موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء22%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 492252 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

الصعيد ثلاثا ، وهو علّة الكائنات لاشتقاقه من نور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي هو علة العلل ، المتفرّع من الشعاع الإلهي الأقدس ؛ أظلمت الدنيا ثلاثة أيام(١) واسودّت سوادا عظيما(٢) ، حتى ظنّ الناس أن القيامة قامت(٣) ، وبدت الكواكب نصف النهار(٤) ، وأخذ بعضها يضرب بعضا(٥) ولم ير نور الشمس(٦) ، ودامت الدنيا على هذا ثلاثة أيام(٧) .

ولا غرابة في اضمحلال نور الشمس في المدة التي كان فيها سيد شباب أهل الجنة عاريا على وجه الصعيد ، إذ هو العلة في مجرى الكون ، لما عرفت من اشتقاقه من الحقيقة المحمدية ، التي هي علة العلل ، والعقل الأول

وإذا صحّ الحديث بتغيّر الكون لأجل إبراز عظم نبيّ من الأنبياء ، حتى غامت السماء وأمطرت ، وحين استقى به أحد علماء النصارى في سرّ من رأى(٨) مع أنه لم يكشف عن جسد ذلك النبي ولا كانت أعضاؤه مقطّعة ؛ فإذن كيف لا يتغير الكون ولا يمحى نور الشمس والقمر ، وقد ترك سيد شباب أهل الجنة على وجه الصعيد مجرّدا ، ومثّلوا بذلك الهيكل القدسي كلّ مثلة؟!.

ثم يقول السيد المقرّم ، ص ٣٧٤ : بلى لقد تغيّرت أوضاع الموجودات واختلفت

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦ ؛ والصواعق المحرقة ص ٢٨٩ ؛ والخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٩ ؛ وتذكرة الخواص ، ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩.

(٢) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ وتهذيب التهذيب ، ج ٢ ص ٣٥٤ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تهذيب التهذيب ، ج ١ ص ٣٥٤ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩.

(٥) الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٣٨ ؛ والكواكب الدريّة للمناوي ، ج ١ ص ٥٦.

(٦) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٧ ؛ وتاريخ الخلفاء ص ١٣٨ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والإتحاف ، ص ٢٤ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦ ؛ والكواكب الدرية ، ج ١ ص ٥٦.

(٧) كامل الزيارات ، ص ٧٧.

(٨) الخرايج والجرايح للقطب الراوندي ، ص ٦٤ ط هند.

٢٠١

الكائنات ، فبكته الوحوش وجرت دموعها رحمة له ومطرت السماء دما(١) فأصبحت الحباب [جمع حب : وهو الجرة الكبيرة] والجرار وكلّ شيء ملآن دما(٢) وحتى بقي أثره على البيوت والجدران مدة(٣) ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط(٤) حتى في بيت المقدس(٥) .

ولما دخل الرأس المقدس إلى قصر الإمارة ، سالت الحيطان دما(٦) وخرجت نار من بعض جدران قصر الإمارة ، وقصدت عبيد الله بن زياد ، فقال لمن حضر عنده :اكتمه(٧) وولّى هاربا منها ، فتكلم الرأس الشريف بصوت جهوري : إلى أين تهرب يا ملعون ، فإن لم تنلك في الدنيا فهي في الآخرة مثواك ، ولم يسكت الرأس حتى ذهبت النار ، فأدهش من في القصر(٨) .

ومكث الناس شهرين أو ثلاثة يرون الجدران ملطّخة بالدم ، ساعة تطلع الشمس وعند غروبها(٩) . إلى حوادث عديدة ، مثل الغراب المتلطّخ بدم الحسينعليه‌السلام ، وقصة العوسجة المباركة

__________________

(١) الخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٩ ؛ والخطط المقريزية ج ٢ ص ٩٨٩ ؛ والإتحاف بحب الأشراف ص ٥٥ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ ومناقب ابن شهر اشوب ج ٢ ص ٢٠٦ وص ١٨٢ ط نجف ؛ والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ٣٢٢ ؛ وكنز العمال ج ٤ ص ٢٩١ رقم ٥٨٦٨.

(٢) الخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٦.

(٣) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٤) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٥) مجمع الزوائد للهيثمي ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ والخصائص الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٥ ؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ١٣٨ ؛ والعقد الفريد ، ج ٢ ص ٣١٥ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٠.

(٦) تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٩ ؛ والصواعق المحرقة ، ص ١١٦.

(٧) مجمع الزوائد ، ج ٩ ص ١٩٦ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٠٣ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٧ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٣٣٨.

(٨) شرح قصيدة أبي فراس ، ص ١٤٩.

(٩) كامل ابن الأثير ، ج ٦ ص ٢٧ ؛ والكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٦ ؛ وتذكرة الخواص ص ١٥٥.

٢٠٢

١٩٦ ـ غضب الدنيا لمصرع الإمام الحسينعليه‌السلام والصفوة المختارة من صحبه :

يقول أبو مخنف في مقتله ، ص ٩٣ : وتزلزلت الأرض لمصرع الحسينعليه‌السلام ، وأظلم الشرق والغرب ، وأخذت الناس الرجفة والصواعق ، وأمطرت السماء دما عبيطا [أي خالصا طريا] ولم تمطر السماء دما إلا ذلك اليوم ويوم شرح فيه يحيى بن زكرياعليه‌السلام .

وجاء في (لواعج الأشجان) للسيد الأمين ، ص ١٩٠ : أنها أظلمت الدنيا ثلاثة أيام بعد مقتل الحسينعليه‌السلام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تر الحمرة في السماء قبل قتل الحسين ، وهي تدل على غضب السماء لمقتلهعليه‌السلام .

وقال السدّي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها ، وأمطرت السماء دما يوم قتله ، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطّعت. وما قلع حجر بالشام (وفي رواية : في الدنيا) إلا وجد تحته دم عبيط. ومكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحيطان بالدماء من ساعة طلوع الشمس إلى غروبها.

وجاء في (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٣٧ : وارتفعت في السماء ـ في ذلك الوقت ـ غبرة شديدة مظلمة ، فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاءهم ، فلبثوا بذلك ساعة ثم انجلت عنهم.

وفي (العيون العبرى) للميانجي ، ص ١٨٩ : ومما ظهر يوم قتله من الآيات ؛ أن السماء اسودّت اسودادا عظيما ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

وفي (تاريخ الخلفاء) للسيوطي ، ص ٢٠٧ : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثت الدنيا سبعة أيام ، والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة ، والكواكب يضرب بعضها بعضا.

وفي (فرائد السمطين) للحمويني ، ج ٢ ص ١٦٦ ، عن كتاب (دلائل النبوة) لأبي بكر الشاشي [٢٩١ ـ ٣٦٥ ه‍] بإسناده عن أم سالم خالة جعفر ابن سليمان ، قالت :لما قتل الحسينعليه‌السلام مطرنا مطرا على البيوت والحيطان كالدم ، فبلغني أنه كان بالبصرة وبالكوفة وبالشام وبخراسان ، حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب.

٢٠٣

بكاء السماء

١٩٧ ـ اشتراك السماء بحمرة شفقها في البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٤٠)

عن ابن سيرين : أن الدنيا أظلمت بعد قتل الحسينعليه‌السلام ثلاثة أيام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تكن تظهر قبل ذلك.

وعن الثعلبي : أن السماء بكت ، وبكاؤها حمرتها.

وعن غيره : أن آفاق السماء احمرّت بعد قتلهعليه‌السلام ستة أشهر ، ثم لا زالت الحمرة ترى بعد ذلك.

وعن ابن سعد : أن هذه الحمرة لم تر في السماء قبل قتلهعليه‌السلام (١) .

وإلى ذلك يشير أبو العلاء المعري بقوله :

(شرح التنوير على سقط الزند)

وعلى الدهر من دماء الشهي

دين : عليّ ونجله ، شاهدان

فهما في أواخر الليل فج

ران ، وفي أولياته شفقان

ثبتا في قميصه(٢) ليجيء الحش

ر مستعديا إلى الرحمن

وجمال الأوان عقب جدود

كلّ جدّ منهم جمال أوان

يابن مستعرض الصفوف ببدر

ومبيد الجموع من غطفان

أحد الخمسة الذين هم الأغ

راض في كل منطق والمعاني

والشخوص التي خلقن ضياء

قبل خلق المرّيخ والميزان

قبل أن تخلق السموات وال

أرض ويؤذن لهنّ بالدوران

وبهم فضّل المليك بنو حوّ

اء حتى سموا على الحيوان

وفي (مناقب ابن شهر اشوب) ج ٣ ص ٢١٢ ط نجف :

قال السدي : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السماء ، وعلامتها حمرة أطرافها.

__________________

(١) كل ما نقلناه من هذا الكلام موجود في (الصواعق المحرقة) لابن حجر ، فراجع.

(٢) أي في قميص الدهر.

٢٠٤

وعن زرارة بن أعين عن الصادقعليه‌السلام قال : بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن عليعليه‌السلام أربعين صباحا ، ولم تبك إلا عليهما. قلت : فما بكاؤها؟. قال : كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء.

وعن الأسود بن قيس : لما قتل الحسينعليه‌السلام ارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب ، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ، ستة أشهر.

وفي (تاريخ النّسوي) عن أبي قبيل : أنه لما قتل الحسين بن عليعليهما‌السلام كسفت الشمس كسفة ، بدت الكواكب نصف النهار ، حتى ظننا أنها هي

[أي القيامة].

وفي (الإتحاف بحب الأشراف) للشبراوي ص ٧٤ ، قال الحسن الكندي : لما قتل الحسينعليه‌السلام مكثنا أياما سبعة ، إذا صلينا العصر نظرنا الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا الكواكب كأنها يضرب بعضها بعضا.

١٩٨ ـ ماذا تعني حمرة السماء؟ :

(الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي ص ٤٢)

عن ابن سيرين : أن الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين (ع)». ولعل المراد بها شدة الحمرة وزيادتها ، فلا ينافي الأحاديث التي علّقت دخول وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر [وذلك أن السنة يعتبرون وقت صلاة المغرب من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر الغربي ، ثم يدخل وقت العشاء ، بينما يعتبر الشيعة هذه الفترة وقت فضيلة المغرب].

قال ابن الجوزي : وحكمة ذلك [أي حمرة السماء] أنّ غضبنا يؤثّر حمرة الوجه ، والحقّ سبحانه تنزّه عن الجسمية ، فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسينعليه‌السلام بحمرة الأفق ، إظهارا لعظيم الجناية».

بكاء السماء والأرض

١٩٩ ـ بكاء السماء على المؤمن :(فرائد السمطين للحمويني ، ص ١٦٨)

من كتاب (خلاصة التفاسير) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) [الدخان : ٢٩] : وذلك أن المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا. قال عطاء : بكاؤها حمرة أطرافها.

