موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء2%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 493505 / تحميل: 5836
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

وفي (كامل الزيارة) قال : إن الحسينعليه‌السلام صاحب كربلا ، قتل مظلوما مكروبا عطشانا لهفانا ، فآلى اللهعزوجل على نفسه أن لا يأتيه لهفان ولا مكروب ولا مذنب ولا مغموم ولا عطشان ولا من به عاهة ، ثم دعا عنده ، وتقرّب بالحسين بن عليعليه‌السلام إلى اللهعزوجل ، إلا نفّس الله كربته ، وأعطاه مسألته ، وغفر ذنبه ، ومدّ في عمره ، وبسط في رزقه. فاعتبروا يا أولي الأبصار.

٧٠٤ ـ الإمام الصادقعليه‌السلام يستغفر لزوّار الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢١)

روى معاوية بن وهب قال : دخلت يوم عاشوراء إلى دار إمامي جعفر الصادقعليه‌السلام فرأيته ساجدا في محرابه ، فجلست من ورائه حتى فرغ ، فأطال في سجوده وبكائه ، فسمعته يناجي ربه وهو ساجد ، وهو يقول : الله م يا من خصّنا بالكرامة ووعدنا الشفاعة وحمّلنا الرسالة ، وجعلنا ورثة الأنبياء ، وختم بنا الأمم السالفة ، وخصّنا بالوصية ، وأعطانا علم ما مضى وما بقي ، وجعل الأفئدة من الناس تهوي إلينا ؛ اغفر الله م لإخواني ولزوّار أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، الذين أنفقوا أموالهم في حبه ، وشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا ، وسرورا أدخلوه على نبيّك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظا أدخلوه على عدونا ، وأرادوا بذلك رضوانك. الله م فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، واخلفهم في أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا أحسن الخلف ، واكفهم شرّ كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من خلقك وشديد ، وشرّ شياطين الإنس والجن ، واعطهم أفضل ما أمّلوه منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وأقربائهم. الله م إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا ، خلافا منهم على من خالفنا. فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلّبت على قبر أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي حزنت لأجلنا واحترقت بالحزن ، وارحم تلك الصرخة التي كانت لأجلنا. اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان ، حتى ترويهم من الحوض يوم العطش الأكبر وتدخلهم الجنة ، وتسهّل عليهم في يوم الحساب ، إنك أنت الكريم الوهّاب.

٥٨١

قال ابن وهب : فما زال الإمام الصادقعليه‌السلام يدعو لأهل الإيمان ولزوار قبر الحسينعليه‌السلام وهو ساجد في محرابه. فلما رفع رأسه أتيت إليه وسلّمت عليه ، وتأمّلت وجهه ، وإذا هو كاسف اللون ، متغيّر الحال ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر على خديه كاللؤلؤ الرطب. فقلت : يا سيدي مم بكاؤك لا أبكى الله لك عينا ، وما الّذي حلّ بك؟. فقال لي : أو في غفلة أنت عن هذا اليوم؟. أما علمت أن جدي الحسينعليه‌السلام قد قتل في مثل هذا اليوم!. فبكيت لبكائه وحزنت لحزنه.

فقلت له : يا سيدي فما الّذي أفعل في مثل هذا اليوم؟. فقال لي : يابن وهب زر الحسينعليه‌السلام من بعيد أقصى ومن قريب أدنى ، وجدّد الحزن عليه ، وأكثر البكاء والشجون له. فقلت : يا سيدي ، لو أن الدعاء الّذي سمعته منك وأنت ساجد ، كان كمن لا يعرف الله تعالى ، لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا. والله لقد تمنيت أني كنت زرته قبل أن أحج. فقال لي : فما الّذي يمنعك من زيارته يابن وهب ، ولم تدع ذلك؟. فقلت : جعلت فداك ، لم أدر أن الأجر يبلغ ذلك كله ، حتى سمعت دعاءك لزوّاره.

فقال لي : يابن وهب ، إن الّذي يدعو لزواره في السماء ، أكثر ممن يدعو لهم في الأرض ، فإياك أن تدع زيارته لخوف من أحد ، فمن تركها لخوف رأى الحسرة والندم ، حتى أنه يتمنى أن قبره نبذه.

يابن وهب ، أما تحبّ أن يرى الله شخصك ، أما تحب أن تكون غدا ممن رأى وليس عليه ذنب يتبع به ، أما تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة؟.

قال : وبكى الصادقعليه‌السلام حتى اخضلّت لحيته بدموعه ، ولم يزل حزينا كئيبا طول يومه ذلك ، وأنا معه أبكي لبكائه وأحزن لحزنه.

٧٠٥ ـ قصة الّذي كان يقول بأن زيارة الحسينعليه‌السلام بدعة ، ثم اهتدى :

(معالي السبطين للمازندراني ج ١ ص ٨٩ ؛ والمنتخب للطريحي ص ١٩٥)

في (البحار) عن سليمان الأعمش أنه قال : كنت نازلا بالكوفة ، وكان لي جار كنت أحضر عنده الليالي ، وأجلس عنده وأحدّثه ويحدثني. فأتيت إليه ليلة الجمعة ، فقلت له : يا هذا ، ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟. فقال لي : هي بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ذي ضلالة في النار.

٥٨٢

قال سليمان : فقمت من عنده ، وقد امتلأت غيظا عليه. فقلت في نفسي : إذا كان وقت السحر آتيه وأحدثه شيئا من فضائل الحسينعليه‌السلام وزيارته ، فإن أصرّ على العناد أقتله.

