موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء10%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494010 / تحميل: 5856
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٧ ـ أحفاد عقيل :

الغلام محمد بن أبي سعيد بن عقيل ، جعفر بن محمد بن عقيل (ذكرهما ابن شهر آشوب).

١٧ ـ أسماء المستشهدين من آل أبي طالبعليهم‌السلام :(مرتبة على الحروف الهجائية)

(أ) ـ أبو بكر بن عليعليه‌السلام ـ إبراهيم بن عليعليه‌السلام ـ أبو بكر بن الحسنعليه‌السلام ـ أحمد بن الحسنعليه‌السلام .

(ب) ـ بشر بن الحسنعليه‌السلام .

(ج) ـ جعفر بن عليعليه‌السلام ـ جعفر بن عقيل ـ جعفر بن محمّد بن عقيل.

(ح) ـ سيد الشهداء أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام .

(ع) ـ العباس بن عليعليه‌السلام ـ (ابنه عبد الله) ـ عبد الله الأصغر بن عليعليه‌السلام ـ عبد الله بن علي (أخو العباس لأمه وأبيه) ـ أخوه عثمان بن عليعليه‌السلام ـ عمر بن عليعليه‌السلام ـ الغلام عبد الله بن الحسنعليه‌السلام ـ عمر ابن الحسنعليه‌السلام ـ علي الأكبر بن الحسينعليه‌السلام ـ عبد الله الرضيع ابن الحسينعليه‌السلام ـ علي بن الحسينعليه‌السلام ـ عون بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام ـ أخوه عبيد الله ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ أخوه عبد الله الأكبر ـ أخوه عون بن عقيل ـ عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام ـ أخوه عون.

(ق) ـ القاسم بن الحسن (فلقة القمر).

(م) ـ محمّد الأصغر بن عليعليه‌السلام ـ محمّد بن العباس بن عليعليه‌السلام ـ محمّد بن عبد الله بن جعفر ـ مسلم بن عقيلعليه‌السلام ـ أخوه موسى ـ محمّد بن مسلم بن عقيل ـ الغلام محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام (١) .

__________________

(١) بلغ عدد المستشهدين في هذا الفهرس ٣٥ شهيدا. وهذه الأسماء مستقاة من كتب المقاتل المعتمدة ومن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢٥٩.

وقد ذكر العلامة الأمين في أعيان الشيعة ، ج ٤ قسم ١ ص ٢٩٨ (ط ٢ بيروت ١٣٦٧ ه‍) تحقيقا جيدا عن أسماء المستشهدين من آل أبي طالب عليه‌السلام .

٤١

زيارة الناحية المقدسة

وننهي هذا الفصل بذكر «زيارة الناحية المقدسة» لأهميتها التاريخية.

يقول الشيخ محمّد مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين) ص ٥٦ ط ٢ :الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدسة ، هي زيارة للحسينعليه‌السلام منسوبة للإمام الحجة (عج) ، تشتمل على أسماء أكثر الشهداء ، وبعض أحوالهم وأسماء قاتليهم ، رواها المجلسي في (البحار) ج ٤٥ ص ٦٥ ـ ٧٣ عن كتاب

(الإقبال) للسيد ابن طاووس. ونحن نشك في نسبتها إلى الإمام المهديعليه‌السلام لأن تاريخ صدورها سنة ٢٥٢ ه‍ سابق على ولادة القائمعليه‌السلام ، ولكنها مع ذلك نص تاريخي قديم يعتمد عليه من الناحية التاريخية.

وقد حوت الزيارة ٦٤ اسما من الأصحاب المستشهدين من أصل ٨٣ شهيدا.

١٨ ـ متن الزيارة الصادرة عن الناحية المقدسة من كتاب (التحفة):

(العيون العبرى للميانجي ، ص ٣١١ ـ ٣٢٢)

قال : خرج من الناحية المقدسة سنة ٢٥٢ ه‍ على يد الشيخ محمّد بن غالب الاصفهاني الزيارة التالية :

بسم الله الرّحمن الرّحيم

إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم ، فقف عند رجلي الحسينعليه‌السلام وهو قبر علي الأكبر بن الحسينعليه‌السلام ، فاستقبل القبلة بوجهك ، فإن هناك حومة الشهداء ، وأومئ وأشر إلى علي بن الحسينعليه‌السلام وقل :

شهادة علي الأكبرعليه‌السلام :

السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل ، من سلالة إبراهيم الخليل ، صلّى الله عليك وعلى أبيك ، إذ قال فيك : قتل الله قوما قتلوك يا بني ، ما أجرأهم على الرحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول. على الدنيا بعدك العفا. كأني بك بين يديه ماثلا ، وللكافرين قاتلا قائلا :

أنا علي بن الحسين بن علي

نحن وبيت الله أولى بالنبي

أطعنكم بالرمح حتى ينثني

أضربكم بالسيف أحمي عن أبي

ضرب غلام هاشميّ عربي

والله لا يحكم فينا ابن الدّعي

٤٢

حتى قضيت نحبك ولقيت ربك. أشهد أنك أولى بالله وبرسوله ، وأنك ابن رسوله وابن حجّته وأمينه. حكم الله لك على قاتلك مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي ، لعنه الله وأخزاه ، ومن شركه في قتلك ، وكانوا عليك ظهيرا ، وأصلاهم الله جهنم وساءت مصيرا. وجعلنا الله من ملاقيك ومرافقيك ، ومرافقي جدك وأبيك ، وعمك وأخيك ، وأمك المظلومة. وأبرأ إلى الله من قاتليك ، وأسأل الله مرافقتك في دار الخلود ، وأبرأ إلى الله من أعدائك أولي الجحود ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

شهادة الطفل عبد الله الرضيععليه‌السلام :

السلام على عبد الله بن الحسينعليه‌السلام ، الطفل الرضيع ، المرميّ الصريع ، المتشحّط دما ، المصعّد دمه في السماء ، المذبوح بالسهم في حجر أبيه. لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه.

أولاد أمير المؤمنينعليه‌السلام

عبد الله بن عليعليه‌السلام :

السلام على عبد الله ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مبلي البلاء ، والمنادي بالولاء ، في عرصة كربلاء ، المضروب مقبلا ومدبرا. لعن الله قاتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.

شهادة العباس قمر بني هاشمعليه‌السلام :

السلام على العباس ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، المواسي أخاه بنفسه ، الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له الواقي ، الساعي إليه بمائه ، المقطوعة يداه. لعن الله قاتليه يزيد بن وقّاد وحكيم بن الطفيل الطائي.

إخوة العباسعليه‌السلام :

السلام على جعفر ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الصابر نفسه محتسبا ، والنائي عن الأوطان مغتربا ، المستسلم للقتال ، المستقدم للنزال ، المكثور بالرجال. لعن الله قاتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.

السلام على عثمان ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، سميّ عثمان بن مظعون. لعن الله راميه بالسهم ، خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي ، والأباني الدارمي.

٤٣

تتمة أولاد أمير المؤمنينعليه‌السلام :

السلام على محمّد ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قتيل الأبانيّ الدارمي. لعنه الله وضاعف عليه العذاب الأليم. وصلى الله عليك يا محمّد وعلى أهل بيتك الصابرين.

أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام

السلام على أبي بكر بن الحسن الزكيعليه‌السلام ، الولي المرمي ، بالسهم المردي.لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي.

السلام على عبد الله بن الحسن بن علي الزكيعليه‌السلام . لعن الله قاتله وراميه ، حرملة بن كاهل الأسدي.

السلام على القاسم بن الحسن بن عليعليه‌السلام ، المضروب هامته ، المسلوب لامته

أولاد عبد الله بن جعفرعليه‌السلام

السلام على عون بن عبد الله بن جعفر ، الطيار في الجنان ، حليف الإيمان ، ومنازل الأقران ، الناصح للرحمن ، التالي للمثاني والقرآن. لعن الله قاتله عبد الله بن قطيّة النبهاني.

السلام على محمّد بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام ، الشاهد مكان أبيه ، والتالي لأخيه ، وواقيه ببدنه. لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.

أولاد عقيلعليه‌السلام

السلام على جعفر بن عقيلعليه‌السلام . لعن الله قاتله وراميه ، بشر بن خوط الهمداني.

السلام على عبد الرحمن بن عقيلعليه‌السلام . لعن الله قاتله وراميه ، عمر بن خالد بن أسد الجهني.

السلام على القتيل ابن القتيل عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام . ولعن الله قاتله عامر بن صعصعة.

السلام على أبي عبد الله بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام . ولعن الله راميه وقاتله عمرو بن صبيح الصيداوي [وفي رواية مزار المفيد : عبد الله بن عقيل].

٤٤

السلام على محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام . ولعن الله قاتله وراميه ، لقيط بن ناشر الجهني.

موالي الإمام الحسينعليه‌السلام

السلام على سليمان مولى الحسين ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام . ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي.

