موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 491669 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

التختم في اليمين ، ولما كان ذلك شعار أهل البدعة والظلمة ، صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا.

(راجع ما أورده العلامة الأميني في الغدير ، ج ١٠ ص ٢١١)

٦٧٢ ـ صلاة إحدى وخمسين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٥)

ويقصد بها الصلوات المشرعة في كل يوم : الفرائض والنوافل. فالفرائض ١٧ ركعة ، والنوافل في المذهب الجعفري : ركعتان قبل صلاة الصبح ، وثمان ركعات قبل صلاة الظهر ، وثمان قبل صلاة العصر ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان من جلوس بعد صلاة العشاء تحسبان بركعة. فمجموع هذه النوافل ٢٣ ركعة ، يضاف إليها ١١ ركعة صلاة الليل ، فيكون مجموع النوافل اليومية ٣٤ ركعة.وبإضافتها إلى الفرائض يصبح المجموع ٥١ ركعة. وهذا مما اختص به الإمامية ، فإن أهل السنة وإن وافقوهم على عدد الفرائض ، إلا أنهم خالفوهم في عدد النوافل.

٦٧٣ ـ الجهر ب (بسم الله الرحمن الرحيم):

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٧)

الثالث مما ذكر الحديث : (الجهر بالبسملة). وإن الإمامية تديّنوا إلى الله تعالى به ؛ وجوبا في الصلاة الجهرية ، واستحبابا في الصلاة الإخفاتية ، تمسّكا بأحاديث أئمتهمعليه‌السلام . وفي ذلك يقول الفخر الرازي : ذهبت الشيعة إلى أن من السنّة الجهر بالتسمية في الصلاة الجهرية والإخفاتية ، وجمهور الفقهاء يخالفونهم. وقد ثبت بالتواتر أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام كان يجهر بالتسمية ، ومن اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى ، والدليل عليه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«اللهم أدر الحقّ معه كيفما دار»(١) .

وكلمة الرازي هذه لم يهضمها أبو الثناء الآلوسي ، فتعقبها بقوله : لو عمل أحد بجميع ما يزعمون تواتره عن الأمير كفر ، فليس إلا الإيمان ببعض والكفر ببعض.وما ذكره من أن من اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى مسلّم ، لكن إن سلم لنا خبر ما كان عليه عليعليه‌السلام ودونه مهامه فيح(٢) .

__________________

(١) مفاتيح الغيب ، ج ١ ص ١٠٧.

(٢) روح المعاني للآلوسي ، ج ١ ص ٤٧.

٥٦١

٦٧٤ ـ تعفير الجبين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٩)

الرابع مما ذكره الحديث : (تعفير الجبين) ، والتعفير في اللغة : هو وضع الشيء على العفر ، وهو التراب. والمقصود بالجبين هنا : الجبهة. فيكون المعنى : أن الشيعة التزمت بالسجود على الأرض والتراب دون المأكول والملبوس.

أو إن المعنى استحباب تعفير الجبين بعد الصلاة في سجدة الشكر ، كما ذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) ، اقتداء بما كان يفعله الإمام عليعليه‌السلام بعد كل صلاة من تعفير جبهته وجبينه بالتراب ، تذللا وخضوعا لله تعالى ، حتى سمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبا تراب.

وقد ورد تعفير الخدين في سجدة الشكر ، وبه استحق موسىعليه‌السلام الزلفى من المناجاة.

أما السنّة فقد كره بعضهم سجدة الشكر بعد الصلاة ، فضلا عن تعفير الجبين!.

٦٧٥ ـ زيارة الأربعين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٣ و ٤٨٠)

المقصود من هذه الشعيرة ، تلك العادة المطّردة التي اتخذها الموالون لأهل البيتعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام كل عام في يوم الأربعين (وهو العشرون من صفر) لإقامة العزاء عليه. فمن علامة الإيمان والولاء للدين ولسيد شباب أهل الجنةعليه‌السلام المثول في يوم الأربعين من شهادة الحسينعليه‌السلام عند قبره الأطهر لإقامة المأتم عليه ، وتجديد العهد بما جرى عليه وعلى صحبه وأهل بيته من الفوادح.

يقول مولانا الأجل العلامة المجتهد السيد علي مكي حفظه الله : لماذا كانت زيارة الأربعين علامة المؤمن؟. نلاحظ أن هناك زيارات كثيرة للحسينعليه‌السلام في أوقات مختلفة [مثل : يوم عاشوراء ـ يوم عيد الأضحى ـ يوم عرفة ـ النصف من شعبان ـ النصف من رجب ـ كل ليلة جمعة] يزار بها الحسينعليه‌السلام خاصة ؛ فلماذا التأكيد على زيارة الحسينعليه‌السلام .

السبب في ذلك أن الحسينعليه‌السلام وهب نفسه لله ، فأصبح عنوانا للدين ، وزيارته هي لإحياء شعائر الدين. هذه الزيارات تذكّرنا بيوم الطف ، وبمظلومية أهل البيتعليه‌السلام ، وأن الحسينعليه‌السلام أنقذ الدين من الجاهلية. تعلّمنا أن ننصر الحق دائما ، ونردع أنفسنا عن المعاصي ، كما أنها مناسبة حيّة ليتدارس المؤمنون فيها أوضاعهم.

٥٦٢

لهذا ذكر صاحب (الجواهر) : أن زيارة الحسينعليه‌السلام تكاد تكون من ضروريات الدين ، لأن هذه الزيارة سبب لاستمراريتنا في الإلتزام بأحكام الدين.

وهنا يطرح سؤال أساسي : لماذا كانت زيارة الحسينعليه‌السلام يوم الأربعين

من شهادتهعليه‌السلام ، وليس قبل ذلك اليوم أو بعده؟. فما هي خاصة يوم الأربعين ، الّذي اتّخذ فيما بعد عادة بالنسبة لكل الموتى؟.

(أقول) : لقد ورد في الحديث : أنه إذا مات المؤمن ، يبكي عليه كل شيء والملائكة أربعين يوما. وبالطبع يكون بكاؤهم عليه وترحمهم في آخر يوم منها أشدّ ما يمكن ، وهو يوم الأربعين ، فتكون إقامة مراسم الحزن والعزاء على المؤمن يوم الأربعين ، مشاركة منا للملائكة والملأ الأعلى في حزنهم وأساهم وترحمهم عليه.

خبر الرباب زوجة الحسينعليه‌السلام

٦٧٦ ـ وفاء الرباب لزوجها الحسينعليه‌السلام :

الرباب هي بنت امرئ القيس الكلبي ، وقد ذكرنا شيئا عن إخلاصها سابقا ، كما ذكرنا كيف أنه لما وضع رأس الحسينعليه‌السلام في مجلس عبيد الله بن زياد ، لم تتمالك نفسها أن هجمت على الرأس وحملته واحتضنته وأخذت تقبّله وتنعيه. ومن معالم إخلاصها هنا أن السبايا لما انصرفن من كربلاء إلى المدينة ، أبت هذه الحرة الذهاب معهم ، بل آثرت أن تظل عند قبر زوجها الحسينعليه‌السلام هائمة تبكي عليه وترثيه ، حتى مضت عليها سنة كاملة ، وأبت أن تستظل بظل ، فضربت بذلك لذوات الحجال ، مثالا رائعا من الوفاء والإخلاص أي مثال.

٦٧٧ ـ محبة الحسينعليه‌السلام للرباب وإخلاصها له :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي في تذكرته : وكان في السبايا الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبي ، زوجة الحسينعليه‌السلام ، وهي أم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام . وكان الحسينعليه‌السلام يحبها حبا شديدا ، وله فيها أشعار منها :

لعمرك إنني لأحبّ دارا

تحلّ بها سكينة والرباب

أحبّهما وأبذل فوق جهدي

وليس لعاذل عندي عتاب

وليس لهم وإن عتبوا مطيعا

حياتي أو يغيّبني التراب

٥٦٣

٦٧٨ ـ إقامة الرباب العزاء على الحسينعليه‌السلام سنة كاملة :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٨)

وفي (كامل التواريخ) : إن الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسينعليه‌السلام أقامت على قبر الحسينعليه‌السلام سنة كاملة ، ثم عادت إلى المدينة. وخطبها الأشراف فقالت : لا والله ما كنت لأتّخذ حموا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولم تزل تبكي بعد الحسينعليه‌السلام ليلها ونهارها ، وبقيت لم يظلها سقف ، وتجلس في حرارة الشمس ، حتى ماتت كمدا ، رضوان الله عليها.

وكانت ترثي الحسينعليه‌السلام ، ولها هذه الأبيات :

إن الّذي كان نورا يستضاء به

بكربلاء قتيل غير مدفون

سبط النبي جزاك الله صالحة

عنا وجنّبت خسران الموازين

قد كنت لي جبلا صعبا ألوذ به

وكنت تصحبنا بالرّحم والدين

من لليتامى ومن للسائلين ومن

يعني ويأوي إليه كلّ مسكين

والله لا أبتغي صهرا بصهركم

حتى أغيّب بين الرمل والطين

ترجمة الرباب زوجة الحسينعليه‌السلام

(الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ، ج ٨ ص ١٥٨)

الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية : كانت من خيار النساء وأفضلهن. وفي (نسمة السحر) : كانت من خيار النساء جمالا

وأدبا وعقلا. أسلم أبوها في خلافة عمر بن الخطاب ، وكان نصرانيا من عرب الشام ، ثم ولاه عمر على من أسلم بالشام من قضاعة.

وخطب منه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ابنته الرباب لابنه الحسينعليه‌السلام ، فولدت له سكينة عقيلة قريش ، وعبد الله بن الحسينعليه‌السلام ، قتل يوم الطف وأمه تنظر إليه. وقد بقيت الرباب سنة بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لم يظلها سقف بيت حزنا على الحسينعليه‌السلام حتى بليت وماتت كمدا عليه ، وذلك بعد شهادة الحسينعليه‌السلام بسنة ، ودفنت بالمدينة.

٥٦٤

رجوع السبايا إلى المدينة المنوّرة

٦٧٩ ـ ارتحال آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كربلاء إلى المدينة :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٣)

ثم انفصل [السبايا] من كربلاء طالبين المدينة.

قال بشير بن جذلم : فلما قربنا منها ، نزل علي بن الحسينعليه‌السلام فحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه.

