موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 493812 / تحميل: 5848
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٦٠ ـ إخبار أبي ثمامة الصائدي [عمرو بن كعب] بزوال الشمس للصلاة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧)

ورأى أبو ثمامة الصائدي(١) زوال الشمس ، فقال للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله نفسي لك الفدا ، أرى هؤلاء قد اقتربوا ، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ، وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها. فرفع الحسينعليه‌السلام رأسه إلى السماء وقال له : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين ، نعم هذا أول وقتها ، سلوهم أن يكفّوا عنا حتى نصلي. فقال له الحصين بن نمير : إنها لا تقبل منك!.فقال له حبيب بن مظاهر : لا تقبل الصلاة زعمت من آل رسول الله وتقبل منك يا ختّار

وفي (مقتل أبي مخنف) ص ٦٥ : فعند ذلك تقدم أبو ثمامة الصيداوي إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي إننا مقتولون لا محالة ، وقد حضرت الصلاة فصلّ بنا ، فإني أظنها آخر صلاة نصليها ، لعلنا نلقى الله تعالى على أداء فريضة من فرائضه في هذا الموضع العظيم. فقال له : أذّن يرحمك الله. فلما فرغ من الأذان نادى الحسينعليه‌السلام : يا عمر بن سعد أنسيت شرائع الإسلام ، ألا تكفّ عنا الحرب حتى نصلي؟!. فلم يجبه عمر. فناداه الحصين بن نمير : يا حسين صلّ فإن صلاتك لا تقبل!. فقال له حبيب بن مظاهر : ويلك لا تقبل صلاة الحسين وتقبل صلاتك يابن الخمّارة؟!(وفي رواية المقرم ، ص ٣٠١ : وتقبل منك يا حمار). فحمل عليه الحصين ، فضرب حبيب وجه فرسه بالسيف فشبّت به ووقع عنها الحصين ، فاحتوشه أصحابه فاستنقذوه.

مصرع حبيب بن مظاهر الأسدي

__________________

(١) روى بعضهم (الصيداوي) والأصح (الصائدي) نسبة إلى صائد بطن من همدان. وقد اختلف في اسم أبي ثمامة ، فبعضهم قال (عمرو بن كعب) وبعضهم (عمرو بن عريب) وبعضهم (عمرو بن عبد الله) الصائدي ، والأول أصح.

٨١

٦١ ـ مصرع حبيب بن مظاهر الأسدي على يد الحصين بن نمير ورجل من تميم ، وقيل بديل بن صريم :

(مقتل المقرّم ، ص ٣٠١)

ثم خرج حبيب بن مظاهر وعمره ينوف على الخامسة والسبعين ، وقاتل قتالا شديدا ، فقتل على كبره اثنين وستين رجلا ، وهو يقول :

أنا حبيب وأبي مظهّر

وفارس الهيجاء ليث قسور

وفي يميني صارم مذكّر

وأنتم ذو عدد وأكثر

ونحن منكم في الحروب أصبر

أيضا وفي كل الأمور أقدر

والله أعلى حجة وأظهر

وفيكم نار الجحيم تسعر

وفي رواية أخرى أنه قال :

أنا حبيب وأبي مظهّر

فارس هيجاء ونار تسعر

أنتم أعدّ عدّة وأكثر

ونحن أعلى حجّة وأظهر

وأنتم عند الهياج أغدر

ونحن أوفى منكم وأصبر

حقا وأتقى منكم وأعذر

وحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه ، وطعنه آخر من تميم برمحه ، فسقط إلى الأرض ، فذهب ليقوم وإذا الحصين بن نمير يضربه بالسيف على رأسه ، فسقط لوجهه ، ونزل إليه التميمي واحتزّ رأسه. فهدّ مقتله الحسينعليه‌السلام فقال : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي(١) واسترجع كثيرا.

وفي (مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف) ص ٦٦ : ثم قال الحسينعليه‌السلام :لله درّك يا حبيب ، لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة.

وقيل : قتله بديل بن صريم(٢) .

٦٢ ـ القاسم بن حبيب يأخذ بثأر أبيه من قاتله :

(لواعج الأشجان ، ص ١٤١ ط نجف)

وقال الحصين التميمي (لبديل) : أنا شريكك في قتله [أي قتل حبيب]. قال : لا

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٩ ؛ وتاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٨ ، وذكر أن حبيب استشهد بعد برير وقبل زهير.

٨٢

والله. قال : أعطني الرأس أعلقه في عنق فرسي ليرى الناس أني شاركتك في قتله ، ثم خذه فلا حاجة لي فيما يعطيك ابن زياد!. فأعطاه الرأس ، فجال به في الناس ثم ردّه إليه. فلما رجع إلى الكوفة علّقه في عنق فرسه.

وكان لحبيب ابن يسمى (القاسم) قد راهق ، فجعل يتبع الفارس الّذي معه رأس أبيه ، فارتاب به. فقال : مالك تتبعني؟. قال : إن هذا الرأس الّذي معك رأس أبي ، فأعطني إياه حتى أدفنه. فقال : إن الأمير لا يرضى أن يدفن ، وأرجو أن يثيبني.فقال : لكن الله لا يثيبك إلا أسوأ الثواب ، وبكى الغلام.

ثم لم يزل يتبع أثر قاتل أبيه بعدما أدرك ، حتى قتله وأخذ بثأر أبيه ، وذلك أنه كان في عسكر ، فهجم عليه وهو في خيمة له نصف النهار ، فقتله وأخذ رأسه.

ترجمة الصحابي حبيب بن مظاهر الأسدي

هو حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الأشتر الأسدي الكندي. إماميّ ثقة ، وأدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين والحسن والحسينعليه‌السلام . وكان حافظا للقرآن من أوله إلى آخره. وسمع الحديث من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو صحابي.

قال أرباب التاريخ : إن حبيبا نزل الكوفة وصحب علياعليه‌السلام في حروبه كلها. وكان من خاصته وحملة علومه ، علّمه الإمام عليعليه‌السلام علم المنايا والبلايا. وكان من جملة الذين كاتبوا الحسينعليه‌السلام ووفّى له. وعند ورود مسلم بن عقيل الكوفة صار حبيب ومسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للحسينعليه‌السلام ، حتى إذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وتخاذل أهل الكوفة عن سفير الحسين اختفيا ، إلى أن ورد الحسين كربلاء ، خرجا متخفيين ولحقا به وصارا من أصحابه.

ثم كان حبيب على ميسرة الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، وعمره خمس وسبعون سنة. وهو واحد من سبعين بطلا استبسلوا في ذلك اليوم. وعرض عليهم الأمان فأبوا ، وقالوا : لا عذر لنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن قتل الحسينعليه‌السلام وفينا عين تطرف ، حتى قتلوا حوله.

٨٣

٦٣ ـ رثاء الحسينعليه‌السلام لحبيب بن مظاهر ، وبروز زهير بن القين :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٦)

روى أبو مخنف قال : لما قتل العباس وحبيب بن مظاهر(١) بان الانكسار في وجه الحسينعليه‌السلام ، ثم قال : لله درّك يا حبيب ، لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة. قال : فقام إليه زهير بن القين وقال : بأبي أنت وأمي يابن رسول الله ما هذا الانكسار الّذي أراه في وجهك ، ألست تعلم أنا عليا لحق؟. قال : بلى وإله الخلق ، إني لأعلم علما يقينا أني وإياكم على الحق والهدى. فقال زهير : إذا لا نبالي ونحن نصير إلى الجنة ونعيمها. ثم تقدم أمام الحسين فقال : يا مولاي أتأذن لي بالبراز؟.فقال : ابرز. قال : ثم حمل على القوم ، ولم يزل يقاتل حتى قتل خمسين فارسا ، وخشي أن تفوته الصلاة مع الحسينعليه‌السلام فرجع وقال : يا مولاي إني خشيت أن تفوتني الصلاة فصلّ بنا.

الصلاة في المعركة

٦٤ ـ صلاة الظهر ، وقد صلاها الحسينعليه‌السلام في نصف من أصحابه ، وهي صلاة الخوف :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٣٧ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٢٠٣)

فقال الحسينعليه‌السلام لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي : تقدّما أمامي حتى أصلي الظهر ، فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه ، حتى صلّى بهم صلاة الخوف(٢) . ويقال : إنه صلى وأصحابه فرادى بالإيماء(٣) .

شهادة سعيد بن عبد الله الحنفيرحمه‌الله

__________________

(١) تفرّد أبو مخنف في مقتله باعتبار شهادة العباسعليه‌السلام قبل الأصحاب ، واعتبر استشهاد حبيب في أول المبارزين ، ثم تبعه زهير رضوان الله عليهم.

(٢) مقتل العوالم ص ٨٨ ، ومقتل الخوارزمي ج ٢ ص ١٧ ، والذي نراه أن الصلاة كانت قصرا لعدم الإقامة ، وليست صلاة الخوف.

(٣) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٤٤.

٨٤

٦٥ ـ مصرع سعيد بن عبد الله الحنفي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٣٨)

فوصل إلى الحسينعليه‌السلام سهم ، فتقدم سعيد بن عبد الله ووقف يقيه من النبال بنفسه ، وما زال يرمى بالنبل ولا تخطئ ، فما أخذ النبل الحسينعليه‌السلام يمينا وشمالا إلا قام بين يديه ، فما زال يرمى حتى سقط إلى الأرض ، وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد وثمود وأبلغ نبيك عني السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك(١) . والتفت إلى الحسينعليه‌السلام قائلا : أوفّيت يابن رسول الله؟ قال : نعم أنت أمامي في الجنة(٢) .

