شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء0%

شرح زيارة عاشوراء مؤلف:
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف: الشيخ أبي المعالي الكلباسي
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف:

ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290
المشاهدات: 27061
تحميل: 4130

توضيحات:

شرح زيارة عاشوراء
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27061 / تحميل: 4130
الحجم الحجم الحجم
شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف:
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
ISBN: 978-964-8438-50-5
العربية

[التنبيه] العاشر :

في أنه هل يجوز الإتيان بزيارة عاشوراء في مجالس متعددة

أو ماشياً أو راكباً أم لا؟

وعلى الثاني هل تعتبر الموالاة في أجزائها أم لا؟

أنّه هل يجوز الإتيان بالزيارة المبحوث عنها على النظم المتقدّم في مجالس متعددة أو ماشياً أو راكباً أو في السفينة أم لا؟

وعلى الثاني(١) هل يعتبر الموالاة في أجزائها أم لا؟

(أمّا الثاني )(٢) : فالظاهر من أخبار الزيارة اعتبار الموالاة فلو تخلل الفصل في البين ، فالظاهر لزوم الاستيناف ، نعم لو كان الفصل لا ينافي الاتصال عرفاً ولا يوجب عدم صدق الاسم وانمحاء الصورة سواء كان الفصل بالإختيار كشرب الماء أو بالإضطرار كالتعطس ، فلا بأس بالفصل ، وعلى هذا المنوال تجري الحال في جميع المركبات المركبة من الأقوال والأفعال أو الأقوال أو الأفعال ، ومنه الوضوء وغيره.

وربما فُصِّلَ في الفصل المتخلل المخلّ بالإتصال عرفاً بين الإضطرار والإختيار ، بارتفاع الموالاة ولزوم الاستئناف على الثاني(٣) دون الأوّل(٤) ، فيجوز فيه إتمام العمل.

__________________

(١) وهو عدم جواز الإتيان بها على النظم المتقدّم.

(٢) وهو عدم اعتبار الموالاة.

(٣) وهو الاختيار.

(٤) وهو الاضطرار.

١٦١

وأنت خبيرٌ بأن المانع عن إلتيام الصورة وتحقّق الهيئة أعني الصحّة لا يختلف ممانعته بالإختيار والإضطرار ، فقضية عدم اختلاف الأحكام الوضعيّة والآثار القهرية بالإختيار والإضطرار ، نعم جواز ارتكاب المانع يختلف بالإختيار ، لكنه أمر آخر ليس الكلام فيه ، بل ارتكاب المانع هنا بالإختيار لاريب في جوازه.

وأمّا الأوّل (١) : فإن كان تعدّد المجلس بحيث لا يخل بالموالاة ، كما لو ذهب من سطح داره إلى سطح آخر أو من موضع من الصحراء إلى موضع آخر من دون إخلال بالموالاة مع كون الزيارة إلى جهة قبر سيّد الشهداء عليه السلام فلا بأس به ، وإلّا فتبطل الزيارة ، قضيّة انمحاء الصورة وعدم صدق الاسم.

ولا فرق في الباب بين الإختيار والإضطرار ، وأما المشي والركوب والكون في السفينة فلا يشملها أخبار الزيارة بعد كونها في جهة قبر سيّد الشهداء عليه السلام وإلّا فالظاهر بطلان الزيارة إذ مقتضى الأخبار اعتبار الجهة.

ولا فرق في الباب أيضاً بين لزوم المشي أو الركوب أو الكون في السفينة وارتكاب الزيارة بعدها أو عروض الإضطرار إلى المشي أو أحد من أخويه بعد الشروع في الزيارة ، هذا مع قطع النظر عن الصلاة والسجدة ، وإلاّ فعدم شمول الصّلاة في أخبار الزيارة للصلاة ماشياً أو راكباً بعد صحة صلاة الزيارة ماشياً أو راكباً من باب القطع بعدم الفرق بينها وبين النافلة(٢) أظهر من عدم شمول السلام الطويل واللّعن والسّلام المكرّرين لما يكون ماشياً أو راكباً أو في السفينة ، وعلى ذلك المنوال حال السجدة

__________________

(١) وهو اعتبار الموالاة.

(٢) قوله : «بينها وبين النافلة أظهر» بناء على جواز النافلة ماشياً أو راكباً ، ولو في الحضر بالاختيار ، كما يدلّ عليه الأخبار ، وهو اختيار من عدا العماني والأحسائي نقلاً ، حيث إنّهما خصّا الجواز بالسفر ، وجوازها في السفينة كما يدلّ عليه غير واحد من الأخبار ، بل الأخبار كما في الغنائم ، والظاهر أنّه لا خلاف فيه. منه رحمه الله.

١٦٢

ماشياً أو راكباً بالإيماء بالرأس أو غيره ، فإن عدم شمول السجدة في أخبار الزيارة للسجدة ماشياً أو راكباً أظهر من عدم شمول السلام وأخويه لما يكون ماشياً أو راكباً.

