موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء17%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494065 / تحميل: 5856
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

(الشكل ٢٩) : المرقد المقدس والمقام الشريف

للإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام في كربلاء بالعراق

٦٠١

عن زين العابدينعليه‌السلام حيث قال فيه : " قد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة ، لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض ؛ هم معروفون في أهل السموات ، إنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة ، وهذه الجسوم المضرّجة ، فيوارونها وينصبون بهذا الطفّ علما لقبر سيد الشهداء ؛ لا يدرس أثره ، ولا يعفو رسمه ، على كرور الليالي والأيام".

أما تعمير القبّة عليه ، فقد تكرر مرارا.

(العمارة الأولى)

٧٢٨ ـ العمارة الأولى للقبة الشريفة :(المصدر السابق)

العمارة الأولى للقبة الشريفة فوق الضريح ، كانت في زمن بني أمية ، لكن لا يعلم من بناها. إذ تدل جملة من الآثار والأخبار أنه كان على الضريح الشريف سقيفة لها باب ومسجد في زمن بني أمية. واستمرّ ذلك إلى زمن الرشيد من بني العباس.

٧٢٩ ـ تهديم هارون الرشيد قبر الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٣٠٤)

وبقيت هذه القبة إلى زمن الرشيد فهدمها ، وكرب موضع القبر ، وكان عنده سدرة فقطعها. وكان القصد من قطعها تغيير مصرع الحسينعليه‌السلام حتى لا يقف الناس على قبره. ففعل العباسيون بأهل البيتعليه‌السلام ما لم يفعله الأمويون.

وكما قال الشاعر :

تالله ما فعلت أميّة فيهم

معشار ما فعلت بنو العباس

(العمارة الثانية : عمارة المأمون)

٧٣٠ ـ العمارة الثانية :(المصدر السابق)

وفي زمن المأمون أعيد بناء القبة الشريفة ، حتى جاء المتوكل فهدمها.

٧٣١ ـ هدم المتوكل لقبر الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٢٨٦)

قال الطبري في تاريخه : في سنة ٣٣٦ ه‍ أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن عليعليه‌السلام وهدم ما حوله من المنازل والدور ، وأن يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره ، وأن يمنع الناس من إتيانه. فذكر أن عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية :من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى المطبق. فهرب الناس وامتنعوا من المصير إليه.

٦٠٢

حدّث القاسم بن أحمد بن يعمر الأسدي الكوفي قال : في سنة ٢٤٧ ه‍ بلغ المتوكل أيضا مصير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وأنه قد كثر جمعهم لذلك ، وصار لهم سوق كبير. فأنفذ قائدا في جمع كثير من الجند ، وأمر مناديا ينادي ببراءة الذمّة ممن زار قبره. ونبش القبر وحرث أرضه ، وانقطع الناس عن الزيارة. وعمد على تتبّع آل أبي طالبعليه‌السلام والشيعة ، فقتل ولم يتمّ له ما قدّره (قتله ابنه وهو في مجلس شرابه).

وتدل بعض الروايات على أن البقر (التي استخدمت لحرث قبر الحسينعليه‌السلام ) لم تقدم على محل القبر الشريف (بل كانت تحيد يمينا أو شمالا) ، وكانت تضرب الضرب الشديد ، فلا تمرّ عليه (ولا تطأ القبر بوجه).

٧٣٢ ـ ملوك بني العباس يهدمون قبر الحسينعليه‌السلام عدة مرات :

(تاريخ كربلاء للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ٢٢)

أمر الرشيد سنة ١٩٣ ه‍ بهدم الحائر والقبة المطهرة والدور المجاورة ، واقتلاع السدرة ، وحرث الأرض ليمحي بذلك كل أثر للقبر الشريف ، فكانت تلك السنة آخر سنة من حياته. وقد جاء في حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لعن الله قاطع السّدرة» (ثلاثا) ، فلم يعلم معنى ذلك ، حتى قطع الرشيد السدرة ، فأهلكه الله.

وقد اقتفى أثره حفيده (المتوكل) نيرون العرب ، فهدم قبر الحسينعليه‌السلام وكربلاء أربع مرات في خلال خمس عشرة سنة من حكمه ، ولكن( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].

وذكر الشهيد : أن في هذا الموضع حار الماء لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر الحسينعليه‌السلام ليعفّي أثره ، فكان الماء يدور حول القبر ولا يصله.

٧٣٣ ـ أعمال المتوكل الانتقامية من أهل البيتعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٤٠٣ ط ٣)

روي أن المتوكل من خلفاء بني العباس كان كثير العداوة شديد البغض لأهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الّذي أمر الحارثين بحرث قبر الحسينعليه‌السلام ، وأن يخرّبوا بنيانه ويخفوا آثاره ، وأن يجروا عليه الماء من نهر العلقمي ، بحيث لا يبقى له أثر ، ولا أحد يقف له على خبر.

وتوعّد الناس بالقتل لمن زار قبره ، وجعل رصدا من أجناده ، وأوصاهم :

٦٠٣

«كل من وجدتموه يريد زيارة الحسين فاقتلوه». يريد بذلك إطفاء نور الله ، وإخفاء آثار ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويظهر من ذلك أن ما فعله بنو العباس فاق ما فعله بنو أمية ، وكما قال الشاعر :

تالله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيّها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثلها

هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا

في قتله ، فتتبّعوه رميما

٧٣٤ ـ رائحة القبر الشريف دلّت على القبر :

(الحسين بن عليعليه‌السلام لتوفيق أبو علم ، ص ١٧٢)

ذكر هشام بن الكلبي : أن الماء لما أجري على قبر الحسينعليه‌السلام ليمحي أثره ، نضب الماء بعد أربعين يوما. فجاء أعرابي من بني أسد ، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّها ، حتى وقع على قبر الحسين فبكى وقال : بأبي أنت وأمي ، ما كان أطيبك وأطيب تربتك. ثم أنشأ يقول :

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه

فطيب تراب القبر دلّ على القبر

٧٣٥ ـ قصة زيد المجنون ولقائه ببهلول الكوفي :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٨ ط ٢)

عندما أمر المتوكل بحرث قبر الحسينعليه‌السلام وأن يجروا عليه الماء من نهر العلقمي ، وتوعّد بالقتل كل من يزور القبر الشريف ، وصل الخبر إلى رجل من أهل الخير في مصر ، يقال له : زيد المجنون ، ولكنه كان ذا عقل شديد ورأي رشيد.وإنما لقّب بالمجنون لأنه أفحم كل لبيب ، وقطع حجة كل أريب.

فسار زيد حتى أتى الكوفة ، فلقي هناك البهلول ، فسلّم عليه ، فردّعليه‌السلام .فقال زيد للبهلول : من أين لك معرفتي ولم ترني قط؟!. فقال زيد : يا هذا اعلم أن قلوب المؤمنين جنود مجنّدة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف. فقال له البهلول : يا زيد ، ما الّذي أخرجك من بلادك بغير دابة ولا مركب؟. فقال : والله ما خرجت إلا من شدة وجدي وحزني ، وقد بلغني أن هذا اللعين [أي المتوكل] أمر بحرث قبر الحسينعليه‌السلام وخراب بنيانه وقتل زواره ، فهذا الّذي أخرجني من

٦٠٤

موطني ونغّص عيشي ، وأجرى دموعي وأقلّ هجوعي. فقال البهلول : وأنا والله كذلك. فقال له : قم بنا نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد علي المرتضىعليه‌السلام .

قال : فأخذ كل واحد بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسينعليه‌السلام ، وإذا هو على حاله لم يتغير ، وقد هدموا بنيانه ، وكلما أجروا عليه الماء غار وحار ، واستدار بقدرة العزيز الجبار ، ولم يصل قطرة واحدة إلى قبر الحسينعليه‌السلام . وكان القبر الشريف إذا جاءه الماء يرتفع أرضه بإذن الله تعالى. فتعجب زيد المجنون مما شاهده ، وقال : انظر يا بهلول( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].

٧٣٦ ـ كان المتوكل من ألدّ أعداء أهل البيتعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤٨)

فلما كان أيام المتوكل ـ وكان سيئ الاعتقاد في آل أبي طالبعليه‌السلام شديد الوطأة عليهم ، قبيح المعاملة معهم ، ووافقه على جميع ذلك وزيره عبيد الله بن يحيى ـ بلغ بسوء معاملتهم ما لم يبلغه أحد من الخلفاء من بني العباس. فأمر بتخريب قبر الحسينعليه‌السلام وقبور أصحابه ، وكرب مواضعها وإجراء الماء عليها ، ومنع الزوار من زيارتها ، وأقام الرصد وشدد في ذلك. حتى كان يقتل من يوجد زائرا ، وولى ذلك كله يهوديا. وسلّط اليهودي قوما من اليهود فتولوا ذلك. إلى أن قتل المتوكل ، وقام بالأمر ابنه (المنتصر) فعطف على آل أبي طالبعليه‌السلام وأحسن إليهم وفرّق فيهم الأموال. فأعيدت القبور في أيامه. إلى أن خرج الداعيان : الحسن ومحمد ابنا زيد ، فأمر محمّد بعمارة المشهدين الشريفين : مشهد أمير المؤمنين ومشهد الحسينعليه‌السلام . وأمر بالبناء عليهما ، وزيد في ذلك من بعده. وبلغ (عضد الدولة) البويهي الغاية في تعظيمهما وعمارتهما والأوقاف عليهما ، وكان يزورهما في كل سنة.

٧٣٧ ـ كيف قتل المتوكل على يد ابنه المنتصر؟ :

كان المنتصر بن المتوكل مواليا لأهل البيتعليه‌السلام بعكس أبيه ، وهذا الّذي دفعه إلى قتل أبيه. وسبب ذلك أن المتوكل أقام مرة حفلة ، وجعل شخصا بهيئة الإمام عليعليه‌السلام ، وحشا بطنه لتكبر ، وجعل الشخص يرقص متمثلا بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام . عندها هيّأ المنتصر الخطة لقتل أبيه. فدخل على مجلسه وأبوه يشرب

٦٠٥

الخمر مع وزيره الفتح بن خاقان فقتلهما ، ونجا الشاعر البحتري الّذي كان معهما إذ تخبأ وراء الباب.

