موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 493426 / تحميل: 5833
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

( باب )

( حد المحارب )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد من أصحابه جميعا ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي صالح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قدم على رسول الله قوم من بني ضبة مرضى فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقيموا عندي فإذا برأتم بعثتكم في سرية فقالوا أخرجنا من المدينة فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها ويأكلون من ألبانها فلما برءوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كانوا في الإبل فبلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فبعث إليهم علياعليه‌السلام فهم في واد قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه قريبا من أرض اليمن فأسرهم وجاء بهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت هذه الآية عليه «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ »(١) فاختار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القطع فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن طلحة النهدي ، عن سورة بن كليب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة فيلقاه رجل أو يستقفيه فيضربه

باب حد المحارب

وقال في الشرائع : المحارب كل من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر ، ليلا أو نهارا في مصر أو غيره ، وهل يشترط كونه من أهل الريبة ، فيه تردد أصحه أنه لا يشترط مع العلم بقصد الإخافة ويستوي في هذا الحكم الذكر والأنثى ، وفي ثبوت هذا الحكم للمجرد مع ضعفه عن الإخافة تردد أشبهه الثبوت ، ويجتزئ بقصده.

الحديث الأول : موثق على الظاهر ، إذ الظاهر أنأبا صالح هو عجلان.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٣.

٣٨١

ويأخذ ثوبه قال أي شيء يقول فيه من قبلكم قلت يقولون هذه دغارة معلنة وإنما المحارب في قرى مشركية فقال أيهما أعظم حرمة دار الإسلام أو دار الشرك قال فقلت دار الإسلام فقال هؤلاء من أهل هذه الآية «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » إلى آخر الآية.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ » إلى آخر الآية فقلت أي شيء عليهم من هذه الحدود التي سمى الله عز وجل قال ذلك إلى الإمام إن شاء قطع وإن شاء صلب وإن شاء نفى وإن شاء قتل قلت النفي إلى أين قال ينفى من مصر إلى مصر

ويمكن أن يعد موثقا ، ومحمول على المحارب بل هو الظاهر.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في المسالك : اختلف الأصحاب في عقوبات المحارب هل هي على وجه التخيير أو الترتيب؟ فذهب المفيد وسلار وجماعة إلى الأول ، لظاهر الآية(١) ، وصحيحة جميل ، وصحيحة بريد(٢) .

وذهب الشيخ وأتباعه إلى أن ذلك على الترتيب ، لرواية عبد الله بن إسحاق(٣) ، ومحمد بن مسلم(٤) وغيرهما ، وهي كلها ضعيفة الإسناد مضطربة المتن ، وما ذكره الشيخ من أنه يقتل إن قتل ولو عفا ولي الدم قتله الإمام ، ولو قتل وأخذ المال استعيد منه وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثم قتل وصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفا ونفي ، ولو جرح ولم يأخذ المال اقتص منه ونفي ، ولو اقتصر على شهر السلاح والإخافة نفي لا غير ، فهذا لا يستفاد من كل واحدة من الروايات ، وإنما يجتمع منها على اختلاف فيها.

وقال في الشرائع : يصلب المحارب حيا على القول بالتخيير ، ومقتولا على القول الآخر ، وقال : لا يعتبر في قطع المحارب أخذ النصاب ، وفي الخلاف ولا يعتبر

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٣.

(٢) الآتية ص ٣٨٣ ح ٥.

(٣) الآتية ص ٣٨٤ ح ٨.

(٤) الآتية ص ٣٨٥ ح ١٢.

٣٨٢

آخر ، وقال إن علياعليه‌السلام نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » إلى آخر الآية قال لا يبايع ولا يؤوى ولا يتصدق عليه.

٥ ـ عنه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن يحيى الحلبي ، عن بريد بن معاوية قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » قال ذلك إلى الإمام يفعل به ما يشاء قلت فمفوض ذلك إليه قال لا ولكن نحو الجناية.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

انتزاعه من حرز.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

الحديث الخامس : صحيح.

ولا ينافي هذا الخبر القول بالتخيير إذ مفاده أن الإمام يختار ما يعلمه صلاحا بحسب جنايته لا بما يشتهيه ، وبه يمكن الجمع بين الأخبار المختلفة.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إلا أن يكون » محمول على ما إذا شهر السلاح ، وبه استدل من قال باشتراط كون المحارب من أهل الريبة ويمكن أن يكون الاشتراط في الخبر لتحقق الإخافة.

الحديث السابع : ضعيف.

وقال في الشرائع لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ثم ينزل ويغسل

٣٨٣

أن أمير المؤمنينعليه‌السلام صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام ثم أنزله يوم الرابع فصلى عليه ودفنه.

٨ ـ علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن عبيد الله بن إسحاق المدائني ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سئل عن قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا » الآية فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع فقال إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فقتل قتل به وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف وإن شهر السيف فحارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال ينفى من الأرض قلت كيف ينفى وما حد نفيه قال ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره ويكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه فيفعل ذلك به سنة فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة قلت فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قال إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها.

٩ ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن سليمان ، عن عبيد الله بن إسحاق ، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله إلا أنه قال في آخره : يفعل به ذلك سنة فإنه سيتوب قبل ذلك وهو صاغر قال قلت فإن أم أرض الشرك يدخلها قال يقتل.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص ، عن عبد الله بن طلحة ، عن

ويكفن ويصلي عليه ويدفن ، ولعل عدم ذكر التغسيل والتكفين لأمره بهما قبله.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

الحديث التاسع : مجهول.

وبه عمل الأصحاب إلا أنهم يقيدوا النفي بالسنة ، وفي المسالك : ظاهر الأكثر عدم تحديده بمدة بل ينفى دائما إلى أن يتوب ، وقد تقدم في الرواية كونه سنة ، وحملت على التوبة في الأثناء ، وهو بعيد.

الحديث العاشر : ضعيف.

٣٨٤

أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا » الآية هذا نفي المحاربة غير هذا النفي قال يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل وينفى ويحمل في البحر ثم يقذف به لو كان النفي من بلد إلى بلد كأن يكون إخراجه من بلد إلى بلد آخر عدل القتل والصلب والقطع ولكن يكون حدا يوافق القطع والصلب.

١١ ـ علي بن محمد ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن علي بن أسباط ، عن داود بن أبي يزيد ، عن عبيدة بن بشير الخثعمي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قاطع الطريق وقلت إن الناس يقولون إن الإمام فيه مخير أي شيء شاء صنع قال ليس أي شيء شاء صنع ولكنه يصنع بهم على قدر جناياتهم من قطع الطريق فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله وصلب ومن قطع الطريق فقتل ولم يأخذ المال قتل ومن قطع الطريق وأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله [ من خلافه ] ومن قطع الطريق ولم يأخذ مالا ولم يقتل نفي من الأرض.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه ونفي من تلك البلدة ومن شهر السلاح في غير الأمصار وضرب وعقر وأخذ المال ولم يقتل فهو محارب فجزاؤه جزاء المحارب وأمره إلى الإمام إن شاء قتله و [ إن شاء ] صلبه

قوله عليه‌السلام : « لو كان النفي » لعل هذا استفهام إنكاري ، أي لو كان مجرد الإخراج من بلد إلى آخر كيف يكون معادلا للقتل والسلب ، بل لا بد أن يكون على هذا الوجه المتضمن للقتل ، حتى يكون معادلا لهما ، ولم يقل بهما أحد من الأصحاب سوى ما يظهر من كلام الصدوق في الفقيه ، حيث قال : وينبغي أن يكون نفيا يشبه الصلب والقتل يثقل رجليه ، ويرمى به في البحر.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

٣٨٥

وإن شاء قطع يده ورجله قال وإن ضرب وقتل وأخذ المال فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه قال فقال أبو عبيدة أصلحك الله أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول قال فقال أبو جعفرعليه‌السلام إن عفوا عنه فإن على الإمام أن يقتله لأنه قد حارب وقتل وسرق قال فقال أبو عبيدة أرأيت إن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية ويدعونه ألهم ذلك قال فقال لا عليه القتل.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود الطائي ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المحارب فقلت له إن أصحابنا يقولون إن الإمام مخير فيه إن شاء قطع وإن شاء صلب وإن شاء قتل فقال لا إن هذه أشياء محدودة في كتاب الله عز وجل فإذا ما هو قتل وأخذ قتل وصلب وإذا قتل ولم يأخذ قتل وإذا أخذ ولم يقتل قطع وإذا هو فر ولم يقدر عليه ثم أخذ قطع إلا أن يتوب فإن تاب لم يقطع.

( باب )

( من زنى أو سرق أو شرب الخمر بجهالة لا يعلم أنها محرمة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام رجل دعوناه إلى جملة ما نحن عليه من جملة الإسلام فأقر به ثم شرب الخمر وزنى وأكل الربا ولم يتبين له شيء من الحلال والحرام أقيم عليه الحد إذا جهله قال لا إلا أن تقوم عليه بينة أنه قد كان أقر بتحريمها.

وفي الصحاح :« عقره » أي جرحه.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور.

باب من زنى أو سرق أو شرب الخمر بجهالة لا يعلم أنها محرمة

الحديث الأول : صحيح.

