موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494255 / تحميل: 5861
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

السماء ، شاخصا ببصره إلى نحو الأفق ، والريح تلعب بلحيته الشريفة يمينا وشمالا ، كأنه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وعن أبي مخنف : والرأس الشريف على رمح بيد شمر بن ذي الجوشن.

٥١٠ ـ دخول الناس من باب الخيزران :

(مقتل أبي مخنف ، ص ١٢١ و ١٢٤)

قال سهل بن سعد : ودخل الناس من باب الخيزران ، فدخلت في جملتهم ، وإذا قد أقبل ثمانية عشر رأسا ، وإذا السبايا على المطايا بغير وطاء ، ورأس الحسينعليه‌السلام بيد شمر ، وهو يقول :

أنا صاحب الرمح الطويل. أنا قاتل ذي الدين الأصيل. أنا قتلت ابن سيد الوصيين ، وأتيت برأسه إلى أمير المؤمنين (يزيد بن معاوية).

فقالت له أم كلثوم [بنت علي]عليه‌السلام : كذبت يا لعين بن اللعين ، ألا لعنة الله على القوم الظالمين. ويلك تفخر بقتل من ناغاه في المهد جبرائيل وميكائيل ، ومن اسمه مكتوب على سرادق عرش رب العالمين ، ومن ختم الله بجده المرسلين ، وقمع بأبيه المشركين. فمن أين مثل جدي محمّد المصطفى ، وأبي علي المرتضى ، وأمي فاطمة الزهراء؟!.

فأقبل عليها خولي وقال : تأبين الشجاعة وأنت بنت الشجاع.

ثم قال : وأقبلوا بالرأس إلى يزيد بن معاوية ، وأوقفوه ساعة إلى باب الساعات.وأوقفوه هناك ثلاث ساعات من النهار.

وقد ذكرنا سابقا أن باب الخيزران لا بدّ أن يكون إلى الغرب من باب الساعات ، أي في زقاق (سبع طوالع) شمالي المسجد الجامع ، وأن الناس دخلوا من باب الخيزران متوجهين إلى باب الساعات لرؤية الرؤوس والسبايا يدخلون من هناك.

الرأس الشريف يتكلم

تعددت الروايات في تكلّم رأس الحسينعليه‌السلام في عدة مواقف وأماكن ، منها الكوفة ودمشق وغيرهما. عدا عما جرى بين الرأس الشريف وبعض الرهبان من مكالمات ومحاورات ، كان من نتيجتها إسلامهم وهدايتهم. وقد ذكرنا ما جرى في

٤٤١

الكوفة من تلاوة الرأس الشريف لمقطع من سورة الكهف ولبعض الآيات الأخرى ، وذلك في الفقرتين رقم ٣٤٩ و ٣٥٠ من هذا الجزء.

والآن نذكر ما حصل في دمشق عند باب الفراديس وغيره.

٥١١ ـ الرأس الشريف يتكلم في دمشق :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٤)

في (القمقام) نقلا عن مناقب ابن شهر اشوب : سمعوا من الرأس الشريف يرفع صوته في دمشق الشام ويقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

وفي (الناسخ) عن منهال بن عمرو ، قال : لما أدخل الرأس الشريف إلى دمشق الشام ، رأيت رجلا يتلو القرآن أمام الرأس ، ويتلو سورة الكهف ، فلما وصل إلى هذه الآية :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) ، أشهد والله لقد سمعت الرأس المبارك قال بلسان طلق ذلق : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي.

٥١٢ ـ تكلم الرأس الشريف عند باب الفراديس :

(فرائد السمطين ، ج ٢ ص ١٦٩)

قال أبو الحسن العسقلاني بإسناده ، قال الأعمش : قلت لمسلمة بن كهيل : الله إنك سمعته منه؟. قال : الله إني سمعت منه في باب الفراديس في دمشق ، لا مثّل ولا شبّه لي ، وهو [أي رأس الحسين (ع)] يقول :( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (١٣٧) [البقرة : ١٣٧].

٥١٣ ـ النصارى في دمشق يحتشمون لأهل البيتعليه‌السلام أكثر من أدعياء الإسلام :

(العيون العبرى للميانجي ، ص ٥٦)

في (الدمعة الساكبة) قال سهل : وكان معي رقيق نصراني ، يريد بيت المقدس ، وهو متقلد بسيف تحت ثيابه ، فكشف الله تعالى عن بصره ، فسمع رأس الحسينعليه‌السلام يقرأ القرآن ويقول :( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) [إبراهيم : ٤٢] ، فأدركته السعادة ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله.

٤٤٢

ثم انتضى سيفه وحمل به على القوم ، وهو يبكي. فجعل يضرب فيهم ، فقتل منهم جماعة كثيرة ، فتكاثروا عليه فقتلوه ،رحمه‌الله .

فقالت أم كلثومعليه‌السلام : ما هذه الصيحة؟. فحكيت لها الحكاية. فقالت :وا عجباه ، النصارى يحتشمون لدين الإسلام ، وأمة محمّد الذين يزعمون أنهم على دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقتلون أولاده ويسبون حريمه! ولكن العاقبة للمتقين.

خبر هند زوجة يزيد

٥١٤ ـ من هي هند؟ :

هناك روايتان : إحداهما تقول بأنها هند بنت عمرو بن سهيل ، وكانت تحت عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبر معاوية زوجها على طلاقها لرغبة يزيد فيها ، كما حاول أن يفعل مع أرينب بنت اسحق زوجة عبد الله بن سلّام ، فباءت مساعيه بالفشل.

والرواية الثانية ، التي ذكرها الطبري في تاريخه عن أبي مخنف ، أنها هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز ، فلما قتل أبوها بقيت عند أمير المؤمنينعليه‌السلام . وعندما قبض أمير المؤمنينعليه‌السلام بقيت في دار الحسنعليه‌السلام . فسمع بها معاوية فأخذها من الحسنعليه‌السلام فزوّجها من ولده يزيد.

وفي خبر أنها كانت تحت الحسينعليه‌السلام فطلقها ، وتزوجها يزيد ، فبقيت عند يزيد إلى أن قتل الحسينعليه‌السلام [راجع معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٠٣].

٥١٥ ـ خبر هند مع زينب العقيلةعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٠٣)

لم يكن لهند بنت عبد الله علم بأن الحسينعليه‌السلام قد قتل. ولما قتل الحسينعليه‌السلام وأتوا بنسائه وبناته وأخواته إلى الشام ، دخلت امرأة على هند وقالت : يا هند هذه الساعة أقبلوا بسبايا ولم أعلم من أين هم؟. فلعلك تمضين إليهم وتتفرجين عليهم. فقامت هند ولبست أفخر ثيابها وتخمّرت بخمارها ، ولبست إزارها ، وأمرت خادمة لها أن تحمل الكرسي. فلما رأتها الطاهرة زينبعليه‌السلام التفتت إلى أختها أم كلثوم وقالت لها : أخيّة أتعرفين هذه الجارية.؟ قالت : لا والله. قالت لها : أخيّة هذي خادمتنا هند بنت عبد الله. فسكتت أم كلثوم ونكّست

٤٤٣

رأسها ، وكذلك زينب. فقالت هند : أخيّة أراك طأطأت رأسك!. فسكتت زينبعليه‌السلام ولم تردّ عليها جوابا. ثم قالت لها : أخية من أي البلاد أنتم؟. فقالت لها زينبعليه‌السلام : من بلاد المدينة. فلما سمعت هند بذكر المدينة نزلت عن الكرسي وقالت : على ساكنها أفضل السلام. ثم التفتت إليها زينب وقالت : أراك نزلت عن الكرسي. قالت هند : إجلالا لمن سكن في أرض المدينة. ثم قالت لها : أخية أريد أن أسألك عن بيت في المدينة. قالت لها الطاهرة زينب : اسألي ما بدا لك. قالت :أريد أن أسألك عن دار علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قالت لها زينبعليه‌السلام : وأين لك معرفة بدار عليعليه‌السلام .؟ فبكت وقالت : إني كنت خادمة عندهم. قالت لها زينب : وعن أيّما تسألين؟. قالت : أسألك عن الحسينعليه‌السلام وعن إخوته وأولاده وعن بقية أولاد عليعليه‌السلام ، وأسألك عن سيدتي زينب وعن أختها أم كلثوم وعن بقية مخدّرات فاطمة الزهراءعليه‌السلام . فبكت عند ذلك زينبعليه‌السلام بكاء شديدا ، وقالت لها : يا هند ، أما إن سألت عن دار عليعليه‌السلام فقد خلّفناها تنعى أهلها ، وأما إن سألت عن الحسينعليه‌السلام فهذا رأسه بين يدي يزيد ، وأما إن سألت عن العباسعليه‌السلام وعن بقية أولاد عليعليه‌السلام فقد خلّفناهم على الأرض مجزّرين كالأضاحي بلا رؤوس ، وإن سألت عن زين العابدينعليه‌السلام فها هو عليل نحيل لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام ، وإن سألت عن زينب فأنا زينب بنت علي ، وهذي أم كلثوم ، وهؤلاء بقية مخدّرات فاطمة الزهراءعليه‌السلام .

فلما سمعت هند كلام زينبعليه‌السلام رقّت وبكت ونادت : وا أماه وا سيداه وا حسيناه ، ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء ، ولا أنظر بنات فاطمة الزهراء على هذه الحالة. ثم تناولت حجرا وضربت به رأسها ، فسال الدم على وجهها ومقنعتها وغشي عليها. فلما أفاقت من غشيتها أتت إليها الطاهرة زينبعليه‌السلام وقالت لها : يا هند قومي واذهبي إلى دارك ، لأني أخشى عليك من بعلك يزيد. فقالت هند : والله لا أذهب حتى أنوح على سيدي ومولاي أبي عبد الله ، وحتى أدخلك وسائر النساء الهاشميات معي داري.

٤٤٤

عود على بدء

الموكب يدخل دمشق

٥١٦ ـ وصف موكب النصر :

مع إطلالة الأول من صفر كانت دمشق على أهبة الاستعداد لاستقبال موكب الرؤوس والسبايا ، موكب النصر والفرح ، والطرب والمرح. وقد اصطفّت الجنود والقواد على طول الطريق الّذي يمتد من باب توما إلى باب جيرون الداخلي ، الّذي يؤدي إلى منطقة القصور الملكية لبني أمية ، المجاورة للمسجد الجامع ، ومنها قصر يزيد ، حيث يزيد يقف مع بعض أعيانه على شرفة قصره. وقد أقيمت الزينات والأضواء في جميع الشوارع والمحلات ، وخرج الناس يشاركون الملك الضلّيل في بهجته وطربه بمناسبة نصره وغلبه

هذه هي المسيرات والعراضات تملأ الأزقة والطرقات والساحات ، وقد لبس الناس أزياءهم ، وتحلّوا بسيوفهم وأتراسهم إنه عيد دمشق العظيم ، بمناسبة قتل ريحانة سيد المرسلين ، وسبط الرسول الكريم ، سيد الشهداء الحسين (ع).

