موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494092 / تحميل: 5859
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

الرجل يدل على الدور والضياع ويأخذ عليه الأجر قال هذه أجرة لا بأس بها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم أو غيره ، عن عبد الله بن سنان قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام وأنا أسمع فقال له إنا نأمر الرجل فيشتري لنا الأرض والغلام والدار والخادم ونجعل له جعلا قال لا بأس بذلك.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا من أصحاب الرقيق قال اشتريت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جارية فناولني أربعة دنانير فأبيت فقال لتأخذن فأخذتها وقال لا تأخذ من البائع.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبي سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا أسمع فقال له ربما أمرنا الرجل فيشتري لنا الأرض والدار والغلام والجارية ونجعل له جعلا قال لا بأس.

ويدل على جواز الأجرة على الدلالة من المشتري أو من البائع أو منهما.

قال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : لو نصب نفسه لبيع الأمتعة كان له أجر البيع ، ولو نصب نفسه للشراء كان أجره على المشتري ، فإن كان ممن يبيع ويشتري كان له أجره على ما يبيع من جهة البائع ، وأجره على ما يشتري من جهة المبتاع.

وقال ابن إدريس : ليس قصد الشيخ في ذلك أن يكون في عقد واحد بائعا ومشتريا بل يكون تارة يبيع وتارة يشتري في عقدين ، لأن العقد لا يكون إلا بين الاثنين ، وليس بجيد لأنا نجوز كون الشخص الواحد وكيلا للمتعاقدين.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : صحيح.

ولعله كان مأمورا من قبلهعليه‌السلام لا من البائع ، فلذا نهاه عن الأخذ من البائع أو أمرهعليه‌السلام بذلك تبرعا ، والمشهور أنه لا يكون الأجرة إلا من أحد الطرفين وهو أحوط.

الحديث الرابع : صحيح.

٣٨١

٥ ـ وعنهما ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وغيره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قالوا قالا لا بأس بأجر السمسار إنما هو يشتري للناس يوما بعد يوم بشيء معلوم وإنما هو مثل الأجير.

( باب مشاركة الذمي )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا ينبغي للرجل المسلم أن يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي «إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً » لا يغيب عنها المسلم.

الحديث الخامس : صحيح.

وقال في النهاية :السمسار هو القيم بالأمر الحافظ له ، وهو في البيع اسم للذي يدخل بين البائع والمشتري ، متوسطا لإمضاء البيع ، والسمسرة البيع والشراء.

باب مشاركة الذمي

الحديث الأول : صحيح.

ويدل على كراهة مشاركة الذمي وإبضاعه وإيداعه ومصافاته ، ولا يبعد في الأخير القول بالحرمة ، بل هو الظاهر لقوله تعالى : «لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ »(١) والإبضاع أن يدفع إليه مالا يتجر فيه والربح لصاحب المال خاصة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) المجادلة : ٢٢.

٣٨٢

( باب )

( الاستحطاط بعد الصفقة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم الكرخي قال اشتريت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جارية فلما ذهبت أنقدهم الدراهم قلت أستحطهم قال لا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن معاوية بن عمار ، عن زيد الشحام قال أتيت أبا عبد اللهعليه‌السلام بجارية أعرضها فجعل يساومني وأساومه ثم بعتها إياه فضم على يدي قلت جعلت فداك إنما ساومتك لأنظر المساومة تنبغي أو لا تنبغي وقلت قد حططت عنك عشرة دنانير فقال هيهات ألا كان هذا قبل الضمة أما بلغك قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الوضيعة بعد الضمة حرام.

باب الاستحطاط بعد الصفقة

الحديث الأول : مجهول.

وتضمن النهي عن الاستحطاط بعد الصفقة ، أي طلب حط الثمن ونقصه بعد البيع ، وحمل على الكراهة ، قال في الدروس : ويكره الاستحطاط بعد الصفقة ، ويتأكد بعد الخيار ، والنهي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على الكراهة ، لأنه روي عن الصادقعليه‌السلام قولا وفعلا كما روي عنه تركه قولا وفعلا.

الحديث الثاني : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « قبل الضمة » أي ضم يد البائع إلى يد المشتري ، وهو بمعنى الصفقة ، وفي بعض نسخ الحديث كالتهذيب « الضمنة » بالنون أي لزوم البيع وضمان كل منهما لما صار إليه.

٣٨٣

( باب )

( حزر الزرع )

١ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن بعض أصحابه قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام إن لنا أكرة فنزارعهم فيجيئون ويقولون لنا قد حزرنا هذا الزرع بكذا وكذا فأعطوناه ونحن نضمن لكم أن نعطيكم حصتكم على هذا الحزر فقال وقد بلغ قلت نعم قال لا بأس بهذا قلت فإنه يجيء بعد ذلك فيقول لنا إن الحزر لم يجئ كما حزرت وقد نقص قال فإذا زاد يرد عليكم قلت لا قال فلكم أن تأخذوه بتمام الحزر كما أنه إذا زاد كان له كذلك إذا نقص كان عليه.

( باب )

( إجارة الأجير وما يجب عليه )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار

باب حزر الزرع

الحديث الأول : مرسل.

قوله : « قد حزرنا » الحزر بتوسط المعجمة بين المهملتين : الخرص والتخمين كما ذكره الفيروزآبادي ، وهذا هو الخرص على الشريك الذي جوزه الأصحاب وتقدم الكلام فيه مع أخبار تدل عليه.

باب إجارة الأجير وما يجب عليه

الحديث الأول : موثق.

ويدل على اشتراط الأذن في العمل لغير المستأجر كما هو المشهور ، لأنه أجير خاص.

قال الشهيدان رحمة الله عليهما في الروضة : ولا يعمل الأجير الخاص وهو الذي يستأجر للعمل بنفسه مدة معينة حقيقة أو حكما كما إذا استؤجر لعمل معين ،

٣٨٤

قال سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام عن الرجل يستأجر الرجل بأجرة معلومة فيبعثه في ضيعة فيعطيه رجل آخر دراهم ويقول اشتر بهذا كذا وكذا وما ربحت بيني وبينك فقال إذا أذن له الذي استأجره فليس به بأس.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن موسى ، عن يونس ، عن سليمان بن سالم قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل استأجر رجلا بنفقة ودراهم مسماة على أن يبعثه إلى أرض فلما أن قدم أقبل رجل من أصحابه يدعوه إلى منزله الشهر والشهرين فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر فنظر الأجير إلى ما كان ينفق عليه في الشهر إذا هو لم يدعه فكافأه الذي يدعوه فمن مال من تلك المكافأة أمن مال الأجير أو من مال المستأجر قال إن كان في مصلحة المستأجر فهو من ماله وإلا فهو على الأجير وعن رجل استأجر رجلا بنفقة

أول زمانه اليوم المعلوم المعين بحيث لا يتوانى فيه بعده لغير المستأجر إلا بإذنه ، لانحصار منفعته فيه بالنسبة إلى الوقت الذي جرت العادة بالعمل فيه كالنهار ، أما غيره كالليل فيجوز العمل فيه لغيره إذا لم يؤد إلى ضعف في العمل المستأجر عليه وفي جواز عمله لغيره في المعين عملا لا ينافي حقه كإيقاعه عقدا في حال اشتغاله بحقه وجهان ، ويجوز للمطلق وهو الذي يستأجر لعمل مجردا عن المباشرة على تعيين المدة ، كتحصيل الخياطة يوما أو عن المدة مع تعيين المباشرة كان يخيط له ثوبا بنفسه من غير تعرض إلى وقت أو مجردا عنهما.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله : « إلى ما كان ينفق عليه » أي بحسب النفقة التي كان ينفق على نفسه إذا لم يكن ضيفا له في تلك المدة فيعطيه هدية مكافأة لما أنفق عليه.

قوله عليه‌السلام : « إن كان في مصلحة المستأجر » إن كان مكثه في تلك المدة لعمل المستأجر ومصلحته فهو من مال المستأجر ، ثم اعلم أن الأصحاب استدلوا بهذا الخبر على أنه مع عدم الشرط النفقة على المستأجر ، مع أن ظاهر الخبر أوله وآخره اشتراط النفقة مجملا وعدم تعيين نوعها.

وقال المحقق : من استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه كانت نفقته على المستأجر

٣٨٥

مسماة ولم يفسر شيئا على أن يبعثه إلى أرض أخرى فما كان من مئونة الأجير من غسل الثياب والحمام فعلى من قال على المستأجر.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن إسماعيل بن عمار ، عن عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يأتي الرجل فيقول اكتب لي بدراهم فيقول له آخذ منك وأكتب لك [ بين يديه ] قال فقال لا بأس قال وسألته عن رجل استأجر مملوكا فقال المملوك أرض مولاي بما شئت ولي عليك كذا وكذا دراهم مسماة فهل يلزم المستأجر وهل يحل للمملوك قال لا يلزم المستأجر ولا يحل للملوك.

( باب )

( كراهة استعمال الأجير قبل مقاطعته على أجرته وتأخير )

( إعطائه بعد العمل )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال كنت

إلا أن يشترط على الأجير.

وقال في المسالك : مستند ذلك رواية سليمان بن سالم عن الرضاعليه‌السلام واختاره جماعة من الأصحاب ، والأقوى أنه كغيره لا تجب نفقته إلا مع الشرط ، ويمكن حمل الرواية على تقدير سلامتها عليه ، وقال أيضا : وحيث يشترط على المستأجر فلا بد من بيان قدرها ووصفها بخلاف ما لو قيل بوجوبها عليه ابتداء ، فإنه يجب عليه القيام بعادة أمثاله.

الحديث الثالث : صحيح على الظاهر.

قوله : « آخذ منك » هذا إذا كان قبل العقد فظاهر ، ولو كان بعده فيمكن أن يكون المراد نفقة كل ما يكتبه أو على التبرع بالالتماس ، والمشهور بين الأصحاب أن المؤجر يملك الأجرة بنفس العقد ، لكن لا يجب تسليمها إلا بتسليم العين المؤجرة أو بالعمل إن كانت الإجارة على عمل.

باب كراهة استعمال الأجير قبل مقاطعته على أجرته وتأخير إعطائه بعد العمل

الحديث الأول : صحيح.

