موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء7%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 492431 / تحميل: 5811
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

خراج معلوم وربما زاد وربما نقص فيدفعها إلى رجل على أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة قال لا بأس.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن موسى بن بكر ، عن الفضيل بن يسار قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام ـ عن إجارة الأرض بالطعام فقال إن كان من طعامها فلا خير فيه.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن رجل استأجر من رجل أرضا فقال أجرتها كذا وكذا على أن أزرعها فإن لم أزرعها أعطيتك ذلك فلم يزرعها قال له أن يأخذ إن شاء تركه وإن شاء لم يتركه.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن

ولا يتوهم فيه جهالة العوض ، لأن مال الإجارة هو مائتا درهم وهو معلوم والخراج شرط في ضمنه ، فلا يضر جهالته مع أنه بدون الشرط أيضا يلزمه.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وقال الشيخ في الاستبصار بعد إيراد الأخبار المطلقة التي تقدم ذكرها : هذه الأخبار كلها مطلقة في كراهية إجارة الأرض بالحنطة والشعير ، وينبغي أن نقيدها ونقول : إنما يكره ذلك إذا آجرها بحنطة يزرع فيها ، ويعطي صاحبها منه وأما إذا كان من غيرها فلا بأس ، يدل على ذلك ما رواه الفضيل بن يسار ، وذكر هذه الرواية.

الحديث السابع : مرسل كالموثق.

قوله عليه‌السلام : « إن شاء » أي إن شاء المستأجر ترك الزرع ، وإن شاء لم يتركه على الحالين يلزمه الأداء ، أو إن شاء المؤجر أخذ الأجرة وإن شاء ترك ، والأول أظهر.

الحديث الثامن : صحيح.

٣٤١

الوشاء قال سألت الرضاعليه‌السلام عن رجل يشتري من رجل أرضا جربانا معلومة بمائة كر على أن يعطيه من الأرض فقال حرام قال قلت له فما تقول جعلني الله فداك إن اشترى منه الأرض بكيل معلوم وحنطة من غيرها قال لا بأس.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل ، عن أبيه قال سألت أبا الحسن موسىعليه‌السلام عن الرجل يزرع له الحراث الزعفران ويضمن له أن يعطيه في كل جريب أرض يمسح عليه وزن كذا وكذا درهما فربما نقص وغرم وربما استفضل وزاد قال لا

قوله : « من غيرها » أي مع اشتراط غيرها أو مع الإطلاق بحيث يجوز له أن يؤدي من غيرها ، ولعل المنع لكونه شبيها بالربا ، أو لعدم تيقن حصوله منها أو عدم العلم بالمدة التي يحصل منها ، ولم أره كما هو في بالي في كلام القوم.

الحديث التاسع : مجهول.

قوله : « وزن كذا » يحتمل أن يكون مفعول« يعطيه » أي يعطيه من الزعفران وزن كذا من الدراهم ، أو ما قيمته كذا من الدراهم ، ويحتمل أن يكون« وكذا » ثانيا معطوفا على الوزن ، أي كذا زعفرانا وكذا درهما ، ويحتمل أن يكون الوزن مرفوعا قائما مقام فاعل« يمسح » ، أي يعطي من كل جريب يمسح عليه أي يخرص عليه من زعفران مثلا عشرون درهما ، وحاصل المعنى كما أفيد أنه يقول للمستأجر : ازرع الزعفران وبعد الزراعة تمسح الأرض وتأخذ منك من كل جريب كذا وكذا درهما ، فيدل على اغتفار مثل هذه الجهالة.

أقول : لعل الأظهر هو أن الحارث يزرع الزعفران للمالك بالأجرة ، وبعد ظهور الزعفران يمسح الأرض ويبيع الزعفران من الحارث كل جريب بكذا وكذا درهما أو زعفرانا ، ويحتمل المصالحة ابتداء قبل بلوغ الزعفران والحمل على الدراهم أوفق بالأصول ، وبما سيأتي.

وقال المحقق : يجوز لصاحب الأرض أن يخرص على الزارع بالخيار في القبول

٣٤٢

بأس به إذا تراضيا.

١٠ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل ، عن أبيه ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل يزرع له الزعفران فيضمن له الحراث على أن يدفع إليه من كل أربعين منا زعفران رطب منا ويصالحه على اليابس واليابس إذا جفف ينقص ثلاثة أرباعه ويبقى ربعه وقد جرب قال لا يصلح قلت وإن كان عليه أمين يحفظ به لم يستطع

والرد ، فإن قبل كان استقراره مشروطا بالسلامة ، فلو تلف الزرع بآفة سماوية أو أرضية لم يكن عليه شيء.

وقال في المسالك : محل الخرص بعد بلوغ الغلة وهو انعقاد الحب ، ولا شبهة في تخير الزارع ، وعلى تقدير قبوله يتوقف نقله إليه على عقد كغيره من الأموال بلفظ الصلح أو التقبيل على ما ذكره الأصحاب ، والمشهور أن لزوم العوض فيه مشروط بالسلامة ، فإن تلفت الغلة أجمع بآفة من قبل الله فلا شيء على الزارع ، ولو تلف البعض سقط بالنسبة ، ولو أتلفها متلف فهي بحالها ويطالب المتقبل المتلف بالعوض ، والحكم بذلك هو المشهور ، ومستنده غير واضح.

الحديث العاشر : مجهول.

قوله : « منا زعفران » بالتخفيف والقصر مضاف إلى الزعفران و« رطبا » نعت لمنا وعلى نصب زعفرانا بدل من منا فيمكن أن يقرأ بالتشديد أيضا.

قوله : « وإن كان عليه أمين يحفظ » أي إنما يعامله على هذا لأنه ليس بأمين ، وإن وكل عليه أمينا لا ينفع لأنه يعمل ذلك بالليل ويمكنه أن يأخذ من غير أن يطلع عليه الوكيل.

وأما جوابهعليه‌السلام فيحتمل أن يكون المراد به أنك إن عاملته أولا على المزارعة يجوز هذه المعاملة كما أن الفقهاء استثنوا هذه الصورة عن قاعدة المزابنة والمحاقلة فيكون المفروض أولا هو كون الحراث أجيرا بأجرة ، والحاصل كله لمالك الأرض فعلى هذا يحمل الخبر الأول على الدراهم ، أو هذا الخبر على الكراهة ، ويحتمل

٣٤٣

حفظه لأنه يعالج بالليل ولا يطاق حفظه قال يقبله الأرض أولا على أن لك في كل أربعين منا منا.

( باب )

( قبالة الأرضين والمزارعة بالنصف والثلث والربع )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال أخبرني أبو عبد اللهعليه‌السلام أن أباهعليه‌السلام حدثه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة فقوم عليهم قيمة فقال لهم إما أن تأخذوه وتعطوني نصف الثمن وإما أن أعطيكم نصف الثمن وآخذه فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض.

أن يكون الغرض أنك إن عاملته على المزارعة ويكون شريكك في الحاصل لا يخونك ، فلا تحتاج إلى تلك المعاملة ، وعلى الوجهين فينبغي أن يحمل قوله « على أن يدفع إليه من كل أربعين منا زعفران رطبا منا » أي كذا وكذا منا لا منا واحدا ويحتمل أن يكون المستتر في« يدفع » راجعا إلى المالك والبارز في« إليه » إلى الحراث فتكون « على » تعليلية أي بعد ما زرع له الحراث بجعل الزرع في ضمان الحراث ، ويجعل للحراث لذلك الضمان من كل أربعين منا منا ، فالجواب أنه ينبغي أن يجعل المن له ابتداء ليصير مزارعة ، ويكتفي بذلك من غير أن يضمنه ، أو إذا فعل ذلك جاز له أن يضمنه كما مر.

باب قبالة الأرضين والمزارعة بالنصف والثلث والربع

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فقوم » أي فخرص كما سيأتي.

قولهم : « بهذا قامت السماوات » أي بالعدل.

٣٤٤

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي الصباح قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لما افتتح خيبر تركها في أيديهم على النصف فلما بلغت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة إليهم فخرص عليهم فجاءوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له إنه قد زاد علينا فأرسل إلى عبد الله فقال ما يقول هؤلاء قال قد خرصت عليهم بشيء فإن شاءوا يأخذون بما خرصنا وإن شاءوا أخذنا فقال رجل من اليهود بهذا قامت السماوات والأرض.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تقبل الأرض بحنطة مسماة ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس لا بأس به وقال لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان أنه قال في الرجل يزارع فيزرع أرض غيره فيقول ثلث للبقر وثلث للبذر وثلث للأرض قال لا يسمي شيئا من الحب والبقر ولكن يقول ازرع فيها كذا وكذا إن شئت نصفا وإن شئت ثلثا.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يزرع أرض آخر فيشترط عليه للبذر ثلثا

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فإنما يحرم الكلام » لأنه إذا حسب المجموع وزارعه عليه ولم يسم البذر والبقر حل ، وإن سمى حرم ، مع أن مال الأمرين إلى واحد ، والمقدار واحد ، وقوله « للبذر ثلثا وللبقر ثلثا » يحتمل وجهين. أحدهما أن يكون اللام للتمليك فالنهي لكونهما غير قابلين للملك ، وثانيهما أن يكون المعنى ثلث

٣٤٥

وللبقر ثلثا قال لا ينبغي أن يسمي بذرا ولا بقرا فإنما يحرم الكلام.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ـ عن الرجل يزرع الأرض فيشترط للبذر ثلثا وللبقر ثلثا قال لا ينبغي أن يسمي شيئا فإنما يحرم الكلام.

( باب )

( مشاركة الذمي وغيره في المزارعة والشروط بينهما )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب

بإزاء البذر ، وثلث بإزاء البقر ، فالنهي لشائبة الربا في البذر.

وقال العلامة في المختلف بالكراهة ، وابن البراج وابن الجنيد ذهبا إلى الحرمة ولا يخلو من قوة.

