موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494166 / تحميل: 5860
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

واشتدّ العطش بالحسين فمنعوه(١) . فحصل له شربة ماء ، فلما أهوى ليشرب رماه حصين بن نمير بسهم في حنكه ، فصار الماء دما. ثم رفع يده إلى السماء وهو يقول :الله م أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على الأرض منهم أحدا.

ويقول الدينوري في (الأخبار الطوال) ص ٢٥٨ :

وعطش الحسينعليه‌السلام فدعا بقدح من ماء ، فلما وضعه في فيه ، رماه الحصين بن نمير بسهم فدخل فمه ، وحال بينه وبين شرب الماء ، فوضع القدح من يده.

١٤١ ـ إصابة الحسينعليه‌السلام في شفتيه :

ويقول سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٦٢ :

ورماه حصين بن تميم بسهم فوقع في شفتيه ، وهو يبكي ويقول : الله م إني أشكو إليك ما يفعل بي وبإخوتي وولدي وأهلي.

ثم اشتد به العطش ، فهمّ أن يلقي نفسه بين القوم ، ثم شرفت نفسه عن ذلك.

ويقول الذهبي في (سير أعلام النبلاء) ص ٣٠٢ :

وعطش الحسينعليه‌السلام ، فجاءه رجل بماء فتناوله ، فرماه حصين بن تميم بسهم ، فوقع في فيه ، فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله.

١٤٢ ـ قصة الّذي شكّ الحسينعليه‌السلام بسهم في شدقه ، فدعا عليه الحسينعليه‌السلام فكان يشرب ولا يرتوي حتى مات :

(مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢١٤ ط نجف)

قال ابن عيينة : أدركت من قتلة الحسينعليه‌السلام رجلا كان يستقبل الراوية

[أي ظرف الماء] ولا يروى. وذلك أنه نظر إلى الحسينعليه‌السلام وقد أهوى إلى فيه بماء وهو يشرب ، فرماه بسهم. فقال الحسينعليه‌السلام : لا أرواك الله من الماء في دنياك ولا آخرتك.

(وفي رواية) : إن رجلا من كلب رماه بسهم فشكّ شدقه ، فقال الحسينعليه‌السلام :لا أرواك الله. فعطش الرجل حتى ألقى نفسه في الفرات ، وشرب حتى مات.

__________________

(١) على ذكر عطش الحسينعليه‌السلام يحضرني قول الأستاذ برهان بخاري :

إن أجمل بيت شعر قرأته عن الظمأ وعطش الحسين ، هو قول شوقي :

ظمئت ومثلي بريّ أحقّ

كأني حسين ودهري يزيد

١٦١

١٤٣ ـ دعاء الحسينعليه‌السلام على من رماه بسهم ، واستجابة دعائه :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسينعليه‌السلام ص ٢٣٧)

قال ابن عساكر : كان رجل من بني أبان بن دارم يقال له زرعة ، شهد قتل الحسينعليه‌السلام ، فرمى الحسينعليه‌السلام بسهم فأصاب حنكه ، فجعل يلتقي [كذا في الأصل ، والصحيح : يتلقّى] الدم ، ثم يقول : هكذا إلى السماء فيرمي به.

وكان الحسينعليه‌السلام قد دعا بماء ليشرب ، فلما رماه حال بينه وبين الماء ، فقالعليه‌السلام : الله م ظمّه ، الله م ظمّه.

قال الراوي : فحدّثني من شهده وهو يموت ، وهو يصيح من الحر في بطنه ، والبرد في ظهره ، وبين يديه المراوح والثلج ، وخلفه الكافور [وفي مناقب ابن شهر اشوب : الكانون والنار] ، وهو يقول : اسقوني أهلكني العطش ، فيؤتى بالعسّ العظيم فيه السويق أو الماء أو اللبن ، لو شربه خمسة لكفاهم. قال : فيشربه ، ثم يعود فيقول : اسقوني أهلكني العطش. قال : فانقدّ بطنه كانقداد البعير.

معركة في طريق الفرات

١٤٤ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام لما أصيب بسهم في حنكه الشريف :

(اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ٦٦)

واشتد العطش بالحسينعليه‌السلام فركب المسناة يريد الفرات ، فاعترضته خيل ابن سعد ، فرمى رجل من بني دارم الحسينعليه‌السلام بسهم ، فأثبته في حنكه الشريف ، فانتزع السهم وبسط يديه تحت حنكه حتى امتلأت راحتاه من الدم ،

ثم رمى به وقال : الله م إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك.

١٤٥ ـ إصابة الحسينعليه‌السلام بسهم في حنكه ، وهو يحاول الوصول إلى الفرات

(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٢٧٩)

روى الطبري عمن شهد الحسينعليه‌السلام في عسكره ، أن حسينا حين غلب على عسكره ، ركب المسنّاة يريد الفرات. فقال رجل من بني أبان بن دارم : ويلكم حولوا بينه وبين الماء لا تتامّ إليه شيعته. قال : وضرب فرسه واتّبعه الناس حتى حالوا بينه وبين الفرات. فقال الحسينعليه‌السلام : الله م أظمّه.

قال : وينتزع الأبانيّ بسهم ، فأثبته في حنك الحسينعليه‌السلام .

١٦٢

(وفي رواية) : فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه (وفي رواية) : في حنكه.(قال) : فانتزع الحسينعليه‌السلام السهم ، ثم بسط كفيه فامتلأتا دما ، فرمى به إلى السماء. ثم حمد الله وأثنى عليه ، ثم جمع يديه فقال : الله مّ إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيّك. الله م أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على الأرض منهم أحدا. ودعا عليهم دعاء بليغا.

١٤٦ ـ استجابة دعاء الحسينعليه‌السلام :(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٠٣)

قال أبو مخنف : فو الله إن مكث الرجل الرامي له إلا يسيرا ، حتى صبّ الله عليه الظمأ ، فجعل لا يروى ، ويسقى الماء مبرّدا ، وتارة يبرّد له اللبن والماء جميعا ، ويسقى فلا يروى ، بل يقول : اسقوني قتلني الظمأ. (قال) : فو الله ما لبث إلا يسيرا حتى انقدّ بطنه انقداد بطن البعير.

وفي (الإتحاف بحبّ الأشراف) للشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي ، ص ٥٢ :قال العلامة الاجهوري عن ذلك الرجل : فابتلي بالحر في بطنه ، والبرد في ظهره إلى أن قدّ بطنه ، ومات بعد موت الحسينعليه‌السلام بأيام.

١٤٧ ـ قتل الحسينعليه‌السلام وهو ظمآن عطشان :

(الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي ، ص ٧٣)

يقول الشيخ الشبراوي : ومنعوا الحسينعليه‌السلام من الماء في يوم شديد الحر ، وصاروا يتراءون إليه بكيزان من البلور مملوءة ماء باردا ، فيقول : أقسم عليكم بجدّي إلا سقيتموني شربة أبرّد بها كبدي ، فلم يجيبوه.

١٤٨ ـ أثر العطش في الحسينعليه‌السلام (الفاجعة العظمى ، ص ١٠٥)

في (الخصائص) : ولقد أثّر العطش في الحسينعليه‌السلام في أربعة مواضع من أعضائه الشريفة : الكبد والشفّة واللسان والعين. الشفة ذابلة من الأوام ، والكبد مفتّت من حرّ الظمأ ، واللسان مجروح من كثرة اللوك في الفم ، والعين من شدة العطش مظلمة.

١٤٩ ـ ما قالهعليه‌السلام لما حال القوم بينه وبين رحله :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٣)

ثم إنهعليه‌السلام دعا الناس إلى البراز ، فلم يزل يقتل كلّ من دنا إليه من عيون

١٦٣

الرجال ، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة ، فحالوا بينه وبين رحله ، فصاح بهم : ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون!. فناداه شمر : ما تقول يا حسين؟ فقالعليه‌السلام : أقول أنا الّذي أقاتلكم وتقاتلوني ، والنساء ليس عليهن جناح ، فامنعوا عتاتكم وطغاتكم وجهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّا. فقال له شمر : لك ذلك يابن فاطمة(١) . ثم صاح شمر بأصحابه : إليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه ، فلعمري لهو كفو كريم.

١٥٠ ـ وصول الحسينعليه‌السلام إلى الفرات ليشرب ، وخدعة القوم له :

(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٨٦)

فقصده القوم ، وهو مع ذلك يطلب شربة من الماء. وكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه بأجمعهم فحلّؤوه عنه.

ثم حمل على الأعور السلمي وعمرو بن الحجاج وكانا في أربعة آلاف رجل ، على الشريعة ففرّقهم ، وأقحم الفرس في الفرات. فلما ولغ الفرس برأسه ليشرب ، قالعليه‌السلام : أنت عطشان وأنا عطشان ، والله لا ذقت حتى تشرب!. فرفع الفرس رأسه كأنه فهم الكلام. فقال الحسينعليه‌السلام : اشرب. ولما مدّ الحسينعليه‌السلام يده فغرف من الماء غرفة ليشرب ، ناداه رجل من القوم :

يا أبا عبد الله ، أتلتذّ بشرب الماء وقد هتك حرمك؟!. فنفض الماء من يده ، وحمل على القوم فكشفهم ، فإذا الخيمة سالمة ، فعلم أنها حيلة.

الوداع الأخير

١٥١ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام لما ودّع عياله الوداع الثاني :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٨)

ثم إنهعليه‌السلام ودّع عياله ثانيا ، وأمرهم بالصبر ولبس الأزر ، وقال : استعدوا للبلاء ، واعلموا أن الله تعالى حاميكم وحافظكم وسينجيكم من شرّ الأعداء ، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير ، ويعذّب عدوكم بأنواع العذاب ، ويعوّضكم عن هذه

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٦ نقلا عن الله وف ، ص ٦٧.

١٦٤

البلية بأنواع النعم والكرامة ، فلا تشكوا ، ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم(١) . فقال ابن سعد : ويحكم اهجموا عليه مادام مشغولا بنفسه وحرمه ، والله إن فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم.

فحملوا عليه يرمونه بالسهام ، حتى تخالفت السهام بين أطناب الخيم. وشكّ سهم بعض أزر [جمع إزار] النساء ، فدهشن وأرعبن وصحن ، ودخلن الخيمة ينظرن إلى الحسينعليه‌السلام كيف يصنع؟.

١٥٢ ـ ما قالهعليه‌السلام لما أصيب بسهم في جبهته الشريفة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٤)

فقصده القوم بالحرب من كل جانب ، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه ، وهو في ذلك يطلب الماء ليشرب منه شربة ، فكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه حتى أجلوه عنه.

ثم رماه رجل يقال له أبو الحتوف الجعفي بسهم فوقع السهم في جبهته

(وفي مقتل أبي مخنف : أن الّذي رماه هو خولي ، وقيل إنه قدامة العامري). فنزع الحسينعليه‌السلام السهم ورمى به ، فسال الدم على وجهه ولحيته. فقال : الله م قد ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة العتاة ، الله م فأحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ، ولا تغفر لهم أبدا.

