موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 492335 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

وأبي القاسم البغوي ، وغيرهما ؛ لم يذكر أحد منهم أن رأس الحسينعليه‌السلام حمل إلى عسقلان ، ولا إلى القاهرة.

٣ ـ وقد دفن بدن الحسينعليه‌السلام في مصرعه بكربلاء ، ولم ينبش ولم يمثّل به.فلم يكونوا يمتنعون من تسليم رأسه إلى أهله ، كما سلّموا بدن ابن الزبير إلى أهله.وإذا تسلّم أهله رأسه ، فلم يكونوا ليدعوا دفنه عندهم بالمدينة المنورة ، عند عمّه وأمه وأخيه مقرّبا من جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويدفنوه بالشام حيث لا أحد إذ ذاك ينصرهم على خصومهم!. هذا لا يفعله أحد.

في كربلاء

٦٥٣ ـ مدفن الرأس الشريف في كربلاء :

قال الشيخ محمّد الصبان في (إسعاف الراغبين) ص ١٩٧ :

وذهبت الإمامية إلى أنه أعيد إلى الجثة ، ودفن بكربلاء بعد أربعين يوما من المقتل. وقال المنّاوي في (طبقاته) : ذكر لي بعض أهل الكشف والشهود أنه حصل له اطلاع على أنه دفن مع الجثة بكربلاء.

وقال الطريحي في (المنتخب) ص ٣٨ ط ٢ :

زار الإمام الصادقعليه‌السلام قبر الحسينعليه‌السلام ، فسأله أحد أصحابه : يابن رسول الله ، أليس رأس الحسينعليه‌السلام بعث إلى الشام إلى يزيد؟. فقال : بلى ، ولكن رجلا من موالينا اشتراه من بعد موت يزيد ، وأتى به إلى هذا الموضع ، ودفنه هنا.

النتيجة :

(أقول) : يمكن اعتبار أغلب الروايات السابقة صحيحة ، مع ملاحظة ما يلي :

١ ـ إن بعض المشاهد التي ذكر أن فيها رأس الحسينعليه‌السلام هي مشاهد وضع فيها الرأس الشريف أثناء تجواله في الآفاق ، وذلك وفق ما ذكره ابن شهر اشوب في (مناقبه) ج ٣ ص ٢٣٥ ط نجف ، حيث قال :

ومن مناقب الحسينعليه‌السلام : ما ظهر من المشاهد التي يقال لها مشهد الرأس ؛ من كربلاء إلى عسقلان ، وما بينهما في الموصل ونصيبين وحماة وحمص ودمشق وغير ذلك. اه

فهذه مشاهد ، وليست مراقد.

٥٤١

وإذا تذكرنا الدوافع السياسية ، عرفنا لماذا حاول الفاطميون مثلا إيهام الناس بأن رأس الحسينعليه‌السلام كان مدفونا في عسقلان ، ثم نقلوه إلى القاهرة. وعرفنا لماذا ناضل ابن تيمية لتكذيب دعواهم ، لأنه كان من أكبر أعدائهم.

ففي اعتقادي أن الّذي في (عسقلان) هو مشهد للرأس وليس مدفن له. فنكون بذلك قد نفينا دعوى وجود الرأس في عسقلان أو القاهرة. كما ألمح إليه العلامة الأمين عليه الرحمة.

٢ ـ يمكن القول إن رأس الحسينعليه‌السلام لم يردّ إلى كربلاء دفعة واحدة ، بل إنه تنقّل في عدة مدافن ، كان آخرها مدفنه الشريف مع الجسد المقدس في كربلاء.فيمكن أنه دفن في المدينة المنورة ، ثم نقل إلى كربلاء. ويمكن أنه دفن بالكوفة عند قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام أو في ظاهرها ، ثم نقل إلى كربلاء. ويمكن أن سليمان بن عبد الملك دفنه في دمشق عند باب الفراديس الثاني ، ثم نقله عمر ابن عبد العزيز إلى مقابر المسلمين ، ثم نقله هو أو غيره إلى كربلاء.

والذي يغلب في ظني ـ إذا استبعدنا كون الإمام زين العابدينعليه‌السلام أخذ معه الرأس من يزيد فدفنه في كربلاء ـ أن ردّ الرأس إلى الجسد المقدس في كربلاء تمّ بعد موت يزيد ، لأن يزيد كان مهتما جدا بالاحتفاظ بالرأس ، حتى أنه لم يرض أن يريه لزين العابدينعليه‌السلام فكيف به يعطيه إياه. ولعل الدافع إلى ذلك كان حقده الشديد على الحسينعليه‌السلام ، ثم تخوّفه من إثارة الفتنة بين العراقيين إذا رأوا رأس الحسينعليه‌السلام ، وما ينتج عن ذلك من زيادة النقمة عليه.

٣ ـ إن لله إرادة علوية وحكمة إلهية في وجود عدة مشاهد للحسينعليه‌السلام ، ومن دفن رأسه في عدة مواضع ، وذلك ليشيع ذكره في الآفاق ، ويزوره كل المسلمين في كافة الأقطار.

أما إذا ثبتت رواية ردّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام للرأس الشريف مباشرة إلى كربلاء ، فإن كل الروايات الأخرى تكون وهما. وإن كان الأغلب أن ذلك الردّ ـ إن حصل ـ لم يكن في نفس سنة المقتل ٦١ ه‍ ، بل في الأربعين من السنة التالية أو ما بعدها.

٦٥٤ ـ دفن الرؤوس الشريفة :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٩)

جاء النصّ على مجيء الإمام زين العابدينعليه‌السلام بالرؤوس معه إلى كربلاء في (حبيب السير) ؛ كما في (نفس المهموم) ص ٢٥٣ ؛ وفي (رياض الأحزان) ص ١٥٥.

٥٤٢

قال في (حبيب السير) : إن يزيد سلّم رؤوس الشهداء إلى علي بن الحسينعليه‌السلام فألحقها بالأبدان الطاهرة ، يوم العشرين من صفر سنة ٦١ ه‍ ، ثم توجّه إلى المدينة الطيبة.

بينما قال أبو اسحق الإسفريني في (نور العين في مشهد الحسين) ص ٩٩ : وروي أن يزيد بعد أن أرسل علي بن الحسينعليه‌السلام ومن معه ، أمر بدفن الرؤوس إلا رأس الحسينعليه‌السلام فإنه أرسله خارج دمشق ومعه خمسون فارسا يحرسونه ليلا ونهارا ، وذلك من كثرة خوفه وفزعه. فلما مات أتى به الحراس ووضعوه.

ـ روايات مستفيضة عند الإمامية بردّ رأس الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء :

ثم قال السيد المقرّم : أما عن رأس الحسينعليه‌السلام فقد نصت روايات مستفيضة على مجيء الإمام زين العابدينعليه‌السلام بالرأس الشريف إلى كربلاء ودفنه مع الجسد الشريف. وعن هذا الدفن في كربلاء نذكر النصوص التالية :

١ ـ إنه المعوّل عليه عند الإمامية (روضة الواعظين لابن الفتال النيسابوري ، ص ١٦٥ ؛ ومثير الأحزان لابن نما ، ص ٥٨).

٢ ـ عليه عمل الإمامية (اللهوف لابن طاووس ، ص ١١٢).

٣ ـ إنه المشهور بين العلماء (إعلام الورى للطبرسي ، ص ١٥١ ؛ ومقتل العوالم ، ص ١٥٤ ؛ ورياض المصائب ؛ وبحار الأنوار).

٤ ـ إن رأس الحسينعليه‌السلام أعيد إلى بدنه بكربلاء (ذكره المرتضى في بعض مسائله).

٥ ـ ومنه زيارة الأربعين (إضافة الشيخ الطوسي).

٦ ـ في العشرين من صفر ردّ رأس الحسينعليه‌السلام إلى جثته (البحار ، عن العدد القوية لأخي العلامة الحلي ؛ وعجائب المخلوقات للقزويني ، ص ٦٧).

٧ ـ قيل : أعيد الرأس إلى جثته بعد أربعين يوما (الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ١٢).

٨ ـ أعيد رأس الحسينعليه‌السلام بعد أربعين يوما من قتله (شرح همزية البوصيري لابن حجر).

٥٤٣

٩ ـ الأشهر أنه ردّ إلى كربلاء ، فدفن مع الجسد (تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ١٥٠)

١٠ ـ نقل اتفاق الإمامية على أن الرأس أعيد إلى كربلاء (المناوي في الكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٧).

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم : وعلى هذا فلا نعبأ بكل ما ورد بخلافه. ورحم الله الحاج مهدي الفلوجي الحلي حيث قال :

لا تطلبوا رأس الحسين فإنه

لا في حمى ثاو ولا في واد

لكنما صفو الولاء يدلّكم

في أنه المقبور وسط فؤادي

٥٤٤

الفصل الثلاثون

تسيير السبايا إلى المدينة

يتضمن الفصل المواضيع التالية :

١ ـ مسير السبايا إلى المدينة المنورة.

٢ ـ ردّ الرؤوس إلى كربلاء.

٣ ـ زيارة الأربعين :

ـ زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري

ـ أول من زار قبر الحسينعليه‌السلام

ـ استبعاد أن يكون ورود السبايا إلى كربلاء يوم الأربعين سنة ٦١

ـ حديث علامات المؤمن الخمسة وشرحها

ـ خبر الرباب زوجة الحسينعليه‌السلام

٤ ـ وصول السبايا إلى المدينة المنورة :

ـ خطبة زين العابدينعليه‌السلام خارج المدينة

ـ دخول المدينة

ـ ندب الحسينعليه‌السلام في المدينة

٥٤٥
٥٤٦

الفصل الثلاثون

تسيير السبايا إلى المدينة

مقدمة الفصل :

نتيجة الضغوط المختلفة على يزيد ، من داخل البيت الأموي وخارجه ، ومن أعيان المسلمين وغير المسلمين ، ونتيجة لمقت عامة المسلمين له ؛ اضطر إلى تغيير سياسته ، فأظهر أمام الناس أنه يكرّم السبايا ، فأنزلهم منزلا حسنا بعد أن مكثوا وقتا في الخربة ، ثم أسبغ عليهم الجواهر والحلل ، كي يوهم الناس أنه بريء من الجرائم الفاشيّة التي ارتكبها ، ظنا منه أن ذلك ينطلي على المسلمين ، فتخفّ نقمتهم عليه ، ويقلّ مقتهم له.

