موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء5%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 494080 / تحميل: 5858
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

تابع : ترجمة زين العابدينعليه‌السلام

وقد ولد لزين العابدينعليه‌السلام : الحسن والحسين ماتا صغيرين ، ومحمد الباقر ، وعبد الله وزيد وعمر وعلي ومحمد الأوسط وعبد الرحمن وحسين الصغير والقاسم. ا ه

وكان زين العابدينعليه‌السلام يوم الطف مريضا فلم يقاتل. وهمّ شمر ابن ذي الجوشن بقتله ، فمنعه الله منه. وحين قيّد إلى الكوفة مع السبايا همّ عبيد الله ابن زياد بقتله ، فمنعه الله منه. وحين سيّر إلى الشام همّ يزيد بن معاوية بقتله ، فمنعه الله منه. كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة الأئمة الأطهار من عقب الحسينعليه‌السلام ونسل النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أولئك الأئمة الذين عادلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن لا يتفرقوا عنه حتى يردوا حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة ، وتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم وآخرهم المهديعليه‌السلام ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا.

٦٦١
٦٦٢

الفصل الثاني والثلاثون

عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

يتضمن هذا الفصل المواضيع التالية :

مقدمة الفصل ـ عقوبة قاتلي الحسين عليه‌السلام : ـ صفة عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسينعليه‌السلام

ـ خبر من أنكر معاقبة الله لقتلة الحسينعليه‌السلام

ـ مخاصمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقتلة الحسينعليه‌السلام يوم القيامة ـ مخاصمة فاطمةعليه‌السلام لمن قتل ابنها الحسينعليه‌السلام ـ نهاية بعض قتلة الحسينعليه‌السلام : ـ ثورة المختار :

ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي

ـ مقتل سنان بن أنس النخعي

ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي

ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسينعليه‌السلام

ـ مقتل عمر بن سعد

ـ مقتل عبيد الله بن زياد

ـ مقتل الحصين بن نمير

٦٦٣

ـ استبشار الإمام زين العابدينعليه‌السلام بمقتل عمر بن سعد

وعبيد الله بن زياد

ـ ترجمة المختار بن أبي عبيدة الثقفي

ـ عجائب في قصر الإمارة.

٦٦٤

الفصل الثاني والثلاثون

عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

مقدمة الفصل :

لا يشك أحد ما للحسينعليه‌السلام من منزلة وقيمة عند الله تعالى ، وخاصة بعد أن قدّم لله كل ما يملك ، حتى روحه وأرواح أهله وأولاده. ومن كانت هذه حاله فهل يردّ الله له دعوة ، أو لا يقتصّ من قتلته وأعدائه ، ولو بعد حين؟!.

وقد مرّت معنا سابقا أدعية كثيرة دعا بها الحسينعليه‌السلام على أعدائه.

فمنها ما كانت استجابتها سريعة ، ونبهت بذلك كثيرا من الغافلين فاهتدوا ؛ مثل دعائه على مالك بن جريرة (وقيل عبد الله بن حوزة) حين أشعل الحسينعليه‌السلام النار في الخندق الّذي حفره خلف خيامه ، ليتقي هجوم أعدائه من ظهره ، فقال للحسينعليه‌السلام : أبشر يا حسين فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة. فدعا عليه الحسينعليه‌السلام أن يجرّه الله إلى النار ، فلم يكن بأسرع من أن شبّ به الفرس ، فألقاه على ظهره ، فتعلقت رجله في الركاب ، فركض به الفرس حتى ألقاه في النار فاحترق.

ومثل دعائهعليه‌السلام على محمّد بن الأشعث ، بعد أن نفى أية قرابة بين الحسينعليه‌السلام وبين جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال له الحسينعليه‌السلام : الله م أرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا. فما كان بأسرع من أن تنحّى محمّد بن الأشعث يريد قضاء حاجة ، فلدغته العقرب في عورته ، فمات بادي العورة.

ومنها (زرعة) الّذي شكّ الحسينعليه‌السلام بسهم في شدقه حين حاول شرب الماء ، فدعا عليه الحسينعليه‌السلام بأن لا يرتوي في حياته ، فكان يشرب حتى يخرج الماء من فمه ولا يرتوي ، حتى مات عطشا وأمثال ذلك كثير.

ومنها ما كانت استجابتها مؤجلة إلى وقتها ؛ مثل دعائهعليه‌السلام على عمر بن سعد ، بأن لا يهنأ بولاية الري ، وبأن يذبح على فراشه ، فبعث المختار من قتله على فراشه.

٦٦٥

ومثل دعائهعليه‌السلام حين أصبح وحيدا فريدا ، بأن ينتقم الله له من أهل العراق الذين حاربوه ، من حيث لا يشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني : يابن فاطمة ، بماذا ينتقم لك منا؟. فقالعليه‌السلام : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبّ عليكم العذاب الأليم. فكان ذلك فيما بعد على يد الحجاج.

ومثل دعائهعليه‌السلام على أعدائه يوم العاشر من المحرم حين قال : " الله م احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف [وهو المختار الثقفي] ، يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله. قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم". فكان ذلك حين بعث الله لهم المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، فانتقم منهم وتتبّعهم حتى قتلهم ، ولم يبق أحدا منهم. ومنهم عبيد الله بن زياد ، وعمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، وغيرهم كثير.

وفي محاورة الحسينعليه‌السلام مع عبد الله بن عمر ، دعاه إلى عدم مبايعة يزيد ، ثم قال لهعليه‌السلام : فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلا قليلا. وقد استجاب الله أمله ، فقتل يزيد بعد ثلاث سنوات وهو في ريعان الشباب (عمره ٣٤ سنة) ، جزاء وفاقا ، بما قدّمت يداه. وكما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين.

صفة عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام

٧٩٠ ـ عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام في الدنيا قبل الآخرة :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٨)

وأما ما روي من الأحاديث عن الفتن التي أصابت من قتل الحسينعليه‌السلام فأكثرها صحيح ، فإنه قلّ من نجا من أولئك الذين قتلوه ؛ من آفة وعاهة في الدنيا ، فلم يخرج منها حتى أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابهم الجنون.

٧٩١ ـ عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام سريعة وشاملة :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٨ ط ٢ نجف)

قال الزهري : ما بقي من قاتلي الحسينعليه‌السلام أحد إلا وعوقب في الدنيا ؛ إما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة.

٦٦٦

٧٩٢ ـ جزاء قتلة الحسينعليه‌السلام القتل في الدنيا أو المرض :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)

عن (مينا) أنه قال : ما بقي من قتلة الحسينعليه‌السلام أحد لم يقتل ، إلا رمي بداء في جسده قبل أن يموت.

٧٩٣ ـ العقاب بالجدري :(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٧)

قال جلال الدين السيوطي في (المحاضرات والمحاورات) : حصل بالكوفة جدري في بعض السنين ، عمي منه ألف وخمسمائة من ذرية من حضروا قتل الحسينعليه‌السلام .

٧٩٤ ـ عقاب قتلة الحسينعليه‌السلام شديد يوم القيامة :

(الاحتجاج للطبرسي ، ج ٢ ص ٤٠)

قال الطبرسي : إن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي قصتهم ، فلما بلغ آخرها قال : إن الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك ، فكيف ترى عند اللهعزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهتك حريمه؟!. إن الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدنيا ، فإن المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

٧٩٥ ـ قاتل الحسينعليه‌السلام خالد في جهنم :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٣)

عن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي ، حدّثني أبو الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، حدثني أبي موسى بن جعفرعليه‌السلام ، حدثني أبي جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، حدثني أبي محمّد بن عليعليه‌السلام ، حدثني أبي علي بن الحسينعليه‌السلام ، حدثني أبي الحسين بن عليعليه‌السلام ، حدثني أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن قاتل الحسينعليه‌السلام في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، ينكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهمعزوجل من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما نضجت جلودهم بدّلوا بجلود غيرها ، ليذوقوا العذاب الأليم».

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الويل لظالمي أهل بيتي ، عذابهم

٦٦٧

مع المنافقين ، في الدرك الأسفل من النار ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من عذاب جهنم ، فالويل لهم من العذاب الأليم».

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اشتدّ غضب الله وغضب رسوله ، على من أهرق دمي ، وآذاني في عترتي».

٧٩٦ ـ عقوبة قاتل الحسينعليه‌السلام :(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١٤ ط ٣)

روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا عن بعض الصحابة ، قال : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمصّ لعاب الحسينعليه‌السلام كما يمصّ الرجل السكرة ، وهو يقول :

«حسين مني وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، وأبغض الله من أبغض حسينا. حسين سبط من الأسباط ، لعن الله قاتله».

فنزل جبرئيلعليه‌السلام وقال : يا محمّد إن الله قتل بيحيى بن زكريا سبعين ألفا من المنافقين ، وسيقتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفا وسبعين ألفا من المعتدين. وإن قاتل الحسينعليه‌السلام في تابوت من نار ، ويكون عليه نصف عذاب أهل الدنيا ، وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، وهو منكّس على أم رأسه في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ أهل النار من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم لا يفتر عنه ، ويسقى من حميم جهنم.

٧٩٧ ـ الله يغفر للأولين والآخرين ما خلا قاتل الحسينعليه‌السلام :

(اللهوف ص ٥٩ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٥)

وروى بإسناده عن عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن موسى بن عمران سأل ربه ، فقال : يا ربّ إن أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه : أن يا موسى بن عمران ، لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك فيهم ، ما خلا قاتل الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإني أنتقم له منه.

٧٩٨ ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسينعليه‌السلام ـ قصة الّذي عمي :

(كشف الغمة للإربلي ، ج ٢ ص ٢٦٩)

عن أبي حصين عن شيخ من قومه من بني أسد ، قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام وبين يديه طست من دم ، والناس يعرضون عليه فيلطخهم ، حتى انتهيت إليه ،

٦٦٨

فقلت : بأبي والله وأمي ، ما رميت بسهم ولا طعنت برمح ولا كثّرت!. فقال لي :كذبت قد هويت قتل الحسينعليه‌السلام . قال : فأومى إليّ بإصبعه فأصبحت أعمى ، فما يسرّني أن لي بعماي حمر النّعم.