ثم حمل عليهم كالليث المغضب ، فجعل لا يلحق أحدا إلا بعجه بسيفه وألحقه بالحضيض ، والسهام تأخذه من كل ناحية ، وهو يتلقاها بنحره وصدره(٢) ويقول : يا أمة السوء ، بئسما خلّفتم محمدا في عترته. أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله الصالحين فتهابوا قتله ، بل يهون عليكم عند قتلكم إياي. وايم الله إني لأرجو أن يكرمني ربي بهوانكم ، ثم ينتقم منكم من حيث لا تشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني : يابن فاطمة ، بماذا ينتقم لك منا؟. فقالعليه‌السلام : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبّ عليكم العذاب الأليم(٣) .

__________________

(١) جلاء العيون للمجلسي باللغة الفارسية.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، نقلا عن مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري.

(٣) مقتل الحسين للمقرّم ، نقلا عن مقتل العوالم ص ٩٨ ؛ ونفس المهموم ص ١٨٩.

١٦٥

(وفي مقتل المقرم ، ص ٣٥٠) قال : ورجع إلى مركزه يكثر من قول

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم(١) . وطلب في هذا الحال ماء ، فقال الشمر : لا تذوقه حتى ترد النار. وناداه رجل : يا حسين ألا ترى الفرات كأنه بطون الحيات؟ فلا تشرب منه حتى تموت عطشا!. فقال الحسينعليه‌السلام : اللهم أمته عطشا. فكان ذلك الرجل يطلب الماء ، فيؤتى به فيشرب حتى يخرج من فيه(٢) ، وما زال كذلك إلى أن مات عطشا(٣) .

١٥٣ ـ توزّع الأعداء على الحسينعليه‌السلام ثلاث فرق :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٨٩)

قال أبو مخنف : إن الشمر أقبل إلى ابن سعد وقال له : أيها الأمير إن هذا الرجل يفنينا عن آخرنا مبارزة. قال : كيف نصنع به؟. قال : نتفرّق عليه ثلاث فرق : فرقة بالنبال والسهام ، وفرقة بالسيوف والرماح ، وفرقة بالنار والحجارة ، نعجل عليه.فجعلوا يرشقونه بالسهام ، ويطعنونه بالرماح ، ويضربونه بالسيوف ، حتى أثخنوه بالجراح.

وكما قال الشاعر :

فوجّهوا نحوه في الحرب أربعة :

السيف والنبل والخطيّ والحجرا

مصرع سيّد الشهداء الامام الحسينعليه‌السلام واستشهاده

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، نقلا عن الله وف على قتلى الطفوف ، ص ٦٧.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، نقلا عن مقاتل الطالبيين لأبي الفرج ، ص ٤٧ ط إيران.

(٣) أي ما زال يشرب حتى يمتلئ بطنه بالماء إلى فمه ، ولا يرتوي.

١٦٦

١٥٤ ـ خبر الّذي عزم على قتل الحسينعليه‌السلام بالرمح ، ثم امتنع :

(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٢٨٢)

روى الطبري عن أبي مخنف عن الحجاج بن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي ، أنه عتب على عبد الله بن عمار مشهده قتل الحسينعليه‌السلام . فقال عبد الله بن عمار : إن لي عند بني هاشم ليدا [أي معروفا]. قلنا له : وما يدك عندهم؟. قال :حملت على حسين بالرمح ، فانتهيت إليه ، فو الله لو شئت لطعنته. ثم انصرفت عنه غير بعيد ، وقلت : ما أصنع بأن أتولى قتله ، يقتله غيري!.

١٥٥ ـ شجاعة الحسينعليه‌السلام وإقدامه(المصدر السابق)

قال : فشدّ عليه رجّالة ممن عن يمينه وشماله ، فحمل على من عن يمينه حتى ابذعرّوا ، وعلى من عن شماله حتى ابذعرّوا ، وعليه قميص له من خز ، وهو معتمّ.

١٥٦ ـ ما قاله (ابن يغوث) يصف حال الحسينعليه‌السلام أثناء المعركة :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٦)

قال عبد الله بن عمار بن يغوث : [فو الله] ما رأيت مكثورا قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وصحبه ، أربط جأشا منه ، ولا أمضى جنانا ، ولا أجرأ مقدما. ولقد كانت الرجال تنكشف بين يديه إذا شدّ فيها ، ولم يثبت له أحد(١) .

(وفي رواية الله وف ، ص ٦٧) : وإن كانت الرجال لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب. ولقد كان يحمل فيهم وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا ، فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ، ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله.

(وفي مثير الأحزان للجواهري ، ص ٨٥) : ولم يزل يقاتل حتى قتل ألف رجل وتسعمائة وخمسين رجلا ، سوى المجروحين.

فقال عمر بن سعد لقومه : الويل لكم ، أتدرون لمن تقاتلون؟. هذا ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتّال العرب ، احملوا عليه (حملة رجل واحد) من كل جانب. فأتته أربعة آلاف نبلة(٢) .

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٩.

(٢) مناقب ابن شهراشوب ، ج ٢ ص ٢٢٣ ط إيران.

١٦٧

حجر وسهم مسموم

١٥٧ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام لما أتاه حجر فوقع على جبهته الشريفة ، ثم أتاه سهم مسموم فوقع في قلبه

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٤)

ثم جعلعليه‌السلام يقاتل حتى أصابته اثنتان وسبعون جراحة ، فوقف يستريح وقد ضعف عن القتال. فبينا هو واقف إذ أتاه حجر فوقع على جبهته ، فسالت الدماء من جبهته. فأخذ الثوب ليمسح [الدم] عن جبهته ، فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب ، فوقع في قلبه [وقيل في صدره(١) ]. فقال الحسينعليه‌السلام : بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله. ورفع رأسه إلى السماء ، وقال : إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره. ثم أخذ السهم وأخرجه من وراء ظهره ، فانبعث الدم كالميزاب ، فوضع يده على الجرح ، فلما امتلأت دما رمى به إلى السماء ، فما رجع من ذلك قطرة. وما عرفت الحمرة في السماء حتى رمى الحسينعليه‌السلام بدمه إلى السماء. ثم وضع يده على الجرح ثانيا ، فلما امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته ، وقال : هكذا والله أكون حتى ألقى جدي محمدا وأنا مخضوب بدمي ، وأقول : يا رسول الله قتلني فلان وفلان(٢) .

(وفي العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٣) ولنعم من قال :

سهم أصاب حشاك يابن محمّد

ظلما أصاب حشا البطين الأنزع

وأصاب قلب المصطفيو البضعة ال

زهراء والحسن الزكيّ الأورع

١٥٨ ـ مالك بن النسر يضرب الحسينعليه‌السلام على رأسه فيقطع البرنس :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٥)

ثم ضعفعليه‌السلام عن القتال فوقف مكانه ، فكلما أتاه رجل من الناس وانتهى إليه ، انصرف عنه وكره أن يلقى الله بدمه. حتى جاءه رجل من كندة يقال له (مالك بن نسر) فضربه بالسيف على رأسه ، وكان عليه برنس

[أي قلنسوة طويلة] فقطع البرنس وامتلأ دما ، فقال له الحسينعليه‌السلام : لا أكلت

__________________

(١) مثير الأحزان للجواهري ، ص ٨٧.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥١ نقلا عن الله وف ، ص ٧٠.

١٦٨

بيمينك ولا شربت بها ، وحشرك الله مع الظالمين. ثم ألقى البرنس ولبس قلنسوة واعتمّ عليها ، وقد أعيى وتبلّد

(وفي بعض الأخبار) : أنه ألقى البرنس من رأسه ، ثم جاء إلى الخيمة وطلب خرقة. فلما أتوه بها شدّها على جراحته ، ولبس فوقها قلنسوة أخرى واعتمّ عليها».ورجع عنه شمر بن ذي الجوشن ومن كان معه إلى مواضعهم ، فمكث هنيهة ثم عاد وعادوا إليه وأحاطوا به.

١٥٩ ـ نداء شمر (الأول) وتحريضه القوم :(المصدر السابق)

ثم نادى شمر : ما تنتظرون بالرجل فقد أثخنته السهام؟. فأحدقت به الرماح والسيوف. فضربه رجل يقال له (زرعة بن شريك التميمي) ضربة منكرة ، ورماه (سنان بن أنس) بسهم في نحره ، وطعنه (صالح بن وهب المرّي) على خاصرته طعنة منكرة ، فسقط الحسينعليه‌السلام عن فرسه إلى الأرض ، على خده الأيمن. ثم استوى جالسا ، ونزع السهم من نحره.

سقوط الحسينعليه‌السلام عن فرسه

مدخل :

اختلفت الروايات في كيفية سقوط الحسينعليه‌السلام عن فرسه. فمنهم أنه بعد أن أصبح جسمه كالقنفذ من كثرة السهام التي أصابته ، طعنه صالح بن وهب المري على خاصرته فسقط عن فرسه. ومنهم أنه رمي بسهم فوقع في نحره ، فخرّ عن فرسه.ومنهم أن خولي بن يزيد الأصبحي اعترضه بسهم فوقع في لبّته ، فأرداه عن ظهر جواده إلى الأرض ، صريعا يخور بدمه.

وكل هؤلاء يعتبرون أن الحسينعليه‌السلام صرع بعد سقوطه مباشرة ولم يستطع الوقوف لمتابعة القتال. بينما البعض الآخر ، فيذكر أنه لما ضعف نزل عن جواده ، وقاتل على رجليه قتالا مشهودا ، ومنهم السيد ابن طاووس في (اللهوف).

١٦٠ ـ لم يسقط الحسينعليه‌السلام عن جواده حتى صار جسمه من السهام كالقنفذ

(الفاجعة العظمى ، ص ١٦٧)

في (مثير الأحزان) : جعلوه شلوا [أي جعلوا أعضاءه مقطّعة] من كثرة الطعن والضرب.

١٦٩

وفي (القمقام) : لقد أصابته السهام حتى كأنه الطائر وعليه الريش. وكما قال الشاعر المتنبي :

فصرت إذا أصابتني سهام

تكسّرت النصال على النصال

وفي (البحار) : كانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ ، وكانت كلها في مقدّمه.

أما أبو مخنف فقال في مقتله (كما في أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٢٤) :واعترضه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فوقع في لبّته ، فأرداه عن ظهر جواده إلى الأرض صريعا يخور بدم (وروي : أن السهم رماه أبو قدامة العامري) ، فجعلعليه‌السلام ينزع السهم بيده ، ويتلقّى الدم بكفيه ويخضب به لحيته ورأسه الشريف ، ويقول : هكذا ألقى ربي الله ، وألقى جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأشكو إليه ما نزل بي. وخرّ صريعا مغشيا عليه. فلما أفاق من غشيته وثب ليقوم للقتال فلم يقدر. فبكى بكاء عاليا ، ونادى : وا جدّاه ، وا محمداه ، وا أبا القاسماه ، وا أبتاه ، وا علياه ، وا حسناه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه ، وا عقيلاه ، وا عباساه ، وا عطشاه ، وا غوثاه ، وا قلة ناصراه. أقتل مظلوما وجدي محمّد المصطفى ، وأذبح عطشانا وأبي علي المرتضى ، وأترك مهتوكا وأمي فاطمة الزهراءعليها‌السلام !.

وفي (الأنوار النعمانية) للسيد نعمة الله الجزائري :

ثم قال : ونظر الحسينعليه‌السلام يمينا وشمالا فلم ير أحدا ، فرفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللهم إنك ترى ما صنع بولد نبيك. وحال بنو كلاب بينه وبين الماء.