٣٨٦

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عمن رواه ، عن أبي عبيدة الحذاء قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لو وجدت رجلا من العجم أقر بجملة الإسلام لم يأته شيء من التفسير زنى أو سرق أو شرب الخمر لم أقم عليه الحد إذا جهله إلا أن تقوم عليه بينة أنه قد أقر بذلك وعرفه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل دخل في الإسلام فشرب خمرا وهو جاهل قال لم أكن أقيم عليه الحد إذا كان جاهلا ولكن أخبره بذلك وأعلمه فإن عاد أقمت عليه الحد.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لقد قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه بقضية ما قضى بها أحد كان قبله وكانت أول قضية قضى بها بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك أنه لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأفضى الأمر إلى أبي بكر أتي برجل قد شرب الخمر فقال له أبو بكر أشربت الخمر فقال الرجل نعم فقال ولم شربتها وهي محرمة فقال إنني لما أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلونها ولو أعلم أنها حرام فأجتنبها قال فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرجل فقال معضلة وأبو الحسن لها فقال أبو بكر يا غلام ادع لنا عليا قال عمر بل يؤتى الحكم في منزله فأتوه ومعه سلمان الفارسي فأخبره بقصة الرجل فاقتص عليه قصته فقال عليعليه‌السلام لأبي بكر ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه فإن لم يكن تلا عليه آية التحريم فلا شيء عليه ففعل أبو بكر بالرجل ما قال عليعليه‌السلام فلم يشهد عليه أحد فخلى سبيله فقال سلمان لعليعليه‌السلام لقد أرشدتهم فقال عليعليه‌السلام إنما أردت أن أجدد تأكيد هذه الآية في وفيهم «أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ».

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : كالحسن.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٣٨٧

( باب )

( من وجبت عليه حدود أحدها القتل )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل فقال كان عليعليه‌السلام يقيم عليه الحدود ثم يقتله ولا يخالف عليعليه‌السلام .

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يكون عليه الحدود منها القتل قال تقام عليه الحدود ثم يقتل.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام فيمن قتل وشرب خمرا وسرق فأقام عليه الحد فجلده لشربه الخمر وقطع يده في سرقته وقتله بقتله.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان وابن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل قال يبدأ بالحدود التي هي دون القتل ثم يقتل بعد.

باب من وجبت عليه حدود أحدها القتل

الحديث الأول : صحيح.

وقال في التحرير : إذا اجتمعت حدود مختلفة كالقذف والقطع والقتل بدئ بالجلد ثم القطع ، ولا يسقط ما دون القتل استحقاق القتل ولو أسقط مستحق الطرف حده استوفي الجلد ، ثم قتل ولو كانت الحدود لله تعالى بدئ بما لا يفوت معه الآخر.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : حسن.

٣٨٨

( باب )

( من أتى حدا فلم يقم عليه الحد حتى تاب )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد وابن أبي عمير جميعا ، عن جميل بن دراج ، عن رجل ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم بذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح فقال إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد.

قال محمد بن أبي عمير قلت فإن كان أمرا قريبا لم يقم قال لو كان خمسة أشهر أو أقل منه وقد ظهر أمر جميل لم يقم عليه الحدود.

وروي ذلك عن بعض أصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام .

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أقيمت عليه البينة بأنه زنى ثم هرب قبل أن يضرب قال إن تاب فما عليه شيء وإن وقع في يد الإمام أقام عليه الحد وإن علم مكانه بعث إليه.

باب من أتى حدا فلم يقم عليه الحد حق تاب

الحديث الأول : مرسل كصحيح بسنديه.

ويدل على أنه يسقط الحد بالتوبة قبل ثبوته وهو موضع وفاق ، والمشهور أنه يتحتم لو تاب بعد البينة ولو تاب بعد الإقرار قيل : يتحتم ، وقيل : يتخير الإمام في الإقامة والعفو.

واختار في المسالك : الأول ، وقوله « لو كان خمسة أشهر » لعله على سبيل المثال ، ولم أر قائلا بالتفصيل سوى ما يظهر من المصنف.

الحديث الثاني : صحيح.

٣٨٩

( باب )

( العفو عن الحدود )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أخذ سارقا فعفا عنه فذاك له فإن رفع إلى الإمام قطعه فإن قال الذي سرق منه أنا أهب له لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفع إليه وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام وذلك قول الله عز وجل : «وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ » فإذا انتهى الحد إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يأخذ اللص يرفعه أو يتركه فقال إن صفوان بن أمية كان مضطجعا في المسجد الحرام فوضع رداءه وخرج يهريق الماء فوجد رداءه قد سرق حين رجع إليه فقال من ذهب بردائي فذهب يطلبه فأخذ صاحبه فرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال

باب العفو عن الحدود

الحديث الأول : موثق.

وقال في التحرير : لو قامت البينة بالسرقة من غير مرافعة المالك لم يقطع ، وإنما القطع موقوف على مطالبة المالك ، ولو وهبه المسروق سقط الحد ، وكذا لو عفا عن القطع ، فأما بعد المرافعة لا يسقط بهبة ولا عفو.

الحديث الثاني : حسن.

وقال في المسالك : لا شبهة في أن المواضع المطروقة من غير مراعاة المالك ليست حرزا ، وأما مع مراعاة المالك فذهب الشيخ في المبسوط ومن تبعه إلى كونه محرزا بذلك ، ولهذا قطع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سارق رداء صفوان بن أمية من المسجد ، والرواية وردت بطرق كثيرة ، وفي الاستدلال بها للقول بأن المراعاة حرز ، نظر بين لأن المفهوم منها ـ وبه صرح كثير ـ أن المراد بها النظر إلى المال فكيف يجتمع الحكم بالمراعاة مع فرض كون المالك غائبا عنه ، وفي بعض الروايات أن صفوان قام فأخذ

٣٩٠

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اقطعوا يده فقال صفوان أتقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله قال نعم قال فأنا أهبه له فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إلي قلت فالإمام بمنزلته إذا رفع إليه قال نعم قال وسألته عن العفو قبل أن ينتهي إلى الإمام فقال حسن.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يأخذ اللص يدعه أفضل أم يرفعه فقال إن صفوان بن أمية كان متكئا في المسجد على ردائه فقام يبول فرجع وقد ذهب به فطلب صاحبه فوجده فقدمه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال اقطعوا يده فقال صفوان يا رسول الله أنا أهب ذلك له فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ألا كان ذلك قبل أن تنتهي به إلي قال وسألته عن العفو عن الحدود قبل أن ينتهي إلى الإمام فقال حسن.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا يعفى عن الحدود التي لله دون الإمام فأما ما كان من حق الناس في حد فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت له رجل جنى علي أعفو عنه أو أرفعه إلى السلطان قال هو حقك إن عفوت عنه فحسن وإن رفعته إلى الإمام فإنما طلبت حقك وكيف لك بالإمام.

من تحته ، والكلام فيها كما سبق وإن كان النوم عليه أقرب من المراعاة مع الغيبة وفي المبسوط فرض المسألة على هذا التقدير ، واكتفى في حرز الثوب بالنوم عليه أو الاتكاء عليه أو توسده ، وهذا أوجه.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

الحديث الخامس : صحيح.

٣٩١

٦ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سماعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقذف الرجل بالزنى فيعفو عنه ويجعله من ذلك في حل ثم إنه بعد يبدو له في أن يقدمه حتى يجلده قال فقال ليس له حد بعد العفو فقلت له أرأيت إن هو قال يا ابن الزانية فعفا عنه وترك ذلك لله فقال إن كانت أمه حية فليس له أن يعفو العفو إلى أمه متى شاءت أخذت بحقها قال فإن كانت أمه قد ماتت فإنه ولي أمرها يجوز عفوه.

( باب )

( الرجل يعفو عن الحد ثم يرجع فيه والرجل يقول للرجل )

( يا ابن الفاعلة ولأمه وليان )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يفتري على الرجل فيعفو عنه ثم يريد أن يجلده بعد العفو قال ليس له أن يجلده بعد العفو.

٢ ـ علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام

الحديث السادس : موثق.

وقال في الشرائع(١) : إذا ورث الحد جماعة لم يسقط بعضه بعفو البعض ، وللباقين المطالبة بالحد تاما ، ولو بقي واحد ، أما لو عفا الجماعة أو كان المستحق واحدا فعفي فقد سقط الحد ، ولمستحق الحد أن يعفو قبل ثبوت حقه وبعده وليس للحاكم الاعتراض عليه ، ولا يقام إلا بعد مطالبة المستحق.

باب الرجل يعفو عن الحد ثم يرجع فيه ، والرجل يقول للرجل يا ابن الفاعلة ولأمه وليان

الحديث الأول : موثق.

الحديث الثاني : موثق.

__________________

(١) الشرايع ج ٤ ص ١٦٦.

٣٩٢

لو أن رجلا قال لرجل يا ابن الفاعلة يعني الزنى وكان للمقذوف أخ لأبيه وأمه فعفا أحدهما عن القاذف وأراد أحدهما أن يقدمه إلى الوالي ويجلده أكان ذلك له فقال أليس أمه هي أم الذي عفا قلت نعم ثم قال إن العفو إليهما جميعا إذا كانت أمهما ميتة فالأمر إليهما في العفو فإن كانت حية فالأمر إليها في العفو.

( باب )

( أنه لا حد لمن لا حد عليه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا حد لمن لا حد عليه.

وتفسير ذلك لو أن مجنونا قذف رجلا لم يكن عليه شيء ولو قذفه رجل لم يكن عليه حد.

٢ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن فضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا حد لمن لا حد عليه يعني لو أن مجنونا قذف رجلا لم أر عليه شيئا ولو قذفه رجل فقال له يا زان لم يكن عليه حد.

( باب )

( أنه لا يشفع في حد )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان

باب أنه لا حد لمن لا حد عليه

الحديث الأول : حسن أو موثق.

قوله وتفسير ذلك لعله من إسحاق أو ابن محبوب ، والمقطوع به في كلام الأصحاب اشتراط كمال العقل في القاذف والمقذوف للحد.

الحديث الثاني : حسن.

باب أنه لا يشفع في حد

الحديث الأول : مجهول.