السلام على قارب مولى الحسين بن عليعليه‌السلام .

السلام على منجح مولى الحسين بن عليعليه‌السلام .

شهادة الأصحاب (رض)

السلام على مسلم بن عوسجة أول شهيد (سلام طويل)

السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي (سلام طويل)

السلام على بشر بن عمرو الحضرمي (سلام طويل)

السلام على يزيد بن حصين الهمداني المشرقي ، القارئ المجدّل بالمشرفي

السلام على عمران بن كعب الأنصاري [لعله تصحيف لعمرو بن جنادة ابن كعب]

السلام على نعيم بن عجلان الأنصاري

السلام على زهير بن القين البجلي (سلام طويل)

السلام على عمرو بن قرظة الأنصاري

السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي

السلام على الحر بن يزيد الرياحي ـ السلام على عبد الله بن عمير الكلبي ـ السلام على نافع بن هلال الجملي المرادي ـ السلام على أنس بن كاهل الأسدي ـ السلام على قيس بن مسهر الصيداوي ـ السلام على عبد الله وعبد الرحمن ابني عروة بن حرّاق الغفاريين

السلام على جون مولى أبي ذر الغفاري ـ السلام على شبيب بن عبد الله النهشلي ـ السلام على الحجاج بن يزيد السعدي ـ السلام على قاسط وكردوس ابني عبد الله بن زهير التغلبيين ـ السلام على كنانة بن عتيق ـ السلام على ضرغامة بن مالك.

٤٥

السلام على جوين بن مالك الضبعي ـ السلام على عمرو بن ضبيعة الضّبعي

السلام على يزيد بن ثبيت القيسي

السلام على عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي.

السلام على عامر بن مسلم ـ السلام على قعنب بن عمرو النمري

السلام على سالم مولى عامر بن مسلم ـ السلام على سيف بن مالك ـ السلام على زهير بن بشر الخثعمي

السلام على زيد بن معقل [أو مغفّل] الجعفي ـ السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي

السلام على مسعود بن الحجاج وابنه ـ السلام على مجمع بن عبد الله العائذي ـ السلام على عمار بن حسان بن شريح الطائي ـ السلام على حيان [أو جنادة] ابن الحارث السلماني الأزدي ـ السلام على جندب ابن حجير الخولاني ـ السلام على عمرو [وليس عمر] ابن خالد الصيداوي ـ السلام على سعيد مولاه ـ السلام على يزيد بن زياد بن المهاصر الكندي ـ السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي ـ السلام على جبلة بن علي الشيباني

السلام على سالم مولى بني المدينة الكلبي

السلام على أسلم بن كثير الأزدي ـ السلام على زهير بن سليم الأزدي ـ السلام على قاسم بن حبيب الأزدي ـ السلام على عمر بن الأحدوث الحضرمي

السلام على أبي ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي

السلام على حنظلة بن أسعد الشبامي

السلام على عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي ـ السلام على عمارة ابن أبي سلامة الهمداني

السلام على عابس بن شبيب الشاكري ـ السلام على شوذب مولى شاكر ـ السلام على سيف بن الحارث بن سريع ـ السلام على مالك بن عبد بن سريع

السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي حمير [أو عمير] الفهمي [أو النهمي] الهمداني ـ السلام على المرتثّ معه عمرو بن عبد الله الجندعي

(المرتث : هو الّذي يحمل من المعركة جريحا وبه رمق ، ثم يموت خارجها).

٤٦

الخاتمة :

السلام عليكم يا خير أنصار. السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. بوّأكم الله مبوّأ الأبرار. أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء ، ومهّد لكم الوطاء ، وأجزل لكم العطاء ، وكنتم عن الحق غير بطاء. وأنتم لنا فرطاء ، ونحن لكم خلطاء ، في دار البقاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

٤٧

موقعة كربلاء

يوم العاشر من المحرم

قال الامام أبو عبد الله الحسين (ع) سيد الشهداء ، وإمام الاباء والفداء ، في كربلاء ، يوم عاشوراء :

ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين : السّلة أو الذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت وحجور طهرت ، وأنوف حمية ونفوس أبية ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

وقال الشاعر :

لك بالطف يابن أحمد يوم

خلدته الأجيال جيلا فجيلا

يوم ناديت يا سيوف خذيني

ابت النفس ان أعيش ذليلا

٤٨

الفصل الثاني والعشرون

موقعة كربلاء

ـ مقدمة الفصل ١ ـ منزلة شهداء كربلاء (ع)

٢ ـ بدء القتال والمبارزة :

ـ الحملة الأولى

ـ المبارزات

٣ ـ المستشهدون من الأصحاب بالمبارزة :

ـ زحف عمرو بن الحجاج على ميمنة الحسين (ع)

ـ زحف شمر بن ذي الجوشن على الميسرة

ـ عزرة بن قيس يطلب النجدة والمدد

ـ مبارزة الحر بن يزيد الرياحي

ـ عمر بن سعد يأمر بتقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها

ـ الصلاة في المعركة

ـ تنافس الأصحاب على الموت

ـ جدول بأشهر المستشهدين من الأصحاب مع ذكر قاتليهم.

٤٩
٥٠

الفصل الثاني والعشرون

موقعة كربلاء

مقدمة الفصل :

بعد أن استطاع الإعلام الأموي وأعوان حكمه أن يضلّلوا الناس ، ويرغّبوهم ويرهّبوهم بكل وسيلة ، ويزجّوهم آلافا مؤلّفة إلى ميدان كربلاء ، وبعد أن زحفت جيوش يزيد وابن زياد بقيادة عمر بن سعد ، حتى اكتملت هناك ٠٠٠ / ٣٠ ثلاثين ألفا ، يتحلّقون حول الثلّة المؤمنة من كل جانب ؛ بدأت معركة كربلاء العظمى ، حين وضع ابن سعد سهمه في كبد قوسه وقال : «اشهدوا لي عند الأمير أنني أول من رمى آ ، فتتابع أصحابه في إثره بالرمي ، فرشقوهم رشقة واحدة ، حتى لم يبق أحد من أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام إلا أصابه من رميهم سهم ، وخرّ منهم للحال خمسون شهيدا ، وهم الذين يشار إليهم بالمستشهدين في (الحملة الأولى) ، وقد مرّت أسماؤهم في الفقرة رقم. ١٠

ثم بدأت (المبارزات) ، فتقدم الحر بن يزيد ، ومسلم بن عوسجة ، وبرير بن خضير ، وعبد الله بن عمير وغيرهم ؛ وكان الواحد منهم يستأذن الحسينعليه‌السلام ثم يبرز ، وهو يرتجز بعض الشعر الّذي ينبئ عن نسبه ، ويفصح عن بعض صفاته ، ثم يقاتل حتى يقتل. كل ذلك دفاعا عن الحسين الإمام وأهل بيته الكرامعليهم‌السلام .

حتى إذا قتل كل الأصحاب وعددهم ٨٢ شهيدا ، برز شبان أهل البيتعليهم‌السلام ، أولهم علي الأكبرعليه‌السلام فلذة كبد الحسينعليه‌السلام ، وآخرهم العباسعليه‌السلام أخو الحسينعليه‌السلام وحامل لوائه. فتفانوا في الدفاع عن عميدهم وإمامهم الحسين ابن عليعليه‌السلام ، إلى أن أصبح وحيدا فريدا. وكان عدد المستشهدين منهم ١٧ شهيدا أو أزيد.

ثم انتضى للأعداء الإمام الحسينعليه‌السلام ابن حيدرة الكرار ، يكرّ عليهم ويغوص في أوساطهم ، حتى قتل مقتلة عظيمة ، ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

٥١

ثم أرادعليه‌السلام أن يودّع عياله الوداع الأخير ، فقال لأخته العقيلة زينبعليه‌السلام :ناوليني ولدي الرضيع ـ وهو عبد الله ـ لأودّعه ، فبينما هو يقبّله ويضمه إلى صدره ، والطفل يتلوى جوعا وعطشا ، ضربه حرملة بسهم ذي شعبتين ، فرى أوداجه الأربعة وذبحه وهو في حجر أبيه.

وظل الحسينعليه‌السلام يقاتل القوم حتى أثخن بالجراح ، وقد أصابته ٧٢ ضربة في جسمه الشريف. عند ذلك خرّ إلى الأرض ، وكان على عمر بن سعد أن يقترب ليذبحه ، ولكنه كره ذلك. وتقدم خولي وسنان وغيرهما لذبحه ، فضعفوا وأرعدوا من رؤية وجه الحسينعليه‌السلام وإشراقته ، وهو يبتسم للقاء الجنة. عند ذلك زجرهم أشقى الأشقياء شمر بن ذي الجوشن ، وعزم على ذبحه. وكيلا ينظر إلى وجهه ، قلبه واحتزّ رأسه من الخلف ، والحسينعليه‌السلام يكبّر ويحمد الله ، حتى فاضت روحه الزكية.