وقال زين العابدينعليه‌السلام : يا بشير رحم الله أباك ، لقد كان شاعرا ، فهل تقدر على شيء منه؟. قال : بلى يابن رسول الله إني شاعر. فقالعليه‌السلام : ادخل المدينة وانع أبا عبد اللهعليه‌السلام .

٦٨٠ ـ بشير بن جذلم يدخل المدينة وينعى الحسينعليه‌السلام :

(المصدر نفسه)

قال بشير : فركبت فرسي وركضت ، حتى دخلت المدينة. فلما بلغت مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفعت صوتي بالبكاء ، وأنشأت أقول :

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرّج

والرأس منه على القناة يدار

(قال) ثم قلت : هذا علي بن الحسينعليه‌السلام مع عماته وأخواته ، قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله إليكم أعرّفكم مكانه.

قال : فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلا برزن من خدورهن ، مكشوفة شعورهن ، مخمشة وجوههن ، ضاربات خدودهن ، يدعون بالويل والثبور. فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ، ولا يوما أمرّ

على المسلمين منه.

٦٨١ ـ جارية تنوح على الحسينعليه‌السلام :(المصدر نفسه)

قال بشير : وسمعت جارية تنوح على الحسينعليه‌السلام فتقول :

نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا

وأمرضني ناع نعاه فأفجعا

فعينيّ جودا بالدموع واسكبا

وجودا بدمع بعد دمعكما معا

على من دهيعرش الجليل فزعزعا

فأصبح هذا المجد والدين أجدعا

على ابن نبي الله وابن وصيه

وإن كان عنا شاحط الدار أشثعا

٥٦٥

ثم قالت : أيها الناعي ، جدّدت حزننا بأبي عبد اللهعليه‌السلام ، وخدشت منا قروحا لمّا تندمل. فمن أنت رحمك الله؟.

فقلت : أنا بشير بن جذلم ، وجّهني مولاي علي بن الحسينعليه‌السلام ، وهو نازل في موضع كذا وكذا ، مع عيال أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ونسائه.

قال بشير : فتركوني مكاني وبادروني ، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم ، فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع. فنزلت عن فرسي ، وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط [أي خيمة زين العابدينعليه‌السلام ].

خطبة زين العابدينعليه‌السلام في أهل المدينة

وكان علي بن الحسينعليه‌السلام داخلا (الفسطاط) فخرج ، ومعه خرقة يمسح بها دموعه ، وخلفه خادم معه كرسي ، فوضعه له وجلس عليه ، وهو لا يتمالك عن العبرة. وارتفعت أصوات الناس بالبكاء ، وحنين النسوان والجواري ، والناس يعزّونه من كل ناحية. فضجّت تلك البقعة ضجّة شديدة.

٦٨٢ ـ خطبة الإمام زين العابدينعليه‌السلام في أهل المدينة :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٨٦)

فأومأ [الإمام زين العابدينعليه‌السلام ] إلى الناس أن اسكتوا ، فلما سكنت فورتهم قالعليه‌السلام :

الحمد لله ربّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدّين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الّذي بعد فارتفع في السموات العلى ، وقرب فشهد النجوى. نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع(١) ، وجليل الرّزء ، وعظيم المصائب ، الفاظعة الكاظّة ، الفادحة الجائحة(٢) .

أيها القوم ، إن الله تعالى ـ وله الحمد ـ ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام وعترته ، وسبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان ، من فوق عامل السنان(٣) . وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة.

__________________

(١) اللواذع : المصائب المحرقة الموجعة.

(٢) الجائحة : الشدة التي تستأصل المال وغيره.

(٣) السّنان : هو رأس الرمح ، وعامل السنان : ما يلي السنان.

٥٦٦

أيها الناس ، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله؟!. أم أي فؤاد لا يحزن من أجله؟. أم أية عين منكم تحبس دمعها ، وتضنّ عن انهمالها؟. فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسموات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السموات أجمعون.

أيها الناس ، أي قلب لا ينصدع لقتله؟!. أم أي فؤاد لا يحنّ إليه؟. أم أي سمع يسمع بهذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ؟.

أيها الناس ، أصبحنا مشردين مطرودين ، مذودين شاسعين عن الأمصار ، كأنا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها. ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلا اختلاق. والله لو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تفدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا. فإنا لله وإنا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظّها وأفظّها وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب ما أصابنا ، وما بلغ بنا ، فإنه عزيز ذو انتقام.

قال الراوي : فقام إليه صوحان بن صعصعة بن صوحان العبدي ، وكان زمنا ، فاعتذر إليه بما عنده من زمانة رجليه(١) . فأجابهعليه‌السلام بقول عذره وحسّن الظن فيه ، وشكر له وترحّم على أبيه.

دخول المدينة

٦٨٣ ـ حال المدينة عند دخول الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٤١٠)

في (الدمعة الساكبة)و (المعدن) وغيرهما ، عن بعض المقاتل : لما دخل زين العابدينعليه‌السلام المدينة ، بعدما رجعوا من كربلاء ، ومعه عماته وأخواته ، كان اليوم يوم الجمعة ، والخاطب يخطب.

فلما سمعن الهاشميات ، تجددت عليهن الأحزان والمصائب ، وارتفعت بالبكاء

__________________

(١) الزّمانة : مرض دائم مزمن.

٥٦٧

أصواتهن ، وشققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، ونشرن الشعور. فانقلبت المدينة بأهلها ، وحلّ فيها الرجف والزلازل ، لكثرة النوح والعويل ، من المهاجرين والأنصار. ولقد كان ذلك اليوم أشدّ من يوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان الوليد بن عتبة والي المدينة على المنبر ، فسمع الصياح ، فقال :

ما الخبر؟. قيل له : هذا صياح الهاشميات. وجرت دموعه على خديه ، ونزل عن المنبر ودخل منزله.

٦٨٤ ـ نعي أم كلثومعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين ، ص ٤٠٩ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٩٩ ط ٢)

وأما أم كلثوم [بنت الإمام عليعليه‌السلام ] ، فحين توجهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول :

مدينة جدّنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

ألا فاخبر رسول الله عنا

بأنا قد فجعنا في أخينا

وأن رجالنا في الطف صرعى

بلا روس وقد ذبحوا البنينا

وأخبر جدّنا أنا أسرنا

وبعد الأسر يا جدّ سبينا

ورهطك يا رسول الله أضحوا

عرايا بالطفوف مسلّبينا

وقد ذبحوا الحسين ولم يراعوا

جنابك يا رسول الله فينا

فلو نظرت عيونك للأسارى

على قتب الجمال محمّلينا

رسول الله بعد الصونصارت

عيون الناس ناظرة إلينا

وكنت تحوطنا حتى تولّت

عيونك ثارت الأعدا علينا

أفاطم لو نظرت إلى السبايا

بناتك في البلاد مشتّتينا

أفاطم لو نظرت إلى الحيارى

ولو أبصرت زين العابدينا

أفاطم لو رأيتينا سهارى

ومن سهر الليالي قد عمينا

أفاطم ما لقيت من عداك

ولا قيراط مما قد لقينا

فلو دامت حياتك لم تزالي

إلى يوم القيامة تندبينا

وعرّج بالبقيع وقف وناد

أأين حبيب ربّ العالمينا

وقل يا عمّ يا الحسن المزكّى

عيال أخيك أضحوا ضائعينا

أيا عماه إن أخاك أضحى

بعيدا عنك بالرمضا رهينا

٥٦٨

بلا رأس تنوح عليه جهرا

طيور والوحوش الموحشينا

ولو عاينت يا مولاي ساقوا

حريما لا يجدن لهم معينا

على متن النياق بلا وطاء

وشاهدت العيال مكشّفينا

* * *

مدينة جدّنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

خرجنا منك بالأهلين طرّا

رجعنا لا رجال ولا بنينا

وكنا في الخروج بجمع شمل

رجعنا حاسرين مسلّبينا

وكنا في أمان الله جهرا

رجعنا بالقطيعة خائفينا

ومولانا الحسين لنا أنيس

رجعنا والحسين به رهينا

ونحن السائرات على المطايا

نشال على جمال المبغضينا

ونحن بنات حيدرة وطه

ونحن الباكيات على أبينا

ونحن الطاهرات بلا خفاء

ونحن المخلصون المصطفونا

ونحن الصابرات على البلايا

ونحن الصادقون الناصحونا

ألا يا جدنا قتلوا حسينا

ولم يرعوا جناب الله فينا

ألا يا جدنا بلغت عدانا

مناها واشتفى الأعداء فينا

لقد هتكوا النساء وحمّلوها

على الأقتاب قهرا أجمعينا

وزينب أخرجوها من خباها

وفاطم واله تبدي الأنينا

سكينة تشتكي من حرّ وجد

تنادي الغوث ربّ العالمينا

وزين العابدين بقيد ذلّ

وراموا قتله أهل الخؤونا

فبعدهم على الدنيا تراب

فكأس الموت فيها قد سقينا

وهذي قصتي مع شرح حالي

ألا يا سامعون ابكوا علينا

٦٨٥ ـ حال زينب العقيلةعليه‌السلام :(وسيلة الدارين ، ص ٤١٠)

في (البحار) : وأما فخر المخدرات زينبعليه‌السلام ، فلما دخلت المدينة ، ووقع طرفها على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صرخت وبكت وأخذت بعضادتي باب المسجد ، ونادت : يا جداه ، إني ناعية إليك أخي الحسينعليه‌السلام . وهي مع ذلك لا تجفّ لها عبرة ، ولا تفتر من البكاء والنحيب. وكلما نظرت إلى علي ابن الحسينعليه‌السلام تجدد حزنها وزاد وجدها.

٥٦٩

٦٨٦ ـ منازل المدينة تنعى أهلها :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٨٥)

قال السيد في (اللهوف) : ثم إن علي بن الحسينعليه‌السلام دخل إلى المدينة بأهله وعياله ، ونظر إلى منازل قومه ورجاله ، فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها ، وتبوح بإعلان الدموع وإرسالها ، لفقد حماتها ورجالها ، وتندب عليهم ندب الثواكل ، وتسأل عنهم أهل المناهل ، وتهيّج أحزانه على مصارع قتلاه ، وتنادي لأجلهم وا ثكلاه ، وتقول : يا قومي اعذروني على النياحة والعويل ، وساعدوني على المصاب الجليل فلو كنتم هناك لشجاكم سماع تلك الواعية النازلة ، وعرفتم تقصيركم في هذه المصيبة الشاملة.