دخل موكب الرؤوس والسبايا من باب توما ، ثم عبروا الساحة العامة (آغورا) ، حتى وصلوا إلى باب جيرون الداخلي ، حيث أوقفوا هناك ساعة ليتفرج عليهم الناس ، ونصب الرأس على الباب ، ليراه كل شامت ومرتاب. ثم كان لا بدّ لزيادة التشهير بهم من تسييرهم إلى الأماكن الهامة ، فجاؤوا بالركب إلى باب الفراديس ، حيث علّق الرأس ساعة ، وقد غصّت الطرق بالناس ، سيّروه من هناك إلى باب داخلي مجاور هو باب الساعات الواقع جنوب باب الفراديس ، حيث علّق الرأس عليه ساعة أخرى وكان آخر مطافهم أن وصلوا إلى درج المسجد الجامع المتصل بالباب الشرقي للجامع ، فأدخلوا الرؤوس إلى قصر يزيد من بابه المجاور للدرج ، بينما أوقفوا السبايا على الدرج حيث يقام السبي ، لتمرّ أمامهم وفود الناس ، فتلقي عليهم نظرات الشماتة والازدراء ، مثلما تلقي عليهم حجارة من السباب والشتائم ، ويتصفح وجوههم القاصي والداني ، وهم في حالة محزنة مزرية ، وقد تمزقت ثيابهم وتقشرت وجوههم ، والقيود معقودة في أعناقهم ؛ من زين العابدينعليه‌السلام إلى زينب والنساء ، إلى الصبية والأطفال. وظلوا على درج السبي ثلاث ساعات ، حتى أذن لهم بالدخول على يزيد.

٤٤٥

لقد كان يوما حافلا في دمشق لم تشهد له مثيلا في التاريخ لقد انتصر يزيد وتغلّب ، مثلما انتصر أبوه من قبل وتسلّط ، ولكن نصر الأرض غير نصر السماء ، وغلبة الدنيا غير غلبة الدين( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٢٢٧) [الشعراء :٢٢٧].

٥١٧ ـ إيقاف السبايا على درج المسجد الجامع :

أجمعت الروايات على أن آخر محطة للسبايا قبل إدخالهم على يزيد هي درج المسجد الجامع حيث يقام السبي ، وذلك ليتسنى للناس المحتشدين أن يأتوا لرؤيتهم والتفرج عليهم. ريثما يأتي الأمر من يزيد لإدخالهم إلى قصره من الباب المجاور للدرج. وقد كان هذا الباب مفتوحا ، ثم سدّوه بالأحجار ، وتظهر آثار هذا الباب بوضوح في جدار القصر ، على يمين الصاعد على الدرج وقبل دخوله المسجد. (انظر المخطط السابق).

وهذه بعض الروايات :

في (نور العين) للإسفراييني ، ص ٨٩ :

ثم ازدحم الناس ، حتى خرجوا من باب الساعات ، والنساء مكشوفات الوجوه ، والرؤوس على الرماح. فقال أهل الشام : والله ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء ، فمن أنتم؟. فقالت سكينة بنت الحسينعليه‌السلام : نحن سبايا آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم أتوا حتى وقفوا بهم على باب القصر ، [حمدا(١) حدقت] النظّار إلى زين العابدينعليه‌السلام وهو موثوق بالرباط.

وفي رواية ابن أعثم والخوارزمي :

ثم أتي بهم حتى وقفوا (أقيموا) على درج باب المسجد (الجامع) حيث يقام السبي.

٥١٨ ـ إيقاف السبايا ثلاث ساعات قبل أن يؤذن لهم بالدخول :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٩)

وأوصلوا الرؤوس والنساء وقت الزوال إلى باب دار يزيد بن معاوية ، وهم في

__________________

(١) كذا في الأصل ، ولعل الصحيح [وقد أحدقت].

٤٤٦

تعب شديد من كثرة الإزدحام ، فأوقفوا ثلاث ساعات ليأذن لهم يزيد بالدخول.فصاح صائح : هؤلاء سبايا أهل بيت الخارجي الملعون.

٥١٩ ـ الشيخ المغرّر به :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦١ ؛

ولواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٩٢ ؛ ومقتل المقرم ص ٤٤٨)

في (تاريخ مختصر الدول) لابن العبري ، ص ١٩٠ : فأمر يزيد نساء الحسين وبناتهعليه‌السلام فأقمن بدرج المسجد ، حيث توقف الأسارى ، لينظر الناس إليهم.

وإذا شيخ أقبل ، فدنا من نساء الحسينعليه‌السلام وعياله ، وقال : الحمد لله الّذي قتلكم وأهلككم وأراح العباد (البلاد) من رجالكم ، وأمكن أمير المؤمنين منكم.

يقول السيد عبد الرزاق المقرم : ههنا أفاض الإمام السجّادعليه‌السلام من لطفه على هذا المسكين المغترّ بتلك التمويهات ، لتقريبه من الحق وإرشاده إلى السبيل.وهكذا أهل البيتعليه‌السلام تشرق أنوارهم على من يعلمون صفاء قلبه وطهارة طينته واستعداده للهداية".

فقال له علي بن الحسينعليه‌السلام : يا شيخ هل قرأت القرآن؟. قال : نعم. قال :فهل قرأت هذه الآية :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟[الشورى : ٢٣]. قال الشيخ : قرأتها ؛ قالعليه‌السلام : فنحن القربى. يا شيخ فهل قرأت في بني إسرائيل:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) [الإسراء : ٢٦]؟. فقال : قد قرأت ذلك ؛ فقالعليه‌السلام : فنحن القربى. يا شيخ فهل قرأت هذه الآية :( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) [الأنفال : ٤١]؟. قال : نعم ؛ فقالعليه‌السلام : فنحن القربى.يا شيخ ولكن هل قرأت هذه الآية :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣]؟. قال : قد قرأت ذلك ؛ فقالعليه‌السلام : فنحن أهل البيت الذين اختصّنا الله بآية الطهارة يا شيخ.

فبقي الشيخ ساكتا ساعة ، نادما على ما تكلم به ، وقال : بالله إنكم هم؟!. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : تالله إنا لنحن هم من غير شك ، وحقّ جدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنا لنحن هم!. فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : الله م إني أتوب إليك من بغض هؤلاء ، وإني أبرأ إليك من عدوّ محمّد وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الجن والإنس.

٤٤٧

ثم قال : هل من توبة؟. فقال لهعليه‌السلام : نعم ، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا. فقال : أنا تائب.

فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ ، فأمر به فقتل.

٥٢٠ ـ تزيين دار يزيد ونصب السرير له :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للزنجاني ، ص ٣٨٣)

ولما أدخلوا الرؤوس والسبايا دمشق الشام ، أمر يزيد فزيّنت داره بأنواع الزينة ، ونصب ليزيد سرير مرصّع ، ونصب أطراف سريره كراسي من الذهب والفضة.وجلس يزيد في سريره ، وعلى رأسه تاج مكلل بالدرّ والياقوت ، وحوله أربعمائة نفر من الأمراء والأعيان والسفراء ، وسفراء الملوك من النصارى وغيرهم ، وحوله كثير من مشايخ قريش.

٥٢١ ـ دار الخضراء وقصر يزيد :

لما أصبح معاوية حاكما لدمشق ، بنى في الجنوب الشرقي من المسجد الجامع دارا له ، وجعلها قصرا للإمارة ، وسماها (دار الخضراء). وبعد أن ضرب على فخذه أثناء صلاته في المسجد ، جعل بابا يصل بين داره والمسجد مباشرة ، وجعله خاصا به ، وجعل له مقصورة عالية في المسجد يصلي فيها بعيدا عن الناس.

ولما ولي يزيد الحكم جعل لسكنه قصرا ملاصقا للمسجد من الجهة الشمالية الشرقية [انظر الشكل ٢٤]. ولعله فعل ذلك ليعزل دار سكنه عن دار الخضراء التي خصّصها لشؤون الحكم.

وجعل لقصره عدة أبواب ، منها باب رئيسي من الشمال (١) ، وباب يدخل منه إلى المسجد مباشرة (٢) ، وباب مجاور لباب جيرون (٣) الّذي هو الباب الشرقي للمسجد ، وهذا الباب (٣) مسدود الآن ، ومنه أدخلت الرؤوس والسبايا على يزيد.ويقع مشهد رأس الحسينعليه‌السلام قريبا من هذا الباب في غرفة ملاصقة للمسجد ، لأن يزيد بيّت رأس الحسينعليه‌السلام هناك ليلة ، قبل صلبه على باب قصره ، ثم على باب المسجد ، ثم على إحدى منارات المسجد. وتذكر بعض الروايات أنه في هذا المكان دفن رأس الحسينعليه‌السلام قبل نقله إلى كربلاء.

ولا يبعد أن يكون حمام النوفرة الحالي جزءا من قصر يزيد. وإذا دخلنا في أول زقاق بعد الحمام نجد الأحجار الكبيرة التي تشكّل الحائط الشرقي للقصر ، حيث

٤٤٨

(الشكل ٢٤) : دار الخضراء

وقصر يزيد الملاصق للمسجد على يمين الداخل من باب جيرون

كان يزيد يجلس على إحدى الشرفات ، يمتّع نظره بمنظر قدوم سبايا أهل البيتعليه‌السلام ورؤوس قتلاهم ، وهم مقبلون من باب جيرون الداخلي نحو المسجد.

ونلاحظ من جهة الشمال أن جدار القصر يحاذي تماما جدار المسجد الجامع ، وله هناك باب فخم ، كان بابا للثانوية التجارية ، ثم أصبح المكان اليوم بيوتا ومحلات تجارية.

ويمثّل مشهد رأس الحسينعليه‌السلام جزءا صغيرا من القصر ، وهو الجزء الغربي الملاصق للمسجد ، وهو صلة الوصل بين القصر والمسجد ، ومنه كان يدخل يزيد إلى صحن المسجد مباشرة.

ـ تاريخ قصر يزيد :

(الآثار الإسلامية في مدينة دمشق لكارل لتسينغر ، ص ١٢٧)

قال كارل عن قصر يزيد : البناء هو دار عطا العجلاني اليوم ، كانت في السابق مقرا لمدرسة شيخ المشايخ. أما في الأصل فقد كان المكان قصرا ليزيد بن معاوية

٤٤٩

[٦٨٠ ـ ٦٨٣ م]. لاحظ قطع الحجاة الكلاسيكية في الجزء السفلي من الجدار الشرقي للبناء نفسه. وكان البناء يستخدم سجنا في أيام ابن شاكر ، وكان يعرف بالبيت الحجري (احترق سنة ٥٦٢ ه‍].

هذا وتقع إلى الشمال من باب جيرون ، وإلى الشرق من مشهد علي (في الجامع الأموي) المدرسة الرواحية (نسبة إلى ابن رواحة المتوفى سنة ٦٢٢ ه‍) والمدرسة الدولعية (التي أنشأها العلامة جمال الدين الدولعي المتوفى سنة ٦٣٥ ه‍) ، وكان بيت خديجة يقع إلى الجوار منهما. تضم الباحة جزءا من واجهة تتمتع بقوسين أصمّين ، وتتناوب فيها المداميك الملونة. ترجع هذه الواجهة إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي [التاسع الهجري].

