موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494030 / تحميل: 5856
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٧ ـ أحفاد عقيل :

الغلام محمد بن أبي سعيد بن عقيل ، جعفر بن محمد بن عقيل (ذكرهما ابن شهر آشوب).

١٧ ـ أسماء المستشهدين من آل أبي طالبعليهم‌السلام :(مرتبة على الحروف الهجائية)

(أ) ـ أبو بكر بن عليعليه‌السلام ـ إبراهيم بن عليعليه‌السلام ـ أبو بكر بن الحسنعليه‌السلام ـ أحمد بن الحسنعليه‌السلام .

(ب) ـ بشر بن الحسنعليه‌السلام .

(ج) ـ جعفر بن عليعليه‌السلام ـ جعفر بن عقيل ـ جعفر بن محمّد بن عقيل.

(ح) ـ سيد الشهداء أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام .

(ع) ـ العباس بن عليعليه‌السلام ـ (ابنه عبد الله) ـ عبد الله الأصغر بن عليعليه‌السلام ـ عبد الله بن علي (أخو العباس لأمه وأبيه) ـ أخوه عثمان بن عليعليه‌السلام ـ عمر بن عليعليه‌السلام ـ الغلام عبد الله بن الحسنعليه‌السلام ـ عمر ابن الحسنعليه‌السلام ـ علي الأكبر بن الحسينعليه‌السلام ـ عبد الله الرضيع ابن الحسينعليه‌السلام ـ علي بن الحسينعليه‌السلام ـ عون بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام ـ أخوه عبيد الله ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ أخوه عبد الله الأكبر ـ أخوه عون بن عقيل ـ عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام ـ أخوه عون.

(ق) ـ القاسم بن الحسن (فلقة القمر).

(م) ـ محمّد الأصغر بن عليعليه‌السلام ـ محمّد بن العباس بن عليعليه‌السلام ـ محمّد بن عبد الله بن جعفر ـ مسلم بن عقيلعليه‌السلام ـ أخوه موسى ـ محمّد بن مسلم بن عقيل ـ الغلام محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام (١) .

__________________

(١) بلغ عدد المستشهدين في هذا الفهرس ٣٥ شهيدا. وهذه الأسماء مستقاة من كتب المقاتل المعتمدة ومن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢٥٩.

وقد ذكر العلامة الأمين في أعيان الشيعة ، ج ٤ قسم ١ ص ٢٩٨ (ط ٢ بيروت ١٣٦٧ ه‍) تحقيقا جيدا عن أسماء المستشهدين من آل أبي طالب عليه‌السلام .

٤١

زيارة الناحية المقدسة

وننهي هذا الفصل بذكر «زيارة الناحية المقدسة» لأهميتها التاريخية.

يقول الشيخ محمّد مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين) ص ٥٦ ط ٢ :الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدسة ، هي زيارة للحسينعليه‌السلام منسوبة للإمام الحجة (عج) ، تشتمل على أسماء أكثر الشهداء ، وبعض أحوالهم وأسماء قاتليهم ، رواها المجلسي في (البحار) ج ٤٥ ص ٦٥ ـ ٧٣ عن كتاب

(الإقبال) للسيد ابن طاووس. ونحن نشك في نسبتها إلى الإمام المهديعليه‌السلام لأن تاريخ صدورها سنة ٢٥٢ ه‍ سابق على ولادة القائمعليه‌السلام ، ولكنها مع ذلك نص تاريخي قديم يعتمد عليه من الناحية التاريخية.

وقد حوت الزيارة ٦٤ اسما من الأصحاب المستشهدين من أصل ٨٣ شهيدا.

١٨ ـ متن الزيارة الصادرة عن الناحية المقدسة من كتاب (التحفة):

(العيون العبرى للميانجي ، ص ٣١١ ـ ٣٢٢)

قال : خرج من الناحية المقدسة سنة ٢٥٢ ه‍ على يد الشيخ محمّد بن غالب الاصفهاني الزيارة التالية :

بسم الله الرّحمن الرّحيم

إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم ، فقف عند رجلي الحسينعليه‌السلام وهو قبر علي الأكبر بن الحسينعليه‌السلام ، فاستقبل القبلة بوجهك ، فإن هناك حومة الشهداء ، وأومئ وأشر إلى علي بن الحسينعليه‌السلام وقل :

شهادة علي الأكبرعليه‌السلام :

السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل ، من سلالة إبراهيم الخليل ، صلّى الله عليك وعلى أبيك ، إذ قال فيك : قتل الله قوما قتلوك يا بني ، ما أجرأهم على الرحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول. على الدنيا بعدك العفا. كأني بك بين يديه ماثلا ، وللكافرين قاتلا قائلا :

أنا علي بن الحسين بن علي

نحن وبيت الله أولى بالنبي

أطعنكم بالرمح حتى ينثني

أضربكم بالسيف أحمي عن أبي

ضرب غلام هاشميّ عربي

والله لا يحكم فينا ابن الدّعي

٤٢

حتى قضيت نحبك ولقيت ربك. أشهد أنك أولى بالله وبرسوله ، وأنك ابن رسوله وابن حجّته وأمينه. حكم الله لك على قاتلك مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي ، لعنه الله وأخزاه ، ومن شركه في قتلك ، وكانوا عليك ظهيرا ، وأصلاهم الله جهنم وساءت مصيرا. وجعلنا الله من ملاقيك ومرافقيك ، ومرافقي جدك وأبيك ، وعمك وأخيك ، وأمك المظلومة. وأبرأ إلى الله من قاتليك ، وأسأل الله مرافقتك في دار الخلود ، وأبرأ إلى الله من أعدائك أولي الجحود ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

شهادة الطفل عبد الله الرضيععليه‌السلام :

السلام على عبد الله بن الحسينعليه‌السلام ، الطفل الرضيع ، المرميّ الصريع ، المتشحّط دما ، المصعّد دمه في السماء ، المذبوح بالسهم في حجر أبيه. لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه.

أولاد أمير المؤمنينعليه‌السلام

عبد الله بن عليعليه‌السلام :

السلام على عبد الله ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مبلي البلاء ، والمنادي بالولاء ، في عرصة كربلاء ، المضروب مقبلا ومدبرا. لعن الله قاتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.

شهادة العباس قمر بني هاشمعليه‌السلام :

السلام على العباس ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، المواسي أخاه بنفسه ، الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له الواقي ، الساعي إليه بمائه ، المقطوعة يداه. لعن الله قاتليه يزيد بن وقّاد وحكيم بن الطفيل الطائي.

إخوة العباسعليه‌السلام :

السلام على جعفر ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الصابر نفسه محتسبا ، والنائي عن الأوطان مغتربا ، المستسلم للقتال ، المستقدم للنزال ، المكثور بالرجال. لعن الله قاتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.

السلام على عثمان ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، سميّ عثمان بن مظعون. لعن الله راميه بالسهم ، خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي ، والأباني الدارمي.

٤٣

تتمة أولاد أمير المؤمنينعليه‌السلام :

السلام على محمّد ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قتيل الأبانيّ الدارمي. لعنه الله وضاعف عليه العذاب الأليم. وصلى الله عليك يا محمّد وعلى أهل بيتك الصابرين.

أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام

السلام على أبي بكر بن الحسن الزكيعليه‌السلام ، الولي المرمي ، بالسهم المردي.لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي.

السلام على عبد الله بن الحسن بن علي الزكيعليه‌السلام . لعن الله قاتله وراميه ، حرملة بن كاهل الأسدي.

السلام على القاسم بن الحسن بن عليعليه‌السلام ، المضروب هامته ، المسلوب لامته

أولاد عبد الله بن جعفرعليه‌السلام

السلام على عون بن عبد الله بن جعفر ، الطيار في الجنان ، حليف الإيمان ، ومنازل الأقران ، الناصح للرحمن ، التالي للمثاني والقرآن. لعن الله قاتله عبد الله بن قطيّة النبهاني.

السلام على محمّد بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام ، الشاهد مكان أبيه ، والتالي لأخيه ، وواقيه ببدنه. لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.

أولاد عقيلعليه‌السلام

السلام على جعفر بن عقيلعليه‌السلام . لعن الله قاتله وراميه ، بشر بن خوط الهمداني.

السلام على عبد الرحمن بن عقيلعليه‌السلام . لعن الله قاتله وراميه ، عمر بن خالد بن أسد الجهني.

السلام على القتيل ابن القتيل عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام . ولعن الله قاتله عامر بن صعصعة.

السلام على أبي عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام . ولعن الله راميه وقاتله عمرو بن صبيح الصيداوي [وفي رواية مزار المفيد : عبد الله بن عقيل].

٤٤

السلام على محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام . ولعن الله قاتله وراميه ، لقيط بن ناشر الجهني.

موالي الإمام الحسينعليه‌السلام

السلام على سليمان مولى الحسين ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام . ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي.

السلام على قارب مولى الحسين بن عليعليه‌السلام .

السلام على منجح مولى الحسين بن عليعليه‌السلام .

