موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء10%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494171 / تحميل: 5861
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

٣٦٩ ـ إرسال الرؤوس والسبايا إلى الشام :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٤٥)

بينما يقول الشيخ المفيد : فأرسل ابن زياد الرؤوس مع زحر بن قيس (وفي بعض الكتب : زجر ، وهو خطأ) ، وأنفذ معه أبا بردة بن عوف الأزدي وطارق بن أبي ظبيان في جماعة من أهل الكوفة ، حتى وردوا بها على يزيد ابن معاوية بدمشق.

ثم أمر ابن زياد بنساء الحسينعليه‌السلام وصبيانه فجهزوا ، وأمر بعلي بن الحسينعليه‌السلام فغلّ بغلّ إلى عنقه(١) (وفي رواية : في يديه ورقبته) على حال تقشعر منها الأبدان(٢) وتضطرب لها النفوس ، أسى وحزنا.

ثم سرّح بهم في إثر الرؤوس مع محفّر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن (وشبث بن ربعي وعمرو بن الحجاج ، وضم إليهم ألف فارس ، وحملهم على الأقتاب).

وأمرهم أن يلحقوا الرؤوس ، ويشهروهم في كل بلد يأتونها(٣) . فجدوا السير حتى لحقوا بهم في بعض المنازل. ولم يكن علي بن الحسينعليهما‌السلام يكلّم أحدا من القوم في الطريق كلمة ، حتى بلغوا دمشق. فلما انتهوا إلى باب يزيد ، رفع محفّر بن ثعلبة صوته فقال : هذا محفّر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة. فأجابه علي بن الحسينعليهما‌السلام فقال : ما ولدت أم محفّر أشرّ وألأم!.

وفي (جمهرة النسب) لابن الكلبي ، ج ١ ص ١٧٢ ، قال : منهم محفّز بن ثعلبة الّذي ذهب برأس الحسينعليه‌السلام إلى الشام ، وقال : أنا محفّز بن ثعلبة جئت برؤوس اللئام الكفرة!. فقال يزيد بن معاوية : ما تحفّزت عنه أم محفّز ألأم وأفجر.

٣٧٠ ـ مسير الرؤوس والسبايا إلى الشام :

(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد ، ص ٣٨)

وقال أبو مخنف : ثم استدعى اللعين عبيد الله بالشمر وخولي وشبث وحجر [لعله تصحيف : حجّار بن أبجر] وضم إليهم ألفا وخمسمائة فارس وزوّدهم ، وضم إليهم

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٤ ؛ والخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٨.

(٢) تاريخ القرماني ، ص ١٠٨. وخالف ابن تيمية ضرورة التاريخ ، فقال كما في (المنتقى من منهاج الاعتدال) للذهبي ، ص ٢٨٨ : سيّر ابن زياد حرم الحسين بعد قتله إلى المدينة.

(٣) المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٩ ط ٢.

٣٢١

الأسارى والحرم والرؤوس ، وبعثهم إلى دمشق. وأمرهم بإشهار الحرم والرؤوس في الأمصار.

٣٧١ ـ من كان رئيس العسكر الذين سيّروا الرؤوس والسبايا إلى الشام؟ :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٣)

يقول الفاضل الدربندي : إن محفّر بن ثعلبة كان هو المسلّم إليه الرؤوس الشريفة والحرم ، وهو كان رئيسا على الحراس والمستحفظين للرؤوس والحرم. وأما أمير المعسكر ورئيس الكل فهو خولي ، حين خروجهم من الكوفة. أما ابن سعد فقد كان عند خروجهم إلى الشام مقيما في الكوفة ومتخلفا عن العسكر.

أما عدد العسكر الذين أرسلوا مع الرؤوس والسبايا ، فكان ألفين أو أكثر ، منهم خمسون كانوا مسؤولين عن الرأس الشريف.

٣٧٢ ـ وصول رأس الحسينعليه‌السلام قبل غيره إلى دمشق مع رسالة :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٣٦)

وسبق زحر بن قيس الجعفي برأس الحسينعليه‌السلام إلى دمشق ، حتى دخل على يزيد ، فسلّم عليه ودفع إليه كتاب عبيد الله بن زياد.

قال : فأخذ يزيد كتاب عبيد الله بن زياد ، فوضعه بين يديه. ثم قال : هات ما عندك يا زحر. فقال زحر : أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله عليك وقصّ عليه ما حصل في كربلاء باختصار.

(أقول) : لعل سبب الإسراع بإيصال الرأس الشريف إلى دمشق هو أمران :

١ ـ الإسراع في أخذ الجائزة.

٢ ـ الخوف من سرقة الرأس في الطريق.

والأمر الأخير يبيّن لنا سبب الحراسة الشديدة التي كانت على الرؤوس ، فقد بعث ابن زياد جيشا كاملا قوامه ألفان من العسكر ليحرسوا [١٧] رأسا من أعيان الشهداء ، وحوالي ستين شخصا من السبايا.

٣٧٣ ـ كيف سيّروا السبايا على المطايا إلى الشام؟ :

قال المازندراني في (معالي السبطين) : اختلف في كيفية حمل السبايا.

قال ابن عبد ربه في (العقد الفريد) : وحمل أهل الشام بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا على أحقاب الإبل.

٣٢٢

وسوف نستعرض فيما يلي بعض أقوال الرواة في هذا الحادث الأليم ، ونترك للقارئ الحكم على مرتكبيه. وكما قال الشاعر :

لو بسبطي قيصر أو هرقل

فعلوا فعل يزيد ما عدا

قال الشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي في كتابه (الإتحاف بحبّ الأشراف) ص ٥٦: ثم أرسل ابن زياد السبايا مع عمر بن سعد إلى يزيد بن معاوية ، ومعه الصبيان والنساء مشدودين على أقتاب الجمال ، موثّقين بالحبال ، والنساء مكشّفات الوجوه والرؤوس. وفي عنق علي بن الحسينعليهما‌السلام ويديه الغل.

وقال المؤرخ القرماني الدمشقي في (أخبار الدول) ص ١٠٨ :

ثم إن عبيد الله بن زياد جهّز علي بن الحسينعليهما‌السلام ومن كان معه من حرمه ، بحيث تقشعرّ من ذكره الأبدان ، وترتعد منه مفاصل الإنسان ، إلى البغيض يزيد بن معاوية ، مع الشمر.

٣٧٤ ـ على أي شيء أركبوا السباياعليهم‌السلام ؟ :(البحار ، ج ٤٥ ص ١٥٤ ط ٣)

قال صاحب (إقبال الأعمال) : رأيت في كتاب (المصابيح) بإسناده إلى الإمام جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال : قال لي أبي محمّد الباقرعليه‌السلام : سألت أبي علي ابن الحسينعليهما‌السلام عن حمل يزيد له ، فقال : حملني على بعير يظلع [أي جمل يعرج في مشيته] بغير وطاء ، ورأس الحسينعليه‌السلام على علم. ونسوتنا خلفي على بغال [واكفة(١) ] ، والفارطة(٢) خلفنا وحولنا بالرماح. إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه بالرمح. حتى إذا دخلنا دمشق ، صاح صائح : يا أهل الشام ، هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون. يقول الشاعر :

وما الدهر حتى العيد إلا مآتم

وهل ترك العاشور للناس من عيد

أيفرح قلب ، والفواطم حسّر

يسار بها أسرى على قتب القود(٣)

__________________

(١) في الأصل (فأكفّ) : أي أميل وأشرف على السقوط ، ولعلها تصحيف. والصحيح [واكفة] :أي خيل بدون سرج.

(٢) الفارطة : المتقدمة والسابقة ، أو الظالمة المتجاوزة الحد.

(٣) القود : طائفة من الخيل تقاد في السفر مع الركب ولا تركب ، وهي مهيأة للدفاع عن الركب وليس للركوب.

٣٢٣

٣٧٥ ـ تخرّص ابن كثير! :(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٣)

بعد أن ذكر ابن كثير كيفية تسيير السبايا إلى يزيد ، على جمال بدون وطاء ، حاول أن يدافع عن يزيد فقال :

وهذا يردّ قول الرافضة : أنهم حملوا على جنائب الإبل سبايا عرايا ، حتى كذب من زعم منهم أن الإبل البخاتي(١) إنما نبتت لها الأسنمة من ذلك اليوم ، لتستر عوراتهن ، من قبلهن ودبرهن.

(أقول) : والله ما سمعنا بهذا يا متعصب!.

٣٧٦ ـ كم استغرق الطريق إلى دمشق؟ :

(المفيد في ذكرى السبط الشهيد لعبد الحسين إبراهيم العاملي ، ص ١٤٤)

يقول السيد عبد الحسين العاملي : لقد كانت مسافة الطريق شهرا للإبل ذوات الصبر والقوة ، ولكن الحداة الغلاظ الشداد ، أرهقوا قدرتها وأوجعوا صبرها ، فقطعت المسافة في عشرة أيام.

توضيح :

إن المسافة من الكوفة إلى دمشق عن طريق الموصل وحلب حوالي ١٨٠٠ كم ، يحتاج الجمل لقطعها دون توقف شهرا كاملا ، لأن الجمل يسير كل يوم نحو ٦٠ كم.

وقد كان الأمر جاء من يزيد بتسيير السبايا من أطول طريق مأهول بالسكان ، مع أنه كان بإمكانهم الوصول إلى دمشق عن طريق الصحراء ، مختصرين نصف المسافة.

٣٧٧ ـ الهدف من سلوك الطريق الطويلة الآهلة بالسكان هو التشهير بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب للعلامة السيد حسين مكي ، ص ٩)

يقول السيد حسينرحمه‌الله : كان بوسع ابن زياد أن يرسل الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى دمشق عبر الطريق الصحراوية القصيرة الواصلة بين الكوفة ودمشق. بيد

__________________

(١) البخت : الإبل الخراسانية ، وهي جمال طوال الأعناق يقال لها الجمال البخاتية ، وسواها تسمى الإبل العراب. ويظهر من قول ابن كثير أن المقصود بها الإبل ذات السنامين.

٣٢٤

أن يزيد وابن زياد كانا يهدفان إلى التشهير بمقتل الحسينعليه‌السلام وإلى إذاعة خبر مقتلهعليه‌السلام في الآفاق ، ليعلم الناس بقتله ، وحتى لا يبقى لأي مناصر للحق في الأمة الإسلامية أمل في مقاومة يزيد ، لأن الحسينعليه‌السلام كان علم الحق ونبراسه ، ومرجع الهدى وممثله. وقد رأى يزيد حين أمر ابن زياد بإرسال الرؤوس والسبايا إلى الشام وشهرهم في كل بلد ، أن من أبلغ أنواع الإخبار بمقتل الحسينعليه‌السلام أن يرى رأس الحسينعليه‌السلام يطاف به في البلاد ، وأن ترى نساؤه وصبيانه سبايا ، يسار بهم في البلاد ، ويشهر أمرهم في كل مكان يأتونه ، ولذا سلكوا بهم الطريق العامر بالبلاد الآهل بالسكان ، وهو الطريق من الكوفة إلى الموصل ، ثم إلى حلب فحماة فحمص فدمشق.