ورمي بسهم فوقع في نحره ، وخرّ عن فرسه ، فأخذ السهم ورمى به ، وجعل يتلقى الدم بكفه ، فلما امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته ، وهو يقول :

(هكذا) ألقى اللهعزوجل ، وأنا مظلوم متلطخ بدمي. ثم خرّ على خده الأيسر صريعا.

وفي (اللهوف) لابن طاووس قال : ولما أثخن الحسينعليه‌السلام بالجراح وبقي كالقنفذ [على فرسه] طعنه صالح بن وهب المري على خاصرته طعنة ، فسقط الحسينعليه‌السلام عن فرسه إلى الأرض على خده الأيمن ، وهو يقول : بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم قام صلوات الله عليه.

١٧٠

الحسينعليه‌السلام يقاتل على رجليه

قال العلامة المجلسي في (البحار) : لما ضعف الحسينعليه‌السلام عن القتال ، نزل عن ظهر جواده إلى الأرض ، فكلما أتاه رجل وانتهى إليه ، انصرف عنه كراهية أن يلقى الله بدمه. فبينما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع في جبهته الشريفة ثم أتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب ، فوقع في صدره (وفي بعض الروايات : فوقع على قلبه). فقال الحسينعليه‌السلام : بسم الله وبالله

١٦١ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام لما أصبح يقاتل على رجليه :

(مقدمة مرآة العقول ج ٢ ص ٢٨٣ ؛ وتاريخ الطبري ص ٣٦٠ ط أولى مصر)

قال أبو مخنف : حدثني الصّقعب بن زهير عن حميد بن مسلم ، قال : كانت عليه جبّة من خز ، وكان معتمّا ، وكان مخضوبا بالوسمة.

قال : سمعته يقول قبل أن يقتل ، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع :أعلى قتلي تحاثّون؟!. أما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله ، الله أسخط عليكم لقتله مني. وايم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم ، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون. أما والله إن قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ، ثم لا يرضى لكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم.

مصرع محمّد ابن أبي سعيد ابن عقيلعليه‌السلام

١٦٢ ـ شهادة محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٣)

قال هاني بن ثبيت الحضرمي : إني لواقف عاشر عشرة لما صرع الحسينعليه‌السلام ، إذ نظرت إلى غلام من آل الحسينعليه‌السلام ، عليه إزار وقميص ، وفي أذنيه درّتان ، وبيده عمود من تلك الأبنية ، وهو مذعور يتلفّت يمينا وشمالا.

١٧١

فأقبل رجل يركض ، حتى إذا دنا منه مال عن فرسه ، وعلاه بالسيف وقطعه. فلما عيب عليه كنّى عن نفسه(١) .

وذلك الغلام هو محمّد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام وكانت أمه تنظر إليه وهي مدهوشة(٢) .

وفي (مثير الأحزان) للجواهري ، ص ٨٤ :

وخرج غلام من تلك الأبنية ، وفي أذنيه درّتان ، وهو مذعور ؛ فجعل يلتفت يمينا وشمالا ، وقرطاه يتذبذبان. فحمل عليه هاني بن ثبيت فقتله. فصارت (شهربانوا) تنظر إليه ولا تتكلم كالمدهوشة. وأورد ذلك بعد شهادة العباسعليه‌السلام مباشرة.

مصرع الغلام عبد الله الأصغر ابن الحسنعليهما‌السلام

١٦٣ ـ شهادة الغلام عبد الله (الأصغر) ابن الحسنعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٤ ؛ والإرشاد للمفيد ، ص ٢٤١)

قال : ثم إنهم لبثوا هينئة وعادوا إلى الحسينعليه‌السلام وأحاطوا به ، وهو جالس على الأرض لا يستطيع النهوض. فخرج الغلام عبد الله بن الحسن السبطعليه‌السلام وله إحدى عشرة سنة [أمه بنت السليل بن عبد الله البجلي ، وقيل أم ولد(٣) ] ، ونظر إلى عمه وقد أحدق به القوم ، فأقبل من عند النساء يشتدّ نحو عمه الحسينعليه‌السلام ، فلحقته زينبعليها‌السلام لتحبسه (فأفلت منها) ، فقال لها الحسينعليه‌السلام : احبسيه يا أختي. فأبى وامتنع عليها امتناعا شديدا ، وقال : والله لا أفارق عمي. وأهوى أبجر ابن كعب إلى الحسينعليه‌السلام بالسيف ، فقال له الغلام : ويلك يابن الخبيثة ، أتقتل

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٨ ؛ والبداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٦.

(٢) الخصائص الحسينية للشيخ جعفر التستري ، ص ١٢٩.

(٣) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصفهاني ، ص ٥٨ ط ٢.

١٧٢

عمي؟. فضربه أبجر بالسيف ، فاتّقاها الغلام بيده ، فأطنّها(١) إلى الجلد ، فإذا هي معلّقة. فصاح الغلام : يا عمّاه (وفي رواية : يا أمّاه). فأخذه الحسينعليه‌السلام فضمّه إليه ، وقال : يابن أخي اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين.

ورفع الحسينعليه‌السلام يديه قائلا : اللهم إن متّعتهم إلى حين ، ففرّقهم تفريقا ، واجعلهم طرائق قددا [أي مذاهب متفرقة] ، ولا ترض الولاة عنهم أبدا ، فإنهم دعونا لينصرونا ، ثم عدوا علينا يقاتلوننا(٢) .

ورمى حرملة بن كاهل الغلام بسهم فذبحه وهو في حجر عمّه(٣) . وحملت الرجّالة يمينا وشمالا على من كان بقي مع الحسينعليه‌السلام فقتلوهم ، حتى لم يبق معه إلا ثلاثة نفر أو أربعة.

١٦٤ ـ مخاطبة زينبعليها‌السلام لعمر بن سعد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٥ ؛ ومقتل المقرّم ، ص ٣٥٩)

ثم دنا عمر بن سعد من الحسينعليه‌السلام ليراه.

قال حميد بن مسلم : وخرجت زينب بنت عليعليهما‌السلام وقرطاها يجولان في أذنيها ، وهي تقول : ليت السماء أطبقت على الأرض (وليت الجبال تدكدكت على السهل). وانتهت نحو الحسينعليه‌السلام وقد دنا منه عمر بن سعد في جماعة من أصحابه ، والحسينعليه‌السلام يجود بنفسه. فصاحت : أي عمر ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟!. فصرف بوجهه عنها ودموعه تسيل على خديه ولحيته.والحسينعليه‌السلام جالس وعليه جبة خز ، وقد تحاماه الناس.

وفي (الإرشاد) للشيخ المفيد ، ص ٢٤٢ : وخرجت أخته زينبعليها‌السلام إلى باب الفسطاط ، فنادت عمر بن سعد بن أبي وقاص : ويلك يا عمر ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه!. فلم يجبها عمر بشيء. فنادت : ويحكم أما فيكم مسلم؟!. فلم يجبها أحد بشيء.

__________________

(١) أطنّها : أي قطعها حتى سمع لها طنين ، وهو الصوت.

(٢) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٩ ؛ ومثير الأحزان ، ص ٣٨ ؛ واللهوف ، ص ٦٨.

(٣) مثير الأحزان ، ص ٣٩ ؛ واللهوف ، ص ٦٨.

١٧٣

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٣ ط ٢ نجف : فخفق الحسينعليه‌السلام برأسه خفقة ، ثم انتبه وهو يقول : رأيت الساعة جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول : يا بني اصبر ، الساعة تأتي إلينا.

١٦٥ ـ الذين اشتركوا في قتل الحسينعليه‌السلام بعد ضعفه :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٢)

ونادى شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجالة ، فقال : ويحكم ما تنتظرون بالرجل (اقتلوه) ثكلتكم أمهاتكم؟. فحملوا عليه من كل جانب. فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى ، وضرب الحسينعليه‌السلام زرعة فصرعه. وضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا بها لوجهه ، وكان قد أعيى ، وجعل ينوء ويكبّ.فطعنه سنان بن أنس بن عمرو النخعي في ترقوته. ثم انتزع الرمح ، فطعنه في بواني صدره. ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع السهم في نحره ، فسقطعليه‌السلام وجلس قاعدا. فنزع السهم من نحره ، وقرن كفيه جميعا ، فكلما امتلأتا من دمائه خضّب بها رأسه ولحيته ، وهو يقول : هكذا ألقى الله مخضّبا بدمي ، مغصوبا عليّ حقي.

١٦٦ ـ نداء شمر (الثاني) للإجهاز على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٤)

وبقي الحسينعليه‌السلام مطروحا مليّا ، ولو شاؤوا أن يقتلوه لفعلوا ، إلا أن كل قبيلة تتّكل على غيرها وتكره الإقدام(١) فصاح الشمر : ما وقوفكم وما تنتظرون بالرجل ، وقد أثخنته السهام والرماح ، احملوا عليه(٢) .

وضربه زرعة بن شريك على كتفه الأيسر ، ورماه الحصين في حلقه(٣) وضربه آخر على عاتقه ، وطعنه سنان بن أنس في ترقوته ، ثم في بواني صدره ، ثم رماه بسهم في نحره(٤) وطعنه صالح بن وهب في جنبه(٥) .

__________________

(١) مقتل المقرّم نقلا عن الأخبار الطوال ، ص ٢٥٥ ، والخطط المقريزية ج ٢ ص ٢٨٨.

(٢) مقتل المقرم نقلا عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٢ ط إيران.

(٣) مقتل المقرم نقلا عن الإتحاف بحب الأشراف ، ص ١٦.

(٤) مقتل المقرم نقلا عن الله وف ، ص ٧٠. والبواني : أضلاع الزور ، مفردها بانية.

(٥) مقتل المقرم نقلا عن مقتل العوالم ، ص ١١٠.

١٧٤

١٦٧ ـ وصف هلال بن نافع للحسينعليه‌السلام وهو يجود بنفسه :

(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٥٧)

قال هلال بن نافع : إني لواقف في عسكر عمر بن سعد ، إذ صرخ صارخ : أبشر أيها الأمير ، فهذا (شمر) قد قتل الحسين.

قال : فخرجت بين الصفين فوقفت عليه ، وإنه ليجود بنفسه. فو الله ما رأيت قتيلا مضمّخا بدمه أحسن منه ولا أنور وجها ، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكرة في قتله(١) .

١٦٨ ـ الحسينعليه‌السلام يطلب شربة ماء في آخر رمق من حياته :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٦)

فاستسقىعليه‌السلام في تلك الحال ماء ، فأبوا أن يسقوه. وقال له رجل : لا تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها. فقالعليه‌السلام : أنا أرد الحامية فأشرب من حميمها! بل أرد على جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأسكن معه في داره ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وأشرب من ماء غير آسن [أي غير متغيّر الطعم والرائحة] ، وأشكو إليه ما ارتكبتم مني وفعلتم بي. (قال) : فغضبوا بأجمعهم ، حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحدهم من الرحمة شيئا(٢) .

فاحتزّوا رأسه وإنه ليكلمهم. فتعجبت من قلة رحمهم ، وقلت : والله لا أجامعكم على أمر أبدا.

وفي (الأنوار النعمانية) للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٤٤ :

قال : فأقبل عدوّ الله سنان بن أنس وشمر بن ذي الجوشن العامري في رجال من أهل الشام ، حتى وقفوا على رأس الحسينعليه‌السلام ، فقال بعضهم لبعض : أريحوا الرجل. فنزل سنان بن أنس وأخذ بلحية الحسينعليه‌السلام وجعل يضرب السيف في حلقه ، وهو يقول : والله إني لأجتزّ رأسك ، وأنا أعلم أنك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير الناس أما وأبا.