لقد زخرت كربلاء بألوان الكرب والبلاء ، وأصناف الجرائم الوحشية التي تحمّلها أهل الحق ، لإحياء دينهم وعقيدتهم في نفوس الغافلين والمضلّلين ، وليسطّروا لمن يأتي بعدهم من المسلمين ، قصة الجهاد والكفاح ، والتضحية والفداء ، في سبيل الحق والمبدأ ، ولتطهير الأرض من براثن الظلم والباطل.

ولهذه المعاني السامية ، فإننا كلما تذكرنا كربلاء وما حصل في كربلاء ، يضطرم فؤادنا بالحزن والألم ، وتتوق قلوبنا إلى نصرة الحق ، حتى كأن كل أرض نمشي عليها أرض كربلاء ، وكل يوم نعيشه في حياتنا يوم عاشوراء.

ولله درّ من قال :

يا وقعة الطفّ كم أضرمت في كبدي

وطيس حزن ليوم الحشر مسجورا

كأن كلّ مكان كربلاء لدى

عيني ، وكلّ زمان يوم عاشورا

١ ـ منزلة شهداء كربلاء (رض)

١٩ ـ صفة شهداء كربلاء ومنزلتهم بين الشهداء :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٧٤)

روى الصدوق مرفوعا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أتدرون ما غمّي ، وفي أي شيء تفكيري ، وإلى أي شيء أشتاق؟. قال أصحابه : لا يا رسول الله ، ما علمنا بهذه من

٥٢

شيء ، أخبرنا بغمّك وتفكّرك وتشوّقك. قال النبي (ص) : أخبركم إنشاء الله. ثم تنفّس فقال : هاه شوقا إلى إخواني من بعدي!. فقال أبوذر : يا رسول الله ، لسنا إخوانك؟!. قال (ص) : لا ، أنتم أصحابي. وإخواني يجيئون من بعدي ، شأنهم شأن الأنبياء. قوم يفرّون من الآباء والأمهات ، ومن الإخوة والإخوان ومن القرابات كلهم ، ابتغاء مرضاة الله. يتركون المال لله ، ويذللون أنفسهم بالتواضع لله. لا يرغبون في الشهوات وفضول الدنيا ، مجتمعون في بيت من بيوت الله كأنهم غرباء ، تراهم محزونين لخوف النار وحب الجنة ؛ فمن يعلم قدرهم عند الله؟. ليس بينهم قرابة ولا مال يعطون بها بعضهم لبعض. أشفق من الابن على الوالد ، والوالد على الولد ، والأخ على الأخ ، هاه شوقا إليهم. ويفرّغون أنفسهم من كدّ الدنيا ونعيمها ، بنجاة أنفسهم من عذاب الأبد ، ودخول الجنة لمرضاة الله.

واعلم يا أبا ذرّ أن للواحد منهم أجر سبعين بدريا. يا أبا ذرّ واحد منهم أكرم على الله من كل شيء خلق الله على وجه الأرض

٢٠ ـ شهداء كربلاء مثل شهداء بدر :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٤٣)

في (منتخب كنز العمال) عن الطبراني في (المعجم الكبير) ما لفظه : عن شيبان بن محرم ، قال : إني لمع عليعليه‌السلام إذ أتى كربلاء ، فقال : يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء إلا شهداء بدر.

٢١ ـ رأي سلمان المحمدي في شهداء كربلاء (رض):

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧١)

قال هبيرة بن يريم : حدثني أبي قال : لقيت سلمان الفارسي فحدثته بهذا الحديث [يقصد حديث كعب الأحبار عن مقتل الحسينعليه‌السلام ] فقال سلمان : لقد صدقك كعب والذي نفس سلمان بيده ، لو أني أدركت أيامهعليه‌السلام لضربت بين يديه بالسيف ، أو أقطّع بين يديه عضوا عضوا ، فأسقط بين يديه صريعا ؛ فإن القتيل معه يعطى أجر سبعين شهيدا ، كلهم كشهداء بدر وأحد وحنين وخيبر.

٢٢ ـ شهداء كربلاء (رض) لا يسبقهم سابق :

(المنتخب للطريحي ، ج ١ ص ٨٧)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : مرّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء ، فبكى حتى

٥٣

اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال : هذا مناخ ركابهم ، هذا ملقى رحالهم ، ههنا تراق دماؤهم. طوبى لك من تربة عليها يراق دم الأحبة. مناخ ركاب ، ومنازل شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ، ولا يلحقهم من كان بعدهم.

٢٣ ـ تفضيل المستشهدين مع الحسينعليه‌السلام على حواريي الرسول (ص) وحواريي الإمام عليعليه‌السلام : (أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٣١٥)

قال الفاضل الدربندي ما ملخصه : لقد قال الإمام عليعليه‌السلام في وصف المستشهدين مع الحسينعليه‌السلام ومدحهم : «لم يسبقهم سابق ، ولا يلحقهم لاحق».وإن هذا الكلام الشريف كالنور فوق الطور ، تسطع منه أنوار كثيرة فهل يحمل هذا الكلام الشريف على أنهم لا يفضل عليهم أحد بالنسبة إلى مقام الشهادة فقط.أم أن هذا يعني أنهم أفضل من حواريي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحواريي أمير المؤمنينعليه‌السلام وحواريي الحسنعليه‌السلام ؟. فيجيب الفاضل الدربندي بأنه يفتي بأفضليتهم على كل هؤلاء. فإن كل من استشهد بين يدي الإمام المظلوم وهم حواريي الحسينعليه‌السلام ، أفضل من حواريي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم سلمان وأبو ذر والمقداد ، ومن حواريي أمير المؤمنينعليه‌السلام وهم عمرو بن الحمق الخزاعي وأويس القرني وميثم التمار ومحمد بن أبي بكر ، ومن حواريي الحسنعليه‌السلام وهم سفيان بن أبي ليلى وحذيفة بن أسد ، من غير استثناء أحد منهم إلا فيما خرج بالدليل ؛ وذلك كسلمانعليه‌السلام ، فإنه لا استبعاد في تفضيله على المستشهدين من الأصحاب غير العترة الهاشمية النبوية.

٢٤ ـ تفاضل المستشهدين من الآل والأصحابعليه‌السلام :(المصدر السابق)

ثم قال الفاضل الدربندي ما معناه : وقد ثبت أن المستشهدين من الآل في طبقة أعلى من بقية الأصحاب ، وأفضلهم العباس وعلي الأكبر والقاسم بن الحسنعليه‌السلام . أما الأصحاب فهم متفاوتون في الفضل ، وعلى رأسهم في الأفضلية : حبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وزهير بن القين وهلال بن نافع.وأفضل هؤلاء حبيب بلا منازع ، وهو من الذين علّمهم أمير المؤمنينعليه‌السلام علم المنايا والبلايا ، وإنه لما قتل تبيّن الانكسار في وجه سيد الشهداءعليه‌السلام ، وكان عمر حبيب نحو ٧٥ سنة ، ومن جملة الكواشف الدالة على ذلك كون مدفنه في موضع مستقل عند باب الإذن.

٥٤

ويظهر التمايز بين فضيلة الأصحاب ، بما نطقت به بعض الأخبار ، بأنه لما تيقّن أصحاب سيد الشهداءعليه‌السلام القتل ، كان معشر الخصّيصين منهم فرحين مسرورين ، تتلألأ وجوههم وتشرق ألوانهم كالنجوم الزاهرة ، وكان معشر غيرهم قد تغيّرت حالاتهم واصفرت ألوانهم. وكان هؤلاء يتعجبون من عدم عروض الخشية والخوف على الفرقة الأولى.

(راجع الفقرة ٤٢ من هذا الجزء من الموسوعة).

٢٥ ـ الملائكة تعرض المساعدة على الحسينعليه‌السلام :

(كامل الزيارة ، ص ١٩٢)

عن أبان بن تغلب (قال) قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : هبط أربعة آلاف ملك يريدون القتال مع الحسين بن عليعليه‌السلام ، فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستئذان. وهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام ، فهم عند قبره شعث غبر ، يبكونه إلى يوم القيامة ، ورئيسهم ملك يقال له : منصور. فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ، ولا يودّعه مودّع إلا شيّعوه ، ولا يمرض إلا عادوه ، ولا يموت إلا صلّوا على جنازته ، واستغفروا له بعد موته. فكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائمعليه‌السلام .

٢٦ ـ نزول النصر على الحسينعليه‌السلام ـ الله خيّر الحسينعليه‌السلام بين النصر أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله :(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ٤٣)

ذكر أبو طاهر محمّد بن الحسين النرسي في كتاب (معالم الدين) أنه روي عن مولانا الصادقعليه‌السلام أنه قال : سمعت أبي يقول : لما التقى الحسينعليه‌السلام وعمر ابن سعد وقامت الحرب ، أنزل الله تعالى النصر ، حتى رفرف على رأس الحسينعليه‌السلام ، ثم خيّر بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله ، فاختار لقاء الله.