وقال العلامة في المختلف : قال ابن الجنيد : ولا بأس باشتراك العمال بأموالهم وأبدانهم في مزارعة الأرض وإجارتها إذا كان على كل واحد قسط من المؤنة والعمل وله جزء من الغلة ، ولا تقول ثلث للبذر ، وثلث للبقر ، وثلث للعمل ، لأن صاحب البذر يرجع إليه بذره ، وثلث الغلة من الجنس ، وهذا ربا ، فإن جعل البذر دينار جاز ذلك.

وقال ابن البراج : لا يجوز أن يجعل للبذر ثلثا ، وللبقر ثلثا ، ولعلهما اعتمدا في ذلك على رواية أبي الربيع عن الصادقعليه‌السلام « لا يسمي بذرا ولا بقرا فإنما يحرم الكلام » والوجه الكراهة ، ولا ربا هنا إذا الربا إنما يثبت في البيع خاصة.

الحديث السادس : حسن.

باب مشاركة الذمي وغيره في المزارعة والشروط بينهما

الحديث الأول : مجهول.

وما اشتمل عليه موافق للمشهور ، قال في التحرير : لو شرط أحدهما قفيزا

٣٤٦

عن إبراهيم الكرخي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أشارك العلج فيكون من عندي الأرض والبذر والبقر ويكون على العلج القيام والسقي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة وشعيرا ويكون القسمة فيأخذ السلطان حقه ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي قال لا بأس بذلك قلت فلي عليه أن يرد علي مما أخرجت الأرض البذر ويقسم الباقي قال إنما شاركته على أن البذر من عندك وعليه السقي والقيام.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها إلى الرجل على أن يعمرها ويصلحها ويؤدي خراجها وما كان من فضل فهو بينهما قال لا بأس قال وسألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه وفيها رمان أو نخل أو فاكهة فيقول اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج قال لا بأس قال وسألته عن الرجل يعطي الرجل

معلوما من الحاصل وما زاد بينهما ففي البطلان نظر ، وكذا لو شرط أحدهما إخراج بذره والباقي بينهما فإن فيه خلافا والجواز حسن ، فحينئذ إن شرط إخراج البذر جاز ، وإن لم يشترط لم يخرج وقسم الحاصل على قدر الشرط.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله : « ويؤدي خراجها » يدل على أنه يجوز اشتراط الخراج على العامل.

قال في المسالك : خراج الأرض على مالكها لأنه موضوع عليها ، وأما المؤنة فذكر المحقق والعلامة في بعض كتبهما إجمالا ولم ينبهوا على المراد منها مع إطلاقهم أن العمل على الزارع أو من شرط عليه ، والظاهر أن المراد بمؤنة الأرض هنا ما يتوقف عليه الزرع ، ولا يتعلق بنفس عمله وتنميته كإصلاح النهر والحائط ونصب الأبواب إن احتيج إليها وإقامة الدولاب وما لا يتكرر كل سنة ، والمراد بالعمل الذي على الزارع ما فيه صلاح الزرع وبقاؤه مما يتكرر كل سنة كالحرث والسقي.

٣٤٧

الأرض فيقول اعمرها وهي لك ثلاث سنين أو خمس سنين أو ما شاء الله قال لا بأس قال وسألته عن المزارعة فقال النفقة منك والأرض لصاحبها فما أخرج الله منها من شيء قسم على الشطر وكذلك أعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل خيبر حين أتوه فأعطاهم إياها على أن يعمروها ولهم النصف مما أخرجت.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال القبالة أن تأتي الأرض الخربة فتقبلها من أهلها عشرين سنة أو أقل من ذلك أو أكثر فتعمرها وتؤدي ما خرج عليها فلا بأس به.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال

وقال في التحرير : إذا شرط الخراج على العامل وكان قدرا معلوما جاز ، وكان لازما له ، وإن زاد السلطان كانت الزيادة على المالك ، ولم يتعرض الشيخ لتطرق الجهالة ، وفي تسويق اشتراطه إشكال ، ومعه يكون الخراج بأجمعه على العامل.

قوله : « وهي لك ثلاث سنين » يمكن حمله على الجعالة في العمل بحاصل الملك فلا تضر الجهالة ، أو على أن يؤجره الأرض بشيء ثم يستأجره للعمل بذلك ، الشيء والأول أظهر.

الحديث الثالث : حسن.

وكأنه استأجره لإعمال معلومة من تنقية القنوات وكرى الأنهار ، والعمل في الأرض وغيرها ، وجعل وجه الإجارة منفعة الأرض أو أجرة مثلها ولما كان بعقد القبالة لا تضر الجهالة ، ويمكن حمله على الجعالة.

وقال الفاضل الأسترآبادي : كأنه إشارة إلى قبالة متعارفة في بلد الراوي أو غيره ، وليس المقصود حصر القبالة في ذلك.

الحديث الرابع : موثق.

قال المحقق : للزارع أن يشارك غيره وأن يزارع عليها غيره ، ولا يتوقف

٣٤٨

سألته عن مزارعة المسلم المشرك فيكون من عند المسلم البذر والبقر وتكون الأرض والماء والخراج والعمل على العلج قال لا بأس به قال وسألته عن المزارعة قلت الرجل يبذر في الأرض مائة جريب أو أقل أو أكثر طعاما أو غيره فيأتيه رجل فيقول خذ مني نصف ثمن هذا البذر الذي زرعته في الأرض ونصف نفقتك علي وأشركني فيه قال لا بأس قلت وإن كان الذي يبذر فيه لم يشتره بثمن وإنما هو شيء كان عنده قال فليقومه قيمة كما يباع يومئذ فليأخذ نصف الثمن ونصف النفقة ويشاركه.

( باب )

( قبالة أرض أهل الذمة وجزية رءوسهم ومن يتقبل الأرض )

( من السلطان فيقبلها من غيره )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل كانت له قرية عظيمة وله فيها علوج ذميون يأخذ منهم السلطان الجزية فيعطيهم يؤخذ من أحدهم خمسون ومن بعضهم ثلاثون وأقل وأكثر فيصالح عنهم صاحب القرية السلطان ثم يأخذ هو منهم أكثر مما يعطي السلطان قال هذا حرام.

على إذن المالك لكن لو شرط المالك الزرع بنفسه لم تجز المشاركة إلا بإذنه.

وقال في المسالك : اشترط بعضهم في جواز مزارعة غيره كون البذر منه ليكون تمليك الحصة منوطا به ، وهو حسن في المزارعة أما المشاركة فلا لأن المراد بها أن يبيع بعض حصته في الزرع مشاعا بعوض معلوم ، وهذا لا مانع منه بخلاف ابتدائه المزارعة ، إذ لا حق له حينئذ إلا العمل ، وبه يستحق الحصة مع احتمال الجواز مطلقا.

باب قبالة أراضي أهل الذمة وجزية رؤوسهم ومن يتقبل الأرض من السلطان فيقبلها من غيره

الحديث الأول : مجهول.

٣٤٩

٢ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن أحمد بن الحسن الميثمي قال حدثني أبو نجيح المسمعي ، عن الفيض بن المختار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك ما تقول في أرض أتقبلها من السلطان ثم أؤاجرها أكرتي على أن ما أخرج الله منها من شيء كان لي من ذلك النصف والثلث بعد حق السلطان قال لا بأس به كذلك أعامل أكرتي.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بقبالة الأرض من أهلها عشرين سنة وأقل من ذلك وأكثر فيعمرها ويؤدي ما خرج عليها ولا يدخل العلوج في شيء من القبالة لأنه لا يحل.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن الرجل يتقبل الأرض بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه وإن هو رم فيها مرمة أو جدد فيها بناء فإن له أجر بيوتها إلا الذي كان في أيدي دهاقينها أولا قال إذا كان

الحديث الثاني : مجهول.

وقال الفيروزآبادي :الأكار : الحراث ، الجمع : أكرة كأنه جمع أكر في التقدير.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ولا يدخل العلوج » قال الوالد العلامةرحمه‌الله : أي لا يؤجر العلوج الزارعين مع الأرض ، لأنهم أحرار لا ولاية للموجر عليهم ، ولعله كان معروفا في ذلك الزمان كما في بعض المحال من بلادنا ، لأن للرعايا مدخلا عظيما في قيمة الملك وأجرته. انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون المراد به جزية العلوج ، وقيل : أي لا يشرك العلوج معه في الإجارة والتقبل لكراهة مشاركتهم ، والأوسط كما خطر بالبال أظهر ، ولعله موافق لفهم الكليني (ره).

الحديث الرابع : موثق.

٣٥٠

قد دخل في قبالة الأرض على أمر معلوم فلا يعرض لما في أيدي دهاقينها إلا أن يكون قد اشترط على أصحاب الأرض ما في أيدي الدهاقين.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن إبراهيم بن ميمون قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قرية لأناس من أهل الذمة لا أدري أصلها لهم أم لا غير أنها في أيديهم وعليهم خراج فاعتدى عليهم السلطان فطلبوا إلي فأعطوني أرضهم وقريتهم على أن أكفيهم السلطان بما قل أو كثر ففضل لي بعد ذلك فضل بعد ما قبض السلطان ما قبض قال لا بأس بذلك لك ما كان من فضل

قوله عليه‌السلام : « فلا يعرض » قال الوالد العلامةقدس‌سره : الغرض أنه إذا زارع عاملا قرية خربة وشرط على أصحابها أنه إن رم دورها يكون له أجرة تلك الدور سوى ما كان في أيدي أهل القرى من المجوس أو غيرهم قبل المرمة أو قبل الإجارة ، فإذا رمها هل يجوز له أن يأخذ من الأكرة أجرة الدور ، فبينعليه‌السلام قاعدة كلية وهي أنه إذا استأجر الأرض أو زارعها فإن القبالة يشمل ما ينصرف الإطلاق إلى الأراضي ، ولا يدخل فيه الدور والبيوت ، سيما ما كان في أيدي الأكرة إلا أن يذكر الدور مع المزرعة ، وعمل به الأصحاب.