إدخال الرؤوس على يزيد

٥٢٢ ـ مدخل حول ترتيب الحوادث من الزوال في اليوم الأول من صفر :

الروايات متداخلة ، لا يظهر منها بشكل حاسم ، هل أدخلت السبايا إلى يزيد مع الرؤوس ، أم أحدهما سبق الآخر. لكننا نرجح أن إدخال الرأس الشريف كان سابقا ، لقولهم: "رمي الرأس بين يدي يزيد ...".

ثم أمر يزيد بإنزاله من على الرمح ، وإعداده ليعرض في مجلس عام مع السبايا.وبعد ثلاث ساعات أدخل السبايا إلى مجلس يزيد ، وحصلت ملاسنات بين الإمام زين العابدينعليه‌السلام ويزيد الماكر.

وبعد توضيب الرأس الشريف وتسريحه ، أدخل إلى مجلس يزيد ـ مع بقية الرؤوس ـ على طشت من ذهب. وقد كان يزيد استدعى الأعيان والوزراء ، ليشاركوه في بهجته وسروره.

ولما شرع يزيد يضرب ثنايا الحسينعليه‌السلام بالقضيب ، اعترض عليه الصحابي أبو برزة الأسلمي وعنّفه. وحين تمثّل يزيد بأبيات ابن الزبعرى المشرك (ليت أشياخي ببدر شهدوا ...) ردّ عليه زين العابدينعليه‌السلام ، وكذلك العقيلة زينبعليه‌السلام .

ثم دخل شمر إلى المجلس وطلب من يزيد الجائزة على إنجازه للمهمة. ثم دخلت هند زوجة يزيد إلى مجلسه مستنكرة عليه عمله الشائن.

٤٥٠

هذه الحوادث كلها حدثت في اليوم الأول من دخول السبايا إلى دمشق ، وذلك من الظهر إلى المغرب ، وكان آخرها قصة الشامي الّذي طلب إحدى بنات الحسينعليه‌السلام ليتخذها جارية له يتسرى بها. ثم أودع يزيد السبايا في حبس الخربة.

أما بقية الحوادث المروية ، فيمكن أنها حدثت في أيام تالية متفرقة. منها قصة رأس الجالوت ، وقصة جاثليق النصارى ، وقصة رسول ملك الروم. لأن يزيد كان كل يوم يقيم مجلسا عاما ، ويحضر فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، ويشرب الخمر. ولعله في بعضها كان يحضر زين العابدينعليه‌السلام والسبايا أيضا ، وفي إحدى المرات كان خطاب زين العابدينعليه‌السلام على منبر مسجد دمشق ، وذلك يوم الجمعة التالي.

٥٢٣ ـ لؤم محفّر بن ثعلبة الأنصاري :(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٢)

ورفع محفّر بن ثعلبة الأنصاري صوته مناديا على باب يزيد : جئنا برأس أحمق الناس وألأمهم!. فقال يزيد : ما ولدت أم محفّر ألأم وأحمق منه ، ولكنه [أي الحسين] قاطع ظالم.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٨ : قال ابن محفّز : يا أمير المؤمنين ، جئناك برؤوس هؤلاء الكفرة اللئام!. فقال يزيد : ما ولدت أم محفّز أكفر وألأم وأذمّ.

وفي رواية (لواعج الأشجان) ص ١٩١ : فلما انتهوا إلى باب يزيد رفع محفّر بن ثعلبة صوته فقال : هذا محفّر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة. فأجابه علي بن الحسينعليه‌السلام : ما ولدت أم محفّر أشرّ وألأم.

٥٢٤ ـ إدخال حملة الرؤوس على يزيد :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٩)

فخرج حجّاب يزيد وأدخلوا الذين معهم الرؤوس. فلما دخلوا على يزيد قالوا : بعزّة الأمير قتلنا أهل بيت أبي تراب واستأصلناهم.

وفي (نفس المهموم) : رمي الرأس بين يدي يزيد.

٥٢٥ ـ موقف مروان بن الحكم وأخيه عبد الرحمن من أعمال يزيد :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٤ ط ٢)

قال أبو مخنف : ثم أتوا بالرأس إلى باب الساعات ، فوقفوا هناك ثلاث ساعات ، يطلبون الإذن من يزيد.

٤٥١

فبينما هم كذلك ، إذ خرج مروان بن الحكم. فلما نظر إلى رأس الحسينعليه‌السلام صار ينظر إلى أعطافه جذلا طربا. ثم خرج أخوه عبد الرحمن ، فلما نظر إلى الرأس بكى ، ثم قال: أما أنتم فقد حجبتم عن شفاعة جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله

لا جامعتكم على أمر أبدا.

ثم قال : بالعزيز عليّ يا أبا عبد الله ما نزل بك ، ثم أنشأ يقول :

سميّة أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل!

إمام غريب الطفّ أدنى(١) برأسه

من ابن زياد وهو في العالم الرّذل

٥٢٦ ـ حامل الرأس يشرح ليزيد ما حدث في كربلاء :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٨)

قال أبو مخنف : وأقبلوا بالرأس إلى باب الساعات ، وأوقفوه هناك ثلاث ساعات. ثم أتوا به إلى يزيد بن معاوية ، وكان مروان جالسا إلى جنبه. فسألهم :كيف فعلتم به؟. فقالوا: جاءنا في ثمانية عشر من أهل بيته ونيّف وخمسين من أنصاره ، فسألناهم أن ينزلوا على حكم الأمير أو القتال ، فاختاروا القتال. فقتلناهم عن آخرهم ، وهذه رؤوسهم ، والسبايا على المطايا.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٦ : فأطرق يزيد ساعة ثم رفع رأسه وبكى ، وقال : والله يا هذا لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. أما والله لو صار إليّ لعفوت عنه. ولكن قبّح الله ابن مرجانة (يقصد ابن زياد).

فجعل مروان بن الحكم يهزّ أعطافه ، وأنشد يقول :

يا حبّذا بردك في اليدين

ولونك الأحمر في الخدّين

شفيت نفسي من دم الحسين

أخذت ثأري وقضيت ديني

وفي (مقدمة مرآة العقول للمجلسي) للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٣٠٤ :

روى الطبري وغيره قال : لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد ؛ رأس الحسينعليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه ، قال يزيد :

__________________

(١) أدنى : أكثر دنوا. أي كيف يكون إمام قتل في طف كربلاء غريبا ، أدنى من ابن زياد الوضيع حسبا ونسبا؟!.

٤٥٢

يفلّقن هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال يحيى بن الحكم أخو مروان ، وكان في المجلس :

لهام بجنب الطفّ أدنى قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل(١)

سميّة أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل(٢)

فضرب يزيد في صدر يحيى ، وقال : اسكت.

(وفي رواية) : أنه أسرّ إليه ، وقال : سبحان الله أفي هذا الموضع ما يسعك السكوت!.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٧ : فقال يزيد : نعم!. فلعن الله ابن مرجانة إذ أقدم على قتل مثل الحسين بن فاطمة. أما والله لو كنت أنا صاحبه لما سألني خصلة إلا أعطيته إياها ، ولدفعت عنه الحتف بكل ما استطعت ، ولو بهلاك بعض ولدي. ولكن إذا قضى الله أمرا لم يكن له مردّ.

وروي أن يزيد نظر إلى عبد الرحمن ، وقال : سبحان الله ، أفي هذا الموضع تقول ذلك ، أما يسعك السكوت!.

وفي (العقد الفريد) لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣٠٨ : لما وضع الرأس بين يدي يزيد تمثّل بقول حصين بن الجاحم المزني :

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال له علي بن الحسينعليه‌السلام وكان في السبي : كتاب الله أولى بك من الشعر ، يقول الله :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) (٢٣) [الحديد : ٢٢ ـ ٢٣].

فغضب يزيد ، وجعل يعبث بلحيته. ثم قال : غير هذا من كتاب الله أولى بك وبأبيك ، قال الله :( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (٣٠) [الشورى : ٣٠].

__________________

(١) الوغل : المدعي نسبا كاذبا.

(٢) في البيت الثاني إقواء ، وهو من عيوب الشعر. والإقواء : كسر القافية وضمّها.

٤٥٣

٥٢٧ ـ استنكار هند بنت عبد الله لأعمال زوجها يزيد :

(مقتل أبي مخنف ، ص ١٢٥)

قال أبو مخنف : فسمعته هند بنت عبد الله زوجة يزيد ، وكان مشغوفا بها.

قال : فدعت برداء فتردّت به ، وتقنّعت ووقفت من وراء الستر ، وقالت ليزيد : هل معك أحد؟. قال : أجل. فأمر من كان عنده بالانصراف. وقال : ادخلي ، فدخلت.

قال : فنظرت إلى رأس الحسينعليه‌السلام فصرخت ، وقالت : ما هذا الّذي معك؟.فقال : رأس الحسين بن علي. قال : فبكت وقالت : يعزّ والله على فاطمة أن ترى رأس ولدها بين يديك. لقد فعلت فعلا استوجبت به اللعن من الله ورسوله. (وفي رواية المنتخب ، ص ٤٨٥) : «ويحك ، فعلت فعلة استوجبت بها النار يوم القيامة».والله ما أنا لك بزوجة ولا أنت لي ببعل. فقال لها : ما أنت وفاطمة؟!. فقالت :بأبيها وبعلها وبنيها هدانا الله وألبسنا هذا القميص. ويلك يا يزيد ، بأي وجه تلقى الله ورسوله؟!. فقال لها : يا هند دعي هذا الكلام.

(وفي رواية): " ارتدعي يا هند من كلامك هذا ، والله ما أخبرت بذلك ولا أمرت به". فخرجت باكية وتركته.

وفي (معالي السبطين) للمازندراني ، ج ٢ ص ١٧٥ : فقامت [هند] وحسرت رأسها وشقّت الثياب وهتكت الستر ، وخرجت حافية إلى يزيد وهو في مجلس عام ، وقالت : يا يزيد أنت أمرت برأس الحسينعليه‌السلام يشال على الرمح عند باب الدار؟. أرأس ابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصلوب على فناء داري؟!.

يقول الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥١٦ : ويظهر أن استنكار هذه المرأة الحرة لأعمال يزيد ، ودخولها على مجلسه ، حدث عدة مرات :

الأولى : في اليوم الأول بعد انصراف الناس من المجلس ، وهو المشار إليه أولا.

الثانية : بعد صلب الرأس على باب القصر ، وهو المشار إليه ثانيا.

الثالثة : رؤيا هند قبيل تسيير السبايا إلى المدينة. وكان ذلك الإستنكار من دوافع يزيد إلى الإسراع في تسيير السبايا إلى المدينة والتخلص منهم.

٤٥٤

٥٢٨ ـ شمر يطلب الجائزة من يزيد :(أسرار الشهادة للدربندي ، ٤٩٨)

ثم دخل عليه الشمر وجعل يقول :

املأ ركابي فضة أو ذهبا

إني قتلت السيّد المهذّبا

قتلت خير الناس أما وأبا

وأكرم الناس جميعا حسبا

سيد أهل الحرمين والورى

ومن على الخلق معا منتصبا

طعنته بالرمح حتى انقلبا

ضربته بالسيف ضربا عجبا

قال : فنظر إليه يزيد شزرا ، وقال له : أملأ الله ركابك نارا وحطبا ، إذا علمت أنه خير الناس أما وأبا ، فلم قتلته؟!. قال شمر : أطلب بذلك الجائزة من عندك.

