شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء0%

شرح زيارة عاشوراء مؤلف:
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف: الشيخ أبي المعالي الكلباسي
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف:

ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290
المشاهدات: 27074
تحميل: 4130

توضيحات:

شرح زيارة عاشوراء
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27074 / تحميل: 4130
الحجم الحجم الحجم
شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف:
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
ISBN: 978-964-8438-50-5
العربية

عن ابن أبي عمير ، عمّن رواه ، قال : «قال أبو عبد الله عليه السلام الخ» ، والمروي فيه خال عن العبارة المذكورة.

وكذا رواه في «كامل الزيارة» عن أبيه ، عن سعد ومحمّد بن يحيي ، عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير ، عمّن رواه ، قال : «قال أبو عبد الله عليه السلام» ، والمروي فيه خال أيضاً عن العبارة المذكورة(١) .

إلّا أن يقال : إن خلو رواية «الكافي» و «كامل الزيارة» عن العبارة المذكورة لا ينافي اشتمال ما رواه في «التهذيب» ، لعدم رواية الشيخ عن «الكافي» ولا عن «كامل الزيارة» وعدم دخول ابن قولويه وهو مقدم على الشيخ في مشيخته في هذا الحديث ، حيث إنّ ما رواه عن أحمد بن محمّد بن عيسى فقد رواه على ما ذكره في المشيخة عن الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار ، عن أبيه محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، بل ابن قولويه غير داخل في مشيخة الشيخ رأساً.

لكنّه مدفوع : بكفاية اتّحاد السند من أحمد بن محمّد بن عيسى ، حيث إنّ أحمد بن محمّد في رواية «الكافي» هو أحمد بن محمّد بن عيسى لرواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير كتب مائة رجل من رجال الصادق عليه السلام ، على ما في «الفهرست» ، وفي سند «كامل الزيارة» تصريح بابن عيسى ، مضافاً إلى شهادة نفس تلك العبارة من جهة التعبير فيها بالأئمة عليهم السلام والتسليم عليهم بخروجها عن الرواية.

فقد بان صحة المؤاخذة على الكفعمي في بعض حواشي كتابه(٢) ، وكذا على

__________________

(١) وقد تقدّم ذكر هذه الرواية في التنبيه السادس.

(٢) الظاهر أنّه في حواشي كتابه المصباح المعروف بجنّة الأمان الواقية وجنّة الإيمان الباقية.

٢٠١

المحدّث الحرّ في «الوسائل»(١) ، حيث إنه روى كل منهما العبارة المذكورة تتمّة للرواية

وبالجملة : لا ينبغي الارتياب في لزوم تبديل الإشارة الأولى ، أعني الإشارة في «اللّهمّ إنّ هذا يوم» بـ «يوم قتل الحسين» ، ولا خفاء في أولوية التبديل المذكور في الإشارة الثانية ، أعني الإشارة في «وهذا يوم» ، ولا ينبغي الارتياب أيضاً في لزوم تبديل «أتيتكما» بـ «توجّهت إليكما».

وإن قلت : إنّه لا إشكال في جواز الإتيان بالإشارة الأولى في يوم عاشوراء في أمثال هذه الأعصار ، مع أن يوم عاشوراء في أمثال هذه الأعصار ليس ممّا تبرك به بنو اُميّة ، بل المُتبرّكُ به إنّما هو اليوم الأوّل ، أعني اليوم الذي قتل فيه سيّد الشهداء عليه السلام رُوحي وروح العالمين له الفداء ، أو الأيّام التي وقعت في أعصار بني أميّة من يوم عاشوراء ، فلا يخرج الأمر عن التعبّد ، فلا بأس بالإتيان بالإشارة الأولى في غير يوم عاشوراء أيضاً ، وبما ذكر يظهر حال الإشارة الثانية.

قلت : إن المقصود بالإشارة الأولى لو كان الزيادة في أمثال هذه الأعصار هو شبيه اليوم ، أعني اليوم الذي وقع فيه بالخصوص قتل سيّد الشهداء روحي ورُوح العالمين له الفداء ، غاية الأمر لزوم التجوّز ، بناء على كون هذا موضوعاً للإشارة إلى ما يصحّ الإشارة الحسّية إليه وجواز التجوّز لما ادّعيت من أنّه لا إشكال في جواز الإتيان بتلك الإشارة في أمثال هذه الأعصار ، وليس الأمر في الباب من باب التعبّد بلا ارتياب ، وبما ذكر يظهر حال الإشارة الثانية.

وإن قلت : إنّ مقتضى تجويز تلك الزيارة في كل يوم هو جواز البناء في الإشارة وغيرها على حالهما.

__________________

(١) فراجع وسائل الشيعة : ١٤: ٥٧٧ ، الباب ٩٥ من أبواب المزار وما يناسبه ، الحديث ٣.

٢٠٢

قلت : إنّه لابدّ من تقييد التجويز بحكم العقل والتقييد أمر سهل.

وبعد هذا أقول : أنّه يمكن أن يكون هذا لو كانت الزيارة في غير يوم عاشوراء إشارة إلى يوم عاشوراء المعهود في الذّهن الذي وقع فيه بالخصوص قتل سيّد الشهداء روحي وروح العالمين له الفداء ، كما سمعت فيما لو كان الزيارة في يوم عاشوراء ، غاية الأمر لزوم التجوّز اللاّزم فيما لو كان الزيارة في يوم عاشوراء أيضاً.

