العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته12%

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 603

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته
  • البداية
  • السابق
  • 603 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41265 / تحميل: 4525
الحجم الحجم الحجم
العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

فسله عن ذلك؟ فأتيته فأخبرته فقال لي: ما ضحّى بمنى شاة أفضل من شاتك.

[ ١٨٨١٨ ] ٤ - وبإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن جبلة، عن علي، عن عبد صالح (عليه‌السلام ) قال: إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها وصارت في رحلك فقد بلغ الهدي محلّه.

[ ١٨٨١٩ ] ٥ - محمّد بن محمّد بن النعمأنّ في ( المقنعة ) قال: سُئل (عليه‌السلام ) عن رجل اشترى أضحية فسرقت منه؟ فقال: أنّ اشترى(١) مكانها فهو أفضل، وأنّ لم يشتر مكانها فلا شيء عليه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٣١ - باب أنّ الهدي إذا عجز عن الوصول ولم يجد من يتصدق به عليه، أجزأه ذبحه أو نحره ويعلمه بما يدلّ على أنّه هدي، ويجوز لمن مرّ به الأكل منه حينئذ، وحكم الهدي إذا دخل الحرم فعطب

[ ١٨٨٢٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حفص بن البختري قال: قلت لأَبي عبدالله (عليه‌السلام ) : رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه، ولا يعلم أنّه هدي، قال: ينحره ويكتب

____________________

٤ - التهذيب ٥: ٢١٨ / ٧٣٥.

٥ - المقنعة: ٧٠.

(١) في المصدر: إذا اشترى.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٣٩ من هذه الأبواب.

الباب ٣١

فيه ٦ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ٢٩٧ / ١٤٧٧.

١٤١

كتاباً( أنّه هدي) (١) يضعه عليه ليعلم من مرّ به أنّه صدقة.

[ ١٨٨٢١ ] ٢ - وبإسناده عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا أصاب الرجل بدنة ضالة فلينحرها وليعلم أنّها بدنة.

[ ١٨٨٢٢ ] ٣ - وبإسناده عن القاسم بن محمّد، عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها أو عرض لها موت أو هلاك، قال: يذكّيها إن قدر على ذلك، ويلطخ نعلها التي قلدت بها حتّى يعلم من مرّ بها أنّها قد ذكيت فيأكل من لحمها إن أراد.

[ ١٨٨٢٣ ] ٤ - وفي ( العلل ) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: أي رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أنّ تبلغ محلّها، أو عرض لها موت أو هلاك فلينحرها أنّ قدر على ذلك، ثمّ ليلطخ نعلها التي قلّدت به بدم حتّى يعلم من مرّ بها أنّها قد ذكّيت فيأكل من لحمها أنّ أراد، وأنّ كان الهدي الذي انكسر وهلك(٢) مضموناً فإنّ عليه أنّ يبتاع مكان الذي انكسر أو هلك، والمضمون هو الشيء الواجب عليك في نذر أو غيره، وإن لم يكن مضموناً وإنمّا هو شيء تطوّع به، فليس عليه أنّ يبتاع مكأنّه إلّا أنّ يشاء أنّ يتطوّع.

[ ١٨٨٢٤ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن

____________________

(١) ليس في المصدر.

٢ - الفقيه ٢: ٢٩٨ / ١٤٨١، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

٣ - الفقيه ٢: ٢٩٨ / ١٤٧٨.

٤ - علل الشرائع: ٤٣٥ / ٣.

(٢) في المصدر: أو هلك.

٥ - الكافي ٤: ٤٩٣ / ١، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

١٤٢

حماد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كلّ من ساق هدياً تطوعاً فعطب هديه فلا شيء عليه، ينحره ويأخذ نعل التقليد فيغمسها في الدم فيضرب به صفحة سنامه ولا بدل عليه، وما كان من جزاء صيد أو نذر فعطب فعل مثل ذلك وعليه البدل، وكلّ شيء إذا دخل الحرم فعطب فلا بدل على صاحبه تطوّعاً أو غيره.

[ ١٨٨٢٥ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة ابن أيوب، عن عمرو(١) بن حفص الكلبي قال: قلت لأَبي عبدالله (عليه‌السلام ) : رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه، ولا من يعلمه أنّه هدي، قال: ينحره ويكتب كتاباً ويضعه عليه، ليعلم من يمرّ به(٢) أنّه صدقة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

٣٢ - باب أن الهدي إذا هلك أو ضاع فأقام بدله ثم وجد الأول تخير في ذبح ما شاء، إلّا أن يشعره أو يقلّده فيتعين

[ ١٨٨٢٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يشتري البدنة ثمّ تضلّ قبل أن يشعرها ويقلّدها فلا يجدها حتّى يأتي منى فينحر ويجد هديه؟ قال: أنّ لم يكن قد أشعرها فهي من ماله إن

____________________

٦ - التهذيب ٥: ٢١٨ / ٧٣٦.

(١) في المصدر: عمر.

(٢) في المصدر: ليعلم من مرّ به.

(٣) تقدم في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

الباب ٣٢

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٥: ٢١٩ / ٧٣٨، والاستبصار ٢: ٢٧١ / ٩٦٢.

١٤٣

شاء نحرها، وإن شاء باعها، وإن كان أشعرها نحرها.

[ ١٨٨٢٧ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن رجل اشترى كبشا فهلك(١) منه، قال: يشتري مكأنّه آخر، قلت: فإن كان(٢) اشترى مكأنّه آخر ثمّ وجد الأوّل ، قال: إن كانا جميعاً قائمين فليذبح الأوّل وليبع الاخير وأنّ شاء ذبحه، وأنّ كان قد ذبح الأَخير ذبح(٣) الأوّل معه.

وعنه، عن ابن مسكان، مثله(٤) .

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان(٥) .

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن مسكان(٦) .

أقول: حمله الشيخ على كونه قد أشعر الأوّل لما مرّ(٧) .

[ ١٨٨٢٨ ] ٣ - محمّد بن مسعود العياشي في ( تفسيره )، عن عبدالله بن فرقد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام )(٨) قال: الهدي من الإِبل والبقر

____________________

٢ - التهذيب ٥: ٢١٨ / ٧٣٧، وأورد صدره في الحديث ٤ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

(١) في نسخة: فضلّ منه ( هامش المخطوط ).

(٢) « كان » ليس في الفقيه والاستبصار ( هامش المخطوط ).

(٣) في الفقيه والكافي: فليذبح ( هامش المخطوط ).

(٤) الاستبصار ٢: ٢٧١ / ٩٦١.

(٥) الكافي ٤: ٤٩٤ / ٧.

(٦) الفقيه ٢: ٢٩٨ / ١٤٨٠.

(٧) مرّ في الحديث ١ من هذا الباب.

٣ - تفسير العياشي ١: ٨٨ / ٢٢٦.

(٨) في المصدر: أبي جعفر (عليه‌السلام )

١٤٤

والغنم، ولا يجب حتّى يعلق عليه - يعني إذا قلّده فقد وجب - وقال: ومَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: شاة.

٣٣ - باب أنّ من اشترى هدياً فذبحه ثمّ ادعاه آخر وأقام بيِّنَةً حكم له به فيأخذه، ولا يجزئ عن واحد منهما

[ ١٨٨٢٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد(١) ، عن علي بن حديد، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) في رجل اشترى هدياً فنحره فمرّ بها(٢) رجل فعرفه، فقال: هذه بدنتي ضلت منّي بالأَمس، وشهد له رجلأَنّ بذلك، فقال: له لحمها، ولا يجزئ عن واحد منهما، ثمّ قال: ولذلك جرت السنّة بإشعارها وتقليدها إذا عرفت.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) .

____________________

الباب ٣٣

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٤: ٤٩٥ / ٩.

(١) في الاستبصار: محمّد بن أحمد.

(٢) في المصدر: فمرّ به.

(٣) التهذيب ٥: ٢٢٠ / ٧٤٠، والاستبصار ٢: ٢٧٢ / ٩٦٤.

١٤٥

٣٤ - باب أنّ الهدي إذا نتج وجب ذبحهما أو نحرهما و أنّه يجوز ركوبه والحمل عليه وشرب لبنه مع الحاجة، ما لم يضرّ به أو بولده

[ ١٨٨٣٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في رجل ساق بدنة فنتجت، قال: ينحرها وينحر ولدها، وإن كان الهدي مضموناً فهلك اشترى مكأنّها ومكان ولدها.