٢٠٥

٢٠٠ ـ تفسير الآية :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) :(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

في (المنتخب) عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] أنه إذا قبض الله نبيا بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة ، وإذا مات إمام من الأئمة الأوصياء بكت عليه السماء والأرض أربعين شهرا ، وإذا مات العالم العامل بعلمه بكتا أربعين يوما عليه. وأما الحسينعليه‌السلام فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر. وتصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما ، وأن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسينعليه‌السلام ولم تر قبله أبدا ، وأن يوم قتله لم يرفع حجر من الدنيا إلا وجد تحته دم.

وروي في أول الجزء الخامس من (صحيح مسلم) في تفسير قوله تعالى :( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) [الدخان : ٢٩] قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها.

وفي (ينابيع المودة) ج ٢ ص ٣ ، عن إبراهيم النخعي قال : خرج عليعليه‌السلام فجلس في المسجد [رحبة الكوفة] ، واجتمع أصحابه. فجاء الحسينعليه‌السلام فوضع يده على رأسه ، فقال : يا بنيّ إن الله ذمّ أقواما في كتابه ، فتلا الآية من سورة الدخان( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩]. وقال : يا بنيّ لتقتلنّ من بعدي ، ثم تبكيك السماء والأرض. وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكرياعليه‌السلام ، وعلى الحسين ابني.

٢٠١ ـ بكاء السماء والأرض لمقتل الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ١ ص ١٠٤)

يقول الشيخ محمّد مهدي المازندراني بعد أن ذكر الآية( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩) [الدخان : ٢٩] : ولقد بكت السماء والأرض لقتل الحسينعليه‌السلام زمنا طويلا. (في رواية) : بكتا أربعين صباحا ، (وفي رواية) : ستة أشهر ، (وفي رواية) : سنة كاملة ، (وفي رواية) : سنة وتسعة أشهر.

وفي كيفية بكائهما اختلاف في الأخبار.

فأما بكاء السماء (ففي رواية) مكثت سنة وتسعة أشهر مثل العلقة مثل الدم ، بحيث أن الشمس تطلع في حمرة وتغيب في حمرة ، أو بحيث لا ترى الشمس فيها ، ولا زالت الحمرة ترى بعد ذلك مع الشفق ، ولم تكن قبل قتله.

٢٠٦

(وفي رواية) : أمطرت ترابا أحمر ، (وفي رواية) : أمطرت رمادا ، (وفي خبر) :أمطرت دما

والأرض بكت بالسواد وبالحمرة والدم. فقيل : ما رفع حجر ولا مدر ولا صخر إلا رؤي تحته دم يغلي ، واحمرت الحيطان كالعلق ، فوجد الدم تحت كل حصاة قلبت في بيت المقدس ، هو لبكائها على الحسينعليه‌السلام .

واسودت السماء يوم قتل الحسينعليه‌السلام اسودادا عظيما ، واشتبكت النجوم ، وانكسفت الشمس ثلاثا ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ثم تجلّت عنها. فليت أن الشمس لم تطلع وتركت الدنيا مظلمة ، لأن بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقين مكشّفات الوجوه ، ليس عليهن قناع ولا خمار ، وقد أحاطت بهن الأعداء».

بكاء الملائكة والجن

٢٠٢ ـ بكاء الملائكة والجن على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٦ ط حجر طهران)

عن صفوان الجمّال عن الصادقعليه‌السلام قال : سألته في طريق المدينة ونحن نريد مكة ، فقلت : يابن رسول الله ، مالي أراك كئيبا منكسرا؟. فقال : لو تسمع ما نسمع لشغلك عن مسألتي!. فقلت : وما الّذي تسمع؟. قال : ابتهال الملائكة إلى اللهعزوجل ، على قتلة أمير المؤمنينعليه‌السلام وقتلة الحسينعليه‌السلام ، ونوح الجن وبكاء الملائكة الذين حوله ، وشدة جزعهم. فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم؟!.

بكاء كل شيء لمقتل الحسينعليه‌السلام

٢٠٣ ـ بكاء جميع الكائنات على الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)

عن ميثم التمّار قال : عهد إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخبرني بأن هذه الأمة تقتل ابن نبيّها ، ويبكي عليه كل شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء ، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم ، والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات والأرضين ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

٢٠٧

ثم قال عليعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

٢٠٤ ـ بكاء كل ما خلق الله على الحسينعليه‌السلام :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ طبع حجر طهران)

عن أبي بصير عن الباقرعليه‌السلام قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين بن عليعليه‌السلام حتى ذرفت دموعهما.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع والأرضون السبع ، وما فيهن وما بينهن ، وما يتقلّب عليهن ، والجنة والنار ، وما خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى.

(وفي المنتخب للطريحي ، ص ٣٩ ط ٢) عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السموات السبع ومن فيهن ، من الجن والإنس والوحوش والدواب والأشجار والأطيار ، ومن في الجنة والنار ، وما لا يرى. كل ذلك يبكون على الحسينعليه‌السلام ويحزنون لأجله ، إلا ثلاث طوائف من الناس ، فإنها لم تبك عليه أبدا. فقيل : فمن هذه الثلاثة التي لم تبك على الحسينعليه‌السلام ؟.فقال : هم أهل دمشق وأهل البصرة وبنو أمية. لعنة الله على الظالمين.

وعن المفضّل بن عمر قال : سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : لما مضى الحسين بن عليعليه‌السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلا ثلاثة (أشياء) : البصرة ودمشق وآل عثمان (ابن عفان). وفي رواية : وآل الحكم بن أبي العاص.

٢٠٥ ـ بكاء كل شيء أربعين صباحا :

(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ ط حجر إيران)

عن أبان بن عثمان عن زرارة (قال) قال الصادقعليه‌السلام : يا زرارة إن السماء بكت على الحسينعليه‌السلام أربعين صباحا بالدم ، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد ، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة ، وإن الجبال تقطّعت وتشتّرت (وانتثرت) ، وإن البحار تفجّرت ، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسينعليه‌السلام .

٢٠٨

بكاء الحيوانات

٢٠٦ ـ قصة الطيور ونوحهم على الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ٣٣)

في (البحار) : روي عن طريق أهل البيتعليه‌السلام أنه لما استشهد الحسينعليه‌السلام بقي في كربلاء صريعا ، ودمه على الأرض مسفوحا ، وإذا بطائر أبيض قد أتى وتمسّح بدمه ، وجاء والدم يقطر منه ، فرأى طيورا تحت الظلال على الغصون والأشجار يلعبون ، فقال لهم : أنتم تأكلون وتتنعّمون والحسين في كربلاء مقتول؟!. فذهبوا معه إلى كربلاء. فلما رأوه على تلك الحال تصايحن وأعلنّ بالبكاء والثبور ، وتواقعن على دمه يتمرّغن فيه ، وطار كلّ واحد منهم إلى ناحية يعلم أهلها عن قتل الحسينعليه‌السلام .

فمن القضاء والقدر أن طيرا من هذه الطيور قصد مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاء يرفرف ، والدم يتقاطر من أجنحته ، ودار حول قبر سيدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلن بالنداء :ألا قتل الحسين بكربلا ألا ذبح الحسين بكربلا.

٢٠٧ ـ غراب ملطّخ بدم الحسينعليه‌السلام يقع في بيت فاطمة الصغرى بنت الحسينعليهما‌السلام في المدينة ، منبئا بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ـ تراجم النساء ، ص ٢٨٦)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : حدثني أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام قال : لما قتل الحسين بن عليعزوجل جاء غراب فوقع في دمه وتمرّغ ، ثم طار فوقع في المدينة ، على جدار (دار) فاطمة بنت الحسين بن عليعليهم‌السلام وهي الصغرى. ونعب الغراب ، فرفعت رأسها ونظرت إليه ، فرأته متلطّخا بالدم ، فبكت بكاء شديدا ، وأنشأت تقول :

نعب الغراب فقلت : من

تنعاه ، ويلك يا غراب

قال : الإمام. فقلت : من؟

قال : الموفّق للصواب

قلت : الحسين؟! فقال لي :

ملقى على وجه التراب

إنّ الحسين بكربلا

بين الأسنة والحراب

فابك الحسين بعبرة

ترضي الإله مع الثواب

٢٠٩

ثم استقلّ به الجناح

ح ، فلم يطق ردّ الجواب

فبكيت مما حلّ بي

بعد الوصيّ المستجاب

قال أبي ، علي بن الحسينعليه‌السلام : فنعته لأهل المدينة ، فقالوا : قد جاءتنا بسحر (بني) عبد المطلب!. فما كان بأسرع من أن جاءهم الخبر بقتل الحسين ابن عليعليه‌السلام .

تعليق : يقول الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٩٠ :

لا يخفى أن فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام كانت بكربلاء ، وجرى عليها ما جرى على أهل البيتعليهم‌السلام من الأسر والذل ، وأنها خطبت عند دخولها الكوفة بخطبتها الآتية المفصّلة ، إلى غير ذلك مما مرّ وسيمرّ علينا في طي الفصول الآتية ؛ من أنها كانت مع أهل البيتعليهم‌السلام ولم تكن في المدينة. وإنما نقلناه هنا تبعا لبعض أرباب المقاتل والعلامة المجلسي ، حيث ذكروه في المقام ، وأسندوه إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

ويقول السيد المقرم في مقتله ، ص ٣٧٦ : لعل هناك للحسينعليه‌السلام ابنة أخرى اسمها فاطمة الصغرى غير (فاطمة) التي كانت معه في كربلاء ، وهي التي جاءها الغراب المتلطخ بدم الحسينعليه‌السلام ونزل في بيتها في المدينة

٢٠٨ ـ خبر فاطمة الصغرىعليها‌السلام في المدينة :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤١٠)

وعن بعض كتب المقاتل : وكان للحسينعليه‌السلام بنت تسمى بفاطمة ، وكانت حين خروجه من المدينة مريضة ، فجعلها عند أم سلمة رضي الله عنها. وكانت كل يوم تجيء خلف الباب لعلها تجد من كان له اطلاع بحال والدها. ولما طال زمان الفراق ولم يصل الخبر من والدها ، اشتغلت بالبكاء وتراكمت عليها الأحزان. وكتبت كتابا لوالدها وبيّنت فيه حالها ، وبعثته مع أعرابي ذاهب إلى كربلاء. فأوصله الأعرابي إلى الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، فقرأه على الهاشميات ، فبكين جميعا.

(أقول) : وهذه البنت الصغيرة هي التي جاءها نبأ استشهاد أبيها الحسينعليه‌السلام من كربلاء بصورة طائر ملطخ بدم الحسينعليه‌السلام حتى وقع في بيتها.

