موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 492496 / تحميل: 5816
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

٣ ـ المستشهدون من الأصحاب بالمبارزة

٣٤ ـ خروج مسلم بن عوسجة ونافع بن هلال للقتال :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ١٤)

ثم خرج مسلم بن عوسجة الأسدي وهو يقول :

إن تسألوا عني فإني ذو لبد

من فرع قوم من ذرى بني أسد

فمن بغاني حائد عن الرشد

وكافر بدين جبار صمد

ثم تابعه نافع بن هلال الجملي وهو يقول :

أنا على دين علي

ابن هلال الجملي

أضربكم بمنصلي

تحت عجاج القسطل

فخرج لنافع رجل من بني قطيعة ، فقال لنافع : أنا على دين عثمان. فقال نافع :

إذن أنت على دين الشيطان ، وحمل عليه فقتله. فأخذ نافع ومسلم يجولان في ميمنة ابن سعد.

٣٥ ـ تشجيع عمرو بن الحجاج لقومه ، واعترافه بشجاعة أصحاب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل المقرم ، ص ٢٩٦)

وأخذ أصحاب الحسينعليه‌السلام بعد أن قلّ عددهم وبان النقص فيهم ، يبرز الرجل بعد الرجل ، فأكثروا القتل في أهل الكوفة. فصاح عمرو بن الحجاج بأصحابه :أتدرون من تقاتلون؟!. تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوما مستميتين ، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم. والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم.

فقال عمر بن سعد : صدقت ، الرأي ما رأيت. أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منكم ، ولو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم(١) .

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٩.

٦١

زحف الميمنة

٣٦ ـ عمرو بن الحجاج يزحف على ميمنة الحسينعليه‌السلام :

(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٦)

وحمل عمرو بن الحجاج على ميمنة أصحاب الحسينعليه‌السلام فيمن كان معه من أهل الكوفة. فلما دنا من أصحاب الحسينعليه‌السلام جثوا له على الرّكب ، وأشرعوا بالرماح نحوهم ، فلم تقدم خيلهم على الرماح ، فذهبت الخيل لترجع ، فرشقهم أصحاب الحسينعليه‌السلام بالنبل ، فصرعوا منهم رجالا وجرحوا منهم آخرين(١) .

وكان عمرو بن الحجاج يقول لأصحابه : قاتلوا من مرق من الدين ، وفارق الجماعة. فصاح الحسينعليه‌السلام : ويحك يا حجّاج أعليّ تحرّض الناس؟. أنحن مرقنا من الدين وأنت تقيم عليه؟!. ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا من أولى بصليّ النار(٢) !.

٣٧ ـ عمرو بن الحجاج يتهم الحسينعليه‌السلام بالمروق من الدين ، وجواب الحسينعليه‌السلام له :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٥)

ثم دنا عمرو بن الحجاج من أصحاب الحسينعليه‌السلام . ثم صاح بقومه : يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين ، وخالف إمام المسلمين. فقال له الحسينعليه‌السلام : يابن الحجاج أعلي تحرّض الناس؟.أنحن مرقنا من الدين وأنتم ثبتّم عليه؟!. والله لتعلمنّ أيّنا المارق من الدين ، ومن هو أولى بصليّ النار(٣) .

مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧.

(٢) البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٢.

(٣) مقتل المقرم ، ص ٢٩٦ عن كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧.

٦٢

٣٨ ـ مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي ووصيته لحبيب بن مظاهر ، وما شهده شبث بن ربعي بمسلم :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)

ثم حمل عمرو بن الحجاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة ، وفيها قاتل مسلم ابن عوسجة ، فشدّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي(١) وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة ، وما انجلت الغبرة إلا ومسلم صريعا وبه رمق.فمشى إليه الحسينعليه‌السلام ومعه حبيب بن مظاهر الأسدي ، فقال له الحسينعليه‌السلام :رحمك الله يا مسلم( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب :٢٣]. ودنا منه حبيب وقال : عزّ عليّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة. فقال قولا ضعيفا : بشّرك الله بخير. قال حبيب : لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكل ما أهمّك [حتى أحفظك في ذلك ، لما أنت أهله في القرابة والدين(٢) ].فقال له مسلم : بل أوصيك بهذا [وأشار إلى الحسينعليه‌السلام ] أن تموت دونه. فقال :أفعل وربّ الكعبة(٣) فما أسرع من أن مات. [وفي اللهوف ، ص ٦٠ أنه قال :لأنعمنّك عينا ثم مات] رضوان الله عليه.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ١٦ :

فصاحت جارية له : يا سيداه!. يابن عوسجتاه!.

فنادى أصحاب عمر بن سعد مستبشرين : قتلنا مسلم بن عوسجة. فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله : ثكلتكم أمهاتكم ، أما إنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّون عزّكم [وفي رواية ابن الأثير : وتذلّون أنفسكم لغيركم]. أتفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة؟!. أما والذي أسلمت له ، لربّ موقف له في المسلمين كريم. والله لقد رأيته يوم (سلق أذربيجان) ، قتل ستة من المشركين قبل أن تلتئم خيول المسلمين [أفيقتل مثله وتفرحون؟!].

__________________

(١) في مناقب ابن شهر اشوب أن الّذي قتله : مسلم الضبابي وعبد الرحمن البجلي.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٣.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٩ ، وقد اعتبر شهادة مسلم أول الأصحاب.

٦٣

زحف الميسرة

٣٩ ـ زحف شمر بن ذي الجوشن على ميسرة الحسينعليه‌السلام :

(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٧)

ثم تراجع القوم إلى الحسينعليه‌السلام ، فحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة ، على أهل الميسرة ، فثبتوا له وطاعنوه. وحمل على الحسينعليه‌السلام وأصحابه من كل جانب. وقاتلهم أصحاب الحسينعليه‌السلام قتالا شديدا ، فأخذت خيلهم تحمل ، وإنما هي اثنان وثلاثون فارسا ، فلا تحمل على جانب من خيل الكوفة إلا كشفته.

٤٠ ـ خبر عبد الله بن عمير الكلبي ومقاتلته :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٥ ط أولى مصر)

كان عبد الله بن عمير الكلبي (بالنّخيلة) فرأى القوم يعرضون ليسرحوا إلى قتال الحسينعليه‌السلام . فقال : والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإني لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه إياي في جهاد المشركين. فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما يريد.فقالت : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، افعل وأخرجني معك. فخرج بها حتى أتى حسيناعليه‌السلام فأقام معه. فلما دنا عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس.فخرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زياد ، فقالا : من يبارز؟. ليخرج إلينا بعضكم. فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير ، فقال لهما حسين : اجلسا. فقام عبد الله ابن عمير هذا ، فاستأذن الحسين بالخروج فأذن له ، وكان رجلا آدم طويلا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين. فخرج وقاتل قتالا مريرا.

فلما برز قال له يسار : من أنت؟. فانتسب له. فقال له : لست أعرفك ، ليخرج إليّ زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر أو برير بن خضير.

فقال له ابن عمير : يابن الفاعلة [وفي رواية : يابن الزانية] ، وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ، ولا يبرز إليك أحد إلا وهو خير منك!.

ثم شدّ عليه فضربه بسيفه حتى برد ، وهو أول من قتل من أصحاب ابن سعد. فإنه لمشتغل بضربه إذ شدّ عليه سالم مولى عبيد الله ، فصاح به أصحابه : قد رهقك العبد ، فلم يعبأ به حتى غشيه ، فبدره بضربة اتّقاها ابن عمير بيده اليسرى فأطارت

٦٤

أصابع كفه ، ومال عليه عبد الله فضربه حتى قتله. فرجع وقد قتلهما جميعا ، وهو يرتجز ويقول :

إن تنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عليم حسبي

إني امرؤ ذو مرّة وعضب

ولست بالخوّار(١) عند النكب

إني زعيم لك أمّ وهب

بالطعن فيهم صادقا والضرب

ضرب غلام مؤمن بالربّ

مصرع عبد الله بن عمير الكلبيرحمهما‌الله

٤١ ـ مصرع عبد الله بن عمير الكلبي ، وزوجته أم وهب (رض):

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)

وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين فثبتوا لهم حتى كشفوهم ، وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي [وهو عبد الله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي أبو وهب] فقتل تسعة عشر فارسا واثني عشر راجلا ، وشدّ عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى ، وقطع بكر بن حي ساقه ، فأخذ أسيرا وقتل صبرا(٢) . وذكر الطبري في تاريخه أنه كان القتيل الثاني من أصحاب الحسينعليه‌السلام .

فمشت إليه زوجته أم وهب (بنت عبد الله من النمر بن قاسط) وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول : هنيئا لك الجنة ، أسأل الله الّذي رزقك الجنة أن يصحبني معك. فقال الشمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود ، فشدخه وماتت(٣) وهي

__________________

(١) ذو مرّة : أي ذو قوة. والخوّار : الضعيف.

(٢) كامل ابن الأثير. والذي يقتل صبرا : هو كل من يقتل في غير معركة ولا حرب كالأسير ، فانه مقتول صبرا.

(٣) الظاهر أنه وقع خلط من المؤرخين بين قصة عبد الله بن عمير الكلبي هذا ، وبين قصة وهب بن حباب الكلبي الّذي سيأتي ذكره ، ومردّ الاشتباه أن زوجة عبد الله بن عمير اسمها (أم وهب) كما نصّ على ذلك الطبري وابن الأثير.

٦٥

أول امرأة قتلت من أصحاب الحسينعليه‌السلام (١) . وقطع رأس عبد الله ورمي به إلى جهة الحسينعليه‌السلام ، فأخذته أمه ومسحت الدم عنه ، ثم أخذت عمود خيمة وبرزت إلى الأعداء ، فردّها الحسينعليه‌السلام وقال : ارجعي رحمك الله ، فقد وضع عنك الجهاد. فرجعت وهي تقول : اللهم لا تقطع رجائي. فقال الحسينعليه‌السلام : لا يقطع الله رجاءك(٢) .