٣٨٦

مع الرضاعليه‌السلام في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف إلى منزلي فقال لي انصرف معي فبت عندي الليلة فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المعتب فنظر إلى غلمانه يعملون بالطين أواري الدواب وغير ذلك وإذا معهم أسود ليس منهم فقال ما هذا الرجل معكم فقالوا يعاوننا ونعطيه شيئا قال قاطعتموه على أجرته فقالوا لا هو يرضى منا بما نعطيه فأقبل عليهم يضربهم بالسوط وغضب لذلك غضبا شديدا فقلت جعلت فداك لم تدخل على نفسك فقال إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة أن يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه أجرته واعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته إلا ظن أنك قد نقصته أجرته وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء فإن زدته حبة عرف ذلك لك ورأى أنك قد زدته.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الحمال والأجير قال لا يجف عرقه حتى تعطيه أجرته.

قوله : « أواري الدواب » ، قال الجوهري : مما يضعه الناس في غير موضعه قولهم للمعلف آري ، وإنما الآري محبس الدابة ، والجمع أواري يخفف ويشدد ، وهو في التقدير فاعول.

قوله : « لم تدخل على نفسك » أي الضرر أو الهم أو الغضب ، ويدل على جواز التأديب على المكروهات إذ المشهور كراهة استعمال الأجير قبل المقاطعة على الأجرة ، وظاهر الخبر الحرمة ، ويمكن أن يقال : هذا الفعل كان حراما عليهم لمخالفتهم أمر المولى وإن كان في الأصل مكروها.

الحديث الثاني : حسن.

وقال الوالد العلامة «رحمه‌الله » : يدل على أن استحقاق الأجرة بعد الفراغ من العمل وإن أعطى أجرته بعد العقد فهو إحسان ، والظاهر من الأصول أن الأجرة تتعلق بذمة الأجير ولا يستحق أخذها إلا بعد العمل ، وجفاف العرق إما على الحقيقة أو هو كناية عن السرعة.

٣٨٧

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان ، عن شعيب قال تكارينا لأبي عبد اللهعليه‌السلام قوما يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر فلما فرغوا قال لمعتب أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » فلا يستعملن أجيرا حتى يعلمه ما أجره ومن استأجر أجيرا ثم حبسه عن الجمعة يبوء بإثمه وإن هو لم يحبسه اشتركا في الأجر.

( باب )

( الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحد أو يردها قبل الانتهاء )

( إلى الحد )

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن الصيقل قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في رجل اكترى دابة إلى مكان معلوم فجاوزه قال يحسب له الأجر بقدر ما جاوز وإن عطب الحمار فهو ضامن.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فلا يستعملن » يحتمل كون الكلام نهيا أو نفيا ، وعلى التقديرين ظاهره الحرمة وإن كان على الثاني أظهر ، وحمله الأصحاب على الكراهة ، ويمكن أن يقال : إن الإيمان الكامل ينتفي بارتكاب المكروهات أيضا.

قوله عليه‌السلام : « تبوأ بإثمه » يدل على وجوب صلاة الجمعة.

وقال الفيروزآبادي : باء بذنبه بوءا : احتمله.

باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحد أو يردها قبل الانتهاء إلى الحد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وبه فتوى الأصحاب.

٣٨٨

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يكتري الدابة فيقول اكتريتها منك إلى مكان كذا وكذا فإن جاوزته فلك كذا وكذا زيادة ويسمي ذلك قال لا بأس به كله.

٣ ـ أحمد بن محمد [ ، عن رجل ] ، عن أبي المغراء ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن الرجل تكارى دابة إلى مكان معلوم فنفقت الدابة قال إن كان جاز الشرط فهو ضامن وإن دخل واديا لم يوثقها فهو ضامن وإن سقطت في بئر فهو ضامن لأنه لم يستوثق منها.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم

الحديث الثاني : صحيح.

ويدل على جواز تعيين أجرتين على التقديرين ، وسيأتي الكلام في مثله.

الحديث الثالث : صحيح.

وفي بعض النسخ« عن رجل عن أبي المغراء » فيكون مرسلا ، ويدل على ضمان العين المستأجرة مع التعدي أو التفرقة كما هو مذهب الأصحاب.

الحديث الرابع : صحيح.

وقال المحقق : لو استأجره ليحمل له متاعا إلى موضع معين فإن قصر عنه نقص من أجرته شيئا جاز ، ولو شرط سقوط الأجرة إن لم يوصله فيه لم يجز ، وكان له أجرة المثل.

وقال في المسالك : هذا قول الأكثر ، ومستنده روايتان صحيحة وموثقة عن محمد بن مسلم والحلبي عن الباقرعليه‌السلام ، ويشكل بعدم تعيين الأجرة لاختلافهما على التقديرين كما لو باعه على ثمنين بتقديرين ، ومن ثم ذهب جماعة إلى البطلان. ويمكن حمل الأخبار على الجعالة ، ومتى حكم بالبطلان تثبت أجرة المثل إلا أن يشترط إسقاط الجميع فلا شيء مع عدم الإتيان به في المعين ، ولو أتى به فيه فكغيره ، ويمكن القول بصحة الإجارة وعلى التقدير الثاني وهو شرط سقوط الأجرة مع الإخلال بالمعين لا بجعله أحد شقي المستأجر عليه لخلوه عن الأجرة بل بيانا لما هو يقتضي الإجارة ، فإنها إذا عينت بوقت فأخل الأجير بالفعل فيه بطلت

٣٨٩

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سمعته يقول كنت جالسا عند قاض من قضاة المدينة فأتاه رجلان فقال أحدهما إني تكاريت هذا يوافي بي السوق يوم كذا وكذا وإنه لم يفعل قال فقال ليس له كراء قال فدعوته وقلت يا عبد الله ليس لك أن تذهب بحقه وقلت للآخر ليس لك أن تأخذ كل الذي عليه اصطلحا فترادا بينكما.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن محمد الحلبي قال كنت قاعدا عند قاض من القضاة وعنده أبو جعفرعليه‌السلام جالس فأتاه

الإجارة ، فإذا فعله في غيره لم يستحق شيئا ، فيكون التعرض لذلك بيانا لنقيض الإجارة ، وشرطا لمقتضاها فلا ينافيها وحينئذ فيثبت المسمى إن جاء به في المعين ولا شيء في غيره للإخلال بمقتضاها ، وهذا مما نبه عليه الشهيد (ره) في اللمعة. وقال (ره) في حاشية الروضة : يشكل استدلال الأصحاب بخبر ابن مسلم لأنه كما ترى ليس فيه تعرض لما عدا اليوم المعين بأجرة ولا لغيرها ، وليس في كلام الإمامعليه‌السلام أن اللازم في غيره أجرة المثل أو غيرها ، ومع ذلك فما تضمنه الخبر من الحكم مخالف للقواعد الشرعية ، لأن اللازم من تعيينه اليوم المعين والسكوت عن غيره أنه لا يستحق في غيره أجرة كما قال ذلك القاضي ، إلا أن يفرض اطلاعهعليه‌السلام على ما يوجب بطلان الإجارة فحكم عليها بالاصطلاح ، لأن الثابت أجرة المثل وهي خارجة عن المعين كما أشار إليه في كلامه.

قوله : « فإنه لم يفعل » في الفقيه هكذا « فلم يبلغني الموضع ، فقال القاضي لصاحب الدابة : بلغته إلى الموضع؟ قال : لا ، قد أعيت دابتي فلم تبلغ »(١) وعلى هذا فلما كان عدم بلوغه لعذر بلا تفريط منه لا يبعد توزيع المسمى أو أجرة المثل على الطريق من قواعد الأصحاب فالأمر بالاصطلاح لعسر مساحة الطريق والتوزيع أو هو كناية عن التراد بينهما.

الحديث الخامس : موثق.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٢ ح ٦.

٣٩٠

رجلان فقال أحدهما إني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلى بعض المعادن فاشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا لأنها سوق أتخوف أن يفوتني فإن احتبست عن ذلك حططت من الكراء لكل يوم أحتبسه كذا وكذا وإنه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما فقال القاضي هذا شرط فاسد وفه كراه فلما قام الرجل أقبل إلي أبو جعفرعليه‌السلام فقال شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال اكتريت بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا وخرجت في طلب غريم لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد فاتبعته وظفرت به وفرغت مما بيني وبينه ورجعنا إلى الكوفة وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وأرضيه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبى أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل فقال لي وما صنعت بالبغل فقلت قد دفعته إليه سليما قال نعم بعد خمسة عشر يوما فقال ما تريد من الرجل قال أريد كراء بغلي فقد حبسه علي خمسة عشر يوما فقال ما أرى لك حقا لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل وسقط الكراء فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكراء قال فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة فأعطيته شيئا وتحللت منه فحججت تلك السنة فأخبرت

الحديث السادس : صحيح.

وقال في المغرب :قصر ابن هبيرة : على ليلتين من الكوفة ، وبغداد منه على ليلتين.

قوله : « وسقط الكري » ذهب أبو حنيفة إلى أنه إذا تعدى في شيء ذهب الضمان بالأجر لأنه يقول يملكها بالضمان ، وخالفه الشافعي في ذلك ، وهذا الحكم منه لعنه الله مبني على هذا الأصل.

٣٩١

أبا عبد اللهعليه‌السلام بما أفتى به أبو حنيفة فقال في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها قال فقلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام فما ترى أنت قال أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ومثل كراء بغل راكبا من النيل إلى بغداد ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه قال فقلت جعلت فداك إني قد علفته بدراهم فلي عليه علفه فقال لا لأنك غاصب فقلت أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني قال نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز فقال عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه قلت فمن يعرف ذلك قال أنت وهو إما أن يحلف هو على القيمة فتلزمك فإن رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين أكرى كذا وكذا فيلزمك قلت إني كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني فقال إنما رضي بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به فإن جعلك في حل بعد معرفته فلا شيء عليك بعد ذلك قال أبو ولاد فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد اللهعليه‌السلام وقلت له قل ما شئت حتى أعطيكه فقال قد حببت إلي جعفر بن محمدعليه‌السلام ووقع في قلبي له التفضيل وأنت في حل وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذت منك فعلت.