ونظير التبديل المتعيّن في المقام أنّه يتعيّن تبديل : «وإلى جدّكم بعث الروح الأمين» في الزيارة الجامعة الكبيرة ، بأن يقال : «وإلى أخيك» ، كما ذكره في «التهذيب» و «الفقيه» و «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

ويمكن أن يقال : إنّ المناسب بل اللاّزم الاقتصار في دعاء الوداع في : «يا أمير المؤمنين ، ويا أبا عبد الله ، عليكما منّي سلام الله» إلى : «يا أبا عبد الله» ، وتبدل : «عليكما» بـ«عليك» ؛ إذ الوداع لما كان من الصادق عليه السلام عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام ، فكان ما ذكر من دعاء الوداع مناسباً ، وأما الزائر من البعيد فلا يناسب منه ذلك ، والمناسب بل اللاّزم في حقه ما ذكرنا من الإقتصار والتبديل.

وبما ذكرنا يظهر الحال في : «من زيارتكما» و: «بينكما» ، وكذا الحال في : «يا أمير المؤمنين ، ويا أبا عبد الله ، أتيتكما» ، حيث إنّ المناسب الاقتصار على : «يا أبا عبد الله» ، وتبديل : «أتيتكما» بـ«توجّهت إليكما» كما مرّ.

وكذا الحال في : «ربّكما» و «متوجّهاً إليه بكما ومستشفعاً بكما» ، وكذا الحال في : «بشفاعتكما» ، وكذا الحال في : «أستودعكما الله» ، وكذا الحال في : «انصرفت يا سيّدي يا أمير المؤمنين ومولاي ، وأنت يا أبا عبد الله» ، وكذا الحال في : «يا سيديَّ وسلامي عليكما» ، وكذا الحال في : «بحقّكما» ، وكذا الحال في : «يا سادتي ، رغبت إليكما وإلى زيارتكما بعد أن زهد فيكما وفي زيارتكما» ، وكذا الحال في : «وما أمّلت في زيارتكما».

٢٠٣

في أنّ دعاء الوداع مشتمل على أمور ثلاثة :

وبالجملة دعاء الوداع بيَّنَ أموراً :

أوّلها : التضرّع والدّعاء ، وهو من الصدر المصدّر بألفاظ الجلالة(١) إلي قوله : «يا أمير المؤمنين ، ويا أبا عبد الله ، عليكما منّي سلام الله».

وربّما قيل : إنه الذي ورد الحث عليه في رواية صفوان ، بحيث يؤتى به في كلّ زمان ومكان.

ثانيها : السّلام على الإمامين مع الدّعاء ، وهو ممّا بعد قوله المختتم به الأوّل أعني قوله عليه السلام : «يا أمير المؤمنين ، ويا أبا عبد الله ، عليكما منّي سلام الله» إلى قوله عليه السلام : «يا أمير المؤمنين ، ويا أبا عبد الله ، أتيتكما زائراً ومتوسّلاً إلى الله ربّي وربّكما ، ومتوجّهاً إليه بكما ، ومستشفعاً بكما إلى الله في حاجتي هذه».

ثالثها : الاستشفاع من الإمامين في قضاء الحوائج ، وهو ممّا بعد قوله المختتم به الثاني إلى قوله : «انصرفت يا سيدي يا أمير المؤمنين ومولاي ، وأنت يا أبا عبد الله» ، ولا يخفى عليك أنّ المناسب للوداع لمن لم يكن عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام هو الاقتصار على الأمر الأوّل ويشهد شهادة كاملة على ابتناء الوداع على كونه من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام ما تقدّم من رواية محمّد بن المشهدي ، حيث قال الصادق عليه السلام : «ثمّ أوم إلى الحسين عليه السلام ، وقل : السّلام عليك يا أبا عبد الله ، السّلام عليك يابن رسول الله ».

ثمّ قال عليه السلام : «ثم تلتفت إلى أمير المؤمنين عليه السلام وتقول : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ، والسّلام على أبي عبد الله الحسين ».

__________________

(١) مراده بذلك قوله : «يا الله ، يا الله ، يا الله».

٢٠٤

فيما يدلّ على عدم جواز التغيير في الدعاء

وبعد ما مرّ أقول : أنّه قد روى الكليني في أواخر «أصول الكافي» في باب القول عند الإصباح والإمساء بسنده عن العلاء بن كامل ، قال : «سمعت أبا عبد الله عليه السلام بقول :( وّاذْكُر رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ) (١) ،عند المساء لا إلـٰه إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ويميت ويحيى ، وهو على كلّ شيء قدير.

قال : قلت بيده الخير.

قال :إنّ بيده الخير ، ولكن قل : كما أقول لك ...»(٢) .

وروى الصدوق في «كمال الدين» في باب ما روى عن الصادق عليه السلام من النصّ على القائم عليه السلام ، وذكر غيبته ، وأنه الثاني عشر ، بسنده عن عبد الله بن سنان ، قال : «قال أبو عبد الله صلوات الله عليه :ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ، ولا إمام هدى ، ولا ينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق.