٢١٠

بكاء النبات والشجر

وتصديقا لما ورد من اشتراك كل شيء في الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، حتى الشجر والحجر ، نورد القصة التالية ، وهي قصة شجرة مباركة من نوع [العوسجة] وهي نبات شوكي يشبه توت السياج.

٢٠٩ ـ خبر العوسجة المباركة(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٣ ط ٣)

عن هند بنت الجون ، قالت : نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيمة خالتي أم معبد الخزاعية ، ومعه أصحاب له ، فكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس. فقال [أي نام القيلولة] في الخيمة هو وأصحابه حتى أبرد ، وكان يوما قائظا شديد حرّه.

فلما قام من رقدته ، دعا بماء فتوضأ للصلاة ، ومجّ ماء من فيه أمام عوسجة يابسة كانت إلى جنب خيمة أم معبد [العوسجة : شجرة ذات شوك ، وحملها أحمر اللون]. ثم فعل أصحابه مثل ذلك. ثم قام فصلى ركعتين. فعجبت وفتيات الحي من ذلك ، وما كان عهدنا ولا رأينا مصلّيا قبله.

فلما كان من الغد ، أصبحنا وقد علت العوسجة ، حتى صارت كأعظم دوحة عادية وأبهى ، وخضد الله شوكها [أي نزعه] ، وساخت عروقها وكثرت أفنانها ، واخضرّ ساقها وورقها. ثم أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة ، في لون الورس المسحوق ، ورائحة العنبر ، وطعم الشهد. والله ما أكل منها جائع إلا شبع ، ولا ظمآن إلا روي ، ولا سقيم إلا برئ ، ولا ذو حاجة وفاقة إلا استغنى ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا سمنت ودرّ لبنها. ورأينا النماء والبركة في أموالنا منذ يوم نزل ، وأخصبت بلادنا وأمرعت ، فكنا نسمي تلك الشجرة (المباركة). وكان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي يستظلون بها ، ويتزوّدون من ورقها في الأسفار ، ويحملون معهم في الأرض القفار ، فيقوم لهم مقام الطعام والشراب.

العوسجة تحزن على أهل البيتعليهم‌السلام :

فلم تزل كذلك وعلى ذلك [حتى] أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها ، واصفرّ ورقها ، فأحزننا ذلك وفرقنا له. فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا هو قد قبض ذلك اليوم. فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون ذلك في العظم والطعم والرائحة.

٢١١

فأقامت على ذلك ثلاثين سنة. فلما كانت ذات يوم أصبحنا وإذا بها قد تشوّكت من أولها إلى آخرها ، فذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها. فما كان إلا يسير حتى وافى مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا ، وانقطع ثمرها. ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي مرضانا بها ، ونستشفي به من أسقامنا.

فأقامت على ذلك برهة طويلة. ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد بعثت من ساقها دما عبيطا [أي طريا] جاريا ، وأوراقها ذابلة تقطر دما كماء اللحم. فقلنا أن قد حدث أمر عظيم. فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية. فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من تحتها ، وجلبة شديدة ورجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :

أيابن النبي ويابن الوصيّ

بقيّة ساداتنا الأكرمين

ثم كثرت الرنّات والأصوات ، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون. فأتانا بعد ذلك [خبر] قتل الحسينعليه‌السلام . ويبست الشجرة وجفّت ، فكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك ، فذهبت واندرس أثرها.

حزن السيدة أم سلمة رضي الله عنها

٢١٠ ـ حزن أم سلمة ومعجزة القارورة :(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٤٦)

وكان أول صارخة صرخت في المدينة (أم سلمة) زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبريل أعلمني أن أمتي تقتل الحسينعليه‌السلام ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دما عبيطا [أي طريا] فاعلمي أن الحسين قد قتل.

وكانت عندها ، فلما حضر ذلك الوقت ، جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلما رأتها قد صارت دما ، صاحت : وا حسيناه ، وابن رسول الله!. وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قط.

٢١١ ـ إخبار أم سلمة بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ط نجف)

جاء في مسند أحمد بن حنبل وغيره ، قال ابن عباس : بينا أنا راقد في منزلي ، إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة ، وهي تقول : يا بنات عبد المطلب

٢١٢

أسعدنني وابكين معي ، فقد قتل سيّدكنّ. فقيل : ومن أين علمت ذلك؟!. قالت :رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الساعة في المنام شعثا مذعورا ، فسألت عن ذلك؟. فقال :قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته ، فدفنتهم.

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاها تربة جاء بها جبرئيل من كربلاء ، وقال لها : اجعليها في قارورة ، فإذا صارت دما فقد قتل ابنك ، فرأيت القارورة الآن صارت دما عبيطا يفور.

٢١٢ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى رأسه ولحيته دم :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٧)

أحضر جبرئيلعليه‌السلام تربة من كربلاء ، وأعطاها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره أنه [أي الحسينعليه‌السلام ] سيقتل ، فطلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أم سلمة أن تحفظها.

قالت أم سلمة : فما مضت الأيام والسنون إلا وقد سافر الحسينعليه‌السلام إلى أرض كربلاء ، فحسّ قلبي بالشر ، وصرت كل يوم أتحسس القارورة. فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة انقلبت دما عبيطا ، فعلمت أن الحسينعليه‌السلام قد قتل. فجعلت أنوح وأبكي يومي كله إلى الليل ، ولم أتهنّ بطعام ولا منام إلى طائفة من الليل ، فأخذني النعاس ، وإذا أنا بالطيف ؛ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبل وعلى رأسه ولحيته دم كثير. فجعلت أنفضه بكمي ، وأقول : نفسي لنفسك الفدا ، متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله؟. من أين لك هذا التراب؟. قال : هذه الساعة فرغت من دفن ولدي الحسينعليه‌السلام .

قالت أم سلمة : فانتبهت مرعوبة ، لم أملك على نفسي ، فصحت : وا حسيناه!.وا ولداه!. وا مهجة قلباه ؛ حتى علا نحيبي. فأقبلت إليّ نساء الهاشميات وغيرهن وقلن : ما الخبر يا أم المؤمنين؟. فحكيت لهن القصة. فعلا الصراخ وقام النياح ، وصار كأنه حين ممات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وسعين إلى قبره مشقوقة الجيب ومكشوفة الرأس ، فصحن : يا رسول الله ، قتل الحسين. فو الله الّذي لا إله إلا هو ، فقد أحسسنا كأن القبر يموج بصاحبه ، حتى تحركت الأرض من تحتنا ، فخشينا أنها تسيخ بنا. فانحرفنا ، بين مشقوقة الجيب ومنشورة الشعر وباكية العين.

٢١٣

حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢١٣ ـ رؤيا أم سلمة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاحبا كئيبا :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٢ و٢٣٠ ط ٣)

عن سلمى المدنية ، قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ، فقلت لها : ما يبكيك؟. قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، وعلى رأسه ولحيته أثر التراب.فقلت : ما لك يا رسول الله مغبرا؟. قال : شهدت قتل الحسينعليه‌السلام آنفا.

وعن غياث بن إبراهيم ، عن الصادقعليه‌السلام قال : أصبحت يوما أم سلمة رضي الله عنها تبكي ، فقيل لها : مم بكاؤك؟. فقالت : لقد قتل ابني الحسين الليلة ، وذلك أنني ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ مضى إلا الليلة ، فرأيته شاحبا كئيبا. فقالت : قلت : ما لي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا؟. قال : ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه عليهوعليهم‌السلام .

(وفي رواية أمالي الطوسي) قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام الساعة شعثا مذعورا ، فسألته عن شأنه ذلك ، فقال : قتل ابني الحسينعليه‌السلام وأهل بيته اليوم ، فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم.

٢١٤ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يلتقط دم الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣١ ط ٣)

عن عمار بن أبي عمار ، أن عبد الله بن عباس رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه يوما بنصف النهار ، وهو أشعث أغبر ، في يده قارورة فيها دم ، فقال : يا رسول الله ما هذا الدم؟. قال : دم الحسينعليه‌السلام لم أزل ألتقطه منذ اليوم.

فأحصي ذلك اليوم ، فوجد أنه قتلعليه‌السلام في ذلك اليوم.

(وذكر ابن شهر اشوب في مناقبه ، ج ٢ ص ٢٣٧) قال : وفي أثر ابن عباس ، رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه بعد قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو مغبر الوجه حافي القدمين ، باكي العينين ، وقد ضمّ حجز قميصه إلى نفسه ، وهو يقرأ هذه الآية :( وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) . وقال : إني مضيت إلى كربلاء والتقطت دم الحسين من الأرض ، وهو ذا في حجري ، وأنا ماض أخاصمهم بين يدي ربي.

٢١٤

٢١٥ ـ رؤيا ابن عباس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبيده قارورتان :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٧١)

روي عن ابن عباس قال : كنت نائما في منزلي في المدينة قابلة الظهر ، فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مقبل من نحو كربلاء ، وهو أشعث أغبر والتراب على شيبه ، وهو باكي العين حزين القلب ، ومعه قارورتان مملوءتان دما. فقلت له : يا رسول الله ، ما هذه القارورتان المملوءتان دما؟. فقال : هذه فيها من دم الحسينعليه‌السلام ، وهذه الأخرى من دم أهل بيته وأصحابه. وإني رجعت الآن من دفن ولدي الحسين ، وهو مع ذلك لا يفيق من البكاء والنحيب.

قال ابن عباس : فاستيقظت من نومي فزعا مرعوبا حزينا على الحسينعليه‌السلام ولم أعلم بقتله. فبقيت في الهم والغم أربعة وعشرين يوما ، حتى جاء الناعي إلى المدينة بقتل الحسينعليه‌السلام فحسبت من يوم الرؤيا إلى ذلك اليوم ، فإذا هو يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، وفي تلك الساعة كان مقتله. فتعجبت من ذلك ، وتزايدت أحزاني وتصاعدت أشجاني.

حزن فاطمة الزهراءعليها‌السلام

٢١٦ ـ بكاء فاطمةعليها‌السلام على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥١١)

في (كامل الزيارات) ص ٨٧ ؛ والبحار ، ج ٤٥ ص ٢٢٥ :

في حديث عبد الملك بن مقرن : وإن فاطمةعليها‌السلام إذا نظرت إليهم [أي الشهداء] ومعها ألف نبي وألف صدّيق وألف شهيد ، ومن الكرّوبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء ، وإنها لتشهق شهقة فلا يبقى في السموات ملك إلا بكى رحمة لصوتها ، وما تسكن حتى يأتيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا بنيّة قد

أبكيت أهل السموات ، وشغلتهم عن التسبيح والتقديس ، فكفّي حتى يقدّسوا ، فإن الله بالغ أمره. وإنها لتنظر إلى من حضر منكم فتسأل الله لهم من كل خير ، ولا تزهدوا في إتيانه ، فإن الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى.