قوله عليه‌السلام : « مثل كرى بغل » الظاهر أنه لما خالف ولم يقطع من الطريق المشترط شيئا كما ظهر من أول الخبر لم يستحق من المسمى شيئا ، وانتقل إلى أجرة المثل.

قوله عليه‌السلام : « يوم خالفته » يدل على ما هو المشهور من أنه يضمن قيمته يوم العدوان ، وقيل : يضمن أعلى القيم من حين العدوان إلى حين التلف ، وذهب جماعة من المحققين إلى ضمان قيمته يوم التلف واختاره الشهيد الثاني (ره).

« والدبر » جراحة في ظهر الدابة ،« والغمز » في الدابة شبيه العرج.

قوله عليه‌السلام : « إما أن يحلفه » هو يدل على أن القول قول المالك مع الاختلاف في القيمة ، وخصه الشيخ بالدابة ، وقال في غيرها : القول قول المستأجر ، والمشهور

٣٩٢

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن رجل استأجر دابة فأعطاها غيره فنفقت ما عليه فقال إن كان شرط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها وإن لم يسم فليس عليه شيء.

( باب )

( الرجل يتكارى البيت والسفينة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يكتري السفينة سنة أو أقل أو أكثر قال الكراء لازم إلى الوقت الذي اكتراه إليه والخيار في أخذ الكراء إلى ربها إن شاء أخذ وإن شاء ترك

بين الأصحاب أن القول قول المستأجر مطلقا لأنه منكر.

الحديث السابع : صحيح.

ويدل على أنه مع الإطلاق يجوز لمستأجر الدابة أن يركبها غيره بل يؤجرها إياه ، وهو المشهور بين الأصحاب.

قال في المسالك : وحيث يجوز له الإيجار يتوقف تسليم العين على إذن المالك كذا ذكره العلامة وجماعة ، وقوي الشهيد (ره) الجواز من غير ضمان ، وهو أقوى لصحيحة علي بن جعفر في عدم ضمان الدابة ، وغيرها أولى.

باب الرجل يتكارى البيت والسفينة

الحديث الأول : صحيح.

ويدل على أنه يجوز للموجر أن يأخذ الأجرة معجلا كما هو المشهور أنه يستحق أخذ الأجرة بتسليم العين المؤجرة ، ولكن قيد بما إذا لم يشترط التأجيل.

قال في المسالك : إنما يجب تعجيلها مع الإطلاق ، أو شرط التعجيل ، ولو شرط التأجيل لزم بشرط أن يكون الشرط معلوما.

٣٩٣

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل ، عن أبيه قال سألت أبا الحسن موسىعليه‌السلام ـ عن الرجل يتكارى من الرجل البيت والسفينة سنة أو أكثر أو أقل قال كراه لازم إلى الوقت الذي تكاراه إليه والخيار في أخذ الكراء إلى ربها إن شاء أخذ وإن شاء ترك.

( باب الضرار )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار وكان منزل الأنصاري بباب البستان وكان يمر به إلى نخلته ولا يستأذن فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة فلما تأبى جاء الأنصاري إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا إليه وخبره الخبر فأرسل إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخبره بقول الأنصاري وما شكا وقال إن أردت الدخول فاستأذن فأبى فلما أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء الله فأبى أن يبيع فقال لك بها عذق يمد لك في الجنة فأبى أن يقبل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للأنصاري

الحديث الثاني : مجهول.

باب الضرار

الحديث الأول : ضعيف كالموثق.

وقد مر في باب إعطاء الأمان بيانه ، وظهر أن المراد بالجار من أعطي الأمان لا مجاور البيت.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

وقال الجوهري :العذق بالفتح ، النخلة بحملها ، وقال :« تأبى عليه » أي امتنع ، وقال قوله تعالى «وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها »(١) أي سويت عناقيدها ودليت.

__________________

(١) سورة الإنسان الآية ١٤.

٣٩٤

اذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن قوم كانت لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض فأراد الرجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها التي كانت عليه وبعض العيون إذا فعل ذلك أضر بالبقية من العيون وبعض لا يضر من شدة الأرض قال فقال ما كان في مكان شديد فلا يضر وما كان في أرض

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا ضرر ولا ضرار ».

أقول : هذا المضمون مروي من طرق الخاصة والعامة بأسانيد كثيرة فصار أصلا من الأصول وبه يستدلون في كثير من الأحكام.

وقال في النهاية : فيه « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » وقوله لا ضرر أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه ، والضرار فعال من الضر ، أي لا يجازيه على إضراره بإدخال الضرر ، والضرر فعل الواحد ، والضرار فعل الاثنين ، والضرر ابتداء الفعل ، والضرار الجزاء عليه ، وقيل : الضرر : ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به ، والضرار : أن تضره من غير أن تنتفع به ، وقيل : هما بمعنى وتكرار هما للتأكيد.

الحديث الثالث : مرسل.

قوله : « أسفل » بأن يجعل العين عميقا أو في مكان أخفض أو الأعم.

قوله : « من موضعها » أي قريبة من الأخرى محدثة بعدها.

قوله عليه‌السلام « قال : فقال : ما كان » أقول : يحتمل أن يكون القائل الراوي و« إن عرض » أيضا من تتمة كلامه أي إن عرض الرجل جعل عينه أسفل على جاره أن يحفر هو أيضا ، آباره حتى يصيرا متساويين ، فأجابعليه‌السلام عن الكل بأنه مع الضرر لا يجوز إلا مع التراضي ، ويحتمل أن يكون القائل الإمامعليه‌السلام ، وقوله « وإن عرض » كلام السائل ، وسقط « قال » من النساخ ، أو يكون مقدرا ، واحتمال كون « إن » وصلية من تتمة الكلام السابق بعيد ، ويحتمل أن يكون « وإن عرض » سؤال الآخر والمراد بوضع عينه حفرها ابتداء أي إن عرض رجل على جاره أن يحفر بئرا بأي وضع

٣٩٥

رخوة بطحاء فإنه يضر وإن عرض على جاره أن يضع عينه كما وضعها وهو على مقدار واحد قال إن تراضيا فلا يضر وقال يكون بين العينين ألف ذراع.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل شهد بعيرا مريضا وهو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم فجاء وأشرك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد فقضي أن البعير برأ فبلغ

أراد وأي مكان أراد لكن لا يعمق البئر أكثر من بئر جاره ، وعلى التقادير لا يخلو الخبر من تشويش وتكلف.

قوله عليه‌السلام : « بين العينين » حمل على الأرض الرخوة على المشهور ، وقالوا في الصلبة خمسمائة ذراع.

وقال في الروضة : حريم العين ألف ذراع حولها من كل جانب في الأرض الرخوة ، وخمسمائة في الصلبة ، بمعنى أنه ليس للغير استنباط عين أخرى في هذا القدر ، لا المنع من مطلق الإحياء ، والتحديد بذلك هو المشهور رواية وفتوى ، وحده ابن الجنيد « بما ينتفي معه الضرر » ومال إليه العلامة في المختلف استضعافا للنصوص ، واقتصارا على موضع الضرر ، وتمسكا بعموم نصوص جواز الإحياء ، ولا فرق بين العين المملوكة والمشتركة بين المسلمين ، والمرجع في الرخاوة والصلابة إلى العرف ، وحريم بئر الناضح وهو البئر يسقى عليه للزرع وغيره ستون ذراعا من جميع الجوانب ، فلا يجوز إحياؤه بحفر بئر أخرى ولا غيرها وحريم بئر المعطن ، واحد المعاطن ، وهي مبارك الإبل عند الماء ليشرب ، قاله الجوهري والمراد البئر التي يستقى منها لشرب الإبل أربعون ذراعا من كل جانب.

الحديث الرابع : صحيح على المشهور.

وقال في الدروس : ولو استثنى جزءا معلوما صح مع الإشاعة ، ولو استثنى الرأس والجلد فالمروي الصحة فإن ذبحه فذاك ، وإلا كان البائع شريكا بنسبة القيمة.

٣٩٦

ثمنه دنانير قال فقال لصاحب الدرهمين خذ خمس ما بلغ فأبى قال أريد الرأس والجلد فقال ليس له ذلك هذا الضرار وقد أعطي حقه إذا أعطي الخمس.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين قال كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل أن يحفر قناة أخرى إلى قرية له كم يكون بينهما في البعد حتى لا يضر بالأخرى في الأرض إذا كانت صلبة أو رخوة فوقععليه‌السلام على حسب أن لا يضر إحداهما بالأخرى إن شاء الله قال وكتبت إليهعليه‌السلام رجل كانت له رحى على نهر قرية والقرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر ويعطل هذه الرحى أله ذلك أم لا فوقععليه‌السلام يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضر أخاه المؤمن.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أهل المدينة في مشارب النخل أنه لا يمنع

وابن إدريس تجوز استثناء الرأس والجلد ولا يتشاركان ، ولو اشتركوا في حيوان بالأجزاء المعينة لغا الشرط ، وكان بينهم على نسبة الثمن.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ولا يضر أخاه المسلم » حمل على ما إذا كان بناء الرحى بوجه لازم ، وإلا فالظاهر أن يد صاحب النهر أقوى أو على الكراهة ، أو على الحرمة مع عدم منع المالك ابتداء ، وفيه إشكال.

وقال الوالد العلامةرحمه‌الله : يظهر منه في بادي الرأي الحرمة ، لكن بعد إمعان النظر يظهر الكراهة إذا الظاهر أنه إن لم يكن التحويل جائزا لقال : « لا يجوز » ولم يمنعه بالموعظة والنصيحة ، ولو لم يكن هذا ظاهرا فهو محتمل.

وقال في الجامع : إذا كان للإنسان رحا على نهر لغيره ، وأراد صاحبه سوق الماء في غير النهر لم يكن له ذلك ، وتبعد القناة المتقدمة عليها بقدر ما لا يضر إحداهما بالأخرى.

الحديث السادس : مجهول.

٣٩٧

نفع الشيء وقضى صلوات الله عليه بين أهل البادية أنه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلإ وقال لا ضرر ولا ضرار.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أتى جبلا فشق فيه قناة ـ فذهبت قناة الأخرى بماء قناة الأولى قال فقال يتقاسمان بحقائب البئر ليلة ليلة فينظر أيهما أضرت بصاحبتها فإن رئيت الأخيرة أضرت بالأولى فلتعور.

