أن يخسف الله بنا الأرض. فتبادروا إلى نهب النساء الطاهرات.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٠.

(٢) نفس المهموم.

(٣) تاريخ القرماني ، ص ١٠٨.

٢٢٩

٢٣٣ ـ إضرام النار بالخيام ، وخروج النساء مذعورات :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٥)

قال الراوي : ثم أخرج النساء من الخيمة ، وأشعلوا فيها النار. فخرجن حواسر مسلّبات ، حافيات باكيات ، يمشين سبايا في أسر الذلة ، وقلن : بحق الله إلا ما مررتم بنا على مصرع الحسينعليه‌السلام . فلما نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن.

وقال المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ٥٢ :

وفي بعض المقاتل : أن زينب الكبرىعليها‌السلام أقبلت على زين العابدينعليه‌السلام وقالت : يا بقية الماضين وثمال الباقين ، قد أضرموا النار في مضاربنا ، فما رأيك فينا؟. فقالعليه‌السلام : عليكن بالفرار. ففررن بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صائحات باكيات نادبات ، إلا زينب الكبرىعليها‌السلام فإنها كانت واقفة تنظر إلى زين العابدينعليه‌السلام ، لأنه لا يتمكن من النهوض والقيام

والحاصل أنهم أحرقوا الخيم ، ونهبوا ما فيها ، وسلبوا الفاطميات بحيث لم يبق لهن ما يسترن به.

٢٣٤ ـ طفلان من أهل البيتعليهم‌السلام يموتان من الذعر :

(معالي السبطين للمازندراني ، ص ٥٣)

قال في (الإيقاد) عن مقتل ابن العربي : لقد مات طفلان عشية اليوم العاشر من المحرم من أهل البيتعليهم‌السلام ، من الدهشة والوحشة والعطش.

قال : ثم ذهبت زينبعليها‌السلام في جمع العيال والأطفال ، فلما جمعتهم إذا بطفلين قد فقدا. فذهبت في طلبهما ، فرأتهما معتنقين نائمين. فلما حركتهما فإذا هما قد ماتا عطشا.

(أقول) : ولعل هذين الولدين هما سعد وعقيل ولدا عبد الرحمن بن عقيل ، أمهما خديجة بنت عليعليهما‌السلام .

٢٣٥ ـ سقي العيال والأطفال(المصدر السابق ، ص ٥٣)

ولما سمع بذلك العسكر ، قالوا لابن سعد : رخّص لنا في سقي العيال. فلما جاؤوا بالماء كان الأطفال يعرضون عن الماء ، ويقولون : كيف نشرب وقد قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطشانا؟!. وقد قال الشاعر :

٢٣٠

منعوه شرب الماء لا شربوا غدا

من كفّ والده البطين الأنزع

٢٣٦ ـ قتل ولدين من أولاد مسلمعليه‌السلام (المصدر السابق)

قال الشعراني في كتاب (المنن) : ومن بنات عليعليه‌السلام رقية الكبرى ، وكانت عند مسلم بن عقيل ، فولدت منه عبد الله بن مسلم ومحمد بن مسلم ، اللذين قتلا يوم الطف مع الحسينعليه‌السلام .

٢٣٧ ـ مصرع عاتكة بنت مسلمعليه‌السلام التي سحقت يوم الطف :

قال : وولدت رقيةعليها‌السلام عاتكة من مسلم ، ولها من العمر سبع سنين ، وهي التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لما هجم القوم على المخيم للسلب.

٢٣٨ ـ بنتان للإمام الحسنعليه‌السلام تسحقان أثناء هجوم القوم على المخيم لسلبه:(المصدر السابق)

وفي بعض المقاتل : أن أحمد بن الحسن المجتبىعليه‌السلام قتل مع الحسينعليه‌السلام وله من العمر ستة عشر سنة (رواه المجلسي أيضا في البحار) ، وله أختان من أمه هما : أم الحسن وأم الحسين ، سحقتا يوم الطف ، بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لما هجم القوم على المخيم للسلب ، أمهم أم بشر بنت مسعود الأنصاري ، جاءت معهم حتى أتت كربلاء.