وفي (مقدمة مرآة العقول) ج ٢ ص ٢٨٤ :

__________________

(١) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٨٨.

(٢) مقتل المقرم نقلا عن مثير الأحزان لابن نما ، ص ٤٩.

١٧٥

قال : وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسينعليه‌السلام إلا شدّ عليه مخافة أن يغلب على رأسه ، حتى أخذ رأس الحسينعليه‌السلام فدفعه إلى خوليّ.

١٦٩ ـ دعاؤهعليه‌السلام قبيل استشهاده :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٦)

ولما اشتدّ به الحالعليه‌السلام رفع طرفه إلى السماء وقال : الله م متعال المكان ، عظيم الجبروت ، شديد المحال ، غني عن الخلائق ، عريض الكبرياء ، قادر على ما يشاء. قريب الرحمة ، صادق الوعد ، سابغ النعمة ، حسن البلاء. قريب إذا دعيت ، محيط بما خلقت. قابل التوبة لمن تاب إليك. قادر على ما أردت ، تدرك ما طلبت.شكور إذا شكرت ، ذكور إذا ذكرت. أدعوك محتاجا ، وأرغب إليك فقيرا ، وأفزع إليك خائفا. وأبكي مكروبا ، وأستعين بك ضعيفا ، وأتوكل عليك كافيا. الله م احكم بيننا وبين قومنا ، فإنهم غرّونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا ، ونحن عترة نبيك وولد حبيبك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي اصطفيته بالرسالة ، وائتمنته على الوحي ، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا ، يا أرحم الراحمين(١) . صبرا على قضائك يا رب ، لا إله سواك ، يا غياث المستغيثين(٢) . مالي ربّ سواك ، ولا معبود غيرك. صبرا على حكمك. يا غياث من لا غياث له ، يا دائما لا نفاد له. يا محيي الموتى ، يا قائما على كل نفس بما كسبت ، احكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين(٣) .

١٧٠ ـ ذهول القوم عن حزّ رأس الحسين الشريف وهربهم منه :

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٨٩)

قال أبو مخنف : ثم غشي عليه ، وبقي ثلاث ساعات من النهار ، والقوم في حيرة لا يدرون أهو حيّ أم ميّت!.

قال : وبقي الحسينعليه‌السلام مكبوبا على الأرض ملطّخا بدمه ثلاث ساعات ، وهو يقول : صبرا على قضائك ، لا إله سواك ، يا غياث المستغيثين. فابتدر إليه أربعون رجلا كل منهم يريد حزّ نحره الشريف. وعمر بن سعد يقول : ويلكم عجّلوا عليه.

__________________

(١) مصباح المتهجد والإقبال ، وعنهما في مزار البحار ، ص ١٠٧ ، باب زيارتهعليه‌السلام يوم ولادته.

(٢) أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٢٣.

(٣) رياض المصائب ، ص ٣٣.

١٧٦

وكان أول من ابتدر إليه (شبث بن ربعي) وبيده السيف ، فدنا منه ليحتزّ رأسه ، فرمق الحسينعليه‌السلام بطرفه ، فرمى السيف من يده وولى هاربا ، وهو يقول : ويحك يابن سعد ، تريد أن تكون بريئا من قتل الحسين وإهراق دمه ، وأكون أنا مطالب به!. معاذ الله أن ألقى الله بدمك

يا حسين. فأقبل (سنان بن أنس) وقال : ثكلتك أمك وعدموك قومك

لو رجعت عن قتله. فقال شبث : يا ويلك إنه فتح عينيه في وجهي فأشبهتا عيني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستحييت أن أقتل شبيها لرسول الله. فقال له : يا ويلك أعطني السيف فأنا أحقّ منك بقتله. فأخذ السيف وهمّ أن يعلو رأسه ، فنظر إليه الحسينعليه‌السلام فارتعد سنان ، وسقط السيف من يده وولى هاربا ، وهو يقول : معاذ الله أن ألقى الله بدمك يا حسين. فأقبل إليه (شمر) وقال : ثكلتك أمك ما أرجعك عن قتله؟. فقال : يا ويلك ، إنه فتح في وجهي عينيه ، فذكرت شجاعة أبيه ، فذهلت عن قتله.

١٧١ ـ لا أحد يجرؤ على ذبح الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٧١ ط ٢)

قال الطريحي : وطعنه سنان بن أنس النخعي برمح. وبادر إليه خولي بن يزيد ليحتزّ رأسه ، فرمقه بعينيه ، فارتعدت فرائصه منه ، فلم يجسر عليه ، وولى عنه.

ثم ابتدر إليه أربعون فارسا ، كلّ يريد قطع رأسه ، وعمر بن سعد يقول : عجّلوا عليه ، عجّلوا عليه. فدنا إليه شبث بن ربعي وبيده سيف ليحتزّ رأسه ، فرمقهعليه‌السلام بطرفه ، فرمى شبث السيف من يده وولى هاربا ، وهو يقول : معاذ الله أن ألقى أباك بدمك.

قال الراوي : فأقبل إليه رجل قبيح الخلقة ، كوسج اللحية ، أبرص اللون ، يقال له سنان ، فنظر إليهعليه‌السلام فلم يجسر عليه وولى هاربا ، وهو يقول : ما لك يا عمر بن سعد ، غضب الله عليك ، أردت أن يكون محمّد خصمي؟!.

١٧٢ ـ الإجهاز على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٦)

وقال سنان لخولي بن يزيد الأصبحي : احتزّ رأسه ، فضعف وارتعدت يداه.

فقال له سنان : فتّ الله عضدك وأبان يدك. فنزل إليه (شمر بن ذي الجوشن) وكان

١٧٧

أبرص ، فضربه برجله وألقاه على قفاه ثم أخذ بلحيته. فقال له الحسينعليه‌السلام :أنت الكلب الأبقع الّذي رأيته في منامي. فقال شمر : أتشبّهني بالكلاب يابن فاطمة؟. ثم جعل يضرب بسيفه مذبح الحسينعليه‌السلام .

وروي أنه جاء إليه شمر بن ذي الجوشن وسنان بن أنس ، والحسينعليه‌السلام بآخر رمق ، يلوك بلسانه من العطش. فرفسه شمر برجله ، وقال : يابن أبي تراب ، ألست تزعم أن أباك على حوض النبي يسقي من أحبه؟. فاصبر حتى تأخذ الماء من يده.ثم قال الشمر لسنان بن أنس : احتزّ رأسه من قفاه. فقال : والله لا أفعل ذلك ، فيكون جده محمّد خصمي. فغضب شمر منه ، وجلس على صدر الحسينعليه‌السلام وقبض على لحيته ، وهمّ بقتله. فضحك الحسينعليه‌السلام وقال له : أتقتلني!. أو لا تعلم من أنا؟. قال : أعرفك حق المعرفة ؛ أمك فاطمة الزهراء ، وأبوك علي المرتضى ، وجدك محمّد المصطفى ، وخصمك الله العليّ الأعلى ، وأقتلك ولا أبالي وضربه الشمر بسيفه اثنتي عشرة ضربة ، ثم حزّ رأسه الشريف.

١٧٣ ـ أشقى الأشقياء شمر بن ذي الجوشن يحزّ الرأس الشريف :

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٩١)

فقال الشمر لسنان : يا ويلك إنك لجبان في الحرب ، هلمّ إليّ بالسيف فو الله ما أحد أحقّ مني بدم الحسين. إني لأقتله سواء أشبه المصطفى أو علي المرتضى.فأخذ السيف من يد سنان وركب صدر الحسينعليه‌السلام فلم يرهب منه ، وقال : لا تظنّ أني كمن أتاك ، فلست أردّ عن قتلك يا حسين!. فقال له الحسينعليه‌السلام : من أنت ويلك ، فلقد ارتقيت مرتقى صعبا طالما قبّله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال له : أنا الشمر الضبابي. فقال الحسينعليه‌السلام : أما تعرفني؟!. فقال ولد الزنا : بلى ، أنت الحسين ، وأبوك المرتضى ، وأمك الزهرا ، وجدك المصطفى ، وجدتك خديجة الكبرى. فقال له : ويحك إذا عرفتني فلم تقتلني؟. فقال له : أطلب بقتلك الجائزة من يزيد. فقال له الحسينعليه‌السلام : أيّما أحبّ إليك ؛ شفاعة جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم جائزة يزيد؟. فقال : دانق من جائزة يزيد أحب إليّ منك ومن شفاعة جدك وأبيك. فقال له الحسينعليه‌السلام : إذا كان لا بدّ من قتلي فاسقني شربة من الماء.فقال : هيهات هيهات ، والله ما تذوق الماء أو تذوق الموت غصّة بعد غصة وجرعة بعد جرعة. ثم قال شمر : يابن أبي تراب ، ألست تزعم أن أباك على الحوض يسقي من أحبّ ، اصبر قليلا حتى يسقيك أبوك.

١٧٨

فقال لهعليه‌السلام : سألتك بالله إلا ما كشفت لي عن لثامك لأنظر إليك. (قال) فكشف له عن لثامه ، فإذا هو أبرص أعور ، له بوز كبوز الكلب ، وشعر كشعر الخنزير. فقال له الإمامعليه‌السلام : صدق جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال له الشمر :وما قال جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال : سمعته يقول لأبيعليه‌السلام :

يا علي يقتل ولدك هذا أبرص أعور ، له بوز كبوز الكلب ، وشعر كشعر الخنزير.فقال له شمر : يشبّهني جدك رسول الله بالكلاب ، والله لأذبحنّك من القفا ، جزاء لما شبّهني جدك.

ثم أكبّه على وجهه ، وجعل يحزّ أوداجه بالسيف ، وهو يقول :

أقتلك اليوم ونفسي تعلم

علما يقينا ليس فيه مزعم

أن أباك خير من يكلّم

بعد النبي المصطفى المعظّم

أقتلك اليوم وسوف أندم

وإن مثواي غدا جهنّم

قال الراوي : وكلما قطع منه عضوا نادى الحسينعليه‌السلام : وا محمداه وا علياه وا حسناه وا جعفراه وا حمزتاه وا عقيلاه وا عباساه وا قتيلاه وا قلة ناصراه وا غربتاه.

فاحتزّ الشمر رأسه الشريف ، وعلاه على قناة طويلة فكبّر العسكر ثلاث تكبيرات.

١٧٤ ـ عدد الجراحات التي أصابت جسم الحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٣ ط طهران)

ثم عدّوا ما في جسد الحسينعليه‌السلام ، فوجدوه ثلاثا وثلاثين طعنة برمح ، وأربعا وثلاثين ضربة بالسيف. ووجدوا في ثيابه مائة وعشرين رمية بسهم. وهذا مطابق لما أورده الطبري في تاريخه.

وفي (لواعج الأشجان) للسيد الأمين ، ص ١٦٩ ط نجف : وجد في قميص الحسينعليه‌السلام الّذي سلب ، مائة وبضع عشرة ؛ ما بين رمية وطعنة وضربة.

وعن الصادقعليه‌السلام : أنه وجد بالحسينعليه‌السلام ثلاث وثلاثون طعنة ، وأربع وثلاثون ضربة.