٢٧ ـ امتداد نهار يوم عاشوراء إلى اثنين وسبعين ساعة :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٨٨)

يقول الفاضل الدربندي : إن الأخبار الواردة عن شهادة الأصحاب والآل يوم عاشوراء ، تقتضي أن يكون زمن حدوثها زمنا طويلا ؛ ويؤيد ذلك ما ذكر من أن يوم العاشر من المحرم يوم الطف لم يكن كسائر الأيام ، بل كان فيه مقدار وقوف الشمس فوق الأرض مدة اثنين وسبعين ساعة ، وهو من المعاجز التي أعطاها الله للحسينعليه‌السلام .

٥٥

٢٨ ـ الذين اكتفوا بالدعاء للحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ولم ينصروه :

قال الدكتور علي الشلق في كتابه (الحسين إمام الشاهدين) ص ١٠٧ : وقد رأى الحصين بن نمير رجالا من أهل الكوفة على تل قريب ينظرون إلى الحسينعليه‌السلام ويبكون ، ويدعون الله أن ينصر الحسينعليه‌السلام . فصاح بهم : ويحكم!. انزلوا فقاتلوا ، ووفّروا الدموع للأرامل والأطفال.

بينما قال الشيخ محمّد مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين) ص ٥٧ ط ٢ عنهم : وهناك رجال تافهون ، قال عنهم الحصين بن عبد الرحمن : إنهم كانوا وقوفا على التل يبكون ، ويقولون : اللهم أنزل نصرك على الحسينعليه‌السلام .

ثم قال : وهذه رواية مشكوك فيها.

٢ ـ بدء القتال والمبارزة

قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ٣٩ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) [الحج : ٣٩ ـ ٤٠]

٢٩ ـ الاصطدام المسلح بين الحق والباطل (الحملة الأولى):

(مقتل المقرّم ، ص ٢٩٢)

ونادى عمر بن سعد بأصحابه : ما تنتظرون بالحسين احملوا بأجمعكم ، إنما هي أكلة واحدة فزحف عمر بن سعد ثم وضع سهمه في كبد قوسه ، ثم رمى وقال : اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى. فرمى أصحابه كلهم بأجمعهم في إثره رشقة واحدة(١) فما بقي من أصحاب الحسينعليه‌السلام أحد إلا أصابه من رميتهم سهم.

قال أبو مخنف : فلما رموهم هذه الرمية ، قلّ أصحاب الحسينعليه‌السلام وقتل منهم ما ينوف على خمسين رجلا(٢) . وتسمى هذه (بالحملة الأولى).

ويجد القارئ أسماء المستشهدين في الحملة الأولى على رواية ابن شهر اشوب في الفقرة رقم ١٠.

__________________

(١) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٥٦.

(٢) بحار الأنوار للمجلسي عن محمّد بن أبي طالب.

٥٦

صورة تمثل [الحملة الأولى] التي استشهد فيها من أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام نحو خمسين شهيدا دفعة واحدة

ثم بدأت المبارزات

٥٧

٣٠ ـ الإمام الحسينعليه‌السلام يأذن لأصحابه بالقتال :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٤٢)

فعندها ضرب الحسينعليه‌السلام بيده إلى لحيته ، فقال : قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي لا بدّ منه ، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم.

٣١ ـ الحسينعليه‌السلام لا يبدأ بقتال ، لأن هدفه هداية الناس :

(الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين لعبد الكريم القزويني ، ص ١٦٢)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني : استعمل الحسينعليه‌السلام مختلف الوسائل الممكنة لهدي القوم وإرشادهم إلى الطريق الأقوم ، وبذل جهده عسى أن يتجنّب القتال ، لأنه صاحب دعوة خير وحبّ وسلام ؛ دعوة الإسلام.

وكانعليه‌السلام يبغض القتل والقتال ما دام هناك طريقة بالتي هي أحسن ، ولهذا كان يكره أن يبدأهم بقتال ، كما قالعليه‌السلام لزهير وغيره من أصحابه في مواطن عديدة :«إني أكره أن أبدأهم بقتال» مقتديا بسيرة جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام في دعوتهما إلى الله.

ولكنهعليه‌السلام خاب ظنه فيهم ، لأن الشيطان استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله العظيم ، وذلك عندما رشقوا معسكره بالسهام وكأنها المطر. فعندئذ لم يجد بدّا من قتالهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. فأذن لأصحابه بالقتال ، وقال لهم : قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي لا بدّ منه

٣٢ ـ كلام للحسينعليه‌السلام وفيه يستغيث بالناس :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩)

ثم قالعليه‌السلام : اشتدّ غضب الله على اليهود والنصارى إذ جعلوا له ولدا

[وفي رواية : اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا ، واشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة] ، واشتدّ غضب الله على المجوس إذ عبدت الشمس والقمر والنار من دونه ، واشتدّ غضب الله على قوم اتّفقت آراؤهم [وفي رواية :كلمتهم] على قتل ابن بنت نبيهم. والله لا أجيبهم إلى شيء مما يريدونه أبدا ، حتى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي.

ثم صاحعليه‌السلام : أما من مغيث يغيثنا لوجه الله تعالى؟. أما من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله(١) ؟. فبكت النساء وكثر صراخهن.

__________________

(١) مقتل المقرم ، ص ٢٩٥ نقلا عن اللهوف ، ص ٥٧.

٥٨

٣٣ ـ استغاثة الحسينعليه‌السلام توقظ بعض النفوس الخيّرة ، فتنضم إلى الحسينعليه‌السلام وتقاتل معه حتى الموت :(الوثائق الرسمية ، ص ١٦٨)

وسمع نفر من جيش العدو كلام الحسينعليه‌السلام واستغاثته ، فاهتزت مشاعرهم وتيقّظت ضمائرهم ، فاندفعوا نحو الحسينعليه‌السلام ينصرونه ويدافعون عنه.

وفي (الحدائق الوردية ـ مخطوط) : وسمع الأنصاريان سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف استنصار الحسينعليه‌السلام واستغاثته وبكاء عياله ـ وكانا مع ابن سعد ـ فما لا بسيفيهما على أعداء الحسينعليه‌السلام ، وقاتلا حتى قتلا.

المبارزات

* مدخل (حول ترتيب المستشهدين بالمبارزة):

قبل أن يأمر عمر بن سعد بتقويض خيام الحسينعليه‌السلام ، وقبل أن يحرق الشمر أبنية الحسينعليه‌السلام ، استشهد عدة من أكبر شخصيات الحسينعليه‌السلام وهم : مسلم بن عوسجة ، وعبد الله بن عمير الكلبي ، وأبو الشعثاء الكندي ، وبرير ابن خضير الهمداني ، والحر بن يزيد الرياحي. وقد اعتمدنا ترتيبهم هذا في الاستشهاد بالمبارزة ، مع اختلاف كبير في الروايات فالطبري في تاريخه يذكر أن مسلم بن عوسجة هو أول قتيل من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، ثم يذكر أن عبد الله بن عمير الكلبي هو ثاني شهيد ، كما يذكر أن أبا الشعثاء الكندي كان في أول من قتل. بينما يورد كثير من كتب المقاتل برير بن خضير في المقدمة ، وكذلك يذكر البعض أن الحر كان أول قتيل بالمبارزة ، وأنه تاب بعد (الحملة الأولى) وقال للحسينعليه‌السلام : إذا كنت أول خارج عليك ، فائذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك. وهذه الرواية لم آخذ بها ، لأنها من جهة غير متواترة ، ولأنها من جهة أخرى لا تفيد القطع بأنه أول المستشهدين. فالحر في هذا القول يطلب من الحسينعليه‌السلام أن يكون أول المستشهدين ، ولكن ذلك لا يعني أنه فعلا كان أول شهيد ، وإن كان من أوائل المستشهدينرحمه‌الله .

وإليك مبارزات الأصحاب بترتيب مقبول ، بعد الإحصاء الرياضي الّذي أجريته في الفصل السابق لوضع تسلسل لاستشهاد الأصحاب هو أقرب ما يكون من الحقيقة ، بطريقة المتوسط الحسابي لترتيب استشهاد كل شهيد حسب وروده في كتب المقاتل المشهورة.

٥٩

( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب : ٢٣]

(الشكل ٤)

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

أحدا من المؤرّخين ذكرها.

قلت : أسأل الله تعالى أن يهديك إلى الحقّ ويكشف لك الحقيقة ، إنّك نسبتنا إلى الكذب ، وافتريت علينا جعل الأخبار غير مرّة ، وفي كلّ ذلك اتّضح للحاضرين زيف كلامك وبطلان رأيك ، وفي هذه المرّة أيضا ، أذكر مصادر هذه الأخبار التي تنكرها ، من كتبكم المعتبرة ومصادركم المشتهرة ، حتّى يعرف الحاضرون صدقنا ، وتعترف أنت بأنّ الحقّ معنا.

