موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 515768 / تحميل: 6237
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ابن محمّد بن الأشعث الكندي(١) ، قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل، عن أبيه، قال: حدّثني أبي، [ عن أبيه ] عن جدّه، عن عليّعليهم‌السلام . إلى آخره.

ورواه في الاستبصار أيضا، إلاّ أنّ في جملة من نسخه عبد الله بن المفضّل، عن محمّد بن هلال، عن محمّد بن محمّد(٢) . إلى آخره.

٥ - ومنهم: إبراهيم بن محمّد بن عبد الله القرشي ، ففي التهذيب: محمّد ابن أحمد بن داود، عن أبي أحمد إسماعيل بن عيسى بن محمّد المؤدب، قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد بن عبد الله القرشي، قال: حدثنا محمّد بن محمّد بن الأشعث بمصر، قال: حدثنا أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمّد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام (٣) . إلى آخره، كذا في نسخة، وفي نسخة محمّد بن محمّد بن هيثم بدل الأشعث.

وصرّح الفاضل الأردبيلي في جامع الرّواة: أنّه سهو، لعدم وجوده في كتب الرجال(٤) .

والخبر موجود في الكتاب كما رواه(٥) .

٦ - ومنهم: أبو محمد عبد الله بن محمّد بن عبد الله (٦) - المعروف بابن

__________________

النجاشي: ٢٣٢ / ٦١٦: عبيد الله بن الفضل بن محمّد بن هلال.

(١) جاء في هامش النسخة الحجرية منهقدس‌سره ما لفظه: كذا في نسخ التهذيب، ولعلّه اشتباه، فإنّ أحدا لم ينسب محمدا إلى كندة، وإنّما صرّحوا بكونه كوفيا، وكأن محمد بن أشعث الكندي الخبيث المعروف خلج في خاطره الشريف، فجرى القلم على ما حضر فيه، وقد وقع لهرحمه‌الله مثل ذلك في إسحاق بن عمّار من نسبته إلى الفطحية، بشرح لا يليق بالمقام.

(٢) الاستبصار ٣: ٢٤ / ٧٨، وما بين المعقوفين لم يرد في الحجرية.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣ / ١.

(٤) جامع الرواة ٢: ١٨٧.

(٥) الأشعثيات: ٧٦.

(٦) في المخطوط والحجري: أبو عبد الله محمد بن عبد الله. وهو خطأ والصحيح المثبت. لما يأتي بعد

٢١

السقّاء - كما هو موجود في أوّل النسخة التي وصلت إلينا، ففيه: أخبرنا القاضي أمين القضاة أبو عبد الله محمّد بن علي بن محمّد - قراءة عليه، وأنا حاضر أسمع. قيل له: حدّثكم والدكم أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد، والشيخ أبو نعيم محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن خلف الجمازي، قالا: أخبرنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن المظفّر العطار، قال: أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن عثمان - المعروف بابن السقّاء - قال: أخبرنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي من كتابه، سنة أربع عشرة وثلاثمائة، قال: حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل. إلى آخره(١) .

ثمّ قد يذكر في أوّل السّند فيقول: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد(٢) ، والأغلب أن يبتدئ بمحمّد، فيقول: أخبرنا محمّد، حدثني موسى. إلى آخره.

٧ - ومنهم: أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله (٣) ، قال العلاّمة المجلسيقدس‌سره في الفصل الرابع من أول البحار: وكلّ ما كان فيه نوادر الراوندي بإسناده، فهذا سنده نقلته كما وجدته: أخبرنا. إلى آخر ما يأتي في شرح حال النوادر(٤) ، وقال في الحاشية في هذا المقام: أقول أخبار الأشعثيات كانت مشهورة بين الخاصّة والعامّة، وقد جمع الشيخ محمّد بن ( محمّد بن )(٥) الجزري الشافعي أربعين حديثا، كلّها من تلك الأخبار المذكورة في النوادر بهذا السند، قال في أوّله: أردت جمع أربعين حديثا من رواية أهل البيت الطيّبين

__________________

أسطر، وانظر ترجمته في سير اعلام النبلاء ١٦: ٣٥١ / ٢٥٢.

(١) الجعفريات: ٢.

(٢) الجعفريات: ٦٦.

(٣) في الحجرية والمخطوط: عبد الله بن احمد بن عدي وهو خطأ والصحيح المثبت، إذ هو صاحب الكامل في الضعفاء.

(٤) بحار الأنوار ١: ٥٤. ويأتي في صفحة ١٧٣، رقم (٢٩)

(٥) ما بين الأقواس لم يرد في الجعفريات.

٢٢

الطاهرينعليهم‌السلام ، - حشرنا الله في زمرتهم وأماتنا على محبّتهم - من الصحيفة التي ساقها الحافظ أبو أحمد بن عدي.

ثم قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله المقدسي، عن سليمان بن حمزة المقدسي، عن محمود بن إبراهيم، عن محمّد بن أبي بكر المديني، عن يحيى بن عبد الوهّاب، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن أحمد بن محمّد الهروي، عن أبي أحمد عبد الله بن أحمد بن عدي(١) .

قال: وأخبرني أيضا أحمد بن محمّد الشيرازي، عن علي بن أحمد المقدسي، عن عمر بن معتمر، عن محمّد بن عبد الباقي، عن أحمد بن علي الحافظ، عن الحسن الحسيني الأسترابادي، عن عبد الله بن أحمد بن عديّ(٢) ، عن محمّد بن محمّد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه موسى، عن آبائهعليهم‌السلام ، ثم ذكر أسانيد الأخبار بهذا السند(٣) انتهى.

ومن الغريب بعد ذلك كلّه، ما ذكره الشيخ الجليل في جواهر الكلام في كتاب الأمر بالمعروف، ما لفظه: وأغرب من ذلك كلّه استدلال من حلّت الوسوسة في قلبه، بعد حكم أساطين المذهب بالأصل المقطوع، وإجماع ابني زهرة وإدريس - اللذين قد عرفت حالهما - وببعض النصوص الدالة على أنّ الحدود للإمامعليه‌السلام خصوصا المروي عن كتاب الأشعثيات، لمحمّد بن محمّد بن الأشعث - بإسناده عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام : « لا يصلح الحكم، ولا الحدود، ولا الجمعة إلاّ بالإمام »(٤) - الضعيف سندا، بل الكتاب المزبور على ما حكي عن بعض الأفاضل، ليس من

__________________

(١): تقدم ضبطه.

(٢): تقدم ضبطه.

(٣) النص في الجعفريات: ٤ - ٥.

(٤) الجعفريات: ٢٢.

٢٣

الأصول المشهورة، بل ولا المعتبرة، ولم يحكم أحد بصحّته من أصحابنا، بل لم تتواتر نسبته الى مصنّفه، بل ولم تصحّ على وجه تطمئنّ النفس بها، ولذا لم ينقل عنه الحرّ في الوسائل، ولا المجلسي في البحار، مع شدّة حرصهما - خصوصا الثاني - على كتب الحديث، ومن البعيد عدم عثورهما عليه، والشيخ والنجاشي، وإن ذكرا أنّ مصنّفه من أصحاب الكتب، إلاّ أنّهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، ومع ذلك فإنّ تتبّعه وتتبّع كتب الأصول يعطيان أنّه ليس جاريا على منوالها، فإنّ أكثره بخلافها، وإنّما تطابق روايته في الأكثر رواية العامّة. إلى آخره(١) ، انتهى موضع الحاجة، وفيه مواقع للنظر بل التعجب.

أمّا أولا : فقولهرحمه‌الله : « ضعيف(٢) سندا »، فإنّ الكتاب على ما زعمه لمحمّد بن الأشعث، وهو ثقة من أصحابنا، كما في رجال النجاشي والخلاصة(٣) والطريق إليه صحيح، كما عرفت.

والحقّ الذي لا مرية فيه أنّه لإسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام كما عرفت سابقا، وانّما وصل إلى محمّد بن محمّد بن الأشعث بتوسط ابنه موسى، ومنه انتشر هذا الكتاب، وعرف بالأشعثيات.

ويعرّف جلالة قدر إسماعيل وعلوّ مقامه - مضافا الى التأمّل ( فيما )(٤) في ترجمته - ما ذكره الكشي في ترجمة صفوان بن يحيى، أنّه مات في سنة عشر ومائتين بالمدينة، وبعث إليه أبو جعفرعليه‌السلام بحنوطه وكفنه، وأمر إسماعيل بن موسىعليه‌السلام بالصلاة عليه(٥) .

__________________

(١) جواهر الكلام ٢١: ٣٩٧ - ٣٩٨.

(٢) كذا في المخطوط والحجرية، ولكن هناك في الحجرية استظهار: الضعيف.

(٣) رجال النجاشي: ٣٧٩ / ١٠٣١ ورجال العلامة ١٦١ / ١٥٢.

(٤) كذا، وفي الحجرية وردت ك‍: نسخة بدل.

(٥) رجال الكشي ٢: ٧٩٢ / ٩٦١.

٢٤

وفي الكافي: عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان. وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، أنّ أبا الحسن موسىعليه‌السلام بعث إليه بوصيّة أبيه، وبصدقته، وساق الحديث(١) .

وفيه: وجعل صدقته هذه إلى عليعليه‌السلام وإبراهيم، فإذا انقرض أحدهما دخل القاسم مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما دخل إسماعيل مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما دخل العبّاس مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما فالأكبر من ولدي، فان لم يبق من ولدي إلاّ واحد فهو الذي يليه، وزعم أبو الحسنعليه‌السلام أنّ أباه قدم إسماعيل في صدقته على العباس، وهو أصغر منه(٢) .

وقال المفيدرحمه‌الله في الإرشاد - بعد ذكر أولاد موسىعليه‌السلام -: ولكلّ واحد من ولد أبي الحسن موسىعليه‌السلام فضل ومنقبة مشهورة(٣) .

وأمّا ابن إسماعيل أبو الحسن موسى، فقال الشيخ في الفهرست: موسى ابن إسماعيل له كتاب الصلاة، وكتاب الوضوء، رواهما عنه محمّد بن محمّد بن الأشعث، وله كتاب جامع التفسير(٤) .

وقال النجاشي: موسى بن إسماعيل له كتاب جوامع التفسير، وله كتاب الوضوء، روى هذه الكتب محمّد بن الأشعث(٥) .

ويظهر منهما أنّه من العلماء المؤلّفين، مع أنّه في المقام من مشايخ

__________________

(١) الكافي ٧: ٥٣ / ٨، مع بعض الاختلاف في السند.

(٢) الكافي ٧: ٥٤ / ٨.

(٣) الإرشاد ٢: ٢٤٦.

(٤) فهرست الشيخ: ١٦٣ / ٧٢١.