توضيح :

حصل خلط كبير عند المؤرخين بين اسمين هنا : عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي ، وبين وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي ، وذلك للتشابه بين (جناب)و (حباب) من جهة ، ولأن زوجة عبد الله بن عمير لقبها (أم وهب).

والذي أرجحه أن هناك شخصين مختلفين وكل واحد منهما استشهد على حدة ؛ الأول خرج من الكوفة إلى (النّخيلة) إلى كربلاء ، وهو عبد الله بن عمير ، والثاني كان نصرانيا فلقي الحسينعليه‌السلام في طريقه وأسلم ، وصحبه إلى كربلاء ، وهو وهب بن حباب.

والذي يقوّي رأيي هذا ، أن هناك روايتين مختلفتين لاستشهاد (عبد الله) أو (وهب) وزوجته أو أمه (أم وهب). إحداهما تحكي أنه قتل وجاءت زوجته فجلست عند رأسه تمسح الدم عنه. والثانية أن الأعداء احتوشوه فأخذوه أسيرا ، وقطعوا رأسه ، ثم رموا به إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، فأخذته زوجته وضربت به خيمة للأعداء فهدمتها.

والرواية الأولى تثبت أن زوجته (أم وهب) استشهدت بعده ، حيث ضربها أحدهم بعمود من حديد على رأسها. بينما تشير الثانية إلى أنها حاولت القتال ، ولكن الحسينعليه‌السلام ردّها إلى المخيم.

وسوف تأتيك قصة استشهاد وهب بن حباب الكلبي ، الّذي أسلم مع أمه وزوجته ، بعد قليل.

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٣ ونسب ذلك إلى أم وهب بن جناب الكلبي.

(٢) مقتل المقرم ، ص ٩٨ ، نقلا عن تظلم الزهراء ، ص ١١٣.

٦٦

٤٢ ـ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر المؤمن إلى الجنة :

(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٧٣)

روي عن أبي جعفر الثاني (الإمام محمّد الجواد) عن آبائه (قال) قال علي بن الحسينعليه‌السلام : لما اشتدّ الأمر بأبي الحسينعليه‌السلام نظر إليه من كان معه ، فإذا هو بخلافهم ، لأنهم كلما اشتد الأمر تغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ، وكان الحسينعليه‌السلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم ، وتهدأ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم. فقال بعض لبعض : انظروا لا يبالي بالموت.

فقال لهم الحسينعليه‌السلام : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم. فأيكم يكره أن ينتقل من سجن [أي الدنيا] إلى قصر [أي الجنة]! ، وهي لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب. إن أبي حدثني عن رسول الله (ص) : أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم. ما كذبت ولا كذّبت.

طلب النجدة والمدد

٤٣ ـ عزرة بن قيس يستنجد بابن سعد ، واعتراف شبث بن ربعي بضلال أصحابه :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩٩)

ولما رأى عزرة بن قيس وهو على الخيل الوهن في أصحابه والفشل كلما يحملون ، بعث إلى عمر بن سعد يستمده الرجال. فقال ابن سعد لشبث بن ربعي :ألا تقدم إليهم؟. قال : سبحان الله ، تكلف شيخ المصر ، وعندك من يجزي عنه؟.ولم يزل شبث بن ربعي كارها لقتال الحسين ، وقد سمع يقول في إمارة مصعب :قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده [يعني الحسن] آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ولده وهو خير أهل الأرض ، نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية؟! ضلال يا لك من ضلال. والله لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا ، ولا يسددهم لرشد(١) .

فمدّه بالحصين بن نمير في خمسمائة من الرماة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

٦٧

٤٤ ـ وصف أحدهم لبسالة الحسينعليه‌السلام وأصحابه الأبطال :

(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ١٤٧)

ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة) ج ٣ ص ٣٠٧ ط مصر : أنه قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد : ويحك ، أقتلتم ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !. فقال : عضضت بالجندل(١) إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا!.ثارت علينا عصابة [يعني جماعة الحسينعليه‌السلام ] أيديها في مقابض سيوفها ، كالأسود الضارية ، تحتطم الفرسان يمينا وشمالا ، وتلقي أنفسها على الموت ، لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ، ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية أو الاستيلاء على الملك ، فلو كففنا عنها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها ، فما كنا فاعلين لا أمّ لك!.

مصرع أبي الشعثاء الكنديرحمه‌الله

٤٥ ـ عدول أبي الشعثاء الكندي إلى الحسينعليه‌السلام واستشهاده :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٣٠٠)

وكان أبو الشعثاء الكندي ـ وهو يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي ـ مع ابن سعد ، فلما ردّوا الشروط على الحسينعليه‌السلام صار معه. فقاتل بين يديه ، وجعل يرتجز ويقول(٢) :

أنا يزيد وأبي مهاصر

أشجع من ليث بغيل(٣) خادر

يا ربّ إني للحسين ناصر

ولابن سعد تارك وهاجر

وكان راميا ، فجثا على ركبتيه بين يدي الحسينعليه‌السلام ورمى بمئة سهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم ، والحسينعليه‌السلام يقول : اللهم سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٩ ط أولى مصر. والجندل : الصخر العظيم.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣٧.

(٣) أسد خادر : مقيم في خدره ، والخدر : أجمة الأسد. والغيل : موضع الأسد.

٦٨

فلما نفدت سهامه قام وهو يقول : لقد تبيّن لي أني قتلت منهم خمسة(١) . ثم حمل على القوم فقتل تسعة نفر حتى قتلرحمه‌الله (٢) .

٤٦ ـ مبارزة برير بن خضير ليزيد بن معقل ومباهلتهما ، ثم مصرع برير على يد كعب بن جابر ، وقيل بحير الضبّي :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١١)

ثم برز برير بن خضير الهمداني وهو يقول :

أنا برير وأبي خضير

لا خير فيمن ليس فيه خير

وفي رواية مقتل الخوارزمي :

أنا برير وفتى خضير

أضربكم ولا أرى من ضير

يعرف فيّ الخير أهل الخير

كذاك فعل الخير من برير

مصرع بربر بن خضير الهمداني

وكان برير من عباد الله الصالحين ، وكان زاهدا عابدا ، وكان أقرأ أهل زمانه ، وكان يقال له سيّد القرّاء ، وكان شيخا تابعيا ، وله في الهمدانيين شرف وقدر. فحمل وقاتل قتالا شديدا ، وجعل ينادي فيهم : اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين ، اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين ، اقتربوا مني يا قتلة عترة خير المرسلين. فبرز إليه رجل يقال له يزيد بن معقل [وفي رواية : يزيد بن المغفل(٣) ].

وذكر المقرّم هذا الكلام بشيء من التفصيل(٤) قال :

ونادى يزيد بن معقل : يا برير كيف ترى صنع الله بك؟. فقال : صنع الله بي خيرا

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥.

(٢) أمالي الصدوق ص ٨٧ مجلس ٣٠ ؛ وفي مقتل الخوارزمي أنه قتل في آخر الأصحاب ؛ وفي لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٠ أنه كان أول من قتل.

(٣) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ١٥٩.

(٤) مقتل المقرم ، ص ٣٠٩ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٧ ، وذكر الطبري أنه برير بن (حضير) بالحاء وليس بالخاء.

٦٩

وصنع بك شرا. فقال يزيد : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّابا ، أتذكر يوم كنت أماشيك في (بني لوذان) وأنت تقول : كان معاوية ضالا وإن إمام الهدى علي بن أبي طالب؟. قال برير : بلى أشهد أن هذا رأيي. فقال يزيد : وأنا أشهد أنك من الضالين. فدعاه برير إلى المباهلة ، فرفعا أيديهما إلى الله سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله. ثم تضاربا فضربه برير على رأسه ضربة قدّت المغفر والدماغ ، فخرّ كأنما هوى من شاهق ، وسيف برير ثابت في رأسه. وبينا هو يريد أن يخرجه إذ حمل عليه (رضي بن منقذ العبدي) واعتنق بريرا واعتركا ، فصرعه برير وجلس على صدره ، فاستغاث رضي العبدي بأصحابه ، فذهب كعب بن جابر الأزدي ليحمل على برير ، فصاح به زهير بن أبي الأخنس : هذا برير بن خضير القارئ الّذي كان يقرئنا القرآن في جامع الكوفة ، فلم يلتفت إليه وطعن بريرا في ظهره ، فبرك برير على رضي العبدي وعضّ وجهه وقطع طرف أنفه ، وألقاه كعب برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله رضوان الله عليه. وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وهو يقول : لقد أنعمت عليّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبدا.

وذكر الخوارزمي أن الّذي قتله هو بحير بن أوس الضبّي.

ترجمة برير بن خضير الهمداني المشرقي

بنو مشرق بطن من همدان ، قال الرواة : كان برير شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن ومن شيوخ القرّاء في الكوفة. وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين. ذكر أرباب السير أن بريرا لما بلغه امتناع الحسينعليه‌السلام من البيعة ليزيد الطاغية ، خرج من الكوفة حتى أتى مكة وصحب الحسينعليه‌السلام حتى استشهد معه رضوان الله عليه.

٤٧ ـ مبارزة الحر بن يزيد الرياحي :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠)

ثم قال الحر للحسينعليه‌السلام : يابن رسول الله ، كنت أول خارج عليك فاذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك(١) فلعلي أن أكون ممن يصافح جدك محمدا (ص) غدا

__________________

(١) لا يخفى أن مقتضى بعض الروايات أنه قتل جماعة قبل مصرع الحر ، وهو المستفاد من تاريخ ابن الأثير ، فلذلك حمل على أن المراد من [أول قتيل] أول قتيل من المبارزين.

