موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 493927 / تحميل: 5855
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

المتوفى سنة ٩٣٢ بتفسير قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال:

« إعلم - يا هذا - إن الآية لبيان فرضيّة حبّ أهل البيت على جميع المسلمين إلى يوم القيامة، صلّى الله على محمّد وأهل بيته، فقد روي أنها لـمّا نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما » ثم قال بعد ذكر نبذةٍ من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام :

« عن عمران بن الحصين قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. رواه صاحب الفردوس » ثم قال بعد أخبارٍ اُخرى في فضائل الإمامعليه‌السلام :

« إعلم - يا هذا - إن هذه الأحاديث وردت عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في عليرضي‌الله‌عنه ، وما ازداد علي فضلاً إلّا بتزويج فاطمة بنت سيد المرسلين - صلّى الله عليه وسلّم - وما تزوّج فاطمة إلّا بكونه أهلاً لها رضي الله عنها ».

ترجمة الحاج عبد الوهاب البخاري

وقد ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي في كتابه ( أخبار الأخيار ) فأثنى عليه الثناء البالغ، ومدح تفسيره المذكور، وذكر له ولكتابه كرامات(١). .

__________________

(١). أخبار الأخيار: ٢٠٦.

٢٢١

(٤٥)

رواية الشّامي صاحب السّيرة

ورواه محمّد بن يوسف الصّالحي الشامي في ( سيرته ) حيث قال:

« روى الإمام أحمد، والبخاري، والإسماعيلي، والنسائي: عن بريدة ابن الحصيب -رضي‌الله‌عنه - قال: أصبنا سبياً، فكتب خالد إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إبعث إلينا من يخمّسه، وفي السّبي وصيفة هي من أفضل السّبي، فبعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عليّاً إلى خالد يقبض منه الخمس. وفي رواية: لتقسيم الفئ. فقبضه منه، فخمّس وقسّم، واصطفى علي سبيّة، فأصبح وقد اغتسل ليلاً، وكنت أبغض علياً لم أبغضه أحداً، وأحببت رجلاً من قريش لم أحببه إلّا بغضه عليّاً، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ وفي رواية: فقلت: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم تر إلى الوصيفة فإنّها صارت في الخمس، ثم صارت في آل محمّد، ثم في آل علي، فواقعت بها.

فلمّا قدمنا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ذكرت له ذلك. وفي رواية: فكتب خالد إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بذلك. فقلت: إبعثني، فبعثني، فجعل يقرأ الكتاب وأقول: صدق. فإذا النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قد احمرّ وجهه، فقال: من كنت وليّه فعليّ وليّه. ثم قال: يا بريدة أتبغض علياً؟ فقلت: نعم. قال: لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك.

وفي رواية: والذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة، وانْ كنت تحبّه فازدد له حبّاً.

٢٢٢

و في رواية: لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي.

قال بريدة: فما كان في الناس أحد أحب إليَّ من علي »(١) .

ترجمة الصالحي الشامي

ومحمّد بن يوسف الصالحي الشامي من مشاهير علماء القوم المحققين المعتمدين:

١ - الشعراني: « ومنهم: الأخ الصالح العالم الزاهد المتمسّك بالسنة المحمدية الشيخ محمّد الشامي، نزيل التربة البرقوتية،رضي‌الله‌عنه . كان عالماً صالحاً متفنّناً في العلوم، وألّف السّيرة المشهورة التي جمعها من ألف كتاب، وأقبل الناس على كتابتها، ومشى فيها على أنموذجٍ لم يسبق إليه وكان لا يقبل من الولاة وأعوانهم شيئاً، ولا يأكل من طعامهم »(٢) .

٢ - الخفاجي: « وممّن أخذت عنه الأدب والشعر شيخنا العلّامة أحمد العلقمي، والعلّامة محمّد الصّالحي الشّامي »(٣) .

٣ - ابن حجر المكّي: وصفه في كلامٍ له بـ « الإمام العلّامة الصالح الفهامة الثقة المطّلع والحافظ المتتبّع الشيخ محمّد الشامي الدمشقي ثم المصري »(٤). .

__________________

(١). سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ٦ / ٢٣٥ - ٢٣٦.

(٢). لواقح الأنوار. الباب الأوّل من القسم الثالث.

(٣). ريحانة الألباء ١ / ٢٧.

(٤). الخيرات الحسان:

٢٢٣

السيرة الشامية

وكتابه ( سبل الهدى والرشاد ) المعروف بـ ( السيرة الشامية ) من أجلّ كتب القوم في السّيرة، فقد عرفت أنّه جمعه من ألف كتاب، وقال ( كاشف الظنون ): « هو أحسن كتب المتأخرين وأبسطها في السيرة النبوية » و « أتى فيه من الفوائد بالعجب العجاب »(١). . وَعدّه أحمد بن زيني دحلان في مصادر كتابه ( السيرة النبوية ) وقد قال بعد ذكرها: « وهذه الكتب هي أصحّ الكتب المؤلّفة في هذا الشأن »(٢). ، كما اعتمد عليه كثير من العلماء من محدّثين ومتكلّمين، ونقلوا عنه واستندوا إليه في بحوثهم المختلفة.

(٤٦)

رواية ابن حجر المكي وتصحيحه

ورواه شهاب الدين أحمد بن حجر المكي وحكم بصحته بكلّ صراحة في ( المنح المكيّة شرح القصيدة الهمزية )، بشرح قوله:

« علي صنو النبيّ ومن دين فؤادي وداده والولاء ».

قال: « وذلك عملاً بما صحّ عنه - صلّى الله عليه وسلّم - وهو: اللّهم والِ من ولاه وعادِ من عاداه. وإنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

__________________

(١). كشف الظنون ٢ / ٩٧٨.

(٢). السيرة الدحلانية - مقدمة الكتاب ١ / ٧ - المقدّمة.

٢٢٤

ترجمة ابن حجر المكي

وابن حجر المكي من أعاظم الأثبات المعتبرين عندهم:

١ - الشعراني: « ومنهم - الشيخ الإمام العلّامة المحقق الصالح الورع الزاهد الخاشع الناسك الشيخ شهاب الدين ابن حجر نزيل الحرم المكّي -رضي‌الله‌عنه -. أخذ العلم عن مشايخ الإسلام بمصر، وأجازوه بالفتوى والتدريس، وأفتى بجامع الأزهر والحجاز، وانتفع به خلائق وهو مفتي الحجاز الآن، يصدرون كلّهم إلّا عن قوله، وله أعمال عظيمة في الليل، لا يكاد يطّلع عليها إلّا من خلى من الحسد من صغره إلى الآن »(١). .

٢ - الخفاجي: « العلّامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي، نزيل مكة، شرّفها الله، علّامة الدهر خصوصاً الحجاز، فإذا نشرت حلل الفضل فهو طراز الطراز. فكم حجّت وفود الفضلاء لكعبته، وتوجّهت وجوه الطلب إلى قبلته، إنْ حدّث عن الفقه والحديث لم تتقرط الأذان بمثل أخباره في القديم والحديث »(٢). .

٣ - العيدروس اليمني: « الشّيخ الإمام شيخ الإسلام خاتمة أهل الفتيا والتدريس، ناشر علوم الإمام محمّد بن إدريس، الحافظ شهاب الدين وكان بحراً في علم الفقه وتحقيقه لا تكدّره الدّلاء، وإمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون وانعقدت عليه خناصر الملأ، إمام اقتدت به الأئمّة وهمام صار في إقليم الحجاز اُمة برع في علومٍ كثيرة من التفسير

__________________

(١). لواقح الأنوار. الباب الأوّل من القسم الثالث.

(٢). ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥.

٢٢٥

والحديث وعلم الكلام واُصول الفقه وفروعه والفرائض والحساب والنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والتصوّف »(١). .

٤ - الشرقاوي: « العلّامة المحقّق الناسك الخاشع الزاهد السّمح شهاب الدين ابن حجر، نزيل مكة المشرفة، أخذرضي‌الله‌عنه العلم عن جماعةٍ من مشايخ الإسلام بمصر، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فدرّس وأفتى بالجامع الأزهر والحجاز، وانتفع به خلائق كثيرة، وصنف عدّة كتب نافعة محرّرة في الفقه والاُصول »(٢) .