قوله عليه‌السلام : « ليمنع به » قال في المسالك : المراد به أن الماشية ترعى بقرب الماء فإذا منع من الماء فقد منع من الكلاء لنفسه. انتهى.

وحمل في المشهور على الكراهة كما مر في باب بيع الماء ، ولا يبعد القول بأن للمسلمين حقا للشرب والوضوء والغسل والاستعمالات الضرورية كما يظهر منه ومن غيره.

قال في الدروس : الماء أصله الإباحة ، ويملك بالإحراز في إناء أو حوض وشبهه وباستنباط بئر أو عين أو إجرائها من المباح على الأقوى ، ولو كانوا جماعة ملكوه على نسبة عملهم لا على نسبة خرجهم إلا أن يكون تابعا للعمل ، ويجوز الوضوء والغسل وتطهير الثوب منه عملا بشاهد الحال إلا مع النهي ، ولا يجوز مما يحرز في الإناء وما يظن الكراهة فيه.

وقال في الجامع : يجوز بيع الشرب المملوك وحصة الماء منه مشاعة لمن ينتفع به أياما معلومة ، ويملك ما حازه في آنية أو بئر أو مصنع من المباح ، ولا يجوز بيعه في بئر تابعة ، وليس لأحد المنع من الماء المباح كالفرات ودجلة ، وإن أخذ منه في نهر هو ملكه جاز له بيع الفاضل عنه على كراهية.

الحديث السابع : مجهول.

قوله « فشق فيه قناة » (١) فجرى ماؤها سنة ، ثم إن رجلا أتى ذلك الجبل فشق منه قناة أخرى فذهبت إلى آخر الخبر.« والحقائب » جمع حقيبة ، وهي العجيزة ووعاء يجمع الراحل فيه زاده ، ويعلقه في مؤخر الرحل ، وحقب المطر أي

__________________

(١) في الفقيه وفي بعض نسخ الكتاب هكذا « فشقّ منه قناة ».

٣٩٨

٨ ـ علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن عبد الله بن مسكان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن سمرة بن جندب كان له عذق وكان طريقه إليه في جوف منزل رجل من الأنصار فكان يجيء ويدخل إلى عذقه بغير إذن من الأنصاري فقال له الأنصاري يا سمرة لا تزال تفاجئنا على حال لا نحب أن تفاجئنا عليها فإذا دخلت فاستأذن فقال لا أستأذن في طريق وهو طريقي إلى عذقي قال فشكا الأنصاري إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأرسل إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتاه فقال له إن فلانا قد شكاك وزعم أنك تمر عليه وعلى أهله بغير إذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل فقال يا رسول الله أستأذن في طريقي إلى عذقي فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خل عنه ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا فقال لا قال فلك اثنان قال لا أريد فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق فقال لا قال فلك عشرة في مكان كذا وكذا فأبى فقال خل عنه ولك مكانه عذق

تأخر واحتبس ، أي منتهى البئر ، والحاصل أنه يحبس كل ليلة ماء إحدى القناتين ، ليعلم أيتهما تضر بالأخرى. وفي التهذيب : « بجوانب البئر »(١) وفي النهاية :عورت الركية : إذا طممتها.

وقال في الجامع : قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في رجل احتفر قناة وأتى عليها سنة ثم حفر آخر إلى جنبها قناة أن يقاس الماء بجوانب البئر ليلة هذه ، وليلة هذه فإن أخذت الأخيرة ماء الأولى عورت الأخيرة ، وإن كانت الأولى أخذت ماء الأخيرة فلا شيء على صاحب الأولى لصاحب الأخيرة.

الحديث الثامن : مرسل.

وقال الصدوق في الفقيه(٢) بعد إيراد تلك الرواية : ليس هذا الحديث بخلاف الحديث الذي ذكرته أول هذا الباب من أنه قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في رجل باع نخله ، واستثنى نخلة ، فقضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ، لأن ذلك فيمن

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ١٤٥ ح ٢٩.

(٢) الفقيه ج ٣ ص ٩٩ ح ٩.

٣٩٩

في الجنة قال لا أريد فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن قال ثم أمر بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلعت ثم رمي بها إليه وقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انطلق فاغرسها حيث شئت.

( باب )

( جامع في حريم الحقوق )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في رجل باع نخلا واستثنى عليه نخلة فقضى له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول الله

اشترى النخلة مع الطريق إليها ، وسمرة كانت له نخلة ولم يكن له الممر إليها. انتهى.

ولا يخفى ما فيه إذ جواز الدخول والخروج لا ينافي وجوب الاستئذان وأمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالقلع كان لعدم قبوله الاستئذان تعزيرا ودفعا للضرر عن المسلم.

باب جامع في حريم الحقوق

الحديث الأول : مجهول.

وعليه الأصحاب ، قال في الدروس : لو باع واستثنى نخلة أو شجرة معينة فله المدخل والمخرج إليها ومدى جرائدها من الأرض.

الحديث الثاني : ضعيف.

ويشتمل على أحكام : الأول أن حريم بئر المعطن أربعون ذراعا ، والمعطن بكسر الطاء : واحد المعاطن وهي مبارك الإبل عند الماء ليشرب. قاله الجوهري. والمراد البئر التي يستقى منها لشرب الإبل ، وهو المشهور بين الأصحاب ، وقالوا : فلا يجوز إحياؤه بحفر بئر أخرى ولا غيرها ، وظاهر الخبر أنه لا يجوز حفر بئر

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

السماء ، شاخصا ببصره إلى نحو الأفق ، والريح تلعب بلحيته الشريفة يمينا وشمالا ، كأنه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وعن أبي مخنف : والرأس الشريف على رمح بيد شمر بن ذي الجوشن.

٥١٠ ـ دخول الناس من باب الخيزران :

(مقتل أبي مخنف ، ص ١٢١ و ١٢٤)

قال سهل بن سعد : ودخل الناس من باب الخيزران ، فدخلت في جملتهم ، وإذا قد أقبل ثمانية عشر رأسا ، وإذا السبايا على المطايا بغير وطاء ، ورأس الحسينعليه‌السلام بيد شمر ، وهو يقول :

أنا صاحب الرمح الطويل. أنا قاتل ذي الدين الأصيل. أنا قتلت ابن سيد الوصيين ، وأتيت برأسه إلى أمير المؤمنين (يزيد بن معاوية).

فقالت له أم كلثوم [بنت علي]عليه‌السلام : كذبت يا لعين بن اللعين ، ألا لعنة الله على القوم الظالمين. ويلك تفخر بقتل من ناغاه في المهد جبرائيل وميكائيل ، ومن اسمه مكتوب على سرادق عرش رب العالمين ، ومن ختم الله بجده المرسلين ، وقمع بأبيه المشركين. فمن أين مثل جدي محمّد المصطفى ، وأبي علي المرتضى ، وأمي فاطمة الزهراء؟!.

فأقبل عليها خولي وقال : تأبين الشجاعة وأنت بنت الشجاع.

ثم قال : وأقبلوا بالرأس إلى يزيد بن معاوية ، وأوقفوه ساعة إلى باب الساعات.وأوقفوه هناك ثلاث ساعات من النهار.

وقد ذكرنا سابقا أن باب الخيزران لا بدّ أن يكون إلى الغرب من باب الساعات ، أي في زقاق (سبع طوالع) شمالي المسجد الجامع ، وأن الناس دخلوا من باب الخيزران متوجهين إلى باب الساعات لرؤية الرؤوس والسبايا يدخلون من هناك.

الرأس الشريف يتكلم

تعددت الروايات في تكلّم رأس الحسينعليه‌السلام في عدة مواقف وأماكن ، منها الكوفة ودمشق وغيرهما. عدا عما جرى بين الرأس الشريف وبعض الرهبان من مكالمات ومحاورات ، كان من نتيجتها إسلامهم وهدايتهم. وقد ذكرنا ما جرى في

٤٤١

الكوفة من تلاوة الرأس الشريف لمقطع من سورة الكهف ولبعض الآيات الأخرى ، وذلك في الفقرتين رقم ٣٤٩ و ٣٥٠ من هذا الجزء.

والآن نذكر ما حصل في دمشق عند باب الفراديس وغيره.

٥١١ ـ الرأس الشريف يتكلم في دمشق :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٤)

في (القمقام) نقلا عن مناقب ابن شهر اشوب : سمعوا من الرأس الشريف يرفع صوته في دمشق الشام ويقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

وفي (الناسخ) عن منهال بن عمرو ، قال : لما أدخل الرأس الشريف إلى دمشق الشام ، رأيت رجلا يتلو القرآن أمام الرأس ، ويتلو سورة الكهف ، فلما وصل إلى هذه الآية :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) ، أشهد والله لقد سمعت الرأس المبارك قال بلسان طلق ذلق : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي.

٥١٢ ـ تكلم الرأس الشريف عند باب الفراديس :

(فرائد السمطين ، ج ٢ ص ١٦٩)

قال أبو الحسن العسقلاني بإسناده ، قال الأعمش : قلت لمسلمة بن كهيل : الله إنك سمعته منه؟. قال : الله إني سمعت منه في باب الفراديس في دمشق ، لا مثّل ولا شبّه لي ، وهو [أي رأس الحسين (ع)] يقول :( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (١٣٧) [البقرة : ١٣٧].

٥١٣ ـ النصارى في دمشق يحتشمون لأهل البيتعليه‌السلام أكثر من أدعياء الإسلام :

(العيون العبرى للميانجي ، ص ٥٦)

في (الدمعة الساكبة) قال سهل : وكان معي رقيق نصراني ، يريد بيت المقدس ، وهو متقلد بسيف تحت ثيابه ، فكشف الله تعالى عن بصره ، فسمع رأس الحسينعليه‌السلام يقرأ القرآن ويقول :( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) [إبراهيم : ٤٢] ، فأدركته السعادة ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله.

٤٤٢

ثم انتضى سيفه وحمل به على القوم ، وهو يبكي. فجعل يضرب فيهم ، فقتل منهم جماعة كثيرة ، فتكاثروا عليه فقتلوه ،رحمه‌الله .

فقالت أم كلثومعليه‌السلام : ما هذه الصيحة؟. فحكيت لها الحكاية. فقالت :وا عجباه ، النصارى يحتشمون لدين الإسلام ، وأمة محمّد الذين يزعمون أنهم على دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقتلون أولاده ويسبون حريمه! ولكن العاقبة للمتقين.