٧٠

في القيامة. فقال له الحسينعليه‌السلام : إن شئت فأنت ممن تاب الله عليه ، وهو التواب الرحيم. فكان أول من تقدم إلى براز القوم وهو يرتجز ويقول :

إني أنا الحر ومأوى الضيف

أضرب في أعناقكم بالسيف

عن خير من حلّ بوادي الخيف(١)

أضربكم ولا أرى من حيف

وروي أنه كان يرتجز أيضا ويقول :

آليت لا أقتل حتى أقتلا

ولن أصاب اليوم إلا مقبلا

أضربهم بالسيف ضربا معضلا

لا ناكلا عنهم ولا معلّلا

لا عاجزا عنهم ولا مبدّلا

أحمي الحسين الماجد المؤمّلا(٢)

وخرج الحر بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين يحمي ظهره ، فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم شدّ الآخر واستنقذه ، ففعلا ذلك ساعة(٣) .

وفي رواية (مقتل الحسين) لأبي مخنف ، ص ٧٧ :

ثم تقدم الحر إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ، فإني أول من خرج إليك ، وأحب أن أقتل بين يديك!. فقال لهعليه‌السلام :ابرز بارك الله فيك ، فبرز الحر وهو يقول :

أكون أميرا غادرا وابن غادر

إذا كنت قاتلت الحسين بن فاطمه

وروحي على خذلانه واعتزاله

وبيعة هذا الناكث العهد لائمه

فيا ندمي أن لا أكون نصرته

ألا كل نفس لا تواسيه نادمه

أهمّ مرارا أن أسير بجحفل

إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه

فكفوّا وإلا زرتكم بكتائب

أشدّ عليكم من زحوف الديالمه

سقى الله أرواح الذين توازروا

على نصره سحا من الغيث دائمه

وقفت على أجسادهم وقبورهم

فكاد الحشا ينفتّ والعين ساجمه

لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى

سراعا إلى الهيجا ليوثا ضراغمه

تواسوا على نصر ابن بنت نبيهم

بأسيافهم آساد خيل قشاعمه

__________________

(١) الحيف : الظلم. وادي الخيف : يقصد بها مكة المكرمة.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٨ ط ٤.

(٣) مقتل المقرم ص ٣٠٢ عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٢ ، والبداية ج ٨ ص ١٨٣.

٧١

ثم حمل على القوم وغاص في أوساطهم ، فقتل رجالا ونكّس أبطالا ، حتى قتل مائة فارس ، ورجع إلى الحسينعليه‌السلام .

ثم حمل على القوم وهو يقول :

هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع

فأنت بكأس الموت لا شكّ كارع

وحام عن ابن المصطفى وحريمه

لعلك تلقى حصد ما أنت زارع

لقد خاب قوم خالفوا الله ربهم

يريدون هدم الدين والدين شارع

يريدون عمدا قتل آل محمّد

وجدّهم يوم القيامة شافع

٤٨ ـ مبارزة الحر ليزيد بن سفيان ومصرعه :(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٣)

وروي عن أبي زهير العبسي أن الحر بن يزيد لما لحق بالحسينعليه‌السلام ، قال يزيد بن سفيان من بني شقرة وهم بنو الحارث بن تميم : أما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لأتبعته السنان.

قال : فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون ، والحر بن يزيد يحمل على القوم مقدما ، ويتمثل بقول عنترة :

ما زلت أرميهم بثغرة نحره

ولبانه(١) حتى تسربل بالدم

وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبه ، وإن دماءه لتسيل. فقال الحصين ابن تميم ـ وكان على شرطة عبيد الله ـ ليزيد بن سفيان : هذا الحر بن يزيد الّذي كنت تتمنى [قتله ، فهل لك به]!. قال : نعم. فخرج إليه ، فقال له : هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟. قال : نعم قد شئت ، فبرز له. قال : فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول : والله لبرز له فكأنما كانت نفسه في يده ، فما لبّثه الحر حين خرج إليه أن قتله [وقتل أربعين فارسا وراجلا(٢) ].

مصرع الحر بن يزيد الرياحيرحمه‌الله

__________________

(١) اللّبان : الصدر.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١١.

٧٢

٤٩ ـ مصرع الحر بن يزيد الرياحي (رض):

(مقتل الحسين للمقرم ص ٣٠٢)

ثم رمى أيوب بن مشرح الخيواني فرس الحر بسهم فعقره وشبّ به الفرس ، فوثب عنه كأنه ليث(١) وبيده السيف. فقاتلهم راجلا قتالا شديدا وهو يقول :

إن تعقروا بي فأنا ابن الحرّ

أشجع من ذي لبد هزبر

وفي رواية أنه كان يرتجز ويقول :

إني أنا الحر ونجل الحرّ

أشجع من ذي لبد هزبر

ولست بالخوّار عند الكرّ

لكنني الثابت عند الفرّ

وجعل يضربهم بسيفه حتى قتل نيفا وأربعين رجلا(٢) .

ثم حملت الرجالة على الحر وتكاثروا عليه ، فاشترك في قتله أيوب بن مشرح ، فاحتمله أصحاب الحسينعليه‌السلام حتى وضعوه أمام الفسطاط الّذي يقاتلون دونه وهكذا كان يؤتى بكل قتيل إلى هذا الفسطاط ، والحسينعليه‌السلام يقول :قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين(٣) .

ثم التفت الحسينعليه‌السلام إلى الحر وكان به رمق ، فقال له وهو يمسح الدم عنه :أنت الحر كما سمّتك أمك ، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة.

ورثاه رجل من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، وقيل علي بن الحسينعليه‌السلام ، وقيل إنها من إنشاء الإمام الحسينعليه‌السلام خاصة(٤) فقال :

لنعم الحرّ حرّ بني رياح

صبور عند مشتبك الرماح

ونعم الحر إذ نادى حسين

فجاد بنفسه عند الصياح

وفي (طبقات ابن سعد) أنه المتوكل الليثي(٥) .

__________________

(١) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٨ و ٢٥٠.

(٢) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢١٧ ط إيران.

(٣) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن تظلم الزهراء ، ص ١١٨ ؛ والبحار ، ج ١٠ ص ١١٧.

(٤) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٣ عن روضة الواعظين ص ١٦٠ ؛ وأمالي الصدوق ، ص ٩٧ مجلس ٣٠.

(٥) مجلة تراثنا الصادرة في قم ، العدد ١٠ ص ١٨١.

٧٣

ترجمة الحر بن يزيد التميمي الرياحي

هو الّذي جعجع بالحسينعليه‌السلام وكان أول خارج عليه ، ثم بعد ذلك أدركته السعادة وحظي بشرف الشهادة ، فكان من أول المستشهدين بين يدي الحسينعليه‌السلام يوم الطف وذكر أرباب السير أنه لما استشهد الحر أخرج الحسينعليه‌السلام منديله وعصب به رأس الحر.

وذكر الشيخ السماوي ومثله العلامة المظفر قال : وإنما دفنت بنو تميم الحر بن يزيد على نحو ميل من الحسينعليه‌السلام حيث قبره الآن اعتناء به.ولعل بنو تميم هم الذين تكتّلوا يوم الحادي عشر من المحرم ومنعوا الناس من قطع رأس الحر وحمله ، كما فعلوا ببقية الرؤوس ، إذ قطعوها من الأبدان وحملوها على أطراف الرماح. وللحر بن يزيد الرياحي اليوم مشهد يزار خارج مدينة كربلاء ، في الموضع الّذي كان قديما يدعى النواويس (انظر الشكل).

(الشكل ٥) : مرقد الحر بن يزيد الرياحي في ضاحية كربلاء

٧٤

٥٠ ـ الردّ على الذين اتهموا الحر بالارتداد عن الدين ، وأن توبته

لم تقبل : (الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٣ ص ٢٦٥)

قال السيد نعمة الله الجزائري : لقد حدثني جماعة من الثقاة أن الشاه إسماعيل الصفوي لما ملك بغداد ، وأتى إلى مشهد الحسينعليه‌السلام ، وسمع من بعض الناس الطعن على الحر بن يزيد ؛ أتى إلى قبره ، وأمر بنبشه ، فرأوه نائما كهيئته لما قتل ، ورأوا على رأسه عصابة مشدودا بها رأسه. فأراد الشاه أخذ تلك العصابة ، لما نقل في كتب السير أن تلك العصابة هي منديل الحسينعليه‌السلام شدّ به رأسه لما أصيب في تلك الواقعة ، ودفن على تلك الهيئة. فلما حلّوا تلك العصابة جرى الدم من رأسه حتى امتلأ منه القبر ، فلما شدّوا عليه تلك العصابة انقطع الدم. فأمر فبنى على قبره بناء ، وعيّن له خادما يخدم قبره. وتبيّن له أن شهادته كانت على حقّ ، وأنه معدود في الشهداء.

* * *

* مدخل إلى البحث التالي (انتصار العقيدة على العاطفة):

عندما تتغلب العقيدة على العاطفة يستهين الإنسان بالحياة ، وهذا ما فعله أصحاب الحسينعليه‌السلام ، حتى أن الواحد منهم كان يقدّم ابنه للقتل أو أخاه ، وكانت المرأة تقدّم ابنها للشهادة أو زوجها. فكان الحسينعليه‌السلام يردّ الغلام الّذي حضرت أمه معه (مثل عمرو بن جنادة الأنصاري) ، فيقول الغلام : أمي أمرتني بذلك.

ومن أروع أشكال هذا الانتصار للعقيدة على العاطفة ، تلك الأم التي أسلمت على يد الحسين (ع) ، ثم قدّمت ابنها (وهب) للشهادة في سبيل الله. فلمثل هذا فليعمل العاملون ، وفي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.