٧٩٩ ـ عقوبة من كثّر السواد على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)

قال ابن رماح : لقيت رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسينعليه‌السلام ، فكان الناس يأتونه ويسألونه عن سبب ذهاب بصره؟. فقال : إني كنت شهدت قتله عاشر عشرة ، غير أني لم أضرب ولم أطعن ولم أرم. فلما قتل رجعت إلى منزلي فصليت العشاء الآخرة ونمت ، فأتاني آت في منامي وقال لي : أجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !. فإذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في الصحراء ، حاسر عن ذراعيه ، آخذ بحربة ، ونطع بين يديه ، وملك قائم لديه ، في يده سيف من نار يقتل أصحابي ، فكلما ضرب رجلا منهم ضربة التهبت نفسه نارا. فدنوت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجثوت بين يديه ، وقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم يردّ عليّ. ومكث طويلا مطرقا ، ثم رفع رأسه وقال لي : يا عبد الله ، انتهكت حرمتي ، وقتلت عترتي ، ولم ترع حقي ، وفعلت وفعلت!.

فقلت له : يا رسول الله ، والله ما ضربت سيفا ولا طعنت رمحا ولا رميت سهما!. فقال : صدقت ، ولكنك كثّرت السواد [أي كثّرت عدد الناس ضد الحسينعليه‌السلام ] ادن مني. فدنوت منه ، فإذا طست مملوء دما. فقال : هذا دم ولدي الحسينعليه‌السلام ، فكحّلني منه. فانتبهت ولا أبصر شيئا حتى الساعة.

٨٠٠ ـ عقاب من يطعن في الحسينعليه‌السلام :

(فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ـ تحقيق وصي الله بن محمّد عباس ـ طبع جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، ج ٢ ص ٥٧٤)

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال حدّثني أبي ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال حدثنا قرة ، قال سمعت أبا رجاء يقول :

لا تسبّوا عليا ولا أهل هذا البيت. إن جارا لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة فقال : أو لم تروا هذا الفاسق بن الفاسق ، إن الله قتله [يقصد الحسينعليه‌السلام ] ، فرماه الله بكوكبين في عينيه [الكوكب : بريق الحديد عندما يتوقد] فطمس الله بصره.

٦٦٩

٨٠١ ـ الّذي عمي لمجرد أنه يهوى قتلة الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢٠)

وروي عن أبي الحصين رضي الله عنه قال : رأيت شيخا مكفوف البصر ، فسألته عن السبب؟. فقال : إني من أهل الكوفة ، وقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، وبين يديه طشت فيه دم عظيم من دم الحسينعليه‌السلام ، وأهل الكوفة كلهم يعرضون عليه ، فيلطخهم بالدم دم الحسينعليه‌السلام . حتى انتهيت إليه وعرضت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، ما ضربت بسيف ولا رميت بسهم ، ولا كثّرت السواد عليه!. فقال لي :صدقت ، ألست من أهل الكوفة؟. فقلت : بلى. قال : فلم لا نصرت ولدي ، ولم لا أجبت دعوته؟. ولكنك هويت قتلة الحسين ، وكنت من حزب ابن زياد!. ثم إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أومأ إليّ بإصبعه ، فأصبحت أعمى. فو الله ما يسرّني أن يكون لي حمر النّعم ، ووددت أن أكون شهيدا بين يدي الحسينعليه‌السلام .

٨٠٢ ـ قصة اسوداد وجه الّذي حمل رأس العباسعليه‌السلام :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٦)

حكى هشام بن محمّد عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي ، قال : لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة ، إذا بفارس أحسن الناس وجها ، قد علّق في لبب فرسه رأس غلام أمرد ، كأنه القمر ليلة تمامه ، والفرس يمرح ، فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض. فقلت له : رأس من هذا؟. قال : رأس العباس بن عليعليه‌السلام !. قلت :ومن أنت؟. قال : حرملة بن الكاهل الأسدي.

فلبثت أياما ، وإذا بحرملة وجهه أشد سوادا من القار [أي الزفت]. فقلت له : قد رأيتك يوم حملت الرأس ، وما في العرب أنضر وجها منك ، وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجها منك!. فبكى وقال : والله منذ حملت الرأس إلى اليوم ، ما تمرّ عليّ ليلة إلا واثنان يأخذان بضبعي [الضّبع : ما بين الإبط إلى نصف العضد الأعلى] ثم ينتهيان بي إلى نار تأجّج ، فيدفعاني فيها ، وأنا أنكص فتسفعني كما ترى. ثم مات على أقبح حال.

يقول السيد الأمين : دعا عليه زين العابدينعليه‌السلام فقال : الله م أذقه حرّ الحديد ، الله م أذقه حرّ النار. فأخذه المختار ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، ثم أتي بنار وقصب فأحرقه.

٦٧٠

٨٠٣ ـ كيف يجوز قتل ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام في الرجعة :

(علل الشرائع للصدوق ، ج ١ ص ٢١٩)

عن الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : يابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : إذا خرج القائمعليه‌السلام قتل ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام بفعال آبائها؟. فقالعليه‌السلام : هو كذلك. فقلت : وقول اللهعزوجل :( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) [الأنعام : ١٦٤] ما معناه؟. قال : صدق الله في جميع أقواله. ولكن ذراري قتلة الحسينعليه‌السلام يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه. ولو أن رجلا قتل بالمشرق ، فرضي بقتله رجل بالمغرب ، لكان الراضي عند اللهعزوجل شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائمعليه‌السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. (قال) قلت له : بأي شيء يبدأ القائم فيكم إذا قام؟. قال :يبدأ ببني شيبة ، فيقطع أيديهم ، لأنهم سرّاق بيت اللهعزوجل .

قصة الّذي احترق بالمصباح

٨٠٤ ـ قصة الّذي احترق بالمصباح :(تهذيب التهذيب ، ص ٣٥٥)

قال ثعلب : حدثنا عمر بن شبّة النميري ، حدثني عبيد بن جنادة ، أخبرني عطاء بن مسلم ، (قال) قال السدّي : أتيت كربلاء أبيع البزّ بها ، فعمل لنا شيخ من جلي طعاما ، فتعشيناه عنده. فذكرنا قاتل الحسينعليه‌السلام فقلنا : ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة.

فقال (صاحب الدار) : ما أكذبكم يا أهل العراق ، فأنا ممن شرك في ذلك ..فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتّقد ، فنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفيها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء (في الفرات).

قال السدي : فأنا والله رأيته كأنه حممة [أي يتوهج كالجمرة المتقدة].

٨٠٥ ـ خبر الّذي أنكر معاقبة الله لقتلة الحسينعليه‌السلام وكيف مات بأسوأ ميتة :(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢٥٢)

قال مولى لبني سلامة : كنا في ضيعتنا بالنهرين ، ونحن نتحدث بالليل ، أنه ما أحد ممن أعان على قتل الحسينعليه‌السلام خرج من الدنيا حتى تصيبه بليّة.

٦٧١

قال : وكان معنا رجل من طيء ، فقال الطائي : أنا ممن أعان على قتل الحسين ، فما أصابني إلا خير! قال : وغشي السراج [أي أظلم وكاد ينطفئ] ، فقام الطائي يصلحه ، فعلقت النار في سبابته ، فمرّ يعدو نحو الفرات ، فرمى بنفسه في الماء.فاتّبعناه ، فجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار على الماء ، فإذا ظهر أخذته ، حتى قتلته.

٨٠٦ ـ قصة الأخنس بن زيد وكيف احترق فحما :

(البحار ، ج ٤٥ ص ٣٢١ ط ٣)

حكي عن السدي ، قال : ضافني رجل في ليلة ، فتسامرنا حتى ذكرنا كربلاء. قال الضيف : أما كنت حاضرا يوم الطف؟. قلت : لا ، والحمد لله. قال : أراك تحمد ، على أي شيء؟. قلت : على الخلاص من دم الحسينعليه‌السلام ، لأن جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان. قال : قال هكذا جده؟. قلت : نعم. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولدي الحسين يقتل ظلما وعدوانا. ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ، ويعذّب نصف عذاب أهل النار ، وقد غلّت يداه ورجلاه ، وله رائحة يتعوّذ أهل النار منها ، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك. فالويل لهم من عذاب جهنم.

قال : لا تصدّق هذا الكلام يا أخي!. قلت : كيف هذا ، وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا كذبت ولا كذّبت؟!.

قال : ترى قالوا : قال رسول الله : قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره ، وها أنا وحقك قد تجاوزت التسعين ، مع أنك ما تعرفني. قلت : لا والله. قال : أنا الأخنس بن زيد. قلت : وما صنعت يوم الطف؟. قال : أنا الّذي أمّرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسم الحسين بسنابك الخيل ، وهشّمت أضلاعه ، وجررت نطعا من تحت علي بن الحسين وهو عليل ، وكببته على وجهه ، وخرمت أذني صفية بنت الحسين لقرطين كانا في أذنيها [الصحيح أن التي خرمت أذنها هي فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ، وليس للحسينعليه‌السلام أية ابنة اسمها صفيّة].

قال السدّي : فبكى قلبي هجوعا وعيناي دموعا ، وخرجت أعالج على إهلاكه ؛ وإذا بالسراح قد ضعفت ، فقمت أزهرها. فقال : اجلس ، وهو يحكي لي متعجبا من نفسه وسلامته!.

٦٧٢

ومدّ إصبعه ليزهرها ، فاشتعلت به ، ففركها في التراب فلم تنظف ، فصاح بي :أدركني يا أخي. فكببت الشربة عليها وأنا غير محب لذلك. فلما شمّت النار رائحة الماء ازدادت قوة ، وصاح بي : ما هذه النار وما يطفيها؟. قلت : ألق نفسك في النهر ، فرمى بنفسه. فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه ، كالخشبة البالية في الريح البارح. هذا وأنا أنظره ، فو الله الّذي لا إله إلا هو لم تطفأ حتى صار فحما ، وسار على وجه الماء. ألا لعنة الله على الظالمين ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

مخاصمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقتلة الحسين يوم القيامة

٨٠٧ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد مخاصمة قتلة الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٤ ط نجف)

عن الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي عن الزبير عن جابر الأنصاري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يجيء يوم القيامة ثلاثة :المصحف والمسجد والعترة ؛ فيقول المصحف : حرّقوني ومزّقوني ، ويقول المسجد : خرّبوني وعطّلوني ، وتقول العترة : قتلونا وطردونا وشرّدونا. فأجثو على ركبتيّ للخصومة ، فيقول اللهعزوجل : ذلك إليّ ، فأنا أولى بذلك.