(٥) رجال النجاشي: ٤١ / ١٠٩١.

٢٥

الإجازة، والنسخة معلومة الانتساب إلى أبيه إسماعيل، ولذا تلقّاها الأصحاب بالقبول كما عرفت من حال(١) الرّواة والمحدّثين، ورووها عن محمّد بن الأشعث من غير تأمّل ونكير من أحد منهم، بل روى عنه هذه النسخة أيضا الثقة العين محمّد بن يحيى الخزاز، كما في المجلس الحادي والسبعين من أمالي الصدوققدس‌سره ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرحمه‌الله ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيى الخزاز، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام (٢) ، وساق الخبر، ثم قال: وبهذا الإسناد، وساق خبرين آخرين كلّها موجودة فيها(٣) .

ويروي عنه أيضا إبراهيم بن هاشم، كما في المجلس الرابع والخمسين منه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل ابن موسى بن جعفرعليهما‌السلام (٤) ، وساق النسب والإسناد. إلى آخره.

ويروي عنه أيضا أحمد بن عيسى، ففي المجلس الأربعين منه: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدثنا محمّد بن أحمد القشيري(٥) ، قال: حدّثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام (٦) ، وساق السند والمتن

__________________

(١) كذا وفي الحجرية: أحوال.

(٢) أمالي الصدوق: ٣٧٦ / ٦، ٧، ٨، والجعفريات: ١٨٢.

(٣) المصدر السابق: ٣٧٧ / ٧ و ٨ والجعفريات: ١٨٣.

(٤) المصدر السابق: ٢٧٧ / ٢١.

(٥) ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ٣: ٤٦٣ تحت رقم ٧١٦٩ وقال: محمّد بن أحمد بن حمدان ابن المغيرة القشيري، أبو جمزي. وجاء في النسخة الحجرية « القرشي » وعن نسخة « القشيري » ونحوه في المصدر، وعن نسخة « القشري ».

(٦) أمالي الصدوق: ١٨٩ / ١٠ والجعفريات: ١٧٦.

٢٦

كما في الأصل الموجود، ومثله في المجلس الثالث والخمسين إلاّ أنّ فيه أحمد بن عيسى الكلابي(١) .

وفي أمالي أبي عليّ ابن الشيخ: عن أبيه، عن المفيد، عن الصدوققدس‌سرهم ، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمران بن المغيرة القشيري، إلى آخر السند والمتن(٢) .

وأنت خبير أنّ رواية ثلاثة من الأجلاّء الثقات، عن موسى - وهم: محمّد ابن الأشعث، وابن يحيى، وإبراهيم بن هاشم الذي صرّح علي بن طاوس في فلاح السائل بأنّه من الثقات(٣) بالاتّفاق - ممّا يورث الظن القويّ بكونه من الثقات، ولعلّنا نشير إليه فيما يأتي ان شاء الله تعالى، مضافا إلى كونه من المؤلّفين.

ومن الغريب ما في منتهى المقال، فإنّه بعد نقل ما في الفهرست والنجاشي كما نقلنا، قال: أقول: يظهر ممّا ذكراه أنّه من العلماء الإماميّة فتأمّل(٤) ، فكأنّه لم يعرفه وأنّه سبط الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، واستظهر منهما كونه إماميّا ثم تأمّل فيه.

وأمّا ثانيا : فقوله: « حاكيا عن بعض الأفاضل أنّه ليس من الأصول المشهورة. » الى آخره ففساده واضح بعد التأمّل فيما ذكرناه، وليت شعري أيّ كتاب من الرواة الأقدمين أشهر منه، وأيّ مؤلّف لم ينقل منه، بل لم يذكروا كتابا مخصوصا منه في طيّ الإجازات سواه.

وقال ابن طاوس في كتاب عمل شهر رمضان - المدرج في الإقبال: فصل في تعظيم شهر رمضان(٥) -: رأيت ورويت من كتاب الجعفريات وهي

__________________

(١) أمالي الصدوق: ٢٦٨ / ٢.

(٢) أمالي الشيخ ٢: ٤٤.

(٣) فلاح السائل: ١٥٨.

(٤) منتهى المقال: ٣١٢.

(٥) ورد عنوان الفصل في الإقبال باللفظ التالي: فصل في تعظيم التلفظ بشهر رمضان.

٢٧

ألف حديث بإسناد واحد، عظيم الشأن، إلى مولانا موسى بن جعفر، عن مولانا جعفر بن محمّد، عن مولانا محمّد بن علي، عن مولانا علي بن الحسين، عن مولانا الحسين بن علي، عن مولانا علي [ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « لا تقولوا رمضان » الخبر. وهذا الحديث وقف فيه الإسناد في الأصل إلى مولانا عليعليه‌السلام (١) .

وقد روينا في غير هذا أنّ كل ما روي عن مولانا علي ](٢) عليه‌السلام فهو عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) ، انتهى.

ولا يخفى أنّ في قوله: عظيم الشأن، مدح عظيم لإسماعيل وابنه موسى ومحمّد بن الأشعث يقرب من التوثيق، فإنّه في مقام مدح هؤلاء لا الّذين فوقهم صلوات الله عليهم. وقد مرّ ما ذكره العلامة في إجازته الكبيرة(٤) .

وقال شمس الفقهاء الشهيد قدّس الله سرّه في البيان - في مسألة عدم منع الدين من الزكاة - ما لفظه: والدّين لا يمنع زكاة التجارة كما مرّ في العينية، وإن لم يكن الوفاء من غيره، لأنّها وإن تعلّقت بالقيمة فالأعيان مرادة، وكذا لا يمنع من زكاة الفطرة إذا كان مالكا مئونة السنة، ولا من الخمس إلاّ خمس الأرباح. نعم يمكن أن يقال: لا يتأكّد إخراج زكاة التجارة للمديون، لأنّه نفل يضرّ بالفرض، وفي الجعفريات: من كان له مال، وعليه مال، فليحسب ماله وما عليه، فإن كان له فضل مائتي درهم فليعط خمسه، وهذا نصّ في منع الدين الزكاة.

__________________

(١) الجعفريات: ٥٩.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في المخطوطة والظاهر أنّه سقط لسهو من كاتبها، كما وان هذه القطعة قد وردت في الحجرية وكذلك المصدر، وقد أثبتناها في المتن لضرورتها.

(٣) إقبال الأعمال: ٣.

(٤) لاحظ الإجازة الكبيرة في بحار الأنوار ١٠٧: ٦٠ - ١٣٧، وتقدم في صفحة ٢٠.

٢٨

والشيخ في الخلاف ما تمسّك على عدم منع الدين إلاّ بإطلاق الأخبار الموجبة للزكاة(١) ، انتهى.

وظاهره كما نسب إليه في المدارك(٢) التوقّف في هذا الحكم - الذي ادّعى العلاّمة عليه الإجماع في المنتهى(٣) ، كما حكي - لأجل الخبر المذكور، وهذا ينبئ عن شدّة اعتماده عليه، ولا يكون إلاّ بعد صحة نسبة الكتاب إلى مؤلّفه، وصحّة سنده.

وقال في الذكرى: إذا لم نقل بوجوب التحليل فالأولى استحبابه استظهارا، ولو مع الكثافة، لما رووه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله، وروينا في الجعفريات أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « أمرني جبرئيلعليه‌السلام ، عن ربّي أن أغسل فنكي عند الوضوء »، وهما جانبا العنفقة، أو طرف اللحيين عندها، وفي الغريبين: مجمع اللحيين ووسط الذقن، وقيل: هما العظمان الناشزان من الأذنين، وقيل: هما ما يتحركان من الماضغ، وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان ينضح غابته - وهي الشعر تحت الذقن - وأنّ علياعليه‌السلام كان يخلّل لحيته.

وما مرّ - مما يدلّ على نفي التخليل - يحمل على نفي الوجوب، جمعا بين الأخبار، وحينئذ بطريق الأولى استحباب إفاضة الماء على ظاهر اللحية طولا، انتهى(٤) .

فانظر كيف سلك بأخبار الجعفريات سلوكه بما في الكتب الأربعة.

__________________

(١) البيان: ١٩١ - ١٩٢، الجعفريات: ٥٤، الخلاف ٢: ١٠٨ مسألة ١٢٥.

(٢) مدارك الاحكام ٥: ١٨٤.

(٣) منتهى المطلب ١: ٥٠٦.

(٤) ذكري الشيعة: ٨٤، وفي النهاية ٣: ٤٧٦ الحديث باللفظ التالي: أمرني جبرئيل أن أتعاهد فنيكي بالماء عند الوضوء، الغريبين: مخطوط، وانظر الجعفريات: ١٨.

٢٩

وقالرحمه‌الله : في نكت الإرشاد في شرح الإرشاد - في كتاب الصوم -: فائدة نهى عن التلفّظ بلفظ رمضان، بل يقال « شهر » في أحاديث من أجودها ما أسنده بعض الأفاضل إلى الكاظمعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « لا تقولوا رمضان فإنّكم لا تدرون ما رمضان »(١) . ومراده الخبر الموجود في الجعفريات(٢) ، كما لا يخفى على من نظر سائر أخباره في الوسائل، في باب كراهة قول رمضان من غير إضافة الى الشهر(٣) .

وعندي مجموعة شريفة كلّها بخط الشيخ الجليل صاحب الكرامات شمس الدين محمّد بن علي الجباعي، جدّ شيخنا البهائيرحمه‌الله نقلها كلّها من خطّ شيخنا الشهيد طاب ثراه وممّا فيها ما اختصره من هذا الكتاب الشريف يقرب من ثلث هذا الكتاب، وكتب في آخر الأوراق التي فيها هذه الأخبار: يقول محمد بن علي الجباعي: إلى هاهنا وجدت من خطّ الشيخ محمد ابن مكيّقدس‌سره من الجعفريات، على أنّي تركت بعض الأحاديث وأوّلها ناقص، ولعلّ آخرها كذلك، وذلك يوم الاثنين سادس شهر ربيع الأوّل، سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، والحمد لله أولا وآخرا، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.

وأمّا ثالثا : فقولهرحمه‌الله : « ولذا لم ينقل عنه الحرّ في الوسائل » فإنّ فيه أنّه من أين علم أنّ الكتاب كان عنده ولم يعتمد عليه؟ ولذا لم ينقل عنه، بل المعلوم المتيقّن أنّه كغيره من الكتب المعتبرة لم يكن عنده، ولو كان لنقل عنه قطعا، فإنّه ينقل عن كتب هي دونه بمراتب من جهة المؤلّف، أو لعدم ثبوت النسبة إليه، أو ضعف الطريق إليه، كفضل الشيعة للصدوق، وتحف العقول،

__________________

(١) نكت الإرشاد: مخطوط.