شهادة وهب ابن حباب الكلبيرحمه‌الله

٧٥

٥١ ـ مصرع وهب بن حباب الكلبي :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٦ ط ٤)

ثم برز وهب بن حباب الكلبي ، ويقال إنه كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسينعليه‌السلام ، وكانت معه أمه وزوجته. فقالت أمه : قم يا بني فانصر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال : أفعل يا أمّاه ولا أقصّر(١) ، فبرز وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن الكلبي

سوف تروني وترون ضربي

وحملتي وصولتي في الحرب

أدرك ثاري بعد ثار صحبي

وأدفع الكرب أمام الكرب

ليس جهادي في الوغى باللعب

ثم حمل وهب ولم يزل يقاتل حتى قتل جماعة. ثم رجع إلى امرأته وأمه وقال :يا أماه أرضيت؟. فقالت : ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسينعليه‌السلام ، فقالت امرأته : بالله عليك لا تفجعني بنفسك.

فقالت له أمه : يا بني اعزب عن قولها ، وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة. فرجع فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه. وأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول : فداك أبي وأمي ، قاتل دون الطيبين حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأقبل كي يردّها إلى النساء ، فأخذت بجانب ثوبه وقالت : لن أعود دون أن أموت معك. فقال الحسينعليه‌السلام : جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي إلى النساء رحمك الله ، فانصرفت إليهن. ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

توضيح :

لما حصل الالتباس بين (عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي)و (وهب بن عبد الله ابن حباب الكلبي) نجد أن نفس القصة يرويها بعضهم تحت الاسم الأول ، وبعضهم تحت الاسم الثاني.

فالطبري يذكر فقط عبد الله بن عمير الكلبي ، وكذلك ابن الأثير. بينما في (الفتوح) لابن أعثم يذكر وهب بن عبد الله بن عمير الكلبي. وفي (مثير الأحزان)

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٢ ، ونسب ذلك إلى وهب بن عبد الله بن جناب الكلبي.

٧٦

لابن نما و (اللهوف) لابن طاووس : وهب بن جناب الكلبي. وفي (مناقب ابن شهر اشوب) : وهب بن عبد الله الكلبي.

وفي (العيون العبرى) للميانجي يقول : يذكر الشيخ السماوي في (إبصار العين) :عبد الله بن عمير الكلبي ، ولم يذكر وهب الكلبي ؛ والخوارزمي على العكس.

ويذكر الخوارزمي في مقتله : أن وهب بن عبد الله هذا كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسينعليه‌السلام .

أما السيد الأمين في لواعجه فقد اعتبرهما شخصين مختلفين ، وهذا ما اعتمدناه ونوّهنا عنه عند شهادة عبد الله بن عمير الكلبي [توضيح بعد الفقرة ٤١]. وهذا أيضا ما ذهب إليه السيد محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتله.

تقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها

٥٢ ـ عمر بن سعد يأمر بتقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها بالنار :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٧ ط ١ مصر)

يقول الطبري : وقاتلوهم حتى انتصف النهار ، أشدّ قتال خلقه الله. وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم إلا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقاربها. فلما رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالا يقوّضونها (عن أيمانهم وعن شمائلهم) ليحيطوا بهم. فكان أصحاب الحسينعليه‌السلام يشدّون على كل من دخل يقوّضها وينهبها ، فيقتلونه ويرمونه من قريب (فيعقرونه).

فأمر ابن سعد بإحراقها فأحرقوها (فصاحت النساء ودهشت الأطفال). فقال الحسينعليه‌السلام : دعوهم فليحرقوها ، فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها ، وكان كذلك.

٥٣ ـ الشمر يطعن فسطاط الحسينعليه‌السلام ويحاول تحريق الخيام :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٤)

وحمل القوم بعضهم على بعض ، واشتد بينهم القتال. فصبر لهم الحسينعليه‌السلام وأصحابه ، حتى انتصف النهار ، وهم يقاتلون من جهة واحدة. فلما رأى ابن سعد ذلك أمر بإحراق الخيم. فقال الحسينعليه‌السلام لأصحابه : دعوهم فإنهم لن يصلوا

٧٧

إليكم. ثم حمل الشمر حتى طعن فسطاط الحسين ، ونادى : عليّ بالنار لأحرق بيوت الظالمين (فصحن النساء وخرجن من الفسطاط). فحمل عليه أصحاب الحسين حتى كشفوه عن الخيمة. فناداه الحسينعليه‌السلام : ويلك

يا شمر تريد أن تحرق خيمة رسول الله؟!. قال : نعم. فرفع الحسين طرفه إلى السماء ، وقال : اللهم لا يعجزك شمر أن تحرقه بالنار يوم القيامة(١) .

٥٤ ـ استنكار حميد بن مسلم لفعل الشمر :

(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٤)

وروي عن حميد بن مسلم (قال) قلت لشمر بن ذي الجوشن : سبحان الله ، إن هذا لا يصلح لك ؛ أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين : تعذّب بعذاب الله ، وتقتل الولدان والنساء؟!. والله إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك. (قال) فقال : من أنت؟.(قال) قلت : لا أخبرك من أنا. قال : وخشيت والله أن لو عرفني أن يضرني عند السلطان!.

٥٥ ـ زجر شبث بن ربعي للشمر :

(المصدر السابق ، ص ٢٥٥)

قال : فجاءه رجل كان أطوع له مني (شبث بن ربعي) فقال له : ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ، ولا موقفا أقبح من موقفك!. أمرعبا للنساء صرت!. قال : فأشهد أنه استحيا فذهب لينصرف.

٥٦ ـ حملة زهير لاستنقاذ البيوت :

(المصدر السابق)

وحمل عليه زهير بن القين في رجال من أصحابه عشرة ، فشدّ على شمر بن ذي الجوشن وأصحابه ؛ فكشفهم عن البيوت ، حتى ارتفعوا عنها.

مصرع عمرو بن خالد الأزدي وابنهرحمهما‌الله

__________________

(١) اللهوف ، ص ٦٩ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٢٩٨ عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

٧٨

٥٧ ـ شهادة عمرو بن خالد الأزدي ، وابنه خالد :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٢)

وبرز عمرو بن خالد الأزدي وهو يقول :

إليك يا نفس إلى الرحمن

فأبشري بالرّوح والرّيحان

اليوم تجزين على الإحسان

قد كان منك غابر الزمان

ما خطّ في اللوح لدى الديّان

لا تجزعي فكل حيّ فان

والصبر أحظى لك بالإيمان

يا معشر الأزد بني قحطان

ثم قاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

فتقدم ابنه خالد بن عمرو ، وهو يرتجز ويقول :

صبرا على الموت بني قحطان

كيما تكونوا في رضيا لرحمن

ذي المجد والعزة والبرهان

وذي العليو الطوّل والإحسان

يا أبتا قد صرت في الجنان

في قصر درّ حسن البنيان

فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

توضيح :

حصل خلط بين عمرو بن خالد الأزدي السابق ، وبين عمرو بن خالد الصيداوي الّذي سيأتي ذكره في الفقرة التالية. وأغلب المصادر ذكرت الأخير (عمرو) ما عدا السيد الأمين في اللواعج الّذي ذكره (عمر). فالذي استشهد في جماعة أربعة مع مولاه وصديقيه هو عمر بن خالد الصيداوي.

وقد ذكر السيد الأمين في (اللواعج) ص ١٣٢ شخصا ثالثا باسم مشابه وهو (عمرو بن خالد الصيداوي) وقد استشهد بعد جون.

قال : وبرز عمرو بن خالد الصيداوي ، فقال للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا. فقال له الحسينعليه‌السلام : تقدّم فإنا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدم فقاتل حتى قتل.

٥٨ ـ استشهاد جماعة :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥)

وأما عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه ، وجابر بن الحارث السلماني

٧٩

ومجمع بن عبد الله العائذي ، فإنهم قاتلوا في أول القتال ، فشدّوا مقدمين بأسيافهم على أهل الكوفة ، فلما أوغلوا فيهم عطف عليهم الناس وقطعوهم عن أصحابهم ، فندب إليهم الحسينعليه‌السلام أخاه العباسعليه‌السلام فاستنقذهم بسيفه وقد جرحوا بأجمعهم. وفي أثناء الطريق اقترب منهم العدو فشدوا بأسيافهم مع ما بهم من الجراح ، وقاتلوا حتى قتلوا أول الأمر في مكان واحد.

وعاد العباسعليه‌السلام إلى أخيه وأخبرهم بخبرهم.

وكان هؤلاء الأربعة من مخلصي الشيعة في الكوفة ، التحقوا بالحسينعليه‌السلام بالعذيب قبل وصوله إلى كربلاء.

ترجمة عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٨١)

كان عمرو من أشراف الكوفة ، مخلص الولاء لأهل البيتعليهم‌السلام . قام مع مسلم بن عقيل ، حتى إذا خانته الكوفة لم يسعه إلا الاختفاء. فلما سمع بمقتل قيس بن مسهر ، وأخبر أن الحسينعليه‌السلام صار بالحاجر ، خرج إليه مع سعد مولاه ، وجابر بن الحارث السلماني ومجمع بن عبد الله العائذي ، وابنه خالد ؛ واتّبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو (الكامل) فجنبوه. وأخذوا دليلا لهم الطرماح بن عدي الطائي ، وكان جاء إلى الكوفة يمتار لأهله طعاما. فخرج بهم على طريق متنكبة ، وسار سيرا عنيفا من الخوف ، حتى انتهوا إلى الحسينعليه‌السلام وهو بعذيب الهجانات ، فاستقبلهم. وقالعليه‌السلام :أما والله إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا ؛ قتلنا أو ظفرنا.

٥٩ ـ احتدام القتال إلى زوال الشمس :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٣٨)

وكان القتل يبين في أصحاب الحسينعليه‌السلام لقلة عددهم ، ولا يبين في أصحاب عمر بن سعد لكثرتهم. واشتدّ القتال والتحم ، وكثر القتل والجراح في أصحاب أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام إلى أن زالت الشمس.