قال : فلكزه يزيد بزبال سيفه ، وقال : لا جائزة لك عندي ، فولّى هاربا( خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) [الحج : ١١].

إدخال السبايا على يزيد في مجلس عام

٥٢٩ ـ علي بن الحسينعليه‌السلام أول من دخل :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٢)

قيل : إن أول من دخل شمر بن ذي الجوشن بعلي بن الحسينعليه‌السلام ، مغلولة يداه إلى عنقه. فقال له يزيد : من أنت يا غلام؟. قال : أنا علي بن الحسين. فأمر برفع الغل عنه.

٥٣٠ ـ إدخال آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مجلس يزيد :

(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٣٠٤)

روى الطبري قال :

جلس يزيد بن معاوية ، ودعا أشراف أهل الشام ، فأجلسهم حوله. ثم دعا بعلي ابن الحسينعليه‌السلام وصبيان الحسين ونسائه ، فأدخلوا عليه ، والناس ينظرون.

وروى سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ١٤٩ وغيره : أن الصبيان والصبيات من بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا موثّقين في الحبال.

٤٥٥

٥٣١ ـ عدد الذكور الذين أدخلوا على يزيد :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ص ٥)

قال : وذكروا أن أبا معشر قال : حدثني محمّد بن الحسين بن علي ، قال : دخلنا على يزيد ، ونحن اثنا عشر غلاما ، مغلّلين في الحديد وعلينا قميص. فقال يزيد :أخلصتم أنفسكم بعبيد أهل العراق؟. وما علمت بخروج أبي عبد الله حين خرج ، ولا بقتله حين قتل!.

٥٣٢ ـ كيف ادخل السبايا على يزيد وهم مربوطون بالحبال :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٢)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : أتى بنا يزيد بن معاوية بعدما قتل الحسين بن عليعليه‌السلام ونحن اثنا عشر غلاما ، وكان أكبرنا يومئذ علي بن الحسينعليه‌السلام ، فأدخلنا عليه ، وكان كل واحد منا مغلولة يده إلى عنقه.

وفي (الأنوار النعمانية) : أدخلوهن [أي السبايا] وهن مربقات بحبل طويل ، وزحر ابن قيس يجرّهن.

وفي (المنتخب) قال علي بن الحسينعليه‌السلام : لما وفدنا على يزيد ، أتونا بحبل وربقونا مثل الأغنام. وكان الحبل بعنقي وعنق أم كلثوم ، وبكتف زينب وسكينة والبناتعليه‌السلام . وساقونا ؛ وكلما قصّرنا عن المشي ضربونا ، حتى أوقفونا بين يدي يزيد ، وهو على سرير مملكته.

٥٣٣ ـ من الّذي غلب؟ يزيد أم الحسينعليه‌السلام ؟ :

(المصدر السابق ، ص ٩٤)

قال المفيد : فلما انتهوا إلى باب يزيد ، استقبلهم إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله ، وقال : يا علي بن الحسين ، من غلب؟. وهو يغطي وجهه. فقال له علي بن الحسينعليه‌السلام : إذا أردت أن تعلم من غلب ، ودخل وقت الصلاة ، فأذّن وأقم (تعرف من غلب).

٥٣٤ ـ نساء يزيد يولولن عند دخول السبايا :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٠)

وفي خبر عن (الأمالي) : ثم أدخل نساء الحسينعليه‌السلام على يزيد بن معاوية ،

٤٥٦

فصاحت نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله ، وولولن وأقمن المآتم ، ووضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يديه.

وقال السيد ابن طاووس : ثم أدخل ثقل الحسينعليه‌السلام ونساؤه ومن تخلّف من أهله على يزيد ، وهم مقرّنون في الحبال ، وزين العابدينعليه‌السلام مغلول. فلما وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال ، قال له علي بن الحسينعليه‌السلام : أنشدك الله يا يزيد ، ما ظنّك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو رآنا على هذه الصفة؟.(فلم يبق في القوم أحد إلا وبكى). فأمر يزيد بالحبال فقطّعت (وأمر بفكّ الغلّ عن زين العابدين). ثم وضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يديه ، وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه.

محاورة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ليزيد

٥٣٥ ـ يزيد يتعرف على السبايا ويسأل عن أسمائهن :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٦ ط ٢)

ثم إن يزيد أمر بإحضار السبايا ، فأحضروا بين يديه. فلما حضروا عنده جعل ينظر إليهن ، ويسأل من هذه ، من هذا؟. فقيل : هذه أم كلثوم الكبرى ، وهذه أم كلثوم الصغرى ، وهذه صفيّة ، وهذه أم هاني ، وهذه رقية : بنات عليعليه‌السلام . وهذه سكينة ، وهذه فاطمة : بنتا الحسينعليه‌السلام ، وهذا علي بن الحسينعليه‌السلام .

فالتفت اللعين إلى سكينة ، وقال : يا سكينة أبوك الّذي جهل حقي ، وقطع رحمي ، ونازعني في ملكي!.

٥٣٦ ـ تقريع سكينة ليزيد :(المصدر السابق ، ص ٤٨٦)

فبكت سكينةعليه‌السلام وقالت : لا تفرح بقتل أبي ، فإنه كان مطيعا لله ولرسوله ، ودعاه إليه فأجابه ، وسعد بذلك. وإن لك يا يزيد بين يدي الله مقاما يسألك عنه ، فاستعدّ للمسألة جوابا ، وأنّى لك الجواب!.

وفي (أسرار الشهادة) للفاضل الدربندي ، ص ٥٠٠ :

عن (الأنوار النعمانية) : أن الحريم لما دخلن في السبي على يزيد ، وكان يطلع فيهن ويسأل عن كل واحدة بعينها ، وهن مربقات بحبل طويل ، وزجر بن قيس يجرّهن ، حتى أقبلت امرأة ، وكانت تستر وجهها بزنديها ، لأنها لم يكن لها خرقة تستر بها وجهها ، فقال : من هذه التي ليس لها ستر؟. قالوا : سكينة بنت

٤٥٧

الحسين (ع). قال : أنت سكينة؟ فسالت دموعها على خدها ، واختنقت بعبرتها.فسكت عنها حتى كادت أن تطلع روحها من البكاء. فقال لها : وما يبكيك؟. قالت :كيف لا تبكي من ليس لها ستر تستر به وجهها ورأسها عنك!. فبكى يزيد وأهل مجلسه.

ثم قال : لعن الله عبيد الله بن زياد ، ما أقوى قلبه على آل الرسول!. ثم أقبل إليها وقال : ارجعي مع النسوة ، حتى آمر بكنّ أمري.

٥٣٧ ـ زين العابدينعليه‌السلام يستثير عطف يزيد على السبايا :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠١)

وفي رواية (الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي : ثم أمر بعلي بن الحسينعليه‌السلام وأدخل إليه مغلولا. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : يا يزيد لو رآنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مغلولين لفكّه عنا ؛ فأمر بفكّه عنه. فقالعليه‌السلام : لو رآنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بعد لأحب أن يقرّبنا إليه ؛ فأمر به فقرّب منه.

إدخال الرأس المطهّر

٥٣٨ ـ إعداد الرأس الشريف :

قال سهل بن سعد : فدخلت مع من دخل لأنظر ما يصنع يزيد. فأمر بحطّ الرأس عن الرمح ، وأن يوضع في طشت ذهب ، ويغطى بمنديل ديبقي [أي منسوج من الشعر المضفور] ، ويدخل به عليه.

٥٣٩ ـ تسريح شعر الرأس الشريف ولحيته :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٣)

عن (مستدرك الوسائل) للنوري ، عن زهرة بل الرياض ، قال :

وضعوا الرأس بين يديه بعدما غسّلوه ، وسرّحوا لحيته وشعره ، وجعلوه في طشت.

وفي (أخبار الدول) للقرماني ، ص ١٠٨ قال :

فلما وضع الرأس بين يديه يزيد ، بعدما غسّلوه ، وسرّحوا لحيته وشعره ، وجعلوه في طشت من ذهب ؛ فجعل يزيد ينكت ثناياه بقضيب في يده.

٤٥٨

٥٤٠ ـ يزيد يبدي اشمئزازه من رائحة رأس الحسينعليه‌السلام :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٥٦)

ثم جيء برأس الحسينعليه‌السلام فوضع بين يدي يزيد ، فأمر الغلام فرفع الثوب الّذي كان عليه. فحين رآه غطّى وجهه بكمّه كأنه شمّ رائحة ، وقال : الحمد لله الّذي كفانا المؤن بغير مؤنة( كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ) [المائدة : ٦٤].

٥٤١ ـ رائحة المسك تفوح من الرأس الشريف :

(المصدر السابق)

قالت (دبا) حاضنة يزيد : دنوت من رأس الإمام الحسينعليه‌السلام حين شمّ يزيد منه رائحة لم تعجبه ، فإذا تفوح منه رائحة من روح الجنة كالمسك الأذفر ، بل أطيب.

وفي (سفينة البحار) ج ١ ص ٤٩٢ :

روي : أنه لما أدخل بالرأس الشريف على يزيد ، كان للرأس طيب قد فاح على كل طيب.

٥٤٢ ـ يزيد يطلب إحضار الرأس الشريف بين يديه :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٤ ط ٢)

يقول الطريحي : ثم إن يزيد بعث يطلب الرأس ، فلما أوتي به إليه ، وضعه في طشت من ذهب ، وجعل ينكث ثناياه بقضيب كان عنده ، وهو يقول : رحمك الله يا حسين ، لقد كنت حسن المضحك. ثم أنشأ :

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

ويقول السيد الأمين في (اللواعج) ص ١٩٥ :

ثم وضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يدي يزيد ، وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه.

ويقول السيد المقرّم في مقتله ، ص ٤٥٥ :

ودعا يزيد برأس الحسينعليه‌السلام ووضعه أمامه في طست من ذهب ، وكان النساء خلفه. فقامت سكينة وفاطمة تتطاولان النظر إليه ، ويزيد يستره عنهما ، فلما رأينه صرخن بالبكاء.

٤٥٩

٥٤٣ ـ ما فعلته زينبعليه‌السلام لما رأت الرأس الشريف :

(لواعج الأشجان ، ص ١٩٥)

وأما زينبعليه‌السلام فإنها لما رأت رأس الحسينعليه‌السلام أهوت إلى جيبها فشقّته ، ثم نادت بصوت حزين يقرّح القلوب : يا حسيناه ، يا حبيب رسول الله ، يابن مكة ومنى ، يابن فاطمة الزهراء سيدة النساء ، يابن بنت المصطفى.

قال الراوي : فأبكت والله كلّ من كان حاضرا في المجلس ، ويزيد ساكت ، وهو بذاك شامت.

٥٤٤ ـ فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام تستنكر على يزيد فعله :

(الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ، ص ١٧٦)

ثم إنه أدخل نساء الحسين والرأس بين يديه ، فجعلت فاطمة وسكينة تتطاولان لتنظرا إلى الرأس ، وجعل يزيد يستره عنهما. فلما رأينه صرخن وأعلنّ بالبكاء ، فبكت لبكائهن نساء يزيد وبنات معاوية ، فولولن وأعلنّ الصوت.