قال سليمان : فلما كان وقت السحر أتيته وقرعت عليه الباب ، ودعوته باسمه ، وإذا بزوجته تقول لي : إنه قصد كربلاء لزيارة الحسينعليه‌السلام في أول الليل!. قال سليمان : فسرت في أثره إلى زيارة الحسينعليه‌السلام . فلما وصلت إلى الغاضرية إذا بالشيخ ساجد لله تبارك وتعالى ، وهو يدعو ويبكي عند قبر الحسينعليه‌السلام ويسأل الله التوبة والمغفرة. ثم رفع رأسه بعد زمان طويل ، فرآني قريبا منه ، فقلت : يا شيخ بالأمس كنت تقول : زيارة الحسينعليه‌السلام بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ذي ضلالة في النار!. واليوم أتيت تزوره؟!.

فقال : يا سليمان لا تلمني ، فإني ما كنت أثبت لأهل هذا البيت الإمامة حتى كانت ليلتي تلك ، فرأيت رؤيا هالتني وروّعتني. فقلت له : ما رأيت أيها الشيخ؟.قال : رأيت رجلا جليل القدر ، لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق ، لا أقدر على وصفه ، من عظم جلاله وجماله وبهائه وكماله ، وهو مع أقوام يحفّون به حفيفا ويزفّونه زفيفا ، وبين يديه فارس فقلت لبعض خدامه : من هذا؟. فقال : هذا هو محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قلت : ومن هذا الآخر؟. فقال : علي المرتضى وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم مددت نظري فإذا أنا بناقة من نور ، عليها هودج من نور ، وفيه امرأتان ، والناقة تطير بين السماء والأرض. فقلت : لمن هذه الناقة؟. فقال :لخديجة الكبرى وفاطمة الزهراء. فقلت : ومن هذا الغلام؟. فقال : هذا الحسن بن عليعليه‌السلام . فقلت : وإلى أين يريدون بأجمعهم؟. فقال : لزيارة المقتول ظلما ، شهيد كربلا الحسين بن علي المرتضى.

ثم إني قصدت نحو الهودج الّذي فيه فاطمة الزهراءعليه‌السلام ، وإذا أنا برقاع مكتوبة تتساقط من السماء ، فسألت : ما هذه الرقاع؟. فقال : هذه رقاع فيها أمان من النار لزوّار الحسينعليه‌السلام في ليلة الجمعة. فطلبت منه رقعة ، فقال لي : إنك تقول :زيارته بدعة ، فإنك لا تنالها حتى تزور الحسينعليه‌السلام وتعتقد فضله وشرفه.

فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا ، وقصدت من وقتي وساعتي إلى زيارة سيدي ومولاي الحسينعليه‌السلام وأنا تائب إلى الله تعالى. فو الله يا سليمان لا أفارق قبر الحسينعليه‌السلام حتى تفارق روحي جسدي.

٥٨٣

فضل تربة الحسينعليه‌السلام

٧٠٦ ـ فضل تربة الحسينعليه‌السلام :(الخصائص الحسينية)

يقول الشيخ جعفر التستري في خصائصه : فضل تربة الحسينعليه‌السلام :

١ ـ فضل السجود عليها : إن السجود على ترابها يخرق الحجب السبعة

[الحجب السبعة هي المعاصي السبع التي تمنع قبول الأعمال].

٢ ـ فضل أكلها ، فهو شفاء.

٣ ـ حمل طينته عوذة وحرزا للمخاوف.

٧٠٧ ـ قصة سفير ملك الإفرنج الّذي ادّعى العلم بكل شيء ، ثم أسلم ؛ وأن تربة الحسينعليه‌السلام من تراب الجنة :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٧١)

أورد الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ج ١ ص ٥٢٣ ط جديدة ، قصة غريبة ملخصها فيما يلي :

قال : إن أعجب ما سمعت ما وقع في زمن أحد سلاطين الدولة الصفوية في بلدة إصفهان. وذلك أنه جاء إلى ذلك السلطان سفير من عند ملك الإفرنج ، وطلب من علماء المسلمين أن يقدموا دليلا على صدق نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويكون ذاك الدليل بحيث يلزم ويفحم الخصم ويقطع معاذيره ويزيل شبهاته ، وكان يقول : فإن لم تأتوا بذلك الدليل فأقرّوا بأنكم لستم على شيء من الحق.

وكان ذلك السفير ممن له حذاقة في صناعة الرياضة من علم الهيئة [أي الفلك] والحساب والنجوم والإصطرلاب ونحو ذلك. وكان يدّعي أنه يخبر من

أحوال الجلاس عنده ، عما فعلوا في بيوتهم ، وعما يجري عليهم من الحوادث والبلايا.

فأمر السلطان الصفوي ذات يوم بإحضار العلماء الأعلام في بلدة إصفهان. فلما حضروا في مجلس السلطان ، قال أحدهم وهو العارف المحدّث الكاشاني : أيها السفير المسيحي ، ما أقلّ شأنك ، لو أن دولتك بعثت من هو أعقل منك. فاغتم السفير وكاد ينفجر غيظا. وقال : لو كنت تعرف مدى علمي ما قلت لي ما قلت ، وعند الامتحان تعرف قيمة الرجال ، فامتحن تصدّق قولي.

عند ذلك أدخل الفاضل الكاشاني إحدى يديه إلى جيبه ، ثم أخرجها مقبوضة.