وربّما فُصِّلَ (١) : بأنّه إذا كان راكباً أو في السفينة فكان مجلسه بحاله ولم يتعدّد له المجلس ، سواء كان في حال الإختيار أو الإضطرار ، ويجوز الإتيان بصلاته حال الركوب مومياً ، كما هو شأن صلاة النافلة.

وأما في حال المشي فإن كان ذلك في حاجة لازمة أو راحجة كعيادة مريض أو تشييع جنازة أو قضاء حاجة مؤمن أو نحو ذلك فلا بأس ، ولكن إذا عرضت له هذه الحوائج وهو في أثناء الزيارة فلا يترك عمله بل يأتي بها متشاغلاً به.

وأما إذا كان مشيه إلى الحاجة قبل الشروع في الزيارة ، فإن لم يخف الفوت بالتأخير إلى زمان القرار فالأولى والأحوط التأخير ، وإن خاف الفوت فليومِ إليه عليه السلام بأوّل السّلام ، ثم يأتي بالباقي على الوجه الذي إليه مشيه ، وإن لم يكن في حاجة لازمة ولا راجحة فالإتيان بها بقصد التوظيف لا يخلوا عن إشكال ، وقد يُستأنَسُ بعضُ ما ذكرناه بروايات وردت في الطواف ، ثم إنّه إذا كان مشغولاً بالعمل حال مشيه في موضع الجواز وجاء وقت السجدة أو الصلاة فالظاهر عدم جواز الإيماء وإن كان الأفضل حينئذٍ اختيار مكان لأجل السّجود والصّلاة ، بحيث لا يخلّ بالموالاة ، وإلاّ فليقتصر على الإيماء ، ومن ذلك يظهر الحال في إتيانها في مجالس عديدة ، فإنه إذا كان ذلك لأجل حاجة ضروريّة جاز إذا لم يخل بالموالاة ، وكذا الحوايج الراجحة شرعاً ، وإلاّ فإن كانت المجالس في حكم مجلس واحد فلا بأس بذلك ، كما إذا كان في سطح واحد فزار في موضع وأتى باللّعن في موضع آخر وهكذا ، وإن كانت المجالس متعدّدة فإن أخلّ مع ذلك بالموالاة من دون عارض يمنعه عن إتمام العمل في المجلس الأوّل فالظاهر عدم الصحّة ولزوم الاستيناف لو أراد الإتيان بهذا العمل

__________________

(١) لم نعثر على المفصّل.

١٦٣

على وجه الصحّة وإن لم يخلّ بالموالاة ، كما إذا أخلّ بها وقد عرض له أمر عاقه عن إتمام العمل ، فإن الظاهر جواز البناء وعدم لزوم الاستيناف.

أقول : إنّ ما ذكره(١) في باب الركوب والكون في السّفينة فإن كان المقصود شمول أخبار زيارة عاشوراء ، كما ربّما يفصح عنه قوله فإنّما مجلسه بحاله ولم يتعدّد له المجلس فهو ظاهر الضّعف ، ولا سيّما بالنسبة إلى الصّلاة ، وإن كان المقصود القطع بعدم الفرق فلا يخلو عن الوجه بعد فرض كون الركوب وحركة السفينة في جهة قبر سيّد الشهداء عليه السلام ، ولعلّ الفرض المذكور هو ظاهر كلامه.

وأما ما ذكره : في باب المشي في حاجة لازمة أو راجحة.

فمحصوله أنه لا يمانع عن الشروع ولا عن الإتمام.

ويُضعفُ : بأنّه يتأتى الكلام ، تارة في ممانعة المشي في حاجة لازمة أو راحجة عن صحّة الزيارة ، وأخرى في ترجيح المشي على الزيارة بدون المشي ، أمّا الأوّل فهو الذي ينبغي التكلّم فيه في المقام ولا خفاء في عدم ممانعة لزوم المشي أو رجحانه عن فساد الزّيارة ، كما أنّ الصّلاة مثلاً لا يختلف فسادها بارتكاب ما يفسدها من الفعل الكثير بلزوم الفعل الكثير أو رجحانه وعدمهما ، وظاهره القول بالصحّة في المقام ، ويظهر فساده بما سمعت.

وأمّا الثاني فلابدّ فيه من ملاحظة الأهميّة في صورة رجحان الحاجة ولا يصحّ ترجيح المشي إلى الحاجة الرّاجحة ، نعم لزوم الحاجة يوجب ترجيح المشي إليها على الإطلاق.

وأما ما ذكره من أنّه إن خاف فوت الزيارة بالتأخير إلى زمان القرار فليومِ إليه بأوّل السلام.

__________________

(١) المُفَصَّل الذي تقدّم ذكره في قوله المتقدّم : «وربّما فصّل».