٢١٥
٢١٦

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

(بعد ظهر يوم العاشر من المحرم)

ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر سنة ٦١ ه‍.

ويتضمن الأمور التالية :

ـ سلب الحسينعليه‌السلام

ـ نهب الخيام

ـ سلب حرائر النبوة والإمامة

ـ امرأة من بكر بن وائل مع زوجها ينقلبان من عسكر ابن سعد ويدافعان عن نساء الحسينعليه‌السلام

ـ محاولة قتل زين العابدينعليه‌السلام

ـ إضرام النار في الخيام ، وخروج النساء مذعورات

ـ طفلان يموتان من الرعب ـ طفلتان تسحقان

ـ الناجون من القتل

ـ وطء الخيل جسد الحسينعليه‌السلام

ـ جرائم لم يشهد لها مثيل

ـ لا يقتل الحسينعليه‌السلام إلا ابن زنا

٢١٧

ـ تراجم وأنساب بعض قتلة الحسينعليه‌السلام :

ـ نسب يزيد

ـ نسب ابن زياد

ـ نسب معاوية

ـ نسب شمر

ـ ترجمة عبيد الله بن زياد

ـ ترجمة عمر بن سعد

٢١٨

الفصل السادس والعشرون

حوادث بعد الشهادة

٢١٧ ـ ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر :

استشهد الإمام الحسينعليه‌السلام بعد ظهر اليوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه‍.وقبل حلول الظلام تمّ السلب والنهب للحسينعليه‌السلام وخيامه ، ثم رضّوا صدره الشريف بسنابك الخيل ، ثم حملوا رأسه إلى عبيد الله بن زياد بالكوفة. ومنذ حصلت تلك المآسي المفجعة ، حدثت في الكون حوادث غريبة تنبئ عن غضب الله على القتلة الفاجرين ، وتشارك في الحزن والبكاء على مولانا الحسينعليه‌السلام ، حتى بكاه الجن والملائكة ، والحيوانات والحيتان ، والشجر والحجر ، وهو ما تكلمنا عنه في الفصل السابق.

وفي اليوم الحادي عشر من المحرم جاء الأمر بتسيير السبايا من كربلاء إلى الكوفة ، والمسافة حوالي ٧٠ كم. ثم ظل السبايا في الكوفة ثمانية أيام

في السجن [أي حتى ١٩ محرم] ، إلى أن جاء الأمر من يزيد بتسييرهم مع زين العابدينعليه‌السلام إلى الشام.

واستغرق الطريق إلى الشام ـ وهو أطول طريق آهل بالسكان يصل الكوفة بدمشق ، من جهة الموصل والجزيرة وحلب ـ على أقل تقدير اثني عشر يوما ، فدخلوا دمشق في الأول من شهر صفر.

وبعد أن أودع السبايا في الخربة عند باب الفراديس بدمشق ، ظلوا فيها زمنا غير معروف بالتحديد ، من ثلاثة أيام فصاعدا ، ثم نقلهم يزيد إلى قصره. ولما أظهر يزيد التقرب منهم أمام الناس ، سمح لهم ظاهريا بإقامة المأتم على الحسينعليه‌السلام ، فأقاموها سبعة أيام.

فإذا رجعوا مباشرة إلى المدينة ، وعرّجوا على كربلاء ، يصلونها عن طريق الصحراء المختصر في ٢٠ صفر ، موعد زيارة الأربعين للحسينعليه‌السلام .

٢١٩

وبعد مرور السبايا على كربلاء يوم الأربعين [٢٠ صفر] ، وحلولهم هناك ثلاثة أيام ، يقيمون المأتم على الحسينعليه‌السلام مع جابر بن عبد الله الأنصاري ؛ توجّهوا إلى المدينة المنورة ، فوصلوها في منتصف شهر ربيع الأول ، لأن المسافة تستغرق نحو ٢٤ يوما مع الراحة.

ويمكن تمثيل المعلومات السابقة بيانيا في الجدول التالي :

(الشكل ٦) : مخطط توزع الحوادث من ١٠ محرم إلى ١٥ ربيع الأول

الموافق لإقامة السبايا في الكوفة ، ثم مسيرهم إلى دمشق ، ثم رجوعهم إلى المدينة

هذا إذا صحّ أن السبايا وهم راجعون من دمشق إلى المدينة ، توافوا عند قبر أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام في كربلاء مع جابر بن عبد الله الأنصاري في ٢٠ صفر من سنة ٦١ ه‍ ، أي بعد أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . ونحن نستبعد حدوث ذلك لضيق الوقت. وسوف نناقش هذا الموضوع في حينه إنشاء الله.

حوادث بعد ظهر يوم العاشر من المحرم

سلب الحسينعليه‌السلام

٢١٨ ـ سلب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٩)

وأقبل القوم على سلب الحسينعليه‌السلام ، فسلبوا جميع ما كان عليه. فأخذ (إسحق بن حوية) قميصه ، و (بحر بن كعب) سراويله. وأخذ عمامته (الأخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي) وقيل (جابر بن يزيد). وأخذ برنسه (مالك بن النسر الكندي). وأخذ نعليه (الأسود بن خالد). وأخذ سيفه (القلانس النهشلي من دارم) وقيل (جميع بن الخلق الأودي) وقيل (الأسود بن حنظلة التميمي). ورأى (بجدل

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الحدود] فبينما كان يتصيّد يوما رأى حيا من أحياء العرب نازلا في تلك البادية ، فأحب إحدى نسائهم ، وكانت نصرانية ، فخطبها بعد أن اعتنق دينها ، وكان اسم المرأة (تكريت) فسمّي الربض باسمها. وقلعتها الآن خراب.

وفي (تقويم البلدان) لأبي الفداء :

تكريت مدينة على غربي دجلة في برّ الموصل ، وبينهما ستة أيام.

قال ابن حوقل : وقرب تكريت يشتق نهر الدّجيل ، الّذي يسقي سواد سامراء إلى قرب بغداد.

٤٠٠ ـ القرى بين تكريت والموصل :

هناك عدة مواقع بين تكريت والموصل ، منها : طريق البر ـ الأعمى ـ دير عروة ـ صليتا ـ وادي النخلة ـ برساباد ـ أرميناء ـ لينا ـ الكحيل ـ جهينة. وما عدا الموقعين الأخيرين ، لا نجد لهذه المواقع ذكر في معاجم البلدان ، ولعل ذلك لأنها اندثرت. وتقع (الكحيل) في منتصف المسافة بين تكريت والموصل ، بينما (جهينة) فهي قريبة من الموصل.

٤٠١ ـ الكحيل :(معجم البلدان لياقوت الحموي)

الكحيل (تصغير الكحل) : موضع بالجزيرة ، وكان فيه يوم للعرب.

قال أحمد بن الطيب السرخسي الفيلسوف : الكحيل مدينة عظيمة على دجلة ، بين الزابين ، فوق تكريت من الجانب الغربي. وأما الآن فليس لهذه المدينة خبر ولا أثر.

وفي (تاريخ الكامل) لابن الأثير ، ج ٤ ص ٣١٨ : وهي من أرض الموصل في جانب دجلة الغربي.

٤٠٢ ـ جهينة(المصدر السابق)

يقول ياقوت الحموي : ومن أعمال الموصل جهينة ، وهي قرية كبيرة من نواحي الموصل على دجلة. وهي أول منزل لمن يريد بغداد من الموصل.

٤٠٣ ـ عسقلان :

المعروف أن عسقلان بلدة في فلسطين تقع جنوب يافا قريبا من البحر. ولكن هذه (عسقلان) أخرى تقع في العراق ، وقد مرّ بها ركب السبايا قبل وصولهم إلى الموصل على ما يبدو. ولم أعثر عليها في الخرائط ولا في معاجم البلدان.

٣٤١

هذا مع العلم بأن رأس الحسين الشريفعليه‌السلام قد سيّره يزيد بعد وصوله إلى دمشق ، سيّره إلى فلسطين ثم مصر ، ومرّ بعسقلان فلسطين الواقعة بين يافا ورفح.

وسوف نعرّف بها فيما بعد.

٤٠٤ ـ الموصل :

(معجم الخريطة التاريخية للممالك الإسلامية لأمين واصف بك ، ص ١٠٤)

في (الفهرست) : الموصل مدينة بأرض الجزيرة شمال العراق ، على نهر دجلة على جانبه الغربي ، قديمة العهد. وفي قبالتها على البر الشرقي منها أطلال مدينة نينوى القديمة ، قاعدة ملك آشور. وكانت الموصل قاعدة ملك بني حمدان ، ثم انتقلوا منها إلى حلب ، وأسسوا الدولة الحمدانية.

ونينوى هذه غير (نينوى) التي نزل بقربها الحسينعليه‌السلام في كربلاء.

وفي (معجم البلدان) ج ٥ ص ٢٢٣ :

الموصل : سمّيت بهذا الاسم لأنها تصل بين الجزيرة والعراق. وهي باب العراق ومفتاح خراسان ، ومنها يقصد إلى أذربيجان.

يقول ياقوت الحموي : وكثيرا ما سمعت أن بلاد الدنيا العظام ثلاثة : نيسابور لأنها باب الشرق ، ودمشق لأنها باب الغرب ، والموصل لأن القاصد إلى الجهتين غالبا ما يمرّ بها.

وفي (مزارات بلاد الشام) لأبي الحسن الهروي : وبالموصل مشهد رأس الحسينعليه‌السلام كان به لما عبروا بالسبي ، ومشهد الطرح ، وبها كفّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

وقد ذكرت سابقا أن الموصل (هذه) غير موصل اليوم ، إذ المدينة التي كانت آهلة هي (الحديثة) على نهر دجلة ، جنوب الموصل (١٤ فرسخا) ، أما (الموصل) الحالية فقد بناها فيما بعد محمّد بن مروان. وقد نبّهني إلى هذه المعلومة مولانا الأجل السيد حسين يوسف مكيرحمه‌الله .

٤٠٥ ـ تل أعفر (تلعفر):

في (تقويم البلدان) لأبي الفداء ، ص ٢٨٥ :

تل أعفر : قلعة بين سنجار والموصل. ولها أشجار كثيرة ، وهي غربي الموصل ،

٣٤٢

فيما بينها وبين سنجار ، وربما تكون إلى سنجار أقرب. وبين سنجار وتل أعفر خمسة فراسخ [٢٧ كم] ، وبين تل أعفر وبين (بلد) ستة فراسخ.

وفي (معجم البلدان) لياقوت الحموي ، ج ٢ ص ٣٩ :

تل أعفر : سمّي الأعفر للونه (الأحمر) ، قلعة وربض بين الموصل وسنجار في وسط واد فيه نهر جار. وهي على جبل متفرد حصينة محكمة. وبها نخل كثير يجلب رطبه إلى الموصل.