بحث جغرافي

نهر دجلة

قبل التعرف على الطريق الّذي سلكته الرؤوس والسبايا ، لا بدّ لنا من التعرّف على نهر دجلة ، الّذي يشكّل جزءا هاما من بداية الطريق ، ما بين مسكن والموصل.

٣٧٨ ـ تعريف بنهر دجلة :

يبلغ طول نهر دجلة ١٨٣٥ كم ، وهو ينبع من منطقة جبلية في تركيا ، تكسوها الثلوج شتاء. ثم يأتي إلى (جزيرة ابن عمر) حيث المنطقة المشتركة بين العراق وتركيا وسورية. فيشكل جزءا من الحدود السورية مع العراق على طول ٢٠ كم. ثم يدخل العراق (انظر الشكل ٨) فيمرّ بالموصل ، ثم يرفده الزاب الأعلى (الكبير) عند الحديثة ، ويرفده الزاب الأسفل (الصغير) عند السن. ثم يمرّ بتكريت ثم سامراء ، ثم يرفده نهر العظيم عند (بلد). ثم يمرّ ببغداد ، ثم بالمدائن (سلمان باك) حيث يكون أقرب ما يكون من نهر الفرات ، ويرفده هناك نهر ديالي. ثم يمرّ بالعزيزية والكوت والعمارة ، إلى أن ينتهي إلى القرنة ، وهي نقطة التقاء نهري دجلة والفرات ، حيث يؤلفان شط العرب الّذي يمرّ بالبصرة وعبادان ، ثم يصب في الخليج عند الفاو.

وبما أن مسير العسكر كان يتوخى دائما القرب من المياه والأنهار ، لذلك فإن مسير الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الموصل ، كان في قسمه الأول على نهر الفرات ، ثم انتقل بمحاذاة بغداد إلى نهر دجلة ، باتجاه الشمال حتى الموصل ، ثم

٣٢٥

انعطف الطريق إلى الغرب مارا بالجزيرة السورية إلى الرقة فحلب ، ثم انحرف باتجاه الجنوب مارا بحماة وحمص وبعلبك إلى دمشق (انظر الشكل ١٠).

٣٧٩ ـ جدول الدجيل

(مفصّل جغرافية العراق لطه الهاشمي ، ص ٥٠٩)

الدّجيل مصغر دجلة ، وهو فرع النهر الّذي كان يأخذ الماء من دجلة في جنوب

(الدور) من الضفة اليمنى للنهر ، ثم يعود فيصب بدجلة في شمال العاصمة بغداد. وهو يجري موازيا لنهر دجلة من الغرب ، ويسقي القرى والمزارع بين سامراء وبغداد (انظر الشكل التالي).

(الشكل ٧)

(مصور نهر الدجيل)

تحقيق الطريق من الكوفة إلى دمشق

٣٨٠ ـ تحقيق الطريق الّذي سلكته الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الشام :

سوف نذكر أولا الطرق التي كانت متّبعة في العراق والجزيرة والشام ، مع تقدير مسافاتها ، ثم ننتقل إلى المواقع التي مرّت بها الرؤوس والسبايا ، كما وردت في كتب التاريخ والمقاتل. علما بأن المسيرة من الكوفة إلى دمشق يبلغ طولها نحو ١٨٠٠ كيلومتر ، ولا يمكن أن تقطع في أقل من عشرة أيام.

٣٢٦

(الشكل ٨)

مصور نهر دجلة والفرات قديما

(عن كتاب : بلدان الخلافة الشرقية تأليف كي لسترنغ ، ص ٦٦٦)

٣٢٧

٣٨١ ـ المسافات من بغداد إلى الكوفة :

(أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للبشاري ، ص ١٣٤ ط ٢ ليدن)

وأما المسافات فتأخذ من بغداد إلى نهر الملك مرحلة(١) ، ثم إلى (القصر) مرحلة ، ثم إلى (حمام ابن عمر) مرحلة ، ثم إلى (الكوفة) مرحلة ، ثم إلى (القادسية) مرحلة.

وفي (البلدان) لليعقوبي ، ص ٩٢ :

من بغداد إلى الكوفة ثلاثون فرسخا(٢) ، وهي ثلاث مراحل : أولها (قصر ابن هبيرة) على اثني عشر فرسخا من بغداد ، كان يزيد ابن عمر بن هبيرة الفزاري ابتناه في أيام مروان بن محمّد بن مروان. وابن هبيرة يومئذ عامل مروان على العراق.وأراد البعد من الكوفة ، وهي مدينة عامرة جليلة ينزلها العمال والولاة ، وأهلها أخلاط من الناس. وهي على نهر يأخذ من الفرات يقال له (الصراة). وبين قصر ابن هبيرة وبين معظم الفرات مقدار ميلين إلى جسر على معظم الفرات يقال له جسر سورا. ومن قصر ابن هبيرة إلى موضع يقال له (سوق أسد) غربي الفرات ، في الطّسّوج(٣) الّذي يقال له الفلوجة. ومن سوق أسد إلى الكوفة. والمسافات من بغداد إلى الكوفة في عمارات وقرى عظام متصلة عامرة ، فيها أخلاط من العجم ومن العرب.

وفي كتاب (الخراج) لأبي الفرج قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي ص ١٨٨ :

فمن مدينة السلام [يقصد بغداد] إلى جسر (كوثي) على نهر الملك سبعة فراسخ ، ومن جسر كوثي إلى قصر ابن هبيرة خمسة فراسخ (انظر الشكل ١٢ فيما بعد) ، ومن قصر ابن هبيرة إلى (سوق أسد) سبعة فراسخ ، ومن سوق أسد إلى (ساهي) خمسة فراسخ ، ومن ساهي إلى مدينة الكوفة خمسة فراسخ. (ومن الكوفة إلى القادسية ٨ فراسخ)

__________________

(١) المرحلة : هي المسافة التي يقطعها المسافر في اليوم ، والفرسخ : ما يقطعه في ساعة.

(٢) الفرسخ ٣ أميال* ٥ ، ٥ كم ، والميل ـ ٦ ، ١ كم.

(٣) الطّسّوج : هو الناحية.

٣٢٨

٣٨٢ ـ المسافات من بغداد إلى الموصل :(مفصّل جغرافية العراق ، ص ٢٠٩)

طريق (بغداد ـ تكريت ـ شرقاط ـ موصل) :

يبلغ طول هذا الطريق زهاء [٢٦٨ ميلا ـ ٤٨٢ كم] ووجهته العامة إلى الشمال.وهو يسلك ضفة دجلة الغربية ، ويمرّ بأراض سهلة مكشوفة قليلة السكن ، وطبيعة الأرض فيه ترابية ورملية. يقطع الطريق بعض الوديان التي تصبّ في دجلة ، وفي الجداول التي تأخذ الماء منها ، إما على الجسور أو على القناطر.

يمرّ الطريق بالكاظمية وسميكة وبلد وتكريت حتى يصل إلى الشريمية. وفي محطة الشريمية يدخل الطريق المنطقة المرتفعة التي يبلغ ارتفاعها زهاء [١٥٠٠ يردة ـ ١٣٧٠ م] ويقطع منطقة متموجة ، ويصل إلى شرقاط ، ثم إلى القيّارة والشورة وحمام العليل ، حتى يصل الموصل.

٣٨٣ ـ المسافات من الموصل إلى نصيبين(المصدر السابق ، ص ١٩٤)

طريق (الموصل ـ تلعغر ـ سنجار ـ نصيبين) :

اتجاه الطريق العام من الشرق إلى الغرب ، فإلى الشمال الغربي فالشمال. يمرّ الطريق بأراض سهلة ترابية ورملية ، عدا قسم من جبل سنجار ، فهو جبل حجري.

يبلغ طول القسم الواقع بين الموصل وسنجار زهاء (٧٩ ميلا ـ ١٤٢ كم) وهو يصلح لسير السيارات والعجلات.

يمرّ الطريق بعين (أبو مارية) في شرقي (تلعفر) ، ويصل هذه القرية في الميل ٣٩. وفي الميل ٧٤ يصل (عين الغزال) ، فيدخل منطقة الروابي حتى يصل قرية

(بلد سنجار) ، وهي على سفح جبل سنجار الجنوبي.

أما القسم الواقع بين بلد سنجار ونصيبين فيبلغ طوله زهاء [٨٠ ميلا ـ ١٤٤ كم] يمرّ بصحراء قاحلة قليلة المياه ، لا تصلح لسير السيارات. وبعد قرية سنجار يتسلق الطريق جبل سنجار ويمر بمضيق شلو ، ثم ينزل من الجبل المذكور ويدخل السهل.وبعد أن يجتاز وادي (الردّ) وعدة وديان تصب فيه ، يصل (نصيبين).

٣٨٤ ـ الطريق التي تربط الموصل بدير الزور (ثم حلب):

(المصدر السابق ، ص ٢٠٣)

يبلغ طول هذا الطريق زهاء [٢١٠ ميلا ـ ٣٧٨ كم] فيه ثلاث عشرة مرحلة

٣٢٩

للمشاة ، ووجهته العامة إلى الغرب وإلى الجنوب الغربي. يمرّ بأراض سهلة ويقطع نهر الخابور على جسر جديدة في قرية (الصور) ، ويقطع نهر الفرات على الجسر في دير الزور. وبعد أن بترك مدينة الموصل يسلك طريق (الموصل ـ سنجار) إلى موقع (عين الغزال) ، ومنه يدخل في البادية حتى يصل موقع (البديع) وهو واقع في الميل التسعين. وبعد دير الزور يسلك الطريق ضفة وادي الفرات اليمنى إلى (مسكنة) ، ثم يتجه نحو الشمال الغربي ويصل مدينة حلب. ويبلغ طول طريق (دير الزور ـ حلب) زهاء [٢٠٥ ميلا ـ ٣٦٩ كم] ، فيكون طول طريق (الموصل ـ دير الزور ـ حلب) زهاء [٤١٥ ميلا ـ ٧٤٧ كم].

ـ طريق الجزيرة الطويل

(تقويم البلدان لأبي الفداء ، ص ٢٧٤)

ذكر شيء من مسافات الجزيرة : من الأنبار إلى تكريت مرحلتان ، ومن تكريت إلى الموصل ستة أيام. [ومن الموصل إلى (آمد) أربعة أيام. ومن آمد إلى سميساط ثلاثة أيام]. ومن الموصل إلى نصيبين أربع مراحل. ومن نصيبين إلى رأس عين (عين الورد) ثلاث مراحل. ومن رأس عين إلى الرقة أربعة أيام. ومن رأس عين إلى (حرّان) ثلاثة أيام. ومن حران إلى الرّها (اورفه) يوم واحد.

٣٨٥ ـ المنازل من حلب إلى دمشق(البلدان لليعقوبي ، ص ١١٠)

من أراد أن يسلك من (حلب) الطريق الأعظم إلى (دمشق) ، خرج من حلب إلى مدينة (قنّسرين) ثم إلى (تل منّس) وهو أول عمل جند حمص. ومنها إلى مدينة (حماة) وأهل هذه المدينة قوم من اليمن. ثم إلى (الرستن) ثم إلى مدينة

(حمص). وبحمص أقاليم منها : مدينة (شيزر) ومدينة (كفرطاب).