قلت : وكيف دعاء الغريق؟

قال :تقول : يا الله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا مقلّب القلوب ، ثبّت قلبي على دينك

فقلت : يا الله ، يا مقلّب القلوب والأبصار ، ثبّت قلبي على دينك.

فقال :إنّ الله عزّ وجلّ مُقلّب القلوب والأبصار ، لكن قل كما أقول : يا مُقلّب القلوب ، ثبّت قلبي على دينك »(٣) .

__________________

(١) الأعراف ٧: ٢٠٥.

(٢) اُصول الكافي :٢: ٣٨٣/١٧.

(٣) كمال الدين وتمام النعمة : ٣٥١ ، الباب ٣٣ ما أخبر به الصادق عليه السلام من وقوع الغيبة ، الحديث ٤٩.

٢٠٥

ومقتضى الخبرين تطرّق النّقص بالزيادة ، وعدم جواز التعدّي عما ورد فمقتضاهما عدم جواز التعدّي عن الوارد في عموم الموارد ، فلا يتّجه التبديلات المتقدّمة ، وعلى هذا المنوال الحال فيما كان يختلج بالبال من أنّ المناسب أن يقال في دعاء كميل بعد قوله عليه السلام : «إِلهي وَربِّي مَنْ لي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي ، وَالنَّظَرَ في أَمْرِي » (ومن يكشف ضرّاً ، أو ينظر في أمرٍ غيرك) ، وكذا ما اختلج بالبال من أنّ المناسب أن يقال بعد قوله عليه السلام : في بعض المواضع : «كلما كبر سنّي زاد معصيتي» ، (بل كلّما تنفّست نفساً زادت معصيتي).

وكذا ما ذكره بعض الأعلام من أنّ المناسب أن يقال في دعاء أبي حمزة المعروف في طيّ قوله عليه السلام : «ما لي كُلَّمَا قُلْتُ قَدْ صَلُحَتْ سَرِيرَتي ، وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابِينَ مَجْلِسي ، عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ أَزالَتْ قَدَمَيَّ وَحالَتْ بَيْني وَبَيْنَ خِدْمَتِكَ الخ» ، (أو لعلّك رأيتني غير قابل لخدمتك فبعدتني؟) ، وكذا ما كان قوي في النظر من جواز أن يقرأ دعاء كميل في يوم جمعة مثلاً مع تبدل الليلة في قوله عليه السلام : «أَنْ تَهَبَ لي في هٰذِهِ اللَّيْلَةِ » باليوم.

وربّما يقال : إنّ المنع عن الزيادة في الخبرين المتقدّمين من جهة قصد التوظيف ، فلايمانع عن الزيادة والتغيير بدون قصد التوظيف.

وفيه : إنّه لو أمضى الإمام الزيادة لما تطرق هذا المحذور ، فمقتضى المنع أنه ليس من جهة قصد التوظيف ، مع أنّ الحمل على قصد التوظيف خلاف الظاهر.

لكن نقول : إنه لا خلاص ولا مناص عن التغييرات المتقدّمة ، وأما التغيير الغير اللازم أو الزيادة الغير اللازمة فالكلام فيه غير مربوط بالمقام ولا حاجة فيه إلى الكلام.

ثم إنّ تبديل الإشارة الأولى بـ (يوم قتل الحسين) إنّما يتعيّن في رواية «المصباح» ، وأما ما في «كامل الزيارة» وهو : «اللّهُمَّ اِنَّ هٰذا يَوْمٌ تَنْزِلُ فيهِ اللَّعْنَةُ

٢٠٦

عَلىٰ آلِ زِيادٍ ، وَآلِ اُمَيَّةَ الخ».

فمقتضى صريح كلام العلّامة المجلسي قدس سره في «البحار» عدم الحاجة فيه إلى التبديل ، لكن الأولى والأحوط التبديل ، كيف ونزول اللعنة في كل يوم خال عن الدليل

بقي أنّ العلّامة المجلسي قدس سره ذكر في «زاد المعاد» بعد الفراغ عن زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأوّل ، أعني يوم مولد النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه يقصد البعيد بهذا الحرم وهذا الضّريح روضة أمير المؤمنين عليه السلام وضريحه ، ومقتضاه جواز أن يقصد بهذا اليوم هنا يوم عاشوراء لو كان الزيارة في غير يوم عاشوراء.

لكن الظاهر بل بلا إشكال أن المدار فيما ذكره على استعمال مجموع هذا الحرم وهذا الضّريح في روضة أمير المؤمنين عليه السلام وضريحه ، وهو ظاهر الفساد.