وفي (موجز تاريخ البلدان العراقية) لعبد الرزاق الحسني :

قال : وجميع سكان تل أعفر (ويكتبها بعضهم : تلعفر) اليوم أتراك من بقايا المغول ، وهم على ما يظن من بقايا جنود تيمور لنك الّذي قصد الموصل عام ٧٩٨ ه‍. وتراهم غليظي الطباع خشني المزاج ، لا يستطيع الإنسان مخالطتهم.

٤٠٦ ـ سنجار :(معجم البلدان لياقوت الحموي ، ج ٣ ص ٢٦٢)

قال الكلبي : إنما سميت (سنجار)و (آمد)و (هيت) باسم بانيها ، وهؤلاء إخوة ثلاثة. والذي بنى سنجار هو سنجار بن دعر ، ودعر هو الّذي نجّى يوسفعليه‌السلام من الجب. وهي تقع في السفح الجنوبي من جبل سنجار.

وفي (موجز تاريخ البلدان العراقية) قال عبد الرزاق الحسني :

ويقطن سنجار اليوم الطائفة اليزيدية عبدة الشيطان ، ويسكنون القسم الشمالي الجبلي منها ، ويتكلمون الكردية.

وفي كتاب (الإشارات إلى معرفة الزيارات) للهروي ، ص ٦٦ :

بها مشهد علي بن أبي طالبعليه‌السلام على الجبل ، وبها تل قنبر.

٤٠٧ ـ مزار السيدة زينبعليها‌السلام في سنجار :

(مجلة الموسم العدد ٤ ص ٩٢٤)

يوجد في سنجار العديد من المراقد والمزارات المنسوبة لآل البيتعليهم‌السلام . وقد أقيمت هذه المشاهد منذ القرون الهجرية الأولى ، أي منذ خضوع (سنجار) للدول الشيعية كالفاطميين والبويهيين والحمدانيين والعقيليين.

ومن تلك المشاهد المزار المنسوب للسيدة زينب الكبرى بنت الإمام عليعليه‌السلام ، والذي ابتدأ أمره بمرور سبايا أهل البيتعليهم‌السلام في هذه المنطقة.

٣٤٣

يقوم هذا المزار على ربوة عالية في مدخل المدينة ، وفيه غرفة مستطيلة في وسطها الضريح ، وهو عبارة عن قبر مشيّد من الحجر والجص. وفي هذه الغرفة محراب صغير ، وفوق الضريح قبة مضلعة مخروطية الشكل. وتدل الكلمات المنقوشة على مدخل الرواق إلى يسار غرفة الضريح ، على أن الّذي بنى هذا البناء هو الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ أيام ملكه لبلاد سنجار ٦٣٧ ـ ٦٥٧ ه‍ [١٢٣٩ ـ ١٢٥٩ م].وكان هذا الملك متقربا من الشيعة ضد الأتابك والأيوبيين ، حتى لقّب بولي آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويبدو أن هذا الضريح كان قد أصابه الهدم والتخريب عدة مرات ، وهو يجدد.وقد خرّبه التتار عندما استولوا على سنجار سنة ٦٦٠ ه‍ [١٢٦٢ م] ثم جدّد بناءه قوام الدين محمّد اليزدي ، وهو من العجم.

وقد ذكر الهروي المتوفى سنة ٦١١ ه‍ [١٢١٤ م] عند وصوله إلى سنجار ما يلي :

وبها مشهد علي بن أبي طالبعليه‌السلام على الجبل. ولم يذكر أنه مزار السيدة زينبعليها‌السلام .

وكرر ابن شداد المتوفى سنة ٦٨٤ ه‍ ما قاله الهروي ، قال : وبسنجار مشهد كان ملاصقا للسور يعرف بمشهد عليعليه‌السلام .

(راجع الأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ ص ١٥٥)

(أقول) : سواء كان هذا المزار هو مشهد للإمام عليعليه‌السلام أو لابنته زينبعليها‌السلام ، فإن الضريح الّذي فيه ليس لأحدهما بل لشخص ما.

٤٠٨ ـ نصيبين :

قال ياقوت الحموي في (معجم البلدان) :

نصيبين مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام.وتقع على الحافة الجنوبية لجبل طور عابدين. وعليها سور كانت الروم بنته ، وأتمّه أنوشروان الملك العادل عند فتحه إياها.

وقال القرماني في (أخبار الدول) ص ٤٦٥ :

نصيبين مدينة عامرة بقرب سنجار ، وهي قاعدة بلاد ربيعة. وهي مخصوصة بالورد الأبيض ، ولا يوجد بها وردة حمراء. وفي شمالها جبل الجودي الّذي استقرت عليه سفينة نوحعليه‌السلام .

٣٤٤

وقال أبو الفداء في (تقويم البلدان) ص ٢٨٣ :

قال ابن سعيد : وفي شمالها جبل كبير منه ينزل نهرها ، ويمرّ على سور نصيبين والبساتين عليه. ونصيبين شمالي سنجار. وجبل نصيبين هو الجودي ، وهو الّذي يقال إن سفينة نوحعليه‌السلام استقرّت عليه.

قال في (العزيزي) : ونصيبين قصبة ديار ربيعة ، ونهرها هو الهرماس ، وبها عقارب قاتلة.

وقال أبو الحسن الهروي في (مزارات بلاد الشام) ص ٦٥ :

مدينة نصيبين بها مشهد الإمام عليعليه‌السلام ، وبه شجرة عنّابة ولها حكاية.

وبها كف علي بن أبي طالبعليه‌السلام في مسجد باب الروم وبها مسجد زين العابدينعليه‌السلام . وبها مشهد الرأس في سوق النشّابين ، ويقال إن رأس الحسينعليه‌السلام علّق به لما عبروا بالسبي إلى الشام. وبها مشهد النقطة ، يقال إنه من دم الرأس هناك ،والله أعلم.

٤٠٩ ـ كفرنوبة(معجم البلدان لياقوت الحموي)

لم أعثر على هذا الاسم ، ولكن توجد بلدة بين نصيبين ورأس العين اسمها (كفر توثا) ، لعلها هي. وهي أقرب إلى رأس العين.

٤١٠ ـ عين الورد (رأس العين):

قال ياقوت الحموي : عين الورد هي رأس العين ، المدينة المشهورة بالجزيرة.

وفي (تقويم البلدان) لأبي الفداء ص ٢٧٩ : وهي عين في مستو من الأرض.

قال ابن حوقل : ويخرج منها فوق ثلاثمائة عين كلها صافية ، ويصير من هذه الأعين نهر الخابور.

٤١١ ـ حرّان :(الفهرست : معجم الخريطة التاريخية لأمين واصف بك ، ص ٤٤)

حرّان هي قصبة ديار مضر ، تقع في شمال الرقة. قيل إنها أول مدينة بنيت بعد الطوفان ، وهي مدينة معظّمة عند الصابئة. وفي شمالها ينبع نهر البليخ ، من عدة عيون ووديان صغيرة. وفيها قلعة مشيّدة من الحجر على شكل بديع. وكان لها جامع.

٣٤٥

وقال كامل الحلبي في (نهر الذهب في تاريخ حلب) ج ١ ص ٥٥٥ :

كانت حرّان الإقليم الرابع من الجزيرة ، وكانت قصبة ديار مضر ، بينها وبين الرّها [أورفه] يوم ، وبين الرقة يومان. وهي على طريق الموصل والشام والروم.

وذكر قوم أنها أول مدينة بنيت على الأرض بعد الطوفان. وكانت منازل الصابئة ، وقد بنوا فيها هياكل على اسم الجواهر العقلية والكواكب. وقد هاجر إليها إبراهيمعليه‌السلام وأقام فيها نحو خمس عشرة سنة.

قال المسعودي : ورأيت على باب مجمع الصابئة بمدينة حرّان مكتوبا معناه :«من عرف ذاته تألّه». وهم ينتسبون إلى صابئ بن إدريس. وهي الآن قرية صغيرة معظم سكانها عرب مسلمون ، ليس فيها صابئ واحد.

٤١٢ ـ الرّقّة(معجم البلدان لياقوت الحموي)

الرقّة : أصلها كل أرض إلى جنب واد ينبسط عليها الماء. وقال غيره : الرقة الأرض اللينة التراب من غير رمل. وهي مدينة مشهورة على الجانب الأيسر للفرات. وهي معدودة في بلاد الجزيرة ، لأنها من الجانب الشرقي للفرات. ويقال لها الرقة البيضاء ، وكان بالجانب الغربي مدينة أخرى تعرف برقة واسط ، وكان بها قصران لهشام بن عبد الملك.

قال الهروي في كتاب (الإشارات إلى معرفة الزيارات) ص ٦٣ : في الرقة مشهد علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبها مشهد الجنائز ، وبه المردى الّذي جاؤوا بالشهداء عليه من الفرات.

٤١٣ ـ قلعة جعبر(قاموس المنجد للأعلام)

قلعة قديمة سمّاها العرب (دوسر) تقع على الفرات بين الرقة وبالس.

٤١٤ ـ بالس (مسكنة)(معجم البلدان لياقوت الحموي)

بالس : بلدة بالشام بين حلب والرقة. سمّيت فيما ذكر ببالس بن الروم بن اليقن ابن سام بن نوحعليه‌السلام . وكانت على ضفة الفرات الغربية ، فلم يزل الفرات يشرّق عنها قليلا قليلا حتى صار بينهما في أيامنا هذه أربعة أميال [٧ كم].

وفي (جولة أثرية في بعض البلاد الشامية) للرحالة أوليا جلبي التركي ـ ترجمة أحمد وصفي زكريا ، ص ١٩٧ قال :

٣٤٦

وقد استرعت هذه الحالة عجب أبي العلاء ، وكان بلغه إذ ذاك أن أهل بالس ـ وهي التي تدعى الآن (مسكنة) شرقي حلب على الفرات ـ عجزوا من غارات الفرات وحفر أرضهم ، فقال :

أرى (كفر طاب) أعجز الماء أهلها

و (بالس) أعياها الفرات من الحفر

كذلك مجرى الرزق واد بلا ندى

وواد به فيض وآخر ذو جفر

وفي (مزارات بلاد الشام) للهروي ، ص ٦١ :

مدينة بالس فيها مشهد الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبها مشهد الطرح.وبها مشهد الحجر ، يقال إن رأس الحسينعليه‌السلام وضع عليه عندما عبروا بالسبي.

٤١٥ ـ حلب(معجم البلدان لياقوت الحموي)

حلب : مدينة عظيمة واسعة ، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه.

قال الزجاج : سمّيت حلب لأن إبراهيمعليه‌السلام كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدق به ، فيقول الفقراء : حلب حلب ، فسمي به.