الحديث الخامس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس بذلك » لأنه لو كان لهم فهم أعطوه برضاهم ، ولو كان من أرض الخراج فكل من قام بعمارتها فهو أحق بها.

٣٥١

( باب )

( من يؤاجر أرضا ثم يبيعها قبل انقضاء الأجل أو يموت فتورث الأرض )

( قبل انقضاء الأجل )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد ، عن يونس قال كتبت إلى الرضاعليه‌السلام أسأله عن رجل تقبل من رجل أرضا أو غير ذلك سنين مسماة ثم إن المقبل أراد بيع أرضه التي قبلها قبل انقضاء السنين المسماة هل للمتقبل أن يمنعه من البيع قبل انقضاء أجله الذي تقبلها منه إليه وما يلزم المتقبل له قال فكتب له أن يبيع إذا اشترط على المشتري أن للمتقبل من السنين ما له.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد ، عن علي بن مهزيار ، عن إبراهيم بن محمد الهمذاني ومحمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم الهمذاني

باب من يؤاجر أرضا ثم يبيعها قبل انقضاء الأجل أو يموت فتورث الأرض قبل انقضاء الأجل

الحديث الأول : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إذا اشترط » هذا الاشتراط يمكن أن يكون على الوجوب بناء على وجوب الإخبار بالعيب أو على الاستحباب بناء على عدمه ، والمشهور بين الأصحاب أن الإجارة لا تبطل بالبيع ، لكن إن كان المشتري عالما بالإجارة تعين عليه الصبر إلى انقضاء المدة ، وإن كان جاهلا تخير بين فسخ البيع وإمضائه مجانا مسلوب المنفعة إلى آخر المدة.

الحديث الثاني : السند الأول صحيح ، والثاني مجهول كالصحيح.

واعلم أن الأصحاب اختلفوا في بطلان الإجارة بموت المؤجر أو المستأجر ، فذهب جماعة إلى بطلانها بموت كل منهما ، وقيل : لا تبطل بموت المؤجر وتبطل

٣٥٢

قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام وسألته عن امرأة آجرت ضيعتها عشر سنين على أن تعطى الأجرة في كل سنة عند انقضائها لا يقدم لها شيء من الأجرة ما لم يمض الوقت فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها هل يجب على ورثتها إنفاذ الإجارة إلى الوقت أم تكون الإجارة منتقضة بموت المرأة فكتبعليه‌السلام إن كان لها وقت مسمى لم يبلغ فماتت فلورثتها تلك الإجارة فإن لم تبلغ ذلك الوقت وبلغت ثلثه أو نصفه أو شيئا منه فيعطى ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت إن شاء الله.

٣ ـ سهل بن زياد ، عن أحمد بن إسحاق الرازي قال كتب رجل إلى أبي الحسن الثالثعليه‌السلام رجل استأجر ضيعة من رجل فباع المؤاجر تلك الضيعة التي آجرها بحضرة المستأجر ولم ينكر المستأجر البيع وكان حاضرا له شاهدا عليه فمات المشتري وله ورثة أيرجع ذلك في الميراث أو يبقى في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته فكتبعليه‌السلام إلى أن تنقضي إجارته.

بموت المستأجر ، والمشهور بين المتأخرين عدم البطلان بموت واحد منهما ، ولا يخلو من قوة ، واستدل به على عدم بطلان الإجارة بموت المؤجر ، ولا يخفى عدم صراحة فيه وإن كان الظاهر ذلك بقرينة السؤال ، إذ يحتمل أن يكون المراد أن الوارث يستحق من الأجرة بقدر ما مضى من المدة وإن لم تبلغ المدة التي يلزم الأداء فيها ، بل مع قطع النظر عن السؤال هو أظهر فيمكن أن يكون أعرضعليه‌السلام عن الجواب عن منطوق السؤال تقية ، أو عول على أنه يظهر من الجواب البطلان.

الحديث الثالث : ضعيف.

ويدل على لزوم عقد الإجارة.

٣٥٣

( باب )

( الرجل يستأجر الأرض أو الدار فيؤاجرها بأكثر مما استأجرها )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يتقبل الأرض من الدهاقين فيؤاجرها بأكثر مما يتقبلها ويقوم فيها بحظ السلطان

باب الرجل يستأجر الأرض أو الدار فيؤاجرها بأكثر مما استأجرها

اعلم أن الأصحاب اختلفوا في هذا الحكم فمنهم من عمم المنع في كل شيء مقيدا بعدم عمل فيه ، ومنهم من قيد بالجنس أيضا ، ومنهم من خص المنع بالبيت والخان والأجير كما هو الظاهر من كلام الشيخ والمحقق ، ومنهم من الحق الحانوت والرحى ، فلو قيل بالكراهة يمكن الجمع بحملها على مراتبها ، والمسألة قوية الإشكال ، والاحتياط ظاهر.

وقال المحقق : لا يجوز أن يؤجر المسكن ولا الخان ولا الأجير بأكثر مما استأجر إلا أن يؤجر بغير جنس الأجرة أو يحدث ما يقابل التفاوت ، وكذا لو سكن بعض الملك لم يجز له أن يؤجر الباقي بزيادة عن الأجرة والجنس واحد ، ويجوز بأكثرها.

وقال في المسالك : هذا قول أكثر الأصحاب استنادا إلى روايات حملها على الكراهة طريق الجمع بينها وبين غيرها ، وفي بعضها تصريح بها ، والأقوى الجواز في الجميع ، وأما تعليل المنع باستلزامه الربا كما ذكره بعضهم ففساده ظاهر.

الحديث الأول : مجهول.

٣٥٤

قال لا بأس به إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت إن فضل الأجير والبيت حرام.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام مسمى ثم آجرها وشرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقل من ذلك أو أكثر وله في الأرض بعد ذلك فضل أيصلح له ذلك قال نعم إذا حفر نهرا أو عمل لهم شيئا يعينهم بذلك فله ذلك قال وسألته عن الرجل استأجر أرضا من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام معلوم فيؤاجرها قطعة قطعة أو جريبا جريبا بشيء معلوم فيكون له فضل فيما استأجره من السلطان ولا ينفق شيئا أو يؤاجر تلك الأرض قطعا على أن يعطيهم البذر والنفقة فيكون له في ذلك فضل على إجارته وله تربة الأرض أو ليست له فقال إذا استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رممت فيها فلا بأس بما ذكرت.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن أبي عبد الله

قوله عليه‌السلام : « ليست مثل الأجير » يمكن حمله على الأرض المعهودة لقيامها فيها بحق السلطان ، لكنه بعيد ، ويمكن حمل الأول على المزارعة ، لأنه الشائع في الأرض.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله : « وله تربة الأرض » يمكن حمل الأول على الإجارة ، والثاني على المزارعة ، لأن في المزارعة لا يملك منافع الأرض فهو بمنزلة الأجير في العمل ، أو المراد بالتربة التراب الذي يطرح على الزارع لإصلاحها ، أو المعنى أنه يبقى لنفسه شيئا من تربة الأرض أو لا يبقى بل يؤاجرها كلها ، وفي بعض نسخ الفقيه « وله تربة الأرض ، أله ذلك أو ليس له » وفي بعضها « ولم تربة الأرض » أي رم وأصلح.

الحديث الثالث : حسن.

٣٥٥

عليه‌السلام في الرجل يستأجر الأرض ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها فقال لا بأس إن هذا ليس كالحانوت ولا الأجير إن فضل الأجير والحانوت حرام.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ولا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها إلا أن يحدث فيها شيئا.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن أبي المغراء ، عن إبراهيم بن ميمون أن إبراهيم بن المثنى سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو يسمع عن الأرض يستأجرها الرجل ثم يؤاجرها بأكثر من ذلك قال ليس به بأس إن الأرض ليست بمنزلة البيت والأجير إن فضل البيت حرام وفضل الأجير حرام.

٦ ـ سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم ، عن الحلبي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فأقبلها بالنصف قال لا بأس به قلت فأتقبلها بألف درهم فأقبلها بألفين قال لا يجوز قلت كيف جاز الأول ولم يجز الثاني قال لأن هذا مضمون وذلك غير مضمون.

الحديث الرابع : حسن.

ويدل على أنه يجوز أن يسكن بعضها ويؤجر الباقي بمثل ما استأجرها ، ولا يجوز بالأكثر كما ذهب إليه ابن البراج ، والشيخ قال بالمنع فيهما.

الحديث الخامس : ضعيف.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لأن هذا مضمون » يعني في الصورة الأولى لم يضمن شيئا بل قال : إن حصل شيء يكون ثلثه أو نصفه لك وفي الثانية ضمن شيئا معينا فعليه أن يعطيه ولو لم يحصل شيء ، كذا ذكره الفاضل الأسترآبادي وهو جيد ، فإن الغرض بيان علة الفرق واقعا وإن لم نعلم سبب عليتها ، وقيل : المراد : أن ما أخذت شيئا مما دفعت من الذنب فهو مضمون ، أي أنت ضامن له يجب دفعه إلى صاحبه فهو نقل للحكم لا بيان للحكمة ، ولا يخفى بعده ، وعلى الأول فذكر الذهب

٣٥٦

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به وإن تقبلتها بالنصف والثلث فلك أن تقبلها بأكثر مما تقبلتها به لأن الذهب والفضة مضمونان.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها قال لا يصلح ذلك إلا أن يحدث فيها شيئا.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إني لأكره أن أستأجر رحى وحدها ثم أؤاجرها بأكثر مما استأجرتها به إلا أن يحدث فيها حدث أو تغرم فيها غرامة.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة قال سألته عن رجل اشترى مرعى يرعى فيه بخمسين درهما أو أقل أو أكثر فأراد أن يدخل معه من يرعى فيه ويأخذ منهم الثمن قال فليدخل معه من شاء ببعض ما أعطى وإن أدخل معه بتسعة وأربعين وكانت غنمه بدرهم فلا بأس وإن هو رعى

والفضة يكون على المثال ، ويكون الغرض الفرق بين الإجارة والمزارعة.