٨٠٨ ـ حديث من يناصب العداء لأهل البيتعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)

وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور الديلمي عن هشام عن عبد الله المكي عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث من كنّ فيه فليس مني : بغض عليعليه‌السلام ، ونصب أهل بيتي ، ومن قال : الإيمان كلام.

قال : وفي رواية أبي سعيد الخدري عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ثلاث من حفظهن حفظ الله له دينه ودنياه ، ومن ضيّعهن لم يحفظ الله له شيئا : حرمة الإسلام ، وحرمتي ، وحرمة رحمي».

٨٠٩ ـ مخاصمة قاتل الحسينعليه‌السلام يوم القيامة :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ١٧٧ ط نجف)

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : بيني وبين قاتل الحسين خصومة يوم القيامة ، آخذ ساق

٦٧٣

العرش بيدي ، ويأخذ عليعليه‌السلام بحجزتي ، وتأخذ فاطمةعليه‌السلام بحجزة عليّ ومعها قميص ، فأقول : يا رب أنصفني في قتلة الحسينعليه‌السلام .

٨١٠ ـ تعسا لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما قابلوه به من قتل أبنائه :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠١)

قال بعض العلماء : إن اليهود حّرموا الشجرة التي كان فيها عصا موسىعليه‌السلام ؛ أن يخبطوا بها ، وأن يوقدوا منها النار ، تعظيما لعصا موسىعليه‌السلام . وإن النصارى يسجدون للصليب لاعتقادهم فيه أنه من جنس العود الّذي صلب عليه عيسىعليه‌السلام . وإن المجوس يعظّمون النار لاعتقادهم فيها أنها صارت بردا وسلاما على إبراهيم بنفسها. وهذه الأمة قد قتلت أبناء نبيّها ، وقد أوصى الله تعالى بمودتهم وموالاتهم ، فقال عزّ من قائل :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣].

٨١١ ـ احفظوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أولاده ، كما حفظ العبد الصالح في اليتيمين :

(المصدر السابق)

وروي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام أنه قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين لأبيهما الصالح ، وكان الجد السابع. وقد ضيّعت هذه الأمة حقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتل أولاده.

٨١٢ ـ حديث من قتل عصفورا :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٢)

عن مجد الأئمة عن صهيب مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : " من ذبح عصفورا بغير حقه ، سأله الله عنه يوم القيامة".

وفي رواية أخرى : " من ذبح عصفورا بغير حق ، ضجّ إلى الله تعالى يوم القيامة منه. فقال : يا رب إن هذا ذبحني عبثا ، ولم يذبحني منفعة".

قال مجد الأئمة : هذا لمن ذبح عصفورا بغير حقّ فكيف لمن قتل مؤمنا ..فكيف لمن قتل ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الحسينعليه‌السلام ؟.

٨١٣ ـ حديث من آذى شعرة مني :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)

وأخبرنا سيد الحفاظ الديلمي عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن الحسين (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي الحسين بن

٦٧٤

علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن أبي طالب (وهو آخذ بشعره) حدثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وهو آخذ بشعره) ، قال :

«من آذى شعرة مني فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله ، ملء السماء وملء الأرض».

٨١٤ ـ ثأر الحسينعليه‌السلام من قتلته أكبر من ثأر يحيىعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٦)

وأنبأني صدر الحفاظ أبو العلاء الهمداني عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن بنتك يا محمّد سبعين ألفا وسبعين ألفا».

وأخرج هذا الحديث أبو عبد الله الحافظ في (المستدرك) عن ابن عباس أيضا.

٨١٥ ـ كتاب عبد الملك بن مروان للحجاج باجتناب دماء أهل البيتعليه‌السلام ، ومكاشفة زين العابدينعليه‌السلام بذلك :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٤٠)

عن عبد الله الزاهد ، قال : لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة ، كتب إلى الحجاج بن يوسف :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف. أما بعد ، فانظر في دماء بني عبد المطلب فاجتنبها ، فإني رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا بها لم يلبثوا إلا قليلا ، والسلام. وأرسل بالكتاب بعد ختمه سرا إلى الحجاج ، وقال له: اكتم ذلك.

فكوشف بذلك علي بن الحسينعليه‌السلام ، وأن الله قد شكر ذلك لعبد الملك.فكتب علي بن الحسينعليه‌السلام من فوره :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من علي بن الحسينعليه‌السلام إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين. أما بعد ، فإنك كتبت في يوم كذا في شهر كذا إلى الحجاج في حقنا بني عبد المطلب بما هو كيت وكيت ، وقد شكر الله لك ذلك. وطوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة إلى عبد الملك بن مروان ، وذلك من المدينة المشرّفة إلى الشام.

٦٧٥

فلما وقف عبد الملك على الكتاب وتأمله ، وجد تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الّذي كتبه للحجاج ، ووجد مخرج غلام علي بن الحسينعليه‌السلام موافقا لمخرج رسوله إلى الحجاج في يوم واحد وساعة واحدة ، فعلم صدقه وصلاحه ، وأنه كوشف بذلك.فأرسل إليه مع غلامه بوقر راحلته دراهم وثيابا وكسوة فاخرة ، وسيّره إليه من يومه ، وسأل أن لا يخليه من صالح دعائه (كذا في الفصول).

فاطمةعليه‌السلام تخاصم من قتل ابنها يوم القيامة

٨١٦ ـ عرض الحسينعليه‌السلام بلا رأس على أمه فاطمةعليه‌السلام يوم القيامة :

(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١١)

روي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب الله سرادقا من نور [السّرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب] بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والخلائق كلهم حاضرون. ثم ينادي مناد :

يا معشر الناس غضّوا أبصاركم فإن فاطمة الزهراء بنت محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تريد أن تجتاز السرادق. فيغضّون أبصارهم ، فإذا هي مقبلة. فإذا وضعت رجليها في السرادق ، نوديت : يا فاطمة. فتلتفت ، فترى ولدها الحسينعليه‌السلام واقفا بجانبها من غير رأس ، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا جثا على ركبتيه ، وخرّ مغشيا عليه. ثم إنها تفيق من غشيتها ، فتجد الحسينعليه‌السلام يمسح وجهها بيديه ، ورأسه قد عاد إليه. فعند ذلك تدعو على قاتله ومن أعانه ، فيؤمر بهم إلى جهنم ، ولا شفيع لهم.

٨١٧ ـ الحسينعليه‌السلام يقتل أعداءه جميعا :(المصدر السابق ؛ واللهوف ، ص ٥٨)

ويروى عن الإمام الصادقعليه‌السلام يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب لفاطمةعليه‌السلام كرسي (قبّة) من نور ، فتجلس عليه. فبينما هي جالسة ، وإذا بالحسينعليه‌السلام مقبل عليها ، ورأسه بين يديه. فإذا رأته صرخت صرخة

(شهقت شهقة) عظيمة ، حتى لا يبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا بكى لبكائها. فيمثّله اللهعزوجل في أحسن صورة ، ويجمع له من حضر في قتله ، والمتجاهر عليه ، ومن أشار في قتله ، فيقتلهم الحسينعليه‌السلام عن آخرهم. ثم

٦٧٦

ينشرون فيقتلهم الحسنعليه‌السلام . وهكذا ينشرون ويقتلون ، حتى لم يبق من ذريتنا أحد إلا ويقتلهم. فعند ذلك يكشف الهم ويزول الحزن.

٨١٨ ـ فاطمةعليه‌السلام تقول : إلهي احكم بيني وبين من قتل ولدي :

(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١٢)

ويروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، تقبل فاطمةعليه‌السلام على ناقة من نياق الجنة ، وبيدها قميص الحسينعليه‌السلام ملطّخ بدمه ، فتصرخ وتزجّ نفسها عن الناقة ، وتخرّ ساجدة للهعزوجل ، وتقول : يا إلهي وسيدي ومولاي ، احكم بيني وبين من قتل ولدي الحسينعليه‌السلام . فيأتيها النداء من قبل اللهعزوجل : يا حبيبتي وابنة حبيبي ، ارفعي رأسك ، فو عزّتي وجلالي لأنتقمنّ اليوم ممن ظلمك وظلم ولدك. ثم يأمر بجميع من حضر قتل الحسينعليه‌السلام ومن شارك في قتله ، إلى النار.

٨١٩ ـ حزن فاطمة الزهراءعليه‌السلام على ابنها الحسينعليه‌السلام :

(الفاجعة العظمى ، ص ٩٢)

عن (المنتخب) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة ، تقبل ابنتي فاطمةعليه‌السلام في لمّة من نساء أهل الجنة ، وثيابها مصبوغة بدم الحسينعليه‌السلام ، وبين يديها قميص آخر ملطّخ بالسم ، تنادي : يا أمة محمّد ، أين مسمومي ، وأين مذبوحي؟. وما فعلتم ببناتي وأطفالي وأهل بيتي وعيالي؟. وتقول : يا عدل يا حكيم ، احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين. وتقول : وا ولداه ، وا حسيناه ، وا ثمرة فؤاداه. فيقال لها : يا فاطمة ، انظري في قلب القيامة. فتنظر فاطمةعليه‌السلام يمينا وشمالا ، فترى الحسينعليه‌السلام واقفا بلا رأس ، فتصرخ صرخة ، فأصرخ لصرختها ، وتصرخ الملائكة لصرختها.

وفي (نور العين) ص ١١٣ ؛ (واللهوف) ص ٨٥ :

قال : فيغضب اللهعزوجل لها عند ذلك ، فيأمر نارا يقال لها (هب هب) قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودّت ، لا تدخلها ريح ولا تخرج منها أبدا. فيقال لها :التقطي من حضر قتل الحسينعليه‌السلام ، فتلتقطهم ، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها ، وشهقت بهم وشهقوا بها ، وزفرت بهم وزفروا بها ، ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة : يا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان؟. فيأتيهم الجواب عن اللهعزوجل : إن من علم ليس كمن لا يعلم!.