وحلب بلدة مسوّرة بحجر أبيض ، وفيها ستة أبواب. وفي جانب السور قلعة ، في أعلاها مسجد وكنيستان ، في إحداهما كان المذبح الّذي قرّب عليه إبراهيمعليه‌السلام .وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبّئ بها غنمه. وفي البلدة جامع وست بيع [جمع بيعة وهي معبد النصارى] وبيمارستان صغير.

يقول ابن بطّلان المتطبب في رسالة إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي [نحو ٤٤٠ ه‍] : والفقهاء فيها يفتون على مذهب الإمامية.

وقلعة حلب هي مقام إبراهيم الخليلعليه‌السلام ، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى ابن زكرياعليه‌السلام .

وأما المسافات ، فمن حلب إلى قنسرين يوم ، ومن حلب إلى المعرة يومان ، وإلى حماة ثلاثة أيام ، وإلى حمص أربعة أيام.

ولحلب في أيامنا سبعة أبواب هي : باب الأربعين ـ وباب اليهود (أو النصر) ـ وباب الجنان ـ وباب أنطاكية ـ وباب قنّسرين ـ وباب العراق ـ وباب السرّ.

٤١٦ ـ جبل الجوشن غربي حلب :

في (معجم البلدان) لياقوت الحموي :

٣٤٧

الجوشن : الصدر أو الدرع. وهو جبل مطلّ على حلب من غربيها ، وفي سفحه مقابر ومشاهد للشيعة.

وإنما سمّي بالجوشن لأن شمر بن ذي الجوشن كان في جملة من أمره ابن زياد أن يلحق بالرؤوس ويشهرهم في كل بلد. ذكر ذلك المؤرخ يحيى بن أبي طي في تاريخه ، قال : إنا نروي عن آبائنا أن هذا المكان يسمى الجوشن ، لأن شمر بن ذي الجوشن نزل عليه بالرؤوس.

ثم قال ياقوت : وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السّقط ، ويسمى مشهد الدكّة. والسقط هو محسن بن الحسينعليه‌السلام أسقطته أمه هناك.

وفي كتاب (نهر الذهب في تاريخ حلب) لكامل بن حسين بن محمّد البالي الحلبي الشهير بالغزي ، ج ٢ ص ٢٨٠ :

عن يحيى بن أبي طي في تاريخه ، أن راعيا يسمى عبد الله يسكن في درب المغاربة ، كان يخرج كل يوم يرعى غنمه. فاتفق أنه نام يوما بعد صلاة الظهر في المكان الّذي بني فيه المشهد ، فرأى كأن رجلا أخرج نصفه من شقيف الجبل المطل على المكان ومدّ يده إلى أسفل الوادي وأخذ عنزا. فقال له : يا مولاي لأي شيء أخذت العنز وليست لك؟!. فقال : قل لأهل حلب يعمروا في هذا المكان مشهدا ويسمّوه مشهد الحسينعليه‌السلام . فقال : إنهم لا يرجعون إلى قولي!. فقال : قل لهم يحفروا هناك ، ورمى بالعنز من يده إلى المكان الّذي أشار إليه.

فاستيقظ الراعي فرأى العنز قد غاصت قوائمها في المكان ، فجذبها فظهر الماء من المكان. فدخل حلب ووقف على باب الجامع القبلي وحدّث بما رأى ، فخرج جماعة من أهل البلد إلى المكان الّذي ظهرت فيه العين ، وهو في غاية الصلابة بحيث لا تعمل فيه المعاول ، وكان فيه معدن النحاس قديما ، فخطّوا المشهد المذكور.

قال ابن أبي طي : ومقتضى هذه الحكاية أن هذا المكان هو المشهد المعروف بمشهد النقطة ، وهو قبلي المشهد المعروف بمشهد الحسينعليه‌السلام ، وهو إلى الخراب أقرب ، وأما مشهد الحسينعليه‌السلام فهو عامر آهل مسكون.

ثم يقول كامل الغزي في (نهر الذهب) ص ٢٨٢ :

إن كلا من مشهد الشيخ محسّن ، ومشهد الحسينعليه‌السلام ، قائم على سفح جبل

٣٤٨

الجوشن ، بينهما مسافة غلوة [أي مقدار ضرب سهم]. فالقبلي منها الشيخ محسّن ، والشمالي المشهد. ويؤخذ من كلام ابن أبي طي أنه كان يوجد بينهما مشهد آخر يعرف بمشهد النقطة ، وهو مما لا أثر له اليوم.

ثم يقول كامل الغزي : ذكر أن سبب بناء مشهد النقطة هو أن رأس الحسينعليه‌السلام لما وصلوا به إلى هذا الجبل ووضعوه على الأرض ، فقطرت منه قطرة دم فوق صخرة ، بنى الحلبيون عليها هذا المشهد ، وسمي مشهد النقطة. ولعل هذه الصخرة نقلت من هذا المشهد بعد خرابه إلى محراب مشهد الحسينعليه‌السلام فبني عليها.

(أقول) : يتبيّن مما سبق أنه يوجد ثلاثة مشاهد عليسفح جبل الجوشن هي :

١ ـ مشهد النقطة أو مشهد رأس الحسينعليه‌السلام : وهو المكان الّذي وضع فيه رأس الحسينعليه‌السلام فسقطت منه نقطة دم ، فبنوا عليها مسجدا. وقد اندثر هذا الموقع.

٢ ـ مشهد الحسينعليه‌السلام : وقد نقلت إليه الصخرة التي نزلت عليها نقطة الدم من المشهد السابق. ولما جاء الحمدانيون إلى حلب اهتموا بهذا المشهد وأعمروه فصار قلعة حصينة. ثم حصل فيه الانفجار المروّع الّذي هدمه عام ١٣٣٧ ه‍ ، ثم نقلت الصخرة منه إلى مشهد المحسنعليه‌السلام ولا تزال فيه. وهو اليوم مسجد ومدرسة دينية ، وذلك بعد أن عمل على ترميمه العلامة الأجل مولانا السيد حسين يوسف مكي العاملي منذ عام ١٣٧٩ ه‍.

٣ ـ مشهد الشيخ محسّن : حيث أسقطت إحدى زوجات الحسينعليه‌السلام بولدها محسن. ويقع هذا المشهد جنوبي المشهد السابق وعلى بعد نحو ٢٠٠ متر منه.

ولم يذكر ياقوت الحموي مشهد النقطة الّذي اندثر ، ويقع بين المشهدين الآخرين. هذا وتقع هذه المشاهد المقدسة على سفح جبل الجوشن في منطقة الأنصاري غربي حلب (انظر الشكل ١١).

يقول العلامة السيد حسين يوسف مكي في كتابه (تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب) ص ١٥ :

الثابت تاريخيا وكما هو المعروف والمشهور بين الناس أن سيف الدولة الحمداني أمير حلب ، هو الّذي قام ببناء مشهد الحسينعليه‌السلام ومشهد السقط

٣٤٩

مخطط مشهد الحسينعليه‌السلام ومشهد السقط محسنعليه‌السلام غربي حلب

محسنعليه‌السلام . ذكر ذلك الأستاذ عبد الرحمن الكيالي في كتابه (أضواء وآراء) ج ٢ ص ٦٣.

يقول العلامة السيد حسين يوسف مكي في كتابه (تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب) ص ١٢ :

إن ما نراه من البعد بين مشهد الحسينعليه‌السلام ومشهد السقط محسنعليه‌السلام وهو يزيد على مئتي متر ، يدلّ على أن محل وضع الرؤوس ونزول الرجال الحاملين لها هو محل مشهد الحسينعليه‌السلام ، وأن محل مشهد السقط محسنعليه‌السلام هو المحل

٣٥٠

الّذي أنزلوا فيه نساء الحسينعليه‌السلام وبناته واخوته وصبيانه. والغالب أن زين العابدينعليه‌السلام كان مع النساء ليتسنى لعمته زينبعليها‌السلام أن تمرّضه.

هذا وتقع بقرب مشهد الحسينعليه‌السلام من الجنوب ، قبور السادة الأشراف من بني زهرة ، منهم أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي المتوفى سنة ٥٨٥ ه‍.

مشهد السقط محسنعليه‌السلام

٤١٧ ـ مشهد السقط محسن في جبل الجوشن غربي حلب :

(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٥٢)

قال ياقوت الحموي في (معجم البلدان) :

جوشن : جبل في غربي حلب ، ومنه يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه.

ويقال : إنه منذ عبر عليه سبي الحسينعليه‌السلام ونساؤه ، وكانت زوجة الحسينعليه‌السلام حاملا فأسقطت هناك ، فطلبت من الصنّاع [أي العمال] في ذلك الجبل خبزا وماء ، فشتموها ومنعوها ، فدعت عليهم ، فمن الآن من عمل فيه لا يربح.

وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ، ويسمى مشهد الدكة. والسقط سمّي محسن بن الحسينعليه‌السلام .

وفي كتاب (تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب) للعلامة السيد حسين يوسف مكي ، ص ٢٥ :

قال يحيى بن أبي طي في تاريخه : ولحقت هذا المشهد وهو عليه باب صغير ، وحجر أسود تحت قنطرته مكتوب عليه بخط كوفي : عمّر هذا المكان المبارك ابتغاء لوجه الله وقربة إليه ، على اسم مولانا المحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان. وذكر تاريخ بنائه وهو سنة ٣٥١ ه‍.

فأول من عمّر هذا المشهد هو سيف الدولة الحمداني ، وهذه قصّته :

قال كامل الغزي في كتابه (نهر الذهب) ج ٢ ص ٢٧٨ : فأما مشهد محسن فيعرف بمشهد الدكّة ومشهد الطرح ، وهو غربي حلب ، سمّي بهذا لأن سيف الدولة كانت

٣٥١

له دكّة على الجبل المطلّ على موضع المشهد يجلس عليها لينظر حلبة السباق ، فإنها كانت تقام بين يديه هناك.

وعن (تاريخ ابن أبي طي) أن مشهد الدكّة ظهر في سنة ٣٥١ ه‍ ، وأن سبب ظهوره هو أن سيف الدولة كان في إحدى مناظره التي بداره خارج المدينة ، فرأى نورا ينزل على مكان المشهد ، وتكرر ذلك. فركب بنفسه إلى ذلك المكان وحفره ، فوجد حجرا مكتوبا عليه : «هذا قبر المحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ». فجمع العلويين [أي المنتسبين لعليعليه‌السلام ] وسألهم : هل كان للحسينعليه‌السلام ولد اسمه المحسن؟. فقال بعضهم : إن سبي نساء الحسينعليه‌السلام لما مروا بهن على هذا المكان طرحت إحدى نسائهعليه‌السلام بهذا الولد ، ودفن ههنا.فعمّره سيف الدولة ، وقال : إن الله أذن لي في عمارته على اسم ابن بنت نبيّه.ويعرف الموضع بالجوشن.

