شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء0%

شرح زيارة عاشوراء مؤلف:
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف: الشيخ أبي المعالي الكلباسي
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف:

ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290
المشاهدات: 27057
تحميل: 4130

توضيحات:

شرح زيارة عاشوراء
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27057 / تحميل: 4130
الحجم الحجم الحجم
شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف:
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
ISBN: 978-964-8438-50-5
العربية

الآمل ، وغيره في غيره فجعلوا المشهور بابن حمزة هو الشيخ الجليل الحسن بن حمزة الحلبي

أقول : إنّه يترائى بادي الرأي أن ابن حمزة الثاني والده ابن حمزة الأوّل ، لكن قوله(١) : (وهما أيضاً من سلسلة ابن حمزة الأوّل) يضائق عنه ، إذ لا يطلق على ولد الشخص أنّه من سلسلته ، فعليّ بن حمزة في الثاني(٢) غير عليّ بن حمزة في الأوّل(٣) ، مُضافاً إلى أنّ عليّاً في الأوّل سبط(٤) محمّد وفي الثاني سبط الحسن ، فلا مجال لتوهّم اتّحاد عليّ في الأوّل مع عليّ في الثاني.

__________________

«بقوله : «الشيخ الجليل الحسن بن حمزة الحلبي ، كان عالماً فاضلاً ، فقيهاً جليل القدر» ص ٦٥ ترجمة ١٧٥ ، وثانياً في باب الكنى ، فقال : «ابن حمزة : اسمه الحسن».

(١) يعني به قول رياض العلماء في العبارة المذكورة.

(٢) وهو الذي ذكره في الرياض بقوله : «وقد يطلق أيضاً على الشيخ نصير الدين عليّ بن حمزة بن الحسن الطوسي».

(٣) هو والد محمّد المترجم له حيث ذكر «أبو جعفر محمّد بن عليّ بن حمزة بن محمّد المشهدي الطوسي ، المعروف بابن حمزة» ، فعليّ بن حمزة في الأوّل هو : عليّ بن حمزة بن محمّد ، بينهما عليّ بن حمزة في الثاني هو : عليّ بن حمزة بن الحسن.

(٤) السبط : هو ولد الولد الذي يشمل ولد الابن وولد البنت ، وقيل : ولد البنت خاصّة ، وولد الابن حفيد

١٢١

[التنبيه] الثالث :

فيما ذكره العلّامة المجلسي قدس سره في زاد المعاد

من أن الأحوط في زيارة عاشوراء تقديم زيارة أمير المؤمنين عليه السلام

إنّ العلّامة المجلسي عليه السلام صرّح في «زاد المعاد» بعد الكلام المتقدّم منه في بيان الاحتياط : أن الأحوط(١) تقديم زيارة أمير المؤمنين عليه السلام على زيارة عاشوراء ، خصوصاً إذا كان زيارة عاشوراء عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : «واﮔﺮ زيارت أمير المؤمنين عليه السلام با اين زيارت(٢) ضمّ كند بهتر است خصوصاً هرﮔﺎه اين زيارت را نزد ضريح امير المؤمنين عليه السلام بعمل آورد»(٣) ، وهو مقتضى كلامه في «تحفة الزائر» عند الكلام في زيارات أمير المؤمنين عليه السلام بعد الفراغ عن الزيارة السادسة ، إلّا أنّه لم يذكر أولويّة الاحتياط لو كان زيارة عاشوراء عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : «وﭼﻮﻥ اين حديث مشتمل بر فضيلت عظيم(٤) است بهتراست كه هرﮔﺎه خواهند اين زيارت بعمل آورند خواه در روز عاشوراء وخواه در غير آن وخواه نزد قبر أمير المؤمنين عليه السلام وخواه نزد قبر إمام حسين عليه السلام وخواه در ساير بلاد أوّل زيارت أمير المؤمنين عليه السلام بكند تا آنجا كه (فإنّي عبد الله ووليّك وزائرك صلّى الله عليك)(٥) ﭘﺲ ابتدا كند

__________________

(١) الظاهر أنّ تعبير المصنّف عمّا فعله العلّامة المجلسي بالاحتياط تعبير مسامحي ، حيث إنّ العلّامة لم يعبّر بالاحتياط ، وإنّما عبّر بالأفضل ، حيث قال : «بهتر است» ، وفرّق بينهما.

(٢) قوله : «باين زيارت» كان المناسب أن يقول : «به اين زيارت». منه رحمه الله.

(٣) ترجمة المقطع الفارسي : «ولو ضمّ زيارة أمير المؤمنين عليه السلام إلى هذه الزيارة فهو أفضل ، خصوصاً إذا جاء بهذه الزيارة عند مرقد أمير المؤمنين عليه السلام».

(٤) قوله : «عظيم» كان المناسب أن يقول : «عظيمه». منه رحمه الله.

(٥) قوله : «صلّى الله عليك» كان المناسب أن يزيد «است» ، وإلّا فالكلام ناقص. منه رحمه الله.

١٢٢

وزيارت حضرت امام حسين عليه السلام را بتمام آن زيارتى كه در اوّل زيارت عاشورا بيان خواهم كرد بخواند بهمه حديث عملكرده باشد»(١) .