ومن حمص إلى مدينة دمشق أربع مراحل ؛ في المرحلة الأولى (جوسية) والثانية (قارا) والثالثة (القطيفة) ومنها إلى مدينة دمشق.

ومن سلك من حمص على طريق البريد ، أخذ من (جوسية) إلى البقاع ، ثم إلى مدينة (بعلبك) ومنها إلى (عقبة الرمان) ثم إلى مدينة دمشق.

وأهل بعلبك من الفرس ، وفي أطرافها قوم من اليمن. وطرابلس وجبيل وصيداء وبيروت ، أهل هذه الكور كلها قوم من الفرس نقلهم إليها معاوية بن أبي سفيان.

وفي (المسالك والممالك) لعبيد الله بن خرداذبة ، ص ٩٨ :

٣٣٠

الطريق من حمص إلى دمشق على بعلبك (طريق البريد) :

من حمص إلى جوسيّة أربع سكك. ثم إلى بعلبك ست سكك ، ثم إلى دمشق تسع سكك.

٣٨٦ ـ من أين سار الإمام عليعليه‌السلام من الكوفة إلى (صفّين)؟ :

لما قرر الإمام عليعليه‌السلام المسير إلى صفين لحرب معاوية ، كان أمامه طريقان :

الأول طويل : وهو طريق الموصل نصيبين ، ويمرّ بأعلى الجزيرة.

والثاني قصير : وهو الطريق المحاذي لنهر الفرات ، ويمرّ ب (هيت)و (عانات) إلى الرقّة.

وكما سنرى فإن الإمام علياعليه‌السلام أمر قسما من جيشه [٣ آلاف جندي] بالتوجه وفق الطريق الطويل ، بقيادة معقل بن قيس ، بينما توجه هو وجيشه وفق الطريق القصير (محاذيا للفرات من الشرق مارا بالأنبار). والتقى القسمان عند الرقة ، وعبروا من جسر الرقة إلى الجنوب حيث دارت المعركة في جبل صفّين.

ولعل سبب إرسال معقل من الطريق الطويل ، هو لإخضاع أهل الجزيرة لحكم الإمامعليه‌السلام قبل مواجهة معاوية ، فأكثرهم كانوا موالين لبني أمية.

وفي تصوري أن الطريق الطويلة السابقة هي التي سيّروا منها الرؤوس والسبايا في طريقهم إلى حلب فدمشق.

٣٨٧ ـ الإمام عليعليه‌السلام يأمر معقل بن قيس بسلوك طريق الموصل إلى الرقة :

(وقعة صفين لنصر بن مزاحم ، ص ١٤٨ ط ٢)

عن أبي الودّاك ، أن علياعليه‌السلام بعث من (المدائن) معقل بن قيس الرياحي في ثلاثة آلاف رجل ، وقال له : خذ على الموصل ، ثم نصيبين ، ثم القني بالرقة ، فإني موافيها

فخرج معقل حتى أتى (الحديثة) وهي إذ ذاك منزل الناس ، وإنما بنى مدينة (الموصل) بعد ذاك محمّد بن مروان.

هذا يدلّ على أن الموصل المقصودة في الأخبار هي غير مدينة الموصل الحالية.

هذا وكان الإمامعليه‌السلام قد بعث مقدمة لجيشه في اثني عشر ألفا ، وأمرهم بالمسير على شاطئ الفرات الغربي ، من قبل البر. فساروا حتى بلغوا (عانات). ثم ارتأوا أن يعبروا منها إلى الضفة الشرقية ، ليلحقوا بجيش الإمامعليه‌السلام ، فمنعهم

٣٣١

أهلها. فاضطروا للرجوع ، وعبروا النهر من (هيت) ، ثم لحقوا علياعليه‌السلام متأخرين بقرية دون قرقيسيا [البصيرة اليوم](انظر الشكل ٩).

ويقول فلهوزن في (تاريخ الدولة العربية) ص ٧٣ :

ولا نكاد نجد من أخبار موقعة صفّين عند الطبري إلا ما يذكره أبو مخنف :

سلك عليعليه‌السلام مع جملة جيشه الطريق الحربي العادي مع نهر الدجلة ، ثم اخترق أرض الجزيرة. وعند قرقيسيا لحقت به مقدمة جيشه التي كان عليها أن تسير مع الشاطئ الأيمن للفرات. وبعد أن عبر عليعليه‌السلام الفرات عند الرقة ، التقت مقدمة جيشه بطلائع جيش الشام (انظر المخطط التالي).

(الشكل ٩)

مسير جيوش الإمام عليعليه‌السلام من الكوفة إلى صفين

٣٣٢

ويمكن استخلاص الطريق التي سلكها الإمام عليعليه‌السلام من الكوفة إلى الرقة ، من كتاب (موقعة صفين) لنصر بن مزاحم ، كما يلي :

الكوفة ـ شاطئ نرس ـ بابل ـ جسر الصراة ـ دير كعب ـ ساباط ـ بهرسير المدائن. ثم انطلق من هناك نحو الغرب إلى الضفة الشرقية للفرات ، فمرّ بالأنبار [الرمادي اليوم] ، ثم هيت ، ثم عانة ، ثم قرقيسيا ، حتى وصل الرقة.

٣٨٨ ـ كيف سيّروا الرؤوس والسبايا من أطول طريق مأهولة :

(تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب للسيد حسين يوسف مكي ، ص ٨)

قال ابن أعثم الكوفي في كتاب (الفتوح) ج ٥ ص ٢٣٦ :

فسار القوم بحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الكوفة إلى بلاد الشام على محامل بغير وطاء ، من بلد إلى بلد ، ومن منزل إلى منزل ، كما تساق أسارى الترك والديلم

[وقريب منه نصّ الطبري في تاريخه ، ونص الخوارزمي في مقتله].

وقد ذكر العلامة السيد حسين يوسف مكي العاملي في كتابه المذكور أعلاه رواية الخوارزمي ، ثم علّق عليها ، قال :

والخوارزمي وإن لم يذكر الطريق التي سلكوها بالرؤوس والسبايا ، إلا أن قوله «من بلد إلى بلد ، ومن منزل إلى منزل» يقتضي أن يكونوا قد سلكوا الطريق الشمالية إلى الموصل ثم إلى حلب ومنها إلى دمشق. لأنه لم تكن هناك طريق آهلة بالسكان توصل من الكوفة إلى دمشق غير هذه الطريق. وهذه الطريق نفسها التي سلكها الإمام عليعليه‌السلام إلى حرب صفين ، والتي سلكها جيش معاوية إلى حرب الإمام الحسنعليه‌السلام أيضا ، لأن جيشه وصل إلى (مسكن) ، وهي المعسكر الّذي اتخذه الإمام الحسنعليه‌السلام لمواجهة جيش معاوية ، وفيها التقى الجيشان.

وتقع مسكن هذه بين بغداد وسامراء ، وتبعد عن بغداد سبعين كيلومترا شمالا.

ثم قالرحمه‌الله ، ص ٩ : ويشير ابن شهر اشوب في مناقبه إلى أنهم سلكوا هذه الطريق ، وهو في صدد تعداد مناقب الحسينعليه‌السلام ورأسه الشريف قال : «ومن مناقبهعليه‌السلام ما ظهر من المشاهد التي يقال لها (مشهد الرأس) من كربلاء إلى عسقلان ، وما بينهما في الموصل ونصيبين وحماة وحمص ودمشق وغير ذلك».

فكلامه هذا يدل على أن للرأس الشريف في كل ما ذكره من البلاد مشهد.

٣٣٣

وفي الحقيقة إن الطريق التي سلكتها الرؤوس هي الطريق الممتدة من الكوفة إلى الموصل [في الشمال الغربي من العراق] ، ثم إلى نصيبين [في الشمال الشرقي من سورية] ثم إلى الرقة فحلب فدمشق.

المنازل التي مرّ بها موكب الرؤوس والسبايا

سوف نستعرض أولا ما ورد في عدة مصادر حول هذه المنازل ، ثم نحاول رسم الطريق ، بعد إجراء إحصاء للمواقع في كل المصادر المعتمدة.

٣٨٩ ـ المنازل التي مرت بها الرؤوس والسبايا أثناء تسييرها من الكوفة إلى دمشق :(مقتل أبي مخنف ، من ص ١١٠ ـ ١٢١)

(قال أبو مخنف) : ثم إن ابن زياد دعا بشمر بن ذي الجوشن وخولي ، وضمّ إليهما ألفا وخمسمائة فارس ، وأمرهم أن يسيروا بالسبايا والرأس إلى الشام ، وأن يشهروهم في جميع البلدان.

فنزلوا القادسية وساروا بالسبايا والرؤوس إلى شرقي الحصّاصة وعبروا تكريت. ثم أخذوا على طريق البر ، ثم على الأعمى ، ثم على دير عروة ثم على صليتا ، ثم على وادي النخلة فنزلوا فيها وباتوا. ثم أخذوا على أرميناء وساروا حتى وصلوا إلى لينا وكانت عامرة بالناس. ثم أخذوا على الكحيل وأتوا جهينة ومنها إلى (الموصل). ثم أخذوا على تل باعفر ، ثم على جبل سنجار فوصلوا إلى (نصيبين) فنزلوا وشهروا الرأس والسبايا.

(قال أبو مخنف) : وجعلوا يسيرون إلى عين الورد وأتوا إلى قريب دعوات ونصبوا الرأس الشريف فيها ، وباتوا ثملين من الخمور إلى الصباح. ثم أتوا إلى (قنّسرين) وكانت عامرة بأهلها فلم يدخلوهم فرحلوا عنهم. ثم أتوا إلى معرة النعمان ثم نزلوا شيزر. ثم ساروا إلى كفر طاب ، ثم أتوا سيبور فمنعهم أهلها من النزول فيها ، وحصلت معركة شديدة بين الفريقين. ثم ساروا حتى وصلوا (حما) ثم ساروا إلى (حمص). ثم أتوا بعلبك وباتوا فيها ثملين ، ورحلوا منها وأدركهم المساء عند صومعة راهب ، ثم جدّوا في السير حتى دخلوا (دمشق).

(قال أبو مخنف) : وكان عدد الرؤوس التي دخلت دمشق ثمانية عشر رأسا ، ورأس الحسينعليه‌السلام بيد شمر ، والسبايا على المطايا بغير وطاء.

٣٣٤

٣٩٠ ـ رواية (ينابيع المودة)(ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ ص ١٧٧)

نقل القندوزي هذه الرواية عن (مقتل أبي مخنف المفصل) قال :

فساروا على ساحل الفرات ، فنزلوا على أول منزل ، وكان المنزل خرابا ثم وصلوا : تكريت ـ وادي النخلة ـ مرشاد ـ بعلبك ـ صومعة الراهب ـ دمشق.

