موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 492312 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

منه لما فعل بها. وقد أكد الشيخ المفيد أن القصة عارية عن الصحة ، بل هي من نسج الخيال ، وقد حبكت لغرض سياسي بحت ، وهو نفي الخصومة التي كانت بين الإمام علي وزوجته الزهراءعليه‌السلام وبين الشيخين بشأن الخلافة والشورى وغصب فدك وحرق بيت فاطمةعليه‌السلام .

يقول السيد جواد شبّر في (أدب الطف) ص ٧٦ :

وأما الرواية التي تقول إن أم كلثوم قد تزوجها عمر بن الخطاب ، فهي عارية عن الصحة ، كما أكّد الشيخ المفيد. وبيان ذلك أن المؤرخين قد اتفقوا على أن أم كلثوم قد تزوجها عون بن جعفر ، أو أخوه محمّد بن جعفر أولا ثم عون بن جعفر ثانيا.والإتفاق في ذلك عن أئمة الحديث المعتمدين ، كابن حجر في (الإصابة) ، وابن عبد البر في (الاستيعاب) وغيرهما ممن كتب في الصحابة. ويذكرون أن عون بن جعفر تزوج بها بعد عمر بن الخطاب ، مع أن عون قتل يوم (تستر) ١٧ ه‍ في خلافة عمر ، وعمر مات بعد هذه الوقعة بسبع سنين سنة ٢٣ ه‍ ، فكيف تزوج بها عون بعد عمر؟. الصحيح أن عون كان زوجها من البداية إلى النهاية ، وأنه لم يتزوجها غير ابن عمها

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن أم كلثوم كانت أصغر من أختها زينب العقيلةعليه‌السلام ، وقد ولدت العقيلة بعد أخيها الحسينعليه‌السلام بثلاث سنين أي سنة ٨ ه‍ ، وتوفيت أمها الزهراءعليه‌السلام أول سنة ١١ ه‍ ، فتكون ولادة أم كلثوم المتوقعة في سنة ٩ أو ١٠ ه‍. وقد ذكر ابن الأثير في (الكامل) ج ٢ ص ٥٢٧ : أن عمر تزوج بها سنة ١٧ ه‍ ، فيكون عمرها وقتئذ ٨ أو ٧ سنوات ، ويستحيل أن تكون البنت في هذه السن مؤهلة للزواج.

قال ابن الأثير : وفيها [أي سنة ١٧ ه‍] تزوج عمر أم كلثوم بنت علي ابن أبي طالبعليه‌السلام وهي ابنة فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودخل بها في ذي القعدة [وعمره ٥٥ سنة].

وظاهر من كلامه أنه دخل بها قبل أن تبلغ ، فكيف يكون ذلك؟.

لهذا قال ابن شهر اشوب في (مناقبه) ج ٣ ص ٨٩ : وذكر أبو محمد النوبختي في كتاب (الإمامة) : أن أم كلثوم كانت صغيرة ، ومات عمر قبل أن يدخل بها.

٦٤١

وقال المفيد : إن الخبر الوارد بالتزويج لم يثبت ، لا سيما وأن الّذي رواه هو الزبير بن بكار ، المتهم بتعصبه ضد أهل البيتعليه‌السلام .

وقد ذكر السيد الأمين في (الأعيان) ج ٣ ص ٤٨٥ طبعة كبيرة : أن وفاة أم كلثوم الكبرى كانت في سلطنة معاوية قبل سنة ٥٤ ه‍ ، ودفنت في المدينة المنورة. فيكون عمرها الشريف حوالي ٤٥ سنة.

٦ ـ مقام فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام

٧٧٣ ـ وصف مسجد مزار السيدة فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام في الستات :

(ثمار المقاصد ليوسف بن عبد الهادي ، ص ٢٥٢)

يقول : في مقبرة الباب الصغير مسجد مزار السيدة فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ، تقول العامة إنها فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ، والصواب أنها فاطمة بنت أحمد بن الحسين ، كما هو محفور على الضريح.

ومسجدها لطيف ذو قبة مجددة سنة ١٣٣٠ ه‍. وإلى جانب باب المسجد سلّم حجري ينزل منه إلى الضريح الحجري ، المكتوب عليه بالكوفي آية الكرسي ، ثم ما نصه :

(هذا قبر فاطمة بنت أحمد بن الحسين [ابن السبطي] الشهيد ، توفيت رضي الله عنها في مبدأ سنة ٤٣٧ ه‍).

توضيح :

إن ظاهرة النزول إلى قبور أهل البيتعليه‌السلام في الستات بدرج إلى تحت الأرض ، كما هو الأمر في القبرين المنسوبين إلى سكينة وأم كلثومعليه‌السلام وفي هذا القبر ، يمكن تعليلها بأن دمشق القديمة كانت أخفض من وضعها الحاضر ، وقد علا سطحها مع الزمن نتيجة الردم الحادث عن الحروب والزلازل. وقد أثبتت التحريات العمرانية في دمشق القديمة ذلك ، فقد كان القوس الأثري الروماني الّذي اكتشف في حي الأمين ـ طالع الفضة ، منخفضا عن سطح الأرض أكثر من أربعة أمتار ، ثم عمدت مديرية الآثار إلى رفعه إلى سوية الأرض ، للتخلص من المياه التي كانت تتجمع عند قاعدته.

٦٤٢

ترجمة فاطمة الصغرى بنت الحسينعليه‌السلام

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٣٠)

قال الشيخ المفيد في (الإرشاد) ، وابن قتيبة في (المعارف) :

فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ، أمها أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي. كانت أم إسحق تحت الحسن بن عليعليه‌السلام فولدت له الحسين بن الحسن الملقب بالأثرم ، وأخاه طلحة.

فلما حضرت الوفاة إمامنا الحسنعليه‌السلام ، دعا بأخيه الحسينعليه‌السلام فقال : يا أخي إني أرضى هذه المرأة لك ، فلا تخرجنّها من بيوتكم ، فإذا انقضت عدّتها فتزوجها من نفسك. فلما توفي الحسنعليه‌السلام تزوجها الحسينعليه‌السلام ، فولدت له فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام .

وكانت فاطمة من عقائل قريش ، وهي في الزهد والورع والعبادة في مرتبة عظيمة ، وفي الكرم والسخاء والعطاء في درجة عليّة.

وكانت تشبّه بالحور العين لجمالها ، وكانت شبيهة بجدتها فاطمة الزهراءعليها‌السلام . ولما تزوجها الحسن بن الحسن المثنّى كما ذكرنا سابقا ، ولدت له أربعة : عبد الله وإبراهيم والحسين وزينب.

فلما توفي زوجها ومضت سنة كاملة ، رغب في نكاحها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وخطبها ، فامتنعت امتناعا شديدا ، حتى ألحّت عليها أم اسحق وحلّفتها في القبول ، فرضيت. وولدت من عبد الله : محمّد الديباج.ثم توفي زوجها.

فلما انقضت عدتها خطبها عبد الرحمن بن ضحاك بن قيس الفهري والي المدينة ، وكان ذلك في خلافة يزيد بن عبد الملك ، فامتنعت فاطمة من ذلك ، وبعثت إليه أن دع التكلم في ذلك فإنه محال. فغضب الوالي وضيّق عليها غاية التضييق ، وأصرّ على ذلك.

قال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٩٠ : فبعثت إلى يزيد ابن عبد الملك تشكوه ، فشقّ على يزيد ذلك ، وغضب وقال : بلغ من أمر

٦٤٣

عبد الرحمن أن يتعرض لبنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !. من يسمعني موته وأنا على فراشي هذا؟. ثم بعث إليه من طاف به المدينة في جبة صوف ، ثم عزله وأغرمه أمواله كلها ، ومات فقيرا.

وكانت وفاة فاطمةعليه‌السلام وأختها سكينةعليه‌السلام في سنة واحدة ، وهي سنة ١١٧ ه‍. وفي (تهذيب التهذيب) لابن حجر : أن فاطمةعليه‌السلام قاربت التسعين ، فتكون ولادتها حوالي سنة ٣٠ ه‍ ، وعمرها يوم الطف ما يقرب من ذلك.

وفيه أيضا : أن فاطمةعليه‌السلام روت الحديث عن أبيها وأخيها زين العابدينعليه‌السلام وعمتها زينبعليه‌السلام وابن عباس وأسماء بنت عميس ، وروى عنها أولادها الأربعة من الحسن المثنّى.

٧ ـ مرقد السيدة زينب الكبرىعليه‌السلام

«عقيلة بني هاشم»

كان من نتيجة تعدد اسم زينب في بنات الإمام عليعليه‌السلام أن تشابه الأمر على الرواة والمؤرخين. فبعضهم زعم أن التي بمصر هي زينب العقيلةعليه‌السلام ، وأن التي في جنوب دمشق هي أم كلثوم المكناة بزينب الصغرىعليه‌السلام . ومنهم من قال عكس ذلك.

والصحيح أن من بنات الإمام عليعليه‌السلام الأربع ، اثنتين فقط حضرتا كربلاء هما : زينب الكبرى العقيلةعليه‌السلام ، وأم كلثوم الصغرى التي أمها أم سعيد الثقفية.أما أم كلثوم الكبرى المكناة بزينب الصغرى والتي نسب إلى عمر أنه تزوجها ، فقد توفيت بعد عمر سنة ٥٤ ه‍ وعمرها ٤٥ سنة في سلطنة معاوية ، كما حقق السيد محسن الأمين في (الأعيان). وأما زينب الصغرى التي أمها أم ولد ، فقد توفيت في حياة أبيهاعليه‌السلام .

فتكون زينب المدفونة في (راوية) جنوب دمشق ، هي زينب الكبرى العقيلةعليه‌السلام زوجة عبد الله بن جعفر ، والتي في مصر ـ إن كانت بنت الإمام

٦٤٤

عليعليه‌السلام ـ فهي أم كلثوم الصغرى التي أمها ثقفية. وإذا صحّ أن أم كلثوم الكبرى قد حضرت كربلاء ، فتكون هي التي توفيت في المدينة بعد رجوعها مع السبايا بأشهر. أما التي يزعم أنها مدفونة في مقبرة باب الصغير بدمشق ، فهي ليست أم كلثوم الكبرى المكناة بزينب الصغرى على أي حال من الأحوال.

٧٧٤ ـ زينب مصر :

قال والدي وجيه بيضونرحمه‌الله في مقالة له عن زينب الكبرىعليه‌السلام نشر حديثا في مجلة الموسم ـ العدد ٤ ص ٧٦٨ :

أما زينب العقيلة ، كبرى الزينبات الثلاث ، من بنات الإمام عليعليه‌السلام ، فقد أجمع على أنها دفينة أرض النيل جملة من الرواة ؛ منهم العبيدلي في أخباره ، والحافظ ابن عساكر في تاريخه الكبير ، والمؤرخ ابن طولون الدمشقي في (الرسالة الزينبية).