وقال في المختلف : قال ابن البراج في الكامل : من استأجر الأرض بعين أو ورق وأراد أن يؤاجرها بأكثر من ذلك فعلى قسمين ، إما أن يكون قد أحدث فيها حدثا أو لا ، فإن كان قد أحدث جاز ، وإن لم يكن أحدث لم يجز ، لأن الذهب والفضة مضمونان ، وإن كان استأجرها بغير العين والورق من حنطة أو شعير أو غير ذلك جاز أن يؤاجرها بأكثر من ذلك إذا اختلف النوع.

الحديث السابع : موثق.

الحديث الثامن : حسن.

الحديث التاسع : موثق.

الحديث العاشر : موثق.

٣٥٧

فيه قبل أن يدخله بشهر أو شهرين أو أكثر من ذلك بعد أن يبين لهم فلا بأس وليس له أن يبيعه بخمسين درهما ويرعى معهم ولا بأكثر من خمسين ولا يرعى معهم إلا أن يكون قد عمل في المرعى عملا حفر بئرا أو شق نهرا أو تعنى فيه برضا أصحاب المرعى فلا بأس ببيعه بأكثر مما اشتراه به لأنه قد عمل فيه عملا فبذلك يصلح له.

( باب )

( الرجل يتقبل بالعمل ثم يقبله من غيره بأكثر مما تقبل )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام أنه سئل عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه ويدفعه إلى آخر فيربح فيه قال لا إلا أن يكون قد عمل فيه شيئا.

قوله عليه‌السلام : « وليس له أن يبيعه » لا ينافي ما مر من جواز إجارة البعض في المسكن بجميع ما استأجره ، لأنه يحتمل أن يكون حكم الدار غير حكم المرعى ولذا أوردهما المصنف. والتعني من العناء بمعنى التعب.

فذلكة : اعلم أن ما يستفاد من هذه الأخبار الفرق بين الأجير والحانوت والبيت والرحى وبين الأرض ، فينبغي الاحتياط في تلك الأشياء مطلقا ، لا سيما الثلاثة الأول وفي الأرض إذا كانت الإجارة بالذهب والفضة ، فإن الأخبار المعتبرة دلت على المنع فيما ذكرناه ، والله تعالى يعلم.

باب الرجل يتقبل بالعمل ثم يقبله من غيره بأكثر مما تقبل

الحديث الأول : صحيح.

ويدل على ما هو المشهور عند القدماء من أنه إذا تقبل عملا لم يجز أن يقبله غيره بنقيصة ، إلا أن يحدث فيه ما يستبيح به الفضل.

وقال في المسالك : مستنده أخبار حملها على الكراهة أولى جمعا ، ولا فرق في الجواز على تقدير الحدث بين قليله وكثيره ، ولا يخفى أن الجواز مشروط

٣٥٨

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن الحكم الخياط قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أتقبل الثوب بدرهم وأسلمه بأكثر من ذلك لا أزيد على أن أشقه قال لا بأس به ثم قال لا بأس فيما تقبلته من عمل ثم استفضلت فيه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن ميمون الصائغ قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أتقبل العمل فيه الصياغة وفيه النقش فأشارط النقاش على شرط فإذا بلغ الحساب بيني وبينه استوضعته من الشرط قال فبطيب نفس منه قلت نعم قال لا بأس.

( باب )

( بيع الزرع الأخضر والقصيل وأشباهه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا بأس بأن تشتري زرعا أخضر ثم تتركه حتى تحصده إن شئت أو

بعدم تعيين العامل في العقد ، وإلا فلا إشكال في المنع والضمان لو سلم العين.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح. وظاهره الجواز مطلقا.

الحديث الثالث : حسن.

ويدل على أن النهي عن الاستحطاط بعد الصفقة مخصوص بالبيع مع أن عدم البأس لا ينافي الكراهة.

باب بيع الزرع الأخضر والقصيل وأشباهه

الحديث الأول : حسن.

ويدل على ما هو المشهور من جواز بيع الزرع قبل أن يسنبل ـ أي يظهر فيه السنبل ـ وبعده ، وخالف فيه الصدوق ، وقال في المقنع : لا يجوز أن يشتري زرع حنطة وشعير قبل أن يسنبل وهو حشيش إلا أن يشتريه للقصيل لعلفة الدواب ، ويدل أيضا على أن يجوز للمشتري أن يبقيها إلى وقت الحصاد ، وحمل على إذن مالك الأرض.

٣٥٩

تعلفه من قبل أن يسنبل وهو حشيش وقال لا بأس أيضا أن تشتري زرعا قد سنبل وبلغ بحنطة.

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن بكير بن أعين قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أيحل شراء الزرع أخضر قال نعم لا بأس به.

٣ ـ عنه ، عن زرارة مثله وقال لا بأس بأن تشتري الزرع أو القصيل أخضر ثم تتركه إن شئت حتى يسنبل ثم تحصده وإن شئت أن تعلف دابتك قصيلا فلا بأس به قبل أن يسنبل فأما إذا سنبل فلا تعلفه رأسا فإنه فساد.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن المثنى الحناط ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في زرع بيع وهو حشيش ثم سنبل قال لا بأس إذا قال أبتاع منك ما يخرج من هذا الزرع فإذا اشتراه وهو حشيش فإن شاء أعفاه وإن شاء تربص به.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله

قال في الشرائع : يجوز بيع الزرع قصيلا ، فإن لم يقطعه فللبائع قطعه وله تركه والمطالبة بأجرة أرضه.

وقال في الدروس : ما يتجدد من القصيل بعد قطعه للبائع ، إلا أن يقع الشراء على الأصول.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « رأسا » أي حيوانا أو أصلا أو لا تعلفه بأن يأكل الحيوان رؤوسها ويترك بقيتها ، والأول أظهر ، وعلى التقادير النهي إما للتنزيه أو للتحريم لكونه إسرافا.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فإن شاء » أي البائع ،« والعفاء » : الدروس والهلاك.

الحديث الخامس : موثق كالصحيح.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

كفر يزيد وارتداده

٨٧٨ ـ ما حكاه عبد الله بن عمر عن معاوية ويزيد :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٥)

حكى عبد الله بن عمر ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في مسجده ، فسمعته يقول لجلسائه : الآن يطلع عليكم رجل ، يموت على غير سنّتي. فما استتم كلامه إذ طلع معاوية وجلس معنا في المسجد. فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب ، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد ، وخرج ولم يسمع الخطبة. فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خارجا مع ابنه ، قال : لعن الله القائد والمقود.

(أقول) : إن يزيد بن معاوية لم يكن في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد ولد سنة ٢٨ ه‍ ، والصحيح أن معاوية حين خرج من المسجد كان يأخذ بيد أخيه الأصغر يزيد بن أبي سفيان ، وليس ابنه يزيد.

٨٧٩ ـ كفر يزيد وارتداده عن الإسلام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٠)

يقول محمّد مهدي المازندراني : ثم لا بأس أن نشير إلى كلمات بعض علماء العامة في كفر يزيد ، ووجوب اللعن عليه.

شهادة ابن عقدة :

قال ابن عقدة : ومما يدل على كفره وزندقته ، فضلا عن سبّه ولعنه ، أشعاره التي أفصح فيها بالإلحاد ، وأبان عن خبث الضمير والاعتقاد ؛ منها قوله في تحليل الخمر وإنكار البعث :

إذا ما نظرنا في أمور قديمة

وجدنا حلالا شربها متواليا

وإن متّ يا أم الأحيمر فانكحي

ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا

فإن الّذي حدّثت من يوم بعثنا

أحاديث طمّ تجعل القلب ساهيا

وله أيضا :

معشر الندمان قوموا

واسمعوا صوت الأغاني

واشربوا كأس مدام

واتركوا ذكر المعاني

شغلتني نغمة العيدا

ن عن صوت الأذان

وتعوّضت عن الحو

ر خمورا في الدّنان

٧٢١

شهادة أبي يعلى :(المصدر السابق)

وحكى القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد بن حنبل في كتاب (الوجهين والروايتين) أنه قال : إن صحّ عن يزيد ذلك [أي ما استشهد به من أبيات شعر ابن الزبعرى المشرك] ، فقد كفر بالله وبرسوله ، لأنه أسف على كفار بدر ، ولم يرض بقتلهم ، وأنكر أمر الله فيهم ، وفعل الرسول في جهادهم ، واعتبر أن قتل الحسينعليه‌السلام صواب ، وعادله بالكفار وسوّى بينهم ، والله سبحانه وتعالى يقول :( لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) (٢٠) [الحشر :٢٠]. وهل هذا إلا ارتداد عن الدين ف( لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) [الأعراف : ٤٤]( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ٢٨جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ ) (٢٩) [إبراهيم : ٢٨ ـ ٢٩]. ثم إن يزيد زاد في القصيدة بقوله :

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

قال مجاهد : وهذا نافق في الدين.

شهادة الزهري :(المصدر السابق)

وقال الزهري : لما جاءت الرؤوس كان يزيد على منظرة جيرون ، فأنشد يقول :

لما بدت تلك الرؤوس وأشرقت

تلك الشموس على ربى جيرون

نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح

فلقد قضيت من النبي ديوني

وهل أحد يشكّ في كفره ، بعد إنشاده هذه الأبيات؟!.

٨٨٠ ـ صبّ يزيد الخمر على رأس الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق)

وقال بعض آخر : إن صبّ الجرعة من الخمر على رأس الحسينعليه‌السلام واستهزاءه بأن علياعليه‌السلام ساق على الحوض ، وأن محمدا حرّم الذهب والفضة ، وشعره في الانتقام من بني أحمد ، واترا عن شيوخه الكفرة المقتولين يوم بدر ؛ إن صحّ عنه ذلك فهو كافر ، لأنه ما فعل ذلك إلا وهو منكر لما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...والمنكر لما جاء به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كافر.

٧٢٢

٨٨١ ـ رأي عمر بن عبد العزيز في يزيد :(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣١)

قال نوفل بن أبي الفرات : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فذكر رجل يزيد ، فقال : قال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية!. فقال عمر : تقول أمير المؤمنين!.وأمر به فضرب عشرين سوطا.