٥٨٤

فقال : قل ما في يدي هذه؟. فلما تفكّر المسيحي مقدار نصف ساعة ، اصفرّ وجهه وتغيّر لونه!. فقال الكاشاني : ما أظهر جهلك وأبطل دعواك. قال السفير : وحقّ المسيح وأمهعليه‌السلام ، إني عالم بما في يدك ، ولكن تفكّري وسكوتي من جهة أخرى!. فقال الكاشاني : كيف ذا؟. قال المسيحي : أما ما في يدك فهي تربة من تراب الجنة. ولكن أتفكر في وجه وصوله إليك!. فقال الكاشاني : لعلك غلطت في الحساب ، أو إن قواعدك غير تامة!. قال السفير : لا وحقّ المسيح وأمهعليه‌السلام . فقال الكاشاني : كيف يتصوّر ذلك؟. قال السفير : إن عجزي ليس إلا في تصوّر ذلك. فقال الكاشاني : أيها السفير ، إن ما في يدي تربة كربلاء ، وإن نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كربلاء قطعة من الجنة ، فهل لك من عدم الإيمان به ، مع أنك قاطع بأن قواعد علمك وحسابك مما لا يتخلّف عن الصدق والواقع؟. فقال السفير :صدقت أيها العالم الإسلامي فأسلم السفير بين يديه.

فهذا من بركات تربة سيد الشهداءعليه‌السلام . يا لها من تربة ما أجلّ شأنها وأعظم بركتها!.

٧٠٨ ـ فضل تربة الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٧٤)في (البحار) : روى الشيخ الطوسي في (الأمالي) عن محمّد بن مسلم ، قال :سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّدعليه‌السلام يقولان : إن الله تعالى قد عوّض الحسينعليه‌السلام من قتله ؛ أن جعل الإمامة في ذريته ، وإجابة الدعاء عند قبره ، والشفاء في تربته ، ولا تعدّ أيام زائره جائيا وراجعا من عمره.

ولقد أحسن وأجاد من قال :

مولى بتربته الشفاء وتحت قبّ

ته الدعا من كل داع يسمع

فيه الإمام أبو الأئمة والذي

هو للنبوة والإمامة مجمع

وقال آخر في هذا المعنى :

له تربة فيها الشفاء ، وقبّة

يجاب بها الداعي إذا مسّه الضرّ

وذرية درّيّة منه تسعة

أئمة حقّ ، لا ثمان ولا عشر

٧٠٩ ـ تربة الحسينعليه‌السلام شفاء من كل داء :(المصدر السابق ، ص ٧٥)

قال الإمام الصادقعليه‌السلام : في طين قبر الحسينعليه‌السلام الشفاء من كل داء ، وهو

٥٨٥

الدواء الأكبر ، فيه شفاء وإن أخذ على رأس ميل ، فمن أصابته علّة فتداوى بطين الحسينعليه‌السلام شفاه الله من تلك العلة ، إلا أن تكون علة السّام.

وفي (الخصائص) : إن أكل كل طين حرام ، إلا أكل طين قبر الحسينعليه‌السلام للشفاء.

وقال الصادقعليه‌السلام : حنّكوا أولادكم بتربة الحسينعليه‌السلام فإنه أمان.

٧١٠ ـ قصة الّذي برء بأكل شيء من تربة الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٧٢)

روي في بعض الأخبار ، أن رجلا جاء إلى الإمام الصادقعليه‌السلام وشكا إليه من علّة أردته. فقال له الصادقعليه‌السلام : يا هذا استعمل تربة جدي الحسينعليه‌السلام ، فإن الله تعالى جعل الشفاء فيها من جميع الأمراض ، وأمانا من جميع الخوف.

وإذا أراد أن يستعملها للشفاء ، فليأخذ من تلك التربة ، ثم يقبّلها ويضعها على وجهه وعينه وينزلها على جميع بدنه ، ويقول : اللهم بحق هذه التربة ، وبحق من خلقها ، وبحق جده وأبيه ، وأمه وأخيه ، والأئمة من ولده ، وبحق الملائكة الحافّين به ، إلا جعلتها شفاء من كل داء ، وبرءا من كل مرض ، ونجاة من كل خوف ، وحرزا مما أخاف وأحذر ، يا أرحم الراحمين ثم استعمل [أي ابلع] من تلك التربة أقل من الحمصة ، فإنك تبرأ بإذن الله تعالى.

قال الرجل : فو الله إني فعلت ذلك ، فشفيت من علّتي في وقتي وساعتي ، من بركات سيدي وابن سيدي ، أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام .

٧١١ ـ فضل السجود على التربة الحسينية :

(تاريخ كربلاء والحائر ، للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ١٠٢)

يقول : وليست أحاديث فضل هذه التربة وقداستها منحصرة بأحاديث الأئمةعليه‌السلام ، بل إن أمثال هذه الأحاديث لها شهرة وافرة في أمهات كتب بقية الفرق الإسلامية ، وهي التربة التي يسمّيها أبو ريحان البيروني في كتابه (الآثار الباقية) : التربة المسعودة في كربلاء.

وقد جعل الله هذه التربة موضع معجزته ، حين جاءه جبرئيل بحفنة منها ، فأعطاها لأم سلمة رضي الله عنها لتحفظها في قارورة ، فإذا رأتها تفور دما فهذا يدل على أن الحسينعليه‌السلام قتل!. وكان كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥٨٦

وقد أورد السيوطي في كتابه (الخصائص الكبرى) ما يناهز العشرين حديثا عن أكابر ثقاتهم كالحاكم والبيهقي وأبي نعيم حول هذا الموضوع.