ومختصر خبرها في خروجها إلى مصر ننقله بإسناده مرفوعا إلى عبد الله بن أبي رافع ، قال : سمعت محمدا أبا القاسم بن علي يقول : لما قدمت زينب بنت عليعليه‌السلام من الشام إلى المدينة مع النساء والصبيان ، وثارت الفتنة بينها وبين عمرو بن سعيد [الأشدق] والي المدينة من قبل يزيد ، كتب إليه يستشيره بنقلها من المدينة ، فجاءه الأمر بذلك ، فجهّزها هي ومن أراد السفر معها من نساء بني هاشم إلى مصر ، فقدمتها لأيام بقين من ذي الحجة. فاستقبلها والي مصر يومئذ مسلمة بن مخلّد الأنصاري في موكب كبير ، وأنزلها في داره بالحمراء. وما لبثت أن أعجلتها منيّتها بعد عام من قدومها ، فدفنت بمحل سكناها.

ويقوم مشهدها لأيامنا جنوبي القاهرة في (قناطر السباع).

مناقشة حول (أخبار الزينبات) للعبيدلي :

(أقول) : أول من ادّعى بأن المشهد الزينبي هو في مصر المؤرخ (العبيدلي).

وقد طبع الأستاذ المصري حسن قاسم كتابا ليحيى بن الحسن العبيدلي [ت ٢٥٧ ه‍] عنوانه (أخبار الزينبيات) ، وهو كتاب صغير جدا يتألف من عدة أوراق نسبت للعبيدلي ، وتشمل عدة روايات ترمي إلى إثبات صحة المقام الزينبي في القاهرة ، وأن زينب العقيلةعليه‌السلام هجّرها والي المدينة إلى مصر ، وبعد سنة توفيت ودفنت هناك في منطقة (قناطر السباع) جنوبي القاهرة.

٦٤٥

ونحن إذا تركنا شكّنا في نسبة هذا الكتاب للعبيدلي ، وتجاوزنا عن عدم وثوقنا بالعبيدلي لتعصبه ، فإننا نرفض ما جاء في كتابه من عدة وجوه :

منها : أنه انفرد في قوله بأن زينب العقيلةعليه‌السلام قد توفيت في القاهرة ، ودفنت هناك في (قناطر السباع) ، مع أن العلماء الذين هم من أهل مصر وأرّخوا لها لم يذكروا ذلك ؛ مثل القضاعي والمقريزي والسيوطي والقاضي العدوي بل إنهم صرّحوا بأنه لم يمت لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ولد لصلبه في مصر. وكذلك الذين زاروا مصر لم يذكروا ذلك ، مثل الرحالة ابن جبير.

ومنها : أن والي المدينة من قبل يزيد وهو عمرو بن سعيد الأشدق ، لم تكن له أية قوة أو سيطرة على المدينة ، لنموّ أثر ابن الزبير فيها ، حتى يخرج زينبعليه‌السلام منها ، والهاشميون يسكتون عن ذلك!.

ومنها : أن زوج العقيلة عبد الله بن جعفر ، كان معها في المدينة ، وكانت له حظوة وكلمة عند الأمويين ، فهل يسمح لهم بتسفير ونفي زوجته إلى مصر لوحدها ، إذ لم يذكر أنه كان معها إلا فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وأختها سكينة ؛ فهذا دونه خرط القتاد.

ومنها : ما ذكر عند وصولها مصر ، أنها نزلت في دار الحمراء لمسلمة بن مخلّد والي مصر ، فأقاكت هناك سنة ، ثمّ توفيت ، وصلى عليها مسلمة. وهذا كان مع معاوية بن حديج ، من أكبر أعداء أهل البيتعليه‌السلام ، فهل يعقل أن تنزل العقيلة في بيته ويستضيفها ، وهي الأبية الهاشمية التي ورثت الأنفة والعزة من أجدادها!.

ومنها : ما يذكرون من أنه في العهد الفاطمي كان الملك كل سنة في المحرم يقوم بزيارة مراقد أهل البيتعليه‌السلام ، فيبدأ بقبر السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور ، ويختتم بزيارة رأس الحسينعليه‌السلام . فلو كانت زينبعليه‌السلام مدفونة هناك ، لكان الأولى أن يبدأ بزيارة قبرها ، ويختتم بزيارة رأس أخيها الحسينعليه‌السلام .

ومنها : أن أهل مصر كانوا كنانة معاوية ومن أكبر أنصاره ، ولذلك لم يفكّر الإمام الحسينعليه‌السلام بنصرتهم والتوجه إليهم ، فكيف تختار زينبعليه‌السلام مصر لتكون مكانا لنفيها وهجرتها؟!.

٧٧٥ ـ زينب الشام :

ثم قال والدي : بقي أن نولي وجهنا شطر الشام ، حيث المقام الزينبي البهي ، في ضاحية دمشق الجنوبية ، يقوم عليه السادة آل مرتضى الكرام ، منذ لا أقل من سبعمائة

٦٤٦

عام ، يوم حلّ جدهم الأكبر ربوع الشام. وهو الشائع الثابت عند الأكثرين ـ وبخاصة الشيعة ـ أنه مثوى العقيلة زينب الكبرىعليه‌السلام بعد نزوحها عن المدينة إثر المجاعة الجائحة التي أصابتها وما حولها ، حيث شحّ الرزق وتأذى الخلق ، فهاجرت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام ، وكانت له فيها ممتلكات اقتطعها له الأمويون. فمرضت هناك وتوفيت ، ودفنت في قرية (راوية) وهي المعروفة لأيامنا بقرية (الست).

ولقد وكّد هذه الرواية بواقعها ، كلّ من ابن طولون والهروي وسبط ابن الجوزي والصيادي وغيرهم ، كما وكّدها أيضا الناصري في (طلعة المشتري) وابن عبد البر في (الإستيعاب) ، والعبيدلي في تاريخه.

وللمجتهدين من أئمة الدين في هذا الشأن فتاوى عدة ، هي في وفرتها وإجماعها شبه إفتاء عام ، بأن في الشام مدفن السيدة العقيلةعليه‌السلام ، قدمتها أول مرة سبيّة ، ثم جاءتها مهاجرة ، لتتم فيها أيامها الأخيرة. انتهى كلامه

٧٧٦ ـ مرقد زينبعليه‌السلام براوية :(رحلة ابن جبير ، ص ٢٥٣)

يقول ابن جبير : ومن مشاهد أهل البيتعليه‌السلام مشهد أم كلثوم بنت علي ابن أبي طالبعليه‌السلام ويقال لها زينب الصغرى ، وأم كلثوم كنية أوقعها عليها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لشبهها بابنته أم كلثومعليه‌السلام ، والله أعلم بذلك.

ومشهدها الكريم بقرية قبلي البلد تعرف (براوية) على مقدار فرسخ [٦ كم] ، وعليه مسجد كبير ، وحوله مساكن وله أوقاف. ويسميه أهل دمشق قبر الست أم كلثوم.

(أقول) : ظاهر خطأ ابن جبير في تحديد اسم المدفونة في (راوية) إذ أن كل من يزورها يذكرها باسم ستي زينب ، ولا أحد يذكر أنها أم كلثوم. علما بأن أم كلثوم الكبرى التي ذكرها ابن جبير كانت قد توفيت كما ذكرنا في عهد معاوية ولم تشهد الطف ودفنت في المدينة ، فمن أين جاءت إلى دمشق!؟.

ثم قال ابن جبير : وبالجبانة [يقصد مقبرة باب الصغير] التي بغربي البلد ، من قبور أهل البيتعليه‌السلام كثير. منها قبران عليهما مسجدان يقال إنهما من ولد الحسن والحسينعليه‌السلام . ومسجد آخر فيه قبر يقال لسكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، أو لعلها سكينة أخرى من أهل البيتعليه‌السلام .

٦٤٧

(أقول) : وهذا تخبّط آخر من ابن جبير. فذكر أولا قبرين من ولد الحسن والحسينعليه‌السلام ، فمن هما؟. ثم قال : لعلها سكينة أخرى ، مما يدل على تشككه في ذلك. والصحيح أن القبرين المنسوبين للسيدة أم كلثوم زينب الصغرىعليه‌السلام ولسكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، هما لسيدتين من نسل أهل البيتعليه‌السلام . أما أم كلثوم وسكينة فقد توفيتا في المدينة بعد رجوعهما من كربلاء ، ودفنتا هناك.

وقد ذكر ابن جبير أن هذه المشاهد هي في غرب دمشق ، والصحيح أنها جنوب دمشق خارج السور.

٧٧٧ ـ تحقيق الشيخ المازندراني :(معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٣٣)

يذكر المازندراني في تحقيقه أقوال من ذهب إلى أن زينب العقيلةعليه‌السلام دفنت في مصر ، ومن قال إنها دفنت في دمشق ، قال :

في كتاب (لواقح الأنوار) : توفيت زينب بنت علي بن أبي طالبعليه‌السلام بدمشق الشام في سنة ٧٤ أربع وسبعين هجرية ، فعلى هذا يكون عمرها ٦٧ سنة.

وفي الكتاب المذكور قال : إن زينب المدفونة بقناطر السباع [جنوبي القاهرة] أخت الحسين بن عليعليه‌السلام بلا شك [أقول : فتكون أم كلثوم الصغرى إن صحت نسبتها].

وقال الشعراني في (الطبقات) : أول من أنشأ قناطر السباع الملك الظاهر ركن الدين بيبرس ، ونصب عليها سباعا من الحجارة ، فإن رنكه على شكل سبع [الرنك :هو شعار المماليك في مصر] ، ولذلك سمّيت قناطر السباع. ا ه

وقال المرحوم السيد حسن صدر الدين في كتابه (نزهة أهل الحرمين) : زينب الكبرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام وكنيتها أم كلثوم ، قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر الطيار ، خارج دمشق الشام معروف. جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر أيام عبد الملك بن مروان إلى الشام سنة المجاعة ، ليقوم عبد الله بن جعفر فيما كان له من القرى والمزارع خارج الشام ، حتى تنقضي المجاعة. فماتت زينبعليه‌السلام هناك. وغيره غلط لا أصل له فاغتنم ، فقد وهم في ذلك جماعة فخبطوا خبط العشواء.

٦٤٨

وفي كتاب (نهضة الحسين) للسيد هبة الدين الشهرستاني ، قال : لأمير المؤمنينعليه‌السلام بنتان بهذا الاسم (زينب) وبلقب (أم كلثوم) ، والكبرى هي سيدة الطف ، وكان ابن عباس ينوّه عنها «بعقيلة بني هاشم» ، ولدتها الزهراءعليها‌السلام بعد شقيقها الحسينعليه‌السلام بسنتين [٦ ه‍].

وقد أفرد لسان الملك ترجمتها في مجلد خاص بها من كتاب (ناسخ التواريخ).

وقال جماعة : إن هذا لزينب الصغرى ، كما هو مرسوم على صخرة القبر ، وأن الكبرى توفيت بمصر ، ودفنت عند قناطر السباع حيث المزار المشهور بالقاهرة.«انتهى ما ذكره السيد الشهرستاني».