وفي (أسرار الشهادة) للفاضل الدربندي ، ص ٥٠٠ :

قال سهل بن سعد : ووضع الرأس الشريف في حقّة ، وأدخل على يزيد ، وهو جالس على السرير ، وحوله كثير من مشايخ قريش.

وفي (مقتل الحسين لأبي مخنف المنقول من تاريخ الطبري) ص ٢١٧ :

فقالت فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وكانت أكبر من سكينة : أبنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا يا يزيد؟.(أيسرك هذا؟). فقال يزيد : يا ابنة أخي (والله ما يسرّني) وأنا لهذا كنت أكره. قالت : والله ما ترك لنا خرص. قال : يا ابنة أخي ما أتى إليك أعظم مما أخذ منك.

فبكى الناس ، وبكى أهل داره ، حتى علت الأصوات.

٥٤٥ ـ سكينةعليه‌السلام تشهد على قساوة يزيد :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٥٥ ط ٣)

ووضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يدي يزيد ، فقالت سكينة : ما رأيت أقسى قلبا من يزيد ، ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرّا منه ، ولا أجفى منه.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

كفر يزيد وارتداده

٨٧٨ ـ ما حكاه عبد الله بن عمر عن معاوية ويزيد :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٥)

حكى عبد الله بن عمر ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في مسجده ، فسمعته يقول لجلسائه : الآن يطلع عليكم رجل ، يموت على غير سنّتي. فما استتم كلامه إذ طلع معاوية وجلس معنا في المسجد. فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب ، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد ، وخرج ولم يسمع الخطبة. فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خارجا مع ابنه ، قال : لعن الله القائد والمقود.

(أقول) : إن يزيد بن معاوية لم يكن في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد ولد سنة ٢٨ ه‍ ، والصحيح أن معاوية حين خرج من المسجد كان يأخذ بيد أخيه الأصغر يزيد بن أبي سفيان ، وليس ابنه يزيد.

٨٧٩ ـ كفر يزيد وارتداده عن الإسلام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٠)

يقول محمّد مهدي المازندراني : ثم لا بأس أن نشير إلى كلمات بعض علماء العامة في كفر يزيد ، ووجوب اللعن عليه.

شهادة ابن عقدة :

قال ابن عقدة : ومما يدل على كفره وزندقته ، فضلا عن سبّه ولعنه ، أشعاره التي أفصح فيها بالإلحاد ، وأبان عن خبث الضمير والاعتقاد ؛ منها قوله في تحليل الخمر وإنكار البعث :

إذا ما نظرنا في أمور قديمة

وجدنا حلالا شربها متواليا

وإن متّ يا أم الأحيمر فانكحي

ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا

فإن الّذي حدّثت من يوم بعثنا

أحاديث طمّ تجعل القلب ساهيا

وله أيضا :

معشر الندمان قوموا

واسمعوا صوت الأغاني

واشربوا كأس مدام

واتركوا ذكر المعاني

شغلتني نغمة العيدا

ن عن صوت الأذان

وتعوّضت عن الحو

ر خمورا في الدّنان

٧٢١

شهادة أبي يعلى :(المصدر السابق)

وحكى القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد بن حنبل في كتاب (الوجهين والروايتين) أنه قال : إن صحّ عن يزيد ذلك [أي ما استشهد به من أبيات شعر ابن الزبعرى المشرك] ، فقد كفر بالله وبرسوله ، لأنه أسف على كفار بدر ، ولم يرض بقتلهم ، وأنكر أمر الله فيهم ، وفعل الرسول في جهادهم ، واعتبر أن قتل الحسينعليه‌السلام صواب ، وعادله بالكفار وسوّى بينهم ، والله سبحانه وتعالى يقول :( لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) (٢٠) [الحشر :٢٠]. وهل هذا إلا ارتداد عن الدين ف( لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) [الأعراف : ٤٤]( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ٢٨جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ ) (٢٩) [إبراهيم : ٢٨ ـ ٢٩]. ثم إن يزيد زاد في القصيدة بقوله :

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

قال مجاهد : وهذا نافق في الدين.

شهادة الزهري :(المصدر السابق)

وقال الزهري : لما جاءت الرؤوس كان يزيد على منظرة جيرون ، فأنشد يقول :

لما بدت تلك الرؤوس وأشرقت

تلك الشموس على ربى جيرون

نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح

فلقد قضيت من النبي ديوني

وهل أحد يشكّ في كفره ، بعد إنشاده هذه الأبيات؟!.

٨٨٠ ـ صبّ يزيد الخمر على رأس الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق)

وقال بعض آخر : إن صبّ الجرعة من الخمر على رأس الحسينعليه‌السلام واستهزاءه بأن علياعليه‌السلام ساق على الحوض ، وأن محمدا حرّم الذهب والفضة ، وشعره في الانتقام من بني أحمد ، واترا عن شيوخه الكفرة المقتولين يوم بدر ؛ إن صحّ عنه ذلك فهو كافر ، لأنه ما فعل ذلك إلا وهو منكر لما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...والمنكر لما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كافر.

٧٢٢

٨٨١ ـ رأي عمر بن عبد العزيز في يزيد :(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣١)

قال نوفل بن أبي الفرات : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فذكر رجل يزيد ، فقال : قال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية!. فقال عمر : تقول أمير المؤمنين!.وأمر به فضرب عشرين سوطا.

٨٨٢ ـ رأي عبد الملك بن مروان بمن قبله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢١٨)

خطب عبد الملك بن مروان بالمدينة بعد قتل الزبير ، فقال : أما بعد ، فلست بالخليفة المستضعف [يعني عثمان] ، ولا الخليفة المداهن [يعني معاوية] ، ولا الخليفة المأفون [يعني يزيد].

٨٨٣ ـ رأي ابن حجر في كفر يزيد :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٦٨)

قال ابن حجر في (شرح الهمزية) : إن يزيد قد بلغ من قبائح الفسق والانحلال عن التقوى مبلغا لا يستكثر عليه صدور تلك القبائح منه. بل قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به علما وورعا ، يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ، ثبتت عنده ، وإن لم تثبت عند غيره.

٨٨٤ ـ رأي عبد الباقي العمري وحكمه بكفر يزيد :

(المصدر السابق ، ص ٥٧)

قال الشبراوي بعد ذكر الأبيات التي تمثّل بها يزيد :

إن هذه الأبيات أشار إليها شاعر العراق المرحوم عبد الباقي العمري في ديوانه (الباقيات الصالحات) بقوله :

نقطع في تكفيره إن صحّ ما

قد قال للغراب لما نعبا

٨٨٥ ـ آراء علماء السنة في يزيد ولعنه :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ص ٦٨)

قال ابن عماد الحنبلي : ولعلماء السلف في يزيد وقتله الحسينعليه‌السلام خلاف في اللعن والتوقف.

قال ابن الصلاح : والناس في يزيد ثلاث فرق : فرقة تحبه وتتولاه ، وفرقة تسبّه

٧٢٣

وتلعنه ، وفرقة متوسطة في ذلك ، لا تتولاه ولا تلعنه. قال : وهذه الفرقة هي المصيبة ، ومذهبها هو اللائق لمن يعرف سير الماضين ، ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة. انتهى كلامه

ويتابع الحنبلي كلامه قائلا : وعلى الجملة فما نقل عن قتلة الحسينعليه‌السلام والمتحاملين عليه ، يدلّ على الزندقة وانحلال الإيمان من قلوبهم ، وتهاونهم بمنصب النبوة ، وما أعظم ذلك!. فسبحان من حفظ الشريعة حينئذ ، وشيّد أركانها حتى انقضت دولتهم. وعلى فعل الأمويين وأمرائهم بأهل البيتعليه‌السلام حمل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هلاك أمتي على أيدي أغيلمة من قريش».

رأي التفتازاني في لعن يزيد :(المصدر السابق)

وقال سعد الدين التفتازاني في (شرح العقائد النسفية) : اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين (ع) ، أو أمر بقتله ، أو أجازه أو رضي به (من غير تبيّن).

قال : والحق أن رضا يزيد بقتل الحسينعليه‌السلام ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مما تواتر معناه ، وإن كانت تفاصيله آحادا.

قال : فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في كفره وإيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه. اه

رأي الحافظ ابن عساكر :(المصدر السابق ، ص ٦٩)

وقال الحافظ ابن عساكر : نسب إلى يزيد قصيدة منها :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

فإن صحّت عنه ، فهو كافر بلا ريب.

رأي الحافظ الذهبي :

(المصدر السابق)

وقال الحافظ الذهبي في يزيد : كان ناصبيا فظا غليظا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر. افتتح دولته بقتل الحسينعليه‌السلام ، وختمها بوقعة الحرّة. فمقته الناس ، ولم يبارك في عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسينعليه‌السلام .

٧٢٤

رأي الكيا الهراسي :

واستفتي الكيا الهراسي في يزيد ، فذكر فصلا واسعا من مخازيه حتى نفدت الورقة. ثم قال : ولو مددت ببياض [اي ورق] لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.

رأي الغزّالي :

وأما الغزالي ، فرغم كل علمه وفهمه ، فقد توقف في شأنه ومنع من لعنه ، مع تقبيح فعله ، بدعوى أنه ربما تاب قبل موته. مع أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد لعن يزيد ، وهو يعلم أنه لن يتوب. وواقع الحال يدلّ على عدم توبته ، فقد قصف الله عمره أثناء ما كان جيشه يضرب الكعبة ويحرقها. فأين التوبة!.

رأي اليافعي :

وقال اليافعي : وأما حكم من قتل الحسينعليه‌السلام أو أمر بقتله ، ممن استحل ذلك فهو كافر ، وإن لم يستحل ففاسق فاجر.

لعن يزيد وسبّه

٨٨٦ ـ كفر يزيد ولعنه :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٩٢)

قال الشيخ الصبان : وقد قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به ورعا وعلما ، يقتضيان أنه لم يقل ذلك إلا لما ثبت عنده من أمور صريحة وقعت منه توجب ذلك.

وواقفه على ذلك جماعة كابن الجوزي.

وأما فسقه فقد أجمعوا عليه. وأجاز قوم من العلماء لعنه بخصوص اسمه ، روي ذلك عن الإمام أحمد.

قال ابن الجوزي : صنّف القاضي أبو يعلى كتابا فيمن كان يستحق اللعنة ، وذكر منهم يزيد.

وأما جواز لعن من قتل الحسينعليه‌السلام أو أمر بقتله أو أجازه أو رضي به ، من غير تسمية ؛ فمتّفق عليه.

٧٢٥

٨٨٧ ـ هل يزيد من الصحابة ، وهل يجوز لعنه؟ :

(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٠ ؛

والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ، ج ٢ ص ٥٣)

سئل عماد الدين الكيا الهراسي الفقيه الشافعي ، عن يزيد بن معاوية ، هل هو من الصحابة أم لا؟. وهل يجوز لعنه أم لا؟. فقال : إنه لم يكن من الصحابة ، لأنه ولد في أيام عمر بن الخطاب.