ومن المؤسف أن بعض الجهلة من خصوم الشيعة حاولوا ترويج أكاذيب على الشيعة لمجرد أنهم يسجدون على التربة الحسينية ، يطلبون الأجر من الله تعالى.وقالوا : إن السجود على تربة الحسينعليه‌السلام ضرب من عبادة الأوثان ، دون أن يميّزوا بين السجود للشيء ، وبين السجود على الشيء!. فسمّوا التربة الحسينية أقراصا وألواحا وحجرا إلى غير ذلك. علما بأن السجود في الصلاة لا يجوز إلا على الأرض أو ما في حكمها ، كالتراب والحجر والخشب وورق الشجر ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا».

وإن التبرك بالتربة الحسينية والاستشفاء بها ، ليست بدعة كما توهم البعض ، فقد ورد من كتب العامة ، أن السلف الصالح كانوا يتبركون بتربة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويستشفون بتربة الشهداء كحمزةعليه‌السلام ، وبتربة غيره من الصحابة كصهيب الرومي.

كما روى السيد البرزنجي في كتابه (نزهة الناظرين في تاريخ مسجد سيد الأولين والآخرين) ص ١١٦ طبع مصر ، وننقله حرفيا :

«ويجب على من أخرج شيئا من ذلك [أي من المدينة] ردّه إلى محله ، ولا يزول عصيانه إلا بذلك ما دام قادرا عليه. نعم استثنوا من ذلك ما دعت الحاجة إليه للسفر به ، كآنية من تراب الحرم ، وما يتداوى به منه ، كتراب مصرع حمزةعليه‌السلام للصداع ، وتربة صهيب الرومي ؛ لإطباق السلف والخلف على نقل ذلك».

والإمام زين العابدينعليه‌السلام هو أول من اتخذ سبحة من تراب قبر الحسينعليه‌السلام ، وكان يسجد على تراب الحسينعليه‌السلام ويتبرك بها ، ويعالج بها مرضى عائلته. وشاع هذا عند العلويين وأتباعهم فاقتدوا بهعليه‌السلام .

وعلى هذه السنّة مضى الأئمةعليه‌السلام من بعده. وقد قال الإمام الصادقعليه‌السلام :«إن السجود على تربة أبي عبد اللهعليه‌السلام يخرق الحجب السبع».(راجع مزار المجلسي ، ص ١٤٢ ؛ ومصباح المتهجّد للطوسي ، ص ٥١١ ط طهران ١٣٣٨ ه‍)

وقد روى صاحب (الوسائل) عن الديلمي قال : «كان الصادقعليه‌السلام لا يسجد إلا على تربة الحسينعليه‌السلام تذللا لله واستكانة إليه».

وكان الأئمةعليه‌السلام يستعملون تربة الحسينعليه‌السلام بشكل تراب مسحوق ، ثم

٥٨٧

جعله الناس ـ لسهولة الاستعمال ـ بشكل ألواح مصنوعة من تراب الحائر ، يحملونها في جيوبهم للصلاة والتبرك بها.

٧١٢ ـ شرح حديث الحجب السبع :(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٧٢)

قال المرحوم الشيخ التستري : إن السجود على تربة كربلاء يخرق الحجب السبع. ومعنى هذا الحديث ؛ إما خرق السموات للصعود ، أو المراد بالحجب المعاصي السبع ، التي تمنع قبول الأعمال ، على ما في رواية معاذ بن جبل. وإن السجود عليها ينوّر الأرضين.

وفيه أيضا : إذا جعل مع الميت في القبر ، كان له أمانا في القبر.

(وقد مرّ تفسير الحجب السبعة بالرذائل السبع في الفقرة رقم ٦٠٣ فراجع)

٧١٣ ـ فضل السّبحة المصنوعة من تراب الحسينعليه‌السلام :

(مصباح الطوسي ، ص ٥١٢)

روي عن الصادقعليه‌السلام : من أراد الحجير [أي حبات السبحة المصنوعة من تراب الحسين] من تربة الحسينعليه‌السلام ، فاستغفر مرة واحدة ، كتب الله له سبعين مرة. وإن مسك السبحة ولم يسبّح بها ، ففي كل حبة منها سبع مرات.

(أقول) : ومن هذا القبيل السّبحة التي مرّ ذكرها ، والتي كان الإمام زين العابدينعليه‌السلام يسبّح بها أمام يزيد ، فهي مصنوعة من تراب الحسينعليه‌السلام .

٧١٤ ـ سرّ السجود على تربة الحمزة والحسينعليه‌السلام :

(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ١١٩)

أما السرّ في اختيار التربة من القبر المطهر أو الحائر في كربلاء للسجود عليها في الصلاة ، فعدا ما ورد في فضلها وقدسيتها ، وعدا كونها أطيب وأزكى وأنقى وأطهر وأقدس من أية تربة أخرى ، وعدا ذلك مما ذكر أو لم يذكر ، فلعل السرّ فيه أيضا من بعض النواحي الروحية ، أن يتذكر المصلي في معراجه إلى الله في الأوقات الخمسة ، ما أصاب الإسلام والدين من قتل الشهيد بن الشهيد وأبي الشهداء على يد أعداء الإسلام من الفئة الباغية التي ما برحت تكيد للدين والمسلمين في جاهليتها وإسلامها.

٥٨٨

فلقد ابتدأ ذلك بقتل سيد الشهداء حمزة ، الّذي قضّ مضجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى صلى عليه أربعين مرة ، مع كل شهيد مرة. ولم يكتفوا بذلك حتى حاولت هند

أم معاوية أن تلوك كبد الحمزة بعد أن استخرجتها من صدره الشريف ، فلم تستطع مضغها وبلعها ، فلفظتها ، وعملت من كبده أساور وخلاخل تزيّنت بها شماتة به ، لأنه كان قد قتل أباها عتبة رأس الشرك والكفر في معركة بدر.