(وفي رواية) أنه قال : اللهم لا يعجزك شيء تريده ، فأبلغ محمدا (ص) نصرتي ودفعي عن الحسينعليه‌السلام ، وارزقني مرافقته في دار الخلود.

ثم قضى نحبه رضوان الله عليه ، فوجد في جسمه ثلاثة عشر سهما ، سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح(٣) .

ترجمة سعيد بن عبد الله الحنفي

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١١٦)

كان سعيد ممن استشهد مع الحسينعليه‌السلام يوم الطف. وكان من وجوه الشيعة بالكوفة ، وذوي الشجاعة والعبادة فيهم ، وكان ممن حمل الكتب إلى الحسينعليه‌السلام من أهل الكوفة إلى مكة والحسينعليه‌السلام فيها.

ولما أراد الحسينعليه‌السلام أن يصلي الظهر يوم العاشر من المحرم ، انتدبه ليقف أمامه ريثما يتمّ الصلاة ، فوقف بين يديه يقيه السهام ، طورا بوجهه وطورا بصدره وطورا بيديه وطورا بجبينه ، حتى صار جسمه كالقنفذ ، فسقط إلى الأرض صريعا ، وقد وفّى ما عليه في نصرة سيد شباب أهل الجنة ، وسبقه إلى الجنة.

__________________

(١) مقتل العوالم ، ص ٨٨.

(٢) ذخيرة الدارين ، ص ١٧٨.

(٣) اللهوف لابن طاووس ، ص ٦٢.

٨٥

٦٦ ـ بشارة الحسينعليه‌السلام لأصحابه بالجنة ودعوتهم للثبات والدفاع :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٧)

فلما فرغعليه‌السلام من صلاة الظهر قال لأصحابه : يا كرام هذه الجنة قد فتّحت أبوابها واتصلت أنهارها وأينعت ثمارها وزيّنت قصورها وتؤلّفت ولدانها وحورها.وهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهداء الذين قتلوا معه ، وأبي وأمي ، يتوقعون قدومكم عليهم ، ويتباشرون بكم وهم مشتاقون إليكم ، فحاموا عن دينكم وذبّوا عن حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن إمامكم وابن بنت نبيكم ، فقد امتحنكم الله تعالى بنا ، فأنتم في جوار جدنا والكرام علينا وأهل مودتنا ، فدافعوا بارك الله فيكم عنا فلما سمعوا ضجوا بالبكاء والنحيب وقالوا : نفوسنا دون أنفسكم ودماؤنا دون دمائكم وأرواحنا لكم الفداء. والله لا يصل إليكم أحد بمكروه وفينا الحياة(١) وقد وهبنا للسيوف نفوسنا ، وللطير أبداننا ، فلعلنا نقيكم زحف الصفوف ، ونشرب دونكم الحتوف ، فقد فاز من كسب اليوم خيرا ، وكان لكم من المنون مجيرا.

خيل الحسينعليه‌السلام تعقر

٦٧ ـ عمر بن سعد يعقر خيل الحسينعليه‌السلام ومصرع أبي ثمامة الصائدي :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٥)

ثم إن عمر بن سعد وجّه عمرو بن سعيد في جماعة من الرماة فرموا أصحاب الحسينعليه‌السلام حتى عقروا خيولهم(٢) ولم يبق مع الحسين فارس إلا الضحاك بن عبد الله المشرقي. يقول : لما رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بفرسي وأدخلتها فسطاطا لأصحابنا. واقتتلوا أشد القتال(٣) . وكان كل من أراد الخروج ، ودّع الحسينعليه‌السلام بقوله : السلام عليك يابن رسول الله ، فيجيبه الحسينعليه‌السلام :وعليك السلام ونحن خلفك ، ثم يقرأ :( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب : ٢٣](٤) .

__________________

(١) أورد المقرم في مقتله شبيه هذا الكلام ، ص ٣٠٤ نقلا عن (أسرار الشهادة) ص ١٧٥.

(٢) مثير ابن نما ، ص ٣٤٥. وعقر الخيل : أي جرحها ونحرها.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥.

(٤) مقتل العوالم ، ص ٨٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥.

٨٦

شهادة أبي ثمامة الصائديرحمه‌الله

وخرج أبو ثمامة الصائدي فقاتل حتى أثخن بالجراح. وكان مع عمر بن سعد ابن عم له يقال له (قيس بن عبد الله) بينهما عداوة ، فشدّ عليه وقتله ، رضوان الله عليه.

٦٨ ـ مصرع زهير بن القين البجلي على يد كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي :(مقتل الخوارزمي ج ٢ ص ٢٠)

ثم خرج زهير بن القين البجلي وهو يقول :

أنا زهير وأنا ابن القين

وفي يميني مرهف الحدّين

أذودكم بالسيف عن حسين

ابن علي الطاهر الجدّين

إن حسينا أحد السبطين

من عترة البرّ التقي الزّين

ذاك رسول الله غير المين(١)

أضربكم ولا أرى من شين

يا ليت نفسي قسّمت قسمين

شهادة زهير بن القين البجلي

وروي أن زهيرا لما أراد الحملة ، وقف على الحسينعليه‌السلام وضرب على كتفه وقال :

اقدم حسين هاديا مهديّا

اليوم تلقى جدّك النبيا

وحسنا والمرتضى عليّا

وذا الجناحين الفتيالكميّا

وأسد الله الشهيد الحيّا

وأضاف أبو مخنف في مقتله ، ص ٦٨ البيتين التاليين :

وفاطما والطاهر الزكيا

ومن مضى من قبلنا تقيا

فالله قد صيّرني وليّا

في حبكم أقاتل الدّعيّا

__________________

(١) المين : الكذب. والشّين : العيب والقبح.

٨٧

فقال الحسينعليه‌السلام : وأنا ألقاهما على أثرك(١) .

ثم قاتل قتالا شديدا ، فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي ، فقتلاه. فقال الحسينعليه‌السلام حين صرع زهير : لا يبعدنّك الله يا زهير ، ولعن الله قاتلك ، لعن الذين مسخهم قردة وخنازير.

ترجمة زهير بن القين البجلي

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١١٧)

هو زهير بن القين بن قيس الأنماري البجلي. كان رجلا شريفا في قومه ، نازلا فيهم بالكوفة ، شجاعا له في المغازي مواقف مشهورة ، ومواطن مشهودة. وكان في البداية عثمانيا ثم اهتدى إلى ولاية أهل البيتعليهم‌السلام ، ولازم الحسينعليه‌السلام من الطريق ، وحامى عنه كأعزّ أنصاره ، حتى استشهد رضوان الله عليه.

وبلغ من أهمية زهير في وقعة الطف أن وضعه الحسينعليه‌السلام على ميمنة جيشه ، وجعل الصحابي حبيبا على الميسرة ، ووقف هو في القلب. فكان زهير وحبيب بالنسبة للحسينعليه‌السلام مثل الجناحين بالنسبة للطائر ، لا يستطيع المضي إلا بهما.

ولما صمم زهير على الشهادة ، خرج برفقة الحر ، وكلاهما من التائبين ، فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم ، شدّ الآخر فخلّصه ، حتى قتل الحر ، ولم يلبث أن قتل زهير. وما ذلك إلا ليبيّنا للملأ أنهما اهتديا معا ، وقاتلا في سبيل الحق معا ، واستشهدا مع سيد شباب أهل الجنة معا ، فزفّا إلى الجنة معا ، رضوان الله عليهما.

شهادة عمرو بن قرظة الأنصاريرحمه‌الله

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٦ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٣.

٨٨

٦٩ ـ مصرع عمرو بن قرظة الأنصاري من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، ومصرع أخيه من أصحاب عمر بن سعد :

(مقتل المقرّم ، ص ٣٠٦)

وخرج عمرو بن قرظة الأنصاري ، فاستأذن الحسينعليه‌السلام فأذن له. فبرز وهو يرتجز ويقول(١) :

قد علمت كتيبة الأنصار

أني سأحمي حوزة الذّمار

ضرب غلام ليس بالفرّار

دون حسين مهجتي وداري

فقاتل قتال المشتاقين إلى الجزاء ، وبالغ في خدمة سلطان السماء ، حتى قتل جمعا كثيرا من حزب ابن زياد ، وجمع بين سداد وجهاد(٢) .

وجاء عمرو بن قرظة الأنصاري ووقف أمام الحسينعليه‌السلام يقيه العدو ويتلقى السهام بصدره وجبهته ، فلم يصل إلى الحسينعليه‌السلام سوء. ولما كثر فيه الجراح التفت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام وقال : أوفيت يابن رسول الله؟. قال : نعم أنت أمامي في الجنة ، فأقرئ رسول الله مني السلام وأعلمه أني في الأثر ، وخرّ ميّتا(٣) رضوان الله عليه.

فنادى أخوه علي بن قرظة وكان مع عمر بن سعد : يا حسين يا كذاب ، غررت أخي حتى قتلته؟!. فقالعليه‌السلام : إني لم أغرّ أخاك ، ولكن الله هداه وأضلّك.فقال : قتلني الله إن لم أقتلك. ثم حمل على الحسينعليه‌السلام ليطعنه فاعترضه نافع بن هلال الجملي ، فطعنه حتى صرعه(٤) .

شهادة نافع بن هلال الجملي

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٢.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٠.

(٣) مقتل العوالم ص ٨٨. وذكر ابن حزم في (جمهرة أنساب العرب) أنه كان لقرظة بن عمرو ابنان : عمرو بن قرظة وقتل مع الحسينعليه‌السلام ، وآخر مع عمر بن سعد ولم يسمّه.