٢٣٩ ـ أين يقع مخيّم الحسينعليه‌السلام :

(مدينة الحسين لمحمد حسن مصطفى آل كليدار ، ج ٢ ص ٢٤)

يشك مؤلف كتاب (مدينة الحسين) في أن موقع المخيم اليوم هو الصحيح ، ويقول: فهذا بناء بناه الزعيم البكتاشي عبد المؤمن الدده في أواخر القرن العاشر الهجري. فقد شيّد مقاما تذكاريا لمضجع الإمام زين العابدين (ع) ، وبنى بجنبه غرفة ثانية اتخذها صومعة له ، وغرس بجنبها نخيلات. ويعرف البستان المحيط بالمخيم الحالي من أطرافه الثلاثة (بستان الدده).

وعلى كلّ فإن الشواهد تدل دلالة صريحة أن الزعيم البكتاشي سلك في تعيينه موضع المخيم الحالي طريق الاجتهاد دون رواية تاريخية. ولذا يشكّ الباحث في قرب المخيم من حائر الروضة المقدسة ، فالمخيم لا بد كان أبعد من هذا ، والمسافة بينه وبين الروضة ميلين أو أكثر.

٢٣١

الناجون من القتل

٢٤٠ ـ نجاة الإمام زين العابدينعليه‌السلام من القتل بأعجوبة :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٣٠)

كان الإمام زين العابدينعليه‌السلام مريضا في كربلاء ، فهمّ شمر بن ذي الجوشن بقتله في كربلاء ، فمنعه الله منه. وهمّ عبيد الله بن زياد بقتله في الكوفة ، فمنعه الله منه. وهمّ يزيد بن معاوية بقتله في الشام ، فمنعه الله منه كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة الأئمة الأطهار من عقب الحسينعليه‌السلام ونسل النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذين عدلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن لا يفترقوا عنه حتى يردوا على الحوض يوم القيامة ، لتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم المهدي عجّل الله فرجه ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.

٢٤١ ـ البقية الباقية من أهل البيت الطاهرعليهم‌السلام :

ذكرنا سابقا أنه قتل من عترة الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام في معركة كربلاء ، نحوا من سبعة عشر شخصا ، وكلهم من آل أبي طالبعليهم‌السلام : خمسة من نسل عقيل ، واثنان من أحفاد جعفر الطيار ، وخمسة من أولاد الإمام عليعليه‌السلام ، وثلاثة من أولاد الحسنعليه‌السلام ، واثنان من أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام . هذا على أقل الروايات ، وعلى أكثرها ٢٧ شخصا.

وتفانى أحفاد أبي طالبعليهم‌السلام في نصرة الحسينعليه‌السلام ونهضته ، كما تفانى أولاده من قبل في نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته. فاستشهدوا عن بكرة أبيهم في كربلاء ، حتى الصبيان والرّضع ، ولم يبق منهم إلا زين العابدينعليه‌السلام وعمره ثلاث وعشرون سنة ، وقد أنهكه المرض ، ومعه ابنه الصغير محمّد الباقرعليه‌السلام وله من العمر سنتان وشهور. وقد بقي من أولاد الحسنعليه‌السلام ثلاثة لم يقتلوا هم : زيد وعمرو والحسن بن الحسن المثنّى(١) ، وكان الأخير جريحا.

٢٤٢ ـ خبر الحسن بن الحسن المثنىعليه‌السلام :(اللهوف لابن طاووس ، ص ٦١)

روى مصنّف كتاب (المصابيح) أن الحسن بن الحسن المثنّىعليه‌السلام قتل بين يدي

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٤.

٢٣٢

عمه الحسينعليه‌السلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفسا ، وأصابه ثماني عشرة جراحة ، فوقع. فأخذه خاله أسماء بن خارجة ، فحمله إلى الكوفة ، وداواه حتى برئ ، وحمله إلى المدينة.

