شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور الجزء ١

شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور13%

شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور مؤلف:
المحقق: محمد شعاع فاخر
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-503-000-5
الصفحات: 439

الجزء ١
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35898 / تحميل: 5335
الحجم الحجم الحجم
شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور

شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور الجزء ١

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ISBN: ٩٦٤-٥٠٣-٠٠٠-٥
العربية

شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور - ج ١

المؤلف: ميرزا أبي الفضل الطهراني

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المترجم

اقترح عليّ أخي الأثير أبو زينب أن أشدَّ حيازيمي للترجمة وأغرق فيها حتّى شحمة اُذني ، وعلى الله سبحانه نجاتي وانتشالي ، وسارع ، فحمّل البريد لي كتابين من أعزّ الكتب عليه ، وهما : « شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور » و « كامل البهائي »

أمّا الكتاب الثاني فكنت أعرفه عن قرب وقد تصفّحته ولم أتمّ قرائته ، فرأيته من مصادرنا المهمّة وتكون ترجمته خدمة جليلة للغة العربيّة ، وكنت عقدت العزم على ترجمة « مجالس المؤمنين » للقاضي التستري الشهيدرحمه‌الله ، ورحّب أبو زينب رعاه الله بالفكرة بادئ ذي بدء ، ثمّ تشاغل أو شغل عنها ، وبقيت معلّقة برأسي حتّى صرفني عنها أحد العلماء ، ونهاني عن ترجمته ، وعرض أسباباً ما اقتنعت بها وأضمرت الغدر أي أظهرت موافقته ولكنّي أسررت مخالفته ، لعلمي بجدوى الكتاب من الناحية العلميّة والأدبيّة والتاريخيّة ، أمّا كونه يسبغ التشيّع على الأولياء والخصوم فهو من هذه الناحية يصنعهم صنعاً من بعد صنع ، فهذا لا يضع من قيمة الكتاب العلميّة

لئن يكن الفعل الذي ساء واحداً

فأفعاله اللائي سررنَ اُلوف

٣

ولكنّي أرجأت العمل بالفكرة إلى أجل غير مسمّى حتّى فاجأني الأخ العزيز الناشر أبو زينب بالكتابين السالفين ، وكان عليَّ أن أبدأ بالكامل لأهمّيّته القصوى من حيث كونه مصدراً لا يستهان به أبداً ، واللغة العربيّة محتاجة إليه حاجة ملحّة خلا أنّي رأيت أن أبدأ بشفاء الصدور تيمّناً بالموضوع ومن وضع له وبمؤلّفه ، وما كنت أعلم ـ والله شاهد عليّ ـ أن أجد في الكتاب هذا الكمّ الهائل من العلم المفيد ، وكلّما توغّلت في الكتاب قرائةً أو ترجمة اكتشفت جديداً تضرب إليه اَباط الإبل

ما عرفت كتاباً فيما ترجمته منحني هذه اللذّة النفسيّة وأني أنساب معه انسياب مواضيعه كالعذب الفرات ، ورأيت ذلك تسديداً من الله ، ناهيك بالاُسلوب الذي تفرّد به المؤلّف وهو ممّا ينشده المترجم ، فقد كنت ـ وأنا اُترجمه ـ كانّي اُعيد كتابته لأنّه يكتب بلغة فارسيّة واُسلوب عربيّ مبين

وطرف به فرحاً ـ وأنا اُترجمه ـ وخلت المؤلّف حاضراً معي اُساجله ويساجلني ، ويزجي خطواتي بأفكاره السامقة ، وعرفت فيه العالم الذي تهمّه الحقيقة وحدها لأنّه متعبّد في محرابها مِن ثَمّ تراه شديد الوطأة على العالم إذا أخطأ وليس معنى ذلك أنّ حرمة العالم العلميّة غير مصونة عند المؤلّف كلّاً ، فهو كثير الاحترام عظيم التبجيل للعلم وأهله ولكنّه لا يرحم إذا نَقَد لنأيه بالنقد عن التقريظ فهو عنده الجلد وإقامة الحدّ وإن ترائىٰ لبعضهم أنّه غزل وتقريظ

لذلك رأيته يلهب بسياط النقد قاموس الفيروزآبادي ، وينعى عليه تسرّعه في الحكم على اللغة وأخذه إيّاها عن كلّ من هبّ ودبّ ، بل ربّما لامه إلى درجة التحميق لأنّه يجعل من تصحيفه الكلمة لغة يفرضها على قارئيه فيخالونها مأثورة عن أوائل الواضعين وما هي إلّا جملة أدخل مقاطعها الآخر بالأوّل فحسبها بعد هذه العلميّة الجرّاحيّة لغة حيّة أو مفردة منقولة عن إقحاح العرب ، وقال عنه بعد أن تتبّع هفواته : ما رأيت أكثر أخطاءاً من صاحب القاموس هذا مع احتجاجه به

٤

أحياناً لأنّ الخطأ والخطائين والثلاثة والأربعة مثل كبوات الجواد لا تسقط الكتاب من ميزان الاعتبار