وذكر العلّامة المشار إليه في «زاد المعاد» أيضاً بعد ذكر حديث حنان بن سدير الوارد في زيارة سيّد الشهداء عليه السلام ، والمشتمل على فقرات صريحة في الوراثة المقصود بها الإمامة ، أعني : «السَّلَامُ يا وارِثَ آدَمَ صِفْوَةِ اللهِ ، وَوارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللهِ ، وَوارِثَ إِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ ، وَوارِثَ موسىٰ كَليمِ اللهِ ، وَوارِثَ عيسىٰ رُوحِ اللهِ وَكَلِمَتِهِ ، وَوارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ اللهِ وَنَبيِّهِ وَرَسولِهِ ، وَوارِثَ عَلِيٍّ أميرِ الْمُؤْمِنينَ » ، وبعد ترجمة ما في الحديث المذكور من أنّه يزار علي بن الحسين بمثل الزيارة المذكورة أنّه عند زيارة عليّ بن الحسين يقول الزائر بعدُ بدل : «يا وارث» في جميع موارده : «يابن وارث» أو يقصد من الوراثة غير الخلافة ، لعدم إمامة علي بن الحسين ، ولعلّ مقتضاه التخيير في المقام بين تبدل هذا اليوم بيوم قتل الحسين وقصد يوم قتل الحسين من هذا اليوم.

ويظهر الحال فيه بما مر ، ومع هذا ما تكرر في الزيارة المذكورة هو : «وارث»

٢٠٧

لا «يا وارث» ، ومقتضى كلامه تكرّر «يا وارث» ، حيث إنّه ذكر تبديل «يا وارث» في موارده ، فكان الصواب أن يذكر تبديل «وارث» في موارده لا تبدل «يا وارث» في موارده.

[التذييل الثاني] ثانيهما : في استحباب زيارة عاشوراء في جميع أجزاء

سائر الأيّام غير يوم عاشوراء والليالي

أنّه ربّما قيل باطّراد استحباب الزيارة في جميع أجزاء سائر الأيام غير يوم عاشوراء ، بملاحظة قول أبي جعفر عليه السلام لعلقمة ، كما مرّ : «إن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل فلك ثواب جميع ذلك » ، بل باطراد الاستحباب في الليالي بملاحظة أنّ اليوم يطلق غالباً على المعنى الشامل للنهار والليل ، والمقصود به عموم اليوم في الأقوال المشار إليها للّيل بواسطة غلبة إطلاق اليوم على مجموع الليل والنهار.

أقول : إنّ مقتضى ما تقدّم من اشتراط الزيارة بكونها قرب الزوال عدم عموم التشريع لغير قرب الزوال من يوم عاشوراء سابقاً أو لاحقاً فضلاً عن غير يوم عاشوراء فضلاً عن الليل.

نعم ، لا بأس بايقاعها في غير قرب الزوال سابقاً أو لاحقاً في يوم عاشوراء أو غير يوم عاشوراء من سائر الأيام أو الليل بعد الاطّلاع على الاشتراط ، لعدم ما في البدعة والتشريع وليس مانع آخر في البين ، لكن لو قصد التشريع جهلاً من دون اجتهاد ولاتقليد بل من خيال من عند النفس أو قصده من باب اجتهاد فاسد أو تقليد غير معتبر ، يتأتّى الحرمة لتطرق البدعة.

وأمّا الاستدلال المذكور على اطّراد الاستحباب في الليل.

فهو مدفوع : بأن الظاهر من اليوم هو ما يقابل الليل وليس غلبة استعماله في

٢٠٨

الأعمّ بعد تسليم الغلبة إلى حدٍ يوجب الإجمال فضلاً عن الظهور في الأعمّ ، مضافاً إلى ما تقدم من اشتراط الايقاع بقرب الزوال.

لكن نقول : إنّ ما ذكرناه من حد الاشتراط إنّما يتمّ بناء على التقييد في المندوبات ، كما هو الأظهر ، وإلّا فيطّرد الاستحباب ، كما أنّه لو قلنا بالتسامح في المندوبات حتى في الاحتمال الغير المعتدّ به المخالف للظاهر ، يتأتى اطّراد الاستحباب على القول بالتقييد أيضاً ، كما لو قلنا بعدم التّسامح في المندوبات ، كما هو الأظهر أو بعدم التسامح في الاحتمال المخالف للظاهر ، فلا مجال للاستحباب بعد التقييد ، وبما ذكر يظهر كفاية احتمال استعمال اليوم في الأعم بناء على التسامح في المندوبات حتى في الاحتمال المخالف للظاهر ، لكن الاظهر كما سمعت عدم التسامح في المندوبات فضلاً عن صورة مخالفة الاحتمال للظاهر ، وبما سمعت يظهر حال الايقاع في اليوم واللّيل بالايقاع في آخر اليوم وأول الليل أو آخر الليل وأوّل اليوم بالايقاع فيما قبل طلوع الفجر وما بعده بناء على كون ما بين الطّلوعين من اليوم أو فيما بين الطّلوعين وما بعد طلوع الشمس بناء على كون ما بين الطلوعين من الليل ، ثم إنّه على تقدير جواز الايقاع في الليل لابد من تبدل ما تقدم لزوم تبديله في صورة الايقاع في غير يوم عاشوراء ، وكذا تبدل : «هذا اليوم» في : «اللّهُمَّ إِنّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ في هذَا الْيَوْمِ » في آخر الزيارة : «هذه الليلة» أو «بهذا الوقت» مثلاً.