وكان معهم أيضا : زيد وعمرو ولدا لحسن السبطعليهم‌السلام .

وقال ابن الأثير في (الكامل) ج ٣ ص ٤٠٧ :

واستصغر الحسن بن الحسن بن عليعليه‌السلام ، أمه خولة بنت منظور بن زياد الفزاري ، واستصغر عمرو بن الحسنعليه‌السلام وأمه أم ولد ، فلم يقتلا.

٢٤٣ ـ الذكور من أهل البيتعليهم‌السلام الذين نجوا من القتل :

(تاريخ ابن عساكر ، حاشية ص ٢٢٩)

قال ابن عساكر : ولم يفلت من أهل بيت الحسينعليه‌السلام الذين كانوا معه إلا خمسة نفر :

ـ علي بن الحسينعليه‌السلام الأصغر ، وهو زين العابدينعليه‌السلام

ـ الحسن بن الحسن بن عليعليه‌السلام المثنّى

ـ عمرو بن الحسن بن عليعليه‌السلام

ـ القاسم بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام

ـ محمّد بن عقيل الأصغرعليه‌السلام .

وهذا مطابق لما أورده الذهبي في (سير أعلام النبلاء) ج ٣ ص ٣٠٣.

٢٤٤ ـ الناجون من القتل من الأصحاب والآل :

(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ٣١٢)

قال السيد باقر شريف القرشي : الناجون هم :

١ ـ عقبة بن سمعان ، مولى الربابعليه‌السلام .

٢ ـ المرقّع بن ثمامة الأسدي.

٣ ـ مسلم بن رباح ، وكان مع الإمام يمرّضه.

٤ ـ الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

٥ ـ الحسن بن الحسن المثنّىعليه‌السلام .

٢٣٣

٦ ـ عمرو بن الحسنعليه‌السلام ، كان صغيرا.

٧ ـ الحسن بن الحسن المثنّىعليه‌السلام

٨ ـ القاسم بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام .

٩ ـ محمّد بن عقيل [ذكره أبو الفرج في (مقاتل الطالبيين) ص ١١٩].

وطء الخيل لجسد الحسينعليه‌السلام

٢٤٥ ـ وطء الخيل لجسد الحسينعليه‌السلام ورضّ صدره الشريف :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٢)

ونادى عمر بن سعد في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره وصدره ، فانتدب منهم عشرة ، وهم :

١ ـ اسحق بن حوية : الّذي سلب قميص الحسينعليه‌السلام .

٢ ـ الأخنس بن مرثد : الّذي سلب عمامة الحسينعليه‌السلام .

٣ ـ حكيم بن الطفيل السنبسي : الّذي اشترك في قتل العباسعليه‌السلام .

٤ ـ عمرو بن صبيح الصيداوي : الّذي رمى عبد الله بن مسلمعليه‌السلام .

٥ ـ رجاء بن منقذ العبدي.

٦ ـ سالم بن خيثمة الجعفي.

٧ ـ صالح بن وهب الجعفي.

٨ ـ واحظ بن غانم.

٩ ـ هانئ بن ثبيت الحضرمي.

١٠ ـ أسيد بن مالك.

فداسوا الحسينعليه‌السلام بحوافر خيلهم حتى رضّوا ظهره وصدره الشريف.

وجاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد ، فقال أسيد بن مالك أحدهم :

نحن رضضنا الصدر بعد الظهر

بكل يعبوب(١) شديد الأسر

فقال ابن زياد : من أنتم؟. قالوا : نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين ، حتى طحنّا جناجن(٢) صدره. فأمر لهم بجائزة يسيرة.

قال أبو عمرو الزاهد : فنظرنا في هؤلاء العشرة ، فوجدناهم جميعا أولاد زنا.

__________________

(١) اليعبوب : الفرس السريع الطويل.