(٢) الجعفريات: ٥٤.

(٣) وسائل الشيعة ١٠: ٣١٩.

٣٠

وتفسير فرات، وإرشاد الديلمي، ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى، والاختصاص للمفيد.

بل ذكر في أمل الآمل(١) جملة من الكتب لم يعرف مؤلفها، ولذا لم ينقل عنها، ولم يذكر هذا الكتاب مع أنّه يتشبّث في الاعتماد، أو النسبة بوجوه ضعيفة، وقرائن خفيّة، ولو كان الكتاب عنده مع اعتماد المشايخ وتصريح الأجلّة، حاشاه أن يهمله ويتجافى عنه.

هذا كتاب جامع الأخبار لم ينقل عنه في الوسائل لجهله بمؤلّفه، ثم بعده عرفه ونسبه إلى صاحب المكارم، وينقل عنه في كتاب الرجعة وغيرها(٢) ، مع أنّ هذه النسبة بمكان من الضعف، كما سنذكره ان شاء الله تعالى. مع أنّه نقل في كتاب الصوم - في ( باب كراهة قول رمضان من غير إضافة ) - عن السيّد في الإقبال الخبر الذي نقله عن الجعفريات، والمدح الذي ذكره(٣) ، فكيف يعتمد عليه مع الواسطة، ولم يعتمد عليه بدونها؟ وكأنّهرحمه‌الله تعالى زعم أنّ الأشعثيات غير الجعفريات، فوقع في هذا المحذور، مع أنّ اتحادهما من الواضحات لمن تأمّل فيما نقلناه عنهم، وفي الكتاب، وفي نوادر السيّد فضل الله.

وأمّا رابعا : فقولهرحمه‌الله : « ولا المجلسي في البحار ». الى آخره، فإنّه قد مرّ(٤) كلامهرحمه‌الله في أمر هذا الكتاب، وقال أيضا في الفصل الثاني من أول بحاره: ( و [ أما ](٥) كتاب النوادر فمؤلّفه من الأفاضل الكرام، قال الشيخ منتجب الدين [ في الفهرست ](٦) : علاّمة زمانه - إلى آخر ما يأتي(٧) ، ثم قال

__________________

(١) أمل الآمل ٢: ٣٦٤.

(٢) الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ٢٨.

(٣) وسائل الشيعة ١٠: ٣٢٠ / ١٣٥.

(٤) تقدم في الصفحة: ٢٤.

(٥) زيادة من بحار الأنوار.

(٦) زيادة من بحار الأنوار.

(٧) يأتي في الصفحة: ٣٢٤.

٣١

رحمه‌الله -: وأكثر أحاديث هذا الكتاب مأخوذ من كتاب موسى بن إسماعيل ابن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، الذي رواه سهل بن أحمد الديباجي، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عنه.

فأمّا سهل فمدحه النجاشي، وقال ابن الغضائري بعد ذمّه: لا بأس بما يروي عن الأشعثيات، وما يجري مجراها مما رواه غيره.

وابن الأشعث وثّقه النجاشي وقال: يروي نسخة عن موسى بن إسماعيل. وروى الصدوق في المجالس من كتابه بسند آخر هكذا: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن موسى بن إسماعيل، فبتلك القرائن يقوى العمل بأحاديثه )(١) انتهى.

وأمّا خامسا : فقولهرحمه‌الله ومن البعيد عدم عثورهما عليه إذ لا بعد فيه جدّا، فإنّه كان عند الثاني كتب كثيرة معتبرة لم تكن عند الأول، كما لا يخفى على من راجع البحار والوسائل، وكان عند ميرلوحي المعاصر للمجلسي، الساكن معه في أصبهان كتب نفيسة جليلة: ككتاب الرجعة لفضل بن شاذان، والفرج الكبير في الغيبة لأبي عبد الله محمد بن هبة الله بن جعفر الورّاق الطرابلسي، وكتاب الغيبة للحسن بن حمزة المرعشي، وغيرها، ولم يطلع عليه المجلسيرحمه‌الله مع كثرة احتياجه إليها، فإنّ لعدم العثور أسبابا كثيرة سوى عدم الفحص، منها: ضنّة صاحب الكتاب، كما في المورد المذكور، وهذا الكتاب لم نجد من نقل عنه بعد الشهيد، كجملة من كتب اخرى كانت عنده، وينقل عنها في الذكرى ومجاميعه التي سنشير إليها، ولو من الذين لا يبالون في مقام النقل بالمآخذ، ويعتمدون على الكتب المجهولة، والمراسيل الموجودة في ظهر الكتب، وبهذا يقوى الظن بعدم وجوده في تلك البلاد.

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣٦.

٣٢

وأمّا نحن فعثرنا عليه في الكتب التي جاء بها بعض السادة من أهل العلم من بلاد الهند، وكان مع قرب الإسناد، ومسائل علي بن جعفرعليه‌السلام ، وكتاب سليم في مجلد، والحمد لله على هذه النعمة الجليلة.

وأمّا سادسا : فقولهرحمه‌الله : « والشيخ والنجاشي. » الى آخره، فإنّ من نظر الى ترجمة محمّد بن الأشعث، وإسماعيل بن موسىعليه‌السلام ، وسهل ابن أحمد، لا يشكّ أنّ الكتاب المذكور نسخة كان يرويها إسماعيل، عن آبائه، ووصل الى ابن الأشعث بتوسّط ابنه موسى، ومنه تلقّى الأصحاب، ولذا عرف بالأشعثيات، فراجع ما نقلناه.

وليس لمحمّد كتاب إلاّ كتاب في الحج، فيما روته العامّة عن الصادقعليه‌السلام ، وإنّما ذكروا في ترجمته أنّه يروي هذه النسخة.

قال الشيخرحمه‌الله في الرجال: محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي يكنّى أبا علي، ومسكنه بمصر، يروي نسخة عن موسى بن إسماعيل.(١) إلى أخر ما تقدم، ولم يذكر له كتابا.

وفي رجال النجاشي - بعد الترجمة -: له كتاب الحجّ ذكر فيه ما روته العامّة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام (٢) . ولم يذكر غيره، وليس في هذا الكتاب منه خبر فضلا عن توهّم كونه هو.

وممّا يوضح ما ذكرنا ما في فلاح السائل للسيّد علي بن طاوسقدس‌سره ، قال: وفي كتاب محمّد بن محمّد بن الأشعث بإسناده أنّ مولانا علياعليه‌السلام ، قال: « ما رأيت إيمانا مع يقين أشبه منه بشكّ »(٣) . الى آخر ما في الجعفريات(٤) فلاحظ.

__________________

(١) رجال الشيخ الطوسي: ٥٠٠ / ٦٣.

(٢) رجال النجاشي: ٣٧٩ / ١٠٣١.

(٣) فلاح السائل: ٢١٤.

(٤) الجعفريات: ٢٣٧.

٣٣

وقال في جمال الأسبوع: ومن ذلك من كتاب رواية الأبناء عن الآباء، رواية أبي علي بن محمّد بن الأشعث الكندي الكوفي، من الجزء العاشر، بإسناده عن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من قرأ في دبر صلاة الجمعة »(١) . إلى آخر ما فيه.

وأمّا سابعا : فقولهرحمه‌الله : « فإن تتبّعه وتتبّع كتب الأصول ». الى آخره، فإنّه من الغرابة بمكان إذ هو أحسن كتاب رأيناه من كتب الأصول ترتيبا ووضعا، وجلّ متون أخباره موجود في الكتب الأربعة، وكتب الصدوقرحمه‌الله ، باختلاف يسير في بعضها، كما لا يخفى على من راجع كتابنا هذا، والوسائل. وليس فيه ما يوافق العامّة - ويجب حمله على التقية - إلاّ نزر يسير.

وفي الكتب الأربعة التي عليها تدور رحى مذهب الإماميّة من سنخ هذه الأخبار ما لا يحصى.

وهذا الكتاب لم يكن موجودا عنده يقينا، فكيف نسب إليه ما نسبه؟ ولعلّه من تتمّة كلام هذا الفاضل الذي نسب إليه ما ينبئ عن غاية بعده عن هذا الفن، بل الافتراء العظيم على هذا الكتاب الشريف، ولعمري لولا أنّ إسماعيل هاجر إلى مصر، البعيدة عن مجمع الرواة، ونقلة الأخبار، لكان هذا الكتاب من أشهر كتب الشيعة، ومع ذلك رأيت كيف تلقّوه منه بالمسافرة، والرسالة، والمكاتبة. وهذا واضح بحمد الله تعالى، ويزيده توضيحا إنكار العامّة ذلك الكتاب، ونسبتهم ما فيه إلى الوضع لاشتماله على المناكير.

قال الذهبي في ميزان الاعتدال: محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي [ أبو الحسن ](٢) نزيل مصر، قال ابن عدي: كتبت عنه بها، حمله [ شدة تشيّعه أن ](٣) ، أخرج إلينا نسخة قريبا من ألف حديث، عن موسى بن إسماعيل بن

__________________

(١) جمال الأسبوع: ٤١٩.

(٢) زيادة من المصدر.

(٣) في المخطوط والحجري: جملة، وما بين المعقوفين زيادة من المصدر.

٣٤

موسى بن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن آبائهعليهم‌السلام ، بخطّ طريّ عامّتها مناكير، فذكرنا ذلك للحسين بن علي بن الحسين العلوي(١) ، شيخ أهل البيت بمصر، فقال: كان موسى هذا جاري بالمدينة أربعين سنة، ما ذكر قطّ أنّ عنده رواية، لا عن أبيه، ولا عن غيره.

فمن النسخة: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « نعم الفصّ البلور » ومنها « شرّ البقاع دور الأمراء الذين لا يقضون بالحق » ومنها: « ثلاثة ذهبت منهم الرحمة: الصيّاد، والقصّاب، وبائع الحيوان » ومنها: « لا خيل أبقى من الدهم، ولا امرأة كابنة العمّ » ومنها: « اشتدّ غضب الله على من أهرق دمي وآذاني في عترتي » وساق له ابن عدي عدة موضوعات.

قال السهمي: سألت الدار قطني، فقال: آية من آيات الله وضع ذلك الكتاب - يعني العلويات(٢) - انتهى زخرف قوله، وصرف الوقت في ردّه تضييع للعمر مع خروجه عن وضع الكتاب.

وأمّا ثامنا : ففي الكتاب المذكور خبر آخر، لعلّه أدلّ على المطلوب من الخبر المذكور، ففيه بالسند المعهود، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: « ثلاثة إن أنتم فعلتموهن لم ينزل بكم بلاء: جهاد عدوّكم، وإذا رفعتم إلى أئمتكم حدودكم فحكموا فيها بالعدل »(٣) الخبر.