ولقد أحسن [ابن قتّة] وقد بكى على تلك المنازل حيث قال :

مررت على أبيات آل محمّد

فلم أر أمثالا لها يوم حلّت

فلا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت عنهم برغم تخلّت

وإن قتيل الطفّ من آل هاشم

أذلّ رقاب المسلمين فذلّت

ندب الحسينعليه‌السلام في المدينة

٦٨٧ ـ ندب الحسينعليه‌السلام في المدينة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٧ ط ٢)

قالوا : ولما دخل حرم الحسينعليه‌السلام المدينة ، عجّت نساء بني هاشم ، وصاحت المدينة صيحة واحدة.

قال الطريحي : مصاب أبكى فاطمة البتول ، وأحزن قلب المصطفى الرسول.مصاب بكت عليه السماء دما ، وأقيم له فوق الطباق مأتما.

فوا أسفاه على ما تجرّعوه من الحتوف ، ومرارات حرّ السيوف. أفيعذر أحد من ذوي الألباب ، في ترك الحزن والاكتئاب ، على جليل المصاب.

٦٨٨ ـ تعزية عبد الله بن جعفر رضي الله عنه :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦)

وجلس عبد الله بن جعفر للتعزية. فدخل عليه مولاه (أبو اللسلاس) ، فقال : هذا ما لقينا من الحسين!. فحذفه عبد الله بنعله ، وقال : يابن اللخناء ، أللحسين تقول

٥٧٠

هذا؟. والله لو شهدته لأحببت أن أقتل دونه ، وإني لأشكر الله الّذي وفّق ابنيّ عونا ومحمدا معه ، إذ لم أكن وفّقت.

٦٨٩ ـ خروج أم سلمة لاستقبال السبايا :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٣)

قال الراوي : فخرجت أم سلمة من الحجرة الطاهرة ، وفي إحدى يديها القارورة ، وقد صارت التربة فيها دما ، وقد أخذت بالأخرى يد فاطمة العليلة بنت الحسينعليه‌السلام . ثم رحلوا إلى المدينة.

٦٩٠ ـ ندب أم لقمان بنت عقيل رضي الله عنها :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٧ ط ٢ نجف)

قال أبو مخنف : فسمعت أم لقمان [زينب] بنت عقيل صراخ زينب وأم كلثومعليه‌السلام وباقي النسوة ، فخرجت حاسرة ومعها أترابها : أم هاني ورملة وأسماء بنات عليعليه‌السلام ، وهي تصيح : وا حسيناه!. وا إخوتاه!. وا أهلاه!.

وا محمداه!. ثم قالت :

ماذا تقولون إذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأولادي ، أما لكم

عهد ، أما أنتم توفون بالذمم

ذريّتي وبنو عمي بمضيعة

منهم أسارى وقتلى ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

٦٩١ ـ ندب فاطمة بنت عقيل رضي الله عنها :

(ينابيع المودة ، ج ٢ ص ١٥٦)

وقالت فاطمة بنت عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ترثيه :

عينيّ بكيّ بعبرة وعويل

واندبي إن ندبت آل الرسول

تسعة كلهم لصلب عليّ

قد أصيبوا وخمسة لعقيل

وأوردهما ابن عبد البر في (الإستيعاب).

٦٩٢ ـ حزن وحداد الهاشميات :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٥)

وفي (نفس المهموم) عن (دعائم الإسلام) عن جعفر الصادقعليه‌السلام أنه نيح على الحسين بن عليعليه‌السلام سنة كاملة كل يوم وليلة.

٥٧١

وفيه أيضا : أنه لما قتل الحسينعليه‌السلام لبست نساء بني هاشم السواد والمسوح ، نائحات الليل والنهار ، والإمام السجّاد يعمل لهن الطعام(١) .

وفي حديث الإمام الصادقعليه‌السلام : ما اختضبت هاشمية ولا ادّهنت ولا أجيل مرود [وهو الميل يكتحل به] في عين هاشمية خمس حجج [أي سنين] ، حتى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد.

٦٩٣ ـ بكاء الإمام السجّادعليه‌السلام على أبيه الحسينعليه‌السلام أربعين سنة :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٧)

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال :

كان زين العابدينعليه‌السلام بكى على أبيه أربعين سنة ، صائما نهاره قائما ليله ؛ فإذا أحضر الإفطار ، وجاء غلامه بطعامه وشرابه ، فيضعه بين يديه ، فيقول : كل يا مولاي ، فيقول : قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي ، حتى يبتلّ طعامه من دموعه ، ثم يمزج شرابه بدموعه. فلم يزل كذلك حتى لحق باللهعزوجل .

٦٩٤ ـ حزن الإمام زين العابدينعليه‌السلام على أبيه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٢٤)

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : كان أبي زين العابدينعليه‌السلام علي بن الحسينعليه‌السلام إذا حضرت الصلاة ، يقشعرّ جلده ويصفرّ لونه ، وترتعد فرائصه ويقف شعره ، ويقول ودموعه تجري على خديه : لو علم العبد من يناجي ما انفتل [أي ما ترك الصلاة].

وبرز يوما إلى الصحراء ، فتبعه مولى له ، فوجده قد سجد على حجارة خشنة.قال مولاه : فوقفت حيث أسمع شهيقه وبكاءه ، فو الله لقد أحصيت عليه ألف مرة وهو يقول : " لا إله إلا الله حقّا حقا ، لا إله إلا الله تعبّدا ورقّا ، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا". ثم رفع رأسه من سجوده ، وإن لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه. فقال له مولاه : يا سيدي ، أما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقلّ؟!. فقال لهعليه‌السلام : ويحك إن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم كان نبيا ابن نبي وله اثنا عشر ابنا ، فغيّب الله تعالى واحدا منهم ، فشاب رأسه من الحزن ،

__________________

(١) محاسن البرقي ، ج ٢ ص ٤٢٠.

٥٧٢

واحدودب ظهره من الغم ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيّ في دار الدنيا. وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة وعشرين من أهل بيتي صرعى مقتولين ؛ فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي؟!.

ولقد نسب إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام هذه الأبيات :

نحن بنو المصطفى ذوو غصص

يجرّعها في الأنام كاظمنا

عظيمة في الأنام محنتنا

أوّلنا مبتلى وآخرنا

يفرح هذا الورى بعيدهم

ونحن أعيادنا مآتمنا

والناس في الأمن والسرور ولا

يأمن طول الزمان خائفنا

وما خصصنا به من الشرف

الطائل بين الأنام آفتنا

يحكم فينا ـ والحكم فيه لنا ـ

جاحدنا حقّنا وغاصبنا

٦٩٥ ـ أول من رثى الحسينعليه‌السلام شعرا على قبره الشريف :

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٥٤)

قال العلامة الأمين في (أعيان الشيعة) : وينبغي أن يكون أول من رثى الحسينعليه‌السلام سليمان بن قتّة العدوي التيمي مولى بني تيم بن مرة [توفي بدمشق سنة ١٢٦ ه‍] ، وكان سليمان منقطعا إلى بني هاشم. وقيل (قتّة) اسم أمه ، وأما أبوه فاسمه حبيب المحاربي ، وهو تابعي مشهور.

٦٩٦ ـ قصيدة سليمان بن قتّة في رثاء الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٣٠١)

مرّ سليمان بن قتّة بكربلاء بعد مقتل الحسينعليه‌السلام بثلاثة أيام ، فنظر إلى مصارع الشهداء ، واتكأ على فرس له عربية ، وأنشأ يقول :

مررت على أبيات آل محمّد

فلم أرها أمثالها يوم حلّت

وكانوا لنا غنما فصاروا رزيّة

لقد عظمت تلك الرزايا فجلّت

فلا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت منهم برغم تخلّت

إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها

وتقتلنا قيس إذا النّعل زلّت

وعند غنيّ. قطرة من دمائنا

سنطلبهم يوما بها حيث ولّت

ألم تر أن الشمس أضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد اقشعرّت

وقد أعولت تبكي السماء لفقده

وأنجمها ناحت عليه وصلّت

٥٧٣

وإن قتيل الطفّ من آل هاشم

أذلّ رقاب المسلمين فذلّت

فإن تبتغوه عائذ البيت تفضحوا

كعاد تعمّت عن هداها فضلّت

وهذه الأبيات ذكرها العلامة المجلسي في (البحار) ، كما ذكرها أبو الفرج الإصفهاني في (مقاتل الطالبيين) ، وكذلك ابن شهر اشوب والخوارزمي ، فراجع.

٥٧٤

الفصل الحادي والثلاثون

مراقد الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام وتراجمهم

يتضمن هذا الفصل المواضيع التالية :

(١) ـ مرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء :

ـ ما جاء حول القبر الشريف

ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام

ـ فضل تربة الحسينعليه‌السلام ـ فضل السجود على التربة الحسينية

ـ الحائر الحسيني

ـ الحرم الحسيني

ـ مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام والكتابات المدوّنة عليه

ـ عمارة قبر الحسينعليه‌السلام :

ـ العمارة الأولى :

ـ هدم الرشيد لقبر الحسينعليه‌السلام

ـ العمارة الثانية : عمارة المأمون

ـ هدم المتوكل لقبر الحسينعليه‌السلام

ـ العمارة الثالثة : عمارة المنتصر

(٢) ـ مشهد أبي الفضل العباسعليه‌السلام

٥٧٥

(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليه‌السلام في دمشق :

١ ـ مشهد رأس الحسينعليه‌السلام

٢ ـ مرقد الطفلة رقيةعليه‌السلام

٣ ـ مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام

٤ ـ مرقد السيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام

ـ ترجمة سكينةعليه‌السلام

ـ الدفاع عن سكينةعليه‌السلام

ـ ترجمة فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام

٥ ـ مقام السيدة أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام وترجمتها

٦ ـ مقام فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وترجمتها

٧ ـ مرقد السيدة زينب الكبرى العقيلة بنت الإمام عليعليه‌السلام

ـ ضريح زينبعليه‌السلام ووصف قفصها

ـ ترجمة العقيلة زينب الكبرىعليه‌السلام

(٤) ـ مدفن الشريفات العلويات في مصر

(٥) ـ سيرة الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

ـ والدتهعليه‌السلام

ـ ترجمتهعليه‌السلام

٥٧٦

الفصل الحادي والثلاثون

مراقد الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام

[وتراجمهم]

مقدمة الفصل :

آثرنا بعد أن انتهينا من ذكر الحسينعليه‌السلام وأهله في نهضتهم المباركة ، أن نعقد فصلا عن مراقدهم الكريمة ومقاماتهم العظيمة ؛ بادئين بمرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء : قدسيته وحدوده ، وفضل زيارته ، وشرافة تربته. حيث نفرّق بين حدود الحائر وحدود الحرم وحدود كربلاء. ثم نذكر العمارات التي جرت على المشهد الشريف.