١٦٤

فيُضعفُ بأنّه إن تعذّر السلام بالتمام ولم يأت بتمام السّلام فلا جدوى في الإتيان بأوّل السلام ، إلّا أن يكون مبنياً على زعم كون المقصود بالإيماء بالسّلام هو الإيماء بالسّلام المندوب ، أعني أوّل السلام ، وليس بشيء إذ المقصود بالإيماء بالسّلام إما أن يكون الإيماء من السّلام إلى السلام أعني مجموع السّلام الطويل واللّعن والسّلام المكرّرين أو السّلام الطويل ، وعلى التقديرين لا يكفي السّلام المندوب ، أن يكون مبنياً على أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، إلّا أن قاعدة الميسور والمعسوُر غير تامة ، ولا سيّما في المستحبّات على الأظهر ، وقد حرّرنا تفصيل الكلام في الأصول ، مع أن مجرى تلك القاعدة إنّما هو ما لو تعذّر بعض أجزاء المركّب ، والأمر في المقام من باب تعذّر الشرط بتمامه إذ الإيماء من باب شرط الزيارة ، وهاهنا قد تعذّر الإتيان به في تمام الزيارة وإنّما أمكن الإتيان به في أوّل السلام ، هذا على تقدير كون المقصود بالإيماء الإشارة بالإصبع ، وأما لو كان المقصود من الإيماء إليه هو توجيه السّلام نحوه ، فلعلّ الظاهر كون الأمر من باب الجزئيّة ، وأمّا لو قلنا بعدم اشتراط الإشارة بالإصبع ، كما يأتي ، فلا حاجة إلى الإيماء لو كان المقصود به الإشارة بالإصبع ولو في أوّل السّلام.

وأمّا ما ذكره : من أنّه إن لم يكن المشي في حاجة لازمة ولا راجحة فالإتيان بالزّيارة بقصد التوظيف لا يخلو عن إشكال.

فيُضعفُ : بأنّه لا إشكال في عدم جواز قصد التوظيف ، ومقتضى كلامه خلو قصد التوصيف عن الإشكال ، بل الحق عدم إمكان قصد التوظيف مع الاطّلاع والالتفات إلى عدم شمول الأخبار ، وإن أمكن تصور التّوظيف ، لكن تصوّر الحرام لا يكون حراماً ، نعم يمكن التصديق في صورة عدم الاطلاع على عدم شمول الأخبار من باب الخرص والتخمين أو التقليد الفاسد ، وحينئذٍ يتأتى الحرمة.

وأمّا ما ذكره : من استيناس بعض ما ذكره بروايات وردت في الطواف.

فيُضعّفُ : بأن الاستيناس لا جدوى فيه ، لأنّه لا يخرج عن القياس فتدبّر.

١٦٥

وأمّا ما ذكره : من أنّ الظاهر جواز الإيماء فيما إذاكان مشغولاً بالعمل حال مشيه في موضع الجواز وجاء وقت السّجدة أو الصّلاة.

فيُضَّعفُ : بأن دعوى الظهور مع إمكان أخذ مكان لأجل السجود أو الصّلاة بحيث لا يخلّ بالموالاة ، كما هو المفروض في ظاهر كلامه محلّ الإشكال ، بل الظاهر العدم ، هذا والتعرض لحال السجدة والصّلاة في كلامه المذكور يكشف عن عدم دخول حالهما فيما يقتضيه كلامه المتقدّم من الشروع في الزيارة عند سبق المشي وإتمامها عند عروض المقتضى للمشيّ وإلاّكان الظاهر دخول حالهما فيما يقتضيه كلامه المتقدّم.

وأمّا ما ذكره : من الإقتصار على الإيماء في صوره عدم إمكان أخذ مكان لأجل الصّلاة.

فيُضعّفُ : بأن المفروض دوران الأمر بين فوت الموالاة وفوت القيام وغيره في الصّلاة ووضع الجبهة في السجود واختيار الثاني لابدّ له من مستند وحجّة.

وأمّا ما ذكره : من جواز الإتيان بالزّيارة في مجالس عديدة لأجل حاجة ضروريّة أو راجحة شرعاً.

فيُضعّفُ : بما يظهر مما تقدم.

وأما ما ذكره : من أنّ الظاهر جواز البناء وإتمام العمل لو عاقه أمر عن إتمام العمل في المجلس الواحد وأوجب تعدد المجلس.

فيُضعّفُ : بما يظهر مما مر من أنّ الإضطرار إلى ارتكاب المانع لا يمانع عن ممانعة المانع عن الصحة والتيام الطبيعة ، لعدم اختلاف الأحكام الوضعية والآثار القهريّة بالإختيار والإضطرار.

وربّما يتوهّم : أنّ مقصوده بما ذكره هو دعوى الظهور فيما لو عاق أمر عن الموالاة بمجرّده ولو في المجلس الواحد.

١٦٦

وهو مدفوع : بأنّه قد تقدّم منه ذكر ما لو عاق أمر عن الإتمام في المجلس الواحد ، وحكم فيه بالإتمام ، ولا مجال للتكرار مع أنّ مقتضى السياق وكون دعوى الظهور المذكور في تلو أحكام تعدد المجلس هو كون تلك الدعوى في باب تعدد المجلس.