٣٩١ ـ رواية (نور العين في مشهد الحسين):

(نور العين لأبي اسحق الإسفريني ، ص ٨٣)

عدّد الإسفريني المنازل كما يلي : الكوفة ـ أول منزلة ـ جرايا ـ تكريت ـ الموصل ـ كفرنوبة ـ حلب ـ قنّسرين ـ مدينة النعمان ـ كفر طاب ـ شيزر ـ حماة ـ حمص ـ خندق الطعام ـ جوسية ـ بعلبك ـ صومعة راهب [وكيف أخذ الراهب الرأس المقدس] ـ دمشق.

٣٩٢ ـ رواية (صاحب القمقام)(القمقام لفرهاد ميرزا ، ص ٤٩٥)

عن صاحب (المنتخب) أنهم مروا على : تكريت ـ دير عمر ـ وادي نخلة [باتوا فيه] ـ لينا ـ وادي الكحيلة ـ الجهينة ـ نصيبين ـ عين الوردة ـ حرّان ـ حلب ـ معارة نعمان ـ شيزر ـ حمص ـ بعلبك ـ دير النصارى ـ دمشق.

٣٩٣ ـ رواية (وسيلة الدارين):

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين لابراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٣٦٩)

عدّد الزنجاني أكثر من عشرين موضعا كما يلي :

أول منزل للسبايا وأهل البيتعليهم‌السلام دير في الطريق ـ القادسية ـ شرقي الحصّاصة [قرية من توابع الكوفة قرب قصر ابن هبيرة] ـ ثم عبروا تكريت ـ طريق البر ـ دير عروة ـ صليا ـ وادي النخلة ـ أرميناء ـ لينا ـ الكحيل ـ جهينة ـ عسقلان ـ الموصل ـ تلعفر ـ جبل سنجار ـ نصيبين ـ دعوات ـ قنسرين ـ جبل الجوشن قرب حلب ـ معرة النعمان ـ شيزر ـ كفر طاب ـ سيبور ـ حماة ـ حمص ـ بعلبك ـ دمشق.

٣٩٤ ـ تحقيق المنازل التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا :

بعد مراجعة أغلب المصادر المعتمدة ، يمكن وضع تصور قريب من الواقع للطريق التي سلكتها الرؤوس والسبايا في مسيرتهم من الكوفة إلى دمشق ، وذلك وفق الترتيب التالي :

٣٣٥

(الشكل ١٠)

مخطط مسير الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الموصل ثم حلب فدمشق

٣٣٦

٣٣٧

١ ـ أول منزل خراب

٢ ـ دير في الطريق

٣ ـ القادسية

٤ ـ شرقي الحصّاصة (قصر ابن هبيرة)

٥ ـ جرايا

٦ ـ مسكن

٧ ـ تكريت

٨ ـ طريق البر

٩ ـ الأعمى

١٠ ـ دير عروة (دير عمر)

١١ ـ صليتا (صليا)

١٢ ـ وادي النخلة [مبيت]

١٣ ـ أرميناء

١٤ ـ مرشاد

١٥ ـ لينا

١٦ ـ برساباد

١٧ ـ الكحيل (الأكحل)

١٨ ـ جهينة

١٩ ـ عسقلان

٢٠ ـ الموصل

٢١ ـ تل أعفر

٢٢ ـ جبل سنجار

٢٣ ـ نصيبين [مبيت]

٢٤ ـ كفرنوبة

٢٥ ـ عين الوردة (راس العين)

٢٦ ـ دير الراهب

٢٧ ـ حرّان

٢٨ ـ دعوات [مبيت]

٢٩ ـ الرقّة

٣٠ ـ دوسر (جعبر)

٣١ ـ بالس (مسكنة)

٣٢ ـ حلب : جبل الجوشن [مبيت]

٣٣ ـ قنّسرين

٣٤ ـ معرة النعمان

٣٥ ـ كفر طاب

٣٦ ـ شيزر [مبيت]

٣٧ ـ سيبور (معركة)

٣٨ ـ حماة : جبل زين العابدين [مبيت]

٣٩ ـ الرستن

٤٠ ـ حمص : كنيسة جرجيس الراهب

٤١ ـ خندق الطعام

٤٢ ـ جوسية ـ جبل الحسين

٤٣ ـ اللبوة

٤٤ ـ بعلبك [مبيت]

٤٥ ـ صومعة الراهب (دير النصارى)

٤٦ ـ حجر قرب دمشق.

وقد أثبتنا هذه المواضع على المخطط التاريخي السابق.

٣٣٨

بحث جغرافي

تعريف بأشهر المواضع والبلدان

نقوم أولا بالتعريف بأشهر الأماكن التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا ، ثم ننتقل إلى ذكر تلك الأماكن ونشرح ما حصل لهم في كل موضع منها.

٣٩٤ ـ دير في الطريق :(معجم البلدان لياقوت الحموي)

في أول مسير السباياعليهم‌السلام مروا على دير في الطريق ، وهذا الدير يقع حتما بين الكوفة والقادسية كما سنرى. ولدى التنقيب في (معجم البلدان) عن الأديرة التي تقع في تلك المنطقة ، عثرت على دير وحيد يقع بين الكوفة والقادسية ، لعله هو الدير المقصود ، واسمه دير سرجس وبكّس.

يقول ياقوت الحموي : دير سرجس وبكّس :

هو دير منسوب إلى راهبين بنجران. وهو دير بين الكوفة والقادسية على وجه الأرض ، وبينه وبين القادسية ميل ، وكان محفوفا بالكروم والأشجار والحانات.وقد خرّب وبطل ، ولم يبق منه إلا خرابات على ظهر الطريق يسميها الناس قباب أبي نواس.

(أقول) ويوافق ذلك ما ذكر في الرواية من أن جماعة الشمر باتوا يشربون الخمر.ومنطقة الكوفة والحيرة [التي تقع على بعد ٧ كم جنوبها] تعتبر مجمّعا للأديرة.ومن الأديرة الواقعة بظاهر الكوفة : دير عبد المسيح ، ودير الأعور.

٣٩٥ ـ القادسية(أخبار الدول للقرماني)

تدل الروايات أن ركب السبايا مرّ بعد ذلك على القادسية قبل التوجه شمالا. وقد مرّ التعريف بالقادسية في الجزء الأول من الموسوعة ص ٦٥٧ ، وهي بلدة بقرب الكوفة على طريق الحاج ، وكانت فيها وقعة القادسية. وتبعد عن الكوفة إلى الجنوب نحو ١٥ فرسخا [٨٠ كم].

وفي (لسان العرب) : القادسية قرية بين الكوفة وعذيب.

وهناك بلدة أخرى باسم (القادسية) من نواحي دجيل بقرب سامراء يعمل فيها الزجاج ، وليست هي المقصودة.

٣٣٩

وإذا صحّ أن السبايا مرّوا من القادسية (الأولى) فيكونوا قد سايروا نهر الفرات إلى الجنوب قليلا ، حتى وصلوا القادسية ، ثم اتخذوا طريقا صحراويا دائريا إلى الشمال ، يبعدهم عن أعين الناس أول انفصالهم عن الكوفة.

٣٩٦ ـ الحصّاصة(معجم البلدان لياقوت الحموي)

الحصّاصة هي من الحصّ ، وهو ذهاب النبت عن الأرض. وهي من قرى سواد العراق ، قرب قصر ابن هبيرة من أعمال الكوفة.

ورويت أيضا (الجصّاصة) وهي الموضع الّذي يعمل فيه الجص.

٣٩٧ ـ قصر ابن هبيرة(تقويم البلدان لأبي الفداء ، ص ٣٠٠)

مدينة قريبة من عمود نهر الفرات ، ويطلع إليها من الفرات أنهار متفرقة. وكربلاء محاذية لقصر ابن هبيرة من الغرب في البرية. وفيها قصر بناه يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري والي العراق في أيام مروان الحمار ، وهي بالقرب من جسر سورا من نواحي بابل القديم.

قال في (العزيزي) : ومن قصر ابن هبيرة إلى عمود الفرات الأعظم فرسخان.

وقال ياقوت في (معجم البلدان) : لما ولي يزيد بن عمر بن هبيرة العراق من قبل مروان بن محمّد بن مروان ، بنى قصره المعروف بقصر ابن هبيرة بالقرب من جسر سورا ، وسمّاه الهاشمية ، وفيه عدة حمامات.

٣٩٨ ـ مسكن(معجم البلدان لياقوت الحموي)

هو موضع قريب من (أوانا) على نهر دجيل عند دير الجاثليق. وذكرنا سابقا أنها تبعد عن بغداد ٧٠ كم شمالا ، وقد كان فيها معسكر الإمام الحسنعليه‌السلام لمواجهة جيش معاوية ، وفيها التقى الجيشان وحصل الصلح.

٣٩٩ ـ تكريت(المصدر السابق)

بلدة مشهورة بين بغداد والموصل ، وهي إلى بغداد أقرب ، وبينها وبين بغداد ٣٠ فرسخا [١٦٥ كم]. ولها قلعة حصينة في طرفها الأعلى راكبة على دجلة ، وهي غربي دجلة. قيل سمّيت باسم تكريت بنت وائل أخت بكر بن وائل. وأول من بنى القلعة هو سابور بن أردشير بن بابك ، وقد بناها الملك الفارسي لتكون بينهم وبين الروم إذا ما داهموهم. وكان على القلعة مرزبان [وهو المسؤول عن حراسة

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

٧٨٠ ـ الحسينعليه‌السلام يبعث أنس بن كاهل لينصح عمر بن سعد :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦١)

قال : ودعاعليه‌السلام برجل من أصحابه يقال له «أنس بن كاهل «وقال له : امض إلى هؤلاء القوم وذكّرهم الله تعالى ورسوله ، عساهم يرجعون عن قتالنا ، وأعلم أنهم لا يرجعون ، ولكن لتكون لي عليهم حجة يوم القيامة.

قال : فانطلق أنس حتّى دخل على ابن سعد وهو جالس فلم يسلّم عليه. فقال له :

يا أخا كاهل ما منعك أن تسلّم عليّ ، ألست مؤمنا مسلما؟. والله ما كفرت وقد عرفت الله ورسوله. فقال له أنس : كيف عرفت الله ورسوله وأنت تريد أن تقتل ولده وأهل بيته ومن نصرهم؟ فنكّس ابن سعد رأسه وقال : إني أعلم أن قاتلهم في النار لا محالة ، ولكن لا بدّ أن أنفذّ أمر الأمير عبيد الله بن زياد. فرجع أنس إلى الحسينعليه‌السلام وأخبره بما قاله.

٧٨١ ـ الزحف المباشر : الجيش الأموي بقيادة عمر بن سعد يزحف لقتال الحسينعليه‌السلام بعد صلاة العصر :(لواعج الأشجان للأمين ، ص ٤٠٣)

ونهض عمر بن سعد عشية الخميس لتسع خلون من المحرم ، ونادى في عسكره بالزحف نحو الحسينعليه‌السلام ، وقال : يا خيل الله اركبي ، وبالجنة أبشري. فركب الناس ، ثم زحف نحوهم بعد العصر.