(٤) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٧.

٨٩

٧٠ ـ شجاعة أسير : قتال نافع بن هلال الجملي ، ومصرعه أسيرا :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٧)

ثم خرج نافع بن هلال الجملي [وقيل : هلال بن نافع(١) ] وجعل يرميهم بالسهام فلا تخطئ ، وكان خاضبا يده ، وكان يرمي ويقول :

أرمي بها معلّمة أفواقها

والنفس لا ينفعها إشفاقها

مسمومة تجري بها أخفاقها

ليملأنّ أرضها رشّاقها

فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه. ثم ضرب إلى قائم سيفه فاستلّه ، وحمل وهو يقول(٢) :

أنا الغلام اليمنيّ الجملي

ديني على دين حسين وعلي

إن أقتل اليوم فهذا أملي

وذاك رأيي وألاقي عملي

(وفي مقتل الحسين للمقرّم) قال : ورمى نافع بن هلال الجملي بنبال مسمومة كتب اسمه عليها(٣) وهو يقول(٤) : (البيتين السابقين).

فقتل اثني عشر رجلا سوى من جرح. ولما فنيت نباله جرّد سيفه يضرب فيهم ، فأحاطوا به يرمونه بالحجارة والنصال حتى كسروا عضديه وأخذوه أسيرا(٥) ، فأمسكه الشمر ومعه أصحابه يسوقونه. فقال له ابن سعد : ما حملك على ما صنعت بنفسك؟. قال : إن الله يعلم ما أردت. فقال له رجل وقد نظر إلى الدماء تسيل على وجهه ولحيته : أما ترى ما بك؟!. فقال : والله لقد قتلت منكم اثني عشر رجلا سوى من جرحت ، وما ألوم نفسي عليا لجهد ، ولو بقيت لي عضد ما أسرتموني(٦) . وجرّد الشمر سيفه ، فقال له نافع : والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٢ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٩ ؛ والبداية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٤.

(٤) مقتل العوالم ، ص ٩٠.

(٥) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١.

(٦) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٣.

٩٠

الله بدمائنا ، فالحمد لله الّذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه. ثم قدّمه الشمر وضرب عنقه(١) .

ترجمة نافع بن هلال المذحجي الجملي

كان نافع سيدا شريفا سريّا شجاعا. وكان قارئا كاتبا ومن حملة الحديث.وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام شهد حروبه الثلاث : الجمل وصفين والنهروان. وعندما بلغه امتناع الحسينعليه‌السلام من البيعة خرج إليه فاستقبله في الطريق. وكان قد أوصى أن يتبع بفرسه المسمى (بالكامل) ، فأتبع مع جماعة من أصحابه. وقد قتل أسيرا رضوان الله عليه.

شهادة جون مولى أبي ذررحمه‌الله

٧١ ـ مصرع جون مولى أبي ذرّ الغفاري :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٢)

ثم خرج جون مولى أبي ذر الغفاري ، وهو شيخ كبير السن من الموالي ، وكان عبدا أسود ، فجعل يحمل عليهم ويقول(٢) :

كيف يرى الفجّار ضرب الأسود

بالمشرفيّ القاطع المهنّد

أحمي الخيار من بني محمّد

أذبّ عنهم باللسان واليد

أرجو بذاك الفوز يوم المورد

من الإله الواحد الموحدّ

ووقف جون(٣) مولى أبي ذرّ الغفاري أمام الحسينعليه‌السلام يستأذنه ،

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٣ ؛ والبداية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٤.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٩.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٩. وذكر ابن شهر اشوب في مناقبه ، ج ٢ ص ٢١٨ ط إيران ، أن اسمه (جوين) وهو اشتباه ، ولم يذكر الخوارزمي هذا الكلام في مقتله واكتفى بالشعر.

٩١

فقالعليه‌السلام : يا جون ، إنما تبعتنا طلبا للعافية ، فأنت في إذن مني (وفي اللهوف :فلا تبتل بطريقتنا) فوقع على قدميه يقبّلهما ويقول : أنا في الرخاء ألحس قصاعكم ، وفي الشدة أخذلكم!. والله إن ريحي لنتن ، وحسبي للئيم ، ولوني لأسود ، فتنفّس(١) عليّ بالجنة ، ليطيب ريحي ، ويشرف حسبي ، ويبيضّ وجهي. لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين(٢) . فقتل ٢٥ شخصا حتى قتل رضوان الله عليه.

(وفي رواية أبي مخنف في مقتله ، ص ٧١) قال : «فلم يزل يقاتل حتى قتل سبعين رجلا ، فوقعت في محاجر عينه ضربة ، وكبا به جواده إلى الأرض ، فوقع على أمّ رأسه ، فأحاطوا به من كل جانب ومكان ، فقتلوه». فوقفعليه‌السلام وقال : اللهم بيّض وجهه وطيّب ريحه واحشره مع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرّف بينه وبين آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروي عن الإمام الباقرعليه‌السلام : أن الناس كانوا يحضرون المعركة فيدفنون القتلى ، فوجدوا جونا بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة المسك(٣) .

ترجمة جون مولى أبي ذرّ الغفاري

(مجلة البيان النجفية ، السنة ٢ العدد ٣٥ ـ ٣٩)

هو جون بن حوي بن قتادة بن الأعور بن ساعدة بن عوف بن كعب بن حوي النوبي. اشتراه الإمام عليعليه‌السلام من الفضل بن العباس ابن عبد المطلب بمائة وخمسين دينارا ، ووهبه لأبي ذرّ ليخدمه. فانتقل من بيئة تزخر بالثراء والجاه إلى أخرى قد خيّم عليها جلال الزهد والتقوى ، وغمرها سلطان الإيثار والقناعة والتقشف. رافق جون أباذر في حياته وعاش معه مآسيه ، وكان رفيقه المخلص في (الربذة) حتى قضى رضوان الله عليه ، فبكاه بدموع سخيّة.

__________________

(١) تنفّس عليّ بالجنة (بصيغة الأمر) : أي تفضّل عليّ بما يدخلني الجنة.

(٢) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٦١.

(٣) مثير الأحزان للجواهري ، ص ٧٥.

٩٢

وحين بلغه نبأ مسير الحسينعليه‌السلام لمناهضة الباطل وتجديد الدين ، تجددت في نفسه مآسيه السابقة وذكرياته السالفة ، فأسرع لنصرة الحسينعليه‌السلام وخدمة أهل البيت (ع) ، حتى استشهد رضوان الله عليه ، بعد بلاء مرير ، وبعد أن أظهر لجيوش الأعداء ، كيف يكون الإباء والشمم والإيمان بالمبدأ ، وأنه ليس هناك إلا النفس الكريمة تسيل على حدّ السيوف في مثل لمح البصر ، فتروي نبتة الحق والحقيقة ، وتفوز بالخلود في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.

٧٢ ـ تنافس بقية الأصحاب على الموت :

(مقتل أبي مخنف المقتبس من الطبري ، ص ١٣٨)

قال أبو مخنف : فلما رأى أصحاب الحسينعليه‌السلام [أنهم قد غلبوا] وأن الأعداء قد كثروا ، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسيناعليه‌السلام ولا أنفسهم ، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.

شهادة حنظلة بن أسعد الشباميرحمه‌الله

٧٣ ـ مصرع حنظلة بن أسعد الشبامي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٤)

ثم جاء إليه حنظلة بن أسعد العجلي الشبامي(١) فوقف بين يدي الحسينعليه‌السلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي :( يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠)مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١)وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢)يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) (٣٣) [غافر : ٣٠ ـ ٣٣]. ويا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم

__________________

(١) ذكر الطبري أن اسمه (حنظلة بن سعد) ، وفي اللهوف أنه (الشامي) وأنه استشهد قبل صلاة الخوف.

٩٣

الله بعذاب( وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى ) [طه : ٦١]. فقال له الحسينعليه‌السلام : يابن أسعد رحمك الله ، إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ، ونهضوا إليك يشتمونك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين!. فقال : صدقت جعلت فداك ، أفلا نروح إلى ربنا فنلحق بإخواننا(١) !. فقال له الحسينعليه‌السلام : رح إلى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى. فقال : السلام عليك يابن رسول الله ، وعلى أهل بيتك ، وجمع الله بيننا وبينك في الجنة. فقال الحسينعليه‌السلام : آمين آمين. ثم تقدم فقاتل قتالا شديدا ، فحملوا عليه فقتلوه.

شهادة شوذب مولى بني شاكررحمه‌الله

٧٤ ـ مصرع شوذب مولى بني شاكر :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١١ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ١٦٠)

وأقبل عابس بن شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى بني شاكر. وكان شوذب من الرجال المخلصين ، وداره مألف للشيعة يتحدثون فيها فضل أهل البيتعليهم‌السلام .فقال : يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟. قال : أقاتل معك دون ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أقتل. قال : ذلك الظن بك ، فتقدم بين يدي أبي عبد اللهعليه‌السلام حتى يحتسبك كما احتسب غيرك ، وحتى أحتسبك أنا ، فإن هذا يوم نطلب فيه الأجر بكل ما نقدر عليه ، فإنه لا عمل بعد اليوم ، وإنما هو الحساب. فتقدم شوذب فقال :السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته ، أستودعك الله. ثم قاتل حتى قتل.

شهادة عابس بن شبيب الشاكريرحمه‌الله

__________________

(١) اللهوف لابن طاووس ، ص ٦١ و ٦٢ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٣١١ عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٤.