٨٠

٦٠ ـ إخبار أبي ثمامة الصائدي [عمرو بن كعب] بزوال الشمس للصلاة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧)

ورأى أبو ثمامة الصائدي(١) زوال الشمس ، فقال للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله نفسي لك الفدا ، أرى هؤلاء قد اقتربوا ، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ، وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها. فرفع الحسينعليه‌السلام رأسه إلى السماء وقال له : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين ، نعم هذا أول وقتها ، سلوهم أن يكفّوا عنا حتى نصلي. فقال له الحصين بن نمير : إنها لا تقبل منك!.فقال له حبيب بن مظاهر : لا تقبل الصلاة زعمت من آل رسول الله وتقبل منك يا ختّار

وفي (مقتل أبي مخنف) ص ٦٥ : فعند ذلك تقدم أبو ثمامة الصيداوي إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي إننا مقتولون لا محالة ، وقد حضرت الصلاة فصلّ بنا ، فإني أظنها آخر صلاة نصليها ، لعلنا نلقى الله تعالى على أداء فريضة من فرائضه في هذا الموضع العظيم. فقال له : أذّن يرحمك الله. فلما فرغ من الأذان نادى الحسينعليه‌السلام : يا عمر بن سعد أنسيت شرائع الإسلام ، ألا تكفّ عنا الحرب حتى نصلي؟!. فلم يجبه عمر. فناداه الحصين بن نمير : يا حسين صلّ فإن صلاتك لا تقبل!. فقال له حبيب بن مظاهر : ويلك لا تقبل صلاة الحسين وتقبل صلاتك يابن الخمّارة؟!(وفي رواية المقرم ، ص ٣٠١ : وتقبل منك يا حمار). فحمل عليه الحصين ، فضرب حبيب وجه فرسه بالسيف فشبّت به ووقع عنها الحصين ، فاحتوشه أصحابه فاستنقذوه.

مصرع حبيب بن مظاهر الأسدي

__________________

(١) روى بعضهم (الصيداوي) والأصح (الصائدي) نسبة إلى صائد بطن من همدان. وقد اختلف في اسم أبي ثمامة ، فبعضهم قال (عمرو بن كعب) وبعضهم (عمرو بن عريب) وبعضهم (عمرو بن عبد الله) الصائدي ، والأول أصح.

٨١

٦١ ـ مصرع حبيب بن مظاهر الأسدي على يد الحصين بن نمير ورجل من تميم ، وقيل بديل بن صريم :

(مقتل المقرّم ، ص ٣٠١)

ثم خرج حبيب بن مظاهر وعمره ينوف على الخامسة والسبعين ، وقاتل قتالا شديدا ، فقتل على كبره اثنين وستين رجلا ، وهو يقول :

أنا حبيب وأبي مظهّر

وفارس الهيجاء ليث قسور

وفي يميني صارم مذكّر

وأنتم ذو عدد وأكثر

ونحن منكم في الحروب أصبر

أيضا وفي كل الأمور أقدر

والله أعلى حجة وأظهر

وفيكم نار الجحيم تسعر

وفي رواية أخرى أنه قال :

أنا حبيب وأبي مظهّر

فارس هيجاء ونار تسعر

أنتم أعدّ عدّة وأكثر

ونحن أعلى حجّة وأظهر

وأنتم عند الهياج أغدر

ونحن أوفى منكم وأصبر

حقا وأتقى منكم وأعذر

وحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه ، وطعنه آخر من تميم برمحه ، فسقط إلى الأرض ، فذهب ليقوم وإذا الحصين بن نمير يضربه بالسيف على رأسه ، فسقط لوجهه ، ونزل إليه التميمي واحتزّ رأسه. فهدّ مقتله الحسينعليه‌السلام فقال : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي(١) واسترجع كثيرا.

وفي (مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف) ص ٦٦ : ثم قال الحسينعليه‌السلام :لله درّك يا حبيب ، لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة.

وقيل : قتله بديل بن صريم(٢) .

٦٢ ـ القاسم بن حبيب يأخذ بثأر أبيه من قاتله :

(لواعج الأشجان ، ص ١٤١ ط نجف)

وقال الحصين التميمي (لبديل) : أنا شريكك في قتله [أي قتل حبيب]. قال : لا

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٩ ؛ وتاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٨ ، وذكر أن حبيب استشهد بعد برير وقبل زهير.

٨٢

والله. قال : أعطني الرأس أعلقه في عنق فرسي ليرى الناس أني شاركتك في قتله ، ثم خذه فلا حاجة لي فيما يعطيك ابن زياد!. فأعطاه الرأس ، فجال به في الناس ثم ردّه إليه. فلما رجع إلى الكوفة علّقه في عنق فرسه.

وكان لحبيب ابن يسمى (القاسم) قد راهق ، فجعل يتبع الفارس الّذي معه رأس أبيه ، فارتاب به. فقال : مالك تتبعني؟. قال : إن هذا الرأس الّذي معك رأس أبي ، فأعطني إياه حتى أدفنه. فقال : إن الأمير لا يرضى أن يدفن ، وأرجو أن يثيبني.فقال : لكن الله لا يثيبك إلا أسوأ الثواب ، وبكى الغلام.

ثم لم يزل يتبع أثر قاتل أبيه بعدما أدرك ، حتى قتله وأخذ بثأر أبيه ، وذلك أنه كان في عسكر ، فهجم عليه وهو في خيمة له نصف النهار ، فقتله وأخذ رأسه.

ترجمة الصحابي حبيب بن مظاهر الأسدي

هو حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الأشتر الأسدي الكندي. إماميّ ثقة ، وأدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين والحسن والحسينعليه‌السلام . وكان حافظا للقرآن من أوله إلى آخره. وسمع الحديث من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو صحابي.

قال أرباب التاريخ : إن حبيبا نزل الكوفة وصحب علياعليه‌السلام في حروبه كلها. وكان من خاصته وحملة علومه ، علّمه الإمام عليعليه‌السلام علم المنايا والبلايا. وكان من جملة الذين كاتبوا الحسينعليه‌السلام ووفّى له. وعند ورود مسلم بن عقيل الكوفة صار حبيب ومسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للحسينعليه‌السلام ، حتى إذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وتخاذل أهل الكوفة عن سفير الحسين اختفيا ، إلى أن ورد الحسين كربلاء ، خرجا متخفيين ولحقا به وصارا من أصحابه.

ثم كان حبيب على ميسرة الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، وعمره خمس وسبعون سنة. وهو واحد من سبعين بطلا استبسلوا في ذلك اليوم. وعرض عليهم الأمان فأبوا ، وقالوا : لا عذر لنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن قتل الحسينعليه‌السلام وفينا عين تطرف ، حتى قتلوا حوله.

٨٣

٦٣ ـ رثاء الحسينعليه‌السلام لحبيب بن مظاهر ، وبروز زهير بن القين :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٦)

روى أبو مخنف قال : لما قتل العباس وحبيب بن مظاهر(١) بان الانكسار في وجه الحسينعليه‌السلام ، ثم قال : لله درّك يا حبيب ، لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة. قال : فقام إليه زهير بن القين وقال : بأبي أنت وأمي يابن رسول الله ما هذا الانكسار الّذي أراه في وجهك ، ألست تعلم أنا عليا لحق؟. قال : بلى وإله الخلق ، إني لأعلم علما يقينا أني وإياكم على الحق والهدى. فقال زهير : إذا لا نبالي ونحن نصير إلى الجنة ونعيمها. ثم تقدم أمام الحسين فقال : يا مولاي أتأذن لي بالبراز؟.فقال : ابرز. قال : ثم حمل على القوم ، ولم يزل يقاتل حتى قتل خمسين فارسا ، وخشي أن تفوته الصلاة مع الحسينعليه‌السلام فرجع وقال : يا مولاي إني خشيت أن تفوتني الصلاة فصلّ بنا.

الصلاة في المعركة

٦٤ ـ صلاة الظهر ، وقد صلاها الحسينعليه‌السلام في نصف من أصحابه ، وهي صلاة الخوف :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٣٧ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٢٠٣)

فقال الحسينعليه‌السلام لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي : تقدّما أمامي حتى أصلي الظهر ، فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه ، حتى صلّى بهم صلاة الخوف(٢) . ويقال : إنه صلى وأصحابه فرادى بالإيماء(٣) .

شهادة سعيد بن عبد الله الحنفيرحمه‌الله

__________________

(١) تفرّد أبو مخنف في مقتله باعتبار شهادة العباسعليه‌السلام قبل الأصحاب ، واعتبر استشهاد حبيب في أول المبارزين ، ثم تبعه زهير رضوان الله عليهم.

(٢) مقتل العوالم ص ٨٨ ، ومقتل الخوارزمي ج ٢ ص ١٧ ، والذي نراه أن الصلاة كانت قصرا لعدم الإقامة ، وليست صلاة الخوف.

(٣) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٤٤.

٨٤

٦٥ ـ مصرع سعيد بن عبد الله الحنفي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٣٨)

فوصل إلى الحسينعليه‌السلام سهم ، فتقدم سعيد بن عبد الله ووقف يقيه من النبال بنفسه ، وما زال يرمى بالنبل ولا تخطئ ، فما أخذ النبل الحسينعليه‌السلام يمينا وشمالا إلا قام بين يديه ، فما زال يرمى حتى سقط إلى الأرض ، وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد وثمود وأبلغ نبيك عني السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك(١) . والتفت إلى الحسينعليه‌السلام قائلا : أوفّيت يابن رسول الله؟ قال : نعم أنت أمامي في الجنة(٢) .

(وفي رواية) أنه قال : اللهم لا يعجزك شيء تريده ، فأبلغ محمدا (ص) نصرتي ودفعي عن الحسينعليه‌السلام ، وارزقني مرافقته في دار الخلود.