في أن مقتضى كلام العلّامة المجلسي قدس سره في «تحفة الزائر»

أن الاحتياط في الزيارة السادسة تعقيبها بزيارة عاشوراء

حيث إن متقضاه كون الأوْلى في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام بالزيّارة السادسة تعقيبها بزيارة عاشوراء ، وهذا وإن [كان] لا يستلزم كون الأوْلى في زيارة عاشوراء تعقيبها للزيارة السادسة ، لكن مقتضى تعليله الأولويّة في باب الزيارة السادسة أعني كون الأوْلى تعقيبها بزيارة عاشوراء بالعمل بتمام الحديث هو الأولوية في باب زيارة عاشوراء بكون الأوْلى تقديم الزيارة السادسة عليها ، وتظهر هذه المقالة من قوله في «البحار» بعد الفراغ عن الزيارة السادسة : «أقول : سيأتي تمامها في زيارات الحسين عليه السلام فإن عمل بجميعها كان أفضل»(٢) .

والظاهر أنّ المقالة المشار إليها متابعته للسيّد ابن طاووس قدس سره ، حيث إنّه على ما نقل عنه في «البحار» قال بعد ذكر الزيارة السادسة : «ثمّ صلّى صلاة الزيارة ستّ ركعات له ولآدم ونوح عليهم السلام لكلّ واحد منهم ركعتان ، ثم قم فزر الحسين عليه السلام من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام بالزيارة الثانية من زيارتي عاشوراء اتّباعاً لما ورد

__________________

(١) ترجمة المقطع الفارسي : «وبما أنّ هذا الحديث مشتمل على فضائل عظيمة ، فمن الأفضل أن يقدّم زيارة أمير المؤمنين عليه السلام متى أراد أن يزور بهذه الزيارة ، سواء في يوم عاشوراء وغيره ، وسواء عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، أو عند مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، أو في أي مكان إلى قوله : «فإنّي عبد الله ووليّك وزائرك ، صلّى الله عليك» يبدأ بزيارة الإمام الحسين عليه السلام كاملة ، كما سنذكره في بداية زيارة عاشوراء حتّى يكون عمل بكلّ الحديث.

(٢) بحار الأنوار : ٩٧: ٢٩٣.

١٢٣

إن شاء الله»(١) .

وقد تقدم من المحقّق القمّي وبعض من تأخّر عنه الاحتياط بتقديم الزيارة السادسة على زيارة عاشوراء أيضاً ، وتقدّم من بعضٍ أن الأوْلى تقديم زيارة أمير المؤمنين عليه السلام على زيارة عاشوراء ، والغرض الاحتياط بالتقديم.

أقول : إن مقتضى كلام العلّامة(٢) المشار إليه في «التحفة» أنّ الفضل العظيم في الجمع بين الزيارتين ، كما هو الظاهر من بيان الفضل بقوله عليه السلام : «فإني ضامن على الله لكل من زارهما بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء » ، لكن عمدة الفضل مذكورة بعد ذلك في الذيل في طيّ بيان فضل زيارة مولانا الحسين عليه السلام في قوله : «فآلى الله على نفسه عزّ وجلّ أن من زار الحسين بن علي عليه السلام » ، بل يمكن القول : بأنّ الذيل يكشف عن كون الفضل المذكور في الصدر باعتبار الجزء الأخير أعني زيارة مولانا الحسين عليه السلام ، بل يرشد إلى هذا أعني كون الفضل في الصدر باعتبار الجزء الأخير إفراد الضمير في قوله : «وزرته» ، وتخصيص الفضل في الصدر من البدو وإلى الختم في رواية «المصباح» بزيارة مولانا سيّد الشهداء عليه السلام ، بل نقول : إنّ قوله : «هذه الزيارة » في الصدر في قوله عليه السلام : «يا صفوان ، تعاهد هذه الزيارة » وقوله عليه السلام : «يا صفوان ، وجدت هذه الزيارة مضمونة » إشارة إلى الزيارة الأخيرة أعني زيارة عاشوراء.

إلّا أن يقال : إن مقتضى قوله عليه السلام : «وزرهما بهذه الزيارة » ، وقوله عليه السلام «لكل من زارهما بهذه الزيارة » مُطلق الزيارة الأعم من الزيارتين.

وبعد هذا أقول : إنّه لا أقلّ في الباب من معارضة تثنية الضمير في رواية محمّد بن المشهدي بالإفراد في رواية «المصباح».

إلّا أن يقال : إنّ المعارضة لا تنافي الاحتياط في الجمع.

__________________

(١) بحار الأنوار : ٩٧: ٣١٠.

(٢) يعني به العلّامة المجلسي رحمه الله.

١٢٤

وبعد هذا أقول : إنه لا مجال لخيال مداخلة إحدى الزيارتين ، أعني الزيارة السادسة وزيارة عاشوراء في صحة الأخرى أو كمالها ، وإنّما الجمع بينهما من مولانا الصادق عليه السلام كان من باب البخت والاتفاق وكان من صفوان من باب المتابعة.

وبعد هذا أقول : إن فعل الصادق عليه السلام إما إنّه كان في يوم عاشوراء أو في غير بوم عاشوراء ، وعلى هذا المنوال فعل صفوان.