وعن الباقرعليه‌السلام : أنه وجد به ثلاثمائة وبضع وعشرون جراحة.

وفي مخطوطة مصرع الحسين [الموجودة في مكتبة الأسد بدمشق] قال

١٧٩

أبو مخنف : وكان عليه جبّة خزّ دكناء ، فوقع فيها مائة وثمانون ضربة ، فوصل إلى بدنه الشريف اثنان وستون ضربة وطعنة.

فرس الحسينعليه‌السلام

١٧٥ ـ ما فعله الفرس عند مصرع الحسينعليه‌السلام :

(العيون العبرى في مقتل سيد الشهداء لابراهيم الميانجي ، ص ١٩٣)

ولما صرع الحسينعليه‌السلام جعل فرسه يحامي عنه ، ويثب على الفارس [أي من الأعداء] فيخبطه عن سرجه ويدوسه ، حتى قتل الفرس أربعين رجلا ، كما في (مدينة المعاجز) عن الجلودي.

ثم تمرّغ الفرس في دم الحسينعليه‌السلام وأقبل يركض نحو خيمة النساء وهو يصهل. فسمعت بنات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صهيله فخرجن ، فإذا الفرس بلا راكب ، فعرفن أن حسيناعليه‌السلام قد قتل.

١٧٦ ـ رجوع فرس الحسين إلى المخيّم ، ورؤية زينب له :

(الفاجعة العظمى ، ص ١٧١)

في كتاب (تظلّم الزهراء) : لما سقط الحسينعليه‌السلام عن فرسه عفيرا بدمه ، رامقا بطرفه إلى السماء ، وأمّ جواده إلى الخيام ، وسمعت زينبعليها‌السلام صهيله ، خرجت لاستقباله ، لأنها كانت كلما أقبل أخوها الحسينعليه‌السلام من الحرب تتلقاه وتقع على صدره ، وتقبّله وهو يقبّل رأسها. فلما رأت الفرس خالية من راكبها ، وعنانها [أي حبل الفرس] يسحب على وجه الأرض ، خرّت مغشيّا عليها.

فلما أفاقت من غشوتها ركضت إلى نحو المعركة ، تنظر يمينا وشمالا ، وهي تعثر بأذيالها ، وتسقط على وجهها من عظم دهشتها. فرأت أخاها الحسينعليه‌السلام ملقى على وجه الأرض ، يقبض يمينا وشمالا ، والدم يسيل من جراحاته كالميزاب ، وكان فيه ثلاثمائة وثمانون جرحا ، ما بين ضربة وطعنة ؛ فطرحت نفسها على جسده الشريف ، وجعلت تنادي وتقول : وا أخاه ، وا سيداه ، وا أهل بيتاه. ليت السماء أطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل. ويحك يا عمر بن سعد ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟. فلم يجبها أحد بشيء.

فبينما هي تخاطبه وإذا بالشمر يضربها بالسوط على كتفيها ، وقال لها : تنحّي عنه وإلا ألحقتك به!. فجذبها عنه قهرا ، وضربها ضربا عنيفا ، فرجعت إلى المخيم.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

وأقبل يقول وينظر إلى الرأس :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

٥٤٦ ـ يزيد يستنكر أن يكون الحسين وآله أفضل من يزيد وآله :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٧)

ثم أتي بالرأس حتى وضع بين يدي يزيد في طست من ذهب. فنظر إليه وأنشد :

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

ثم أقبل على أهل المجلس ، وقال : إن هذا كان يفخر عليّ ويقول : أبي خير من أبي يزيد ، وأمي خير من أمه ، وجدي خير من جده ، وأنا خير منه ؛ فهذا الّذي قتله فأما قوله بأن أباه خير من أبي ، فلقد حاجّ أبي أباه فقضى الله لأبي على أبيه.وأما قوله بأن أمي خير من أمه ، فلعمري لقد صدق ، إن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير من أمي. وأما قوله بأن جده خير من جدي ، فليس لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول بأنه خير من محمّد. وأما قوله بأنه خير مني ، فلعله لم يقرأ :( قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) !.

وقد روى الطريحي في (المنتخب) ص ٤٩٣ ط ٢ هذه المحاورة ، أنها كانت بين يزيد والسيدة زينبعليه‌السلام قال :

لما دعا اللعين يزيد بسبي الحسينعليه‌السلام وعرضوا عليه ، قالت له زينب بنت عليعليه‌السلام : يا يزيد أما تخاف الله سبحانه من قتل الحسينعليه‌السلام ؟. وما كفاك حتى تستحثّ حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العراق إلى الشام؟ وما كفاك انتهاك حرمتهن حتى تسوقنا إليك كما تساق الإماء ، على المطايا بغير وطاء ، من بلد إلى بلد؟!.

فقال لها يزيد : إن أخاك الحسين قال : أنا خير من يزيد ، وأبي خير من أبيه ، وأمي خير من أمه ، وجدي خير من جده. فقد صدق في بعض ، وألحن في بعض.أما جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو خير البرية ، وأما أن أمه خير من أمي ، وأباه خير من أبي ، كيف ذلك وقد حاكم أبوه أبي؟. ثم قرأ :( قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ) (٢٦) [آل عمران : ٢٦].

فقالت زينبعليه‌السلام :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (١٧٠) [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠].

٤٦١

ثم قالت : يا يزيد ، ما قتل الحسين غيرك ، ولولاك لكان ابن مرجانة أقلّ وأذل.أما خشيت الله بقتله؟ وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه وفي أخيه :

«الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة»؟. فإن قلت : لا ، فقد كذبت ، وإن قلت : نعم ، فقد خصمت نفسك. فقال يزيد :( ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ) [آل عمران : ٣٤] وبقي خجلانا.

وهو مع ذلك لم يرتدع عن غيّه ، وبيده قضيب ينكث به ثنايا الحسينعليه‌السلام .

يزيد يضرب الرأس الشريف

٥٤٧ ـ يزيد يضرب بالقضيب ثغر الحسينعليه‌السلام :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٣٩)

ثم دعا يزيد بقضيب خيزران ، فجعل ينكت به [أي يضرب] ثنايا الحسينعليه‌السلام وهو يقول : لقد كان أبو عبد الله حسن المنطق.

وفي رواية الخوارزمي : لقد كان حسن المضحك.

وفي رواية : وأخذ يزيد القضيب ، وجعل ينكت ثغر الحسينعليه‌السلام (١) ، ويقول : يوم بيوم بدر.

٥٤٨ ـ يزيد يكسر ثنايا الحسينعليه‌السلام بالقضيب :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٣)

عن (مستدرك الوسائل) للنوري ، عن زهرة بل الرياض ، قال : لما وضع الرأس الشريف بين يدي يزيد ، أخذ قضيبا فضرب به ثنايا الحسينعليه‌السلام حتى كسرت [أي ثناياه]. والثنايا هي الأسنان الأمامية من الفم.

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٦٧ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٣٥ ؛ وتذكرة الخواص ، ص ١٤٨ ؛ والصواعق المحرقة ص ١١٦ ؛ والفروع لابن مفلح الحنبلي في فقه الحنابلة ، ج ٣ ص ٥٤٩ ؛ ومجمع الزوائد لابن حجر ، ج ٩ ص ١٩٥ ؛ والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ، ص ٢٠٥ ؛ والخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٩ ؛ والبداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٩٢ ؛ ومناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٥. وفي الإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٣ : صار يزيد يضرب ثناياه بالقضيب.

٤٦٢

٥٤٩ ـ شماتة يزيد :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٩)

وفي ذيل رواية صاحب المناقب : ووضع الرأس في حقّة ، ودخلوا على يزيد إلى أن قال : ووضع رأس الحسينعليه‌السلام على طبق من ذهب ، وهو يقول :كيف رأيت يا حسين؟!.

وقال المفيد صاحب (الفصول) : ولما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد ، وفيها رأس الحسينعليه‌السلام قال يزيد :

نفلّق هاما من أناس أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

وزاد صاحب (الفصول) قول يزيد : وما أنا وهذا إلا كما قال الحصين :

أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت

قواضب في أيماننا تقطر الدّما

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

قال أبو مخنف : فجعل يزيد ينكث ثنايا الحسينعليه‌السلام بهذه الأبيات ، وهو ينشد ويقول :

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعفّ وأصبر

وأكرم عند الله منا محلة

وأفضل في كل الأمور وأفخر

عدونا وما العدوان إلا ضلالة

عليهم ومن يعدو عن الحق يخسر

فإن تعذلوا فالعذل ألقاه آخرا

إذا ضمّنا يوم القيامة محشر

ولكننا فزنا بملك معجّل

وإن كان في عقباه نار تسعّر

وفي بعض نسخ كتاب (مقتل أبي مخنف) ذكر هذه الأبيات :

كيف رأيت الضرب يا حسين

شفيت قلبي من دم الحسين

أخذت ثاري وقضيت ديني

يا ليت من شاهد في الحنين

يرون فعلي اليوم بالحسين

قال : ولم يزل يفتخر في فرح وسرور وشرب خمر.

٥٥٠ ـ ما قاله يزيد حين وضع الرأس بين يديه :

(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٢)

ثم أذن للناس فدخلوا عليه والرأس بين يديه ، ومعه قضيب وهو ينكت به ثغره.

ثم قال : إن هذا وإيانا كما قال الحصين بن الحمام :

٤٦٣

أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت

قواضب في أيماننا تقطر الدّما

نفلّق هاما من رجال أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال له أبو برزة الأسلمي : يا يزيد ارفع قضيبك

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف :

وذكر ابن أبي الدنيا : أنه لما نكث بالقضيب ثناياه ، أنشد أبيات الحصين ابن الحمام المرّي :

صبرنا وكان الصبر منا سجية

بأسيافنا تفرين هاما ومعصما

نفلّق هاما من رؤوس أحبة

إلينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

قال مجاهد : فو الله لم يبق في الناس أحد إلا سبّه وعابه وتركه.

٥٥١ ـ ما فعل يزيد بالرأس الشريف :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٩٠)

وصار يزيد يضرب الرأس الشريف بقضيب كان معه ، ويقول : لقيت بغيك يا حسين. وبالغ في الفرح ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه العالم.

وفي هذه القصة تصديق لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ، وإن أشدّ قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو مخزوم". رواه الحاكم في المستدرك.

منكرون وناقمون

كثيرون أولئك الذين لم يسكتوا على الباطل ، وقالوا قولة الحق أمام السلطان الجائر من أول هؤلاء أبو برزة الأسلمي صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي كان في مجلس يزيد ، ورآه ينكت بالخيزران فم الحسينعليه‌السلام .

ولم يقتصر ذلك الإنكار على المسلمين ، بل تعدّاهم إلى غيرهم ، مثل ممثل ملك الروم ، والحبر اليهودي ، ورأس الجالوت.

وحتى من داخل الأسرة الأموية انطلقت صيحات الاستنكار على يزيد وطغيانه ؛ منهم يحيى بن الحكم وأخوه عبد الرحمن ، وعاتكة بنت يزيد ، وهند بنت عبد الله زوجة يزيد. وآخرها خطاب معاوية الثاني ابن يزيد بعد هلاك أبيه.