مشهد النقطة

٤١٨ ـ مشهد الرأس (أو مشهد النقطة):(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٥١)

قال الميانجي : ووضعوا الرأس الشريف خارج حلب على صخرة ، فقطرت عليها قطرة دم من الرأس المكرم ، فصارت تنبع ، ويغلي منه الدم كل سنة في يوم عاشوراء. وكان الناس يجتمعون عندها من الأطراف ، ويقيمون مراسم العزاء والمأتم في كل عاشوراء.

وبقي هذا إلى أيام عبد الملك بن مروان ، فأمر بنقل الحجر ، فلم ير بعد ذلك منه أثر.

وبنى الحمدانيون حين ملكوا حلب على هذا المقام قبة عظيمة ، وسمّوها : مشهد النقطة.

مشهد الحسينعليه‌السلام وعمارته

ذكرنا سابقا أن الحجر المذكور قد نقل من مشهد النقطة إلى مكان جديد ، سمّي فيما بعد مشهد الحسينعليه‌السلام ، ثم اندثر الموقع الأول.

٣٥٢

٤١٩ ـ عمارة مشهد الحسينعليه‌السلام :

أما عن عمارة مشهد الحسينعليه‌السلام فالذي بناه لأول مرة هو سيف الدولة الحمداني عام ٣٥١ ه‍.

وتمّت العمارة الثانية للمشهد في أيام الدولة النورية في زمن الملك الصالح ابن الملك العادل نور الدين ، ولم يكن هذا متعصبا ضد الشيعة كأبيه الملك نور الدين محمود زنكي.

فقد تداعى أهل حلب [في عصره] لبناء المشهد بعد أن رأى راع للغنم رؤيا مؤثرة ، ونبع الماء في ذلك المكان على يديه ، وأنفقوا عليه من أموالهم. وانتهت عمارته في سنة ٥٨٥ ه‍. ولما ملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي حلب سنة ٥٨٩ ه‍ ، وكان محبا لأهل البيتعليهم‌السلام ، اهتم بالمشهد ووقف عليه رحى تعرف بالكاملية ، وفوّض أمره إلى نقيب الأشراف. ثم خلفه ولده العزيز ، وفي أيامه تمّ بناء حرم إلى جانبه وبيوت للزوار.

ولم يلبث التتار أن استولوا على حلب ، فدخلوا إلى هذا المشهد ونهبوا ما كان الناس قد وضعوا فيه من الستور والبسط والفرش والأواني النحاسية والقناديل الذهبية والفضية والشمع ، وكان شيئا كثيرا. وشعثوا بناءه ونقضوا أبوابه. ولما ملك الظاهر بيبرس جدّد ذلك ورممه.

ـ أحوال مشهد الحسينعليه‌السلام أيام الدولة العثمانية :

(نهر الذهب في تاريخ حلب ، ج ٢ ص ٢٨٢)

يقول كامل الغزي الحلبي :

وكان هذا المشهد مهملا ، ثم منذ نصف قرن أخذت تقام فيه يوم عاشوراء حفلة دينية ، وكذلك في ليلة السابع والعشرين من رجب ، كما سنذكر بالتفصيل. وفي سنة ١٣٠٢ ه‍ جدّدت فيه الجهة الشمالية من القبلية ، وبعد بضع سنين أهدى السلطان عبد الحميد العثماني ستارا حريريا مزركشا بآيات قرآنية ، وضع على المحراب ، وفرشت أرض قبليته بالطنافس الجميلة ، وجدد ترخيم أرض الصحن ، ورتّب له إمام ومؤذن وخادم وموظفون يقرؤون كل يوم أجزاء شريفة. وبعد الانقلاب الدستوري العثماني أهملت هذه الحفلات والشعائر.

ويقول الأستاذ عبد الرحمن الكيالي في كتابه (أضواء وآراء) ص ٨٣ :

٣٥٣

إن مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام في وضعه الحاضر مهدوم وخراب. وقد كنت أزوره قبل الحرب العالمية الأولى وكان عامرا ، وكنا نقصده أيام عاشوراء للتبرك ، وفي غير أيام عاشوراء للنزهة في جواره. وكانت آثاره الهندسية داعية للإعجاب ، يقصده أهل الشيعة والسنة ، ويقصده الأجانب من علماء الآثار والتاريخ لتدوين ما فيه.

ـ كيف تدمّر بناء المشهد؟ :

وفي أيام الحرب العالمية الثانية استعمل المشهد مستودعا للذخائر الحربية النارية ، واستمر على ذلك إلى أواخر سنة ١٣٣٧ ه‍ ، وذلك حين خروج الانكليز من حلب ودخول الفرنسيين إليها. وكان الحرس الذين يحرسونه من قبل الانكليز قد انصرفوا عنه ، فهجم عليه جماعة من رعاع الناس وغوغائهم ونهبوا ما فيه من الذخائر والسلاح.

وبينما كان بعض أولئك الغوغاء يعالج قنبلة لاستخراج ما فيها من البارود ، إذ أورت نارا ، فلم يشعر إلا وقد انفجرت ، وسرت منها النار بأسرع من لمح البصر إلى غيرها من الأعتاد النارية المتفرقعة ، فانفجرت جميعها انفجار بركان عظيم ، سمع له دوي من بعد ساعات ، وشعرنا ونحن في منازلنا بحلب ، كأن الأرض قد تزلزلت ، مصحوبة بدويّ كهزيم الرعد القاصف ، وقد تهدم بنيان هذا المشهد كله سوى قليل منه ، وتطايرت أنقاضه في الهواء. وسقط بعضها على من فيه من الحراس ، فهلكوا عن آخرهم ، ويقدّر عددهم بثلاثين إنسانا على أقل تقدير ، أخرج بعضهم من تحت الردم أمواتا ، وترك الباقون.

(أقول) : وقد ظلّ المشهد تلة من الأنقاض ، حتى قيّض الله له المغفور له العلامة السيد حسين يوسف مكي ، فأعاد بناءه ورفع قواعده كما كانت.

ـ عادات أهل حلب في شهر المحرم :

(نهر الذهب في تاريخ حلب ، ج ١ ص ٢٦٧)

يقول كامل الغزي الحلبي :

فمما اعتاده أهل حلب المسلمون في أول يوم من شهر محرم ، أن يتناولوا فيه طعاما حلوا ، ويخرج فيه جماعة من العجزة والفقراء ، ويدورون على أبواب البيوت

٣٥٤

وينشدون شيئا من المديح ، فيتصدق عليهم الناس بشيء من البرغل ، وهؤلاء الجماعة يقال لهم (فاز من صلى) سمّوا بلازمة الزجل الّذي ينشدونه ، وهي :

فاز من صلّى على تاج العلى

طه النبيّ المصطفى جدّ الحسين

وبعض الناس يسمونهم الحسينية.

وفي يوم عاشوراء يوسّع الناس على عيالهم المآكل [وهذه من عادات السنة] ويطبخون الطعام المعروف بالحبوب [سنّة أموية]. وكان الناس يخرجون في هذا اليوم إلى مشهد الحسينعليه‌السلام حيث تكون فيه وليمة حافلة يحضرها الوالي ومن دونه ، فيتلى شيء من القرآن العظيم ، وتنشد مرثية ابن معتوق في سيدنا الحسينعليه‌السلام ، التي أولها : هلّ المحرّم فاستهلّ مكبّرا

ثم يأكل الجميع وينصرفون ، والنفقة في ذلك من أوقاف المحل المذكور.

وفي آخر أربعاء من صفر [لعله لوفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك التاريخ] يشتغلون بالذكر والتسبيح ، وتعطّل فيه الحكومة.

وفي اليوم السابع والعشرين من شهر رجب يخرج الناس للمشهد المتقدم ذكره ، ويخرج الوالي ومن دونه وتعطل الحكومة ، فيسمعون فيه قصة الإسراء والمعراج ، ويسقون الشراب ويطعمون الحلوى وينصرفون.

وقد بطلت هذه العادة منذ أن تخرّب المشهد إثر الحرب العالمية الثانية.

٤٢٠ ـ قنّسرين(جولة أثرية في بعض البلاد الشامية لأوليا جلبي)

قنّسرين : مدينة تقع جنوب غرب حلب على بعد ٢٥ كم في طريق الذاهب من حلب إلى حمص. وهي بلدة تاريخية واقعة في سفح جبل النبي عيص الّذي يمتدّ من الشرق إلى الغرب. وفي ذروته قبة بيضاء كان أصلها بيعة خربة ، اتّخذت بعد مدفنا لرجل زعموا أنه النبي عيص. وثمة قرية بيوتها قباب مخروطية يقطنها أعراب فلاحون تدعى (العيص) بنيت فوق أطلال مدينة قنّسرين.

وقيل إن اسمها آت من أصل سرياني : قن نسرين ، أي عش النسور. ولما جاء الأمويون والعباسيون اتخذوها مركزا لجيوش المسلمين المرابطة في شمالي الشام ، ودعوا البلاد المرتبطة بها جند قنّسرين ، وبلغة عصرنا (منطقة قنسرين العسكرية).

وفي (معجم البلدان) ج ٤ ص ٤٠٣ :

٣٥٥

وظلت قنّسرين عامرة حتى سنة ٣٥١ ه‍ حين غلبت الروم على مدينة حلب ، وقتلت جميع من كان بربض قنسرين ، فخاف أهلها وتفرقوا بالبلاد. وكان خرابها سنة ٣٥٥ ه‍ قبل وفاة سيف الدولة الحمداني بأشهر. ونسي اسم قنّسرين ، إلا من أحد أبواب حلب ، الّذي كان يخرج منه قاصدوها ، ويدعى باب قنّسرين إلى اليوم.

٤٢١ ـ معرّة النعمان

(معجم البلدان لياقوت الحموي)

قال ابن الأعرابي : المعرّة الشدة. والنعمان هو النعمان بن بشير الأنصاري صحابي ، اجتاز فمات له بها ولد ، فدفنه وأقام عليه ، فسمّيت به.

وهي مدينة كبيرة قديمة مشهورة بين حماة وحلب. وعندهم التين والزيتون.وأهلها متعصبون ، فليس يوجد فيها عائلة مسيحية.

وأما الشاعر أبو العلاء المعري ، فقد عاش فيها ولقّب بها. ويذكر أنه كان ملحدا ، ثم أسلم ، ثم تشيّع. ومن آثار تشيّعه قوله في الإمام علي والحسينعليه‌السلام :

وعلى الأفق من دماء الشهيدين ، علي ونجله شاهدان فهما في أواخر الليل فجران ، وفي أولياته شفقان

٤٢٢ ـ كفر طاب

(تقويم البلدان لأبي الفداء)

كفر طاب من جند حمص ، وهي بلدة صغيرة كالقرية ، قليلة الماء ، يعمل فيها القدور الخزف ، وتجلب إلى غيرها. وهي على الطريق بين المعرة وشيزر.

قال العزيزي : بينها وبين شيزر ١٢ ميلا [٢٢ كم] ، وكذلك بينها وبين المعرة.