[ ١٨٨٣١ ] ٢ - وبإسناده عن حماد، عن حريز أنّ أبا عبدالله (عليه‌السلام ) قال: كان علي (عليه‌السلام ) إذا ساق البدنة ومرّ على المشاة حملهم على بدنه(١) ، وإن ضلّت راحلة رجل ومعه بدنة ركبها غير مضرّ ولا مثقل.

[ ١٨٨٣٢ ] ٣ - وبإسناده عن يعقوب بن شعيب أنّه سأل أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يركب هديه إن احتاج إليه؟ فقال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : يركبها غير مجهد ولا متعب.

[ ١٨٨٣٣ ] ٤ - وبإسناده عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: كان عليّ (عليه‌السلام ) يحلب البدنة ويحمل عليها غير مضرّ.

____________________

الباب ٣٤

فيه ٨ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ٢٩٧ / ١٤٧٤.

٢ - الفقيه ٢: ٣٠٠ / ١٤٩٠.

(١) في المصدر: البدنة.

٣ - الفقيه ٢: ٣٠٠ / ١٤٩١.

٤ - الفقيه ٢: ٣٠٠ / ١٤٩٢.

١٤٦

[ ١٨٨٣٤ ] ٥ - وبإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إلَى أَجَلٍ مُسَمّى ) (١) قال: أنّ احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أنّ يعنف عليها، وإن كان لها لبن حلبها حلاباً لا ينهكها.

محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) مثله(٢) .

[ ١٨٨٣٥ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: أنّ نتجت بدنتك فاحلبها ما لا يضر(٣) بولدها ثمّ انحرهما جميعاً، قلت: أشرب من لبنها وأسقي؟ قال: نعم، وقال: إن عليّاً (عليه‌السلام )(٤) كان إذا رأى ناساً يمشون قد جهدهم المشي حملهم على بُدنِه، وقال: إن ضلتّ راحلة الرجل أو هلكت ومعه هدي فليركب على هديه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) ، وكذا الذي قبله.

[ ١٨٨٣٦ ] ٧ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن

____________________

٥ - الفقيه ٢: ٣٠٠ / ١٤٩٣، والتهذيب ٥: ٢٢٠ / ٧٤٢.

(١) الحجّ ٢٢: ٣٣.

(٢) الكافي ٤: ٤٩٢ / ١.

٦ - الكافي ٤: ٤٩٣ / ٢.

(٣) في نسخة: ما لم يضر ( هامش المخطوط ).

(٤) في المصدر: أن علياً أمير المؤمنين (عليه‌السلام )

(٥) التهذيب ٥: ٢٢٠ / ٧٤١.

٧ - الكافي ٤: ٤٩٣ / ٣.

١٤٧

العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن البدنة تنتج أيحلبها(١) ؟ قال: احلبها حلباً غير مضرّ بالولد، ثمّ انحرهما جميعاً، قلت: يشرب من لبنها؟ قال: نعم ويسقي إن شاء.

[ ١٨٨٣٧ ] ٨ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد (عليه‌السلام ) أنّه سُئل ما بال البدنة تقلّد النعل وتشعر؟ فقال: أما النعل فيعرف(٢) أنّها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله، وأما الإِشعار فإنّه يحرّم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها، فلا يستطيع الشيطأنّ أنّ يتسنّمها.

ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم(٣) .

أقول: هذا محمول على الإِضرار بها أو الكراهة.

٣٥ - باب استحباب نحر الإِبل قائمة معقولة عن يمينها ويطعن في لبتها

[ ١٨٨٣٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأَشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) (٤)

____________________

(١) في المصدر: أنحلبها.

٨ - التهذيب ٥: ٢٣٨ / ٨٠٤، وأورده في الحديث ٢٢ من الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج.

(٢) في المصدر: فتعرف.

(٣) علل الشرائع: ٤٣٤ / ١.

الباب ٣٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٤٩٧ / ١ والتهذيب ٥: ٢٢٠ / ٧٤٣.

(٤) الحج ٢٢: ٣٦.

١٤٨

قال: ذلك حين تصفّ للنحر يربط(١) يديها ما بين الخفّ إلى الركبة، ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأَرض.

ورواه الصدوق بإسناده عن عبدالله بن سنان مثله(٢) .

[ ١٨٨٣٩ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) كيف تنحر البدنة؟ فقال: تنحر وهي قائمة من قبل اليمين.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبي الصباح الكناني مثله(٣) .

[ ١٨٨٤٠ ] ٣ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي، عن أبي خديجة قال: رأيت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) وهو ينحر بدنتة معقولة يدها اليسرى، ثمّ يقوم به(٤) من جانب يدها اليمنى ويقول: « بسم الله والله أكبر، اللّهمّ هذا منك ولك، اللّهم تقبّله منّي » ثمّ يطعن في لبّتها ثمّ يخرج السكين بيده، فاذا وجبت قطّع موضع الذبح بيده.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) ، وكذا كل ما قبله.

[ ١٨٨٤١ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن

____________________

(١) في المصدر: تُربط.

(٢) الفقيه ٢: ٢٩٩ / ١٤٨٧.

٢ - الكافي ٤: ٤٩٧ / ٢، والتهذيب ٥: ٢٢١ / ٧٤٤.

(٣) الفقيه ٢: ٢٩٩ / ١٤٨٨.

٣ - الكافي ٤: ٤٩٨ / ٨.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) التهذيب ٥: ٢٢١ / ٧٤٥.

٤ - الكافي ٤: ٤٩٧ / ٣، وأورده عن الفقيه في الحديث ٢ من الباب ٣٨ من هذه الأبواب.

١٤٩

معاوية بن عمار قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : النحر في اللبّة والذبح في الحلق.

ورواه الصدوق بإسناده عن معاوية بن عمّار مثله(١) .

[ ١٨٨٤٢ ] ٥ - عبدالله بن جعفر الحميريّ في ( قرب الإِسناد )، عن عبدالله ابن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن البدنة كيف ينحرها قائمة أو باركة؟ قال: يعقلها وأنّ شاء قائمة وأنّ شاء باركة.

٣٦ - باب استحباب تولّي الذبح بنفسه حتّى المرأة، وجعل يد الصبي مع يد الذابح، واستحباب تعدد الهدي وكثرته، وجواز ذبح هدي الغير بإذنه

[ ١٨٨٤٣ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: لا يذبح لك اليهودي ولا النصرانيّ أُضحيتك، فأنّ كانت امرأة فلتذبح لنفسها ولتستقبل القبلة، وتقول: وجّهت وجهي للذي فطر السموات والأَرض حنيفاً مسلماً(٢) ، اللّهم منك ولك.

محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: لا يذبح لك وذكر مثله(٣) .

____________________

(١) الفقيه ٢: ٢٩٩ / ١٤٨٤.

٥ - قرب الإِسناد: ١٠٤.

وتقدّم ما يدل عليه في الأَحاديث ١ و ١٤ و ١٨ من الباب ١٢ من أبواب أقسام الحج.

ويأتي ما يدل عليه في الحديثين ١٢ و ٢٠ من الباب ٤٠ من هذه الأبواب.

الباب ٣٦

فيه ٦ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ٢٩٩ / ١٤٨٦.

(٢) « مسلماً » ليس في الكافي ( هامش المخطوط ).

(٣) الكافي ٤: ٤٩٧ / ٤.

١٥٠

[ ١٨٨٤٤ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وكان علي بن الحسين (عليه‌السلام ) يضع(١) السكين في يد الصبي، ثمّ يقبض على يديه الرجل(٢) فيذبح.

[ ١٨٨٤٥ ] ٣ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: نحر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بيده ثلاثا وستين، ونحر علي (عليه‌السلام ) ما غبر، قلت: سبعا وثلاثين؟ قال: نعم.

[ ١٨٨٤٦ ] ٤ - أحمد بن أبي عبدالله البرقي في ( المحاسن ) عن أبيه، عن القاسم بن إسحاق، عن عباد الرواجني، عن جعفر بن سعيد(٣) ، عن بشر بن زيد(٤) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لفاطمة: (عليها‌السلام ) :اشهدي ذبح ذبيحتك، فأن أوّل قطّرة منها يغفر الله بها(٥) كل ذنب عليك وكل خطيئة عليكِ - إلى أنّ قال: - وهذا للمسلمين عامة(٦) .

[ ١٨٨٤٧ ] ٥ - وعنه، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام )

____________________

٢ - الكافي ٤: ٤٩٧ / ٥، وأورده عن الفقيه مرسلاً في الحديث ٤ من الباب ١٧ من أبواب أقسام الحج.

(١) في المصدر: يجعل.

(٢) في نسخة: على يدي الصبي ( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ٤: ٢٥٠ / ٨.

٤ - المحاسن: ٦٧ / ١٢٧.

(٣) في المصدر: حفص بن سعيد.