ثم ننتقل إلى بيان المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليه‌السلام في دمشق ؛ ومنها مشهد رأس الحسينعليه‌السلام في القسم الشرقي من المسجد الجامع ، ومرقد السيدة رقيّةعليه‌السلام قرب باب الفراديس (العمارة) أحد أبواب دمشق الواقع شمال المسجد الجامع. ثم عدة مشاهد في مقبرة باب الصغير (الستّات) ؛ منها مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام ، ومقام السيدتين سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وعمتها السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام . ثم مرقد السيدة زينب العقيلة بنت الإمام عليعليه‌السلام في قرية راوية على بعد ١٠ كم جنوبي دمشق.

ويزخر هذا الفصل أيضا بذكر تراجم بعض السادات الشريفات من أهل البيتعليه‌السلام ، اللواتي كان لهن شأن في مسيرة كربلاء ، ومنهم السيدة رقيّةعليه‌السلام والسيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، وأختها السيدة فاطمة الصغرىعليها‌السلام .

ثم السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام وأختها السيدة زينب الكبرى عقيلة بني هاشمعليه‌السلام .

وننهي الفصل بترجمة الإمام زين العابدين وسيّد الساجدين علي بن الحسينعليه‌السلام .

٥٧٧

(١) ـ مرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

٦٩٧ ـ فضل قبر الحسينعليه‌السلام :

قال الطريحي في (المنتخب) ص ٧٠ : روي عن اسحق بن عمار عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «ما بين قبر الحسينعليه‌السلام إلى السماء السابعة ، مختلف الملائكة».[المختلف : هو مكان الاختلاف ، أي الترددد والزيارة].

وقال محمّد حسين الأعلمي في (دائرة المعارف) ص ١٨٥ :

وفي (كامل الزيارة) عن الصادقعليه‌السلام قال : «موضع قبر الحسينعليه‌السلام منذ دفن فيه ، روضة من رياض الجنة ، وترعة من ترع الجنة».

٦٩٨ ـ تحديد موضع القبر الشريف :(المنتخب للطريحي ، ص ٧٢)

عن اسحق بن إسماعيل أنه قال : سمعت من الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : إن لموضع قبر الحسينعليه‌السلام حرمة معروفة ، من عرفها واستجار بها أجير. فقلت : يا مولاي فصف لي موضعها جعلت فداك!. فقالعليه‌السلام : امسح [من المساحة] من موضع قبره الآن خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رأسه ، ومن ناحية رجليه كذلك ، وعن يمينه كذلك وعن شماله. واعلم أن ذلك روضة من رياض الجنة ، ومنه معراج الملائكة ، تعرج فيه إلى السماء بأعمال زواره. وليس ملك في السموات ولا في الأرض إلا وهم يسألون اللهعزوجل في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، ففوج منهم ينزل وفوج يعرج إلى يوم القيامة.

زيارة الحسينعليه‌السلام وفضلها

٦٩٩ ـ زيارة الحسينعليه‌السلام من أحب الأعمال إلى الله :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٨)

عن الصادقعليه‌السلام قال : من أحبّ الأعمال إلى الله زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وأفضل الأعمال عند الله إدخال السرور على قلب المؤمن ، وأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد باك.

٧٠٠ ـ فضل من زار الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه :

في (مناقب آل أبي طالب) لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢٧٢ : عن الإمام

٥٧٨

الكاظمعليه‌السلام : من زار قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه ، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر.

وفي (فرائد السمطين) للجويني ، ج ٢ ص ١٧٤ : سئل الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال : أخبرني أبي قال : من زار قبر الحسين بن عليعليه‌السلام عارفا بحقه ، كتبه الله في علّيين.

ثم قالعليه‌السلام : إن حول قبر الحسينعليه‌السلام سبعين ألف ملك شعثا غبرا ، يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ١٩٥ : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعائشة : يا عائشة من أراد الله به الخير قذف في قلبه محبة الحسينعليه‌السلام وحبّ زيارته ، ومن زار الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه ، كتبه الله في أعلى عليّين ، مع الملائكة المقرّبين.

٧٠١ ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام :

(مزار البحار للمجلسي ، ج ١٠١ ص ١ ـ ٣ ط ٢)

في (أمالي الصدوق) ص ١٤٣ ، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر

[الباقر]عليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن عليعليه‌السلام ، فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع ، وزيارته مفترضة على من أقرّ للحسينعليه‌السلام بالإمامة من اللهعزوجل .

وفي (كامل الزيارات) ص ١٥٠ : وعنهعليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن عليعليه‌السلام ، فإن إتيانه يزيد في الرزق ، ويمدّ في العمر ، ويدفع مدافع السوء ، وإتيانه مفروض على كل مؤمن يقرّ للحسينعليه‌السلام بالإمامة من الله.

وفي (كامل الزيارات) ص ١٢٢ ، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر ، قال الصادقعليه‌السلام : لو أن أحدكم حجّ دهره ، ثم لم يزر الحسين بن عليعليه‌السلام ، لكان تاركا حقا من حقوق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأن حق الحسينعليه‌السلام فريضة من الله ، واجبة على كل مسلم.

٧٠٢ ـ الإخلاص في زيارة الحسينعليه‌السلام :

(كامل الزيارات ، ص ١٤٣)

عن محمّد بن مسلم (قال) قلت لأبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : ما لمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ؟. قال : من أتى قبر الحسينعليه‌السلام شوقا إليه ، كان من عباد الله

٥٧٩

المكرمين ، وكان تحت لواء الحسين بن عليعليه‌السلام حتى يدخلهما الله جميعا الجنة.

وعن سدير الصيرفي ، قال أبو جعفرعليه‌السلام : ما أتى (الحسين) عبد فخطا خطوة ، إلا كتبت له حسنة ، وحطّت عنه سيئة.

٧٠٣ ـ فضل زيارة الحسينعليه‌السلام وثوابها :

(معالي السبطين للمازندراني ج ١ ص ٨١ و ٨٢ و ٧٦ و ٧٧)

عن (الخصائص الحسينية) للتستري ، وفي الروايات الصحيحة : لو يعلم الناس ما في زيارة الحسينعليه‌السلام من الفضل لماتوا شوقا إليه ، وتقطّعت أنفسهم عليه حسرات. ولو علموا فضلها لأتوه حبوا من أقصى البلدان.

وفي (الخصائص) عن الصادقعليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد : أين زوّار الحسين بن عليعليه‌السلام ؟. فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله ، فيقول لهم : ماذا أردتم بزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟. فيقولون : يا رب حبا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولعلي ولفاطمةعليه‌السلام ، ورحمة له بما ارتكب منه. فيقال لهم : هذا محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ فالحقوا بهم ، فأنتم معهم في درجتهم ، الحقوا بلواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فيكونون في ظله ، وهو في يد عليعليه‌السلام ، فيكونون أمام اللواء وعن يمينه وعن يساره ومن خلفه ، ويباهي الله بهم حملة عرشه وملائكته المقربين ، ويقول : ألا ترون زوار قبر الحسينعليه‌السلام أتوه شوقا؟!.

وفي (البحار) عن حنّان بن سدير عن أبيه ، قال الصادقعليه‌السلام : يا سدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كل يوم؟. قلت : لا. قال : ما أجفاكم!. فتزوره في كل شهر؟.قلت: لا. قال : أفتزوره في كل سنة؟. قلت : قد يكون ذلك. قالعليه‌السلام : يا سدير ، ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام !. أما علمت أن لله ألف ألف ملك شعث غبر يبكون ، فيزورون لا يفترون؟. وعليك يا سدير أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في [يوم] الجمعة خمس مرات ، وفي كل يوم مرة. قلت : جعلت فداك ، بيننا وبينه فراسخ كثيرة. قال لي : اصعد فوق سطحك ، ثم تلتفت يمنة ويسرة ، ثم ترفع رأسك إلى السماء ، ثم تنحو نحو القبر ، وتقول : السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ؛ يكتب لك بكل زيارة حجة وعمرة.

٥٨٠

وفي (كامل الزيارة) قال : إن الحسينعليه‌السلام صاحب كربلا ، قتل مظلوما مكروبا عطشانا لهفانا ، فآلى اللهعزوجل على نفسه أن لا يأتيه لهفان ولا مكروب ولا مذنب ولا مغموم ولا عطشان ولا من به عاهة ، ثم دعا عنده ، وتقرّب بالحسين بن عليعليه‌السلام إلى اللهعزوجل ، إلا نفّس الله كربته ، وأعطاه مسألته ، وغفر ذنبه ، ومدّ في عمره ، وبسط في رزقه. فاعتبروا يا أولي الأبصار.

٧٠٤ ـ الإمام الصادقعليه‌السلام يستغفر لزوّار الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢١)

روى معاوية بن وهب قال : دخلت يوم عاشوراء إلى دار إمامي جعفر الصادقعليه‌السلام فرأيته ساجدا في محرابه ، فجلست من ورائه حتى فرغ ، فأطال في سجوده وبكائه ، فسمعته يناجي ربه وهو ساجد ، وهو يقول : الله م يا من خصّنا بالكرامة ووعدنا الشفاعة وحمّلنا الرسالة ، وجعلنا ورثة الأنبياء ، وختم بنا الأمم السالفة ، وخصّنا بالوصية ، وأعطانا علم ما مضى وما بقي ، وجعل الأفئدة من الناس تهوي إلينا ؛ اغفر الله م لإخواني ولزوّار أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، الذين أنفقوا أموالهم في حبه ، وشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا ، وسرورا أدخلوه على نبيّك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظا أدخلوه على عدونا ، وأرادوا بذلك رضوانك. الله م فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، واخلفهم في أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا أحسن الخلف ، واكفهم شرّ كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من خلقك وشديد ، وشرّ شياطين الإنس والجن ، واعطهم أفضل ما أمّلوه منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وأقربائهم. الله م إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا ، خلافا منهم على من خالفنا. فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلّبت على قبر أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي حزنت لأجلنا واحترقت بالحزن ، وارحم تلك الصرخة التي كانت لأجلنا. اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان ، حتى ترويهم من الحوض يوم العطش الأكبر وتدخلهم الجنة ، وتسهّل عليهم في يوم الحساب ، إنك أنت الكريم الوهّاب.