(٢) الجناجن : عظام الصدر ، مفردها جنجنة.

٢٣٤

وهؤلاء أخذهم المختار فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا.

وفي خبر : أن أحدهم وهو الأخنس ، كان واقفا بعد ذلك في قتال ، فجاءه سهم لم يعرف راميه ، ففلق قلبه وهلك.

وفي (تذكرة الخواص) ص ٢٦٤ ط ٢ نجف :

وقال عمر بن سعد : من جاء برأس الحسين فله ألف درهم.

وقال ابن سعد أيضا : من يوطئ الخيل صدره؟. فأوطؤوا الخيل ظهره وصدره.ووجدوا في ظهره آثارا سوداء ، فسألوا عنها؟ فقيل : كان ينقل الطعام على ظهره في الليل إلى مساكين أهل المدينة.

جرائم لم يشهد لها مثيل

٢٤٦ ـ قتلوا الحسينعليه‌السلام بكل وسيلة ممكنة :

(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٨)

قال المجلسي في (البحار) :

قال أبو جعفر محمّد الباقرعليه‌السلام : كان أبي [زين العابدينعليه‌السلام ] مبطونا يوم قتل أبوه [الحسين]عليه‌السلام .

إلى أن قال : ولقد قتلوه قتلة نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقتل بها الكلاب. لقد قتل بالسيف والسنان وبالحجارة وبالخشب وبالعصا ؛ ولقد أوطؤوه بالخيل بعد ذلك.

وقال البيروني في (الآثار الباقية) ص ٣٢٩ ط أوفست ليدن :

لقد فعلوا بالحسينعليه‌السلام ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ؛ من القتل بالسيف والرمح والحجارة وإجراء الخيول.

وقد وصل بعض هذه الخيول إلى مصر ، فقلعت نعالها وسمّرت على أبواب الدور تبركا. وجرت بذلك السّنّة عندهم ، فصار أكثرهم يعمل نظيرها ويعلّقه على أبواب الدور.

[ورد ذلك في كتاب (التعجب) للكراجكي ، ص ٤٦ ؛ ملحق (بكنز الفوائد)].

٢٣٥

٢٤٧ ـ الكافرون لم يفعلوا ما فعل أتباع يزيد بالحسينعليه‌السلام :

(محاضرة قيّمة للأستاذ سعيد عاشور المصري ، ص ٢٠)

قال الأستاذ عاشور : إذا نظرنا في واقعة كربلاء ، نجد أن سبط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمثّل به هذا التمثيل الشنيع. ولو سمعنا أن المشركين فعلوا ذلك لاستعظمنا الأمر ، فما بالنا ببعض المسلمين الذين ينتمون إلى الإسلام ، يفعلون هذا؟!.

كارثة لا بدّ من وقفة عندها ، وهذه كانت الشرخ الكبير الّذي أصاب الإسلام وأصاب المسلمين.

٢٤٨ ـ فداحة مأساة الحسينعليه‌السلام وفظاعتها :

(مختصر تاريخ العرب لسيد أمير علي ، ص ٧٤)

يقول المؤرخ الانكليزي الشهير (جيبون) : إن مأساة الحسينعليه‌السلام المروّعة ، بالرغم من تقادم عهدها وتباين موطنها ، لا بدّ أن تثير العطف والحنان في نفس أقل القرّاء إحساسا وأقساهم قلبا ويقول سيد أمير علي : والآن وقد وقفنا على تفاصيل تلك المذبحة النكراء ، نستطيع أن نفهم مبلغ الحزن الممضّ الّذي يشجو قلوب شيعة عليعليه‌السلام عند إحياء ذكرى استشهاد الحسينعليه‌السلام .

تراجم وأنساب بعض قتلة الحسينعليه‌السلام

٢٤٨ ـ لا يقتل الحسينعليه‌السلام إلا ابن زنا :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ١٨٤) قال المازندراني : في الخبر : «إن ولد الزنا لا يطهر إلا بعد سبعة أبطن». قال الإمام الصادقعليه‌السلام : «قاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا ، كما أن قاتل يحيى ابن زكريا أيضا ولد زنا». وقد اختبروا قتلة الحسينعليه‌السلام فوجدوهم كلهم أولاد زنا.