٤٦٤

٥٥٢ ـ استنكار أبي برزة الأسلمي لعمل يزيد :

(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٠٩)

فجعل يزيد ينكث ثناياه بقضيب في يده. فقال له أبو برزة الأسلمي : أتنكث بقضيبك في ثغر الحسينعليه‌السلام !. والذي لا إله إلا هو ، لقد رأيت شفتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هاتين الشفتين يقبلهما. أما إنك يا يزيد تجيء يوم القيامة ، وابن زياد شفيعك ، ويجيء هذا [أي الحسين] ومحمد شفيعه. ثم قام فولّى.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٤٩٤ ط ٢ :

فدخل عليه رجل من الصحابة (ونقل أنه زيد بن أرقم) فقال له : يا يزيد ، فو الله الّذي لا إله إلا هو ، لقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّلهما مرارا كثيرة ، ويقول له ولأخيه الحسن : «اللهم إن هذان وديعتي عند المسلمين». وأنت يا يزيد ، هكذا تفعل بودائع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !.

قال : ثم إن يزيد غضب عليه وأمر به فسجن. حتى نقل أنه مات وهو في السجن.

٥٥٣ ـ ملاسنة أبي برزة الأسلمي ليزيد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)

قال ابن أبي الدنيا : وكان عنده أبو برزة الأسلمي ، فقال له : يا يزيد ارفع قضيبك ، فو الله لطالما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّل ثناياه.

وذكر البلاذري أن الّذي كان عند يزيد وقال هذه المقالة هو أنس بن مالك. وهو غلط من البلاذري ، لأن أنسا كان بالكوفة عند ابن زياد ، ولما جيء بالرؤوس بكى.وقد ذكرناه سابقا.

وفي (مقتل الحسين) للخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٧ :

فأقبل عليه أبو برزة الأسلمي (أو غيره من الصحابة) وقال له : ويحك يا يزيد!.أتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمةعليه‌السلام ؟. لقد أخذ قضيبك هذا مأخذا من ثغره!. أشهد لقد رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن ، ويقول :«أنتما سيدا شباب أهل الجنة. قتل الله قاتلكما ولعنه ، وأعدّ له جهنم وساءت مصيرا». أما أنت يا يزيد فتجيء يوم القيامة ، وعبيد الله بن زياد شفيعك ، ويجيء هذا ومحمد شفيعه.

٤٦٥

فغضب يزيد وأمر بإخراجه من المجلس ، فأخرج سحبا. وزاد في تنكيث ثنايا الحسينعليه‌السلام . وجعل يزيد بعده يتمثل بأبيات ابن الزّبعرى.

٥٥٤ ـ استنكار سمرة بن جندب :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٨)

وقيل : إن الّذي ردّ عليه ليس أبا برزة ، بل هو سمرة بن جندب صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ وقال ليزيد : قطع الله يدك يا يزيد ، أتضرب ثنايا طالما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّلهما ويلثم هاتين الشفتين؟!.

فقال له يزيد : لو لا صحبتك لرسول الله لضربت والله عنقك.

فقال سمرة : ويلك تحفظ لي صحبتي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا تحفظ لابن رسول الله بنوّته؟. فضجّ الناس بالبكاء ، وكادت أن تكون فتنة.

٥٥٥ ـ استنكار الحسن البصري لأعمال يزيد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)

وروى ابن أبي الدنيا عن الحسن البصري ، قال : ضرب يزيد رأس الحسينعليه‌السلام ومكانا كان يقبّله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم تمثّل الحسن البصري :

سميّة أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل!

الشعر الّذي تمثّل به يزيد

٥٥٦ ـ الأشعار التي تمثّل بها يزيد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٨)

ثم كشف يزيد عن ثنايا رأس الحسينعليه‌السلام بقضيبه ونكثه به ، وأنشد قول الحصين بن الحمام المرّي :

أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت

قواضب في أيماننا تقطر الدّما

صبرنا وكان الصبر منا عزيمة

وأسيافنا يقطعن كفا ومعصما

نفلّق هاما من أناس أعزّة

علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال له بعض جلسائه : ارفع قضيبك ، فو الله ما أحصي ما رأيت شفتي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكان قضيبك يقبّله.

٤٦٦

٥٥٧ ـ يزيد يتمثل بأشعار عبد الله بن الزبعرى المشرك(١) :

(المصدر السابق ؛ والمنتخب للطريحي ص ٤٨٤)

فسكت يزيد ، وإذا بغراب ينعق ويصيح من أعلى القصر ، فأنشأ يزيد يقول :

يا غراب البين ما شئت فقل

إنما تندب أمرا قد فعل

كل ملك ونعيم زائل

وبنات الدهر(٢) يلعبن بكلّ

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل(٣)

لأهلّوا واستهلّوا فرحا

ثم قالوا : يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

وأخذنا من علي ثارنا

وقتلنا الفارس الليث البطل

لست من خندف(٤) إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

ـ قصيدة ابن الزبعرى المشرك التي قالها بعد وقعة أحد :

(سيرة ابن هشام ، ج ٣ ص ١٤٣)

قال عبد الله بن الزّبعرى المشرك بعد وقعة أحد ، يبيّن أنه وقومه قد أخذوا ثأرهم من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقاء قتلاهم في بدر ، وهي القصيدة التي تمثّل يزيد ببعض أبياتها لما وضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يديه :

يا غراب البين أسمعت فقل

إنما تنطق شيئا قد فعل

إن للخير وللشرمدى

وكلا ذلك وجه وقبل(٥)

__________________

(١) قصيدة قالها عبد الله بن الزبعرى في نيّف وعشرين بيتا بعد وقعة أحد ، وقد كان مشركا. وقيل إنه أسلم بعد فتح مكة واعتذر من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقبل النبي توبته.

(٢) بنات الدهر : حوادثه.

(٣) الأسل : الرماح.

(٤) خندف : في الأصل لقب ليلى بنت عمران ، سمّيت به القبيلة. وإنما لقّبت خندف لأنها كانت تتبختر في مشيها. وخندف زوجة إلياس بن مضرام أحد أجداد قريش. وقد افتخر يزيد بأنه من خندف في الشعر الّذي قاله ، فقالت له زينبعليه‌السلام في مجلسه : لا تذكر خندف التي بينك وبينها ثلاثة عشر أبا ، بل اذكر جدتك القريبة وأفعالها ، وهي هند آكلة الأكباد أم معاوية (سفينة البحار ، ج ١ ص ٥٨٠).

(٥) القبل : المواجهة والمقابلة. يريد أن كل ذلك ملاقيه الإنسان ، من خير أو شر.

٤٦٧

كل عيش ونعيم زائل

وبنات الدهر يلعبن بكلّ

كم قتلنا من كريم سيّد

ماجد الجدّين مقدام بطل

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

حين حكّت بقباء بركها

واستحرّ القتل في عبد الأشل(١)

فقتلنا الضّعف من أشرافهم

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

ـ تحقيق الأبيات التي تمثّل بها يزيد :

(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٣٠٧)

روى ابن أعثم والخوارزمي وابن كثير وغيرهم ، أن يزيد جعل يتمثّل بأبيات ابن الزّبعرى التالية :

١ ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

٢ لأهلّوا واستهلّوا فرحا

ثم قالوا : يا يزيد لا تشل

٣ قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

قال ابن أعثم في (الفتوح) ج ٢ ص ٢٤١ : ثم زاد فيها هذا البيت :

٤ لست من عتبة إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧١ ط ٢ نجف قال :

المشهور عن يزيد في جميع الروايات أنه لما حضر الرأس بين يديه ، جمع أهل الشام ، وجعل ينكت عليه بالخيزران ، ويقول أبيات ابن الزّبعرى :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا القرن من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

قال الشعبي : وزاد فيها يزيد فقال :

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

وفي (الفتوح) لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٤١ ، بعد البيت الثاني :

حين ألقت بقباء بركها

واستحرّ القتل في عبد الأشل

__________________

(١) البرك : الصدر. وبنو عبد الأشل : يريد بني عبد الأشهل ، فحذف الهاء.

٤٦٨

وفي (مقتل الخوارزمي) قبل البيت الأول :

يا غراب البين ما شئت فقل

إنما تندب أمرا قد فعل

كلّ ملك ونعيم زائل

وبنات الدهر يلعبن بكلّ

وجاء فيه أيضا ، وفي (اللهوف) ص ٦٩ ، بعد البيت الرابع :

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

فتكون الأبيات التي زادها يزيد من عنده هي الثاني والرابع والخامس.

قال العلامة المجلسي في (البحار) ج ٤٥ حاشية ص ١٣٣ :

استشهد يزيد ببيت من القصيدة وهو الأول [ليت أشياخي] والباقي من إنشائه.

ثم قال سبط ابن الجوزي :

قال مجاهد : فلا نعلم الرجل إلا قد نافق في قوله هذا.

وقال شيخ السنّة أحمد بن الحسين : وآخر كلام يزيد لا يشبه أوله ، ولم أكتبه من وجه يثبت مثله ؛ فإن كان قاله ، فقد كان ضمّ إلى فعل الفجّار ـ في قتل الحسينعليه‌السلام وأهل بيته ـ أقوال الكفار. والله يعصمنا من الخطأ والزلل.

يزيد مع الإمام السجّادعليه‌السلام

٥٥٨ ـ ردّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام على أشعار يزيد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)

قال هشام بن محمّد : لما أنشد يزيد الأبيات ، قال له علي بن الحسينعليه‌السلام :بل ما قال الله أولى :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) (٢٢) [الحديد : ٢٢].

وفي (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة ، ص ٥ : (قال) فغضب يزيد ، وجعل يعبث بلحيته ، وقال :( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (٣٠) [الشورى : ٣٠].

وكان علي بن الحسينعليه‌السلام والنساء موثقين في الحبال ، فناداه عليعليه‌السلام : يا يزيد ، ما ظنّك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو رآنا موثّقين في الحبال ، عرايا على أقتاب الجمال؟. فلم يبق في القوم إلا من بكى.

٤٦٩

٥٥٩ ـ يزيد يهمّ بقتل زين العابدينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٦٨ ط ٣)

في تفسير علي بن إبراهيم ، قال الإمام الصادقعليه‌السلام : لما أدخل رأس الحسين بن عليعليه‌السلام على يزيد ، وأدخل عليه علي بن الحسينعليه‌السلام وبنات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كان علي بن الحسينعليه‌السلام مقيّدا مغلولا. فقال يزيد : يا علي بن الحسين ، الحمد لله الّذي قتل أباك!. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : لعن الله من قتل أبي.

قال : فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : فإذا قتلتني ، فبنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يردّهن إلى منازلهن ، وليس لهنّ محرم غيري؟فقال يزيد : أنت تردّهن إلى منازلهن.

ثم دعا بمبرد ، فأقبل يبرد (الجامعة) من عنقه بيده. ثم قال له : يا علي ابن الحسين ، أتدري ما الّذي أريد بذلك؟. قال : بلى ، تريد أن لا يكون لأحد عليّ منّة غيرك. فقال يزيد : هذا والله ما أردت.

٥٦٠ ـ مجادلة زين العابدينعليه‌السلام مع يزيد في آية من القرآن :

(المصدر السابق)

ثم قال يزيد : يا علي بن الحسين( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) [الشورى : ٣٠]. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : كلا ، ما هذه فينا نزلت ، إنما نزلت فينا:( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) (٢٣) [الحديد : ٢٢ ـ ٢٣]. فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ، ولا نفرح بما آتانا منها.