١٦٧

[التنبيه] الحادي عشر :

في أنه هل يجوز كون السّلام الطويل

اللّعن والسّلام المكرّرين بالقعود؟

إنّ الظاهر أنه لا إشكال في جواز كون دعاء الوداع أعني دعاء صفوان بالقعود ، وكذا الحال في الدعاء قبل السجدة ، وهل يتعيّن كون السلام الطويل واللعن والسّلام المكررين بالقيام أو يجوز كونهما بالقعود؟

أقول : الظاهر إن فعل صفوان كان بالقيام ، كما هو المعهود المتعارف خلفاً بعد سلف غالباً ، بل الظاهر أنّ إطلاق الأخبار ينصرف إلى القيام ، بل يمكن دعوى استمرار السيرة على القيام في باب السّلام الطويل ، بل الاعتبار يقتضي تعيّن كون السّلام الطويل والمكرر بالقيام ، ولا سيّما بالنسبة إلى القريب إذ السّلام هنا بمنزلة السّلام والمكالمة مع سيّد الشهداء عليه السلام بالمشافهة ولا ريب أنّ حسن الأدب يقتضي كون السّلام والمكالمة في صورة المشافهة بالقيام ، نعم اللّعن من باب الدعاء والمكالمة مع الله سبحانه ، ولا بأس بكونه بالقعود ، كما أنه لم يتعيّن في دعاء من الأدعية كونه بالقيام لتنزّه الله سبحانه عن التعيّن في جهة من الجهات ، ويرشد إلى حسن مراعاة الأدب ، بل لزومها ما حكي من أنّ بعض الأعلام في بعض أيام التحصيل رأى سيّد الشهداء عليه السلام في النوم فسلّم عليه فأعرض عنه فسُئلَ عن وجه الإعراض ، فقال : قلت لفلان فتسارع بعض الأعلام في اليوم إلى الفلان وهو صار من العلماء وسئل عن مقالة سيّد الشهداء عليه السلام ، فقال إنّي رأيته في النوم قال لي : إنّ بعضاً لا يبالي ويجيب عن السؤال بمحضري ، فتفطّن بعض الأعلام بما صنعه حيث أجاب عن السؤال في بقعته الشريفة.

١٦٨

[التنبيه] الثاني عشر :

في أنّ التكلّم في خلال زيارة عاشوراء هل يوجب فسادها؟

أنّ التكلّم في خلال الزيارة هل يوجب فسادها أم لا؟

أقول : لا ينبغي الإشكال في عدم الفساد ، لو لم يكن التكلّم ماحياً للصورة والاتصال وصدق الزيارة عرفاً ، وأما لو كان التكلّم ماحياً للصورة ، فيمكن القول بالبطلان ولزوم الاستئناف ، بل لعل الأمر خال عن الإشكال.

١٦٩

[التنبيه] الثالث عشر :

فيما تعارف من الإشارة بالإصبع

في حال الزيارة في زيارة عاشوراء

أنّه قد تعارف بين الخواصّ والعوام الإشارة في حال الزيارة بإصبع السبّابة ، والظاهر أنّها يقال لها إصبع الشهادة أيضاً.

ولعلّه مبنيّ على حمل الإيماء في رواية مالك وعلقمة وعقبة على الإشارة بالإصبع.

وليس بشيء إذ الإيماء لغة بمعنى مُطلق الإشارة ، قال في الصحاح : «وَمَأَ وأومأتُ إليهِ : أشرتُ»(١) .

وفي «المصباح» : «أوْمَأتُ إليهِ أشرْتُ بحاجبٍ أو يدٍ أو غيرِ ذلكَ»(٢) .

وفي القاموس : «وَمَأ إليهِ كوضعَ أشارَ كأومأ وومأ ، وتقدم في وَبأ»(٣) ، وذكر في وَبأ : أن «وبأ إليه بمعنى أشار ، قال والإيباء الإشارة بالأصابع من أمامك ليُقبِلَ ، والإيماء من خلفك ليتأخّر» ، وفي بعض النسخ : «والإبياء».

وعلى الأوّل المقصود استعمال الإيماء في الإشارة بالأصبع من الخلف للتأخّر ، وعلى الثاني المقصود الترديد في الإيباء بين كونه مُطلق الإشارة أو الإشارة من الأمام قبال الإيماء المقصود به الإشارة من الخلف ، والمقصود بما ذكره في الإيماء :

__________________

(١) صحاح الجوهري : ١: ٨٢ ، مادّة «ومأ».

(٢) المصباح المنير : ٦٧٣ ، مادة «ومأ».

(٣) القاموس المحيط : ١: ١٤٦ ، مادّة «وبأ».

١٧٠

أنّه يمعنى مُطلق الإشارة ، ويستعمل في قبال الإيباء ، ولا مجال للترديد في المقام ، إذ مقتضى العبارة على تقدير كونها با وهو الترديد في الإيباء لا الإيماء ، ولا يسرى الترديد في الإيباء إلى الإيماء ، ولم يقل أحد بكون الإيماء هو الإشارة بالإصبع ، فلا مجال لحمل الإيماء في رواية مالك وأخويه(١) على الإشارة بالإصبع ، بل المراد التوجه ، فالغرض من الإيماء بالسّلام هو توجيه السّلام وقصد سيّد الشهداء عليه السلام بالسّلام.