فاجعة سقط الجنين

١ ـ ذكر المسعودي صاحب تاريخ «مروج الذهب» المتوفّى سنة ٣٤٦ هجرية ، وهو مؤرّخ مشهور ينقل عنه كلّ مؤرّخ جاء بعده ، قال في كتابه «إثبات الوصيّة» عند شرحه قضايا السقيفة والخلافة : فهجموا عليه [عليّعليه‌السلام ] وأحرقوا بابه ، واستخرجوه كرها وضغطوا سيّدة النساء بالباب حتّى أسقطت محسّنا!!

نعم ، إنّ إسقاط جنين فاطمةعليها‌السلام وقتل ولدها «محسّن» عند هجوم القوم لأخذ البيعة من الإمام عليّعليه‌السلام ، أمر ثابت ، إلاّ أنّ أكثر مؤرّخيكم سكتوا عنه ولم ينقلوه ، لحبّهم للشيخين ، وسترا على سوء فعلهما وهتكهما لبيت الرسالة وحريم العترة ، ومع ذلك فقد جرت أقلام بعضهم وسجّلت ما حدث وجرى ، لأنّ الله سبحانه يريد أن يتمّ الحجّة عليكم وعلى كلّ المسلمين ، ويريد أن يكشف الحقائق للجاهلين والغافلين ، فاستمعوا أيّها الحاضرون!

٢ ـ قال الصفدي في كتاب «الوافي بالوفيات ٦ / ٧٦» في حرف

٥٦١

الألف ، عند ذكر إبراهيم بن سيّار ، المعروف بالنظام ، ونقل كلماته وعقائده ، يقول : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت المحسّن من بطنها!

٣ ـ ونقل أبو الفتح الشهرستاني في كتابه الملل والنحل ١ / ٥٧ : وقال النظّام(١) : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت الجنين من بطنها. وكان يصيح [عمر] : أحرقوا دارها بمن فيها!!

وما كان في الدار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين.

انتهى كلام الشهرستاني.

٤ ـ ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٤ / ١٩٣ ط دار أحياء الكتب العربية ، بعد ما ينقل خبر هبّار بن الأسود وترويعه زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى أسقطت جنينها ، فأباح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دم هبّار لذلك.

قال :

وهذا الخبر أيضا قرأته على النقيب أبي جعفررحمه‌الله ، فقال : إذا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أباح دم هبّار بن الأسود لأنّه روّع زينب فألقت ذا بطنها ، فظهر الحال أنّه لو كان حيّا لأباح دم من روّع فاطمة حتّى ألقت ذا بطنها إلى آخره.

هذه بعض المصادر التي ظفرنا بها في نقل الأخبار التي تنكرونها وتتّهمون الشيعة المؤمنين بجعلها!

الحافظ : في نظرنا أنّ نقل هذه الأخبار لا فائدة فيها سوى التفرقة وتشتّت المسلمين.

__________________

(١) توفّي النظّام سنة ٢٣١ هجرية. «المترجم»

٥٦٢

يلزم الدفاع عن المظلوم وإثبات حقّه

قلت :

أوّلا : قولوا لعلمائكم ومؤرّخيكم لما ذا ذكروا هذه الأخبار! ثمّ ردّوا على شاعر النيل قصيدته العمريّة وعاتبوه عليها وحاكموه على تلك الأبيات التي يتفاخر فيها ويتباهى بتلك الوقائع الأليمة والفجائع العظيمة ويعدّها من فضائل القوم!!

ثانيا : وأمّا نحن فنقلها عنكم لإقامة الحجّة عليكم و( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) (١) ولكي لا ينحرف التاريخ ، فنعرف الحقّ حقّا والباطل باطلا ، والمظلوم مظلوما والظالم ظالما.

ثالثا : نحن ننقل هذه الأخبار عند ما نواجه هجماتكم وحملات بعض المنسوبين إليكم من أصحاب الأقلام التي ما هي إلاّ أجيرة للأعداء لتبثّ البغضاء والشحناء بين المسلمين ، فتتّهم الشيعة الأبرياء والمؤمنين الأوفياء بالكفر والشرك! وتحرّك علينا مشاعر العامة وخاصة الجاهلين الغافلين.

ونحن دفاعا عن مذهبنا ومعتقدنا ، نبيّن الوقائع ، ونكشف عن الحقائق ، حتّى يعرف الجميع أنّ عليّاعليه‌السلام مع الحقّ والحقّ معه ، ونحن أتباعه وشيعته ، نشهد أنّ لا إله إلاّ الله جلّ جلاله ، وأنّ محمّدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونقول في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك نقلا من كتبكم المعتبرة ومصادركم المشهورة ، فنشهد بأنّ علياعليه‌السلام عبد الله ، ووليّه ، وأخو رسول الله ، ووصيّه ، وهو خليفته الذي نصّ عليه بأمر الله تعالى.

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية ١٤٩.

٥٦٣

أمّا في جواب قولكم بأن هذه الأخبار لا فائدة فيها سوى التفرقة وتشتّت المسلمين

فأقول : أنتم البادئون والعادون والمهاجمون ونحن مدافعون ، فانتهوا وامنعوا أصحابكم عن التعرّض وعن الكذب والافتراء علينا ، حتّى نسكت عن نقل هذه الأخبار.

الحافظ : أنا لا أوافق الّذين يرمون الشيعة بالكفر والشرك ، ولكنّي لا أسكت أيضا على بعض الأخبار المرويّة في كتبكم ، والتي تنسبونها إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي تفسح مجال العصيان للعباد ، فيعملون بالذنوب اتّكالا على تلك الأخبار والأحاديث.

قلت : رجاء! بيّن تلك الأخبار ، فربّما نصل معكم إلى حلّ وتفاهم.

شبهات وردود

الحافظ : ذكر العلاّمة المجلسي وهو واحد من أكبر علمائكم ومحدّثيكم ، في كتابه «بحار الأنوار» راويا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة.

وروى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بكى على الحسين وجبت له الجنّة.

هذه الأخبار ونظائرها كثيرة في كتبكم ، وهي تسبّب فساد الأمّة وانتشار الذنوب والمعاصي.

قلت : لو كان الأمر كذلك للزم أن نرى أهل السنّة والجماعة مبرّئين من الذنوب ، وبعيدين عن الحوب ، بينما نرى البلاد التي يسكنها أهل السنّة قد انتشرت فيها الذنوب الكبيرة ، وشاعت فيها

٥٦٤

معاصي كثيرة ، وكثير منهم يتجاهرون بالفسوق والفجور! فهذه عواصمكم مثل بغداد والقاهرة ودمشق وبيروت وعمّان والجزيرة وغيرها ، تتسابق في تأسيس مراكز المعاصي والفجور ، ومحلاّت القمار وحانات الخمور.

فهل ترضون أن ننسب هذه المخازي والفسوق إلى مذهبكم وضعف مباديكم؟!

هل تقبلون منّا لو قلنا : إن السبب في انتشار الفحشاء والفجور ، وعدم التحرّج في شرب النبيذ والخمور ، هو فتاوى علمائكم؟!!

لأن بعضهم أفتى بطهارة الكلب وأحلّ أكله.

وبعضهم أفتى بطهارة المنيّ والخمر وعرق الجنب من الحرام.

وبعضهم أفتى بجواز اللواط في السفر!

وبعضهم أفتى بنكاح المحارم ، الأمّ ومن دونها ؛ بشرط أن يلفّ القضيب بالحرير!!

هذه الفتاوى وأمثالها تسبّب تجرّء العوامّ والجاهلين على ارتكاب المعاصي وعمل الفسق والفجور.

ولذلك فإن علماءنا يحرّمون تلك الأعمال القبيحة ولا يجيزونها بأيّ حال من الأحوال.

الحافظ : هذه المسائل التي ذكرتها ، كلّها أكاذيب ، وللأسطورة أقرب منها إلى الحقيقة ، وهي من مفتريات الشيعة!

أبيات شعر للعلاّمة الزمخشري

قلت : أنت أعرف بحقيقة مقالي ، والعلماء الحاضرون أيضا

٥٦٥

يعلمون صدقي ، ولكن يصعب عليكم الإقرار ، والخجل يدعوكم إلى الإنكار ، وإلاّ كيف يمكن لعالم دينيّ ـ مثلكم ـ يجهل هذه المسائل التي ذكرها وأفتى بها بعض علمائكم ثم نقلها عنهم بعض أعلامكم وانتقدوها؟!