٦٧٧

نهاية بعض قتلة الحسينعليه‌السلام

٨٢٠ ـ نهاية سنان بن أنس النخعي :

(ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، ص ٢٤٣ رقم ٢٩٤)

روى ابن عساكر بإسناده عن حنش بن الحرث ، عن شيخ من النخع ، (قال) قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم. فقام قوم فذكروا بلاءهم [أي أعمالهم الجليلة] ، وقام سنان بن أنس ، فقال : أنا قاتل حسين!. فقال الحجاج : بلاء حسن!. ورجع سنان إلى منزله ، فاعتقل لسانه وذهب عقله ، فكان يأكل ويحدث في مكانه.

٨٢١ ـ ثورة التوابين :

بعد مقتل الحسينعليه‌السلام قامت ثورة التوابين بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي ، ومعه المسيّب بن نجبة الفزاري ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وعبد الله بن وال التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي ، وغيرهم. وأعلنوا العصيان على الدولة الأموية في ربيع الأول سنة ٦٤ ه‍ ، بعد موت يزيد. فتلاقوا مع جيش الشام الّذي بعثه مروان بن الحكم بقيادة عبيد الله بن زياد في (عين الوردة) شمال الجزيرة ، فأبلوا بلاء حسنا. حتى قتل سليمان وعمره ٩٣ عاما ، ثم استشهد الأبطال الآخرون واحدا بعد واحد.

٨٢٢ ـ ثورة المختار :

ثم قامت ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي. وقصته أنه كان في حبس عبيد الله ابن زياد في الكوفة أثناء معركة كربلاء ، ثم تشفّع به عبد الله بن عمر [لأن زوجته صفية هي أخت المختار] ، فأخرجه يزيد من حبس الكوفة. وما لبث أن انتقل إلى المدينة ، فعمل مع عبد الله بن الزبير في مناهضة الحكومة الأموية. ولما هلك يزيد ، أطاع أهل العراق عبد الله بن الزبير ، فولى عليهم أخاه مصعب بن الزبير. عندها انفصل المختار عن ابن الزبير ، وانتقل إلى الكوفة ، وبدأ يمهّد لثورته العظيمة ، التي كان هدفها أخذ الثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام وقتلهم عن آخرهم. وكان عليه إذ ذاك أن يقاوم عدة أعداء ليستتبّ له الأمر في العراق ؛ منهم بنو أمية ، والخوارج ، وأتباع عبد الله بن الزبير. فقتل المختار والي ابن الزبير ، وبدأ ثورته العارمة ، وقامت الشيعة جميعا معه ، وعلى رأسهم إبراهيم بن مالك الأشتر.

وسنذكر نماذج من الذين قتلهم المختار انتقاما للحسينعليه‌السلام :

٦٧٨

٨٢٣ ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي :(لواعج الأشجان ، ص ١٧٠ ط نجف)

وكان بجدل قد قطع إصبع الحسينعليه‌السلام بعد مصرعه ليأخذ خاتمه ، فأخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه يتشحّط في دمه ، حتى هلك.

٨٢٤ ـ مقتل سنان بن أنس النخعي :(المصدر السابق ، ص ١٦٨)

هذا المجرم شرك في قتل الحسينعليه‌السلام فعلا ، ثم ناول الرأس الشريف بعد أن قطعه الشمر ، إلى خولي بن يزيد الأصبحي. فأخذه المختار ، فقطع أنامله أنملة أنملة ، ثم قطع يديه ورجليه ، وأغلى له قدرا فيها زيت ، ورماه فيها وهو يضطرب.

٨٢٥ ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي :(المصدر السابق ، ص ١٧٣)

وهذا الشقي صمّم على قتل الحسينعليه‌السلام فضربه بسهم في لبّته. وبعد استشهاد الحسينعليه‌السلام حمل خولي الرأس الشريف إلى عبيد الله بن زياد. وحين ظفر به المختار قتله أصحاب المختار وأحرقوه. وكان مختفيا في بيت الخلاء ، فدلّت عليه امرأته.

[العيّوف بنت مالك] وكانت تعاديه منذ جاء برأس الحسينعليه‌السلام وبيّته في بيته.فلما هجموا على داره سألوها عنه ، فقالت : لا أدري ، وأشارت بيدها إلى المخرج.

٨٢٦ ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٧٢)

وأما الذين انتدبهم عمر بن سعد لكي يوطئوا بالخيل جسد الحسينعليه‌السلام ، فهؤلاء أخذهم المختار ، فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى قطّعتهم ، ثم أحرقهم بالنار.

٨٢٧ ـ مقتل عمر بن سعد :

(لواعج الأشجان والأخذ بالثار للسيد الأمين ، ص ٢٨٧)

كان عمر بن سعد قد اختفى في الكوفة عند ظهور أمر المختار ، ثم طلب من المختار الأمان فآمنه ، حتى جاء الوقت المناسب لقتله.

وفي الأثناء ذكر المختار عند محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، فقال محمّد : زعم أنه لنا شيعة ، وقتلة الحسينعليه‌السلام عنده على الكراسي يحدّثونه![يقصد عمر بن سعد].فلما وصل الخبر إلى المختار ، عزم على قتله. فحاول عمر الهروب من الكوفة ، ثم رجع. وفي اليوم التالي بعث عمر ابنه حفصا ليجدد له الأمان من المختار ، فقال له

٦٧٩

المختار : أين أبوك؟. فقال : في المنزل. فدعا المختار أبا عمرة كيسان ، وأمره أن يذهب ويقتل عمر بن سعد. فذهب أبو عمرة فوجد عمر بن سعد في بيته ، فقال له :أجب الأمير. فقام عمر يريد أخذ سيفه ، فعثر في جبّة ، فوقع على الفراش ، فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله ، وقطع رأسه وحمله في طرف قبائه ، حتى وضعه بين يدي المختار وظهر بذلك تصديق قول الحسينعليه‌السلام لابن سعد : وسلّط الله عليك من يذبحك على فراشك.

فقال المختار لابنه حفص : أتعرف هذا الرأس ، فاسترجع وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده. فقال له المختار : صدقت ، وأنت لا تعيش بعده. فأمر به فقتل ، ووضع رأسه مع رأس أبيه. وقال المختار : هذا الرأس بالحسينعليه‌السلام ، وهذا بعلي بن الحسينعليه‌السلام ، ولا سواء. والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله.

ثم بعث المختار برأس عمر بن سعد وابنه حفص إلى محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، وكتب إليه يعلمه أنه قد قتل من قدر عليه ، وأنه في طلب الباقين ممن حضر قتل الحسينعليه‌السلام فبينما محمّد بن الحنفية جالس مع أصحابه ، وهو يتعتّب على المختار ، فما تمّ كلامه إلا والرأسان عنده. فخرّ ساجدا شكرا لله تعالى. ثم رفع رأسه وبسط كفيه وقال : اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار ، واجزه عن أهل بيت نبيّك محمّد خير الجزاء ، فو الله ما على المختار بعد هذا من عتب.

٨٢٨ ـ قتل عبيد الله بن زياد :(المصدر السابق ، ص ٢٩٤)

ولما فرغ المختار من قتال الذين خالفوه من أهل الكوفة وجّه إبراهيم بن مالك الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد وأهل الشام. فسار إبراهيم لثمان بقين من ذي الحجة سنة ٦٦ ه‍ ، وبعث المختار معه وجوه أصحابه وفرسانهم وذوي البصائر منهم ، ممن قد شهد الحروب وجرّبها.

قال الشيخ الطوسي في (الأمالي) : إنه خرج في تسعة آلاف ، وقيل في اثني عشر ألفا.

وسار إبراهيم بن الأشتر من الكوفة شمالا ، حتى لاقى جيش عبيد الله بن زياد الّذي وصل إلى الموصل ، وكان تعداده ثلاثين ألفا أو ثلاثة وثمانين ألفا. وحصلت معركة حاسمة ، تطاحن فيها الفريقان بالرماح ، ثم تضاربوا بالسيوف والعمد ، وكان

٦٨٠

يسمع ضرب الحديد على الحديد كأصوات القصار. وكان إبراهيم في طليعة جيشه ، فكان لا يضرب رجلا إلا صرعه ، وجعل إبراهيم يطرح الرجال بين يديه كالمعزى.وحمل أصحابه حملة رجل واحد ، واشتدّ القتال حتى صلّوا صلاة الظهر بالتكبير والإيماء. وقتل من الفريقين قتلى كثيرة ، وانهزم أصحاب ابن زياد.

وحمل إبراهيم بن الأشتر على عبيد الله بن زياد وهو لا يعرفه ، فضربه إبراهيم ضربة قطعه نصفين ، وذهبت رجلاه في المشرق ويداه في المغرب ، وعجّل الله بروحه إلى النار.

فلما انهزم أصحاب ابن زياد ، قال إبراهيم لأصحابه : إني قتلت رجلا تحت راية منفردة على شاطئ نهر الخازر ، فالتمسوه فإني شممت منه رائحة المسك ، شرّقت يداه ، وغرّبت رجلاه. فطلبوه فإذا هو عبيد الله بن زياد قتيلا. فاحتزوا رأسه وأخذوه ، وأحرقوا جثته. فلما رآه إبراهيم قال : الحمد لله الّذي أجرى قتله على يدي.

٨٢٩ ـ قتل الحصين بن نمير :

وحمل شريك التغلبي على الحصين بن نمير ، وهو يظنه عبيد الله بن زياد ، فاعتنق كل واحد منهما صاحبه ، فنادى التغلبي : اقتلوني وابن الزانية ، فقتلوا الحصين.وهذا الشرّير هو الّذي تولى الهجوم على الكعبة المشرفة وهدمها في عهد يزيد ، بعد أن هلك صاحبه مسلم بن عقبة الّذي سبى المدينة المنورة ثلاثة أيام.

وأنفذ إبراهيم الأشتر برأس عبيد الله بن زياد ، ورؤوس قواده ومنها رأس الحصين بن نمير إلى المختار ، وفي آذانهم رقاع فيها أسماؤهم. فقدموا عليه وهو يتغدى ، فحمد الله على الظفر. فلما فرغ من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله ، ثم رمى بها إلى غلامه وقال : اغسلها ، فإني وضعتها على وجه نجس كافر.

وألقيت الرؤوس في القصر بين يديه ، فألقاها في المكان الّذي وضع فيه رأس الحسينعليه‌السلام ورؤوس أصحابه. ونصب المختار رأس ابن زياد في المكان الّذي نصب فيه رأس الحسينعليه‌السلام . ثم ألقاه في اليوم الثاني في الرحبة مع الرؤوس.