ثم قضى نحبه رضوان الله عليه ، فوجد في جسمه ثلاثة عشر سهما ، سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح(٣) .

ترجمة سعيد بن عبد الله الحنفي

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١١٦)

كان سعيد ممن استشهد مع الحسينعليه‌السلام يوم الطف. وكان من وجوه الشيعة بالكوفة ، وذوي الشجاعة والعبادة فيهم ، وكان ممن حمل الكتب إلى الحسينعليه‌السلام من أهل الكوفة إلى مكة والحسينعليه‌السلام فيها.

ولما أراد الحسينعليه‌السلام أن يصلي الظهر يوم العاشر من المحرم ، انتدبه ليقف أمامه ريثما يتمّ الصلاة ، فوقف بين يديه يقيه السهام ، طورا بوجهه وطورا بصدره وطورا بيديه وطورا بجبينه ، حتى صار جسمه كالقنفذ ، فسقط إلى الأرض صريعا ، وقد وفّى ما عليه في نصرة سيد شباب أهل الجنة ، وسبقه إلى الجنة.

__________________

(١) مقتل العوالم ، ص ٨٨.

(٢) ذخيرة الدارين ، ص ١٧٨.

(٣) اللهوف لابن طاووس ، ص ٦٢.

٨٥

٦٦ ـ بشارة الحسينعليه‌السلام لأصحابه بالجنة ودعوتهم للثبات والدفاع :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٧)

فلما فرغعليه‌السلام من صلاة الظهر قال لأصحابه : يا كرام هذه الجنة قد فتّحت أبوابها واتصلت أنهارها وأينعت ثمارها وزيّنت قصورها وتؤلّفت ولدانها وحورها.وهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهداء الذين قتلوا معه ، وأبي وأمي ، يتوقعون قدومكم عليهم ، ويتباشرون بكم وهم مشتاقون إليكم ، فحاموا عن دينكم وذبّوا عن حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن إمامكم وابن بنت نبيكم ، فقد امتحنكم الله تعالى بنا ، فأنتم في جوار جدنا والكرام علينا وأهل مودتنا ، فدافعوا بارك الله فيكم عنا فلما سمعوا ضجوا بالبكاء والنحيب وقالوا : نفوسنا دون أنفسكم ودماؤنا دون دمائكم وأرواحنا لكم الفداء. والله لا يصل إليكم أحد بمكروه وفينا الحياة(١) وقد وهبنا للسيوف نفوسنا ، وللطير أبداننا ، فلعلنا نقيكم زحف الصفوف ، ونشرب دونكم الحتوف ، فقد فاز من كسب اليوم خيرا ، وكان لكم من المنون مجيرا.

خيل الحسينعليه‌السلام تعقر

٦٧ ـ عمر بن سعد يعقر خيل الحسينعليه‌السلام ومصرع أبي ثمامة الصائدي :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٥)

ثم إن عمر بن سعد وجّه عمرو بن سعيد في جماعة من الرماة فرموا أصحاب الحسينعليه‌السلام حتى عقروا خيولهم(٢) ولم يبق مع الحسين فارس إلا الضحاك بن عبد الله المشرقي. يقول : لما رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بفرسي وأدخلتها فسطاطا لأصحابنا. واقتتلوا أشد القتال(٣) . وكان كل من أراد الخروج ، ودّع الحسينعليه‌السلام بقوله : السلام عليك يابن رسول الله ، فيجيبه الحسينعليه‌السلام :وعليك السلام ونحن خلفك ، ثم يقرأ :( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب : ٢٣](٤) .

__________________

(١) أورد المقرم في مقتله شبيه هذا الكلام ، ص ٣٠٤ نقلا عن (أسرار الشهادة) ص ١٧٥.

(٢) مثير ابن نما ، ص ٣٤٥. وعقر الخيل : أي جرحها ونحرها.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥.

(٤) مقتل العوالم ، ص ٨٥ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥.

٨٦

شهادة أبي ثمامة الصائديرحمه‌الله

وخرج أبو ثمامة الصائدي فقاتل حتى أثخن بالجراح. وكان مع عمر بن سعد ابن عم له يقال له (قيس بن عبد الله) بينهما عداوة ، فشدّ عليه وقتله ، رضوان الله عليه.

٦٨ ـ مصرع زهير بن القين البجلي على يد كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي :(مقتل الخوارزمي ج ٢ ص ٢٠)

ثم خرج زهير بن القين البجلي وهو يقول :

أنا زهير وأنا ابن القين

وفي يميني مرهف الحدّين

أذودكم بالسيف عن حسين

ابن علي الطاهر الجدّين

إن حسينا أحد السبطين

من عترة البرّ التقي الزّين

ذاك رسول الله غير المين(١)

أضربكم ولا أرى من شين

يا ليت نفسي قسّمت قسمين

شهادة زهير بن القين البجلي

وروي أن زهيرا لما أراد الحملة ، وقف على الحسينعليه‌السلام وضرب على كتفه وقال :

اقدم حسين هاديا مهديّا

اليوم تلقى جدّك النبيا

وحسنا والمرتضى عليّا

وذا الجناحين الفتيالكميّا

وأسد الله الشهيد الحيّا

وأضاف أبو مخنف في مقتله ، ص ٦٨ البيتين التاليين :

وفاطما والطاهر الزكيا

ومن مضى من قبلنا تقيا

فالله قد صيّرني وليّا

في حبكم أقاتل الدّعيّا

__________________

(١) المين : الكذب. والشّين : العيب والقبح.

٨٧

فقال الحسينعليه‌السلام : وأنا ألقاهما على أثرك(١) .

ثم قاتل قتالا شديدا ، فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي ، فقتلاه. فقال الحسينعليه‌السلام حين صرع زهير : لا يبعدنّك الله يا زهير ، ولعن الله قاتلك ، لعن الذين مسخهم قردة وخنازير.

ترجمة زهير بن القين البجلي

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١١٧)

هو زهير بن القين بن قيس الأنماري البجلي. كان رجلا شريفا في قومه ، نازلا فيهم بالكوفة ، شجاعا له في المغازي مواقف مشهورة ، ومواطن مشهودة. وكان في البداية عثمانيا ثم اهتدى إلى ولاية أهل البيتعليهم‌السلام ، ولازم الحسينعليه‌السلام من الطريق ، وحامى عنه كأعزّ أنصاره ، حتى استشهد رضوان الله عليه.

وبلغ من أهمية زهير في وقعة الطف أن وضعه الحسينعليه‌السلام على ميمنة جيشه ، وجعل الصحابي حبيبا على الميسرة ، ووقف هو في القلب. فكان زهير وحبيب بالنسبة للحسينعليه‌السلام مثل الجناحين بالنسبة للطائر ، لا يستطيع المضي إلا بهما.

ولما صمم زهير على الشهادة ، خرج برفقة الحر ، وكلاهما من التائبين ، فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم ، شدّ الآخر فخلّصه ، حتى قتل الحر ، ولم يلبث أن قتل زهير. وما ذلك إلا ليبيّنا للملأ أنهما اهتديا معا ، وقاتلا في سبيل الحق معا ، واستشهدا مع سيد شباب أهل الجنة معا ، فزفّا إلى الجنة معا ، رضوان الله عليهما.

شهادة عمرو بن قرظة الأنصاريرحمه‌الله

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٦ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٣.

٨٨

٦٩ ـ مصرع عمرو بن قرظة الأنصاري من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، ومصرع أخيه من أصحاب عمر بن سعد :

(مقتل المقرّم ، ص ٣٠٦)

وخرج عمرو بن قرظة الأنصاري ، فاستأذن الحسينعليه‌السلام فأذن له. فبرز وهو يرتجز ويقول(١) :

قد علمت كتيبة الأنصار

أني سأحمي حوزة الذّمار

ضرب غلام ليس بالفرّار

دون حسين مهجتي وداري

فقاتل قتال المشتاقين إلى الجزاء ، وبالغ في خدمة سلطان السماء ، حتى قتل جمعا كثيرا من حزب ابن زياد ، وجمع بين سداد وجهاد(٢) .

وجاء عمرو بن قرظة الأنصاري ووقف أمام الحسينعليه‌السلام يقيه العدو ويتلقى السهام بصدره وجبهته ، فلم يصل إلى الحسينعليه‌السلام سوء. ولما كثر فيه الجراح التفت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام وقال : أوفيت يابن رسول الله؟. قال : نعم أنت أمامي في الجنة ، فأقرئ رسول الله مني السلام وأعلمه أني في الأثر ، وخرّ ميّتا(٣) رضوان الله عليه.

فنادى أخوه علي بن قرظة وكان مع عمر بن سعد : يا حسين يا كذاب ، غررت أخي حتى قتلته؟!. فقالعليه‌السلام : إني لم أغرّ أخاك ، ولكن الله هداه وأضلّك.فقال : قتلني الله إن لم أقتلك. ثم حمل على الحسينعليه‌السلام ليطعنه فاعترضه نافع بن هلال الجملي ، فطعنه حتى صرعه(٤) .

شهادة نافع بن هلال الجملي

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٢.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٠.

(٣) مقتل العوالم ص ٨٨. وذكر ابن حزم في (جمهرة أنساب العرب) أنه كان لقرظة بن عمرو ابنان : عمرو بن قرظة وقتل مع الحسينعليه‌السلام ، وآخر مع عمر بن سعد ولم يسمّه.

(٤) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٧.

٨٩

٧٠ ـ شجاعة أسير : قتال نافع بن هلال الجملي ، ومصرعه أسيرا :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٧)

ثم خرج نافع بن هلال الجملي [وقيل : هلال بن نافع(١) ] وجعل يرميهم بالسهام فلا تخطئ ، وكان خاضبا يده ، وكان يرمي ويقول :

أرمي بها معلّمة أفواقها

والنفس لا ينفعها إشفاقها

مسمومة تجري بها أخفاقها

ليملأنّ أرضها رشّاقها

فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه. ثم ضرب إلى قائم سيفه فاستلّه ، وحمل وهو يقول(٢) :

أنا الغلام اليمنيّ الجملي

ديني على دين حسين وعلي

إن أقتل اليوم فهذا أملي

وذاك رأيي وألاقي عملي

(وفي مقتل الحسين للمقرّم) قال : ورمى نافع بن هلال الجملي بنبال مسمومة كتب اسمه عليها(٣) وهو يقول(٤) : (البيتين السابقين).