وأذكر لك نموذجا من كتبكم ليكون دليلا على كلامنا ؛ راجع تفسير الكشّاف ٣ / ٣٠١ للعلاّمة الكبير جار الله الزمخشري ، فإنّه يقول :

إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به

وأكتمه ، كتمانه لي أسلم

فإن حنفيا قلت ، قالوا بأنّني

أبيح الطّلا وهو الشراب المحرّم

وإن مالكيا قلت ، قالوا بأنّني

أبيح لهم أكل الكلاب وهم هم

وإن شافعيا قلت ، قالوا بأنّني

أبيح نكاح البنت والبنت تحرم

وإن حنبليا قلت ، قالوا بأنّني

ثقيل حلولي بغيض مجسّم

وإن قلت من أهل الحديث وحزبه

يقولون : تيس ليس يدري ويفهم

تعجّبت من هذا الزمان وأهله

فما أحد من ألسن الناس يسلم

وأخّرني دهري وقدّم معشرا

على أنّهم لا يعلمون وأعلم

فنرى هذا العالم والمفسّر يخجل أن ينسب نفسه إلى أحد المذاهب الأربعة! لوجود تلك الآراء الفاسدة والفتاوى الباطلة فيها ، ثمّ إنّكم تريدون منّا أن نتّبع تلك المذاهب ونترك مذهب أهل بيت النبوة والعترة والصفوة الطاهرة!

فلنخرج من هذا الإطار ونتابع موضوع الحوار

فأقول : أمّا الخبر الذي ذكرته من «بحار الأنوار» لم تنفرد الشيعة

٥٦٦

بنقله ، فإنّ علماءكم وأعلامكم نقلوه أيضا ونقلوا أمثاله في كتبهم المعتبرة.

إسناد حديث حبّ عليّ حسنة

لقد ذكر هذا الحديث كثير من أعلامكم وأيّدوه ، منهم :

الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، والخطيب الخوارزمي في آخر الفصل السادس من كتابه «المناقب» والشيخ القندوزي الحنفي في الباب ٤٣ من كتابه «ينابيع المودّة» وأيضا في الباب ٥٦ نقله عن الديلمي ، قال : حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة ، حب عليّ براءة من النار ، حبّ عليّ يأكل الذنب كما تأكل النار الحطب ، حبّ عليّ براءة من النفاق.

وفي المناقب السبعين(١) خرّجه عن ابن عبّاس في الحديث رقم ٣٣ ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حبّ عليّ بن أبي طالب يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب».

وفي الحديث رقم ٥٩ ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حبّ عليّ بن أبي طالب حسنة لا تضرّ معها سيّئة ، وبغضه سيّئة لا تنفع معها حسنة».

رواهما صاحب «الفردوس».

ورواه المحدّث والفقيه الشافعي المير السيّد علي الهمداني في كتابه

__________________

(١) كتاب «السبعين في مناقب أمير المؤمنين» نقله القندوزي بكامله في كتابه «ينابيع المودّة». «المترجم»

٥٦٧

«مودّة القربى» في المودّة السادسة عن ابن عبّاس ، قال : حبّ عليّ يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب.

وعنه أيضا : حبّ عليّ براءة من النار.

ورواه محبّ الدين الطبري في «ذخائر العقبى» الحديث رقم ٥٩ من الأحاديث السبعين التي رواها في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام .

ورواه محمد بن طلحة في مطالب السئول.

والعلاّمة الكنجي الشافعي في كتاب «كفاية الطالب في مناقب مولانا علي بن أبي طالب».

ثمّ إن كان عقلكم وعلمكم لا يصل إلى حلّ معنى حديث كهذا وأمثاله ، فأنصحكم بأن لا تطعنوا فيه ولا تردّوه ، بل يجب أن تسألوا

عن حلّه ومعناه وتفسيره ممّن هو أعلم ، قال تعالى :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) .

وطالما أنّ هذا الحديث وأمثاله لا يعارض كتاب الله سبحانه فليس لأحد من المسلمين إنكاره.

الحافظ : كيف لا يعارض كتاب الله وهو سبب تجرّء الناس على المعاصي!

قلت : لا تعجل حتّى أبيّن لك كيف لا يعارض الكتاب الكريم ، فإن الله تعالى يقسّم الذنوب في القرآن إلى قسمين ، صغائر ، وكبائر.

وهو يعبّر في بعض الآيات عن الصغائر بالسيّئة ، في حين يعبّر عن الكبائر بالذنوب ، كما في سورة النساء ، الآية ٣١ ، قال تعالى :( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية ٧.

٥٦٨

مُدْخَلاً كَرِيماً ) .

فالآية الكريمة تصرّح بأنّ عبدا لو اجتنب الكبائر وارتكب الصغائر ، فإنّ الله عزّ وجلّ يعفو عنه ويدخله الجنّة ، والحديث الذي تنكروه ، لا يصرّح بأكثر من هذا.

فإنّ حبّ عليّعليه‌السلام حسنة عظيمة عند الله سبحانه بحيث لا تضرّ معها السيّئات ، يعني الصغائر.

الحافظ : إنّ هذا التفسير والتقسيم لا يكون على أساس علمي(١) .

لأنّ الله تعالى يقول :( إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (٢) فالعبد العاصي إذا تاب واستغفر الله سبحانه فإنّه يغفر كلّ ذنوبه سواء أكانت من الكبائر أم الصغائر.

قلت : أظنّك ما دقّقت النظر في الآية الكريمة التي تلوتها عليك ، وإلاّ ما كنت تورد إشكالا على كلامي ، لأنّ الذي قسّم المعاصي إلى كبائر وصغائر وفرّق بينهما هو الله تعالى ، لا أنا.

ثمّ اعلم بأنّنا نعتقد ـ مثلكم ـ بأنّ الله تعالى يغفر الذنوب جميعا ، فكلّ عبد عاص إذا تاب وندم وعمل بشرائط التوبة ، فإنّ الله سبحانه

__________________

(١) إنّ بيان «الحافظ» كليل ، وليس له دليل ، ولا يصدر إلاّ من ذي عقل عليل ، لأنّه يعارض كلام الربّ الجليل ، فقد قال سبحانه: ( وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى* الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) سورة النجم : ٣٠ ـ ٣١.

فاللمم هي المعاصي الصغائر تقابلها كبائر الأثم ، كما تجد في الآية الكريمة.

«المترجم»

(٢) سورة الزمر ، الآية ٥٣.

٥٦٩

يغفر ذنوبه ويعفو عنه ، ولكن إذا لم يتب فيعاقبه الله تعالى بعد الموت في عالم البرزخ ، فإذا لاقى عقاب ذنوبه قبل يوم الحساب ، يساق إلى الجنّة في يوم المعاد ، وإلاّ فيقضى عليه فيلقى في جهنّم ليرى جزاء عمله هناك.

والعبد المؤمن إذا ارتكب الصغائر ومات من غير توبة فإن كان يحبّ الإمام عليّاعليه‌السلام يغفر الله تعالى له ويعفو عنه ويدخله الجنّة ، قال سبحانه :( وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ) (١) .

فلا أدري لما ذا تعتقد بأنّ هذا الحديث الشريف «حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة» يسبّب تجرّء الشيعة على المعاصي!!

هل الحديث يأمر بارتكاب الذنوب؟! لا

فأثر هذا الحديث في المسلمين كأثر آيات القرآن الحكيم التي تعد العباد المذنبين بقبول التوبة وغفران ذنوبهم.

فكما إنّ آيات التوبة والمغفرة تبعث الرجاء برحمة الله تعالى في قلوب العباد وتزيل اليأس عن نفوس العصاة ، كذلك هذا الحديث الشريف وأمثاله ، فإنّه يوقف المحبّ عند السيّئات ويصدّه عن الكبائر الموبقات ، لأنّ إطاعة الحبيب من لوازم الحبّ.

قال الإمام الصادق ، وهو إمامنا جعفر بن محمدعليه‌السلام : إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع ؛ فالشيعي يعرف هذا فلذلك لا يرتكب الذنوب والمعاصي اتّكالا على حبّه للإمام عليّعليه‌السلام بل يجتهد في طاعة إمامه ومتابعته ، لإثبات صدقه في الحبّ لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

نعم ، هناك بعض المحبّين الّذين يحسبون أنفسهم من الشيعة يرتكبون بعض الذنوب مثل كثير من أهل السنّة والجماعة فلا يكون

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ٣١.

٥٧٠

عملهم السيّئ بسبب حبّهم أو بسبب حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّ الإنسان بطبعه يكون مطيعا لهواه ومجيبا لنفسه الأمّارة كما قال سبحانه وتعالى حكاية عن يوسف الصدّيق :( وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١) .

وأمّا الشيعي هو الذي يعزم على أن يخطو ويسير في الطريق الذي سار فيه الأئمّة الهداة من أهل البيتعليهم‌السلام ويلتزم بنهجهم ويعمل برأيهم.

وقد ذكرنا في الليالي السالفة بعض الأحاديث النبوية في حقّهم ، حيث بشّرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنّة ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا عليّ! أنت وشيعتك الفائزون بالجنّة» وذكرنا مصادر هذا الحديث الشريف وأمثاله من كتبكم المعتبرة وطرقكم المتواترة ، وبشارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لشيعة عليّعليه‌السلام بالجنّة أمر ثابت لا ينكره إلاّ الجاهل المعاند والمتعصّب الجاحد.

وإنّ إشكالك على حديث «حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة» يردّ على تبشير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيعة عليّعليه‌السلام بالجنّة أيضا.