٩٤

٧٥ ـ مصرع عابس بن شبيب الشاكري على يد جماعة من القوم :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٣)

وجاء عابس بن شبيب الشاكري ، فتقدم وسلّم على الحسينعليه‌السلام وقال له : يا أبا عبد الله ، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ منك. ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلت!. السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد أني على هداك وهدى أبيك. ثم مشى بالسيف نحوهم. قال ربيع بن تميم : فلما رأيته مقبلا عرفته ـ وقد كنت شاهدته في المغازي فكان أشجع الناس ـ فقلت للقوم : أيها الناس ، هذا أسد الأسود ، هذا ابن شبيب ، لا يخرجنّ إليه أحد منكم. فأخذ ينادي : ألا رجل؟. ألا رجل لرجل!.فتحاماه الناس لشجاعته. فقال لهم عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة(١) فرموه بالحجارة من كل جانب. فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ، وشدّ على الناس فهزمهم بين يديه.

(قال الراوي) : فو الله لقد رأيته يطرد أكثر من مئتين من الناس ، ثم أحاطوا به من كل جانب فقتلوه ، فرأيت رأسه في أيدي الرجال ، كلّ يقول : أنا قتلته(٢) .

ترجمة عابس بن شبيب الشاكري الهمداني

بنو شاكر بطن من همدان. ذكر أرباب السير أن عابسا كان رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا مجتهدا. وكان من رجال الشيعة ، وكذلك بنو شاكر كانوا من المخلصين بولاء أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفيهم قال عليعليه‌السلام يوم صفين :«لو تمّت عدّتهم ألفا لعبد الله حقّ عبادته». وكانوا من شجعان العرب وحماتهم ، وكانوا يلقبون (فتيان الصباح). وكان عابس رسول مسلم بن عقيل إلى الحسينعليه‌السلام وقد أرسله بكتابه إليه ، وقد صحبه (شوذب) مولاه ، واستشهد معه.

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٢ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٤.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٨.

٩٥

مصرع سعد ابن حنظلة التميميرحمه‌الله

٧٦ ـ مصرع سعد بن حنظلة التميمي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٤)

ثم خرج من بعده سعد بن حنظلة التميمي ، وهو يقول :

صبرا على الأسياف والأسنّه

صبرا عليها لدخول الجنّه

وحور عين ناعمات هنّه

لمن يريد الفوز لا بالظّنّه

يا نفس للراحة فاطرحنّه

وفي طلاب الخير فارغبنّه

ثم حمل وقاتل قتالا شديدا ، حتى قتل رضوان الله عليه.

مصرع عمير ابن عبد الله المذحجيرحمه‌الله

٧٧ ـ مصرع عمير بن عبد الله المذحجي :

(المصدر السابق)

ثم خرج من بعده عمير بن عبد الله المذحجي ، وهو يقول :

قد علمت سعد وحيّ مذحج

أني لدى الهيجاء ليث محرج

أعلو بسيفي هامة المدجج

وأترك القرن لدى التعرّج

فريسة الضبع الأزلّ الأعرج

فمن تراه واقفا بمنهجي؟!

ولم يزل يقاتل قتالا شديدا ، حتى قتله مسلم الضبابي وعبد الله البجلي ، اشتركا في قتله.

٩٦

٧٨ ـ شهادة عبد الرحمن اليزني :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٤٣)

ثم خرج عبد الرحمن بن عبد الله اليزني ، وهو يقول :

أنا ابن عبد الله من آل يزن

ديني على دين حسين وحسن

أضربكم ضرب فتى من اليمن

أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن

ثم حمل فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

٧٩ ـ شهادة يحيى بن سليم المازني :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧)

ثم خرج من بعده يحيى بن سليم المازني ، وهو يقول :

لأضربنّ القوم ضربا فيصلا

ضربا شديدا في العداة معجلا

لا عاجزا عنهم ولا مهلهلا

ولا أخاف اليوم موتا مقبلا

ما أنا إلا الليث يحمي أشبلا

ثم حمل فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

٨٠ ـ شهادة قرّة بن أبي قرة الغفاري :

(المصدر السابق ، ص ١٨)

ثم خرج من بعده قرّة بن أبي قرة الغفاري ، وهو يقول :

قد علمت حقا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار

بأنني الليث الهزبر الضاري

لأضربن معشر الفجّار

بكل عضب ذكر بتّار

يشع لي في ظلمة الغبار

دون الهداة السادة الأبرار

رهط النبي أحمد المختار

ثم حمل فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

٨١ ـ شهادة رجل من بني أسد :

(تاريخ ابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٢)

قال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدّى [أي ينزل في البدو ، أي يقيم في الصحراء] فينزل قريبا من الموضع الّذي كانت فيه معركة الحسينعليه‌السلام ، فكنا لا

٩٧

نبدو إلا وجدنا رجلا من بني أسد هناك. فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان!.قال : بلغني أن حسيناعليه‌السلام يقتل ههنا ، فأنا أخرج إلى هذا المكان ، لعلي أصادفه فأقتل معه.

قال ابن الهيثم : فلما قتل الحسينعليه‌السلام ، قال أبي : انطلقوا بنا ننظر هل الأسدي فيمن قتل مع الحسينعليه‌السلام ؟. فأتينا المعركة وطوّفنا ، فإذا الأسدي مقتول.

(أقول) : لعل هذا الشهيد هو أنس بن الحارث الكاهلي أو الأسدي ، لأن الكاهلي أسدي. وهو نفسه أنس بن كاهل الأسدي الّذي ذكر في زيارة الناحية المقدسة. وذكر في بعض المصادر : مالك بن أنس الكاهلي ، وهو تصحيف.

وقد مرّت هذه الفقرة في الجزء الأول من الموسوعة برقم ٢١٤ بعنوان : ملازمة رجل من بني أسد أرض كربلاء ، فراجع.

مصرع أنس بن الحارث الكاهليرحمه‌الله

٨٢ ـ مصرع أنس بن الحارث الكاهلي ، وكان صحابيا :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٣)

وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي شيخا كبيرا صحابيا ، رأى النبي (ص) وسمع حديثه ، وشهد معه بدرا وحنينا. فاستأذن الحسينعليه‌السلام وبرز شادّا وسطه بالعمامة ، رافعا حاجبيه بالعصابة. ولما نظر إليه الحسينعليه‌السلام بهذه الهيئة بكى ، وقال : شكر الله سعيك يا شيخ.

ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل على كبره ثمانية عشر رجلا ، وقتل أمام الحسينعليه‌السلام (١) .

وفي (وسيلة الدارين) ص ١٠٢ : روى أهل السير أنه لما جاءت نوبة أنس ، استأذن الحسينعليه‌السلام في القتال ، فأذن له ، فبرز وهو يقول :

__________________

(١) ذكر أبو مخنف في مقتله ، ص ٧٣ ما يشبه هذا الكلام عن (جابر بن عروة الغفاري) وكان شيخا كبيرا صحابيا.

٩٨

قد علمت كاهل ثم ذودان

والخندفيّون وقيس عيلان

بأن قومي آفة الأقران

لدى الوغى وسادة الفرسان

نباشر الموت بطعن آن

لسنا نرى العجز عن الطعان

آل علي شيعة الرحمن

وآل حرب شيعة الشيطان

ثم حمل فقاتل حتى قتل أربعة عشر رجلا [على رواية ابن شهر اشوب] ، وثمانية عشر رجلا [على رواية الصدوق في أماليه] ، ثم قتل رضوان الله عليه.

ترجمة الصحابي أنس بن الحارث الكاهلي

(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ١٠١)

هو أنس بن الحارث بن نبيه بن كاهل الأسدي. كان صحابيا كبيرا ممن رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع حديثه. وكان فيما سمع منه وحدّث به ، ما رواه جمّ غفير من العامة والخاصة عنه ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول والحسين في حجره : «إن ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق. ألا فمن شهده فلينصره». فلما رآه أنس في العراق وشهده ، نصره وقتل معه.

(ذكر ذلك الجزري في أسد الغابة ، وابن حجر في الإصابة وغيرهما).

٨٣ ـ شهادة عمرو بن مطاع الجعفي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٨)

ثم خرج من بعده عمرو بن مطاع الجعفي ، وهو يقول :

أنا ابن جعف وأبي مطاع

وفي يميني مرهف قطّاع

وأسمر سنانه لمّاع

يرى له من ضوئه شعاع

اليوم قد طاب لنا القراع

دون حسين وله الدفاع

(وفي مقتل أبي مخنف ، ص ٧١) عبّر عنه بلفظ (عمير) وذكر رجزه :

أنا عمير وأبي المطاع

وفي يميني صارم قطّاع

كأنه من لمعه شعاع

إذا فقد طاب لنا القراع

دون الحسين الضرب والصراع

صلى عليه الملك المطاع

٩٩

ولم يزل يقاتل حتى قتل ثلاثين رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

٨٤ ـ شهادة أنيس بن معقل الأصبحي :

(المصدر السابق ، ص ١٩)

ثم خرج من بعده أنيس بن معقل الأصبحي ، فجعل يقول :

أنا أنيس وأنا ابن معقل

وفي يميني نصل سيف فيصل

أعلو به الهامات بين القسطل

حتى أزيل خطبه فينجلي

عن الحسين الفاضل المفضّل

ابن رسول الله خير مرسل

ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل [على رواية ابن شهر اشوب] نيّفا وعشرين رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

٨٥ ـ شهادة الحجاج بن مسروق الجعفي :

(المصدر السابق ، ص ٢٠)

ثم برز من بعده الحجاج بن مسروق الجعفي ، وهو مؤذّن الحسينعليه‌السلام ، وكان قد خرج من الكوفة إلى مكة فالتحق بالحسينعليه‌السلام ، وصحبه منها إلى العراق ، فجعل يقول :

اقدم حسينا هاديا مهديّا

اليوم تلقى جدّك النبيّا

ثم أباك ذا الندى عليا

ذاك الّذي نعرفه وصيّا

والحسن الخير الرضا الوليا

وأسد الله الشهيد الحيّا

وذا الجناحين الفتى الكميّا

وفاطما والطاهر الزكيّا

ومن مضى من قبله تقيا

فالله قد صيّرني وليّا

في حبكم أقاتل الدعيّا

وأشهد الشهيد الحيّا

لتبشروا يا عترة النبيا

بجنّة شرابها رويّا

والحوض حوض المرتضى عليا

وقد مرّ شبيه هذه الأبيات في شهادة زهير بن القين (رض).