ويرشد إليه ما رواه في «كامل الزيارة» : عن سليمان بن عيسى ، عن أبيه ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كيف أزورك إذا لم أقدر على ذلك؟

قال :يا عيسى ، إذا لم تقدر على المجيء ، فإذا كان في يوم الجمعة فاغتسل أو توضّأ ، واصعد إلى سطحك ، وصلِّ ركعتين ، وتوجّه نحوي »(٢) ، فإنّ المقصود بالتوجّه نحوه عليه السلام هو التوجّه بالزيارة.

وكذا ما رواه في «كامل الزيارة» بسنده : عن حنان ، عن أبيه ، قال : «قال لي أبو عبد الله عليه السلام :يا سدير ، تكثر زيارة قبر الحسين بن عليّ عليه السلام ؟

قلت : إنّه من الشغل.

فقال :ألا اُعلّمك شيئاً إذا أنت فعلته كتبت لك بذلك الزيارة ؟

فقلت : بلى جعلت فداك.

فقال لي :اغتسل في منزلك ، واصعد إلى سطحك ، وأشر إليه بالسّلام »(٣) ، حيث إنّ قوله عليه السلام : «وأشر إليه» ظاهر كمال الظهور في أنّ المقصود بالإيماء

__________________

(١) يعني أخويه في الرواية ، وهما علقمة وعقبة.

(٢) كامل الزيارة : ٤٨٢ ، الباب ٩٦ مَن نأت داره وبعدت شقّته كيف يزوره عليه السلام ، الحديث ٤.

(٣)كامل الزيارة : ٤٨٢ ، الباب ٩٦ مَن نأت داره وبعدت شقّته كيف يزوره عليه السلام ، الحديث ٥.

١٧١

هو مجرّد الإشارة.

ويرشد إليه أيضاً ما في رواية عبد الله بن سنان المروية في «المصباح» : «ثم تسلّم ، وتحوّل وجهك نحو قبر الحسين عليه السلام ومضجعه ، فتمثّل لنفسك مفزعه ، ومن كان معه من ولده وأهله ، وتسلّم وتصلّي عليه ، وتلعن قاتليه »(١) ، قضية الإكتفاء فيه بصرف الوجه.

وكذا ما حكاه سيف بن عميرة ، عن صفوان : «من أنّه صرف وجهه إلى ناحية أبي عبد الله عليه السلام فقال :تزورون الحسين عليه السلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام من هاهنا ، وأومئ إلى أبي عبد الله عليه السلام ، حيث إنّ صفوان اكتفى بصرف الوجه ، والظاهر أنّ الغرض نقل ما فعله عن أبي عبد الله عليه السلام وتطبيق فعله على فعل أبي عبد الله عليه السلام ، ولا يتأتّى ذلك إلّا على تقدير كون الغرض من الإيماء هو توجيه الوجه.

لكن يمكن أن يكون الغرض من الإيماء هو توجيه السّلام ، فصرف الوجه تمهيد للزيارة ، لكنّه ـ أعني صفوان ـ قد حكى بعد ذلك ما فعله عن الصادق عليه السلام ، وربّما يرشد إليه ما في بعض زيارات عاشوراء : «ثم ارفع يديك ، واقنت بهذا الدعاء ، وقل وأنت تومئ إلى أعداء آل محمّد صلى الله عليه وآله : اللهمّ إن كثيراً من الاُمّة ناصبت المستحفظين من الأئمّة عليهم السلام»(٢) إلى الآخر ، حيث إنّ المقصود بالإيماء فيه هو القصد ليس إلّا.

وبعد هذا أقول : إنّ في بعض الروايات أنّ شخصاً كان يكثر زيارة سيّد الشهداء عليه السلام لكنّه بسبب الهرم والفقر تقاعد عن الزيارة فرأى في الرؤيا رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده سيّدا شباب أهل الجنة ، فلما قرب إليهم قال سيّد الشهداء عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله : إن هذا الشخص كان يكثر الزيارة ، والحال ترك الزيارة.

__________________

(١) مصباح المتهجّد : ٧٨٣.

(٢) مصباح المتهجّد : ٧٨٤.

١٧٢

فتوجّه رسول الله صلى الله عليه وآله إليه وقال :زيارة الحسين هل يمكن تركها.

فقال : يا رسول الله ، الهرم والفقر يمانعا عن الزيارة.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :اصعد كلّ ليلة على سطح دارك ، وأشر بإصبع الشهادة إلى قبر الحسين ، وقل : إلى آخر الزيارة».

وفي رواية أخرى : «إنّ شخصاً جاء مع سكينة ووقار ، وقام في روضة سيّد الشهداء عليه السلام ، وأشار بيده إلى جانب الضريح وأتى الزيارة.

وذكر العلّامة المجلسي قدس سره : أن الظاهر أنّ الزائر كان هو الخضر عليه السلام أو أحد من الأئمّة عليهم السلام.