ولما استشار يزيد حاشيته وأهل الشام ماذا يفعل بالسبايا؟ أشاروا عليه جميعا بتسييرهم إلى بلدهم في المدينة المنورة ؛ منهم من أشار عليه بذلك حبا وشفقة على أهل البيتعليه‌السلام ، مثل النعمان بن بشير الأنصاري ، ومنهم من أشار عليه بذلك تشفّيا وحنقا ، مثل مروان بن الحكم فقرر يزيد ترحيلهم إلى المدينة ، مظهرا المحبة والوداعة لهم ، والإكرام والتفضل عليهم. حتى قالت سكينةعليه‌السلام : " ما رأيت كافرا بالله خيرا من يزيد! ".

فهو كان يمارس شخصيتين متناقضتين : إحداهما حقيقية ، تنفّذ خطة رهيبة شيطانية لمحو الدين وأهله ؛ والأخرى ظاهرية ، تجعل منه حملا وديعا وقديسا طاهرا ، بعد أن وصل إلى حلمه الكبير ، وحصل على أمله الوحيد ، وهو قتل ممثل الإسلام ، والتفرد بالسلطة والأحكام.

وسنرى في الإتجاه الأول ، كيف أنه تابع تسيير الرأس الشريف إلى مصر ، وفي قول إلى المدينة أيضا ، ثم أرجعه إلى دمشق ، مؤكدا بذلك حقيقته الممعنة في الضلال ، بعد أن شكر عبيد الله بن زياد وقرّبه إليه ، عوضا عن عزله ومحاكمته ومعاقبته على ما اقترفت يداه. ولم يتمّ المرحلة الأولى من مخططه الخبيث ، وهي

٥٤٧

قتل عترة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتى جهّز جيوشه لسبي المدينة المنورة واستحلالها ، ثم هدم الكعبة وإحراقها على من فيها.

وسوف نرى في هذا الفصل كيف كلّف يزيد النعمان بن بشير الأنصاري بنقل السبايا إلى المدينة ، وإرجاعهم إلى مدينة جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكيف أنهم عرّجوا في مسيرهم على كربلاء ليجددوا الأحزان والعزاء ، فتوافوا في يوم واحد مع الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري ، الّذي رغم كبره وفقد بصره جاء لزيارة الحسينعليه‌السلام يوم الأربعين. وفي أغلب الظن أن ذلك التلاقي إن حدث ، فإنه لم يحصل في ٢٠ صفر من العام نفسه ، بل من العام الّذي يليه أي عام ٦٢ ه‍ أو ما بعده.

٦٥٥ ـ ضغوط شديدة على يزيد :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٦)

يقول السيد عبد الرزاق المقرمرحمه‌الله :

لقد سرّ يزيد قتل الحسينعليه‌السلام ومن معه ، وسبي حريم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وظهر عليه السرور في مجلسه ، فلم يبال بإلحاده وكفره حين تمثّل بشعر ابن الزّبعرى ، وحتى أنكر نزول الوحي على رسول الله محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكنه لما كثرت اللائمة عليه ووضح له الفشل والخطأ من فعلته التي لم يرتكبها حتى من لم ينتحل دين الإسلام وعاب عليه خاصته وأهل بيته ونساؤه ، وكان بمرأى منه ومسمع كلام الرأس الأطهر ، لما أمر بقتل رسول ملك الروم ، يقول : (لا حول ولا قوة إلا بالله) ؛ لم يجد مناصا من إلقاء التبعة على عاتق ابن زياد ، تبعيدا للتهمة عنه ؛ ولكن الثابت لا يزول.

ولما خشي الفتنة وانقلاب الأمر عليه ، عجّل بإخراج السجّادعليه‌السلام والعيال من الشام إلى وطنهم ومقرهم ، ومكّنهم مما يريدون. وأمر النعمان بن بشير وجماعة معه أن يسيروا معهم إلى المدينة ، مع الرفق.

الرحيل من دمشق إلى المدينة المنوّرة

٦٥٦ ـ تسيير السبايا إلى المدينة :(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٢)

ولما أراد يزيد أن يجهّزهم ، قال للنعمان بن بشير صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :جهّز هؤلاء النسوة بما يصلحهم ، وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا ، وابعث معهم خيلا وأعوانا.

٥٤٨

وفي (أخبار الدول) للقرماني : أن الرسول هو النعمان بن بشير مع ثلاثين رجلا.

وفي (الإرشاد) للشيخ المفيد ، ص ٢٥ : وكان النعمان بن بشير والي الكوفة ، له ميل لأهل البيتعليه‌السلام وهو من الأنصار.

وفي (معالي السبطين) عن كتب المقاتل : لما أرادوا [أي السبايا] الرجوع إلى المدينة ، أحضر يزيد لهم المحامل وزيّنها.

٦٥٧ ـ استرضاء السبايا وإكرامهم :(المصدر السابق)

قال أبو مخنف : فأعطاهم مالا كثيرا ، وأخلف على كل واحد ما أخذ منه ، وأزاد عليه من الحلي والحلل. ثم دعا بالجمال فأبركوها ، ووطّؤوها لهم بأحسن وطاء وأجمله. ودعا بقائد من قواده ، وضم إليه خمسمائة فارس ، وأمره بالمسير إلى المدينة.

وفي (نور الأبصار) للشبلنجي ، ص ١٣٢ :

وبعد أن أنعم يزيد على السبايا بالألبسة والحلي ، قالت سكينةعليه‌السلام :

ما رأيت كافرا بالله خيرا من يزيد!.

٦٥٨ ـ يزيد ينتدب النعمان بن بشير لإرجاع السبايا إلى المدينة :

(إعلام الورى ، ص ٢٤٩ ط بيروت)

ثم ندب يزيد النعمان بن بشير ، وقال له : تجهّز لتخرج هؤلاء النساء إلى المدينة.

ولما أراد أن يجهّزهم دعا علي بن الحسينعليه‌السلام فاستخلاه [أي خلا به] ، وقال له : لعن الله ابن مرجانة (حيث قتل أباك). أما والله لو أني صاحب أبيك ما سألني خصلة إلا أعطيته إياها ، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت (ولو بهلاك بعض ولدي) ، ولكن الله قضى بما رأيت. كاتبني من المدينة (وارفع إليّ حوائجك) ، وانه إليّ كل حاجة تكون لك.

وتقدّم بكسوته وكسوة أهله ، وأمر بالأنطاع من الأبريسم ، وصبّ عليها الأموال.وقال : يا أم كلثوم ، خذوا هذه الأموال عوض ما أصابكم!.

فقالت أم كلثوم : يا يزيد ، ما أقلّ حياءك وأصلب وجهك ، تقتل أخي وأهل بيتي ، وتعطيني عوضهم مالا!. والله لا كان ذلك أبدا.

٥٤٩

وأنفذ معهم جماعة عليهم النعمان بن بشير ، وتقدم إليهم أن يسير بهم في الليل ، ويكونوا أمامه ، حيث لا يفوتون طرفة عين. فإذا نزلوا تنحّى عنهم بالظرف ، وتفرّق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم ، وينزل منهم بحيث لو أراد إنسان من جماعتهم وضوءا أو قضاء حاجة لم يحتشم.

فسار معهم ، فلم يزل يرفق بهم في الطريق ، حتى وصلوا إلى المدينة.

٦٥٩ ـ رفض النعمان بن بشير لهدية زينب وفاطمة بنتي عليعليه‌السلام :

(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٠٩)

وكان النعمان يسأل عن حوائجهم ويتلطف بهم. فقالت فاطمة لأختها زينب بنت عليعليه‌السلام : لقد أحسن هذا الرجل إلينا ، فهل لك أن تصليه بشيء؟. فقالت : والله ما معنا ما نصله به إلا حليّنا ، فأخرجت إسوارين ودملجين لهما ، فبعثتا بها إليه ، واعتذرنا. فردّ الجميع ، وقال : ما فعلته إلا لله ولقرابتكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي (مقتل الحسين) للخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٥ :

وروي عن الحرث بن كعب ، قال : قالت لي فاطمة بنت عليعليه‌السلام : قلت لأختي زينبعليه‌السلام : قد وجب علينا حق هذا الرسول ، لحسن صحبته لنا ، فهل لنا أن نصله بشيء؟. قالت : والله مالنا ما نصله به إلا أن نعطيه حليّنا. فأخذت سواري ودملجي [أي الحلق] وسوار أختي ودملجها ، فبعثنا بها إليه واعتذرنا من قلّتها ، وقلنا : هذا بعض جزائك لحسن صحبتك إيانا. فقال : لو كان الّذي صنعت للدنيا ففي دون هذا رضاي ، ولكن والله ما فعلته إلا لله ، ولقرابتكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ردّ الرؤوس إلى كربلاء

٦٦٠ ـ مصير الرؤوس الشريفة :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٣)

في تاريخ (حبيب السير) أن يزيد بن معاوية سلّم رؤوس الشهداء إلى علي بن الحسينعليه‌السلام فألحقها بالأبدان الطاهرة يوم العشرين من صفر. ثم توجّه إلى المدينة الطيبة.

وقال : هذا أصح الروايات الواردة في مدفن الرأس المكرم.

٥٥٠

٦٦١ ـ أخذ زين العابدينعليه‌السلام الرؤوس معه :

(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٩)

قال الإمام الصادقعليه‌السلام : عند ما خرج الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام من الشام ومعه أهل بيته وجملة من الخدم الذين بعثهم يزيد مع أهل البيتعليه‌السلام ، وعلى رأسهم النعمان بن بشير الأنصاري ، كانوا قد جاؤوا برأس الحسينعليه‌السلام ورؤوس البقية من أصحابه ليردّوهم إلى أجسادهم. فلما بلغ السجّاد العراق قال للدليل : مرّ بنا إلى كربلاء. فلما وصلوا كربلاء ألحقوا الرؤوس بأجسادها ، ووجد جابر عند قبر الحسينعليه‌السلام .

تعليق :

ذكرنا سابقا أن إلحاق رأس الحسينعليه‌السلام بجسده المقدس ، مما أجمعت عليه الروايات ، وإذا كان رحيل السبايا في صفر عام ٦٢ ه‍ ، أي بعد سنة من ورودهم إلى الشام ، فيحتمل أن يكون يزيد قد أعطى زين العابدينعليه‌السلام رأس أبيه ، فردّه إلى كربلاء. أو إن أحد موالي أهل البيتعليه‌السلام قد سرق الرأس الشريف من الشام بعد مدة وألحقه بالجسد المقدس ، كما في إحدى الروايات عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

أما إلحاق بقية الرؤوس بأجسادها ، فهذا غير متيقن ، لأن هناك أدلة حسّية عن وجود بعض هذه الرؤوس أو كلها وعددها ١٦ رأسا ، في مشهد رؤوس الشهداء في مقبرة باب الصغير (الستّات) بدمشق ، كما نصّ على ذلك السيد الأمين وغيره.وسنبين ذلك فيما بعد.