خبر هند زوجة يزيد

٥١٤ ـ من هي هند؟ :

هناك روايتان : إحداهما تقول بأنها هند بنت عمرو بن سهيل ، وكانت تحت عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبر معاوية زوجها على طلاقها لرغبة يزيد فيها ، كما حاول أن يفعل مع أرينب بنت اسحق زوجة عبد الله بن سلّام ، فباءت مساعيه بالفشل.

والرواية الثانية ، التي ذكرها الطبري في تاريخه عن أبي مخنف ، أنها هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز ، فلما قتل أبوها بقيت عند أمير المؤمنينعليه‌السلام . وعندما قبض أمير المؤمنينعليه‌السلام بقيت في دار الحسنعليه‌السلام . فسمع بها معاوية فأخذها من الحسنعليه‌السلام فزوّجها من ولده يزيد.

وفي خبر أنها كانت تحت الحسينعليه‌السلام فطلقها ، وتزوجها يزيد ، فبقيت عند يزيد إلى أن قتل الحسينعليه‌السلام [راجع معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٠٣].

٥١٥ ـ خبر هند مع زينب العقيلةعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٠٣)

لم يكن لهند بنت عبد الله علم بأن الحسينعليه‌السلام قد قتل. ولما قتل الحسينعليه‌السلام وأتوا بنسائه وبناته وأخواته إلى الشام ، دخلت امرأة على هند وقالت : يا هند هذه الساعة أقبلوا بسبايا ولم أعلم من أين هم؟. فلعلك تمضين إليهم وتتفرجين عليهم. فقامت هند ولبست أفخر ثيابها وتخمّرت بخمارها ، ولبست إزارها ، وأمرت خادمة لها أن تحمل الكرسي. فلما رأتها الطاهرة زينبعليه‌السلام التفتت إلى أختها أم كلثوم وقالت لها : أخيّة أتعرفين هذه الجارية.؟ قالت : لا والله. قالت لها : أخيّة هذي خادمتنا هند بنت عبد الله. فسكتت أم كلثوم ونكّست

٤٤٣

رأسها ، وكذلك زينب. فقالت هند : أخيّة أراك طأطأت رأسك!. فسكتت زينبعليه‌السلام ولم تردّ عليها جوابا. ثم قالت لها : أخية من أي البلاد أنتم؟. فقالت لها زينبعليه‌السلام : من بلاد المدينة. فلما سمعت هند بذكر المدينة نزلت عن الكرسي وقالت : على ساكنها أفضل السلام. ثم التفتت إليها زينب وقالت : أراك نزلت عن الكرسي. قالت هند : إجلالا لمن سكن في أرض المدينة. ثم قالت لها : أخية أريد أن أسألك عن بيت في المدينة. قالت لها الطاهرة زينب : اسألي ما بدا لك. قالت :أريد أن أسألك عن دار علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قالت لها زينبعليه‌السلام : وأين لك معرفة بدار عليعليه‌السلام .؟ فبكت وقالت : إني كنت خادمة عندهم. قالت لها زينب : وعن أيّما تسألين؟. قالت : أسألك عن الحسينعليه‌السلام وعن إخوته وأولاده وعن بقية أولاد عليعليه‌السلام ، وأسألك عن سيدتي زينب وعن أختها أم كلثوم وعن بقية مخدّرات فاطمة الزهراءعليه‌السلام . فبكت عند ذلك زينبعليه‌السلام بكاء شديدا ، وقالت لها : يا هند ، أما إن سألت عن دار عليعليه‌السلام فقد خلّفناها تنعى أهلها ، وأما إن سألت عن الحسينعليه‌السلام فهذا رأسه بين يدي يزيد ، وأما إن سألت عن العباسعليه‌السلام وعن بقية أولاد عليعليه‌السلام فقد خلّفناهم على الأرض مجزّرين كالأضاحي بلا رؤوس ، وإن سألت عن زين العابدينعليه‌السلام فها هو عليل نحيل لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام ، وإن سألت عن زينب فأنا زينب بنت علي ، وهذي أم كلثوم ، وهؤلاء بقية مخدّرات فاطمة الزهراءعليه‌السلام .

فلما سمعت هند كلام زينبعليه‌السلام رقّت وبكت ونادت : وا أماه وا سيداه وا حسيناه ، ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء ، ولا أنظر بنات فاطمة الزهراء على هذه الحالة. ثم تناولت حجرا وضربت به رأسها ، فسال الدم على وجهها ومقنعتها وغشي عليها. فلما أفاقت من غشيتها أتت إليها الطاهرة زينبعليه‌السلام وقالت لها : يا هند قومي واذهبي إلى دارك ، لأني أخشى عليك من بعلك يزيد. فقالت هند : والله لا أذهب حتى أنوح على سيدي ومولاي أبي عبد الله ، وحتى أدخلك وسائر النساء الهاشميات معي داري.

٤٤٤

عود على بدء

الموكب يدخل دمشق

٥١٦ ـ وصف موكب النصر :

مع إطلالة الأول من صفر كانت دمشق على أهبة الاستعداد لاستقبال موكب الرؤوس والسبايا ، موكب النصر والفرح ، والطرب والمرح. وقد اصطفّت الجنود والقواد على طول الطريق الّذي يمتد من باب توما إلى باب جيرون الداخلي ، الّذي يؤدي إلى منطقة القصور الملكية لبني أمية ، المجاورة للمسجد الجامع ، ومنها قصر يزيد ، حيث يزيد يقف مع بعض أعيانه على شرفة قصره. وقد أقيمت الزينات والأضواء في جميع الشوارع والمحلات ، وخرج الناس يشاركون الملك الضلّيل في بهجته وطربه بمناسبة نصره وغلبه

هذه هي المسيرات والعراضات تملأ الأزقة والطرقات والساحات ، وقد لبس الناس أزياءهم ، وتحلّوا بسيوفهم وأتراسهم إنه عيد دمشق العظيم ، بمناسبة قتل ريحانة سيد المرسلين ، وسبط الرسول الكريم ، سيد الشهداء الحسين (ع).

دخل موكب الرؤوس والسبايا من باب توما ، ثم عبروا الساحة العامة (آغورا) ، حتى وصلوا إلى باب جيرون الداخلي ، حيث أوقفوا هناك ساعة ليتفرج عليهم الناس ، ونصب الرأس على الباب ، ليراه كل شامت ومرتاب. ثم كان لا بدّ لزيادة التشهير بهم من تسييرهم إلى الأماكن الهامة ، فجاؤوا بالركب إلى باب الفراديس ، حيث علّق الرأس ساعة ، وقد غصّت الطرق بالناس ، سيّروه من هناك إلى باب داخلي مجاور هو باب الساعات الواقع جنوب باب الفراديس ، حيث علّق الرأس عليه ساعة أخرى وكان آخر مطافهم أن وصلوا إلى درج المسجد الجامع المتصل بالباب الشرقي للجامع ، فأدخلوا الرؤوس إلى قصر يزيد من بابه المجاور للدرج ، بينما أوقفوا السبايا على الدرج حيث يقام السبي ، لتمرّ أمامهم وفود الناس ، فتلقي عليهم نظرات الشماتة والازدراء ، مثلما تلقي عليهم حجارة من السباب والشتائم ، ويتصفح وجوههم القاصي والداني ، وهم في حالة محزنة مزرية ، وقد تمزقت ثيابهم وتقشرت وجوههم ، والقيود معقودة في أعناقهم ؛ من زين العابدينعليه‌السلام إلى زينب والنساء ، إلى الصبية والأطفال. وظلوا على درج السبي ثلاث ساعات ، حتى أذن لهم بالدخول على يزيد.

٤٤٥

لقد كان يوما حافلا في دمشق لم تشهد له مثيلا في التاريخ لقد انتصر يزيد وتغلّب ، مثلما انتصر أبوه من قبل وتسلّط ، ولكن نصر الأرض غير نصر السماء ، وغلبة الدنيا غير غلبة الدين( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٢٢٧) [الشعراء :٢٢٧].

٥١٧ ـ إيقاف السبايا على درج المسجد الجامع :

أجمعت الروايات على أن آخر محطة للسبايا قبل إدخالهم على يزيد هي درج المسجد الجامع حيث يقام السبي ، وذلك ليتسنى للناس المحتشدين أن يأتوا لرؤيتهم والتفرج عليهم. ريثما يأتي الأمر من يزيد لإدخالهم إلى قصره من الباب المجاور للدرج. وقد كان هذا الباب مفتوحا ، ثم سدّوه بالأحجار ، وتظهر آثار هذا الباب بوضوح في جدار القصر ، على يمين الصاعد على الدرج وقبل دخوله المسجد. (انظر المخطط السابق).

وهذه بعض الروايات :

في (نور العين) للإسفراييني ، ص ٨٩ :

ثم ازدحم الناس ، حتى خرجوا من باب الساعات ، والنساء مكشوفات الوجوه ، والرؤوس على الرماح. فقال أهل الشام : والله ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء ، فمن أنتم؟. فقالت سكينة بنت الحسينعليه‌السلام : نحن سبايا آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم أتوا حتى وقفوا بهم على باب القصر ، [حمدا(١) حدقت] النظّار إلى زين العابدينعليه‌السلام وهو موثوق بالرباط.

وفي رواية ابن أعثم والخوارزمي :

ثم أتي بهم حتى وقفوا (أقيموا) على درج باب المسجد (الجامع) حيث يقام السبي.

٥١٨ ـ إيقاف السبايا ثلاث ساعات قبل أن يؤذن لهم بالدخول :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٩)

وأوصلوا الرؤوس والنساء وقت الزوال إلى باب دار يزيد بن معاوية ، وهم في

__________________

(١) كذا في الأصل ، ولعل الصحيح [وقد أحدقت].

٤٤٦

تعب شديد من كثرة الإزدحام ، فأوقفوا ثلاث ساعات ليأذن لهم يزيد بالدخول.فصاح صائح : هؤلاء سبايا أهل بيت الخارجي الملعون.