٨٨٢ ـ رأي عبد الملك بن مروان بمن قبله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢١٨)

خطب عبد الملك بن مروان بالمدينة بعد قتل الزبير ، فقال : أما بعد ، فلست بالخليفة المستضعف [يعني عثمان] ، ولا الخليفة المداهن [يعني معاوية] ، ولا الخليفة المأفون [يعني يزيد].

٨٨٣ ـ رأي ابن حجر في كفر يزيد :

(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٦٨)

قال ابن حجر في (شرح الهمزية) : إن يزيد قد بلغ من قبائح الفسق والانحلال عن التقوى مبلغا لا يستكثر عليه صدور تلك القبائح منه. بل قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به علما وورعا ، يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ، ثبتت عنده ، وإن لم تثبت عند غيره.

٨٨٤ ـ رأي عبد الباقي العمري وحكمه بكفر يزيد :

(المصدر السابق ، ص ٥٧)

قال الشبراوي بعد ذكر الأبيات التي تمثّل بها يزيد :

إن هذه الأبيات أشار إليها شاعر العراق المرحوم عبد الباقي العمري في ديوانه (الباقيات الصالحات) بقوله :

نقطع في تكفيره إن صحّ ما

قد قال للغراب لما نعبا

٨٨٥ ـ آراء علماء السنة في يزيد ولعنه :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ص ٦٨)

قال ابن عماد الحنبلي : ولعلماء السلف في يزيد وقتله الحسينعليه‌السلام خلاف في اللعن والتوقف.

قال ابن الصلاح : والناس في يزيد ثلاث فرق : فرقة تحبه وتتولاه ، وفرقة تسبّه

٧٢٣

وتلعنه ، وفرقة متوسطة في ذلك ، لا تتولاه ولا تلعنه. قال : وهذه الفرقة هي المصيبة ، ومذهبها هو اللائق لمن يعرف سير الماضين ، ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة. انتهى كلامه

ويتابع الحنبلي كلامه قائلا : وعلى الجملة فما نقل عن قتلة الحسينعليه‌السلام والمتحاملين عليه ، يدلّ على الزندقة وانحلال الإيمان من قلوبهم ، وتهاونهم بمنصب النبوة ، وما أعظم ذلك!. فسبحان من حفظ الشريعة حينئذ ، وشيّد أركانها حتى انقضت دولتهم. وعلى فعل الأمويين وأمرائهم بأهل البيتعليه‌السلام حمل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هلاك أمتي على أيدي أغيلمة من قريش».

رأي التفتازاني في لعن يزيد :(المصدر السابق)

وقال سعد الدين التفتازاني في (شرح العقائد النسفية) : اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين (ع) ، أو أمر بقتله ، أو أجازه أو رضي به (من غير تبيّن).

قال : والحق أن رضا يزيد بقتل الحسينعليه‌السلام ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مما تواتر معناه ، وإن كانت تفاصيله آحادا.

قال : فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في كفره وإيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه. اه

رأي الحافظ ابن عساكر :(المصدر السابق ، ص ٦٩)

وقال الحافظ ابن عساكر : نسب إلى يزيد قصيدة منها :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

فإن صحّت عنه ، فهو كافر بلا ريب.

رأي الحافظ الذهبي :

(المصدر السابق)

وقال الحافظ الذهبي في يزيد : كان ناصبيا فظا غليظا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر. افتتح دولته بقتل الحسينعليه‌السلام ، وختمها بوقعة الحرّة. فمقته الناس ، ولم يبارك في عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسينعليه‌السلام .

٧٢٤

رأي الكيا الهراسي :

واستفتي الكيا الهراسي في يزيد ، فذكر فصلا واسعا من مخازيه حتى نفدت الورقة. ثم قال : ولو مددت ببياض [اي ورق] لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.

رأي الغزّالي :

وأما الغزالي ، فرغم كل علمه وفهمه ، فقد توقف في شأنه ومنع من لعنه ، مع تقبيح فعله ، بدعوى أنه ربما تاب قبل موته. مع أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد لعن يزيد ، وهو يعلم أنه لن يتوب. وواقع الحال يدلّ على عدم توبته ، فقد قصف الله عمره أثناء ما كان جيشه يضرب الكعبة ويحرقها. فأين التوبة!.

رأي اليافعي :

وقال اليافعي : وأما حكم من قتل الحسينعليه‌السلام أو أمر بقتله ، ممن استحل ذلك فهو كافر ، وإن لم يستحل ففاسق فاجر.

لعن يزيد وسبّه

٨٨٦ ـ كفر يزيد ولعنه :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٩٢)

قال الشيخ الصبان : وقد قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به ورعا وعلما ، يقتضيان أنه لم يقل ذلك إلا لما ثبت عنده من أمور صريحة وقعت منه توجب ذلك.

وواقفه على ذلك جماعة كابن الجوزي.

وأما فسقه فقد أجمعوا عليه. وأجاز قوم من العلماء لعنه بخصوص اسمه ، روي ذلك عن الإمام أحمد.

قال ابن الجوزي : صنّف القاضي أبو يعلى كتابا فيمن كان يستحق اللعنة ، وذكر منهم يزيد.

وأما جواز لعن من قتل الحسينعليه‌السلام أو أمر بقتله أو أجازه أو رضي به ، من غير تسمية ؛ فمتّفق عليه.

٧٢٥

٨٨٧ ـ هل يزيد من الصحابة ، وهل يجوز لعنه؟ :

(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٠ ؛

والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ، ج ٢ ص ٥٣)

سئل عماد الدين الكيا الهراسي الفقيه الشافعي ، عن يزيد بن معاوية ، هل هو من الصحابة أم لا؟. وهل يجوز لعنه أم لا؟. فقال : إنه لم يكن من الصحابة ، لأنه ولد في أيام عمر بن الخطاب.

وأما قول السلف في لعنه ؛ ففيه لأحمد قولان : تلويح وتصريح ، ولمالك قولان :تلويح وتصريح ، ولأبي حنيفة قولان : تلويح وتصريح ، ولنا قول واحد : التصريح دون التلويح. وكيف لا يكون ذلك وهو اللاعب بالنرد ، والمتصيّد بالفهود ، ومدمن الخمر. وشعره في الخمر معلوم ، ومنه قوله :

أقول لصحب ضمّت الكاس شملهم

وداعي صبابات الهوى يترنّم

خذوا بنصيب من نعيم ولذة

فكلّ وإن طال المدى يتصرّم

ولا تتركوا يوم السرور إلى غد

فربّ غد يأتي بما ليس يعلم

وكتب الهراسي فصلا طويلا ، ثم قلب الورقة وكتب : لو مددت ببياض ، لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.

وقال الجاحظ في (الرسالة ١١ في بني أمية) ص ٢٩٨ :

المنكرات التي اقترفها يزيد ؛ من قتل الحسينعليه‌السلام ، وحمله بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا ، وقرعه ثنايا الحسينعليه‌السلام بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ؛ تدل على القسوة والغلظة والنّصب وسوء الرأي والحقد والبغضاء والنفاق والخروج عن الإيمان. فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون.

وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) : كان يزيد بن معاوية ناصبيا فظا غليظا جلفا ، يتناول المسكر ويفعل المنكر. افتتح دولته بقتل الشهيد الحسينعليه‌السلام ، وختمها بوقعة الحرّة [في المدينة] ، فمقته الناس ولم يبارك في عمره.

(راجع مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٢ و ١٣ ، ط ٣)

٧٢٦

رأي ابن الجوزي وأحمد بن حنبل

٨٨٨ ـ هل يجوز لعن يزيد؟ :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٦ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ذكر جدي أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه (الردّ على المتعصب العنيد ، المانع من ذم يزيد) وقال : سألني سائل فقال : ما تقولون في يزيد بن معاوية؟. فقلت له : يكفيه ما به.

فقال : أتجوّز لعنه؟. فقلت : قد أجازها العلماء الورعون ؛ منهم أحمد بن حنبل ، فإنه ذكر في حقّ يزيد ما يزيد على اللعنة!.

ـ كيف أجاز الله لعن يزيد في القرآن؟ :

وحكى جدي أبو الفرج عن القاضي أبي يعلى بن الفراء في كتابه (المعتمد في الأصول) بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل (قال) قلت لأبي : إن قوما ينسبونا إلى توالي يزيد. فقال : يا بني وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!.

فقلت : فلم لا تلعنه؟. فقال : وما [وفي رواية : متى] رأيتني لعنت شيئا يا بني؟.ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟. فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه؟. فقال :في قوله تعالى :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣] وهل يكون فساد أعظم من قتل الحسينعليه‌السلام . وقد قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) [الأحزاب : ٥٧] وأي أذى أشدّ على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قتل الحسينعليه‌السلام الذي هو له ولبنته البتول قرة عين؟!.

٨٨٩ ـ رأي أحمد بن حنبل :(التاريخ الحسيني لمحمود الببلاوي ، ص ١١)

نقل صالح بن أحمد بن حنبل (قال) قلت لأبي : يا أبت أتلعن يزيد؟. فقال :يا بني كيف لا نلعن من لعنه الله تعالى في ثلاث آيات من كتابه العزيز ؛ في الرعد والقتال والأحزاب؟!. قال تعالى :( وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (٢٥) [الرعد : ٢٥] وأي قطيعة أفظع من قطيعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ابن بنته الزهراءعليه‌السلام ؟!. وقال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) (٥٧) [الأحزاب : ٥٧] وأي أذيّة

٧٢٧

لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوق قتل ابن بنته الزهراءعليه‌السلام ؟!. وقال تعالى :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣] وهل بعد قتل الحسينعليه‌السلام إفساد في الأرض أو قطيعة للأرحام؟!.

٨٩٠ ـ من أخاف أهل المدينة ملعون :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٨ ط ٢ نجف)

قال أحمد بن حنبل في (المسند) : حدثنا أنس بن عياص ، حدثني يزيد بن حفصة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن عطاء بن يسار عن السائب ابن خلاد ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا».