٨٣٠ ـ دخول الحية في منخر عبيد الله بن زياد :

(لواعج الأشجان والأخذ بالثار ، ص ٣٠٢)

ولما وضع رأس ابن زياد أمام المختار ، جاءت حيّة دقيقة فتخللت الرؤوس ،

٦٨١

حتى دخلت في فم عبيد الله بن زياد ، ثم خرجت من منخره ، ودخلت من منخره وخرجت من فيه ، فعلت ذلك مرارا. فقال المختار : دعوها دعوها.

وفي (أعيان الشيعة) ج ٤ ص ٢٩٧ :

قال ابن حجر في صواعقه : وقد صحّ عند الترمذي ، أنه لما جيء برأس ابن زياد ، ونصب في المسجد (في الكوفة) مع رؤوس أصحابه ، جاءت حيّة فتخللت الرؤوس حتى دخلت في منخره ، فمكثت هنيهة ثم خرجت ، ثم جاءت ففعلت كذلك مرتين أو ثلاثا. وكان نصبها في محل نصبه لرأس الحسينعليه‌السلام .

٨٣١ ـ رأس ابن زياد بين يدي زين العابدينعليه‌السلام :

(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥٩)

قال اليعقوبي : وجّه المختار بن أبي عبيد الثقفي (بعد أن قتل عبيد الله بن زياد) برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام في المدينة ، مع رجل من قومه ، وقال له : قف بباب علي بن الحسينعليه‌السلام ، فإذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل الناس ، فذلك الّذي فيه طعامه ، فادخل إليه.

فجاء الرسول إلى باب علي بن الحسينعليه‌السلام ، فلما فتحت أبوابه ودخل الناس للطعام ، دخل ونادى بأعلى صوته : يا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومهبط الملائكة ، ومنزل الوحي ، أنا رسول المختار بن أبي عبيد الثقفي ، معي رأس عبيد الله ابن زياد.

فلم تبق في شيء من دور بني هاشم امرأة إلا صرخت. ودخل الرسول فأخرج الرأس. فلما رآه علي بن الحسينعليه‌السلام قال : أبعده الله إلى النار.

وروى بعضهم أن علي بن الحسينعليه‌السلام لم ير ضاحكا قط منذ قتل أبوه ، إلا في ذلك اليوم. وإنه كان لزين العابدينعليه‌السلام إبل تحمل الفاكهة من الشام ، فلما أتي برأس عبيد الله بن زياد ، أمر بتلك الفاكهة ففرّقت بين أهل المدينة. وامتشطت نساء آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واختضبن ، وما امتشطت امرأة ولا احتضبت منذ قتل الحسين ابن عليعليه‌السلام .

٦٨٢

ترجمة المختار بن أبي عبيد الثقفي

ولد المختار في عام الهجرة ، وحضر مع أبيه وقعة قيس الناطف ، وهو ابن ١٣ سنة ، وكان ينفلت للقتال فيمنعه سعد بن مسعود عمّه ، فنشأ مقداما شجاعا لا يتقي شيئا ، وتعاطى معالي الأمور. وكان ذا عقل وافر ، وجواب حاضر. وخلال مأثورة ، ونفس بالسخاء موفورة. وفطرة تدرك الأشياء بفراستها ، وهمّة تعلو على الفراسة بنفاستها. وحدس مصيب ، وكفّ في الحروب مجيب. ومارس التجارب فحنّكته ، ولا بس الخطوب فهذّبته.

حبسه ابن زياد بالكوفة ، وذلك قبل أن يصل الحسينعليه‌السلام إلى العراق.وبقي في السجن حتى قتل الحسينعليه‌السلام ، فشفّع فيه عبد الله ابن عمر بن الخطاب زوج أخته صفية ، لدى يزيد بن معاوية ، فأطلق من السجن بأمر من يزيد.

وكان ظهوره لأخذ ثأر الحسينعليه‌السلام في الكوفة سنة ٦٦ ه‍ ، فبايعه الناس على كتاب الله وسنّة رسوله ، للطلب بدم الحسينعليه‌السلام وأصحابه والدفع عن الضعفاء. فاستتبّ له الأمر ، وذلك لما استولى على الكوفة وضواحيها ، ثم امتلك الموصل. وعظم شأنه وراح يطلب بثأر الحسينعليه‌السلام . وقتل جلّ من حضر الطف ، وهدم دورهم. وجدّ مصعب بن الزبير وهو في البصرة في كسر شوكته ، فقاتله. ونشبت الحرب بينهما ، وأسفرت عن مقتل المختار سنة ٦٧ ه‍رحمه‌الله .

٨٣٢ ـ رأي أهل البيتعليه‌السلام في المختار :

روى المجلسي في (البحار) ج ١٠ ص ٢٨٣ ط ١ ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال :رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو يمسح رأسه ويقول : يا كيّس يا كيّس ، فسمّي كيسان.

وقال الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام : لا تسبّوا المختار ، فإنه قتل قتلتنا ، وطلب ثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسم فينا المال على العسرة.

ولقد كثرت الأقاويل على المختاررحمه‌الله . وبعد مقتله دخل ابنه الحكم على

٦٨٣

الإمام الباقرعليه‌السلام قال : سيدي لقد كثر كلام الناس بأبي ، إنهم يطعنون به!. فقال الإمامعليه‌السلام : الناس يطعنون بأبيك؟!. قال : نعم. فقال الإمام الباقرعليه‌السلام :أولم يقتل قتلتنا؟. أولم يبن دورنا؟. أولم ينتقم لدمائنا؟. فرحم الله أباك. وقد ترحّم عليه أيضا الإمام الصادقعليه‌السلام ، ودعا له الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

ولقد تتبّع المختار قتلة الحسينعليه‌السلام ، حتى قتل منهم ثمانية عشر ألفا ، كما في إحدى الروايات.

٨٣٣ ـ مقتل المختاررحمه‌الله :

ولما علم عبد الله بن الزبير بقيام المختار في الكوفة ، بعث بجيش إليها بقيادة أخيه مصعب بن الزبير. ودارت المعركة بينهما عند القصر ، وقتل المختار في اليوم الثامن من شهر رمضان سنة ٦٧ ه‍ ، قتله طارف وطريف ابنا عبد الله بن زجاجة.

وكان للمختار عندما استشهد أربع زوجات ، فقبض مصعب عليهن ، فأمرهن بالبراءة من زوجهن ، فتبرأت اثنتان ، وأبت اثنتان وهما : بنت سمرة بن جندب ، وبنت النعمان بن بشير الأنصاري. فعرض عليهما البراءة أو السيف ، فتبرأت بنت سمرة ، وأبت بنت النعمان ، وقالت : اللهم اشهد أني متّبعة نبيّك وابن بنت نبيك ، والله لا أتبرأ منه. فأخرجها مصعب وقتلها بين الكوفة والحيرة رحمها الله.

ثم مثّل مصعب بالمختار بعد قتله ، فقطع يده وضربها بمسمار وعلّقها بجدار من جدران الكوفة.

قال الطبري : بقيت اليد معلّقة إلى زمن الحجاج ، فأخذ اليد ودفنها ، وذلك لأن المختار كان ثقفيا والحجاج ثقفيا ، وكان المختار عديلا للحجاج.

٨٣٤ ـ عجائب في قصر الإمارة بالكوفة :

قال عبد الملك بن عمير : (الكنى والألقاب للشيخ عباس القمّي ، ج ٢ ص ٣٦٢)

كنت عند عبد الملك بن مروان بقصر الكوفة ، حين جيء برأس مصعب بن الزبير فوضع بين يديه ، فرآني قد ارتعدت!. فقال لي : مالك؟.

قلت : أعيذك بالله يا أمير المؤمنين ؛ كنت بهذا الموضع مع عبيد الله بن زياد ، فرأيت رأس الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام بين يديه في هذا المكان. ثم كنت فيه مع المختار بن أبي عبيد الثقفي ، فرأيت رأس عبيد الله بن زياد بين يديه. ثم كنت

٦٨٤

فيه مع مصعب بن الزبير هذا ، فرأيت رأس المختار بين يديه. ثم هذا رأس مصعب ابن الزبير بين يديك!.

قال : فقام عبد الملك بن مروان من موضعه ، وأمر بهدم ذلك القصر الّذي كنا فيه.

من تداعيات ثورة كربلاء :

كانت نهضة الحسينعليه‌السلام سنة ٦١ ه‍ سببا لنشوء ثورات عديدة ضد الأمويين والعباسيين ، منها :

١ ـ انتفاضة المدينة سنة ٦٣ ه‍.

٢ ـ ثورة التوابين في ربيع الأول سنة ٦٤ ه‍ ، بعد هلاك يزيد.

٣ ـ ثورة المختار الثقفي سنة ٦٦ ه‍.

٤ ـ ثورة زيد بن علي سنة ١٢٢ ه‍ ، في زمن هشام بن عبد الملك.

٥ ـ انتفاضة يحيى بن زيد سنة ١٢٥ ه‍.

٦ ـ ثورة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر سنة ١٢٧ ه‍.

٧ ـ ثورة الحسين بن الحسن في (فخ) قرب مكة سنة ١٦٩ ه‍.

٦٨٥
٦٨٦

الباب التاسع

جرائم يزيد ونهايته

ويتضمن :

الفصل ٣٣ ـ أعمال يزيد بعد كربلاء :

مقدمة الفصل

ـ مراسلات ومناورات

ـ وقعة الحرّة : استباحة المدينة ثلاثة أيام

ـ حصار الكعبة المشرّفة وضربها بالمنجنيق

ـ هلاك الطاغية يزيد

ـ خلافة معاوية الثاني

الفصل ٣٤ ـ يزيد وأبوه في الميزان :

ـ ترجمة يزيد بن معاوية

ـ نسب يزيد

ـ الملامح الهاشمية ، والأحقاد الأموية

ـ لا مقارنة بين الحسينعليه‌السلام ويزيد

ـ كفر يزيد وارتداده

ـ لعن يزيد وسبّه

ـ قبر يزيد ومعاوية

ـ قصيدة الشاعر محمّد المجذوب

ـ مظاهر العدل الإلهي

ـ العاقبة للمتقين ، والعبرة في المصير.