والخبر الذي ذكره لا ينحصر مأخذه في الأشعثيات، فقد رواه القاضي نعمان المصريقدس‌سره في دعائم الإسلام، ويأتي ما يدلّ على الاعتماد عليه، حتى عندهرحمه‌الله . وأمّا حكم أصل المسألة فمحلّه الفقه.

__________________

(١) كذا وفي المصدر: « الحسين بن علي الحسني العلوي » وفي هامش الصفحة عن بعض نسخ الميزان: « بن علي بن الحسين العلوي ». وذكره ابن حجر في لسان الميزان ٥: ٣٦٢ وقال: « ابن علي بن الحسين بن عمر بن علي بن الحسين بن علي العلوي ».

(٢) ميزان الاعتدال ٤: ٢٧ - ٢٨.

(٣) الجعفريات: ٢٤٥.

٣٥

هذا وينبغي التنبيه على أمور:

الأول : إنّ أخبار هذا الكتاب كلّها مروية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو عن عليعليه‌السلام بالسند المتقدم، وقد ينتهي إلى السجّاد، والباقر، والصادقعليهم‌السلام في موارد قليلة. وفي الكتاب أخبار قليلة متفرّقة بغير طريق أهل البيتعليهم‌السلام رواها محمّد بن الأشعث، بإسناده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي آخره أيضا عشرون حديثا كذلك، والظاهر أنّ طرقها عاميّة ألحقها بهذا الكتاب، وصرّح في عنوان بعضها بأنّه من غير طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، وقد نقلناها ووزّعناها على الأبواب تأسّيا بصاحب الوسائل، من نقله كلّ ما وجد في كتب الصدوق، وغيره، وإن كان تمام رجال سنده عاميّة مع أنّها ممّا يتسامح فيه من الأحكام والآداب، أو له شواهد من أخبار الأصحاب.

الثاني : إنّ جامع الكتاب ذكر تمام السند في كل خبر، إلاّ إنّه تفنّن في المقامات.

ففي كتاب الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، وقليل من الحجّ هكذا: أخبرنا محمّد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر ابن محمّدعليهما‌السلام . إلى آخره.

وفي كتاب الحجّ، والجهاد، والنكاح، والطلاق، والحدود، والديات، وقليل من السير والآداب هكذا: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى إلى آخره(١) .

وفي باقيها: أخبرنا عبد الله بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي. الى آخره، وهكذا في كتاب

__________________

(١) هنا زيادة في الحجرية لم ترد في المخطوط هي: وفي جملة من أبواب كتاب السير والآداب هكذا: وبإسناده عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام . الى آخره.

٣٦

الجنائز، وكتاب الدعاء، وكتاب الرؤيا. وفي كتاب غير مترجم مثل كتاب السير هكذا: وبإسناده.

ونحن أخرجنا الخبر منه كما وجدناه، متبرّكين بذكر تمام السند كما فيه، إلاّ في بعض المواضع، فبعد ذكر خبر بسنده نقول: وبهذا السند. إلى آخره.

الثالث : إنّك تجد - بعد النظر في أبواب الوسائل، وما استدركناه - إنّ كثيرا ممّا نقلناه من هذا الكتاب مرويّ في الكتب الأربعة، بطرق المشايخقدس‌سرهم إلى النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام كما فيه، ويظهر من هذا أنّ السكوني كان حاضرا في المجلس الذي كان أبو عبد اللهعليه‌السلام يلقي إلى ابنه الكاظمعليه‌السلام سنّة جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق(١) التحديث، فألقاه إلى ابنه إسماعيل على النحو الذي تلقّاه، وهذا ممّا ينبئ عن علوّ مقام السكوني عندهعليه‌السلام ، ولطفه به، واختصاصه بهذا التشريف، ويضعّف جعل أسلوب رواياته قرينة على عامّيته فإنّها - عن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام - وهذا ظاهر على المنصف البصير، ولا ينبّئك مثل خبير.

__________________

(١) في المخطوطة: بطرق.

٣٧

٢ - وكتاب درست:

وأخواته، إلى جزء من نوادر عليّ بن أسباط، وجدناها مجموعة منقولة كلّها من نسخة عتيقة صحيحة بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي، وهو نقلها من خط الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي، وكان تأريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وذكر أنّه أخذ الأصول المذكورة من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري، وهذه النسخة كانت عند العلاّمة المجلسيقدس‌سره ، كما صرّح به في أوّل البحار(١) ومنها انتشرت النسخ، وفي أوّل جملة منها وآخرها يذكر صورة النقل(٢) .

أمّا كتاب درست : فهو ساقط من أوّله، وفي آخره: تمّ كتاب درست، وفرغت من نسخه من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن أيّوب القمّي أيّده الله سماعا له عن الشيخ أبي محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيّده الله بالموصل، في يوم الأربعاء، لثلاث ليال بقين من ذي القعدة، سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليما.

ودرست هذا رمي بالوقف، وفي رجال النجاشي: درست بن أبي منصور محمّد الواسطي، روى عن أبي عبد الله، وأبي الحسنعليهما‌السلام ، ومعنى درست أي صحيح. له كتاب يرويه جماعة: منهم سعد بن محمّد الطاطري عمّ عليّ بن الحسن الطاطري، ومنهم محمّد بن أبي عمير.

أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: حدثنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٤٣.

(٢) هنا زيادة في الحجرية هي: المذكور.

٣٨

حميد بن زياد، قال: حدّثنا محمّد بن غالب الصيرفي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن الطاطري، قال: حدّثنا عمّي سعد بن محمّد أبو القاسم، قال: حدّثنا درست بكتابه.

وأخبرنا محمّد بن عثمان، قال: حدثنا جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا عبيد الله ابن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا محمّد بن أبي عمير، عن درست بكتابه(١) . وقال الشيخ في الفهرست: درست الواسطي له كتاب، وهو ابن أبي منصور، أخبرنا بكتابه أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي، عن أحمد ابن عمر بن كيسبة، عن علي بن الحسن الطاطري، عن درست.

ورواه حميد، عن ابن نهيك، عن درست(٢) .

وظاهر النجاشي أنّ علي بن الحسن يروي عنه بتوسط عمّه. وصريح الشيخرحمه‌الله أنّه يروي عنه بلا واسطة، ويؤيد الأخير ما في الاستبصار، في باب الطيب من أبواب ما يجب على المحرم اجتنابه، روايته عنه بعنوان علي الجرمي(٣) .

وفي التهذيب في باب ما يجب على المحرم اجتنابه(٤) ، وفيه في باب الطواف قريبا من آخره روايته عنه بعنوان الطاطري(٥) ، وفيه في باب الكفارة عن خطأ المحرم، روايته عنه مرّتين بعنوان علي بن الحسن الجرمي(٦) .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٦٢ / ٤٣٠.

(٢) فهرست الشيخ: ٦٩ / ٢٧٨.

(٣) الاستبصار ٢: ١٧٨ / ٥٩٢.

(٤) التهذيب ٥: ٢٩٨ / ١٠٠٨.

(٥) التهذيب ٥: ١٣٩ / ٢٥٩.

(٦) التهذيب ٥: ٣٥١ / ١٢٢٠. أمّا الحديث الثاني الذي أشار إليه المصنفقدس‌سره في التهذيب ٥: ٣٤٢ / ١١٨٦ في النسخة المطبوعة بواسطة محمد، ولعلّ المصنف اعتمد نسخة من التهذيب خالية من هذه الواسطة والله أعلم بالصواب.

٣٩

ثم لا يخفى أنّه يروي عنه غير هؤلاء جماعة من أجلاّء الرواة، والمشايخ الثقات:

كنضر بن سويد: في التهذيب في باب ضروب الحجّ(١) ، وفي الكافي في باب ثواب المرض(٢) ، وفي باب تعجيل عقوبة الذنب(٣) ، وفي الاستبصار في باب أنّ التمتع فرض من نأى عن الحرم(٤) ، وفي الكافي في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(٥) .

والحسن بن علي الوشّاء: في مشيخة الفقيه(٦) ، وفي الكافي في باب التقية(٧) . وفي التهذيب في باب العتق(٨) ، وفي الاستبصار في باب الرجل يعتق عبدا له وعلى العبد دين بعنوان الحسن بن علي(٩) ، والظاهر أنّه الوشاء بقرينة ما في الفقيه(١٠) .

وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي: في الكافي في باب ثواب المرض(١١) وفي التهذيب في باب الصيد والذكاة(١٢) .

__________________

(١) التهذيب ٥: ٢٦ / ٧٧.

(٢) الكافي ٣: ١١٤ / ٦.

(٣) المصدر السابق ٢: ٣٢٣ / ١١.

(٤) الاستبصار ٢: ١٥١ / ٤٩٥.

(٥) الكافي ٥: ٥٨ / ٨.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٤: ٧٨.

(٧) الكافي ٢: ١٧٣ / ٨.

(٨) التهذيب ٨: ٢٤٨ / ٨٩٥.

(٩) الاستبصار ٤: ٢٠ / ٦٢٩.

(١٠) من لا يحضره الفقيه ٤: ٧٨.

(١١) الكافي ٣: ١١٤ / ٧.

(١٢) النسخة المطبوعة من التهذيب ( في الباب المذكور ) خالية من رواية البزنطي عن درست، ولعلّه من سهو قلم المصنف، والله أعلم بالصواب. وسبب السهو أنه نقل في جامع الرواة رواية البزنطي عن درست في الكافي في باب ثواب المرض. ثم قال: أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن علي عنه في التهذيب في باب الصيد والذكاة. نسبه المصنف إلى البزنطي.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

كفر يزيد وارتداده

٨٧٨ ـ ما حكاه عبد الله بن عمر عن معاوية ويزيد :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٥)

حكى عبد الله بن عمر ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في مسجده ، فسمعته يقول لجلسائه : الآن يطلع عليكم رجل ، يموت على غير سنّتي. فما استتم كلامه إذ طلع معاوية وجلس معنا في المسجد. فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب ، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد ، وخرج ولم يسمع الخطبة. فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خارجا مع ابنه ، قال : لعن الله القائد والمقود.

(أقول) : إن يزيد بن معاوية لم يكن في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد ولد سنة ٢٨ ه‍ ، والصحيح أن معاوية حين خرج من المسجد كان يأخذ بيد أخيه الأصغر يزيد بن أبي سفيان ، وليس ابنه يزيد.

٨٧٩ ـ كفر يزيد وارتداده عن الإسلام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٠)

يقول محمّد مهدي المازندراني : ثم لا بأس أن نشير إلى كلمات بعض علماء العامة في كفر يزيد ، ووجوب اللعن عليه.