٧٧٨ ـ تحقيق السيد أسد حيدر :(مع الحسين في نهضته ، ص ٣٢١)

قال السيد أسد حيدر :

أقامت زينبعليه‌السلام في المدينة [بعد رجوعها من كربلاء] تواصل جهاد أخيها ، وتؤلب الناس على الطلب بثأر الحسينعليه‌السلام . وخشي عامل المدينة من وجودها أن تفجّر ثورة في المدينة ومكة ، فكتب إلى يزيد بالأمر ، فجاء الأمر من يزيد بلزوم إخراجها ، ولكنها رفضت ذلك وأعلنت أنها لا تخرج حتى يراق دمها ، قالتعليه‌السلام : «قد علم الله ما صار إلينا ؛ قتل يزيد خيارنا ، وحملنا على الأقتاب. فو الله لا خرجنا ، وإن أهرقت دماؤنا».

فنصحتها زينب بنت عقيل بأن ترحل إلى بلد آمن ، واجتمع إليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام. فهاجرت العقيلةعليه‌السلام هجرتها الثانية.

وهنا نجد قولين متضاربين حول اتجاه ركب العقيلةعليه‌السلام ، وقد ألزمت بالخروج من المدينة.

فهل وقع اختيارها على مصر أو على الشام؟.

١ ـ فمن قائل أنها اختارت مصر ، فذهبت مع بقية أهل البيتعليه‌السلام إلى مصر ، ومعها فاطمة وسكينة بنتا الحسينعليه‌السلام . وفي مصر استقبلت استقبالا مهيبا.

وذكر النسابة العبيدلي [يحيى بن الحسن] أن دخول السيدة زينبعليه‌السلام كان أول

٦٤٩

شعبان سنة ٦١ ه‍ ، وأقامت في مصر وهي شاكية لانحراف صحتها ، وتوفيت ليلة الاثنين لأربعة عشر خلت من رجب سنة ٦٢ ه‍ ، ودفنت بمحل سكناها.

٢ ـ ومن قائل إنها أقامت بدمشق مع زوجها عبد الله بن جعفر ، في محل إقامته في قرية (راوية) لأن له أملاكا هناك ، فوافتها المنيّة ، ودفنت في مشهدها المعروف ومزارها المشهور.

ثم يقول : لقد حصل خلط في التاريخ ، والذي أراه أن زينبعليه‌السلام كان لها أخت أصغر منها اسمها أم كلثوم زينب الصغرى ، وهي التي هاجرت إلى مصر ، بدليل أنها كانت كثيرة البكاء على أبيها حتى سميت (النوّاحة) مما أقضّ جانب والي المدينة ، فبعثها إلى مصر حيث توفيت هناك.

أما زينب العقيلةعليه‌السلام فقد تواترت الأخبار على ألسنة علمائنا أنها هاجرت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى دمشق ، وعاشت في (راوية) ، وتوفيت هناك سنة ٦٤ ه‍ وعمرها ٥٧ سنة كعمر الحسينعليه‌السلام يوم استشهد. وبهذا نكون قد جمعنا بين القولين ونفينا المعارضة بينهما ، والله أعلم.

٧٧٩ ـ خبر المجاعة :(زينب الكبرى لجعفر النقدي ، حاشية ص ٢٩)

جاء في (الخيرات الحسان) وغيره أن مجاعة أصابت المدينة ، فرحل عنها عبد الله بن جعفر بأهله إلى الشام في ضيعة له هناك ، وقد حمّت زوجته زينب من وعثاء السفر ، أو من ذكريات أحزان وأشجان ، من عهد سبي يزيد لآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثمّ توفيت على إثرها في النصف من رجب سنة ٦٥ ه‍ ، ودفنت هناك حيث المزار المشهور.

٧٨٠ ـ السيدة زينب الموجودة في مصر ليست زينب بنت عليعليه‌السلام :

هذا وقد ثبت لي مؤخرا أن زينب المدفونة في القاهرة ليست هي زينب الكبرى ولا الصغرى ، ولا هي نهائيا من بنات الإمام عليعليه‌السلام . وهذا ما أكدته الكتابات الموجودة على قبرها ، والتي تدل على أنها من حفيدات محمّد بن الحنفية ابن الإمام عليعليه‌السلام . وهذا ما أثبته المقريزي وابن العماد الحنبلي.

قال ابن العماد الحنبلي في (الشذرات) : وبمصر قبر السيدة زينب الواقع في قنطرة السباع ، وهو قبر زينب بنت أحمد بن محمّد بن عبد الله بن جعفر بن محمّد

٦٥٠

المعروف بابن الحنفية ابن الإمام عليعليه‌السلام . ويدعوها بعض المؤرخين زينب بنت علي بحذف الوسائط. أما قبر زينب بنت عليعليه‌السلام فالمشهور أنها دفنت في قرية راوية التي تبعد فرسخا عن دمشق.

وذكر المقريزي في خططه ، ج ٣ ص ٣٥٢ : وبخارج باب النصر في أوائل المقابر ، قبر زينب بنت أحمد بن محمّد بن عبد الله بن جعفر بن الحنفية يزار ، وتسميه العامة مشهد الست زينب.

وفي (سيرة الأئمة الاثني عشر) لهاشم معروف الحسني ، ج ١ ص ٦٢٢ قال : من أولاد زيد ابن الإمام الحسنعليه‌السلام : الحسن الأنور ، والد السيدة نفيسة ، ذات المقام المعروف بالقاهرة. ومن أولاد الحسن الأنور أيضا : يحيى المتوّج ، والد السيدة زينب التي لازمت عمتها نفيسة في القاهرة ودفنت فيها ، وكانت من الزاهدات العابدات. وأهل مصر يأتون لزيارة قبرها من كل فجّ ، وقبرها المعروف بقبر زينب.ويؤكد هذا البرهان قول الزركلي في كتابه (الأعلام) :

لم أر في كتب التاريخ ، أن السيدة زينب بنت عليعليه‌السلام جاءت إلى مصر ، في الحياة أو بعد الممات.

كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أن قبر العقيلة زينب الكبرىعليه‌السلام هو الموجود في قرية (راوية) جنوب دمشق.

ضريح زينب العقيلةعليها‌السلام في راوية

٧٨١ ـ كرامة لزينبعليه‌السلام تهديها قفصا مكرما :

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٢٥١)

نشرت مجلة (الغريّ) النجفية في سنتها ١٥ تحت عنوان (القفص الذهبي) قالت :

أهدى أغنى أغنياء باكستان السيد محمّد علي حبيب قفصا فضيا لقبر السيدة زينب بنت عليعليه‌السلام في ضاحية دمشق. وكان السبب الوحيد لإهداء هذا القفص ، هو أنه كان له ولد مصاب بالشلل ، وعالجه أبوه في مستشفيات أوروبا ولدى أمهر أطبائها ، ولكنه لم يشف ، حتى أيس أبوه من شفائه.

فقصد الشام لزيارة قبر السيدة زينبعليه‌السلام ، وبات ليلة في حضرتها متضرعا إلى الله في شفاء ولده الوحيد. ثم سافر إلى بلده ، وحين وصوله إلى كراتشي وجد ولده

٦٥١

المقعد المشلول وهو يمشي على رجليه ، وقد عوفي من مرضه بقدرة الله تعالى. عند ذلك اعتزم السيد حبيب أن يقدّم للضريح الزينبي هدية ثمينة تليق بصاحبته المكرّمة.

ونشرت مجلة العرفان اللبنانية أن هذا القفص الفضي يزن ١٢ طنا ، وهو محلّى بالجواهر الكريمة النادرة.

٧٨٢ ـ إهداء الصندوق العاجي :(المصدر السابق)

ونشرت مجلة العرفان ـ مجلد ٤٢ ص ٩٢٣ عن الصندوق العاجي المهدى لضريح السيدة زينبعليه‌السلام قالت :

أهدت إيران حكومة وشعبا صندوقا أثريا من العاج والآبنوس المطعّم بالذهب لضريح السيدة زينبعليه‌السلام المدفونة في ظاهر دمشق (قرية راوية) ، وهو من صنع الفنان الإيراني الحاج محمّد صنيع ، وبقي في صنعه ثلاثين شهرا. وقدّر ثمنه بمائتي ألف ليرة سورية. وله غطاء من البلور. وقد أحضرته بعثة إيرانية رسمية ، وأقيمت حفلة كبرى لوضعه فوق الضريح المقدس في ٢٠ نيسان ١٩٥٥.

ترجمة العقيلة زينب الكبرىعليه‌السلام

الزينب : شجر حسن المنظر طيّب الرائحة ، وبه سمّيت المرأة. وقيل هي كلمة مركبة أصلها : زين أب.

وقد أكثر أهل البيتعليه‌السلام من التسمية باسم زينب ، أولها زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم زينب بنت جحش زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابنة عمته. ثم ثلاث بنات للإمام عليعليه‌السلام باسم زينب ، ثم زينب

بنت الحسينعليه‌السلام ، وزينب بنت عقيل الخ.

ولا تخلو عائلة هاشمية من هذا الاسم المبارك. وأعظم هذه الزينبات بلا منازع زينب بنت الإمام عليعليه‌السلام التي ولدتها السيدة فاطمة الزهراءعليه‌السلام بعد الحسن والحسينعليه‌السلام ، وهي زينب الكبرى العقيلة. وإنما يقال لها الكبرى للتفريق بينها وبين من سمّيت باسمها من أخواتها.

ولدت زينب الكبرىعليه‌السلام في ٥ جمادى الأولى سنة ٦ ه‍.

٦٥٢

وفي (منتخب التواريخ) أنها ولدت في أول يوم من شعبان ، بعد ولادة أخيها الحسينعليه‌السلام بسنتين ، وتوفيت في النصف من رجب سنة ٦٢ ه‍ (وقيل ٦٥ ه‍) ، والتاريخ الأخير يوافق عام المجاعة في عهد عبد الملك ؛ فيكون عمرها الشريف أقل من ستين عاما.

وكانت زينب الكبرىعليه‌السلام تلقّب بالصدّيقة الصغرى للفرق بينها وبين أمها فاطمة الزهراء (الصدّيقة الكبرى) ، ومن ألقابها : عقيلة الوحي وعقيلة بني هاشم وعقيلة الطالبيين ، والموثّقة ، والعارفة ، والعالمة ، والفاضلة ، والكاملة ، وعابدة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكانت ذات جلال وشرف وعلم ودين وصون وحجاب ، حتى قيل إن الحسينعليه‌السلام كان إذا زارته زينب يقوم إجلالا لها. وروت الحديث عن جدها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن أبيها أمير المؤمنينعليه‌السلام وعن أمها فاطمة الزهراءعليه‌السلام .

قال ابن الأثير : إنها ولدت في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانت عاقلة لبيبة جزلة. زوّجها أبوها من ابن عمها عبد الله بن جعفر ، فولدت له أربعة أولاد ، منهم عون ومحمد اللذين استشهدا بين يدي الحسينعليه‌السلام ، ومنهم علي وأم كلثوم. وكانت زينب مع أخيها الحسينعليه‌السلام لما قتل ، فحملت إلى دمشق وحضرت عند يزيد. وكلامها ليزيد يدل على عقل وقوة وجنان.

وبعد رجوع زينبعليه‌السلام مع السبايا إلى المدينة ، حصلت مجاعة فيها ، فهاجرت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى دمشق ، وأقامت في قرية (راوية) التي كانت لزوجها فيها أراض وبساتين ، حيث توفيت هناك بعد موقعة الطف بعدة سنين.