٣٩٣

عن سلمة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أسامة بن زيد يشفع في الشيء الذي لا حد فيه فأتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بإنسان قد وجب عليه حد فشفع له أسامة فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يشفع في حد.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان لأم سلمة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمة فسرقت من قوم فأتي بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فكلمته أم سلمة فيها فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أم سلمة هذا حد من حدود الله عز وجل لا يضيع فقطعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يشفعن أحد في حد إذا بلغ الإمام فإنه يملكه واشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم واشفع عند الإمام في غير الحد مع الرجوع من المشفوع له ولا تشفع في حق امرئ مسلم ولا غيره إلا بإذنه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط

وقال في الشرائع(١) : لا كفالة في حد ولا تأخير فيه مع الإمكان والأمن من توجه ضرر ، ولا شفاعة في إسقاطه.

الحديث الثاني : كالصحيح.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فإنه يملكه » لعل المعنى أنه يلزم عليه ولا يمكنه تركه ، فلا تنفع الشفاعة ، ولا يبعد أن يكون « لا يملكه » فسقطت كلمة « لا » من النساخ ، وفي الفقيه(٢) هكذا « فإنه لا يملكه فيما يشفع فيه وما لم يبلغ الإمام فإنه يملكه » وهو أظهر وفي التهذيب(٣) كما هنا.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الشرايع ج ٤ ص ١٦١.

(٢) الفقيه ج ٣ ص ١٩ ح ١.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ١٤٧ ح ١٢.

٣٩٤

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأسامة بن زيد يا أسامة لا تشفع في حد.

( باب )

( أنه لا كفالة في حد )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا كفالة في حد.

( باب )

( أن الحد لا يورث )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول إن الحد لا يورث كما تورث الدية والمال والعقار ولكن من قام به من الورثة فطلبه فهو وليه ومن تركه فلم يطلبه فلا حق له وذلك مثل رجل قذف رجلا وللمقذوف أخ فإن عفا عنه أحدهما

باب أنه لا كفالة في حد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

باب أن الحد لا يورث

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « رجلا » أي أمه مع موت الأم ،قوله عليه‌السلام : « وللمقذوف أخ » وفي بعض النسخ أخوان كما في التهذيب والأظهر ما في الأصل.

وقال في الشرائع : حد القذف موروث يرثه من يرث المال من الذكور والإناث عدا الزوج والزوجة.

وقال في المسالك : المراد من كونه موروثا لمن ذكر ، أن لأقارب المقذوف

٣٩٥

كان للآخر أن يطلبه بحقه لأنها أمهما جميعا والعفو لهما جميعا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحد لا يورث.

( باب )

( أنه لا يمين في حد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام برجل فقال هذا قد قذفني ولم تكن له بينة فقال يا أمير المؤمنين استحلفه فقال لا يمين في حد ولا قصاص في عظم.

( باب )

( حد المرتد )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن

الذين يرثون ماله أن يطالبوا به ، وكذا لكل واحد مع عفو الباقين ، وليس ذلك على حد إرث المال فيرث كل واحد حصته منه ، بل هو مجرد ولاية على استيفائه ، فللواحد من الجماعة المطالبة بتمام الحد ، وبهذا يجمع بين الحكم بكونه موروثا وما ورد من الأخبار بكونه غير موروث ، بمعنى أنه لا يورث على حد ما يورث المال وإلا لورثه الزوجان ، ولم يكن للواحد المطالبة بأزيد من حصته منه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

باب أنه لا يمين في حد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

باب حد المرتد

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

٣٩٦

ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المرتد فقال من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد إسلامه فلا توبة له وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسم ما ترك على ولده.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن رجلا من المسلمين تنصر فأتي به أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستتابه فأبى عليه فقبض على شعره ثم قال طئوا يا عباد الله فوطئ حتى مات.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام في المرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل والمرأة إذا ارتدت

وقال في المسالك : المشهور بين الأصحاب أن الارتداد على قسمين ، فطري وملي ، فالأول ارتداد من ولد على الإسلام بأن انعقد حال إسلام أحد أبويه ، وهذا لا يقبل إسلامه لو رجع إليه بحسب الظاهر ، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فقبول توبته هو الوجه ، وحينئذ فلو لم يطلع أحد أو لم يقدر على قتله أو تأخر قتله وتاب قبلت توبته فيما بينه وبين الله ، وصحت عباداته ومعاملاته ، ولكن لا تعود ماله وزوجته إليه بذلك ، ويظهر من ابن الجنيد أن الارتداد قسم واحد ، وأنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وهو مذهب العامة على خلاف بينهم في مدة إمهاله ، وعموم الأدلة المعتبرة تدل عليه ، وتخصيص عامها أو تقييد مطلقها برواية عمار لا يخلو من إشكال ، ورواية علي بن جعفر ليست صريحة في التفصيل ، إلا أن المشهور بل المذهب هو التفصيل المذكور.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في الدروس : وإن أسلم عن كفر ثم ارتد لم يقتل بل يستتاب بما يؤمل معه عوده ، وقيل : ثلاثة أيام للرواية ، فإن لم يتب قتل ، واستتابته واجبة عندنا ، والمرأة لا تقتل مطلقا ، بل تضرب أوقات الصلوات ويدام عليها السجن حتى تتوب

٣٩٧

عن الإسلام استتيبت فإن تابت ورجعت وإلا خلدت في السجن وضيق عليها في حبسها.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصبي يختار الشرك وهو بين أبويه قال لا يترك وذلك إذا كان أحد أبويه نصرانيا.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج وغيره ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل رجع عن الإسلام قال يستتاب فإن تاب وإلا قتل قيل لجميل فما تقول إن تاب ثم رجع عن الإسلام قال يستتاب قيل فما تقول إن تاب ثم رجع قال لم أسمع في هذا شيئا ولكنه عندي بمنزلة الزاني الذي يقام عليه الحد مرتين ثم يقتل بعد ذلك : « وقال روى أصحابنا » : أن الزاني يقتل في المرة الثالثة.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام أتي بزنديق

أو تموت ، ولو لحقت بدار الحرب قال في المبسوط : تسترق.

الحديث الرابع : مجهول.

قوله : « نصرانيا » أي والآخر مسلما.

الحديث الخامس : ضعيف.

وقال في الدروس : إن تكررت منه الردة والاستتابة قتل في الرابعة أو الثالثة على الخلاف.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس :الزنديق بالكسر من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة ، أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان ، أو هو معرب « زن دين » ، أي دين المرأة.

٣٩٨

فضرب علاوته.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد من أصحابه ، عن أبان بن عثمان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصبي إذا شب فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني أو مسلمين قال لا يترك ولكن يضرب على الإسلام.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله قال أتى قوم أمير المؤمنينعليه‌السلام فقالوا السلام عليك يا ربنا فاستتابهم فلم يتوبوا فحفر لهم حفيرة وأوقد فيها نارا وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها وأفضى بينهما فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة وأوقد في الحفيرة الأخرى حتى ماتوا.

٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه برجل من بني ثعلبة قد تنصر بعد إسلامه فشهدوا عليه فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما يقول هؤلاء الشهود قال صدقوا وأنا أرجع إلى الإسلام فقال أما إنك لو كذبت الشهود لضربت عنقك وقد قبلت منك ولا تعد فإنك إن رجعت لم أقبل منك رجوعا بعده.

وقال في التحرير : الزنديق وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر يقتل بالإجماع ، وقال في الصحاح : العلاوة : رأس الإنسان ما دام في عنقه ، يقال : ضرب علاوته أي رأسه.

الحديث السابع : مرسل.

وظاهره عدم قتل الفطري ابتداء ، ويمكن حمله على المراهق للبلوغ.

الحديث الثامن : ضعيف.

الحديث التاسع : صحيح.

لعل القتل على تقدير التكذيب بناء على عدم توبته مع ثبوت ارتداده بالشهود وفيه إشكال.

وكذا فيقوله عليه‌السلام : « لم أقبل منك رجوعا » ويمكن تأويله بأن عدم قبول

٣٩٩

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي النيسابوري ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن مسلم تنصر قال يقتل ولا يستتاب قلت فنصراني أسلم ثم ارتد عن الإسلام قال يستتاب فإن رجع وإلا قتل.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله نبوته وكذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه وامرأته بائنة منه يوم ارتد فلا تقربه ويقسم ماله على ورثته وتعتد امرأته [ بعد ] عدة المتوفى عنها زوجها وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أخذ في شهر رمضان وقد أفطر فرفع إلى الإمام يقتل في الثالثة.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن بزيعا يزعم أنه نبي فقال إن سمعته يقول

الرجوع لا يدل على القتل ، فلعلهعليه‌السلام كان يعزره لو فعل ذلك على أن الظاهر في المقامين أنهعليه‌السلام قالهما للتهديد تورية.

الحديث العاشر : موثق.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

فظاهره اختصاص الحكم بمن كان أبواه مسلمين ، فلا يشمل من كان أحد أبويه مسلما ، والمشهور بل المتفق عليه الاكتفاء فيه بكون أحدهما مسلما ، ولعله ورد على سبيل المثال.

وقال في الدروس : وقاتل المرتد الإمام أو نائبه ، ولو بادر غيره إلى قتله فلا ضمان ، فإنه مباح الدم ، ولكنه يأثم ويعزر قاله الشيخ ، وقال الفاضل يحل قتله لكل من سمعه وهو بعيد.

الحديث الثاني عشر : موثق.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

(وفي رواية) : لعن الله ابن مرجانة ، لقد اضطره إلى القتل. لقد سأله أن يلحق ببعض البلاد أو الثغور فمنعه. لقد زرع لي ابن زياد في قلب البر والفاجر والصالح والطالح العداوة. ثم تنكّر لابن زياد ، ولم يصل زحر بن قيس بشيء.

ثم بعث الرأس إلى ابنته عاتكة [بنت يزيد] فغسّلته وطيّبته.

قال سبط ابن الجوزي : وهكذا وقعت هذه الرواية ، رواها هشام بن محمّد [الكلبي].