شهادة ابن عقدة :

قال ابن عقدة : ومما يدل على كفره وزندقته ، فضلا عن سبّه ولعنه ، أشعاره التي أفصح فيها بالإلحاد ، وأبان عن خبث الضمير والاعتقاد ؛ منها قوله في تحليل الخمر وإنكار البعث :

إذا ما نظرنا في أمور قديمة

وجدنا حلالا شربها متواليا

وإن متّ يا أم الأحيمر فانكحي

ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا

فإن الّذي حدّثت من يوم بعثنا

أحاديث طمّ تجعل القلب ساهيا

وله أيضا :

معشر الندمان قوموا

واسمعوا صوت الأغاني

واشربوا كأس مدام

واتركوا ذكر المعاني

شغلتني نغمة العيدا

ن عن صوت الأذان

وتعوّضت عن الحو

ر خمورا في الدّنان

٧٢١

شهادة أبي يعلى :(المصدر السابق)

وحكى القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد بن حنبل في كتاب (الوجهين والروايتين) أنه قال : إن صحّ عن يزيد ذلك [أي ما استشهد به من أبيات شعر ابن الزبعرى المشرك] ، فقد كفر بالله وبرسوله ، لأنه أسف على كفار بدر ، ولم يرض بقتلهم ، وأنكر أمر الله فيهم ، وفعل الرسول في جهادهم ، واعتبر أن قتل الحسينعليه‌السلام صواب ، وعادله بالكفار وسوّى بينهم ، والله سبحانه وتعالى يقول :( لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) (٢٠) [الحشر :٢٠]. وهل هذا إلا ارتداد عن الدين ف( لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) [الأعراف : ٤٤]( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ٢٨جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ ) (٢٩) [إبراهيم : ٢٨ ـ ٢٩]. ثم إن يزيد زاد في القصيدة بقوله :

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

قال مجاهد : وهذا نافق في الدين.

شهادة الزهري :(المصدر السابق)

وقال الزهري : لما جاءت الرؤوس كان يزيد على منظرة جيرون ، فأنشد يقول :

لما بدت تلك الرؤوس وأشرقت

تلك الشموس على ربى جيرون

نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح

فلقد قضيت من النبي ديوني

وهل أحد يشكّ في كفره ، بعد إنشاده هذه الأبيات؟!.

٨٨٠ ـ صبّ يزيد الخمر على رأس الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق)

وقال بعض آخر : إن صبّ الجرعة من الخمر على رأس الحسينعليه‌السلام واستهزاءه بأن علياعليه‌السلام ساق على الحوض ، وأن محمدا حرّم الذهب والفضة ، وشعره في الانتقام من بني أحمد ، واترا عن شيوخه الكفرة المقتولين يوم بدر ؛ إن صحّ عنه ذلك فهو كافر ، لأنه ما فعل ذلك إلا وهو منكر لما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...والمنكر لما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كافر.

٧٢٢

٨٨١ ـ رأي عمر بن عبد العزيز في يزيد :(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣١)

قال نوفل بن أبي الفرات : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فذكر رجل يزيد ، فقال : قال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية!. فقال عمر : تقول أمير المؤمنين!.وأمر به فضرب عشرين سوطا.

٨٨٢ ـ رأي عبد الملك بن مروان بمن قبله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢١٨)

خطب عبد الملك بن مروان بالمدينة بعد قتل الزبير ، فقال : أما بعد ، فلست بالخليفة المستضعف [يعني عثمان] ، ولا الخليفة المداهن [يعني معاوية] ، ولا الخليفة المأفون [يعني يزيد].

٨٨٣ ـ رأي ابن حجر في كفر يزيد :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٦٨)

قال ابن حجر في (شرح الهمزية) : إن يزيد قد بلغ من قبائح الفسق والانحلال عن التقوى مبلغا لا يستكثر عليه صدور تلك القبائح منه. بل قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به علما وورعا ، يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ، ثبتت عنده ، وإن لم تثبت عند غيره.

٨٨٤ ـ رأي عبد الباقي العمري وحكمه بكفر يزيد :

(المصدر السابق ، ص ٥٧)

قال الشبراوي بعد ذكر الأبيات التي تمثّل بها يزيد :

إن هذه الأبيات أشار إليها شاعر العراق المرحوم عبد الباقي العمري في ديوانه (الباقيات الصالحات) بقوله :

نقطع في تكفيره إن صحّ ما

قد قال للغراب لما نعبا

٨٨٥ ـ آراء علماء السنة في يزيد ولعنه :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ص ٦٨)

قال ابن عماد الحنبلي : ولعلماء السلف في يزيد وقتله الحسينعليه‌السلام خلاف في اللعن والتوقف.

قال ابن الصلاح : والناس في يزيد ثلاث فرق : فرقة تحبه وتتولاه ، وفرقة تسبّه

٧٢٣

وتلعنه ، وفرقة متوسطة في ذلك ، لا تتولاه ولا تلعنه. قال : وهذه الفرقة هي المصيبة ، ومذهبها هو اللائق لمن يعرف سير الماضين ، ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة. انتهى كلامه

ويتابع الحنبلي كلامه قائلا : وعلى الجملة فما نقل عن قتلة الحسينعليه‌السلام والمتحاملين عليه ، يدلّ على الزندقة وانحلال الإيمان من قلوبهم ، وتهاونهم بمنصب النبوة ، وما أعظم ذلك!. فسبحان من حفظ الشريعة حينئذ ، وشيّد أركانها حتى انقضت دولتهم. وعلى فعل الأمويين وأمرائهم بأهل البيتعليه‌السلام حمل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هلاك أمتي على أيدي أغيلمة من قريش».

رأي التفتازاني في لعن يزيد :(المصدر السابق)

وقال سعد الدين التفتازاني في (شرح العقائد النسفية) : اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين (ع) ، أو أمر بقتله ، أو أجازه أو رضي به (من غير تبيّن).

قال : والحق أن رضا يزيد بقتل الحسينعليه‌السلام ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مما تواتر معناه ، وإن كانت تفاصيله آحادا.

قال : فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في كفره وإيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه. اه

رأي الحافظ ابن عساكر :(المصدر السابق ، ص ٦٩)

وقال الحافظ ابن عساكر : نسب إلى يزيد قصيدة منها :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

فإن صحّت عنه ، فهو كافر بلا ريب.

رأي الحافظ الذهبي :

(المصدر السابق)

وقال الحافظ الذهبي في يزيد : كان ناصبيا فظا غليظا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر. افتتح دولته بقتل الحسينعليه‌السلام ، وختمها بوقعة الحرّة. فمقته الناس ، ولم يبارك في عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسينعليه‌السلام .

٧٢٤

رأي الكيا الهراسي :

واستفتي الكيا الهراسي في يزيد ، فذكر فصلا واسعا من مخازيه حتى نفدت الورقة. ثم قال : ولو مددت ببياض [اي ورق] لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.

رأي الغزّالي :

وأما الغزالي ، فرغم كل علمه وفهمه ، فقد توقف في شأنه ومنع من لعنه ، مع تقبيح فعله ، بدعوى أنه ربما تاب قبل موته. مع أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد لعن يزيد ، وهو يعلم أنه لن يتوب. وواقع الحال يدلّ على عدم توبته ، فقد قصف الله عمره أثناء ما كان جيشه يضرب الكعبة ويحرقها. فأين التوبة!.

رأي اليافعي :

وقال اليافعي : وأما حكم من قتل الحسينعليه‌السلام أو أمر بقتله ، ممن استحل ذلك فهو كافر ، وإن لم يستحل ففاسق فاجر.

لعن يزيد وسبّه

٨٨٦ ـ كفر يزيد ولعنه :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٩٢)

قال الشيخ الصبان : وقد قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به ورعا وعلما ، يقتضيان أنه لم يقل ذلك إلا لما ثبت عنده من أمور صريحة وقعت منه توجب ذلك.

وواقفه على ذلك جماعة كابن الجوزي.

وأما فسقه فقد أجمعوا عليه. وأجاز قوم من العلماء لعنه بخصوص اسمه ، روي ذلك عن الإمام أحمد.

قال ابن الجوزي : صنّف القاضي أبو يعلى كتابا فيمن كان يستحق اللعنة ، وذكر منهم يزيد.

وأما جواز لعن من قتل الحسينعليه‌السلام أو أمر بقتله أو أجازه أو رضي به ، من غير تسمية ؛ فمتّفق عليه.

٧٢٥

٨٨٧ ـ هل يزيد من الصحابة ، وهل يجوز لعنه؟ :

(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٠ ؛

والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ، ج ٢ ص ٥٣)

سئل عماد الدين الكيا الهراسي الفقيه الشافعي ، عن يزيد بن معاوية ، هل هو من الصحابة أم لا؟. وهل يجوز لعنه أم لا؟. فقال : إنه لم يكن من الصحابة ، لأنه ولد في أيام عمر بن الخطاب.

وأما قول السلف في لعنه ؛ ففيه لأحمد قولان : تلويح وتصريح ، ولمالك قولان :تلويح وتصريح ، ولأبي حنيفة قولان : تلويح وتصريح ، ولنا قول واحد : التصريح دون التلويح. وكيف لا يكون ذلك وهو اللاعب بالنرد ، والمتصيّد بالفهود ، ومدمن الخمر. وشعره في الخمر معلوم ، ومنه قوله :

أقول لصحب ضمّت الكاس شملهم

وداعي صبابات الهوى يترنّم

خذوا بنصيب من نعيم ولذة

فكلّ وإن طال المدى يتصرّم

ولا تتركوا يوم السرور إلى غد

فربّ غد يأتي بما ليس يعلم

وكتب الهراسي فصلا طويلا ، ثم قلب الورقة وكتب : لو مددت ببياض ، لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.

وقال الجاحظ في (الرسالة ١١ في بني أمية) ص ٢٩٨ :

المنكرات التي اقترفها يزيد ؛ من قتل الحسينعليه‌السلام ، وحمله بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا ، وقرعه ثنايا الحسينعليه‌السلام بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ؛ تدل على القسوة والغلظة والنّصب وسوء الرأي والحقد والبغضاء والنفاق والخروج عن الإيمان. فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون.

وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) : كان يزيد بن معاوية ناصبيا فظا غليظا جلفا ، يتناول المسكر ويفعل المنكر. افتتح دولته بقتل الشهيد الحسينعليه‌السلام ، وختمها بوقعة الحرّة [في المدينة] ، فمقته الناس ولم يبارك في عمره.

(راجع مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٢ و ١٣ ، ط ٣)

٧٢٦

رأي ابن الجوزي وأحمد بن حنبل

٨٨٨ ـ هل يجوز لعن يزيد؟ :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٦ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ذكر جدي أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه (الردّ على المتعصب العنيد ، المانع من ذم يزيد) وقال : سألني سائل فقال : ما تقولون في يزيد بن معاوية؟. فقلت له : يكفيه ما به.