فقتل اثني عشر رجلا سوى من جرح. ولما فنيت نباله جرّد سيفه يضرب فيهم ، فأحاطوا به يرمونه بالحجارة والنصال حتى كسروا عضديه وأخذوه أسيرا(٥) ، فأمسكه الشمر ومعه أصحابه يسوقونه. فقال له ابن سعد : ما حملك على ما صنعت بنفسك؟. قال : إن الله يعلم ما أردت. فقال له رجل وقد نظر إلى الدماء تسيل على وجهه ولحيته : أما ترى ما بك؟!. فقال : والله لقد قتلت منكم اثني عشر رجلا سوى من جرحت ، وما ألوم نفسي عليا لجهد ، ولو بقيت لي عضد ما أسرتموني(٦) . وجرّد الشمر سيفه ، فقال له نافع : والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٢ ؛ وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٩ ؛ والبداية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٤.

(٤) مقتل العوالم ، ص ٩٠.

(٥) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١.

(٦) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٣.

٩٠

الله بدمائنا ، فالحمد لله الّذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه. ثم قدّمه الشمر وضرب عنقه(١) .

ترجمة نافع بن هلال المذحجي الجملي

كان نافع سيدا شريفا سريّا شجاعا. وكان قارئا كاتبا ومن حملة الحديث.وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام شهد حروبه الثلاث : الجمل وصفين والنهروان. وعندما بلغه امتناع الحسينعليه‌السلام من البيعة خرج إليه فاستقبله في الطريق. وكان قد أوصى أن يتبع بفرسه المسمى (بالكامل) ، فأتبع مع جماعة من أصحابه. وقد قتل أسيرا رضوان الله عليه.

شهادة جون مولى أبي ذررحمه‌الله

٧١ ـ مصرع جون مولى أبي ذرّ الغفاري :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٢)

ثم خرج جون مولى أبي ذر الغفاري ، وهو شيخ كبير السن من الموالي ، وكان عبدا أسود ، فجعل يحمل عليهم ويقول(٢) :

كيف يرى الفجّار ضرب الأسود

بالمشرفيّ القاطع المهنّد

أحمي الخيار من بني محمّد

أذبّ عنهم باللسان واليد

أرجو بذاك الفوز يوم المورد

من الإله الواحد الموحدّ

ووقف جون(٣) مولى أبي ذرّ الغفاري أمام الحسينعليه‌السلام يستأذنه ،

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٣ ؛ والبداية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٤.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٩.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٩. وذكر ابن شهر اشوب في مناقبه ، ج ٢ ص ٢١٨ ط إيران ، أن اسمه (جوين) وهو اشتباه ، ولم يذكر الخوارزمي هذا الكلام في مقتله واكتفى بالشعر.

٩١

فقالعليه‌السلام : يا جون ، إنما تبعتنا طلبا للعافية ، فأنت في إذن مني (وفي اللهوف :فلا تبتل بطريقتنا) فوقع على قدميه يقبّلهما ويقول : أنا في الرخاء ألحس قصاعكم ، وفي الشدة أخذلكم!. والله إن ريحي لنتن ، وحسبي للئيم ، ولوني لأسود ، فتنفّس(١) عليّ بالجنة ، ليطيب ريحي ، ويشرف حسبي ، ويبيضّ وجهي. لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين(٢) . فقتل ٢٥ شخصا حتى قتل رضوان الله عليه.

(وفي رواية أبي مخنف في مقتله ، ص ٧١) قال : «فلم يزل يقاتل حتى قتل سبعين رجلا ، فوقعت في محاجر عينه ضربة ، وكبا به جواده إلى الأرض ، فوقع على أمّ رأسه ، فأحاطوا به من كل جانب ومكان ، فقتلوه». فوقفعليه‌السلام وقال : اللهم بيّض وجهه وطيّب ريحه واحشره مع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرّف بينه وبين آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروي عن الإمام الباقرعليه‌السلام : أن الناس كانوا يحضرون المعركة فيدفنون القتلى ، فوجدوا جونا بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة المسك(٣) .

ترجمة جون مولى أبي ذرّ الغفاري

(مجلة البيان النجفية ، السنة ٢ العدد ٣٥ ـ ٣٩)

هو جون بن حوي بن قتادة بن الأعور بن ساعدة بن عوف بن كعب بن حوي النوبي. اشتراه الإمام عليعليه‌السلام من الفضل بن العباس ابن عبد المطلب بمائة وخمسين دينارا ، ووهبه لأبي ذرّ ليخدمه. فانتقل من بيئة تزخر بالثراء والجاه إلى أخرى قد خيّم عليها جلال الزهد والتقوى ، وغمرها سلطان الإيثار والقناعة والتقشف. رافق جون أباذر في حياته وعاش معه مآسيه ، وكان رفيقه المخلص في (الربذة) حتى قضى رضوان الله عليه ، فبكاه بدموع سخيّة.

__________________

(١) تنفّس عليّ بالجنة (بصيغة الأمر) : أي تفضّل عليّ بما يدخلني الجنة.

(٢) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٦١.

(٣) مثير الأحزان للجواهري ، ص ٧٥.

٩٢

وحين بلغه نبأ مسير الحسينعليه‌السلام لمناهضة الباطل وتجديد الدين ، تجددت في نفسه مآسيه السابقة وذكرياته السالفة ، فأسرع لنصرة الحسينعليه‌السلام وخدمة أهل البيت (ع) ، حتى استشهد رضوان الله عليه ، بعد بلاء مرير ، وبعد أن أظهر لجيوش الأعداء ، كيف يكون الإباء والشمم والإيمان بالمبدأ ، وأنه ليس هناك إلا النفس الكريمة تسيل على حدّ السيوف في مثل لمح البصر ، فتروي نبتة الحق والحقيقة ، وتفوز بالخلود في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.

٧٢ ـ تنافس بقية الأصحاب على الموت :

(مقتل أبي مخنف المقتبس من الطبري ، ص ١٣٨)

قال أبو مخنف : فلما رأى أصحاب الحسينعليه‌السلام [أنهم قد غلبوا] وأن الأعداء قد كثروا ، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسيناعليه‌السلام ولا أنفسهم ، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.

شهادة حنظلة بن أسعد الشباميرحمه‌الله

٧٣ ـ مصرع حنظلة بن أسعد الشبامي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٤)

ثم جاء إليه حنظلة بن أسعد العجلي الشبامي(١) فوقف بين يدي الحسينعليه‌السلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي :( يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠)مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١)وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢)يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) (٣٣) [غافر : ٣٠ ـ ٣٣]. ويا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم

__________________

(١) ذكر الطبري أن اسمه (حنظلة بن سعد) ، وفي اللهوف أنه (الشامي) وأنه استشهد قبل صلاة الخوف.

٩٣

الله بعذاب( وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى ) [طه : ٦١]. فقال له الحسينعليه‌السلام : يابن أسعد رحمك الله ، إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ، ونهضوا إليك يشتمونك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين!. فقال : صدقت جعلت فداك ، أفلا نروح إلى ربنا فنلحق بإخواننا(١) !. فقال له الحسينعليه‌السلام : رح إلى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى. فقال : السلام عليك يابن رسول الله ، وعلى أهل بيتك ، وجمع الله بيننا وبينك في الجنة. فقال الحسينعليه‌السلام : آمين آمين. ثم تقدم فقاتل قتالا شديدا ، فحملوا عليه فقتلوه.

شهادة شوذب مولى بني شاكررحمه‌الله

٧٤ ـ مصرع شوذب مولى بني شاكر :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١١ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ١٦٠)

وأقبل عابس بن شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى بني شاكر. وكان شوذب من الرجال المخلصين ، وداره مألف للشيعة يتحدثون فيها فضل أهل البيتعليهم‌السلام .فقال : يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟. قال : أقاتل معك دون ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أقتل. قال : ذلك الظن بك ، فتقدم بين يدي أبي عبد اللهعليه‌السلام حتى يحتسبك كما احتسب غيرك ، وحتى أحتسبك أنا ، فإن هذا يوم نطلب فيه الأجر بكل ما نقدر عليه ، فإنه لا عمل بعد اليوم ، وإنما هو الحساب. فتقدم شوذب فقال :السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته ، أستودعك الله. ثم قاتل حتى قتل.

شهادة عابس بن شبيب الشاكريرحمه‌الله

__________________

(١) اللهوف لابن طاووس ، ص ٦١ و ٦٢ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٣١١ عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٤.

٩٤

٧٥ ـ مصرع عابس بن شبيب الشاكري على يد جماعة من القوم :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٣)

وجاء عابس بن شبيب الشاكري ، فتقدم وسلّم على الحسينعليه‌السلام وقال له : يا أبا عبد الله ، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ منك. ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلت!. السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد أني على هداك وهدى أبيك. ثم مشى بالسيف نحوهم. قال ربيع بن تميم : فلما رأيته مقبلا عرفته ـ وقد كنت شاهدته في المغازي فكان أشجع الناس ـ فقلت للقوم : أيها الناس ، هذا أسد الأسود ، هذا ابن شبيب ، لا يخرجنّ إليه أحد منكم. فأخذ ينادي : ألا رجل؟. ألا رجل لرجل!.فتحاماه الناس لشجاعته. فقال لهم عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة(١) فرموه بالحجارة من كل جانب. فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ، وشدّ على الناس فهزمهم بين يديه.