وكان الحسينعليه‌السلام جالسا أمام بيته محتبيا بسيفه ، وخفق برأسه فرأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إنك صائر إلينا عن قريب».

(وفي رواية) أنهعليه‌السلام جلس فرقد ، ثم استيقظ وقال : يا أختاه رأيت الساعة جدي محمدا وأبي عليا وأمي فاطمة وأخي الحسنعليه‌السلام وهم يقولون : يا حسين إنك رائح إلينا غدا.

٧٨٢ ـ زينبعليها‌السلام توقظ الحسينعليه‌السلام :(الوثائق الرسمية ، ص ١٢٣)

وبينما الحسينعليه‌السلام واضع رأسه بين ركبتيه ، سمعت الحوراء زينب بنت عليعليه‌السلام الصيحة وضجّة الخيل ، فدنت من أخيها ، وقالت : يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت؟. فنهض الحسينعليه‌السلام قائما ، وقصّ عليها رؤياه. فلطمت أخته وجهها ، وقالت : يا ويلتا!. فقال الحسينعليه‌السلام : ليس لك الويل يا أخيّة ، اسكتي رحمك الرحمن.

٦٤١

٧٨٣ ـ العباسعليه‌السلام يستعلم الأمر؟ :(مقتل المقرّم ، ص ٢٥٤)

فقالعليه‌السلام لأخيه العباس : اركب «بنفسي أنت(١) «حتّى تلقاهم ، واسألهم عما جاءهم وما الّذي يريدون؟. فركب العباس في عشرين فارسا ، فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر وسألهم عن ذلك. قالوا : جاء أمر الأمير أن نفرض عليكم النزول على حكمه ، أو ننازلكم الحرب.

فانصرف العباس يخبر الحسينعليه‌السلام بذلك ، ووقف أصحابه يعظون القوم.

(وفي رواية مقتل الخوارزمي ج ١ ، ص ٢٥٠) أنه لما بعث الحسينعليه‌السلام أخاه العباسعليه‌السلام ليستطلع خبر ابن سعد ، قال : يا هؤلاء ما شأنكم وما تريدون؟.فقالوا : جاءنا الأمر من عبيد الله بن زياد أن نعرض عليكم ، إما أن تنزلوا على الحكم وإلا ناجزناكم. فرجع العباس إلى الحسينعليه‌السلام فأخبره بذلك ، فأطرق ساعة يفكر ، وأصحابه يخاطبون أصحاب عمر بن سعد.

٧٨٤ ـ محاورة حبيب بن مظاهر وزهير بن القين مع عسكر ابن سعد ، وبيان سبب عدول زهير إلى الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٠)

فقال لهم حبيب بن مظاهر الأسدي : أما والله لبئس القوم قوم يقدمون غدا على الله ورسوله وقد قتلوا ذريته وأهل بيته ، المتهجّدين بالأسحار ، الذاكرين الله بالليل والنهار ، وشيعته الأتقياء الأبرار. فقال له رجل من أصحاب ابن سعد يقال له عروة بن قيس (وفي رواية : عزرة بن قيس(٢) ) : إنك لتزكّي نفسك ما استطعت!. فقال له زهير بن القين : (يا عزرة إن الله قد زكّاها وهداها(٣) ). اتّق الله يابن قيس ولا تكن من الذين يعينون على الضلال وقتل النفوس الزكية الطاهرة وعترة خير الأنبياء وذرية أصحاب الكساء. فقال له ابن قيس : إنك لم تكن عندنا من شيعة أهل البيت ، وإنما

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٧ ؛ وروضة الواعظين ، ص ١٥٧ ؛ والإرشاد للمفيد ؛ والبداية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٧٦. وظاهر من هذه العبارة مقام العباسعليه‌السلام عند أخيه الحسينعليه‌السلام حتّى أقامه مقام نفسه.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٥٦ ، نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٧. وذكر الخوارزمي في مقتله أن هذه المحاورة جرت بعد خطبة امتحان الأصحاب.

(٣) المصدر السابق.

٦٤٢

كنت عثمانيا نعرفك ، فكيف صرت ترابيا؟. فقال له زهير : إني كنت كذلك ، غير أني لما رأيت الحسينعليه‌السلام مغصوبا على حقه ، ذكرت جده ومكانه منه ، فرأيت لنفسي أن أنصره وأكون من حزبه ، وأجعل نفسي من دون نفسه ، حفظا لما ضيّعتم من حق الله وحق رسوله. (وفي مقتل المقرم) قال عزرة : يا زهير ، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، وإنما كنت على غير رأيهم!. قال زهير : أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم؟. أما والله ما كتبت إليه كتابا قط ، ولا أرسلت إليه رسولا ولا وعدته نصرتي ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلما رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه عدوه ، فرأيت أن أنصره وأن أكون من حزبه ، وأجعل نفسي دون نفسه ، حفظا لما ضيّعتم من حق رسوله(١) .

٧٨٥ ـ استمهال القوم : الحسينعليه‌السلام يطلب من ابن سعد الإمهال باقي اليوم للصلاة والدعاء :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٠)

فقال الحسين للعباسعليه‌السلام : ارجع يا أخي إلى القوم ، فإن استطعت أن تصرفهم وتدفعهم عنا باقي هذا اليوم فافعل ، لعلنا نصلي لربنا ليلتنا هذه وندعو الله ونستعينه ونستنصره على هؤلاء القوم. (وفي رواية : ارجع إليهم واستمهلهم هذه العشية إلى غد ، لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم أني أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار(٢) ). فأقبلالعباس إلى القوم وهم وقوف ، فقال لهم : يا هؤلاء إن أبا عبد الله يسألكم الانصراف عنه باقي يومكم هذا حتّى ينظر في هذا الأمر ، ثم نلقاكم به غدا إنشاء الله. فأخبر القوم أميرهم عمر بن سعد ، فقال لأصحابه : ما ترون؟. قالوا له : أنت الأمير. فقال له عمرو بن الحجاج : سبحان الله العظيم ، والله لو كان هؤلاء من الترك أو الديلم ، ثم سألونا هذه الليلة (وفي رواية : هذه المنزلة(٣) ) لقد كان ينبغي أن تجيبوهم إلى ذلك ، فكيف وهم آل الرسول محمّد؟!. فقال ابن سعد : أخبروهم أنّا أجّلناهم باقي يومنا هذا إلى

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٥٦ ، نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٧.

(٢) اللهوف ص ٥٠ ومقتل المقرم ص ٢٥٦. وذكر الخوارزمي أن هذا الطلب جرى بعد خطبة امتحان الأصحاب ، وهو قول ضعيف.

(٣) مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٨ وذكر هذا الطلب قبل خطبة امتحان الأصحاب

٦٤٣

غد ، فإن استسلموا ونزلوا على الحكم وجّهنا بهم إلى الأمير عبيد الله ، وإن أبوا ناجزناهم.

فانصرف الفريقان ، وعاد كلّ إلى معسكره.

خطبة امتحان الأصحاب

٧٨٦ ـ خطبة امتحان الأصحاب ، وفيها يختبر الحسينعليه‌السلام أصحابه ويعطيهم الرخصة بمفارقته والتفرق عنه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٦)

وجمع الحسينعليه‌السلام أصحابه بين يديه ، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال : الله م لك الحمد على ما علّمتنا من القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وأكرمتنا به من قرابة رسولك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين.

أما بعد ، فإني لا أعلم أصحابا أصلح منكم ، ولا أعلم أهل بيت أبرّ ولا أوصل ولا أفضل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعا عني خيرا. إن هؤلاء القوم ما يطلبون أحدا غيري ، ولو قد أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم أبدا. وهذا الليل قد غشيكم فقوموا واتّخذوه جملا. وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من إخوتي ، وتفرّقوا في سواد هذا الليل ، وذروني وهؤلاء القوم.

(وفي مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٥٧) :

وجمع الحسينعليه‌السلام أصحابه قرب المساء قبل مقتله بليلة(١) فقال :

أثني على الله أحسن الثناء ، وأحمده على السرّاء والضرّاء. الله م إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة ، وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، ولم تجعلنا من المشركين.

أما بعد ، فإني لا أعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني جميعا(٢) . وقد أخبرني جدي رسول

__________________

(١) إثبات الرجعة للفضل بن شاذان.

(٢) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٨ ، وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٤.

٦٤٤

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأني سأساق إلى العراق فأنزل أرضا يقال لها (عمورا وكربلاء) وفيها أستشهد ، وقد قرب الموعد(١) .

ألا وإني أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غدا ، وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ، ليس عليكم مني ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعا خيرا ، وتفرّقوا في سوادكم ومدائنكم ، فإن القوم إنما يطلبونني ، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري(٢) .

(وفي رواية مقتل أبي مخنف ، ص ٦١) أنه قال :

معاشر المؤمنين ، لست أعلم أصحابا أصبر منكم ، ولا أهل بيت أوفى وأفضل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني أحسن الجزاء. وإني أظنّ أن آخر أيامي هذه مع هؤلاء القوم الظالمين ، وقد أبحتكم فما في رقابكم مني ذمام وحرج. وهذا الليل قد انسدل عليكم ، فليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، وتفرّقوا في البيداء يمينا وشمالا ، عسى أن يفرّج الله عنا وعنكم ، فإن القوم يطلبوني دونكم.

ردّ الآل والأصحاب

٧٨٧ ـ كلام أهل البيتعليهم‌السلام في الردّ على خطبة الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

فتكلم إخوة الحسينعليه‌السلام وجميع أهل بيته وقالوا : يابن رسول الله ، فماذا تقول الناس ، وماذا نقول لهم؟. إنا تركنا شيخنا وسيدنا وابن بنت نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم نرم معه بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف!. لا والله يابن رسول الله لا نفارقك أبدا ، ولكنا نفديك بأنفسنا ونقتل بين يديك ونرد موردك ، فقبّح الله العيش من بعدك.

(وفي مقتل المقرم ، ص ٢٥٨) فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وأبناء عبد الله بن جعفر : لم نفعل ذلك ، لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبدا. بدأهم بهذا القول العباس بن عليعليه‌السلام وتابعه الهاشميون.

__________________

(١) إثبات الرجعة للفضل بن شاذان.

(٢) مناقب ابن شهراشوب ج ٣ ص ٢٤٨ ط نجف.

٦٤٥

والتفت الحسينعليه‌السلام إلى بني عقيل وقال : حسبكم من القتل بمسلم ، اذهبوا قد أذنت لكم. فقالوا : إذن ما يقول الناس وما نقول لهم ، إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ، ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف ، ولا ندري ما صنعوا!. لا والله لا نفعل ، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ، ونقاتل معك حتّى نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك(١) .

٧٨٨ ـ كلام مسلم بن عوسجة الأسدي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم مسلم بن عوسجة الأسدي فقال : يابن رسول الله أنحن نخلّيك هكذا وننصرف عنك ، وقد أحاط بك هؤلاء الأعداء؟. لا والله لا يراني الله وأنا أفعل ذلك أبدا ، حتّى أكسر في صدورهم رمحي ، وأضرب فيهم بسيفي ، ما ثبت قائمه بيدي. ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ، ولم أفارقك حتّى أموت بين يديك. (وفي مقتل المقرم ص ٢٥٩) أنه قال : أنحن نخلّي عنك؟!. وبماذا نعتذر إلى الله في أداء حقك؟ أما والله لا أفارقك حتّى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضرب بسيفي ما ثبت قائمه بيدي(٢) .