٥٨١

قال ابن وهب : فما زال الإمام الصادقعليه‌السلام يدعو لأهل الإيمان ولزوار قبر الحسينعليه‌السلام وهو ساجد في محرابه. فلما رفع رأسه أتيت إليه وسلّمت عليه ، وتأمّلت وجهه ، وإذا هو كاسف اللون ، متغيّر الحال ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر على خديه كاللؤلؤ الرطب. فقلت : يا سيدي مم بكاؤك لا أبكى الله لك عينا ، وما الّذي حلّ بك؟. فقال لي : أو في غفلة أنت عن هذا اليوم؟. أما علمت أن جدي الحسينعليه‌السلام قد قتل في مثل هذا اليوم!. فبكيت لبكائه وحزنت لحزنه.

فقلت له : يا سيدي فما الّذي أفعل في مثل هذا اليوم؟. فقال لي : يابن وهب زر الحسينعليه‌السلام من بعيد أقصى ومن قريب أدنى ، وجدّد الحزن عليه ، وأكثر البكاء والشجون له. فقلت : يا سيدي ، لو أن الدعاء الّذي سمعته منك وأنت ساجد ، كان كمن لا يعرف الله تعالى ، لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا. والله لقد تمنيت أني كنت زرته قبل أن أحج. فقال لي : فما الّذي يمنعك من زيارته يابن وهب ، ولم تدع ذلك؟. فقلت : جعلت فداك ، لم أدر أن الأجر يبلغ ذلك كله ، حتى سمعت دعاءك لزوّاره.

فقال لي : يابن وهب ، إن الّذي يدعو لزواره في السماء ، أكثر ممن يدعو لهم في الأرض ، فإياك أن تدع زيارته لخوف من أحد ، فمن تركها لخوف رأى الحسرة والندم ، حتى أنه يتمنى أن قبره نبذه.

يابن وهب ، أما تحبّ أن يرى الله شخصك ، أما تحب أن تكون غدا ممن رأى وليس عليه ذنب يتبع به ، أما تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة؟.

قال : وبكى الصادقعليه‌السلام حتى اخضلّت لحيته بدموعه ، ولم يزل حزينا كئيبا طول يومه ذلك ، وأنا معه أبكي لبكائه وأحزن لحزنه.

٧٠٥ ـ قصة الّذي كان يقول بأن زيارة الحسينعليه‌السلام بدعة ، ثم اهتدى :

(معالي السبطين للمازندراني ج ١ ص ٨٩ ؛ والمنتخب للطريحي ص ١٩٥)

في (البحار) عن سليمان الأعمش أنه قال : كنت نازلا بالكوفة ، وكان لي جار كنت أحضر عنده الليالي ، وأجلس عنده وأحدّثه ويحدثني. فأتيت إليه ليلة الجمعة ، فقلت له : يا هذا ، ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟. فقال لي : هي بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ذي ضلالة في النار.

٥٨٢

قال سليمان : فقمت من عنده ، وقد امتلأت غيظا عليه. فقلت في نفسي : إذا كان وقت السحر آتيه وأحدثه شيئا من فضائل الحسينعليه‌السلام وزيارته ، فإن أصرّ على العناد أقتله.

قال سليمان : فلما كان وقت السحر أتيته وقرعت عليه الباب ، ودعوته باسمه ، وإذا بزوجته تقول لي : إنه قصد كربلاء لزيارة الحسينعليه‌السلام في أول الليل!. قال سليمان : فسرت في أثره إلى زيارة الحسينعليه‌السلام . فلما وصلت إلى الغاضرية إذا بالشيخ ساجد لله تبارك وتعالى ، وهو يدعو ويبكي عند قبر الحسينعليه‌السلام ويسأل الله التوبة والمغفرة. ثم رفع رأسه بعد زمان طويل ، فرآني قريبا منه ، فقلت : يا شيخ بالأمس كنت تقول : زيارة الحسينعليه‌السلام بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ذي ضلالة في النار!. واليوم أتيت تزوره؟!.

فقال : يا سليمان لا تلمني ، فإني ما كنت أثبت لأهل هذا البيت الإمامة حتى كانت ليلتي تلك ، فرأيت رؤيا هالتني وروّعتني. فقلت له : ما رأيت أيها الشيخ؟.قال : رأيت رجلا جليل القدر ، لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق ، لا أقدر على وصفه ، من عظم جلاله وجماله وبهائه وكماله ، وهو مع أقوام يحفّون به حفيفا ويزفّونه زفيفا ، وبين يديه فارس فقلت لبعض خدامه : من هذا؟. فقال : هذا هو محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قلت : ومن هذا الآخر؟. فقال : علي المرتضى وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم مددت نظري فإذا أنا بناقة من نور ، عليها هودج من نور ، وفيه امرأتان ، والناقة تطير بين السماء والأرض. فقلت : لمن هذه الناقة؟. فقال :لخديجة الكبرى وفاطمة الزهراء. فقلت : ومن هذا الغلام؟. فقال : هذا الحسن بن عليعليه‌السلام . فقلت : وإلى أين يريدون بأجمعهم؟. فقال : لزيارة المقتول ظلما ، شهيد كربلا الحسين بن علي المرتضى.

ثم إني قصدت نحو الهودج الّذي فيه فاطمة الزهراءعليه‌السلام ، وإذا أنا برقاع مكتوبة تتساقط من السماء ، فسألت : ما هذه الرقاع؟. فقال : هذه رقاع فيها أمان من النار لزوّار الحسينعليه‌السلام في ليلة الجمعة. فطلبت منه رقعة ، فقال لي : إنك تقول :زيارته بدعة ، فإنك لا تنالها حتى تزور الحسينعليه‌السلام وتعتقد فضله وشرفه.

فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا ، وقصدت من وقتي وساعتي إلى زيارة سيدي ومولاي الحسينعليه‌السلام وأنا تائب إلى الله تعالى. فو الله يا سليمان لا أفارق قبر الحسينعليه‌السلام حتى تفارق روحي جسدي.

٥٨٣

فضل تربة الحسينعليه‌السلام

٧٠٦ ـ فضل تربة الحسينعليه‌السلام :(الخصائص الحسينية)

يقول الشيخ جعفر التستري في خصائصه : فضل تربة الحسينعليه‌السلام :

١ ـ فضل السجود عليها : إن السجود على ترابها يخرق الحجب السبعة

[الحجب السبعة هي المعاصي السبع التي تمنع قبول الأعمال].

٢ ـ فضل أكلها ، فهو شفاء.

٣ ـ حمل طينته عوذة وحرزا للمخاوف.

٧٠٧ ـ قصة سفير ملك الإفرنج الّذي ادّعى العلم بكل شيء ، ثم أسلم ؛ وأن تربة الحسينعليه‌السلام من تراب الجنة :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٧١)

أورد الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ج ١ ص ٥٢٣ ط جديدة ، قصة غريبة ملخصها فيما يلي :

قال : إن أعجب ما سمعت ما وقع في زمن أحد سلاطين الدولة الصفوية في بلدة إصفهان. وذلك أنه جاء إلى ذلك السلطان سفير من عند ملك الإفرنج ، وطلب من علماء المسلمين أن يقدموا دليلا على صدق نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويكون ذاك الدليل بحيث يلزم ويفحم الخصم ويقطع معاذيره ويزيل شبهاته ، وكان يقول : فإن لم تأتوا بذلك الدليل فأقرّوا بأنكم لستم على شيء من الحق.

وكان ذلك السفير ممن له حذاقة في صناعة الرياضة من علم الهيئة [أي الفلك] والحساب والنجوم والإصطرلاب ونحو ذلك. وكان يدّعي أنه يخبر من

أحوال الجلاس عنده ، عما فعلوا في بيوتهم ، وعما يجري عليهم من الحوادث والبلايا.

فأمر السلطان الصفوي ذات يوم بإحضار العلماء الأعلام في بلدة إصفهان. فلما حضروا في مجلس السلطان ، قال أحدهم وهو العارف المحدّث الكاشاني : أيها السفير المسيحي ، ما أقلّ شأنك ، لو أن دولتك بعثت من هو أعقل منك. فاغتم السفير وكاد ينفجر غيظا. وقال : لو كنت تعرف مدى علمي ما قلت لي ما قلت ، وعند الامتحان تعرف قيمة الرجال ، فامتحن تصدّق قولي.

عند ذلك أدخل الفاضل الكاشاني إحدى يديه إلى جيبه ، ثم أخرجها مقبوضة.

٥٨٤

فقال : قل ما في يدي هذه؟. فلما تفكّر المسيحي مقدار نصف ساعة ، اصفرّ وجهه وتغيّر لونه!. فقال الكاشاني : ما أظهر جهلك وأبطل دعواك. قال السفير : وحقّ المسيح وأمهعليه‌السلام ، إني عالم بما في يدك ، ولكن تفكّري وسكوتي من جهة أخرى!. فقال الكاشاني : كيف ذا؟. قال المسيحي : أما ما في يدك فهي تربة من تراب الجنة. ولكن أتفكر في وجه وصوله إليك!. فقال الكاشاني : لعلك غلطت في الحساب ، أو إن قواعدك غير تامة!. قال السفير : لا وحقّ المسيح وأمهعليه‌السلام . فقال الكاشاني : كيف يتصوّر ذلك؟. قال السفير : إن عجزي ليس إلا في تصوّر ذلك. فقال الكاشاني : أيها السفير ، إن ما في يدي تربة كربلاء ، وإن نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كربلاء قطعة من الجنة ، فهل لك من عدم الإيمان به ، مع أنك قاطع بأن قواعد علمك وحسابك مما لا يتخلّف عن الصدق والواقع؟. فقال السفير :صدقت أيها العالم الإسلامي فأسلم السفير بين يديه.

فهذا من بركات تربة سيد الشهداءعليه‌السلام . يا لها من تربة ما أجلّ شأنها وأعظم بركتها!.