٦٢٣ ـ قتل الحسينعليه‌السلام ثأر لقتلى بدر من الكفار :(المصدر السابق)

ثم قال سبط ابن الجوزي :

وأما المشهور عن يزيد في جميع الروايات ، أنه لما حضر الرأس بين يديه ، جمع أهل الشام ، وجعل ينكت عليه بالخيزران ، ويقول أبيات ابن الزّبعرى :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

وقعة الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا القرن من ساداتهم

وعدلناه قتل بدر فاعتدل

حتى حكى القاضي أبو يعلى عن أحمد بن حنبل في كتاب (الوجهين والروايتين) أنه قال : إن صحّ عن يزيد ذلك ، فقد كفر بالله وبرسوله

قال الشعبي : ثم إن يزيد زاد في القصيدة بقوله :

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

قال مجاهد : وهذا نافق في الدين.

٦٢٤ ـ تنصّل يزيد :(معالي السبطين ، ج ٢ ص ٩٠)

يقول المازندراني في معاليه : كذب ابن الفاعلة ، لو كان صادقا في مقاله لم يكن يفعل بالرأس الشريف ما فعل. وينبغي أن أذكر في هذا المقام كلام سبط ابن الجوزي في كتاب (الردّ على المتعصب العنيد في تصويب فعل يزيد) : ليس العجب من قتال ابن زياد اللعين الحسينعليه‌السلام وتسليطه عمر بن سعد والشمر على قتله ، وحمل الرؤوس إليه ؛ إنما العجب من خذلان يزيد ، ومما فعل هو نفسه ، وهو صبّ الخمر على رأس الحسينعليه‌السلام وضربه بالقضيب ثناياه ، وحمل آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا على أقتاب المطايا ، وعزمه على أن يدفع فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام إلى الشامي ، وإنشاده بأبيات ابن الزبعرى :

٥٢١

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

الخ.

أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج؟. ولو أنه احترم الرأس حين وصوله إليه ، وصلّى عليه ودفنه ، وأحسن إلى آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يترك الرأس في الطشت ، ولم يضربه بالقضيب ، ولا صبّ عليه الخمر ، ما الذي كان يضره ، وقد حصل مقصوده من القتل!. ولكن أحقاد جاهلية ، وأضغان بدرية ، ودليلها ما تقدم من إنشاده.

٦٢٥ ـ تعليق مجلة العرفان :

(العرفان ، مجلد عام ١٩٣٧ ، ص ٦٠ و ٦١)

قال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) ص ٨٠ و ٨١ :

ولما قتل الحسين وبنو أبيه ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه.

وفي (الكامل) لابن الأثير ، ج ٤ ص ٥٥ :

قال ابن زياد لمسافر بن شريح اليشكري : أما قتلي الحسين ، فإنه أشار إليّ يزيد بقتله أو قتلي ، فاخترت قتله.

أفهل بعد هذا يصدّق لبيب أن يزيد حين وضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يديه ، بكى. وهب أنه بكى من منظر تتصدّع منه القلوب المتحجرة ، أفهل تمحو تلك الدمعة صحائفه السود الدكناء؟!.

ولقد أقرّ معاوية الثاني ابن يزيد بأن أباه قد قتل الحسينعليه‌السلام ، ونازع على أمر كان غير أهل له ، حيث قال :

إن هذه الخلافة حبل الله ، وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ، ومن هو أحقّ به منه علي بن أبي طالب. وركب بكم ما تعلمون ، حتى أتته منيّته ، فصار في قبره رهينا بذنوبه.

ثم قلّد أبي الأمر وكان غير أهل له ، ونازع ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقصف عمره ، وابتزّ عقبه ، وصار في قبره رهينا بذنوبه.

٥٢٢

ثم بكى وقال : إن من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبؤس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأباح الخمر ، وخرّب الكعبة(١) .

أضف إلى ذلك أنه لما وصل إليه رأس الحسينعليه‌السلام حسنت حال ابن زياد عنده ، وزاده ووصله وسرّه ما فعل(٢) .

وبالغ في رفعه ابن زياد ، حتى أدخله على نسائه(٣) .

٦٢٦ ـ كيفية حمل الرؤوس والسبايا إلى الشام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٧١)

يقول محمّد مهدي المازندراني : اختلف في كيفية حمل السبايا.

ففي (العقد الفريد) : وحمل أهل الشام بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا على أحقاب الإبل. فلما أدخلت على يزيد ، قالت ابنة الحسينعليه‌السلام : يا يزيد ، أبنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا!؟. قال : بل حرائر كرام. ادخلي على بنات عمك تجديهنّ قد فعلن ما فعلت.

قالت فاطمة [الصغرى بنت الحسين] : فدخلت إليهن ، فما وجدت فيهن سفيانية إلا متلدّمة تبكي [التدمت المرأة : ضربت صدرها ووجهها].

وفي (مقتل الحسين) للخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٢ قال :

عن فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام أنها قالت : لما أدخلنا على يزيد ، ساءه ما رأى من سوء حالنا ، وظهر ذلك في وجهه. فقال : لعن الله ابن مرجانة [أي عبيد الله بن زياد] وابن سميّة [أبوه زياد ابن أبيه] ، لو كان بينه وبينكم قرابة ما صنع بكم هذا ، وما بعث بكنّ هكذا.

(أقول) : كأنه بهذا ينفي قرابة عبيد الله وأبيه زياد من معاوية ، حيث ادّعى معاوية أن (زياد ابن أبيه) أخوه. قال يزيد ذلك ليبيّن للناس أنه هو لا يفعل مثل ذلك ، لأن بينه وبين الحسينعليه‌السلام قرابة ، من عبد مناف.

__________________

(١) الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ، ص ١٣٧.

(٢) الكامل لابن الأثير ، ج ٤ ص ٣٦.

(٣) الصواعق المحرقة ، ص ١٢٥.

٥٢٣

تعليق المؤلف :

لقد حاول يزيد التنصل من فعله في قتل الحسينعليه‌السلام وهو الّذي أمر به ، فأوهم الناس أنه يحب الحسينعليه‌السلام وأنه لا يريد قتله ، وألقى باللائمة الكاملة على عبيد الله بن زياد ، ليتخلص من سخط الجماهير التي بدأت تلعنه وتنتقده حتى في مجلسه.فلا تغرنا بعض تصرفاته إن صحّت نسبتها إليه ؛ من أنه بكى حين رأى رأس الحسينعليه‌السلام ، وذلك لأنه ذكر قرابته منه ورحمه ، وأنه لعن ابن مرجانة.

ولكن أنى للعاقل اللبيب أن ينخدع أو ينغشّ بهذه المظاهر الكاذبة ، وهو يعلم أن يزيد هو الّذي بعث منذ البداية إلى والي المدينة ومكة أن يقتل الحسينعليه‌السلام ولو كان متمسكا بأستار الكعبة ، إذا هو لم يبايع من ساعته. وكم تأسّف مروان بن الحكم أن يفلت الحسين من والي المدينة دون أن يبايع أو يقتل.

ثم إن يزيد يعزل والي الكوفة النعمان بن بشير ، ويعيّن مكانه عبيد الله ابن زياد الّذي كان يعتبره معاوية أخاه ويقرّبه إليه ، وهو فاسق ابن فاسق ، ويأمره بقتل الحسينعليه‌السلام وأشياعه ، إلا أن ينزلوا على حكمه.

وحين قتل عبيد الله بن زياد كلا من مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وبعث برأسيهما إلى يزيد ، بعث يزيد يشكره على عمله ، ويشجّعه على تنكيله.

ولو كان يزيد صادقا في قوله عن ابن زياد ، فكان عليه أن يعاقبه على قتله الحسين وأهل البيتعليه‌السلام ، أو على الأقل أن يعزله من الولاية. في حين نراه بعد مقتل الحسينعليه‌السلام قد استدعاه إليه ، وأعطاه أموالا كثيرة وتحفا عظيمة ، وقرّبه من مجلسه ورفع منزلته ، وأدخله على نسائه وجعله نديمه.

وسكر ليلة معه وقال للمغني : غنّ ، ثم قال يزيد بداهة :

اسقني شربة تروّي فؤادي

ثم مل فاسق مثلها ابن زياد

صاحب السرّ والأمانة عندي

ولتسديد مغنمي وجهادي

قاتل الخارجي ، أعني حسينا

ومبيد الأعداء والحسّاد

فتنبّه يا أخي إلى حقيقة يزيد ، الّذي أجمع الرواة والعلماء على فسقه وكفره ، لا بل على خسّته ودناءته. فحقيقة المرء تعرف من خلال أفعاله ، لا من خلال أقواله.(راجع تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٣٠٠)

٥٢٤

موقف يزيد من ابن زياد

أورد العلامة السيد مرتضى العسكري في مقدمة (مرآة العقول للمجلسي) ج ٢ ص ٣٢٠ ـ ٣٢٢ ، ما يلي :

٦٢٧ ـ حال ابن زياد بعد قتل الحسينعليه‌السلام :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٥٢)

قال ابن أعثم : فلما قتل الحسينعليه‌السلام استوسق العراقان جميعا لعبيد الله بن زياد ، وأوصله يزيد بألف ألف درهم جائزة ، فبنى قصريه الحمراء والبيضاء في البصرة ، وأنفق عليهما مالا جزيلا ، فكان يشتّي في الحمراء ، ويصيّف في البيضاء.وعلا أمره وانتشر ذكره ، وبذل الأموال واصطنع الرجال ، ومدحته الشعراء.

٦٢٨ ـ يزيد الفاجر يزيد العطاء لجنوده البواسل :

(أنساب الأشراف للبلاذري ج ٢ ، ص ٢٢٠)

هكذا كان عطاء يزيد وحباؤه لقائد جنده ابن زياد. أما عطاؤه للجنود ، فقد ذكره البلاذري قال :

كتب يزيد إلى ابن زياد : أما بعد ، فزد أهل الكوفة ، أهل السمع والطاعة ، في أعطياتهم مائة مائة.