واختلف في مرقدها بين مصر والشام ، والأصح في الشام.

وقد ألفت كتب كثيرة في سيرتهاعليه‌السلام ، وآخر ما ظهر منها كتاب (بطلة كربلاء) للفاضلة الحرة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) إذ قالت في خاتمة كتابها : «بطلة استطاعت أن تثأر لأخيها الشهيد العظيم ، وأن تسلّط معاول الهدم على دولة بني أمية ، وأن تغيّر مجرى التاريخ».

٦٥٣

٧٨٣ ـ ألقاب زينب الكبرىعليه‌السلام :

لزينب الكبرىعليه‌السلام ألقاب كثيرة منها :

ـ عقيلة بني هاشم : والعقيلة هي المرأة العاقلة الكريمة الجليلة ، صاحبة المقام الأكبر.

ـ سيدة الطف أو بطلة كربلاء : لأنها ثبتت في موقف الطف ثبات الرجال ولم تجزع ، وهي ترى أولادها وإخوتها وأهلها يذبحون كالقرابين أمام عينيها.

ـ صاحبة الديوان : في مصر ، وهم يحتفلون بذكراها من يوم ولادتها في ٥ شعبان ، إلى يوم وفاتها في النصف من شعبان.

ـ عابدة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فقد كانت زاهدة عابدة ، لم تترك أورادها حتى ليلة الحادي عشر من المحرم ، وخصوصا صلاة الليل. وقد أوصاها أخوها الحسينعليه‌السلام قبل استشهاده بأن لا تنسى الدعاء له في وتر الليل.

ـ أم المصائب : فلقد مرّت على أمها فاطمةعليه‌السلام مصائب جلى ، حتى كانت أول من لحق بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أهله. لكن هذه المصائب هانت أمام مصائب زينبعليه‌السلام في كربلاء ، والتي انتهت بسبي حريم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتسييرهم إلى الفاجر عبيد الله بن زياد ، ثم إلى الماكر يزيد بن معاوية ، عبر الأقطار والأمصار.

٧٨٤ ـ مسجد السادات الزينبية بدمشق :

هناك مسجد في دمشق يدعى مسجد السادات الزينبية ، وذلك في حي العمارة قريبا من مرقد السيدة رقيةعليه‌السلام .

إذا زرنا مسجد السيدة رقيةعليه‌السلام ثم خرجنا شمالا من باب الفراديس ، نصل إلى جادة العمارة التي تسمى شارع الملك فيصل ، حيث كانت تمرّ سكّة الترام. وهذا الطريق يصل منطقة باب توما شرقا بساحة المرجة غربا. فإذا سرنا في هذه الجادة شرقا باتجاه باب توما ، نجد في الطرف الأيمن من الطريق وقبل الوصول إلى باب توما مسجدا كبيرا قديما يدعى مسجد السادات الزينبية ، أو مسجد القصب (مز القصب) أو مسجد الأقصاب. فلماذا سمي هذا المسجد بمسجد السادات؟. وما معنى الزينبية أو الأقصاب؟.

يقول كارل ولتسنغر في كتابه (الآثار الإسلامية في مدينة دمشق) ص ٧٤ : جامع السدة الزينبية : يرجع تاريخ البناء الحالي إلى عام [٧٢١ ه‍ ـ ١٣٢١ م]. ويعلّق

٦٥٤

محقق الكتاب في الحاشية قائلا : والصحيح السادات الزينبية ، ويقصد بالسادات بعض صحابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث يعتقد بوجود سبعة منهم مدفونين في المسجد.

ويقول جان سوفاجيه في كتابه (الآثار التاريخية) ص ٩٣ :

مسجد الأقصاب : ويعرف بجامع السادات الزينبية ، أعيد بناؤه عام [٨١١ ه‍ / ١٤٠٨ م] على يد الأمير ناصر الدين محمّد بن منجك. وهو مسجد مملوكي كبير من النموذج الدارج ، وله منارة مربعة وبلاط زخرفي.

ويقول الأستاذ أكرم حسن العلبي في كتابه (خطط دمشق) ص ٣٥٢ :

جامع مسجد الأقصاب : جامع قديم ومشهور خارج باب السلام ، يعرف بجامع منجك ، وجامع السادات لوجود سبعة من الصحابة فيه ؛ منهم حجر بن عدي ، كما يقول ابن عساكر(١) ، وهذه القبور على يمين الداخل. علما بأن ابن عساكر نفسه ذكر في ترجمة حجر بن عدي أنه مدفون حيث قتل في عذرا ، وعلى قبره مسجد مشهور.

ويرجع (كارل) تاريخ صحن المسجد والأعمدة والأركان إلى عصور بيزنطية ، والأعمدة جزء من أقواس الرواق الجنوبي الأوسط لكنيسة.

يظهر من ذلك أن هذا المسجد هو منشأة معمارية قديمة ، كانت كنيسة قبل الفتح ، مساحتها أزيد من المسجد الحالي ، وتمتدّ شمالا لتشغل الطريق المجاور. ولو أمكن حفر الطريق لوجدت الأسس المطمورة من الكنيسة. ثم حولها المسلمون إلى مسجد حين قتل حجر وأصحابه في عهد معاوية عام ٥١ ه‍ ، ثم حولها المماليك إلى مسجد مملوكي ، جدده الأمير منجك عام ٨١١ ه‍.

والسؤال الّذي يطرح نفسه هو : ما الذي جاء بأجسام حجر وأصحابه إلى هذا المكان ، حتى سمي جامع السادات ، ولماذا نعتت هذه السادات بالزينبية؟. وما قصة القصب والأقصاب؟.

٧٨٥ ـ كيف استشهد حجر وأصحابه رضي الله عنهم؟ :

نرجع هنا بنظرنا إلى كيفية استشهاد حجر وأصحابه رضي الله عنهم. فبعد أن ساق والي العراق زياد بن أبيه ، الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي وابنه همّام وأصحابه

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ، ج ٢ ص ٨٤ ؛ ومختصره لابن منظور ، ج ٦ ص ٢٢٥.

٦٥٥

إلى دمشق ، وصلوا بهم إلى مرج عذراء [عدرة اليوم]. وهناك جاء الأمر من معاوية بأن يخيّروا بين البراءة من علي بن أبي طالب أو القتل ، فاختاروا القتل ، وكان عددهم سبعة. وبما أنهم كانوا يعلمون مصيرهم نتيجة إخبار الإمام عليعليه‌السلام لحجر بذلك ، حفروا قبورهم بأيديهم ولبسوا أكفانهم ، ثم ضربت أعناقهم ، ودفنوا هناك.

وهنا نجد تناقضا بين النصوص الأولى والرواية الثانية ، فهل هؤلاء الشهداء مدفونون في مسجد السادات أم في عدرة؟. ويمكن إزالة هذا التعارض ، بأن معاوية بعد قتل حجر وأصحابه ، أمر زبانيته بدفن الرؤوس في (عذراء) ، وبجرّ الأجساد إلى دمشق ، وسحلها في شوارع العاصمة. فسحلوها حتى زال اللحم من أرجلهم ، ولم يبق منها إلا القصبات. فدفنت هذه القصبات في العمارة ، وسمي المسجد هناك مسجد القصب أو الأقصاب. وأطلق عليهم اسم السادات ، لأن بعضهم كان من الصحابة الكرام.

أما كلمة (الزينبية) فلعل سبب إطلاقها عليهم ، لبيان أنهم من الموالين لزينبعليه‌السلام ، وذلك عوضا عن نعتهم بالسادات العلوية ، لأن اسم عليعليه‌السلام كان محرما الجهر به أو مجرد لفظه في زمن بني أمية. ومن المحتمل جدا أن السيدة زينب بنت عليعليه‌السلام العقيلة حين جاءت مع السبايا وسكنت في (الخربة) في نفس المكان الّذي صار فيما بعد مسجد السيدة رقيةعليه‌السلام ، أنها كانت تذهب من هناك ، وبطريق قريب جدا ، وتزور هؤلاء السادات في مسجد السادات هذا ، لعلمها بدور حجر ومركزه من القضية العلوية والنهضة الحسينية ، فلقد كان حجر الممهّد الأول لثورة الحسينعليه‌السلام التي استعرت في كربلاء. ولأن زينبعليه‌السلام باركت هذا المكان بدموعها وصلاتها ودعائها ، أطلق عليه اسم مسجد السادات الزينبية ، كما أطلق على المنطقة برمتها اسم (الزينبية).

وهناك احتمال معاكس ، وهو أنهم أطلقوا اسم الزينبية على المنطقة لمبيت زينبعليه‌السلام والسبايا فيها ، ثم أطلقوا اسم (الزينبية) على المسجد لتمييزه يعن المساجد الأخرى التي تحمل نفس الاسم (مسجد السادات) وهي عديدة في دمشق.

٦٥٦

(٤) ـ مدفن الشريفات العلويات في مصر

٧٨٦ ـ مشاهد أهل البيتعليه‌السلام عند جامع ابن طولون بالقاهرة :

(الإشارات إلى معرفة الزيارات للهروي ، ص ٣٥)

ذكر الهروي المشاهد التي عند جامع ابن طولون ، وهي :

ـ مشهد به قبر نفيسة بنت الحسن بن زيد بن زين العابدينعليه‌السلام .

ـ مشهد به قبر فاطمة بنت محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادقعليه‌السلام .

ـ قبر آمنة بنت الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

ـ مشهد به قبر رقية بنت علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٧٨٧ ـ مشاهد أهل البيتعليه‌السلام في القرّافة :(المصدر السابق ، ص ٣٦)

القرافة هي مقبرة في جبل المقطّم ، وفيها : مشهد قبر علي بن الحسين ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام . وإلى جانبه مشاهد أهل البيتعليه‌السلام ، منهم :

ـ مشهد به قبر علي بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن جعفر الصادقعليه‌السلام .

ـ مشهد به قبر آمنة بنت الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام .

ـ مشهد به قبر يحيى بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن الإمام عليعليه‌السلام .

ـ وبه قبر أم عبد الله بن القاسم ابن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

ـ وبه قبر يحيى بن القاسم ابن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

ـ وبه قبر عبد الله بن القاسم ابن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

ـ وبه قبر عيسى بن عبد الله بن القاسم ابن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

ـ مشهد به قبر القاسم ابن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

ـ وبه مشهد (أم) كلثم بنت القاسم ابن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

ولم يذكر شيئا عن باب السباع ، ولا أن رأس الحسينعليه‌السلام مدفون في باب القرافة.

٦٥٧

(٥) ـ سيرة الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام

«زين العابدين»

٧٨٨ ـ عبادة الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

(إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ، ص ٢٥٤ ط بيروت)

روى سعيد بن كلثوم قال : كنت عند الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام ، فذكر أمير المؤمنينعليه‌السلام فمدحه بما هو أهله.

ثم قال الصادقعليه‌السلام : والله ما أطاق عمل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذه الأمة غيره. وإن كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار ؛ يرجو ثواب هذه ، ويخاف عقاب هذه. ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النار ، مما كدّ بيده ، وشحّ منه جبينه وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به ، من علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام .

ولقد دخل ابنه الإمام الباقرعليه‌السلام عليه ، فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، فرآه قد اصفر لونه من السهر ، ورمدت عيناه من البكاء ، ودبرت جبهته من السجود ، وورمت ساقاه من القيام في الصلاة.

فقال الباقرعليه‌السلام : فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء ، فبكيت رحمة له. وإذا هو يفكر ، فالتفت إليّ بعد هنيهة من دخولي ، فقال : يا بني ، أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليعليه‌السلام . فأعطيته ، فقرأ منها يسيرا ، ثم تركها من يده تضجّرا ، وقال : من يقوى على عبادة علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

وروي أن زين العابدينعليه‌السلام كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة!.

وكانعليه‌السلام إذا توضأ اصفرّ لونه. فقيل له : ما هذا الّذي يغشاك؟. فقال :أتدري لمن أتأهّب للقيام بين يديه؟!.

وفي (أدب الطف) للسيد جواد شبّر ، ص ٢٥٥ :

قال الإمام الباقرعليه‌السلام : إن أبي ما ذكر لله نعمة إلا سجد ، ولا قرأ آية إلا سجد ، ولا وفّق لإصلاح اثنين إلا سجد ، ولا دفع الله عنه كربة إلا سجد ، ولا فرغ من صلاته إلا سجد. وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده.

٦٥٨

وفي (ينابيع المودة) لسليمان القندوزي ، ج ٣ ص ٢٦ ط ١ :

ووقع حريق في بيت كان فيه زين العابدينعليه‌السلام ساجدا ، فقالوا : يابن رسول الله ، النار النار ، فما رفع رأسه ليطفئ النار.! فقيل له في ذلك ، فقال : ألهتني عنها نار أخرى [يعني نار الآخرة].

وقال الزهري : كان علي بن الحسينعليه‌السلام بارا بأمه ، لم يأكل معها في قصعة قط. فقيل له في ذلك ، فقال : أخاف أن أمدّ يدي إلى ما وقعت عينها عليه ، فأكون عاقا لها.

٧٨٩ ـ والدة الإمام زين العابدينعليه‌السلام :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٩)

قال الشيخ المفيد : اسمها شاهزنان. وقيل اسمها (شهربانو) أو شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن ابرويز بن أنو شروان ، وكان يزدجرد آخر ملوك الفرس.

وقال المبرد : اسمها سلافة ، وقيل خولة ، وقيل غزالة.

والظاهر أن اسمها الأصلي كان كما ذكره الشيخ المفيد ، ثم غيّر كما ذكره المبرّد ، حين أخذت سبيّة ، وتزوجها الإمام الحسينعليه‌السلام .

قيل : ولم يكن أهل المدينة يرغبون في نكاح الجواري ، حتى ولد علي بن الحسينعليه‌السلام فرغبوا فيهن.

روى الزمخشري في (ربيع الأبرار) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لله من عباده خيرتان : فخيرته من العرب قريش ، ومن العجم فارس. وكان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول : أنا ابن الخيرتين ؛ لأن جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمه بنت يزدجرد ملك الفرس.

وفي (المفيد في ذكرى السبط الشهيد) لعبد الحسين إبراهيم العاملي ، ص ١٧١ قال: إن أم زين العابدين الحسينعليه‌السلام . أخذت في وقعة القادسية بين العرب والفرس.فحين انهزم الملك يزدجرد ، أخذت بناته الثلاث أسرى ؛ فتزوج إحداهن الحسينعليه‌السلام وهي شاه زنان ، فولدت له زين العابدينعليه‌السلام وفاطمة الصغرى.وكان لها عبد الله الرضيع الّذي استسقاه الحسينعليه‌السلام فقتله حرملة بن كاهل.والملك يزدجرد هو حفيد الملك كسرى أنوشروان.

٦٥٩

تعليق : هناك اشتباه في الرواية السابقة ، إذ أن عبد الله الرضيععليه‌السلام أمه الرباب وليس شاهزنان. والصحيح أن شاهزنان ولدت ولدا ثالثا هو علي الأصغر ، ااستشهد أيضا في كربلاء ، وهو غير عبد الله الرضيععليه‌السلام .

وفي (مناقب ابن شهر اشوب) ج ٣ ص ٢٠٨ ط نجف قال :

خيّروا شهربانويه بمن تتزوج؟. فقالت : لست ممن تعدل عن النور الساطع والشهاب اللامع : الحسين بن عليعليه‌السلام .

(أقول) : ويمكن التوفيق بين من قال إن أم زين العابدينعليه‌السلام هي شاهزنان ، ومن قال هي شهربانويه ، بأن الحسينعليه‌السلام تزوج أولا شاهزنان بنت يزدجرد ، فلما توفيت في نفاسها بزين العابدينعليه‌السلام تزوج أختها شهربانويه ، فربّت زين العابدين خالته ، وكان يدعوها أمي. وهي التي أثر أنه لم يؤاكلها في قصعة واحدة ، بل كان يضع لها صحنا وله صحنا.

(راجع مجموعة نفيسة عن تاريخ الأئمة ، ص ٢٤)

ترجمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام

ولد الإمام زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام بالمدينة في الخامس من شعبان سنة ٣٨ ه‍ ، قبل وفاة جده عليعليه‌السلام بسنتين. وتوفي سنة ٩٤ ه‍ وعمره الشريف ٥٧ سنة كجده الحسينعليه‌السلام . ودفن عند عمه الحسنعليه‌السلام في مقبرة بقيع الغرقد بالمدينة المنورة.

قال الزبير بن بكار : كان عمره يوم الطف ثلاثا وعشرين سنة ، وتوفي سنة ٩٥ ه‍ ، وفضائله أكثر من أن تحصى أو يحيط بها الوصف.

وفي (الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي ، ص ٢٠١ قال :

ألقابه كثيرة أشهرها : زين العابدين ، وسيد الساجدين ، والزكي والأمين وذو الثفنات. وصفته : أسمر قصير دقيق.

وفي (سير أعلام النبلاء) للذهبي ، ج ٣ ص ٣٢١ قال :

٦٦٠

تابع : ترجمة زين العابدينعليه‌السلام

وقد ولد لزين العابدينعليه‌السلام : الحسن والحسين ماتا صغيرين ، ومحمد الباقر ، وعبد الله وزيد وعمر وعلي ومحمد الأوسط وعبد الرحمن وحسين الصغير والقاسم. ا ه

وكان زين العابدينعليه‌السلام يوم الطف مريضا فلم يقاتل. وهمّ شمر ابن ذي الجوشن بقتله ، فمنعه الله منه. وحين قيّد إلى الكوفة مع السبايا همّ عبيد الله ابن زياد بقتله ، فمنعه الله منه. وحين سيّر إلى الشام همّ يزيد بن معاوية بقتله ، فمنعه الله منه. كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة الأئمة الأطهار من عقب الحسينعليه‌السلام ونسل النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أولئك الأئمة الذين عادلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن لا يتفرقوا عنه حتى يردوا حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة ، وتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم وآخرهم المهديعليه‌السلام ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا.

٦٦١
٦٦٢

الفصل الثاني والثلاثون

عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

يتضمن هذا الفصل المواضيع التالية :

مقدمة الفصل ـ عقوبة قاتلي الحسين عليه‌السلام : ـ صفة عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسينعليه‌السلام

ـ خبر من أنكر معاقبة الله لقتلة الحسينعليه‌السلام

ـ مخاصمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقتلة الحسينعليه‌السلام يوم القيامة ـ مخاصمة فاطمةعليه‌السلام لمن قتل ابنها الحسينعليه‌السلام ـ نهاية بعض قتلة الحسينعليه‌السلام : ـ ثورة المختار :

ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي

ـ مقتل سنان بن أنس النخعي

ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي

ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسينعليه‌السلام

ـ مقتل عمر بن سعد

ـ مقتل عبيد الله بن زياد

ـ مقتل الحصين بن نمير

٦٦٣

ـ استبشار الإمام زين العابدينعليه‌السلام بمقتل عمر بن سعد

وعبيد الله بن زياد

ـ ترجمة المختار بن أبي عبيدة الثقفي

ـ عجائب في قصر الإمارة.

٦٦٤

الفصل الثاني والثلاثون

عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

مقدمة الفصل :

لا يشك أحد ما للحسينعليه‌السلام من منزلة وقيمة عند الله تعالى ، وخاصة بعد أن قدّم لله كل ما يملك ، حتى روحه وأرواح أهله وأولاده. ومن كانت هذه حاله فهل يردّ الله له دعوة ، أو لا يقتصّ من قتلته وأعدائه ، ولو بعد حين؟!.

وقد مرّت معنا سابقا أدعية كثيرة دعا بها الحسينعليه‌السلام على أعدائه.

فمنها ما كانت استجابتها سريعة ، ونبهت بذلك كثيرا من الغافلين فاهتدوا ؛ مثل دعائه على مالك بن جريرة (وقيل عبد الله بن حوزة) حين أشعل الحسينعليه‌السلام النار في الخندق الّذي حفره خلف خيامه ، ليتقي هجوم أعدائه من ظهره ، فقال للحسينعليه‌السلام : أبشر يا حسين فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة. فدعا عليه الحسينعليه‌السلام أن يجرّه الله إلى النار ، فلم يكن بأسرع من أن شبّ به الفرس ، فألقاه على ظهره ، فتعلقت رجله في الركاب ، فركض به الفرس حتى ألقاه في النار فاحترق.

ومثل دعائهعليه‌السلام على محمّد بن الأشعث ، بعد أن نفى أية قرابة بين الحسينعليه‌السلام وبين جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال له الحسينعليه‌السلام : الله م أرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا. فما كان بأسرع من أن تنحّى محمّد بن الأشعث يريد قضاء حاجة ، فلدغته العقرب في عورته ، فمات بادي العورة.

ومنها (زرعة) الّذي شكّ الحسينعليه‌السلام بسهم في شدقه حين حاول شرب الماء ، فدعا عليه الحسينعليه‌السلام بأن لا يرتوي في حياته ، فكان يشرب حتى يخرج الماء من فمه ولا يرتوي ، حتى مات عطشا وأمثال ذلك كثير.

ومنها ما كانت استجابتها مؤجلة إلى وقتها ؛ مثل دعائهعليه‌السلام على عمر بن سعد ، بأن لا يهنأ بولاية الري ، وبأن يذبح على فراشه ، فبعث المختار من قتله على فراشه.

٦٦٥

ومثل دعائهعليه‌السلام حين أصبح وحيدا فريدا ، بأن ينتقم الله له من أهل العراق الذين حاربوه ، من حيث لا يشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني : يابن فاطمة ، بماذا ينتقم لك منا؟. فقالعليه‌السلام : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبّ عليكم العذاب الأليم. فكان ذلك فيما بعد على يد الحجاج.

ومثل دعائهعليه‌السلام على أعدائه يوم العاشر من المحرم حين قال : " الله م احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف [وهو المختار الثقفي] ، يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله. قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم". فكان ذلك حين بعث الله لهم المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، فانتقم منهم وتتبّعهم حتى قتلهم ، ولم يبق أحدا منهم. ومنهم عبيد الله بن زياد ، وعمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، وغيرهم كثير.