هذا، وقد رووا كتب ابن حجر المكي بأسانيدهم، واعتمدوا عليها ونقلوا عنها في مؤلّفاتهم، واستندوا إلى آرائه في بحوثهم، ولا حاجة إلى إيراد شيء من ذلك بعد ثبوت الأمر ووضوحه

(٤٧)

رواية علي المتقي الهندي

ورواه الشيخ علي بن حسام الدين المتقي الهندي بطرقٍ متعددة في كتابه ( كنز العمال ) الذي رتّب فيه كتاب ( جمع الجوامع للسيوطي ) ففيه: « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمنٍ بعدي. ت ك عن عمران بن حصين»(٣) .

« دعوا علياً، دعوا علياً، دعوا علياً، إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ

__________________

(١). النور السافر في أعيان القرن العاشر: ٢٨٧.

(٢). التحفة البهية في طبقات الشافعيّة.

(٣). كنز العمال ١١ / ٥٩٩ رقم: ٣٢٨٨٣.

٢٢٦

مؤمنٍ بعدي. حم عن عمران بن حصين »(١). .

« يا بريدة، إنّ علياً وليّكم بعدي، فأحبّ علياً فإنّه يفعل ما يؤمر.

الديلمي عن علي »(٢). .

ورواه في ( منتخب كنز العمال ) في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي. ت ك‍ عن عمران بن حصين »(٣). .

« سألت الله - يا علي - فيك خمساً، فمنعني واحدةً وأعطاني أربعاً، سألت الله أن يجمع عليك اُمّتي فأبى عليَّ، وأعطاني فيك أنّ أوّل من تنشقُّ عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي معك لواء الحمد وأنت تحمله بين يديَّ، تسبق به الأوّلين والآخرين، وأعطاني أنك ولي المؤمنين بعدي. الخطيب والرافعي، عن علي »(٤). .

ترجمة المتقي الهندي

والمتّقي الهندي، من كبار علماء أهل السنّة في الهند، في الفقه والحديث، حتى لقد أفرد بعضهم ترجمته بكتاب مفرد، وتجد الثناء عليه في:

__________________

(١). المصدر ١١ / ٦٠٨ رقم: ٣٢٩٤.

(٢). المصدر ١١ / ٦١٢ رقم: ٣٢٩٦٣.

(٣). منتخب كنز العمّال. ط هامش مسند أحمد ٥ / ٣٠، ٣٥.

(٤). كنز العمال ١١ / ٦٢٥ رقم: ٣٣٠٤٧.

٢٢٧

١ - النور السّافر: ٣١٤.

٢ - سبحة المرجان: ٤٣.

٣ - شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩.

٤ - نزهة الخواطر ٤ / ٢٣٤.

(٤٨)

رواية العيدروس اليمني

ورواه شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني بقوله:

« أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي »(١). .

ترجمة العيدروس

وترجم له عبد القادر بن شيخ بن عبد الله قال: « وفي ليلة السبت لخمس وعشرين خلت من رمضان سنة تسعين، توفي الشيخ الكبير والعلم الشهير القطب العارف بالله شيخ بن عبد الله العيدروس بأحمدآباد، ودفن بها في صحن داره، وعليه قبّة عظيمة، وكان مولده سنة ٩١٩ بتريم، ولفضلاء الآفاق فيه جملة مستكثرة من المراثي، حتى أني لم أر أحداً رثي بهذا القدر، وكان مدة إقامته بالهند ٣٢ سنة، لأنّه دخلها سنة ٩٥٨.

__________________

(١). العقد النبوي والسرّ المصطفوي - مخطوط.

٢٢٨

وكان شيخاً كاسمه كما قال بعض الصلحاء في وصفه، ولقد صار - بحمد الله - شيخ زمانه باتّفاق عارفي وقته. وروي عن الشيخ الكبير والعلم الشهير أبي بكر ابن سالم باعلوي أنه كان يقول: ما أحد من آل باعلوي أوّلهم وآخرهم أعطي مثله. وروي مثل ذلك عن الولي العلّامة عبد الله بن عبد الرحمن الشهير بالنحوي باعلوي وزاد: والله ما هو إلّا آية اليوم، فهو عديم النظير.

ومن شيوخه: شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي المصري، والفقيه الصالح العلّامة عبد الله بن أحمد باقشير الحضرمي. وله من كلٍّ منهما إجازة، في جماعةٍ آخرين يكثر عددهم. واجتمع بالعلّامة الربيع بزبيد.

وأمّا مقروّاته فكثيرة جداً. ومن تصانيفه: العقد النبوي والسرّ المصطفوي، والفوز والبشرى، وشرحان على القصيدة المسمّاة: تحفة المريد

ومناقبه وكراماته ليس هذا محلّها، وقد أفردها غير واحدٍ من العلماء بالتّصنيف »(١) .

(٤٩)

رواية ميرزا مخدوم صاحب النواقض

ورواه عبّاس الشهير بميرزا مخدوم بن معين الدين في كتابه ( النواقض )

__________________

(١). النور السافر: ٣٢٧. ملخصاً.

٢٢٩

عن الترمذي عن عمران بن حصين، قال: « بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة »(١). .

كتاب النواقض

وكتاب النواقض هذا من أشهر كتب القوم في الردّ على الإماميّة، قد ذكره كاشف الظنون بقوله: « نواقض على الرّوافض للشّريف ميرزا مخدوم بن مير عبد الباقي من ذريّة السيّد الشريف الجرجاني، المتوفى في حدود سنة ٩٥٥ بمكة المشرفة. ذكر فيه تزييف مذهب الروافض وتقبيحه »(٢). .

وقد أخذ منه بعض من تأخّر عنه ونسج على منواله كالبرزنجي في ( نواقض الروافض ) والسهارنفوري في ( مرافض الروافض ) بل الأوّل منهما مختصر من ( النواقض ) كما صرّح البرزنجي في مقدمته، وقد ترجم المرادي للبرزنجي في كتاب ( سلك الدرر ) وقال في نهايتها: « وبالجملة فقد كان من أفراد العالم علماً وعملاً. وكانت وفاته في غرة محرّم سنة ١١٠٣ ودفن بالمدينة »(٣). .

(٥٠)

رواية الوصّابي اليمني

ورواه إبراهيم بن عبد الله الوصّابي اليمني بطرق متعددة عن أساطين

__________________

(١). النواقض. الفرع الثاني من الفصل الأول.

(٢). كشف الظنون

(٣). سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ٣ / ٦٥ - ٦٦.

٢٣٠

المحدثين في باب عنونه بقوله « الباب العاشر فيما جاء من الأخبار بأنّه وليّ كلّ مؤمنٍ بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من كنت مولاه فعليّ مولاه، وأنّه لا يجوز الصّراط إلّا من كان معه براءة بولاية علي، مع فضائل متفرقة خصّه الله تعالى بها، رضي الله تعالى عنه » فقال:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، واستعمل عليها علياً، فمضى على السرية، فأصاب جاريةً من السّبي، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قالوا: إذا لقينا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أخبرناه بما صنع علي. قال عمران: وكان المسلمون إذ قدموا من بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وسلّموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم.

فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه. ثم قام الثاني فقال مثل مقالته، فأعرض عنه. ثم قام الثالث فقال مثل مقالتهما، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ - ثلاثاً - إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، و أخرجه الإِمام أحمد في مسنده وقال فيه: فأقبل رسول الله على الرابع - وقد تغيّر وجهه - فقال: دعوا علياً، علي منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

ورواه عن بريدة بن الحصيب قال:

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - في رواية اُخرى: إنّ خالد بن الوليد قال: اغتنمها يا بريدة فأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما صنع، فقدمت ودخلت المسجد ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في منزلٍ وناس من أصحابه على بابه،

٢٣١

فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خيراً، فتح الله على المسلمين، فقالوا: ما أقدمك؟ فقلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.

قالوا: فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإنّه سيسقط من عينه، ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يسمع الكلام. فخرج مغضباً فقال: ما بال القوم ينتقصون علياً، من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن فارق عليّاً فقد فارقني، إنّ علياً منّي وأنا منه، خلق من طينتي، وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

يا بريدة، أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وإنّه وليّكم بعدي.

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وابن أسبوع الأندلسي في الشفاء ».

قال:

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - قال قال لي رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: يا بريدة، إنّ علياً وليّكم بعدي، فأحبَّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به.

أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ».

قال:

« وعن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إنّ علياً مني وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة ».

« وعنه -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله: دعوا علياً - ثلاثاً - إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الإِمام أحمد في مسنده ».

٢٣٢

قال:

« عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لبريدة: إنّ عليّاً وليّكم بعدي، فأحبّ عليّاً فإنّه يفعل ما يؤمر به أخرجه الحاكم في المستدرك، والضّياء في المختارة ».