٦٦٢ ـ هل ردّ رأس الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء يوم الأربعين؟ :

(بغية النبلاء في تاريخ كربلاء لعبد الحسين الكليدار ، ص ١٦)

ولم يتعرض الشيخ المفيد إلى ذكر ورودهم كربلاء بعد إطلاق سراحهم. إلا أن السيد ابن طاووس قال : " أمر يزيد بردّ الأسرى وسبايا الحسينعليه‌السلام إلى أوطانهم بمدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وأما الرأس الشريف ، روي أنه أعيد فدفن بكربلا مع جسده الشريف".

ومن الغريب أن ابن طاووس قد ذكر العبارة السابقة ، بعد أن ذكر امتناع يزيد عن تلبية طلب السجّادعليه‌السلام برؤية وجه أبيه ، فكيف يعطيه الرأس الشريف!.

٥٥١

زيارة الحسينعليه‌السلام في الأربعين

٦٦٣ ـ رجوع السبايا إلى المدينة المنورة مع الإمام زين العابدينعليه‌السلام ومرورهم على كربلاء :

ثم إن يزيد أمر بردّ السبايا والأسارى إلى المدينة المنورة ، فسار بهم الإمام زين العابدينعليه‌السلام إلى المدينة من طريق العراق الصحراوي ، فلما وصلوا إلى موضع المصرع الشريف في كربلاء ، وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم ، قد وردوا لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام في يوم الأربعين ، فأقاموا هناك المآتم والعزاء. وأغلب الظن أنهم وصلوا كربلاء يوم الأربعين من العام التالي لمقتل الحسينعليه‌السلام وليس في العام نفسه.

ثم تابع ركب السبايا مسيره من كربلاء إلى المدينة ، فاستقبلهم أهل المدينة بالبكاء والعويل.

ـ مرور السبايا على كربلاء يوم الأربعين :

(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ٨٢)

ولما رجع علي بن الحسينعليه‌السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق ، قالوا للدليل :مرّ بنا على طريق كربلاء. فوصلوا إلى موضع المصرع ، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري [وكان أعمى] وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وردوا لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام . فوافوا في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم ، وأقاموا المآتم المقرّحة للأكباد ، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد ؛ فأقاموا على ذلك أياما.

وفي (رياض الأحزان) ص ١٥٧ : وأقاموا في كربلاء ينوحون على الحسينعليه‌السلام ثلاثة أيام.

٦٦٤ ـ زيارة جابر للقبر الشريف :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢١٠)

عن كتاب (بشارة المصطفى) لأبي جعفر الطبري ، ص ٨٩ وغيره ، بسنده عن الأعمش ، عن عطيّة العوفي ، قال :

خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه زائرا قبر الحسينعليه‌السلام . فلما

٥٥٢

وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات ، فاغتسل ثم ائتزر بإزار ، وارتدى بآخر. ثم فتح صرة فيها صعد [نوع من الطيب] فنثرها على بدنه ، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله تعالى. حتى إذا دنا من القبر قال : ألمسنيه ، فألمسته إياه. فخرّ على القبر مغشيا عليه ، فرششت عليه شيئا من الماء. فلما أفاق قال : يا حسين [ثلاثا]. ثم قال :حبيب لا يجيب حبيبه ، وأنى لك بالجواب ، وقد شخبت أوداجك من أثباجك [جمع ثبج : وهو وسط شيء تجمّع وبرز] ، وفرّق بين بدنك ورأسك. أشهد أنك ابن خاتم النبيين ، وابن سيد المؤمنين ، وابن حليف التقوى ، وسليل الهدى ، وخامس أصحاب الكسا ، وابن سيد النقبا ، وابن فاطمة سيدة النساء. وما لك لا تكون هكذا ، وقد غذّتك كفّ سيد المرسلين ، وربّيت في حجر المتقين ، ورضعت من ثدي الإيمان ، وفطمت بالإسلام ؛ فطبت حيا وطبت ميتا. غير أن قلوب المؤمنين غير طيّبة بفراقك ، ولا شاكّة في حياتك. فعليك سلام الله ورضوانه. وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.

ثم جال ببصره حول القبر [مع أنه أعمى فقد جال ببصره كأنه يرى ، إذ فتح الله على بصيرته] وقال : السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسينعليه‌السلام وأناخت برحله. أشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر ، وجاهدتم الملحدين ، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين.

والذي بعث محمدا بالحق نبيا ، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه. فقال له عطيّة العوفي : وكيف ولم نهبط واديا ، ولم نعل جبلا ، ولم نضرب بسيف؟!. والقوم قد فرّق بين رؤوسهم وأبدانهم ، وأيتمت أولادهم ، وأرملت الأزواج؟!.

فقال له : يا عطية ، إني سمعت حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أحبّ قوما حشر معهم ، ومن أحبّ عمل قوم أشرك في عملهم. والذي بعث محمدا بالحق إنّ نيّتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسينعليه‌السلام وأصحابه.

قال عطية : فبينما نحن كذلك ، وإذ بسواد قد طلع من ناحية الشام. فقلت : يا جابر ، هذا سواد طلع من ناحية الشام. فقال جابر لعبده : انطلق إلى هذا السواد ، وائتنا بخبره ، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا ، لعلنا نلجأ إلى ملجأ ، وإن كان زين العابدينعليه‌السلام فأنت حرّ لوجه الله تعالى.

قال : فمضى العبد ، فما كان بأسرع من أن رجع وهو يقول : يا جابر ، قم

٥٥٣

واستقبل حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . هذا زين العابدينعليه‌السلام قد جاء بعماته وأخواته.فقام جابر يمشي حافي الأقدام مكشوف الرأس ، إلى أن دنا من زين العابدينعليه‌السلام . فقال الإمامعليه‌السلام : أنت جابر؟. فقال : نعم يابن رسول الله.فقال : يا جابر ، ههنا والله قتلت رجالنا ، وذبحت أطفالنا ، وسبيت نساؤنا ، وحرّقت خيامنا.

ثم انفصلوا من كربلاء طالبين المدينة.

٦٦٥ ـ أول من زار قبر الحسينعليه‌السلام :

(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٥ ؛ وتذكرة الخواص ، ص ٢٨٠)

يؤخذ من رواية أبي مخنف التي ذكرها الطبري ، أن أول من زار قبر الحسينعليه‌السلام بعد دفن الأجساد ، كان عبيد الله بن الحر الجعفي. وهناك أنشد أشعارا رائقة ، تشعر عن ندامته على عدم نصرة الحسينعليه‌السلام .

يقول : ويظهر من (مقتل الخوارزمي) أنه أنشدها على قبر الحسينعليه‌السلام

[ولكن لم نجد ذلك في مقتل الخوارزمي] ، فضجّ من معه بالبكاء والعويل والنحيب ، وأقاموا عند القبر يومهم ذلك وليلتهم ، يصلّون ويبكون ويتضرعون ، والأبيات هي :

يقول أمير غادر أي غادر

ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمه

ونفسي على خذلانه واعتزاله

وبيعة هذا الناكث العهد لائمه

فيا ندمي أن لا أكون نصرته

ألا كل نفس لا تسدّد نادمه

وإني على أن لم أكن من حماته

لذو حسرة ما أن تفارق لازمه

سقى الله أرواح الذين تآزروا

على نصره سقيا من الغيث دائمه

وقفت على أطلالهم ومحالهم

فكاد الحشا ينقضّ والعين ساجمه

لعمري لقد كانوا سراعا إلى الوغى

مصاليت في الهيجا حماة خضارمه

تأسّوا على نصر ابن بنت نبيهم

بأسيافهم آساد غيل ضراغمه

فإن يقتلوا في كل نفس بقية

عليالأرض قد أضحت لذلك واجمه

وما إن رأى الراؤون أفضل منهم

لدى الموت سادات وزهرا قماقمه

أتقتلهم ظلما وترجو ودادنا

فدع خطّة ليست لنا بملائمه

لعمري لقد أرغمتمونا بقتلهم

فكم ناقم منا عليكم وناقمه

٥٥٤

أهمّ مرارا أن أسير بجحفل

إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه

فكفّوا وإلا زرتكم في كتائب

أشدّ عليكم من زحوف الديالمه

ولما بلغ ابن زياد هذه الأبيات طلبه ، فقعد على فرسه ونجا منه.

ـ متى كانت زيارة جابر؟ :(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٧)

يقول السيد محمّد حسن مصطفى آل كليدار :

وفي عام ٦٢ ه‍ توجّه إلى كربلاء جابر بن عبد الله الأنصاري ، زائرا قبر الحسينعليه‌السلام ، ومعه جماعة من بني هاشم ، فكانوا عنده في ٢٠ صفر.

٦٦٦ ـ استبعاد أن يكون ورود السبايا في ٢٠ صفر من نفس العام :

(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٧)

يقول السيد عبد العزيز الحسني : إن الحقيقة التي يمكن القول بها كما هو الرأي السائد في أكثر الأوساط العلمية عند رجال الإمامية ، هو ما قاله

[صاحب (القمقام) فرهاد ميرزا] ص ٤٩٥ :

منذ رحل عمر بن سعد عن كربلاء إلى الكوفة ومعه سبايا الحسينعليه‌السلام والرؤوس ، كان قد قطع مسافة ثمانية فراسخ ما بين كربلاء والكوفة [نحو ٤٤ كم] ، فلا بدّ أن قطع هذه المسافة في ثلاثة أيام. وهناك لا بدّ أن عبيد الله بن زياد قد عطّل السبايا مدة من الزمن ، حيث مرّ بهم في جميع أسواق الكوفة ، لكي يوجد رعبا في قلوب القبائل العربية ، وأن ينتظر ورود أوامر يزيد ثانيا. ولما ورد طلب يزيد بجلب السبايا إلى الشام ، كانت المسافة التي يقطعها الراحل على خط مستقيم ما بين الكوفة والشام مائة وخمسة وسبعين فرسخا [حوالي ألف كم] ، إلا أن ابن زياد اتخذ طريقا غير هذا الطريق ، كما يؤخذ من رواية صاحب (المنتخب) قال : أخذوا الرؤوس مع السبايا من أهل الحسينعليه‌السلام من الكوفة إلى تكريت ، ومنه إلى دير عمر ، فوادي نخلة ، ونزلوا بها ليلتهم ، ثم ساروا إلى لينا ، ثم وادي الكحيلة ثم الجهينة ، ثم نصيبين فعين الوردة ، ومن هناك عرّجوا إلى حرّان فحلب. ثم إلى معارة نعمان ، ومنه إلى شيزر. ثم إلى حمص ، ومنه إلى بعلبك ، ومنه إلى دير النصارى ، ثم إلى دمشق. فلا بدّ وأن المسافة كانت شاسعة ، وقد طال أمد السير.