ثم حمل على القوم وقاتل قتال المشتاقين ، حتيقتل منهم ثمانية عشر رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

٨٦ ـ مبارزة الاثنين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩٤)

ولما نظر من بقي من أصحاب الحسينعليه‌السلام إلى كثرة من قتل منهم ، أخذ

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

الصعيد ثلاثا ، وهو علّة الكائنات لاشتقاقه من نور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي هو علة العلل ، المتفرّع من الشعاع الإلهي الأقدس ؛ أظلمت الدنيا ثلاثة أيام(١) واسودّت سوادا عظيما(٢) ، حتى ظنّ الناس أن القيامة قامت(٣) ، وبدت الكواكب نصف النهار(٤) ، وأخذ بعضها يضرب بعضا(٥) ولم ير نور الشمس(٦) ، ودامت الدنيا على هذا ثلاثة أيام(٧) .

ولا غرابة في اضمحلال نور الشمس في المدة التي كان فيها سيد شباب أهل الجنة عاريا على وجه الصعيد ، إذ هو العلة في مجرى الكون ، لما عرفت من اشتقاقه من الحقيقة المحمدية ، التي هي علة العلل ، والعقل الأول

وإذا صحّ الحديث بتغيّر الكون لأجل إبراز عظم نبيّ من الأنبياء ، حتى غامت السماء وأمطرت ، وحين استقى به أحد علماء النصارى في سرّ من رأى(٨) مع أنه لم يكشف عن جسد ذلك النبي ولا كانت أعضاؤه مقطّعة ؛ فإذن كيف لا يتغير الكون ولا يمحى نور الشمس والقمر ، وقد ترك سيد شباب أهل الجنة على وجه الصعيد مجرّدا ، ومثّلوا بذلك الهيكل القدسي كلّ مثلة؟!.

ثم يقول السيد المقرّم ، ص ٣٧٤ : بلى لقد تغيّرت أوضاع الموجودات واختلفت

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦ ؛ والصواعق المحرقة ص ٢٨٩ ؛ والخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٩ ؛ وتذكرة الخواص ، ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩.

(٢) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ وتهذيب التهذيب ، ج ٢ ص ٣٥٤ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تهذيب التهذيب ، ج ١ ص ٣٥٤ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩.

(٥) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٣٨ ؛ والكواكب الدريّة للمناوي ، ج ١ ص ٥٦.

(٦) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٧ ؛ وتاريخ الخلفاء ص ١٣٨ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والإتحاف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ والكواكب الدرية ، ج ١ ص ٥٦.

(٧) كامل الزيارات ، ص ٧٧.

(٨) الخرايج والجرايح للقطب الراوندي ، ص ٦٤ ط هند.

٢٠١

الكائنات ، فبكته الوحوش وجرت دموعها رحمة له ومطرت السماء دما(١) فأصبحت الحباب [جمع حب : وهو الجرة الكبيرة] والجرار وكلّ شيء ملآن دما(٢) وحتى بقي أثره على البيوت والجدران مدة(٣) ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط(٤) حتى في بيت المقدس(٥) .

ولما دخل الرأس المقدس إلى قصر الإمارة ، سالت الحيطان دما(٦) وخرجت نار من بعض جدران قصر الإمارة ، وقصدت عبيد الله بن زياد ، فقال لمن حضر عنده :اكتمه(٧) وولّى هاربا منها ، فتكلم الرأس الشريف بصوت جهوري : إلى أين تهرب يا ملعون ، فإن لم تنلك في الدنيا فهي في الآخرة مثواك ، ولم يسكت الرأس حتى ذهبت النار ، فأدهش من في القصر(٨) .

ومكث الناس شهرين أو ثلاثة يرون الجدران ملطّخة بالدم ، ساعة تطلع الشمس وعند غروبها(٩) . إلى حوادث عديدة ، مثل الغراب المتلطّخ بدم الحسينعليه‌السلام ، وقصة العوسجة المباركة

__________________

(١) الخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والخطط المقريزية ج ٢ ص ٩٨٩ ؛ والإتحاف بحب الأشراف ص ٥٥ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومناقب ابن شهر اشوب ج ٢ ص ٢٠٦ وص ١٨٢ ط نجف ؛ والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ٣٢٢ ؛ وكنز العمال ج ٤ ص ٢٩١ رقم ٥٨٦٨.

(٢) الخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦.

(٣) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٥) مجمع الزوائد للهيثمي ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٥ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ١٣٨ ؛ والعقد الفريد ، ج ٢ ص ٣١٥ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٠.

(٦) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٧) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٠٣ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٧ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٣٣٨.

(٨) شرح قصيدة أبي فراس ، ص ١٤٩.

(٩) كامل ابن الأثير ، ج ٦ ص ٢٧ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥.

٢٠٢

١٩٦ ـ غضب الدنيا لمصرع الإمام الحسينعليه‌السلام والصفوة المختارة من صحبه :

يقول أبو مخنف في مقتله ، ص ٩٣ : وتزلزلت الأرض لمصرع الحسينعليه‌السلام ، وأظلم الشرق والغرب ، وأخذت الناس الرجفة والصواعق ، وأمطرت السماء دما عبيطا [أي خالصا طريا] ولم تمطر السماء دما إلا ذلك اليوم ويوم شرح فيه يحيى بن زكرياعليه‌السلام .

وجاء في (لواعج الأشجان) للسيد الأمين ، ص ١٩٠ : أنها أظلمت الدنيا ثلاثة أيام بعد مقتل الحسينعليه‌السلام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تر الحمرة في السماء قبل قتل الحسين ، وهي تدل على غضب السماء لمقتلهعليه‌السلام .

وقال السدّي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها ، وأمطرت السماء دما يوم قتله ، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطّعت. وما قلع حجر بالشام (وفي رواية : في الدنيا) إلا وجد تحته دم عبيط. ومكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحيطان بالدماء من ساعة طلوع الشمس إلى غروبها.

وجاء في (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٣٧ : وارتفعت في السماء ـ في ذلك الوقت ـ غبرة شديدة مظلمة ، فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاءهم ، فلبثوا بذلك ساعة ثم انجلت عنهم.

وفي (العيون العبرى) للميانجي ، ص ١٨٩ : ومما ظهر يوم قتله من الآيات ؛ أن السماء اسودّت اسودادا عظيما ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

وفي (تاريخ الخلفاء) للسيوطي ، ص ٢٠٧ : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثت الدنيا سبعة أيام ، والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة ، والكواكب يضرب بعضها بعضا.

وفي (فرائد السمطين) للحمويني ، ج ٢ ص ١٦٦ ، عن كتاب (دلائل النبوة) لأبي بكر الشاشي [٢٩١ ـ ٣٦٥ ه‍] بإسناده عن أم سالم خالة جعفر ابن سليمان ، قالت :لما قتل الحسينعليه‌السلام مطرنا مطرا على البيوت والحيطان كالدم ، فبلغني أنه كان بالبصرة وبالكوفة وبالشام وبخراسان ، حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب.

٢٠٣

بكاء السماء

١٩٧ ـ اشتراك السماء بحمرة شفقها في البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٤٠)

عن ابن سيرين : أن الدنيا أظلمت بعد قتل الحسينعليه‌السلام ثلاثة أيام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تكن تظهر قبل ذلك.

وعن الثعلبي : أن السماء بكت ، وبكاؤها حمرتها.

وعن غيره : أن آفاق السماء احمرّت بعد قتلهعليه‌السلام ستة أشهر ، ثم لا زالت الحمرة ترى بعد ذلك.

وعن ابن سعد : أن هذه الحمرة لم تر في السماء قبل قتلهعليه‌السلام (١) .

وإلى ذلك يشير أبو العلاء المعري بقوله :

(شرح التنوير على سقط الزند)

وعلى الدهر من دماء الشهي

دين : عليّ ونجله ، شاهدان

فهما في أواخر الليل فج

ران ، وفي أولياته شفقان

ثبتا في قميصه(٢) ليجيء الحش

ر مستعديا إلى الرحمن

وجمال الأوان عقب جدود

كلّ جدّ منهم جمال أوان

يابن مستعرض الصفوف ببدر

ومبيد الجموع من غطفان

أحد الخمسة الذين هم الأغ

راض في كل منطق والمعاني

والشخوص التي خلقن ضياء

قبل خلق المرّيخ والميزان

قبل أن تخلق السموات وال

أرض ويؤذن لهنّ بالدوران

وبهم فضّل المليك بنو حوّ

اء حتى سموا على الحيوان

وفي (مناقب ابن شهر اشوب) ج ٣ ص ٢١٢ ط نجف :

قال السدي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السماء ، وعلامتها حمرة أطرافها.