شهادة الأصحاب (رض)

السلام على مسلم بن عوسجة أول شهيد (سلام طويل)

السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي (سلام طويل)

السلام على بشر بن عمرو الحضرمي (سلام طويل)

السلام على يزيد بن حصين الهمداني المشرقي ، القارئ المجدّل بالمشرفي

السلام على عمران بن كعب الأنصاري [لعله تصحيف لعمرو بن جنادة ابن كعب]

السلام على نعيم بن عجلان الأنصاري

السلام على زهير بن القين البجلي (سلام طويل)

السلام على عمرو بن قرظة الأنصاري

السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي

السلام على الحر بن يزيد الرياحي ـ السلام على عبد الله بن عمير الكلبي ـ السلام على نافع بن هلال الجملي المرادي ـ السلام على أنس بن كاهل الأسدي ـ السلام على قيس بن مسهر الصيداوي ـ السلام على عبد الله وعبد الرحمن ابني عروة بن حرّاق الغفاريين

السلام على جون مولى أبي ذر الغفاري ـ السلام على شبيب بن عبد الله النهشلي ـ السلام على الحجاج بن يزيد السعدي ـ السلام على قاسط وكردوس ابني عبد الله بن زهير التغلبيين ـ السلام على كنانة بن عتيق ـ السلام على ضرغامة بن مالك.

٤٥

السلام على جوين بن مالك الضبعي ـ السلام على عمرو بن ضبيعة الضّبعي

السلام على يزيد بن ثبيت القيسي

السلام على عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي.

السلام على عامر بن مسلم ـ السلام على قعنب بن عمرو النمري

السلام على سالم مولى عامر بن مسلم ـ السلام على سيف بن مالك ـ السلام على زهير بن بشر الخثعمي

السلام على زيد بن معقل [أو مغفّل] الجعفي ـ السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي

السلام على مسعود بن الحجاج وابنه ـ السلام على مجمع بن عبد الله العائذي ـ السلام على عمار بن حسان بن شريح الطائي ـ السلام على حيان [أو جنادة] ابن الحارث السلماني الأزدي ـ السلام على جندب ابن حجير الخولاني ـ السلام على عمرو [وليس عمر] ابن خالد الصيداوي ـ السلام على سعيد مولاه ـ السلام على يزيد بن زياد بن المهاصر الكندي ـ السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي ـ السلام على جبلة بن علي الشيباني

السلام على سالم مولى بني المدينة الكلبي

السلام على أسلم بن كثير الأزدي ـ السلام على زهير بن سليم الأزدي ـ السلام على قاسم بن حبيب الأزدي ـ السلام على عمر بن الأحدوث الحضرمي

السلام على أبي ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي

السلام على حنظلة بن أسعد الشبامي

السلام على عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي ـ السلام على عمارة ابن أبي سلامة الهمداني

السلام على عابس بن شبيب الشاكري ـ السلام على شوذب مولى شاكر ـ السلام على سيف بن الحارث بن سريع ـ السلام على مالك بن عبد بن سريع

السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي حمير [أو عمير] الفهمي [أو النهمي] الهمداني ـ السلام على المرتثّ معه عمرو بن عبد الله الجندعي

(المرتث : هو الّذي يحمل من المعركة جريحا وبه رمق ، ثم يموت خارجها).

٤٦

الخاتمة :

السلام عليكم يا خير أنصار. السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. بوّأكم الله مبوّأ الأبرار. أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء ، ومهّد لكم الوطاء ، وأجزل لكم العطاء ، وكنتم عن الحق غير بطاء. وأنتم لنا فرطاء ، ونحن لكم خلطاء ، في دار البقاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

٤٧

موقعة كربلاء

يوم العاشر من المحرم

قال الامام أبو عبد الله الحسين (ع) سيد الشهداء ، وإمام الاباء والفداء ، في كربلاء ، يوم عاشوراء :

ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين : السّلة أو الذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت وحجور طهرت ، وأنوف حمية ونفوس أبية ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

وقال الشاعر :

لك بالطف يابن أحمد يوم

خلدته الأجيال جيلا فجيلا

يوم ناديت يا سيوف خذيني

ابت النفس ان أعيش ذليلا

٤٨

الفصل الثاني والعشرون

موقعة كربلاء

ـ مقدمة الفصل ١ ـ منزلة شهداء كربلاء (ع)

٢ ـ بدء القتال والمبارزة :

ـ الحملة الأولى

ـ المبارزات

٣ ـ المستشهدون من الأصحاب بالمبارزة :

ـ زحف عمرو بن الحجاج على ميمنة الحسين (ع)

ـ زحف شمر بن ذي الجوشن على الميسرة

ـ عزرة بن قيس يطلب النجدة والمدد

ـ مبارزة الحر بن يزيد الرياحي

ـ عمر بن سعد يأمر بتقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها

ـ الصلاة في المعركة

ـ تنافس الأصحاب على الموت

ـ جدول بأشهر المستشهدين من الأصحاب مع ذكر قاتليهم.

٤٩
٥٠

الفصل الثاني والعشرون

موقعة كربلاء

مقدمة الفصل :

بعد أن استطاع الإعلام الأموي وأعوان حكمه أن يضلّلوا الناس ، ويرغّبوهم ويرهّبوهم بكل وسيلة ، ويزجّوهم آلافا مؤلّفة إلى ميدان كربلاء ، وبعد أن زحفت جيوش يزيد وابن زياد بقيادة عمر بن سعد ، حتى اكتملت هناك ٠٠٠ / ٣٠ ثلاثين ألفا ، يتحلّقون حول الثلّة المؤمنة من كل جانب ؛ بدأت معركة كربلاء العظمى ، حين وضع ابن سعد سهمه في كبد قوسه وقال : «اشهدوا لي عند الأمير أنني أول من رمى آ ، فتتابع أصحابه في إثره بالرمي ، فرشقوهم رشقة واحدة ، حتى لم يبق أحد من أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام إلا أصابه من رميهم سهم ، وخرّ منهم للحال خمسون شهيدا ، وهم الذين يشار إليهم بالمستشهدين في (الحملة الأولى) ، وقد مرّت أسماؤهم في الفقرة رقم. ١٠

ثم بدأت (المبارزات) ، فتقدم الحر بن يزيد ، ومسلم بن عوسجة ، وبرير بن خضير ، وعبد الله بن عمير وغيرهم ؛ وكان الواحد منهم يستأذن الحسينعليه‌السلام ثم يبرز ، وهو يرتجز بعض الشعر الّذي ينبئ عن نسبه ، ويفصح عن بعض صفاته ، ثم يقاتل حتى يقتل. كل ذلك دفاعا عن الحسين الإمام وأهل بيته الكرامعليهم‌السلام .

حتى إذا قتل كل الأصحاب وعددهم ٨٢ شهيدا ، برز شبان أهل البيتعليهم‌السلام ، أولهم علي الأكبرعليه‌السلام فلذة كبد الحسينعليه‌السلام ، وآخرهم العباسعليه‌السلام أخو الحسينعليه‌السلام وحامل لوائه. فتفانوا في الدفاع عن عميدهم وإمامهم الحسين ابن عليعليه‌السلام ، إلى أن أصبح وحيدا فريدا. وكان عدد المستشهدين منهم ١٧ شهيدا أو أزيد.

ثم انتضى للأعداء الإمام الحسينعليه‌السلام ابن حيدرة الكرار ، يكرّ عليهم ويغوص في أوساطهم ، حتى قتل مقتلة عظيمة ، ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

٥١

ثم أرادعليه‌السلام أن يودّع عياله الوداع الأخير ، فقال لأخته العقيلة زينبعليه‌السلام :ناوليني ولدي الرضيع ـ وهو عبد الله ـ لأودّعه ، فبينما هو يقبّله ويضمه إلى صدره ، والطفل يتلوى جوعا وعطشا ، ضربه حرملة بسهم ذي شعبتين ، فرى أوداجه الأربعة وذبحه وهو في حجر أبيه.

وظل الحسينعليه‌السلام يقاتل القوم حتى أثخن بالجراح ، وقد أصابته ٧٢ ضربة في جسمه الشريف. عند ذلك خرّ إلى الأرض ، وكان على عمر بن سعد أن يقترب ليذبحه ، ولكنه كره ذلك. وتقدم خولي وسنان وغيرهما لذبحه ، فضعفوا وأرعدوا من رؤية وجه الحسينعليه‌السلام وإشراقته ، وهو يبتسم للقاء الجنة. عند ذلك زجرهم أشقى الأشقياء شمر بن ذي الجوشن ، وعزم على ذبحه. وكيلا ينظر إلى وجهه ، قلبه واحتزّ رأسه من الخلف ، والحسينعليه‌السلام يكبّر ويحمد الله ، حتى فاضت روحه الزكية.

لقد زخرت كربلاء بألوان الكرب والبلاء ، وأصناف الجرائم الوحشية التي تحمّلها أهل الحق ، لإحياء دينهم وعقيدتهم في نفوس الغافلين والمضلّلين ، وليسطّروا لمن يأتي بعدهم من المسلمين ، قصة الجهاد والكفاح ، والتضحية والفداء ، في سبيل الحق والمبدأ ، ولتطهير الأرض من براثن الظلم والباطل.

ولهذه المعاني السامية ، فإننا كلما تذكرنا كربلاء وما حصل في كربلاء ، يضطرم فؤادنا بالحزن والألم ، وتتوق قلوبنا إلى نصرة الحق ، حتى كأن كل أرض نمشي عليها أرض كربلاء ، وكل يوم نعيشه في حياتنا يوم عاشوراء.