وأما قول السلف في لعنه ؛ ففيه لأحمد قولان : تلويح وتصريح ، ولمالك قولان :تلويح وتصريح ، ولأبي حنيفة قولان : تلويح وتصريح ، ولنا قول واحد : التصريح دون التلويح. وكيف لا يكون ذلك وهو اللاعب بالنرد ، والمتصيّد بالفهود ، ومدمن الخمر. وشعره في الخمر معلوم ، ومنه قوله :

أقول لصحب ضمّت الكاس شملهم

وداعي صبابات الهوى يترنّم

خذوا بنصيب من نعيم ولذة

فكلّ وإن طال المدى يتصرّم

ولا تتركوا يوم السرور إلى غد

فربّ غد يأتي بما ليس يعلم

وكتب الهراسي فصلا طويلا ، ثم قلب الورقة وكتب : لو مددت ببياض ، لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.

وقال الجاحظ في (الرسالة ١١ في بني أمية) ص ٢٩٨ :

المنكرات التي اقترفها يزيد ؛ من قتل الحسينعليه‌السلام ، وحمله بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا ، وقرعه ثنايا الحسينعليه‌السلام بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ؛ تدل على القسوة والغلظة والنّصب وسوء الرأي والحقد والبغضاء والنفاق والخروج عن الإيمان. فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون.

وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) : كان يزيد بن معاوية ناصبيا فظا غليظا جلفا ، يتناول المسكر ويفعل المنكر. افتتح دولته بقتل الشهيد الحسينعليه‌السلام ، وختمها بوقعة الحرّة [في المدينة] ، فمقته الناس ولم يبارك في عمره.

(راجع مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٢ و ١٣ ، ط ٣)

٧٢٦

رأي ابن الجوزي وأحمد بن حنبل

٨٨٨ ـ هل يجوز لعن يزيد؟ :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٦ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ذكر جدي أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه (الردّ على المتعصب العنيد ، المانع من ذم يزيد) وقال : سألني سائل فقال : ما تقولون في يزيد بن معاوية؟. فقلت له : يكفيه ما به.

فقال : أتجوّز لعنه؟. فقلت : قد أجازها العلماء الورعون ؛ منهم أحمد بن حنبل ، فإنه ذكر في حقّ يزيد ما يزيد على اللعنة!.

ـ كيف أجاز الله لعن يزيد في القرآن؟ :

وحكى جدي أبو الفرج عن القاضي أبي يعلى بن الفراء في كتابه (المعتمد في الأصول) بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل (قال) قلت لأبي : إن قوما ينسبونا إلى توالي يزيد. فقال : يا بني وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!.

فقلت : فلم لا تلعنه؟. فقال : وما [وفي رواية : متى] رأيتني لعنت شيئا يا بني؟.ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟. فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه؟. فقال :في قوله تعالى :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣] وهل يكون فساد أعظم من قتل الحسينعليه‌السلام . وقد قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) [الأحزاب : ٥٧] وأي أذى أشدّ على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قتل الحسينعليه‌السلام الذي هو له ولبنته البتول قرة عين؟!.

٨٨٩ ـ رأي أحمد بن حنبل :(التاريخ الحسيني لمحمود الببلاوي ، ص ١١)

نقل صالح بن أحمد بن حنبل (قال) قلت لأبي : يا أبت أتلعن يزيد؟. فقال :يا بني كيف لا نلعن من لعنه الله تعالى في ثلاث آيات من كتابه العزيز ؛ في الرعد والقتال والأحزاب؟!. قال تعالى :( وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (٢٥) [الرعد : ٢٥] وأي قطيعة أفظع من قطيعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ابن بنته الزهراءعليه‌السلام ؟!. وقال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) (٥٧) [الأحزاب : ٥٧] وأي أذيّة

٧٢٧

لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوق قتل ابن بنته الزهراءعليه‌السلام ؟!. وقال تعالى :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣] وهل بعد قتل الحسينعليه‌السلام إفساد في الأرض أو قطيعة للأرحام؟!.

٨٩٠ ـ من أخاف أهل المدينة ملعون :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٨ ط ٢ نجف)

قال أحمد بن حنبل في (المسند) : حدثنا أنس بن عياص ، حدثني يزيد بن حفصة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن عطاء بن يسار عن السائب ابن خلاد ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا».

وفي صحيح البخاري : حدثنا حسين بن حريث ، أخبرنا أبو الفضل عن جعيد عن عائشة ، قالت : سمعت سعدا يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يكيد أهل المدينة (أحد) إلا انماع كما ينماع الملح في الماء». أخرجه مسلم أيضا بمعناه ، ومنه : «لا يريد أهل المدينة أحد بسوء ، إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص».

ولا خلاف أن يزيد أخاف أهل المدينة وسبى أهلها ونهبها وأباحها في وقعة الحرّة.

٨٩١ ـ رأي أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في لعن يزيد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٣٠١ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ولما لعنه جدي أبو الفرج على المنبر ببغداد ، بحضرة الإمام الناصر وأكابر العلماء ، قام جماعة من الجفاة من مجلسه ، فذهبوا. فقال جدي :( أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ ) (٩٥) [هود : ٩٥].

وحكى لي بعض أشياخنا عن ذلك اليوم ، أن جماعة سألوا جدي أبا الفرج عن يزيد ، فقالوا : ما تقول في رجل ولّي ثلاث سنين ؛ في السنة الأولى قتل الحسينعليه‌السلام ، وفي الثانية أخاف المدينة وأباحها ، وفي الثالثة رمى الكعبة بالمجانيق وهدمها؟. فقالوا : نلعن؟. فقال : فالعنوه.

وقال أبو الفرج في كتابه (الردّ على المتعصب العنيد) : قد جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب معشار عشر معشار عشر فعل يزيد.

٧٢٨

٨٩٢ ـ رأي الفاضل الدربندي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٠)

يقول الفاضل الدربندي عن يزيد : والعجب من جماعة يتوقفون في أمره ، ويتنزّهون عن لعنه!. وقد أجازه كثير من الأئمة ؛ منهم ابن الجوزي ، وناهيك به علما وجلالة.

ثم ذكر محاورة صالح مع أبيه أحمد بن حنبل ، وأدلة جواز لعن يزيد من القرآن.ثم عقوبة من أخاف أهل المدينة ، وأن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ثم ساق القصة التالية :

ـ مناوشة ظريفة للفاضل الدربندي :

يقول الفاضل الدربندي : إن الأمر الأعجب ، أن جمعا من المتعصبين في هذا الزمان من الفرقة الشافعية ، يستنكفون عن اللعن على يزيد ، بل ينسبون ذلك إلى إمام مذهبهم الشافعي أيضا!. وتعصّب الأكراد الساكنين (بغداد) أزيد من تعصّب غيرهم ، بل إن جمعا منهم يفتون بحلّية دماء الذين يلعنون على يزيد!.

ومن جملة الظرائف الواقعة قبل مدة أني كنت نازلا في بغداد ، في دار علامة علماء العامة شهاب الدين سيد محمود الأروسي المفتي. فخرجت يوما من المنزل وحيدا ، فسرت حتى وصلت منزل ملا عبد الرحمن الكردي ، وكان أهل السنة يفضّلونه على المفتي. فلما حضرت عنده جرى بيننا ما حرّك العداوة الأصلية ...قال : أنتم معشر الشيعة لم تلعنون يزيد وأبيه معاوية؟!. فلما سمعت هذا الكلام ، ارتعدت فرائصي واغتظت ورفعت صوتي قائلا : أي مسلم يسأل عن مثل هذه المسألة؟ لعنة الله ولعنة اللاعنين على يزيد وأبيه معاوية. فلما سمع الكردي هذا الكلام مني تغيّر لونه واسودّ وجهه وكاد أن يهلك من شدة الغضب ، وما ظننت إلا أن السموات قد سقطت على رأسه ، أو أنه خسف الله به الأرضين!. فصاح صيحة منكرة واجتمع الناس بها ثم قال : فقد جئت بشيء عظيم ، أتلعن خال المؤمنين ، وأنت في دار السلام بغداد ، مجمع أهل السنة؟. فعليك إثبات جواز اللعن عليه ، وإلا فإني أقيم عليك الحدّ والتعزير.

فقلت له : اربع على ظلعك [أي ارفق على نفسك ولا تحمّلها ما لا تطيق] ، سبحان الله كيف أنت تقيم الحدّ والتعزير على أحد ، وأنت ممن وجب في شأنه الحدود والتعزيرات؟!. ثم إن الضروري من الدين لا يحتاج إلى إقامة الدليل ، وقد

٧٢٩

غطّى بصرك وبصيرتك التنصّب والتعصّب ، حيث تعدّ الضروري من قسم النظريات.وعلى كلّ فإن إثبات ذلك بالدليل من أسهل الأمور.

أنسيت قول علامتكم التفتازاني في (شرح المقاصد في تذييل مباحث الإمامة) مع كونه على ما تعرفه من التنصّب والتعصّب؟ فقال : " لا ريب أن أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد آذوا عترته بعده ، فليس كل صحابي بمعصوم ، ولا كل من لقي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخير بموسوم. إلا أنّا كففنا عن الطعن في الأولين لئلا تشقّ العصى على الإسلام والمسلمين. وأما من بعدهم من الظالمين فتشهد بظلمهم الأرض والسماء والحيوانات والجمادات ، فعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين".

فقلت له : أليس هذا مضمون كلامه وخلاصة مراميه في ذلك التذييل؟. فقال :نعم ، ولكن أقول : من العلامة التفتازاني؟ وأين قوله من أن يكون حجة؟ بل أنا أعلم منه. فائتني بأثارة من العلم من الآيات المحكمة والأخبار النبوية. فقلت له : هل تلتزم باللعن على يزيد ومعاوية إذا ذكرت آية صريحة وأخبارا نبوية من طرقكم في ذلك الباب؟. فقال : نعم.

فلما أخذت منه العهد والميثاق على ذلك ، قرأت قوله تعالى في سورة الأحزاب :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) [الأحزاب: ٥٧]. فقال : كيف التقريب في الاستدلال؟.

فقلت له : ألم يرد في الأخبار المتضافرة المتسامعة من طرقكم أنه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، حربك حربي وسلمك سلمي ، ولحمك لحمي ودمك دمي ، ومن حاربك فقد حاربني وحارب الله. فقال : نعم قد ورد.

ثم قلت له : ألم يرد أيضا في الأخبار المتواترة المتكاثرة من طرقكم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : حسين مني وأنا من حسين ، لحمه لحمي ودمه دمي؟. فقال :نعم قد ورد.

ثم قلت له : ألم يرد أيضا في الأخبار المتواترة المتوافرة في طرقكم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : فاطمة بضعة مني ، من أغضبها فقد أغضبني ، ومن آذاها فقد آذاني؟. فقال : نعم قد ورد.

فقلت له : هل التقريب في الاستدلال تام أم لا؟. فطأطأ رأسه طويلا ، فسكت فلعله قد التفت إلى أن الإذعان بذلك كله ، نظرا إلى أنه لا يمكن [إمكانه] ، قد خرّب

٧٣٠

بنيان مذهبه ، وكيف لا؟ فإن الإذعان بذلك يستلزم الإذعان بارتداد الأولين ، ويستلزم وجوب اللعن عليهم ، فضلا عن يزيد ومعاوية.

ثم لما أردت أن أقوم من المجلس ، أحلفني بالله أن أجلس فيه مدة نصف ساعة أيضا. فأمر خادمه بتجديد البن [أي القهوة] والتتن والقليان!.