لكنّك خبيرٌ بأن شيئاً من الروايتين لا عبرة بهما في إثبات اشتراط الإشارة بالإصبع ، لعدم اعتبار النوم في الأولى ، وعدم تعيّن الزائر بعد سلامة السند فيهما.

تذييلان

أحدهما : في أنّ الإشارة بالإصبع بناء على اعتبارها في الزيارة هل تختصّ

بالسّلام الطويل أو يطرّد في اللّعن والسّلام المكرّرين؟

إنّ الإشارة بالإصبع بناء على اعتبارها هل تختص بالسّلام الطويل أو تطرد في اللعن والسّلام المكرّرين؟

ربّما قيل : إنّ الأوْلى والأفضل الإيماء إلى قبره عليه السلام في تمام الزيارة ، كما هو ظاهر الرواية.

وإن كان للاكتفاء به في أصل السّلام دون غيره من اللعن والتسليم وجه.

أقول : إنّه لو كان المقصود بالسّلام المومى إليه هو الزيارة لا مطلق السّلام ، كما هو المفروض ، فلا بدّ من اطراد الإشارة في تمام الأجزاء فلا بدّ من الاطّراد في اللّعن والسّلام المكرّرين ، ولا مجال لكفاية الإشارة في السّلام الطويل.

١٧٣

إلّا أن يقال : أنّ الكلّ المعلّق عليه الحكم ربّما ينصرف إلى بعض الأجزاء ، كما أنّ الكلّي عليه الحكم ربما ينصرف إلى بعض الأفراد ، كيف وقد شاع وذاع أن المطلق ينصرف إلى الفرد الشائع ، بل كثيراً ما ينصرف المطلق إلى بعض الأفراد من غير جهة الشيوع ، ويأتي مزيد الكلام في هذا الباب ، فلا بأس بانصراف السّلام المومي إليه إلى السّلام الطويل.

لكنّه مدفوع : بأنّه إنّما يتم لو لم يكن تعلق الحكم في مقام بيان تشريع حكم الكل مع فرض انحصار دليل التشريع وإلّا فلا مجال للانصراف ، إذ لو انصرف الكل إلى بعض الأجزاء فلا دليل على تشريع الباقي ، ويبقى الباقي بدون دليل على التشريع ، والمفروض تشريع تمام الأجزاء ، والأمر في المقام من هذا القبيل.

إلّا أن يقال : إنّه يمكن أن يكون تشريع الباقي من الأجزاء ثابتاً بالإجماع لا يشمول الكل ، ولا بأس به ، وهذا نظير أنه لو ثبت اطراد حكم المطلق في بعض الأفراد النّادرة ، بناء على انصراف المطلق إلى الفرد الشائع ، فاطّراد الحكم لا يكشف عن شمول المطلق لجميع الأفراد بكون المراد بالمطلق هو الأعم من تلك النوادر ، فيرتفع ظهوره في الفرد الشائع ويصير ظاهراً في الأعم وأنّه لو كان اللّفظ موضوعاً لمعنى وثبت الحكم المتعلق بذلك اللّفظ في معنى آخر بالاجماع مع إمكان التجوّز باللّفظ عن المعني الأعم من المعنيين ، فهذا لا يصير قرينة على المجازية بكون اللّفظ مستعملاً في الأعم ، كما في قوله سبحانه :( فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ) (١) ، حيث إنّ الإخوة حقيقة فيما فوق الاثنين ، بناء على كون أقل الجمع ثلاثة ، كما هو المشهور المنصور ، والحكم المذكور أعني الحجب ثابت في الأخوين بالاجماع ، وإمكان استعمال الإخوة فيما فوق الواحد مجازاً لا يمانع عن الاستعمال فيما فوق الاثنين حقيقة وإن اطراد الحكم المطرّد في غير مورد العلّة بناء على عدم اعتبار

__________________

(١) النساء ٤: ١١.

١٧٤

مفهوم العلة وثبوت التخصيص بها لا يمانع عن التخصيص.

لكن نقول : إنّ المفروض انحصار مدرك التشريع فيما لو انصرف إلى بعض الأفراد ويبقى الباقي خالياً عن التشريع ، فعلى هذا لابدّ من كون مدرك الاجماع هو عموم الكل لتمام الأجزاء ، فالاجماع يكشف عن عموم المدرك لجميع الأجزاء ولا مجال لكون الاجماع مدركاً بنفسه ، والأمر في المقام من هذا القبيل لانحصار ما يثبت تشريع اللّعن والسّلام فيما دل على الإيماء ولو انصرف هذا إلى السّلام يبقى اللعن والسّلام خالياً عن دليل التشريع.