لكن الإمام علي الهاديعليه‌السلام قال للمنتصر : إن ملكك لن يطول ، فقتل بعد ستة أشهر.

العمارة الثالثة : عمارة المنتصر

٧٣٨ ـ العمارة الثالثة :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٥)

قال محمّد بن أبي طالب : إلى أن قتل المتوكل ، وقام بالأمر بعده ابنه المنتصر ، فعطف على آل أبي طالبعليه‌السلام وأحسن إليهم ، وفرّق فيهم الأموال ، وأعاد القبور في أيامه.

وذكر غير واحد من المؤرخين أن المنتصر أمر الناس بزيارة قبر الحسينعليه‌السلام .

[فانظر إلى حال هذا الزمان ، وكيف أن الله يخرج الحي من الميت].

وقال المجلسي في (البحار) : إن المنتصر لما قتل أباه وتخلّف بعده ، أمر ببناء الحائر ، وبنى ميلا على المرقد الشريف ، وأحسن إلى العلويين ، وآمنهم بعد خوفهم.

(٢) ـ مشهد أبي الفضل العباسعليه‌السلام

٧٣٩ ـ مرقد أبي الفضل العباسعليه‌السلام في كربلاء :

وفي كربلاء مشهد كبير ثان هو للعباس بن عليعليه‌السلام ، وهو يشبه في نسق بنائه وحجمه وتعدد الأروقة والغرف فيه مشهد الحسينعليه‌السلام . والفرق الوحيد بينهما هو أن للثاني ثلاث مآذن وللأول مئذنتين ، كما أن قبته غير مغطاة بصفائح الذهب (انظر صورة مشهد العباسعليه‌السلام ، الشكل ٣٠).

وفرش داخل المشهدين بالسجاجيد العجمية النفيسة ، وزيّن أبدع زينة ، تثير الإعجاب والروعة.

٧٤٠ ـ وصف مشهد العباسعليه‌السلام :

(أضواء على معالم محافظة كربلاء لمحمد النويني ، ص ٤٤ و ٤٦)

يقع مشهد العباسعليه‌السلام في مدينة كربلاء ، من الجهة الشمالية الشرقية لمشهد الحسينرلاعليه‌السلام .

٦٠٦

تبلغ مساحة الروضة العباسية مع الصحن المحيط بها ٤٣٧٠ م ٢. وللصحن ثمانية أبواب هي : باب الإمام الحسنعليه‌السلام ـ باب الإمام الحسينعليه‌السلام ـ باب الإمام صاحب الزمانعليه‌السلام ـ باب الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، وتقع هذه الأبواب في الجهة الغربية ؛ باب الإمام عليعليه‌السلام ـ باب الإمام علي الرضاعليه‌السلام ، ويقعان في الجهة الشرقية ؛ باب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسمى حاليا بباب القبلة ، ويقع في الجهة الجنوبية ؛ ثم باب الإمام محمّد الجواد ، ويقع في الجهة الشمالية.

تتوسط الصحن الروضة العباسية الشريفة ، ويعلو القبر الشريف قبّة ذهبية ضخمة ، نقشت في أسفلها الآيات القرآنية المطعّمة بالمينا والذهب. وفي طرفي القبة مئذنتان ضخمتان ، كما توجد هناك ساعة أثرية كبيرة دقّاقة ، واقعة على مئذنة باب القبلة.

وقد تمّ بناء هذه القبة بأمر من السلطان القاجاري فتح علي شاه ، كما قام بتذهيبها سنة ١٨١٧ م ، بعد أن صنع ضريحا من الفضة الخالصة لمرقد العباسعليه‌السلام سنة ١٨١٢ م.

زيّنت جوانب الصحن بالفسيفساء والكاشاني من الصنع القديم ، وتقع في جوانبه عدة غرف وأواوين ، دفن فيها جماعة من العلماء والسلاطين والأمراء والوزراء وكبار الشخصيات الإسلامية. وهو يعتبر من النفائس الأثرية.

وفي العهد الحديث احتفلت مدينة كربلاء بوصول الضريح الجديد لمرقد سيدنا العباسعليه‌السلام عام ١٩٦٥ م ، وهو ضريح مصنوع من الذهب الخالص والفضة ، ومطعّم بالأحجار الكريمة ، ويعتبر من أبدع وأعظم الأضرحة الموجودة في العالم الإسلامي ، وقد استغرق شغله حوالي ثلاث سنين(١) وقدّم هدية من بعض المحسنين الإيرانيين.

__________________

(١) تاريخ الروضة الحسينية للسيد عبد الحميد الخياط.

٦٠٧

(الشكل ٣٠) : المرقد المقدس والمقام الشريف

لأبي الفضل العباسعليه‌السلام في كربلاء بالعراق

٦٠٨

(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليهم‌السلام

في مدينة دمشق

مدخل :

يستغرب المرء أن تكون مشاهد أهل البيتعليه‌السلام عديدة في دمشق ، تلك المدينة التي كانت عاصمة لملوك الدولة الأموية. كما يستغرب أن تكون تلك المشاهد عامرة بالزوار والوافدين ، في حين لا يعرف لأحد من ملوك بني أمية قبر ولا أثر.ولكن( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].

فمن مشهد رأس الحسينعليه‌السلام ، ومشهد زين العابدينعليه‌السلام ، ومشهد الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، في شرق المسجد الأموي ؛ إلى مرقد السيدة رقيّة بنت الحسينعليه‌السلام في الشمال الشرقي من المسجد الأموي ، عند باب الفراديس (العمارة) ؛ إلى مسجد السّقط ، حيث سقط رأس الحسينعليه‌السلام عند باب جيرون الداخلي ؛ إلى مشاهد أهل البيتعليه‌السلام في مقبرة باب الصغير ، ومنهم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، وأم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام ، وعبد الله ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام ؛ إلى مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام في المنطقة المذكورة ؛ إلى مرقد العقيلة زينب بنت الإمام عليعليه‌السلام في قرية (راوية) على بعد ١٠ كم جنوب دمشق ، في المكان المعروف اليوم بقبر الست.

١ ـ مشهد رأس الحسينعليه‌السلام

٧٤١ ـ مدفن الرأس الشريف بدمشق :

(الحسين بن عليعليه‌السلام لتوفيق أبو علم ، ص ١٧٤)

يقول ياسين بن مصطفى الفرضي :

المزارات المشهورة للصحابة بدمشق ونواحيها : والمشهور منها بتربة باب الفراديس ، المسماة بمرج أبي الدحداح الآن ، مسجد سمّي مسجد الرأس ، داخل باب الفراديس ، في أصل جدار المحراب لهذا المسجد رأس الشهيد الملك الكامل ، وغربي المحراب المذكور في الجدار طاقة على الطريق ، يقال إن رأس

٦٠٩

الحسينعليه‌السلام دفن بها ، ولذا يقال له مشهد الحسين [يقصد به المكان الّذي فيه الآن مرقد السيدة رقيةعليها‌السلام ].

وقال ابن الطولوني : وله بدمشق مشهد معروف ، داخل باب الفراديس ، وفي خارجه مكان الرأس على ما ذكروا.

وذكر ابن أبي الدنيا : أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي ، فأخذ من خزانته ، فكفّن ودفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق.

يقول ابن كثير : ويعرف مكانه بمسجد الرأس اليوم ، داخل باب الفراديس الثاني.

٧٤٢ ـ مسجد الرأس :

(مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية ـ المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥)

جاء في المجلة المذكورة تحت عنوان (العظماء الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها) :

يوجد للحسين بن عليعليه‌السلام مزارات كثيرة ، يطلق عليها اسم مشهد ، تشير إلى قبره ، ولعل الأصح أن تعدّ نصبا تذكارية ، لأنه لا يعقل أن يدفن رأس الحسينعليه‌السلام أو جثته في عدة بلدان. وله مشهد مثير شهير في كربلاء حيث قتل ، يرجّح أن يكون القبر الّذي وارى جثته ، كما أن له مشهدا آخر في القاهرة.

وتؤكد المصادر التاريخية أن رأس الحسينعليه‌السلام نقل إلى دمشق ليراه يزيد بن معاوية.

ويذكر المؤرخون مسجدا داخل باب الفراديس باسم (مسجد الرأس) ، وذلك نسبة لرأس الحسين بن عليعليه‌السلام الّذي دفن فيه ، وهو مشهد السيدة رقية حاليا.

كما أن للحسينعليه‌السلام مشهدا في جامع بني أمية بدمشق ، في مكان يطلق عليه (مشهد رأس الحسين) ، وقد أطلق عليه في القديم مشهد علي ، وكذلك مشهد زين العابدينعليه‌السلام . انتهى كلامه

توضيح :

تدل المعطيات السابقة إلى أن هناك موضعين باسم (مسجد الرأس) حيث دفن رأس الحسينعليه‌السلام .

٦١٠

الأول : عند ضريح السيدة رقية بنت الحسينعليه‌السلام داخل باب الفراديس لدمشق ، وفي هذا المشهد دفن الملك الكامل بن الغازي ابن الملك العادل ،

في أصل جدار محرابه.

والثاني : في قصر يزيد ، المتصل بالرواق الشرقي للجامع الأموي ، في المكان المسمى اليوم مشهد رأس الحسينعليه‌السلام .

وإذا صحّ أن الرأس الشريف قد دفن في دمشق قبل نقله إلى كربلاء ، فلا بدّ أنه دفن في أحد هذين الموضعين. ويمكن إزالة التعارض بين الروايات ، بأن الرأس الشريف وضع مدة في قصر يزيد وبات فيه ، حيث صلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، فصار هذا الموضع مشهدا لزين العابدينعليه‌السلام ومشهدا للرأس الشريف وليس مكان دفنه ، وهو المشهد الموجود في شرق الجامع الأموي.

وإذا صحّ أن سليمان بن عبد الملك أو غيره وجد الرأس الشريف في خزائن بني أمية ، فأكرمه ودفنه ، فلعله دفنه عند ضريح ابنته السيدة رقيةعليه‌السلام داخل سور دمشق ، على يمين الخارج من باب الفراديس. وذلك قبل أن يتمّ نقله وإرجاعه إلى الجسد المطهر في كربلاء. ويؤكد ذلك اللوحتان الحجريتان اللتان كانتا في حائط مسجد السيدة رقيةعليه‌السلام إلى جانب المحراب ، كما سترى.