٢٤٩ ـ (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا):(المصدر السابق)

وقال المازندراني : نعم إذا نظرنا إلى السير والتواريخ ، وجدنا أن كل من تولّى قتل الحسينعليه‌السلام إما معلوم بأنه ولد زنا ، أو مجهول الحسب ومخدوش النسب.أولهم يزيد بن معاوية ، وقد كانت أمه ميسون بنت بجدل الكلبي ، أمكنت عبد أبيها من نفسها ، فحملت بيزيد. وكان يزيد جبارا عنيدا خبيث المولد( وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ) . وأما عبيد الله بن زياد ، فأولا نأخذ الكلام بذكر أبيه زياد ،

٢٣٦

فنقول : إن زيادا ليس له أب معروف ، وكانت عائشة تسميه زياد بن أبيه. وكانت أمه سميّة معروفة ومشهورة بالزنا ، عاهرة ذات علم تعرف به. وقد وطئها أبو سفيان وهو سكران على فراش زوجها (عبيد) فعلقت منه بزياد ، فادّعاه أبو سفيان سرا. فلما آل الأمر إلى معاوية قرّبه إليه وأدناه ورفع منزلته وعلّاه ، وادّعى أنه أخوه. واستخلفه على العراق ، وأمره بحرب الحسنعليه‌السلام حتى دسّ إليه السم. وقد صرّح أبو سفيان بأنه هو الّذي وضعه في رحم أمه. أما ابنه عبيد الله وإن كان ينسب إلى زياد ، ولكن ليس بمعلوم ، لأن أمه مرجانة هي جارية مشهورة ومعروفة بالزنا. وكلام الحسينعليه‌السلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ «صريح بأنه أيضا ولد زنا. ولما آل الأمر إلى يزيد جعل عبيد الله بن زياد أميرا على الكوفة ، وأمره بقتل الحسينعليه‌السلام ، فقتله شرّ قتلة( وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ) . ثم اعلم أن في نسب سعد بن أبي وقاص والد عمر بن سعد كلاما. وإن كان ينسب إلى أبي وقاص ، لكن قيل إن رجلا من بني عذرة كان خادما لأمه فزنى بها ، فأولدها سعدا. ويؤيده قول معاوية له حين قال له سعد بن أبي وقاص : أنا أحق منك بالخلافة ، قال : يأبى ذلك عليك بنو عذرة ، يعني لست أنت بابن أبي وقاص ، أنت من تلك العشيرة (عذرة) وهم لا يليقون للخلافة ، ولست أنت من قريش. ولو كان سعد طيّب المولد وزكي النسب ، لما ولد زنديقا فاسقا يكون أول من يتولى قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو المجرم عمر بن سعد. وللننظر الآن في أنساب هؤلاء الأدعياء بالتفصيل.

٢٥٠ ـ نسب يزيد بن معاوية :(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٩)

روى صاحب كتاب (إلزام الناصب) ، وأبو المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبي النسّابة المعروف في كتاب (المثالب) ، والحافظ أبو سعيد إسماعيل بن علي الحنفي في كتابه (مثالب بني أمية) ، والشيخ أبو الفتح جعفر بن محمّد الميداني في كتابه (بهجة المستفيد) : أن يزيد بن معاوية ، أمه كانت (ميسون) بنت بجدل الكلبية ، أمكنت عبد أبيها من نفسها ، فحملت بيزيد ، فهو ابن زنا وليس ابن معاوية. وقبيلة كلب من النصارى ، فهو ابن عبد وابن نصرانية.