٢٠٩

[التنبيه] الحادي والعشرون :

في اختلاف رواية «كامل الزيارة» و «المصباح»

في متن زيارة عاشوراء في ثلاثة وثلاثين وجهاً

أن رواية «كامل الزيارة» و «المصباح» تختلفان في متن الزيارة المبحوث عنها في أمور :

[الوجه] الأوّل : أنّ في «كامل الزيارة» : «السَّلَامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللهِ وَابْنَ خِيرَتِهِ » بعد : «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللهِ » وليس ذلك في «المصباح» ، وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الثاني : أنّ في «كامل الزيارة» : «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَابْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّساءِ ». وفي «المصباح» : «يَابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ ». وعن بعض النسخ : «سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ ». وفي «تحفة الزائر»:«يَابْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ ». وفي «زاد المعاد» : «يَابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ النِّساء ».

[الوجه] الثالث : أنّ في «كامل الزيارة» : «لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلىٰٰ جَميعِ أَهْلِ السَّمٰواتِ ». وفي «المصباح» : «لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ ، وَجَلَّتْ وعَظُمَتْ الْمصيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلىٰ جَميعِ أَهْلِ الْإِسْلامِ ، وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصيبَتُكَ في السَّمٰواتِ عَلىٰ جَميعِ أَهلِ السَّمٰواتِ ». وفي «زاد المعاد» : «لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ ، وَجَلَّتِ الْمُصيبَةُ » إلى آخر ما في «المصباح». لكن عن بعض نسخ «تحفة الزائر» : «عَظُمَتِ » مكان «جَلَّتِ ».

٢١٠

[الوجه] الرابع : أنّ في «المصباح» قبل : «يا أَبا عَبْدِاللهِ ، بَرِئْتُ إِلى اللهِ وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ ». وليس هذا في «كامل الزيارة». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الخامس : أنّ في «كامل الزيارة» : «فَلَعَنَ اللهُ آلَ زِيادٍ » بالفاء. وفي «المصباح» بالواو. وعلى هذا حال «تحفة الزائر» وكذا «زاد المعاد» نقلاً ، لكن ما عندي من نسخة «زاد المعاد» بإسقاط : «فَلَعَنَ اللهُ آلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ » ، لكنّ الظاهر أنّه من باب سقط الكتاب.

[الوجه] السادس : أنّ في «كامل الزيارة» : «وَتَهَيَّأَتْ لِقِتالِكَ ». وفي «المصباح» الموجود عندي : «تَهَيَّأَتْ وَتَنَقَّبَتْ ». وعن بعض نسخه تقديم الثاني على الأوّل ، وعن بعض آخر من نسخه : «تَنَقَّبَتْ » مكان «تَهَيَّأَتْ ». وفي «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» :تَنَقَّبَتْ وَتَهَيَّأَتْ.

[الوجه] السابع : أنّ في «كامل الزيارة» قبل : «بِأَبي أَنْتَ يا أَبا عَبْدِاللهِ ». وليس هذا في «المصباح». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الثامن : أنّ في «كامل الزيارة» : «أَنْ يُكْرِمَني وَيَرْزُقَني ». وفي «المصباح»(١) : «وَأَكْرَمَني بِكَ أَنْ يَرْزُقَني ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] التاسع : أنّ في «كامل الزيارة» : «مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ». وفي «المصباح» : «مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

__________________

(١) قوله : «وفي المصباح» وعن بعض نسخ المصباح : «وأكرمني أن يرزقني». منه رحمه الله.

٢١١

[الوجه] العاشر : أنّ في «كامل الزيارة» ـ على ما حكى ـ: «اللّهُمَّ الجْعَلْني وَجيهاً بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ عِنْدَكَ ». وفي «المصباح» : «اللّهُمَّ اجْعَلْني عِنْدَكَ وَجيهاً » ، أي بتأخير «وَجيهاً ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد». لكن نسخة عندي من «كامل الزيارة» ليس فيها «عِنْدَكَ ».

[الوجه] الحادي عشر : أنّ في «كامل الزيارة»(١) : «وَبِالْبَراءةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ الْجَورِ وَبَنَىٰ عَلَيْهِ بُنْيانَهُ ، وَأَجْرى ظُلْمَهُ وَجَوْرَهُ عَلَيْكُمْ ». وفي «المصباح» : «وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ أَسَّسَ ذلِكَ وَبَنىٰ عَلَيْهِ بُنْيانَهُ ، وَجَرىٰ في ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ ».

وفي «تحفة الزائر» و «وزاد المعاد» : «وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ ذلِكَ وَبَنىٰ عَلَيْهِ بُنْيانَهُ ، وَجَرىٰ في ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ ». وقد أجاد من قال(٢) : «وما أدرى من أين له ذلك».

[الوجه] الثاني عشر : أنّ في «كامل الزيارة» : «وَمِنَ النّاصِبينَ لَكُمُ الْحَرْبَ ». في «المصباح» : «وَالنّاصِبينَ » بإسقاط حرف الجرّ. وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الثالث عشر : أنّ في «المصباح» : «وَبِالْبَراءَةِ مِنْ أَشْياعِهِمْ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» ، وفي «كامل الزيارة» : «وَالْبَراءَةِ » بإسقاط

__________________

(١) قوله : «في كامل الزيارة وبالبراءة» على ما نقله في بحار الأنوار ، ولكنّه في نسخة عندي من كامل الزيارة : «بموالاتك والبراءة ممّن قاتلك» ، وفي المصباح : «وبالبراءة» ، وعلى هذا حال تحفة الزائر وزاد المعاد. منه رحمه الله.