ولله درّ من قال :

يا وقعة الطفّ كم أضرمت في كبدي

وطيس حزن ليوم الحشر مسجورا

كأن كلّ مكان كربلاء لدى

عيني ، وكلّ زمان يوم عاشورا

١ ـ منزلة شهداء كربلاء (رض)

١٩ ـ صفة شهداء كربلاء ومنزلتهم بين الشهداء :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٧٤)

روى الصدوق مرفوعا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أتدرون ما غمّي ، وفي أي شيء تفكيري ، وإلى أي شيء أشتاق؟. قال أصحابه : لا يا رسول الله ، ما علمنا بهذه من

٥٢

شيء ، أخبرنا بغمّك وتفكّرك وتشوّقك. قال النبي (ص) : أخبركم إنشاء الله. ثم تنفّس فقال : هاه شوقا إلى إخواني من بعدي!. فقال أبوذر : يا رسول الله ، لسنا إخوانك؟!. قال (ص) : لا ، أنتم أصحابي. وإخواني يجيئون من بعدي ، شأنهم شأن الأنبياء. قوم يفرّون من الآباء والأمهات ، ومن الإخوة والإخوان ومن القرابات كلهم ، ابتغاء مرضاة الله. يتركون المال لله ، ويذللون أنفسهم بالتواضع لله. لا يرغبون في الشهوات وفضول الدنيا ، مجتمعون في بيت من بيوت الله كأنهم غرباء ، تراهم محزونين لخوف النار وحب الجنة ؛ فمن يعلم قدرهم عند الله؟. ليس بينهم قرابة ولا مال يعطون بها بعضهم لبعض. أشفق من الابن على الوالد ، والوالد على الولد ، والأخ على الأخ ، هاه شوقا إليهم. ويفرّغون أنفسهم من كدّ الدنيا ونعيمها ، بنجاة أنفسهم من عذاب الأبد ، ودخول الجنة لمرضاة الله.

واعلم يا أبا ذرّ أن للواحد منهم أجر سبعين بدريا. يا أبا ذرّ واحد منهم أكرم على الله من كل شيء خلق الله على وجه الأرض

٢٠ ـ شهداء كربلاء مثل شهداء بدر :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٤٣)

في (منتخب كنز العمال) عن الطبراني في (المعجم الكبير) ما لفظه : عن شيبان بن محرم ، قال : إني لمع عليعليه‌السلام إذ أتى كربلاء ، فقال : يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء إلا شهداء بدر.

٢١ ـ رأي سلمان المحمدي في شهداء كربلاء (رض):

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧١)

قال هبيرة بن يريم : حدثني أبي قال : لقيت سلمان الفارسي فحدثته بهذا الحديث [يقصد حديث كعب الأحبار عن مقتل الحسينعليه‌السلام ] فقال سلمان : لقد صدقك كعب والذي نفس سلمان بيده ، لو أني أدركت أيامهعليه‌السلام لضربت بين يديه بالسيف ، أو أقطّع بين يديه عضوا عضوا ، فأسقط بين يديه صريعا ؛ فإن القتيل معه يعطى أجر سبعين شهيدا ، كلهم كشهداء بدر وأحد وحنين وخيبر.

٢٢ ـ شهداء كربلاء (رض) لا يسبقهم سابق :

(المنتخب للطريحي ، ج ١ ص ٨٧)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : مرّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء ، فبكى حتى

٥٣

اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال : هذا مناخ ركابهم ، هذا ملقى رحالهم ، ههنا تراق دماؤهم. طوبى لك من تربة عليها يراق دم الأحبة. مناخ ركاب ، ومنازل شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ، ولا يلحقهم من كان بعدهم.

٢٣ ـ تفضيل المستشهدين مع الحسينعليه‌السلام على حواريي الرسول (ص) وحواريي الإمام عليعليه‌السلام : (أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٣١٥)

قال الفاضل الدربندي ما ملخصه : لقد قال الإمام عليعليه‌السلام في وصف المستشهدين مع الحسينعليه‌السلام ومدحهم : «لم يسبقهم سابق ، ولا يلحقهم لاحق».وإن هذا الكلام الشريف كالنور فوق الطور ، تسطع منه أنوار كثيرة فهل يحمل هذا الكلام الشريف على أنهم لا يفضل عليهم أحد بالنسبة إلى مقام الشهادة فقط.أم أن هذا يعني أنهم أفضل من حواريي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحواريي أمير المؤمنينعليه‌السلام وحواريي الحسنعليه‌السلام ؟. فيجيب الفاضل الدربندي بأنه يفتي بأفضليتهم على كل هؤلاء. فإن كل من استشهد بين يدي الإمام المظلوم وهم حواريي الحسينعليه‌السلام ، أفضل من حواريي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم سلمان وأبو ذر والمقداد ، ومن حواريي أمير المؤمنينعليه‌السلام وهم عمرو بن الحمق الخزاعي وأويس القرني وميثم التمار ومحمد بن أبي بكر ، ومن حواريي الحسنعليه‌السلام وهم سفيان بن أبي ليلى وحذيفة بن أسد ، من غير استثناء أحد منهم إلا فيما خرج بالدليل ؛ وذلك كسلمانعليه‌السلام ، فإنه لا استبعاد في تفضيله على المستشهدين من الأصحاب غير العترة الهاشمية النبوية.

٢٤ ـ تفاضل المستشهدين من الآل والأصحابعليه‌السلام :(المصدر السابق)

ثم قال الفاضل الدربندي ما معناه : وقد ثبت أن المستشهدين من الآل في طبقة أعلى من بقية الأصحاب ، وأفضلهم العباس وعلي الأكبر والقاسم بن الحسنعليه‌السلام . أما الأصحاب فهم متفاوتون في الفضل ، وعلى رأسهم في الأفضلية : حبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وزهير بن القين وهلال بن نافع.وأفضل هؤلاء حبيب بلا منازع ، وهو من الذين علّمهم أمير المؤمنينعليه‌السلام علم المنايا والبلايا ، وإنه لما قتل تبيّن الانكسار في وجه سيد الشهداءعليه‌السلام ، وكان عمر حبيب نحو ٧٥ سنة ، ومن جملة الكواشف الدالة على ذلك كون مدفنه في موضع مستقل عند باب الإذن.

٥٤

ويظهر التمايز بين فضيلة الأصحاب ، بما نطقت به بعض الأخبار ، بأنه لما تيقّن أصحاب سيد الشهداءعليه‌السلام القتل ، كان معشر الخصّيصين منهم فرحين مسرورين ، تتلألأ وجوههم وتشرق ألوانهم كالنجوم الزاهرة ، وكان معشر غيرهم قد تغيّرت حالاتهم واصفرت ألوانهم. وكان هؤلاء يتعجبون من عدم عروض الخشية والخوف على الفرقة الأولى.

(راجع الفقرة ٤٢ من هذا الجزء من الموسوعة).

٢٥ ـ الملائكة تعرض المساعدة على الحسينعليه‌السلام :

(كامل الزيارة ، ص ١٩٢)

عن أبان بن تغلب (قال) قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : هبط أربعة آلاف ملك يريدون القتال مع الحسين بن عليعليه‌السلام ، فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستئذان. وهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام ، فهم عند قبره شعث غبر ، يبكونه إلى يوم القيامة ، ورئيسهم ملك يقال له : منصور. فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ، ولا يودّعه مودّع إلا شيّعوه ، ولا يمرض إلا عادوه ، ولا يموت إلا صلّوا على جنازته ، واستغفروا له بعد موته. فكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائمعليه‌السلام .

٢٦ ـ نزول النصر على الحسينعليه‌السلام ـ الله خيّر الحسينعليه‌السلام بين النصر أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله :(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ٤٣)

ذكر أبو طاهر محمّد بن الحسين النرسي في كتاب (معالم الدين) أنه روي عن مولانا الصادقعليه‌السلام أنه قال : سمعت أبي يقول : لما التقى الحسينعليه‌السلام وعمر ابن سعد وقامت الحرب ، أنزل الله تعالى النصر ، حتى رفرف على رأس الحسينعليه‌السلام ، ثم خيّر بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله ، فاختار لقاء الله.

٢٧ ـ امتداد نهار يوم عاشوراء إلى اثنين وسبعين ساعة :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٨٨)

يقول الفاضل الدربندي : إن الأخبار الواردة عن شهادة الأصحاب والآل يوم عاشوراء ، تقتضي أن يكون زمن حدوثها زمنا طويلا ؛ ويؤيد ذلك ما ذكر من أن يوم العاشر من المحرم يوم الطف لم يكن كسائر الأيام ، بل كان فيه مقدار وقوف الشمس فوق الأرض مدة اثنين وسبعين ساعة ، وهو من المعاجز التي أعطاها الله للحسينعليه‌السلام .

٥٥

٢٨ ـ الذين اكتفوا بالدعاء للحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ولم ينصروه :

قال الدكتور علي الشلق في كتابه (الحسين إمام الشاهدين) ص ١٠٧ : وقد رأى الحصين بن نمير رجالا من أهل الكوفة على تل قريب ينظرون إلى الحسينعليه‌السلام ويبكون ، ويدعون الله أن ينصر الحسينعليه‌السلام . فصاح بهم : ويحكم!. انزلوا فقاتلوا ، ووفّروا الدموع للأرامل والأطفال.