٦٢٩ ـ ندم يزيد على أفعاله :(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٣٢)

قال السيد مرتضى العسكري : وهكذا عاش قتلة الحسينعليه‌السلام في نعيم وسرور ، واستبشار وحبور ، حتى إذا ظهرت آثار أفعالهم ندموا على ما فعلوا.

قال ابن كثير وغيره : لما قتل ابن زياد الحسينعليه‌السلام وبعث برؤوسهم إلى يزيد ، سرّ بقتلهم أولا ، وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده ، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى ندم ، وقال : بغّضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع في قلوبهم العداوة ، فأبغضني البرّ والفاجر.

وكذلك يظهر ندم ابن زياد وعمر بن سعد وسائر قتلة آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٣٠ ـ موقف يزيد من عبيد الله بن زياد أمام الناس :

(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٣)

وقيل : لما وصل رأس الحسينعليه‌السلام إلى يزيد ، حسنت حال ابن زياد عنده ، وزاده ووصله ، وسرّه ما فعل. ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى بلغه بغض الناس له ،

٥٢٥

ولعنهم وسبّهم. فندم على قتل الحسينعليه‌السلام فكان يقول : وما عليّ لو احتملت الأذى ، وأنزلت الحسين معي في داري ، وحكّمته فيما يريد ، وإن كان عليّ في ذلك وهن في سلطاني ، حفظا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورعاية لحقه وقرابته!. لعن الله ابن مرجانة ، فإنه اضطره [إلى القتل] ، وقد سأله أن يضع يده في يدي ، أو يلحق بثغر حتى يتوفاه الله ، فلم يجبه إلى ذلك ، فقتله. فبغّضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع في قلوبهم العداوة ، فأبغضني البر والفاجر ، بما استعظموه من قتل الحسين. ما لي ولابن مرجانة ، لعنه الله وغضب عليه.

تعليق المؤلف :

كل هذه الأقوال من يزيد ـ إن صحّت ـ فهي كاذبة في حقيقتها ، بل هي صادرة منه للاستهلاك المحلي ، ولكبح جماح الجماهير عليه. فإذا كان صادقا في ندمه على ما حصل ، وغير راض عما فعله ابن زياد ، فلماذا

لم يعزله عن ولاية البصرة والكوفة على أقل تقدير؟. بل هو على العكس من ذلك يستدعيه ويكرمه ويزيد في عطائه وفي عطاء جنده الأوفياء مائة بالمائة.

وهذا هو يزيد التائب النادم ، بعد قتل الحسينعليه‌السلام واستئصال ذريته ، يسعى بجنده إلى المدينة المنورة معقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحابته الكرام ، فيسبيها ثلاثة أيام ويأمر قائد جيشه بأن يأخذ رجالها عبيدا ليزيد.

وفي (العقد الفريد) لابن عبد ربه ، ج ٣ ص ١٣٧ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٢ قال في وصف يزيد : وعنده تقتل أو تعود عبدا كما تعتبد العبيد.

ولم يكتف بذلك حتى حرق الكعبة وضربها بالمنجنيق ، فقصف الله عمره في عزّ شبابه ، ولم يدم حكمه أكثر من ثلاث سنين وأشهر. كل ذلك مما يدل على أن ما فعله كان عن عمد وتصميم ، واستمرّ في عداوته لله والدين والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى آخر رمق من حياته. فأهلكه الله في ظروف غامضة ، وهو يتلهّى بالصيد في (حوّارين) شرقي حمص ، حيث أخواله النصارى.

٦٣١ ـ الجريمة تلبس يزيد مهما حاول اختلاق المبررات والأعذار :

(مقتل سيد الشهداء لعبد الكريم خان ، ص ٢٤)

قال الإمام الغزالي :

وقد زعمت طائفة أن يزيد بن معاوية لم يرض بقتل الحسينعليه‌السلام وادّعوا أن قتله كان غلطا.

٥٢٦

قال : وكيف يكون هذا الحال ، والحسينعليه‌السلام لا يحتمل الغلط ، لما جرى من قتاله ، ومكاتبة يزيد إلى ابن زياد بسببه وحثّه على قتله ، ومنعه عن الماء وقتله عطشانا ، وحمل رأسه وأهله سبايا عرايا على أقتاب الجمال ، وقرع ثناياه بالقضيب ، ومحاورته مع علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام لما دخل على يزيد ، حيث قال له : أنت ابن الّذي قتله الله ، فقالعليه‌السلام : أنا علي ابن من قتلت أنت ، ثم قرأ :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً ) (٩٣) [النساء : ٩٣].

ثم استفاض في لعن عليعليه‌السلام على المنابر ألف شهر ، وكان ذلك بأمر معاوية.أتراهم أمرهم بذلك كتاب أو سنّة أو إجماع؟!. انتهى كلام الغزالي.

٦٣٢ ـ يزيد هو الآمر الفعلي لقتل الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٢)

يقول الفاضل الدربندي : إن روايات كثيرة شواهد حقّة على أن يزيد هو الّذي أمر أعيان دولته ورؤساء جنده بمقاتلة سيد الشهداءعليه‌السلام وقتله ، وقتل أولاده وأطفاله وأصحابه ، وسبي عياله ونسائه. وإن جملة قليلة من الكلمات الصادرة عنه ، مما كان ظاهرها يفيد رقة قلبه على أهل البيتعليه‌السلام ، إنما كان منه على وجه الدهاء والشيطنة ، وكان منه لأغراض سياسية ، وليمتصّ به غضب الناس عليه.

حوادث تالية

تسيير الرأس الشريف إلى الأمصار

من الأمور الواضحة الدلالة ، التي تفضح حقيقة يزيد ، في تصميمه على قتل الحسينعليه‌السلام وسبي نسائه ، انتقاما لأجداده الكفار الذين قتلوا في بدر ؛ هو تسيير رأس الحسينعليه‌السلام من دمشق إلى عدة أمصار ، ليشاركه أعوانه فرحته الكبرى في انتصاره الميمون على النبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستئصال ذريّته.

تسيير رأس الحسينعليه‌السلام إلى مصر

٦٣٣ ـ تسيير رأس الشريف إلى فلسطين ومصر :

لم تنته مسيرة رأس الحسينعليه‌السلام في دمشق فبعد أن شفى يزيد نفسه برؤية رأس الحسينعليه‌السلام أمر بتسييره إلى بقية الآفاق ، لينعم الناس بفرحة نصره

٥٢٧

ويشاركوه ذلك. فسيّر الرأس الشريف من دمشق إلى عسقلان [في فلسطين] وذلك بالطريق المتعارفة في ذلك الزمان كعمّان والقدس. وتقع (عسقلان) في فلسطين بين يافا وغزة ، وفيها الآن مشهد للحسينعليه‌السلام . ثم ساروا بالرأس الشريف إلى مصر ، وكانت عاصمتها الفسطاط وهي (القاهرة) اليوم. وقد أقيم في كل مكان وضع فيه الرأس الشريف مشهد للحسينعليه‌السلام . فكأن غاية يزيد في توهين قيمة الحسينعليه‌السلام ومحو ذكره وعظمته ، عن طريق تسيير رأسه الشريف من بلد إلى بلد والتشهير به ، كأن هذه الغاية قد انقلبت إلى عكسها ، فكان ذلك التسيير والتشهير سببا إلى قيام المشاهد المتعددة للحسينعليه‌السلام في كل مكان من أرض الإسلام ، ليظل ذكر الحسين وأمجاده دائمة عامرة في كل مكان.

هذا وقد بلغ من طغيان رجال يزيد وقواده ، وشذوذ أعوانه ومتملّقيه ، أن بيعت الخيل التي داست صدر الحسين الشريف ، بيعت في مصر بآلاف الدنانير ، ومن لم يستطع شراء فرس اشترى حدوة الفرس بآلاف الدنانير ، وأصبحوا يضعونها على أبواب بيوتهم للتبرك بها والتفاؤل!.

٦٣٤ ـ بدعة وضع الحدوة للبركة :

(التعجب ص ٤٦ ـ ملحق بكنز الفوائد للكراجكي)

قال البيروني في (الآثار الباقية) ص ٣٢٩ ط ليدن :

لقد فعلوا بالحسينعليه‌السلام ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ، من القتل بالسيف والرمح والحجارة وإجراء الخيل.

وقد وصل بعض هذه الخيول إلى مصر ، فقلعت نعالها وسمّرت على أبواب الدور تبركا ، وجرت بذلك السّنّة [أي العادة] عندهم ؛ فصار أكثرهم يعمل نظيرها ويعلق على أبواب الدور.

٦٣٥ ـ دفن الرأس الشريف في عسقلان :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٣)

قال الشيخ مؤمن الشبلنجي : السؤال الّذي يتبادر إلى الأذهان ، بعد مسير الرأس الشريف إلى الشام ؛ إلى أين سار ، وفي أي موضع استقرّ؟. فذهبت طائفة إلى أن يزيد أمر أن يطاف به في البلاد ، فطيف به حتى انتهى به إلى (عسقلان) فدفنه أميرها بها.

٥٢٨

ـ تعريف بعسقلان :(أخبار الدول للقرماني ، ص ٤٦٥)

عسقلان مدينة حسنة على ساحل بحر الشام من أعمال فلسطين ، كان يقال لها عروس الشام لحسنها. ولها سوران. فيها مشهد رأس الحسينعليه‌السلام . وهو مشهد عظيم مبني على أعمدة ، وفيه ضريح الرأس ، والناس يتبركون به ، وهو مقصود من جميع النواحي ، وله نذر كثير. وقد خرّبها صلاح الدين الأيوبي.