ثم ختم ذلك بقتل أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام الّذي أخذ يزيد بقتله ثأر معركة بدر ، فكان أكثر كفرا وإجراما من جدته هند وجدّه عتبة.

وكان قتل حمزة والحسينعليه‌السلام محاولة من أعداء الإسلام لاستئصال دعوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فاتخذ المسلمون تربته شعارا يتبركون به ويستشفون بها ، اعترافا بفضل الشهداء على الإسلام ، وتخليدا لذكرى أنصار الإسلام والذين ماتوا في سبيل الله.

ولما قتل الحسينعليه‌السلام لإحياء دين جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اتخذ المسلمون تربته شعارا يسجدون عليها لله تعالى ، ليتذكروا أنه لو لا الحسينعليه‌السلام لم تكن الصلاة لتقام إلى هذه الأيام. وكما قال المرحوم الشيخ عباس شرف في ديوانه :

لو لا وقوفك بالطفوف

لما وقفنا بالصلاة

فكلما سجد المصلي لله تعالى على هذه التربة ، في مشارق الأرض ومغاربها ، اخترقت أمام بصره وبصيرته تلك الحجب المادية الكثيفة ، التي تحجب بينه وبين حقيقة الصلاة ، التي هي معراج المؤمن ، من حضيض المادة إلى سماء الحقائق ، وعرج بروحه إلى الحضرة الإلهية مقتربا من الله ملتمسا عفوه وثوابه.

وإلى مثل هذا الرأي يذهب أحد أساطين العلم في هذا الوقت ، في سرّ السجود على تربة الحسينعليه‌السلام بقوله : ولعل من جملة المقاصد السامية أن يتذكر المصلي حين يضع جبهته على تلك التربة ، تضحية ذلك الإمام بنفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه ، في سبيل العقيدة والمبدأ ، وتحطيم هياكل الجور والفساد والظلم والاستبداد.

ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة ، وكما في الحديث : «أقرب ما يكون العبد إلى ربه حال سجوده» ناسب أن يتذكر المؤمن حال وضعه جبهته على تلك التربة الزاكية ، أولئك الذين وضعوا أجسامهم عليها ضحايا للحق ، وارتفعت أرواحهم

٥٨٩

إلى الملأ الأعلى ، ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع ، ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة ، كما احتقرها أولئك الشهداء العظام. ولعل هذا هو المقصود ما في الخبر ، من أن السجود على التربة الحسينية يخرق الحجب السبع.

(راجع : الأرض والتربة الحسينية ، ص ٤٢)

كربلاء والحائر الحسيني

٧١٥ ـ الحائر الحسيني :

(تاريخ كربلاء وحائر الحسين للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ١١)

الحائر الحسيني هو بقعة مقدسة ، لأن تربتها امتزجت بدم ، هو دم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واختلطت ذراتها بلحم ، هو من لحم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما نصّ عليه الحديث النبوي من طرق الخاصة والعامة.

٧١٦ ـ فضيلة كربلاء :(كامل الزيارة ، ص ٢٦٧ ـ ٢٧٣)

أعطيت كربلاء ـ حسب النصوص الواردة ـ مزايا عظيمة في الإسلام. فكانت أرض الله المختارة ، وأرض الله المقدسة المباركة ، وأرض الله الخاضعة المتواضعة ، وحرما آمنا مباركا ، وحرما من حرم الله وحرم رسوله ، ومن المواضع التي يحب الله أن يعبد ويدعى فيها ، وأرض الله التي في تربتها الشفاء.

وهذه الأرض المباركة ذات الفضل الطويل والشرف الجليل ، لم تنل هذا الشرف العظيم في الإسلام ، إلا بالحسينعليه‌السلام .

٧١٧ ـ كربلاء :(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ١٤)

نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ القديم والحديث بأسماء عديدة مختلفة ، ورد منها في الحديث باسم : كربلاء ، والغاضرية ، ونينوى ، وعمورا ، وشاطئ الفرات ، وشط الفرات.

وورد منها في الرواية والتاريخ أيضا باسم : مارية ، والنواويس ، والطف ، وطف الفرات ، ومشهد الحسينعليه‌السلام ، والحائر ، والحير إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة. إلا أن أهم هذه الأسماء في الدين هو اسم (الحائر) لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس ، أو أنيط به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا.

٥٩٠

ولتعدد أسماء كربلاء أسباب تحتاج إلى تأمل ، فلا بدّ من وجوه واحتمالات في ذلك. منها أن بعض الأسماء تكون عامة ، فتشمل منطقة أوسع من تلك البقعة نفسها ، فتكون بعضها خاصة لأجزاء صغيرة من تلك المنطقة ، كما هي الحال في كل مكان. وقد يكون بعض تلك الألفاظ هي أسماء ، وأن البعض الأخر منها أوصاف.

٧١٨ ـ معنى الحائر :(المصدر السابق ، ص ١٥)

أما الحائر والحير ، فهما في عداد تلك الأسماء الكثيرة التي كانت تطلق في العصر الأول على هذا الموضع. ولعل كربلاء أو بعض أجزائها سميت بهذا الاسم منذ القديم ، لما كان في أرضها من المنخفضات التي يسيل إليها مسيل ماء الأمطار ، من تحيّر الماء : إذا اجتمع ودار ، ومن تحيّرت الأرض بالماء : إذا امتلأت. والحائر عند اللغويين : الموضع المطمئن الوسط ، المرتفع الأطراف.