٥٥٥

كما وإن هناك رواية أن أهل البيتعليه‌السلام قد مكثوا مدة ستة أشهر عند يزيد ، حتى انطفأت ثائرته. ثم دعا الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام وخيّره بين البقاء عنده أو المسير إلى المدينة.

ولعمري كيف يمكن في مدة أربعين يوما ، أن تستغرق هذه السفرة في الذهاب والإياب؟!. فمن الأمور المحققة التي تميل إليها الأوساط العلمية عند مؤرخي الإمامية ، أن أهل البيتعليه‌السلام قد وردوا كربلاء في ٢٠ صفر عام ٦٢ ه‍ ، ووجدوا جابرا عند القبر.

ويقول الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥٢٦ بعد أن أورد روايات أبي مخنف ، واللهوف الخ : إن هذه الروايات لم يظهر معها أن ورود آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى كربلاء كان يوم الأربعين ، أي العشرين من صفر.

ولا يخفى أن دعوى ورودهم كربلاء يوم العشرين من صفر ، دعوى غير معقولة ؛ لأن آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا في الكوفة مدة في سجن ابن زياد ، ثم كانوا مدة مديدة في دمشق في سجن يزيد. ثم إنهم أقاموا مأتم سيد الشهداءعليه‌السلام في دمشق مدة سبعة أيام ، وكان ذلك بعد خلاصهم من سجن يزيد.

المخرج :

إذا صحّ أن جابر ورد كربلاء يوم ٢٠ صفر من عام ٦١ ه‍ ، فيمكن افتراض أن جابر وجماعة من بني هاشم أدركوا زيارة الأربعين ، ثم مكثوا عند قبر الحسينعليه‌السلام حتى ورد عليهم زين العابدينعليه‌السلام فتلاقوا هناك. وهذا فحوى بعض الروايات : " فتوافوا في وقت واحد".

هذا هو المخرج الأول. أما المخرج الثاني فهو أن جابر والسبايا قد توافوا عند القبر الشريف في يوم واحد ، هو يوم الأربعين ؛ ولكن من العام التالي ٦٢ ه‍.

٦٦٧ ـ تحقيق يوم الأربعين :(تظلم الزهراء للقزويني ، ص ٢٨٧ ط قم)

روى السيد ابن طاووس في (الإقبال) قال : وجدت في (المصباح) أن حرم الحسينعليه‌السلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسينعليه‌السلام يوم العشرين من صفر ، وكلاهما مستبعد ، لأن عبيد الله بن زياد كتب إلى يزيد يعرّفه ما جرى ، ويستأذنه في حملهم ، ولم يحملهم حتى عاد الجواب إليه ، وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوما أو أكثر منها. ولأنه لما حملهم إلى الشام ، روي أنهم أقاموا فيها شهرا

٥٥٦

في موضع لا يكنّهم من حرّ ولا برد. وصورة الحال تقتضي أنهم تأخروا أكثر من أربعين يوما ، من يوم قتلهعليه‌السلام إلى أن وصلوا كربلاء أو المدينة.

وأما جوازهم في عودهم على كربلاء ، فيمكن ذلك ولكنه ما يكون وصولهم إليها يوم العشرين من صفر ، لأنهم اجتمعوا على ما روي مع جابر بن عبد الله الأنصاري ، فإن كان جابر وصل زائرا من الحجاز ، فيحتاج وصول الخبر إليه ومجيئه [إلى كربلاء] إلى أكثر من أربعين يوما ، أو على أن يكون وصل جابر من غير الحجاز ، من الكوفة أو غيرها.

يقول السيد رضي بن نبي القزويني : غاية ما قالرحمه‌الله بعد تسليمه ، محض استبعاد ، ولا ينبغي بمحضه إنكار الروايات. فإنا سمعنا من الموثقين قرب الكوفة من دمشق ، بما قد تيسر للبريد أن يسير بثلاثة أيام ومدة مقامهم في دمشق على ما في (المنتخب) لا يعلم كونها زائدة على ثمانية أيام تقريبا.

ولم نظفر على رواية دلّت على مقامهم فيها مدة شهر ، والله يعلم. وأيضا قد يذهب الحمام [أي الزاجل] بالمكاتب بأسرع من ذلك.

واستبعاد مجيء جابر من أرض الحجاز أبعد من هذا ، لما روي أن أبا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالكوفة أو بغداد ، وورد مكة وحجّ في تلك السنة. ولأن أخبار نواعي الحسينعليه‌السلام من الجن والطير وانقلاب التربة دما وغير ذلك ، أكثر من أن يخفى على أمثال جابر كما مضى بعضه ، والله أعلم بحقيقة الحال ، والتسليم لنا خير للمآل.

٦٦٨ ـ هل أعيد الرأس يوم الأربعين؟ :

(تظلم الزهراء للسيد رضي القزويني ، ص ٢٨٥ ط قم)

قال السيد رضي بن نبي القزويني :

وأما تعيين الإعادة يوم الأربعين من قتله ، والوقت الّذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام ونقله الله جلّ جلاله إلى شرف فضله ، كان (فيه) الإسلام مقلوبا والحق مغلوبا ، وما تكون الإعادة بأمور دنيوية ، والظاهر أنها بقدرة الإله.

لكن وجدت نحو عشر روايات مختلفات في حديث الرأس الشريف ، كلها منقولات. ولم أذكر إلى الآن أنني وقفت ولا رويت تسمية أحد ممن كان من الشام ، حتى أعادوه إلى جسده الشريف بالحائر ، ولا كيفية لحمله من الشام إلى الحائر على

٥٥٧

صاحبه أكمل التحية والإكرام ، ولا كيفية لدخول حرمه المعظم ، ولا من حفر ضريحه المقدس المكرم حتى عاد إليه ، وهل وضعه موضعه من الجسد ، أو في الضريح مضموما إليه؟.

فليقصر الإنسان على ما يجب عليه من تصديق القرآن [يقصد قوله تعالى عن الشهداء( ... عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) ] ، من أن الجسد المقدس تكمّل عقيب الشهادة ، وأنه يرزق في دار السعادة. ففي بيان الكتاب العزيز ما يغني عن زيادة دليل وبرهان.

زيارة الأربعين

٦٦٩ ـ فضل زيارة الأربعين :(مزار البحار ، ج ٩٨ ص ٣٣٤ ط ٢)

يقول العلامة المجلسي في (مزار البحار) : اعلم أنه ليس في الأخبار ، ما العلة في استحباب زيارة الحسينعليه‌السلام في يوم الأربعين. والمشهور بين الأصحاب أن العلة في ذلك رجوع حرم الحسينعليه‌السلام في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام ، وإلحاق الإمام زين العابدينعليه‌السلام الرؤوس بالأجساد.

وقيل : في مثل ذلك اليوم رجع السبايا إلى المدينة.

وكلاهما مستبعد جدا ، لأن الزمان لا يسع ذلك ، كما يظهر من الأخبار والآثار ، وكون ذلك في السنة الأخرى [أي التالية] أيضا مستبعد.

ولعل العلة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى القبر الشريف ، وزاره بالزيارة المعروفة ، فكان أول من زاره من الإنس ظاهرا. فلذلك يستحب التأسي به.

أو العلة هي إطلاق أهل البيتعليه‌السلام في الشام من الحبس والقيد في مثل هذا اليوم ، أو علة أخرى لا نعرفها.

وتوافق زيارة الأربعين يوم العشرين من صفر ، وذلك لأربعين يوما مضت على مقتل الحسينعليه‌السلام .

وقال السيد ابن طاووس في كتاب (الإقبال) ص ٦٠ : ووجدت في (المصباح) للشيخ الطوسي : أن حرم الحسينعليه‌السلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسينعليه‌السلام يوم العشرين من صفر. وفي غير (المصباح) أنهم وصلوا كربلاء أيضا في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر.

٥٥٨

ـ تعليق حول زيارة الأربعين :

(أقول) : إذا صحّت الرواية بأن الإمام زين العابدينعليه‌السلام وافى جابر بن عبد الله الأنصاري في كربلاء يوم الأربعين [٢٠ صفر] فيبعد أن يكون ذلك في السنة نفسها التي قتل فيها الحسينعليه‌السلام ، وذلك لأمور :

١ ـ إن الفترة التي قضاها السبايا في كربلاء ثم الكوفة (السجن) حتى جاء الأمر من دمشق بتسييرهم في أطول طريق إلى الشام ، ثم إقامتهم في دمشق حتى رخّص لهم يزيد بمغادرتها ، ثم حتى وصولهم كربلاء هذه الفترة تزيد عن أربعين يوما بلا شك.

٢ ـ كان جابر في المدينة حين قتل الحسينعليه‌السلام ، ويحتاج خبر مقتل الحسينعليه‌السلام ليصل من الكوفة إليها نحو ٢٤ يوما ، فلو أن جابر قرر الذهاب إلى كربلاء من حين وصول الخبر ، لاحتاج إلى ٢٤ يوما أخرى ليصل إليها ، لا سيما أنه كان ضريرا وكبير السن. فيمتنع أن يصل إلى كربلاء يوم الأربعين.

٣ ـ تنصّ إحدى الروايات على أن الإمام زين العابدينعليه‌السلام صحب معه رأس أبيه الحسينعليه‌السلام ودفنه يوم الأربعين مع الجسد الشريف في كربلاء ، أثناء رجوعه إلى المدينة. وهذا بعيد الظن لأن يزيد كان قد وعد الإمام زين العابدينعليه‌السلام بأن يقضي له ثلاث حاجات مما يريد ، فطلب في إحداها أن يريه وجه أبيه الحسينعليه‌السلام فقد اشتاق إليه. فكان جواب يزيد قوله : أما رؤية الرأس فليس إلى ذلك من سبيل. فإذا كان رفض أن يريه الرأس الشريف فكيف يسمح له بأخذه معه وإرجاعه.

٤ ـ إن يزيد بعد أن روّى حقده برؤية رأس الحسينعليه‌السلام على طبق من ذهب مزمّلا بدمائه ، لم يشفه ذلك حتى أعطى أوامره بتسيير الرأس الشريف إلى كل أرجاء الدولة الإسلامية ، حتى يرى كل المسلمين الرأس ممثّلا به ، فيزيلوا من مخيلتهم أية فكرة في الخروج عليه.