(٢) قوله : «وقد أجاد من قال : الظاهر أنّ ما في تحفة الزائر وزاد المعاد مأخوذ من المصباح ، كما هو الحال في سائر أجزاء المتن ، وإنّما زيد لفظ «أساس» سهواً. منه رحمه الله.

٢١٢

حرف الجر.

[الوجه] الرابع عشر : أنّ في «كامل الزيارة» : «وَأَن يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكُمْ ». وفي «المصباح» : «طَلَبَ ثاري» ، وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد»

[الوجه] الخامس عشر : أنّ في «كامل الزيارة» : «مَعَ إِمامٍ مَهْديٍّ ناطِقٍ لَكُمْ ». وفي «المصباح»(١) : «مَعَ إِمامٍ مَهْديٍّ ظاهِرٍ ناطِقٍ بِالْحَقِّ مِنْكُمْ ».

وفي «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» : «مَعَ إِمامٍ مَهْديٍّ ظاهِرٍ ناطِقٍ مِنْكُمْ ».

[الوجه] السادس عشر : أنّ في كامل الزيارة : «أَقُولُ إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،يا لَها مِنْ مُصيبَةٍ » ، وليس هذا في «المصباح» ، وفيه : «مُصاباً بِمُصيبَتِهِ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» ، وعن بعض نسخ «تحفة الزائر» : «يا لَها» بين لفظي «المصيبة».

[الوجه] السابع عشر : أنّ في كامل الزيارة : «وَفي جَميعِ السَّماواتِ وَالْأَرَضين ». وفي «المصباح» : «وَفي جَميعِ أَهْلِ السَّمٰواتِ وَالْأَرْضِ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» ، وعن بعض نسخ «المصباح» : إسقاط الأهل.

[الوجه] الثامن عشر : أنّ في «كامل الزيارة» :«اللّهُمَّ اِنَّ هٰذا يَوْمٌ تَنْزِلُ فيهِ اللَّعْنَةُ عَلىٰ آلِ زِيادٍ ، وَآلِ اُمَيَّةَ ». وفي «المصباح» : «اللّهُمَّ إِنَّ هٰذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

__________________

(١) قوله : «وفي المصباح مع إمام مهديّ» هذا على ما نقله في بحار الأنوار ، ولكن ما في نسخة عندي من المصباح على منوال تحفة الزائر وزاد المعاد. منه رحمه الله.

٢١٣

[الوجه] التاسع عشر : أنّ في كامل الزيارة : «عَلىٰ لِسانِ نَبِيِّكَ » ، وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد». وفي «المصباح» : «عَلىٰ لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ » ، وهو المحكي عن بعض نسخ «تحفة الزائر».

[الوجه] العشرون : أنّ في «كامل الزيارة» : «وَعَلىٰ يَزيدَ بْنَ مُعاوِيَةَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الْاَبِدينَ » وفي «المصباح» : «وَيَزيدَ بْنَ مُعاوِيَةَ ، عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الْاَبِدينَ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الحادي والعشرون : أنّ في «كامل الزيارة» : «فَضاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةَ أَبَداً ». وفي «المصباح» : «اللّهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَ مِنْكَ وَالْعَذابَ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الثاني والعشرون : أنّ في «كامل الزيارة» : «وَبِاللَّعْنِ عَلَيْهِمْ ». وفي «المصباح» : «وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الثالث والعشرون : أنّ في كامل الزيارة : «وَأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ ». وفي «المصباح» : «وَآلِ بَيْتِكَ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الرابع والعشرون : أنّ في كامل الزيارة : «حارَبَتِ الْحُسَيْنَ ». وفي «المصباح» : «جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

هذا وربّما يتوهّم : أنّ جاهدت من غلط الراوي أو الشيخ ، بملاحظة أنّ الجهاد هو المقاتلة مع الكفّار.

ويندفع : بأنّ الظاهر من الجهاد في لسان الفقهاء وإن كان هو المقاتلة مع الكفّار لو لم يكن هذا حقيقة في اصطلاحهم ، لكن بعد ثبوت الحقيقة الثانوية في لسان

٢١٤

الأئمّة ، فالمراد بالجهاد هنا هو المعنى اللغوي ، حيث إنّه لغة بمعنى مطلق المقاتلة مع العدوّ ، كما يرشد إليه ما ذكر في «القاموس» : من أنّ من «الجهاد بالكسر القتال مع العدوّ»(١) .

وإن قلت : إنّه على فرض ثبوت الحقيقة المتشرّعية لا مجال للحمل على المعني اللغوي.

قلت : لا بأس بذلك ، كيف ولا يتجاوز الأمر عن التجوز بالنسبة إلى المعنى اللغوي ، مع أنّ الصّلاة قد استعملت في الدّعاء في قوله سبحانه في سورة التوبة؟
( وَصَلَّ عَلَيْهِمْ ) (٢) ولم يقل أحد بمنافاته مع ثبوت الحقيقة الشرعية في الصّلاة.