وفي (الصحاح) ، الحير : الحمى ، ومنه الحير بكربلاء.

وقد اتفق الرواة والمحدّثون ، والمؤرخون والجغرافيون ، وأهل اللغة على تسمية كربلاء (بالحائر) بصورة مطلقة. (والحير) : هو مخفف (الحائر).

وعلى قول ياقوت الحموي في (معجم البلدان) : فإن الحائر هو قبر الحسينعليه‌السلام ، ثم يقول : وإنهم يقولون الحير بلا إضافة ، إذا عنوا كربلاء.

ويقول الطريحي في (مجمع البحرين) : ويراد بالحائر حائر الحسينعليه‌السلام ، وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرّفه السلام.

ولا ندري إن كان (الحائر) وصف للأرض هناك ، أم هو في الحقيقة اسم للبناء الّذي شيّد حول الضريح المقدس؟. فإن كان وصفا للمنطقة فتكون التسمية قديمة قبل وقعة كربلاء ، وقبل الفتح الاسلامي للعراق. وإن كان اسما فهو مطلق منذ الوقعة أو بعدها.

ولا يبعد أن تسمية (الحائر) لم تكن لصفة طبيعة الأرض ، وإنما لما اشتمل حول القبر الشريف من بناء وسور كالحائر.

٧١٩ ـ حدود الحائر الحسيني :(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ٢٨)

وإذا اعتبرنا (الحائر) بالمعنى الضيّق ، كان البقعة التي حول قبر الحسينعليه‌السلام ، ومساحتها ٢٥ خمس وعشرون ذراعا في مثلها من كل جانب من القبر المطهر ، وفي

٥٩١

رواية عشرون ذراعا في عشرين ذراعا ، كما في رواية عبد الله بن سنان عن الإمام الصادقعليه‌السلام : أن «قبر الحسينعليه‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا ، روضة من رياض الجنة».(مزار البحار ، ص ١٤١ ؛ وكامل الزيارة لابن قولويه ، ص ٢٧٢ ؛ والحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني ، ج ٣ ص ٣٤٥)

ومن الناحية العبادية يتخيّر المسلم في صلاته بين القصر والتمام ، إذا صلّى ضمن هذه البقعة (الحائر) فقط.

وفي (كامل الزيارات) ص ١١٢ : عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : قبر الحسين بن عليعليه‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا ، روضة من رياض الجنة ، منه معراج إلى السماء ، فليس من ملك مقرّب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره ، وفوج يهبط وفوج يصعد.

٧٢٠ ـ أقوال في حدّ الحائر الحسيني :

(مزار البحار ، ج ١٠١ ص ١١٧ ط ٢)

يقول العلامة المجلسي : اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب ـرحمهم‌الله ـ في حدّ الحائر.

فقيل : إنه ما أحاطت به جدران الصحن ، فيدخل فيه الصحن من جميع الجوانب والعمارات المتصلة بالقبة المنورة والمسجد الّذي خلفها.

وقيل : إنه القبة الشريفة فحسب.

وقيل : هي مع ما اتصل بها من العمارات ، كالمسجد والمقتل والخزانة وغيرها.

والأول أظهر ، لاشتهاره بهذا الوصف بين أهل المشهد ، آخذين عن أسلافهم ، ولظاهر كلمات أكثر الأصحاب.

قال ابن إدريس في (السرائر) ص ٧٨ : المراد بالحائر ما دار سور المشهد والمسجد عليه. قال : لأن ذلك هو الحائر حقيقة ، لأن الحائر في لسان العرب :الموضع المطمئن الّذي يحار فيه الماء.

وذكر الشهيد الأول في (الذكرى) : أن في هذا الموضع حار الماء ، لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر الحسينعليه‌السلام ليعفّيه ، فكان لا يبلغه.

وذكر السيد الفاضل شرف الدين علي ، المجاور بالمشهد الغروي : إني سمعت

٥٩٢

من كبار الشائبين من البلدة المشرفة ، أن الحائر هو السعة التي عليها الحصار الرفيع ، من القبلة واليمين واليسار. وأما الخلف فما ندري ما حدّه. وقالوا : هذا الّذي سمعنا من جماعة من قبلنا. ا ه

وفي شموله لحجرات الصحن إشكال ، ولا يبعد أن يكون ما انخفض من هذا الصحن الشريف يكون داخلا في الحائر دون ما ارتفع منها ، وعليه أيضا شواهد من كلمات الأصحاب ، والله أعلم.

الحرم الحسيني

٧٢١ ـ الحرم الحسيني :(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ٣١)

أما (الحرم الحسيني) فهو حسب ما ورد فيه من الأخبار ، أوسع من الحائر بكثير ، لشموله على منطقة واسعة مركزها الحائر ، وأبعادها فرسخ واحد [نحو ٦ كم] من كل جانب. وعلى هذا التقدير ، فالحرم هو ما دار سور المشهد والمسجد عليه. وهو السور الّذي بناه أبو محمّد الحسن بن مفضل بن سهلان الرامهرمزي وزير سلطان الدولة ابن بويه الديلمي سنة ٤٠٧ ه‍ إثر حريق هناك.

٧٢٢ ـ حدود الحرم :(المصدر السابق)

إن للحرم حرمة وقدسية خاصة ، فهو منطقة آمنة ، كما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «حرمة قبر الحسينعليه‌السلام فرسخ في فرسخ ، من أربعة جوانب القبر». وهذا باعتبار أن هذه المنطقة هي التي امتزجت أرضها واختلطت تربتها بدم الحسينعليه‌السلام فاكتسبت تلك الحرمة وهذه المعنوية.