بينما قال الشيخ محمّد مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين) ص ٥٧ ط ٢ عنهم : وهناك رجال تافهون ، قال عنهم الحصين بن عبد الرحمن : إنهم كانوا وقوفا على التل يبكون ، ويقولون : اللهم أنزل نصرك على الحسينعليه‌السلام .

ثم قال : وهذه رواية مشكوك فيها.

٢ ـ بدء القتال والمبارزة

قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ٣٩ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) [الحج : ٣٩ ـ ٤٠]

٢٩ ـ الاصطدام المسلح بين الحق والباطل (الحملة الأولى):

(مقتل المقرّم ، ص ٢٩٢)

ونادى عمر بن سعد بأصحابه : ما تنتظرون بالحسين احملوا بأجمعكم ، إنما هي أكلة واحدة فزحف عمر بن سعد ثم وضع سهمه في كبد قوسه ، ثم رمى وقال : اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى. فرمى أصحابه كلهم بأجمعهم في إثره رشقة واحدة(١) فما بقي من أصحاب الحسينعليه‌السلام أحد إلا أصابه من رميتهم سهم.

قال أبو مخنف : فلما رموهم هذه الرمية ، قلّ أصحاب الحسينعليه‌السلام وقتل منهم ما ينوف على خمسين رجلا(٢) . وتسمى هذه (بالحملة الأولى).

ويجد القارئ أسماء المستشهدين في الحملة الأولى على رواية ابن شهر اشوب في الفقرة رقم ١٠.

__________________

(١) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٥٦.

(٢) بحار الأنوار للمجلسي عن محمّد بن أبي طالب.

٥٦

صورة تمثل [الحملة الأولى] التي استشهد فيها من أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام نحو خمسين شهيدا دفعة واحدة

ثم بدأت المبارزات

٥٧

٣٠ ـ الإمام الحسينعليه‌السلام يأذن لأصحابه بالقتال :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٤٢)

فعندها ضرب الحسينعليه‌السلام بيده إلى لحيته ، فقال : قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي لا بدّ منه ، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم.

٣١ ـ الحسينعليه‌السلام لا يبدأ بقتال ، لأن هدفه هداية الناس :

(الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين لعبد الكريم القزويني ، ص ١٦٢)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني : استعمل الحسينعليه‌السلام مختلف الوسائل الممكنة لهدي القوم وإرشادهم إلى الطريق الأقوم ، وبذل جهده عسى أن يتجنّب القتال ، لأنه صاحب دعوة خير وحبّ وسلام ؛ دعوة الإسلام.

وكانعليه‌السلام يبغض القتل والقتال ما دام هناك طريقة بالتي هي أحسن ، ولهذا كان يكره أن يبدأهم بقتال ، كما قالعليه‌السلام لزهير وغيره من أصحابه في مواطن عديدة :«إني أكره أن أبدأهم بقتال» مقتديا بسيرة جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام في دعوتهما إلى الله.

ولكنهعليه‌السلام خاب ظنه فيهم ، لأن الشيطان استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله العظيم ، وذلك عندما رشقوا معسكره بالسهام وكأنها المطر. فعندئذ لم يجد بدّا من قتالهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. فأذن لأصحابه بالقتال ، وقال لهم : قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي لا بدّ منه

٣٢ ـ كلام للحسينعليه‌السلام وفيه يستغيث بالناس :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩)

ثم قالعليه‌السلام : اشتدّ غضب الله على اليهود والنصارى إذ جعلوا له ولدا

[وفي رواية : اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا ، واشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة] ، واشتدّ غضب الله على المجوس إذ عبدت الشمس والقمر والنار من دونه ، واشتدّ غضب الله على قوم اتّفقت آراؤهم [وفي رواية :كلمتهم] على قتل ابن بنت نبيهم. والله لا أجيبهم إلى شيء مما يريدونه أبدا ، حتى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي.

ثم صاحعليه‌السلام : أما من مغيث يغيثنا لوجه الله تعالى؟. أما من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله(١) ؟. فبكت النساء وكثر صراخهن.

__________________

(١) مقتل المقرم ، ص ٢٩٥ نقلا عن اللهوف ، ص ٥٧.

٥٨

٣٣ ـ استغاثة الحسينعليه‌السلام توقظ بعض النفوس الخيّرة ، فتنضم إلى الحسينعليه‌السلام وتقاتل معه حتى الموت :(الوثائق الرسمية ، ص ١٦٨)

وسمع نفر من جيش العدو كلام الحسينعليه‌السلام واستغاثته ، فاهتزت مشاعرهم وتيقّظت ضمائرهم ، فاندفعوا نحو الحسينعليه‌السلام ينصرونه ويدافعون عنه.

وفي (الحدائق الوردية ـ مخطوط) : وسمع الأنصاريان سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف استنصار الحسينعليه‌السلام واستغاثته وبكاء عياله ـ وكانا مع ابن سعد ـ فما لا بسيفيهما على أعداء الحسينعليه‌السلام ، وقاتلا حتى قتلا.

المبارزات

* مدخل (حول ترتيب المستشهدين بالمبارزة):

قبل أن يأمر عمر بن سعد بتقويض خيام الحسينعليه‌السلام ، وقبل أن يحرق الشمر أبنية الحسينعليه‌السلام ، استشهد عدة من أكبر شخصيات الحسينعليه‌السلام وهم : مسلم بن عوسجة ، وعبد الله بن عمير الكلبي ، وأبو الشعثاء الكندي ، وبرير ابن خضير الهمداني ، والحر بن يزيد الرياحي. وقد اعتمدنا ترتيبهم هذا في الاستشهاد بالمبارزة ، مع اختلاف كبير في الروايات فالطبري في تاريخه يذكر أن مسلم بن عوسجة هو أول قتيل من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، ثم يذكر أن عبد الله بن عمير الكلبي هو ثاني شهيد ، كما يذكر أن أبا الشعثاء الكندي كان في أول من قتل. بينما يورد كثير من كتب المقاتل برير بن خضير في المقدمة ، وكذلك يذكر البعض أن الحر كان أول قتيل بالمبارزة ، وأنه تاب بعد (الحملة الأولى) وقال للحسينعليه‌السلام : إذا كنت أول خارج عليك ، فائذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك. وهذه الرواية لم آخذ بها ، لأنها من جهة غير متواترة ، ولأنها من جهة أخرى لا تفيد القطع بأنه أول المستشهدين. فالحر في هذا القول يطلب من الحسينعليه‌السلام أن يكون أول المستشهدين ، ولكن ذلك لا يعني أنه فعلا كان أول شهيد ، وإن كان من أوائل المستشهدينرحمه‌الله .

وإليك مبارزات الأصحاب بترتيب مقبول ، بعد الإحصاء الرياضي الّذي أجريته في الفصل السابق لوضع تسلسل لاستشهاد الأصحاب هو أقرب ما يكون من الحقيقة ، بطريقة المتوسط الحسابي لترتيب استشهاد كل شهيد حسب وروده في كتب المقاتل المشهورة.

٥٩

( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب : ٢٣]

(الشكل ٤)

٦٠

٣ ـ المستشهدون من الأصحاب بالمبارزة

٣٤ ـ خروج مسلم بن عوسجة ونافع بن هلال للقتال :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ١٤)

ثم خرج مسلم بن عوسجة الأسدي وهو يقول :

إن تسألوا عني فإني ذو لبد

من فرع قوم من ذرى بني أسد

فمن بغاني حائد عن الرشد

وكافر بدين جبار صمد

ثم تابعه نافع بن هلال الجملي وهو يقول :

أنا على دين علي

ابن هلال الجملي

أضربكم بمنصلي

تحت عجاج القسطل

فخرج لنافع رجل من بني قطيعة ، فقال لنافع : أنا على دين عثمان. فقال نافع :

إذن أنت على دين الشيطان ، وحمل عليه فقتله. فأخذ نافع ومسلم يجولان في ميمنة ابن سعد.

٣٥ ـ تشجيع عمرو بن الحجاج لقومه ، واعترافه بشجاعة أصحاب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل المقرم ، ص ٢٩٦)

وأخذ أصحاب الحسينعليه‌السلام بعد أن قلّ عددهم وبان النقص فيهم ، يبرز الرجل بعد الرجل ، فأكثروا القتل في أهل الكوفة. فصاح عمرو بن الحجاج بأصحابه :أتدرون من تقاتلون؟!. تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوما مستميتين ، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم. والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم.

فقال عمر بن سعد : صدقت ، الرأي ما رأيت. أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منكم ، ولو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم(١) .

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٩.

٦١

زحف الميمنة

٣٦ ـ عمرو بن الحجاج يزحف على ميمنة الحسينعليه‌السلام :

(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٦)

وحمل عمرو بن الحجاج على ميمنة أصحاب الحسينعليه‌السلام فيمن كان معه من أهل الكوفة. فلما دنا من أصحاب الحسينعليه‌السلام جثوا له على الرّكب ، وأشرعوا بالرماح نحوهم ، فلم تقدم خيلهم على الرماح ، فذهبت الخيل لترجع ، فرشقهم أصحاب الحسينعليه‌السلام بالنبل ، فصرعوا منهم رجالا وجرحوا منهم آخرين(١) .