(٤) في المصدر: بشير بن زيد.

(٥) في المصدر: يكفر الله بها.

(٦) في المصدر: وهذا للناس عامة.

٥ - المحاسن: ٦٧.

١٥١

قال: كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) يجعل السكين في يد الصبي ثمّ يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح.

[ ١٨٨٤٨ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين قال: كان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ساق معه مائة بدنة فجعل لعليّ (عليه‌السلام ) منها أربعاً وثلاثين، ولنفسه ستّاً وستّين، ونحرها كلّها بيده - إلى أن قال - وكان علي (عليه‌السلام ) يفتخر على الصحابة، فقال:(١) من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) هديه(٢) بيده.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على جواز الذبح عن الغير في الإِفاضة عن المشعر قبل الفجر(٣) .

٣٧ - باب وجوب التسمية واستقبال القبلة عند ذبح الهدي ونحره، واستحباب الدعاء بالمأثور

[ ١٨٨٤٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة وانحره أو اذبحه، وقل: « وجّهت وجهي للذي فطر السموات والأَرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا

____________________

٦ - الفقيه ٢: ١٥٣ / ٦٦٥، وأورد صدره في الحديث ٦ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر: ويقول: من فيكم مثلي وأنا شريك رسول الله صلّى الله عليه وآله في هديه.

(٢) في المصدر: هديي.

(٣) تقدّم في الأَحاديث ٣ و ٤ و ٦ و ٧ من الباب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر، وفي الحديث ٧ من الباب ١٠ من هذه الأبواب. ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ٢ من الباب ٣٧ من هذه الأبواب.

الباب ٣٧

فيه حديثان

١ - الفقيه ٢: ٢٩٩ / ١٤٨٩.

١٥٢

شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين، اللّهمّ منك ولك، بسم الله وبالله(١) والله اكبر، اللّهم تقبّل منّي » ثمّ أمرّ السكين ولا تنخعها حتّى تموت.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، وابن أبي عمير قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) وذكر مثله(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ١٨٨٥٠ ] ٢ - قال الصدوق: وكان علي (عليه‌السلام )(٤) يضحّي عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) كل سنّة بكبش فيذبحه ويقول: « بسم الله، وجّهت وجهي للّذي فطر السموات والارض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، أنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، اللّهمّ منك ولك، اللّهمّ هذا عن نبيّك » ويذبح(٥) كبشاً آخر عن نفسه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ علي ذلك(٦) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٧) .

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الكافي ٤: ٤٩٨ / ٦.

(٣) التهذيب ٥: ٢٢١ / ٧٤٦.

٢ - الفقيه ٢: ٢٩٣ / ١٤٤٨، وأورده في الحديث ٧ من الباب ٦٠ من هذه الأبواب.

(٤) في المصدر: وكان أمير المؤمنين (عليه‌السلام )

(٥) في المصدر: ثمّ يقول: « اللّهم إن هذا عن نبيك » ثمّ يذبحه ويذبح.

(٦) تقدم في الحديثين ١ و ٣ من الباب ٣٥ وفي الحديث ١ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب، وما يدلّ على استحباب الصلاة على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عند الذبح في الباب ٦٤ من أبواب أحكام العشرة، وعلى استحباب الطهارة عند الذبح في الحديث ١ من الباب ٣٨ من أبواب الطواف، وفي الأَحاديث ١ و ٦ و ٨ من الباب ١٥ من أبواب السعي.

(٧) يأتي في البابين ١٤ و ١٥ من أبواب الذبائح، وما يدلّ على بعض المقصود في الحديث ١ من الباب ٣٨ وفي الحديث ١٢ من الباب ٦٠ من هذه الأبواب.

١٥٣

٣٨ - باب أنّ من نسى التسمية عند الذبح لم تحرم ذبيحته، واستحب التسمية عند الأكل، ووجوب نحر الإِبل وذبح غيرها

[ ١٨٨٥١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: إذا ذبح لكم(١) المسلم ولم يسمّ ونسي، فكل من ذبيحته وسمّ الله على ما تأكل.

[ ١٨٨٥٢ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: النحر في اللبة، والذبح في الحلق.

[ ١٨٨٥٣ ] ٣ - قال: وقال الصادق (عليه‌السلام ) : كلّ منحور مذبوح حرام، وكلّ مذبوح منحور حرام.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في محلّه إن شاء الله تعالى(٢) .

____________________

الباب ٣٨

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٥: ٢٢٢ / ٧٤٧.

(١) ليس في المصدر.

٢ - الفقيه ٢: ٢٩٩ / ١٤٨٤، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٣٥ من هذه الأبواب.

٣ - الفقيه ٢: ٢٩٩ / ١٤٨٥.

(٢) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الأَحاديث ٢ و ٣ و ٤ من الباب ١٥ من أبواب الذبائح.

١٥٤

٣٩ - باب وجوب الابتداء بالرمي ثم بالذبح ثم الحلق، فإن خالف ناسياً أو جاهلاً أو عامداً أجزأه

[ ١٨٨٥٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير(١) ، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا رميت الجمرة فاشتر هديك الحديث.

[ ١٨٨٨٥ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن النعمان، عن سعيد الأَعرج - في حديث - أنّه سأل أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن النساء؟ قال: تقف بهنّ بجمع ثمّ أفض بهنّ حتّى تأتي(٢) الجمرة العظمى فيرمين الجمرة، فأنّ لم يكن عليهنّ ذبح فليأخذن من شعورهنّ ويقصرن من أظفارهنّ.

[ ١٨٨٥٦ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن جميل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق، وفي العقيقة بالحلق قبل الذبح.

[ ١٨٨٥٧ ] ٤ - وعن على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن

____________________

الباب ٣٩

فيه ١١ حديثاً

١ - الكافي ٤: ٤٩١ / ١٤، ولم نعثر عليه في التهذيب المطبوع، وأورده بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٨ من هذه الأبواب بالطريقين.

(١) اضاف في المصدر ما يلي: ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذأنّ عن ابن ابي عمير وصفوان بن يحيى.

٢ - الكافي ٤: ٤٧٤ / ٧، والتهذيب ٥: ١٩٥ / ٦٤٧، وأورده بتمامه في الحديث ٢ من الباب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر، وقطّعة منه في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب رمي جمرة العقبة، وفي الحديث ١ من الباب ٨ من أبواب الحلق والتقصير.

(٢) في الكافي: تأتي بهنّ.

٣ - الكافي ٤: ٤٩٨ / ٧، والتهذيب ٥: ٢٢٢ / ٧٤٩.

٤ - الكافي ٤: ٥٠٤ / ١.

١٥٥

جميل بن دراج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يزور البيت قبل أنّ يحلق؟ قال: لا ينبغي إلّا أن يكون ناسياً، ثمّ قال: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أتاه أُناس يوم النحر فقال بعضهم: يا رسول الله إنّي حلقت(١) قبل أنّ أذبح، وقال بعضهم: حلقت قبل أنّ أرمي، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي(٢) أن يؤخروه إلّا قدّموه، فقال: لا حرج.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٣) .

وبإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) ، وكذا كلّ ما قبله.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير مثله، إلّا أنّه قال: فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي لهم أن يقدّموه إلّا أخّروه، ولا شيئاً كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلّا قدّموه، فقال: لا حرج(٥) .

[ ١٨٨٥٨ ] ٥ - وعن أبي علي الأَشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في رجل نسي أن يذبح بمنى حتّى زار البيت فاشترى بمكّة ثمّ ذبح، قال: لا بأس قد أجزأ عنه.

ورواه الصدوق بإسناده عن معاوية بن عمّار مثله(٦) .

[ ١٨٨٥٩ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن

____________________

(١) في نسخة: إنّي قد حلقت ( هامش المخطوط ).

(٢) في المصدر: ينبغي لهم.

(٣) التهذيب ٥: ٢٣٦ / ٧٩٧، والاستبصار ٢: ٢٨٥ / ١٠٠٩.

(٤) التهذيب ٥: ٢٢٢ / ٧٥٠.

(٥) الفقيه ٢: ٣٠١ / ١٤٩٦.

٥ - الكافي ٤: ٥٠٥ / ٤.

(٦) الفقيه ٢: ٣٠١ / ١٤٩٧.

٦ - الكافي ٤: ٥٠٤ / ٢.