ونشرع الآن بالحديث عن مشهد رأس الحسينعليه‌السلام الواقع في شرق المسجد الجامع.

٧٤٣ ـ المشاهد الأربعة في الجامع الأموي :(العمارة العربية الإسلامية ، ص ٥٦)

المتفحص لمخطط المسجد الجامع المشهور بالأموي ، يلاحظ أربع قاعات كبيرة مستطيلة متساوية الأبعاد تقريبا ، موزّعة على جانبي البابين الشرقي والغربي ، عرفت قديما بالمشاهد ، ونسب كل واحد منها إلى أحد الخلفاء الراشدين الأربعة.يدعى المشهد الجنوبي الغربي مشهد أبي بكر ، والجنوبي الشرقي مشهد عمر ، والشمالي الغربي مشهد عثمان ، والشمالي الشرقي مشهد عليعليه‌السلام ، ثم دعي الأخير مشهد الحسينعليه‌السلام .

وقال ابن جبير في رحلته ، ص ٢٤١ :

وفي الجانب الشرقي من الصحن باب يفضي إلى مسجد من أحسن المساجد وأبدعها وصفا وأجملها بناء ، يذكر الشيعة أنه مشهد لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٦١١

وفي (الإشارات إلى معرفة الزيارات) ص ١٥ :

وبالجامع من شرقيّة مشهد علي بن أبي طالب ، ومشهد الحسين ، وزين العابدينعليه‌السلام .

وفي كتاب (الجامع الأموي) للشيخ علي الطنطاوي ، ص ٥٩ يقول :

وفي سنة ٦٦٨ ه‍ جدد الملك الظاهر مشهد زين العابدين (مشهد الحسين) بعدما استولى عليه الخراب ، وطرد من كانوا يتخذونه ملجأ ، إلا واحدا منهم رأى فيه الصلاح والعبادة. وأغلق مدة في أيام العثمانيين وأهمل ، فجدده الوالي العثماني سليمان باشا وفتحه.

وفي الكتاب المذكور ، ص ٢٣ يقول : وفي الشرق نجد مشهد زين العابدينعليه‌السلام المعروف اليوم بمشهد الحسينعليه‌السلام ، وفيه الآن القبر المشهور أن فيه رأس الحسينعليه‌السلام .

٧٤٤ ـ مشهد رأس الحسينعليه‌السلام في شرقي مسجد دمشق :

يعتقد بعض مؤرخي السنة أن في هذا المشهد دفن رأس الحسينعليه‌السلام . وفي الواقع إن هذا المشهد الواقع في أحد أجنحة المسجد الأموي ، على يمين الداخل من باب جيرون (النوفرة) كان إحدى غرف قصر يزيد التي كان ينام فيها ، ثم أصبح جزءا من المسجد الجامع. وفي هذه الغرفة وضع يزيد الرأس الشريف بعد أن عرض عليه. ثم لما ظهرت من الرأس المقدس الكرامات المشهورة ، ورأتها هند زوجة يزيد ، وكذلك يزيد نفسه ، نقله يزيد إلى مكان آخر خارج القصر. ولعل هذه الغرفة هي نفسها التي وضع فيها رأس الحسينعليه‌السلام بجانب القبة التي كان يشرب فيها يزيد المسكرات مع حاشيته ، والتي بات فيها سبعون رجلا يحرسون الرأس الشريف ، فرأى أحدهم الرؤيا العجيبة التي ذكرناها سابقا في الفقرة رقم ٦٠٧.

٧٤٥ ـ زيارة ميدانية :

وقد قمت بزيارة ميدانية لمشهد رأس الحسينعليه‌السلام في شرقي المسجد الأموي ، ورأيت فيه : مشهد الإمام عليعليه‌السلام ، ثم مشهد الإمام زين العابدينعليه‌السلام الّذي صلى فيه ، وبجانبه كوة في الحائط تفضي إلى المكان الّذي وضع فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، وفي الداخل غرفة شبه مربعة أصغر من التي قبلها ، وضعت على جدرانها رخامات كتب عليها أسماء الأئمة الاثني عشرعليه‌السلام ، وفي

٦١٢

زاويتها الملاصقة للكوة قفص فيه عمامة خضراء ترمز لرأس الحسينعليه‌السلام ، وصندوق يزعم البعض أن فيه شعرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٧٤٦ ـ مزار شعرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مجلة الثقافة الاسلامية ـ العدد ١٥ ربيع ١٤٠٨ ه‍ ، ص ١٥٨ ؛

موضوع الأشراف ونقابتهم في التاريخ الاسلامي ، بقلم محمّد مطيع الحافظ)

ذكر السيد سعيد حمزة نقيب الأشراف بدمشق : أن في دمشق ثلاث شعرات للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إحداها لدى آل حمزة ، والثانية لدى آل سعد الدين ، والثالثة لدى آل أبي الشامات.

والشعرة الأولى موجودة لدى السادة الأشراف آل حمزة ، ومحفوظة في مشهد الحسينعليه‌السلام .

ويشير أحمد تيمور في كتابه (الآثار النبوية) إلى أن هذا المشهد كان متهدما ، فزاره والي دمشق فؤاد باشا سنة ١٢٧٨ ه‍ وسعى لدى السلطان

عبد العزيز في تعميره ، وجعل الدار المجاورة له تكية باسم المقام ، يطعم فيها الطعام كل يوم بعد العصر. واختير السيد سليمان الحمزاوي مشرفا على المقام لصلة نسبه بصاحب المقام مولانا الحسينعليه‌السلام . ثم إن السلطان عبد العزيز أرسل بشعرة من الآثار النبوية لتحفظ بهذا المقام ، فحفظت فيه ، وما زالت إلى اليوم ، يحتفل بإخراجها في العام مرة واحدة ، في ليلة ٢٧ رمضان ، ويزورها الناس بعد صلاة التراويح ، فيقرأ القراء ثم يشرعون في الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويخرجها المشرف ، ويكون نقيب الأشراف أو واحدا من أهله ، فيتبرك الحاضرون بتقبيلها وهي بيده ، وذكر الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستمر إلى أن تنتهي الزيارة ، فتعاد إلى لفائفها وصندوقها ، وترفع إلى مكانها.

٧٤٧ ـ وصف مشهد رأس الحسينعليه‌السلام شرقي المسجد الأموي :

وهذا وصف حي لمشهد رأس الحسينعليه‌السلام وأجزائه الثلاثة كما هو مبين في (الشكل ٣١) المرفق.

إذا أتينا إلى المسجد الجامع من الشرق ، نمرّ بطريق النوفرة (سويقة جيرون) حتى نصل إلى الباب الشرقي للجامع (باب جيرون) ، نصعد على الدرج (درج النوفرة) الّذي أقيمت عليه السبايا ، فإذا وصلنا إلى آخر الدرج ونظرنا يمينا نلاحظ في جدار

٦١٣

قصر يزيد أثر باب حجري كبير قد أغلق وسدّ ، إنه باب قصر يزيد الّذي أدخل منه السبايا والرؤوس ، وهو يقابل في الداخل محراب المشهد الّذي وضع فيه رأس الحسينعليه‌السلام .

ندخل من باب جيرون للمسجد حتى ننتهي إلى صحن الجامع ، ثم ننعطف إلى اليمين حتى نصل إلى مشهد رأس الحسينعليه‌السلام .

ويظن العامة أن هنا دفن رأس الحسينعليه‌السلام ، والصحيح أن هذا المكان كما ذكرنا كان جزءا من قصر يزيد ، وهو الغرفة التي بات فيها الرأس الشريف وظهرت فيها بعض كراماته. فحين استيقظت هند زوجة يزيد رأت النور ينبعث من تلك الغرفة ، فلما اقتربت منها رأت الرأس الشريف والأنوار تتصاعد منه إلى عنان السماء. فأيقظت يزيد وأمرته بإخراجه من القصر ، وهددته بالفراق ، فلم يلبث أن أخرج الرأس من القصر ، ونصبه على باب جيرون.

يتألف هذا المقام من ثلاثة مشاهد ، يدخل الزائر إلى الغرفة الأولى وهي الكبرى ، وتدعى مشهد الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وفي صدرها محراب لطيف ، وتمتاز هذه الغرفة بسقفها العالي ، وفيها قفص حديدي معلق بالسقف على شكل ثريا.

ثم ندخل إلى الغرفة الثانية ، وهي أصغر من الأولى ، وهي مشهد الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، ولها محراب خاص. ويجد الزائر في الجدار الشرقي لهذه الغرفة المكان الّذي كان يصلي فيه زين العابدينعليه‌السلام في الفترة الأخيرة من إقامته في دمشق ، حين قرّبه يزيد ونقله مع السبايا من الخربة إلى قصره ، خوفا من نقمة الناس عليه ، ليوهم الجمهور أنه يحب أهل البيتعليه‌السلام وأنه بريء من قتل الحسينعليه‌السلام . وفي هذا المكان قفص زجاجي فيه محراب صغير ، وعلى جدرانه لوحات قرآنية. وبجوار هذا القفص في الحائط كوة عميقة عطّرت بالمسك والعنبر وكسيت بالقاشاني ، تؤدي إلى الموضع الّذي تشرف بوضع الرأس المطهر فيه ، وذلك بناء على الحقيقة المنقولة بأن رأس الحسينعليه‌السلام كان يتضوع عطرا في كل مكان وضع فيه. ويتسابق الزوار لإدخال رؤوسهم في هذه الكوة ، ليقبلوها ويتنسموا منها عبق الجنة.

٦١٤

(الشكل ٣١) : مخطط مشهد رأس الحسينعليه‌السلام

٦١٥

ثم ندخل إلى الغرفة الثالثة شبه المربعة ، حيث يقع إلى يسار الداخل إليها القفص الخاص برأس الحسينعليه‌السلام ، وتدعى مشهد رأس الحسينعليه‌السلام . وقد وضع في القفص ، إلى اليسار كرة مجللة بثوب أخضر ، للدلالة على مكان وضع الرأس الشريف ، وإلى اليمين صندوق مجلل يقال إن فيه شعرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ذكرنا سابقا.