فقال : أتجوّز لعنه؟. فقلت : قد أجازها العلماء الورعون ؛ منهم أحمد بن حنبل ، فإنه ذكر في حقّ يزيد ما يزيد على اللعنة!.

ـ كيف أجاز الله لعن يزيد في القرآن؟ :

وحكى جدي أبو الفرج عن القاضي أبي يعلى بن الفراء في كتابه (المعتمد في الأصول) بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل (قال) قلت لأبي : إن قوما ينسبونا إلى توالي يزيد. فقال : يا بني وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!.

فقلت : فلم لا تلعنه؟. فقال : وما [وفي رواية : متى] رأيتني لعنت شيئا يا بني؟.ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟. فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه؟. فقال :في قوله تعالى :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣] وهل يكون فساد أعظم من قتل الحسينعليه‌السلام . وقد قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) [الأحزاب : ٥٧] وأي أذى أشدّ على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قتل الحسينعليه‌السلام الذي هو له ولبنته البتول قرة عين؟!.

٨٨٩ ـ رأي أحمد بن حنبل :(التاريخ الحسيني لمحمود الببلاوي ، ص ١١)

نقل صالح بن أحمد بن حنبل (قال) قلت لأبي : يا أبت أتلعن يزيد؟. فقال :يا بني كيف لا نلعن من لعنه الله تعالى في ثلاث آيات من كتابه العزيز ؛ في الرعد والقتال والأحزاب؟!. قال تعالى :( وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (٢٥) [الرعد : ٢٥] وأي قطيعة أفظع من قطيعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ابن بنته الزهراءعليه‌السلام ؟!. وقال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) (٥٧) [الأحزاب : ٥٧] وأي أذيّة

٧٢٧

لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوق قتل ابن بنته الزهراءعليه‌السلام ؟!. وقال تعالى :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣] وهل بعد قتل الحسينعليه‌السلام إفساد في الأرض أو قطيعة للأرحام؟!.

٨٩٠ ـ من أخاف أهل المدينة ملعون :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٨ ط ٢ نجف)

قال أحمد بن حنبل في (المسند) : حدثنا أنس بن عياص ، حدثني يزيد بن حفصة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن عطاء بن يسار عن السائب ابن خلاد ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا».

وفي صحيح البخاري : حدثنا حسين بن حريث ، أخبرنا أبو الفضل عن جعيد عن عائشة ، قالت : سمعت سعدا يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يكيد أهل المدينة (أحد) إلا انماع كما ينماع الملح في الماء». أخرجه مسلم أيضا بمعناه ، ومنه : «لا يريد أهل المدينة أحد بسوء ، إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص».

ولا خلاف أن يزيد أخاف أهل المدينة وسبى أهلها ونهبها وأباحها في وقعة الحرّة.

٨٩١ ـ رأي أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في لعن يزيد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٣٠١ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ولما لعنه جدي أبو الفرج على المنبر ببغداد ، بحضرة الإمام الناصر وأكابر العلماء ، قام جماعة من الجفاة من مجلسه ، فذهبوا. فقال جدي :( أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ ) (٩٥) [هود : ٩٥].

وحكى لي بعض أشياخنا عن ذلك اليوم ، أن جماعة سألوا جدي أبا الفرج عن يزيد ، فقالوا : ما تقول في رجل ولّي ثلاث سنين ؛ في السنة الأولى قتل الحسينعليه‌السلام ، وفي الثانية أخاف المدينة وأباحها ، وفي الثالثة رمى الكعبة بالمجانيق وهدمها؟. فقالوا : نلعن؟. فقال : فالعنوه.

وقال أبو الفرج في كتابه (الردّ على المتعصب العنيد) : قد جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب معشار عشر معشار عشر فعل يزيد.

٧٢٨

٨٩٢ ـ رأي الفاضل الدربندي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٠)

يقول الفاضل الدربندي عن يزيد : والعجب من جماعة يتوقفون في أمره ، ويتنزّهون عن لعنه!. وقد أجازه كثير من الأئمة ؛ منهم ابن الجوزي ، وناهيك به علما وجلالة.

ثم ذكر محاورة صالح مع أبيه أحمد بن حنبل ، وأدلة جواز لعن يزيد من القرآن.ثم عقوبة من أخاف أهل المدينة ، وأن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ثم ساق القصة التالية :

ـ مناوشة ظريفة للفاضل الدربندي :

يقول الفاضل الدربندي : إن الأمر الأعجب ، أن جمعا من المتعصبين في هذا الزمان من الفرقة الشافعية ، يستنكفون عن اللعن على يزيد ، بل ينسبون ذلك إلى إمام مذهبهم الشافعي أيضا!. وتعصّب الأكراد الساكنين (بغداد) أزيد من تعصّب غيرهم ، بل إن جمعا منهم يفتون بحلّية دماء الذين يلعنون على يزيد!.

ومن جملة الظرائف الواقعة قبل مدة أني كنت نازلا في بغداد ، في دار علامة علماء العامة شهاب الدين سيد محمود الأروسي المفتي. فخرجت يوما من المنزل وحيدا ، فسرت حتى وصلت منزل ملا عبد الرحمن الكردي ، وكان أهل السنة يفضّلونه على المفتي. فلما حضرت عنده جرى بيننا ما حرّك العداوة الأصلية ...قال : أنتم معشر الشيعة لم تلعنون يزيد وأبيه معاوية؟!. فلما سمعت هذا الكلام ، ارتعدت فرائصي واغتظت ورفعت صوتي قائلا : أي مسلم يسأل عن مثل هذه المسألة؟ لعنة الله ولعنة اللاعنين على يزيد وأبيه معاوية. فلما سمع الكردي هذا الكلام مني تغيّر لونه واسودّ وجهه وكاد أن يهلك من شدة الغضب ، وما ظننت إلا أن السموات قد سقطت على رأسه ، أو أنه خسف الله به الأرضين!. فصاح صيحة منكرة واجتمع الناس بها ثم قال : فقد جئت بشيء عظيم ، أتلعن خال المؤمنين ، وأنت في دار السلام بغداد ، مجمع أهل السنة؟. فعليك إثبات جواز اللعن عليه ، وإلا فإني أقيم عليك الحدّ والتعزير.

فقلت له : اربع على ظلعك [أي ارفق على نفسك ولا تحمّلها ما لا تطيق] ، سبحان الله كيف أنت تقيم الحدّ والتعزير على أحد ، وأنت ممن وجب في شأنه الحدود والتعزيرات؟!. ثم إن الضروري من الدين لا يحتاج إلى إقامة الدليل ، وقد

٧٢٩

غطّى بصرك وبصيرتك التنصّب والتعصّب ، حيث تعدّ الضروري من قسم النظريات.وعلى كلّ فإن إثبات ذلك بالدليل من أسهل الأمور.

أنسيت قول علامتكم التفتازاني في (شرح المقاصد في تذييل مباحث الإمامة) مع كونه على ما تعرفه من التنصّب والتعصّب؟ فقال : " لا ريب أن أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد آذوا عترته بعده ، فليس كل صحابي بمعصوم ، ولا كل من لقي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخير بموسوم. إلا أنّا كففنا عن الطعن في الأولين لئلا تشقّ العصى على الإسلام والمسلمين. وأما من بعدهم من الظالمين فتشهد بظلمهم الأرض والسماء والحيوانات والجمادات ، فعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين".

فقلت له : أليس هذا مضمون كلامه وخلاصة مراميه في ذلك التذييل؟. فقال :نعم ، ولكن أقول : من العلامة التفتازاني؟ وأين قوله من أن يكون حجة؟ بل أنا أعلم منه. فائتني بأثارة من العلم من الآيات المحكمة والأخبار النبوية. فقلت له : هل تلتزم باللعن على يزيد ومعاوية إذا ذكرت آية صريحة وأخبارا نبوية من طرقكم في ذلك الباب؟. فقال : نعم.

فلما أخذت منه العهد والميثاق على ذلك ، قرأت قوله تعالى في سورة الأحزاب :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) [الأحزاب: ٥٧]. فقال : كيف التقريب في الاستدلال؟.

فقلت له : ألم يرد في الأخبار المتضافرة المتسامعة من طرقكم أنه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، حربك حربي وسلمك سلمي ، ولحمك لحمي ودمك دمي ، ومن حاربك فقد حاربني وحارب الله. فقال : نعم قد ورد.

ثم قلت له : ألم يرد أيضا في الأخبار المتواترة المتكاثرة من طرقكم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : حسين مني وأنا من حسين ، لحمه لحمي ودمه دمي؟. فقال :نعم قد ورد.

ثم قلت له : ألم يرد أيضا في الأخبار المتواترة المتوافرة في طرقكم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : فاطمة بضعة مني ، من أغضبها فقد أغضبني ، ومن آذاها فقد آذاني؟. فقال : نعم قد ورد.

فقلت له : هل التقريب في الاستدلال تام أم لا؟. فطأطأ رأسه طويلا ، فسكت فلعله قد التفت إلى أن الإذعان بذلك كله ، نظرا إلى أنه لا يمكن [إمكانه] ، قد خرّب

٧٣٠

بنيان مذهبه ، وكيف لا؟ فإن الإذعان بذلك يستلزم الإذعان بارتداد الأولين ، ويستلزم وجوب اللعن عليهم ، فضلا عن يزيد ومعاوية.

ثم لما أردت أن أقوم من المجلس ، أحلفني بالله أن أجلس فيه مدة نصف ساعة أيضا. فأمر خادمه بتجديد البن [أي القهوة] والتتن والقليان!.

«انتهى كلام الفاضل الدربندي»

قبر يزيد ومعاوية

٨٩٣ ـ انطماس قبور الظالمين وذكرهم :

من مظاهر عدالة الله ، أن الشهيد يخلّد ذكره حتى في الدنيا ، بينما يمحو ذكر الظالم ، كما يمحو أثره وقبره فهذه قبور عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكللها الذهب والعقيان ، بينما قبور ملوك بني أمية فتكللها الأوساخ والأدران ، ويلفّها العدم والنسيان ، فلا يعرف لها محل ولا مكان!. وأوضح شاهد على ذلك قبر يزيد وقبر معاوية في دمشق الشام.

يقول الشيخ محمّد حسين المظفر في كتابه (تاريخ الشيعة) ص ١٣٨ عن التشيّع في دمشق :

وأما اليوم فالشيعة في سورية ودمشق مجاهرة بالتشيع ، ولهم شأن في البلاد رفيع. ولو رأيت اليوم قباب القبور العلوية المشيّدة في دمشق عاصمة بني أمية ، مع اندراس قبور بني أمية ؛ لعرفت كيف يعلو الحق ، وإن اجتهد أعداؤه طول الزمن في طمسه.