قال:

« وعن أبي ذر الغفاري -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - عليّ منّي وأنا من علي، وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، وحبّه إيمان وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة.

أخرجه الديلمي في مسند الفردوس »(١). .

الوصابي وكتابه

وإبراهيم بن عبد الله الوصّابي من علماء أهل السنّة المتعمدين، عدّه العجيلي في ( ذخيرة المآل ) من أجلّة العلماء، ووصفه المولوي حسن زمان في ( القول المستحسن ) لدى النقل عن كتابه بـ « الشّيخ المحدّث »، كما نقل عنه العجيلي في كتابه المذكور، والشيخ محمد محبوب عالم في ( تفسيره ) وكذا ( الدهلوي ) وتلميذه الرشيد وستطّلع على ذلك في مجلّد حديث التشبيه.

وقد ترجم له في ( معجم المؤلفين ١ / ٥٦ ) وذكر كتابه المذكور.

(٥١)

رواية الحافي الحسيني الشّافعي

ورواه أحمد بن محمد بن أحمد الحافي الحسيني الشافعي ضمن

__________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب. الباب الرابع - مخطوط.

٢٣٣

فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: « روى الإِمام أحمد في المسند عن بريدة، وفي كتاب فضائل علي، ورواه أكثر المحدثين: إن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - بعث خالد بن وليد في سرية وبعث عليّاً في سرية اُخرى، وكلاهما إلى اليمن وقال: إنْ اجتمعتما فعلي على الناس، وإنْ افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على جنده. فاجتمعا وأغارا وسبيا نساء وأخذا أموالاً وقتلا ناساً، وأخذ علي جاريةً فاختصّها لنفسه. فقال خالد لأربعة من المسلمين - منهم بريدة الأسلمي - إسبقوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاذكروا له كذا، واذكروا له كذا - الاُمور عدّدها على علي - فسبقوا إليه.

فجاء واحد من جانبه فقال: إن علياً فعل كذا. فأعرض عنه. فجاء الآخر من الجانب الآخر فقال: إنّ علياً فعل كذا، فأعرض عنه. فجاء بريدة الأسلمي فقال: يا رسول الله: إنّ علياً فعل كذا، وأخذ جاريةً لنفسه. فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى احمرّ وجهه فقال: دعوا لي علياً - يكرّرها - إنّ علياً منّي وأما من علي، وإنَّ حظّه من الخمس أكثر ممّا أخذ، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١) .

ترجمة الحافي

وهذا الكتاب ذكره له صاحب ( إيضاح المكنون ) ولم يؤرّخ وفاته.

ثم أنه وصفه بـ « الشيعي » ولعلّه لِما رأى في كتابه من فضائل مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإلّا فإنّه ليس من الشّيعة الإِماميّة الأثني عشريّة لأنّهم لا يرون فضيلةً لأولئك الذين ذكرهم الحافي في هذا الكتاب.

__________________

(١). التبر المذاب في ترتيب الأصحاب. ترجمة أمير المؤمنين.

٢٣٤

(٥٢)

رواية الجمال المحدّث الشّيرازي

ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، قال:

« الحديث الثالث عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية وأمّر عليهم علياً، فصنع علي شيئاً أنكروه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله لنخبرنّه به، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. قال: فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله، فقام أحد من الأربعة فقال:

يا رسول الله ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب من وجهه فقال: ما تريدون من علي؟! علي منّي وأنا منه وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي ».

وقال بعد ذكر حديث الغدير برواية الإِمام الصادقعليه‌السلام المشتملة على شعر حسان: « ورواه أبو سعيد الخدري، وفيه الاستشهاد بالشعر المذكور، وفيه من التاريخ وزيادة البيان ما لم يرو عن غيره. فقال: لـمّا نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم بغدير خم - يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة - دعا الناس إلى علي، فأخذ بضبعيه فرفعهما، حتى نظر الناس إلى بياض إبط رسول الله فقال:

الله أكبر الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضي الربّ برسالتي، والولاية لعلي من بعدي، من كنت مولاه فعليّ مولاه »(١). .

__________________

(١). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - الحديث الثالث.

٢٣٥

ترجمة جمال الدين الشيرازي

فهذا جمال الدين شيخ إجازة ( الدهلوي )، يروي هذا الحديث في كتاب ( الأربعين ) الذي نصَّ في خطبته على جمعها من الكتب المعتبرة. وقد ذكرنا مناقبه ومآثره في مجلّد ( حديث الغدير )، ومجلّد ( حديث التّشبيه ).

(٥٣)

رواية علي بن سلطان القاري

ورواه علي بن سلطان محمد الهروي القاري في فضائل الإِمام من شرح المشكاة حيث قال:

« في الرياض، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سريةً واستعمل عليها عليّاً. قال: فمضى على السريةً فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أخبرناه بما صنع علي. فقال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدؤا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا.

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه -

٢٣٦

فقال: ما تريدون من علي؟ ثلاثاً. إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب.

وأخرجه أحمد وقال فيه: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع - وقد تغيّر وجهه - فقال: دعوا علياً، علي منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

وله طريق آخر عن بريدة.

وأصله في صحيح البخاري »(١). .

دفاع القاري عن عمر بن سعد

هذا، والقاري من المتعصّبين المتحاملين على أهل البيت الطاهرين، حتّى جعل يدافع عن عمر بن سعد اللعين فقال: « قال ابن معين في عمر بن سعد: كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟ إنتهى. أقول: رحم الله من أنصف، والعجب ممن يخرّج حديثه في كتبهم مع علمهم بحاله. تم كلام ميرك.

وفيه: إنّه قد يقال: إنه لم يباشر لقتله، ولعل حضوره مع العسكر كان بالرأي والإِجتهاد، وربما حسن حاله وطاب مآله، ومن الذي سلم من صدور معصية عنه وظهور زلّة منه، فلو فتح الباب أشكل الأمر على ذوي الألباب »(٢). .

هذا، ولا يخفى الاضطراب في كلامه، فهو في حين تجويزه حضوره مع العسكر بالرأي والإِجتهاد يقول: « وربما حسن حاله وطاب مآله ».

__________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٨١.

(٢). المرقاة. كتاب الجنائز، الفصل الثاني من باب البكاء على الميت ٢ / ٣٩١.

٢٣٧

ترجمة القاري

ومع هذا التعصّب القبيح الذي رأيت، وكذا ما صدر منه في حقّ والدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما سترى، فقد وصفه القوم في تراجمهم إيّاه بأعلى صفات المدح وأثنوا عليه غاية الثناء، فقد قال المحبّي بترجمته:

« علي بن محمد سلطان الهروي المعروف بالقاري، الحنفي، نزيل مكة، وأحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق وتنقيح العبارات. وشهرته كافية عن الإِطراء في وصفه.

ولد بهراة ورحل إلى مكة وتدبّرها، وأخذ بها عن الاُستاذ أبي الحسن البكري، والسيد زكريا الحسيني، والشهاب أحمد بن حجر الهيتمي، والشيخ أحمد المصري تلميذ القاضي زكريا، والشيخ عبد الله السّندي، والعلّامة قطب الدين المكي، وغيرهم.

واشتهر ذكره وطار صيته.

وألّف التآليف الكبيرة اللطيفة التأدية، المحتوية على الفوائد الجليلة، منها شرحه على المشكاة في مجلّدات وهو أكبرها وأجلّها، وشرح الشفاء، وشرح الشمائل، وشرح النخبة، وشرح الشاطبية، وشرح الجزرية، ولخّص من القاموس مواد وسمّاه الناموس، وله الأثمار الجنية في أسماء الحنفية، وشرح ثلاثيّات البخاري، ونزهة الخاطر الفاتر في ترجمة الشيخ عبد القادر.

لكنّه امتحن بالإِعتراض على الأئمة، لا سيّما الشافعي وأصحابه، واعترض على الإِمام مالك في إرسال اليد في الصلاة، وألّف في ذلك رسالةً فانتدب لجوابه الشيخ محمّد مكين وألف رسالة جواباً له في جميع ما قاله، وردّ عليه اعتراضاته.