وقد كسيت جدران هذه الغرفة بالرخام الأبيض ، ونقشت عليها أسماء الأئمة الاثني عشرعليه‌السلام . ولهذه الغرفة محراب يحاذي الباب المسدود من الخارج.وبجانب المحراب لوحة لزيارة أهل البيت ورأس الحسينعليه‌السلام .

ويعجب المرء من قدرة الله تعالى ، كيف أن هذا القصر الّذي كان قصرا ليزيد ، يزول ذكر صاحبه منه إلا باللعنة على كل لسان ، بينما يصير مقرا ومشهدا لتعظيم الحسينعليه‌السلام ، تذكره الأجيال وتزوره في كل عصر وزمان.

وفي تصوري أن الفاطميين قد اعتنوا بهذا المشهد اعتناء خاصا ، وذلك حين حكموا دمشق في القرن الرابع الهجري.

هذا وقد أهدى إخواننا الشيعة البهرة الذين يتواجدون في الهند (بومباي) قفصا فضيا مذهبا لهذا المقام الجليل ، فزاد المكان رونقا وبهاء ، وروعة وسناء.

٧٤٨ ـ وصف معماري للمشاهد الثلاث السابقة :

(الآثار الإسلامية في دمشق لكارل ولتسنغر ، ص ٣٣٥)

وهذا وصف معماري للغرف الثلاث للمستشرق ولتسنغر :

الغرفة رقم (١):

قاعة طويلة (تدعى مشهد علي). ثمة كتابة حديثة تعلو مدخلها. يضم الجدار محرابا وبابا وثلاث نوافذ. يخترق الجدار الشرقي باب صغير وثلاثة أبواب كبيرة ، وهي تؤدي إلى الغرفة رقم (٢). الجدار الجنوبي مزوّد بمحراب ، وتبرز إلى يساره فاصلة مونة بين حجرين ، وهي هامة بالنسبة للبقايا المعمارية السابقة للإسلام.ويبدو أن الجدار السابق للإسلام لم يشغل العرض بأكمله.

الغرفة رقم (٢):

غرفة مستطيلة موازية للقاعة السابقة ، لكنها أقصر حجما (٦٤ ، ٢* ٩٠ ، ١٤ م)

٦١٦

وتعرف باسم (مشهد علي بن الحسين زين العابدين). تظهر في الجدار الغربي ثلاث دعائم جدارية سابقة للإسلام. كما يوجد بئر في الزاوية الشمالية الشرقية. ويقوم محراب علي بن الحسين في قاعدة الجدار الشرقي. ويوجد إلى جانب المحراب صندوق يضم بعضا من شعر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . أما الجدار الجنوبي فإنه مزوّد بمحراب بالإضافة إلى مكان مخصص لأحد الأئمة التسعة في الجامع.

الغرفة رقم (٣):

(مسجد رأس الحسين) تعلوه قبّة. يقوم إلى اليمين محراب وإلى اليسار يوجد محراب. هناك صندوق جداري محاط بشباك من الفضة. كان هذا المكان يضم رأس الحسينعليه‌السلام . وكتابة هذا نصها : مرقد رأس سيدنا الإمام أبي عبد الله الحسين رضي الله تعالى عنه.

٢ ـ مرقد السيدة رقيةعليها‌السلام

٧٤٩ ـ مرقد السيدة رقيّة بنت الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية ـ المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥)

في باب الفراديس مسجد صغير فيه قبّة ، يرجع عهد بنائها إلى العصر الأيوبي ، تضم ضريحا عليه قفص معدني جميل ، يعتقد الناس بأن هذا القبر للسيدة رقية. وقد ذكر بعض المؤرخين أنها دفنت في مسجد الرأس الّذي يطلق عليه اسم مشهد السيدة رقيةعليه‌السلام .

وقد كتبت رخامة على باب مرقد رقيةعليه‌السلام من شعر العلامة السيد محسن الأمين وتأريخه ، وهي :

تمسّك بالولاء لآل طه

بحبهم غدا في الحشر تسعد

وهذا باب حطّة فادخلوه

وأنتم ركّع لله سجّد

لأسنى بقعة طهرت وطابت

بأزكى حضرة وبخير مرقد

فزرها واستجر واسأل ففيها

يماط الذنب والحسنات تصعد

وقد أرّختها : تزهو سناء

بقبر رقية من آل أحمد

(أقول) : لقد حصل خلط في اسم (رقية) نزيلة هذا المرقد الشريف ، فقد كانت فوق باب مشهدها رخامة رأيتها مكتوب عليها : مرقد السيدة رقية بنت الإمام علي بن

٦١٧

أبي طالبعليه‌السلام . وهذا خطأ ، لأن رقية المدفونة في هذا المشهد هي طفلة صغيرة ، وهي بنت الإمام الحسينعليه‌السلام التي توفيت في الخربة حين إقامتها مع السبايا ، فدفنت في مكان وفاتها.

وأما رقية الكبرى بنت الإمام عليعليه‌السلام فكانت زوجة لمسلم بن عقيلعليه‌السلام وقد حضرت كربلاء مع أولادها منه وهم : عبد الله وعلي ومحمد. وكانت مع السبايا ، ثم رجعت إلى المدينة المنورة ، ولم يذكر أحد أنها رجعت إلى دمشق أو توفيت فيها.

٧٥٠ ـ ما كتب على جدار مسجد السيدة رقيةعليها‌السلام :

(ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي ، ص ٢٢٩)

قال يوسف بن عبد الهادي : كانت في مسجد السيدة رقيةعليه‌السلام لوحة حجرية إلى جانب المحراب كتب عليها : قد صار التوفيق لجناب الميرزا بابا المستوفي الكيلاني في عمارة البقعة المشهورة بمقام ستّنا رقية بنت سيدنا علي ، وموضع رأس الحسينعليه‌السلام .

وعلى لوحة أخرى مكتوب :

هذا المكان المبارك فيه مدفون كامل السلطان الشهيد الغازي المجاهد المرابط في سبيل الله ، الملك الكامل ناصر الدين محمّد بن جمال الدين صاحب ساقان قنبر دفن في هذا المشهد الحسيني بباب الفراديس في ٢٧ رمضان سنة ٨٠٨ ه‍.

وفي المصدر السابق ص ٨٧ قال : مسجد عند باب المسجد الجامع يعرف بمسجد الرأس ، فيه قناة [أي ماء] ، يقال : إن فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، وضع فيه حين أتي به إلى دمشق.

وفي حاشية ص ٩٩ قال : عن مسجد الرأس قال ابن كثير في (البداية) ج ١٣ ص ٦٥٧ :

في سنة ٦٥٧ ه‍ قتل هولاكو الملك الكامل بن الغازي بن العادل (صاحب ميّافارقين) ، وطيف برأسه في البلاد ، ودخلوا به دمشق ، فنصب على باب الفراديس البراني ، ثم دفن بمسجد الرأس داخل باب الفراديس الجواني ، في المحراب في أصل الجدار. فنظم أبو شامة في ذلك قصيدة يذكر فيها فضله وجهاده ، وشبّهه بالحسينعليه‌السلام ، في قتله مظلوما ، ودفن رأسه عند رأسه.

٦١٨

٧٥١ ـ الكامل صاحب ميّافارقين :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ج ٥ ص ٢٩٥)

مرّ آنفا ذكر الكامل ، وهو الملك الكامل ناصر الدين محمّد بن الملك المظفر شهاب الدين غازي بن العادل ، صاحب ميّافارقين ، التي كانت أشهر مدينة (بقصبة) ديار بكر ، عند منابع دجلة ، شرق (آمد) وشمال ماردين. ملك سنة ٦٤٥ ه‍ ، وكان عالما فاضلا شجاعا محسنا إلى الرعية ، ذا عبادة وورع ، ولم يكن في بيته من يضاهيه.

حاصرته التتار عشرين شهرا ، حتى فني أهل البلد بالوباء والقحط. ثم دخلوا وأسروه ، فضرب هولاكو عنقه بعد أخذه حلب ، وطيف برأسه ، ثم علق [بدمشق] على باب الفراديس ، ثم دفنه المسلمون بمسجد الرأس داخل الباب.

وقد ذكر أبو شامة قصة هذا البطل الصامد [الكامل] في كتابه (ذيل الروضتين).وأبو شامة عالم مؤرخ عاصر الكامل ، وكانت نهايته أن دخل عليه جماعة بداره بطواحين الأشنان [ركن الدين] فضربوه حتى قتلوه ، ودفن بمقابر باب الفراديس [الدحداح] واسمه: عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي الشافعي [٥٩٩ ـ ٦٦٥ ه‍ ـ ١٢٠٢ ـ ١٢٦٧ م].

ـ وفاة الملك الكامل بن غازي :

(تراجم رجال القرنين السادس والسابع ، المعروف بذيل الروضتين للحافظ شهاب الدين أبي شامة الدمشقي ، ص ٢٠٥)

يقول أبو شامة : وفي يوم الاثنين ٢٧ جمادى الأولى سنة ٦٥٨ ه‍ [١٢٦٠ م] طيف بدمشق برأس مقطوع ، مرفوع على رمح قصير معلق بشعره فوق قطعة شبكة ، زعموا أنه رأس الكامل محمّد بن شهاب الدين غازي بن العادل ، صاحب ميافارقين ، الّذي دام التتار على حصاره أكثر من سنة ونصف ، ولم يزل ظاهرا عليهم إلى أن فني أهل البلد لفناء زادهم.

وبلغني أنه دخل عليه البلد ، فوجد مع من بقي من أصحابه موتى أو مرضى ، فقطع رأسه وحمل إلى البلاد ، فطيف به بدمشق ، ثم علّق على باب الفراديس الخارج.يقول أبو شامة يصف ذلك :

ابن غازي غزا وجاهد في الل

ه جيوشا قد أثخنوا المشرقين

٦١٩

ظاهرا غالبا ومات شهيدا

بعد صبر عليهم عامين

لم يشنه أن طيف بالرأس منه

فله أسوة برأس الحسين

وافق السبط في الشهادة والحم

ل ، لقد حاز أجره مرّتين

جمع الله حسن دين الشهيدي

ن على قبح ذينك الفعلين

ثم واروا في مشهد الرأس ذاك ال

رأس فاستعجبوا من الحالتين

وارتجوا أنه سيحيى لدى البع

ث رفيق الحسين في الحسنيين

ثم وقع من الاتفاق العجيب أن دفن في مسجد الرأس داخل باب الفراديس ، شرقي المحراب في أصل الجدار. وغربي المحراب طاقة يقال إن رأس الحسينعليه‌السلام دفن بها.