١٥٦

محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأَبي جعفر الثاني (عليه‌السلام ) : جعلت فداك إنّ رجلاً من أصحابنا رمى الجمرة يوم النحر، وحلق قبل أنّ يذبح، فقال: إنّ رسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ( لما كان يوم النحر )(١) أتاه طوائف من المسلمين فقالوا: يا رسول الله ذبحنا من قبل أنّ نرمي، وحلقنا من قبل أنّ نذبح، فلم يبق شيء ممّا ينبغي(٢) أن يقدّموه إلّا أخّروه، ولا شيء ممّا ينبغي(٣) أنّ يؤخروه إلّا قدّموه، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ): لا حرج، لا حرج(٤) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٥) .

أقول: حمله الشيخ على النسيان، لما مرّ(٦) .

[ ١٨٨٦٠ ] ٧ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها(٧) في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محله، فأنّ أحببت أنّ تحلق فاحلق.

ورواه الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي ابن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عليه‌السلام ) قال: إذا اشتريت أضحيتك ووزنت ثمنها وصارت في رحلك وذكر مثله(٨) .

ورواه الصدوق بإسناده عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله( عليه

____________________

(١) ليس في التهذيب ولا الاستبصار ( هامش المخطوط ).

(٢ و ٣) في المصدر: ينبغي لهم.

(٤) « لا حرج » الثانية ليس في التهذيب ولا الاستبصار ( هامش المخطوط ).

(٥) اتهذيب ٥: ٢٣٦ / ٧٩٦، والاستبصار ٢: ٢٨٤ / ١٠٠٨.

(٦) مرّ في الحديث ٤ من هذا الباب.

٧ - التهذيب ٥: ٢٣٥ / ٧٩٤، والاستبصار ٢: ٢٨٤ / ١٠٠٧.

(٧) في الاستبصار زيادة: وصارت ( هامش المخطوط ) وكذلك التهذيب.

(٨) الكافي ٤: ٥٠٢ / ٤.

١٥٧

السلام) قال: إذا اشترى الرجل هديه وقمطه في بيته، فقد بلغ محلّه، فإن شاء فليحلق(١) .

أقول: هذا محمول على الحلق بعد الذبح، وقد عمل بعض الأَصحاب بظاهره(٢) ، ويأتي في الحلق حديث بمعناه(٣) ، وما قلناه أحوط.

[ ١٨٨٦١ ] ٨ - وبإسناده عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار الساباطي - في حديث - قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن رجل حلق قبل أنّ يذبح؟ قال: يذبح ويعيد الموسى، لأَنّ الله تعالى يقول:( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٤) .

[ ١٨٨٦٢ ] ٩ - وبإسناده عن موسى بن القاسم، عن علي قال: لا يحلق رأسه ولا يزور حتّى يضحّي، فيحلق رأسه ويزور متى ما شاء(٥) .

[ ١٨٨٦٣ ] ١٠ - وعنه، عن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام )(٦) قال: سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحّي؟ قال: لا بأس وليس عليه شيء ولا يعودنّ.

[ ١٨٨٦٤ ] ١١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن معاوية بن عمّار،

____________________

(١) الفقيه ٢: ٣٠٠ / ١٤٩٤.

(٢) راجع منتهى المطلب ٢: ٧٥٤.

(٣) يأتي في الحديث ٢ من الباب ٣ من أبواب الحلق والتقصير.

٨ - التهذيب ٥: ٤٨٥ / ١٧٣٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١١، وصدره في الحديث ٤ من الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير.

(٤) البقرة ٢: ١٩٦.

٩ - التهذيب ٥: ٢٣٦ / ٧٩٥، والاستبصار ٢: ٢٨٤ / ١٠٠٦.

(٥) في نسخة: متى ما شاء ( هامش المخطوط ).

١٠ - التهذيب ٥: ٢٣٧ / ٧٩٨، والاستبصار ٢: ٢٨٥ / ١٠١٠.

(٦) « عن ابي عبدالله (عليه‌السلام ) » ليس في الاستبصار ( هامش المخطوط ).

١١ - الفقيه ٢: ٣٠١ / ١٤٩٧.

١٥٨

عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل نسي أنّ يذبح بمنى حتّى زار البيت، فاشترى بمكّة ثمّ نحرها، قال: لا بأس قد أجزأ عنه.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه هنا، وفي الحلق(٣) .

٤٠ - باب حكم أكل الإِنسان وإطعامه وإهدائه من هديه المندوب الواجب

[ ١٨٨٦٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن النخعي، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم، كما قال الله:( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعَترَّ ) (٣) فقال: القانع: الذي يقنع بما أعطيته، والمعترّ: الذي يعتريك، والسائل: الذي يسألك في يديه، والبائس: الفقير.

[ ١٨٨٦٦ ] ٢ - وعنه، عن صفوان وابن أبي عمير، وجميل بن دراج وحمّاد ابن عيسى وجماعة ممّن روينا عنه من أصحابنا، عن أبي جعفر وأبي عبدالله

____________________

(١) تقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في الأَحاديث ٤ و ٢٠ و ٢١ و ٣٠ و ٣٥ من الباب ٢ من أبواب أقسام الحج، وفي الحديث ٢ من الباب ٣ من أبواب الإِحصار والصد، وفي الأَحاديث ٢ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧ من الباب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر، وفي الحديث ٤ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ١ من الباب ١ وفي الباب ٢ من أبواب الحلق والتقصير.

الباب ٤٠

فيه ٢٨ حديثاً

١ - التهذيب ٥: ٢٢٣ / ٧٥١.

(٣) الحج ٢٢: ٣٦.

٢ - التهذيب ٥: ٢٢٣ / ٧٥٢.

١٥٩

( عليهما‌السلام ) أنّهما قالا: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أمرّ أن يؤخذ من كلّ بدنة بضعة، فأمرّ بها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فطبخت فأكل هو وعلي وحسوا من المرق، وقد كان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أشركه في هديه.

أقول: وتقدّم رواية هذا المعنى في كيفيّة الحج(١) .

[ ١٨٨٦٧ ] ٣ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن سيف التمار قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : أنّ سعيد بن عبد الملك(٢) قدم حاجاً فلقي أبي فقال: إنّي سقت هدياً فكيف أصنع؟ فقال له أبي: أطعم أهلك ثلثاً، وأطعم القانع والمعتر ثلثاً، وأطعم المساكين ثلثاً، فقلت: المساكين هم السُؤّال؟ فقال: نعم، وقال: القانع: الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، والمعتر: ينبغي له أكثر من ذلك، هو أغنى من القانع يعتريك فلا يسألك.

ورواه الصدوق في ( معاني الأَخبار ) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن عباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن سيف التمار مثله(٣) .

[ ١٨٨٦٨ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي، عن العباس ابن عامر، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته عن الهدي ما يؤكل منه، ( أشيء يهديه في

____________________

(١) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

٣ - التهذيب ٥: ٢٢٣ / ٧٥٣.

(٢) في المصدر: سعد بن عبد الملك.

(٣) معاني الأَخبار: ٢٠٨ / ٢.

٤ - التهذيب ٥: ٢٢٤ / ٧٥٨، والاستبصار ٢: ٢٧٣ / ٩٦٧.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

نُقِلُوا إلى «الشاغور» ومنها إلى «باب الساعات» ومنها نَقَلوا الإمام السجّاد عليه السلام إلى المسجد الجامع ، وأعادُوهم إلى هذا المسجد(١) .

أقولُ : هذا ما وقفنا عليه حول رأس سيّدنا أبي الفَضْلِ العَبّاس الأكبر عليه السلام ممّا ورد في المصادر المعتمدة.

ثمّ إنّ من الوارد احتمال أن تكون الرؤوس المقدّسة ـ وفيها رأس سيّدنا أبي الفَضْلِ العَبّاس عليه السلام ـ قد نُقِلَتْ إلى كربلاء ، ودفِنَتْ مع الأجساد الطاهرة ، لأنّ رأس الإمام الحسين عليه السلام قد نُقِلَ إلى مرقده المقدّس ، وضمّ إلى جسده الشريف ، على أقوى الأقوال وأوفقها للأدلّة(٢) .

كما أنّ من البعيد أنْ يَتْرُكَ الإمامُ السجّاد عليه السلام تلك الرؤوس الشريفة في بلاد الأعداء ؛ بعدَ أنْ أُطْلِقَ له الرجوعُ إلى العراق ، كما هو الثابت في التاريخ! لكنْ لمْ نقفْ على ما يدلّ بوضوحٍ على نقل سائر الرؤوس.

رأس العَبّاس الأصغر :

ثمّ إنّ حديثاً أثبتَتْهُ المصادر القديمة ، وهو ما رَوَوْهُ عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة المُجاشعيّ ، وفيه : أُتي بالرؤوس ، إذا بفارسٍ قد علّق في لَبَب فَرسه رأسَ غلامٍ أَمْرَدَ كأنّهُ القَمَرُ في ليلة تَمِّهِ.