«انتهى كلام الفاضل الدربندي»

قبر يزيد ومعاوية

٨٩٣ ـ انطماس قبور الظالمين وذكرهم :

من مظاهر عدالة الله ، أن الشهيد يخلّد ذكره حتى في الدنيا ، بينما يمحو ذكر الظالم ، كما يمحو أثره وقبره فهذه قبور عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكللها الذهب والعقيان ، بينما قبور ملوك بني أمية فتكللها الأوساخ والأدران ، ويلفّها العدم والنسيان ، فلا يعرف لها محل ولا مكان!. وأوضح شاهد على ذلك قبر يزيد وقبر معاوية في دمشق الشام.

يقول الشيخ محمّد حسين المظفر في كتابه (تاريخ الشيعة) ص ١٣٨ عن التشيّع في دمشق :

وأما اليوم فالشيعة في سورية ودمشق مجاهرة بالتشيع ، ولهم شأن في البلاد رفيع. ولو رأيت اليوم قباب القبور العلوية المشيّدة في دمشق عاصمة بني أمية ، مع اندراس قبور بني أمية ؛ لعرفت كيف يعلو الحق ، وإن اجتهد أعداؤه طول الزمن في طمسه.

قبر يزيد

٨٩٤ ـ قبر يزيد :(الخصائص الحسينية للتستري ، ص ٢٧٠)

قال الشيخ جعفر التستري :

وانظر إلى قبر يزيد في الشام ، من يوم قبر فيه إلى الآن ، كل من يمرّ عليه لا بدّ أن يرجمه بالحجارة ، ويحمل كلّ من يريد المرور عليه الحجارة من بعيد. يفعل ذلك الشيعة والسنّة ، واليهود والنصارى. وقد جرّب أن من لم يضربه بحجر ، لم تقض حاجته. وقد صار [قبره] تلا عظيما من أحجار الرجم.

٧٣١

(أقول) : ولما هلك يزيد في ظروف غامضة ، ولم يجدوا غير فخذه ، قبروه قرب مقبرة باب الصغير بدمشق ، في غرفة ليس لها سقف. وقد كان الناس إلى وقت قريب ـ كما كان يحدّثنا آباؤنا ـ إذا مرّ أحدهم بهذه الغرفة يضرب على ساكنها حجرا ، تعبيرا عن أن يزيد كإبليس يستحق الرجم والطرد من رحمة الله. ثم سكّروا تلك الغرفة وهجروها. فأنشأ أحدهم بجوارها معملا لنفخ الزجاج ، فكان أتون النار ملاصقا لقبر يزيد ، يحرقه في الدنيا قبل أن يحرق في نار جهنم ، جزاء وفاقا( وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) !.

وقد سمعت من المرحوم الحاج حسن أبي ياسر الخياط يقول : إن فخذ يزيد هو في غرفة مواجه الدرج الّذي يصعد منه إلى مقبرة الستات. وحين كنا صغارا كنا مثل كل الناس عندما نمرّ من هناك نضرب على الغرفة حجرا. ثم فرّغوا الغرفة من الأحجار وقلبوها إلى معمل لأنوال النسيج.

وعلى مقربة من فخذ يزيد يوجد قبر يظن أهل الشام أنه قبر أبي عبيدة بن الجراح ، ولذلك سمّوا المسجد الذي يقابل قبر يزيد : جامع الجرّاح.

(أقول) : هذا خطأ لأن أبا عبيدة دفن في غور بيسان ، وليس في دمشق.

وفي (خطط دمشق) لصلاح الدين المنجد ، ص ٩٠ :

جامع جرّاح : خارج الباب الصغير ، بمحلة سوق الغنم ، بدرب جرّاح. كان أصله مسجدا للجنائز ، بناه الملك الأشرف موسى ، ثم جدده جرّاح المنيحي.

ـ حرق عظام بني أمية وعظم يزيد :(الكنى والألقاب ، ج ١ ص ٢٣٣)

بعد أن صلب الأمويون زيد بن علي [زين العابدينعليه‌السلام ] على جذع شجرة ، وأبقوه مصلوبا خمس سنين عريانا ، جاء الوليد بن يزيد فكتب إلى عامله بالكوفة فأحرق زيدا بخشبته ، وأذرى رماده في الرياح على شاطئ الفرات ؛ صار هذا سببا لأن يفعل العباسيون بهم وبقبورهم مثل ذلك.

حكى المسعودي عن الهيثم بن عدي عن معمّر بن هانئ الطائي ، قال : خرجت مع عبد الله بن علي وهو عم السفاح والمنصور ، فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك فاستخرجناه صحيحا ، ما فقدنا منه إلا خرمة أنفه ؛ فضربه عبد الله ثمانين سوطا ، ثم أحرقه. فاستخرجنا سليمان بن عبد الملك من أرض دابق ، فلم نجد منه شيئا ، إلا صلبه وأضلاعه ورأسه ، فأحرقناه. وفعلنا ذلك بغيره من بني أمية ، وكانت قبورهم

٧٣٢

بقنّسرين [قرب حلب]. ثم انتهينا إلى دمشق فأخرجنا الوليد بن عبد الملك ، فما وجدنا إلا شؤون رأسه. ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية ، فما وجدنا منه إلا عظما واحدا ، ووجدنا خطا أسود كأنما خطّ بالرماد بالطول في لحده. ثم تتبّعنا قبورهم في جميع البلدان ، فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم.

قبر معاوية

٨٩٥ ـ قبر معاوية في دمشق :

جاء في (تاريخ ابن عساكر) تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ١٩٨:أما معاوية فيختلف في قبره. فيقال : إن قبره خلف حائط المسجد الجامع ، موضع دراسة السّبع اليوم. والأصح أن قبره خارج باب الصغير. ا ه

وقال صلاح الدين المنجد في (خطط دمشق) ص ١٢٠ :

أصبح من الثابت أن معاوية بن أبي سفيان دفن بمقبرة الباب الصغير بدمشق.وذلك بعد أن عثر على شاهد يدل على قبر نصر المقدسي ، الّذي تذكر المصادر الموثوقة أنه دفن في جوار قبر معاوية. ويبدو أن موضع هذا القبر كان مثار جدل في الأعصر الخالية. فقالوا : إنه في بيت في قبلة الجامع الأموي.

وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) : إنه دفن بين باب الجابية وباب الصغير.

٨٩٦ ـ قبر معاوية في النقّاشات :

(تاريخ ابن عساكر ، تحقيق صلاح الدين المنجد ، ج ٢ قسم ١ ص ٢٦١)

قال ابن عساكر : توفي معاوية بدمشق في رجب سنة ٦٠ ه‍ وله ثمانون سنة.

ودفن بدمشق في الموضع المعروف بباب الصغير ، وقيل بل في الدار المعروفة بدمشق (بالخضراء) إلى هذا الوقت ، في قبلة المسجد الجامع ، وفيها الشرطة والحبوس. وكان بها ينزل ، ومن ولي الأمر بعده من بني أمية. وإن الّذي في مقبرة باب الصغير هو قبر معاوية بن يزيد بن معاوية.

وجاء في (نزهة الأنام في محاسن الشام) لأبي البقاء البدري ، ص ٢٧٦ :

ونقل عن الحافظ ابن طولون في (بهجة الأنام) أن قبر معاوية الكبير في الحائط القبلي من جامع دمشق ، في قصر الإمارة الخضراء ، وهو الّذي تسميه العامة (قبر

٧٣٣

هود). أما الّذي في الباب الصغير فهو قبر أبي ليلى معاوية الثاني ابن يزيد ، الّذي تولى الحكم نحو أربعين يوما ، وكان منه عفّة ودين.

٨٩٧ ـ قبر معاوية الثاني في الباب الصغير :

(كتاب الزيارات بدمشق للقاضي العدوي ، ص ١٢)

قال القاضي محمود العدوي : ثم دفن معاوية [الثاني] ، فقيل بدار الإمارة ، وهي الخضراء ، وقيل بمقبرة باب الصغير ، وعليه الجمهور.

وقال ابن كثير أيضا في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ٢٣٧ في وفاة معاوية ابن ابنه :دفن بباب الصغير عند آبائه ، وحزن الناس عليه كثيرا لعقله وعفته ودينه وزهده.والظاهر أن القبر الّذي بباب الصغير يقال له قبر معاوية بن يزيد بن معاوية هذا ، وليس بقبر معاوية بن أبي سفيان. ويقال : إن معاوية بن أبي سفيان مدفون في حائط جامع دمشق ، خوفا عليه من الخوارج.

٨٩٨ ـ وصف قبر معاوية بن أبي سفيان في النقّاشات :

(الآثار الإسلامية لكارل ولتسنغر ، ص ١٤٨)

يذكر عبد الغني كما يورده (كريمر) : أن قبر معاوية يقع في الجامع الأموي

[حارة النقاشات] ضمن تربة مربعة ، مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، وتعلوها رقبة مثمّنة ، تخترق كل ضلع من أضلاعها نافذتان متباعدتان. تقوم فوق الرقبة آجرية نصف كروية ومطلية بطبقة من الجص.

من الداخل : إن الجدران مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، لكنها خالية من الطينة حاليا. تقوم في الزوايا دعامات تحمل أقواسا جدارية ، ويجري الانتقال من القبة بواسطة مثلثات زوايا. تظهر في الزاوية الشمالية علائم مقرنصات ذات مساحات كبيرة ، كما أنها دقيقة ومتطورة.

وبما أننا لم نعثر على كتابة تأسيسية ، فإنني أريد أن أؤرّخ البناء بعد سنة ١٣٢٠ م.

(أقول) : من المشهور في دمشق أن معاوية بن أبي سفيان حين توفي ، دفن في حديقة قصره (الخضراء) ، وهو المعروف اليوم بحي النقاشات ، أو زقاق الخضراء ، الواقع في جنوب شرق المسجد الأموي. وهذا القبر موجود ضمن بيت ينزل إليه بدرج ، وقد تراكمت عليه الأوساخ والقاذورات ، مصحوبة بالروائح الكريهة ،

٧٣٤

وبجيوش الذباب. أما القبة المضروبة عليه فقد تشققت حتى كادت أن تخرّ وتسجد ، كما وصفها الشاعر محمّد المجذوب(١) من طرطوس في قصيدته التالية ، التي وصف فيها قبر معاوية وصفا حيا كما رآه حين زاره.

٨٩٩ ـ زيارة الشاعر محمّد المجذوب لقبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ثم لقبر معاوية :

ذهب الشاعر الطرطوسي محمّد المجذوب خريج الأزهر ، إلى النجف الأشرف ، وزار هناك مرقد مولانا الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فوجد الذهب الإبريز يسجد على أعتابه وعند ما عاد إلى دمشق مرّ بخربة فيها قبر ، فسأل عنها؟.فقالوا : إنها قبر معاوية!.