وأعجب من ذلك ما نقله عنه السيّد محمد بن عبد الرسول البرزنجي

٢٣٨

الحسيني في كتابه سداد الدين في إثبات النجاة في الدرجات للوالدين: أنّه شرح الفقه الأكبر المنسوب إلى الإِمام أبي حنيفة، وتعدّى فيه طوره في الإِساءة في حق الوالدين، ثم إنّه ما كفاه ذلك حتى ألّف فيه رسالةً، وقال في شرحه للشفاء - متبجّحاً ومفتخراً بذلك - إني ألّفت في كفرهما رسالة. فليته إذ لم يراع حقّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حيث آذاه بذلك، كان استحيا من ذكر ذلك في شرح الشفاء الموضوع لبيان شرف المصطفى - صلّى الله عليه وسلّم -. وقد عاب الناس على صاحب الشّفا ذكره فيه عدم مفروضيّة الصلاة عليه - صلّى الله عليه وسلّم - في الصّلاة، وادّعاء تفرّد الشافعي بذلك، بأنّ هذه المسألة ليست من موضوع كتابه.

وقد قيّض الله تعالى الإِمام عبد القادر الطبري للردّ على القاري، فألّف رسالةً أغلظ فيها في الردّ عليه.

وبالجملة، فقد صدر منه أمثال ذلك، وكان غنيّاً عنه أنْ تصدر منه، ولولاها لاشتهرت مؤلفاته، بحيث ملأت الدنيا، لكثرة فائدتها وحسن انسجامها.

وكانت وفاته بمكة في شوال سنة ١٠١٤ ودفن بالمعلّاة. ولمـّا بلغ خبر وفاته علماء مصر صلّوا عليه بجامع الأزهر صلاة الغيبة، في مجمعٍ حافل يجمع أربعة آلاف نسمة فأكثر »(١). .

(٥٤)

رواية المنّاوي

ورواه عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي المنّاوي الشافعي عن الديلمي في الفردوس قائلاً:

__________________

(١). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ١٨٥.

٢٣٩

« يا بريدة، إن عليّاً وليّكم من بعدي. فر »(١). .

ورواه مرةً اُخرى عن الطّيالسي فقال:

« يا علي، أنت وليّ كلّ مؤمنٍ من بعدي. طيا »(٢). .

ترجمة المناوي

وقد قال المحبّي بترجمة المناوي ما ملخّصه:

« عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زيد العابدين الملقب زين الدين الحدادي ثم المناوي القاهري الشافعي - وقد تقدم ذكر تتمة نسبه في ترجمة ابنه زين العابدين - الإمام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب.

وكان إماماً، فاضلاً، زاهداً، عابداً، قانتاً لله، خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرّباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلةٍ واحدة من الطعام، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحدٍ ممّن عاصره.

وانقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزلٍ، وأقبل على التأليف، فصنّف في غالب العلوم، ثم وليّ تدريس المدرسة الصّالحية، فحسده أهل عصره، وكانوا لا يعرفون مزيّة علمه لانزوائه عنهم، ولمـّا حضر الدرس فيها ردّ عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، وشرع في قراءة مختصر المزني، ونصب الجدل في المذاهبٍ، وأتى في تقريره بما لم يسمع من غيره، فأذعنوا لفضله، وصار أجلّاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه منهم خلق كثير.

__________________

(١). كنوز الحقائق من أخبار خير الخلائق - هامش الجامع الصغير:

(٢). نفس المصدر:

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

التختم في اليمين ، ولما كان ذلك شعار أهل البدعة والظلمة ، صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا.

(راجع ما أورده العلامة الأميني في الغدير ، ج ١٠ ص ٢١١)

٦٧٢ ـ صلاة إحدى وخمسين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٥)

ويقصد بها الصلوات المشرعة في كل يوم : الفرائض والنوافل. فالفرائض ١٧ ركعة ، والنوافل في المذهب الجعفري : ركعتان قبل صلاة الصبح ، وثمان ركعات قبل صلاة الظهر ، وثمان قبل صلاة العصر ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان من جلوس بعد صلاة العشاء تحسبان بركعة. فمجموع هذه النوافل ٢٣ ركعة ، يضاف إليها ١١ ركعة صلاة الليل ، فيكون مجموع النوافل اليومية ٣٤ ركعة.وبإضافتها إلى الفرائض يصبح المجموع ٥١ ركعة. وهذا مما اختص به الإمامية ، فإن أهل السنة وإن وافقوهم على عدد الفرائض ، إلا أنهم خالفوهم في عدد النوافل.

٦٧٣ ـ الجهر ب (بسم الله الرحمن الرحيم):

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٧)

الثالث مما ذكر الحديث : (الجهر بالبسملة). وإن الإمامية تديّنوا إلى الله تعالى به ؛ وجوبا في الصلاة الجهرية ، واستحبابا في الصلاة الإخفاتية ، تمسّكا بأحاديث أئمتهمعليه‌السلام . وفي ذلك يقول الفخر الرازي : ذهبت الشيعة إلى أن من السنّة الجهر بالتسمية في الصلاة الجهرية والإخفاتية ، وجمهور الفقهاء يخالفونهم. وقد ثبت بالتواتر أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام كان يجهر بالتسمية ، ومن اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى ، والدليل عليه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«اللهم أدر الحقّ معه كيفما دار»(١) .

وكلمة الرازي هذه لم يهضمها أبو الثناء الآلوسي ، فتعقبها بقوله : لو عمل أحد بجميع ما يزعمون تواتره عن الأمير كفر ، فليس إلا الإيمان ببعض والكفر ببعض.وما ذكره من أن من اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى مسلّم ، لكن إن سلم لنا خبر ما كان عليه عليعليه‌السلام ودونه مهامه فيح(٢) .

__________________

(١) مفاتيح الغيب ، ج ١ ص ١٠٧.

(٢) روح المعاني للآلوسي ، ج ١ ص ٤٧.

٥٦١

٦٧٤ ـ تعفير الجبين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٩)

الرابع مما ذكره الحديث : (تعفير الجبين) ، والتعفير في اللغة : هو وضع الشيء على العفر ، وهو التراب. والمقصود بالجبين هنا : الجبهة. فيكون المعنى : أن الشيعة التزمت بالسجود على الأرض والتراب دون المأكول والملبوس.

أو إن المعنى استحباب تعفير الجبين بعد الصلاة في سجدة الشكر ، كما ذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) ، اقتداء بما كان يفعله الإمام عليعليه‌السلام بعد كل صلاة من تعفير جبهته وجبينه بالتراب ، تذللا وخضوعا لله تعالى ، حتى سمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبا تراب.

وقد ورد تعفير الخدين في سجدة الشكر ، وبه استحق موسىعليه‌السلام الزلفى من المناجاة.

أما السنّة فقد كره بعضهم سجدة الشكر بعد الصلاة ، فضلا عن تعفير الجبين!.

٦٧٥ ـ زيارة الأربعين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٣ و ٤٨٠)

المقصود من هذه الشعيرة ، تلك العادة المطّردة التي اتخذها الموالون لأهل البيتعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام كل عام في يوم الأربعين (وهو العشرون من صفر) لإقامة العزاء عليه. فمن علامة الإيمان والولاء للدين ولسيد شباب أهل الجنةعليه‌السلام المثول في يوم الأربعين من شهادة الحسينعليه‌السلام عند قبره الأطهر لإقامة المأتم عليه ، وتجديد العهد بما جرى عليه وعلى صحبه وأهل بيته من الفوادح.

يقول مولانا الأجل العلامة المجتهد السيد علي مكي حفظه الله : لماذا كانت زيارة الأربعين علامة المؤمن؟. نلاحظ أن هناك زيارات كثيرة للحسينعليه‌السلام في أوقات مختلفة [مثل : يوم عاشوراء ـ يوم عيد الأضحى ـ يوم عرفة ـ النصف من شعبان ـ النصف من رجب ـ كل ليلة جمعة] يزار بها الحسينعليه‌السلام خاصة ؛ فلماذا التأكيد على زيارة الحسينعليه‌السلام .

السبب في ذلك أن الحسينعليه‌السلام وهب نفسه لله ، فأصبح عنوانا للدين ، وزيارته هي لإحياء شعائر الدين. هذه الزيارات تذكّرنا بيوم الطف ، وبمظلومية أهل البيتعليه‌السلام ، وأن الحسينعليه‌السلام أنقذ الدين من الجاهلية. تعلّمنا أن ننصر الحق دائما ، ونردع أنفسنا عن المعاصي ، كما أنها مناسبة حيّة ليتدارس المؤمنون فيها أوضاعهم.

٥٦٢

لهذا ذكر صاحب (الجواهر) : أن زيارة الحسينعليه‌السلام تكاد تكون من ضروريات الدين ، لأن هذه الزيارة سبب لاستمراريتنا في الإلتزام بأحكام الدين.