٧٨٩ ـ كلام سعيد بن عبد الله الحنفي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم سعيد بن عبد الله الحنفي فقال : لا والله يابن رسول الله لا نخلّيك أبدا ، حتّى يعلم الله تبارك وتعالى أنا حفظنا فيك غيبة رسوله. ووالله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ، يفعل بي ذلك سبعين مرة ، لما فارقتك أبدا حتّى ألقى حمامي من دونك. وكيف لا أفعل ذلك ، وإنما هي قتلة واحدة ، ثم أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا(٣) .

٧٩٠ ـ كلام زهير بن القين البجلي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم زهير بن القين البجلي فقال : والله يابن رسول الله لوددت أني قتلت فيك

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٨ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٤ ؛ والإرشاد للمفيد ؛ وإعلام الورى ، ص ١٤١ ؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي ج ٣ ص ٢٠٢ ؛ ومقتل أبي مخنف ص ٦٢.

(٢) إرشاد المفيد وتاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٩ ؛ ومقتل أبي مخنف ص ٦٢ ؛ واللهوف ص ٥٢.

(٣) اللهوف ص ٥٢ ؛ ومقتل المقرم ص ٢٥٩ ، نقلا عن إرشاد المفيد وتاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٩. وفي مناقب ابن شهراشوب ومقتل أبي مخنف أن هذا الكلام قاله مسلم بن عوسجة.

٦٤٦

ثم نشرت ، حتّى أقتل فيك ألف مرة ، وأن الله قد دفع القتل عنك وعن هؤلاء الفتية من إخوتك وولدك وأهل بيتك(١) .

٧٩١ ـ كلام بقية الأصحاب :(المصدر السابق)

وتكلم جماعة بنحو هذا الكلام وقالوا : أنفسنا لك الفداء ، ونقيك بأيدينا ووجوهنا وصدورنا ، فإذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفيّنا وقضينا ما علينا.

٧٩٢ ـ الحسينعليه‌السلام يرخّص لمحمد بن بشير الحضرمي بمفارقته ، فيأبى :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٣٩)

ووصل الخبر إلى محمّد بن بشير الحضرمي في تلك الحال ، أن قد أسر ابنك بثغر الرّي!. فقال : عند الله أحتسبه ونفسي ، ما كنت أحب أن يؤسر وأنا أبقى بعده. فسمع الحسينعليه‌السلام قوله ، فقال : رحمك الله أنت في حلّ من بيعتي ، فاعمل في فكاك ابنك. فقال : أكلتني السباع حيا إن فارقتك. قالعليه‌السلام : فأعط ابنك [الآخر] هذه الأثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه ، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.

٧٩٣ ـ جواب الحسينعليه‌السلام على كلمات أصحابه :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٠)

ولما عرف الحسينعليه‌السلام من أصحابه صدق النية والإخلاص في المفاداة دونه ، أوقفهم على غامض القضاء فقال : إني غدا أقتل ، وكلكم تقتلون معي ، ولا يبقى منكم أحد(٢) حتّى القاسم وعبد الله الرضيع ، إلا ولدي علي زين العابدين ، لأن الله لم يقطع نسلي منه ، وهو أبو أئمة ثمانية(٣) . فقالوا بأجمعهم : الحمد لله الّذي أكرمنا بنصرك وشرّفنا بالقتل معك. أولا نرضى أن نكون معك في درجتك يابن رسول الله!. فدعا لهم بالخير(٤) وكشف عن أبصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان وعرّفهم منازلهم فيها(٥) .

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٥٩ نقلا عن إرشاد المفيد ؛ وتاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٣٩ ، وكذا في مقتل أبي مخنف ص ٦٣ ؛ وفي الله وف ص ٥٢.

(٢) نفس المهموم في مقتل الحسين المظلوم ، ص ١٢٢.

(٣) أسرار الشهادة للفاضل الدربندي.

(٤) نفس المهموم ، ص ١٢٢.

(٥) الخرايج والجرايح للقطب الراوندي.

٦٤٧

٧٩٤ ـ الحسينعليه‌السلام يري كل شهيد منزلته في الجنة ـ تجلّي الحقائق وانكشاف الحجب :(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٦٨)

بعد أن طلب الإمام الحسينعليه‌السلام من أصحابه التفرق عنه ليلة العاشر ، قالوا :الحمد لله الّذي شرّفنا بالقتل معك. ثم دعا وقال لهم : ارفعوا رؤوسكم وانظروا ، فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة ، وهو يقول لهم : هذا منزلك يا فلان ، وهذا قصرك يا فلان ، وهذه زوجتك يا فلان فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه ليصل إلى منزله من الجنة.

وفي (علل الشرائع للصدوق) مسندا عن عمارة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام (قال) قلت له : أخبرني عن أصحاب الحسينعليه‌السلام وإقدامهم على الموت. فقالعليه‌السلام :إنهم كشف لهم الغطاء حتّى رأوا منازلهم من الجنة. فكان الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى الحور يعانقها ، وإلى مكانه من الجنة.

٧٩٥ ـ علي بن مظاهر يريد بعث زوجته إلى أهلها ، فتأبى :

(الفاجعة العظمى للسيد عبد الحسين بن حبيب الموسوي ، ص ١٢١)

ويروى أن الحسينعليه‌السلام في آخر خطبته [في امتحان الأصحاب] قال :أصحابي ، بني عمومتي ، أهل بيتي ؛ ألا ومن كان في رحله امرأة فليبعث بها إلى أهلها ، فإن نسائي تسبى ، وأخاف على نسائكم السبي.

فقام من بينهم علي بن مظاهر الأسدي [أخو حبيب] وأقبل إلى خيمته ، فتبسمت زوجته في وجهه ، فقال لها : دعينا والتبسّم ، قومي والحقي بابني عمك من بني أسد. فقالت : لم يابن مظاهر ، هل فعلت معك مكروها؟ قال : حاشا لله. ولكن أما سمعت غريب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطبنا في هذه الساعة؟. قالت : بلى ، ولكن سمعت في آخر خطبته همهمة لا أعرفها. قال : خطبنا وقال : ألا ومن كان في رحله امرأة فليبعث بها إلى أهلها.

فلما سمعت الحرة ذلك نطحت رأسها بعمود الخيمة وقالت : ما أنصفتني يابن مظاهر ، أيسرّك أن زينبعليها‌السلام يسلب إزارها وأنا أتزيّن بإزاري؟!. أم يسرّك أن سكينة تسلب قرطيها وأنا أتزين بقرطي؟!. لا كان ذلك أبدا. بل أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء.

فلما سمع منها ذلك رجع إلى الحسينعليه‌السلام فرآه جالسا ومعه أخوه

٦٤٨

العباسعليه‌السلام فسلّم عليهما وجلس ، وقال : سيدي أبت الأسدية أن تفارقكم. فقال الحسينعليه‌السلام : جزاكم الله خير الجزاء.

٧٩٦ ـ لا يقاتل معي من عليه دين :

روى الثوري عن أبي الجحّاف عن أبيه ، أن رجلا قال للحسينعليه‌السلام : إن عليّ دينا. قالعليه‌السلام : لا يقاتل معي من عليه دين (أخرجه الطبراني برقم ٢٨٧٢).

٧٩٧ ـ الضحاك بن عبد الله المشرقي يعاهد الحسينعليه‌السلام على نصرته ما لم يصبحعليه‌السلام وحيدا :(تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ٣٢١ ط ليدن)

روى الطبري عن الضحاك بن عبد الله المشرقي ، قال : قدمت مع مالك بن النضر الأرحبي على الحسينعليه‌السلام ، فسلمنا عليه ثم جلسنا إليه. فردّ علينا ، ورحّب بنا وسألنا عما جئنا له؟. فقلنا : جئنا لنسلّم عليك وندعو الله لك بالعافية ، ونحدث بك عهدا ، ونخبرك خبر الناس. وإنا نحدّثك أنهم قد جمعوا على حربك ، فر رأيك.فقال الحسينعليه‌السلام : حسبي الله ونعم الوكيل. قال : فتذممنا وسلّمنا عليه ودعونا الله له. قال : فما يمنعكما من نصرتي؟. فقال مالك بن النضر : عليّ دين ولي عيال.فقلت له : إن عليّ دينا وإن لي عيالا ، ولكنك إن جعلتني في حلّ من الانصراف إذا لم أجد مقاتلا ، قاتلت عنك ما كان لك نافعا وعنك دافعا.

(قال) قالعليه‌السلام : فأنت في حلّ ، فأقمت معه.

(أقول) : وظل الضحاك هذا يقاتل مع الحسينعليه‌السلام حسب الاتفاق ، حتّى أصبح الحسينعليه‌السلام وحيدا فريدا ، فانسلّ من المعركة وذهب إلى أهله.

٧٩٨ ـ كلام برير بن خضير الهمداني ، ونصيحته لعمر بن سعد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٧)

ثم تكلم برير بن خضير الهمداني ، وكان من الزهاد الذين يصومون النهار ويقومون الليل. فقال : يابن رسول الله ائذن لي أن آتي هذا الفاسق عمر بن سعد ، فأعظه لعله يتّعظ ويرتدع عما هو عليه. فقال الحسينعليه‌السلام : ذاك إليك يا برير.فذهب إليه حتّى دخل على خيمته فجلس ولم يسلّم. فغضب عمر وقال : يا أخا همدان ، ما منعك من السلام عليّ ، ألست مسلما أعرف الله ورسوله وأشهد بشهادة الحق؟. فقال له برير : لو كنت عرفت الله ورسوله كما تقول ، لما خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم. وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه ويلج كأنه بطون الحيات ،

٦٤٩

تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها ، وهذا الحسين بن علي وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشا ، وقد حلت بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه ، وتزعم أنك تعرف الله ورسوله!. فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى الأرض ، ثم رفع رأسه وقال : والله يا برير إني لأعلم يقينا أن كل من قاتلهم وغصبهم حقهم هو في النار لا محالة(١) ولكن يا برير أفتشير عليّ أن أترك ولاية الرّي فتكون لغيري ، فوالله ما أجد نفسي تجيبني لذلك. ثم قال :

دعاني عبيد الله من دون قومه

إلى خطةّ ، فيها خرجت لحيني

فوالله ما أدري وإني لحائر

أفكّر في أمري على خطرين

أأترك ملك الرّي والريّ منيتي

أم ارجع مأثوما بقتل حسين

وفي قتله النار التي ليس دونها

حجاب ، وملك الرّيّ قرّة عيني

فرجع برير إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يابن رسول الله إن ابن سعد قد رضي لقتلك بولاية الري(٢) .