فقلتُ له : رأسُ مَن هذا؟ فقال : رأسُ العَبّاس بن عليّ.

__________________

(١) الأزهار الأرجيّة للشيخ فرج آل عمران وانظر : مزارات أهل البيت عليهم السلام للجلالي (ص ٢٢٦ ـ ٢٢٨).

(٢) وقد أثبتنا ذلك في بحث مستقل.

٢٢١

قلتُ ومَن أنتَ؟ قال : حرملةُ بن كاهل الأسديّ(١) .

وقد ذكرنا في موردٍ سابقٍ عند ذكر أولاد الإمام أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام : أنّ المُناسب لهذا الوصف أن يكون صاحب هذا الرأس هو العبّاس الأصغر ابن أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام الشهيد في الطفّ أيضاً.

مقام مدفن الكفّين الشريفتين :

لا ريب ـ كما عرفنا ـ في حدوث قطع الكفّين الشريفتين في كربلاء ، ولكن كون المعلمين ـ الموجودين فعلاً في كربلاء ـ هما موضع دفنهما فيهما ، أمرٌ لم يتحقّق عند أهل المعرفة بتاريخ البلد.

ومن المحتمل أن يكون الكفّان ملحقتين بالجسد الشريف ، كما هو الحكم الشرعيّ في إلحاق أجزاء الموتى بأجسادهم.

لكن وجود هذين النَصَبين في الموضعين هما من معالم الملحمة العبّاسيّة ، ومُذكّران بهذه الظُلامة الفريدة الّتي أعلنها الأئمّة عليهم السلام باعتبارها ميزةً من خصائص العَبّاس عليه السلام فلابُدّ من إشادتها ولورتها لتبقى في ذاكرة هذا البلد المقدّس ، كما هي خالدةْ في ذاكرة التاريخ.

قال المظفّر : وهذا شيءٌ توارثه الخلفُ عن السلف ، وتراثُ مجدٍ خلّفه الماضي للباقي ، بحيث أقاموا مَعلمَين مُعْلِمَيْنِ بموضع الكفّين الشريفتين يعرف كلّ منهما بكفّ العَبّاس اليُمنى ، ثمّ كفّ العَبّاس اليُسرى ، يقعان في شرقيّ الصحن العبّاسيّ الشريف.

__________________

(١) رواه الصدوق في عقاب الأعمال (ص ٢١٨) وقد نقلناه سابقاً عنه وعن غيره.

٢٢٢

كما أنّ الشهرة على التسالُم بين أهل البلد ، منذُ قديم الأمَد ، كما يقول الشيخ المظفّر أنّ هذه الآثار ليستْ من الحديثة ، ولا من الأشياء الّتي لم تبتنِ على أُسٍّ قديمٍ ، بل هي سائرةٌ مع بقيّة آثارهم وتعاهدتها يدُ العمران إن طرقها طول الزمان بالتضعضع أو أشرف بها على الانهيار ، فإذنْ هي صحيحةُ الإسناد العمليّ لا القوليّ ، إذْ كل جيلٍ يتبعُ الجيلَ السابقَ في احترامها وتعاهدها بالعمارة ؛ حتّى تتّصل بأوّل الأجيال الّتي أُشيدتْ بها مشاهدهم وقبابهم ، وهذا ما يُسمّيه الناسُ بِالسيرة العمليّة ، ويحتجّ بها الفقهاءُ على إثبات الأحكام الشرعيّة.

وانتهى الشيخ المظفّر إلى التصريح بالقول : فأنا من هذه الناحية على ثقة ويقين(١) .

فلا يُعبأ بما يُثيره أهل الريب من نفي ذلك.

وموضع اليُمنى : في مطلع (باب الرضا عليه السلام) المعروف بباب العلقميّ وهو يقع في الجهة الشرقيّة نحو شمالها ، في بداية الشارع المسمّى بالعلقمي ، في زقاقٍ على الأيسر ، وعلى يسار الداخل إليه(٢) .

وموضع اليُسرى : مواجهٌ لمطلع باب (أمير المؤمنين عليه السلام) في بداية مدخل سوق باب الخان(٣) .

__________________

(١) بطل العلقمي.

(٢) اقرأ عنه وصفاً كاملاً في : المراقد والمقامات في كربلاء ، للحاج عَبْد الأمير القريشي ص ١٧٠ ـ وانظر بطل العلقمي (٣).

(٣) اقرأ عنه تفصيلاً في : المراقد والمقامات للقريشي (ص ٢ ـ ٧٤) وانظر بطل العلقمي ج ٣.

٢٢٣

أمّا مدفن الرِجْلينِ الشريفتين :

فلمْ يعرفْ عنه شيءٌ ، ولم يُذكرْ في موردٍ ولا مصدرٍ!.

وتلكَ مظلمةٌ أخْرى ممّا اختصّ بها العبّاسُ عليه السلام بين شهداء كربلاء.

ونَقَلَ الرواةُ عن السيّد الفقيه المهديّ بحر العلوم : أنّه زارَ المَرقَدَ الشريفَ للعبّاس ؛ فلاحظَ قِصَرَ محلّ الدفن ، فتعجّبَ هُو والحاضرون! لأنّ ذلك لا يُناسِبُ المعروفَ من كون العبّاس عليه السلام «رجُلاً طوالاً ، يركَبُ الفَرَسَ المُطَهَّمَ(١) ورِجْلاهُ تَخُطّانِ الأرْضَ»(٢) .

فذكر السيّد بحرُ العلوم مظلمةَ قَطعِ رِجْلَيهِ(٣) .

وهذه الرواية ، كما تؤكّد المظلمةَ ، قد تُشيرُ إلى عدمِ دفنِ الرِجلينِ معَ الجسدِ الشريف.

__________________

(١) المطهّم : السمين الفاحش الشمن ، وـ المنتفخ الوجه ، وـ التامّ من كلّ شيء ، المعجم الوسيط (طهم) ص ٥٦٩ ، والمراد هنا : الفرس الضخم المرتفع.

(٢) كما قال أبو الفرج الأصفهانيّ في مقاتل الطالبيين (ص ٩٠).

(٣) شرح الأخبار ، (٣ / ١٩١ ـ ١٩٣).

٢٢٤

العبّاس ورثاءه وندبته عليه السلام

أوّلُ مَنْ رثاهُ هُو الحسينُ عليه السلام :

ولمّا قُتِلَ العَبّاس عليه السلام قال الحسين عليه السلام : «الآن انكَسَرَ ظَهْري ، وقَلَّتْ حِيْلَتي »(١) .

ورثاء الأئمّة عليهم السلام :

ففي حديث مواراة الإمام السجّاد زين العابدين عليه السلام للأجساد الشريفة : مشى الإمام السجّاد عليه السلام إلى عمّه العَبّاس عليه السلام فوقع عليه يلثم نحره المقدّس ، قائلاً :

على الدنيا بعدك العَفا ، يا قمر بني هاشم ، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ، ورحمة الله وبركاته(٢) .

وفي الزيارة الصادرة من الناحية المقدّسة : «السلامُ على أبي الفَضْلِ العَبّاس ابن أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ ، المواسي أخاه بنفسه ، الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له ، الواقي الساعي إليه بمائه ، المقطوعة يداه ، لعن الله قاتليه ك زيد بن رقاد الجهني ، وحُكيم بن الطفيل الطائي»(٣) .

_________________

(١) مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي (٢ / ٣٠) والبحار (٤٥ / ٤٢).

(٢) كامل الزيارات (ص ٣٢٥) مقتل الحسين للمقرّم (٤١٢ ـ ٤١٨).

(٣) الإقبال لابن طاوس (ص ٥٧٣) ومصباح الزائر (ص ٢٧٨).

٢٢٥

رِثاءُ أُمّ البنين عليها السلام للعبّاس وأبنائها الطّاهرين :

في الحديث : «وكانت أُمّ البنين أُمّ هؤلاء الأربعة الإخوة القتلى ، تخرجُ غلى البقيع ، فتندُبُ بَنِيها أشجى نُدبة وأحرقها ، فيجتمعُ النّاسُ إليها يسمعون مِنها ، فكان مروانُ يجيء في من يجيء لِذلك ، فلا يزالُ يسمعُ نُدبَتها ويَبكي!».

ذكر ذلك عليّ بن محمّد بن حمزة ، عن النَوفَلِيّ ، عن حمّاد بن عيسى الجُهَنيّ ، عن معاوية بن عمّار ، عن جعفر بن محمّد(١) .