من هذا المنطلق بعث يزيد الرأس الشريف إلى مصر ، عن طريق عمّان والقدس ، فعسقلان فرفح ، حتى وصل إلى الفسطاط [وهي القاهرة اليوم]. وهناك أقام أعوان يزيد الأفراح والأعراس ابتهاجا ومشاركة ليزيد في بهجة انتصاره على الحسينعليه‌السلام وعرضت أمام الناس الخيول التي داست جسد الحسينعليه‌السلام

٥٥٩

في مسيرة حاشدة ، فاشتراها التجار بآلاف الدنانير ، وخلعت حدواتها وعلّقوها على أبواب بيوتهم تبركا بها. ثم أرجع يزيد الرأس الشريف إلى دمشق ، حيث سيّره إلى المدينة المنورة ، وكان عامله عليها عمرو بن سعيد الأشدق وهو من بني أمية ، فبعد أن ابتهج بمقتل الحسينعليه‌السلام وشمت به ، أدخل الرأس إلى مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووضعه بجانب قبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخاطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلا : قد أخذنا ثأرنا منك يا محمّد ، بقتلى بدر!.

ولهذا التسيير للرأس الشريف توهم بعض المؤرخين أنه دفن في القاهرة أو المدينة أو الكوفة.

وهذا التسيير قد استغرق وقتا كبيرا ، وهذا يتعارض كليا مع رواية إرجاع زين العابدينعليه‌السلام الرأس الشريف يوم الأربعين من عام ٦١ ه‍. فلو صحّ ذلك فهو في السنة التالية أو ما بعدها. وهذا ما ذهب إليه كثير من المحققين ، وقد أشار إليه السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله ، وهو ما كان يرجّحه الخطيب المنبري في دمشق المرحوم الحاج حسني صندوق ، وهو ما نراه ونؤيده.

حديث علامات المؤمن

٦٧٠ ـ زيارة الأربعين من علامات المؤمن الخمسة :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٤)

في تفسير الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام قال :

" علامات المؤمن خمس : التختّم باليمين ، وصلاة إحدى وخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، والتعفير للجبين ، وزيارة الأربعين".

[شرح الحديث] :

٦٧١ ـ التختّم باليمين :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٧)

مما تعرّض له الحديث السابق (التختّم باليمين) ، وهو ما التزم به الإمامية ، تديّنا بروايات أئمتهمعليهم‌السلام ، وخالفهم في ذلك جماعة من السنّة.

وقال الشيخ إسماعيل البروسوي : ذكر في (عقد الدرر) أن السّنة في الأصل

٥٦٠

التختم في اليمين ، ولما كان ذلك شعار أهل البدعة والظلمة ، صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا.

(راجع ما أورده العلامة الأميني في الغدير ، ج ١٠ ص ٢١١)

٦٧٢ ـ صلاة إحدى وخمسين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٥)

ويقصد بها الصلوات المشرعة في كل يوم : الفرائض والنوافل. فالفرائض ١٧ ركعة ، والنوافل في المذهب الجعفري : ركعتان قبل صلاة الصبح ، وثمان ركعات قبل صلاة الظهر ، وثمان قبل صلاة العصر ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان من جلوس بعد صلاة العشاء تحسبان بركعة. فمجموع هذه النوافل ٢٣ ركعة ، يضاف إليها ١١ ركعة صلاة الليل ، فيكون مجموع النوافل اليومية ٣٤ ركعة.وبإضافتها إلى الفرائض يصبح المجموع ٥١ ركعة. وهذا مما اختص به الإمامية ، فإن أهل السنة وإن وافقوهم على عدد الفرائض ، إلا أنهم خالفوهم في عدد النوافل.

٦٧٣ ـ الجهر ب (بسم الله الرحمن الرحيم):

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٧)

الثالث مما ذكر الحديث : (الجهر بالبسملة). وإن الإمامية تديّنوا إلى الله تعالى به ؛ وجوبا في الصلاة الجهرية ، واستحبابا في الصلاة الإخفاتية ، تمسّكا بأحاديث أئمتهمعليه‌السلام . وفي ذلك يقول الفخر الرازي : ذهبت الشيعة إلى أن من السنّة الجهر بالتسمية في الصلاة الجهرية والإخفاتية ، وجمهور الفقهاء يخالفونهم. وقد ثبت بالتواتر أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام كان يجهر بالتسمية ، ومن اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى ، والدليل عليه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«اللهم أدر الحقّ معه كيفما دار»(١) .

وكلمة الرازي هذه لم يهضمها أبو الثناء الآلوسي ، فتعقبها بقوله : لو عمل أحد بجميع ما يزعمون تواتره عن الأمير كفر ، فليس إلا الإيمان ببعض والكفر ببعض.وما ذكره من أن من اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى مسلّم ، لكن إن سلم لنا خبر ما كان عليه عليعليه‌السلام ودونه مهامه فيح(٢) .

__________________

(١) مفاتيح الغيب ، ج ١ ص ١٠٧.

(٢) روح المعاني للآلوسي ، ج ١ ص ٤٧.

٥٦١

٦٧٤ ـ تعفير الجبين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٩)

الرابع مما ذكره الحديث : (تعفير الجبين) ، والتعفير في اللغة : هو وضع الشيء على العفر ، وهو التراب. والمقصود بالجبين هنا : الجبهة. فيكون المعنى : أن الشيعة التزمت بالسجود على الأرض والتراب دون المأكول والملبوس.

أو إن المعنى استحباب تعفير الجبين بعد الصلاة في سجدة الشكر ، كما ذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) ، اقتداء بما كان يفعله الإمام عليعليه‌السلام بعد كل صلاة من تعفير جبهته وجبينه بالتراب ، تذللا وخضوعا لله تعالى ، حتى سمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبا تراب.

وقد ورد تعفير الخدين في سجدة الشكر ، وبه استحق موسىعليه‌السلام الزلفى من المناجاة.

أما السنّة فقد كره بعضهم سجدة الشكر بعد الصلاة ، فضلا عن تعفير الجبين!.

٦٧٥ ـ زيارة الأربعين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٣ و ٤٨٠)

المقصود من هذه الشعيرة ، تلك العادة المطّردة التي اتخذها الموالون لأهل البيتعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام كل عام في يوم الأربعين (وهو العشرون من صفر) لإقامة العزاء عليه. فمن علامة الإيمان والولاء للدين ولسيد شباب أهل الجنةعليه‌السلام المثول في يوم الأربعين من شهادة الحسينعليه‌السلام عند قبره الأطهر لإقامة المأتم عليه ، وتجديد العهد بما جرى عليه وعلى صحبه وأهل بيته من الفوادح.

يقول مولانا الأجل العلامة المجتهد السيد علي مكي حفظه الله : لماذا كانت زيارة الأربعين علامة المؤمن؟. نلاحظ أن هناك زيارات كثيرة للحسينعليه‌السلام في أوقات مختلفة [مثل : يوم عاشوراء ـ يوم عيد الأضحى ـ يوم عرفة ـ النصف من شعبان ـ النصف من رجب ـ كل ليلة جمعة] يزار بها الحسينعليه‌السلام خاصة ؛ فلماذا التأكيد على زيارة الحسينعليه‌السلام .

السبب في ذلك أن الحسينعليه‌السلام وهب نفسه لله ، فأصبح عنوانا للدين ، وزيارته هي لإحياء شعائر الدين. هذه الزيارات تذكّرنا بيوم الطف ، وبمظلومية أهل البيتعليه‌السلام ، وأن الحسينعليه‌السلام أنقذ الدين من الجاهلية. تعلّمنا أن ننصر الحق دائما ، ونردع أنفسنا عن المعاصي ، كما أنها مناسبة حيّة ليتدارس المؤمنون فيها أوضاعهم.

٥٦٢

لهذا ذكر صاحب (الجواهر) : أن زيارة الحسينعليه‌السلام تكاد تكون من ضروريات الدين ، لأن هذه الزيارة سبب لاستمراريتنا في الإلتزام بأحكام الدين.

وهنا يطرح سؤال أساسي : لماذا كانت زيارة الحسينعليه‌السلام يوم الأربعين

من شهادتهعليه‌السلام ، وليس قبل ذلك اليوم أو بعده؟. فما هي خاصة يوم الأربعين ، الّذي اتّخذ فيما بعد عادة بالنسبة لكل الموتى؟.

(أقول) : لقد ورد في الحديث : أنه إذا مات المؤمن ، يبكي عليه كل شيء والملائكة أربعين يوما. وبالطبع يكون بكاؤهم عليه وترحمهم في آخر يوم منها أشدّ ما يمكن ، وهو يوم الأربعين ، فتكون إقامة مراسم الحزن والعزاء على المؤمن يوم الأربعين ، مشاركة منا للملائكة والملأ الأعلى في حزنهم وأساهم وترحمهم عليه.

خبر الرباب زوجة الحسينعليه‌السلام

٦٧٦ ـ وفاء الرباب لزوجها الحسينعليه‌السلام :

الرباب هي بنت امرئ القيس الكلبي ، وقد ذكرنا شيئا عن إخلاصها سابقا ، كما ذكرنا كيف أنه لما وضع رأس الحسينعليه‌السلام في مجلس عبيد الله بن زياد ، لم تتمالك نفسها أن هجمت على الرأس وحملته واحتضنته وأخذت تقبّله وتنعيه. ومن معالم إخلاصها هنا أن السبايا لما انصرفن من كربلاء إلى المدينة ، أبت هذه الحرة الذهاب معهم ، بل آثرت أن تظل عند قبر زوجها الحسينعليه‌السلام هائمة تبكي عليه وترثيه ، حتى مضت عليها سنة كاملة ، وأبت أن تستظل بظل ، فضربت بذلك لذوات الحجال ، مثالا رائعا من الوفاء والإخلاص أي مثال.

٦٧٧ ـ محبة الحسينعليه‌السلام للرباب وإخلاصها له :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي في تذكرته : وكان في السبايا الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبي ، زوجة الحسينعليه‌السلام ، وهي أم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام . وكان الحسينعليه‌السلام يحبها حبا شديدا ، وله فيها أشعار منها :

لعمرك إنني لأحبّ دارا

تحلّ بها سكينة والرباب

أحبّهما وأبذل فوق جهدي

وليس لعاذل عندي عتاب

وليس لهم وإن عتبوا مطيعا

حياتي أو يغيّبني التراب

٥٦٣

٦٧٨ ـ إقامة الرباب العزاء على الحسينعليه‌السلام سنة كاملة :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٨)

وفي (كامل التواريخ) : إن الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسينعليه‌السلام أقامت على قبر الحسينعليه‌السلام سنة كاملة ، ثم عادت إلى المدينة. وخطبها الأشراف فقالت : لا والله ما كنت لأتّخذ حموا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولم تزل تبكي بعد الحسينعليه‌السلام ليلها ونهارها ، وبقيت لم يظلها سقف ، وتجلس في حرارة الشمس ، حتى ماتت كمدا ، رضوان الله عليها.