وكان عمرو بن الحجاج يقول لأصحابه : قاتلوا من مرق من الدين ، وفارق الجماعة. فصاح الحسينعليه‌السلام : ويحك يا حجّاج أعليّ تحرّض الناس؟. أنحن مرقنا من الدين وأنت تقيم عليه؟!. ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا من أولى بصليّ النار(٢) !.

٣٧ ـ عمرو بن الحجاج يتهم الحسينعليه‌السلام بالمروق من الدين ، وجواب الحسينعليه‌السلام له :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٥)

ثم دنا عمرو بن الحجاج من أصحاب الحسينعليه‌السلام . ثم صاح بقومه : يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين ، وخالف إمام المسلمين. فقال له الحسينعليه‌السلام : يابن الحجاج أعلي تحرّض الناس؟.أنحن مرقنا من الدين وأنتم ثبتّم عليه؟!. والله لتعلمنّ أيّنا المارق من الدين ، ومن هو أولى بصليّ النار(٣) .

مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧.

(٢) البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٢.

(٣) مقتل المقرم ، ص ٢٩٦ عن كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧.

٦٢

٣٨ ـ مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي ووصيته لحبيب بن مظاهر ، وما شهده شبث بن ربعي بمسلم :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)

ثم حمل عمرو بن الحجاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة ، وفيها قاتل مسلم ابن عوسجة ، فشدّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي(١) وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة ، وما انجلت الغبرة إلا ومسلم صريعا وبه رمق.فمشى إليه الحسينعليه‌السلام ومعه حبيب بن مظاهر الأسدي ، فقال له الحسينعليه‌السلام :رحمك الله يا مسلم( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب :٢٣]. ودنا منه حبيب وقال : عزّ عليّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة. فقال قولا ضعيفا : بشّرك الله بخير. قال حبيب : لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكل ما أهمّك [حتى أحفظك في ذلك ، لما أنت أهله في القرابة والدين(٢) ].فقال له مسلم : بل أوصيك بهذا [وأشار إلى الحسينعليه‌السلام ] أن تموت دونه. فقال :أفعل وربّ الكعبة(٣) فما أسرع من أن مات. [وفي اللهوف ، ص ٦٠ أنه قال :لأنعمنّك عينا ثم مات] رضوان الله عليه.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ١٦ :

فصاحت جارية له : يا سيداه!. يابن عوسجتاه!.

فنادى أصحاب عمر بن سعد مستبشرين : قتلنا مسلم بن عوسجة. فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله : ثكلتكم أمهاتكم ، أما إنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّون عزّكم [وفي رواية ابن الأثير : وتذلّون أنفسكم لغيركم]. أتفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة؟!. أما والذي أسلمت له ، لربّ موقف له في المسلمين كريم. والله لقد رأيته يوم (سلق أذربيجان) ، قتل ستة من المشركين قبل أن تلتئم خيول المسلمين [أفيقتل مثله وتفرحون؟!].

__________________

(١) في مناقب ابن شهر اشوب أن الّذي قتله : مسلم الضبابي وعبد الرحمن البجلي.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٣.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٩ ، وقد اعتبر شهادة مسلم أول الأصحاب.

٦٣

زحف الميسرة

٣٩ ـ زحف شمر بن ذي الجوشن على ميسرة الحسينعليه‌السلام :

(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٧)

ثم تراجع القوم إلى الحسينعليه‌السلام ، فحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة ، على أهل الميسرة ، فثبتوا له وطاعنوه. وحمل على الحسينعليه‌السلام وأصحابه من كل جانب. وقاتلهم أصحاب الحسينعليه‌السلام قتالا شديدا ، فأخذت خيلهم تحمل ، وإنما هي اثنان وثلاثون فارسا ، فلا تحمل على جانب من خيل الكوفة إلا كشفته.

٤٠ ـ خبر عبد الله بن عمير الكلبي ومقاتلته :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٥ ط أولى مصر)

كان عبد الله بن عمير الكلبي (بالنّخيلة) فرأى القوم يعرضون ليسرحوا إلى قتال الحسينعليه‌السلام . فقال : والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإني لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه إياي في جهاد المشركين. فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما يريد.فقالت : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، افعل وأخرجني معك. فخرج بها حتى أتى حسيناعليه‌السلام فأقام معه. فلما دنا عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس.فخرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زياد ، فقالا : من يبارز؟. ليخرج إلينا بعضكم. فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير ، فقال لهما حسين : اجلسا. فقام عبد الله ابن عمير هذا ، فاستأذن الحسين بالخروج فأذن له ، وكان رجلا آدم طويلا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين. فخرج وقاتل قتالا مريرا.

فلما برز قال له يسار : من أنت؟. فانتسب له. فقال له : لست أعرفك ، ليخرج إليّ زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر أو برير بن خضير.

فقال له ابن عمير : يابن الفاعلة [وفي رواية : يابن الزانية] ، وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ، ولا يبرز إليك أحد إلا وهو خير منك!.

ثم شدّ عليه فضربه بسيفه حتى برد ، وهو أول من قتل من أصحاب ابن سعد. فإنه لمشتغل بضربه إذ شدّ عليه سالم مولى عبيد الله ، فصاح به أصحابه : قد رهقك العبد ، فلم يعبأ به حتى غشيه ، فبدره بضربة اتّقاها ابن عمير بيده اليسرى فأطارت

٦٤

أصابع كفه ، ومال عليه عبد الله فضربه حتى قتله. فرجع وقد قتلهما جميعا ، وهو يرتجز ويقول :

إن تنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عليم حسبي

إني امرؤ ذو مرّة وعضب

ولست بالخوّار(١) عند النكب

إني زعيم لك أمّ وهب

بالطعن فيهم صادقا والضرب

ضرب غلام مؤمن بالربّ

مصرع عبد الله بن عمير الكلبيرحمهما‌الله

٤١ ـ مصرع عبد الله بن عمير الكلبي ، وزوجته أم وهب (رض):

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)

وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين فثبتوا لهم حتى كشفوهم ، وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي [وهو عبد الله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي أبو وهب] فقتل تسعة عشر فارسا واثني عشر راجلا ، وشدّ عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى ، وقطع بكر بن حي ساقه ، فأخذ أسيرا وقتل صبرا(٢) . وذكر الطبري في تاريخه أنه كان القتيل الثاني من أصحاب الحسينعليه‌السلام .

فمشت إليه زوجته أم وهب (بنت عبد الله من النمر بن قاسط) وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول : هنيئا لك الجنة ، أسأل الله الّذي رزقك الجنة أن يصحبني معك. فقال الشمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود ، فشدخه وماتت(٣) وهي

__________________

(١) ذو مرّة : أي ذو قوة. والخوّار : الضعيف.

(٢) كامل ابن الأثير. والذي يقتل صبرا : هو كل من يقتل في غير معركة ولا حرب كالأسير ، فانه مقتول صبرا.

(٣) الظاهر أنه وقع خلط من المؤرخين بين قصة عبد الله بن عمير الكلبي هذا ، وبين قصة وهب بن حباب الكلبي الّذي سيأتي ذكره ، ومردّ الاشتباه أن زوجة عبد الله بن عمير اسمها (أم وهب) كما نصّ على ذلك الطبري وابن الأثير.

٦٥

أول امرأة قتلت من أصحاب الحسينعليه‌السلام (١) . وقطع رأس عبد الله ورمي به إلى جهة الحسينعليه‌السلام ، فأخذته أمه ومسحت الدم عنه ، ثم أخذت عمود خيمة وبرزت إلى الأعداء ، فردّها الحسينعليه‌السلام وقال : ارجعي رحمك الله ، فقد وضع عنك الجهاد. فرجعت وهي تقول : اللهم لا تقطع رجائي. فقال الحسينعليه‌السلام : لا يقطع الله رجاءك(٢) .

توضيح :

حصل خلط كبير عند المؤرخين بين اسمين هنا : عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي ، وبين وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي ، وذلك للتشابه بين (جناب)و (حباب) من جهة ، ولأن زوجة عبد الله بن عمير لقبها (أم وهب).

والذي أرجحه أن هناك شخصين مختلفين وكل واحد منهما استشهد على حدة ؛ الأول خرج من الكوفة إلى (النّخيلة) إلى كربلاء ، وهو عبد الله بن عمير ، والثاني كان نصرانيا فلقي الحسينعليه‌السلام في طريقه وأسلم ، وصحبه إلى كربلاء ، وهو وهب بن حباب.

والذي يقوّي رأيي هذا ، أن هناك روايتين مختلفتين لاستشهاد (عبد الله) أو (وهب) وزوجته أو أمه (أم وهب). إحداهما تحكي أنه قتل وجاءت زوجته فجلست عند رأسه تمسح الدم عنه. والثانية أن الأعداء احتوشوه فأخذوه أسيرا ، وقطعوا رأسه ، ثم رموا به إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، فأخذته زوجته وضربت به خيمة للأعداء فهدمتها.

والرواية الأولى تثبت أن زوجته (أم وهب) استشهدت بعده ، حيث ضربها أحدهم بعمود من حديد على رأسها. بينما تشير الثانية إلى أنها حاولت القتال ، ولكن الحسينعليه‌السلام ردّها إلى المخيم.

وسوف تأتيك قصة استشهاد وهب بن حباب الكلبي ، الّذي أسلم مع أمه وزوجته ، بعد قليل.