وقالوا : كانت أُمُّ جعفر الكلابيّةُ تندُبُ الحُسينَ وتبكيه ، وقد كُفَّ بصرُها ، فكان مروانُ ـ وهو والي المدينة ـ يجيءُ مُتَنَكِّراً بِاللّيل حتّى يقف ، فيسمعُ بُكاءَها وندبها(٢) .

قال السماويّ : وأنا أسترقّ جدّاً من رثاء أُمّه فاطمة ؛ أُمّ البنين ، الّذي أنشده أبو الحسن الأخفش في (شرح الكامل) وقد كانتْ تخرجُ إلى البقيع كلّ يومٍ ترثيه ، وتحملُ وَلَدَهُ عُبَيْد الله ، فيجتمعُ لِسماعِ رِثائِها أهلُ المدينة وفيهم مروانُ بنُ الحَكَم ، فيبكون لِشجيّ النُدبة ، ومنه قولُها (رضي الله عنها) :

يا مَنْ رأى العبّاسَ كَرْ

رَ على جَماهيرِ النَقَدْ

ووراهُ مِنْ أبناءِ حَيـ

ـدَرَ كُلُّ ليثٍ ذِي لَبَدْ

أُنبئتُ أنّ ابْني أُصِيْـ

ـبَ بِرأسهِ مقطوعَ يَدْ

وَيْلِي لى شِبْلِي أما

لَ بِرأسِهِ ضَرْبُ العَمَدْ

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٩٠) وعنه : المجلسي ، البحار (٤٥ / ٤٠) والبحراني ، العوالم (١٧ / ٢٨٣) والمظفّر بطل العلقمي ، (٣ / ٤٣١).

(٢) الشّجري ، الأمالي الخميسيّة (١ / ١٧٥).

٢٢٦

لَوْ كانَ سيفُكَ في يَدَيْـ

ـكَ لَمَا دَنَا مِنْهُ أَحَدْ

وقولها :

لا تَدْعُوَنّي وَيْكِ أُمَّ البَنِينْ

تُذَكِّرِينِيْ بِلُيُوثِ العَرِيْنْ

كانَتْ بنونٌ لِيَ أُدعى بِهِمْ

واليومَ أصبحتُ ولا من بنينْ

أربعةٌ مثلُ نُسُورِ الرّبى

قد وَاصَلُوا الموتَ بِقَطعِ الوَتِينْ

تنازع الخرصانُ أشلاءَهُمْ

فكلّهمْ أَمسى صَرِيعاً طَعِيْنْ

يا ليتَ شِعْري أَكَما أَخبرُوا

بِأنّ عبّاساً قطيعُ اليَمِينْ(١)

وقال السيّد الأمينُ عن أمّ البنين : كانتْ شاعرةً فصيحةً ، وكانتْ تخرجُ كلّ يومٍ إلى البقيع ومعها عُبَيْد الله ولد ولدها العبّاس ، فتندُبُ أولادها الأربعة ، خصوصاً العبّاس ، أشجى نُدبة وأحرقها ، فيجتمع النّاس ، يسمعوون بكاءها وندبتها ، فكان مروانُ بن الحكم ، على شدّة عدواته لبني هاشمٍ ، يجيءُ في من يجيء ، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي.

فمن قولها في رثاء ولدها العبّاس ما أنشده أو الحسن الأخفشُ في (شرح كامل المبرّد).

وأورد الأبيات الداليّة ، ثمّ قال : وزاد البيت حُسناً أنّ «العبّاس» من أسماء «الأسد».

ثمّ أورد الأبيات النونيّة(٢) .

__________________

(١) السّماوي إبصار العين (ص ٣١ ـ ٣٢) وانظر عنه : المظفّر ، بطل العلقمي (٣ / ٤٣١ ـ ٤٣٢).

(٢) الأمين ، أعيان الشّيعة (٨ / ٣٨٩) و(٤ / ١٣٠).

٢٢٧

مراثٍ أخرى :

ويقول (١) الفضل (٢) بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ عليه السلام في رثاء جدّه العبّاس عليه السلام :

أحقّ الناسِ أنْ يُبكى عليهِ

فتىً(٣) أبكى الحسينَ بِكربلاءِ

أخوهُ وابنُ والدِهِ عليٍّ

أبُو الفضلِ المُضرّجُ بِالدّماءِ

ومَنْ واساهُ لا يَثنيه شيءٌ

وجاءَ لَهُ على عَطَشٍ بِماءِ(٤)

ويقول الكُميتُ بنُ زيد :

وأبُو الفضلِ إنّ ذِكْرَهُمُ الحُلْـ

ـوَ شِفاءُ النُفُوسِ من أسقامِ(٥)

قُتِلَ الأدْعِياءُ إذْ قَتَلُوْهُ

أَكْرَمَ الشارِبِيْنَ صَوْبَ الغَمامِ(٦)

__________________

(١) ذكر ذلك في تاريخ بغداد (١٢ / ١٣٦) وأدب ألطّفّ (١ / ٣ / ٢٢٣) ومقاتل الطالبيين (ص ٨٩) فهم مؤيّدون نسبتها إلى الشاعر المذكور. أمّا في كتاب (روض الجنان) للمؤرّخ الهنديّ «أشرف عليّ» ص ٣٢٥ : نسب هذه الأبيات إلى فضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ ين أبي طالب ، وكذلك في كتاب (عيون الأخبار وفنون الآثار ص ١٠١ وفيه : الفضل ابن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله ...) والحقّ مع الموافقين للمؤلّف.

(٢) وهو شاعر معاصر للمتوكّل (مات سنة ٢٤٧ هـ) وقد ذكر في أعيان الشيعة (٤٢ / ٢٨٢) أنّ أُمّه جعفريّة ، وأبوه محمّد بن الفضل كان من الشعراء المعاصرين للمأمون العباسيّ. عن معجم الشعراء للمرزباني (ص ١٨٤).

(٣) كذا ذكر أرباب المقاتل وراجع (معجم الشّعراء للمرزباني ، ص ١٨٤).

(٤) القاضي النعمان ، شرح الأخبار (٣ / ١٩٣). وأورده أبو الفرج ، مقاتل الطّالبييّن (ص ٩٠) بقوله «يقول الشاعر» من دون نسبة ، ولا حظ الغدير (٣ / ٥) للأميني ، وفقد نقله عن العمريّ صاحب (المجديّ) وعيون الأخبار في فنون الآثار : (ص ١٠١).

(٥) كذا في ديوان الكميت ، ونقل : «شِفاءُ النفوسِ والأسقامِ». فليلاحظ.

(٦) ديوان الكميت (ص ٥٠٦) ، أبو الفرج ، مقاتل الطالبييّن (ص ٩٠).

٢٢٨

عاقبة القتلة وعقوبتهم الدنيوية :

وكان حكيمُ بن طُفيل الطائيّ السنْبِسيّ سَلَبَ العبّاسَ بن عليّ ثيابَهُ ورمى الحسينَ بسهمٍ ، فكان يقول : تعلّقَ سهمي بِسِربالِهِ وما ضَرَّهُ.

فبعثَ المختارُ إليه عَبْد الله بن كامل ، فأخذه ، فاستغاث أهلُه بِعَديّ بن حاتم ، فكلّم فيه ابن كامل ؛ فقال : أمرُهُ إلى الأمير المُختار ؛ وبادَرَ بهِ إلى المُختار قبل شفاعة ابن حاتم له إلى المُختار ؛ فأمر به المُختارُ فعُرّيَ ورُميَ بِالسهام حتّى مات.

وكان زيدُ بن رقاد الجَنْبيّ يقول : رميتُ فتىً من آل الحسين ويدُهُ على جبهته فأثْبَتُّها في جبهته.

وكان ذاك الفتى عَبْد الله بن مُسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وكانَ رَماهُ بِسهمٍ فَلَقَ قلبَهُ ، فكان يقول : نزَعْتُ سهمي من قلبه وهو ميّتٌ ، ولم أزلْ أُنَضْنِضُ سهمي الّذي رميتُ بهِ جبهتَه فِيها حتّى انتزعتُهُ وبقيَ النَضْل!.

فبعثَ إليه المُختارُ ابنَ كامل في جماعةٍ ، فأحاطَ بِدارِهِ ؛ فخَرَجَ مُصلِتاً سيفَهُ فقاتلَ ، فقال ابن كامل : لا تضربُوهُ ولا تطعنُوهُ ، ولكن ارْمُوهُ بِالنّبل والحجارة ، ففعلوا ذلك حتّى سقطَ(١) .