وهنا يطرح سؤال أساسي : لماذا كانت زيارة الحسينعليه‌السلام يوم الأربعين

من شهادتهعليه‌السلام ، وليس قبل ذلك اليوم أو بعده؟. فما هي خاصة يوم الأربعين ، الّذي اتّخذ فيما بعد عادة بالنسبة لكل الموتى؟.

(أقول) : لقد ورد في الحديث : أنه إذا مات المؤمن ، يبكي عليه كل شيء والملائكة أربعين يوما. وبالطبع يكون بكاؤهم عليه وترحمهم في آخر يوم منها أشدّ ما يمكن ، وهو يوم الأربعين ، فتكون إقامة مراسم الحزن والعزاء على المؤمن يوم الأربعين ، مشاركة منا للملائكة والملأ الأعلى في حزنهم وأساهم وترحمهم عليه.

خبر الرباب زوجة الحسينعليه‌السلام

٦٧٦ ـ وفاء الرباب لزوجها الحسينعليه‌السلام :

الرباب هي بنت امرئ القيس الكلبي ، وقد ذكرنا شيئا عن إخلاصها سابقا ، كما ذكرنا كيف أنه لما وضع رأس الحسينعليه‌السلام في مجلس عبيد الله بن زياد ، لم تتمالك نفسها أن هجمت على الرأس وحملته واحتضنته وأخذت تقبّله وتنعيه. ومن معالم إخلاصها هنا أن السبايا لما انصرفن من كربلاء إلى المدينة ، أبت هذه الحرة الذهاب معهم ، بل آثرت أن تظل عند قبر زوجها الحسينعليه‌السلام هائمة تبكي عليه وترثيه ، حتى مضت عليها سنة كاملة ، وأبت أن تستظل بظل ، فضربت بذلك لذوات الحجال ، مثالا رائعا من الوفاء والإخلاص أي مثال.

٦٧٧ ـ محبة الحسينعليه‌السلام للرباب وإخلاصها له :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي في تذكرته : وكان في السبايا الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبي ، زوجة الحسينعليه‌السلام ، وهي أم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام . وكان الحسينعليه‌السلام يحبها حبا شديدا ، وله فيها أشعار منها :

لعمرك إنني لأحبّ دارا

تحلّ بها سكينة والرباب

أحبّهما وأبذل فوق جهدي

وليس لعاذل عندي عتاب

وليس لهم وإن عتبوا مطيعا

حياتي أو يغيّبني التراب

٥٦٣

٦٧٨ ـ إقامة الرباب العزاء على الحسينعليه‌السلام سنة كاملة :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٨)

وفي (كامل التواريخ) : إن الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسينعليه‌السلام أقامت على قبر الحسينعليه‌السلام سنة كاملة ، ثم عادت إلى المدينة. وخطبها الأشراف فقالت : لا والله ما كنت لأتّخذ حموا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولم تزل تبكي بعد الحسينعليه‌السلام ليلها ونهارها ، وبقيت لم يظلها سقف ، وتجلس في حرارة الشمس ، حتى ماتت كمدا ، رضوان الله عليها.

وكانت ترثي الحسينعليه‌السلام ، ولها هذه الأبيات :

إن الّذي كان نورا يستضاء به

بكربلاء قتيل غير مدفون

سبط النبي جزاك الله صالحة

عنا وجنّبت خسران الموازين

قد كنت لي جبلا صعبا ألوذ به

وكنت تصحبنا بالرّحم والدين

من لليتامى ومن للسائلين ومن

يعني ويأوي إليه كلّ مسكين

والله لا أبتغي صهرا بصهركم

حتى أغيّب بين الرمل والطين

ترجمة الرباب زوجة الحسينعليه‌السلام

(الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ، ج ٨ ص ١٥٨)

الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية : كانت من خيار النساء وأفضلهن. وفي (نسمة السحر) : كانت من خيار النساء جمالا

وأدبا وعقلا. أسلم أبوها في خلافة عمر بن الخطاب ، وكان نصرانيا من عرب الشام ، ثم ولاه عمر على من أسلم بالشام من قضاعة.

وخطب منه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ابنته الرباب لابنه الحسينعليه‌السلام ، فولدت له سكينة عقيلة قريش ، وعبد الله بن الحسينعليه‌السلام ، قتل يوم الطف وأمه تنظر إليه. وقد بقيت الرباب سنة بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لم يظلها سقف بيت حزنا على الحسينعليه‌السلام حتى بليت وماتت كمدا عليه ، وذلك بعد شهادة الحسينعليه‌السلام بسنة ، ودفنت بالمدينة.

٥٦٤

رجوع السبايا إلى المدينة المنوّرة

٦٧٩ ـ ارتحال آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كربلاء إلى المدينة :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٣)

ثم انفصل [السبايا] من كربلاء طالبين المدينة.

قال بشير بن جذلم : فلما قربنا منها ، نزل علي بن الحسينعليه‌السلام فحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه.

وقال زين العابدينعليه‌السلام : يا بشير رحم الله أباك ، لقد كان شاعرا ، فهل تقدر على شيء منه؟. قال : بلى يابن رسول الله إني شاعر. فقالعليه‌السلام : ادخل المدينة وانع أبا عبد اللهعليه‌السلام .

٦٨٠ ـ بشير بن جذلم يدخل المدينة وينعى الحسينعليه‌السلام :

(المصدر نفسه)

قال بشير : فركبت فرسي وركضت ، حتى دخلت المدينة. فلما بلغت مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفعت صوتي بالبكاء ، وأنشأت أقول :

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرّج

والرأس منه على القناة يدار

(قال) ثم قلت : هذا علي بن الحسينعليه‌السلام مع عماته وأخواته ، قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله إليكم أعرّفكم مكانه.

قال : فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلا برزن من خدورهن ، مكشوفة شعورهن ، مخمشة وجوههن ، ضاربات خدودهن ، يدعون بالويل والثبور. فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ، ولا يوما أمرّ

على المسلمين منه.

٦٨١ ـ جارية تنوح على الحسينعليه‌السلام :(المصدر نفسه)

قال بشير : وسمعت جارية تنوح على الحسينعليه‌السلام فتقول :

نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا

وأمرضني ناع نعاه فأفجعا

فعينيّ جودا بالدموع واسكبا

وجودا بدمع بعد دمعكما معا

على من دهيعرش الجليل فزعزعا

فأصبح هذا المجد والدين أجدعا

على ابن نبي الله وابن وصيه

وإن كان عنا شاحط الدار أشثعا

٥٦٥

ثم قالت : أيها الناعي ، جدّدت حزننا بأبي عبد اللهعليه‌السلام ، وخدشت منا قروحا لمّا تندمل. فمن أنت رحمك الله؟.

فقلت : أنا بشير بن جذلم ، وجّهني مولاي علي بن الحسينعليه‌السلام ، وهو نازل في موضع كذا وكذا ، مع عيال أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ونسائه.

قال بشير : فتركوني مكاني وبادروني ، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم ، فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع. فنزلت عن فرسي ، وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط [أي خيمة زين العابدينعليه‌السلام ].

خطبة زين العابدينعليه‌السلام في أهل المدينة

وكان علي بن الحسينعليه‌السلام داخلا (الفسطاط) فخرج ، ومعه خرقة يمسح بها دموعه ، وخلفه خادم معه كرسي ، فوضعه له وجلس عليه ، وهو لا يتمالك عن العبرة. وارتفعت أصوات الناس بالبكاء ، وحنين النسوان والجواري ، والناس يعزّونه من كل ناحية. فضجّت تلك البقعة ضجّة شديدة.

٦٨٢ ـ خطبة الإمام زين العابدينعليه‌السلام في أهل المدينة :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٨٦)

فأومأ [الإمام زين العابدينعليه‌السلام ] إلى الناس أن اسكتوا ، فلما سكنت فورتهم قالعليه‌السلام :

الحمد لله ربّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدّين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الّذي بعد فارتفع في السموات العلى ، وقرب فشهد النجوى. نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع(١) ، وجليل الرّزء ، وعظيم المصائب ، الفاظعة الكاظّة ، الفادحة الجائحة(٢) .

أيها القوم ، إن الله تعالى ـ وله الحمد ـ ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام وعترته ، وسبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان ، من فوق عامل السنان(٣) . وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة.

__________________

(١) اللواذع : المصائب المحرقة الموجعة.

(٢) الجائحة : الشدة التي تستأصل المال وغيره.

(٣) السّنان : هو رأس الرمح ، وعامل السنان : ما يلي السنان.

٥٦٦

أيها الناس ، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله؟!. أم أي فؤاد لا يحزن من أجله؟. أم أية عين منكم تحبس دمعها ، وتضنّ عن انهمالها؟. فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسموات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السموات أجمعون.