ثانيهما : في كلام من العلّامة المجلسي قدس سره في الإشارة بالإصبع في زيارة سيّد الشهداء عليه السلام

إنّ العلّامة المجلسي قدس سره في «زاد المعاد في بيان أعمال ليلة النصف من شعبان» بعد أن روى مرسلاً عن الصادق عليه السلام : «أنّ في نصف ليلة النصف من شعبان يغفر الله جميع ذنوب من زار سيّد الشهداء عليه السلام » ، قال قدس سره : «واقلّ زيارت آن حضرت آن استكه ببامى يا صحن ﮔﺸﺎﺩﻩ درآيد وبجانب راست آسمان وبجانب ﭼﭗ وبه بالاى سر نظر كند ﭘﺲ باﻧﮕﺸﺖ إشاره كند بجانب راست قبله ﭘﺲ ﺑﮕﻮيد : السّلام عليك يا أبا عبد الله ، السّلامُ عَليكَ ورحمةُ اللهِ وبركاته».

أقول : إن هذا مضمون ما رواه الفقيه مرسلاً عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن الصادق عليه السلام ، كما مر ، حيث قال عليه السلام : «اصعد فوق سطحك ، ثم التفت يمنة ويسرة ، ثم ارفع رأسك إلى السماء ، ثم تنحو نحو قبر الحسين عليه السلام فتقول : السّلام عليكَ يا أبا عبد الله ، السّلامُ عَليكَ ورحمةُ الله وبركاته ...»(١) ، فالمدار في كلامه

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٢:٥٩٩ ، باب ما يقوم مقام زيارة الحسين عليه السلام وزيارة غيره ، الحديث ٢.

١٧٥

على بيان أقلّ ما يتحقّق به زيارة سيّد الشهداء عليه السلام.

لكن نقول : إنّه(١) زاد كفاية البروز إلى الصحراء ، وليس هذا بمتجه وإن اتّجه تقييد تلك الرواية بعد اعتبار سندها بصدر رواية «كامل الزيارة» وصدر رواية «المصباح» ، بعد اعتبار سندهما لاقتضائهما التخيير بين الصعود إلى السطح والبروز إلى الصحراء في الزيارة يوم عاشوراء ، وقد تقدّم الكلام فيه.

ومع هذا نقول : إنّه قد زاد : «السّلام عليك يابن رسول الله» مع خلو تلك الرواية عنه وكفاية ما ورد في الرواية في أقل ما يتحقّق به الزيارة وهو الذي يكون كلامه في بيانه.

ومع هذا نقول : إنّه ليس في تلك الرواية إشارة إلى الإشارة بالإصبع ، وهو قد اعتبر الإشارة بالإصبع.

إلّا أن يقال : إنّ اعتبار الإشارة بالإصبع من باب اعتبار الإيماء في الروايات.

لكنّه مدفوع : بما مر من أنّ المقصود بالإيماء هو توجيه السّلام.

ومع هذا نقول : إنّ اعتبار كون الإشارة بالإصبع إلى جانب القبلة بعد خلو تلك الرواية عنه لم أظفر به في رواية من الروايات.

إلّا أن يقال : إنه مبنيّ على استخراج جهة القبر بالدائرة الهنديّة(٢) كاستخراج القبلة.

__________________

(١) يعني به العلّامة المجلسي في زاد المعاد.

(٢) نظير الأمر في المقام ما ذكره المحقّق القمّي من أنّهم ادّعوا الإجماع في مسألة القبلة ، على أنّ من بنى على الظنّ فيها بعد العجز عن تحصيل العلم ، ثمّ ظهر له الانحراف عنها ما بين المشرق والمغرب ، فيصحّ إجماعاً ويستدير إلى القبلة ، وإلّا فيبطل ، مع أنّ دعوى الإجماع لا تصحّ إلّا في القبلة إلى العراق وأشباهه ، مع أنّ الفقهاء أطلقوا المسألة ، وقد تكون القبلة في نقطة المشرق أو نقطة المغرب. منه رحمه الله.

١٧٦

لكن نقول : إنّ مقتضى كلامه كون قبر سيّد الشهداء عليه السلام في جانب يمين القبلة ، وقد صرّح بعض الأصحاب باختصاصه بأكثر البلاد المشهورة من العراق بتفاوت فيها في انحراف القبر عن القبلة ، حيث إنّ الانحراف في إصفهان بثلاثة وخمسين درجة وفي شيراز بخمسة وستين درجة ، وفي مشهد المقدّس الرضوي بسبعة وستّين درجة ، وفي قزوين باثنين وثلاثين درجة ، وقد يكون القبر في جانب اليسار بدرجة.

وقال بعض الأعلام : إنّ التوجّه إلى أرض قدس كربلاء في إصفهان ومثله من بلاد إيران يحقّق بالميل من سمت القبلة بجانب المغرب ، ومقدار الميل يختلف بزيادة طول البلد وعرضه ونقصانه.

مضافاً إلى ما عن بعضٍ من القدح في استخراج القبلة وجهات قبور الأئمّة بالدائرة الهندية بوجوه.

ومع ذلك نقول : إنّ ما ذكره يختصّ بالبعيد ، واستحباب الزيارة ليلة النصف من شعبان يعمّ القريب.

اللهمّ إلاّ أن يكون عمدة البناء في زاد المعاد على ذكر زيارة البعيد ، كما هو مقتضى ما تقدم من كلامه.