قال : وبعث المختارُ أيضاً عَبْد الله الشّاكريّ إلى رجلٍ من جَنْب يُقال له : زيدُ بن رقاد ، كان يقول : لقد رَمَيْتُ فتىً منهم بِسَهمٍ ، وإنّه لواضِعٌ كفّه

__________________

(١) البلاذري ، جمل من أنساب الأشراف ٣ / ٤٠٦ وانظر ٦ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨. والخوارزمي مقتل الحسين (٢ / ٢٢٠) وانظر : الطبري ، التاريخ ٦ / ٦٤ ، وعنه : بطل العلقمي (٣ / ٢١٩ ـ ٢٢٠).

٢٢٩

على جبهته يتّقي النَبْلَ ، فأثبَتُّ كَفّهُ في جبهته ، فما استطاعَ أنْ يزيلَ كفّه عن جَبهته.

قال أبو مخنف : فحدّثني أبو عَبْد الأعلى الزُّبيديّ أنّ ذلك الفتى عَبْد الله بن مسلم بن عَقيل ، وأنّه قال حيث أثبتَ كفّه على جبهته : «الّلهمّ إنّهم استقلّونا واستذلّونا ، اللّهمّ فاقتلهم كما قَتَلونا ، وأذِلّهم كما استَذَلُّونا».

ثمّ إنّه رمى الغلامَ بسهَم آخَرَ فقتَلَه ، فكان يقول : جِئتُه ميِّتاً فنزعتُ سهمي الّذي قتلتُهُ بهِ من جَوْفِهِ ، فلم أَزَلْ أُنضْنِضُ السهمَ حتّى نزَعْتهُ من جبهته ، وبقيَ النَصْلُ في جبهته مُثبَتاً ما قدرتُ على نزعهِ!

قال : فلمّا آتى ابنُ كامل دارَه ؛ أحاط بها ، واقتحمَ الرجالُ عليه ، فخرجَ مُصلِتاً بسيفه ـ وكان شُجاعاً ـ فقال ابنُ كامل : «لا تضربوهُ بِسيفٍ ، ولا تَطعَنوهُ برمحٍ ، ولكن ارموهُ بِالنبل ، وارضخُوهُ بِالحجارة» ففعلوا ذلك به ، فَسَقَطَ(١) .

وأمّا حرملة قاتل العبّاس الأصغر :

أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرني المظفّر بن محمّد البلخيّ ، قال : حدّثنا أبو عليّ ، محمّد بن همّام الإسكافيّ ، قال : حدّثنا عَبْد الله بن جعفر الحميريّ ، قال : حدّثني داود بن عمر النهديّ ، عن الحسن بن محبوب ، عن عَبْد الله بن يونس ، عن المِنهال بن عَمرو ، قال : دخلتُ على عليّ بن

__________________

(١) الطبري ، التّاريخ : (٦ / ٦٤) عنه : المظفّر ، بطل العلقمي (٣ / ٢٢٠) وانظر : الحدائق الورديّة للمحلي : (١ / ١٢٠).

٢٣٠

الحسين عليهما السلام منصرفي من مكّة ، فقال لي : يا منهال ، ما صنع حرملة بن كاهل الأسديّ؟

فقلتُ : تركتُهُ حيّاً بِالكوفة. قال : فرفع يديه جميعاً ، فقال :

«اللّهمّ أذقهُ حَرّ الحديد. اللّهمّ أذقهُ حَرّ النّار ».

قال المنهال : فقدمتُ الكوفة ، وقد ظهر المُختارُ بن أبي عبيد ، وكان لي صديقاً ، قال : فمكثتُ في منزلي أيّاماً حتّى انقطع النّاس عنّي ، وركبتُ إليه فلقيتُه خارجاً من داره ، فقال : يا منهال ، لم تأتنا في ولايتنا هذه ، ولم تُهنِّئنا بِها ، ولم تشركنا فيها؟.

فأعلمتُه أنّي كنتُ بمكّة ، وأنّي قد جئتُك الآن ؛ وسايرتُهُ ونحنُ نتحدّثُ حتّى أتى الكُناسةَ فوقفَ وُقُوفاً كأنّهُ ينتظرُ شيئاً ، وقد كان أُخبرَ بمكان حرملة بن كاهل ؛ فوجّهَ في طلبه ، فلم نلبثْ أنْ جاء قومٌ يركضون وقومٌ يشتدّون حتّى قالوا : أيّها الأمير ، البِشارة ، قد أُخِذَ حرملةُ بن كاهل ؛ فما لَبِثنا أنْ جِيءَ به ، فلمّا نظر إليه المُختار ، قال لِحَرملة : الحمدُ لله الّذي مكّنني منك. ثمّ قال : الجزّار! الجزّار!. فأُتيَ بِجزّارٍ ، فقال له : اقطعْ يديه. فقطعتا ؛ ثمّ قال له : اقطعْ رجليه. فقطعتا ؛ ثمّ قال : النّارَ النّارَ ، فُأتي بنارٍ وقصبٍ ، فأُلقي عليه واشتعلتْ فيه النّارُ.

فقلتُ : سُبحانَ الله!

فقال لي : يا منهال ، إنّ التَسبيحَ لَحَسَنٌ ، ففيم سبّحتَ؟

فقلتُ : أيّها الأمير ، دخلتُ في سفرتي هذه منصرفي من مكّة على

٢٣١

عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال لي : يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهل الأسديّ؟

فقلتُ : تركتُهُ حيّاً بالكوفة.

فرفع يديه جميعاً فقال : «اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ النّار».

فقال لي المختارُ : أسَمِعتَ عليَّ بنَ الحسين عليهما السلام يقولُ هذا؟

فقلتُ : واللهِ لقد سمعتُهُ.

قال : فنزلَ عن دابّته وصلّى ركعتين ؛ فأطال السّجودَ ؛ ثمّ قامَ فركبَ وقد احترقَ حرملة ، وركبتُ معه ، وسرنا فحاذَيْتُ داري ، فقلتُ : أيّها الأمير ، إنْ رأيتَ أنْ تُشرّفَني وتُكرّمَني وتنزلَ عندي وتحرمَ بِطعامي.

فقال : يا منهالُ ، تُعْلِمُني أنّ عليّ بن الحسين دعا بأربع دعواتٍ فأجابه اللهُ على يديّ ؛ ثمّ تأمرني أنْ آكلَ! هذا يومُ صومٍ شُكراً لله عزّ وجلّ على ما فعلتُهُ بِتَوفيقه(١) .

وهكذا جُوزِيَ قتلة الأطهار ، على يد المختار ، في الدنيا( وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى ) .

__________________

(١) الطّوسي : الأمالي (٢٣٨ ـ ٢٣٩) عنه : المجلسيّ : البحار ، (٤٥ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣) وانظر : المناقب لابن شهر آشوب : (٤ / ١٤٥) وكشف الغمّة للإربلي : (٣ / ٢ ـ ٧٣) وأمالي الشجري (١ / ١٨٨) وبطل العلقميّ للمظفّر : (٣ / ٢٢١ ـ ٢٢٣).

٢٣٢

الخاتمة

العَبّاسُ مُعجزةُ الحُسين عليهما السلام

٢٣٣
٢٣٤

روى الشيخ الصدوق بسنده عن الأصبغ بن نُباتة ، قال خرج علينا أَميْر المُؤْمِنِيْنَ علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن عليه السلام وهو يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم ويدي في يده ، هكذا ، وهو يقول : «خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا ، وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن ، بعد وفاتي».

ألا ، وإنّي أقول : خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا ، وهو إمام كلّ مؤمن ومولى كلّ مؤمن ، بعد وفاتي. ألا وإنّه سيُظلم بعدي كما ظُلمتُ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ابني : أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه ، المقتول في أرض كربلاء.

أما إنّه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة(١) .

أقولُ : وإذا كانوا كلّهم من سادة الشهداء ، فلا ريب أنّ الحسين عليه السلام وهو إمامهم فله السيادة عليهم أيضاً ، فهو سيّد السادة ، وإذن فما هو مقام العَبّاس عليه السلام بين هؤلاء؟ وهو أمير جيشه وحامل لوائه وعميد عسكره ، وهو من هو كما عرفنا عنه من المزايا الكبيرة في سماته المنيرة ، وسيرته المثيرة؟

__________________

(١) إكمال الدين وإتمام النعمة (١ / ٢٥٩) الحديث ٥ من الباب ٢٤.

٢٣٥

أقول : إنّ العَبّاس هو معجزة الحسين عليه السلام :

كثيرون ـ حتّى من المعتقدين بإمامة الحسين عليه السلام فضلاً عن محبّيه من غير أُولئك ـ يُعلنون عن أنّ قضية كربلاء لم تُبنَ على الإعجاز الغيبيّ ، وإلاّ لكان لِيَدِ الإعجاز أنْ تُبيد الأعداء ، وأنْ تُحرق كياناتهم بإصبعٍ من الغيب! وأنْ يكون للحسين ولكربلاء شأنٌ آخر.