قبر يزيد

٨٩٤ ـ قبر يزيد :(الخصائص الحسينية للتستري ، ص ٢٧٠)

قال الشيخ جعفر التستري :

وانظر إلى قبر يزيد في الشام ، من يوم قبر فيه إلى الآن ، كل من يمرّ عليه لا بدّ أن يرجمه بالحجارة ، ويحمل كلّ من يريد المرور عليه الحجارة من بعيد. يفعل ذلك الشيعة والسنّة ، واليهود والنصارى. وقد جرّب أن من لم يضربه بحجر ، لم تقض حاجته. وقد صار [قبره] تلا عظيما من أحجار الرجم.

٧٣١

(أقول) : ولما هلك يزيد في ظروف غامضة ، ولم يجدوا غير فخذه ، قبروه قرب مقبرة باب الصغير بدمشق ، في غرفة ليس لها سقف. وقد كان الناس إلى وقت قريب ـ كما كان يحدّثنا آباؤنا ـ إذا مرّ أحدهم بهذه الغرفة يضرب على ساكنها حجرا ، تعبيرا عن أن يزيد كإبليس يستحق الرجم والطرد من رحمة الله. ثم سكّروا تلك الغرفة وهجروها. فأنشأ أحدهم بجوارها معملا لنفخ الزجاج ، فكان أتون النار ملاصقا لقبر يزيد ، يحرقه في الدنيا قبل أن يحرق في نار جهنم ، جزاء وفاقا( وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) !.

وقد سمعت من المرحوم الحاج حسن أبي ياسر الخياط يقول : إن فخذ يزيد هو في غرفة مواجه الدرج الّذي يصعد منه إلى مقبرة الستات. وحين كنا صغارا كنا مثل كل الناس عندما نمرّ من هناك نضرب على الغرفة حجرا. ثم فرّغوا الغرفة من الأحجار وقلبوها إلى معمل لأنوال النسيج.

وعلى مقربة من فخذ يزيد يوجد قبر يظن أهل الشام أنه قبر أبي عبيدة بن الجراح ، ولذلك سمّوا المسجد الذي يقابل قبر يزيد : جامع الجرّاح.

(أقول) : هذا خطأ لأن أبا عبيدة دفن في غور بيسان ، وليس في دمشق.

وفي (خطط دمشق) لصلاح الدين المنجد ، ص ٩٠ :

جامع جرّاح : خارج الباب الصغير ، بمحلة سوق الغنم ، بدرب جرّاح. كان أصله مسجدا للجنائز ، بناه الملك الأشرف موسى ، ثم جدده جرّاح المنيحي.

ـ حرق عظام بني أمية وعظم يزيد :(الكنى والألقاب ، ج ١ ص ٢٣٣)

بعد أن صلب الأمويون زيد بن علي [زين العابدينعليه‌السلام ] على جذع شجرة ، وأبقوه مصلوبا خمس سنين عريانا ، جاء الوليد بن يزيد فكتب إلى عامله بالكوفة فأحرق زيدا بخشبته ، وأذرى رماده في الرياح على شاطئ الفرات ؛ صار هذا سببا لأن يفعل العباسيون بهم وبقبورهم مثل ذلك.

حكى المسعودي عن الهيثم بن عدي عن معمّر بن هانئ الطائي ، قال : خرجت مع عبد الله بن علي وهو عم السفاح والمنصور ، فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك فاستخرجناه صحيحا ، ما فقدنا منه إلا خرمة أنفه ؛ فضربه عبد الله ثمانين سوطا ، ثم أحرقه. فاستخرجنا سليمان بن عبد الملك من أرض دابق ، فلم نجد منه شيئا ، إلا صلبه وأضلاعه ورأسه ، فأحرقناه. وفعلنا ذلك بغيره من بني أمية ، وكانت قبورهم

٧٣٢

بقنّسرين [قرب حلب]. ثم انتهينا إلى دمشق فأخرجنا الوليد بن عبد الملك ، فما وجدنا إلا شؤون رأسه. ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية ، فما وجدنا منه إلا عظما واحدا ، ووجدنا خطا أسود كأنما خطّ بالرماد بالطول في لحده. ثم تتبّعنا قبورهم في جميع البلدان ، فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم.

قبر معاوية

٨٩٥ ـ قبر معاوية في دمشق :

جاء في (تاريخ ابن عساكر) تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ١٩٨:أما معاوية فيختلف في قبره. فيقال : إن قبره خلف حائط المسجد الجامع ، موضع دراسة السّبع اليوم. والأصح أن قبره خارج باب الصغير. ا ه

وقال صلاح الدين المنجد في (خطط دمشق) ص ١٢٠ :

أصبح من الثابت أن معاوية بن أبي سفيان دفن بمقبرة الباب الصغير بدمشق.وذلك بعد أن عثر على شاهد يدل على قبر نصر المقدسي ، الّذي تذكر المصادر الموثوقة أنه دفن في جوار قبر معاوية. ويبدو أن موضع هذا القبر كان مثار جدل في الأعصر الخالية. فقالوا : إنه في بيت في قبلة الجامع الأموي.

وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) : إنه دفن بين باب الجابية وباب الصغير.

٨٩٦ ـ قبر معاوية في النقّاشات :

(تاريخ ابن عساكر ، تحقيق صلاح الدين المنجد ، ج ٢ قسم ١ ص ٢٦١)

قال ابن عساكر : توفي معاوية بدمشق في رجب سنة ٦٠ ه‍ وله ثمانون سنة.

ودفن بدمشق في الموضع المعروف بباب الصغير ، وقيل بل في الدار المعروفة بدمشق (بالخضراء) إلى هذا الوقت ، في قبلة المسجد الجامع ، وفيها الشرطة والحبوس. وكان بها ينزل ، ومن ولي الأمر بعده من بني أمية. وإن الّذي في مقبرة باب الصغير هو قبر معاوية بن يزيد بن معاوية.

وجاء في (نزهة الأنام في محاسن الشام) لأبي البقاء البدري ، ص ٢٧٦ :

ونقل عن الحافظ ابن طولون في (بهجة الأنام) أن قبر معاوية الكبير في الحائط القبلي من جامع دمشق ، في قصر الإمارة الخضراء ، وهو الّذي تسميه العامة (قبر

٧٣٣

هود). أما الّذي في الباب الصغير فهو قبر أبي ليلى معاوية الثاني ابن يزيد ، الّذي تولى الحكم نحو أربعين يوما ، وكان منه عفّة ودين.

٨٩٧ ـ قبر معاوية الثاني في الباب الصغير :

(كتاب الزيارات بدمشق للقاضي العدوي ، ص ١٢)

قال القاضي محمود العدوي : ثم دفن معاوية [الثاني] ، فقيل بدار الإمارة ، وهي الخضراء ، وقيل بمقبرة باب الصغير ، وعليه الجمهور.

وقال ابن كثير أيضا في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ٢٣٧ في وفاة معاوية ابن ابنه :دفن بباب الصغير عند آبائه ، وحزن الناس عليه كثيرا لعقله وعفته ودينه وزهده.والظاهر أن القبر الّذي بباب الصغير يقال له قبر معاوية بن يزيد بن معاوية هذا ، وليس بقبر معاوية بن أبي سفيان. ويقال : إن معاوية بن أبي سفيان مدفون في حائط جامع دمشق ، خوفا عليه من الخوارج.

٨٩٨ ـ وصف قبر معاوية بن أبي سفيان في النقّاشات :

(الآثار الإسلامية لكارل ولتسنغر ، ص ١٤٨)

يذكر عبد الغني كما يورده (كريمر) : أن قبر معاوية يقع في الجامع الأموي

[حارة النقاشات] ضمن تربة مربعة ، مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، وتعلوها رقبة مثمّنة ، تخترق كل ضلع من أضلاعها نافذتان متباعدتان. تقوم فوق الرقبة آجرية نصف كروية ومطلية بطبقة من الجص.

من الداخل : إن الجدران مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، لكنها خالية من الطينة حاليا. تقوم في الزوايا دعامات تحمل أقواسا جدارية ، ويجري الانتقال من القبة بواسطة مثلثات زوايا. تظهر في الزاوية الشمالية علائم مقرنصات ذات مساحات كبيرة ، كما أنها دقيقة ومتطورة.

وبما أننا لم نعثر على كتابة تأسيسية ، فإنني أريد أن أؤرّخ البناء بعد سنة ١٣٢٠ م.

(أقول) : من المشهور في دمشق أن معاوية بن أبي سفيان حين توفي ، دفن في حديقة قصره (الخضراء) ، وهو المعروف اليوم بحي النقاشات ، أو زقاق الخضراء ، الواقع في جنوب شرق المسجد الأموي. وهذا القبر موجود ضمن بيت ينزل إليه بدرج ، وقد تراكمت عليه الأوساخ والقاذورات ، مصحوبة بالروائح الكريهة ،

٧٣٤

وبجيوش الذباب. أما القبة المضروبة عليه فقد تشققت حتى كادت أن تخرّ وتسجد ، كما وصفها الشاعر محمّد المجذوب(١) من طرطوس في قصيدته التالية ، التي وصف فيها قبر معاوية وصفا حيا كما رآه حين زاره.

٨٩٩ ـ زيارة الشاعر محمّد المجذوب لقبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ثم لقبر معاوية :

ذهب الشاعر الطرطوسي محمّد المجذوب خريج الأزهر ، إلى النجف الأشرف ، وزار هناك مرقد مولانا الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فوجد الذهب الإبريز يسجد على أعتابه وعند ما عاد إلى دمشق مرّ بخربة فيها قبر ، فسأل عنها؟.فقالوا : إنها قبر معاوية!.

فأنشد في ذلك الموقف الأبيات التالية ، مخاطبا بها (أبا يزيد) :

أين القصور أبا يزيد ولهوها

والصّافنات وزهوها والسّؤدد

أين الدّهاء نحرت عزّته على

أعتاب دنيا سحرها لا ينفد

آثرت فانها على الحقّ الذي

هو لو علمت على الزّمان مخلد

تلك البهارج قد مضت لسبيلها

وبقيت وحدك عبرة تتجدد

هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه

لأسال مدمعك المصير الأسود

كتل من التّرب المهين بخربة

سكر الذّباب بها فراح يعربد

خفيت معالمها على زوّارها

فكأنها في مجهل لا يقصد

ومشى بها ركب البلى فجدارها

عان يكاد من الضّراعة يسجد

والقبّة الشّماء نكّس طرفها

فبكلّ جزء للفناء بها يد

تهمي السحائب من خلال شقوقها

والريح في جنباتها تتردّد

وكذا المصلّي مظلم فكأنه

مذ كان لم يجتز به متعبد

__________________

(١) محمّد المجذوب : أديب وقاصّ وشاعر سوري مرموق ، ولد في طرطوس عام ١٩٠٧ م وتوفي عام ٢٠٠٠ م عن عمر يناهز ٩٣ عاما. من كتبه الكثيرة : فضائح المبشرين ـ دروس من الوحي ـ مشكلات الجيل في ضوء الدين ـ همسات قلب (شعر) ـ نار ونور (شعر) ١٩٤٧. من تراث الأبوة (مسرحيات تاريخية) اللاذقية ١٩٣٥ ـ الكواكب الأحد عشر (قصة طويلة) بيروت ١٩٥٤. (مجلة الموسم ـ العدد ٧ ص ٨٧٣).