وفي (مجلة الموسم) العدد ٤ ص ١٠٨٤ يقول :

أما المشهد الحسيني بعسقلان فلا يزال مقصودا بالزيارة ، وهو على نشز

[أي مرتفع] من الأرض ، يطلّ على أطلال المدينة.

وفي (جغرافية سورية العمومية) لسعيد الصباغ ، ص ١١٥ :

ويوجد في جوار (المجدل) خرابات مدينة قديمة اسمها عسقلان ، كانت ذات مدنية راقية ، ولها شأن عسكري خطير ، لا سيما في زمن الصليبيين ، حتى عسر فتحها عليهم خمسين سنة. ويوجد بينها وبين المجدل مقام للحسينعليه‌السلام يؤمّه خلق كثير في الموسم الخاص به.

ويقول ياقوت الحموي في (معجم البلدان) :

اسمها في التوراة (عسقلون). وذكر بعضهم أن عسقلان تعني أعلى الرأس ، فإن كان الاسم عربيا ، فمعناه أنها في أعلى الشام. وهي مدينة بالشام من أعمال فلسطين ، على ساحل البحر بين غزة وبيت جبرين. ويقال لها عروس الشام.

افتتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب ، ولم تزل عامرة حتى استولى عليها الافرنج سنة ٥٤٨ ه‍ ، وبقيت في أيديهم خمسا وثلاثين سنة ، إلى أن استنقذها صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة ٥٨٣ ه‍. ثم قوي الإفرنج وفتحوا (عكا) ، وساروا نحو عسقلان ، فخشي صلاح الدين أن يتمّ عليها ما تمّ على عكا ، فخرّبها سنة ٥٨٧ وهي على هذا الخراب إلى الآن.

(الشكل ٢٥) :

عسقلان عروس الشام

٥٢٩

وفيها كان رأس الحسينعليه‌السلام ، ثم نقل إلى القاهرة بأمر الوزير الفاطمي طلائع ابن رزيك ، خوفا من أن يهدمه الصليبيون إذا استحلوها.

٦٣٦ ـ نقل الرأس الشريف من عسقلان إلى القاهرة :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٣)

فلما غلب الفرنج على عسقلان افتداه منهم [أي الرأس] الصالح طلائع ابن رزيك وزير للفائز الفاطمي بمال جزيل ، ومشى إلى لقائه من عدة مراحل ، ووضعه في كيس حرير أخضر ، على كرسي من الأبنوس ، وفرش تحته المسك والطيب ، وبنى عليه المشهد الحسيني المعروف بالقاهرة ، قريبا من خان الخليلي.

وفي كتاب (الخطط) للمقريزي بعد كلام على مشهد الحسينعليه‌السلام ما نصّه :

وكان حمل الرأس الشريف إلى القاهرة من عسقلان ، ووصوله إليها في يوم الأحد ٨ جمادى الآخرة سنة ٥٤٨ ه‍. ويذكر أن هذا الرأس الشريف لما أخرج من المشهد بعسقلان ، وجد دمه لم يجف ، وله ريح كريح المسك.

٦٣٧ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام في مصر :

(تاريخ النياحة للسيد صالح الشهرستاني ، ص ١١٢)

عن (الخطط) للمقريزي : إن شعار الحزن يوم العاشر من المحرم كان أيام الإخشيديين ، واتسع نطاقه في أيام الفاطميين ؛ فكانت مصر في عهدهم ، بوقت البيع والشراء تعطّل الأسواق ، ويجتمع أهل النوح والنشيد ، يكونون بالأزقة والأسواق ، ويأتون إلى مشهد أم كلثوم ونفيسة ، وهم نائحون باكون.

وفي (الخطط) للمقريزي ، ج ١ ص ٤٩٠ :

وكان الفاطميون يتخذون يوم عاشوراء يوم حزن تتعطل فيه الأسواق ، ويعمل فيه السماط العظيم ، المسمى سماط الحزن. وكان يصل إلى الناس منه شيء كثير.

فلما زالت الدولة (الفاطمية) اتخذ الملوك من بني أيوب يوم عاشوراء يوم سرور ، يوسّعون فيه على عيالهم ، ويتبسّطون في المطاعم ، ويصنعون الحلاوات ، ويتخذون الأواني الجديدة ، ويكتحلون ويدخلون الحمام ، جريا على عادة أهل الشام ، التي سنّها لهم الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان ، ليرغموا بذلك آناف شيعة علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، الذين اتخذوا يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن عليعليه‌السلام لأنه قتل فيه.

٥٣٠

٦٣٨ ـ تعصّب الإخشيديين على الشيعة في مصر :

(خطط المقريزي ، ج ١ ص ٤٣١)

في سنة ٣٦٣ ه‍ في عهد المعزّ لدين الله الفاطمي ، أصبح الناس يوم العاشر من المحرم يغلقون الدكاكين وأبواب الدور ، ويعطلون الأسواق حزنا على مصيبة الحسينعليه‌السلام . وإنما قويت أنفس الشيعة بكون المعز بمصر. وقد كانت مصر لا تخلو منهم أيام الإخشيدية والكافورية في يوم عاشوراء عند قبر أم كلثوم ونفيسةعليه‌السلام . وكان السودان وكافور يتعصبون على الشيعة. ويتعلق السودان في الطرقات بالناس ، ويقولون للرجل : من خالك؟. فإن قال : معاوية ، أكرموه ، وإن سكت لقي المكروه ، وأخذت ثيابه وما معه.

تسيير رأس الحسينعليه‌السلام إلى المدينة

٦٣٩ ـ تسيير رأس الحسينعليه‌السلام إلى المدينة المنورة ثم ردّه إلى دمشق :

(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٣١٢)

قال البلاذري في (أنساب الأشراف) ج ٢ ص ٢١٩ ؛ والذهبي في (سير أعلام النبلاء) : ثم بعث يزيد رأسه إلى المدينة ، إلى عمرو بن سعيد. ثم ردّه إلى دمشق.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٧ ط نجف :

قال الواقدي : لما وصل الرأس إلى المدينة والسبايا ، لم يبق بالمدينة أحد ، وخرجوا يضجّون بالبكاء.

وفي (التذكرة) ص ٢٧٥ : واختلفوا في الرأس على أقوال :

أشهرها : أنه ردّه إلى المدينة مع السبايا ، ثم ردّ إلى الجسد بكربلاء ، فدفن معه.قاله هشام بن محمّد [الكلبي] وغيره.

والثاني : أنه دفن بالمدينة عند قبر أمه فاطمةعليه‌السلام . قاله ابن سعد.

قال : لما وصل إلى المدينة ، كان سعيد بن العاص واليا عليها [والصحيح : عمرو ابن سعيد بن العاص] فوضعه بين يديه ، وأخذ بأرنبة أنفه [أي طرف أنفه]. ثم أمر به فكفّن ودفن عند أمه فاطمةعليه‌السلام .

ثم ذكر أنه دفن في دمشق في دار إمارة يزيد ، ثم نقله الخلفاء الفاطميون ودفنوه في عسقلان ، ثم نقلوه إلى القاهرة كما ذكرنا سابقا.

٥٣١

وفي (التذكرة) ص ٢٧٦ :

وقال الكلبي : سمع عمرو بن سعيد بن العاص الضجة في دور بني هاشم فقال :

عجّت نساء بني تميم عجّة

كعجيج نسوتنا غداة الأرنب

والبيت لعمرو بن معديكرب.

وفي (شرح النهج) لابن أبي الحديد ، ج ١ ص ٣٦١ ط مصر ، قال :

ثم رمى بالرأس نحو قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : يا محمّد يوم بيوم بدر.

٦٤٠ ـ شماتة مروان بن الحكم :(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٧٥)

عن (تاريخ البلاذري) أنه لما وافى رأس الحسينعليه‌السلام المدينة ، سمعت الواعية من كل جانب ، فقال مروان بن الحكم :

ضرب الدوسر(١) فيهم ضربة

أثبتت أوتاد حكم فاستقر

ثم أخذ ينكت وجهه بقضيب ، ويقول :

حبّذا بردك في اليدين

ولونك الأحمر في الخدين

كأنه بات بعسجدين

شفيت منك النفس يا حسين

ثم قال : والله لكأني أنظر إلى أيام عثمان.

تعليق :

لم أر في تاريخ العرب شخصا ألأم من مروان بن الحكم ، فكيف يسمح لنفسه بهذا الكلام عن الحسينعليه‌السلام ، والحسين هو الّذي عمل على إطلاق سراحه حين أخذ أسيرا في معركة الجمل. وكيف يسوّغ له أن ينسب إلى الحسينعليه‌السلام اشتراكه في قتل عثمان ، مع أنه وكما أثبت كل رواة التاريخ أنه كان من المدافعين عن عثمان ، والواقفين على بابه للدفاع عنه بأمر من أبيهعليه‌السلام . ومن قبل في كربلاء لما طلب الحسينعليه‌السلام شربة من ماء ، قال جند يزيد : لا تسقوه الماء حتى يموت عطشا كما فعل بعثمان. ولكن إنها لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

__________________

(١) الدوسر : الجمل الضخم.

٥٣٢

٦٤١ ـ أحفاد الجناة في كربلاء :

(الثورة الحسينية للسيد عبد الحسين دستغيب ، ص ٧٥)

ينقل الشهيد دستغيب عن الشيخ الطوسي قوله :

إن عدة قبائل كانت محترمة في الشام بعد واقعة كربلاء ، ولمدة طويلة كان الخوارج والنواصب والمعادون لأهل البيتعليه‌السلام يحملون لهم الهدايا ؛ وذلك لأنهم أحفاد أولئك الأشخاص العشرة الذين داسوا صدر الحسينعليه‌السلام وأصحابه بحوافر الخيل ، وهذه القبائل تفتخر بأنها من نسل أولئك الرجال الذين فعلوا مثل ذلك الفعل ، تنفيذا لأوامر يزيد.