عود إلى رقيةعليها‌السلام

٧٥٢ ـ قصة إصلاح قبر السيدة رقيّةعليها‌السلام :

هذه القصة ثابتة واقعيا ، وإن اختلفت قليلا في التفاصيل ، وسوف أعرض أربع روايات لها ، أبدؤها برواية الشبلنجي في (نور الأبصار) ص ١٧٦ ، وهي :

الرواية الأولى :

كانت للإمام عليعليه‌السلام بنتان باسم رقية ، إحداهما من فاطمةعليه‌السلام والأخرى من الصهباء التغلبية [أقول : الصحيح أن الأولى رقية الكبرى أمها الصهباء ، والثانية رقية الصغرى أمها أم ولد. وليست لفاطمة الزهراءعليه‌السلام بنت باسم رقية ، والتي حضرت كربلاء هي الأولى].

وبعد أن ذكر الشبلنجي أن رقية بنت الإمام عليعليه‌السلام مدفونة في القاهرة ، قال :وقد أخبرني بعض الشوام ، أن للسيدة رقية بنت الإمام عليعليه‌السلام ضريحا بدمشق الشام ، وأن جدران قبرها كانت قد تعيّبت ، فأرادوا إخراجها منه لتجديده ، فلم يتجاسر أحد أن ينزله من الهيبة. فحضر شخص من أهل البيت يدعى السيد ابن مرتضى [ولم يذكر اسمه] فنزل في قبرها ، ووضع عليها ثوبا لفّها فيه وأخرجها ، فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ.

وزاد المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٠١ قوله : وكان متنها مجروحا من كثرة الضرب. وهذه القصة تدور كثيرا على ألسنة الناس في دمشق.

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

تابع : ترجمة زين العابدينعليه‌السلام

وقد ولد لزين العابدينعليه‌السلام : الحسن والحسين ماتا صغيرين ، ومحمد الباقر ، وعبد الله وزيد وعمر وعلي ومحمد الأوسط وعبد الرحمن وحسين الصغير والقاسم. ا ه

وكان زين العابدينعليه‌السلام يوم الطف مريضا فلم يقاتل. وهمّ شمر ابن ذي الجوشن بقتله ، فمنعه الله منه. وحين قيّد إلى الكوفة مع السبايا همّ عبيد الله ابن زياد بقتله ، فمنعه الله منه. وحين سيّر إلى الشام همّ يزيد بن معاوية بقتله ، فمنعه الله منه. كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة الأئمة الأطهار من عقب الحسينعليه‌السلام ونسل النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أولئك الأئمة الذين عادلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن لا يتفرقوا عنه حتى يردوا حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة ، وتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم وآخرهم المهديعليه‌السلام ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا.

٦٦١
٦٦٢

الفصل الثاني والثلاثون

عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

يتضمن هذا الفصل المواضيع التالية :

مقدمة الفصل ـ عقوبة قاتلي الحسين عليه‌السلام : ـ صفة عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسينعليه‌السلام

ـ خبر من أنكر معاقبة الله لقتلة الحسينعليه‌السلام

ـ مخاصمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقتلة الحسينعليه‌السلام يوم القيامة ـ مخاصمة فاطمةعليه‌السلام لمن قتل ابنها الحسينعليه‌السلام ـ نهاية بعض قتلة الحسينعليه‌السلام : ـ ثورة المختار :

ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي

ـ مقتل سنان بن أنس النخعي

ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي

ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسينعليه‌السلام

ـ مقتل عمر بن سعد

ـ مقتل عبيد الله بن زياد

ـ مقتل الحصين بن نمير

٦٦٣

ـ استبشار الإمام زين العابدينعليه‌السلام بمقتل عمر بن سعد

وعبيد الله بن زياد

ـ ترجمة المختار بن أبي عبيدة الثقفي

ـ عجائب في قصر الإمارة.

٦٦٤

الفصل الثاني والثلاثون

عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

مقدمة الفصل :

لا يشك أحد ما للحسينعليه‌السلام من منزلة وقيمة عند الله تعالى ، وخاصة بعد أن قدّم لله كل ما يملك ، حتى روحه وأرواح أهله وأولاده. ومن كانت هذه حاله فهل يردّ الله له دعوة ، أو لا يقتصّ من قتلته وأعدائه ، ولو بعد حين؟!.

وقد مرّت معنا سابقا أدعية كثيرة دعا بها الحسينعليه‌السلام على أعدائه.

فمنها ما كانت استجابتها سريعة ، ونبهت بذلك كثيرا من الغافلين فاهتدوا ؛ مثل دعائه على مالك بن جريرة (وقيل عبد الله بن حوزة) حين أشعل الحسينعليه‌السلام النار في الخندق الّذي حفره خلف خيامه ، ليتقي هجوم أعدائه من ظهره ، فقال للحسينعليه‌السلام : أبشر يا حسين فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة. فدعا عليه الحسينعليه‌السلام أن يجرّه الله إلى النار ، فلم يكن بأسرع من أن شبّ به الفرس ، فألقاه على ظهره ، فتعلقت رجله في الركاب ، فركض به الفرس حتى ألقاه في النار فاحترق.

ومثل دعائهعليه‌السلام على محمّد بن الأشعث ، بعد أن نفى أية قرابة بين الحسينعليه‌السلام وبين جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال له الحسينعليه‌السلام : الله م أرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا. فما كان بأسرع من أن تنحّى محمّد بن الأشعث يريد قضاء حاجة ، فلدغته العقرب في عورته ، فمات بادي العورة.

ومنها (زرعة) الّذي شكّ الحسينعليه‌السلام بسهم في شدقه حين حاول شرب الماء ، فدعا عليه الحسينعليه‌السلام بأن لا يرتوي في حياته ، فكان يشرب حتى يخرج الماء من فمه ولا يرتوي ، حتى مات عطشا وأمثال ذلك كثير.

ومنها ما كانت استجابتها مؤجلة إلى وقتها ؛ مثل دعائهعليه‌السلام على عمر بن سعد ، بأن لا يهنأ بولاية الري ، وبأن يذبح على فراشه ، فبعث المختار من قتله على فراشه.

٦٦٥

ومثل دعائهعليه‌السلام حين أصبح وحيدا فريدا ، بأن ينتقم الله له من أهل العراق الذين حاربوه ، من حيث لا يشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني : يابن فاطمة ، بماذا ينتقم لك منا؟. فقالعليه‌السلام : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبّ عليكم العذاب الأليم. فكان ذلك فيما بعد على يد الحجاج.

ومثل دعائهعليه‌السلام على أعدائه يوم العاشر من المحرم حين قال : " الله م احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف [وهو المختار الثقفي] ، يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله. قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم". فكان ذلك حين بعث الله لهم المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، فانتقم منهم وتتبّعهم حتى قتلهم ، ولم يبق أحدا منهم. ومنهم عبيد الله بن زياد ، وعمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، وغيرهم كثير.

وفي محاورة الحسينعليه‌السلام مع عبد الله بن عمر ، دعاه إلى عدم مبايعة يزيد ، ثم قال لهعليه‌السلام : فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلا قليلا. وقد استجاب الله أمله ، فقتل يزيد بعد ثلاث سنوات وهو في ريعان الشباب (عمره ٣٤ سنة) ، جزاء وفاقا ، بما قدّمت يداه. وكما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين.

صفة عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

٧٩٠ ـ عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام في الدنيا قبل الآخرة :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٨)

وأما ما روي من الأحاديث عن الفتن التي أصابت من قتل الحسينعليه‌السلام فأكثرها صحيح ، فإنه قلّ من نجا من أولئك الذين قتلوه ؛ من آفة وعاهة في الدنيا ، فلم يخرج منها حتى أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابهم الجنون.

٧٩١ ـ عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام سريعة وشاملة :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٨ ط ٢ نجف)

قال الزهري : ما بقي من قاتلي الحسينعليه‌السلام أحد إلا وعوقب في الدنيا ؛ إما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة.

٦٦٦

٧٩٢ ـ جزاء قتلة الحسينعليه‌السلام القتل في الدنيا أو المرض :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)

عن (مينا) أنه قال : ما بقي من قتلة الحسينعليه‌السلام أحد لم يقتل ، إلا رمي بداء في جسده قبل أن يموت.

٧٩٣ ـ العقاب بالجدري :(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٧)

قال جلال الدين السيوطي في (المحاضرات والمحاورات) : حصل بالكوفة جدري في بعض السنين ، عمي منه ألف وخمسمائة من ذرية من حضروا قتل الحسينعليه‌السلام .

٧٩٤ ـ عقاب قتلة الحسينعليه‌السلام شديد يوم القيامة :

(الاحتجاج للطبرسي ، ج ٢ ص ٤٠)

قال الطبرسي : إن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي قصتهم ، فلما بلغ آخرها قال : إن الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك ، فكيف ترى عند اللهعزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهتك حريمه؟!. إن الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدنيا ، فإن المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

٧٩٥ ـ قاتل الحسينعليه‌السلام خالد في جهنم :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٣)

عن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي ، حدّثني أبو الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، حدثني أبي موسى بن جعفرعليه‌السلام ، حدثني أبي جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، حدثني أبي محمّد بن عليعليه‌السلام ، حدثني أبي علي بن الحسينعليه‌السلام ، حدثني أبي الحسين بن عليعليه‌السلام ، حدثني أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن قاتل الحسينعليه‌السلام في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، ينكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهمعزوجل من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما نضجت جلودهم بدّلوا بجلود غيرها ، ليذوقوا العذاب الأليم».

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الويل لظالمي أهل بيتي ، عذابهم

٦٦٧

مع المنافقين ، في الدرك الأسفل من النار ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من عذاب جهنم ، فالويل لهم من العذاب الأليم».