لأنّ الشيعي إذا عرف أنّه من أهل الجنّة يرتكب الذنوب ولا يبالي ، فإشكالك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم موجب للكفر ، وهو مردود بالأدلّة التي أقمناها.

ولبّ الكلام : إنّ الشيعي هو الذي يسير على أثر مسير أهل البيتعليهم‌السلام ، فيعمل بما عملوا ، ويجتنب عمّا اجتنبوا ، ولمّا لم يكن معصوما ، ربّما ارتكب ذنبا وعمل إثما ولم يوفّق للتوبة فمات ، فإنّ الله عزّ وجلّ يعفو عن ذنبه ويغفر له كرامة لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وحبّه

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ٥٣.

٥٧١

إيّاه ، والله غفور رحيم.

البكاء على الحسينعليه‌السلام سنّة نبويّة

وأمّا الحديث الشريف «من بكى على الحسين وجبت له الجنّة» كلّنا نعلم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى على مصائب ولده الحسينعليه‌السلام قبل أن تقع ، فأخبر بها أصحابه وهو يبكي ، وقد تواترت بذلك الأخبار الكثيرة المرويّة عن طرقكم والتي نقرأها في كتبكم(١) .

__________________

(١) لقد تواترت الروايات وصرّحت الأخبار بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى على ولده الحسينعليه‌السلام في أوان ولادته وأخبر بمقتله ، وتكرّر منه البكاء في خواصّ أصحابه تارة وفي الملأ العامّ أخرى ، وحدّث عن مصائب الحسين وما يلاقيه من بني أميّة الطلقاء ، وإليكم بعض تلك الأخبار التي وصلت إلينا من طرق علماء السنّة وأيّدها أعلامهم :

١ ـ روى الخوارزمي في كتابه «مقتل الحسين عليه‌السلام » بسنده عن أسماء بنت عميس خبرا طويلا جاء في آخره ، قالت أسماء : فلمّا كان بعد حول من مولد الحسن.

ولدت [أي فاطمة عليها‌السلام ] الحسين فجاءني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «يا أسماء هاتي ابني».

فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، ثمّ وضعه في حجره وبكى!!

قالت أسماء : فقلت فداك أبي وأمّي ممّ بكاؤك؟!

قال : على ابني هذا!

قلت : إنّه ولد الساعة!

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أسماء! تقتله الفئة الباغية ، لا أنالهم الله شفاعتي.

ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أسماء! لا تخبري فاطمة بهذا ، فإنّها قريبة عهد بولادته.

رواه الحمويني في فرائد السمطين ٢ / ١٠٣ ، ورواه ابن عساكر أيضا في تاريخ دمشق ، الحديثين ١٣ و ١٤ من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام ، ورواه السمهودي في «جواهر العقدين» ورواه آخرون منهم لا مجال لذكرهم.

٥٧٢

__________________

٢ ـ روى الحاكم النيسابوري في المستدرك ٣ / ١٧٦ في الحديث الأوّل من فضائل الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، روى بسنده عن أمّ الفضل بنت الحارث خبرا جاء في آخره :

فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري فدخلت يوما على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضعته في حجره ، ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تهريقان من الدموع.

قالت : فقلت : يا نبي الله! بأبي أنت وأمّي مالك؟!

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتاني جبرئيل فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل ابني هذا!!

فقلت : هذا؟!

قال : نعم ؛ وأتاني بتربة من تربته حمراء!

أقول : ورواه البيهقي أيضا في كتابه دلائل النبوّة ٦ / ٤٦٨ ط بيروت ، ورواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٢٣٠ ، ورواه جمع آخر من أعلام السنة لا مجال لذكر أسمائهم.

٣ ـ روى ابن سعد في كتابه الطبقات الكبرى ٨ / ٤٥ الحديث رقم ٨١ من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام ، عن عائشة ، قالت : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم راقد إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحّيته عنه ، ثمّ قمت لبعض أمري ، فدنا منه ، فاستيقظ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يبكي! فقلت : ما يبكيك؟!

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ جبرئيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين ؛ فاشتدّ غضب الله على من يسفك دمه

ورواه ابن عساكر أيضا في تاريخ دمشق في الحديث رقم ٢٢٩ من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام .

ورواه أيضا ابن حجر في «الصواعق المحرقة» كما حكى عنه القندوزي في أوائل الجزء الثاني من «ينابيع المودة».

٥٧٣

__________________

ورواه ابن العديم في كتابه بغية الطلب في تاريخ حلب ٧ / ٧٨ في ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام .

ورواه الدارقطني في كتاب العلل ٥ / ٨٣.

وحديث التربة رواه جمع كثير من أعلام السنّة بألفاظ متعدّدة ، ويبدو أنّ إتيان جبرئيل بتربة كربلاء للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان غير مرّة ، والأشهر ما روي عن أمّ سلمة أمّ المؤمنين رضي الله عنها.

روى عمر بن خضر المعروف ب «ملاّ» وهو من علماء القرن السادس الهجري ، في كتابه «وسيلة المتعبّدين» ـ في أواسط باب معجزات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : وعن أمّ سلمة قالت : سمعت بكاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيتي فاطّلعت ، فإذا الحسين بن عليّ رضي الله عنهما في حجره أو إلى جنبه وهو يمسح رأسه ويبكي!!

قالت : فقلت : يا رسول الله! على م بكاؤك؟!

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ جبرئيل أخبرني أنّ ابني هذا يقتل بأرض من العراق يقال لها :كربلاء.

قالت : ثمّ ناولني كفّا من تراب أحمر وقال : إنّ هذه تربة الأرض التي يقتل بها ، فمتى صارت دما فاعلمي أنّه قد قتل.

قالت أمّ سلمة : فوضعت التراب في قارورة عندي وكنت أقول : إنّ يوما تتحوّلين فيه دما ليوم عظيم.

وروى قريبا من هذا المعنى جماعة كبيرة عن أمّ سلمة رضي الله عنها منهم : ابن سعد في طبقاته في حديث رقم ٧٩ من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام في الجزء الثامن والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ١٤٧.

وأبو بكر بن أبي شيبة في كتاب الفتن من كتاب المصنّف ١٥ / ١٤ حديث رقم ١٩٢١٣.

وابن حجر في كتاب المطالب العالية ٤ / ٧٣ ط دار المعرفة ـ بيروت.

٥٧٤

فالبكاء على الإمام الحسينعليه‌السلام سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والالتزام بسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوجب دخول الجنّة ، بشرطها وشروطها.

فكما إنّ الله تعالى وعد التائبين بالعفو والمغفرة والجنّة ولكن مع شرائط ، فلا تقبل توبة كلّ من قال : أستغفر الله وأتوب إليه إلاّ أن يردّ حقوق الناس إليهم ، ويقضي ما فاته من الفرائض ومن حقوق الله سبحانه ، ويندم على ما ارتكب من المعاصي ، ويعزم على أن

__________________

والطبراني في المعجم الكبير ٣ / ١١٤ ط بغداد ، ورواه بطريق آخر في صفحة ١١٥.

وابن عساكر في تاريخه في الحديث رقم ٢٢٣ من ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام بمناسبة.

ورواه المزّي في كتاب تهذيب الكمال ٦ / ٤٠٨.

ورواه ابن العديم عمر بن أحمد في كتابه تاريخ حلب ٧ / ٥٦ حديث رقم ٨٨ وما بعده من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام .

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٩٢.

ورواه الحاكم في المستدرك ٤ / ٣٨٩ في آخر كتاب تعبير الرؤيا ، قال الحاكم ـ وأقرّه الذهبي ـ : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه.

ورواه البيهقي في كتابه دلائل النبوّة ٦ / ٤٦٨ ط بيروت.

ورواه ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ٣ / ٢٣٠ ط دار الفكر.

ورواه جمع كثير من محدّثي العامة وأعلامهم ولا مجال لذكر أسمائهم.

وإنّ بكاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مصاب ولده الحسين عليه‌السلام قبل أن يقتل أمر ثابت مسجّل في المصادر والمسانيد المعتبرة ، غير قابل للإنكار ، ولا ينكره إلاّ معاند جاحد أو شيطان مارد.

أعاذنا الله من الجهل والعناد. «المترجم»

٥٧٥

لا يعصي إلى آخر الشرائط اللازمة المذكورة في الأخبار والروايات.

كذلك : من بكى على الحسينعليه‌السلام ـ مع الشرائط ـ وجبت له الجنّة ، ومن الشرائط السعي لتحقيق أهداف الحسينعليه‌السلام وتطبيقها في نفسه وفي المجتمع ، وإلاّ فإنّ المؤرّخين ذكروا أنّ سكينة بنت الحسينعليه‌السلام حينما جلست عند نعش أبيها ، تكلّمت بكلمات أبكت والله كلّ عدوّ وصديق.

وقالوا : إنّ الحوراء زينب لمّا خاطبت عمر بن سعد وقالت له : يا ابن سعد! أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟!! ترقرقت دموعه وسألت على لحيته!