وعلى الأوّل(١) يكون رواية صفوان معارضة برواية مالك وعلقمة وعقبة لخلوّها عن اشتراط سبق زيارة أمير المؤمنين عليه السلام من الزيارة السادسة أو غيرها والترجيح مع رواياتهم بكونها أكثر ، بل نقول : إنّه لو كان سبق زيارة أمير المؤمنين عليه السلام دخيلاً في زيارة عاشوراء صحةً أو كمالاً لما خلى عنه أخبارها لشدّة الاهتمام بها.

وعلي الثاني(٢) نقول : إن رواية صفوان معارضة بالرواية الواردة في زيارة سيّد الشهداء عن البعد ، وكذا الروايات الواردة في آداب زيارته عليه السلام لخلوّها عن اعتبار سبق زيارة أمير المؤمنين عليه السلام.

وإن قلت : إن المقيد يقدّم علي المطلق.

قلت : إنّه لو كان المطلق في مجالس عديدة فيقدّم المُطلق ، على ما حرّرناه في الاُصول ، مع أنّه لو كان فعلٌ مأخوذاً في فعلٍ واجبٍ أو مستحبٍ من النبيّ صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام أو سابقاً أو لاحقاً ، فيحتمل في الواجب كون الأمر من باب الواجب التعبدي وفي المستحب من باب المستحب في المستحبّ ، كما هو مقتضى طائفة من الكلمات ، فمجرّد سبق زيارة أمير المؤمنين عليه السلام لا يدلّ على الاشتراط ، بل يحتمل كون الأمر من باب المستحب في المستحب.

إلّا أن يقال : إنّ الظاهر من الفعل المأخوذ في الفعل ، كون الأمر من باب

__________________

(١) أي كون فعل الصادق عليه السلام وصفوان في يوم عاشوراء.

(٢) أي كون فعل الصادق عليه السلام وصفوان في غير يوم عاشوراء.

١٢٥

الاشتراط والجزئية.

لكن نقول : إنّ حجيّة هذا الظن مبنية على حجيّة مطلق الظنّ ، أو على حجّيّة الظنّ الناشئ من الفعل ، مع أنّ الظاهر في المقام كون الأمر من باب البخت والاتّفاق ، فلا دلالة في سبق زيارة أمير المؤمنين عليه السلام من الصادق عليه السلام على الاشتراط.

وبالجملة فالمظنون عدم مداخلة زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في زيارة عاشوراء ، وبالعكس فالاحتياط في زيارة عاشوراء بتقديم الزيارة السادسة عليها من قبيل الوسواس ، واحتمال سقوط سقف محكم الأساس ، وعلى هذا القياس والمقياس الاحتياط في الزيارة السادسة بالحاق زيارة عاشوراء.

١٢٦

[التنبيه] الرابع :

في أن مقتضى كلام السيّد الداماد لزوم إتمام زيارة عاشوراء

وغيرها من زيارات المعصومين عليهم السلام

بستبيح فاطمة الزهراء سلام الله عليها بالمعنى الغير معروف

إنّ مقتضي كلام السيّد الداماد في الرسالة المتقدّمة(١) لزوم إتمام زيارة عاشوراء وغيرها من زيارات المعصومين بتسبيح فاطمة الزهراء سلام الله عليها بالمعنى الغير المعروف ، وهو :

«سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي البهجة والجمال ، سبحان من تردّى بالنُّور والوقار ، سبحان من يرى أثر النّمل على الصّفا ووقع الطير في الهواء» ، قال نقلاً بالفارسية : «مسئلة بايد دانست كه تسبيح فاطمة زهراء سلام الله عليها در احاديث اهل بيت طاهرين صلوات الله وتسليماته عليهم ودر اطلاقات اصحاب قدّس الله تعالى اسرارهم دو اطلاق دارد بر سبيل اشتراك لفظ اوّل آنكه بحسب اصطلاح شايع ومتعارف(٢) كه عبارت از سى وﭼﻬﺎر تكبير وسى وسه تحميد وسى وسه تسبيح

__________________

(١) الأربعة الأيّام.

(٢) قوله : «شايع ومتعارف» يترائ بادي الرأي كونه صفة للاصطلاح ، وكون الاصطلاح مكسوراً كما هو الحال في باب التوصيفات في اللغات الفارسيّة ، لكن على هذا يختلّ المعنى ، فلعلّ قوله المشار إليه بمنزلة الخبر ، لقوله : «آنكه» ، فالاصطلاح على وجه السكون ، والأمر بمنزلة أن يقال ما يكون بحسب الاصطلاح شائعاً ومتعارفاً ، فقد حذف في المقام لفظ «است» ، وهو أداة النسبة الخبريّة في اللغات الفارسيّة شايع ومتعارف»