٥١٩ ـ الشيخ المغرّر به :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦١ ؛

ولواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٩٢ ؛ ومقتل المقرم ص ٤٤٨)

في (تاريخ مختصر الدول) لابن العبري ، ص ١٩٠ : فأمر يزيد نساء الحسين وبناتهعليه‌السلام فأقمن بدرج المسجد ، حيث توقف الأسارى ، لينظر الناس إليهم.

وإذا شيخ أقبل ، فدنا من نساء الحسينعليه‌السلام وعياله ، وقال : الحمد لله الّذي قتلكم وأهلككم وأراح العباد (البلاد) من رجالكم ، وأمكن أمير المؤمنين منكم.

يقول السيد عبد الرزاق المقرم : ههنا أفاض الإمام السجّادعليه‌السلام من لطفه على هذا المسكين المغترّ بتلك التمويهات ، لتقريبه من الحق وإرشاده إلى السبيل.وهكذا أهل البيتعليه‌السلام تشرق أنوارهم على من يعلمون صفاء قلبه وطهارة طينته واستعداده للهداية".

فقال له علي بن الحسينعليه‌السلام : يا شيخ هل قرأت القرآن؟. قال : نعم. قال :فهل قرأت هذه الآية :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟[الشورى : ٢٣]. قال الشيخ : قرأتها ؛ قالعليه‌السلام : فنحن القربى. يا شيخ فهل قرأت في بني إسرائيل:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) [الإسراء : ٢٦]؟. فقال : قد قرأت ذلك ؛ فقالعليه‌السلام : فنحن القربى. يا شيخ فهل قرأت هذه الآية :( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) [الأنفال : ٤١]؟. قال : نعم ؛ فقالعليه‌السلام : فنحن القربى.يا شيخ ولكن هل قرأت هذه الآية :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣]؟. قال : قد قرأت ذلك ؛ فقالعليه‌السلام : فنحن أهل البيت الذين اختصّنا الله بآية الطهارة يا شيخ.

فبقي الشيخ ساكتا ساعة ، نادما على ما تكلم به ، وقال : بالله إنكم هم؟!. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : تالله إنا لنحن هم من غير شك ، وحقّ جدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنا لنحن هم!. فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : الله م إني أتوب إليك من بغض هؤلاء ، وإني أبرأ إليك من عدوّ محمّد وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الجن والإنس.

٤٤٧

ثم قال : هل من توبة؟. فقال لهعليه‌السلام : نعم ، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا. فقال : أنا تائب.

فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ ، فأمر به فقتل.

٥٢٠ ـ تزيين دار يزيد ونصب السرير له :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للزنجاني ، ص ٣٨٣)

ولما أدخلوا الرؤوس والسبايا دمشق الشام ، أمر يزيد فزيّنت داره بأنواع الزينة ، ونصب ليزيد سرير مرصّع ، ونصب أطراف سريره كراسي من الذهب والفضة.وجلس يزيد في سريره ، وعلى رأسه تاج مكلل بالدرّ والياقوت ، وحوله أربعمائة نفر من الأمراء والأعيان والسفراء ، وسفراء الملوك من النصارى وغيرهم ، وحوله كثير من مشايخ قريش.

٥٢١ ـ دار الخضراء وقصر يزيد :

لما أصبح معاوية حاكما لدمشق ، بنى في الجنوب الشرقي من المسجد الجامع دارا له ، وجعلها قصرا للإمارة ، وسماها (دار الخضراء). وبعد أن ضرب على فخذه أثناء صلاته في المسجد ، جعل بابا يصل بين داره والمسجد مباشرة ، وجعله خاصا به ، وجعل له مقصورة عالية في المسجد يصلي فيها بعيدا عن الناس.

ولما ولي يزيد الحكم جعل لسكنه قصرا ملاصقا للمسجد من الجهة الشمالية الشرقية [انظر الشكل ٢٤]. ولعله فعل ذلك ليعزل دار سكنه عن دار الخضراء التي خصّصها لشؤون الحكم.

وجعل لقصره عدة أبواب ، منها باب رئيسي من الشمال (١) ، وباب يدخل منه إلى المسجد مباشرة (٢) ، وباب مجاور لباب جيرون (٣) الّذي هو الباب الشرقي للمسجد ، وهذا الباب (٣) مسدود الآن ، ومنه أدخلت الرؤوس والسبايا على يزيد.ويقع مشهد رأس الحسينعليه‌السلام قريبا من هذا الباب في غرفة ملاصقة للمسجد ، لأن يزيد بيّت رأس الحسينعليه‌السلام هناك ليلة ، قبل صلبه على باب قصره ، ثم على باب المسجد ، ثم على إحدى منارات المسجد. وتذكر بعض الروايات أنه في هذا المكان دفن رأس الحسينعليه‌السلام قبل نقله إلى كربلاء.

ولا يبعد أن يكون حمام النوفرة الحالي جزءا من قصر يزيد. وإذا دخلنا في أول زقاق بعد الحمام نجد الأحجار الكبيرة التي تشكّل الحائط الشرقي للقصر ، حيث

٤٤٨

(الشكل ٢٤) : دار الخضراء

وقصر يزيد الملاصق للمسجد على يمين الداخل من باب جيرون

كان يزيد يجلس على إحدى الشرفات ، يمتّع نظره بمنظر قدوم سبايا أهل البيتعليه‌السلام ورؤوس قتلاهم ، وهم مقبلون من باب جيرون الداخلي نحو المسجد.

ونلاحظ من جهة الشمال أن جدار القصر يحاذي تماما جدار المسجد الجامع ، وله هناك باب فخم ، كان بابا للثانوية التجارية ، ثم أصبح المكان اليوم بيوتا ومحلات تجارية.

ويمثّل مشهد رأس الحسينعليه‌السلام جزءا صغيرا من القصر ، وهو الجزء الغربي الملاصق للمسجد ، وهو صلة الوصل بين القصر والمسجد ، ومنه كان يدخل يزيد إلى صحن المسجد مباشرة.

ـ تاريخ قصر يزيد :

(الآثار الإسلامية في مدينة دمشق لكارل لتسينغر ، ص ١٢٧)

قال كارل عن قصر يزيد : البناء هو دار عطا العجلاني اليوم ، كانت في السابق مقرا لمدرسة شيخ المشايخ. أما في الأصل فقد كان المكان قصرا ليزيد بن معاوية

٤٤٩

[٦٨٠ ـ ٦٨٣ م]. لاحظ قطع الحجاة الكلاسيكية في الجزء السفلي من الجدار الشرقي للبناء نفسه. وكان البناء يستخدم سجنا في أيام ابن شاكر ، وكان يعرف بالبيت الحجري (احترق سنة ٥٦٢ ه‍].

هذا وتقع إلى الشمال من باب جيرون ، وإلى الشرق من مشهد علي (في الجامع الأموي) المدرسة الرواحية (نسبة إلى ابن رواحة المتوفى سنة ٦٢٢ ه‍) والمدرسة الدولعية (التي أنشأها العلامة جمال الدين الدولعي المتوفى سنة ٦٣٥ ه‍) ، وكان بيت خديجة يقع إلى الجوار منهما. تضم الباحة جزءا من واجهة تتمتع بقوسين أصمّين ، وتتناوب فيها المداميك الملونة. ترجع هذه الواجهة إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي [التاسع الهجري].

إدخال الرؤوس على يزيد

٥٢٢ ـ مدخل حول ترتيب الحوادث من الزوال في اليوم الأول من صفر :

الروايات متداخلة ، لا يظهر منها بشكل حاسم ، هل أدخلت السبايا إلى يزيد مع الرؤوس ، أم أحدهما سبق الآخر. لكننا نرجح أن إدخال الرأس الشريف كان سابقا ، لقولهم: "رمي الرأس بين يدي يزيد ...".

ثم أمر يزيد بإنزاله من على الرمح ، وإعداده ليعرض في مجلس عام مع السبايا.وبعد ثلاث ساعات أدخل السبايا إلى مجلس يزيد ، وحصلت ملاسنات بين الإمام زين العابدينعليه‌السلام ويزيد الماكر.

وبعد توضيب الرأس الشريف وتسريحه ، أدخل إلى مجلس يزيد ـ مع بقية الرؤوس ـ على طشت من ذهب. وقد كان يزيد استدعى الأعيان والوزراء ، ليشاركوه في بهجته وسروره.

ولما شرع يزيد يضرب ثنايا الحسينعليه‌السلام بالقضيب ، اعترض عليه الصحابي أبو برزة الأسلمي وعنّفه. وحين تمثّل يزيد بأبيات ابن الزبعرى المشرك (ليت أشياخي ببدر شهدوا ...) ردّ عليه زين العابدينعليه‌السلام ، وكذلك العقيلة زينبعليه‌السلام .

ثم دخل شمر إلى المجلس وطلب من يزيد الجائزة على إنجازه للمهمة. ثم دخلت هند زوجة يزيد إلى مجلسه مستنكرة عليه عمله الشائن.

٤٥٠

هذه الحوادث كلها حدثت في اليوم الأول من دخول السبايا إلى دمشق ، وذلك من الظهر إلى المغرب ، وكان آخرها قصة الشامي الّذي طلب إحدى بنات الحسينعليه‌السلام ليتخذها جارية له يتسرى بها. ثم أودع يزيد السبايا في حبس الخربة.

أما بقية الحوادث المروية ، فيمكن أنها حدثت في أيام تالية متفرقة. منها قصة رأس الجالوت ، وقصة جاثليق النصارى ، وقصة رسول ملك الروم. لأن يزيد كان كل يوم يقيم مجلسا عاما ، ويحضر فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، ويشرب الخمر. ولعله في بعضها كان يحضر زين العابدينعليه‌السلام والسبايا أيضا ، وفي إحدى المرات كان خطاب زين العابدينعليه‌السلام على منبر مسجد دمشق ، وذلك يوم الجمعة التالي.

٥٢٣ ـ لؤم محفّر بن ثعلبة الأنصاري :(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٢)

ورفع محفّر بن ثعلبة الأنصاري صوته مناديا على باب يزيد : جئنا برأس أحمق الناس وألأمهم!. فقال يزيد : ما ولدت أم محفّر ألأم وأحمق منه ، ولكنه [أي الحسين] قاطع ظالم.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٨ : قال ابن محفّز : يا أمير المؤمنين ، جئناك برؤوس هؤلاء الكفرة اللئام!. فقال يزيد : ما ولدت أم محفّز أكفر وألأم وأذمّ.