وكانت ترثي الحسينعليه‌السلام ، ولها هذه الأبيات :

إن الّذي كان نورا يستضاء به

بكربلاء قتيل غير مدفون

سبط النبي جزاك الله صالحة

عنا وجنّبت خسران الموازين

قد كنت لي جبلا صعبا ألوذ به

وكنت تصحبنا بالرّحم والدين

من لليتامى ومن للسائلين ومن

يعني ويأوي إليه كلّ مسكين

والله لا أبتغي صهرا بصهركم

حتى أغيّب بين الرمل والطين

ترجمة الرباب زوجة الحسينعليه‌السلام

(الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ، ج ٨ ص ١٥٨)

الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية : كانت من خيار النساء وأفضلهن. وفي (نسمة السحر) : كانت من خيار النساء جمالا

وأدبا وعقلا. أسلم أبوها في خلافة عمر بن الخطاب ، وكان نصرانيا من عرب الشام ، ثم ولاه عمر على من أسلم بالشام من قضاعة.

وخطب منه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ابنته الرباب لابنه الحسينعليه‌السلام ، فولدت له سكينة عقيلة قريش ، وعبد الله بن الحسينعليه‌السلام ، قتل يوم الطف وأمه تنظر إليه. وقد بقيت الرباب سنة بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لم يظلها سقف بيت حزنا على الحسينعليه‌السلام حتى بليت وماتت كمدا عليه ، وذلك بعد شهادة الحسينعليه‌السلام بسنة ، ودفنت بالمدينة.

٥٦٤

رجوع السبايا إلى المدينة المنوّرة

٦٧٩ ـ ارتحال آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كربلاء إلى المدينة :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٣)

ثم انفصل [السبايا] من كربلاء طالبين المدينة.

قال بشير بن جذلم : فلما قربنا منها ، نزل علي بن الحسينعليه‌السلام فحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه.

وقال زين العابدينعليه‌السلام : يا بشير رحم الله أباك ، لقد كان شاعرا ، فهل تقدر على شيء منه؟. قال : بلى يابن رسول الله إني شاعر. فقالعليه‌السلام : ادخل المدينة وانع أبا عبد اللهعليه‌السلام .

٦٨٠ ـ بشير بن جذلم يدخل المدينة وينعى الحسينعليه‌السلام :

(المصدر نفسه)

قال بشير : فركبت فرسي وركضت ، حتى دخلت المدينة. فلما بلغت مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفعت صوتي بالبكاء ، وأنشأت أقول :

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرّج

والرأس منه على القناة يدار

(قال) ثم قلت : هذا علي بن الحسينعليه‌السلام مع عماته وأخواته ، قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله إليكم أعرّفكم مكانه.

قال : فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلا برزن من خدورهن ، مكشوفة شعورهن ، مخمشة وجوههن ، ضاربات خدودهن ، يدعون بالويل والثبور. فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ، ولا يوما أمرّ

على المسلمين منه.

٦٨١ ـ جارية تنوح على الحسينعليه‌السلام :(المصدر نفسه)

قال بشير : وسمعت جارية تنوح على الحسينعليه‌السلام فتقول :

نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا

وأمرضني ناع نعاه فأفجعا

فعينيّ جودا بالدموع واسكبا

وجودا بدمع بعد دمعكما معا

على من دهيعرش الجليل فزعزعا

فأصبح هذا المجد والدين أجدعا

على ابن نبي الله وابن وصيه

وإن كان عنا شاحط الدار أشثعا

٥٦٥

ثم قالت : أيها الناعي ، جدّدت حزننا بأبي عبد اللهعليه‌السلام ، وخدشت منا قروحا لمّا تندمل. فمن أنت رحمك الله؟.

فقلت : أنا بشير بن جذلم ، وجّهني مولاي علي بن الحسينعليه‌السلام ، وهو نازل في موضع كذا وكذا ، مع عيال أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ونسائه.

قال بشير : فتركوني مكاني وبادروني ، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم ، فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع. فنزلت عن فرسي ، وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط [أي خيمة زين العابدينعليه‌السلام ].

خطبة زين العابدينعليه‌السلام في أهل المدينة

وكان علي بن الحسينعليه‌السلام داخلا (الفسطاط) فخرج ، ومعه خرقة يمسح بها دموعه ، وخلفه خادم معه كرسي ، فوضعه له وجلس عليه ، وهو لا يتمالك عن العبرة. وارتفعت أصوات الناس بالبكاء ، وحنين النسوان والجواري ، والناس يعزّونه من كل ناحية. فضجّت تلك البقعة ضجّة شديدة.

٦٨٢ ـ خطبة الإمام زين العابدينعليه‌السلام في أهل المدينة :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٨٦)

فأومأ [الإمام زين العابدينعليه‌السلام ] إلى الناس أن اسكتوا ، فلما سكنت فورتهم قالعليه‌السلام :

الحمد لله ربّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدّين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الّذي بعد فارتفع في السموات العلى ، وقرب فشهد النجوى. نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع(١) ، وجليل الرّزء ، وعظيم المصائب ، الفاظعة الكاظّة ، الفادحة الجائحة(٢) .

أيها القوم ، إن الله تعالى ـ وله الحمد ـ ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام وعترته ، وسبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان ، من فوق عامل السنان(٣) . وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة.

__________________

(١) اللواذع : المصائب المحرقة الموجعة.

(٢) الجائحة : الشدة التي تستأصل المال وغيره.

(٣) السّنان : هو رأس الرمح ، وعامل السنان : ما يلي السنان.

٥٦٦

أيها الناس ، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله؟!. أم أي فؤاد لا يحزن من أجله؟. أم أية عين منكم تحبس دمعها ، وتضنّ عن انهمالها؟. فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسموات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السموات أجمعون.

أيها الناس ، أي قلب لا ينصدع لقتله؟!. أم أي فؤاد لا يحنّ إليه؟. أم أي سمع يسمع بهذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ؟.

أيها الناس ، أصبحنا مشردين مطرودين ، مذودين شاسعين عن الأمصار ، كأنا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها. ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلا اختلاق. والله لو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تفدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا. فإنا لله وإنا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظّها وأفظّها وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب ما أصابنا ، وما بلغ بنا ، فإنه عزيز ذو انتقام.

قال الراوي : فقام إليه صوحان بن صعصعة بن صوحان العبدي ، وكان زمنا ، فاعتذر إليه بما عنده من زمانة رجليه(١) . فأجابهعليه‌السلام بقول عذره وحسّن الظن فيه ، وشكر له وترحّم على أبيه.

دخول المدينة

٦٨٣ ـ حال المدينة عند دخول الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٤١٠)

في (الدمعة الساكبة)و (المعدن) وغيرهما ، عن بعض المقاتل : لما دخل زين العابدينعليه‌السلام المدينة ، بعدما رجعوا من كربلاء ، ومعه عماته وأخواته ، كان اليوم يوم الجمعة ، والخاطب يخطب.

فلما سمعن الهاشميات ، تجددت عليهن الأحزان والمصائب ، وارتفعت بالبكاء

__________________

(١) الزّمانة : مرض دائم مزمن.

٥٦٧

أصواتهن ، وشققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، ونشرن الشعور. فانقلبت المدينة بأهلها ، وحلّ فيها الرجف والزلازل ، لكثرة النوح والعويل ، من المهاجرين والأنصار. ولقد كان ذلك اليوم أشدّ من يوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان الوليد بن عتبة والي المدينة على المنبر ، فسمع الصياح ، فقال :

ما الخبر؟. قيل له : هذا صياح الهاشميات. وجرت دموعه على خديه ، ونزل عن المنبر ودخل منزله.

٦٨٤ ـ نعي أم كلثومعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين ، ص ٤٠٩ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٩٩ ط ٢)

وأما أم كلثوم [بنت الإمام عليعليه‌السلام ] ، فحين توجهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول :

مدينة جدّنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

ألا فاخبر رسول الله عنا

بأنا قد فجعنا في أخينا

وأن رجالنا في الطف صرعى

بلا روس وقد ذبحوا البنينا

وأخبر جدّنا أنا أسرنا

وبعد الأسر يا جدّ سبينا

ورهطك يا رسول الله أضحوا

عرايا بالطفوف مسلّبينا

وقد ذبحوا الحسين ولم يراعوا

جنابك يا رسول الله فينا

فلو نظرت عيونك للأسارى

على قتب الجمال محمّلينا

رسول الله بعد الصونصارت

عيون الناس ناظرة إلينا

وكنت تحوطنا حتى تولّت

عيونك ثارت الأعدا علينا

أفاطم لو نظرت إلى السبايا

بناتك في البلاد مشتّتينا

أفاطم لو نظرت إلى الحيارى

ولو أبصرت زين العابدينا

أفاطم لو رأيتينا سهارى

ومن سهر الليالي قد عمينا

أفاطم ما لقيت من عداك

ولا قيراط مما قد لقينا

فلو دامت حياتك لم تزالي

إلى يوم القيامة تندبينا

وعرّج بالبقيع وقف وناد

أأين حبيب ربّ العالمينا

وقل يا عمّ يا الحسن المزكّى

عيال أخيك أضحوا ضائعينا

أيا عماه إن أخاك أضحى

بعيدا عنك بالرمضا رهينا

٥٦٨

بلا رأس تنوح عليه جهرا

طيور والوحوش الموحشينا

ولو عاينت يا مولاي ساقوا

حريما لا يجدن لهم معينا

على متن النياق بلا وطاء

وشاهدت العيال مكشّفينا

* * *

مدينة جدّنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

خرجنا منك بالأهلين طرّا

رجعنا لا رجال ولا بنينا

وكنا في الخروج بجمع شمل

رجعنا حاسرين مسلّبينا

وكنا في أمان الله جهرا

رجعنا بالقطيعة خائفينا

ومولانا الحسين لنا أنيس

رجعنا والحسين به رهينا

ونحن السائرات على المطايا

نشال على جمال المبغضينا

ونحن بنات حيدرة وطه

ونحن الباكيات على أبينا

ونحن الطاهرات بلا خفاء

ونحن المخلصون المصطفونا

ونحن الصابرات على البلايا

ونحن الصادقون الناصحونا

ألا يا جدنا قتلوا حسينا

ولم يرعوا جناب الله فينا

ألا يا جدنا بلغت عدانا

مناها واشتفى الأعداء فينا

لقد هتكوا النساء وحمّلوها

على الأقتاب قهرا أجمعينا

وزينب أخرجوها من خباها

وفاطم واله تبدي الأنينا

سكينة تشتكي من حرّ وجد

تنادي الغوث ربّ العالمينا

وزين العابدين بقيد ذلّ

وراموا قتله أهل الخؤونا

فبعدهم على الدنيا تراب

فكأس الموت فيها قد سقينا

وهذي قصتي مع شرح حالي

ألا يا سامعون ابكوا علينا

٦٨٥ ـ حال زينب العقيلةعليه‌السلام :(وسيلة الدارين ، ص ٤١٠)

في (البحار) : وأما فخر المخدرات زينبعليه‌السلام ، فلما دخلت المدينة ، ووقع طرفها على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صرخت وبكت وأخذت بعضادتي باب المسجد ، ونادت : يا جداه ، إني ناعية إليك أخي الحسينعليه‌السلام . وهي مع ذلك لا تجفّ لها عبرة ، ولا تفتر من البكاء والنحيب. وكلما نظرت إلى علي ابن الحسينعليه‌السلام تجدد حزنها وزاد وجدها.