وفي صحيح البخاري : حدثنا حسين بن حريث ، أخبرنا أبو الفضل عن جعيد عن عائشة ، قالت : سمعت سعدا يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يكيد أهل المدينة (أحد) إلا انماع كما ينماع الملح في الماء». أخرجه مسلم أيضا بمعناه ، ومنه : «لا يريد أهل المدينة أحد بسوء ، إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص».

ولا خلاف أن يزيد أخاف أهل المدينة وسبى أهلها ونهبها وأباحها في وقعة الحرّة.

٨٩١ ـ رأي أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في لعن يزيد :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٣٠١ ط ٢ نجف)

قال سبط ابن الجوزي : ولما لعنه جدي أبو الفرج على المنبر ببغداد ، بحضرة الإمام الناصر وأكابر العلماء ، قام جماعة من الجفاة من مجلسه ، فذهبوا. فقال جدي :( أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ ) (٩٥) [هود : ٩٥].

وحكى لي بعض أشياخنا عن ذلك اليوم ، أن جماعة سألوا جدي أبا الفرج عن يزيد ، فقالوا : ما تقول في رجل ولّي ثلاث سنين ؛ في السنة الأولى قتل الحسينعليه‌السلام ، وفي الثانية أخاف المدينة وأباحها ، وفي الثالثة رمى الكعبة بالمجانيق وهدمها؟. فقالوا : نلعن؟. فقال : فالعنوه.

وقال أبو الفرج في كتابه (الردّ على المتعصب العنيد) : قد جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب معشار عشر معشار عشر فعل يزيد.

٧٢٨

٨٩٢ ـ رأي الفاضل الدربندي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٠)

يقول الفاضل الدربندي عن يزيد : والعجب من جماعة يتوقفون في أمره ، ويتنزّهون عن لعنه!. وقد أجازه كثير من الأئمة ؛ منهم ابن الجوزي ، وناهيك به علما وجلالة.

ثم ذكر محاورة صالح مع أبيه أحمد بن حنبل ، وأدلة جواز لعن يزيد من القرآن.ثم عقوبة من أخاف أهل المدينة ، وأن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ثم ساق القصة التالية :

ـ مناوشة ظريفة للفاضل الدربندي :

يقول الفاضل الدربندي : إن الأمر الأعجب ، أن جمعا من المتعصبين في هذا الزمان من الفرقة الشافعية ، يستنكفون عن اللعن على يزيد ، بل ينسبون ذلك إلى إمام مذهبهم الشافعي أيضا!. وتعصّب الأكراد الساكنين (بغداد) أزيد من تعصّب غيرهم ، بل إن جمعا منهم يفتون بحلّية دماء الذين يلعنون على يزيد!.

ومن جملة الظرائف الواقعة قبل مدة أني كنت نازلا في بغداد ، في دار علامة علماء العامة شهاب الدين سيد محمود الأروسي المفتي. فخرجت يوما من المنزل وحيدا ، فسرت حتى وصلت منزل ملا عبد الرحمن الكردي ، وكان أهل السنة يفضّلونه على المفتي. فلما حضرت عنده جرى بيننا ما حرّك العداوة الأصلية ...قال : أنتم معشر الشيعة لم تلعنون يزيد وأبيه معاوية؟!. فلما سمعت هذا الكلام ، ارتعدت فرائصي واغتظت ورفعت صوتي قائلا : أي مسلم يسأل عن مثل هذه المسألة؟ لعنة الله ولعنة اللاعنين على يزيد وأبيه معاوية. فلما سمع الكردي هذا الكلام مني تغيّر لونه واسودّ وجهه وكاد أن يهلك من شدة الغضب ، وما ظننت إلا أن السموات قد سقطت على رأسه ، أو أنه خسف الله به الأرضين!. فصاح صيحة منكرة واجتمع الناس بها ثم قال : فقد جئت بشيء عظيم ، أتلعن خال المؤمنين ، وأنت في دار السلام بغداد ، مجمع أهل السنة؟. فعليك إثبات جواز اللعن عليه ، وإلا فإني أقيم عليك الحدّ والتعزير.

فقلت له : اربع على ظلعك [أي ارفق على نفسك ولا تحمّلها ما لا تطيق] ، سبحان الله كيف أنت تقيم الحدّ والتعزير على أحد ، وأنت ممن وجب في شأنه الحدود والتعزيرات؟!. ثم إن الضروري من الدين لا يحتاج إلى إقامة الدليل ، وقد

٧٢٩

غطّى بصرك وبصيرتك التنصّب والتعصّب ، حيث تعدّ الضروري من قسم النظريات.وعلى كلّ فإن إثبات ذلك بالدليل من أسهل الأمور.

أنسيت قول علامتكم التفتازاني في (شرح المقاصد في تذييل مباحث الإمامة) مع كونه على ما تعرفه من التنصّب والتعصّب؟ فقال : " لا ريب أن أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد آذوا عترته بعده ، فليس كل صحابي بمعصوم ، ولا كل من لقي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخير بموسوم. إلا أنّا كففنا عن الطعن في الأولين لئلا تشقّ العصى على الإسلام والمسلمين. وأما من بعدهم من الظالمين فتشهد بظلمهم الأرض والسماء والحيوانات والجمادات ، فعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين".

فقلت له : أليس هذا مضمون كلامه وخلاصة مراميه في ذلك التذييل؟. فقال :نعم ، ولكن أقول : من العلامة التفتازاني؟ وأين قوله من أن يكون حجة؟ بل أنا أعلم منه. فائتني بأثارة من العلم من الآيات المحكمة والأخبار النبوية. فقلت له : هل تلتزم باللعن على يزيد ومعاوية إذا ذكرت آية صريحة وأخبارا نبوية من طرقكم في ذلك الباب؟. فقال : نعم.

فلما أخذت منه العهد والميثاق على ذلك ، قرأت قوله تعالى في سورة الأحزاب :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) [الأحزاب: ٥٧]. فقال : كيف التقريب في الاستدلال؟.

فقلت له : ألم يرد في الأخبار المتضافرة المتسامعة من طرقكم أنه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، حربك حربي وسلمك سلمي ، ولحمك لحمي ودمك دمي ، ومن حاربك فقد حاربني وحارب الله. فقال : نعم قد ورد.

ثم قلت له : ألم يرد أيضا في الأخبار المتواترة المتكاثرة من طرقكم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : حسين مني وأنا من حسين ، لحمه لحمي ودمه دمي؟. فقال :نعم قد ورد.

ثم قلت له : ألم يرد أيضا في الأخبار المتواترة المتوافرة في طرقكم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : فاطمة بضعة مني ، من أغضبها فقد أغضبني ، ومن آذاها فقد آذاني؟. فقال : نعم قد ورد.

فقلت له : هل التقريب في الاستدلال تام أم لا؟. فطأطأ رأسه طويلا ، فسكت فلعله قد التفت إلى أن الإذعان بذلك كله ، نظرا إلى أنه لا يمكن [إمكانه] ، قد خرّب

٧٣٠

بنيان مذهبه ، وكيف لا؟ فإن الإذعان بذلك يستلزم الإذعان بارتداد الأولين ، ويستلزم وجوب اللعن عليهم ، فضلا عن يزيد ومعاوية.

ثم لما أردت أن أقوم من المجلس ، أحلفني بالله أن أجلس فيه مدة نصف ساعة أيضا. فأمر خادمه بتجديد البن [أي القهوة] والتتن والقليان!.

«انتهى كلام الفاضل الدربندي»

قبر يزيد ومعاوية

٨٩٣ ـ انطماس قبور الظالمين وذكرهم :

من مظاهر عدالة الله ، أن الشهيد يخلّد ذكره حتى في الدنيا ، بينما يمحو ذكر الظالم ، كما يمحو أثره وقبره فهذه قبور عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكللها الذهب والعقيان ، بينما قبور ملوك بني أمية فتكللها الأوساخ والأدران ، ويلفّها العدم والنسيان ، فلا يعرف لها محل ولا مكان!. وأوضح شاهد على ذلك قبر يزيد وقبر معاوية في دمشق الشام.

يقول الشيخ محمّد حسين المظفر في كتابه (تاريخ الشيعة) ص ١٣٨ عن التشيّع في دمشق :

وأما اليوم فالشيعة في سورية ودمشق مجاهرة بالتشيع ، ولهم شأن في البلاد رفيع. ولو رأيت اليوم قباب القبور العلوية المشيّدة في دمشق عاصمة بني أمية ، مع اندراس قبور بني أمية ؛ لعرفت كيف يعلو الحق ، وإن اجتهد أعداؤه طول الزمن في طمسه.

قبر يزيد

٨٩٤ ـ قبر يزيد :(الخصائص الحسينية للتستري ، ص ٢٧٠)

قال الشيخ جعفر التستري :

وانظر إلى قبر يزيد في الشام ، من يوم قبر فيه إلى الآن ، كل من يمرّ عليه لا بدّ أن يرجمه بالحجارة ، ويحمل كلّ من يريد المرور عليه الحجارة من بعيد. يفعل ذلك الشيعة والسنّة ، واليهود والنصارى. وقد جرّب أن من لم يضربه بحجر ، لم تقض حاجته. وقد صار [قبره] تلا عظيما من أحجار الرجم.

٧٣١

(أقول) : ولما هلك يزيد في ظروف غامضة ، ولم يجدوا غير فخذه ، قبروه قرب مقبرة باب الصغير بدمشق ، في غرفة ليس لها سقف. وقد كان الناس إلى وقت قريب ـ كما كان يحدّثنا آباؤنا ـ إذا مرّ أحدهم بهذه الغرفة يضرب على ساكنها حجرا ، تعبيرا عن أن يزيد كإبليس يستحق الرجم والطرد من رحمة الله. ثم سكّروا تلك الغرفة وهجروها. فأنشأ أحدهم بجوارها معملا لنفخ الزجاج ، فكان أتون النار ملاصقا لقبر يزيد ، يحرقه في الدنيا قبل أن يحرق في نار جهنم ، جزاء وفاقا( وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) !.