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٣ ونسب ذلك إلى أم وهب بن جناب الكلبي.

(٢) مقتل المقرم ، ص ٩٨ ، نقلا عن تظلم الزهراء ، ص ١١٣.

٦٦

٤٢ ـ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر المؤمن إلى الجنة :

(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٧٣)

روي عن أبي جعفر الثاني (الإمام محمّد الجواد) عن آبائه (قال) قال علي بن الحسينعليه‌السلام : لما اشتدّ الأمر بأبي الحسينعليه‌السلام نظر إليه من كان معه ، فإذا هو بخلافهم ، لأنهم كلما اشتد الأمر تغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ، وكان الحسينعليه‌السلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم ، وتهدأ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم. فقال بعض لبعض : انظروا لا يبالي بالموت.

فقال لهم الحسينعليه‌السلام : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم. فأيكم يكره أن ينتقل من سجن [أي الدنيا] إلى قصر [أي الجنة]! ، وهي لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب. إن أبي حدثني عن رسول الله (ص) : أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم. ما كذبت ولا كذّبت.

طلب النجدة والمدد

٤٣ ـ عزرة بن قيس يستنجد بابن سعد ، واعتراف شبث بن ربعي بضلال أصحابه :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩٩)

ولما رأى عزرة بن قيس وهو على الخيل الوهن في أصحابه والفشل كلما يحملون ، بعث إلى عمر بن سعد يستمده الرجال. فقال ابن سعد لشبث بن ربعي :ألا تقدم إليهم؟. قال : سبحان الله ، تكلف شيخ المصر ، وعندك من يجزي عنه؟.ولم يزل شبث بن ربعي كارها لقتال الحسين ، وقد سمع يقول في إمارة مصعب :قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده [يعني الحسن] آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ولده وهو خير أهل الأرض ، نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية؟! ضلال يا لك من ضلال. والله لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا ، ولا يسددهم لرشد(١) .

فمدّه بالحصين بن نمير في خمسمائة من الرماة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

٦٧

٤٤ ـ وصف أحدهم لبسالة الحسينعليه‌السلام وأصحابه الأبطال :

(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ١٤٧)

ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة) ج ٣ ص ٣٠٧ ط مصر : أنه قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد : ويحك ، أقتلتم ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !. فقال : عضضت بالجندل(١) إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا!.ثارت علينا عصابة [يعني جماعة الحسينعليه‌السلام ] أيديها في مقابض سيوفها ، كالأسود الضارية ، تحتطم الفرسان يمينا وشمالا ، وتلقي أنفسها على الموت ، لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ، ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية أو الاستيلاء على الملك ، فلو كففنا عنها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها ، فما كنا فاعلين لا أمّ لك!.

مصرع أبي الشعثاء الكنديرحمه‌الله

٤٥ ـ عدول أبي الشعثاء الكندي إلى الحسينعليه‌السلام واستشهاده :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٣٠٠)

وكان أبو الشعثاء الكندي ـ وهو يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي ـ مع ابن سعد ، فلما ردّوا الشروط على الحسينعليه‌السلام صار معه. فقاتل بين يديه ، وجعل يرتجز ويقول(٢) :

أنا يزيد وأبي مهاصر

أشجع من ليث بغيل(٣) خادر

يا ربّ إني للحسين ناصر

ولابن سعد تارك وهاجر

وكان راميا ، فجثا على ركبتيه بين يدي الحسينعليه‌السلام ورمى بمئة سهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم ، والحسينعليه‌السلام يقول : اللهم سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٩ ط أولى مصر. والجندل : الصخر العظيم.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣٧.

(٣) أسد خادر : مقيم في خدره ، والخدر : أجمة الأسد. والغيل : موضع الأسد.

٦٨

فلما نفدت سهامه قام وهو يقول : لقد تبيّن لي أني قتلت منهم خمسة(١) . ثم حمل على القوم فقتل تسعة نفر حتى قتلرحمه‌الله (٢) .

٤٦ ـ مبارزة برير بن خضير ليزيد بن معقل ومباهلتهما ، ثم مصرع برير على يد كعب بن جابر ، وقيل بحير الضبّي :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١١)

ثم برز برير بن خضير الهمداني وهو يقول :

أنا برير وأبي خضير

لا خير فيمن ليس فيه خير

وفي رواية مقتل الخوارزمي :

أنا برير وفتى خضير

أضربكم ولا أرى من ضير

يعرف فيّ الخير أهل الخير

كذاك فعل الخير من برير

مصرع بربر بن خضير الهمداني

وكان برير من عباد الله الصالحين ، وكان زاهدا عابدا ، وكان أقرأ أهل زمانه ، وكان يقال له سيّد القرّاء ، وكان شيخا تابعيا ، وله في الهمدانيين شرف وقدر. فحمل وقاتل قتالا شديدا ، وجعل ينادي فيهم : اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين ، اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين ، اقتربوا مني يا قتلة عترة خير المرسلين. فبرز إليه رجل يقال له يزيد بن معقل [وفي رواية : يزيد بن المغفل(٣) ].

وذكر المقرّم هذا الكلام بشيء من التفصيل(٤) قال :

ونادى يزيد بن معقل : يا برير كيف ترى صنع الله بك؟. فقال : صنع الله بي خيرا

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥.

(٢) أمالي الصدوق ص ٨٧ مجلس ٣٠ ؛ وفي مقتل الخوارزمي أنه قتل في آخر الأصحاب ؛ وفي لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٠ أنه كان أول من قتل.

(٣) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ١٥٩.

(٤) مقتل المقرم ، ص ٣٠٩ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٧ ، وذكر الطبري أنه برير بن (حضير) بالحاء وليس بالخاء.

٦٩

وصنع بك شرا. فقال يزيد : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّابا ، أتذكر يوم كنت أماشيك في (بني لوذان) وأنت تقول : كان معاوية ضالا وإن إمام الهدى علي بن أبي طالب؟. قال برير : بلى أشهد أن هذا رأيي. فقال يزيد : وأنا أشهد أنك من الضالين. فدعاه برير إلى المباهلة ، فرفعا أيديهما إلى الله سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله. ثم تضاربا فضربه برير على رأسه ضربة قدّت المغفر والدماغ ، فخرّ كأنما هوى من شاهق ، وسيف برير ثابت في رأسه. وبينا هو يريد أن يخرجه إذ حمل عليه (رضي بن منقذ العبدي) واعتنق بريرا واعتركا ، فصرعه برير وجلس على صدره ، فاستغاث رضي العبدي بأصحابه ، فذهب كعب بن جابر الأزدي ليحمل على برير ، فصاح به زهير بن أبي الأخنس : هذا برير بن خضير القارئ الّذي كان يقرئنا القرآن في جامع الكوفة ، فلم يلتفت إليه وطعن بريرا في ظهره ، فبرك برير على رضي العبدي وعضّ وجهه وقطع طرف أنفه ، وألقاه كعب برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله رضوان الله عليه. وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وهو يقول : لقد أنعمت عليّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبدا.

وذكر الخوارزمي أن الّذي قتله هو بحير بن أوس الضبّي.

ترجمة برير بن خضير الهمداني المشرقي

بنو مشرق بطن من همدان ، قال الرواة : كان برير شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن ومن شيوخ القرّاء في الكوفة. وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين. ذكر أرباب السير أن بريرا لما بلغه امتناع الحسينعليه‌السلام من البيعة ليزيد الطاغية ، خرج من الكوفة حتى أتى مكة وصحب الحسينعليه‌السلام حتى استشهد معه رضوان الله عليه.

٤٧ ـ مبارزة الحر بن يزيد الرياحي :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠)

ثم قال الحر للحسينعليه‌السلام : يابن رسول الله ، كنت أول خارج عليك فاذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك(١) فلعلي أن أكون ممن يصافح جدك محمدا (ص) غدا

__________________

(١) لا يخفى أن مقتضى بعض الروايات أنه قتل جماعة قبل مصرع الحر ، وهو المستفاد من تاريخ ابن الأثير ، فلذلك حمل على أن المراد من [أول قتيل] أول قتيل من المبارزين.

٧٠

في القيامة. فقال له الحسينعليه‌السلام : إن شئت فأنت ممن تاب الله عليه ، وهو التواب الرحيم. فكان أول من تقدم إلى براز القوم وهو يرتجز ويقول :

إني أنا الحر ومأوى الضيف

أضرب في أعناقكم بالسيف

عن خير من حلّ بوادي الخيف(١)

أضربكم ولا أرى من حيف

وروي أنه كان يرتجز أيضا ويقول :

آليت لا أقتل حتى أقتلا

ولن أصاب اليوم إلا مقبلا

أضربهم بالسيف ضربا معضلا

لا ناكلا عنهم ولا معلّلا

لا عاجزا عنهم ولا مبدّلا

أحمي الحسين الماجد المؤمّلا(٢)

وخرج الحر بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين يحمي ظهره ، فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم شدّ الآخر واستنقذه ، ففعلا ذلك ساعة(٣) .