ليلة العاشر من المحرم

(يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٢٦٢) :

كانت ليلة عاشوراء أشدّ ليلة مرّت على أهل بيت الرسالة

حفّت بالمكاره والمحن وأعقبت الشر وآذنت بالخطر.

وقد قطعت عنهم عصابة الضلال من بني أمية وأتباعهم كلّ الوسائل الحيوية.

وهناك ولولة النساء وصراخ الأطفال من العطش المبرّح والهمّ المدلهم.

٧٩٩ ـ الحسينعليه‌السلام ونافع بن هلال يتفقدان التلال حول المخيّم ، واختبار الحسينعليه‌السلام لنافع :(الوثائق الرسمية ، ص ١٣٢)

ثم إن الحسينعليه‌السلام خرج ليلا وحده ، ليختبر الثنايا والعقبات والأكمات المشرفة على المنزل ، وإذا بنافع بن هلال خلفه. فقال له الحسينعليه‌السلام : من

__________________

(١) مرّ شبيه هذا الكلام في نصيحة أنس بن كاهل ، ولم يورد المقرم في مقتله هذا الكلام.

(٢) الرّيّ : المنطقة الجنوبية من طهران اليوم.

٦٥٠

الرجل؟. قال : نافع جعلت فداك يابن رسول الله. قال الحسينعليه‌السلام : ما أخرجك في هذا الليل يا نافع؟. قال : سيدي أزعجني خروجك ليلا إلى جهة هذا الباغي.قالعليه‌السلام : خرجت أتفقد هذه التلعات مخافة أن تكون مكمنا لهجوم الخيل على مخيمنا ، يوم يحملون وتحملون.

ثم إنهعليه‌السلام رجع وهو قابض على يسار نافع ، وهو يقول : هي هي والله ، وعد لا خلف فيه. ثم قال لنافع : ألا تسلك بين هذين الجبلين ، وانج بنفسك؟. قال نافع : سيدي إذن ثكلت نافعا أمّه. إن سيفي بألف ، وفرسي بمثله ، فوالله الّذي منّ عليّ بك في هذا المكان ، لن أفارقك أبا عبد الله حتّى يكلّا عن فري وجري(١) .

٨٠٠ ـ شهادة الحسينعليه‌السلام بأصحابه حين استعلمت زينبعليها‌السلام عن حالهم :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٥)

ثم إن الحسينعليه‌السلام فارق نافعا ، ودخل خيمة أخته زينبعليها‌السلام . فوضعت له متكأ ، وجلس يحدثها سرا. ونافع واقف ينتظر خروج الحسينعليه‌السلام .

قالت زينب لأخيها الحسينعليه‌السلام : هل استعلمت من أصحابك نياتهم؟. فإني أخشى أن يسلموك عند الوثبة. فقال لها : والله لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إلا الأشوس الأقعس ، يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل إلى محالب أمه.

٨٠١ ـ الأصحاب يكرّمون خاطر نسوة أهل البيتعليهم‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٦)

وقال الحسينعليه‌السلام لأصحابه : هلمّوا معي لنواجه النسوة ونطيّب خاطرهن.فجاء حبيب بن مظاهر ومعه أصحابه وصاح : يا معشر حرائر رسول الله ، هذه صوارم فتيانكم آلوا ألا يغمدوها إلا في رقاب من يريد السوء فيكم ، وهذه أسنة غلمانكم أقسموا ألا يركزوها إلا في صدور من يفرّق ناديكم.

فخرجن النساء إليهم ببكاء وعويل ، وقلن : أيها الطيبون حاموا عن بنات رسول الله وحرائر أمير المؤمنين.

فضجّ القوم بالبكاء حتّى كأن الأرض تميد بهم(٢) .

__________________

(١) المجالس الفاخرة للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٩٢.

(٢) الدمعة الساكبة ، ص ٢٢٥.

٦٥١

٨٠٢ ـ وصية الإمام الحسن لأخيه الحسينعليه‌السلام عند احتضاره :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦١ ط نجف)

فلما كانت الليلة التي قتل الحسينعليه‌السلام في صبيحتها ، قام يصلي ويدعو ويترحم على أخيه الحسنعليه‌السلام . وذلك لأن الحسنعليه‌السلام قال له لما احتضر : يا أخي اسمع ما أقول ، إن أباك لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسوّف إلى هذا الأمر رجاء أن يكون صاحبه ، فصرف عنه إلى غيره. فلما احتضر أبو بكر تسوّف أن يكون صاحبه ، فصرف عنه إلى عمر. فلما احتضر عمر تسوّف أن يكون صاحبه ، فصرف عنه إلى عثمان. تجرّد أبوك للطلب بالسيف ولم يدركه ، وأبى الله أن يجعل فينا أهل البيت النبوة والدنيا أو الخلافة(١) أو الملك. فإياك وسفهاء أهل الكوفة ، أن يستخفّوك فيخرجوك ويسلموك ، ولات حين مناص.

٨٠٣ ـ ليلة الوداع : ليلة صلاة ودعاء ، وتوجّه إلى الله :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٦ ط نجف)

وجاء الليل ، فبات الحسينعليه‌السلام وأصحابه الليل كله يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون ، وباتوا ولهم دويّ كدويّ النحل ، ما بين راكع وساجد ، وقائم وقاعد.

وفي ذلك يقول العلامة المجتهد السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

باتوا وبات إمامهم ما بينهم

ولهم دويّ حوله ونحيب

من راكع أو ساجد أو قارئ

أو من يناجي ربّه وينيب

منهم (زهير) زاهر الأفعال يت

لوه (برير)(ومسلم)(وحبيب)

فتأثر بهذا الجو الواقعي نفر من الجيش الأموي ، من ذوي الضمائر الحية ، التي كانت عليها غشاوة ضلال ، فانجلت بهذا الجو المشحون إيمانا وتقى وهدى.

وعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد ٣٢ رجلا

__________________

(١) يقصد الخلافة الزمنية ، أما الخلافة الدينية فهي ثابتة لأهل البيتعليهم‌السلام بأمر من الله تعالى ، سواء حكموا أم لم يحكموا. والمقصود بالنبوة هنا الخلافة الدينية أو الإمامة ، عبّر عنها بالنبوة لأنها من توابع النبوة ، وهي منصب إلهي

٦٥٢

٨٠٤ ـ الذين تسللوا في جنح الليل إلى الحسينعليه‌السلام :

(إبصار العين للشيخ السماوي ، ص ٨)

فجعل يتسلل إلى الحسينعليه‌السلام من أصحاب عمر بن سعد في ظلام الليل ، الواحد والاثنان ، حتّى بلغوا في اليوم العاشر زهاء ثلاثين ، ممن هداهم الله إلى السعادة ووفقهم للشهادة.

٨٠٥ ـ محاورة برير بن خضير مع جماعة الشّمر ، فيمن هم الطيبون؟ وثناء الحسين عليه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥١)

وجاء شمر بن ذي الجوشن في نصف الليل يتجسس ومعه جماعة من أصحابه ، حتّى قارب معسكر الحسينعليه‌السلام فسمعه يتلو قوله تعالى :( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ، إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً ، وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ* ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) «آل عمران ١٧٩».

فصاح رجل من أصحاب شمر : نحن وربّ الكعبة الطيبون ، وأنتم الخبيثون ، وقد ميّزنا الله منكم(١) . فقطع برير بن خضير الهمداني صلاته ثم نادى : يا فاسق يا فاجر يا عدوّ الله يابن البوّال على عقبيه ، أمثلك يكون من الطيبين والحسين ابن رسول الله من الخبيثين!. والله ما أنت إلا بهيمة لا تعقل ما تأتي وما تذر ، فأبشر يا عدو الله بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فصاح شمر : إن الله قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب. فقال برير : أبالموت تخوّفني ، والله إن الموت مع ابن رسول الله أحبّ إليّ من الحياة معكم ، والله لا نالت شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوما أراقوا دماء ذريته وأهل بيته.

فجاء إليه رجل من أصحابه وقال : يا برير ، إن أبا عبد الله يقول لك : ارجع إلى موضعك ولا تخاطب القوم ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت وأبلغت في النصح والدعاء.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٦٣ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٠ ، وذكر الطبري أن اسم الرجل (عبد الله بن شهر) ويلقب أبو حرب السبيعي.

٦٥٣

٨٠٦ ـ مقاربة البيوت من بعضها ليقاتلوا العدوّ من وجه واحد :

(إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ، ص ٢٣٢)

ثم أمر الحسينعليه‌السلام أصحابه أن يقرّب بعضهم بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا بين البيوت ، فيقبلوا القوم من وجه واحد ، والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، قد حفّت بهم إلا الوجه الّذي يأتيهم منه عدوهم.

٨٠٧ ـ حفر خندق وراء البيوت في ساعة متأخرة من الليل :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٦٥)

ثم إن الحسينعليه‌السلام أمر أصحابه أن يقاربوا البيوت بعضها من بعض ليستقبلوا القوم من وجه واحد ، وأمر بحفر خندق من وراء البيوت يوضع فيه الحطب ويلقى عليه بالنار إذا قاتلهم العدو ، كيلا تقتحمه الخيل ، فيكون القتال من وجه واحد(١) .

(وفي مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٨) :

فلما أيس الحسينعليه‌السلام من القوم ، وعلم أنهم مقاتلوه ، قال لأصحابه : قوموا فاحفروا لنا حفيرة شبه الخندق حول معسكرنا ، وأجّجوا فيها نارا ، حتّى يكون قتال هؤلاء القوم من وجه واحد ، فإنهم لو قاتلونا وشغلنا بحربهم لضاعت الحرم.

فقاموا من كل ناحية فتعاونوا واحتفروا الحفيرة. ثم جمعوا الشوك والحطب فألقوه في الحفيرة ، وأجّجوا فيها النار.

(وفي الوثائق الرسمية للسيد عبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٤٠) :

ثم إنهعليه‌السلام أمر أصحابه أن يحفروا خندقا من وراء البيوت ، ويضعوا فيه الحطب ، ويضرموا فيها النار في الغداة ، لئلا يهجم القوم من وراء الخيام.

٨٠٨ ـ رؤيا الحسينعليه‌السلام وخبر من يقتله واقتراب أجله :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥١)

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٠ ، وذكر الخوارزمي هنا محاورة مالك بن جريرة مع الحسينعليه‌السلام وقد رأى النار تشتعل في الخندق ، ولم أرجّح ذلك. بل ذكرتها بعد محاورة الحسينعليه‌السلام مع الشمر في نفس الخصوص يوم عاشوراء.

٦٥٤

فلما كان وقت السحر خفق الحسينعليه‌السلام برأسه خفقة(١) ثم استيقظ فقال :أتعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟. قالوا : فما رأيت يابن رسول الله؟. قال :رأيت كلابا قد شدّت عليّ لتنهشني وفيها كلب أبقع(٢) رأيته كأشدها عليّ ، وأظن الّذي يتولى قتلي رجل أبرص من هؤلاء القوم. ثم إني رأيت بعد ذلك جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي :

يا بنيّ أنت شهيد آل محمّد ، وقد استبشر بك أهل السموات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة. عجّل يا بنيّ ولا تتأخر ، فهذا ملك نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء(٣) . فهذا ما رأيت وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا.