٥٦٩

٦٨٦ ـ منازل المدينة تنعى أهلها :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٨٥)

قال السيد في (اللهوف) : ثم إن علي بن الحسينعليه‌السلام دخل إلى المدينة بأهله وعياله ، ونظر إلى منازل قومه ورجاله ، فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها ، وتبوح بإعلان الدموع وإرسالها ، لفقد حماتها ورجالها ، وتندب عليهم ندب الثواكل ، وتسأل عنهم أهل المناهل ، وتهيّج أحزانه على مصارع قتلاه ، وتنادي لأجلهم وا ثكلاه ، وتقول : يا قومي اعذروني على النياحة والعويل ، وساعدوني على المصاب الجليل فلو كنتم هناك لشجاكم سماع تلك الواعية النازلة ، وعرفتم تقصيركم في هذه المصيبة الشاملة.

ولقد أحسن [ابن قتّة] وقد بكى على تلك المنازل حيث قال :

مررت على أبيات آل محمّد

فلم أر أمثالا لها يوم حلّت

فلا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت عنهم برغم تخلّت

وإن قتيل الطفّ من آل هاشم

أذلّ رقاب المسلمين فذلّت

ندب الحسينعليه‌السلام في المدينة

٦٨٧ ـ ندب الحسينعليه‌السلام في المدينة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٧ ط ٢)

قالوا : ولما دخل حرم الحسينعليه‌السلام المدينة ، عجّت نساء بني هاشم ، وصاحت المدينة صيحة واحدة.

قال الطريحي : مصاب أبكى فاطمة البتول ، وأحزن قلب المصطفى الرسول.مصاب بكت عليه السماء دما ، وأقيم له فوق الطباق مأتما.

فوا أسفاه على ما تجرّعوه من الحتوف ، ومرارات حرّ السيوف. أفيعذر أحد من ذوي الألباب ، في ترك الحزن والاكتئاب ، على جليل المصاب.

٦٨٨ ـ تعزية عبد الله بن جعفر رضي الله عنه :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦)

وجلس عبد الله بن جعفر للتعزية. فدخل عليه مولاه (أبو اللسلاس) ، فقال : هذا ما لقينا من الحسين!. فحذفه عبد الله بنعله ، وقال : يابن اللخناء ، أللحسين تقول

٥٧٠

هذا؟. والله لو شهدته لأحببت أن أقتل دونه ، وإني لأشكر الله الّذي وفّق ابنيّ عونا ومحمدا معه ، إذ لم أكن وفّقت.

٦٨٩ ـ خروج أم سلمة لاستقبال السبايا :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٣)

قال الراوي : فخرجت أم سلمة من الحجرة الطاهرة ، وفي إحدى يديها القارورة ، وقد صارت التربة فيها دما ، وقد أخذت بالأخرى يد فاطمة العليلة بنت الحسينعليه‌السلام . ثم رحلوا إلى المدينة.

٦٩٠ ـ ندب أم لقمان بنت عقيل رضي الله عنها :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٧ ط ٢ نجف)

قال أبو مخنف : فسمعت أم لقمان [زينب] بنت عقيل صراخ زينب وأم كلثومعليه‌السلام وباقي النسوة ، فخرجت حاسرة ومعها أترابها : أم هاني ورملة وأسماء بنات عليعليه‌السلام ، وهي تصيح : وا حسيناه!. وا إخوتاه!. وا أهلاه!.

وا محمداه!. ثم قالت :

ماذا تقولون إذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأولادي ، أما لكم

عهد ، أما أنتم توفون بالذمم

ذريّتي وبنو عمي بمضيعة

منهم أسارى وقتلى ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

٦٩١ ـ ندب فاطمة بنت عقيل رضي الله عنها :

(ينابيع المودة ، ج ٢ ص ١٥٦)

وقالت فاطمة بنت عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ترثيه :

عينيّ بكيّ بعبرة وعويل

واندبي إن ندبت آل الرسول

تسعة كلهم لصلب عليّ

قد أصيبوا وخمسة لعقيل

وأوردهما ابن عبد البر في (الإستيعاب).

٦٩٢ ـ حزن وحداد الهاشميات :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٥)

وفي (نفس المهموم) عن (دعائم الإسلام) عن جعفر الصادقعليه‌السلام أنه نيح على الحسين بن عليعليه‌السلام سنة كاملة كل يوم وليلة.

٥٧١

وفيه أيضا : أنه لما قتل الحسينعليه‌السلام لبست نساء بني هاشم السواد والمسوح ، نائحات الليل والنهار ، والإمام السجّاد يعمل لهن الطعام(١) .

وفي حديث الإمام الصادقعليه‌السلام : ما اختضبت هاشمية ولا ادّهنت ولا أجيل مرود [وهو الميل يكتحل به] في عين هاشمية خمس حجج [أي سنين] ، حتى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد.

٦٩٣ ـ بكاء الإمام السجّادعليه‌السلام على أبيه الحسينعليه‌السلام أربعين سنة :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٧)

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال :

كان زين العابدينعليه‌السلام بكى على أبيه أربعين سنة ، صائما نهاره قائما ليله ؛ فإذا أحضر الإفطار ، وجاء غلامه بطعامه وشرابه ، فيضعه بين يديه ، فيقول : كل يا مولاي ، فيقول : قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي ، حتى يبتلّ طعامه من دموعه ، ثم يمزج شرابه بدموعه. فلم يزل كذلك حتى لحق باللهعزوجل .

٦٩٤ ـ حزن الإمام زين العابدينعليه‌السلام على أبيه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٢٤)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : كان أبي زين العابدينعليه‌السلام علي بن الحسينعليه‌السلام إذا حضرت الصلاة ، يقشعرّ جلده ويصفرّ لونه ، وترتعد فرائصه ويقف شعره ، ويقول ودموعه تجري على خديه : لو علم العبد من يناجي ما انفتل [أي ما ترك الصلاة].

وبرز يوما إلى الصحراء ، فتبعه مولى له ، فوجده قد سجد على حجارة خشنة.قال مولاه : فوقفت حيث أسمع شهيقه وبكاءه ، فو الله لقد أحصيت عليه ألف مرة وهو يقول : " لا إله إلا الله حقّا حقا ، لا إله إلا الله تعبّدا ورقّا ، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا". ثم رفع رأسه من سجوده ، وإن لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه. فقال له مولاه : يا سيدي ، أما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقلّ؟!. فقال لهعليه‌السلام : ويحك إن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم كان نبيا ابن نبي وله اثنا عشر ابنا ، فغيّب الله تعالى واحدا منهم ، فشاب رأسه من الحزن ،

__________________

(١) محاسن البرقي ، ج ٢ ص ٤٢٠.

٥٧٢

واحدودب ظهره من الغم ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيّ في دار الدنيا. وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة وعشرين من أهل بيتي صرعى مقتولين ؛ فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي؟!.

ولقد نسب إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام هذه الأبيات :

نحن بنو المصطفى ذوو غصص

يجرّعها في الأنام كاظمنا

عظيمة في الأنام محنتنا

أوّلنا مبتلى وآخرنا

يفرح هذا الورى بعيدهم

ونحن أعيادنا مآتمنا

والناس في الأمن والسرور ولا

يأمن طول الزمان خائفنا

وما خصصنا به من الشرف

الطائل بين الأنام آفتنا

يحكم فينا ـ والحكم فيه لنا ـ

جاحدنا حقّنا وغاصبنا

٦٩٥ ـ أول من رثى الحسينعليه‌السلام شعرا على قبره الشريف :

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٥٤)

قال العلامة الأمين في (أعيان الشيعة) : وينبغي أن يكون أول من رثى الحسينعليه‌السلام سليمان بن قتّة العدوي التيمي مولى بني تيم بن مرة [توفي بدمشق سنة ١٢٦ ه‍] ، وكان سليمان منقطعا إلى بني هاشم. وقيل (قتّة) اسم أمه ، وأما أبوه فاسمه حبيب المحاربي ، وهو تابعي مشهور.

٦٩٦ ـ قصيدة سليمان بن قتّة في رثاء الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٣٠١)

مرّ سليمان بن قتّة بكربلاء بعد مقتل الحسينعليه‌السلام بثلاثة أيام ، فنظر إلى مصارع الشهداء ، واتكأ على فرس له عربية ، وأنشأ يقول :

مررت على أبيات آل محمّد

فلم أرها أمثالها يوم حلّت

وكانوا لنا غنما فصاروا رزيّة

لقد عظمت تلك الرزايا فجلّت

فلا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت منهم برغم تخلّت

إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها

وتقتلنا قيس إذا النّعل زلّت

وعند غنيّ. قطرة من دمائنا

سنطلبهم يوما بها حيث ولّت

ألم تر أن الشمس أضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد اقشعرّت

وقد أعولت تبكي السماء لفقده

وأنجمها ناحت عليه وصلّت

٥٧٣

وإن قتيل الطفّ من آل هاشم

أذلّ رقاب المسلمين فذلّت

فإن تبتغوه عائذ البيت تفضحوا

كعاد تعمّت عن هداها فضلّت

وهذه الأبيات ذكرها العلامة المجلسي في (البحار) ، كما ذكرها أبو الفرج الإصفهاني في (مقاتل الطالبيين) ، وكذلك ابن شهر اشوب والخوارزمي ، فراجع.