وفي محاورة الحسينعليه‌السلام مع عبد الله بن عمر ، دعاه إلى عدم مبايعة يزيد ، ثم قال لهعليه‌السلام : فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلا قليلا. وقد استجاب الله أمله ، فقتل يزيد بعد ثلاث سنوات وهو في ريعان الشباب (عمره ٣٤ سنة) ، جزاء وفاقا ، بما قدّمت يداه. وكما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين.

صفة عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

٧٩٠ ـ عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام في الدنيا قبل الآخرة :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٨)

وأما ما روي من الأحاديث عن الفتن التي أصابت من قتل الحسينعليه‌السلام فأكثرها صحيح ، فإنه قلّ من نجا من أولئك الذين قتلوه ؛ من آفة وعاهة في الدنيا ، فلم يخرج منها حتى أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابهم الجنون.

٧٩١ ـ عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام سريعة وشاملة :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٨ ط ٢ نجف)

قال الزهري : ما بقي من قاتلي الحسينعليه‌السلام أحد إلا وعوقب في الدنيا ؛ إما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة.

٦٦٦

٧٩٢ ـ جزاء قتلة الحسينعليه‌السلام القتل في الدنيا أو المرض :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)

عن (مينا) أنه قال : ما بقي من قتلة الحسينعليه‌السلام أحد لم يقتل ، إلا رمي بداء في جسده قبل أن يموت.

٧٩٣ ـ العقاب بالجدري :(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٧)

قال جلال الدين السيوطي في (المحاضرات والمحاورات) : حصل بالكوفة جدري في بعض السنين ، عمي منه ألف وخمسمائة من ذرية من حضروا قتل الحسينعليه‌السلام .

٧٩٤ ـ عقاب قتلة الحسينعليه‌السلام شديد يوم القيامة :

(الاحتجاج للطبرسي ، ج ٢ ص ٤٠)

قال الطبرسي : إن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي قصتهم ، فلما بلغ آخرها قال : إن الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك ، فكيف ترى عند اللهعزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهتك حريمه؟!. إن الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدنيا ، فإن المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

٧٩٥ ـ قاتل الحسينعليه‌السلام خالد في جهنم :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٣)

عن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي ، حدّثني أبو الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، حدثني أبي موسى بن جعفرعليه‌السلام ، حدثني أبي جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، حدثني أبي محمّد بن عليعليه‌السلام ، حدثني أبي علي بن الحسينعليه‌السلام ، حدثني أبي الحسين بن عليعليه‌السلام ، حدثني أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن قاتل الحسينعليه‌السلام في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، ينكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهمعزوجل من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما نضجت جلودهم بدّلوا بجلود غيرها ، ليذوقوا العذاب الأليم».

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الويل لظالمي أهل بيتي ، عذابهم

٦٦٧

مع المنافقين ، في الدرك الأسفل من النار ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من عذاب جهنم ، فالويل لهم من العذاب الأليم».

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشتدّ غضب الله وغضب رسوله ، على من أهرق دمي ، وآذاني في عترتي».

٧٩٦ ـ عقوبة قاتل الحسينعليه‌السلام :(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١٤ ط ٣)

روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا عن بعض الصحابة ، قال : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمصّ لعاب الحسينعليه‌السلام كما يمصّ الرجل السكرة ، وهو يقول :

«حسين مني وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، وأبغض الله من أبغض حسينا. حسين سبط من الأسباط ، لعن الله قاتله».

فنزل جبرئيلعليه‌السلام وقال : يا محمّد إن الله قتل بيحيى بن زكريا سبعين ألفا من المنافقين ، وسيقتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفا وسبعين ألفا من المعتدين. وإن قاتل الحسينعليه‌السلام في تابوت من نار ، ويكون عليه نصف عذاب أهل الدنيا ، وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، وهو منكّس على أم رأسه في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ أهل النار من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم لا يفتر عنه ، ويسقى من حميم جهنم.

٧٩٧ ـ الله يغفر للأولين والآخرين ما خلا قاتل الحسينعليه‌السلام :

(اللهوف ص ٥٩ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٥)

وروى بإسناده عن عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن موسى بن عمران سأل ربه ، فقال : يا ربّ إن أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه : أن يا موسى بن عمران ، لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك فيهم ، ما خلا قاتل الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإني أنتقم له منه.

٧٩٨ ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسينعليه‌السلام ـ قصة الّذي عمي :

(كشف الغمة للإربلي ، ج ٢ ص ٢٦٩)

عن أبي حصين عن شيخ من قومه من بني أسد ، قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام وبين يديه طست من دم ، والناس يعرضون عليه فيلطخهم ، حتى انتهيت إليه ،

٦٦٨

فقلت : بأبي والله وأمي ، ما رميت بسهم ولا طعنت برمح ولا كثّرت!. فقال لي :كذبت قد هويت قتل الحسينعليه‌السلام . قال : فأومى إليّ بإصبعه فأصبحت أعمى ، فما يسرّني أن لي بعماي حمر النّعم.

٧٩٩ ـ عقوبة من كثّر السواد على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)

قال ابن رماح : لقيت رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسينعليه‌السلام ، فكان الناس يأتونه ويسألونه عن سبب ذهاب بصره؟. فقال : إني كنت شهدت قتله عاشر عشرة ، غير أني لم أضرب ولم أطعن ولم أرم. فلما قتل رجعت إلى منزلي فصليت العشاء الآخرة ونمت ، فأتاني آت في منامي وقال لي : أجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !. فإذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في الصحراء ، حاسر عن ذراعيه ، آخذ بحربة ، ونطع بين يديه ، وملك قائم لديه ، في يده سيف من نار يقتل أصحابي ، فكلما ضرب رجلا منهم ضربة التهبت نفسه نارا. فدنوت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجثوت بين يديه ، وقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم يردّ عليّ. ومكث طويلا مطرقا ، ثم رفع رأسه وقال لي : يا عبد الله ، انتهكت حرمتي ، وقتلت عترتي ، ولم ترع حقي ، وفعلت وفعلت!.

فقلت له : يا رسول الله ، والله ما ضربت سيفا ولا طعنت رمحا ولا رميت سهما!. فقال : صدقت ، ولكنك كثّرت السواد [أي كثّرت عدد الناس ضد الحسينعليه‌السلام ] ادن مني. فدنوت منه ، فإذا طست مملوء دما. فقال : هذا دم ولدي الحسينعليه‌السلام ، فكحّلني منه. فانتبهت ولا أبصر شيئا حتى الساعة.

٨٠٠ ـ عقاب من يطعن في الحسينعليه‌السلام :

(فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ـ تحقيق وصي الله بن محمّد عباس ـ طبع جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، ج ٢ ص ٥٧٤)

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال حدّثني أبي ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال حدثنا قرة ، قال سمعت أبا رجاء يقول :

لا تسبّوا عليا ولا أهل هذا البيت. إن جارا لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة فقال : أو لم تروا هذا الفاسق بن الفاسق ، إن الله قتله [يقصد الحسينعليه‌السلام ] ، فرماه الله بكوكبين في عينيه [الكوكب : بريق الحديد عندما يتوقد] فطمس الله بصره.

٦٦٩

٨٠١ ـ الّذي عمي لمجرد أنه يهوى قتلة الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢٠)

وروي عن أبي الحصين رضي الله عنه قال : رأيت شيخا مكفوف البصر ، فسألته عن السبب؟. فقال : إني من أهل الكوفة ، وقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، وبين يديه طشت فيه دم عظيم من دم الحسينعليه‌السلام ، وأهل الكوفة كلهم يعرضون عليه ، فيلطخهم بالدم دم الحسينعليه‌السلام . حتى انتهيت إليه وعرضت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، ما ضربت بسيف ولا رميت بسهم ، ولا كثّرت السواد عليه!. فقال لي :صدقت ، ألست من أهل الكوفة؟. فقلت : بلى. قال : فلم لا نصرت ولدي ، ولم لا أجبت دعوته؟. ولكنك هويت قتلة الحسين ، وكنت من حزب ابن زياد!. ثم إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أومأ إليّ بإصبعه ، فأصبحت أعمى. فو الله ما يسرّني أن يكون لي حمر النّعم ، ووددت أن أكون شهيدا بين يدي الحسينعليه‌السلام .

٨٠٢ ـ قصة اسوداد وجه الّذي حمل رأس العباسعليه‌السلام :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٦)

حكى هشام بن محمّد عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي ، قال : لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة ، إذا بفارس أحسن الناس وجها ، قد علّق في لبب فرسه رأس غلام أمرد ، كأنه القمر ليلة تمامه ، والفرس يمرح ، فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض. فقلت له : رأس من هذا؟. قال : رأس العباس بن عليعليه‌السلام !. قلت :ومن أنت؟. قال : حرملة بن الكاهل الأسدي.

فلبثت أياما ، وإذا بحرملة وجهه أشد سوادا من القار [أي الزفت]. فقلت له : قد رأيتك يوم حملت الرأس ، وما في العرب أنضر وجها منك ، وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجها منك!. فبكى وقال : والله منذ حملت الرأس إلى اليوم ، ما تمرّ عليّ ليلة إلا واثنان يأخذان بضبعي [الضّبع : ما بين الإبط إلى نصف العضد الأعلى] ثم ينتهيان بي إلى نار تأجّج ، فيدفعاني فيها ، وأنا أنكص فتسفعني كما ترى. ثم مات على أقبح حال.

يقول السيد الأمين : دعا عليه زين العابدينعليه‌السلام فقال : الله م أذقه حرّ الحديد ، الله م أذقه حرّ النار. فأخذه المختار ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، ثم أتي بنار وقصب فأحرقه.

٦٧٠

٨٠٣ ـ كيف يجوز قتل ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام في الرجعة :

(علل الشرائع للصدوق ، ج ١ ص ٢١٩)

عن الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : يابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : إذا خرج القائمعليه‌السلام قتل ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام بفعال آبائها؟. فقالعليه‌السلام : هو كذلك. فقلت : وقول اللهعزوجل :( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) [الأنعام : ١٦٤] ما معناه؟. قال : صدق الله في جميع أقواله. ولكن ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه. ولو أن رجلا قتل بالمشرق ، فرضي بقتله رجل بالمغرب ، لكان الراضي عند اللهعزوجل شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائمعليه‌السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. (قال) قلت له : بأي شيء يبدأ القائم فيكم إذا قام؟. قال :يبدأ ببني شيبة ، فيقطع أيديهم ، لأنهم سرّاق بيت اللهعزوجل .

قصة الّذي احترق بالمصباح

٨٠٤ ـ قصة الّذي احترق بالمصباح :(تهذيب التهذيب ، ص ٣٥٥)

قال ثعلب : حدثنا عمر بن شبّة النميري ، حدثني عبيد بن جنادة ، أخبرني عطاء بن مسلم ، (قال) قال السدّي : أتيت كربلاء أبيع البزّ بها ، فعمل لنا شيخ من جلي طعاما ، فتعشيناه عنده. فذكرنا قاتل الحسينعليه‌السلام فقلنا : ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة.