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشتدّ غضب الله وغضب رسوله ، على من أهرق دمي ، وآذاني في عترتي».

٧٩٦ ـ عقوبة قاتل الحسينعليه‌السلام :(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١٤ ط ٣)

روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا عن بعض الصحابة ، قال : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمصّ لعاب الحسينعليه‌السلام كما يمصّ الرجل السكرة ، وهو يقول :

«حسين مني وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، وأبغض الله من أبغض حسينا. حسين سبط من الأسباط ، لعن الله قاتله».

فنزل جبرئيلعليه‌السلام وقال : يا محمّد إن الله قتل بيحيى بن زكريا سبعين ألفا من المنافقين ، وسيقتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفا وسبعين ألفا من المعتدين. وإن قاتل الحسينعليه‌السلام في تابوت من نار ، ويكون عليه نصف عذاب أهل الدنيا ، وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، وهو منكّس على أم رأسه في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ أهل النار من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم لا يفتر عنه ، ويسقى من حميم جهنم.

٧٩٧ ـ الله يغفر للأولين والآخرين ما خلا قاتل الحسينعليه‌السلام :

(اللهوف ص ٥٩ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٥)

وروى بإسناده عن عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن موسى بن عمران سأل ربه ، فقال : يا ربّ إن أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه : أن يا موسى بن عمران ، لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك فيهم ، ما خلا قاتل الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإني أنتقم له منه.

٧٩٨ ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسينعليه‌السلام ـ قصة الّذي عمي :

(كشف الغمة للإربلي ، ج ٢ ص ٢٦٩)

عن أبي حصين عن شيخ من قومه من بني أسد ، قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام وبين يديه طست من دم ، والناس يعرضون عليه فيلطخهم ، حتى انتهيت إليه ،

٦٦٨

فقلت : بأبي والله وأمي ، ما رميت بسهم ولا طعنت برمح ولا كثّرت!. فقال لي :كذبت قد هويت قتل الحسينعليه‌السلام . قال : فأومى إليّ بإصبعه فأصبحت أعمى ، فما يسرّني أن لي بعماي حمر النّعم.

٧٩٩ ـ عقوبة من كثّر السواد على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)

قال ابن رماح : لقيت رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسينعليه‌السلام ، فكان الناس يأتونه ويسألونه عن سبب ذهاب بصره؟. فقال : إني كنت شهدت قتله عاشر عشرة ، غير أني لم أضرب ولم أطعن ولم أرم. فلما قتل رجعت إلى منزلي فصليت العشاء الآخرة ونمت ، فأتاني آت في منامي وقال لي : أجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !. فإذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في الصحراء ، حاسر عن ذراعيه ، آخذ بحربة ، ونطع بين يديه ، وملك قائم لديه ، في يده سيف من نار يقتل أصحابي ، فكلما ضرب رجلا منهم ضربة التهبت نفسه نارا. فدنوت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجثوت بين يديه ، وقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم يردّ عليّ. ومكث طويلا مطرقا ، ثم رفع رأسه وقال لي : يا عبد الله ، انتهكت حرمتي ، وقتلت عترتي ، ولم ترع حقي ، وفعلت وفعلت!.

فقلت له : يا رسول الله ، والله ما ضربت سيفا ولا طعنت رمحا ولا رميت سهما!. فقال : صدقت ، ولكنك كثّرت السواد [أي كثّرت عدد الناس ضد الحسينعليه‌السلام ] ادن مني. فدنوت منه ، فإذا طست مملوء دما. فقال : هذا دم ولدي الحسينعليه‌السلام ، فكحّلني منه. فانتبهت ولا أبصر شيئا حتى الساعة.

٨٠٠ ـ عقاب من يطعن في الحسينعليه‌السلام :

(فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ـ تحقيق وصي الله بن محمّد عباس ـ طبع جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، ج ٢ ص ٥٧٤)

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال حدّثني أبي ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال حدثنا قرة ، قال سمعت أبا رجاء يقول :

لا تسبّوا عليا ولا أهل هذا البيت. إن جارا لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة فقال : أو لم تروا هذا الفاسق بن الفاسق ، إن الله قتله [يقصد الحسينعليه‌السلام ] ، فرماه الله بكوكبين في عينيه [الكوكب : بريق الحديد عندما يتوقد] فطمس الله بصره.

٦٦٩

٨٠١ ـ الّذي عمي لمجرد أنه يهوى قتلة الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢٠)

وروي عن أبي الحصين رضي الله عنه قال : رأيت شيخا مكفوف البصر ، فسألته عن السبب؟. فقال : إني من أهل الكوفة ، وقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، وبين يديه طشت فيه دم عظيم من دم الحسينعليه‌السلام ، وأهل الكوفة كلهم يعرضون عليه ، فيلطخهم بالدم دم الحسينعليه‌السلام . حتى انتهيت إليه وعرضت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، ما ضربت بسيف ولا رميت بسهم ، ولا كثّرت السواد عليه!. فقال لي :صدقت ، ألست من أهل الكوفة؟. فقلت : بلى. قال : فلم لا نصرت ولدي ، ولم لا أجبت دعوته؟. ولكنك هويت قتلة الحسين ، وكنت من حزب ابن زياد!. ثم إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أومأ إليّ بإصبعه ، فأصبحت أعمى. فو الله ما يسرّني أن يكون لي حمر النّعم ، ووددت أن أكون شهيدا بين يدي الحسينعليه‌السلام .

٨٠٢ ـ قصة اسوداد وجه الّذي حمل رأس العباسعليه‌السلام :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٦)

حكى هشام بن محمّد عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي ، قال : لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة ، إذا بفارس أحسن الناس وجها ، قد علّق في لبب فرسه رأس غلام أمرد ، كأنه القمر ليلة تمامه ، والفرس يمرح ، فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض. فقلت له : رأس من هذا؟. قال : رأس العباس بن عليعليه‌السلام !. قلت :ومن أنت؟. قال : حرملة بن الكاهل الأسدي.

فلبثت أياما ، وإذا بحرملة وجهه أشد سوادا من القار [أي الزفت]. فقلت له : قد رأيتك يوم حملت الرأس ، وما في العرب أنضر وجها منك ، وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجها منك!. فبكى وقال : والله منذ حملت الرأس إلى اليوم ، ما تمرّ عليّ ليلة إلا واثنان يأخذان بضبعي [الضّبع : ما بين الإبط إلى نصف العضد الأعلى] ثم ينتهيان بي إلى نار تأجّج ، فيدفعاني فيها ، وأنا أنكص فتسفعني كما ترى. ثم مات على أقبح حال.

يقول السيد الأمين : دعا عليه زين العابدينعليه‌السلام فقال : الله م أذقه حرّ الحديد ، الله م أذقه حرّ النار. فأخذه المختار ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، ثم أتي بنار وقصب فأحرقه.

٦٧٠

٨٠٣ ـ كيف يجوز قتل ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام في الرجعة :

(علل الشرائع للصدوق ، ج ١ ص ٢١٩)

عن الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : يابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : إذا خرج القائمعليه‌السلام قتل ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام بفعال آبائها؟. فقالعليه‌السلام : هو كذلك. فقلت : وقول اللهعزوجل :( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) [الأنعام : ١٦٤] ما معناه؟. قال : صدق الله في جميع أقواله. ولكن ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه. ولو أن رجلا قتل بالمشرق ، فرضي بقتله رجل بالمغرب ، لكان الراضي عند اللهعزوجل شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائمعليه‌السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. (قال) قلت له : بأي شيء يبدأ القائم فيكم إذا قام؟. قال :يبدأ ببني شيبة ، فيقطع أيديهم ، لأنهم سرّاق بيت اللهعزوجل .

قصة الّذي احترق بالمصباح

٨٠٤ ـ قصة الّذي احترق بالمصباح :(تهذيب التهذيب ، ص ٣٥٥)

قال ثعلب : حدثنا عمر بن شبّة النميري ، حدثني عبيد بن جنادة ، أخبرني عطاء بن مسلم ، (قال) قال السدّي : أتيت كربلاء أبيع البزّ بها ، فعمل لنا شيخ من جلي طعاما ، فتعشيناه عنده. فذكرنا قاتل الحسينعليه‌السلام فقلنا : ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة.

فقال (صاحب الدار) : ما أكذبكم يا أهل العراق ، فأنا ممن شرك في ذلك ..فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتّقد ، فنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفيها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء (في الفرات).

قال السدي : فأنا والله رأيته كأنه حممة [أي يتوهج كالجمرة المتقدة].

٨٠٥ ـ خبر الّذي أنكر معاقبة الله لقتلة الحسينعليه‌السلام وكيف مات بأسوأ ميتة :(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢٥٢)

قال مولى لبني سلامة : كنا في ضيعتنا بالنهرين ، ونحن نتحدث بالليل ، أنه ما أحد ممن أعان على قتل الحسينعليه‌السلام خرج من الدنيا حتى تصيبه بليّة.

٦٧١

قال : وكان معنا رجل من طيء ، فقال الطائي : أنا ممن أعان على قتل الحسين ، فما أصابني إلا خير! قال : وغشي السراج [أي أظلم وكاد ينطفئ] ، فقام الطائي يصلحه ، فعلقت النار في سبابته ، فمرّ يعدو نحو الفرات ، فرمى بنفسه في الماء.فاتّبعناه ، فجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار على الماء ، فإذا ظهر أخذته ، حتى قتلته.

٨٠٦ ـ قصة الأخنس بن زيد وكيف احترق فحما :

(البحار ، ج ٤٥ ص ٣٢١ ط ٣)

حكي عن السدي ، قال : ضافني رجل في ليلة ، فتسامرنا حتى ذكرنا كربلاء. قال الضيف : أما كنت حاضرا يوم الطف؟. قلت : لا ، والحمد لله. قال : أراك تحمد ، على أي شيء؟. قلت : على الخلاص من دم الحسينعليه‌السلام ، لأن جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان. قال : قال هكذا جده؟. قلت : نعم. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولدي الحسين يقتل ظلما وعدوانا. ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ، ويعذّب نصف عذاب أهل النار ، وقد غلّت يداه ورجلاه ، وله رائحة يتعوّذ أهل النار منها ، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك. فالويل لهم من عذاب جهنم.