أيها الناس ، أي قلب لا ينصدع لقتله؟!. أم أي فؤاد لا يحنّ إليه؟. أم أي سمع يسمع بهذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ؟.

أيها الناس ، أصبحنا مشردين مطرودين ، مذودين شاسعين عن الأمصار ، كأنا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها. ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلا اختلاق. والله لو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تفدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا. فإنا لله وإنا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظّها وأفظّها وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب ما أصابنا ، وما بلغ بنا ، فإنه عزيز ذو انتقام.

قال الراوي : فقام إليه صوحان بن صعصعة بن صوحان العبدي ، وكان زمنا ، فاعتذر إليه بما عنده من زمانة رجليه(١) . فأجابهعليه‌السلام بقول عذره وحسّن الظن فيه ، وشكر له وترحّم على أبيه.

دخول المدينة

٦٨٣ ـ حال المدينة عند دخول الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٤١٠)

في (الدمعة الساكبة)و (المعدن) وغيرهما ، عن بعض المقاتل : لما دخل زين العابدينعليه‌السلام المدينة ، بعدما رجعوا من كربلاء ، ومعه عماته وأخواته ، كان اليوم يوم الجمعة ، والخاطب يخطب.

فلما سمعن الهاشميات ، تجددت عليهن الأحزان والمصائب ، وارتفعت بالبكاء

__________________

(١) الزّمانة : مرض دائم مزمن.

٥٦٧

أصواتهن ، وشققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، ونشرن الشعور. فانقلبت المدينة بأهلها ، وحلّ فيها الرجف والزلازل ، لكثرة النوح والعويل ، من المهاجرين والأنصار. ولقد كان ذلك اليوم أشدّ من يوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان الوليد بن عتبة والي المدينة على المنبر ، فسمع الصياح ، فقال :

ما الخبر؟. قيل له : هذا صياح الهاشميات. وجرت دموعه على خديه ، ونزل عن المنبر ودخل منزله.

٦٨٤ ـ نعي أم كلثومعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين ، ص ٤٠٩ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٩٩ ط ٢)

وأما أم كلثوم [بنت الإمام عليعليه‌السلام ] ، فحين توجهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول :

مدينة جدّنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

ألا فاخبر رسول الله عنا

بأنا قد فجعنا في أخينا

وأن رجالنا في الطف صرعى

بلا روس وقد ذبحوا البنينا

وأخبر جدّنا أنا أسرنا

وبعد الأسر يا جدّ سبينا

ورهطك يا رسول الله أضحوا

عرايا بالطفوف مسلّبينا

وقد ذبحوا الحسين ولم يراعوا

جنابك يا رسول الله فينا

فلو نظرت عيونك للأسارى

على قتب الجمال محمّلينا

رسول الله بعد الصونصارت

عيون الناس ناظرة إلينا

وكنت تحوطنا حتى تولّت

عيونك ثارت الأعدا علينا

أفاطم لو نظرت إلى السبايا

بناتك في البلاد مشتّتينا

أفاطم لو نظرت إلى الحيارى

ولو أبصرت زين العابدينا

أفاطم لو رأيتينا سهارى

ومن سهر الليالي قد عمينا

أفاطم ما لقيت من عداك

ولا قيراط مما قد لقينا

فلو دامت حياتك لم تزالي

إلى يوم القيامة تندبينا

وعرّج بالبقيع وقف وناد

أأين حبيب ربّ العالمينا

وقل يا عمّ يا الحسن المزكّى

عيال أخيك أضحوا ضائعينا

أيا عماه إن أخاك أضحى

بعيدا عنك بالرمضا رهينا

٥٦٨

بلا رأس تنوح عليه جهرا

طيور والوحوش الموحشينا

ولو عاينت يا مولاي ساقوا

حريما لا يجدن لهم معينا

على متن النياق بلا وطاء

وشاهدت العيال مكشّفينا

* * *

مدينة جدّنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

خرجنا منك بالأهلين طرّا

رجعنا لا رجال ولا بنينا

وكنا في الخروج بجمع شمل

رجعنا حاسرين مسلّبينا

وكنا في أمان الله جهرا

رجعنا بالقطيعة خائفينا

ومولانا الحسين لنا أنيس

رجعنا والحسين به رهينا

ونحن السائرات على المطايا

نشال على جمال المبغضينا

ونحن بنات حيدرة وطه

ونحن الباكيات على أبينا

ونحن الطاهرات بلا خفاء

ونحن المخلصون المصطفونا

ونحن الصابرات على البلايا

ونحن الصادقون الناصحونا

ألا يا جدنا قتلوا حسينا

ولم يرعوا جناب الله فينا

ألا يا جدنا بلغت عدانا

مناها واشتفى الأعداء فينا

لقد هتكوا النساء وحمّلوها

على الأقتاب قهرا أجمعينا

وزينب أخرجوها من خباها

وفاطم واله تبدي الأنينا

سكينة تشتكي من حرّ وجد

تنادي الغوث ربّ العالمينا

وزين العابدين بقيد ذلّ

وراموا قتله أهل الخؤونا

فبعدهم على الدنيا تراب

فكأس الموت فيها قد سقينا

وهذي قصتي مع شرح حالي

ألا يا سامعون ابكوا علينا

٦٨٥ ـ حال زينب العقيلةعليه‌السلام :(وسيلة الدارين ، ص ٤١٠)

في (البحار) : وأما فخر المخدرات زينبعليه‌السلام ، فلما دخلت المدينة ، ووقع طرفها على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صرخت وبكت وأخذت بعضادتي باب المسجد ، ونادت : يا جداه ، إني ناعية إليك أخي الحسينعليه‌السلام . وهي مع ذلك لا تجفّ لها عبرة ، ولا تفتر من البكاء والنحيب. وكلما نظرت إلى علي ابن الحسينعليه‌السلام تجدد حزنها وزاد وجدها.

٥٦٩

٦٨٦ ـ منازل المدينة تنعى أهلها :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٨٥)

قال السيد في (اللهوف) : ثم إن علي بن الحسينعليه‌السلام دخل إلى المدينة بأهله وعياله ، ونظر إلى منازل قومه ورجاله ، فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها ، وتبوح بإعلان الدموع وإرسالها ، لفقد حماتها ورجالها ، وتندب عليهم ندب الثواكل ، وتسأل عنهم أهل المناهل ، وتهيّج أحزانه على مصارع قتلاه ، وتنادي لأجلهم وا ثكلاه ، وتقول : يا قومي اعذروني على النياحة والعويل ، وساعدوني على المصاب الجليل فلو كنتم هناك لشجاكم سماع تلك الواعية النازلة ، وعرفتم تقصيركم في هذه المصيبة الشاملة.

ولقد أحسن [ابن قتّة] وقد بكى على تلك المنازل حيث قال :

مررت على أبيات آل محمّد

فلم أر أمثالا لها يوم حلّت

فلا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت عنهم برغم تخلّت

وإن قتيل الطفّ من آل هاشم

أذلّ رقاب المسلمين فذلّت

ندب الحسينعليه‌السلام في المدينة

٦٨٧ ـ ندب الحسينعليه‌السلام في المدينة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٧ ط ٢)

قالوا : ولما دخل حرم الحسينعليه‌السلام المدينة ، عجّت نساء بني هاشم ، وصاحت المدينة صيحة واحدة.

قال الطريحي : مصاب أبكى فاطمة البتول ، وأحزن قلب المصطفى الرسول.مصاب بكت عليه السماء دما ، وأقيم له فوق الطباق مأتما.

فوا أسفاه على ما تجرّعوه من الحتوف ، ومرارات حرّ السيوف. أفيعذر أحد من ذوي الألباب ، في ترك الحزن والاكتئاب ، على جليل المصاب.

٦٨٨ ـ تعزية عبد الله بن جعفر رضي الله عنه :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦)

وجلس عبد الله بن جعفر للتعزية. فدخل عليه مولاه (أبو اللسلاس) ، فقال : هذا ما لقينا من الحسين!. فحذفه عبد الله بنعله ، وقال : يابن اللخناء ، أللحسين تقول

٥٧٠

هذا؟. والله لو شهدته لأحببت أن أقتل دونه ، وإني لأشكر الله الّذي وفّق ابنيّ عونا ومحمدا معه ، إذ لم أكن وفّقت.