فقال (صاحب الدار) : ما أكذبكم يا أهل العراق ، فأنا ممن شرك في ذلك ..فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتّقد ، فنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفيها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء (في الفرات).

قال السدي : فأنا والله رأيته كأنه حممة [أي يتوهج كالجمرة المتقدة].

٨٠٥ ـ خبر الّذي أنكر معاقبة الله لقتلة الحسينعليه‌السلام وكيف مات بأسوأ ميتة :(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢٥٢)

قال مولى لبني سلامة : كنا في ضيعتنا بالنهرين ، ونحن نتحدث بالليل ، أنه ما أحد ممن أعان على قتل الحسينعليه‌السلام خرج من الدنيا حتى تصيبه بليّة.

٦٧١

قال : وكان معنا رجل من طيء ، فقال الطائي : أنا ممن أعان على قتل الحسين ، فما أصابني إلا خير! قال : وغشي السراج [أي أظلم وكاد ينطفئ] ، فقام الطائي يصلحه ، فعلقت النار في سبابته ، فمرّ يعدو نحو الفرات ، فرمى بنفسه في الماء.فاتّبعناه ، فجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار على الماء ، فإذا ظهر أخذته ، حتى قتلته.

٨٠٦ ـ قصة الأخنس بن زيد وكيف احترق فحما :

(البحار ، ج ٤٥ ص ٣٢١ ط ٣)

حكي عن السدي ، قال : ضافني رجل في ليلة ، فتسامرنا حتى ذكرنا كربلاء. قال الضيف : أما كنت حاضرا يوم الطف؟. قلت : لا ، والحمد لله. قال : أراك تحمد ، على أي شيء؟. قلت : على الخلاص من دم الحسينعليه‌السلام ، لأن جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان. قال : قال هكذا جده؟. قلت : نعم. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولدي الحسين يقتل ظلما وعدوانا. ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ، ويعذّب نصف عذاب أهل النار ، وقد غلّت يداه ورجلاه ، وله رائحة يتعوّذ أهل النار منها ، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك. فالويل لهم من عذاب جهنم.

قال : لا تصدّق هذا الكلام يا أخي!. قلت : كيف هذا ، وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا كذبت ولا كذّبت؟!.

قال : ترى قالوا : قال رسول الله : قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره ، وها أنا وحقك قد تجاوزت التسعين ، مع أنك ما تعرفني. قلت : لا والله. قال : أنا الأخنس بن زيد. قلت : وما صنعت يوم الطف؟. قال : أنا الّذي أمّرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسم الحسين بسنابك الخيل ، وهشّمت أضلاعه ، وجررت نطعا من تحت علي بن الحسين وهو عليل ، وكببته على وجهه ، وخرمت أذني صفية بنت الحسين لقرطين كانا في أذنيها [الصحيح أن التي خرمت أذنها هي فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ، وليس للحسينعليه‌السلام أية ابنة اسمها صفيّة].

قال السدّي : فبكى قلبي هجوعا وعيناي دموعا ، وخرجت أعالج على إهلاكه ؛ وإذا بالسراح قد ضعفت ، فقمت أزهرها. فقال : اجلس ، وهو يحكي لي متعجبا من نفسه وسلامته!.

٦٧٢

ومدّ إصبعه ليزهرها ، فاشتعلت به ، ففركها في التراب فلم تنظف ، فصاح بي :أدركني يا أخي. فكببت الشربة عليها وأنا غير محب لذلك. فلما شمّت النار رائحة الماء ازدادت قوة ، وصاح بي : ما هذه النار وما يطفيها؟. قلت : ألق نفسك في النهر ، فرمى بنفسه. فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه ، كالخشبة البالية في الريح البارح. هذا وأنا أنظره ، فو الله الّذي لا إله إلا هو لم تطفأ حتى صار فحما ، وسار على وجه الماء. ألا لعنة الله على الظالمين ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

مخاصمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقتلة الحسين يوم القيامة

٨٠٧ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد مخاصمة قتلة الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٤ ط نجف)

عن الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي عن الزبير عن جابر الأنصاري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يجيء يوم القيامة ثلاثة :المصحف والمسجد والعترة ؛ فيقول المصحف : حرّقوني ومزّقوني ، ويقول المسجد : خرّبوني وعطّلوني ، وتقول العترة : قتلونا وطردونا وشرّدونا. فأجثو على ركبتيّ للخصومة ، فيقول اللهعزوجل : ذلك إليّ ، فأنا أولى بذلك.

٨٠٨ ـ حديث من يناصب العداء لأهل البيتعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)

وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور الديلمي عن هشام عن عبد الله المكي عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث من كنّ فيه فليس مني : بغض عليعليه‌السلام ، ونصب أهل بيتي ، ومن قال : الإيمان كلام.

قال : وفي رواية أبي سعيد الخدري عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ثلاث من حفظهن حفظ الله له دينه ودنياه ، ومن ضيّعهن لم يحفظ الله له شيئا : حرمة الإسلام ، وحرمتي ، وحرمة رحمي».

٨٠٩ ـ مخاصمة قاتل الحسينعليه‌السلام يوم القيامة :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ١٧٧ ط نجف)

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : بيني وبين قاتل الحسين خصومة يوم القيامة ، آخذ ساق

٦٧٣

العرش بيدي ، ويأخذ عليعليه‌السلام بحجزتي ، وتأخذ فاطمةعليه‌السلام بحجزة عليّ ومعها قميص ، فأقول : يا رب أنصفني في قتلة الحسينعليه‌السلام .

٨١٠ ـ تعسا لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما قابلوه به من قتل أبنائه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠١)

قال بعض العلماء : إن اليهود حّرموا الشجرة التي كان فيها عصا موسىعليه‌السلام ؛ أن يخبطوا بها ، وأن يوقدوا منها النار ، تعظيما لعصا موسىعليه‌السلام . وإن النصارى يسجدون للصليب لاعتقادهم فيه أنه من جنس العود الّذي صلب عليه عيسىعليه‌السلام . وإن المجوس يعظّمون النار لاعتقادهم فيها أنها صارت بردا وسلاما على إبراهيم بنفسها. وهذه الأمة قد قتلت أبناء نبيّها ، وقد أوصى الله تعالى بمودتهم وموالاتهم ، فقال عزّ من قائل :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣].

٨١١ ـ احفظوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أولاده ، كما حفظ العبد الصالح في اليتيمين :

(المصدر السابق)

وروي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام أنه قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين لأبيهما الصالح ، وكان الجد السابع. وقد ضيّعت هذه الأمة حقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتل أولاده.

٨١٢ ـ حديث من قتل عصفورا :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٢)

عن مجد الأئمة عن صهيب مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : " من ذبح عصفورا بغير حقه ، سأله الله عنه يوم القيامة".

وفي رواية أخرى : " من ذبح عصفورا بغير حق ، ضجّ إلى الله تعالى يوم القيامة منه. فقال : يا رب إن هذا ذبحني عبثا ، ولم يذبحني منفعة".

قال مجد الأئمة : هذا لمن ذبح عصفورا بغير حقّ فكيف لمن قتل مؤمنا ..فكيف لمن قتل ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الحسينعليه‌السلام ؟.

٨١٣ ـ حديث من آذى شعرة مني :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)

وأخبرنا سيد الحفاظ الديلمي عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن الحسين (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي الحسين بن

٦٧٤

علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن أبي طالب (وهو آخذ بشعره) حدثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وهو آخذ بشعره) ، قال :

«من آذى شعرة مني فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله ، ملء السماء وملء الأرض».

٨١٤ ـ ثأر الحسينعليه‌السلام من قتلته أكبر من ثأر يحيىعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٦)

وأنبأني صدر الحفاظ أبو العلاء الهمداني عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن بنتك يا محمّد سبعين ألفا وسبعين ألفا».

وأخرج هذا الحديث أبو عبد الله الحافظ في (المستدرك) عن ابن عباس أيضا.

٨١٥ ـ كتاب عبد الملك بن مروان للحجاج باجتناب دماء أهل البيتعليه‌السلام ، ومكاشفة زين العابدينعليه‌السلام بذلك :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٤٠)

عن عبد الله الزاهد ، قال : لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة ، كتب إلى الحجاج بن يوسف :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف. أما بعد ، فانظر في دماء بني عبد المطلب فاجتنبها ، فإني رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا بها لم يلبثوا إلا قليلا ، والسلام. وأرسل بالكتاب بعد ختمه سرا إلى الحجاج ، وقال له: اكتم ذلك.

فكوشف بذلك علي بن الحسينعليه‌السلام ، وأن الله قد شكر ذلك لعبد الملك.فكتب علي بن الحسينعليه‌السلام من فوره :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من علي بن الحسينعليه‌السلام إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين. أما بعد ، فإنك كتبت في يوم كذا في شهر كذا إلى الحجاج في حقنا بني عبد المطلب بما هو كيت وكيت ، وقد شكر الله لك ذلك. وطوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة إلى عبد الملك بن مروان ، وذلك من المدينة المشرّفة إلى الشام.

٦٧٥

فلما وقف عبد الملك على الكتاب وتأمله ، وجد تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الّذي كتبه للحجاج ، ووجد مخرج غلام علي بن الحسينعليه‌السلام موافقا لمخرج رسوله إلى الحجاج في يوم واحد وساعة واحدة ، فعلم صدقه وصلاحه ، وأنه كوشف بذلك.فأرسل إليه مع غلامه بوقر راحلته دراهم وثيابا وكسوة فاخرة ، وسيّره إليه من يومه ، وسأل أن لا يخليه من صالح دعائه (كذا في الفصول).

فاطمةعليه‌السلام تخاصم من قتل ابنها يوم القيامة

٨١٦ ـ عرض الحسينعليه‌السلام بلا رأس على أمه فاطمةعليه‌السلام يوم القيامة :

(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١١)

روي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب الله سرادقا من نور [السّرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب] بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والخلائق كلهم حاضرون. ثم ينادي مناد :

يا معشر الناس غضّوا أبصاركم فإن فاطمة الزهراء بنت محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تريد أن تجتاز السرادق. فيغضّون أبصارهم ، فإذا هي مقبلة. فإذا وضعت رجليها في السرادق ، نوديت : يا فاطمة. فتلتفت ، فترى ولدها الحسينعليه‌السلام واقفا بجانبها من غير رأس ، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا جثا على ركبتيه ، وخرّ مغشيا عليه. ثم إنها تفيق من غشيتها ، فتجد الحسينعليه‌السلام يمسح وجهها بيديه ، ورأسه قد عاد إليه. فعند ذلك تدعو على قاتله ومن أعانه ، فيؤمر بهم إلى جهنم ، ولا شفيع لهم.