وفي رواية الشعبي : ثم أمر أن يدخل عليه بعلي بن الحسينعليه‌السلام ، فأدخل والنسوة من خلفه. فقال يزيد : من أنت يا غلام؟. فقال له : يا يزيد أنت أعرف الناس بي ، أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قال يزيد : أليس قد قتل علي بن الحسين؟. قال : ذاك أخي علي الأوسط. قال يزيد : وإلى القتل آتي بك يا علي. ثم أمر بقتله ، فأخرج. فصاحت زينبعليه‌السلام : إلى أين يراد بك؟.فقالعليه‌السلام : إلى القتل. فصاحت أم كلثوم وزينب : وحسبك يا يزيد من دمائنا.نناشدك الله إن قتلته فاقتلنا (معه). فأمر بردّه.

٤٧٠

ثم قال : يا علي ، أراد أبوك أن يدعى بأمير المؤمنين ، فقطع الله شأفته ، ومنحني أعناقكم ؛ فأخذت أموالكم ، وقتلت رجالكم ، وسبيت نساءكم ، وأبطلت أحدوثتكم. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) (٢٢) [الحديد : ٢٢]. فرفع يزيد رأسه إليه ولم يضرب عنقه ، فأخرج من بين يديه. فصاحت به أم كلثوم : إلى أين يا حبيبي؟. فقال لها : إلى السيف يا عمة. فصاحت : وا غوثاه باللهعزوجل ، وا بقية من لا يبقى (من) سلالة نبي الهدى ، يا بقية ابن علي المرتضى.

قال : فضجّ الناس بالبكاء. فقال رجل من القوم : يا يزيد ردّ الغلام ، وإلا فأنت مقتول. فردّه.

٥٦١ ـ مجادلة الطفل محمّد الباقرعليه‌السلام ليزيد في محضر أبيه زين العابدينعليه‌السلام :

(نفس المهموم للشيخ عباس القمي ، ص ٤٣٧)

وفي (إثبات الوصية) للمسعودي ، ص ٣٠ :

فلما استشهد الحسينعليه‌السلام حمل علي بن الحسينعليه‌السلام مع الحرم ، وأدخل على اللعين يزيد. وكان لابنه محمّد الباقرعليه‌السلام سنتان وشهور ، فأدخل معه. فلما رآه يزيد قال له: كيف رأيت صنع الله يا علي؟. قال : رأيت ما قضاه اللهعزوجل قبل أن يخلق السموات والأرض.

فشاور يزيد جلساءه في أمره ، فأشاروا عليه بقتله ، وقالوا له الكلمة الخبيثة التي طويت كشحا عن نقلها. فابتدر أبو جعفر الباقرعليه‌السلام الكلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ليزيد : لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه ، حيث شاورهم في موسى وهرون ، فإنهم قالوا له :( أَرْجِهْ وَأَخاهُ ) (١) [الشعراء : ٣٦].وقد أشار هؤلاء عليك بقتلنا ، ولهذا سبب. فقال يزيد : وما السبب؟. فقال : إن هؤلاء كانوا الرّشدة ، وهؤلاء لغير رشدة ، ولا يقتل الأنبياء وأولادهم إلا أولاد الأدعياء. فأمسك يزيد مطرقا.

__________________

(١) أرجه : أي أخّر أو احبس.

٤٧١

٥٦٢ ـ مجادلة بين يزيد وزين العابدينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٣)

فتقدم علي بن الحسينعليه‌السلام حتى وقف بين يدي يزيد وقال :

لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم

وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا

فالله يعلم أنا لا نحبّكم

ولا نلومكم إن لم تحبّونا

فقال يزيد : صدقت!. ولكن أراد أبوك وجدك أن يكونا أميرين ، فالحمد لله الّذي قتلهما وسفك دماءهما.

ثم قال يزيد : (ايه) يا علي ، إن أباك قطع رحمي ، وجهل حقي ، ونازعني سلطاني ؛ فصنع الله به ما قد رأيت. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :

( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ ) [الحديد : ٢٢]. فقال يزيد لابنه خالد : اردد عليه يا بني!. فلم يدر خالد ما ذا يردّ. فقال يزيد :

( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) [الشورى : ٣٠].

فقال عليعليه‌السلام : هذا في حق من ظلم ، لا في حق من ظلم. ثم قالعليه‌السلام :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) [الزمر : ٤٢] ، فسكت يزيد. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : يابن معاوية وهند وصخر ، لم تزل النبوة والإمرة لآبائي وأجدادي من قبل أن تولد. ولقد كان جدي علي بن أبي طالبعليه‌السلام في يوم بدر وأحد والأحزاب ، في يده راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبوك وجدك في أيديهما رايات الكفار. ثم جعل علي بن الحسينعليه‌السلام يقول:

ماذا تقولون إذ قال النبي لكم :

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي

منهم أسارى ومنهم ضرّجوا بدم

وقال ابن نما : فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : فقلت وأنا مغلول : أتأذن لي في الكلام؟. فقال يزيد : قل ولا تقل هجرا. فقالعليه‌السلام : لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي أن يقول الهجر. ما ظنك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو رآني في الغل؟. فقال لمن حوله : خلّوه.

٤٧٢

خطبة زينبعليه‌السلام بالشام

٥٦٣ ـ خطبة العقيلة زينبعليه‌السلام في مجلس يزيد في دمشق :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٢)

ولما سمعت زينبعليه‌السلام يزيد يتمثّل بأبيات ابن الزبعرى المتقدمة ، قامت وخطبت خطبتها المشهورة ، تعرّف الملأ فظاعة أعمال يزيد وتبيّن لهم أهداف أخيها الحسينعليه‌السلام من نهضته واستشهاده.

قالت : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين. صدق الله سبحانه حيث يقول :( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ ) [الروم : ١٠].

أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى ، أنّ بنا على الله هوانا ، وبك عليه كرامة ، وأن ذلك لعظم خطرك عنده؟!. فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك(١) ، [تضرب أصدريك فرحا ، وتنفض مذوريك مرحا] ، جذلان مسرورا ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ، والأمور متّسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا؟!. فمهلا مهلا ، [لا تطش جهلا] ، أنسيت قول الله تعالى :( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ) [آل عمران : ١٧٨].

أمن العدل يابن الطلقاء ، تخديرك حرائرك وإماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا ، على ظهور المطايا ؛ قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، وصحلت أصواتهن ، تحدو بهنّ الأعداء من بلد إلى بلد ، ويستشرفهنّ أهل المناهل والمعاقل(٢) ، ويتصفّح وجوههن القريب والبعيد ، والدني والشريف ، ليس معهن من حماتهن حميّ ، ولا من رجالهن وليّ!. وكيف ترتجى مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الأزكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء. وكيف يستبطأ في بغضنا ـ أهل البيت ـ من نظر إلينا بالشّنف والشنآن ، والإحن(٣) والأضغان؟!. ثم تقول غير متأثّم ولا مستعظم :

__________________

(١) شمخ الرجل بأنفه : تكبّر. وعطفا الرجل : جانباه ، والنظر في العطف : كناية عن الخيلاء.

(٢) يحدو بهن : أي يسوقهنّ سوقا شديدا. واستشرف الشيء : رفع بصره ينظر إليه.

(٣) الشّنف : البغض والتنكر. والإحن : جمع إحنة ، وهي الحقد.

٤٧٣

لأهلّوا واستهلّوا فرحا

ثم قالوا : يا يزيد لا تشل

منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة ، تنكتها بمخصرتك(١) .وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة(٢) ، بإراقتك دماء ذرية محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب. وتهتف بأشياخك ، زعمت أنك تناديهم ، فلتردنّ وشيكا موردهم ، ولتودّنّ أنك شللت وبكمت ، ولم تكن قلت ما قلت ، وفعلت ما فعلت.

اللهم خذ لنا بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا.

فو الله [يا يزيد] ما فريت إلا جلدك ، ولا حززت إلا لحمك. ولتردنّ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تحمّلت من سفك دماء ذريته ، وانتهكت من حرمته ، في عترته ولحمته. حيث يجمع الله تعالى شملهم ، ويلمّ شعثهم ، ويأخذ بحقهم( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) [آل عمران : ١٦٩].

وحسبك بالله حاكما ، وبمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خصيما ، وبجبرائيل ظهيرا.وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين ،( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ) ، وأيّكم شر مكانا وأضعف جندا.

ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك(٣) ، إني لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك. ولكن العيون عبرى ، والصدور حرّى.

ألا فالعجب كل العجب ، لقتل حزب الله النجباء ، بحزب الشيطان الطلقاء. فهذه الأيدي تنطف(٤) من دمائنا ، والأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعفّرها أمهات الفراعل(٥) . ولئن اتخذتنا مغنما ، لتجدنّنا

__________________

(١) المخصرة : كل ما اختصر الإنسان بيده فأمسكه ، من عصا ونحوها.

(٢) نكأت القرحة : قشرتها. والشأفة : قرحة تخرج في أسفل القدم ، فتكوى فتذهب ، وإذا قطعت مات صاحبها. واستأصل الله شأفته : أذهبه كما تذهب تلك القرحة ، أو معناه : أزاله من أصله.

(٣) ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك ، يحتمل في [مخاطبتك] وجهان : الرفع أو النصب.

(٤) تنطف : تقطر.

(٥) العواسل : جمع عسّال ، وهو الذئب. والفراعل : جمع فرعل ، وهو ولد الضبع. (وفي رواية) تعفوها : أي تدرسها وتزيلها.

٤٧٤

وشيكا مغرما ، حين لا تجد إلا ما قدّمت يداك ، وما ربك بظلّام للعبيد ، وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل.

فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا يرحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند(١) ، وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد ، يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين.

والحمد لله رب العالمين ، الّذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة. ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة. إنه رحيم ودود ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

فقال يزيد مجيبا لها :

يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون النوح على النوائح

* * *

الشامي مع فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام

٥٦٤ ـ رجل أزرق أحمر من أهل الشام يطلب فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام جارية له :

(تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ص ٣٥٣)

فقام رجل من أهل الشام أحمر أزرق ، ونظر إلى وصيفة من بنات أهل البيتعليه‌السلام ، فقال ليزيد : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه!.

فقالت زينبعليه‌السلام : لا والله ، ولا كرامة لك ولا له ، إلا أن يخرج من دين الله.فأعادها الأزرق ، فقال له يزيد : كفّ.

٥٦٥ ـ زينبعليه‌السلام تشكك بإسلام يزيد :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢٠٣)

وذكر هشام بن محمّد : أنه لما دخلت النساء على يزيد ، نظر رجل من أهل الشام أحمر ، إلى فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وكانت وضيئة [أي جميلة]. فقال ليزيد : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه الجارية ، فإنهن لنا حلال.

__________________

(١) الفند : الكذب وضعف الرأي.

٤٧٥

قالت فاطمة : فارتعدت وظننت أن ذلك جائز عندهم ، فأخذت بثياب عمتي زينب ، وقلت : يا عمتاه ، أوتمت وأستخدم؟!. وكانت عمتي تعلم أن ذلك لا يكون.فقالت عمتي : لا حبا ولا كرامة لهذا الفاسق. وقالت للشامي : كذبت والله ولؤمت ، والله ما ذاك لك ولا له.