ولعل هذه البقعة التي مساحتها [٥ ، ٥* ٥ ، ٥* ٣٠ كم ٢] هي التي بالأصل كان قد اشتراها الحسينعليه‌السلام عند نزوله كربلاء ، بستين ألف درهم من أصحابها سكان الغاضرية ونينوى ، وتصدّق بها عليهم ، على أن يضيفوا زوّاره ثلاثة أيام ، ويرشدوهم إلى قبره الشريف.

(راجع كشكول الشيخ البهائي ، ص ١٠٣ ط مصر عام ١٣٠٢ ه‍)

وظل الخلط بين الحائر والحير [أي البلد] جاريا ، حتى فصله ابن إدريس في كتاب الصلاة من كتابه (السرائر) حين قال : والمراد بالحائر ما دار عليه سور المشهد (القديم) ، لا ما دار عليه سور البلد.

٥٩٣

(أقول) : وقد توسّع المتأخرون في تحديد الحائر ، وقد جاءت خلاصة هذا الكلام في مجلد (مزار المجلسي) بقوله : اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب في حدّ الحائر ، فقيل : إنه ما أحاطت به جدران الصحن ، فيدخل فيه الصحن من جميع الجوانب والعمارات المتصلة بالقبة والمسجد الّذي خلفها. وقيل : إنه القبة الشريفة فحسب ، وقيل : هي مع ما اتصل بها من العمارات ، كالمسجد والمقتل والخزانة وغيرها. والأول أظهر ، لاشتهاره بهذا الوصف بين أهل المشهد آخذين عن أسلافهم ، ولظاهر كلمات أكثر الأصحاب.

وفي شموله لحجرات الصحن إشكال. ولا يدخل فيه الصحن القبلي والمسجد الموجود اليوم في ظهر القبلة ، فهذا لم يكن من قبل ، وإنما ضمّ إلى الصحن بعد التغيير.

٧٢٣ ـ حرمة الحائر والحرم وفضلهما :(المصدر السابق ، ص ٣٧)

إن للبقعة التي حول قبر الحسينعليه‌السلام حرمة كبيرة كما أسلفنا ، ويمكن تقسيم تلك البقعة إلى عدة مناطق ، هي دوائر مركزها القبر الشريف ، وتزيد حرمة هذه المناطق وشرفها كلما اقتربنا من المركز المنطقة الأولى ضمن دائرة نصف قطرها من عشرين ذراعا إلى خمسة وعشرين ذراعا ، والمنطقة الثانية إلى فرسخ ، والمنطقة

(الشكل ٢٦) : الحائر الحسيني ـ حدوده وأبوابه

٥٩٤

الثالثة إلى أربعة فراسخ أو خمسة من كل جانب من القبر المطهر. وهذا يستغرق كل بقعة كربلاء وأطرافها إلى مسافة بعيدة.

ولشرف البقعة تشرف تربتها ، فتؤخذ التربة الحسينية للسجود عليها في الصلاة من حدود الحائر الحسيني. وعادة يؤخذ التراب من البلد ويذرّ عليها قليل من تربة الحائر ، ويصنع منها تربة الصلاة.

٧٢٤ ـ شرف بقعة الحسينعليه‌السلام :(مزار البحار ، ج ١٠١ ص ١١٢ ط ٢)

قال الشيخ الطوسي في (المصباح) : الوجه في هذه الأخبار ، ترتّب هذه المواضع في الفضل ؛ فالأقصى خمسة فراسخ ، وأدناه من المشهد فرسخ ، وأشرف الفرسخ خمس وعشرون ذراعا ، وأشرف الخمس والعشرين ذراعا عشرون ذراعا ، وأشرف العشرين ما شرف به ، وهو الجدث نفسه. ا ه

ونحوه قال في (التهذيب).

مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام

٧٢٥ ـ وصف مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء :

يقع ضريح الحسينعليه‌السلام في كربلاء ، في صحن طوله ٩٥ م وعرضه ٧٥ م ، تحيط به الإيوانات والحجرات. وجدران الصحن محلاة بحجارة ذات لون أزرق ، نقشت عليها آيات القرآن الكريم بأحرف بيضاء. وأما المقام فطوله ١٤ م وعرضه ٩ أمتار ، ويتألف من عمارة قائمة الزوايا ، لها قاعة خارجية مذهبة ، تحفّ بها ممرات أعدت للطواف حول الضريح المشرف. وفي منتصف المقام يقع ضريح الحسينعليه‌السلام ، وحوله شبكان : الخارجي مصنوع على شكل مشربية من الفضة ، والداخلي من الذهب.

وقد أعاد بناء قبة المشهد وأمر بتذهيبها السلطان فتح علي شاه ، مؤسس الدولة القاجارية المالكة في إيران عام ١٨١٧ م ، بينما تبرعت زوجته بتذهيب المئذنتين.

ويوجد داخل المقام قبر الحسينعليه‌السلام وعند رجليه من الشرق قبر ابنه الشهيد علي الأكبرعليه‌السلام . وفي الزاوية الجنوبية الشرقية قبور شهداء أهل البيتعليه‌السلام في مكان واحد. بينما ينفرد قبر حبيب بن مظاهر لوحده في الزاوية الجنوبية الغربية ، كما هو مبيّن في (الشكل ٢٧).