__________________

(١) الخفقة : النومة اليسيرة.

(٢) أبقع : مختلف اللون ، فيه سواد وبياض.

(٣) مقتل المقرم ص ٢٦٧ نقلا عن نفس المهموم ص ١٢٥ عن الشيخ الصدوق.

٦٥٥

الفصل العشرون

يوم عاشوراء

(الجمعة في ١٠ محرّم سنة ٦١ ه‍)

[الموافق ١٠ ت ١ سنة ٦٨٠ م]

دم ودموع ، وسموّ واستعلاء

وألم يفري الضلوع ، وعزّة للنفس وإباء

تلك ذكرى أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء

في هذا اليوم الحالك ارتكب الحكم الأموي أبشع مجزرة دموية عرفها التاريخ.والذين قاموا بهذه المجزرة الرهيبة لم يتخلّوا فقط عن قوانين الإسلام ، بل انسلخوا حتّى من الأخلاق العربية والمبادئ الإنسانية.

تصوّروا أن مجموعة صغيرة من المؤمنين الملتزمين ، تحيط بهم جحافل جرّارة من جيوش عرمرمة ، حتّى ملكت عليهم أقطار الأرض والسماء ، ومنعتهم من كل شيء حتّى من الماء.

ولم يكن خوف الحسينعليه‌السلام من كثرة أعدائه ، ولم تكن دهشته من أنواع أسلحته وعتاده ، بأكثر من خوفه على تلك النفوس المريضة التي هامت في الباطل ، ودهشته أن كيف استطاع الأفاّكون أن يضلّوهم إلى هذا الحد ، ويجعلوهم يسيرون لقتل إمامهم ومن وجبت طاعته في أعناقهم!.

٨٠٩ ـ استسقاء رهط الحسينعليه‌السلام واستعدادهم للموت :

(دائرة المعارف للشيخ محمّد حسين الأعلمي ، ج ١٥ ص ١٧١)

وطلع فجر اليوم العاشر من المحرم ، وأرسل الحسينعليه‌السلام ابنه عليا في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ، ليسقوا الماء ، وهم في وجل شديد.

٦٥٦

فقام الحسينعليه‌السلام ونادى أصحابه ، وأمرهم بالصلاة ، فتيمموا بدلا من الوضوء لعدم توفر الماء ، وأقام بنفسه وصلّى بأصحابه صلاة الصبح.

فلما فرغ رفع يديه إلى السماء ، وقد أخذ المصحف بيده اليمنى ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إن الله قد أذن في قتلكم وقتلي ، وكلكم تقتلون في هذا اليوم إلا ولدي علي بن الحسينعليه‌السلام ، فاتقوا الله يا قوم واصبروا.

٨١٠ ـ خطبة الحسينعليه‌السلام في صباح اليوم الّذي استشهد فيه :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٥)

عن رجل من همدان ، قال : خطبنا الحسين بن عليعليه‌السلام غداة اليوم(١) الّذي استشهد فيه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

عباد الله ، اتقوا الله ، وكونوا من الدنيا على حذر. فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد ، كانت الأنبياء أحق بالبقاء ، وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء. غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء. فجديدها بال ، ونعيمها مضمحلّ ، وسرورها مكفهرّ. والمنزل بلغة ، والدار قلعة. فتزوّدوا فإن خير الزاد التقوى ، فاتقوا الله لعلكم تفلحون.

(وفي الوثائق الرسمية ، ص ١٤١) :

فتباشر أصحاب الحسينعليه‌السلام بلقاء ربهم ، وأنهم سيقدمون على روح وريحان ، وجنة عرضها السموات والأرض ، خالدين فيها أبدا. وإذا بهم فرحين يمازح بعضهم بعضا.

٨١١ ـ استبشار أصحاب الحسينعليه‌السلام بالشهادة والقدوم على الجنة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٢٦ ط ٤)

وأمر الحسينعليه‌السلام بفسطاط فضرب ، وأمر بجفنة فيها مسك كثير ، وجعل فيها نورة [أي كلسا] ثم دخل ليطلّي. فروي أن برير بن خضير الهمداني وعبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري وقفا على باب الفسطاط ، وازدحما أيهما يطّلي بعده ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن ، فقال له عبد الرحمن : يا برير (أتضحك؟) ما هذه ساعة

__________________

(١) الغداة : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

٦٥٧

باطل!. فقال برير : لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل كهلا ولا شابا ، وإنما أفعل ذلك استبشارا بما نصير إليه ، فوالله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة ثم نعانق الحور العين. (وفي رواية : لقد علم قومي ما أحببت الباطل كهلا ولا شابا ، ولكني مستبشر بما نحن لاقون. والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم ، ولوددت أنهم مالوا علينا الساعة(١) ).

وخرج حبيب بن مظاهر يضحك ، فقال له يزيد بن الحصين : ما هذه ساعة ضح!. قال حبيب : وأي موضع أحقّ بالسرور من هذا. ما هو إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم فنعانق الحور(٢) .

٨١٢ ـ تعبئة الحسينعليه‌السلام أصحابه يوم عاشوراء :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤)

ولما أصبح الحسينعليه‌السلام يوم الجمعة عاشر محرم (وفي رواية : يوم السبت) عبّأ أصحابه ، وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا. وعن الإمام الباقرعليه‌السلام أنهم كانوا خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل. فجعل على ميمنته :زهير بن القين ، وعلى مسيرته : حبيب بن مظاهر ، ودفع اللواء إلى أخيه : العباس بن علي ، وثبتعليه‌السلام مع أهل بيته في القلب. وجعلوا البيوت في ظهورهم.

٨١٣ ـ إضرام الخندق بالحطب :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٧ ط نجف)وأمرعليه‌السلام بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كانوا قد حفروه هناك في ساعة من الليل ، وأن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم ، فنفعهم ذلك.

٨١٤ ـ تعبئة عمر بن سعد جيشه :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤)

وعبّأ عمر بن سعد أصحابه ، فجعل على الميمنة : عمرو بن الحجاج ، وعلى الميسرة: شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل : عروة بن قيس ، وعلى الرجّالة :شبث بن ربعي ، وأعطى رايته : دريدا مولاه. وكان جنده اثنين وعشرين ألفا يزيد أو ينقص.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٦٢ عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤١ ، وذكره المقرم ليلة عاشوراء.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٦٣ عن رجال الكشي واللهوف ص ٥٤.

٦٥٨

(وفي كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٨٥) :

وكان الرؤساء في الكوفة أربعة :

فجعل على ربع أهل المدينة : عبد الله بن زهير الأزدي.

وعلى ربع ربيعة وكندة : قيس بن الأشعث بن قيس.

وعلى ربع مذحج وأسد : عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي.

وعلى تميم وهمدان : الحر بن يزيد الرياحي.

٨١٥ ـ دعاء الحسينعليه‌السلام وفيه يبدي ثقته بالله :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٨ ط نجف)

ثم ركب الحسينعليه‌السلام دابته ودعا بمصحف فوضعه أمامه ، ثم إنه أناخ راحلته ، وأمر عقبة بن سمعان فعقلها. ثم ركب فرسه وتهيأ للقتال.

فروي عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام أنه قال : لما صبّحت خيل الحسينعليه‌السلام ونظروا إلى جمعهم كأنه السيل رفع يديه بالدعاء وقال :

اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة. كم من همّ يضعف فيه الفؤاد ، وتقلّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ؛ أنزلته بك وشكوته إليك ، رغبة مني إليك عمن سواك ، فكشفته وفرّجته ، فأنت وليّ كل نعمة ، ومنتهى كل رغبة(١) .

٨١٦ ـ قول الشمر للحسينعليه‌السلام : تعجلت بالنار قبل يوم القيامة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٠٩ ط نجف)

وركب أصحاب عمر بن سعد ، وأقبلوا يجولون حول بيوت الحسينعليه‌السلام فيرون النار تضطرم في الخندق. فنادى شمر بأعلى صوته : يا حسين تعجّلت بالنار قبل يوم القيامة. فقال الحسينعليه‌السلام : من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن.فقالوا : نعم. قال : يابن راعية المعزى ، أنت أولى بها (مني) صليّا.

ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم ، فمنعه الحسينعليه‌السلام من ذلك. فقال له :دعني حتّى أرميه ، فإنه الفاسق من أعداء الله وعظماء الجبارين ، وقد أمكن الله منه.

فقال له الحسينعليه‌السلام : لا ترمه ، فإني أكره أن أبدأهم بقتال.

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٥ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٣ ، وذكر الكفعمي في المصباح ، ص ١٥٨ ط الهند ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا بهذا الدعاء يوم بدر.

٦٥٩

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢) :

ثم ناداه محمّد بن الأشعث : أبشر ، الساعة ترد الجحيم. فقالعليه‌السلام : من هذا؟. فقالوا : ابن الأشعث. فقال : لعنك الله وقومك.

الآيات الباهرة

٨١٧ ـ ابن أبي جويرية يسقط في النار :

(بحار الأنوار للمجلسي ، ج ٤٤ ص ٣١٧ ط ٣)

وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له يقال له : ابن أبي جويرية المزني. فلما نظر إلى النار تتّقد صفّق بيده ونادى : يا حسين وأصحاب حسين ، أبشروا بالنار!. فقد تعجلتموها في الدنيا. فقال الحسينعليه‌السلام : من الرجل؟.فقيل : ابن أبي جويرية المزني. فقال الحسينعليه‌السلام : الله م أذقه عذاب النار في الدنيا. فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار ، فاحترق.

٨١٨ ـ محاورة مالك بن جريرة مع الحسينعليه‌السلام وقد أشعلعليه‌السلام النار في الخندق حول معسكره :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٨)

وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد يقال له مالك بن جريرة على فرس له حتّى وقف على الحفيرة ، وجعل ينادي بأعلى صوته : أبشر يا حسين فقد تعجلت النار في الدنيا قبل الآخرة. فقال له الحسينعليه‌السلام : كذبت يا عدو الله ، أنا قادم على رب رحيم ، وشفيع مطاع ، ذاك جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم قال الحسينعليه‌السلام لأصحابه :من هذا؟. فقيل له : هذا مالك بن جريرة. فقال الحسينعليه‌السلام : الله م جرّه إلى النار وأذقه حرّها قبل مصيره إلى نار الآخرة. فلم يكن بأسرع من أن شبّ به الفرس فألقاه على ظهره ، فتعلقت رجله في الركاب ، فركض به الفرس حتّى ألقاه في النار ، فاحترق. فخرّ الحسينعليه‌السلام ساجدا ، ثم رفع رأسه وقال : يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها(١) .

__________________

(١) مقتل أبي مخنف ص ٦٣ ، وذكر اسما آخر وهو جبيرة الكلبي. وفي مقتل الحسين للمقرم ص ٢٨٢ ذكر اسما آخر وهو عبد الله بن حوزة التميمي. وفي لواعج الأشجان ص ١٢٤ ذكر أنه ابن أبي جويرية المزني.

٦٦٠

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800