وفي رواية (لواعج الأشجان) ص ١٩١ : فلما انتهوا إلى باب يزيد رفع محفّر بن ثعلبة صوته فقال : هذا محفّر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة. فأجابه علي بن الحسينعليه‌السلام : ما ولدت أم محفّر أشرّ وألأم.

٥٢٤ ـ إدخال حملة الرؤوس على يزيد :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٩)

فخرج حجّاب يزيد وأدخلوا الذين معهم الرؤوس. فلما دخلوا على يزيد قالوا : بعزّة الأمير قتلنا أهل بيت أبي تراب واستأصلناهم.

وفي (نفس المهموم) : رمي الرأس بين يدي يزيد.

٥٢٥ ـ موقف مروان بن الحكم وأخيه عبد الرحمن من أعمال يزيد :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٤ ط ٢)

قال أبو مخنف : ثم أتوا بالرأس إلى باب الساعات ، فوقفوا هناك ثلاث ساعات ، يطلبون الإذن من يزيد.

٤٥١

فبينما هم كذلك ، إذ خرج مروان بن الحكم. فلما نظر إلى رأس الحسينعليه‌السلام صار ينظر إلى أعطافه جذلا طربا. ثم خرج أخوه عبد الرحمن ، فلما نظر إلى الرأس بكى ، ثم قال: أما أنتم فقد حجبتم عن شفاعة جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله

لا جامعتكم على أمر أبدا.

ثم قال : بالعزيز عليّ يا أبا عبد الله ما نزل بك ، ثم أنشأ يقول :

سميّة أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل!

إمام غريب الطفّ أدنى(١) برأسه

من ابن زياد وهو في العالم الرّذل

٥٢٦ ـ حامل الرأس يشرح ليزيد ما حدث في كربلاء :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٨)

قال أبو مخنف : وأقبلوا بالرأس إلى باب الساعات ، وأوقفوه هناك ثلاث ساعات. ثم أتوا به إلى يزيد بن معاوية ، وكان مروان جالسا إلى جنبه. فسألهم :كيف فعلتم به؟. فقالوا: جاءنا في ثمانية عشر من أهل بيته ونيّف وخمسين من أنصاره ، فسألناهم أن ينزلوا على حكم الأمير أو القتال ، فاختاروا القتال. فقتلناهم عن آخرهم ، وهذه رؤوسهم ، والسبايا على المطايا.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٦ : فأطرق يزيد ساعة ثم رفع رأسه وبكى ، وقال : والله يا هذا لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. أما والله لو صار إليّ لعفوت عنه. ولكن قبّح الله ابن مرجانة (يقصد ابن زياد).

فجعل مروان بن الحكم يهزّ أعطافه ، وأنشد يقول :

يا حبّذا بردك في اليدين

ولونك الأحمر في الخدّين

شفيت نفسي من دم الحسين

أخذت ثأري وقضيت ديني

وفي (مقدمة مرآة العقول للمجلسي) للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٣٠٤ :

روى الطبري وغيره قال : لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد ؛ رأس الحسينعليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه ، قال يزيد :

__________________

(١) أدنى : أكثر دنوا. أي كيف يكون إمام قتل في طف كربلاء غريبا ، أدنى من ابن زياد الوضيع حسبا ونسبا؟!.

٤٥٢

يفلّقن هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال يحيى بن الحكم أخو مروان ، وكان في المجلس :

لهام بجنب الطفّ أدنى قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل(١)

سميّة أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل(٢)

فضرب يزيد في صدر يحيى ، وقال : اسكت.

(وفي رواية) : أنه أسرّ إليه ، وقال : سبحان الله أفي هذا الموضع ما يسعك السكوت!.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٧ : فقال يزيد : نعم!. فلعن الله ابن مرجانة إذ أقدم على قتل مثل الحسين بن فاطمة. أما والله لو كنت أنا صاحبه لما سألني خصلة إلا أعطيته إياها ، ولدفعت عنه الحتف بكل ما استطعت ، ولو بهلاك بعض ولدي. ولكن إذا قضى الله أمرا لم يكن له مردّ.

وروي أن يزيد نظر إلى عبد الرحمن ، وقال : سبحان الله ، أفي هذا الموضع تقول ذلك ، أما يسعك السكوت!.

وفي (العقد الفريد) لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣٠٨ : لما وضع الرأس بين يدي يزيد تمثّل بقول حصين بن الجاحم المزني :

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال له علي بن الحسينعليه‌السلام وكان في السبي : كتاب الله أولى بك من الشعر ، يقول الله :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) (٢٣) [الحديد : ٢٢ ـ ٢٣].

فغضب يزيد ، وجعل يعبث بلحيته. ثم قال : غير هذا من كتاب الله أولى بك وبأبيك ، قال الله :( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (٣٠) [الشورى : ٣٠].

__________________

(١) الوغل : المدعي نسبا كاذبا.

(٢) في البيت الثاني إقواء ، وهو من عيوب الشعر. والإقواء : كسر القافية وضمّها.

٤٥٣

٥٢٧ ـ استنكار هند بنت عبد الله لأعمال زوجها يزيد :

(مقتل أبي مخنف ، ص ١٢٥)

قال أبو مخنف : فسمعته هند بنت عبد الله زوجة يزيد ، وكان مشغوفا بها.

قال : فدعت برداء فتردّت به ، وتقنّعت ووقفت من وراء الستر ، وقالت ليزيد : هل معك أحد؟. قال : أجل. فأمر من كان عنده بالانصراف. وقال : ادخلي ، فدخلت.

قال : فنظرت إلى رأس الحسينعليه‌السلام فصرخت ، وقالت : ما هذا الّذي معك؟.فقال : رأس الحسين بن علي. قال : فبكت وقالت : يعزّ والله على فاطمة أن ترى رأس ولدها بين يديك. لقد فعلت فعلا استوجبت به اللعن من الله ورسوله. (وفي رواية المنتخب ، ص ٤٨٥) : «ويحك ، فعلت فعلة استوجبت بها النار يوم القيامة».والله ما أنا لك بزوجة ولا أنت لي ببعل. فقال لها : ما أنت وفاطمة؟!. فقالت :بأبيها وبعلها وبنيها هدانا الله وألبسنا هذا القميص. ويلك يا يزيد ، بأي وجه تلقى الله ورسوله؟!. فقال لها : يا هند دعي هذا الكلام.

(وفي رواية): " ارتدعي يا هند من كلامك هذا ، والله ما أخبرت بذلك ولا أمرت به". فخرجت باكية وتركته.

وفي (معالي السبطين) للمازندراني ، ج ٢ ص ١٧٥ : فقامت [هند] وحسرت رأسها وشقّت الثياب وهتكت الستر ، وخرجت حافية إلى يزيد وهو في مجلس عام ، وقالت : يا يزيد أنت أمرت برأس الحسينعليه‌السلام يشال على الرمح عند باب الدار؟. أرأس ابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصلوب على فناء داري؟!.

يقول الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥١٦ : ويظهر أن استنكار هذه المرأة الحرة لأعمال يزيد ، ودخولها على مجلسه ، حدث عدة مرات :

الأولى : في اليوم الأول بعد انصراف الناس من المجلس ، وهو المشار إليه أولا.

الثانية : بعد صلب الرأس على باب القصر ، وهو المشار إليه ثانيا.

الثالثة : رؤيا هند قبيل تسيير السبايا إلى المدينة. وكان ذلك الإستنكار من دوافع يزيد إلى الإسراع في تسيير السبايا إلى المدينة والتخلص منهم.

٤٥٤

٥٢٨ ـ شمر يطلب الجائزة من يزيد :(أسرار الشهادة للدربندي ، ٤٩٨)

ثم دخل عليه الشمر وجعل يقول :

املأ ركابي فضة أو ذهبا

إني قتلت السيّد المهذّبا

قتلت خير الناس أما وأبا

وأكرم الناس جميعا حسبا

سيد أهل الحرمين والورى

ومن على الخلق معا منتصبا

طعنته بالرمح حتى انقلبا

ضربته بالسيف ضربا عجبا

قال : فنظر إليه يزيد شزرا ، وقال له : أملأ الله ركابك نارا وحطبا ، إذا علمت أنه خير الناس أما وأبا ، فلم قتلته؟!. قال شمر : أطلب بذلك الجائزة من عندك.

قال : فلكزه يزيد بزبال سيفه ، وقال : لا جائزة لك عندي ، فولّى هاربا( خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) [الحج : ١١].

إدخال السبايا على يزيد في مجلس عام

٥٢٩ ـ علي بن الحسينعليه‌السلام أول من دخل :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٢)

قيل : إن أول من دخل شمر بن ذي الجوشن بعلي بن الحسينعليه‌السلام ، مغلولة يداه إلى عنقه. فقال له يزيد : من أنت يا غلام؟. قال : أنا علي بن الحسين. فأمر برفع الغل عنه.

٥٣٠ ـ إدخال آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مجلس يزيد :

(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٣٠٤)

روى الطبري قال :

جلس يزيد بن معاوية ، ودعا أشراف أهل الشام ، فأجلسهم حوله. ثم دعا بعلي ابن الحسينعليه‌السلام وصبيان الحسين ونسائه ، فأدخلوا عليه ، والناس ينظرون.

وروى سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ١٤٩ وغيره : أن الصبيان والصبيات من بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا موثّقين في الحبال.

٤٥٥

٥٣١ ـ عدد الذكور الذين أدخلوا على يزيد :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ص ٥)

قال : وذكروا أن أبا معشر قال : حدثني محمّد بن الحسين بن علي ، قال : دخلنا على يزيد ، ونحن اثنا عشر غلاما ، مغلّلين في الحديد وعلينا قميص. فقال يزيد :أخلصتم أنفسكم بعبيد أهل العراق؟. وما علمت بخروج أبي عبد الله حين خرج ، ولا بقتله حين قتل!.

٥٣٢ ـ كيف ادخل السبايا على يزيد وهم مربوطون بالحبال :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٢)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : أتى بنا يزيد بن معاوية بعدما قتل الحسين بن عليعليه‌السلام ونحن اثنا عشر غلاما ، وكان أكبرنا يومئذ علي بن الحسينعليه‌السلام ، فأدخلنا عليه ، وكان كل واحد منا مغلولة يده إلى عنقه.