(قال الراوي) : فو الله لقد رأيته يطرد أكثر من مئتين من الناس ، ثم أحاطوا به من كل جانب فقتلوه ، فرأيت رأسه في أيدي الرجال ، كلّ يقول : أنا قتلته(٢) .

ترجمة عابس بن شبيب الشاكري الهمداني

بنو شاكر بطن من همدان. ذكر أرباب السير أن عابسا كان رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا مجتهدا. وكان من رجال الشيعة ، وكذلك بنو شاكر كانوا من المخلصين بولاء أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفيهم قال عليعليه‌السلام يوم صفين :«لو تمّت عدّتهم ألفا لعبد الله حقّ عبادته». وكانوا من شجعان العرب وحماتهم ، وكانوا يلقبون (فتيان الصباح). وكان عابس رسول مسلم بن عقيل إلى الحسينعليه‌السلام وقد أرسله بكتابه إليه ، وقد صحبه (شوذب) مولاه ، واستشهد معه.

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٢ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٤.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٨.

٩٥

مصرع سعد ابن حنظلة التميميرحمه‌الله

٧٦ ـ مصرع سعد بن حنظلة التميمي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٤)

ثم خرج من بعده سعد بن حنظلة التميمي ، وهو يقول :

صبرا على الأسياف والأسنّه

صبرا عليها لدخول الجنّه

وحور عين ناعمات هنّه

لمن يريد الفوز لا بالظّنّه

يا نفس للراحة فاطرحنّه

وفي طلاب الخير فارغبنّه

ثم حمل وقاتل قتالا شديدا ، حتى قتل رضوان الله عليه.

مصرع عمير ابن عبد الله المذحجيرحمه‌الله

٧٧ ـ مصرع عمير بن عبد الله المذحجي :

(المصدر السابق)

ثم خرج من بعده عمير بن عبد الله المذحجي ، وهو يقول :

قد علمت سعد وحيّ مذحج

أني لدى الهيجاء ليث محرج

أعلو بسيفي هامة المدجج

وأترك القرن لدى التعرّج

فريسة الضبع الأزلّ الأعرج

فمن تراه واقفا بمنهجي؟!

ولم يزل يقاتل قتالا شديدا ، حتى قتله مسلم الضبابي وعبد الله البجلي ، اشتركا في قتله.

٩٦

٧٨ ـ شهادة عبد الرحمن اليزني :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٤٣)

ثم خرج عبد الرحمن بن عبد الله اليزني ، وهو يقول :

أنا ابن عبد الله من آل يزن

ديني على دين حسين وحسن

أضربكم ضرب فتى من اليمن

أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن

ثم حمل فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

٧٩ ـ شهادة يحيى بن سليم المازني :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧)

ثم خرج من بعده يحيى بن سليم المازني ، وهو يقول :

لأضربنّ القوم ضربا فيصلا

ضربا شديدا في العداة معجلا

لا عاجزا عنهم ولا مهلهلا

ولا أخاف اليوم موتا مقبلا

ما أنا إلا الليث يحمي أشبلا

ثم حمل فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

٨٠ ـ شهادة قرّة بن أبي قرة الغفاري :

(المصدر السابق ، ص ١٨)

ثم خرج من بعده قرّة بن أبي قرة الغفاري ، وهو يقول :

قد علمت حقا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار

بأنني الليث الهزبر الضاري

لأضربن معشر الفجّار

بكل عضب ذكر بتّار

يشع لي في ظلمة الغبار

دون الهداة السادة الأبرار

رهط النبي أحمد المختار

ثم حمل فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

٨١ ـ شهادة رجل من بني أسد :

(تاريخ ابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٢)

قال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدّى [أي ينزل في البدو ، أي يقيم في الصحراء] فينزل قريبا من الموضع الّذي كانت فيه معركة الحسينعليه‌السلام ، فكنا لا

٩٧

نبدو إلا وجدنا رجلا من بني أسد هناك. فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان!.قال : بلغني أن حسيناعليه‌السلام يقتل ههنا ، فأنا أخرج إلى هذا المكان ، لعلي أصادفه فأقتل معه.

قال ابن الهيثم : فلما قتل الحسينعليه‌السلام ، قال أبي : انطلقوا بنا ننظر هل الأسدي فيمن قتل مع الحسينعليه‌السلام ؟. فأتينا المعركة وطوّفنا ، فإذا الأسدي مقتول.

(أقول) : لعل هذا الشهيد هو أنس بن الحارث الكاهلي أو الأسدي ، لأن الكاهلي أسدي. وهو نفسه أنس بن كاهل الأسدي الّذي ذكر في زيارة الناحية المقدسة. وذكر في بعض المصادر : مالك بن أنس الكاهلي ، وهو تصحيف.

وقد مرّت هذه الفقرة في الجزء الأول من الموسوعة برقم ٢١٤ بعنوان : ملازمة رجل من بني أسد أرض كربلاء ، فراجع.

مصرع أنس بن الحارث الكاهليرحمه‌الله

٨٢ ـ مصرع أنس بن الحارث الكاهلي ، وكان صحابيا :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٣)

وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي شيخا كبيرا صحابيا ، رأى النبي (ص) وسمع حديثه ، وشهد معه بدرا وحنينا. فاستأذن الحسينعليه‌السلام وبرز شادّا وسطه بالعمامة ، رافعا حاجبيه بالعصابة. ولما نظر إليه الحسينعليه‌السلام بهذه الهيئة بكى ، وقال : شكر الله سعيك يا شيخ.

ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل على كبره ثمانية عشر رجلا ، وقتل أمام الحسينعليه‌السلام (١) .

وفي (وسيلة الدارين) ص ١٠٢ : روى أهل السير أنه لما جاءت نوبة أنس ، استأذن الحسينعليه‌السلام في القتال ، فأذن له ، فبرز وهو يقول :

__________________

(١) ذكر أبو مخنف في مقتله ، ص ٧٣ ما يشبه هذا الكلام عن (جابر بن عروة الغفاري) وكان شيخا كبيرا صحابيا.

٩٨

قد علمت كاهل ثم ذودان

والخندفيّون وقيس عيلان

بأن قومي آفة الأقران

لدى الوغى وسادة الفرسان

نباشر الموت بطعن آن

لسنا نرى العجز عن الطعان

آل علي شيعة الرحمن

وآل حرب شيعة الشيطان

ثم حمل فقاتل حتى قتل أربعة عشر رجلا [على رواية ابن شهر اشوب] ، وثمانية عشر رجلا [على رواية الصدوق في أماليه] ، ثم قتل رضوان الله عليه.

ترجمة الصحابي أنس بن الحارث الكاهلي

(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ١٠١)

هو أنس بن الحارث بن نبيه بن كاهل الأسدي. كان صحابيا كبيرا ممن رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع حديثه. وكان فيما سمع منه وحدّث به ، ما رواه جمّ غفير من العامة والخاصة عنه ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول والحسين في حجره : «إن ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق. ألا فمن شهده فلينصره». فلما رآه أنس في العراق وشهده ، نصره وقتل معه.

(ذكر ذلك الجزري في أسد الغابة ، وابن حجر في الإصابة وغيرهما).

٨٣ ـ شهادة عمرو بن مطاع الجعفي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٨)

ثم خرج من بعده عمرو بن مطاع الجعفي ، وهو يقول :

أنا ابن جعف وأبي مطاع

وفي يميني مرهف قطّاع

وأسمر سنانه لمّاع

يرى له من ضوئه شعاع

اليوم قد طاب لنا القراع

دون حسين وله الدفاع

(وفي مقتل أبي مخنف ، ص ٧١) عبّر عنه بلفظ (عمير) وذكر رجزه :

أنا عمير وأبي المطاع

وفي يميني صارم قطّاع

كأنه من لمعه شعاع

إذا فقد طاب لنا القراع

دون الحسين الضرب والصراع

صلى عليه الملك المطاع

٩٩

ولم يزل يقاتل حتى قتل ثلاثين رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

٨٤ ـ شهادة أنيس بن معقل الأصبحي :

(المصدر السابق ، ص ١٩)

ثم خرج من بعده أنيس بن معقل الأصبحي ، فجعل يقول :

أنا أنيس وأنا ابن معقل

وفي يميني نصل سيف فيصل

أعلو به الهامات بين القسطل

حتى أزيل خطبه فينجلي

عن الحسين الفاضل المفضّل

ابن رسول الله خير مرسل

ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل [على رواية ابن شهر اشوب] نيّفا وعشرين رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

٨٥ ـ شهادة الحجاج بن مسروق الجعفي :

(المصدر السابق ، ص ٢٠)

ثم برز من بعده الحجاج بن مسروق الجعفي ، وهو مؤذّن الحسينعليه‌السلام ، وكان قد خرج من الكوفة إلى مكة فالتحق بالحسينعليه‌السلام ، وصحبه منها إلى العراق ، فجعل يقول :

اقدم حسينا هاديا مهديّا

اليوم تلقى جدّك النبيّا

ثم أباك ذا الندى عليا

ذاك الّذي نعرفه وصيّا

والحسن الخير الرضا الوليا

وأسد الله الشهيد الحيّا

وذا الجناحين الفتى الكميّا

وفاطما والطاهر الزكيّا

ومن مضى من قبله تقيا

فالله قد صيّرني وليّا

في حبكم أقاتل الدعيّا

وأشهد الشهيد الحيّا

لتبشروا يا عترة النبيا

بجنّة شرابها رويّا

والحوض حوض المرتضى عليا

وقد مرّ شبيه هذه الأبيات في شهادة زهير بن القين (رض).

ثم حمل على القوم وقاتل قتال المشتاقين ، حتيقتل منهم ثمانية عشر رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.

٨٦ ـ مبارزة الاثنين :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩٤)

ولما نظر من بقي من أصحاب الحسينعليه‌السلام إلى كثرة من قتل منهم ، أخذ

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800