٧٣٥

أأبا يزيد لتلك حكمة خالق

تجلى على قلب الحكين فيرشد

أرأيت عاقبة الجموح ونزوة

أودى بلبّك غيّها المترصّد

أغرتك بالدنيا فرحت تشنّها

حربا على الحقّ الصّراح وتوقد

تعدو بها ظلما على من حبّه

دين ، وبغضته شقاء سرمد

علم الهدى وإمام كلّ مطهّر

ومثابة العلم الذي لا يجحد

ورثت شمائلهپ براءة أحمد

فيكاد من برديه يشرق أحمد

وغلوت حتى قد جعلت زمامها

إرثا لكلّ مذمّم لا يحمد

هتك المحارم واستباح خدورها

ومضى بغير هواه لا يقيّد

فأعادها بعد الهدى عصبيّة

جهلاء تلتهم النّفوس وتفسد

فكأنما الإسلام سلعة تاجر

وكأنّ أمّته لآلك أعبد

* * *

فاسأل مرابض كربلاء ويثرب

عن تلكم النّار التي لا تخمد

أرسلت مارجها فماج بحرّه

أمس الجدود ولن يجنبها غد

عبثا يعالج ذو الصّلاح فسادها

ويطيبّ معضلها الحكيم المرشد

أين الّذي يسلو مواجع أحمد

وجراح فاطمة التي لا تضمد

والزّاكيات من الدّماء يريقها

باغ على حرم النّبوة مفسد

والطّاهرات فديتهنّ حواسرا

تنثال من عبراتهنّ الأكبد

والطّيبين من الصّغار كأنهم

بيض الزّنابق ذيد عنها المورد

تشكو الظّماء لظالمين أصمّهم

حقد أناخ على الجوانح موقد

والذائدين تبعثرت أشلاؤهم

بددا ، فثمّة معصم وهنا يد

تطأ السّنابك بالطّغاة أديمها

مثل الكتاب مشى عليه الملحد

فعلى الرّمال من الأباة مضرّج

وعلى النّياق من الهداة مصفّد

وعلى الرّماح بقيّة من عابد

كالشّمس ضاء به الصّفا والمسجد

فلطالما حنّ الدّجى لحنينه

وحنا على زفراته المتهجّد

إن يجهل الأثماء موضع قدره

فلقد داره الرّاكعون السّجّد

٧٣٦

تلك الفواجع ما تزال طيوفها

في كلّ جارحة تحسّ وتشهد

ما كان ضرّك لو كففت شواظها

فسلكت نهج الحقّ وهو معبّد

ولزمت ظلّ أبي تراب وهو من

في ظلّه يرجى السّداد وينشد

ولو أن فعلت لصنت شرعة أحمد

وحميت مجدا قد بناه محمّد

ولعاد دين الله يغمر نوره الدّ

نيا ، فلا عبد ولا مستعبد

* * *

أأبا يزيد وساء ذلك عترة

ماذا أقول وباب سمعك موصد

قم وارمق النّجف الشريف بنظرة

يرتدّ طرفك وهو باك أرمد

تلك العظام أعزّ ربّك قدرها

فتكاد لو لا خوف ربّك تعبد

أبدا تباكرها الوفود ، يحثّها

من كلّ حدب شوقها المتوقّد

نازتتها الدنيا ففزت بوردها

ثمّ انقضى كالحلم ذاك المورد

وسعت إلى الأخرى فأصبح ذكرها

في الخالدين ، وعطف ربّك أخلد

* * *

أأبا يزيد لتلك آهة موجع

أفضى إليك بها فؤاد مقصد

أنا لست بالقالي ولا أنا شامت

قلب الكريم عن الشّماتة أبعد

هي مهجة حرّى أذاب شغافها

حزن على الإسلام لم يك يهمد

ذكّرتها الماضي فهاج دفينها

شمل لشعب المصطفى متبدّد

فبعثته عتبا وإن يك قاسيا

هو في ضلوعي زفرة تتردّد

لم أستطع جلدا على غلوائها

أيّ القلوب على اللّظى تتجلّد؟

* * *

لكن هذا الشاعر تجاهل فيما بعد هذه القصيدة ، فلم ينشرها في ديوانه (نار ونور) المطبوع عام ١٩٤٧ ، ولا في ديوانه الثاني (همسات قلب) المطبوع عام ١٩٧٠ ، فكأنه ندم على قولها ، مع أنها أصدق قصيدة قالها.

٧٣٧

مظاهر العدل الإلهي

٩٠٠ ـ العدل الإلهي في مصير الحسينعليه‌السلام ومصير أعدائه :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٣٣ و ١٣٤)

قال السيد علي جلال الحسيني المصري في كتابه (الحسين) :

ومن آثار العدل الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، كما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد.

وهل أمهل يزيد بن معاوية بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟!. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك في دم الحسينعليه‌السلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب!. وأي عبرة لأولي الأبصار أعظم من كون ضريح الحسينعليه‌السلام حرما معظّما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.

ـ العناية الإلهية بأهل البيتعليه‌السلام :

وتأمّل عناية الله بالبيت النبوي الكريم ؛ يقتل أبناء الحسينعليه‌السلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.

ـ شتان بين الذهب والرغام! :

ثم يقول : وشتان ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير.وهل يستوي الفاسق الجائر ، والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له.واقتضت أيضا أن يبقى أثر جهاد الحسينعليه‌السلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.

٩٠١ ـ العاقبة للمتقين :(المصدر السابق)

قال تعالى جلّ من قائل :( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا

٧٣٨

فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٨٣) [القصص : ٨٣]. وكثير من الناس يغرّهم العلوّ في الأرض والتمكن فيها ، فيظنون أن ذلك ميزة لهم على غيرهم ، غير ناظرين إلى أن هذه الدنيا ليست دار الجزاء ، إنما هي دار الامتحان والبلاء ، وأن العاقبة ليست فيها ، إنما هي في دار البقاء فالحسينعليه‌السلام حين استشهد ، استبدل دار الشقاء وهي الدنيا ، بدار البقاء وهي الآخرة. فانتقل إلى دار الجنان ، يعيش فيها خالدا ، مصداقا لقوله تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١٧٠) [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠].

أما الذين ظنوا أنهم انتصروا على الحسينعليه‌السلام ، فقد عاشوا حياة الشقاء في الدنيا ، وسوف يخلّدون في نار جهنم ، والله لهم بالمرصاد.

العبرة في المصير

٩٠٢ ـ الحسينعليه‌السلام إمام الشاهدين :

(الحسين بن عليعليه‌السلام إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٩)

الإمام الحسينعليه‌السلام كان يدرك بالمنطق الرياضي إدراكا شموليا ، أنه مفارق جسده وعيشه لم يقلعليه‌السلام : إلهي إلهي لماذا تركتني؟ بل صاح : إلهي أنا قادم إليك. وكأنه يرى دمه ، ودماء رفاقه الشهداء أمام بصره ، رياضا طفحت وردا وبيلسانا وشقائق نعمان.

ـ العبرة في المصير ، والخلود للحسينعليه‌السلام :

آثر معاوية مقعده وبطنه.

وعمل يزيد لشهوة جسده.

ونال المغيرة لقيمة.

وعمرو بن العاص جريعة.

ومات ابن زياد ، وابن ذي الجوشن ، وابن سعد ، في الموت منذ أن ولدوا ؛ وبقي الحسين بن عليعليه‌السلام يذكر حيا ، نضرا ، فوّاحا ، كلما ذكر محمّد وآل محمّد ورسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في كل صلاة وفي كل تسليم.

٧٣٩

٩٠٣ ـ خفقة النشيد الأخيرة :(المصدر السابق ، ص ١٣١)

منذ ثلاثة عشر قرنا ، والكلام على الحسينعليه‌السلام : أخضر ، أزهر ، فوّاح ، معطار ، يفرح ويبكي ، ويمجّد ويرفع. ثم لا ينتهي بانطواء جيل ، وولادة آخر.

ومنذ ذلك الزمن ، وقلّ أن يذكر الذاكرون يزيد ، وابن زياد ، وابن سعد ، وابن ذي الجوشن ، إلا كما يذكر أحدنا : الحرباء والعقرب والخنزير. بينما يتردد اسم البلبل والروضة والجدول ، تردد النسيم والشعاع والماء ، في العيون والمعاطس ، والأفواه والقلوب. ذلك بيّن الخطوط والألوان.

فالحسينعليه‌السلام دخل في تراث الانسانية ، واحدا من بناة شمائلها ، وعمارة حضارتها. وغلّب جانب الخير والحق والجمال ، على جانب الشر والباطل والضلال ، فأصبح كوكبا في كل سماء من أرض البشر ، يجري اسمه على الأقلام ، مجرى نشيد الانتصار على الحناجر والأوتار.

يبقى أمر مهمّ إضافة لما قدّمنا ، هو أمر البطل يكون شاهدا وشهيدا ، عندما يقدم بشجاعة قلّ نظيرها ، لدى القادة الأبطال المقدمين.

فصحيح أن سقراط مات ، واختار قدح السمّ ، وشربه بشوق. لكنه مضى وحده!.

وصحيح أن المسيحعليه‌السلام صلب على مذهب النصارى ، لكنه توجّع وتوسّل وصاح : إلهي إلهي لماذا تركتني؟!. ورفعه الله إليه. ثم مضى وحده!.

الإسكندر : حمّ ومات!. هنيبال : هرب وتاه وضاع!.

نابليون : انطفأ في الأسر!. هتلر : انتحر!.

موسيليني : جرّ كما تجرّ الهرّة!.

وخالد بن الوليد : كره الموت على الفراش!.

وهؤلاء جميعا كانوا قادة ، على اختلاف وتباين في المعتقد والمنهج والفضيلة ، لكن واحدا منهم لم يرسم وهو على شفير النهاية ، بعينيه وقلبه وجسده المفجع ، والخارق والمذهل ، كما رسم الحسينعليه‌السلام ومعه أفلاذ أسرته كلهم ، وأحباء قلبه

٧٤٠

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800