٥٩٥

(الشكل ٢٧) : مقام الإمام الحسينعليه‌السلام ومراقد الشهداء حوله

ويسمى الباب الرئيسي للمشهد : باب الشهداء وهو الشرقي ، وقد كتبت فوقه هذه الأبيات :

أبا الشهداء حسبي فيك منجى

يقيني شرّ عادية الزمان

إذا ما الخطب عبّس مكفهرا

وجدت ببابك العالي أماني

وها أنا قد قصدتك مستجيرا

لأبلغ فيك غايات الأماني

فلا تردد يديّ وأنت بحر

يفيض نداه بالمنن الحسان

٧٢٦ ـ بعض الكتابات المنقوشة على قفص مولانا الحسينعليه‌السلام في كربلاء :

توجد على قفص ضريح أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام كتابات بديعة ؛ منها بعض الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وأشعار وكلمات مأثورة لسيد الشهداءعليه‌السلام ، وقد وزّعت على داير القفص الذهبي بشكل عبقري.

٥٩٦

(الشكل ٢٨) : باب الشهداء لمرقد الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

٥٩٧

وقد سجّلت هذه الكتابات بنفسي عند زيارتي للضريح المقدس ، أثبت بعضها فيما يلي :

(١) ـ الآيات القرآنية :

بسم الله الرحمن الرحيم( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ١٦٩فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١٧٠) [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠].

( الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ٢٠يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ ٢١خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (٢٢) [التوبة : ٢٠ ـ ٢٢].

( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً ) [الإسراء : ٣٣].

( قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١١٩) [المائدة : ١١٩].

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) (١١) [البروج : ١١].

( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ) (٣٠) [الجاثية : ٣٠].

( وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (٧٢) [التوبة : ٧٢].

( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) (١٤٦) [آل عمران : ١٤٦].

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (٢٣) [هود : ٢٣].

( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٥٦) [الأحزاب : ٥٦].

٥٩٨

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) [الأحزاب : ٣٣]

( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) [هود : ٧٣]

صدق الله العظيم.

(٢) ـ الأحاديث الشريفة :

وتحت هذه الآيات الكريمة كتبت الأحاديث الشريفة التالية :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

بورك لولدي الحسين في ثلاث : ولده وقبره ومشهده* ألا وإن بين قبري وقبر الحسين روضة من رياض الجنة* ألا وإن كربلاء روض من رياض الجنة* يا جابر زر قبر ابني الحسين ، فإن زيارته تعدل مائة حجة* ألا وإن قبر الحسين على مترعة من ترع الجنة ؛ الشفاء في تربته ، والإجابة تحت قبّته ، والأئمة من ذريّته* الحسن والحسين سبطان من الأسباط* الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة* الحسن والحسين إماما حقّ قاما أو قعدا ، وأبوهما خير منهما* حسين مني وأنا منه ، أحبّ الله من أحبّه* من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني* من أحبّ الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله النار.

وكان من دعاء الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء : اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدّة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة. كم من همّ يضعف منه الفؤاد وتقلّ فيه الحيل ، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك ، رغبة مني إليك عمن سواك ، ففرّجته وكشفته ؛ وأنت وليّ كلّ نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة.

(٣) ـ القصيدة الشعرية النونية :

وتحت الأحاديث السابقة كتبت هذه الأشعار البديعة :

يا إمام الحق مولانا الحسين

صفوة الله وصفو المصطفين

٥٩٩

يا حسين بن عليّ المرتضى

أنت والله له قرّة عين

جدّك المختار طه رحمة ال

لّه فيها أنت يا مولاي عين

وأبوك المرتضى المولى الّذي

هو لله يد حتما وعين

كم وكم أديت يا مولاي لل

سلف الغر السّرى من كل عين

أنت ذخري أنت كهفي يا حسين

في حياتي وإذا ما حان حين

إنما لاهوته ناسوته

زبدة الكونين صفو الثقلين

كان في الدنيا صليبا راسخا

كان في الديدن ذا رفق ولين

كان من أكرم بطن مجدهم

طنّبت خيمته فوق البطين

من يطعه يطعم الله له ال

نفس في الخلد بسيب وبوين

اسمه ترياق من تلسعه

من أعادي أهل بيت الوحي أين

يا له من باذل مهجته

في سبيل الله في أصعب أين

يا لشبّير(١) عظيم شأنه

شبّر كان له أكرم عين

هل ترى مثل حسين كان في

كربلا أثبت جأشا من رعين

أثخنوه برماح وظبى

وبنبل رشقوا من كل عين

قتلته أمّة السوء التي

أخذت أحقاد بدر وحنين

إنه أحرى بأن نفديه

بنفوس لا نضار ولجين

ذكره كالذكر يتلى دائما

ما شدا في الأيك قمريّ وعين

لم يكن لو لا علي نجله ال

طهر في دار رسول الله عين

ما خلا الأرض ولن يخلو من

قائم من ولده أروع عين

بأبي أنت وأمي يا حسين

وبأهلي وبولدي وبعين

* * *

عمارة قبر الحسينعليه‌السلام

٧٢٧ ـ البناء على قبر الحسينعليه‌السلام :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٢)

قال السيد الأمين : أول من بنى القبر الشريف بنو أسد ، الذين دفنوا الحسينعليه‌السلام وأصحابه. يظهر ذلك من الخبر المروي في (كامل الزيارة) عن زائدة

__________________

(١) شبّر : اسم الإمام الحسنعليه‌السلام في اللغة العبرانية ، وشبّير : اسم الإمام الحسينعليه‌السلام .

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800