وفي (الأنوار النعمانية) : أدخلوهن [أي السبايا] وهن مربقات بحبل طويل ، وزحر ابن قيس يجرّهن.

وفي (المنتخب) قال علي بن الحسينعليه‌السلام : لما وفدنا على يزيد ، أتونا بحبل وربقونا مثل الأغنام. وكان الحبل بعنقي وعنق أم كلثوم ، وبكتف زينب وسكينة والبناتعليه‌السلام . وساقونا ؛ وكلما قصّرنا عن المشي ضربونا ، حتى أوقفونا بين يدي يزيد ، وهو على سرير مملكته.

٥٣٣ ـ من الّذي غلب؟ يزيد أم الحسينعليه‌السلام ؟ :

(المصدر السابق ، ص ٩٤)

قال المفيد : فلما انتهوا إلى باب يزيد ، استقبلهم إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله ، وقال : يا علي بن الحسين ، من غلب؟. وهو يغطي وجهه. فقال له علي بن الحسينعليه‌السلام : إذا أردت أن تعلم من غلب ، ودخل وقت الصلاة ، فأذّن وأقم (تعرف من غلب).

٥٣٤ ـ نساء يزيد يولولن عند دخول السبايا :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٠)

وفي خبر عن (الأمالي) : ثم أدخل نساء الحسينعليه‌السلام على يزيد بن معاوية ،

٤٥٦

فصاحت نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله ، وولولن وأقمن المآتم ، ووضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يديه.

وقال السيد ابن طاووس : ثم أدخل ثقل الحسينعليه‌السلام ونساؤه ومن تخلّف من أهله على يزيد ، وهم مقرّنون في الحبال ، وزين العابدينعليه‌السلام مغلول. فلما وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال ، قال له علي بن الحسينعليه‌السلام : أنشدك الله يا يزيد ، ما ظنّك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو رآنا على هذه الصفة؟.(فلم يبق في القوم أحد إلا وبكى). فأمر يزيد بالحبال فقطّعت (وأمر بفكّ الغلّ عن زين العابدين). ثم وضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يديه ، وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه.

محاورة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ليزيد

٥٣٥ ـ يزيد يتعرف على السبايا ويسأل عن أسمائهن :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٦ ط ٢)

ثم إن يزيد أمر بإحضار السبايا ، فأحضروا بين يديه. فلما حضروا عنده جعل ينظر إليهن ، ويسأل من هذه ، من هذا؟. فقيل : هذه أم كلثوم الكبرى ، وهذه أم كلثوم الصغرى ، وهذه صفيّة ، وهذه أم هاني ، وهذه رقية : بنات عليعليه‌السلام . وهذه سكينة ، وهذه فاطمة : بنتا الحسينعليه‌السلام ، وهذا علي بن الحسينعليه‌السلام .

فالتفت اللعين إلى سكينة ، وقال : يا سكينة أبوك الّذي جهل حقي ، وقطع رحمي ، ونازعني في ملكي!.

٥٣٦ ـ تقريع سكينة ليزيد :(المصدر السابق ، ص ٤٨٦)

فبكت سكينةعليه‌السلام وقالت : لا تفرح بقتل أبي ، فإنه كان مطيعا لله ولرسوله ، ودعاه إليه فأجابه ، وسعد بذلك. وإن لك يا يزيد بين يدي الله مقاما يسألك عنه ، فاستعدّ للمسألة جوابا ، وأنّى لك الجواب!.

وفي (أسرار الشهادة) للفاضل الدربندي ، ص ٥٠٠ :

عن (الأنوار النعمانية) : أن الحريم لما دخلن في السبي على يزيد ، وكان يطلع فيهن ويسأل عن كل واحدة بعينها ، وهن مربقات بحبل طويل ، وزجر بن قيس يجرّهن ، حتى أقبلت امرأة ، وكانت تستر وجهها بزنديها ، لأنها لم يكن لها خرقة تستر بها وجهها ، فقال : من هذه التي ليس لها ستر؟. قالوا : سكينة بنت

٤٥٧

الحسين (ع). قال : أنت سكينة؟ فسالت دموعها على خدها ، واختنقت بعبرتها.فسكت عنها حتى كادت أن تطلع روحها من البكاء. فقال لها : وما يبكيك؟. قالت :كيف لا تبكي من ليس لها ستر تستر به وجهها ورأسها عنك!. فبكى يزيد وأهل مجلسه.

ثم قال : لعن الله عبيد الله بن زياد ، ما أقوى قلبه على آل الرسول!. ثم أقبل إليها وقال : ارجعي مع النسوة ، حتى آمر بكنّ أمري.

٥٣٧ ـ زين العابدينعليه‌السلام يستثير عطف يزيد على السبايا :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠١)

وفي رواية (الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي : ثم أمر بعلي بن الحسينعليه‌السلام وأدخل إليه مغلولا. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : يا يزيد لو رآنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مغلولين لفكّه عنا ؛ فأمر بفكّه عنه. فقالعليه‌السلام : لو رآنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بعد لأحب أن يقرّبنا إليه ؛ فأمر به فقرّب منه.

إدخال الرأس المطهّر

٥٣٨ ـ إعداد الرأس الشريف :

قال سهل بن سعد : فدخلت مع من دخل لأنظر ما يصنع يزيد. فأمر بحطّ الرأس عن الرمح ، وأن يوضع في طشت ذهب ، ويغطى بمنديل ديبقي [أي منسوج من الشعر المضفور] ، ويدخل به عليه.

٥٣٩ ـ تسريح شعر الرأس الشريف ولحيته :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٣)

عن (مستدرك الوسائل) للنوري ، عن زهرة بل الرياض ، قال :

وضعوا الرأس بين يديه بعدما غسّلوه ، وسرّحوا لحيته وشعره ، وجعلوه في طشت.

وفي (أخبار الدول) للقرماني ، ص ١٠٨ قال :

فلما وضع الرأس بين يديه يزيد ، بعدما غسّلوه ، وسرّحوا لحيته وشعره ، وجعلوه في طشت من ذهب ؛ فجعل يزيد ينكت ثناياه بقضيب في يده.

٤٥٨

٥٤٠ ـ يزيد يبدي اشمئزازه من رائحة رأس الحسينعليه‌السلام :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٥٦)

ثم جيء برأس الحسينعليه‌السلام فوضع بين يدي يزيد ، فأمر الغلام فرفع الثوب الّذي كان عليه. فحين رآه غطّى وجهه بكمّه كأنه شمّ رائحة ، وقال : الحمد لله الّذي كفانا المؤن بغير مؤنة( كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ) [المائدة : ٦٤].

٥٤١ ـ رائحة المسك تفوح من الرأس الشريف :

(المصدر السابق)

قالت (دبا) حاضنة يزيد : دنوت من رأس الإمام الحسينعليه‌السلام حين شمّ يزيد منه رائحة لم تعجبه ، فإذا تفوح منه رائحة من روح الجنة كالمسك الأذفر ، بل أطيب.

وفي (سفينة البحار) ج ١ ص ٤٩٢ :

روي : أنه لما أدخل بالرأس الشريف على يزيد ، كان للرأس طيب قد فاح على كل طيب.

٥٤٢ ـ يزيد يطلب إحضار الرأس الشريف بين يديه :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٤ ط ٢)

يقول الطريحي : ثم إن يزيد بعث يطلب الرأس ، فلما أوتي به إليه ، وضعه في طشت من ذهب ، وجعل ينكث ثناياه بقضيب كان عنده ، وهو يقول : رحمك الله يا حسين ، لقد كنت حسن المضحك. ثم أنشأ :

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

ويقول السيد الأمين في (اللواعج) ص ١٩٥ :

ثم وضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يدي يزيد ، وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه.

ويقول السيد المقرّم في مقتله ، ص ٤٥٥ :

ودعا يزيد برأس الحسينعليه‌السلام ووضعه أمامه في طست من ذهب ، وكان النساء خلفه. فقامت سكينة وفاطمة تتطاولان النظر إليه ، ويزيد يستره عنهما ، فلما رأينه صرخن بالبكاء.

٤٥٩

٥٤٣ ـ ما فعلته زينبعليه‌السلام لما رأت الرأس الشريف :

(لواعج الأشجان ، ص ١٩٥)

وأما زينبعليه‌السلام فإنها لما رأت رأس الحسينعليه‌السلام أهوت إلى جيبها فشقّته ، ثم نادت بصوت حزين يقرّح القلوب : يا حسيناه ، يا حبيب رسول الله ، يابن مكة ومنى ، يابن فاطمة الزهراء سيدة النساء ، يابن بنت المصطفى.

قال الراوي : فأبكت والله كلّ من كان حاضرا في المجلس ، ويزيد ساكت ، وهو بذاك شامت.

٥٤٤ ـ فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام تستنكر على يزيد فعله :

(الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ، ص ١٧٦)

ثم إنه أدخل نساء الحسين والرأس بين يديه ، فجعلت فاطمة وسكينة تتطاولان لتنظرا إلى الرأس ، وجعل يزيد يستره عنهما. فلما رأينه صرخن وأعلنّ بالبكاء ، فبكت لبكائهن نساء يزيد وبنات معاوية ، فولولن وأعلنّ الصوت.

وفي (أسرار الشهادة) للفاضل الدربندي ، ص ٥٠٠ :

قال سهل بن سعد : ووضع الرأس الشريف في حقّة ، وأدخل على يزيد ، وهو جالس على السرير ، وحوله كثير من مشايخ قريش.

وفي (مقتل الحسين لأبي مخنف المنقول من تاريخ الطبري) ص ٢١٧ :

فقالت فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وكانت أكبر من سكينة : أبنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا يا يزيد؟.(أيسرك هذا؟). فقال يزيد : يا ابنة أخي (والله ما يسرّني) وأنا لهذا كنت أكره. قالت : والله ما ترك لنا خرص. قال : يا ابنة أخي ما أتى إليك أعظم مما أخذ منك.

فبكى الناس ، وبكى أهل داره ، حتى علت الأصوات.

٥٤٥ ـ سكينةعليه‌السلام تشهد على قساوة يزيد :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٥٥ ط ٣)

ووضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يدي يزيد ، فقالت سكينة : ما رأيت أقسى قلبا من يزيد ، ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرّا منه ، ولا أجفى منه.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800