__________________

(١) كل ما نقلناه من هذا الكلام موجود في (الصواعق المحرقة) لابن حجر ، فراجع.

(٢) أي في قميص الدهر.

٢٠٤

وعن زرارة بن أعين عن الصادقعليه‌السلام قال : بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن عليعليه‌السلام أربعين صباحا ، ولم تبك إلا عليهما. قلت : فما بكاؤها؟. قال : كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء.

وعن الأسود بن قيس : لما قتل الحسينعليه‌السلام ارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب ، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ، ستة أشهر.

وفي (تاريخ النّسوي) عن أبي قبيل : أنه لما قتل الحسين بن عليعليهما‌السلام كسفت الشمس كسفة ، بدت الكواكب نصف النهار ، حتى ظننا أنها هي

[أي القيامة].

وفي (الإتحاف بحب الأشراف) للشبراوي ص ٧٤ ، قال الحسن الكندي : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثنا أياما سبعة ، إذا صلينا العصر نظرنا الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا الكواكب كأنها يضرب بعضها بعضا.

١٩٨ ـ ماذا تعني حمرة السماء؟ :

(الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي ص ٤٢)

عن ابن سيرين : أن الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين (ع)». ولعل المراد بها شدة الحمرة وزيادتها ، فلا ينافي الأحاديث التي علّقت دخول وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر [وذلك أن السنة يعتبرون وقت صلاة المغرب من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر الغربي ، ثم يدخل وقت العشاء ، بينما يعتبر الشيعة هذه الفترة وقت فضيلة المغرب].

قال ابن الجوزي : وحكمة ذلك [أي حمرة السماء] أنّ غضبنا يؤثّر حمرة الوجه ، والحقّ سبحانه تنزّه عن الجسمية ، فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسينعليه‌السلام بحمرة الأفق ، إظهارا لعظيم الجناية».

بكاء السماء والأرض

١٩٩ ـ بكاء السماء على المؤمن :(فرائد السمطين للحمويني ، ص ١٦٨)

من كتاب (خلاصة التفاسير) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) [الدخان : ٢٩] : وذلك أن المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا. قال عطاء : بكاؤها حمرة أطرافها.

٢٠٥

٢٠٠ ـ تفسير الآية :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) :(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

في (المنتخب) عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] أنه إذا قبض الله نبيا بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة ، وإذا مات إمام من الأئمة الأوصياء بكت عليه السماء والأرض أربعين شهرا ، وإذا مات العالم العامل بعلمه بكتا أربعين يوما عليه. وأما الحسينعليه‌السلام فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر. وتصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما ، وأن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسينعليه‌السلام ولم تر قبله أبدا ، وأن يوم قتله لم يرفع حجر من الدنيا إلا وجد تحته دم.

وروي في أول الجزء الخامس من (صحيح مسلم) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها.

وفي (ينابيع المودة) ج ٢ ص ٣ ، عن إبراهيم النخعي قال : خرج عليعليه‌السلام فجلس في المسجد [رحبة الكوفة] ، واجتمع أصحابه. فجاء الحسينعليه‌السلام فوضع يده على رأسه ، فقال : يا بنيّ إن الله ذمّ أقواما في كتابه ، فتلا الآية من سورة الدخان( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩]. وقال : يا بنيّ لتقتلنّ من بعدي ، ثم تبكيك السماء والأرض. وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكرياعليه‌السلام ، وعلى الحسين ابني.

٢٠١ ـ بكاء السماء والأرض لمقتل الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ١ ص ١٠٤)

يقول الشيخ محمّد مهدي المازندراني بعد أن ذكر الآية( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩] : ولقد بكت السماء والأرض لقتل الحسينعليه‌السلام زمنا طويلا. (في رواية) : بكتا أربعين صباحا ، (وفي رواية) : ستة أشهر ، (وفي رواية) : سنة كاملة ، (وفي رواية) : سنة وتسعة أشهر.

وفي كيفية بكائهما اختلاف في الأخبار.

فأما بكاء السماء (ففي رواية) مكثت سنة وتسعة أشهر مثل العلقة مثل الدم ، بحيث أن الشمس تطلع في حمرة وتغيب في حمرة ، أو بحيث لا ترى الشمس فيها ، ولا زالت الحمرة ترى بعد ذلك مع الشفق ، ولم تكن قبل قتله.

٢٠٦

(وفي رواية) : أمطرت ترابا أحمر ، (وفي رواية) : أمطرت رمادا ، (وفي خبر) :أمطرت دما

والأرض بكت بالسواد وبالحمرة والدم. فقيل : ما رفع حجر ولا مدر ولا صخر إلا رؤي تحته دم يغلي ، واحمرت الحيطان كالعلق ، فوجد الدم تحت كل حصاة قلبت في بيت المقدس ، هو لبكائها على الحسينعليه‌السلام .

واسودت السماء يوم قتل الحسينعليه‌السلام اسودادا عظيما ، واشتبكت النجوم ، وانكسفت الشمس ثلاثا ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ثم تجلّت عنها. فليت أن الشمس لم تطلع وتركت الدنيا مظلمة ، لأن بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقين مكشّفات الوجوه ، ليس عليهن قناع ولا خمار ، وقد أحاطت بهن الأعداء».

بكاء الملائكة والجن

٢٠٢ ـ بكاء الملائكة والجن على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٦ ط حجر طهران)

عن صفوان الجمّال عن الصادقعليه‌السلام قال : سألته في طريق المدينة ونحن نريد مكة ، فقلت : يابن رسول الله ، مالي أراك كئيبا منكسرا؟. فقال : لو تسمع ما نسمع لشغلك عن مسألتي!. فقلت : وما الّذي تسمع؟. قال : ابتهال الملائكة إلى اللهعزوجل ، على قتلة أمير المؤمنينعليه‌السلام وقتلة الحسينعليه‌السلام ، ونوح الجن وبكاء الملائكة الذين حوله ، وشدة جزعهم. فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم؟!.

بكاء كل شيء لمقتل الحسينعليه‌السلام

٢٠٣ ـ بكاء جميع الكائنات على الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

عن ميثم التمّار قال : عهد إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخبرني بأن هذه الأمة تقتل ابن نبيّها ، ويبكي عليه كل شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء ، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم ، والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات والأرضين ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

٢٠٧

ثم قال عليعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

٢٠٤ ـ بكاء كل ما خلق الله على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ طبع حجر طهران)

عن أبي بصير عن الباقرعليه‌السلام قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين بن عليعليه‌السلام حتى ذرفت دموعهما.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع والأرضون السبع ، وما فيهن وما بينهن ، وما يتقلّب عليهن ، والجنة والنار ، وما خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى.

(وفي المنتخب للطريحي ، ص ٣٩ ط ٢) عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع ومن فيهن ، من الجن والإنس والوحوش والدواب والأشجار والأطيار ، ومن في الجنة والنار ، وما لا يرى. كل ذلك يبكون على الحسينعليه‌السلام ويحزنون لأجله ، إلا ثلاث طوائف من الناس ، فإنها لم تبك عليه أبدا. فقيل : فمن هذه الثلاثة التي لم تبك على الحسينعليه‌السلام ؟.فقال : هم أهل دمشق وأهل البصرة وبنو أمية. لعنة الله على الظالمين.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلا ثلاثة (أشياء) : البصرة ودمشق وآل عثمان (ابن عفان). وفي رواية : وآل الحكم بن أبي العاص.

٢٠٥ ـ بكاء كل شيء أربعين صباحا :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ ط حجر إيران)

عن أبان بن عثمان عن زرارة (قال) قال الصادقعليه‌السلام : يا زرارة إن السماء بكت على الحسينعليه‌السلام أربعين صباحا بالدم ، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد ، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة ، وإن الجبال تقطّعت وتشتّرت (وانتثرت) ، وإن البحار تفجّرت ، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسينعليه‌السلام .

٢٠٨

بكاء الحيوانات

٢٠٦ ـ قصة الطيور ونوحهم على الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ٣٣)

في (البحار) : روي عن طريق أهل البيتعليه‌السلام أنه لما استشهد الحسينعليه‌السلام بقي في كربلاء صريعا ، ودمه على الأرض مسفوحا ، وإذا بطائر أبيض قد أتى وتمسّح بدمه ، وجاء والدم يقطر منه ، فرأى طيورا تحت الظلال على الغصون والأشجار يلعبون ، فقال لهم : أنتم تأكلون وتتنعّمون والحسين في كربلاء مقتول؟!. فذهبوا معه إلى كربلاء. فلما رأوه على تلك الحال تصايحن وأعلنّ بالبكاء والثبور ، وتواقعن على دمه يتمرّغن فيه ، وطار كلّ واحد منهم إلى ناحية يعلم أهلها عن قتل الحسينعليه‌السلام .

فمن القضاء والقدر أن طيرا من هذه الطيور قصد مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاء يرفرف ، والدم يتقاطر من أجنحته ، ودار حول قبر سيدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلن بالنداء :ألا قتل الحسين بكربلا ألا ذبح الحسين بكربلا.