وقد سمعت من المرحوم الحاج حسن أبي ياسر الخياط يقول : إن فخذ يزيد هو في غرفة مواجه الدرج الّذي يصعد منه إلى مقبرة الستات. وحين كنا صغارا كنا مثل كل الناس عندما نمرّ من هناك نضرب على الغرفة حجرا. ثم فرّغوا الغرفة من الأحجار وقلبوها إلى معمل لأنوال النسيج.

وعلى مقربة من فخذ يزيد يوجد قبر يظن أهل الشام أنه قبر أبي عبيدة بن الجراح ، ولذلك سمّوا المسجد الذي يقابل قبر يزيد : جامع الجرّاح.

(أقول) : هذا خطأ لأن أبا عبيدة دفن في غور بيسان ، وليس في دمشق.

وفي (خطط دمشق) لصلاح الدين المنجد ، ص ٩٠ :

جامع جرّاح : خارج الباب الصغير ، بمحلة سوق الغنم ، بدرب جرّاح. كان أصله مسجدا للجنائز ، بناه الملك الأشرف موسى ، ثم جدده جرّاح المنيحي.

ـ حرق عظام بني أمية وعظم يزيد :(الكنى والألقاب ، ج ١ ص ٢٣٣)

بعد أن صلب الأمويون زيد بن علي [زين العابدينعليه‌السلام ] على جذع شجرة ، وأبقوه مصلوبا خمس سنين عريانا ، جاء الوليد بن يزيد فكتب إلى عامله بالكوفة فأحرق زيدا بخشبته ، وأذرى رماده في الرياح على شاطئ الفرات ؛ صار هذا سببا لأن يفعل العباسيون بهم وبقبورهم مثل ذلك.

حكى المسعودي عن الهيثم بن عدي عن معمّر بن هانئ الطائي ، قال : خرجت مع عبد الله بن علي وهو عم السفاح والمنصور ، فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك فاستخرجناه صحيحا ، ما فقدنا منه إلا خرمة أنفه ؛ فضربه عبد الله ثمانين سوطا ، ثم أحرقه. فاستخرجنا سليمان بن عبد الملك من أرض دابق ، فلم نجد منه شيئا ، إلا صلبه وأضلاعه ورأسه ، فأحرقناه. وفعلنا ذلك بغيره من بني أمية ، وكانت قبورهم

٧٣٢

بقنّسرين [قرب حلب]. ثم انتهينا إلى دمشق فأخرجنا الوليد بن عبد الملك ، فما وجدنا إلا شؤون رأسه. ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية ، فما وجدنا منه إلا عظما واحدا ، ووجدنا خطا أسود كأنما خطّ بالرماد بالطول في لحده. ثم تتبّعنا قبورهم في جميع البلدان ، فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم.

قبر معاوية

٨٩٥ ـ قبر معاوية في دمشق :

جاء في (تاريخ ابن عساكر) تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ١٩٨:أما معاوية فيختلف في قبره. فيقال : إن قبره خلف حائط المسجد الجامع ، موضع دراسة السّبع اليوم. والأصح أن قبره خارج باب الصغير. ا ه

وقال صلاح الدين المنجد في (خطط دمشق) ص ١٢٠ :

أصبح من الثابت أن معاوية بن أبي سفيان دفن بمقبرة الباب الصغير بدمشق.وذلك بعد أن عثر على شاهد يدل على قبر نصر المقدسي ، الّذي تذكر المصادر الموثوقة أنه دفن في جوار قبر معاوية. ويبدو أن موضع هذا القبر كان مثار جدل في الأعصر الخالية. فقالوا : إنه في بيت في قبلة الجامع الأموي.

وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) : إنه دفن بين باب الجابية وباب الصغير.

٨٩٦ ـ قبر معاوية في النقّاشات :

(تاريخ ابن عساكر ، تحقيق صلاح الدين المنجد ، ج ٢ قسم ١ ص ٢٦١)

قال ابن عساكر : توفي معاوية بدمشق في رجب سنة ٦٠ ه‍ وله ثمانون سنة.

ودفن بدمشق في الموضع المعروف بباب الصغير ، وقيل بل في الدار المعروفة بدمشق (بالخضراء) إلى هذا الوقت ، في قبلة المسجد الجامع ، وفيها الشرطة والحبوس. وكان بها ينزل ، ومن ولي الأمر بعده من بني أمية. وإن الّذي في مقبرة باب الصغير هو قبر معاوية بن يزيد بن معاوية.

وجاء في (نزهة الأنام في محاسن الشام) لأبي البقاء البدري ، ص ٢٧٦ :

ونقل عن الحافظ ابن طولون في (بهجة الأنام) أن قبر معاوية الكبير في الحائط القبلي من جامع دمشق ، في قصر الإمارة الخضراء ، وهو الّذي تسميه العامة (قبر

٧٣٣

هود). أما الّذي في الباب الصغير فهو قبر أبي ليلى معاوية الثاني ابن يزيد ، الّذي تولى الحكم نحو أربعين يوما ، وكان منه عفّة ودين.

٨٩٧ ـ قبر معاوية الثاني في الباب الصغير :

(كتاب الزيارات بدمشق للقاضي العدوي ، ص ١٢)

قال القاضي محمود العدوي : ثم دفن معاوية [الثاني] ، فقيل بدار الإمارة ، وهي الخضراء ، وقيل بمقبرة باب الصغير ، وعليه الجمهور.

وقال ابن كثير أيضا في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ٢٣٧ في وفاة معاوية ابن ابنه :دفن بباب الصغير عند آبائه ، وحزن الناس عليه كثيرا لعقله وعفته ودينه وزهده.والظاهر أن القبر الّذي بباب الصغير يقال له قبر معاوية بن يزيد بن معاوية هذا ، وليس بقبر معاوية بن أبي سفيان. ويقال : إن معاوية بن أبي سفيان مدفون في حائط جامع دمشق ، خوفا عليه من الخوارج.

٨٩٨ ـ وصف قبر معاوية بن أبي سفيان في النقّاشات :

(الآثار الإسلامية لكارل ولتسنغر ، ص ١٤٨)

يذكر عبد الغني كما يورده (كريمر) : أن قبر معاوية يقع في الجامع الأموي

[حارة النقاشات] ضمن تربة مربعة ، مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، وتعلوها رقبة مثمّنة ، تخترق كل ضلع من أضلاعها نافذتان متباعدتان. تقوم فوق الرقبة آجرية نصف كروية ومطلية بطبقة من الجص.

من الداخل : إن الجدران مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، لكنها خالية من الطينة حاليا. تقوم في الزوايا دعامات تحمل أقواسا جدارية ، ويجري الانتقال من القبة بواسطة مثلثات زوايا. تظهر في الزاوية الشمالية علائم مقرنصات ذات مساحات كبيرة ، كما أنها دقيقة ومتطورة.

وبما أننا لم نعثر على كتابة تأسيسية ، فإنني أريد أن أؤرّخ البناء بعد سنة ١٣٢٠ م.

(أقول) : من المشهور في دمشق أن معاوية بن أبي سفيان حين توفي ، دفن في حديقة قصره (الخضراء) ، وهو المعروف اليوم بحي النقاشات ، أو زقاق الخضراء ، الواقع في جنوب شرق المسجد الأموي. وهذا القبر موجود ضمن بيت ينزل إليه بدرج ، وقد تراكمت عليه الأوساخ والقاذورات ، مصحوبة بالروائح الكريهة ،

٧٣٤

وبجيوش الذباب. أما القبة المضروبة عليه فقد تشققت حتى كادت أن تخرّ وتسجد ، كما وصفها الشاعر محمّد المجذوب(١) من طرطوس في قصيدته التالية ، التي وصف فيها قبر معاوية وصفا حيا كما رآه حين زاره.

٨٩٩ ـ زيارة الشاعر محمّد المجذوب لقبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ثم لقبر معاوية :

ذهب الشاعر الطرطوسي محمّد المجذوب خريج الأزهر ، إلى النجف الأشرف ، وزار هناك مرقد مولانا الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فوجد الذهب الإبريز يسجد على أعتابه وعند ما عاد إلى دمشق مرّ بخربة فيها قبر ، فسأل عنها؟.فقالوا : إنها قبر معاوية!.

فأنشد في ذلك الموقف الأبيات التالية ، مخاطبا بها (أبا يزيد) :

أين القصور أبا يزيد ولهوها

والصّافنات وزهوها والسّؤدد

أين الدّهاء نحرت عزّته على

أعتاب دنيا سحرها لا ينفد

آثرت فانها على الحقّ الذي

هو لو علمت على الزّمان مخلد

تلك البهارج قد مضت لسبيلها

وبقيت وحدك عبرة تتجدد

هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه

لأسال مدمعك المصير الأسود

كتل من التّرب المهين بخربة

سكر الذّباب بها فراح يعربد

خفيت معالمها على زوّارها

فكأنها في مجهل لا يقصد

ومشى بها ركب البلى فجدارها

عان يكاد من الضّراعة يسجد

والقبّة الشّماء نكّس طرفها

فبكلّ جزء للفناء بها يد

تهمي السحائب من خلال شقوقها

والريح في جنباتها تتردّد

وكذا المصلّي مظلم فكأنه

مذ كان لم يجتز به متعبد

__________________

(١) محمّد المجذوب : أديب وقاصّ وشاعر سوري مرموق ، ولد في طرطوس عام ١٩٠٧ م وتوفي عام ٢٠٠٠ م عن عمر يناهز ٩٣ عاما. من كتبه الكثيرة : فضائح المبشرين ـ دروس من الوحي ـ مشكلات الجيل في ضوء الدين ـ همسات قلب (شعر) ـ نار ونور (شعر) ١٩٤٧. من تراث الأبوة (مسرحيات تاريخية) اللاذقية ١٩٣٥ ـ الكواكب الأحد عشر (قصة طويلة) بيروت ١٩٥٤. (مجلة الموسم ـ العدد ٧ ص ٨٧٣).