قال : لا تصدّق هذا الكلام يا أخي!. قلت : كيف هذا ، وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا كذبت ولا كذّبت؟!.

قال : ترى قالوا : قال رسول الله : قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره ، وها أنا وحقك قد تجاوزت التسعين ، مع أنك ما تعرفني. قلت : لا والله. قال : أنا الأخنس بن زيد. قلت : وما صنعت يوم الطف؟. قال : أنا الّذي أمّرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسم الحسين بسنابك الخيل ، وهشّمت أضلاعه ، وجررت نطعا من تحت علي بن الحسين وهو عليل ، وكببته على وجهه ، وخرمت أذني صفية بنت الحسين لقرطين كانا في أذنيها [الصحيح أن التي خرمت أذنها هي فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ، وليس للحسينعليه‌السلام أية ابنة اسمها صفيّة].

قال السدّي : فبكى قلبي هجوعا وعيناي دموعا ، وخرجت أعالج على إهلاكه ؛ وإذا بالسراح قد ضعفت ، فقمت أزهرها. فقال : اجلس ، وهو يحكي لي متعجبا من نفسه وسلامته!.

٦٧٢

ومدّ إصبعه ليزهرها ، فاشتعلت به ، ففركها في التراب فلم تنظف ، فصاح بي :أدركني يا أخي. فكببت الشربة عليها وأنا غير محب لذلك. فلما شمّت النار رائحة الماء ازدادت قوة ، وصاح بي : ما هذه النار وما يطفيها؟. قلت : ألق نفسك في النهر ، فرمى بنفسه. فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه ، كالخشبة البالية في الريح البارح. هذا وأنا أنظره ، فو الله الّذي لا إله إلا هو لم تطفأ حتى صار فحما ، وسار على وجه الماء. ألا لعنة الله على الظالمين ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

مخاصمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقتلة الحسين يوم القيامة

٨٠٧ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد مخاصمة قتلة الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٤ ط نجف)

عن الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي عن الزبير عن جابر الأنصاري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يجيء يوم القيامة ثلاثة :المصحف والمسجد والعترة ؛ فيقول المصحف : حرّقوني ومزّقوني ، ويقول المسجد : خرّبوني وعطّلوني ، وتقول العترة : قتلونا وطردونا وشرّدونا. فأجثو على ركبتيّ للخصومة ، فيقول اللهعزوجل : ذلك إليّ ، فأنا أولى بذلك.

٨٠٨ ـ حديث من يناصب العداء لأهل البيتعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)

وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور الديلمي عن هشام عن عبد الله المكي عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث من كنّ فيه فليس مني : بغض عليعليه‌السلام ، ونصب أهل بيتي ، ومن قال : الإيمان كلام.

قال : وفي رواية أبي سعيد الخدري عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ثلاث من حفظهن حفظ الله له دينه ودنياه ، ومن ضيّعهن لم يحفظ الله له شيئا : حرمة الإسلام ، وحرمتي ، وحرمة رحمي».

٨٠٩ ـ مخاصمة قاتل الحسينعليه‌السلام يوم القيامة :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ١٧٧ ط نجف)

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : بيني وبين قاتل الحسين خصومة يوم القيامة ، آخذ ساق

٦٧٣

العرش بيدي ، ويأخذ عليعليه‌السلام بحجزتي ، وتأخذ فاطمةعليه‌السلام بحجزة عليّ ومعها قميص ، فأقول : يا رب أنصفني في قتلة الحسينعليه‌السلام .

٨١٠ ـ تعسا لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما قابلوه به من قتل أبنائه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠١)

قال بعض العلماء : إن اليهود حّرموا الشجرة التي كان فيها عصا موسىعليه‌السلام ؛ أن يخبطوا بها ، وأن يوقدوا منها النار ، تعظيما لعصا موسىعليه‌السلام . وإن النصارى يسجدون للصليب لاعتقادهم فيه أنه من جنس العود الّذي صلب عليه عيسىعليه‌السلام . وإن المجوس يعظّمون النار لاعتقادهم فيها أنها صارت بردا وسلاما على إبراهيم بنفسها. وهذه الأمة قد قتلت أبناء نبيّها ، وقد أوصى الله تعالى بمودتهم وموالاتهم ، فقال عزّ من قائل :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣].

٨١١ ـ احفظوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أولاده ، كما حفظ العبد الصالح في اليتيمين :

(المصدر السابق)

وروي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام أنه قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين لأبيهما الصالح ، وكان الجد السابع. وقد ضيّعت هذه الأمة حقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتل أولاده.

٨١٢ ـ حديث من قتل عصفورا :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٢)

عن مجد الأئمة عن صهيب مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : " من ذبح عصفورا بغير حقه ، سأله الله عنه يوم القيامة".

وفي رواية أخرى : " من ذبح عصفورا بغير حق ، ضجّ إلى الله تعالى يوم القيامة منه. فقال : يا رب إن هذا ذبحني عبثا ، ولم يذبحني منفعة".

قال مجد الأئمة : هذا لمن ذبح عصفورا بغير حقّ فكيف لمن قتل مؤمنا ..فكيف لمن قتل ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الحسينعليه‌السلام ؟.

٨١٣ ـ حديث من آذى شعرة مني :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)

وأخبرنا سيد الحفاظ الديلمي عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن الحسين (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي الحسين بن

٦٧٤

علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن أبي طالب (وهو آخذ بشعره) حدثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وهو آخذ بشعره) ، قال :

«من آذى شعرة مني فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله ، ملء السماء وملء الأرض».

٨١٤ ـ ثأر الحسينعليه‌السلام من قتلته أكبر من ثأر يحيىعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٦)

وأنبأني صدر الحفاظ أبو العلاء الهمداني عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن بنتك يا محمّد سبعين ألفا وسبعين ألفا».

وأخرج هذا الحديث أبو عبد الله الحافظ في (المستدرك) عن ابن عباس أيضا.

٨١٥ ـ كتاب عبد الملك بن مروان للحجاج باجتناب دماء أهل البيتعليه‌السلام ، ومكاشفة زين العابدينعليه‌السلام بذلك :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٤٠)

عن عبد الله الزاهد ، قال : لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة ، كتب إلى الحجاج بن يوسف :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف. أما بعد ، فانظر في دماء بني عبد المطلب فاجتنبها ، فإني رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا بها لم يلبثوا إلا قليلا ، والسلام. وأرسل بالكتاب بعد ختمه سرا إلى الحجاج ، وقال له: اكتم ذلك.

فكوشف بذلك علي بن الحسينعليه‌السلام ، وأن الله قد شكر ذلك لعبد الملك.فكتب علي بن الحسينعليه‌السلام من فوره :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من علي بن الحسينعليه‌السلام إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين. أما بعد ، فإنك كتبت في يوم كذا في شهر كذا إلى الحجاج في حقنا بني عبد المطلب بما هو كيت وكيت ، وقد شكر الله لك ذلك. وطوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة إلى عبد الملك بن مروان ، وذلك من المدينة المشرّفة إلى الشام.

٦٧٥

فلما وقف عبد الملك على الكتاب وتأمله ، وجد تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الّذي كتبه للحجاج ، ووجد مخرج غلام علي بن الحسينعليه‌السلام موافقا لمخرج رسوله إلى الحجاج في يوم واحد وساعة واحدة ، فعلم صدقه وصلاحه ، وأنه كوشف بذلك.فأرسل إليه مع غلامه بوقر راحلته دراهم وثيابا وكسوة فاخرة ، وسيّره إليه من يومه ، وسأل أن لا يخليه من صالح دعائه (كذا في الفصول).

فاطمةعليه‌السلام تخاصم من قتل ابنها يوم القيامة

٨١٦ ـ عرض الحسينعليه‌السلام بلا رأس على أمه فاطمةعليه‌السلام يوم القيامة :

(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١١)

روي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب الله سرادقا من نور [السّرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب] بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والخلائق كلهم حاضرون. ثم ينادي مناد :

يا معشر الناس غضّوا أبصاركم فإن فاطمة الزهراء بنت محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تريد أن تجتاز السرادق. فيغضّون أبصارهم ، فإذا هي مقبلة. فإذا وضعت رجليها في السرادق ، نوديت : يا فاطمة. فتلتفت ، فترى ولدها الحسينعليه‌السلام واقفا بجانبها من غير رأس ، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا جثا على ركبتيه ، وخرّ مغشيا عليه. ثم إنها تفيق من غشيتها ، فتجد الحسينعليه‌السلام يمسح وجهها بيديه ، ورأسه قد عاد إليه. فعند ذلك تدعو على قاتله ومن أعانه ، فيؤمر بهم إلى جهنم ، ولا شفيع لهم.

٨١٧ ـ الحسينعليه‌السلام يقتل أعداءه جميعا :(المصدر السابق ؛ واللهوف ، ص ٥٨)

ويروى عن الإمام الصادقعليه‌السلام يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب لفاطمةعليه‌السلام كرسي (قبّة) من نور ، فتجلس عليه. فبينما هي جالسة ، وإذا بالحسينعليه‌السلام مقبل عليها ، ورأسه بين يديه. فإذا رأته صرخت صرخة

(شهقت شهقة) عظيمة ، حتى لا يبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا بكى لبكائها. فيمثّله اللهعزوجل في أحسن صورة ، ويجمع له من حضر في قتله ، والمتجاهر عليه ، ومن أشار في قتله ، فيقتلهم الحسينعليه‌السلام عن آخرهم. ثم

٦٧٦

ينشرون فيقتلهم الحسنعليه‌السلام . وهكذا ينشرون ويقتلون ، حتى لم يبق من ذريتنا أحد إلا ويقتلهم. فعند ذلك يكشف الهم ويزول الحزن.