٦٨٩ ـ خروج أم سلمة لاستقبال السبايا :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٣)

قال الراوي : فخرجت أم سلمة من الحجرة الطاهرة ، وفي إحدى يديها القارورة ، وقد صارت التربة فيها دما ، وقد أخذت بالأخرى يد فاطمة العليلة بنت الحسينعليه‌السلام . ثم رحلوا إلى المدينة.

٦٩٠ ـ ندب أم لقمان بنت عقيل رضي الله عنها :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٧ ط ٢ نجف)

قال أبو مخنف : فسمعت أم لقمان [زينب] بنت عقيل صراخ زينب وأم كلثومعليه‌السلام وباقي النسوة ، فخرجت حاسرة ومعها أترابها : أم هاني ورملة وأسماء بنات عليعليه‌السلام ، وهي تصيح : وا حسيناه!. وا إخوتاه!. وا أهلاه!.

وا محمداه!. ثم قالت :

ماذا تقولون إذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأولادي ، أما لكم

عهد ، أما أنتم توفون بالذمم

ذريّتي وبنو عمي بمضيعة

منهم أسارى وقتلى ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

٦٩١ ـ ندب فاطمة بنت عقيل رضي الله عنها :

(ينابيع المودة ، ج ٢ ص ١٥٦)

وقالت فاطمة بنت عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ترثيه :

عينيّ بكيّ بعبرة وعويل

واندبي إن ندبت آل الرسول

تسعة كلهم لصلب عليّ

قد أصيبوا وخمسة لعقيل

وأوردهما ابن عبد البر في (الإستيعاب).

٦٩٢ ـ حزن وحداد الهاشميات :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٥)

وفي (نفس المهموم) عن (دعائم الإسلام) عن جعفر الصادقعليه‌السلام أنه نيح على الحسين بن عليعليه‌السلام سنة كاملة كل يوم وليلة.

٥٧١

وفيه أيضا : أنه لما قتل الحسينعليه‌السلام لبست نساء بني هاشم السواد والمسوح ، نائحات الليل والنهار ، والإمام السجّاد يعمل لهن الطعام(١) .

وفي حديث الإمام الصادقعليه‌السلام : ما اختضبت هاشمية ولا ادّهنت ولا أجيل مرود [وهو الميل يكتحل به] في عين هاشمية خمس حجج [أي سنين] ، حتى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد.

٦٩٣ ـ بكاء الإمام السجّادعليه‌السلام على أبيه الحسينعليه‌السلام أربعين سنة :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٧)

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال :

كان زين العابدينعليه‌السلام بكى على أبيه أربعين سنة ، صائما نهاره قائما ليله ؛ فإذا أحضر الإفطار ، وجاء غلامه بطعامه وشرابه ، فيضعه بين يديه ، فيقول : كل يا مولاي ، فيقول : قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي ، حتى يبتلّ طعامه من دموعه ، ثم يمزج شرابه بدموعه. فلم يزل كذلك حتى لحق باللهعزوجل .

٦٩٤ ـ حزن الإمام زين العابدينعليه‌السلام على أبيه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٢٤)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : كان أبي زين العابدينعليه‌السلام علي بن الحسينعليه‌السلام إذا حضرت الصلاة ، يقشعرّ جلده ويصفرّ لونه ، وترتعد فرائصه ويقف شعره ، ويقول ودموعه تجري على خديه : لو علم العبد من يناجي ما انفتل [أي ما ترك الصلاة].

وبرز يوما إلى الصحراء ، فتبعه مولى له ، فوجده قد سجد على حجارة خشنة.قال مولاه : فوقفت حيث أسمع شهيقه وبكاءه ، فو الله لقد أحصيت عليه ألف مرة وهو يقول : " لا إله إلا الله حقّا حقا ، لا إله إلا الله تعبّدا ورقّا ، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا". ثم رفع رأسه من سجوده ، وإن لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه. فقال له مولاه : يا سيدي ، أما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقلّ؟!. فقال لهعليه‌السلام : ويحك إن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم كان نبيا ابن نبي وله اثنا عشر ابنا ، فغيّب الله تعالى واحدا منهم ، فشاب رأسه من الحزن ،

__________________

(١) محاسن البرقي ، ج ٢ ص ٤٢٠.

٥٧٢

واحدودب ظهره من الغم ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيّ في دار الدنيا. وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة وعشرين من أهل بيتي صرعى مقتولين ؛ فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي؟!.

ولقد نسب إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام هذه الأبيات :

نحن بنو المصطفى ذوو غصص

يجرّعها في الأنام كاظمنا

عظيمة في الأنام محنتنا

أوّلنا مبتلى وآخرنا

يفرح هذا الورى بعيدهم

ونحن أعيادنا مآتمنا

والناس في الأمن والسرور ولا

يأمن طول الزمان خائفنا

وما خصصنا به من الشرف

الطائل بين الأنام آفتنا

يحكم فينا ـ والحكم فيه لنا ـ

جاحدنا حقّنا وغاصبنا

٦٩٥ ـ أول من رثى الحسينعليه‌السلام شعرا على قبره الشريف :

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٥٤)

قال العلامة الأمين في (أعيان الشيعة) : وينبغي أن يكون أول من رثى الحسينعليه‌السلام سليمان بن قتّة العدوي التيمي مولى بني تيم بن مرة [توفي بدمشق سنة ١٢٦ ه‍] ، وكان سليمان منقطعا إلى بني هاشم. وقيل (قتّة) اسم أمه ، وأما أبوه فاسمه حبيب المحاربي ، وهو تابعي مشهور.

٦٩٦ ـ قصيدة سليمان بن قتّة في رثاء الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٣٠١)

مرّ سليمان بن قتّة بكربلاء بعد مقتل الحسينعليه‌السلام بثلاثة أيام ، فنظر إلى مصارع الشهداء ، واتكأ على فرس له عربية ، وأنشأ يقول :

مررت على أبيات آل محمّد

فلم أرها أمثالها يوم حلّت

وكانوا لنا غنما فصاروا رزيّة

لقد عظمت تلك الرزايا فجلّت

فلا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت منهم برغم تخلّت

إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها

وتقتلنا قيس إذا النّعل زلّت

وعند غنيّ. قطرة من دمائنا

سنطلبهم يوما بها حيث ولّت

ألم تر أن الشمس أضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد اقشعرّت

وقد أعولت تبكي السماء لفقده

وأنجمها ناحت عليه وصلّت

٥٧٣

وإن قتيل الطفّ من آل هاشم

أذلّ رقاب المسلمين فذلّت

فإن تبتغوه عائذ البيت تفضحوا

كعاد تعمّت عن هداها فضلّت

وهذه الأبيات ذكرها العلامة المجلسي في (البحار) ، كما ذكرها أبو الفرج الإصفهاني في (مقاتل الطالبيين) ، وكذلك ابن شهر اشوب والخوارزمي ، فراجع.

٥٧٤

الفصل الحادي والثلاثون

مراقد الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام وتراجمهم

يتضمن هذا الفصل المواضيع التالية :

(١) ـ مرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء :

ـ ما جاء حول القبر الشريف

ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام

ـ فضل تربة الحسينعليه‌السلام ـ فضل السجود على التربة الحسينية

ـ الحائر الحسيني

ـ الحرم الحسيني

ـ مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام والكتابات المدوّنة عليه

ـ عمارة قبر الحسينعليه‌السلام :

ـ العمارة الأولى :

ـ هدم الرشيد لقبر الحسينعليه‌السلام

ـ العمارة الثانية : عمارة المأمون

ـ هدم المتوكل لقبر الحسينعليه‌السلام

ـ العمارة الثالثة : عمارة المنتصر

(٢) ـ مشهد أبي الفضل العباسعليه‌السلام

٥٧٥

(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليه‌السلام في دمشق :

١ ـ مشهد رأس الحسينعليه‌السلام

٢ ـ مرقد الطفلة رقيةعليه‌السلام

٣ ـ مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام

٤ ـ مرقد السيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام

ـ ترجمة سكينةعليه‌السلام

ـ الدفاع عن سكينةعليه‌السلام

ـ ترجمة فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام

٥ ـ مقام السيدة أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام وترجمتها

٦ ـ مقام فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وترجمتها

٧ ـ مرقد السيدة زينب الكبرى العقيلة بنت الإمام عليعليه‌السلام

ـ ضريح زينبعليه‌السلام ووصف قفصها

ـ ترجمة العقيلة زينب الكبرىعليه‌السلام

(٤) ـ مدفن الشريفات العلويات في مصر

(٥) ـ سيرة الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

ـ والدتهعليه‌السلام

ـ ترجمتهعليه‌السلام

٥٧٦

الفصل الحادي والثلاثون

مراقد الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام

[وتراجمهم]

مقدمة الفصل :

آثرنا بعد أن انتهينا من ذكر الحسينعليه‌السلام وأهله في نهضتهم المباركة ، أن نعقد فصلا عن مراقدهم الكريمة ومقاماتهم العظيمة ؛ بادئين بمرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء : قدسيته وحدوده ، وفضل زيارته ، وشرافة تربته. حيث نفرّق بين حدود الحائر وحدود الحرم وحدود كربلاء. ثم نذكر العمارات التي جرت على المشهد الشريف.