١٢٧

است بطريق مشهور در تعقيبات صلوات سنّت مؤكده است وأفضل أفراد تعقيب است باتّفاق اصحاب وعلماى جمهور دوّم تسبيحى عظيم المرتبه است كه در اوراد وأدعيّه از سيّدة النساء صلوات الله عليها تكرار آن وارد ودر زيارت معصومين بعد از اتمام وظيفه زيارت اتيان بان لازم است ودر اصول معتبره حديث وكتب مسنده مشيخه رضوان الله تعالى عليهم اسانيد صحيح دارد وآن تسبيح اين است كه :(سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي البهجة والجمال ، سبحان من تردّى بالنور والوقار ، سبحان من يرى أثر النمل في الصفا ووقع الطير في الهواء) ابناء عصر ما بنابر قصور تتبع ونقصان تمهر از اين اصطلاح در تسبيح فاطمه زهرا عليها السلام غافل بودند وهرجا تسبيح مذكور شده است بطريق مشهور وحمل ميكردند تا آنكه من ايشان را تنبيه كردم يا انكه عروة الاسلام أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه رضوان الله تعالى عليه دو باب زيارت أمير المؤمنين عليه السلام از كتاب من لا يحضره الفقيه ذكر ان كرده بعداز زيارت وداع باين عبارت ﮔﻔﺘﻪ است وتسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام وهو : (سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي البهجة والجمال ، سبحان من تردى بالنور والوقار ، سبحان من يرى اثر النمل في الصفا ووقع الطير في الهواء ) ، وﻫﻤﭽﻨﻴﻦ غير او از شيوخ ومشايخ ذكر كرده اند ونيز در بسيارى از كتب ادعيه بعد از ايراد تسبيح زهرا عليها السلام بطريق مشهور نيز واقع شده است ثم تسبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام».

أقول : إنّ دعوى لزوم الإتيان بتسبيح فاطمة الزهراء سلام الله عليها بالمعنى الثاني إتماماً للزيارة فضلاً عن الزيارات غير معقول ، إذ الزيارة مندوبة ولو لزم

__________________

«بل هو أجمل من الذكر ، فكان الأصل «آنكه» بحسب اصطلاح شائع ومتعارف ، ويرشد إلى ما ذكر قوله بعد ذلك : «تكرار آن وارد». منه رحمه الله.

١٢٨

التسبيح المشار إليه إتماماً للزيارة يلزم مزية الفرع على الأصل.

إلّا أن يقال : إنّ المقصود باللزوم هو الاشتراط.

أو يقال : إنّ المستحيل إنّما هو وجوب جزء المندوب أو شرطه من جهة الجزئية والشرطية أعني تحصيل المندوب ، وأمّا وجوب الجزء أو الشرط بنفسه فلا بأس به ، سواء كان الوجوب مطلقاً كما في الإيمان ، حيث إنّه شرط لصحّة العبادات المندوبة كالواجبة ، أو كان الوجوب مشروطاًكما في المقام ، حيث إنّ مرجع الأمر إلى وجوب الطهارة على تقدير إرادة الإتيان بالمندوب.

وبوجه آخر : ما يستحيل إنّما هو مزيّة الفرع على الأصل من جهة الفرعيّة ، وأمّا مزيّتها بنفسها فلا بأس بها ، ولا بأس بوجوب جزء المندوب أو شرطه على تقدير الإتيان بالمندوب ، كالطهارة للصّلاة ، كما أنّه لا بأس بوجوب الإيمان مع اشتراط العبادات المندوبة بها.

ويرشدك إلى المقالتين(١) ما ذكره الشهيد في القواعد : من أن «الأصل في هيئات المستحبّ أن تكون مستحبّة لامتناع زيادة الوصف على الأصل ، وقد خولف في مواضع

منها : الترتيب في الأذان وصفه الأصحاب بالوجوب.

ومنها : رفع اليدين بالتكبير في جميع تكبيرات الصلوات وصفه المرتضى بالوجوب

ومنها : وجوب القعود في النافلة أو القيام تخييراً إن قلنا بعدم جواز الاضطجاع ، وهذا وترتيب الأذان الوجوب بمعنى الشرط.

__________________

(١) وهما اللتان أشار إليهما بقوله : «إلّا أن يقال : إنّ المقصود باللزوم ، أو يقال : إنّ المستحيل ....»

١٢٩

ومنها : وجوب الطهارة للصلاة المندوبة ويسمى الوجوب غير المستقر»(١) .

ومحصوله(٢) كما ذكره السيّد الداماد في عيونه(٣) على ضربٍ ما من التفصيل : بأن بعضاً مما يشترط به المستحبّاب بحيث إذا أتى بالمشروط من دونه لم يتحقّق حقيقة المشروط ، لكنّه لم يستوجب ترتب العقاب أصلاً ، وهذا مثل ترتيب الأذان والقيام أو القعود تخييراً في النافلة وبعضاً منه بحيث إذا ترك مع الإتيان بالمشروط منع عن تحقّق المشروط وأوجب ترتّب العقاب ، كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة المندوبة ، فإذا أطلق الوجوب على القسم الأوّل أريد مجرّد الشرطية فإنّه يضاهي الواجب في أنّه لا بدّ منه في تحقّق المشروط ، وأن أطلق على القسم الثاني اُريد الوجوب الغير المستقرّ ، بمعنى أنّ تركه يُوجب العقاب على تقدير الإتيان بالمشروط ، فهو يضاهي الواجب في إيجاب تركه للعقاب.

وحاصل هذا المحصول : أنّ المقصود بالوجوب الاشتراط في باب الترتيب في الأذان ورفع اليدين بالتكبير ووجوب القعود في النافلة أو القيام تخييراً ، والوجوب الغير المستقرّ في باب الطهارة للصلاة. لكن عن فخر المحقّقين القول بالوجوب بالمعنى المعروف في باب ترتيب الأذان.