وفي رواية (مقتل الحسين) لأبي مخنف ، ص ٧٧ :

ثم تقدم الحر إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ، فإني أول من خرج إليك ، وأحب أن أقتل بين يديك!. فقال لهعليه‌السلام :ابرز بارك الله فيك ، فبرز الحر وهو يقول :

أكون أميرا غادرا وابن غادر

إذا كنت قاتلت الحسين بن فاطمه

وروحي على خذلانه واعتزاله

وبيعة هذا الناكث العهد لائمه

فيا ندمي أن لا أكون نصرته

ألا كل نفس لا تواسيه نادمه

أهمّ مرارا أن أسير بجحفل

إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه

فكفوّا وإلا زرتكم بكتائب

أشدّ عليكم من زحوف الديالمه

سقى الله أرواح الذين توازروا

على نصره سحا من الغيث دائمه

وقفت على أجسادهم وقبورهم

فكاد الحشا ينفتّ والعين ساجمه

لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى

سراعا إلى الهيجا ليوثا ضراغمه

تواسوا على نصر ابن بنت نبيهم

بأسيافهم آساد خيل قشاعمه

__________________

(١) الحيف : الظلم. وادي الخيف : يقصد بها مكة المكرمة.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٨ ط ٤.

(٣) مقتل المقرم ص ٣٠٢ عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٢ ، والبداية ج ٨ ص ١٨٣.

٧١

ثم حمل على القوم وغاص في أوساطهم ، فقتل رجالا ونكّس أبطالا ، حتى قتل مائة فارس ، ورجع إلى الحسينعليه‌السلام .

ثم حمل على القوم وهو يقول :

هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع

فأنت بكأس الموت لا شكّ كارع

وحام عن ابن المصطفى وحريمه

لعلك تلقى حصد ما أنت زارع

لقد خاب قوم خالفوا الله ربهم

يريدون هدم الدين والدين شارع

يريدون عمدا قتل آل محمّد

وجدّهم يوم القيامة شافع

٤٨ ـ مبارزة الحر ليزيد بن سفيان ومصرعه :(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٣)

وروي عن أبي زهير العبسي أن الحر بن يزيد لما لحق بالحسينعليه‌السلام ، قال يزيد بن سفيان من بني شقرة وهم بنو الحارث بن تميم : أما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لأتبعته السنان.

قال : فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون ، والحر بن يزيد يحمل على القوم مقدما ، ويتمثل بقول عنترة :

ما زلت أرميهم بثغرة نحره

ولبانه(١) حتى تسربل بالدم

وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبه ، وإن دماءه لتسيل. فقال الحصين ابن تميم ـ وكان على شرطة عبيد الله ـ ليزيد بن سفيان : هذا الحر بن يزيد الّذي كنت تتمنى [قتله ، فهل لك به]!. قال : نعم. فخرج إليه ، فقال له : هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟. قال : نعم قد شئت ، فبرز له. قال : فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول : والله لبرز له فكأنما كانت نفسه في يده ، فما لبّثه الحر حين خرج إليه أن قتله [وقتل أربعين فارسا وراجلا(٢) ].

مصرع الحر بن يزيد الرياحيرحمه‌الله

__________________

(١) اللّبان : الصدر.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١١.

٧٢

٤٩ ـ مصرع الحر بن يزيد الرياحي (رض):

(مقتل الحسين للمقرم ص ٣٠٢)

ثم رمى أيوب بن مشرح الخيواني فرس الحر بسهم فعقره وشبّ به الفرس ، فوثب عنه كأنه ليث(١) وبيده السيف. فقاتلهم راجلا قتالا شديدا وهو يقول :

إن تعقروا بي فأنا ابن الحرّ

أشجع من ذي لبد هزبر

وفي رواية أنه كان يرتجز ويقول :

إني أنا الحر ونجل الحرّ

أشجع من ذي لبد هزبر

ولست بالخوّار عند الكرّ

لكنني الثابت عند الفرّ

وجعل يضربهم بسيفه حتى قتل نيفا وأربعين رجلا(٢) .

ثم حملت الرجالة على الحر وتكاثروا عليه ، فاشترك في قتله أيوب بن مشرح ، فاحتمله أصحاب الحسينعليه‌السلام حتى وضعوه أمام الفسطاط الّذي يقاتلون دونه وهكذا كان يؤتى بكل قتيل إلى هذا الفسطاط ، والحسينعليه‌السلام يقول :قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين(٣) .

ثم التفت الحسينعليه‌السلام إلى الحر وكان به رمق ، فقال له وهو يمسح الدم عنه :أنت الحر كما سمّتك أمك ، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة.

ورثاه رجل من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، وقيل علي بن الحسينعليه‌السلام ، وقيل إنها من إنشاء الإمام الحسينعليه‌السلام خاصة(٤) فقال :

لنعم الحرّ حرّ بني رياح

صبور عند مشتبك الرماح

ونعم الحر إذ نادى حسين

فجاد بنفسه عند الصياح

وفي (طبقات ابن سعد) أنه المتوكل الليثي(٥) .

__________________

(١) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٨ و ٢٥٠.

(٢) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢١٧ ط إيران.

(٣) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن تظلم الزهراء ، ص ١١٨ ؛ والبحار ، ج ١٠ ص ١١٧.

(٤) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٣ عن روضة الواعظين ص ١٦٠ ؛ وأمالي الصدوق ، ص ٩٧ مجلس ٣٠.

(٥) مجلة تراثنا الصادرة في قم ، العدد ١٠ ص ١٨١.

٧٣

ترجمة الحر بن يزيد التميمي الرياحي

هو الّذي جعجع بالحسينعليه‌السلام وكان أول خارج عليه ، ثم بعد ذلك أدركته السعادة وحظي بشرف الشهادة ، فكان من أول المستشهدين بين يدي الحسينعليه‌السلام يوم الطف وذكر أرباب السير أنه لما استشهد الحر أخرج الحسينعليه‌السلام منديله وعصب به رأس الحر.

وذكر الشيخ السماوي ومثله العلامة المظفر قال : وإنما دفنت بنو تميم الحر بن يزيد على نحو ميل من الحسينعليه‌السلام حيث قبره الآن اعتناء به.ولعل بنو تميم هم الذين تكتّلوا يوم الحادي عشر من المحرم ومنعوا الناس من قطع رأس الحر وحمله ، كما فعلوا ببقية الرؤوس ، إذ قطعوها من الأبدان وحملوها على أطراف الرماح. وللحر بن يزيد الرياحي اليوم مشهد يزار خارج مدينة كربلاء ، في الموضع الّذي كان قديما يدعى النواويس (انظر الشكل).

(الشكل ٥) : مرقد الحر بن يزيد الرياحي في ضاحية كربلاء

٧٤

٥٠ ـ الردّ على الذين اتهموا الحر بالارتداد عن الدين ، وأن توبته

لم تقبل : (الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٣ ص ٢٦٥)

قال السيد نعمة الله الجزائري : لقد حدثني جماعة من الثقاة أن الشاه إسماعيل الصفوي لما ملك بغداد ، وأتى إلى مشهد الحسينعليه‌السلام ، وسمع من بعض الناس الطعن على الحر بن يزيد ؛ أتى إلى قبره ، وأمر بنبشه ، فرأوه نائما كهيئته لما قتل ، ورأوا على رأسه عصابة مشدودا بها رأسه. فأراد الشاه أخذ تلك العصابة ، لما نقل في كتب السير أن تلك العصابة هي منديل الحسينعليه‌السلام شدّ به رأسه لما أصيب في تلك الواقعة ، ودفن على تلك الهيئة. فلما حلّوا تلك العصابة جرى الدم من رأسه حتى امتلأ منه القبر ، فلما شدّوا عليه تلك العصابة انقطع الدم. فأمر فبنى على قبره بناء ، وعيّن له خادما يخدم قبره. وتبيّن له أن شهادته كانت على حقّ ، وأنه معدود في الشهداء.

* * *

* مدخل إلى البحث التالي (انتصار العقيدة على العاطفة):

عندما تتغلب العقيدة على العاطفة يستهين الإنسان بالحياة ، وهذا ما فعله أصحاب الحسينعليه‌السلام ، حتى أن الواحد منهم كان يقدّم ابنه للقتل أو أخاه ، وكانت المرأة تقدّم ابنها للشهادة أو زوجها. فكان الحسينعليه‌السلام يردّ الغلام الّذي حضرت أمه معه (مثل عمرو بن جنادة الأنصاري) ، فيقول الغلام : أمي أمرتني بذلك.

ومن أروع أشكال هذا الانتصار للعقيدة على العاطفة ، تلك الأم التي أسلمت على يد الحسين (ع) ، ثم قدّمت ابنها (وهب) للشهادة في سبيل الله. فلمثل هذا فليعمل العاملون ، وفي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.

شهادة وهب ابن حباب الكلبيرحمه‌الله

٧٥

٥١ ـ مصرع وهب بن حباب الكلبي :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٦ ط ٤)

ثم برز وهب بن حباب الكلبي ، ويقال إنه كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسينعليه‌السلام ، وكانت معه أمه وزوجته. فقالت أمه : قم يا بني فانصر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال : أفعل يا أمّاه ولا أقصّر(١) ، فبرز وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن الكلبي

سوف تروني وترون ضربي

وحملتي وصولتي في الحرب

أدرك ثاري بعد ثار صحبي

وأدفع الكرب أمام الكرب

ليس جهادي في الوغى باللعب

ثم حمل وهب ولم يزل يقاتل حتى قتل جماعة. ثم رجع إلى امرأته وأمه وقال :يا أماه أرضيت؟. فقالت : ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسينعليه‌السلام ، فقالت امرأته : بالله عليك لا تفجعني بنفسك.