ثم ننتقل إلى بيان المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليه‌السلام في دمشق ؛ ومنها مشهد رأس الحسينعليه‌السلام في القسم الشرقي من المسجد الجامع ، ومرقد السيدة رقيّةعليه‌السلام قرب باب الفراديس (العمارة) أحد أبواب دمشق الواقع شمال المسجد الجامع. ثم عدة مشاهد في مقبرة باب الصغير (الستّات) ؛ منها مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام ، ومقام السيدتين سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وعمتها السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام . ثم مرقد السيدة زينب العقيلة بنت الإمام عليعليه‌السلام في قرية راوية على بعد ١٠ كم جنوبي دمشق.

ويزخر هذا الفصل أيضا بذكر تراجم بعض السادات الشريفات من أهل البيتعليه‌السلام ، اللواتي كان لهن شأن في مسيرة كربلاء ، ومنهم السيدة رقيّةعليه‌السلام والسيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، وأختها السيدة فاطمة الصغرىعليها‌السلام .

ثم السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام وأختها السيدة زينب الكبرى عقيلة بني هاشمعليه‌السلام .

وننهي الفصل بترجمة الإمام زين العابدين وسيّد الساجدين علي بن الحسينعليه‌السلام .

٥٧٧

(١) ـ مرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

٦٩٧ ـ فضل قبر الحسينعليه‌السلام :

قال الطريحي في (المنتخب) ص ٧٠ : روي عن اسحق بن عمار عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «ما بين قبر الحسينعليه‌السلام إلى السماء السابعة ، مختلف الملائكة».[المختلف : هو مكان الاختلاف ، أي الترددد والزيارة].

وقال محمّد حسين الأعلمي في (دائرة المعارف) ص ١٨٥ :

وفي (كامل الزيارة) عن الصادقعليه‌السلام قال : «موضع قبر الحسينعليه‌السلام منذ دفن فيه ، روضة من رياض الجنة ، وترعة من ترع الجنة».

٦٩٨ ـ تحديد موضع القبر الشريف :(المنتخب للطريحي ، ص ٧٢)

عن اسحق بن إسماعيل أنه قال : سمعت من الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : إن لموضع قبر الحسينعليه‌السلام حرمة معروفة ، من عرفها واستجار بها أجير. فقلت : يا مولاي فصف لي موضعها جعلت فداك!. فقالعليه‌السلام : امسح [من المساحة] من موضع قبره الآن خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رأسه ، ومن ناحية رجليه كذلك ، وعن يمينه كذلك وعن شماله. واعلم أن ذلك روضة من رياض الجنة ، ومنه معراج الملائكة ، تعرج فيه إلى السماء بأعمال زواره. وليس ملك في السموات ولا في الأرض إلا وهم يسألون اللهعزوجل في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، ففوج منهم ينزل وفوج يعرج إلى يوم القيامة.

زيارة الحسينعليه‌السلام وفضلها

٦٩٩ ـ زيارة الحسينعليه‌السلام من أحب الأعمال إلى الله :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٨)

عن الصادقعليه‌السلام قال : من أحبّ الأعمال إلى الله زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وأفضل الأعمال عند الله إدخال السرور على قلب المؤمن ، وأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد باك.

٧٠٠ ـ فضل من زار الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه :

في (مناقب آل أبي طالب) لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢٧٢ : عن الإمام

٥٧٨

الكاظمعليه‌السلام : من زار قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه ، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر.

وفي (فرائد السمطين) للجويني ، ج ٢ ص ١٧٤ : سئل الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال : أخبرني أبي قال : من زار قبر الحسين بن عليعليه‌السلام عارفا بحقه ، كتبه الله في علّيين.

ثم قالعليه‌السلام : إن حول قبر الحسينعليه‌السلام سبعين ألف ملك شعثا غبرا ، يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ١٩٥ : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعائشة : يا عائشة من أراد الله به الخير قذف في قلبه محبة الحسينعليه‌السلام وحبّ زيارته ، ومن زار الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه ، كتبه الله في أعلى عليّين ، مع الملائكة المقرّبين.

٧٠١ ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام :

(مزار البحار للمجلسي ، ج ١٠١ ص ١ ـ ٣ ط ٢)

في (أمالي الصدوق) ص ١٤٣ ، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر

[الباقر]عليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن عليعليه‌السلام ، فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع ، وزيارته مفترضة على من أقرّ للحسينعليه‌السلام بالإمامة من اللهعزوجل .

وفي (كامل الزيارات) ص ١٥٠ : وعنهعليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن عليعليه‌السلام ، فإن إتيانه يزيد في الرزق ، ويمدّ في العمر ، ويدفع مدافع السوء ، وإتيانه مفروض على كل مؤمن يقرّ للحسينعليه‌السلام بالإمامة من الله.

وفي (كامل الزيارات) ص ١٢٢ ، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر ، قال الصادقعليه‌السلام : لو أن أحدكم حجّ دهره ، ثم لم يزر الحسين بن عليعليه‌السلام ، لكان تاركا حقا من حقوق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأن حق الحسينعليه‌السلام فريضة من الله ، واجبة على كل مسلم.

٧٠٢ ـ الإخلاص في زيارة الحسينعليه‌السلام :

(كامل الزيارات ، ص ١٤٣)

عن محمّد بن مسلم (قال) قلت لأبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : ما لمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ؟. قال : من أتى قبر الحسينعليه‌السلام شوقا إليه ، كان من عباد الله

٥٧٩

المكرمين ، وكان تحت لواء الحسين بن عليعليه‌السلام حتى يدخلهما الله جميعا الجنة.

وعن سدير الصيرفي ، قال أبو جعفرعليه‌السلام : ما أتى (الحسين) عبد فخطا خطوة ، إلا كتبت له حسنة ، وحطّت عنه سيئة.

٧٠٣ ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام وثوابها :

(معالي السبطين للمازندراني ج ١ ص ٨١ و ٨٢ و ٧٦ و ٧٧)

عن (الخصائص الحسينية) للتستري ، وفي الروايات الصحيحة : لو يعلم الناس ما في زيارة الحسينعليه‌السلام من الفضل لماتوا شوقا إليه ، وتقطّعت أنفسهم عليه حسرات. ولو علموا فضلها لأتوه حبوا من أقصى البلدان.

وفي (الخصائص) عن الصادقعليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد : أين زوّار الحسين بن عليعليه‌السلام ؟. فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله ، فيقول لهم : ماذا أردتم بزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟. فيقولون : يا رب حبا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولعلي ولفاطمةعليه‌السلام ، ورحمة له بما ارتكب منه. فيقال لهم : هذا محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ فالحقوا بهم ، فأنتم معهم في درجتهم ، الحقوا بلواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فيكونون في ظله ، وهو في يد عليعليه‌السلام ، فيكونون أمام اللواء وعن يمينه وعن يساره ومن خلفه ، ويباهي الله بهم حملة عرشه وملائكته المقربين ، ويقول : ألا ترون زوار قبر الحسينعليه‌السلام أتوه شوقا؟!.

وفي (البحار) عن حنّان بن سدير عن أبيه ، قال الصادقعليه‌السلام : يا سدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كل يوم؟. قلت : لا. قال : ما أجفاكم!. فتزوره في كل شهر؟.قلت: لا. قال : أفتزوره في كل سنة؟. قلت : قد يكون ذلك. قالعليه‌السلام : يا سدير ، ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام !. أما علمت أن لله ألف ألف ملك شعث غبر يبكون ، فيزورون لا يفترون؟. وعليك يا سدير أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في [يوم] الجمعة خمس مرات ، وفي كل يوم مرة. قلت : جعلت فداك ، بيننا وبينه فراسخ كثيرة. قال لي : اصعد فوق سطحك ، ثم تلتفت يمنة ويسرة ، ثم ترفع رأسك إلى السماء ، ثم تنحو نحو القبر ، وتقول : السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ؛ يكتب لك بكل زيارة حجة وعمرة.

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800