٤٢٣ ـ شيزر :(أخبار الدول للقرماني ، ص ٤٥٧)

مدينة من أعمال حلب ، بناها الملك يشجر ، وهي على ساحل نهر العاصي ، وبها قلعة حصينة. وهي مدينة قديمة قرب المعرة.

وفي (تقويم البلدان) لأبي الفداء ، ص ٢٦٣ :

شيزر : بينها وبين حماة تسعة أميال ، وبينها وبين حمص ثلاثة وثلاثون ميلا. ولها سور من لبن ، ولها ثلاثة أبواب ، والعاصي يمرّ مع السور من شمالها.

٣٥٦

٤٢٤ ـ جبل زين العابدينعليه‌السلام شمال حماة :

(جولة أثرية في بعض البلاد الشامية عام ١٠٥٨ ه‍ لأوليا جلبي التركي ـ ترجمة أحمد وصفي زكريا).

يقول أوليا جلبي : يقع شمال حماة نشزان عاليان ، يسمّيان قرون حماة. وقرون حماة جبلان متقاربان ، من الحجر الحري الأسود ، يبعدان عن حماة إلى الشمال نحو عشرة كيلومترات ، ويدعى الكبير منهما جبل زين العابدينعليه‌السلام [علوه ٦٣١ م] ، والصغير كفر راع. وفوق جبل زين العابدينعليه‌السلام جامع مهجور ذو قبتين بيضاوين ، من آثار الملك الأشرف (قايتباي) في سنة ٨٨٢ ه‍. وفي الجامع مقام يسمى مقام زين العابدينعليه‌السلام تقصده النصيرية من جبالهم الغربية للزيارة في شهر نيسان من كل عام».

(أقول) : وقد اعتني اليوم بهذا المقام الجليل الواقع في أعلى جبل زين العابدينعليه‌السلام وعمل له طريق حلزوني يوصل إلى المقام ، وأصبح الطريق كله مشجّرا ، ويؤمه الناس من كل مكان.

والذي يظهر من التسمية ، أنه هو الجبل الّذي وضع عليه الرؤوس والسبايا حين امتنعت حماة عن استقبالهم. فصلّى هناك الإمام زين العابدين تلك الليلة فيه ، فتشرف الجبل به فسمي باسمه ، وأقيم له فيه مقام عامر تخليدا لذكره.

٤٢٥ ـ حمص(معجم البلدان لياقوت الحموي)

حمص بلدة مشهورة قديمة كبيرة ذات سور. وفي طرفها القبلي قلعة حصينة على تل عال كبير. بناها رجل يقال له حمص.

قال أهل السير : حمص بناها اليونانيون ، وزيتون فلسطين من غرسهم.

وبحمص من المزارات والمشاهد : مشهد علي بن أبي طالبعليه‌السلام فيه عمود فيه موضع إصبعه ، رآه بعضهم في المنام. وفيها دار خالد بن الوليد ، وقبره فيما يقال.وبعضهم يقول إنه مات بالمدينة ودفن بها ، وهو الأصح.

ويقال : إن خالد بن الوليد مات بقرية على نحو ميل من حمص ، وأن هذا الّذي يزار بحمص إنما هو قبر خالد بن يزيد الكيميائي المشهور ، وهو الّذي بنى القصر بحمص ، وآثار هذا القصر في غربي الطريق باقية. وبحمص قبر قنبر مولى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبها قبور لأولاد جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام .

٣٥٧

٤٢٦ ـ القصير :(جولة أثرية في بعض البلاد الشامية لأوليا جلبي ، ص ٣٦١)

تقع القصير على طريق خط حديد حمص ـ رياق ، وهي تبعد عن حمص ٢٨ كم.

قال ياقوت في معجمه : القصير ضيعة أول منزل لمن يريد دمشق من حمص.

وإلى الجنوب من القصير تقع (الزرّاعة) تبعد عنها ٦ كم.

٤٢٧ ـ جوسية(المصدر السابق ، ص ٣٦٢)

وفي جنوب (الزرّاعة) إلى الشرق من الخط الحديدي أطلال بليدة قديمة تدعى (جوسية الخراب) ، تبعد عن الزرّاعة نحو ٧ كم. وهي قرية من قرى حمص على ستة فراسخ منها [٣٣ كم] من جهة دمشق ، وبها حصن.

وثمة في شمالي جوسية الخراب ، ضيعة تدعى (جوسية العمار) ، كان فيها جامع قديم له مئذنة أثرية ، خربت من عهد قريب.

وتشكل جوسية الخراب اليوم الحد الفاصل بين الأراضي السورية واللبنانية.وقد كانت كورة من كور حمص ، وفيها سور وبرج ودور مبنيّة بالأحجار الضخمة ، التي تشبه أحجار الأبنية النصرانية المنتشرة في بلاد حلب الغربية ، ثم تهدمت.وليس ثمة من الأحجار المنقوشة فيها ، سوى عتبة فوق باب أحد الأسوار المهدومة ، لا تزال مكانها.

ـ جبل الحسين :

هذا ولما كنت أتفحّص خريطة مفصّلة في لبنان للمنطقة الشمالية بين جوسية والهرمل ، رأيت صدفة جبلا باسم [جبل الحسين]. وفي تصوّري أن السبايا والرؤوس قد مروا هناك فسمي الجبل باسم الحسينعليه‌السلام .

٤٢٨ ـ الهرمل(المصدر السابق ، ص ٣٦٣)

تبعد الهرمل عن حمص ٥٣ كم. وهي مدينة كثيرة المياه والبساتين ، وفيها أطلال أثرية تدل على مكانتها السالفة ، منها مذبح كان مخصصا لجوبيتر البعلبكي ، نقل إلى دار الآثار في بيروت.

٤٢٩ ـ بعلبك :(الفهرست : معجم الخريطة التاريخية للممالك الاسلامية ، لأمين واصف بك ، ص ٢٨)

بعلبك : أي مدينة الإله (بعل) عند الآشوريين والفينيقيين. مدينة بالشام فيها آثار

٣٥٨

يونانية ورومانية من عصر الاسكندر المكدوني. سمّيت هليوبوليس أي (مدينة الشمس). خرّبت تلك الآثار بالزلازل التي وقعت سنة ١١٧٠ م وسنة ١٧٥٠ م.

وفي (معجم البلدان) لياقوت الحموي :

بعلبك مدينة قديمة ، فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة ، وقصور على أعمدة الرخام لا نظير لها في الدنيا. واسمها مركّب من (بعل) اسم صنم ، ومن (بك) اسم رجل ، أي صنم بك. وفي بعلبك دبس وجبن وزيت ولبن ليس في الدنيا مثله.

وقيل : إن بعلبك كانت مهر بلقيس ، وبها قصر سليمان بن داودعليه‌السلام ، وهو مبني على أساطين الرخام.

٤٣٠ ـ مزار خولة بنت الحسينعليه‌السلام في بعلبك :

ذكر الإربلي في (كشف الغمة) أنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام أربع بنات هن :زينب وفاطمة وسكينة ، ورابعة لم يذكر اسمها.

وقد ادّعى البعض أنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام بنتا (طفلة) اسمها خولة ، توفيت ودفنت في بعلبك أثناء مرور السبايا بها ، وأنها هي التي لم يذكر اسمها. والصحيح والثابت أن الرابعة هي رقيّة التي توفيت في دمشق أثناء إقامة السبايا في الخربة المجاورة لباب الفراديس ، ودفنت هناك.

والذي يضعّف رواية خولة ، أنه لم يذكر مشهدها أحد من المؤرخين ، فالهروي في (الزيارات) لم يذكره ، ولم يذكره عبد الغني النابلسي في رحلته إلى بعلبك سنة ١٦٨٩ م ، مع أنه عدّد الأضرحة التي زارها في بعلبك.

(راجع خلّة الذهب الإبريز في رحلة بعلبك والبقاع العزيز).

وقد ورد في مجلة الموسم تحقيق حول هذا المزار ، في العدد ٧ ص ١٠٤٣ جاء فيه :

إن أول كتاب أتى على ذكر ضريح السيدة خولة هو كتاب (تاريخ بعلبك) لمخائيل ألوف سنة ١٨٨٩ م. ويذكر في روايته أنها بدون سند تاريخي ، بل هي رواية شعبية ، فكيف يوثق بها ، لا سيما أنها لم تذكر إلا في هذا الكتاب ، ومؤلفه مجهول الحال.وتدّعي الرواية أن ضريحها اكتشف حديثا في نهاية القرن التاسع عشر ، وأن اسحق روحي قائمقام بعلبك التركي هو الّذي جدد بناء مزارها.

٣٥٩

٤٣٠ ـ دير النصارى :(دمشق الشام في نصوص الرحالين والجغرافيين

تأليف أحمد الإيبش ود. قتيبة الشهابي ، ج ١ ص ١٢٢)

يقول البلخي في (صورة الأقاليم) عن ماء دمشق : ومخرج مائها من تحت كنيسة يقال لها (الفيجة).

وفي الحاشية : المعروف أن منبع عين الفيجة الشهير غربي دمشق ، يخرج من بناء معبد وثني مبني بالحجر". فلعل هذا هو الدير الّذي مروا به قبل وصول دمشق.

بحث تاريخي

المسير بالرؤوس والسبايا إلى الشام

بعد أن تعرّفنا على بعض الأماكن الجغرافية التي مرت بها الرؤوس والسبايا ، نشرع في وصف المسيرة الكاملة لهم من الكوفة إلى دمشق ، وفق المنازل التي أثبتناها على المصور الكبير [الشكل ١٠] وعددها ٤٥ منزلا.

٤٣١ ـ الإعلام الأموي يشيع أن الحسينعليه‌السلام وأصحابه هم جماعة من الخوارج

(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، ص ٣٠٩)

يقول السيد أسد حيدر : ومن الأمور المؤلمة أن الدعاية الأموية اتخذت خطة التمويه على الناس ، فأشاعوا هناك أن جماعة من الخوارج خرجوا على الأمير ، وقد انتصر عليهم الأمير يزيد ، فأبادهم وسبى عيالهم ، وسيقدمون الشام.

٤٣٢ ـ السبايا هم من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط(المصدر السابق)

وسار ركب آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وليس فيه أحد من نساء الأنصار الذين جاهدوا مع الحسينعليه‌السلام ، إذ تشفّع كلّ بعيال من يتصل به ، وبقيت عيال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا شفيع لهم ، فاقتيدوا إلى الشام ، يقطعون الفيافي والقفار.

٤٣٣ ـ لماذا عدلوا عن الطريق الأعظم؟ :

(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٤٧)

الملاحظ من الروايات أن الموكلين بالرؤوس والسبايا عدلوا عن الطريق الرئيسي في أول المسير ، فلننظر لماذا فعلوا ذلك؟!.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800