ومع هذا أقول : إنّ غاية الأمر ثبوت الحقيقة الثانوية في لسان الأئمّة في لفظ الجهاد ، وأما قوله عليه السلام : «جاهدت» يمكن أن يكون من المجاهدة وهي بمعنى مطلق المقاتلة مع العدوّ ، كما هو مقتضى كلام صاحب القاموس ، ومنه مجاهدة النفس ، وإن كان هذا من باب المجاز ، بل لا محل ولا مجال لدعوى اختصاصها بالمقاتلة مع الكفار.

[الوجه] الخامس والعشرون : أنّ في كامل الزيارة : «وَبايَعَتْ » بالباء الموحّدة ، وعلى هذا حال «زاد المعاد». وفي «تحفة الزائر» : «وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ » بالموحدّة والمثناة.

وفي «المصباح» : «وَتابَعَتْ » بالتاء المثنّاة من فوق.

[الوجه] السادس والعشرون : أنّ في «كامل الزيارة» : «عَلىٰ قَتْلِهِ وَقَتْلِ أَنْصارِهِ »

__________________

(١) القاموس المحيط : ١: ٥٨٨ ، مادة «جهد».

(٢) التوبة ٩ : ١٠٣.

٢١٥

وليس في «المصباح» : «وَقَتْلِ أَنْصارِهِ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] السابع والعشرون : أنّ في «كامل الزيارة» بعد : «حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ » ، وليس هذا في «المصباح». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» ، وعن بعض نسخ «المصباح» : «وَأَناخَتْ بِحَرَمِكَ ».

[الوجه] الثامن والعشرون : أنّ في كامل الزيارة : «وَلَا يَجْعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِن زِيارَتِكُمْ » على غيبة الفعل. وفي «المصباح» : «وَلَا جَعَلَهُ اللهُ ».

[الوجه] التاسع والعشرون : أنّ في «كامل الزيارة» : «وَأَصْحابِ الْحُسَينِ »

وفي «المصباح» : «وَعَلىٰ أَصْحابِ الْحُسَينِ » بزيادة حرف الجر. وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الثلاثون : أنّ في «كامل الزيارة» ـ بعد : «وَأَصْحابِ الْحُسَينِ » ـ : «صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ » ، وليس هذا في «المصباح». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

[الوجه] الحادي والثلاثون : أنّ في «كامل الزيارة» : «اللّهُمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظالِم ظَلَمَ آلَ نَبِيِّكَ بِاللَّعْنِ ، ثُمَّ الْعَنْ أَعْداءَ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ ، اللّهُمَّ الْعَنْ يَزيدَ وَأَباهُ ، وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ وَبَني اُمَيَّةَ قاطِبَةً إِلىٰ يَوْمِ الْقِيامَةِ ». وفي «الصباح» : «اللّهُمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنّي ، وَابْدَأْ بِهِ أَوَّلاً ، ثُمَّ الْعَنِ الثّاني وَالثّالِثَ وَالرّابِعَ. اللّهُمَّ الْعَنْ يَزيدَ خامِساً ، وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيادٍ وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَشِمْراً وَآلَ أَبي سُفْيانَ وَآلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ إِلىٰ يَوْمِ

٢١٦

الْقِيامَةِ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» ، لكن فيهما : «ثُمَّ الثّاني ، ثُمَّ الثّالث ثُمَّ الرّابع ».

[الوجه] الثاني والثلاثون : أنّ في «المصباح» : «لَكَ عَلىٰ مُصابِهِمْ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد» ، وفي «كامل الزيارة» إسقاط ذلك.

[الوجه] الثالث والثلاثون : أنّ في «كامل الزيارة» : «عَلىٰ عَظيمِ رَزِيَّتي فِيهِمْ » ، وليس في «المصباح» كلمة : «فِيهِمْ ». وعلى هذا حال «تحفة الزائر» و «زاد المعاد».

٢١٧

[التنبيه] الثاني والعشرون :

في شرح طائفة تحتاج إلى الشرح

من فقرات زيارة عاشوراء وكذا دعاء الوداع

في شرح طائفة تحتاج إلى الشرح من فقرات الزيارة المتقدّمة وكذا الدعاء المتقدّم.

أما فقرات الزيارة فنقول :

قوله : «تَنَقَّبَتْ ».

أقول : إنّه قد احتمل الكفعمي أن يكون مأخوذاً من النقاب الذي للمرأة ، أي اشتملت بالآت الحرب ، كاشتمال المرأة بنقابها ، فيكون النقاب هنا استعاره ، وأن يكون مأخوذاً من النقبة وهو ثوب يشتمل به كالإزار ، وأن يكون المعني سارت في نقوب الأرض ، وهي طرقها الواحد نقب وهي المناقب أيضاً ، ومنه قوله تعالى :( فَنَقَّبوا فِي الْبِلَادِ ) (١) ، أي طافوا وساروا في نقوبها أي طرقها ، قال :

لقدْ نقّبتُ في الآفاقِ حتى

رضيتُ من الغنيمةِ بالايابِ(٢)

واحتمل العلّامة المجلسي قدس سره في «البحار» : أنّه كان النقاب بينهم متعارفاًً عند الذّهاب إلى الحرب بل إلى مطلق الأسفار حذراً من أعدائهم لئلّا يعرفوهم ، فهذا إشارة إلى ذلك(٣) .

__________________

(١) ق ٥٠ : ٣٦.