٧٣٥

أأبا يزيد لتلك حكمة خالق

تجلى على قلب الحكين فيرشد

أرأيت عاقبة الجموح ونزوة

أودى بلبّك غيّها المترصّد

أغرتك بالدنيا فرحت تشنّها

حربا على الحقّ الصّراح وتوقد

تعدو بها ظلما على من حبّه

دين ، وبغضته شقاء سرمد

علم الهدى وإمام كلّ مطهّر

ومثابة العلم الذي لا يجحد

ورثت شمائلهپ براءة أحمد

فيكاد من برديه يشرق أحمد

وغلوت حتى قد جعلت زمامها

إرثا لكلّ مذمّم لا يحمد

هتك المحارم واستباح خدورها

ومضى بغير هواه لا يقيّد

فأعادها بعد الهدى عصبيّة

جهلاء تلتهم النّفوس وتفسد

فكأنما الإسلام سلعة تاجر

وكأنّ أمّته لآلك أعبد

* * *

فاسأل مرابض كربلاء ويثرب

عن تلكم النّار التي لا تخمد

أرسلت مارجها فماج بحرّه

أمس الجدود ولن يجنبها غد

عبثا يعالج ذو الصّلاح فسادها

ويطيبّ معضلها الحكيم المرشد

أين الّذي يسلو مواجع أحمد

وجراح فاطمة التي لا تضمد

والزّاكيات من الدّماء يريقها

باغ على حرم النّبوة مفسد

والطّاهرات فديتهنّ حواسرا

تنثال من عبراتهنّ الأكبد

والطّيبين من الصّغار كأنهم

بيض الزّنابق ذيد عنها المورد

تشكو الظّماء لظالمين أصمّهم

حقد أناخ على الجوانح موقد

والذائدين تبعثرت أشلاؤهم

بددا ، فثمّة معصم وهنا يد

تطأ السّنابك بالطّغاة أديمها

مثل الكتاب مشى عليه الملحد

فعلى الرّمال من الأباة مضرّج

وعلى النّياق من الهداة مصفّد

وعلى الرّماح بقيّة من عابد

كالشّمس ضاء به الصّفا والمسجد

فلطالما حنّ الدّجى لحنينه

وحنا على زفراته المتهجّد

إن يجهل الأثماء موضع قدره

فلقد داره الرّاكعون السّجّد

٧٣٦

تلك الفواجع ما تزال طيوفها

في كلّ جارحة تحسّ وتشهد

ما كان ضرّك لو كففت شواظها

فسلكت نهج الحقّ وهو معبّد

ولزمت ظلّ أبي تراب وهو من

في ظلّه يرجى السّداد وينشد

ولو أن فعلت لصنت شرعة أحمد

وحميت مجدا قد بناه محمّد

ولعاد دين الله يغمر نوره الدّ

نيا ، فلا عبد ولا مستعبد

* * *

أأبا يزيد وساء ذلك عترة

ماذا أقول وباب سمعك موصد

قم وارمق النّجف الشريف بنظرة

يرتدّ طرفك وهو باك أرمد

تلك العظام أعزّ ربّك قدرها

فتكاد لو لا خوف ربّك تعبد

أبدا تباكرها الوفود ، يحثّها

من كلّ حدب شوقها المتوقّد

نازتتها الدنيا ففزت بوردها

ثمّ انقضى كالحلم ذاك المورد

وسعت إلى الأخرى فأصبح ذكرها

في الخالدين ، وعطف ربّك أخلد

* * *

أأبا يزيد لتلك آهة موجع

أفضى إليك بها فؤاد مقصد

أنا لست بالقالي ولا أنا شامت

قلب الكريم عن الشّماتة أبعد

هي مهجة حرّى أذاب شغافها

حزن على الإسلام لم يك يهمد

ذكّرتها الماضي فهاج دفينها

شمل لشعب المصطفى متبدّد

فبعثته عتبا وإن يك قاسيا

هو في ضلوعي زفرة تتردّد

لم أستطع جلدا على غلوائها

أيّ القلوب على اللّظى تتجلّد؟

* * *

لكن هذا الشاعر تجاهل فيما بعد هذه القصيدة ، فلم ينشرها في ديوانه (نار ونور) المطبوع عام ١٩٤٧ ، ولا في ديوانه الثاني (همسات قلب) المطبوع عام ١٩٧٠ ، فكأنه ندم على قولها ، مع أنها أصدق قصيدة قالها.

٧٣٧

مظاهر العدل الإلهي

٩٠٠ ـ العدل الإلهي في مصير الحسينعليه‌السلام ومصير أعدائه :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٣٣ و ١٣٤)

قال السيد علي جلال الحسيني المصري في كتابه (الحسين) :

ومن آثار العدل الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، كما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد.

وهل أمهل يزيد بن معاوية بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟!. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك في دم الحسينعليه‌السلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب!. وأي عبرة لأولي الأبصار أعظم من كون ضريح الحسينعليه‌السلام حرما معظّما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.

ـ العناية الإلهية بأهل البيتعليه‌السلام :

وتأمّل عناية الله بالبيت النبوي الكريم ؛ يقتل أبناء الحسينعليه‌السلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.

ـ شتان بين الذهب والرغام! :

ثم يقول : وشتان ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير.وهل يستوي الفاسق الجائر ، والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له.واقتضت أيضا أن يبقى أثر جهاد الحسينعليه‌السلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.

٩٠١ ـ العاقبة للمتقين :(المصدر السابق)

قال تعالى جلّ من قائل :( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا

٧٣٨

فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٨٣) [القصص : ٨٣]. وكثير من الناس يغرّهم العلوّ في الأرض والتمكن فيها ، فيظنون أن ذلك ميزة لهم على غيرهم ، غير ناظرين إلى أن هذه الدنيا ليست دار الجزاء ، إنما هي دار الامتحان والبلاء ، وأن العاقبة ليست فيها ، إنما هي في دار البقاء فالحسينعليه‌السلام حين استشهد ، استبدل دار الشقاء وهي الدنيا ، بدار البقاء وهي الآخرة. فانتقل إلى دار الجنان ، يعيش فيها خالدا ، مصداقا لقوله تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١٧٠) [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠].

أما الذين ظنوا أنهم انتصروا على الحسينعليه‌السلام ، فقد عاشوا حياة الشقاء في الدنيا ، وسوف يخلّدون في نار جهنم ، والله لهم بالمرصاد.

العبرة في المصير

٩٠٢ ـ الحسينعليه‌السلام إمام الشاهدين :

(الحسين بن عليعليه‌السلام إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٩)

الإمام الحسينعليه‌السلام كان يدرك بالمنطق الرياضي إدراكا شموليا ، أنه مفارق جسده وعيشه لم يقلعليه‌السلام : إلهي إلهي لماذا تركتني؟ بل صاح : إلهي أنا قادم إليك. وكأنه يرى دمه ، ودماء رفاقه الشهداء أمام بصره ، رياضا طفحت وردا وبيلسانا وشقائق نعمان.

ـ العبرة في المصير ، والخلود للحسينعليه‌السلام :

آثر معاوية مقعده وبطنه.

وعمل يزيد لشهوة جسده.

ونال المغيرة لقيمة.

وعمرو بن العاص جريعة.

ومات ابن زياد ، وابن ذي الجوشن ، وابن سعد ، في الموت منذ أن ولدوا ؛ وبقي الحسين بن عليعليه‌السلام يذكر حيا ، نضرا ، فوّاحا ، كلما ذكر محمّد وآل محمّد ورسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في كل صلاة وفي كل تسليم.

٧٣٩

٩٠٣ ـ خفقة النشيد الأخيرة :(المصدر السابق ، ص ١٣١)

منذ ثلاثة عشر قرنا ، والكلام على الحسينعليه‌السلام : أخضر ، أزهر ، فوّاح ، معطار ، يفرح ويبكي ، ويمجّد ويرفع. ثم لا ينتهي بانطواء جيل ، وولادة آخر.

ومنذ ذلك الزمن ، وقلّ أن يذكر الذاكرون يزيد ، وابن زياد ، وابن سعد ، وابن ذي الجوشن ، إلا كما يذكر أحدنا : الحرباء والعقرب والخنزير. بينما يتردد اسم البلبل والروضة والجدول ، تردد النسيم والشعاع والماء ، في العيون والمعاطس ، والأفواه والقلوب. ذلك بيّن الخطوط والألوان.

فالحسينعليه‌السلام دخل في تراث الانسانية ، واحدا من بناة شمائلها ، وعمارة حضارتها. وغلّب جانب الخير والحق والجمال ، على جانب الشر والباطل والضلال ، فأصبح كوكبا في كل سماء من أرض البشر ، يجري اسمه على الأقلام ، مجرى نشيد الانتصار على الحناجر والأوتار.

يبقى أمر مهمّ إضافة لما قدّمنا ، هو أمر البطل يكون شاهدا وشهيدا ، عندما يقدم بشجاعة قلّ نظيرها ، لدى القادة الأبطال المقدمين.

فصحيح أن سقراط مات ، واختار قدح السمّ ، وشربه بشوق. لكنه مضى وحده!.

وصحيح أن المسيحعليه‌السلام صلب على مذهب النصارى ، لكنه توجّع وتوسّل وصاح : إلهي إلهي لماذا تركتني؟!. ورفعه الله إليه. ثم مضى وحده!.

الإسكندر : حمّ ومات!. هنيبال : هرب وتاه وضاع!.

نابليون : انطفأ في الأسر!. هتلر : انتحر!.

موسيليني : جرّ كما تجرّ الهرّة!.

وخالد بن الوليد : كره الموت على الفراش!.

وهؤلاء جميعا كانوا قادة ، على اختلاف وتباين في المعتقد والمنهج والفضيلة ، لكن واحدا منهم لم يرسم وهو على شفير النهاية ، بعينيه وقلبه وجسده المفجع ، والخارق والمذهل ، كما رسم الحسينعليه‌السلام ومعه أفلاذ أسرته كلهم ، وأحباء قلبه

٧٤٠

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800