٦٤٢ ـ تفاخر بعض أسر الشام بالمشاركة في قتل الحسينعليه‌السلام :

(كتاب التعجب ، ص ٣٥٠ ط حجر قم ـ ذيل كنز الفوائد للكراجكي)

يعدد الكراجكي أسماء بعض الأسر في الشام التي اشترك أجدادها في قتل الحسينعليه‌السلام ، فسمّوا باسم العمل الّذي قاموا به :

فبنو (سراويل) : سلب جدّهم سراويل الحسينعليه‌السلام .

وبنو (السّرح) : سرّح جدهم خيله لدوس جسد الحسينعليه‌السلام ، ووصل بعض هذه الخيل إلى مصر ، فقلعت نعالها من حوافرها ، وسمّرت على أبواب الدور ليتبرك بها ، وجرت بذلك السنّة عندهم ، حتى صاروا يتعمدون عمل نظيرها (ووضعها) على أبواب دور أكثرهم.

وأما بنو (سنان) : فهم أولاد الّذي حمل الرمح الّذي حمل على سنانه رأس الحسينعليه‌السلام .

وأما بنو (الطشتي) : فجدّهم قدّم الطشت الّذي وضع فيه رأس الحسينعليه‌السلام .

وأما بنو (القضيبي) : فهم أولاد الّذي أحضر القضيب إلى يزيد ، لينكت به ثنايا الحسينعليه‌السلام الخ.

مدفن رأس الحسينعليه‌السلام

٦٤٣ ـ أين دفن رأس الحسينعليه‌السلام بعد مسيرته الطويلة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢٤٥)

اختلفت الروايات والأقوال في مصير رأس الحسين الشريف ، بعد مسيرته

٥٣٣

الطويلة عبر الآفاق والأقطار والأمصار فمنها أن يزيد ردّه إلى المدينة فدفن عند قبر أمه فاطمةعليه‌السلام . ومنها أنه مدفون في دمشق عند باب الفراديس ، وكأنه هو الموضع المعروف الآن بمقام أو مشهد رأس الحسينعليه‌السلام في الجهة الشرقية من المسجد الأموي إلى يمين الداخل من باب جيرون (النوفرة). ومنها أنه مدفون في القاهرة. ومنها أنه مدفون في النجف الأشرف عند قبر أبيه عليعليه‌السلام والرواية الأخيرة أنه ردّ إلى جسده المقدس فدفن معه في كربلاء.

وتزعم بعض الروايات أن الرأس الشريف قد دفن أولا في دمشق ، ثم نقله الفاطميون إلى عسقلان بفلسطين ، ثم نقلوه إلى القاهرة فدفن فيها. وذلك في المشهد المعروف اليوم بمسجد سيدنا الحسينعليه‌السلام وهو مشهد معظّم يزوره المصريون ويتبركون به.

بينما تزعم روايات أخرى أن سليمان بن عبد الملك قد وجد الرأس الشريف في خزانة من خزائن بني أمية ، فصلى عليه ودفنه في دمشق ، فلما ولي الحكم عمر بن عبد العزيز نبش الرأس وردّه إلى كربلاء.

وقال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) : إن يزيد ردّ الرأس الشريف إلى المدينة مع السبايا ، ثم ردّه إلى الجسد بكربلاء فدفن معه.

وهذه الروايات كلها من طرق السنّة أما إجماع الشيعة الإمامية فعلى أن الإمام زين العابدينعليه‌السلام ردّ الرأس الشريف إلى الجسد المقدس في كربلاء ، أثناء رجوعه مع السبايا من دمشق إلى المدينة ، ومنه زيارة الأربعين كما نوّهنا سابقا.

إذن فمن الثابت أن الرأس الشريف قد أرجع إلى الجسد المطهر في كربلاء ، سواء بردّه مباشرة من دمشق ، كما أجمعت عليه روايات الإمامية ، أو بعد دفنه في المدينة أو في دمشق أو في عسقلان أو في القاهرة ، كما تقول الروايات الأخرى ، ثم ردّ إلى الجسد المطهر في كربلاء.

وهذه بعض الروايات في هذا الخصوص من طرق الخاصة والعامة.

٦٤٤ ـ رواية سبط ابن الجوزي :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي في (تذكرته) :

واختلفوا في الرأس (الشريف) على أقوال :

٥٣٤

أشهرها : أنه ردّه إلى المدينة مع السبايا ، ثم ردّ إلى الجسد بكربلاء ، فدفن معه.قاله هشام وغيره.

والثاني : أنه دفن (بالبقيع) بالمدينة ، عند قبر أمه فاطمةعليه‌السلام . قاله ابن سعد.

قال : لما وصل إلى المدينة ، كان سعيد بن العاص واليا عليها ، فوضعه بين يديه ، وأخذ بأرنبة أنفه. ثم أمر به فكفّن ودفن عند [قبر] أمه فاطمةعليه‌السلام .

وذكر الشعبي : أن مروان بن الحكم كان بالمدينة ، فأخذه وتركه بين يديه ، وتناول أرنبة أنفه ، وقال :

حبّذا بردك في اليدين

ولونك الأحمر في الخدين

ثم قال : والله لكأني أنظر إلى أيام عثمان.

والثالث : أنه بدمشق.

حكى ابن أبي الدنيا قال : وجد رأس الحسينعليه‌السلام في خزانة يزيد بدمشق ، فكفّنوه ودفنوه بباب الفراديس. وكذا ذكر البلاذري في تاريخه ، قال : هو بدمشق في دار الإمارة. وكذا ذكر الواقدي أيضا.

والرابع : أنه بمسجد الرقة على الفرات بالمدينة المشهورة. ذكره عبد الله ابن عمر الوراق في كتاب (المقتل) وقال : لما حضر الرأس بين يدي يزيد بن معاوية ، قال : لأبعثنه إلى آل أبي معيط عن رأس عثمان ، وكانوا بالرقة ، فبعثه إليهم ، فدفنوه في بعض دورهم. ثم أدخلت تلك الدار في المسجد الجامع. قال : وهو إلى جانب سدرة [شجرة النبق] هناك ، وعليه شبيه النيل لا يذهب شتاء ولا صيفا.

والخامس : أن الخلفاء الفاطميين نقلوه من باب الفراديس إلى عسقلان ، ثم نقلوه إلى القاهرة ، وهو فيها وله مشهد عظيم يزار.

ثم قال سبط ابن الجوزي : وفي الجملة ففي أي مكان كان رأسه أو جسده ، فهو ساكن في القلوب والضمائر ، قاطن في الأسرار والخواطر.

وقد سئل أبو بكر الآلوسي عن موضع رأس الحسينعليه‌السلام فقال شعرا :

لا تطلبوا رأس الحسين

بشرق أرض أو بغرب

ودعوا الجميع وعرّجوا

نحوي فمشهده بقلبي

٥٣٥

٦٤٥ ـ تحقيق السيد محسن الأمين :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٢٧٣)

قال العلامة السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

اختلفت الروايات والأقوال في ذلك على وجوه :

(الأول) : أنه عند أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام بالنجف. ذهب إليه بعض أخبار وردت بذلك. وفي بعضها أن الصادقعليه‌السلام قال لولده إسماعيل : إنه لما حمل إلى الشام سرقه مولى لنا ، فدفنه بجنب أمير المؤمنينعليه‌السلام . وهذا القول مختص بالشيعة.

(الثاني) : أنه مدفون مع جسده الشريف. روايات ذلك :

ـ في (البحار) أنه المشهور بين علمائنا الإمامية ، ردّه الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام .

ـ في (اللهوف) أنه أعيد ، فدفن بكربلاء مع جسده الشريف ، وكان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار إليه.

ـ وقال ابن نما : الّذي عليه المعوّل من الأقوال أنه أعيد إلى الجسد ، بعد أن طيف به في البلاد ، ودفن معه.

ـ وعن المرتضى في بعض مسائله ، أنه ردّ إلى بدنه بكربلاء من الشام.

ـ وقال الشيخ الطوسي : ومنه زيارة الأربعين.

ـ وقال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) : أشهر الأقوال أن يزيد ردّه إلى المدينة مع السبايا ، ثم ردّ إلى الجسد بكربلا فدفن معه. قاله هشام وغيره.

فهذا القول مشترك بين الشيعة وأهل السنة.

(الثالث) : في المدينة ، دفن عند قبر أمه الزهراءعليه‌السلام .

(الرابع) : أنه بدمشق ، وأنه دفن بباب الفراديس. ذكر ذلك سبط ابن الجوزي.وكذا ذكر البلاذري في تاريخه ، قال : هو بدمشق في دار الإمارة. وكذا ذكر الواقدي أيضا.

وفي رواية : أنه مكث في خزائن بني أمية ، حتى ولي سليمان بن عبد الملك ، فطلبه فجيء به وهو عظم أبيض ، فجعله في سفط وطيّبه ، وجعل عليه ثوبا ، ودفنه في

٥٣٦

مقابر المسلمين ، بعد ما صلى عليه. فلما ولي عمر بن عبد العزيز ، سأل عن الموضع الّذي دفن فيه ، فنبشه وأخذه ، والله أعلم بما صنع به. وقال بعضهم : الظاهر من دينه أنه بعث به إلى كربلاء ، فدفنه مع الجسد الشريف.

(راجع مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦)

وروى ابن نما عن منصور بن جمهور ، أنه دخل خزانة يزيد لما فتحت ، فوجد بها جونة [وعاء كالخابية] حمراء ، فقال لغلامه سليم : احتفظ بهذه الجونة ، فإنها كنز من كنوز بني أمية. فلما فتحها إذ بها رأس الحسينعليه‌السلام وهو مخضوب بالسواد ، فلفّه في ثوب ودفنه عند باب الفراديس ، عند البرج الثالث مما يلي المشرق.