ويرشد إلى وجوب الطهارة للصلاة : ما رواه في الوسائل عن الصدوق بإسناده عن مسعدة بن صدقة ، قال : «إن قائلاً قال لجعفر بن محمّد عليهما السلام : جُعلت فداك ، إنّي أمرّ بقوم ناصبيّة وقد اُقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء ، فإن لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما شاءوا أن يقولوا ، فاُصلّي معهم ثمّ أتوضّأ إذا انصرفت واُصلّي.

فقال جعفر بن محمّد عليهما السلام :سبحان الله! أفما يخاف من يُصلّي من غير وضوء أن

__________________

(١) القواعد والفوائد : ٢: ٣٠٣ ، قاعدة ٢٨٨.

(٢) محصول ما أفاده الشهيد في قواعده.

(٣) عيون المسائل / المحقّق الداماد.

١٣٠

تأخذه الأرض خسفاً »(١) .

وكذا ما رواه في الوسائل عن الصدوق في «العلل» و «عقاب الأعمال» بسنده عن صفوان بن مهران الجمّال ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «اُقْعِدَ رجلٌ من الأحبار في قبره فقيل له : إنّا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله.

فقال : لا اُطيقها ، فلم يفعلوا حتّى انتهوا إلى جلدة واحدة ، فقالوا : ليس منها بدٌّ ، قال : فبما تجلدونيها؟

قالوا : نجلدك إنّك صلّيت يوماً بغير وضوء ، ومررت على ضعيف فلم تنصره ، فجلدوه جلدة من عذاب الله فامتلأ قبره ناراً»(٢) .

ورواه البرقي بسنده عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبد الله عليه السلام.

وهو مروي في الفقيه مرسلاً بإبهام الواسطة ، أي بقوله روي.

لكن يتأتّى الإشكال فيه : من جهة ظهوره في كون العذاب على مجموع ترك الطهارة وترك نصرة المظلوم.

لكنّه مدفوع : بتأتّي المداخلة في العذاب ، مع كون العذاب على المجموع وفيه الكفاية في المقصود.

نعم يتأتّى الإشكال من جهة أن الحِبْر عالم اليهود ، على ما يقتضيه صريح الصحاح(٣) ، فيبتني انتهاض الاستدلال على اعتبار شرع من سبق ، بل لو كان الحِبْر

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١: ٣٦٧ ، الباب ٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة : ١: ٣٦٨ ، الباب ٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.

(٣) قال الجوهري في «الصحاح ـ مادة حبر» : «والحِبْرُ والحَبْرُ : واحد أحبار اليهود ، وبالكسر أفصح ، لأنّه يجمع على أفعال دون الفعول. قال الفرّاء : هو حِبْرٌ بالكسر ، يقال ذلك للعالم ...». إلى أن قال : «قال الأصمعي : لا أدري هو الحِبْر أو الحَبْر ، للرجال العالم» صحاح الجوهري : ٢: ٦٢٠.

١٣١

بمعنى العالم ، كما قيل فينصرف إلى عالم اليهود ، فيبتني انتهاض الاستدلال على ما ذكر ، فتدبّر(١) .

وندفع المقالة الاُولى(٢) : بأن اشتراط إتمام الزيارة بالتسبيح المذكور في عموم الزيارات غير بيّن ولا مبين.

إلّا أن يقال : إنّ المقصود بالجمع المضاف في كلامه(٣) ـ أعني زيارات معصومين ـ هو الطائفة من الزيارات التي ورد فيها التسبيح ، كما يأتي.

لكنّك خبير بأنّه يستلزم تخصيص الأكثر.

وأمّا المقالة الثانية (٤) : فلا تجدي في الباب لأنّها مبنيّة على الثبوت ، ولم يثبت في المقام وجوب التسبيح.

وبعد ذلك أقول : إنّ ظاهر كلامه تسليم كون التسبيح بالمعنى الأوّل المعروف بين أربع وثلاثين تكبيرة ، وثلاث وثلاثين تحميدة ، وثلاث وثلاثين تسبيحة(٥) ، مع اختلاف الأخبار والأقوال في باب التسبيح بالمعنى المشار إليه عدداً وترتيباً ، إذ مقتضى بعض الأخبار أنّه : ثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، وثلاث وثلاثون تكبيرة(٦) .

__________________

(١) قوله : «فتدبّر» إشارة إلى إمكان منع الانصراف. منه رحمه الله.

(٢) وهي قوله المتقدّم : «إلّا أن يقال : إنّ المقصود باللزوم هو الإشتراط».

(٣) يعني به كلام المحقّق الداماد المتقّدم الذكر.

(٤) وهي قوله المتقدّم : «إنّ المستحيل إنّما هو وجوب جزء المندوب أو شرطه من جهة الجزئية والشرطيّة»

(٥) كما هو مقتضى بعض الأخبار ، منها ما رواه في وسائل الشيعة : ٦: ٤٤٤ ، الباب ١٠ من أبواب التعقيب ، الحديث ٢.

(٦) كما هو مقتضى ما رواه في وسائل الشيعة عن العلل ، فراجع وسائل الشيعة : ٦: ٤٤٤ ، الباب ١١ من أبواب التعقيب ، الحديث ٣.

١٣٢

ومقتضى بعض آخر من الأخبار أنه : أربع وثلاثون تكبيرة ، وسبع وستون تحميدة ، ومائة تسبيحة(١) .