٧٠٨ ـ فضل تربة الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٧٤)في (البحار) : روى الشيخ الطوسي في (الأمالي) عن محمّد بن مسلم ، قال :سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّدعليه‌السلام يقولان : إن الله تعالى قد عوّض الحسينعليه‌السلام من قتله ؛ أن جعل الإمامة في ذريته ، وإجابة الدعاء عند قبره ، والشفاء في تربته ، ولا تعدّ أيام زائره جائيا وراجعا من عمره.

ولقد أحسن وأجاد من قال :

مولى بتربته الشفاء وتحت قبّ

ته الدعا من كل داع يسمع

فيه الإمام أبو الأئمة والذي

هو للنبوة والإمامة مجمع

وقال آخر في هذا المعنى :

له تربة فيها الشفاء ، وقبّة

يجاب بها الداعي إذا مسّه الضرّ

وذرية درّيّة منه تسعة

أئمة حقّ ، لا ثمان ولا عشر

٧٠٩ ـ تربة الحسينعليه‌السلام شفاء من كل داء :(المصدر السابق ، ص ٧٥)

قال الإمام الصادقعليه‌السلام : في طين قبر الحسينعليه‌السلام الشفاء من كل داء ، وهو

٥٨٥

الدواء الأكبر ، فيه شفاء وإن أخذ على رأس ميل ، فمن أصابته علّة فتداوى بطين الحسينعليه‌السلام شفاه الله من تلك العلة ، إلا أن تكون علة السّام.

وفي (الخصائص) : إن أكل كل طين حرام ، إلا أكل طين قبر الحسينعليه‌السلام للشفاء.

وقال الصادقعليه‌السلام : حنّكوا أولادكم بتربة الحسينعليه‌السلام فإنه أمان.

٧١٠ ـ قصة الّذي برء بأكل شيء من تربة الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٧٢)

روي في بعض الأخبار ، أن رجلا جاء إلى الإمام الصادقعليه‌السلام وشكا إليه من علّة أردته. فقال له الصادقعليه‌السلام : يا هذا استعمل تربة جدي الحسينعليه‌السلام ، فإن الله تعالى جعل الشفاء فيها من جميع الأمراض ، وأمانا من جميع الخوف.

وإذا أراد أن يستعملها للشفاء ، فليأخذ من تلك التربة ، ثم يقبّلها ويضعها على وجهه وعينه وينزلها على جميع بدنه ، ويقول : اللهم بحق هذه التربة ، وبحق من خلقها ، وبحق جده وأبيه ، وأمه وأخيه ، والأئمة من ولده ، وبحق الملائكة الحافّين به ، إلا جعلتها شفاء من كل داء ، وبرءا من كل مرض ، ونجاة من كل خوف ، وحرزا مما أخاف وأحذر ، يا أرحم الراحمين ثم استعمل [أي ابلع] من تلك التربة أقل من الحمصة ، فإنك تبرأ بإذن الله تعالى.

قال الرجل : فو الله إني فعلت ذلك ، فشفيت من علّتي في وقتي وساعتي ، من بركات سيدي وابن سيدي ، أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام .

٧١١ ـ فضل السجود على التربة الحسينية :

(تاريخ كربلاء والحائر ، للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ١٠٢)

يقول : وليست أحاديث فضل هذه التربة وقداستها منحصرة بأحاديث الأئمةعليه‌السلام ، بل إن أمثال هذه الأحاديث لها شهرة وافرة في أمهات كتب بقية الفرق الإسلامية ، وهي التربة التي يسمّيها أبو ريحان البيروني في كتابه (الآثار الباقية) : التربة المسعودة في كربلاء.

وقد جعل الله هذه التربة موضع معجزته ، حين جاءه جبرئيل بحفنة منها ، فأعطاها لأم سلمة رضي الله عنها لتحفظها في قارورة ، فإذا رأتها تفور دما فهذا يدل على أن الحسينعليه‌السلام قتل!. وكان كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥٨٦

وقد أورد السيوطي في كتابه (الخصائص الكبرى) ما يناهز العشرين حديثا عن أكابر ثقاتهم كالحاكم والبيهقي وأبي نعيم حول هذا الموضوع.

ومن المؤسف أن بعض الجهلة من خصوم الشيعة حاولوا ترويج أكاذيب على الشيعة لمجرد أنهم يسجدون على التربة الحسينية ، يطلبون الأجر من الله تعالى.وقالوا : إن السجود على تربة الحسينعليه‌السلام ضرب من عبادة الأوثان ، دون أن يميّزوا بين السجود للشيء ، وبين السجود على الشيء!. فسمّوا التربة الحسينية أقراصا وألواحا وحجرا إلى غير ذلك. علما بأن السجود في الصلاة لا يجوز إلا على الأرض أو ما في حكمها ، كالتراب والحجر والخشب وورق الشجر ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا».

وإن التبرك بالتربة الحسينية والاستشفاء بها ، ليست بدعة كما توهم البعض ، فقد ورد من كتب العامة ، أن السلف الصالح كانوا يتبركون بتربة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويستشفون بتربة الشهداء كحمزةعليه‌السلام ، وبتربة غيره من الصحابة كصهيب الرومي.

كما روى السيد البرزنجي في كتابه (نزهة الناظرين في تاريخ مسجد سيد الأولين والآخرين) ص ١١٦ طبع مصر ، وننقله حرفيا :

«ويجب على من أخرج شيئا من ذلك [أي من المدينة] ردّه إلى محله ، ولا يزول عصيانه إلا بذلك ما دام قادرا عليه. نعم استثنوا من ذلك ما دعت الحاجة إليه للسفر به ، كآنية من تراب الحرم ، وما يتداوى به منه ، كتراب مصرع حمزةعليه‌السلام للصداع ، وتربة صهيب الرومي ؛ لإطباق السلف والخلف على نقل ذلك».

والإمام زين العابدينعليه‌السلام هو أول من اتخذ سبحة من تراب قبر الحسينعليه‌السلام ، وكان يسجد على تراب الحسينعليه‌السلام ويتبرك بها ، ويعالج بها مرضى عائلته. وشاع هذا عند العلويين وأتباعهم فاقتدوا بهعليه‌السلام .

وعلى هذه السنّة مضى الأئمةعليه‌السلام من بعده. وقد قال الإمام الصادقعليه‌السلام :«إن السجود على تربة أبي عبد اللهعليه‌السلام يخرق الحجب السبع».(راجع مزار المجلسي ، ص ١٤٢ ؛ ومصباح المتهجّد للطوسي ، ص ٥١١ ط طهران ١٣٣٨ ه‍)

وقد روى صاحب (الوسائل) عن الديلمي قال : «كان الصادقعليه‌السلام لا يسجد إلا على تربة الحسينعليه‌السلام تذللا لله واستكانة إليه».

وكان الأئمةعليه‌السلام يستعملون تربة الحسينعليه‌السلام بشكل تراب مسحوق ، ثم

٥٨٧

جعله الناس ـ لسهولة الاستعمال ـ بشكل ألواح مصنوعة من تراب الحائر ، يحملونها في جيوبهم للصلاة والتبرك بها.

٧١٢ ـ شرح حديث الحجب السبع :(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٧٢)

قال المرحوم الشيخ التستري : إن السجود على تربة كربلاء يخرق الحجب السبع. ومعنى هذا الحديث ؛ إما خرق السموات للصعود ، أو المراد بالحجب المعاصي السبع ، التي تمنع قبول الأعمال ، على ما في رواية معاذ بن جبل. وإن السجود عليها ينوّر الأرضين.

وفيه أيضا : إذا جعل مع الميت في القبر ، كان له أمانا في القبر.

(وقد مرّ تفسير الحجب السبعة بالرذائل السبع في الفقرة رقم ٦٠٣ فراجع)

٧١٣ ـ فضل السّبحة المصنوعة من تراب الحسينعليه‌السلام :

(مصباح الطوسي ، ص ٥١٢)

روي عن الصادقعليه‌السلام : من أراد الحجير [أي حبات السبحة المصنوعة من تراب الحسين] من تربة الحسينعليه‌السلام ، فاستغفر مرة واحدة ، كتب الله له سبعين مرة. وإن مسك السبحة ولم يسبّح بها ، ففي كل حبة منها سبع مرات.

(أقول) : ومن هذا القبيل السّبحة التي مرّ ذكرها ، والتي كان الإمام زين العابدينعليه‌السلام يسبّح بها أمام يزيد ، فهي مصنوعة من تراب الحسينعليه‌السلام .

٧١٤ ـ سرّ السجود على تربة الحمزة والحسينعليه‌السلام :

(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ١١٩)

أما السرّ في اختيار التربة من القبر المطهر أو الحائر في كربلاء للسجود عليها في الصلاة ، فعدا ما ورد في فضلها وقدسيتها ، وعدا كونها أطيب وأزكى وأنقى وأطهر وأقدس من أية تربة أخرى ، وعدا ذلك مما ذكر أو لم يذكر ، فلعل السرّ فيه أيضا من بعض النواحي الروحية ، أن يتذكر المصلي في معراجه إلى الله في الأوقات الخمسة ، ما أصاب الإسلام والدين من قتل الشهيد بن الشهيد وأبي الشهداء على يد أعداء الإسلام من الفئة الباغية التي ما برحت تكيد للدين والمسلمين في جاهليتها وإسلامها.

٥٨٨

فلقد ابتدأ ذلك بقتل سيد الشهداء حمزة ، الّذي قضّ مضجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى صلى عليه أربعين مرة ، مع كل شهيد مرة. ولم يكتفوا بذلك حتى حاولت هند

أم معاوية أن تلوك كبد الحمزة بعد أن استخرجتها من صدره الشريف ، فلم تستطع مضغها وبلعها ، فلفظتها ، وعملت من كبده أساور وخلاخل تزيّنت بها شماتة به ، لأنه كان قد قتل أباها عتبة رأس الشرك والكفر في معركة بدر.

ثم ختم ذلك بقتل أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام الّذي أخذ يزيد بقتله ثأر معركة بدر ، فكان أكثر كفرا وإجراما من جدته هند وجدّه عتبة.

وكان قتل حمزة والحسينعليه‌السلام محاولة من أعداء الإسلام لاستئصال دعوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فاتخذ المسلمون تربته شعارا يتبركون به ويستشفون بها ، اعترافا بفضل الشهداء على الإسلام ، وتخليدا لذكرى أنصار الإسلام والذين ماتوا في سبيل الله.