يقول العلامة الأمين : وكأنه هو الموضع المعروف الآن بمسجد أو مقام أو مشهد رأس الحسينعليه‌السلام بجانب المسجد الأموي بدمشق ، وهو مشهد مشيد معظم.

(الخامس) : في الرقة.

(السادس) : بمصر ، نقله الخلفاء الفاطميون من باب الفراديس إلى عسقلان ، ثم نقلوه إلى القاهرة ، وله فيها مشهد عظيم يزار. ذكره سبط ابن الجوزي.

ويقول العلامة الأمين : حكى غير واحد من المؤرخين ، أن الخليفة العلوي [أي الفاطمي] بمصر ، أرسل إلى عسقلان وهي مدينة بفلسطين ، فاستخرج رأسا زعم أنه رأس الحسينعليه‌السلام ، وجيء به إلى مصر فدفن فيها في المشهد المعروف الآن.وهو مشهد معظم يزار ، وإلى جانبه مسجد عظيم (اسمه مسجد سيدنا الحسين). وإنّ أخذ العلويين لذلك الرأس من عسقلان ودفنه بمصر لا ريب فيه ، لكن الشك في كونه رأس الحسينعليه‌السلام أم لا!.

وهذه الوجوه الأربعة الأخيرة كلها من روايات أهل السنة وأقوالهم خاصة.وإليك تفصيل ذلك :

الرأس في دمشق

٦٤٦ ـ مدفن الرأس الشريف في دمشق :

يقول القرماني في (أخبار الدول) ص ١٠٩ بعد ذكر عدة احتمالات :

والأصح أنه دفن في جامع دمشق.

٥٣٧

٦٤٧ ـ تحقيق ابن كثير :(البداية والنهاية ، ج ٨ ص ٢٢١)

يقول ابن كثير في بدايته : هناك عدة أقوال :

القول الأول : روى محمّد بن سعد أن يزيد بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى عمرو بن سعيد نائب المدينة ، فدفنه عند أمه بالبقيع.

القول الثاني : ذكر ابن أبي الدنيا من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن محمّد بن عمر بن صالح ، أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي ، فأخذ من خزانته فكفّن ودفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق.

قلت : ويعرف مكانه بمسجد الرأس اليوم ، داخل باب الفراديس الثاني.

القول الثالث : إن الّذي كفّنه هو سليمان بن عبد الملك ، ودفنه في مقبرة المسلمين.

٦٤٨ ـ رواية الذهبي :(سير أعلام النبلاء ، ج ٣ ص ٣١٦)

قال الذهبي : وقال عبد الصمد بن سعيد القاضي : حدثنا سليمان بن عبد الحميد البرائي : سمعت أبا أمية الكلاعي ، قال : سمعت أبا كرب ، قال : كنت فيمن توثّب على الوليد بن يزيد بدمشق ، فأخذت سفطا ، وقلت : فيه غنائي. فركبت فرسي ، وخرجت به من باب توما. قال : ففتحته ، فإذا فيه رأس مكتوب عليه : هذا رأس الحسين بن عليعليه‌السلام . فحفرت له بسيفي ، فدفنته.

يقول الذهبي في الحاشية : لا يصح الحديث ، فيه من لا يعرف.

في المدينة

٦٤٩ ـ مدفن رأس الحسينعليه‌السلام في المدينة :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٤٢)

يقول الشيخ عبد الله الشبراوي : وقيل إن يزيد أرسل برأس الحسينعليه‌السلام ومن بقي من أهله إلى المدينة ، فكفّن الرأس ودفن عند قبر أمه بقبّة الحسنعليه‌السلام .

وفي (شرح الهمزية) لابن حجر ، ص ٧٠ قيل : إن يزيد أرسل برأس الحسينعليه‌السلام وثقله ومن بقي من أهله إلى المدينة ، فكفّن رأسه ودفن عند قبر أمه بقبّة الحسنعليه‌السلام .

٥٣٨

في الكوفة

٦٥٠ ـ تحقيق الفاضل الدربندي :(أسرار الشهادة ، ص ١٦١)

يقول الفاضل الدربندي : في الخبر أنك إذا أتيت الغريّ [موضع بالنجف] رأيت قبرين : قبرا كبيرا وقبرا صغيرا. فأما الكبير فقبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأما الصغير فرأس الحسينعليه‌السلام . وذلك أن ابن زياد لما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى الشام ، ردّ إلى الكوفة. فقال : أخرجوه منها ، لا يفتن به أهلها ، فصيّره الله عند أمير المؤمنين ، فدفن. وهذا مفاد الحديث : فالرأس مع الجسد ، والجسد مع الرأس.وقد روى السيد ابن طاووس في (اللهوف) وغيره ، أن رأس الحسينعليه‌السلام أعيد فدفن مع بدنه بكربلاء ، وذكر أن عمل الطائفة على ذلك.

ولا يخفى أنه يمكن الجمع بين هذه الروايات وبين ما ادعاه ابن طاووس ، على [أنه] دفن الرأس أولا عند أمير المؤمنينعليه‌السلام بدافع الخوف ، ثم حمل الرأس بعد الدفن بقليل إلى كربلاء بعد الأمن ، ودفنه عند الجسد الشريف. ويؤيده في الرواية الأخيرة : «فالرأس مع الجسد ، والجسد مع الرأس». فالجسد الأول هو جسد الإمام عليعليه‌السلام ، والجسد الثاني هو جسد الحسينعليه‌السلام .

في عسقلان والقاهرة

٦٥١ ـ انتقال الرأس الشريف إلى عسقلان ثم القاهرة :

(التاريخ الحسيني للسيد محمود الببلاوي ، ص ١٦)

قال الببلاوي : أمر يزيد برفع الرؤوس في دمشق ثلاثة أيام ، ثم أمر بأن يطاف بها في البلاد. فطيف بها حتى وصلت عسقلان ، وأميرها إذ ذاك من خيرة الناس إيمانا وخوفا من الله ، فدفنها في مكان فخيم ، استمرت به إلى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ٤٩١ ه‍. وفي شعبان فيها خرج الأفضل ابن أمير الجيوش بعساكر كثيرة إلى بيت المقدس ، كما نقله المقريزي عن ابن ميسّر ، وحارب من به وملكه ، ثم دخل عسقلان. ولما علم بالرأس الشريف عمل له مشهدا جليلا بالمدينة المذكورة ، إذ رأى المكان الأول صار لا يليق بجلاله. ولما تكامل البناء أخرج الرأس الشريف فعطّره وحمله على صدره وسعى به ماشيا ، إلى أن أحله في المشهد المذكور.فاستمر به إلى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ٥٤٨ ه‍ ، وحواليها قضى الله على

٥٣٩

عسقلان أن تمتدّ إليها أيدي الطمع من الإفرنج ، وكان بها أمير يقال له عيّاش ، فأرسل إلى الخليفة الفائز بأمر الله بمصر ، يقول له : أما بعد ، فإن الإفرنج قد أشرفوا على أخذ عسقلان ، وإن بها رأس الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام ، فأرسلوا من تختارونه وإلا أخذوه. وكان الخليفة الفاطمي الفائز إذ ذاك طفلا صغيرا لم يبلغ الحادية عشرة من عمره ، ولذلك كان الحل والعقد والأمر والنهي لأكبر وزرائه ، المسمى طلائع بن رزيك ، فأرسل فرقة من الجيش تحت أمر مكنون الخادم ، وزوّده بثلاثين ألف دينار ، فأتوا بالرأس. ووصلوا إلى قطية ، فخرج الوزير إلى لقائه من عدة مراحل ومعه جيوش كثيرة ، وكلهم حفاة خاشعون. فحمل الوزير الرأس على صدره ، حتى دخلوا مصر. وبنى طلائع مسجدا للرأس خارج باب زويلة من جهة الدرب الأحمر ، وهو المعروف بجامع الصالح الآن. فكشف الحجب عن تلك الذخيرة النبوية ، فوجد دمها لم يجف ، ووجد لها رائحة أطيب من المسك ـ كما قال المقريزي ـ فغسّل الرأس في المسجد المذكور على ألواح من الخشب ، ثم أراد أن يشرّف ذلك المسجد بدفنه فيه ، فأبى أهل القصر ، وهم معيّة الملك الفائز ، وقالوا : إن أثرا نبويا جليلا كهذا لا يليق أن يكون مستقره خارج حدود القاهرة ، بل لا بدّ من دفنه في قصر الملك [أي المعزّ] ، وكانت بوابة الباب الأخضر الموجودة الآن تحت المنارة الصغرى للمسجد الحسيني ، بابا من أبواب القصر المنتهي إلى الجمالية ، واسمه باب الديلم ودهليز الخدمة ، فعمدوا إلى الجهة المذكورة وبنوا بها بناء فخيما ، حلّوه بأنواع الزخارف الجميلة ، وكسوا جدرانه بالرخام الملون ، في البقعة المباركة الحالية.

وكان طلائع بن رزيك محبا لأهل البيتعليه‌السلام ويدعى الملك الصالح.

٦٥٢ ـ الجزم بأن الرأس الّذي كان في عسقلان ليس رأس الحسينعليه‌السلام :

(رأس الحسين لابن تيمية ، ص ١٥)

يقول ابن تيمية : بل نحن نعلم ونجزم بأنه ليس رأس الحسينعليه‌السلام ولا كان ذلك المشهد العسقلاني مشهدا للحسينعليه‌السلام ، من وجوه متعددة :

١ ـ أنه لو كان رأس الحسينعليه‌السلام هناك لم يتأخر كشفه وإظهاره إلى ما بعد مقتل الحسينعليه‌السلام بأكثر من أربعمائة سنة.

٢ ـ إن الذين جمعوا أخبار الحسينعليه‌السلام ومقتله ، مثل أبي بكر بن أبي الدنيا ،

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800