وعن ظاهر الصدوق في طائفة من كتبه أنّه : أربع وثلاثون تكبيرة ، وثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميد(٢) . وعن بعض أنّه تسعة وتسعون(٣) .

وإن قلت : إن مقصوده(٤) المشهور ، بشهادة قوله بطريق مشهور.

قلت : إنّ المقصود من الشهرة فيه إنما هو الشهرة في قبال المعنى الثاني للتسبيح ، كما يرشد إليه قوله «بحسب اصطلاح شايع ومتعارف» وليس الغرض الشهرة بحسب الفتوى فلا ينافي الاتّفاق في الفتوى.

في أن المعمول(٥) لتسبيح فاطمة الزهراء سلام الله عليها

لا يوافق شيئاً من الأخبار والأقوال

وبما ذكرنا بانَ أن ما عُمِلَ للتسبيح من ثلاث وثلاثين واثنتين وثلاثين وثلاث

__________________

(١) كما هو مقتضى ما رواه في الوسائل عن الكافي ، فراجع وسائل الشيعة : ٦: ٤٤٤ ، الباب ١٠ من أبواب التعقيب ، الحديث ١.

(٢) فراجع في ذلك الهداية للشيخ الصدوق : ١٤١ ، باب تسبيح الزهراء عليها السلام. والمقنع : ٩٧ ، باب تسبيح الزهراء عليها السلام.

(٣) الظاهر أنّ مراده مجموع تسبيح الزهراء عليها السلام يكون كذلك ، وهذا المعنى ورد في بعض روايات العامّة ، كما عن مجمع الزوائد ، عن أبي هريرة ، فراجع المجمع : ١٠:١١٠.

(٤) يعني به المحقّق الداماد في كلامه المتقدّم.

(٥) يشير المصنّف هنا إلى المسبحة التي يكون المجموعة الاُولى فيها ثلاثة وثلاثين ، ثمّ يأتي مفصل (وهو ما يعبّر عنه بالعاميّة شاهد) ، ثمّ المجموعة الثانية فيها اثنين وثلاثين ، ثمّ يأتي مفصل ، ثمّ المجموعة الثالثة فيها وثلاثين ، ويظهر من كلام المصنّف أنّ هذا النوع من المسابح صنعت في زمان المحقّق الداماد.

١٣٣

وثلاثين مع مِفْصَلٍ بين ثلاث وثلاثين واثنتين وثلاثين يشبّه بالعدس ويسمّى بالفارسية بـ (عدسي) ، لا يوافق شيئاً من الأقوال والأخبار ، إذ مقتضاه كون التسبيح بين ثلاث وثلاثين تكبيرة واثنتين وثلاثين تحميدة وثلاث وثلاثين تسبيحة ، وعليه عمل العوام ، بل الأكثر من غيرهم بلا كلام ، والظاهر أنّ المعمول للتسبيح كان على الوجه المذكور من بدو زمانه(١) ، وكان على العلماء(٢) التنبيه على فساده.

وما ربما يتوهم من أن الغرض من المفصل الدلالة على الإنفصال مع إتمام عدد التكبيرة والتحميدة(٣) .

ليس بشيء ، كيف ولايعرف أحد من العوام الدلالة على الإتمام ، بل لو كان الغرض هو ما ذكر لما كان غرضاً صحيحاً ، إذ لا يستفاد من المفصل غير الإنفصال ، مع أنه ليس جعل المفصل إتماماً للتكبيرة والتحميدة أولى من جعل كل من المفصلين إتماماً للتسبيحة ، أو جعل أحد المفصلين إتماماً للتكبيرة وجعل الآخر إتماماً للتحميدة ، فكان اللازم جعل المفصل بعد أربع وثلاثين وكذا بعد ثلاث وثلاثين.

وبعد هذا أقول : إن ظاهر كلامه إجمال التسبيح بواسطة اشتراكه لفظاً ، لكن اشتراكه لا ينافي الظهور في المعنى الأوّل بواسطة الشهرة ، بناء على كون الشهرة

__________________

(١) يعني به زمان المحقّق الداماد.

(٢) وقد سمعت أنّ في بعض ما عمل كان المفصل بعد أربع وثلاثين وبعد ثلاث وثلاثين. منه رحمه الله.

(٣) يعني بما أنّ المجموعة الاُولى ثلاثة وثلاثين ومع المفصل الأوّل تكون أربع وثلاثين ، والمجموعة الثانية اثنين وثلاثين ومع المفصل الثاني تكون ثلاثة وثلاثين ، والمجموعة الثالثة هي ثلاثة وثلاثين ، فتكون المجموعة الاُولى أربعاً وثلاثين تكبيرة ، والثانية ثلاثة وثلاثين تحميدة ، والثالثة ثلاثة وثلاثين تسبيحة ، وهذا هو المشهور.

١٣٤

من المرجح في باب المشترك ، كما هو الحق على ما حرّرناهٍُ في الاُصول خلافاً للمحقق القمّي.

إلّا أن يقال : إن الترجيح بالشهرة في المشترك إنما هو فيما لو كان الشهرة متحققة في عرف المتكلم بالمشترك بكثرة استعمال المشترك في عرفه في أحد المعنيين ، وأما فيما نحن فيه فليس الأمر على هذا المنوال لعدم كثرة استعمال التسبيح في المعنى الأوّل في الأخبار.