٦٨٧
٦٨٨

الفصل الثالث والثلاثون

أعمال يزيد بعد كربلاء

مقدمة الفصل :

لم تنته أعمال يزيد في محو الدين ، وقتل أعلام المسلمين ، عند كربلاء ؛ بل تابع يزيد مخططه الإجرامي ، بقتل أهل الحرمين : المدينة المنوّرة ومكة المكرّمة.فاستحق بذلك عقوبة السماء ، بأن يبتر عمره ، فيموت في ظروف غامضة ، بعد ثلاث سنوات فقط من حكمه الدموي ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«بشّر القاتل بالقتل ، ولو بعد حين».

وكان يزيد قد بعث إلى أهل المدينة يطلب منهم البيعة له ، فأرسلوا وفدا إلى دمشق ، فلما رأوا بأمّ أعينهم واقع يزيد من الفسق والكفر والتهتك ، رجعوا إلى أهلهم وأخبروهم بحاله ، فامتنع أهل المدينة عن البيعة ليزيد ، وأعلنوا العصيان المدني ، وطردوا والي المدينة ومعه كل بني أمية ، وعلى رأسهم مروان ابن الحكم العدو الماكر للإسلام والمسلمين.

فما كان من يزيد إلا أن بعث إليهم جيشا بقيادة مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي حاصر المدينة المنورة ، ثم دخلها في وقعة (الحرّة) ، وقتل كل أبناء الصحابة والتابعين ، واستباح نساء الأنصار والمهاجرين ، مدة ثلاثة أيام ، حتى قيل إنه ولدت في تلك السنة ألف عذراء ، أولادا لا يعرف لهم آباء. وسمّي هذا السفاك (مسرفا) لكثرة ما أسرف في قتل أهل المدينة ، مدينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكانت تلك وصمة عار كبيرة في جبين الإسلام بعد كربلاء ، أتبعتها وصمة

لا تقلّ عنها ، حين أمر يزيد جيشه أن يذهب إلى مكة ويغزوها. فلما مات مسلم بن عقبة في الطريق ، تولى قيادة الجيش الحصين بن نمير ، الّذي ذهب إلى مكة وحاصرها ، وطبّق عليها تعاليم ولي أمره بحذافيرها ، فضرب الكعبة بالمنجنيق حتى تهدمت وأخذت النار فيها.

٦٨٩

وبينما كان جيش الشام يضرب الكعبة بالعرّادات والمجانق ، جاء الخبر بهلاك يزيد ، لا ردّه الله.

ورغم أن هذه الحوادث لا علاقة مباشرة لها بصلب كتابنا ، إلا أنني آثرت ذكرها لكشف حقيقة يزيد ، وأنه مارق من الدين ، كما يمرق السهم من الرميّة. وكما قال الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٩٠ :

فهذه الوقائع وإن لم تكن من غرض كتابنا ، لكن ذكرتها ليزيد لك العلم بمزيد شقاوة يزيد وخذلانه ، وتعلم أنه لم يندم على ما صدر عنه ، بل كان مصرّا على غيّه ، مستمرا في طغيانه ، إلى أن أماته الله المنتقم العظيم ، وأوصله إلى دركات الجحيم.

٨٣٥ ـ عبد الله بن الزبير يدعو ابن عباس إلى بيعته ، فيأبى :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٥ ط ٢ نجف)

ذكر الواقدي وهشام ابن الكلبي وابن اسحق وغيرهم ، قالوا : لما قتل الحسينعليه‌السلام بعث عبد الله بن الزبير إلى عبد الله بن عباس ليبايعه ، وقال : أنا أولى من يزيد الفاسق الفاجر ، ولقد علمت سيرتي وسيرته ، وسوابق أبي الزبير مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوابق معاوية.

فامتنع ابن عباس ، وقال : الفتنة قائمة ، وباب الدماء مفتوح ، ومالي ولهذا ، إنما أنا رجل من المسلمين.

وقال الخوارزمي في مقتله ، ج ٢ ص ٧٧ :

لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثار عبد الله بن الزبير ، فدعا ابن عباس إلى بيعته ، فامتنع ابن عباس. وظن يزيد بن معاوية أن امتناع ابن عباس كان تمسّكا منه ببيعته ، فكتب إليه (يستميله)

٨٣٦ ـ عداوة عبد الله بن الزبير لأهل البيتعليه‌السلام ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحتجم وابن الزبير يشرب دمه :(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٤)

أخرج أبو يعلى في مسنده عن عبد الله بن الزبير ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احتجم ، فلما فرغ قال له : يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما ذهب شربه.فلما رجع قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما صنعت بالدم؟. قال : عمدت إلى أخفى موضع علمت

٦٩٠

فجعلته فيه. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لعلك شربته؟!. قال : نعم. قال : ويل للناس منك ، وويل لك من الناس. فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم.

مراسلات ومناورات

٨٣٧ ـ كتاب يزيد إلى ابن عباس ، يستميله ضد ابن الزبير :

(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤٧)

وأقام عبد الله بن الزبير بمكة [بعد مقتل الحسينعليه‌السلام ] خالعا يزيد ، ودعا إلى نفسه ولم يبايعه عبد الله بن عباس ، ولا عبد الله بن عمر.

فبلغ يزيد بن معاوية أن عبد الله بن عباس قد امتنع على ابن الزبير ، فسرّه ذلك ، وكتب إلى ابن عباس كتابا يمتدحه فيه ويستميله إليه ، ويقول :

«أما بعد ، فقد بلغني أن الملحد ابن الزبير (في حرم الله) دعاك إلى بيعته ، وعرض عليك الدخول في طاعته ، لتكون له على الباطل ظهيرا ، وفي المأثم شريكا ، وأنك امتنعت عليه ، واعتصمت ببيعتنا ، وفاء منك لنا ، وطاعة لله فيما عرّفك من حقنا.فجزاك الله عن ذي رحم بأحسن ما يجزي به الواصلين لأرحامهم (الموفين بعهودهم) ، فإني ما أنسى من الأشياء فلست بناس برّك وحسن جزائك ، وتعجيل صلتك ، بالذي أنت مني أهله ، في الشرف والطاعة والقرابة بالرسول. وانظر رحمك الله فيمن قبلك من قومك (من بحضرتك من أهل البيت) ، ومن يطرؤ (يرد) عليك من الآفاق (البلاد) ، ممن يسحره الملحد (ابن الزبير) بلسانه وزخرف قوله ، فأعلمهم حسن رأيك في طاعتي ، والتمسك ببيعتي ، فإنهم لك أطوع ، ومنك أسمع ، منهم للمحلّ الملحد ، والسلام».

٨٣٨ ـ ردّ ابن عباس على كتاب يزيد :(المصدر السابق ، ص ٢٤٨)

فردّ عليه ابن عباس كتابه وفنّده تفنيدا ، بكلام يشفي مكامن النفس ، ويزيل غياهب اللبس. وسوف أقتطع من هذا الكلام ما يتعلق بالحسين وآله الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام. يقول ابن عباس :

من عبد الله بن عباس إلى يزيد بن معاوية.

أما بعد ، فقد بلغني كتابك ، تذكر دعاء ابن الزبير إياي إلى نفسه ، وإقناعي عليه

٦٩١

في الّذي دعاني إليه من بيعته ، فإن يكن ذلك كما بلغك ، فلست حمدك أردت ولا ودّك ، ولكن الله بالذي أنوي به عليم.

وزعمت أنك لست بناس (برّي وتعجيل صلتي ، فاحبس أيها الإنسان برّك وتعجيل صلتك ، فإني حابس عنك) ودّي ، فلعمري (إنك) ما تؤتينا مما في يديك من حقنا إلا القليل ، وإنك لتحبس عنا منه العريض الطويل.

ـ أنسيت قتل الحسينعليه‌السلام ؟! :

وسألتني أن أحثّ الناس عليك (على طاعتك) ، وأخذّلهم عن ابن الزبير ، فلا (مرحبا ولا كرامة) ، ولا سرورا ولا حبورا ، وأنت قتلت الحسين بن عليعليه‌السلام .بفيك الكثكث(١) ، ولك الأثلب(٢) . إنك إن تمكّنك نفسك ذلك ، لعازب الرأس ، وإنك لأنت المفند(٣) المهوّر.

ولا تحسبني ـ لا أبا لك ـ نسيت قتلك حسينا وفتيان بني عبد المطلب ، مصابيح الدجى (الهدى) ، ونجوم الأعلام. غادرهم جنودك (بأمرك) مصرّعين في صعيد (واحد) ، مرمّلين بالتراب (مضرّجين بالدماء) ، مسلوبين بالعراء (مقتولين بالظماء) ، لا مكفّنين (ولا موسّدين) ، تسفي عليهم الرياح ، وتعاورهم الذئاب ، وتنشي بهم عرج الضباع (البطاح). حتى أتاح الله لهم أقواما لم يشتركوا في دمائهم ، فأجنّوهم (واروهم) في أكفانهم. وبي والله وبهم عززت ، وجلست مجلسك الّذي جلست ، يا يزيد.

وما أنس من الأشياء فلست بناس اطرادك الحسين بن علي (طردك حسينا) من حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى حرم الله ، ودسّك إليه الرجال تغتاله. فأشخصته من حرم الله إلى الكوفة ، فخرج منها خائفا يترقّب ، وقد كان أعزّ أهل البطحاء بالبطحاء قديما ، وأعزّ أهلها بها حديثا ، وأطوع أهل الحرمين لو تبوّأ بها مقاما ، واستحلّ بها قتالا ، ولكن كره أن يكون هو الّذي يستحلّ حرمة البيت وحرمة رسول الله ، فأكبر من ذلك ما لم تكبر ، حيث دسست إليه الرجال فيها ، ليقاتل في الحرم

__________________

(١) الكثكث : فتات الحجارة والتراب ، بكسر الكاف أو فتحها.

(٢) الأثلب : التراب أيضا.

(٣) الفند : ضعف الرأي.

٦٩٢

ثم إنك الكاتب إلى ابن مرجانة ، أن يستقبل حسينا بالرجال ، وأمرته بمعاجلته ، وترك مطاولته ، والإلحاح عليه ، حتى يقتله ومن معه من بني عبد المطلب ، أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ؛ فنحن أولئك ، لسنا كآبائك الأجلاف ، الجفاة الأكباد الحمير.