(٢) مصباح الكفعمي : ٢: ٥٦٥ ، ذكر ذلك في الحاشية.

(٣) بحار الأنوار : ٩٨: ٣٠١ ، الباب الرابع والعشرون.

٢١٨

قوله : «يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ ».

أقول : أنّ مقتضى صريح «المصباح»(١) أنّ الثأر بالهمزة ، وهو ظاهر «الصّحاح»(٢) و «القاموس»(٣) و «المجمع»(٤) ، لكنّه غير مأنوس ، والظاهر أنّ ما وقع في موارد الدّعاء(٥) بالألف لعله من باب التخفيف في الاستعمال ، وفي «القاموس» : «الثار : الدم ، والطلب به ، وقاتل حميمك»(٦) ، ومقتضى صريح الصحاح أن الثار يطلق على قاتل الحميم أيضاً ، كما في قول حرير :

قَتلوا أباكَ وثارُهُ لم يُقَتلِ

وكذا يطلق علي القاتل أيضاً ، كما يقال : «يا ثارات فلان» أي قتلة فلان(٧) ، وقال المطرزي نقلاً : وَأَدْرَكَ فُلانٌ ثارَهُ إذا قَتلتَ قاتَل حميمِهِ.

وأمتن كلام وقع في التفسير في المقام ما ذكره بعض الأعلام من أنّ الثار الدّم وطلب الدم ، والمراد هنا هو الأخير.

__________________

(١) المصباح المنير : ٨٨ ، مادة «ثور».

(٢) صحاح الجوهري : ٢: ٦٠٣ ، مادة «ثأر».

(٣) القاموس المحيط : ١: ٧١٢ ، مادّة «ثأر».

(٤) مجمع البحرين : ١: ٣٠٥ ، مادّة «ثأر».

(٥) وفي بعض الزيارات : «وَأَنَّكَ ثارُ اللهِ في أَرْضِهِ حَتّىٰ يَسْتثيرُ لَكَ مِنْ جَميعِ خَلْقِهِ » ، وفي بعض آخر : «إِنَّكَ ثارُ اللهِ في الْأَرْضِ وَابْنَ ثاره » ، وفي بعض ثالث : «وَإِنَّكَ ثارُ اللهِ في الْأَرْضِ ». منه رحمه الله.

(٦) القاموس المحيط : ١: ٧١٢ ، مادّة «ثأر».

(٧) صحاح الجوهري : ٢: ٦٠٣ ، مادّة «ثأر» ، وما نقله المصنّف هنا عنه بتصرّف غير مخلّ ، حيث إنّ الجوهري قال : «والثأر : الذي لا يبقى على شيء حتّى يدرك ثأره ، ويقال أيضاً : هو ثأره ، أي قاتل حميمه. قال جرير : قتلوا أباك وثأره لم يقتل ، وقولهم : يا ثارات فلان ، أي يا قتلة فلان.

٢١٩

وفي المقام يحتمل معنيين :

أحدهما : إنّك الذي يطلب الله بدمه من أعدائه ، وحينئذٍ يُقدّر مضاف للثار ، أي أهل ثار الله ، ويكون إضافة الثار إلى الله بمعنى «من» أي إنك أهل طلب الدّم من الله ، أي طلب الدّم الذي يكون الطلب ناشئاً منه سُبحانه وأنت أهلٌ لذلك الطلب الناشئ منه

وثانيهما : إنّك أهل طلب الدم بأمر الله سبحانه أو في سبيل الله ، وحينئذٍ أيضاً يقدّر «الأهل» ، ويكون إضافة الثار أما بمعنى «في» أي إنك أهل طلب الدم ، أي دم الشهداء في الله ، أي في سبيله حين الرجعة ، أو يكون بتقدير مضاف آخر ، أي إنّك أهل الثار بأمر الله في الرجعة(١) .

ولا يذهب عليك إنّ ما ذكره بأجمعه في إصلاح الحال بناء على كون المقصود بالثار هو طلب الدّم خلاف الظاهر ، ويرشد قوله : «أَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ » إلى كون الثار هنا بمعنى الدّم.

وإن استشهد المحقّق القمّي في جواب السؤال عن تلك الفقرة على كون الثار هنا بمعنى طلب الدّم وغرضه دلالة إظهار الطلب في قوله : «وَأَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ » على إضمار الطلب هاهنا ، وليس بشيء ، لكن لاينافي إرشاد المرشد المذكور وقوله : «وَأَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِي » حيث إنه لا مجال لإضافة الثار إلى ياء المتكلم ، إلّا أن يكون الإضافة من باب المسامحة والغرض انتساب الطلب إلى المتكلّم.

ثم إنّ الظاهر أنّ المقصود بطلب الدّم هو القصاص ، وإلّا فتفسير المطرزي إدراك

__________________

(١) وهذا المعنى ذكره العلّامة المجلسي في بحار الأنوار بشكل مختصر ، بقوله : «الثأر ـ بالهمزة ـ الدم وطلب الدم ـ أي أنّك أهل ثار الله والذي يطلب الله بدمه من أعدائه ، أو هو الطالب بدمه ودماء أهل بيته بأمر الله في الرجعة» ـ بحار الأنوار : ٩٨: ١٥١.

٢٢٠