١٧٧

[التنبيه] الرابع عشر :

في أنّ الزيارة السابقة على زيارة عاشوراء على ما رواه في «المصباح» هي زيارة أمير المؤمنين عليه السلام بالزيارة السادسة كما هو مقتضى ما رواه محمّد بن المشهدي واختلاف الروايتين من وجوه ، واختلاف دعاء الوداع على ما رواه «المصباح» لو كان الأمر على ما رواه محمّد بن المشهدي

إنّ الزيارة السابقة على زيارة عاشوراء ، أي المقصود بالزيارة المفروغ عنها في رواية «المصباح» في قول سيف بن عميرة : «فلمّا فرغنا من الزيارة» هو زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ، بقرينة قوله : «خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وجماعة من أصحابنا إلى الغريّ» ، وزيارة أمير المؤمنين عليه السلام إنّما كانت بالزيارة السادسة ، كما هو مقتضى رواية محمّد بن المشهدي ، لكن بين رواية «المصباح» ورواية محمّد بن المشهدي اختلاف من أربعة وجوه :

أحدها : إنّ رواية محمّد بن المشهدي لا توافق رواية «المصباح» في باب الزيارة إلاّ في قوله : السّلامُ عَليك يا أبا عبد الله ، السّلامُ عليك يابن رسول الله» ، ومن هذه الجهة تخالف رواية محمّد بن المشهدي رواية «كامل الزيارة» أيضاً.

ثانيها : إنّ قوله : «أتيتكما زائراً ومتوسّلاً إلى الله» داخل في زيارة سيّد الشهداء عليه السلام ، بل هو صدر الزيارة في رواية محمّد بن المشهدي ، وفي رواية «المصباح» داخل في الوداع.

ثالثها : إنّ قوله : «أتيتكما زائراً» مؤخّر في رواية «المصباح» عن قوله : «يا الله ، يا الله» ، وفي رواية محمّد بن المشهدي مقدّم عليه.

١٧٨

رابعها : إنّ في رواية محمّد بن المشهدي قال : «ثم تلتفت إلى أمير المؤمنين عليه السلام وتقول :السَّلَامُ عَلَيْكَ يا أَميرَ الْمُؤْمِنينَ ، والسَّلَامُ عَلىٰ أَبي عبْدِ اللهِ الْحُسَيْن ما بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، لَا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزيارَتِكُما ، وهذه الفقرات داخلة في الوداع في رواية «المصباح» من دون التفات إلى أمير المؤمنين عليه السلام.

وبالجملة فالظاهر ، بل بلا إشكال أنّ الزيارة المتقدّمة جزء الرواية المذكورة في صدرها الزيارة المعروفة بالزيارة السادسة لأمير المؤمنين عليه السلام ، وقد سبق أنّه ذكر تلك الرواية في «تحفة الزائر» نقلاً عن شيخنا المفيد ومحمّد بن المشهدي ، وذكره في «البحار» نقلاً عن شيخنا المفيد ، والوداع المذكور لتلك الزيارة المقدّمة هو الوداع المذكور في ذيل الزيارة السادسة ، ويرشد إلى ما ذكر ما حكاه في «البحار» عن السيّد ابن طاووس من أنه أورد الزيارة السادسة ، فقال : «ثمّ صلّ صلاة الزيارة ست ركعات إلى أن قال : ثم قم فزر الحسين عليه السلام من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام بالزيارة الثانية من زيارتي عاشوراء اتباعاً لما ورد »(١) ، فاقتصار الشيخ في «المصباح» على ذكر زيارة عاشوراء من جهة اختصاص الغرض ، قضيّة كونه في بيان أعمال المحرم.

وأما محمّد بن المشهدي فربما يقال : إنّه لما كان في مقام بيان زيارات الأئمّة فهو ذكر أولاً زيارة أمير المؤمنين عليه السلام عند ذكر زياراته ، ولم يذكر زيارة سيّد الشهداء عليه السلام وإن اشتملت الرواية عليها لأنه كان يذكر زيارة كلّ إمام في مقام تختصّ به ، فذكر ما يتعلق بزيارة سيّد الشهداء عليه السلام.

لكن يخدشه اختلاف ما ذكره محمّد بن المشهدي من زيارة سيّد الشهداء عليه السلام بالاستقلال وما رواه من زيارة عاشوراء في ذيل رواية الزيارة السادسة ، ويظهر الحال بملاحظة ما تقدم ، وقد ذكر في «تحفة الزائر» : أنّ من قرائن الروايات المذكورة في زيارة أمير المؤمنين وسيّد الشهداء عليهما السلام يعلم أنّ أرباب تأليف الزيارات فرقوا حديث

__________________

(١) بحار الانوار : ٣١٠:٩٧.

١٧٩

السادسة ، وصرّح بعض آخر أيضاً : بكون المدار على التفريق.

وعلى أيّ حال ، لو كان الحال على منوال ما رواه شيخنا المفيد ومحمّد بن المشهدي فالوداع المرويّ في «المصباح» مورد اختلال الحال ويظهر الحال بما مرّ هنا وفي سالف المقال.

١٨٠