٢٠٧ ـ غراب ملطّخ بدم الحسينعليه‌السلام يقع في بيت فاطمة الصغرى بنت الحسينعليهما‌السلام في المدينة ، منبئا بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ـ تراجم النساء ، ص ٢٨٦)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : حدثني أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام قال : لما قتل الحسين بن عليعزوجل جاء غراب فوقع في دمه وتمرّغ ، ثم طار فوقع في المدينة ، على جدار (دار) فاطمة بنت الحسين بن عليعليهم‌السلام وهي الصغرى. ونعب الغراب ، فرفعت رأسها ونظرت إليه ، فرأته متلطّخا بالدم ، فبكت بكاء شديدا ، وأنشأت تقول :

نعب الغراب فقلت : من

تنعاه ، ويلك يا غراب

قال : الإمام. فقلت : من؟

قال : الموفّق للصواب

قلت : الحسين؟! فقال لي :

ملقى على وجه التراب

إنّ الحسين بكربلا

بين الأسنة والحراب

فابك الحسين بعبرة

ترضي الإله مع الثواب

٢٠٩

ثم استقلّ به الجناح

ح ، فلم يطق ردّ الجواب

فبكيت مما حلّ بي

بعد الوصيّ المستجاب

قال أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام : فنعته لأهل المدينة ، فقالوا : قد جاءتنا بسحر (بني) عبد المطلب!. فما كان بأسرع من أن جاءهم الخبر بقتل الحسين ابن عليعليه‌السلام .

تعليق : يقول الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٩٠ :

لا يخفى أن فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام كانت بكربلاء ، وجرى عليها ما جرى على أهل البيتعليهم‌السلام من الأسر والذل ، وأنها خطبت عند دخولها الكوفة بخطبتها الآتية المفصّلة ، إلى غير ذلك مما مرّ وسيمرّ علينا في طي الفصول الآتية ؛ من أنها كانت مع أهل البيتعليهم‌السلام ولم تكن في المدينة. وإنما نقلناه هنا تبعا لبعض أرباب المقاتل والعلامة المجلسي ، حيث ذكروه في المقام ، وأسندوه إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

ويقول السيد المقرم في مقتله ، ص ٣٧٦ : لعل هناك للحسينعليه‌السلام ابنة أخرى اسمها فاطمة الصغرى غير (فاطمة) التي كانت معه في كربلاء ، وهي التي جاءها الغراب المتلطخ بدم الحسينعليه‌السلام ونزل في بيتها في المدينة

٢٠٨ ـ خبر فاطمة الصغرىعليها‌السلام في المدينة :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤١٠)

وعن بعض كتب المقاتل : وكان للحسينعليه‌السلام بنت تسمى بفاطمة ، وكانت حين خروجه من المدينة مريضة ، فجعلها عند أم سلمة رضي الله عنها. وكانت كل يوم تجيء خلف الباب لعلها تجد من كان له اطلاع بحال والدها. ولما طال زمان الفراق ولم يصل الخبر من والدها ، اشتغلت بالبكاء وتراكمت عليها الأحزان. وكتبت كتابا لوالدها وبيّنت فيه حالها ، وبعثته مع أعرابي ذاهب إلى كربلاء. فأوصله الأعرابي إلى الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، فقرأه على الهاشميات ، فبكين جميعا.

(أقول) : وهذه البنت الصغيرة هي التي جاءها نبأ استشهاد أبيها الحسينعليه‌السلام من كربلاء بصورة طائر ملطخ بدم الحسينعليه‌السلام حتى وقع في بيتها.

٢١٠

بكاء النبات والشجر

وتصديقا لما ورد من اشتراك كل شيء في الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، حتى الشجر والحجر ، نورد القصة التالية ، وهي قصة شجرة مباركة من نوع [العوسجة] وهي نبات شوكي يشبه توت السياج.

٢٠٩ ـ خبر العوسجة المباركة(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٣ ط ٣)

عن هند بنت الجون ، قالت : نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيمة خالتي أم معبد الخزاعية ، ومعه أصحاب له ، فكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس. فقال [أي نام القيلولة] في الخيمة هو وأصحابه حتى أبرد ، وكان يوما قائظا شديد حرّه.

فلما قام من رقدته ، دعا بماء فتوضأ للصلاة ، ومجّ ماء من فيه أمام عوسجة يابسة كانت إلى جنب خيمة أم معبد [العوسجة : شجرة ذات شوك ، وحملها أحمر اللون]. ثم فعل أصحابه مثل ذلك. ثم قام فصلى ركعتين. فعجبت وفتيات الحي من ذلك ، وما كان عهدنا ولا رأينا مصلّيا قبله.

فلما كان من الغد ، أصبحنا وقد علت العوسجة ، حتى صارت كأعظم دوحة عادية وأبهى ، وخضد الله شوكها [أي نزعه] ، وساخت عروقها وكثرت أفنانها ، واخضرّ ساقها وورقها. ثم أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة ، في لون الورس المسحوق ، ورائحة العنبر ، وطعم الشهد. والله ما أكل منها جائع إلا شبع ، ولا ظمآن إلا روي ، ولا سقيم إلا برئ ، ولا ذو حاجة وفاقة إلا استغنى ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا سمنت ودرّ لبنها. ورأينا النماء والبركة في أموالنا منذ يوم نزل ، وأخصبت بلادنا وأمرعت ، فكنا نسمي تلك الشجرة (المباركة). وكان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي يستظلون بها ، ويتزوّدون من ورقها في الأسفار ، ويحملون معهم في الأرض القفار ، فيقوم لهم مقام الطعام والشراب.

العوسجة تحزن على أهل البيتعليهم‌السلام :

فلم تزل كذلك وعلى ذلك [حتى] أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها ، واصفرّ ورقها ، فأحزننا ذلك وفرقنا له. فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا هو قد قبض ذلك اليوم. فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون ذلك في العظم والطعم والرائحة.

٢١١

فأقامت على ذلك ثلاثين سنة. فلما كانت ذات يوم أصبحنا وإذا بها قد تشوّكت من أولها إلى آخرها ، فذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها. فما كان إلا يسير حتى وافى مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا ، وانقطع ثمرها. ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي مرضانا بها ، ونستشفي به من أسقامنا.

فأقامت على ذلك برهة طويلة. ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد بعثت من ساقها دما عبيطا [أي طريا] جاريا ، وأوراقها ذابلة تقطر دما كماء اللحم. فقلنا أن قد حدث أمر عظيم. فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية. فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من تحتها ، وجلبة شديدة ورجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :

أيابن النبي ويابن الوصيّ

بقيّة ساداتنا الأكرمين

ثم كثرت الرنّات والأصوات ، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون. فأتانا بعد ذلك [خبر] قتل الحسينعليه‌السلام . ويبست الشجرة وجفّت ، فكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك ، فذهبت واندرس أثرها.

حزن السيدة أم سلمة رضي الله عنها

٢١٠ ـ حزن أم سلمة ومعجزة القارورة :(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٤٦)

وكان أول صارخة صرخت في المدينة (أم سلمة) زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبريل أعلمني أن أمتي تقتل الحسينعليه‌السلام ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دما عبيطا [أي طريا] فاعلمي أن الحسين قد قتل.

وكانت عندها ، فلما حضر ذلك الوقت ، جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلما رأتها قد صارت دما ، صاحت : وا حسيناه ، وابن رسول الله!. وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قط.

٢١١ ـ إخبار أم سلمة بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ط نجف)

جاء في مسند أحمد بن حنبل وغيره ، قال ابن عباس : بينا أنا راقد في منزلي ، إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة ، وهي تقول : يا بنات عبد المطلب

٢١٢

أسعدنني وابكين معي ، فقد قتل سيّدكنّ. فقيل : ومن أين علمت ذلك؟!. قالت :رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الساعة في المنام شعثا مذعورا ، فسألت عن ذلك؟. فقال :قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته ، فدفنتهم.

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاها تربة جاء بها جبرئيل من كربلاء ، وقال لها : اجعليها في قارورة ، فإذا صارت دما فقد قتل ابنك ، فرأيت القارورة الآن صارت دما عبيطا يفور.

٢١٢ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى رأسه ولحيته دم :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٧)

أحضر جبرئيلعليه‌السلام تربة من كربلاء ، وأعطاها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره أنه [أي الحسينعليه‌السلام ] سيقتل ، فطلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أم سلمة أن تحفظها.

قالت أم سلمة : فما مضت الأيام والسنون إلا وقد سافر الحسينعليه‌السلام إلى أرض كربلاء ، فحسّ قلبي بالشر ، وصرت كل يوم أتحسس القارورة. فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة انقلبت دما عبيطا ، فعلمت أن الحسينعليه‌السلام قد قتل. فجعلت أنوح وأبكي يومي كله إلى الليل ، ولم أتهنّ بطعام ولا منام إلى طائفة من الليل ، فأخذني النعاس ، وإذا أنا بالطيف ؛ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبل وعلى رأسه ولحيته دم كثير. فجعلت أنفضه بكمي ، وأقول : نفسي لنفسك الفدا ، متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله؟. من أين لك هذا التراب؟. قال : هذه الساعة فرغت من دفن ولدي الحسينعليه‌السلام .

قالت أم سلمة : فانتبهت مرعوبة ، لم أملك على نفسي ، فصحت : وا حسيناه!.وا ولداه!. وا مهجة قلباه ؛ حتى علا نحيبي. فأقبلت إليّ نساء الهاشميات وغيرهن وقلن : ما الخبر يا أم المؤمنين؟. فحكيت لهن القصة. فعلا الصراخ وقام النياح ، وصار كأنه حين ممات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وسعين إلى قبره مشقوقة الجيب ومكشوفة الرأس ، فصحن : يا رسول الله ، قتل الحسين. فو الله الّذي لا إله إلا هو ، فقد أحسسنا كأن القبر يموج بصاحبه ، حتى تحركت الأرض من تحتنا ، فخشينا أنها تسيخ بنا. فانحرفنا ، بين مشقوقة الجيب ومنشورة الشعر وباكية العين.