فهل ابن سعد والأعداء الّذين بكوا يوم عاشوراء ، وجبت لهم الجنّة؟!

لا ، لأنّ الشرائط ما كانت متوفّرة فيهم(١) .

__________________

(١) من البديهي أنّ البكاء على الحسينعليه‌السلام الذي يوجب دخول الجنّة إنّما هو البكاء الذي يكون عن شعور ومعرفة بالحسينعليه‌السلام وتأييدا لأهدافه المقدّسة ، ويكون رمزا وشعارا في نصرة الحقّ وانتصار المظلوم ، لا مطلق البكاء.

إنّ الباكي الممدوح عندنا والذي وعده النبيّ والأئمّة من أهل البيت عليهم‌السلام بالجنّة ، هو الباكي الذي جدّ وجاهد ، ويسعى ويجتهد بكلّ قدراته وإمكاناته ، لتحقيق أهداف أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام وتطبيقها ، لأنّها ما هي إلاّ أهداف الله سبحانه وتعالى وغرضه من رسالة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعثة الأنبياء عليهم‌السلام جميعا.

فالبكاء على الحسين عليه‌السلام الذي يوجب لصاحبه دخول الجنّة ، إنّما هو البكاء الذي ينبثق من قلب ممتلئ حقدا على الظالمين ، فيتحوّل صرخة في وجه الباطل وثورة على الظالم.

٥٧٦

الحافظ : إذا كان المسلم ملتزما بأصول الإسلام وعاملا بأحكام الدين فهو من أهل الجنّة ، سواء أبكى على الحسين أم لم يبك ، فلا أرى فائدة للمجالس التي تنعقد في بلاد الشيعة ، وهم يصرفون أموالا طائلة ليجتمعوا ويبكوا على الحسين! إنّه عمل مخالف للعقل!!

فوائد المجالس الحسينية

قلت : أوّلا : الإنسان مهما كان ملتزما بأصول الإسلام ، وعاملا بالأحكام ، فلا يكون معصوما من الذنوب والآثام ، فربّما زلّت به الأقدام ، وسقط في مهاوي النفس والشيطان ، وخالف أمر الله العزيز المنّان.

فلكي لا ييأس من الله الكريم الرحمن ، ويرجو منه اللطف والإحسان ، ويسأل منه العفو والغفران ، فتح له باب التوبة والإنابة ليشعر بالأمان.

__________________

هذا النوع من البكاء ـ لا مطلق البكاء ـ يكون استمرارا لحركة الإمام أبي عبد الله السبط الشهيدعليه‌السلام واستمرارا لحركة الحوراء زينب وأهل البيتعليهم‌السلام من كربلاء إلى الشام سبايا.

فكما إنّ هاتين الحركتين تركتا أثرا عظيما في تحريك الإحساس الديني وإيقاظ الشعور الإنساني في المجتمع الإسلامي ، بحيث أدّت إلى ثورات ، وأسقطت عروش الظلم ، وقضت على الظالمين كذلك الأثر في البكاء الذي يكون استمرارا لحركة الإمام الحسين والحوراء زينبعليها‌السلام . «المترجم»

٥٧٧

وأمر الله عزّ وجلّ عباده أن يتوسّلوا إليه في التوبة والاستغفار وقضاء حوائجهم ، بقوله تعالى :( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) (١) ويصف أنبياءه فيقول :( أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً ) (٢) .

ثم بيّن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوسائل التي يتوسّل بها إلى الله سبحانه ، منها حبّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ومنها البكاء على الحسينعليه‌السلام ومنها خدمة الوالدين ، ومنها الجهاد في سبيل الله ، ومنها العطف على الأيتام ، وغير ذلك.

فالمؤمن إن كان بريئا من الذنب ، فهذه الوسائل تسبّب رفع درجاته في الجنّة ، وإن كان مرتكبا بعض السيّئات والذنوب فهذه الوسائل تسبّب له المغفرة وتجلب له رضا ربّه عزّ وجلّ.

ثانيا : وأمّا فوائد المجالس الحسينية فهي كثيرة جدّا ، ولكنّك حيث لم تحضرها ولم تكن من المباشرين والعاقدين لها ، فلا ترى فوائدها ولا تدرك بركاتها.

ولمّا كنت بعيدا عنها وجاهلا بفلسفتها ، فليس لك أن تقول : إنّه عمل مخالف للعقل! بل العقل السليم يخالف كلامك ، والوجدان القويم ينقض بيانك ، فقد تسرّعت في الحكم على شيء ما عرفت مغزاه ، وما أدركت منتهاه.

فلو كنت تحضر هذه المجالس مع الشيعة ، وتستمع إلى كلام

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٣٥.

(٢) سورة الإسراء ، الآية ٥٧.

٥٧٨

خطبائها الكرام ، لعرفت فوائدها الجمّة التي منها :

١ ـ هذه المجالس تكون كالمدارس ، فإنّ الخطيب يلقي على الحاضرين فيها أحكام الدين ، والتاريخ الإسلامي ، وتاريخ الأنبياء وأممهم ، ويتناول تفسير القرآن الحكيم ، ويتكلّم حول التوحيد والعدل الإلهي والنبوّة والإمامة والمعاد ، وأخلاق المسلم وما يجب أن يتّصف به المؤمن ، ويبيّن للمستمعين فلسفة الأحكام وعلل الشرائع ومضارّ الذنوب ، ويقايس الإسلام بسائر الأديان ويثبت بالدليل والبرهان تفوّقه وامتيازه على المذاهب والأديان.

٢ ـ يشرح الخطيب سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتاريخ حياته وسيرة أهل بيته والعترة الهادية والصحابة الصالحين ، فيلفت الخطيب أنظار مستمعيه إلى النقاط المشرقة الهامّة من ذلك التاريخ ، فيأخذ الحاضرون دروسا وعبرا منه يطبقونها في حياتهم الشخصية وسيرتهم الاجتماعية.

٣ ـ يتناول الخطيب تاريخ النهضة الحسينية ، ويبيّن أسبابها وأهدافها. ويشرح آثارها والدروس التي يجب على المسلم أن يأخذها من تلك النهضة المقدّسة ، ويدعو الخطيب المستمعين إلى تطبيق أهداف الحسينعليه‌السلام وإحياء ثورته وتكرارها ضدّ الظلم والظالمين في كلّ زمان ومكان.

٤ ـ في كلّ عام يهتدي كثير من الضالّين والعاصين ، فيتوبون إلى الله تعالى ، ويسلكون الصراط المستقيم ، ويصبحون من الصالحين المهتدين ، حتّى إنّ في بعض البلاد التي تسكنها الشيعة والكفّار مثل بلاد الهند والبلاد الإفريقية ، أسلم كثير منهم بعد ما حضروا في المجالس الحسينية وعرفوا تاريخ الإسلام وأحكامه وسيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٥٧٩

وأخلاقه الحميدة.

وهذا جانب من معنى الحديث النبوي الذي نقله علماؤكم أيضا في الكتب المعتبرة ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الأسباط(١) ».

فمعنى : «وأنا من حسين» لعلّه يكون : إنّ الحسين والمجالس التي تنعقد باسمه ولأجله هو السب في إحياء ديني وإبقائه ، فالحسينعليه‌السلام بنهضته المباركة فضح بني أميّة وكشف واقعهم الإلحادي ، وحال بينهم وبين الوصول إلى أهدافهم العدوانيّة ونياتهم الشيطانية التي كانت ستقضي على الدين الحنيف ورسالة خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

واليوم يمرّ أكثر من ألف عام على إقامة مجالس عظيمة ومحافل كريمة باسم الحسينعليه‌السلام علانية وسرّا ، والناس يحضرون على مختلف طبقاتهم ومستوياتهم ، فيقتبسون النور ويتعرّفون على الإسلام الحقيقي

__________________

(١) خرّجه الإمام أحمد في مسنده ٤ / ١٧٢ بسنده عن يعلى بن مرة الثقفي.

ورواه ابن سعد في طبقاته الكبرى ج ٨ حديث رقم ١٨ من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام .

ورواه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٧٧ باب فضائل الحسين عليه‌السلام ، وأقرّ صحّته.

ورواه الذهبي في تلخيصه ، وقال : هذا حديث صحيح.

ورواه الخطيب الخوارزمي في كتابه مقتل الحسين ١ / ١٤٦ الفصل السابع.

ورواه شيخ الاسلام الحمويني في كتابه «فرائد السمطين» في الباب ٣٠.

ورواه البخاري في «الأدب المفرد» صفحة ١٠٠ ط مصر.

ورواه الترمذي في سننه ١٣ / ١٩٥ باب مناقب الحسن والحسين عليهم‌السلام .

ورواه ابن ماجة في مقدّمة سننه ١ / ٦٤.

ورواه جمع كثير من أعلام العامّة لا مجال لذكر أسمائهم جميعا. «المترجم»

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800