إلّا أن يقال : بعدم لزوم كثرة الإستعمال في عرف المتكلّم وكفاية غلبه الوجود في الخارج.

لكن لعل الأظهر أن يقال : إن الظاهر في موارد الزيارة كون الغرض من تسبيح الزهراء سلام الله عليها فيما لم يذكر فيه لتفسير التسبيح هو المعنى الثاني.

وبعد هذا أقول : إن ما ذكره من أنّه في كثير من كتب الأدعية بعد إيراد التسبيح بالمعنى المشهور «قبل ثمّ تسبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام» تقتضي ظهور فساد العطف ؛ إذ بعد التسبيح بالمعنى المعروف في التعقيب وعمدة مورد التسبيح(١) بالمعنى المشهور إنّما هي التعقيب لا استحباب للتسبيح بالمعنى الثاني.

وبعد هذا أقول : إنّه روى في كامل الزيارة بسنده عن أبي سعيد المدائني ، قال : «دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت : جُعِلتُ فداك ، آتي قبر الحسين عليه السلام

قال :نعم ـ يا أبا سعيد ـ ائت قبر الحسين ابن رسول الله صلى الله عليه وآله أطيب الطيّبين ، وأطهر الطاهرين ، وأبرّ الأبرار ، وإذا زرته يا أبا سعيد فسبّح عند رأسه تسبيح أمير المؤمنين عليه السلام ألف مرة ، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ألف مرّة ،

__________________

(١) قوله : «وعمدة مورد التسبيح» إشارة إلى استحبابه عند المنام ، كما هو مقتضى غير واحد من الأخبار

١٣٥

ثمّصلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما يس والرحمن ، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله.

قال : قلت : جُعلت فداك ، علّمني تسبيح عليّ وفاطمة صلوات الله عليهما.

قال :نعم ـ يا أبا سعيد ـ تسبيح عليّ عليه السلام : سبحان الذي لا تنفذ خزائنه ، سبحان الذي لا تبيد معالمه ، سبحان الذي لا ينفد ما عنده ، سبحان الذي لا يشرك أحداً في حكمه ، سبحان الذي لا اضمحلال لفخره ، سبحان الذي لا انقطاع لمدّته ، سبحان الذي لا إلا غيره ،

تسبيح فاطمه عليها السلام : سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي العز الشامخ المنيف ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي البهجة والجمال ، سبحان من تردى بالنور والوقار ، سبحان من يرى أثر النمل في الصّفاء ووقع الطير في الهواء» (١) .

وفيما رواه في كامل الزيارة أيضاً برواية طويلة بسنده عن الثمالي ، عن أبي عبدالله ...:«ثم تسبّح عند رأسه ألف تسبيحة من تسبيح أمير المؤمنين عليه السلام معالمه ، سبحان من لا ينقص خزائنه ، سبحان من لا انقطاع لمدّته ، سبحان من لا ينفذُ ما عنده ، سبحان من لا اضمحلال لفخره ، سبحان من لا يشاور أحداً في أمره ، سبحان من لا إلـٰه غيره.

ثم قال :وتسبّح عند رجليه ألف تسبيحة من تسبيح فاطمة صلوات الله عليها ، فإن لم تقدر فمائة تسبيحة ، وتقول : سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف ، سبحان ذي الجلال الفاخر العظيم ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي الملك الفاخر العظيم ، سبحان من لبس العزّة والجمال ، سبحان من تردى بالنور والوقار ، سبحان من يرى أثر

__________________

(١) كامل الزيارة : ٣٨٤ ، الباب ٧٩ باب الزيارات ، الحديث ١٥.

١٣٦

النّمل في الصّفا وخفقان الطير في الهواء ، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره »(١) .

وفي بعض الأخبار : «ثمّ تصلّي أربع ركعات ، فإذا فرغت وسبّحت تسبيح الزهراء عليها السلام »(٢) .

وفي آخر : «وصل صلاة الزيارة ، وقل بعدها تسبيح الزهراء عليها السلام ».

وفي ثالث : «فتصلّي أربع ركعات ، إلى أن قال : ثم تسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام »(٣) .

وفي رابع : «ثمّ صلّ ستّ ركعات ، وسبّح تسبيحة الزهراء عليها السلام »(٤) .

وفي خامس : «وصلِّ ركعتين ، فإذا سلّمت سبّحت تسبيح الزهراء عليها السلام »(٥) .(٦)

وبما سمعت ظهر لك اختلاف الروايتين الأوليين في تسبيح عليّ عليه السلام ، وكذا في تسبيح فاطمة سلام الله عليها.

وإن ما ذكره السيّد الداماد في تسبيح فاطمة سلام الله عليها بالمعنى الثاني يُطابق الرّواية الأولى.

__________________

(١) كامل الزيارة : ٣٩٣ ، الباب ٧٩ باب الزيارات ، الحديث ٢٣.

(٢) الظاهر أنّ مراده ما نقله في بحار الأنوار عن مصباح السيّد ابن طاووس ، فراجع بحار الأنوار : ٩٧: ٤١٣

(٣) الظاهر أنّه إشارة لما ذكره الشيخ في مصباح المتهجّد : ٧٥٤.

(٤) الظاهر أنّه إشارة لما ذكره العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ، وتقدّمت الإشارة إليه في : ٩٧: ٢٨٨.