ولما قتل الحسينعليه‌السلام لإحياء دين جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اتخذ المسلمون تربته شعارا يسجدون عليها لله تعالى ، ليتذكروا أنه لو لا الحسينعليه‌السلام لم تكن الصلاة لتقام إلى هذه الأيام. وكما قال المرحوم الشيخ عباس شرف في ديوانه :

لو لا وقوفك بالطفوف

لما وقفنا بالصلاة

فكلما سجد المصلي لله تعالى على هذه التربة ، في مشارق الأرض ومغاربها ، اخترقت أمام بصره وبصيرته تلك الحجب المادية الكثيفة ، التي تحجب بينه وبين حقيقة الصلاة ، التي هي معراج المؤمن ، من حضيض المادة إلى سماء الحقائق ، وعرج بروحه إلى الحضرة الإلهية مقتربا من الله ملتمسا عفوه وثوابه.

وإلى مثل هذا الرأي يذهب أحد أساطين العلم في هذا الوقت ، في سرّ السجود على تربة الحسينعليه‌السلام بقوله : ولعل من جملة المقاصد السامية أن يتذكر المصلي حين يضع جبهته على تلك التربة ، تضحية ذلك الإمام بنفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه ، في سبيل العقيدة والمبدأ ، وتحطيم هياكل الجور والفساد والظلم والاستبداد.

ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة ، وكما في الحديث : «أقرب ما يكون العبد إلى ربه حال سجوده» ناسب أن يتذكر المؤمن حال وضعه جبهته على تلك التربة الزاكية ، أولئك الذين وضعوا أجسامهم عليها ضحايا للحق ، وارتفعت أرواحهم

٥٨٩

إلى الملأ الأعلى ، ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع ، ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة ، كما احتقرها أولئك الشهداء العظام. ولعل هذا هو المقصود ما في الخبر ، من أن السجود على التربة الحسينية يخرق الحجب السبع.

(راجع : الأرض والتربة الحسينية ، ص ٤٢)

كربلاء والحائر الحسيني

٧١٥ ـ الحائر الحسيني :

(تاريخ كربلاء وحائر الحسين للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ١١)

الحائر الحسيني هو بقعة مقدسة ، لأن تربتها امتزجت بدم ، هو دم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واختلطت ذراتها بلحم ، هو من لحم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما نصّ عليه الحديث النبوي من طرق الخاصة والعامة.

٧١٦ ـ فضيلة كربلاء :(كامل الزيارة ، ص ٢٦٧ ـ ٢٧٣)

أعطيت كربلاء ـ حسب النصوص الواردة ـ مزايا عظيمة في الإسلام. فكانت أرض الله المختارة ، وأرض الله المقدسة المباركة ، وأرض الله الخاضعة المتواضعة ، وحرما آمنا مباركا ، وحرما من حرم الله وحرم رسوله ، ومن المواضع التي يحب الله أن يعبد ويدعى فيها ، وأرض الله التي في تربتها الشفاء.

وهذه الأرض المباركة ذات الفضل الطويل والشرف الجليل ، لم تنل هذا الشرف العظيم في الإسلام ، إلا بالحسينعليه‌السلام .

٧١٧ ـ كربلاء :(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ١٤)

نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ القديم والحديث بأسماء عديدة مختلفة ، ورد منها في الحديث باسم : كربلاء ، والغاضرية ، ونينوى ، وعمورا ، وشاطئ الفرات ، وشط الفرات.

وورد منها في الرواية والتاريخ أيضا باسم : مارية ، والنواويس ، والطف ، وطف الفرات ، ومشهد الحسينعليه‌السلام ، والحائر ، والحير إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة. إلا أن أهم هذه الأسماء في الدين هو اسم (الحائر) لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس ، أو أنيط به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا.

٥٩٠

ولتعدد أسماء كربلاء أسباب تحتاج إلى تأمل ، فلا بدّ من وجوه واحتمالات في ذلك. منها أن بعض الأسماء تكون عامة ، فتشمل منطقة أوسع من تلك البقعة نفسها ، فتكون بعضها خاصة لأجزاء صغيرة من تلك المنطقة ، كما هي الحال في كل مكان. وقد يكون بعض تلك الألفاظ هي أسماء ، وأن البعض الأخر منها أوصاف.

٧١٨ ـ معنى الحائر :(المصدر السابق ، ص ١٥)

أما الحائر والحير ، فهما في عداد تلك الأسماء الكثيرة التي كانت تطلق في العصر الأول على هذا الموضع. ولعل كربلاء أو بعض أجزائها سميت بهذا الاسم منذ القديم ، لما كان في أرضها من المنخفضات التي يسيل إليها مسيل ماء الأمطار ، من تحيّر الماء : إذا اجتمع ودار ، ومن تحيّرت الأرض بالماء : إذا امتلأت. والحائر عند اللغويين : الموضع المطمئن الوسط ، المرتفع الأطراف.

وفي (الصحاح) ، الحير : الحمى ، ومنه الحير بكربلاء.

وقد اتفق الرواة والمحدّثون ، والمؤرخون والجغرافيون ، وأهل اللغة على تسمية كربلاء (بالحائر) بصورة مطلقة. (والحير) : هو مخفف (الحائر).

وعلى قول ياقوت الحموي في (معجم البلدان) : فإن الحائر هو قبر الحسينعليه‌السلام ، ثم يقول : وإنهم يقولون الحير بلا إضافة ، إذا عنوا كربلاء.

ويقول الطريحي في (مجمع البحرين) : ويراد بالحائر حائر الحسينعليه‌السلام ، وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرّفه السلام.

ولا ندري إن كان (الحائر) وصف للأرض هناك ، أم هو في الحقيقة اسم للبناء الّذي شيّد حول الضريح المقدس؟. فإن كان وصفا للمنطقة فتكون التسمية قديمة قبل وقعة كربلاء ، وقبل الفتح الاسلامي للعراق. وإن كان اسما فهو مطلق منذ الوقعة أو بعدها.

ولا يبعد أن تسمية (الحائر) لم تكن لصفة طبيعة الأرض ، وإنما لما اشتمل حول القبر الشريف من بناء وسور كالحائر.

٧١٩ ـ حدود الحائر الحسيني :(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ٢٨)

وإذا اعتبرنا (الحائر) بالمعنى الضيّق ، كان البقعة التي حول قبر الحسينعليه‌السلام ، ومساحتها ٢٥ خمس وعشرون ذراعا في مثلها من كل جانب من القبر المطهر ، وفي

٥٩١

رواية عشرون ذراعا في عشرين ذراعا ، كما في رواية عبد الله بن سنان عن الإمام الصادقعليه‌السلام : أن «قبر الحسينعليه‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا ، روضة من رياض الجنة».(مزار البحار ، ص ١٤١ ؛ وكامل الزيارة لابن قولويه ، ص ٢٧٢ ؛ والحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني ، ج ٣ ص ٣٤٥)

ومن الناحية العبادية يتخيّر المسلم في صلاته بين القصر والتمام ، إذا صلّى ضمن هذه البقعة (الحائر) فقط.

وفي (كامل الزيارات) ص ١١٢ : عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : قبر الحسين بن عليعليه‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا ، روضة من رياض الجنة ، منه معراج إلى السماء ، فليس من ملك مقرّب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره ، وفوج يهبط وفوج يصعد.

٧٢٠ ـ أقوال في حدّ الحائر الحسيني :

(مزار البحار ، ج ١٠١ ص ١١٧ ط ٢)

يقول العلامة المجلسي : اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب ـرحمهم‌الله ـ في حدّ الحائر.

فقيل : إنه ما أحاطت به جدران الصحن ، فيدخل فيه الصحن من جميع الجوانب والعمارات المتصلة بالقبة المنورة والمسجد الّذي خلفها.

وقيل : إنه القبة الشريفة فحسب.

وقيل : هي مع ما اتصل بها من العمارات ، كالمسجد والمقتل والخزانة وغيرها.

والأول أظهر ، لاشتهاره بهذا الوصف بين أهل المشهد ، آخذين عن أسلافهم ، ولظاهر كلمات أكثر الأصحاب.

قال ابن إدريس في (السرائر) ص ٧٨ : المراد بالحائر ما دار سور المشهد والمسجد عليه. قال : لأن ذلك هو الحائر حقيقة ، لأن الحائر في لسان العرب :الموضع المطمئن الّذي يحار فيه الماء.

وذكر الشهيد الأول في (الذكرى) : أن في هذا الموضع حار الماء ، لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر الحسينعليه‌السلام ليعفّيه ، فكان لا يبلغه.

وذكر السيد الفاضل شرف الدين علي ، المجاور بالمشهد الغروي : إني سمعت

٥٩٢

من كبار الشائبين من البلدة المشرفة ، أن الحائر هو السعة التي عليها الحصار الرفيع ، من القبلة واليمين واليسار. وأما الخلف فما ندري ما حدّه. وقالوا : هذا الّذي سمعنا من جماعة من قبلنا. ا ه

وفي شموله لحجرات الصحن إشكال ، ولا يبعد أن يكون ما انخفض من هذا الصحن الشريف يكون داخلا في الحائر دون ما ارتفع منها ، وعليه أيضا شواهد من كلمات الأصحاب ، والله أعلم.

الحرم الحسيني

٧٢١ ـ الحرم الحسيني :(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ٣١)

أما (الحرم الحسيني) فهو حسب ما ورد فيه من الأخبار ، أوسع من الحائر بكثير ، لشموله على منطقة واسعة مركزها الحائر ، وأبعادها فرسخ واحد [نحو ٦ كم] من كل جانب. وعلى هذا التقدير ، فالحرم هو ما دار سور المشهد والمسجد عليه. وهو السور الّذي بناه أبو محمّد الحسن بن مفضل بن سهلان الرامهرمزي وزير سلطان الدولة ابن بويه الديلمي سنة ٤٠٧ ه‍ إثر حريق هناك.

٧٢٢ ـ حدود الحرم :(المصدر السابق)

إن للحرم حرمة وقدسية خاصة ، فهو منطقة آمنة ، كما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «حرمة قبر الحسينعليه‌السلام فرسخ في فرسخ ، من أربعة جوانب القبر». وهذا باعتبار أن هذه المنطقة هي التي امتزجت أرضها واختلطت تربتها بدم الحسينعليه‌السلام فاكتسبت تلك الحرمة وهذه المعنوية.

ولعل هذه البقعة التي مساحتها [٥ ، ٥* ٥ ، ٥* ٣٠ كم ٢] هي التي بالأصل كان قد اشتراها الحسينعليه‌السلام عند نزوله كربلاء ، بستين ألف درهم من أصحابها سكان الغاضرية ونينوى ، وتصدّق بها عليهم ، على أن يضيفوا زوّاره ثلاثة أيام ، ويرشدوهم إلى قبره الشريف.