وفي رواية (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٦ :

فنحن أولئك ، لا آباؤك الجفاة الطغاة ، الكفرة الفجرة ، أكباد الإبل ، والحمير الأجلاف ، أعداء الله وأعداء رسوله. الذين قاتلوا رسول الله في كل موطن ، وجدّك وأبوك هم الذين ظاهروا على الله ورسوله. ولكن إن سبقتني قبل أن آخذ منك ثأري في الدنيا ، فقد قتل النبيّون قبلي ، وكفى بالله ناصرا( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) (٨٨) [ص : ٨٨].

ثم طلب الحسين بن عليعليه‌السلام إليكم الموادعة ، وسألكم الرجعة ، فاغتنمتم قلة أنصاره ، واستئصال أهل بيته ، فعدوتم عليهم ، فقتلتموهم كأنما قتلتم أهل بيت من الترك والكفر. فلا شيء عندي أعجب من طلبك ودّي ونصري ، وقد قتلت بني أبي ، وسيفك يقطر من دمي ، وأنت أحد ثأري. فإن يشأ الله لا يطلّ لديك دمي ، ولا تسبقني بثأري ، وإن سبقتني به في الدنيا ، فقبلنا ما قتل النبيّون وآل النبيين ، وكان الله الموعد ، وكفى به للمظلومين ناصرا ، ومن الظالمين منتقما. فلا يعجبنّك إن ظفرت بنا اليوم ، فو الله لنظفرنّ بك يوما.

ثم إنك تطلب مودتي وقد علمت لما بايعتك ، ما فعلت ذلك إلا وأنا أعلم أن ولد أبي وعمي أولى بهذا الأمر منك ومن أبيك ، ولكنكم معتدون مدّعون ، أخذتم ما ليس لكم بحق ، وتعدّيتم إلى من له الحق. وإني على يقين من الله أن يعذّبكم كما عذّب قوم عاد وثمود ، وقوم لوط وأصحاب مدين.

ألا ومن أعجب الأعاجيب ـ وما عشت أراك الدهر العجيب ـ حملك بنات عبد المطلب ، وغلمة صغارا من ولده ، إليك بالشام ، كالسبي المجلوب ، تري الناس (قدرتك علينا و) أنك قهرتنا ، وأنك تأمر علينا. ولعمري لئن كنت تصبح وتمسي آمنا لجرح (من جراحة) يدي ، إني لأرجو أن يعظم الله جراحك بلساني ، ونقضي وإبرامي ، فلا يستقرّ بك الجذل ، ولا يمهلك الله بعد قتلك عترة رسول الله إلا قليلا ، حتى يأخذك أخذا أليما ، فيخرجك الله من الدنيا ذميما أثيما. فعش لا أبا

٦٩٣

لك (ما استطعت) ، فقد والله أرداك عند الله ما اقترفت. والسلام على من أطاع الله (على من اتبع الهدى).

وقد ورد هذا الكتاب وردّه في (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٥ ؛ نقلا عن الواقدي وهشام ابن الكلبي وابن اسحق ، مع بعض الاختلافات ، وقد أثبتنا بعض ذلك بين قوسين.

تعليق المؤلف :

(أقول) : لا أدري بأي وجه لا يعرف الخجل والحياء ، يتصدى يزيد لمخاطبة حبر الأمة عبد الله بن عباس ، ابن عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتلميذ ابن عمه علي بن أبي طالبعليه‌السلام . وهو الّذي ليس فحسب قتل الحسين سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنما عمل على استئصال ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلهم ، حتى لم يبق منهم حتى الطفل الرضيع ، ناهيك عن تسيير نساء أهل البيتعليه‌السلام سبايا عرايا على جمال بلا وطاء من الكوفة إلى الشام ، كأنهن سبايا من الترك أو الديلم. وكما قال الشاعر :

بأية عين ينظرون محمدا

وقد قتلوا ظلما بنيه على عمد

وبالحق أقول : إن من لا دين له ، لا حياء له ، بل لا كرامة عنده. وإن ابن عباس ، الهاشمي المرجع ، الأبي المنزع ، لم يقصّر في تسديد سهامه وتسليط سياطه ، على جسد يزيد الخائر ، وقلبه السادر الغادر.

٨٣٩ ـ كتاب يزيد إلى محمّد بن الحنفية ، واستشارة ابن الحنفية لابنيه عبد الله وجعفر :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٩)

وكتب يزيد إلى محمّد بن الحنفية ، وهو يومئذ بالمدينة :

أما بعد ، فإني أسألك الله لي ولك عملا صالحا يرضى به عنا ، فإني ما أعرف اليوم في بني هاشم رجلا هو أرجح منك علما وحلما ، ولا أحضر منك فهما وحكما ، ولا أبعد منك عن كل سفه ودنس وطيش. وليس من يتخلّق بالخير تخلّقا ، ويتنحّل بالفضل تنحّلا ، كمن جبله الله على الخير جبلا. وقد عرفنا ذلك كله منك قديما وحديثا ، شاهدا وغائبا. غير أني قد أحببت زيارتك ، والأخذ بالحظ من رؤيتك ، فإذا نظرت في كتابي هذا ، فأقبل إليّ آمنا مطمئنا. أرشدك الله أمرك ، وغفر لك ذنبك. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

٦٩٤

فلما ورد الكتاب على محمّد بن علي [ابن الحنفية] وقرأه ، أقبل على ابنيه : جعفر وعبد الله أبي هاشم ، فاستشارهما في ذلك.

فقال له ابنه عبد الله : يا أبتي اتّق الله في نفسك ولا تصر إليه ، فإني خائف أن يلحقك بأخيك الحسينعليه‌السلام ولا يبالي. فقال له محمّد : ولكني لا أخاف منه ذلك.

وقال له ابنه جعفر : يا أبتي إنه قد اطمأنّك وألطفك في كتابه إليك ، ولا أظنه يكتب إلى أحد من قريش بأن (أرشدك الله أمرك ، وغفر لك ذنبك) ، وأنا أرجو أن يكفّ الله شرّه عنك.

ثم يذكر الخوارزمي : إن محمّد بن الحنفية عزم على المضي إلى يزيد ، وسار إليه. فاحتفى به يزيد ، وأجلسه على سريره ، واعتذر له عن قتل الحسينعليه‌السلام ، وتنصّل من ذلك ، وألقى تبعته على عبيد الله بن زياد. ثم طلب يزيد منه البيعة فبايعه ، ووصله بمال.

(أقول) : إن هذا الكلام مشكوك في صحته ، لأن محمّد بن الحنفية كان مريضا ولا يستطيع السفر ، ومن المستحيل عليه أن يذهب إلى يزيد ، ويبايع من قتل أخاه الحسينعليه‌السلام .

٨٤٠ ـ مشاحنة بين عبد الله بن عمر ويزيد :(البحار ، ج ٤٥ ص ٣٢٨ ط ٣)

قال العلامة المجلسي : روى البلاذري قال :

لما قتل الحسينعليه‌السلام كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معاوية :

أما بعد ، فقد عظمت الرزية ، وحلّت المصيبة ، وحدث في الإسلام حدث عظيم ، ولا يوم كيوم الحسينعليه‌السلام .

فكتب إليه يزيد : أما بعد يا أحمق ، فإننا جئنا إلى بيوت منجّدة ، وفرش ممهّدة ، ووسائد منضّدة ، فقاتلنا عنها ، فإن يكن الحق لنا ، فعن حقنا قاتلنا ، وإن كان الحق لغيرنا ، فأبوك [أي عمر] أول من سنّ هذا ، وابتزّ واستأثر بالحق على أهله!.

٨٤١ ـ استنكار عبد الله بن عمر لأعمال يزيد :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٤٦)

في كتب التواريخ : لما قتل الحسينعليه‌السلام وورد نعيه إلى المدينة ، أقيمت المآتم عند أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منزل أم سلمة ، وفي دور المهاجرين والأنصار.

٦٩٥

فخرج عبد الله بن عمر صارخا من داره ، لاطما وجهه ، شاقا جيبه ، يقول : يا معشر بني هاشم وقريش والمهاجرين والأنصار ، يستحلّ هذا من رسول الله في أهله وذريته ، وأنتم أحياء ترزقون!.

وخرج من المدينة تحت ليله ، لا يرد مدينة إلا صرخ فيها ، واستنفر أهلها على يزيد. فلم يمرّ بملأ من الناس إلا تبعه ، وقالوا : هذا عبد الله بن عمر ، ابن خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينكر فعل يزيد.

حتى ورد دمشق ، وأتى باب يزيد في خلق من الناس ، واضطرب الشام ؛ فاستأذن عليه. قال يزيد : فورة من فورات أبي محمّد ، وعن قليل يفيق منها. فأذن يزيد لعبد الله وحده ، فدخل صارخا يقول : لا أدخل يا أمير ، وقد فعلت بأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لو تمكنت الروم والترك ما استحلوا ما استحللت ، ولا فعلوا ما فعلت. قم عن هذا البساط حتى يختار المسلمون من هو أحقّ به منك.

فرحّب به يزيد ، وتطاول له وضمّه إليه. وقال : يا أبا محمّد ، اسكن من فورتك وبغيك ، واسمع بأذنك : ما تقول في أبيك عمر ، أكان هاديا مهديا ، خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وناصره ومصاهره بأختك حفصة؟. فقال : هو كما وصفت. قال يزيد :أفترضى به وبعهده إلى أبي معاوية ، أو ما ترضاه؟. قال : بل أرضى. فضرب بيده على يد عبد الله ، وقال : قم حتى تقرأ. فقام معه ، حتى ورد خزانة من خزائنه فدخلها ، ودعا بصندوق ففتحه ، واستخرج منه تابوتا مقفلا مختوما ، فاستخرج منه طومارا لطيفا ، في خرقة حرير سوداء. فقال : هذا خط أبيك؟. قال : إي والله.قال : اقرأ حتى تعلم أني ما فعلت إلا على حسب هذا الطومار. فقرأه ابن عمر ورضي بذلك ، وحسّن فعله [أي مدح فعل يزيد].

وقعة الحرّة

(واستباحة يزيد المدينة المنوّرة ثلاثة أيام)

٨٤٢ ـ لما ذا خلع أهل المدينة والي يزيد وأنكروا بيعته؟ :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٨ ط ٢ نجف)

وسبب وقعة الحرّة ، ما رواه الواقدي وابن اسحق وهشام بن محمّد الكلبي : أن جماعة من أهل المدينة وفدوا على يزيد سنة ٦٢ ه‍ بعدما قتل الحسينعليه‌السلام فرأوه

٦٩٦

يشرب الخمر ويلعب بالطنابير والكلاب. فلما عادوا إلى المدينة أظهروا سبّه وخلعوه ، وطردوا عامله عثمان بن محمّد بن أبي سفيان. وقالوا : قدمنا من عند رجل لا دين له ، يسكر ويدع الصلاة.