٢٥١ ـ نسب زياد بن أبيه :(المصدر السابق)

زياد ابن أبيه ، سمّي بذلك لأنه ابن زنا مجهول الأب ، فقد كانت (سمية) أم زياد ، مشهورة بالزنا ، ومن ذوات الرايات بالطائف. وولد زياد على فراش عبيد بن علاج

٢٣٧

مولى ثقيف ، فادعى معاوية أن أباه أبا سفيان قد زنى بسميّة ، وأن زيادا أخوه ، فسمّاه زياد بن أبي سفيان ، وذلك ليقرّبه منه ويستفيد من بطشه ودهائه.

٢٥٢ ـ نسب عبيد الله بن زياد :

من هذا النسل الطاهر ولد عبيد الله بن زياد ، من أم أعجمية اسمها (مرجانة) ، فكان أخبث وأنجس من أبيه ، كما كان يزيد أخبث من أجداده. وما أجمل ما قاله أبو الأسود الدؤلي ، متمنيا زوال ملك بني زياد :

(مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٦٨)

أقول وذاك من جزع ووجد

أزال الله ملك بني زياد

وأبعدهم ، بما غدروا وخانوا

كما بعدت ثمود وقوم عاد

ترجمة عبيد الله بن زياد

[٣٠ ـ ٦٧ ه‍]

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٧٠)

ولد عبيد الله بن زياد سنة ٣٠ هجرية ، وعمره يوم الطف سبع وثلاثون سنة. كانت أمه (مرجانة) مجوسية ، وقيل إنها سبيّة من إصفهان. ولما طلّقها أبوه (زياد بن أبيه) تزوجت من الأساورة ، فتربى بينهم عبيد الله ، فكانت لهجته أعجمية فيها لكنة.

وفي (البيان والتبيين) للجاحظ : أنه كان ألكن ، يقلب الحاء هاء ويقلب القاف كافا. (وفي تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ٦) قالت مرجانة لابنها عبيد الله لما قتل الحسينعليه‌السلام : ويلك ما ذا صنعت ، وما ذا ركبت يا خبيث؟!. قتلت ابن رسول الله!. والله لا ترى الجنة أبدا. وروى بعضهم أنها قالت له : وددت أنك حيضة ولم تأت الحسين ما أتيت. (وفي تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٨) قال له أخوه عثمان : وددت أن في أنف كل رجل من بني زياد خزامة إلى يوم القيامة ، وأن الحسين لم يقتل. فلم يردّ عليه عبيد الله. (وفي المعارف لابن قتيبة ، ص ٢٥٦) : كان عبيد الله طويلا جدا ، لا يرى ماشيا إلا ظنوه راكبا.(وفي أنساب الأشراف للبلاذري ، ج ٤ ص ٧٧) : كان عبيد الله بن زياد جميلا أرقط. وكان مملوءا شرا. وهو أول من وضع المثالب ليعارض بها

٢٣٨

تابع : ترجمة عبيد الله بن زياد

الناس بمثل ما يقولون فيه. وكان أكولا لا يشبع ، يأكل في اليوم أكثر من خمسين أكلة. ويروى في كيفية قتله : أن المختار الثقفي لما ولي أمر العراق ، وجّه (إبراهيم بن مالك الأشتر) لقتال عبيد الله بن زياد ، قائد جيش أهل الشام ، فالتقى الجيشان في الموصل من أرض العراق. ودارت معركة طاحنة ، حمل فيها إبراهيم بن الأشتر على عبيد الله ابن زياد وهو لا يعرفه ، فضربه إبراهيم ضربة قدّه بها نصفين ، وذهبت رجلاه في المشرق ويداه في المغرب ، ثم احتزّ رأسه.