فغضب يزيد وقال : كذبت ، إن ذلك لي ، ولو شئت أن أفعل لفعلت. قالت زينبعليه‌السلام : كلا ، ما جعل الله لك ذلك إلا أن تخرج عن ملتنا وتدين بغيرها.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف :

صلّ إلى غير قبلتنا ، ودن بغير ملّتنا ، وافعل ما شئت.

فاستطار يزيد غضبا ، وقال : إياي تستقبلين بهذا؟. إنما خرج من الدين أبوك وأخوك. قالت زينبعليه‌السلام : بدين الله ودين أبي ودين جدي اهتديت أنت وجدك وأبوك إن كنت مسلما!. قال : كذبت يا عدوة الله. قالت : أنت أمير تشتم ظالما ، وتقهر بسلطانك!. قال : فو الله لكأنه استحيا فسكت.

ثم عاد الشامي فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية. فقال له يزيد :اعزب ، وهب الله لك حتفا قاضيا.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٦٢ : ويلك لا تقل ذلك ، فهذه بنت علي وفاطمة ، وهم أهل بيت لم يزالوا مبغضين لنا منذ كانوا.

٥٦٦ ـ الشامي يعاتب يزيد :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٣٧ ط ٣)

وفي بعض الكتب : قالت أم كلثوم للشامي الّذي طلبها جارية له : اسكت يا لكع الرجال. قطع الله لسانك ، وأعمى عينيك ، وأيبس يديك ، وجعل النار مثواك. إن أولاد الأنبياء لا يكونون خدمة لأولاد الأدعياء.

وفي رواية السيد ابن طاووس ، فقال الشامي : من هذه الجارية؟. فقال يزيد :هذه فاطمة بنت الحسين ، وتلك زينب بنت علي بن أبي طالب. فقال الشامي :الحسين بن فاطمة وعلي بن أبي طالب؟. قال : نعم. فقال الشامي : لعنك الله يا يزيد ، تقتل عترة نبيك وتسبي ذريته!. والله ما توهمت إلا أنهم (من) سبي الروم.فقال يزيد : والله لألحقنك بهم. ثم أمر به فضربت عنقه.

٤٧٦

صلب الرؤوس

مدخل :

الظاهر من الروايات أن يزيد بعد أن حقق رغبته في رؤية رأس الحسينعليه‌السلام ورؤوس أهله بين يديه ، أمر بها فصلبت في ثلاثة أماكن على الترتيب :

ـ على باب قصره.

ـ ثم على أبواب دمشق.

ـ ثم على أبواب المسجد الجامع.

فأما رأس الحسينعليه‌السلام فصلبه على باب قصره ثلاثة أيام ، واستنكرت زوجته هند عمله هذا ، ثم صلبه على أبواب دمشق ، ثم أنزله وجلبه إلى بيت منامه فبات ليلة ، فاستيقظت هند ليلا ورأت الأنوار تتصاعد منه إلى عنان السماء ، فتوعدته بالفراق ، فأخرجه من داره وصلبه على باب المسجد ، أو على منارة جامع دمشق أربعين يوما.

أما بقية الرؤوس فصلبت يوما على باب القصر ، وعدة أيام على أبواب المدينة ، ثم صلبت على أبواب المسجد الجامع.

٥٦٧ ـ صلب الرأس المقدس :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٥٨)

ثم أخرج الرأس من المجلس ، وصلب على باب القصر ثلاثة أيام(١) .

وأمر يزيد بالرؤوس أن تصلب على أبواب البلد والجامع الأموي ، ففعلوا بها ذلك(٢) .

٥٦٨ ـ استنكار هند بنت عمرو لصلب الرأس الشريف :(المصدر السابق)

فلما رأت هند بنت عمرو بن سهيل زوجة يزيد ، الرأس على باب دارها(٣) والنور

__________________

(١) الخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٩ ؛ والإتحاف بحب الأشراف ، ص ٢٣ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٥ ؛ والبداية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٠٤ ؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٣ ص ٢١٦.

(٢) نفس المهموم للشيخ عباس القمي ، ص ٢٤٧.

(٣) مقتل العوالم ، ص ١٥١.

٤٧٧

الإلهي يسطع منه ، ودمه طري لم يجف ، ويشمّ منه رائحة ، طيبة(١) ، دخلت المجلس مهتوكة الحجاب ، ووثبت على يزيد وقالت : رأس ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصلوب على باب دارنا؟!. فقام إليها يزيد وغطاها ، وقال لها : أعولي عليه يا هند ، فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد فقتله ، قتله الله.

٥٦٩ ـ صلب رأس الحسينعليه‌السلام على منارة جامع دمشق :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٠٧)

في (كامل البهائي) : أمر يزيد برأس الحسينعليه‌السلام وسائر الرؤوس من أهل بيته وأصحابه أن تصلب عليأبواب البلد. وأفجع الفجائع هو أنه أمر بأن يصلب رأس الحسينعليه‌السلام على منارة جامع دمشق أربعين يوما ، وسائر الرؤوس على أبواب المساجد وأبواب البلد ، ويوما على باب دار يزيد.

٥٧٠ ـ نصب رأس الحسينعليه‌السلام حيث نصب رأس يحيىعليه‌السلام :

(حياة الإمام الحسين للسيد باقر شريف القرشي ، ج ٣ ص ٣٧٥)

وبعدما قضى الأثيم يزيد وطره من العبث برأس سيد شباب أهل الجنة ، نصبه في جامع دمشق ، في المكان الّذي نصب فيه رأس يحيى بن زكريا(٢) ، وقد علّق ثلاثة أيام(٣) .

وفي (تقويم البلدان) لأبي الفداء ، ص ٢٣٠ :

لما قتل يحيى بن زكرياعليه‌السلام نصب رأسه على باب المسجد المسمى باب جيرون. وعلى باب جيرون نصب رأس الحسين بن عليعليه‌السلام حيث نصب رأس يحيى بن زكرياعليه‌السلام .

٥٧١ ـ خالد بن معدان يختفي في الشام :

(مقتل الخوارزمي ج ٢ ص ١٢٥ ط نجف)

عن العاصمي سمعت أبا الحسن علي بن محمّد الأديب يذكر بإسناد له ، أن رأس الحسين بن عليعليه‌السلام لما صلب بالشام ، اخفى خالد بن معدان (وهو من

__________________

(١) الخطط المقريزية ، ج ٢ ص ٢٨٤.

(٢) صبح الأعشى ، ج ٤ ص ٩٧.

(٣) تهذيب التهذيب ، ج ١ ص ١٥٧.

٤٧٨

أفضل التابعين) شخصه من أصحابه. فطلبوه شهرا فوجدوه ، فسألوه عن عزلته ، فقال لهم: أما ترون ما نزل بنا؟. ثم أنشدهم :

جاؤوا برأسك يابن بنت محمّد

متزمّلا بدمائه تزميلا

قتلوك عطشانا ولم يترقّبوا

في قتلك التنزيل والتأويلا

وكأنما بك يابن بنت محمّد

قتلوا جهارا عامدين رسولا

ويكبّرون بأن قتلت وإنما

قتلوا بك التكبير والتهليلا

حبس السبايا في الخربة(١)

تمهيد :

بعد أن شفى يزيد حقده من سبايا أهل البيتعليه‌السلام أمر بهم إلى سجن أو حبس في مكان خرب ، قرب باب الفراديس (باب العمارة) ، غير بعيد عن قصره. وكان ذلك المكان مسجدا مهجورا يكاد أن يسقط. وكان لا يحميهم ولا يكنّهم من برد أو حرّ ، لأنه بدون سقف. وظلوا في هذا الحبس أياما حتى تقشرت وجوههم وجلودهم. وفي بعض الروايات باتوا فيه ثلاثة أيام ، وفي بعضها أكثر من ذلك حتى العشرين يوما.

وكان يزيد بين الفينة والأخرى ، يحضرهم إلى مجلسه ليشفي بقايا حقده وبغضه وكرهه لأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي بعض الروايات أنهم أنزلوهم بعد ذلك دارا تتصل بدار يزيد ، فأقاموا فيها أياما ، ثم نقلوهم إلى دار أخرى.

فإذا فرضنا أنهم أقاموا في الخربة من الجمعة إلى الجمعة ثمانية أيام [من ١ صفر إلى ٨ صفر] ، ثم نزلوا في دار يزيد ثلاثة أيام ، ثم أفردت لهم دار ليقيموا المأتم على الحسينعليه‌السلام سبعة أيام ؛ فتكون إقامتهم في دمشق على أقل تقدير ١٨ يوما.

٥٧٢ ـ حبس السبايا في الخربة :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٨)

يقول الفاضل الدربندي : هناك روايات كثيرة في هذا الشأن :

في (بصائر الدرجات) للصفار عن أحمد بن محمّد ، عن الأهوازي والبرقي

__________________

(١) الخربة والخربة : المكان الخراب.

٤٧٩

مرفوعا ، قال : سمعت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام يقول : لما أتي بعلي بن الحسينعليه‌السلام ومن معه إلى يزيد بن معاوية ، جعلوهم في بيت. فقال بعضهم : إنما جعلنا في هذا البيت ليقع علينا فيقتلنا ، فتراطن الحرس [أي تكلموا بلغة الرطانة] فقالوا : انظروا إلى هؤلاء يخافون أن يقع عليهم البيت ، وإنما يخرجون غدا فيقتلون!.

قال علي بن الحسينعليه‌السلام : لم يكن فينا أحد يحسن الرطانة غيري. والرطانة عند أهل المدينة هي اللغة الرومية.

ومن جملة ذلك ما رواه الصدوق في (الأمالي) عن ماجيلويه عن عمه عن نصر بن مزاحم عن لوط بن يحيى [أبو مخنف] عن الحرث بن كعب ، عن فاطمة بنت عليعليه‌السلام قالت : ثم إن يزيد أمر بنساء الحسينعليه‌السلام فحبسن مع علي بن الحسينعليه‌السلام في محبس لا يكنّهم من حرّ ولا قرّ ، حتى تقشّرت وجوههم. ولم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط إلى أن خرج علي بن الحسينعليه‌السلام بالنسوة ، وردّ رأس الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء.

ومن جملة ذلك ما ذكره السيد في (اللهوف) :

قال الراوي : ووعد يزيد علي بن الحسين (ع) في ذلك اليوم [أي الأول] أن يقضي له ثلاث حاجات. ثم أمر بهم إلى منزل لا يكنّهم من حرّ ولا برد ، فأقاموا به حتى تقشّرت وجوههم. وكانوا مدة إقامتهم في البلد المشار إليه ينوحون على الحسينعليه‌السلام .

وفي (الأنوار النعمانية) للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٤٦ :

روى الصدوق في (الأمالي) عن فاطمة بنت عليعليه‌السلام أن يزيد أمر بنساء الحسينعليه‌السلام فحبسن مع علي بن الحسينعليه‌السلام في محبس لا يكنّهم من حرّ ولا برد ، حتى تقشّرت وجوههم.

قال المدائني : موضع حبس الإمام زين العابدينعليه‌السلام هو اليوم مسجد.

٥٧٣ ـ آل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خربة بالشام :

(روضة الواعظين للفتال النيسابوري ، ص ١٩٢ ط نجف)

قالوا : ثم إن يزيد بن معاوية أمر ، فأنزلوا آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحرائر النبوة والرسالة ، وبنات علي والزهراءعليه‌السلام في سكن لا يقي من حرّ ولا برد ، وليس فيه

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800