فأنشد في ذلك الموقف الأبيات التالية ، مخاطبا بها (أبا يزيد) :

أين القصور أبا يزيد ولهوها

والصّافنات وزهوها والسّؤدد

أين الدّهاء نحرت عزّته على

أعتاب دنيا سحرها لا ينفد

آثرت فانها على الحقّ الذي

هو لو علمت على الزّمان مخلد

تلك البهارج قد مضت لسبيلها

وبقيت وحدك عبرة تتجدد

هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه

لأسال مدمعك المصير الأسود

كتل من التّرب المهين بخربة

سكر الذّباب بها فراح يعربد

خفيت معالمها على زوّارها

فكأنها في مجهل لا يقصد

ومشى بها ركب البلى فجدارها

عان يكاد من الضّراعة يسجد

والقبّة الشّماء نكّس طرفها

فبكلّ جزء للفناء بها يد

تهمي السحائب من خلال شقوقها

والريح في جنباتها تتردّد

وكذا المصلّي مظلم فكأنه

مذ كان لم يجتز به متعبد

__________________

(١) محمّد المجذوب : أديب وقاصّ وشاعر سوري مرموق ، ولد في طرطوس عام ١٩٠٧ م وتوفي عام ٢٠٠٠ م عن عمر يناهز ٩٣ عاما. من كتبه الكثيرة : فضائح المبشرين ـ دروس من الوحي ـ مشكلات الجيل في ضوء الدين ـ همسات قلب (شعر) ـ نار ونور (شعر) ١٩٤٧. من تراث الأبوة (مسرحيات تاريخية) اللاذقية ١٩٣٥ ـ الكواكب الأحد عشر (قصة طويلة) بيروت ١٩٥٤. (مجلة الموسم ـ العدد ٧ ص ٨٧٣).

٧٣٥

أأبا يزيد لتلك حكمة خالق

تجلى على قلب الحكين فيرشد

أرأيت عاقبة الجموح ونزوة

أودى بلبّك غيّها المترصّد

أغرتك بالدنيا فرحت تشنّها

حربا على الحقّ الصّراح وتوقد

تعدو بها ظلما على من حبّه

دين ، وبغضته شقاء سرمد

علم الهدى وإمام كلّ مطهّر

ومثابة العلم الذي لا يجحد

ورثت شمائلهپ براءة أحمد

فيكاد من برديه يشرق أحمد

وغلوت حتى قد جعلت زمامها

إرثا لكلّ مذمّم لا يحمد

هتك المحارم واستباح خدورها

ومضى بغير هواه لا يقيّد

فأعادها بعد الهدى عصبيّة

جهلاء تلتهم النّفوس وتفسد

فكأنما الإسلام سلعة تاجر

وكأنّ أمّته لآلك أعبد

* * *

فاسأل مرابض كربلاء ويثرب

عن تلكم النّار التي لا تخمد

أرسلت مارجها فماج بحرّه

أمس الجدود ولن يجنبها غد

عبثا يعالج ذو الصّلاح فسادها

ويطيبّ معضلها الحكيم المرشد

أين الّذي يسلو مواجع أحمد

وجراح فاطمة التي لا تضمد

والزّاكيات من الدّماء يريقها

باغ على حرم النّبوة مفسد

والطّاهرات فديتهنّ حواسرا

تنثال من عبراتهنّ الأكبد

والطّيبين من الصّغار كأنهم

بيض الزّنابق ذيد عنها المورد

تشكو الظّماء لظالمين أصمّهم

حقد أناخ على الجوانح موقد

والذائدين تبعثرت أشلاؤهم

بددا ، فثمّة معصم وهنا يد

تطأ السّنابك بالطّغاة أديمها

مثل الكتاب مشى عليه الملحد

فعلى الرّمال من الأباة مضرّج

وعلى النّياق من الهداة مصفّد

وعلى الرّماح بقيّة من عابد

كالشّمس ضاء به الصّفا والمسجد

فلطالما حنّ الدّجى لحنينه

وحنا على زفراته المتهجّد

إن يجهل الأثماء موضع قدره

فلقد داره الرّاكعون السّجّد

٧٣٦

تلك الفواجع ما تزال طيوفها

في كلّ جارحة تحسّ وتشهد

ما كان ضرّك لو كففت شواظها

فسلكت نهج الحقّ وهو معبّد

ولزمت ظلّ أبي تراب وهو من

في ظلّه يرجى السّداد وينشد

ولو أن فعلت لصنت شرعة أحمد

وحميت مجدا قد بناه محمّد

ولعاد دين الله يغمر نوره الدّ

نيا ، فلا عبد ولا مستعبد

* * *

أأبا يزيد وساء ذلك عترة

ماذا أقول وباب سمعك موصد

قم وارمق النّجف الشريف بنظرة

يرتدّ طرفك وهو باك أرمد

تلك العظام أعزّ ربّك قدرها

فتكاد لو لا خوف ربّك تعبد

أبدا تباكرها الوفود ، يحثّها

من كلّ حدب شوقها المتوقّد

نازتتها الدنيا ففزت بوردها

ثمّ انقضى كالحلم ذاك المورد

وسعت إلى الأخرى فأصبح ذكرها

في الخالدين ، وعطف ربّك أخلد

* * *

أأبا يزيد لتلك آهة موجع

أفضى إليك بها فؤاد مقصد

أنا لست بالقالي ولا أنا شامت

قلب الكريم عن الشّماتة أبعد

هي مهجة حرّى أذاب شغافها

حزن على الإسلام لم يك يهمد

ذكّرتها الماضي فهاج دفينها

شمل لشعب المصطفى متبدّد

فبعثته عتبا وإن يك قاسيا

هو في ضلوعي زفرة تتردّد

لم أستطع جلدا على غلوائها

أيّ القلوب على اللّظى تتجلّد؟

* * *

لكن هذا الشاعر تجاهل فيما بعد هذه القصيدة ، فلم ينشرها في ديوانه (نار ونور) المطبوع عام ١٩٤٧ ، ولا في ديوانه الثاني (همسات قلب) المطبوع عام ١٩٧٠ ، فكأنه ندم على قولها ، مع أنها أصدق قصيدة قالها.

٧٣٧

مظاهر العدل الإلهي

٩٠٠ ـ العدل الإلهي في مصير الحسينعليه‌السلام ومصير أعدائه :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٣٣ و ١٣٤)

قال السيد علي جلال الحسيني المصري في كتابه (الحسين) :

ومن آثار العدل الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، كما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد.

وهل أمهل يزيد بن معاوية بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟!. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك في دم الحسينعليه‌السلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب!. وأي عبرة لأولي الأبصار أعظم من كون ضريح الحسينعليه‌السلام حرما معظّما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.

ـ العناية الإلهية بأهل البيتعليه‌السلام :

وتأمّل عناية الله بالبيت النبوي الكريم ؛ يقتل أبناء الحسينعليه‌السلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.

ـ شتان بين الذهب والرغام! :

ثم يقول : وشتان ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير.وهل يستوي الفاسق الجائر ، والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له.واقتضت أيضا أن يبقى أثر جهاد الحسينعليه‌السلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.

٩٠١ ـ العاقبة للمتقين :(المصدر السابق)

قال تعالى جلّ من قائل :( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا

٧٣٨

فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٨٣) [القصص : ٨٣]. وكثير من الناس يغرّهم العلوّ في الأرض والتمكن فيها ، فيظنون أن ذلك ميزة لهم على غيرهم ، غير ناظرين إلى أن هذه الدنيا ليست دار الجزاء ، إنما هي دار الامتحان والبلاء ، وأن العاقبة ليست فيها ، إنما هي في دار البقاء فالحسينعليه‌السلام حين استشهد ، استبدل دار الشقاء وهي الدنيا ، بدار البقاء وهي الآخرة. فانتقل إلى دار الجنان ، يعيش فيها خالدا ، مصداقا لقوله تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١٧٠) [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠].

أما الذين ظنوا أنهم انتصروا على الحسينعليه‌السلام ، فقد عاشوا حياة الشقاء في الدنيا ، وسوف يخلّدون في نار جهنم ، والله لهم بالمرصاد.

العبرة في المصير

٩٠٢ ـ الحسينعليه‌السلام إمام الشاهدين :

(الحسين بن عليعليه‌السلام إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٩)

الإمام الحسينعليه‌السلام كان يدرك بالمنطق الرياضي إدراكا شموليا ، أنه مفارق جسده وعيشه لم يقلعليه‌السلام : إلهي إلهي لماذا تركتني؟ بل صاح : إلهي أنا قادم إليك. وكأنه يرى دمه ، ودماء رفاقه الشهداء أمام بصره ، رياضا طفحت وردا وبيلسانا وشقائق نعمان.

ـ العبرة في المصير ، والخلود للحسينعليه‌السلام :

آثر معاوية مقعده وبطنه.

وعمل يزيد لشهوة جسده.

ونال المغيرة لقيمة.

وعمرو بن العاص جريعة.

ومات ابن زياد ، وابن ذي الجوشن ، وابن سعد ، في الموت منذ أن ولدوا ؛ وبقي الحسين بن عليعليه‌السلام يذكر حيا ، نضرا ، فوّاحا ، كلما ذكر محمّد وآل محمّد ورسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في كل صلاة وفي كل تسليم.

٧٣٩

٩٠٣ ـ خفقة النشيد الأخيرة :(المصدر السابق ، ص ١٣١)

منذ ثلاثة عشر قرنا ، والكلام على الحسينعليه‌السلام : أخضر ، أزهر ، فوّاح ، معطار ، يفرح ويبكي ، ويمجّد ويرفع. ثم لا ينتهي بانطواء جيل ، وولادة آخر.

ومنذ ذلك الزمن ، وقلّ أن يذكر الذاكرون يزيد ، وابن زياد ، وابن سعد ، وابن ذي الجوشن ، إلا كما يذكر أحدنا : الحرباء والعقرب والخنزير. بينما يتردد اسم البلبل والروضة والجدول ، تردد النسيم والشعاع والماء ، في العيون والمعاطس ، والأفواه والقلوب. ذلك بيّن الخطوط والألوان.

فالحسينعليه‌السلام دخل في تراث الانسانية ، واحدا من بناة شمائلها ، وعمارة حضارتها. وغلّب جانب الخير والحق والجمال ، على جانب الشر والباطل والضلال ، فأصبح كوكبا في كل سماء من أرض البشر ، يجري اسمه على الأقلام ، مجرى نشيد الانتصار على الحناجر والأوتار.

يبقى أمر مهمّ إضافة لما قدّمنا ، هو أمر البطل يكون شاهدا وشهيدا ، عندما يقدم بشجاعة قلّ نظيرها ، لدى القادة الأبطال المقدمين.

فصحيح أن سقراط مات ، واختار قدح السمّ ، وشربه بشوق. لكنه مضى وحده!.

وصحيح أن المسيحعليه‌السلام صلب على مذهب النصارى ، لكنه توجّع وتوسّل وصاح : إلهي إلهي لماذا تركتني؟!. ورفعه الله إليه. ثم مضى وحده!.

الإسكندر : حمّ ومات!. هنيبال : هرب وتاه وضاع!.

نابليون : انطفأ في الأسر!. هتلر : انتحر!.

موسيليني : جرّ كما تجرّ الهرّة!.

وخالد بن الوليد : كره الموت على الفراش!.

وهؤلاء جميعا كانوا قادة ، على اختلاف وتباين في المعتقد والمنهج والفضيلة ، لكن واحدا منهم لم يرسم وهو على شفير النهاية ، بعينيه وقلبه وجسده المفجع ، والخارق والمذهل ، كما رسم الحسينعليه‌السلام ومعه أفلاذ أسرته كلهم ، وأحباء قلبه

٧٤٠

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800