وكانت الوقعة يوم عاشوراء سنة ٦٧ ه‍ بعد مقتل الحسينعليه‌السلام بست سنين. ولم يقتل من أهل الشام بعد (صفين) مثلما قتل في هذه الوقعة ، إذ قتل منهم سبعون ألفا. وبعث إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد ورؤوس قواده إلى المختار. ونصب المختار رأس ابن زياد في الكوفة ، في نفس المكان الّذي نصب فيه رأس الحسينعليه‌السلام . ثم إن المختار بعث برأس عبيد الله بن زياد إلى محمّد بن الحنفية ، ثم بعثه إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام وهو بمكة ، فأدخل عليه وهو يتغدى ، فسجد شكرا لله ، وقال : الحمد لله الّذي أدرك لي ثأري من عدوي. واستبشر الهاشميون كثيرا بعمل المختار.

٢٥٣ ـ نسب معاوية :(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٩)

أما معاوية ، فليس أشرف من زياد ، فهو أيضا مجهول الأب. روى هشام الكلبي في كتابه (المثالب) قال : كان معاوية لأربعة : لعمارة ابن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ولمسافر بن عمرو ، ولأبي سفيان ، وللصباح ابن مغني الأسود. قال :وكانت أمه هند بنت عتبة من المعلّمات [أي لها راية تعرف بها أنها زانية] ، وكان أحبّ الرجال إليها السودان. وقالوا : كان أبو سفيان دميما قصيرا ، وكان الصبّاح أجيرا لأبي سفيان شابا وسيما ، فدعته هند إلى نفسها. ولما ولد معاوية اختلفوا في نسبته ، ثم ألحق بأبي سفيان. ولقد توافقت نفسية معاوية مع زياد ابن أبيه ، ونفسية يزيد مع عبيد الله ابن زياد ، لأن الأصل متشابه ، والطبائع متقاربة. فلينظر العاقل

٢٣٩

إلى أصول هؤلاء القوم ، وهل يقارنون بآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا!.

٢٥٤ ـ أصل بني أميّة ليس من قريش :(سفينة البحار ، ج ١ ص ٤٦)

عن (كامل البهائي) : أن أمية كان غلاما روميا لعبد شمس ، فلما ألفاه كيّسا فطنا ، أعتقه وتبنّاه ، فقيل أمية بن عبد شمس ، وكان ذلك دأب العرب في الجاهلية. إذن فبنو أمية كافة ليسوا من قريش ، وإنما لحقوا ولصقوا بهم. ويصدّق ذلك قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في أحد كتبه إلى معاوية حيث يقول : «ليس المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق آ. ولم يستطع معاوية إنكار ذلك.

٢٥٥ ـ نسب شمر بن ذي الجوشن الضبابي :

(المصدر السابق ، ص ٨٨)

هو شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية (وهو الضبّاب بن كلاب). روى هشام بن محمّد الكلبي في كتاب (المثالب) أن امرأة ذي الجوشن خرجت من جبّانة البيع إلى جبانة كندة ، فعطشت في الطريق ، ولاقت راعيا يرعى الغنم ، فطلبت منه الماء ، فأبى أن يعطيها إلا بالإصابة منها ؛ فواقعها الراعي ، فحملت بالشمر اللعين. لذلك لما قال شمر للحسينعليه‌السلام يوم الطف : تعجّلت بالنار قبل يوم القيامة ، أجابه الحسينعليه‌السلام : يابن راعي المعزى ، أنت أولى بها صليّا. وكان شمر في السابق داخلا في معسكر أمير المؤمنينعليه‌السلام في صفين ، ثم مال إلى الخوارج وصار في حزب الشيطان ، مع يزيد وابن زياد ، ثم باشر بنفسه قتل الحسينعليه‌السلام وذبحه. نعوذ بالله من خبث السريرة وسوء الخاتمة.

٢٥٦ ـ توثيق العجلي لابن سعد :

(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ١٠٨)

وثّق العجلي عمر بن سعد ، فقال : كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه. وهو تابعي ثقة ، وهو الّذي قتل الحسينعليه‌السلام (١) .

يقول السيد باقر شريف القرشي : ولم نعلم كيف كان ابن سعد ثقة مع قتله لريحانة

__________________

(١) تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٧ ص ٤٥١ ، وميزان الاعتدال ، ج ٣ ص ١٩٨.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800