٢١٣

حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢١٣ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاحبا كئيبا :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٢ و٢٣٠ ط ٣)

عن سلمى المدنية ، قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ، فقلت لها : ما يبكيك؟. قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، وعلى رأسه ولحيته أثر التراب.فقلت : ما لك يا رسول الله مغبرا؟. قال : شهدت قتل الحسينعليه‌السلام آنفا.

وعن غياث بن إبراهيم ، عن الصادقعليه‌السلام قال : أصبحت يوما أم سلمة رضي الله عنها تبكي ، فقيل لها : مم بكاؤك؟. فقالت : لقد قتل ابني الحسين الليلة ، وذلك أنني ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ مضى إلا الليلة ، فرأيته شاحبا كئيبا. فقالت : قلت : ما لي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا؟. قال : ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه عليهوعليهم‌السلام .

(وفي رواية أمالي الطوسي) قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام الساعة شعثا مذعورا ، فسألته عن شأنه ذلك ، فقال : قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته اليوم ، فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم.

٢١٤ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يلتقط دم الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣١ ط ٣)

عن عمار بن أبي عمار ، أن عبد الله بن عباس رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه يوما بنصف النهار ، وهو أشعث أغبر ، في يده قارورة فيها دم ، فقال : يا رسول الله ما هذا الدم؟. قال : دم الحسينعليه‌السلام لم أزل ألتقطه منذ اليوم.

فأحصي ذلك اليوم ، فوجد أنه قتلعليه‌السلام في ذلك اليوم.

(وذكر ابن شهر اشوب في مناقبه ، ج ٢ ص ٢٣٧) قال : وفي أثر ابن عباس ، رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه بعد قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو مغبر الوجه حافي القدمين ، باكي العينين ، وقد ضمّ حجز قميصه إلى نفسه ، وهو يقرأ هذه الآية :( وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) . وقال : إني مضيت إلى كربلاء والتقطت دم الحسين من الأرض ، وهو ذا في حجري ، وأنا ماض أخاصمهم بين يدي ربي.

٢١٤

٢١٥ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبيده قارورتان :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٧١)

روي عن ابن عباس قال : كنت نائما في منزلي في المدينة قابلة الظهر ، فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مقبل من نحو كربلاء ، وهو أشعث أغبر والتراب على شيبه ، وهو باكي العين حزين القلب ، ومعه قارورتان مملوءتان دما. فقلت له : يا رسول الله ، ما هذه القارورتان المملوءتان دما؟. فقال : هذه فيها من دم الحسينعليه‌السلام ، وهذه الأخرى من دم أهل بيته وأصحابه. وإني رجعت الآن من دفن ولدي الحسين ، وهو مع ذلك لا يفيق من البكاء والنحيب.

قال ابن عباس : فاستيقظت من نومي فزعا مرعوبا حزينا على الحسينعليه‌السلام ولم أعلم بقتله. فبقيت في الهم والغم أربعة وعشرين يوما ، حتى جاء الناعي إلى المدينة بقتل الحسينعليه‌السلام فحسبت من يوم الرؤيا إلى ذلك اليوم ، فإذا هو يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، وفي تلك الساعة كان مقتله. فتعجبت من ذلك ، وتزايدت أحزاني وتصاعدت أشجاني.

حزن فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٢١٦ ـ بكاء فاطمةعليها‌السلام على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥١١)

في (كامل الزيارات) ص ٨٧ ؛ والبحار ، ج ٤٥ ص ٢٢٥ :

في حديث عبد الملك بن مقرن : وإن فاطمةعليها‌السلام إذا نظرت إليهم [أي الشهداء] ومعها ألف نبي وألف صدّيق وألف شهيد ، ومن الكرّوبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء ، وإنها لتشهق شهقة فلا يبقى في السموات ملك إلا بكى رحمة لصوتها ، وما تسكن حتى يأتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا بنيّة قد

أبكيت أهل السموات ، وشغلتهم عن التسبيح والتقديس ، فكفّي حتى يقدّسوا ، فإن الله بالغ أمره. وإنها لتنظر إلى من حضر منكم فتسأل الله لهم من كل خير ، ولا تزهدوا في إتيانه ، فإن الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى.

٢١٥
٢١٦

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

(بعد ظهر يوم العاشر من المحرم)

ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر سنة ٦١ ه‍.

ويتضمن الأمور التالية :

ـ سلب الحسينعليه‌السلام

ـ نهب الخيام

ـ سلب حرائر النبوة والإمامة

ـ امرأة من بكر بن وائل مع زوجها ينقلبان من عسكر ابن سعد ويدافعان عن نساء الحسينعليه‌السلام

ـ محاولة قتل زين العابدينعليه‌السلام

ـ إضرام النار في الخيام ، وخروج النساء مذعورات

ـ طفلان يموتان من الرعب ـ طفلتان تسحقان

ـ الناجون من القتل

ـ وطء الخيل جسد الحسينعليه‌السلام

ـ جرائم لم يشهد لها مثيل

ـ لا يقتل الحسينعليه‌السلام إلا ابن زنا

٢١٧

ـ تراجم وأنساب بعض قتلة الحسينعليه‌السلام :

ـ نسب يزيد

ـ نسب ابن زياد

ـ نسب معاوية

ـ نسب شمر

ـ ترجمة عبيد الله بن زياد

ـ ترجمة عمر بن سعد

٢١٨

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

٢١٧ ـ ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر :

استشهد الإمام الحسينعليه‌السلام بعد ظهر اليوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه‍.وقبل حلول الظلام تمّ السلب والنهب للحسينعليه‌السلام وخيامه ، ثم رضّوا صدره الشريف بسنابك الخيل ، ثم حملوا رأسه إلى عبيد الله بن زياد بالكوفة. ومنذ حصلت تلك المآسي المفجعة ، حدثت في الكون حوادث غريبة تنبئ عن غضب الله على القتلة الفاجرين ، وتشارك في الحزن والبكاء على مولانا الحسينعليه‌السلام ، حتى بكاه الجن والملائكة ، والحيوانات والحيتان ، والشجر والحجر ، وهو ما تكلمنا عنه في الفصل السابق.

وفي اليوم الحادي عشر من المحرم جاء الأمر بتسيير السبايا من كربلاء إلى الكوفة ، والمسافة حوالي ٧٠ كم. ثم ظل السبايا في الكوفة ثمانية أيام

في السجن [أي حتى ١٩ محرم] ، إلى أن جاء الأمر من يزيد بتسييرهم مع زين العابدينعليه‌السلام إلى الشام.

واستغرق الطريق إلى الشام ـ وهو أطول طريق آهل بالسكان يصل الكوفة بدمشق ، من جهة الموصل والجزيرة وحلب ـ على أقل تقدير اثني عشر يوما ، فدخلوا دمشق في الأول من شهر صفر.

وبعد أن أودع السبايا في الخربة عند باب الفراديس بدمشق ، ظلوا فيها زمنا غير معروف بالتحديد ، من ثلاثة أيام فصاعدا ، ثم نقلهم يزيد إلى قصره. ولما أظهر يزيد التقرب منهم أمام الناس ، سمح لهم ظاهريا بإقامة المأتم على الحسينعليه‌السلام ، فأقاموها سبعة أيام.

فإذا رجعوا مباشرة إلى المدينة ، وعرّجوا على كربلاء ، يصلونها عن طريق الصحراء المختصر في ٢٠ صفر ، موعد زيارة الأربعين للحسينعليه‌السلام .

٢١٩

وبعد مرور السبايا على كربلاء يوم الأربعين [٢٠ صفر] ، وحلولهم هناك ثلاثة أيام ، يقيمون المأتم على الحسينعليه‌السلام مع جابر بن عبد الله الأنصاري ؛ توجّهوا إلى المدينة المنورة ، فوصلوها في منتصف شهر ربيع الأول ، لأن المسافة تستغرق نحو ٢٤ يوما مع الراحة.

ويمكن تمثيل المعلومات السابقة بيانيا في الجدول التالي :

(الشكل ٦) : مخطط توزع الحوادث من ١٠ محرم إلى ١٥ ربيع الأول

الموافق لإقامة السبايا في الكوفة ، ثم مسيرهم إلى دمشق ، ثم رجوعهم إلى المدينة

هذا إذا صحّ أن السبايا وهم راجعون من دمشق إلى المدينة ، توافوا عند قبر أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام في كربلاء مع جابر بن عبد الله الأنصاري في ٢٠ صفر من سنة ٦١ ه‍ ، أي بعد أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . ونحن نستبعد حدوث ذلك لضيق الوقت. وسوف نناقش هذا الموضوع في حينه إنشاء الله.

حوادث بعد ظهر يوم العاشر من المحرم

سلب الحسينعليه‌السلام

٢١٨ ـ سلب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٩)

وأقبل القوم على سلب الحسينعليه‌السلام ، فسلبوا جميع ما كان عليه. فأخذ (إسحق بن حوية) قميصه ، و (بحر بن كعب) سراويله. وأخذ عمامته (الأخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي) وقيل (جابر بن يزيد). وأخذ برنسه (مالك بن النسر الكندي). وأخذ نعليه (الأسود بن خالد). وأخذ سيفه (القلانس النهشلي من دارم) وقيل (جميع بن الخلق الأودي) وقيل (الأسود بن حنظلة التميمي). ورأى (بجدل

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800