٥٧٤

الفصل الحادي والثلاثون

مراقد الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام وتراجمهم

يتضمن هذا الفصل المواضيع التالية :

(١) ـ مرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء :

ـ ما جاء حول القبر الشريف

ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام

ـ فضل تربة الحسينعليه‌السلام ـ فضل السجود على التربة الحسينية

ـ الحائر الحسيني

ـ الحرم الحسيني

ـ مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام والكتابات المدوّنة عليه

ـ عمارة قبر الحسينعليه‌السلام :

ـ العمارة الأولى :

ـ هدم الرشيد لقبر الحسينعليه‌السلام

ـ العمارة الثانية : عمارة المأمون

ـ هدم المتوكل لقبر الحسينعليه‌السلام

ـ العمارة الثالثة : عمارة المنتصر

(٢) ـ مشهد أبي الفضل العباسعليه‌السلام

٥٧٥

(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليه‌السلام في دمشق :

١ ـ مشهد رأس الحسينعليه‌السلام

٢ ـ مرقد الطفلة رقيةعليه‌السلام

٣ ـ مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام

٤ ـ مرقد السيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام

ـ ترجمة سكينةعليه‌السلام

ـ الدفاع عن سكينةعليه‌السلام

ـ ترجمة فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام

٥ ـ مقام السيدة أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام وترجمتها

٦ ـ مقام فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وترجمتها

٧ ـ مرقد السيدة زينب الكبرى العقيلة بنت الإمام عليعليه‌السلام

ـ ضريح زينبعليه‌السلام ووصف قفصها

ـ ترجمة العقيلة زينب الكبرىعليه‌السلام

(٤) ـ مدفن الشريفات العلويات في مصر

(٥) ـ سيرة الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

ـ والدتهعليه‌السلام

ـ ترجمتهعليه‌السلام

٥٧٦

الفصل الحادي والثلاثون

مراقد الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام

[وتراجمهم]

مقدمة الفصل :

آثرنا بعد أن انتهينا من ذكر الحسينعليه‌السلام وأهله في نهضتهم المباركة ، أن نعقد فصلا عن مراقدهم الكريمة ومقاماتهم العظيمة ؛ بادئين بمرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء : قدسيته وحدوده ، وفضل زيارته ، وشرافة تربته. حيث نفرّق بين حدود الحائر وحدود الحرم وحدود كربلاء. ثم نذكر العمارات التي جرت على المشهد الشريف.

ثم ننتقل إلى بيان المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليه‌السلام في دمشق ؛ ومنها مشهد رأس الحسينعليه‌السلام في القسم الشرقي من المسجد الجامع ، ومرقد السيدة رقيّةعليه‌السلام قرب باب الفراديس (العمارة) أحد أبواب دمشق الواقع شمال المسجد الجامع. ثم عدة مشاهد في مقبرة باب الصغير (الستّات) ؛ منها مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام ، ومقام السيدتين سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وعمتها السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام . ثم مرقد السيدة زينب العقيلة بنت الإمام عليعليه‌السلام في قرية راوية على بعد ١٠ كم جنوبي دمشق.

ويزخر هذا الفصل أيضا بذكر تراجم بعض السادات الشريفات من أهل البيتعليه‌السلام ، اللواتي كان لهن شأن في مسيرة كربلاء ، ومنهم السيدة رقيّةعليه‌السلام والسيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، وأختها السيدة فاطمة الصغرىعليها‌السلام .

ثم السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام وأختها السيدة زينب الكبرى عقيلة بني هاشمعليه‌السلام .

وننهي الفصل بترجمة الإمام زين العابدين وسيّد الساجدين علي بن الحسينعليه‌السلام .

٥٧٧

(١) ـ مرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

٦٩٧ ـ فضل قبر الحسينعليه‌السلام :

قال الطريحي في (المنتخب) ص ٧٠ : روي عن اسحق بن عمار عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «ما بين قبر الحسينعليه‌السلام إلى السماء السابعة ، مختلف الملائكة».[المختلف : هو مكان الاختلاف ، أي الترددد والزيارة].

وقال محمّد حسين الأعلمي في (دائرة المعارف) ص ١٨٥ :

وفي (كامل الزيارة) عن الصادقعليه‌السلام قال : «موضع قبر الحسينعليه‌السلام منذ دفن فيه ، روضة من رياض الجنة ، وترعة من ترع الجنة».

٦٩٨ ـ تحديد موضع القبر الشريف :(المنتخب للطريحي ، ص ٧٢)

عن اسحق بن إسماعيل أنه قال : سمعت من الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : إن لموضع قبر الحسينعليه‌السلام حرمة معروفة ، من عرفها واستجار بها أجير. فقلت : يا مولاي فصف لي موضعها جعلت فداك!. فقالعليه‌السلام : امسح [من المساحة] من موضع قبره الآن خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رأسه ، ومن ناحية رجليه كذلك ، وعن يمينه كذلك وعن شماله. واعلم أن ذلك روضة من رياض الجنة ، ومنه معراج الملائكة ، تعرج فيه إلى السماء بأعمال زواره. وليس ملك في السموات ولا في الأرض إلا وهم يسألون اللهعزوجل في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، ففوج منهم ينزل وفوج يعرج إلى يوم القيامة.

زيارة الحسينعليه‌السلام وفضلها

٦٩٩ ـ زيارة الحسينعليه‌السلام من أحب الأعمال إلى الله :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٨)

عن الصادقعليه‌السلام قال : من أحبّ الأعمال إلى الله زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وأفضل الأعمال عند الله إدخال السرور على قلب المؤمن ، وأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد باك.

٧٠٠ ـ فضل من زار الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه :

في (مناقب آل أبي طالب) لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢٧٢ : عن الإمام

٥٧٨

الكاظمعليه‌السلام : من زار قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه ، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر.

وفي (فرائد السمطين) للجويني ، ج ٢ ص ١٧٤ : سئل الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال : أخبرني أبي قال : من زار قبر الحسين بن عليعليه‌السلام عارفا بحقه ، كتبه الله في علّيين.

ثم قالعليه‌السلام : إن حول قبر الحسينعليه‌السلام سبعين ألف ملك شعثا غبرا ، يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ١٩٥ : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعائشة : يا عائشة من أراد الله به الخير قذف في قلبه محبة الحسينعليه‌السلام وحبّ زيارته ، ومن زار الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه ، كتبه الله في أعلى عليّين ، مع الملائكة المقرّبين.

٧٠١ ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام :

(مزار البحار للمجلسي ، ج ١٠١ ص ١ ـ ٣ ط ٢)

في (أمالي الصدوق) ص ١٤٣ ، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر

[الباقر]عليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن عليعليه‌السلام ، فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع ، وزيارته مفترضة على من أقرّ للحسينعليه‌السلام بالإمامة من اللهعزوجل .

وفي (كامل الزيارات) ص ١٥٠ : وعنهعليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن عليعليه‌السلام ، فإن إتيانه يزيد في الرزق ، ويمدّ في العمر ، ويدفع مدافع السوء ، وإتيانه مفروض على كل مؤمن يقرّ للحسينعليه‌السلام بالإمامة من الله.

وفي (كامل الزيارات) ص ١٢٢ ، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر ، قال الصادقعليه‌السلام : لو أن أحدكم حجّ دهره ، ثم لم يزر الحسين بن عليعليه‌السلام ، لكان تاركا حقا من حقوق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأن حق الحسينعليه‌السلام فريضة من الله ، واجبة على كل مسلم.

٧٠٢ ـ الإخلاص في زيارة الحسينعليه‌السلام :

(كامل الزيارات ، ص ١٤٣)

عن محمّد بن مسلم (قال) قلت لأبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : ما لمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ؟. قال : من أتى قبر الحسينعليه‌السلام شوقا إليه ، كان من عباد الله

٥٧٩

المكرمين ، وكان تحت لواء الحسين بن عليعليه‌السلام حتى يدخلهما الله جميعا الجنة.

وعن سدير الصيرفي ، قال أبو جعفرعليه‌السلام : ما أتى (الحسين) عبد فخطا خطوة ، إلا كتبت له حسنة ، وحطّت عنه سيئة.

٧٠٣ ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام وثوابها :

(معالي السبطين للمازندراني ج ١ ص ٨١ و ٨٢ و ٧٦ و ٧٧)

عن (الخصائص الحسينية) للتستري ، وفي الروايات الصحيحة : لو يعلم الناس ما في زيارة الحسينعليه‌السلام من الفضل لماتوا شوقا إليه ، وتقطّعت أنفسهم عليه حسرات. ولو علموا فضلها لأتوه حبوا من أقصى البلدان.

وفي (الخصائص) عن الصادقعليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد : أين زوّار الحسين بن عليعليه‌السلام ؟. فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله ، فيقول لهم : ماذا أردتم بزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟. فيقولون : يا رب حبا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولعلي ولفاطمةعليه‌السلام ، ورحمة له بما ارتكب منه. فيقال لهم : هذا محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ فالحقوا بهم ، فأنتم معهم في درجتهم ، الحقوا بلواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فيكونون في ظله ، وهو في يد عليعليه‌السلام ، فيكونون أمام اللواء وعن يمينه وعن يساره ومن خلفه ، ويباهي الله بهم حملة عرشه وملائكته المقربين ، ويقول : ألا ترون زوار قبر الحسينعليه‌السلام أتوه شوقا؟!.

وفي (البحار) عن حنّان بن سدير عن أبيه ، قال الصادقعليه‌السلام : يا سدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كل يوم؟. قلت : لا. قال : ما أجفاكم!. فتزوره في كل شهر؟.قلت: لا. قال : أفتزوره في كل سنة؟. قلت : قد يكون ذلك. قالعليه‌السلام : يا سدير ، ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام !. أما علمت أن لله ألف ألف ملك شعث غبر يبكون ، فيزورون لا يفترون؟. وعليك يا سدير أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في [يوم] الجمعة خمس مرات ، وفي كل يوم مرة. قلت : جعلت فداك ، بيننا وبينه فراسخ كثيرة. قال لي : اصعد فوق سطحك ، ثم تلتفت يمنة ويسرة ، ثم ترفع رأسك إلى السماء ، ثم تنحو نحو القبر ، وتقول : السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ؛ يكتب لك بكل زيارة حجة وعمرة.

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800