(٥) الظاهر أنّه إشارة لما ذكره الشيخ في مصباح المتهجّد : ١٤٧.

(٦) وفي بعض أخبار الزيارة بالنيابة : «ثمّ ادع لنفسك بما أحببت ، ثمّ مل إلى القبلة وسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ». منه رحمه الله.

١٣٧

[التنبيه] الخامس :

في أن زيارة عاشوراء تختصّ بالبعيد أو تعمّ القريب؟

إنّ الزيارة المبحوث عنها تختصّ بالبعيد أو تعمّ القريب

وربّما يظهر الأوّل من العلّامة المجلسي قدس سره في «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» على ما تقدّم الكلام فيه.

أقول : إن مقتضى صدر رواية كامل الزيارة سؤالاً وجواباً ، حيث قال مالك الجهني : جُعلت فداك ، فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟

فقال أبو عبد الله عليه السلام :إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء ، أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره ، وأومأ إليه بالسلام ، واجتهد على قاتله بالدّعاء ، وصلّى بعده ركعتين ، هو اختصاص الزيارة المذكورة بالبعيد ، أمّا السؤال فظاهر الحال ، وأمّا الجواب فلاشتراط البروز إلى الصحراء والصعود إلى سطح الدار والإيماء ، لظهور كل من هذه الشرائط في البعيد.

إلّا أن يقال : إنّ اشتراط البروز والصعود وإن كان ظاهراً في البعيد ، لكن اشتراط الإيماء غير ظاهر في ذلك ، إذ المقصود بالإيماء بالسلام هو توجيه السلام ، وهذا أعم من البعيد ، وعلى ذلك المنوال الحال في صدر رواية «المصباح» ، حيث قال عقبة : جُعلت فداك ، فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المسير إليه في ذلك اليوم؟

فقال أبو جعفر عليه السلام :إذا كان كذلك برز إلى الصحراء ، أو صعد مرتفعاً في داره ، وأومأ إليه بالسّلام ، واجتهد في الدعاء ، وصلّى من بعد ركعتين ، فإنّ مقتضاه أيضاً

١٣٨

سؤالاً وجواباً اختصاص الزيارة المذكورة بالبعيد على ما يظهر ممّا سمعت ، وهو مقتضى ما في آخر رواية علقمة حيث قال أبو جعفر عليه السلام :يا علقمة ، إن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل.

إلّا أنّه إنّما يتّجه على ما رواه في «المصباح» ، لكن في كامل الزيارة مكان «دارك» «دهرك» ، ولا دلالة فيه على الاختصاص والعموم رأساً ، ومقتضى صريح رواية علقمة سؤالاً وجواباً ، حيث قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : علّمني دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قرب ، ودعاء أدعو به إذا أنا لم أزره من قرب ، وأومأت من بعد البلاد ومن داري إليه بالسّلام عليه؟

فقال لي : يا علقمة ،إذا أنت صلّيت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسّلام فقل عند الإيماء إليه من بعد التكبير ، هو عموم الزيارة المذكورة للقريب والبعيد.

إلّا أن يقال : إن السؤال فيه وإن كان أعمّ من القريب والبعيد ، لكن الجواب ظاهر في القريب قضية الإيماء.

لكنه مدفوع : بما سمعت من أنّ المقصود بالإيماء بالسّلام هو توجيه السلام ولا دلالة فيه على اختصاص الزيارة بالبعيد ، مضافاً إلى أن الظاهر تطابق الجواب مع السؤال ، ومن البعيد كون الجواب أخصّ من السؤال وهو أعني العموم مقتضى ما رواه صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام في رواية «المصباح» ومحمّد بن المشهدي من قوله عليه السلام :فإنّي ضامن على الله لكلّ من زار بهذه الزيارة ، ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد ؛ بناء على كون المقصود هو زيارة عاشوراء لا الأعمّ منها ومن زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ، كما هو الحال في قوله عليه السلام في رواية محمّد بن المشهدي :وزرهما بهذه الزيارة ، وقوله عليه السلام :فإنّي ضامن على الله لكلّ من زارهما بهذه الزيارة ، وعلى ذلك المنوال قوله عليه السلام في رواية «المصباح» ومحمّد بن المشهدي :وقد آلى الله عزّ وجلّ على نفسه أنّ من زار الحسين عليه السلام بهذه الزيارة من قرب أو بعد؟

١٣٩

لكن نقول : إنّ التصرّف فيما دلّ على زيارة البعيد بعدم الاختصاص بعدم المفهوم أولى من ارتكاب التقييد فيما دلّ على العموم للقريب ، فالبناء على العموم أقرب.

وإن قلت : إنّ التقييد أمر سهل بل هو أشيع من التخصيص.

قلت : إنّ التقييد إنّما يتأتى لو كان المطلق من باب اسم الجنس أو النكرة ، وأما لو كان من باب التصريح بالعموم للفردين فالأمر من باب التعارض بالتباين ، نظير أنّه لو قيل : «أكرم زيداً وعمرواً» ، ثمّ قيل : «لا تكرم زيداً» يكون التعارض من باب التباين لا العموم والخصوص بالعموم والخصوص الأصولي ، كما توهّمه بعضٌ ، وقد حرّرنا الكلام فيه في الأصول.

١٤٠