لكنّ الأمر في مفهوم (المعجزة) وتقديرها وتصوّر أهدافها يختلف من شخصٍ إلى آخر.

فإنْ كانَ المنظورُ منها «إتمامُ الحُجّة» فإنّ قضايا كربلاء قد احتوتْ على الحُجج التامّة ، لا على الأعداء المُعتدين فقطْ ، بل على الأُمّة الإسلاميّة المغلوبة على أمرها ـ مدى التاريخ ـ فضلاً عن الطغاة الظالمين في العالم أجمع!

وإنْ كانَ الإعجازُ من منظار الانتصار ، فإنّ الانتصار الحقيقيّ ليس بمجرّد الاستمرار في الحياة والبقاء في الدُنيا ، بل هو انتصار الحقّ ، بتحقّق الأهداف المطلوبة من المواقف والوقائع ، واستمرارها في كيان الإنسانيّة ، وأداء أثرها ، وهو ما قد حَصَلَ من كربلاء.

ولكن المعجزة الّتي تحقّقت في كربلاء هي من نوعٍ آخر فإنّ أعلى وأهمّ مظاهر الإعجاز في كربلاء هو (العَبّاس عليه السلام) نفسه ، حيث احتوى بمفردهِ على كلّ تلك المكارم والمآثر في سماته وسيرته ؛ فبلغ من المقام والرفعة (درجةً يغبطُهُ بِها الشُهداء يوم القيامة).

ومع أنّ العبّاس لم يكن إماماً ، وقد ورد النصّ بذلك عن أبي عبد الله

٢٣٦

الصادق عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) سورة النساء الآية ٥٩ ؛ قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين عليهم السلام ؛ فلمّا مضى عليٌّ ، لم يكن يستطيع عليٌّ ، ولم يكن ليفعل : أن يُدخِلَ محمّدَ بن عليّ ، ولا العبّاسَ بن عليّ ، ولا واحداً(١) من ولده(٢) .

كما لم يكن العبّاس معصوماً ، بل ليس من شأننا الحديث عن ثبوت العصمةَ له ، بعد أنّ انحصر المعصومون من أهل البيت بالأئمّة الإثني عشر عليهم السلام لكنّ العباس ـ بلا شكٍّ ـ كانَ أكبرَ معجزةٍ لأخيه الإمام المعصوم ، وذلك لأنّ قتل الحسين عليه السلام هو من دلائل النبوّة ، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله أخبر عنه ، وهو من إخباره بالغيب بأُمور تحقّقت في المستقبل ، كما أورده أرباب الكتب الجامعة لدلائل النبوّة ، كالبيهقي ، وأبي نعيم الأصفهاني ، والسيوطي ، وغيرهم ، كما أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أخبر عن مقتله ، وهذا ـ أيضاً ـ من دلائل الإمامة.

فهذه كلّها معجزاتٌ ؛ لتحقُّقِها ، واقترانِ أخبارها باليقين ، فليستْ إلاّ من الوحي المُبين من ربّ العالمين على نبيّه الأمين.

وبذلك ، فإنّ وجود العبّاس عليه السلام في واقعة الطفّ في كربلاء ـ وهو من أعلامها وأعيانها ، وعليه تدورُ أكثر قضاياها المهمّة.

بل ؛ وجوده وجودٌ عضويّ في إنجازها ، كلّ ذلك يدخله في المعجزة ،

__________________

(١) في بعض النّسخ [أحداً].

(٢) تفسير العيّاشي (١ / ٤٠٩) وتفسير فرات (ص ١١٠ ح ٢٧) والكافي (١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٨).

٢٣٧

ویتحقّق به الإعجاز.

مع أنّ خروج العبّاس عليه السلام مع الحسين عليه السلام وقيامه بتلك المهمّات وفي جميع أدوارها الحسّاسة ؛ لهو من خوارق العادة ، فليكن بذاته معجزةً للحسين عليه السلام حيث كان مثلُ العبّاس طوعَ إرادته ، ومُقتدياً به ، يميل معه حيث مال ، بل يسيرُ أَمَامَهُ في تلك الظروف الرهيبة ، حتّى الشهادة بين يديه.

فسلامُ الله يومَ وُلِدَ ، ويومَ قُتِلَ شهيداً ، ويومَ يُبْعَثُ في الجنان.

٢٣٨

وأمّا الحديث عن كرامات العَبّاس عليه السلام :

فما هي الكرامةُ؟

ولماذا يُصِرّ البعضُ على إثباتها لغير الأنبياء؟ مع أنّها كالمعجزة؟ أليس ذلك من الغلوّ الّذي هو كفرٌ وباطلٌ؟

وما هي الطُرُقُ اللازمة لإثبات مثل هذه الدعاوى الّتي أصبح يشهد عليها الكثيرون ؛ بحيث فاقت التواتُر ، في شأن العباس عليه السلام؟

تعريف الكرامة :

عُرّفت الكرامة بأنّها : ظهورُ أمرٍ خارقٍ للعادة من شخص ، غيرِ مقارِنٍ لدعوىً ، فأمّا إذا اقترنَ بدعوى النُبُوّة ، أو الإمامَة ، فهي المعجزة ، فهما ـ الكرامة والمعجزة ـ يتشاركان في كونهما خارقين للعادة ، ولا يمكن للبشر العاديّين أن يقوموا بهما.

وهما يفترقان ، في :

أنّ المعجزة : تختصّ بمن له مقامٌ إلهيّ يحتاجُ في تعيينه إلى نصبٍ ونصٍّ وفرضٍ من الله على العباد ، كالنبيّ المرسَلِ بِالوحي المُباشر ، المتّصل بالسماء ، والمتكلّم عنه ، وكالوصيّ والإمام المنصوب من قبل الله بواسطة الرسول والنبيّ ، وتعيينه ، والنصّ عليه ، والإعلان عن شخصه.

أمّا الكرامة : فهي تتحقّق على يد أولياء الله المخلصين ، الّذين انقادوا الله

٢٣٩

بالطاعة ، وخافُوه حقّ الخوف ؛ فَطَوَّعَ لهم كلَّ ما سواهُ ، وأخافَ منهم كلّ شيءٍ. وبما أنّ ظهور الخارق على يد الإنسان لا يخالف العقل ؛ لفرض أنّه ممكنٌ عقلاً ، والدليلُ على إمكانه وقوعُه ، وإنّما هو يخالف العادةَ ، فهو أمرٌ ممكن عقلاً. وبما أنّا ـ نحنُ المُسلمين ـ أُمّةٌ متعبّدون بالشرع ، فلابدّ أن نرى مواقف الشرع من مثل ذلك ، فنجد :

أوّلاً : أنّ الآيات القرآنيّةَ الكريمةَ ، المحكَمةَ والواضحةَ الدلالة ، تُصرّح بأنّ اللهَ تبارك وتعالى إنّما خلقَ الكونَ والحياةَ لابن آدم ، وسخّر له كلّ شيء من الممكنات ، لينتفع به ، وذلك من قوله تعالى : (هوَ الّذي خَلَقَ لَكُمْ ما في الأرضِ جَميعاً) فالكونُ ومجرياته وأُموره كلُّها مخلوقةٌ للعباد ، ولتكون تحت اختيارهم ، وفي قدرتهم ، وفي مُتناولهم ، فهي لَهُم ، ولِمَنفعتهم ، ومن أجلهم ، فهيَ ـ لا محالةَ ـ طوعُ إرادتهم.

وثانياً : أنّ النقلَ المشهورَ ثابتٌ بأنّ العبد الصالح إذا أطاع الله دخل كلّ شيء تحتَ قدرته ، ففي الحديث القُدسيّ : «عَبْدي أطِعْني ؛ تَكُنْ مثلي : أقولُ لِشيءٍ : «كُنْ» فيكونُ ، وتقولَ : «كُنْ» فيكُونُ».

والجمع بين الحقائق المذكورة هذه يقتضي : أنّ العَبْد المؤمنَ الصالحَ ؛ له قابليّة التصرّف في ما حوله من أُمور وشؤون ، فكيفَ إذا كان «وليّاً لله»!؟

وهذه القابليّة لا تحصل اعتباطاً بالصدفة ؛ وإنّما هي بحاجةٍ إلى واقعيّةٍ وإخلاصٍ وتفانٍ مُطلقٍ في سبيل الله ، والتقوى الصادقة في القول والعقيدة والعمل.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603