فقالت له أمه : يا بني اعزب عن قولها ، وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة. فرجع فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه. وأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول : فداك أبي وأمي ، قاتل دون الطيبين حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأقبل كي يردّها إلى النساء ، فأخذت بجانب ثوبه وقالت : لن أعود دون أن أموت معك. فقال الحسينعليه‌السلام : جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي إلى النساء رحمك الله ، فانصرفت إليهن. ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

توضيح :

لما حصل الالتباس بين (عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي)و (وهب بن عبد الله ابن حباب الكلبي) نجد أن نفس القصة يرويها بعضهم تحت الاسم الأول ، وبعضهم تحت الاسم الثاني.

فالطبري يذكر فقط عبد الله بن عمير الكلبي ، وكذلك ابن الأثير. بينما في (الفتوح) لابن أعثم يذكر وهب بن عبد الله بن عمير الكلبي. وفي (مثير الأحزان)

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٢ ، ونسب ذلك إلى وهب بن عبد الله بن جناب الكلبي.

٧٦

لابن نما و (اللهوف) لابن طاووس : وهب بن جناب الكلبي. وفي (مناقب ابن شهر اشوب) : وهب بن عبد الله الكلبي.

وفي (العيون العبرى) للميانجي يقول : يذكر الشيخ السماوي في (إبصار العين) :عبد الله بن عمير الكلبي ، ولم يذكر وهب الكلبي ؛ والخوارزمي على العكس.

ويذكر الخوارزمي في مقتله : أن وهب بن عبد الله هذا كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسينعليه‌السلام .

أما السيد الأمين في لواعجه فقد اعتبرهما شخصين مختلفين ، وهذا ما اعتمدناه ونوّهنا عنه عند شهادة عبد الله بن عمير الكلبي [توضيح بعد الفقرة ٤١]. وهذا أيضا ما ذهب إليه السيد محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتله.

تقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها

٥٢ ـ عمر بن سعد يأمر بتقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها بالنار :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٧ ط ١ مصر)

يقول الطبري : وقاتلوهم حتى انتصف النهار ، أشدّ قتال خلقه الله. وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم إلا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقاربها. فلما رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالا يقوّضونها (عن أيمانهم وعن شمائلهم) ليحيطوا بهم. فكان أصحاب الحسينعليه‌السلام يشدّون على كل من دخل يقوّضها وينهبها ، فيقتلونه ويرمونه من قريب (فيعقرونه).

فأمر ابن سعد بإحراقها فأحرقوها (فصاحت النساء ودهشت الأطفال). فقال الحسينعليه‌السلام : دعوهم فليحرقوها ، فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها ، وكان كذلك.

٥٣ ـ الشمر يطعن فسطاط الحسينعليه‌السلام ويحاول تحريق الخيام :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٤)

وحمل القوم بعضهم على بعض ، واشتد بينهم القتال. فصبر لهم الحسينعليه‌السلام وأصحابه ، حتى انتصف النهار ، وهم يقاتلون من جهة واحدة. فلما رأى ابن سعد ذلك أمر بإحراق الخيم. فقال الحسينعليه‌السلام لأصحابه : دعوهم فإنهم لن يصلوا

٧٧

إليكم. ثم حمل الشمر حتى طعن فسطاط الحسين ، ونادى : عليّ بالنار لأحرق بيوت الظالمين (فصحن النساء وخرجن من الفسطاط). فحمل عليه أصحاب الحسين حتى كشفوه عن الخيمة. فناداه الحسينعليه‌السلام : ويلك

يا شمر تريد أن تحرق خيمة رسول الله؟!. قال : نعم. فرفع الحسين طرفه إلى السماء ، وقال : اللهم لا يعجزك شمر أن تحرقه بالنار يوم القيامة(١) .

٥٤ ـ استنكار حميد بن مسلم لفعل الشمر :

(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٤)

وروي عن حميد بن مسلم (قال) قلت لشمر بن ذي الجوشن : سبحان الله ، إن هذا لا يصلح لك ؛ أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين : تعذّب بعذاب الله ، وتقتل الولدان والنساء؟!. والله إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك. (قال) فقال : من أنت؟.(قال) قلت : لا أخبرك من أنا. قال : وخشيت والله أن لو عرفني أن يضرني عند السلطان!.

٥٥ ـ زجر شبث بن ربعي للشمر :

(المصدر السابق ، ص ٢٥٥)

قال : فجاءه رجل كان أطوع له مني (شبث بن ربعي) فقال له : ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ، ولا موقفا أقبح من موقفك!. أمرعبا للنساء صرت!. قال : فأشهد أنه استحيا فذهب لينصرف.

٥٦ ـ حملة زهير لاستنقاذ البيوت :

(المصدر السابق)

وحمل عليه زهير بن القين في رجال من أصحابه عشرة ، فشدّ على شمر بن ذي الجوشن وأصحابه ؛ فكشفهم عن البيوت ، حتى ارتفعوا عنها.

مصرع عمرو بن خالد الأزدي وابنهرحمهما‌الله

__________________

(١) اللهوف ، ص ٦٩ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٢٩٨ عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

٧٨

٥٧ ـ شهادة عمرو بن خالد الأزدي ، وابنه خالد :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٢)

وبرز عمرو بن خالد الأزدي وهو يقول :

إليك يا نفس إلى الرحمن

فأبشري بالرّوح والرّيحان

اليوم تجزين على الإحسان

قد كان منك غابر الزمان

ما خطّ في اللوح لدى الديّان

لا تجزعي فكل حيّ فان

والصبر أحظى لك بالإيمان

يا معشر الأزد بني قحطان

ثم قاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

فتقدم ابنه خالد بن عمرو ، وهو يرتجز ويقول :

صبرا على الموت بني قحطان

كيما تكونوا في رضيا لرحمن

ذي المجد والعزة والبرهان

وذي العليو الطوّل والإحسان

يا أبتا قد صرت في الجنان

في قصر درّ حسن البنيان

فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

توضيح :

حصل خلط بين عمرو بن خالد الأزدي السابق ، وبين عمرو بن خالد الصيداوي الّذي سيأتي ذكره في الفقرة التالية. وأغلب المصادر ذكرت الأخير (عمرو) ما عدا السيد الأمين في اللواعج الّذي ذكره (عمر). فالذي استشهد في جماعة أربعة مع مولاه وصديقيه هو عمر بن خالد الصيداوي.

وقد ذكر السيد الأمين في (اللواعج) ص ١٣٢ شخصا ثالثا باسم مشابه وهو (عمرو بن خالد الصيداوي) وقد استشهد بعد جون.

قال : وبرز عمرو بن خالد الصيداوي ، فقال للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا. فقال له الحسينعليه‌السلام : تقدّم فإنا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدم فقاتل حتى قتل.

٥٨ ـ استشهاد جماعة :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥)

وأما عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه ، وجابر بن الحارث السلماني

٧٩

ومجمع بن عبد الله العائذي ، فإنهم قاتلوا في أول القتال ، فشدّوا مقدمين بأسيافهم على أهل الكوفة ، فلما أوغلوا فيهم عطف عليهم الناس وقطعوهم عن أصحابهم ، فندب إليهم الحسينعليه‌السلام أخاه العباسعليه‌السلام فاستنقذهم بسيفه وقد جرحوا بأجمعهم. وفي أثناء الطريق اقترب منهم العدو فشدوا بأسيافهم مع ما بهم من الجراح ، وقاتلوا حتى قتلوا أول الأمر في مكان واحد.

وعاد العباسعليه‌السلام إلى أخيه وأخبرهم بخبرهم.

وكان هؤلاء الأربعة من مخلصي الشيعة في الكوفة ، التحقوا بالحسينعليه‌السلام بالعذيب قبل وصوله إلى كربلاء.

ترجمة عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٨١)

كان عمرو من أشراف الكوفة ، مخلص الولاء لأهل البيتعليهم‌السلام . قام مع مسلم بن عقيل ، حتى إذا خانته الكوفة لم يسعه إلا الاختفاء. فلما سمع بمقتل قيس بن مسهر ، وأخبر أن الحسينعليه‌السلام صار بالحاجر ، خرج إليه مع سعد مولاه ، وجابر بن الحارث السلماني ومجمع بن عبد الله العائذي ، وابنه خالد ؛ واتّبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو (الكامل) فجنبوه. وأخذوا دليلا لهم الطرماح بن عدي الطائي ، وكان جاء إلى الكوفة يمتار لأهله طعاما. فخرج بهم على طريق متنكبة ، وسار سيرا عنيفا من الخوف ، حتى انتهوا إلى الحسينعليه‌السلام وهو بعذيب الهجانات ، فاستقبلهم. وقالعليه‌السلام :أما والله إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا ؛ قتلنا أو ظفرنا.

٥٩ ـ احتدام القتال إلى زوال الشمس :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٣٨)

وكان القتل يبين في أصحاب الحسينعليه‌السلام لقلة عددهم ، ولا يبين في أصحاب عمر بن سعد لكثرتهم. واشتدّ القتال والتحم ، وكثر القتل والجراح في أصحاب أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام إلى أن زالت الشمس.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800