٨١٧ ـ الحسينعليه‌السلام يقتل أعداءه جميعا :(المصدر السابق ؛ واللهوف ، ص ٥٨)

ويروى عن الإمام الصادقعليه‌السلام يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب لفاطمةعليه‌السلام كرسي (قبّة) من نور ، فتجلس عليه. فبينما هي جالسة ، وإذا بالحسينعليه‌السلام مقبل عليها ، ورأسه بين يديه. فإذا رأته صرخت صرخة

(شهقت شهقة) عظيمة ، حتى لا يبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا بكى لبكائها. فيمثّله اللهعزوجل في أحسن صورة ، ويجمع له من حضر في قتله ، والمتجاهر عليه ، ومن أشار في قتله ، فيقتلهم الحسينعليه‌السلام عن آخرهم. ثم

٦٧٦

ينشرون فيقتلهم الحسنعليه‌السلام . وهكذا ينشرون ويقتلون ، حتى لم يبق من ذريتنا أحد إلا ويقتلهم. فعند ذلك يكشف الهم ويزول الحزن.

٨١٨ ـ فاطمةعليه‌السلام تقول : إلهي احكم بيني وبين من قتل ولدي :

(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١٢)

ويروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، تقبل فاطمةعليه‌السلام على ناقة من نياق الجنة ، وبيدها قميص الحسينعليه‌السلام ملطّخ بدمه ، فتصرخ وتزجّ نفسها عن الناقة ، وتخرّ ساجدة للهعزوجل ، وتقول : يا إلهي وسيدي ومولاي ، احكم بيني وبين من قتل ولدي الحسينعليه‌السلام . فيأتيها النداء من قبل اللهعزوجل : يا حبيبتي وابنة حبيبي ، ارفعي رأسك ، فو عزّتي وجلالي لأنتقمنّ اليوم ممن ظلمك وظلم ولدك. ثم يأمر بجميع من حضر قتل الحسينعليه‌السلام ومن شارك في قتله ، إلى النار.

٨١٩ ـ حزن فاطمة الزهراءعليه‌السلام على ابنها الحسينعليه‌السلام :

(الفاجعة العظمى ، ص ٩٢)

عن (المنتخب) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة ، تقبل ابنتي فاطمةعليه‌السلام في لمّة من نساء أهل الجنة ، وثيابها مصبوغة بدم الحسينعليه‌السلام ، وبين يديها قميص آخر ملطّخ بالسم ، تنادي : يا أمة محمّد ، أين مسمومي ، وأين مذبوحي؟. وما فعلتم ببناتي وأطفالي وأهل بيتي وعيالي؟. وتقول : يا عدل يا حكيم ، احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين. وتقول : وا ولداه ، وا حسيناه ، وا ثمرة فؤاداه. فيقال لها : يا فاطمة ، انظري في قلب القيامة. فتنظر فاطمةعليه‌السلام يمينا وشمالا ، فترى الحسينعليه‌السلام واقفا بلا رأس ، فتصرخ صرخة ، فأصرخ لصرختها ، وتصرخ الملائكة لصرختها.

وفي (نور العين) ص ١١٣ ؛ (واللهوف) ص ٨٥ :

قال : فيغضب اللهعزوجل لها عند ذلك ، فيأمر نارا يقال لها (هب هب) قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودّت ، لا تدخلها ريح ولا تخرج منها أبدا. فيقال لها :التقطي من حضر قتل الحسينعليه‌السلام ، فتلتقطهم ، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها ، وشهقت بهم وشهقوا بها ، وزفرت بهم وزفروا بها ، ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة : يا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان؟. فيأتيهم الجواب عن اللهعزوجل : إن من علم ليس كمن لا يعلم!.

٦٧٧

نهاية بعض قتلة الحسينعليه‌السلام

٨٢٠ ـ نهاية سنان بن أنس النخعي :

(ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، ص ٢٤٣ رقم ٢٩٤)

روى ابن عساكر بإسناده عن حنش بن الحرث ، عن شيخ من النخع ، (قال) قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم. فقام قوم فذكروا بلاءهم [أي أعمالهم الجليلة] ، وقام سنان بن أنس ، فقال : أنا قاتل حسين!. فقال الحجاج : بلاء حسن!. ورجع سنان إلى منزله ، فاعتقل لسانه وذهب عقله ، فكان يأكل ويحدث في مكانه.

٨٢١ ـ ثورة التوابين :

بعد مقتل الحسينعليه‌السلام قامت ثورة التوابين بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي ، ومعه المسيّب بن نجبة الفزاري ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وعبد الله بن وال التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي ، وغيرهم. وأعلنوا العصيان على الدولة الأموية في ربيع الأول سنة ٦٤ ه‍ ، بعد موت يزيد. فتلاقوا مع جيش الشام الّذي بعثه مروان بن الحكم بقيادة عبيد الله بن زياد في (عين الوردة) شمال الجزيرة ، فأبلوا بلاء حسنا. حتى قتل سليمان وعمره ٩٣ عاما ، ثم استشهد الأبطال الآخرون واحدا بعد واحد.

٨٢٢ ـ ثورة المختار :

ثم قامت ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي. وقصته أنه كان في حبس عبيد الله ابن زياد في الكوفة أثناء معركة كربلاء ، ثم تشفّع به عبد الله بن عمر [لأن زوجته صفية هي أخت المختار] ، فأخرجه يزيد من حبس الكوفة. وما لبث أن انتقل إلى المدينة ، فعمل مع عبد الله بن الزبير في مناهضة الحكومة الأموية. ولما هلك يزيد ، أطاع أهل العراق عبد الله بن الزبير ، فولى عليهم أخاه مصعب بن الزبير. عندها انفصل المختار عن ابن الزبير ، وانتقل إلى الكوفة ، وبدأ يمهّد لثورته العظيمة ، التي كان هدفها أخذ الثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام وقتلهم عن آخرهم. وكان عليه إذ ذاك أن يقاوم عدة أعداء ليستتبّ له الأمر في العراق ؛ منهم بنو أمية ، والخوارج ، وأتباع عبد الله بن الزبير. فقتل المختار والي ابن الزبير ، وبدأ ثورته العارمة ، وقامت الشيعة جميعا معه ، وعلى رأسهم إبراهيم بن مالك الأشتر.

وسنذكر نماذج من الذين قتلهم المختار انتقاما للحسينعليه‌السلام :

٦٧٨

٨٢٣ ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي :(لواعج الأشجان ، ص ١٧٠ ط نجف)

وكان بجدل قد قطع إصبع الحسينعليه‌السلام بعد مصرعه ليأخذ خاتمه ، فأخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه يتشحّط في دمه ، حتى هلك.

٨٢٤ ـ مقتل سنان بن أنس النخعي :(المصدر السابق ، ص ١٦٨)

هذا المجرم شرك في قتل الحسينعليه‌السلام فعلا ، ثم ناول الرأس الشريف بعد أن قطعه الشمر ، إلى خولي بن يزيد الأصبحي. فأخذه المختار ، فقطع أنامله أنملة أنملة ، ثم قطع يديه ورجليه ، وأغلى له قدرا فيها زيت ، ورماه فيها وهو يضطرب.

٨٢٥ ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي :(المصدر السابق ، ص ١٧٣)

وهذا الشقي صمّم على قتل الحسينعليه‌السلام فضربه بسهم في لبّته. وبعد استشهاد الحسينعليه‌السلام حمل خولي الرأس الشريف إلى عبيد الله بن زياد. وحين ظفر به المختار قتله أصحاب المختار وأحرقوه. وكان مختفيا في بيت الخلاء ، فدلّت عليه امرأته.

[العيّوف بنت مالك] وكانت تعاديه منذ جاء برأس الحسينعليه‌السلام وبيّته في بيته.فلما هجموا على داره سألوها عنه ، فقالت : لا أدري ، وأشارت بيدها إلى المخرج.

٨٢٦ ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٧٢)

وأما الذين انتدبهم عمر بن سعد لكي يوطئوا بالخيل جسد الحسينعليه‌السلام ، فهؤلاء أخذهم المختار ، فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى قطّعتهم ، ثم أحرقهم بالنار.

٨٢٧ ـ مقتل عمر بن سعد :

(لواعج الأشجان والأخذ بالثار للسيد الأمين ، ص ٢٨٧)

كان عمر بن سعد قد اختفى في الكوفة عند ظهور أمر المختار ، ثم طلب من المختار الأمان فآمنه ، حتى جاء الوقت المناسب لقتله.

وفي الأثناء ذكر المختار عند محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، فقال محمّد : زعم أنه لنا شيعة ، وقتلة الحسينعليه‌السلام عنده على الكراسي يحدّثونه![يقصد عمر بن سعد].فلما وصل الخبر إلى المختار ، عزم على قتله. فحاول عمر الهروب من الكوفة ، ثم رجع. وفي اليوم التالي بعث عمر ابنه حفصا ليجدد له الأمان من المختار ، فقال له

٦٧٩

المختار : أين أبوك؟. فقال : في المنزل. فدعا المختار أبا عمرة كيسان ، وأمره أن يذهب ويقتل عمر بن سعد. فذهب أبو عمرة فوجد عمر بن سعد في بيته ، فقال له :أجب الأمير. فقام عمر يريد أخذ سيفه ، فعثر في جبّة ، فوقع على الفراش ، فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله ، وقطع رأسه وحمله في طرف قبائه ، حتى وضعه بين يدي المختار وظهر بذلك تصديق قول الحسينعليه‌السلام لابن سعد : وسلّط الله عليك من يذبحك على فراشك.

فقال المختار لابنه حفص : أتعرف هذا الرأس ، فاسترجع وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده. فقال له المختار : صدقت ، وأنت لا تعيش بعده. فأمر به فقتل ، ووضع رأسه مع رأس أبيه. وقال المختار : هذا الرأس بالحسينعليه‌السلام ، وهذا بعلي بن الحسينعليه‌السلام ، ولا سواء. والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله.

ثم بعث المختار برأس عمر بن سعد وابنه حفص إلى محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، وكتب إليه يعلمه أنه قد قتل من قدر عليه ، وأنه في طلب الباقين ممن حضر قتل الحسينعليه‌السلام فبينما محمّد بن الحنفية جالس مع أصحابه ، وهو يتعتّب على المختار ، فما تمّ كلامه إلا والرأسان عنده. فخرّ ساجدا شكرا لله تعالى. ثم رفع رأسه وبسط كفيه وقال : اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار ، واجزه عن أهل بيت نبيّك محمّد خير الجزاء ، فو الله ما على المختار بعد هذا من عتب.

٨٢٨ ـ قتل عبيد الله بن زياد :(المصدر السابق ، ص ٢٩٤)

ولما فرغ المختار من قتال الذين خالفوه من أهل الكوفة وجّه إبراهيم بن مالك الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد وأهل الشام. فسار إبراهيم لثمان بقين من ذي الحجة سنة ٦٦ ه‍ ، وبعث المختار معه وجوه أصحابه وفرسانهم وذوي البصائر منهم ، ممن قد شهد الحروب وجرّبها.

قال الشيخ الطوسي في (الأمالي) : إنه خرج في تسعة آلاف ، وقيل في اثني عشر ألفا.

وسار إبراهيم بن الأشتر من الكوفة شمالا ، حتى لاقى جيش عبيد الله بن زياد الّذي وصل إلى الموصل ، وكان تعداده ثلاثين ألفا أو ثلاثة وثمانين ألفا. وحصلت معركة حاسمة ، تطاحن فيها الفريقان بالرماح ، ثم تضاربوا بالسيوف والعمد ، وكان

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800