وبايعوا عبد الله بن حنظلة [غسيل الملائكة] ، وكان ابن حنظلة يقول : يا قوم والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء. رجل ينكح الأمهات والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ويدع الصلاة ، ويقتل أولاد النبيين!. والله لو يكون عندي أحد من الناس ، لأبلي الله فيه بلاء حسنا.

فبلغ الخبر إلى يزيد ، فبعث إليهم مسلم بن عقبة المري ، في جيش كثيف من أهل الشام ، فأباحها ثلاثا ، وقتل ابن غسيل الملائكة والأشراف. وأقام ثلاثا ينهب الأموال ويهتك الحريم.

٨٤٣ ـ توصية يزيد لمسلم بن عقبة حين أرسله إلى الحجاز :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٦٥)

وقد ذكر بعض الثقات فيما وقع بالمدينة من يزيد ، فقال : لما ولي يزيد بن معاوية الخلافة ، عصت عليه أهل المدينة لعدم أهليته للخلافة فبعث إليهم يزيد جيشا عظيما ، وأمّر عليهم مسلم بن عقبة ، وقال له : إذا ظفرت بالمدينة ، فخلّها للجيش ثلاثة أيام ، يسفكون الدماء ويأخذون الأموال ويفسقون بالنساء. وإذا فرغت توجّه لمكّة لقتال عبد الله بن الزبير.

٨٤٤ ـ خبر وقعة الحرّة بالمدينة المنورة :(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥٠)

يقول اليعقوبي : ثم إن يزيد ولّى على المدينة عثمان بن محمّد بن أبي سفيان الثقفي ، فامتنع أهل المدينة عن دفع صوافي الحنطة والتمر إليه ، ثم وثبوا به وبمن كان معه بالمدينة من بني أمية ، وأخرجوهم من المدينة ، واتّبعوهم يرجمونهم بالحجارة.

فلما انتهى الخبر إلى يزيد بن معاوية ، وجّه إلى مسلم بن عقبة ، فأقدمه من فلسطين وهو مريض ، فأدخله منزله ، ثم قصّ عليه القصة. فقال : يا أمير المؤمنين فوجّهني إليهم ، فو الله لأدعنّ أسفلها أعلاها [يقصد مدينة الرسول]. فوجّهه في خمسة آلاف إلى المدينة ، فأوقع بأهلها وقعة الحرّة ، وجيشه مؤلف من ألف رجل من فلسطين ، وألف من الأردن ، وألف من دمشق ، وألف من حمص ، وألف من قنّسرين [حلب].

٦٩٧

فقاتله أهل المدينة قتالا شديدا ، وحفروا خندقا حول المدينة ، فرام [ابن عقبة] ناحية من نواحي الخندق ، فتعذّر ذلك عليه ، فخدع مروان بن الحكم بعضهم ، فدخل من منطقة الحرّة ومعه مائة فارس ، فأتبعه الخيل حتى دخلت المدينة. وعملوا في أهل المدينة بالقتل والتنكيل حتى لم يبق بها من الرجال إلا القليل. واستباح حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى ولدت الأبكار ولا يعرف من أولدهن.

ثم أخذ مسلم بن عقبة الناس على أن يبايعوا على أنهم عبيد ليزيد بن معاوية.فكان الرجل من قريش يؤتى به ، فيقال له : بايع أنك عبد قنّ ليزيد ، فيقول : لا أبايع!. فيضرب عنقه.

وكان ذلك في ذي الحجة [أحد الأشهر الحرم] سنة ٦٣ ه‍. وسمّي مسلم ابن عقبة من شدة إسرافه في القتل (مسرفا).

وجاء في كتاب (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة ، ج ١ ص ١٨٥ : وذكروا أنه قتل يوم الحرة من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمانون رجلا ، ولم يبق بدري بعد ذلك ، ومن قريش والأنصار سبعمائة ، ومن سائر الناس من الموالي والعرب والتابعين عشرة آلاف.

٨٤٥ ـ استشارة مسلم بن عقبة لمروان بن الحكم لغزو المدينة :

(الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٤١٩)

قال ابن الأثير : طرد أهل المدينة كل من كان فيها من بني أمية ، وفيهم مروان بن الحكم وابنه عبد الملك. فساروا بأثقالهم حتى لقوا مسلم بن عقبة بوادي القرى.فدعا بعمرو بن عثمان بن عفان أول الناس ، فقال له : خبّرني ما وراءك وأشر عليّ.فقال : لا أستطيع ، قد أخذت علينا العهود والمواثيق أن لا ندلّ على عورة ولا نظاهر عدونا. فانتهره وقال : والله لو لا أنك ابن عثمان لضربت عنقك!. وايم الله لا أقيلها قرشيا بعدك.

فخرج عمرو بن عثمان إلى أصحابه فأخبرهم خبره. فقال مروان بن الحكم لابنه عبد الملك : ادخل قبلي لعله يجتزئ [أي يكتفي] بك عني. فدخل عبد الملك. فقال مسلم : هات ما عندك. فقال : نعم ، أرى أن تسير بمن معك ، فإذا انتهيت إلى (ذي نخلة) نزلت ، فاستظل الناس في ظله ، فأكلوا من صقره. فإذا أصبحت من الغد مضيت ، وتركت المدينة ذات اليسار ، ثم درت بها حتى تأتيهم من قبل (الحرّة) مشرّقا ، ثم تستقبل القوم. فإذا استقبلتهم وقد أشرقت عليهم الشمس ، طلعت بين

٦٩٨

أكناف أصحابك فلا تؤذيهم ، ويصيبهم أذاها ، ويرون من ائتلاق بيضكم وأسنة رماحكم وسيوفكم ودروعكم ما لا ترونه أنتم ، ما داموا مغرّبين. ثم قاتلهم واستعن الله عليهم.

فقال له مسلم : لله أبوك أيّ امرئ ولد.

ثم إن مروان دخل عليه ، فقال لمسلم : إيه ، أليس قد دخل عليك عبد الملك؟.قال : بلى. قال : إذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني.

ثم إن مسلم صار في كل مكان ، يصنع ما أمر به عبد الملك.

٨٤٦ ـ معركة الحرّة نكسة للإسلام :

(مختصر تاريخ العرب تأليف سيد أمير علي ، ص ٧٥)

ودارت بين الفريقين معركة هائلة ، أسفرت عن هزيمة أهل المدينة ، وقتل زهرة شباب الأنصار والمهاجرين ، وانتهاك حرمة مأوى الرسول ومهبط الوحي. وهكذا قدّر للذين عضدوا رسولهم في وقت الشدة أن يتعرّضوا لأبشع تنكيل لا يعرف التاريخ له مثيلا.

ويعلق مؤرخ أوروبي على هذه الحادثة بقوله : إن تأثير هذا الحادث على العالم الإسلامي كان مروّعا ، فكان الأمويون قد أرادوا أن يوفوا ما عليهم من دين ، حينما عاملهم الرسول وجيشه بالرحمة والعطف. فشرّدوا وقتلوا خيرة شباب المدينة ورجالها الميامين ، كما أجبروا من تبقّى منهم على مبايعة يزيد على أنهم خول [أي عبيد] له ، يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ، فمن امتنع عن ذلك وصمه بالكيّ على رقبته [أي أحمى له ختما وطبعه على رقبته ، حتى يعرف أنه صار عبدا ليزيد].

وفي تلك الموقعة هدمت معظم المدارس والمنشآت العامة ، ودخلت شبه جزيرة العرب في عهد مظلم شديد الحلكة ، حتى قيّض الله لها جعفر الصادقعليه‌السلام بعد بضع سنوات ، فبعث في المدينة روح الحركة العلمية ، التي كانت قد ازدهرت في عهد الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٨٤٧ ـ حصيلة وقعة الحرّة من القتلى :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٩ ط ٢ نجف)

وذكر المدائني في كتاب (الحرّة) عن الزهري قال : كان القتلى يوم الحرة سبعمائة

٦٩٩

من وجوه الناس ؛ من قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الموالي. وأما من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة فعشرة آلاف.

ـ وخاض أهل المدينة بالدماء :

وخاض الناس في الدماء ، حتى وصلت الدماء إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وامتلأت الروضة والمسجد.

قال مجاهد : التجأ الناس إلى حجرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنبره ، والسيف يعمل فيهم.وكانت وقعة الحرة سنة ٦٣ ه‍ في ذي الحجة [الشهر الحرام]. فكان بينها وبين موت يزيد ثلاثة أشهر. ما أمهله الله بل أخذه أخذ القرى وهي ظالمة.

٨٤٨ ـ مثال من وحشية جنود يزيد بن معاوية :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ج ١ ص ١٨٤)

قال أبو معشر : دخل رجل من أهل الشام على امرأة نفساء من نساء الأنصار ومعها صبي لها ، فقال لها : هل من مال؟. قالت : لا والله ما تركوا لي شيئا. فقال :والله لتخرجنّ إليّ شيئا أو لأقتلنك وصبيّك هذا. فقالت له : ويحك إنه ولد (ابن أبي كبشة الأنصاري) صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولقد بايعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه يوم بيعة الشجرة فاتق الله. ثم قالت لابنها : يا بني ، والله لو كان عندي شيء ، لافتديتك به.

قال الراوي : فأخذ برجل الصبي والثدي في فمه ، فجذبه من حجرها ، فضرب به الحائط ، فانتثر دماغه في الأرض.

قال : فلم يخرج من البيت حتى اسودّ نصف وجهه ، وصار مثلا.

محاصرة الكعبة وضربها بالمنجنيق

المنجنيق كلمة فارسية (من جه نيك) تعني : ما أحسنني!. وهو ما أحسنه إذا استخدم في رمي حصون الشرك والكفر ، وليس في رمي البيت الحرام والكعبة المشرّفة ، كما فعل الحصين بن نمير ، والحجاج بن يوسف فيما بعد.

٨٤٩ ـ محاصرة الكعبة المشرفة :(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥١)

قال اليعقوبي : وخرج مسرف من المدينة يريد محاربة ابن الزبير بمكة ، فلما كان في الطريق مات ، واستخلف الحصين بن نمير.

٧٠٠

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800