٨١٨ ـ فاطمةعليه‌السلام تقول : إلهي احكم بيني وبين من قتل ولدي :

(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١٢)

ويروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، تقبل فاطمةعليه‌السلام على ناقة من نياق الجنة ، وبيدها قميص الحسينعليه‌السلام ملطّخ بدمه ، فتصرخ وتزجّ نفسها عن الناقة ، وتخرّ ساجدة للهعزوجل ، وتقول : يا إلهي وسيدي ومولاي ، احكم بيني وبين من قتل ولدي الحسينعليه‌السلام . فيأتيها النداء من قبل اللهعزوجل : يا حبيبتي وابنة حبيبي ، ارفعي رأسك ، فو عزّتي وجلالي لأنتقمنّ اليوم ممن ظلمك وظلم ولدك. ثم يأمر بجميع من حضر قتل الحسينعليه‌السلام ومن شارك في قتله ، إلى النار.

٨١٩ ـ حزن فاطمة الزهراءعليه‌السلام على ابنها الحسينعليه‌السلام :

(الفاجعة العظمى ، ص ٩٢)

عن (المنتخب) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة ، تقبل ابنتي فاطمةعليه‌السلام في لمّة من نساء أهل الجنة ، وثيابها مصبوغة بدم الحسينعليه‌السلام ، وبين يديها قميص آخر ملطّخ بالسم ، تنادي : يا أمة محمّد ، أين مسمومي ، وأين مذبوحي؟. وما فعلتم ببناتي وأطفالي وأهل بيتي وعيالي؟. وتقول : يا عدل يا حكيم ، احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين. وتقول : وا ولداه ، وا حسيناه ، وا ثمرة فؤاداه. فيقال لها : يا فاطمة ، انظري في قلب القيامة. فتنظر فاطمةعليه‌السلام يمينا وشمالا ، فترى الحسينعليه‌السلام واقفا بلا رأس ، فتصرخ صرخة ، فأصرخ لصرختها ، وتصرخ الملائكة لصرختها.

وفي (نور العين) ص ١١٣ ؛ (واللهوف) ص ٨٥ :

قال : فيغضب اللهعزوجل لها عند ذلك ، فيأمر نارا يقال لها (هب هب) قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودّت ، لا تدخلها ريح ولا تخرج منها أبدا. فيقال لها :التقطي من حضر قتل الحسينعليه‌السلام ، فتلتقطهم ، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها ، وشهقت بهم وشهقوا بها ، وزفرت بهم وزفروا بها ، ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة : يا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان؟. فيأتيهم الجواب عن اللهعزوجل : إن من علم ليس كمن لا يعلم!.

٦٧٧

نهاية بعض قتلة الحسينعليه‌السلام

٨٢٠ ـ نهاية سنان بن أنس النخعي :

(ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، ص ٢٤٣ رقم ٢٩٤)

روى ابن عساكر بإسناده عن حنش بن الحرث ، عن شيخ من النخع ، (قال) قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم. فقام قوم فذكروا بلاءهم [أي أعمالهم الجليلة] ، وقام سنان بن أنس ، فقال : أنا قاتل حسين!. فقال الحجاج : بلاء حسن!. ورجع سنان إلى منزله ، فاعتقل لسانه وذهب عقله ، فكان يأكل ويحدث في مكانه.

٨٢١ ـ ثورة التوابين :

بعد مقتل الحسينعليه‌السلام قامت ثورة التوابين بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي ، ومعه المسيّب بن نجبة الفزاري ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وعبد الله بن وال التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي ، وغيرهم. وأعلنوا العصيان على الدولة الأموية في ربيع الأول سنة ٦٤ ه‍ ، بعد موت يزيد. فتلاقوا مع جيش الشام الّذي بعثه مروان بن الحكم بقيادة عبيد الله بن زياد في (عين الوردة) شمال الجزيرة ، فأبلوا بلاء حسنا. حتى قتل سليمان وعمره ٩٣ عاما ، ثم استشهد الأبطال الآخرون واحدا بعد واحد.

٨٢٢ ـ ثورة المختار :

ثم قامت ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي. وقصته أنه كان في حبس عبيد الله ابن زياد في الكوفة أثناء معركة كربلاء ، ثم تشفّع به عبد الله بن عمر [لأن زوجته صفية هي أخت المختار] ، فأخرجه يزيد من حبس الكوفة. وما لبث أن انتقل إلى المدينة ، فعمل مع عبد الله بن الزبير في مناهضة الحكومة الأموية. ولما هلك يزيد ، أطاع أهل العراق عبد الله بن الزبير ، فولى عليهم أخاه مصعب بن الزبير. عندها انفصل المختار عن ابن الزبير ، وانتقل إلى الكوفة ، وبدأ يمهّد لثورته العظيمة ، التي كان هدفها أخذ الثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام وقتلهم عن آخرهم. وكان عليه إذ ذاك أن يقاوم عدة أعداء ليستتبّ له الأمر في العراق ؛ منهم بنو أمية ، والخوارج ، وأتباع عبد الله بن الزبير. فقتل المختار والي ابن الزبير ، وبدأ ثورته العارمة ، وقامت الشيعة جميعا معه ، وعلى رأسهم إبراهيم بن مالك الأشتر.

وسنذكر نماذج من الذين قتلهم المختار انتقاما للحسينعليه‌السلام :

٦٧٨

٨٢٣ ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي :(لواعج الأشجان ، ص ١٧٠ ط نجف)

وكان بجدل قد قطع إصبع الحسينعليه‌السلام بعد مصرعه ليأخذ خاتمه ، فأخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه يتشحّط في دمه ، حتى هلك.

٨٢٤ ـ مقتل سنان بن أنس النخعي :(المصدر السابق ، ص ١٦٨)

هذا المجرم شرك في قتل الحسينعليه‌السلام فعلا ، ثم ناول الرأس الشريف بعد أن قطعه الشمر ، إلى خولي بن يزيد الأصبحي. فأخذه المختار ، فقطع أنامله أنملة أنملة ، ثم قطع يديه ورجليه ، وأغلى له قدرا فيها زيت ، ورماه فيها وهو يضطرب.

٨٢٥ ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي :(المصدر السابق ، ص ١٧٣)

وهذا الشقي صمّم على قتل الحسينعليه‌السلام فضربه بسهم في لبّته. وبعد استشهاد الحسينعليه‌السلام حمل خولي الرأس الشريف إلى عبيد الله بن زياد. وحين ظفر به المختار قتله أصحاب المختار وأحرقوه. وكان مختفيا في بيت الخلاء ، فدلّت عليه امرأته.

[العيّوف بنت مالك] وكانت تعاديه منذ جاء برأس الحسينعليه‌السلام وبيّته في بيته.فلما هجموا على داره سألوها عنه ، فقالت : لا أدري ، وأشارت بيدها إلى المخرج.

٨٢٦ ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٧٢)

وأما الذين انتدبهم عمر بن سعد لكي يوطئوا بالخيل جسد الحسينعليه‌السلام ، فهؤلاء أخذهم المختار ، فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى قطّعتهم ، ثم أحرقهم بالنار.

٨٢٧ ـ مقتل عمر بن سعد :

(لواعج الأشجان والأخذ بالثار للسيد الأمين ، ص ٢٨٧)

كان عمر بن سعد قد اختفى في الكوفة عند ظهور أمر المختار ، ثم طلب من المختار الأمان فآمنه ، حتى جاء الوقت المناسب لقتله.

وفي الأثناء ذكر المختار عند محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، فقال محمّد : زعم أنه لنا شيعة ، وقتلة الحسينعليه‌السلام عنده على الكراسي يحدّثونه![يقصد عمر بن سعد].فلما وصل الخبر إلى المختار ، عزم على قتله. فحاول عمر الهروب من الكوفة ، ثم رجع. وفي اليوم التالي بعث عمر ابنه حفصا ليجدد له الأمان من المختار ، فقال له

٦٧٩

المختار : أين أبوك؟. فقال : في المنزل. فدعا المختار أبا عمرة كيسان ، وأمره أن يذهب ويقتل عمر بن سعد. فذهب أبو عمرة فوجد عمر بن سعد في بيته ، فقال له :أجب الأمير. فقام عمر يريد أخذ سيفه ، فعثر في جبّة ، فوقع على الفراش ، فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله ، وقطع رأسه وحمله في طرف قبائه ، حتى وضعه بين يدي المختار وظهر بذلك تصديق قول الحسينعليه‌السلام لابن سعد : وسلّط الله عليك من يذبحك على فراشك.

فقال المختار لابنه حفص : أتعرف هذا الرأس ، فاسترجع وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده. فقال له المختار : صدقت ، وأنت لا تعيش بعده. فأمر به فقتل ، ووضع رأسه مع رأس أبيه. وقال المختار : هذا الرأس بالحسينعليه‌السلام ، وهذا بعلي بن الحسينعليه‌السلام ، ولا سواء. والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله.

ثم بعث المختار برأس عمر بن سعد وابنه حفص إلى محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، وكتب إليه يعلمه أنه قد قتل من قدر عليه ، وأنه في طلب الباقين ممن حضر قتل الحسينعليه‌السلام فبينما محمّد بن الحنفية جالس مع أصحابه ، وهو يتعتّب على المختار ، فما تمّ كلامه إلا والرأسان عنده. فخرّ ساجدا شكرا لله تعالى. ثم رفع رأسه وبسط كفيه وقال : اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار ، واجزه عن أهل بيت نبيّك محمّد خير الجزاء ، فو الله ما على المختار بعد هذا من عتب.

٨٢٨ ـ قتل عبيد الله بن زياد :(المصدر السابق ، ص ٢٩٤)

ولما فرغ المختار من قتال الذين خالفوه من أهل الكوفة وجّه إبراهيم بن مالك الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد وأهل الشام. فسار إبراهيم لثمان بقين من ذي الحجة سنة ٦٦ ه‍ ، وبعث المختار معه وجوه أصحابه وفرسانهم وذوي البصائر منهم ، ممن قد شهد الحروب وجرّبها.

قال الشيخ الطوسي في (الأمالي) : إنه خرج في تسعة آلاف ، وقيل في اثني عشر ألفا.

وسار إبراهيم بن الأشتر من الكوفة شمالا ، حتى لاقى جيش عبيد الله بن زياد الّذي وصل إلى الموصل ، وكان تعداده ثلاثين ألفا أو ثلاثة وثمانين ألفا. وحصلت معركة حاسمة ، تطاحن فيها الفريقان بالرماح ، ثم تضاربوا بالسيوف والعمد ، وكان

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800