(راجع كشكول الشيخ البهائي ، ص ١٠٣ ط مصر عام ١٣٠٢ ه‍)

وظل الخلط بين الحائر والحير [أي البلد] جاريا ، حتى فصله ابن إدريس في كتاب الصلاة من كتابه (السرائر) حين قال : والمراد بالحائر ما دار عليه سور المشهد (القديم) ، لا ما دار عليه سور البلد.

٥٩٣

(أقول) : وقد توسّع المتأخرون في تحديد الحائر ، وقد جاءت خلاصة هذا الكلام في مجلد (مزار المجلسي) بقوله : اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب في حدّ الحائر ، فقيل : إنه ما أحاطت به جدران الصحن ، فيدخل فيه الصحن من جميع الجوانب والعمارات المتصلة بالقبة والمسجد الّذي خلفها. وقيل : إنه القبة الشريفة فحسب ، وقيل : هي مع ما اتصل بها من العمارات ، كالمسجد والمقتل والخزانة وغيرها. والأول أظهر ، لاشتهاره بهذا الوصف بين أهل المشهد آخذين عن أسلافهم ، ولظاهر كلمات أكثر الأصحاب.

وفي شموله لحجرات الصحن إشكال. ولا يدخل فيه الصحن القبلي والمسجد الموجود اليوم في ظهر القبلة ، فهذا لم يكن من قبل ، وإنما ضمّ إلى الصحن بعد التغيير.

٧٢٣ ـ حرمة الحائر والحرم وفضلهما :(المصدر السابق ، ص ٣٧)

إن للبقعة التي حول قبر الحسينعليه‌السلام حرمة كبيرة كما أسلفنا ، ويمكن تقسيم تلك البقعة إلى عدة مناطق ، هي دوائر مركزها القبر الشريف ، وتزيد حرمة هذه المناطق وشرفها كلما اقتربنا من المركز المنطقة الأولى ضمن دائرة نصف قطرها من عشرين ذراعا إلى خمسة وعشرين ذراعا ، والمنطقة الثانية إلى فرسخ ، والمنطقة

(الشكل ٢٦) : الحائر الحسيني ـ حدوده وأبوابه

٥٩٤

الثالثة إلى أربعة فراسخ أو خمسة من كل جانب من القبر المطهر. وهذا يستغرق كل بقعة كربلاء وأطرافها إلى مسافة بعيدة.

ولشرف البقعة تشرف تربتها ، فتؤخذ التربة الحسينية للسجود عليها في الصلاة من حدود الحائر الحسيني. وعادة يؤخذ التراب من البلد ويذرّ عليها قليل من تربة الحائر ، ويصنع منها تربة الصلاة.

٧٢٤ ـ شرف بقعة الحسينعليه‌السلام :(مزار البحار ، ج ١٠١ ص ١١٢ ط ٢)

قال الشيخ الطوسي في (المصباح) : الوجه في هذه الأخبار ، ترتّب هذه المواضع في الفضل ؛ فالأقصى خمسة فراسخ ، وأدناه من المشهد فرسخ ، وأشرف الفرسخ خمس وعشرون ذراعا ، وأشرف الخمس والعشرين ذراعا عشرون ذراعا ، وأشرف العشرين ما شرف به ، وهو الجدث نفسه. ا ه

ونحوه قال في (التهذيب).

مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام

٧٢٥ ـ وصف مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء :

يقع ضريح الحسينعليه‌السلام في كربلاء ، في صحن طوله ٩٥ م وعرضه ٧٥ م ، تحيط به الإيوانات والحجرات. وجدران الصحن محلاة بحجارة ذات لون أزرق ، نقشت عليها آيات القرآن الكريم بأحرف بيضاء. وأما المقام فطوله ١٤ م وعرضه ٩ أمتار ، ويتألف من عمارة قائمة الزوايا ، لها قاعة خارجية مذهبة ، تحفّ بها ممرات أعدت للطواف حول الضريح المشرف. وفي منتصف المقام يقع ضريح الحسينعليه‌السلام ، وحوله شبكان : الخارجي مصنوع على شكل مشربية من الفضة ، والداخلي من الذهب.

وقد أعاد بناء قبة المشهد وأمر بتذهيبها السلطان فتح علي شاه ، مؤسس الدولة القاجارية المالكة في إيران عام ١٨١٧ م ، بينما تبرعت زوجته بتذهيب المئذنتين.

ويوجد داخل المقام قبر الحسينعليه‌السلام وعند رجليه من الشرق قبر ابنه الشهيد علي الأكبرعليه‌السلام . وفي الزاوية الجنوبية الشرقية قبور شهداء أهل البيتعليه‌السلام في مكان واحد. بينما ينفرد قبر حبيب بن مظاهر لوحده في الزاوية الجنوبية الغربية ، كما هو مبيّن في (الشكل ٢٧).

٥٩٥

(الشكل ٢٧) : مقام الإمام الحسينعليه‌السلام ومراقد الشهداء حوله

ويسمى الباب الرئيسي للمشهد : باب الشهداء وهو الشرقي ، وقد كتبت فوقه هذه الأبيات :

أبا الشهداء حسبي فيك منجى

يقيني شرّ عادية الزمان

إذا ما الخطب عبّس مكفهرا

وجدت ببابك العالي أماني

وها أنا قد قصدتك مستجيرا

لأبلغ فيك غايات الأماني

فلا تردد يديّ وأنت بحر

يفيض نداه بالمنن الحسان

٧٢٦ ـ بعض الكتابات المنقوشة على قفص مولانا الحسينعليه‌السلام في كربلاء :

توجد على قفص ضريح أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام كتابات بديعة ؛ منها بعض الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وأشعار وكلمات مأثورة لسيد الشهداءعليه‌السلام ، وقد وزّعت على داير القفص الذهبي بشكل عبقري.

٥٩٦

(الشكل ٢٨) : باب الشهداء لمرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

٥٩٧

وقد سجّلت هذه الكتابات بنفسي عند زيارتي للضريح المقدس ، أثبت بعضها فيما يلي :

(١) ـ الآيات القرآنية :

بسم الله الرحمن الرحيم( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ١٦٩فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١٧٠) [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠].

( الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ٢٠يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ ٢١خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (٢٢) [التوبة : ٢٠ ـ ٢٢].

( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً ) [الإسراء : ٣٣].

( قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١١٩) [المائدة : ١١٩].

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) (١١) [البروج : ١١].

( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ) (٣٠) [الجاثية : ٣٠].

( وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (٧٢) [التوبة : ٧٢].

( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) (١٤٦) [آل عمران : ١٤٦].

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (٢٣) [هود : ٢٣].

( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٥٦) [الأحزاب : ٥٦].

٥٩٨

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) [الأحزاب : ٣٣]

( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) [هود : ٧٣]

صدق الله العظيم.

(٢) ـ الأحاديث الشريفة :

وتحت هذه الآيات الكريمة كتبت الأحاديث الشريفة التالية :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

بورك لولدي الحسين في ثلاث : ولده وقبره ومشهده* ألا وإن بين قبري وقبر الحسين روضة من رياض الجنة* ألا وإن كربلاء روض من رياض الجنة* يا جابر زر قبر ابني الحسين ، فإن زيارته تعدل مائة حجة* ألا وإن قبر الحسين على مترعة من ترع الجنة ؛ الشفاء في تربته ، والإجابة تحت قبّته ، والأئمة من ذريّته* الحسن والحسين سبطان من الأسباط* الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة* الحسن والحسين إماما حقّ قاما أو قعدا ، وأبوهما خير منهما* حسين مني وأنا منه ، أحبّ الله من أحبّه* من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني* من أحبّ الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله النار.

وكان من دعاء الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء : اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدّة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة. كم من همّ يضعف منه الفؤاد وتقلّ فيه الحيل ، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك ، رغبة مني إليك عمن سواك ، ففرّجته وكشفته ؛ وأنت وليّ كلّ نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة.

(٣) ـ القصيدة الشعرية النونية :

وتحت الأحاديث السابقة كتبت هذه الأشعار البديعة :

يا إمام الحق مولانا الحسين

صفوة الله وصفو المصطفين

٥٩٩

يا حسين بن عليّ المرتضى

أنت والله له قرّة عين

جدّك المختار طه رحمة ال

لّه فيها أنت يا مولاي عين

وأبوك المرتضى المولى الّذي

هو لله يد حتما وعين

كم وكم أديت يا مولاي لل

سلف الغر السّرى من كل عين

أنت ذخري أنت كهفي يا حسين

في حياتي وإذا ما حان حين

إنما لاهوته ناسوته

زبدة الكونين صفو الثقلين

كان في الدنيا صليبا راسخا

كان في الديدن ذا رفق ولين

كان من أكرم بطن مجدهم

طنّبت خيمته فوق البطين

من يطعه يطعم الله له ال

نفس في الخلد بسيب وبوين

اسمه ترياق من تلسعه

من أعادي أهل بيت الوحي أين

يا له من باذل مهجته

في سبيل الله في أصعب أين

يا لشبّير(١) عظيم شأنه

شبّر كان له أكرم عين

هل ترى مثل حسين كان في

كربلا أثبت جأشا من رعين

أثخنوه برماح وظبى

وبنبل رشقوا من كل عين

قتلته أمّة السوء التي

أخذت أحقاد بدر وحنين

إنه أحرى بأن نفديه

بنفوس لا نضار ولجين

ذكره كالذكر يتلى دائما

ما شدا في الأيك قمريّ وعين

لم يكن لو لا علي نجله ال

طهر في دار رسول الله عين

ما خلا الأرض ولن يخلو من

قائم من ولده أروع عين

بأبي أنت وأمي يا حسين

وبأهلي وبولدي وبعين

* * *

عمارة قبر الحسينعليه‌السلام

٧٢٧ ـ البناء على قبر الحسينعليه‌السلام :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٢)

قال السيد الأمين : أول من بنى القبر الشريف بنو أسد ، الذين دفنوا الحسينعليه‌السلام وأصحابه. يظهر ذلك من الخبر المروي في (كامل الزيارة) عن زائدة

__________________

(١) شبّر : اسم الإمام الحسنعليه‌السلام في اللغة العبرانية ، وشبّير : اسم الإمام الحسينعليه‌السلام .

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800