وكما حاسب علماء اللغة حاسب إخوانهم في حقول العلم الاُخرى ، حتّى المجلسي مع إكباره لمقامه الشامخ ، سلّط عليه مشرط النقد فاستخرج من كتابه داءاً دويّاً علماً منه بأنّ المجلسي قام بعمل جدّ عظيم حين جمع الأحاديث والكتب في كتاب واحد وصيّره مكتبة سهلة التناول ، قريبة المأخذ في زمنه ، ولم يجمع الصحيح وحده بل حصر الأحاديث بجملتها في هذا الإطار ، وأطلق للعلماء الإذن في التدقيق والتحقيق ، واستخراج الصحيح من السقيم والمقطوع بصدوره من الموضوع فهو والحال هذه حلبة سباق تتفاضل فيه الجياد بين سابق ولاحق ومصلّ وهلمّ جرّاً

والشيخرحمه‌الله جوّال بفكره في هذا الكتاب الحافل والشرح الكامل فهو حين يعرض للمسألة لا يدرسها من وجه واحد أو وجهين اثنين بل يجيل فيها فكره حتّى ينهكها بحثاً وتدقيقاً ولا يترك القارئ إلّا على طرف الثماد بعد أن يعبّ العذب النمير من إبداعه وإفكاره الخلّاقة

ولست اُريد دراسة المؤلّف في هذه المقدّمة لأنّها لا تفي بحقّه ولو حوّلتها إلى كتاب مطوّل ، ولكنّي اُريد أن أضع القارئ على الواضحة من عمل هذا العملاق ثمّ أستودعه الله بعد أن يسلك الدرب إلى القمّة ليبلغها

كلّ هذا لم أكن أعلم به قبل الترجمة وإنّما بدأت به تعبّداً حتّى اكتشفت أنّي أعوم في بحر لجّيّ بعبد القاع نائي الشطئان من هذا الشرح العلمي التاريخي الأدبي الفلسفي الروائي الاُصولي الفقهي ففيه هذا وزيادة ، ومن يقرأه يدرك ما أقول ، وعلمت بأنّه التسديد من الله والإلهام حيث اختار لي هذه البدئة الموفّقة ، والحمد لله

٥

وكنت قبل أن أتعرّف على المؤلّف عرض لي ديوان شعر مطبوع في طهران ضخم إلى حدٍّ ما بالعربيّة لأديب طهرانيّ ، فعجبت أن يكون البلد طهران والشاعر طهرانيّ والشعب القارئ فارسيّ والشاعر فارسي والشعر عربيّ ، ولا أكتم القارئ أنّي اقتنيته وأنا على مثل اليأس من العثور على الجيّد المفيد ، فلمّا طالعته أثار إعجابي واحتفظت به دليلاً على قدسيّة اللغة العربيّة وسحرها وما كنت أعلم أنّ شاعر الديوان هو نفسه شارح زيارة عاشوراء حتّى دخلت من البوّابة الواسعة لهذا الكتاب الرائع العظيم ، وعرفت مؤلّفه ، فازددت شوقاً على شوقي

ثمّ قرّبني من المؤلّف ولائه الشديد لأهل بيت نبيّه وحبّه لهم وبغضه لأعدائهم ونأيه بالروح والجسد عن خصومهم واتخاذهم خصوماً له ، ولو كان علم الله من بلد غير بلدي واُمّة غير اُمّتي لتعلّقت به تعلّق الحبيب بالحبيب فكيف وهو من البلد الذي أنتمي إليه وأحمل جنسيّته وأتكلّم لغته وإن نمتني الأعراق إلى العرب على علم منّي بأن لا موضوعيّة للأجناس هنا بعد قيام الدولة الإسلاميّة في إيران حين اتّخذت لكلّ رعاياها الجنسيّة الإسلاميّة أصلاً ومنشأً وانتماءاً وأنساباً ، والحمد لله

من جهة اُخرى رأيت أن اُواصل الترجمة فأدخل عالم الكامل للبهائي وهو ما يزال مغلقاً عليّ لأنّي لم أقرأه بعد لأبدأ بترجمته وسوف أبدأها قريباً بإذن الله تعالى وحسن توفيقه

بقي في نفسي شيء وددت أن أعرضه على القارئ وهو أنّ الأخطاء التي يراها في الكتاب جلّها تعود إلى الطبع والآلات الطابعة على أنّ السيّد محمّد المعلّم يبذل في الكتاب قصارى جهده المشكور لتفادي الأخطاء ولكنّها تقع حتماً لأنّ العصمة من الخطأ لله وحده ، ولأنّ مخطوطة الكتاب حين تصل إلى يده تصل مخطوطة بيد مرتجفة أثر بها حادث الاصطدام ـ أجاركم الله ـ فجعلها لا تستقرّ

٦

بالحرف كما ينبغي أن يكتب فتتنائىٰ بعض حروفه عن بعضها أو بعض نقاطه على حروفه فتوضع هذه النقطة على غير حرفها وتلك الحركة على غير صاحبها ويضعّف ما حقّه التخفيف ، أو يخفّف ما حقّه التضعيف ، وهكذا دواليك ، فتأتي القرائة مصحّفة فيقع الخطأ ، أعاننا الله وإيّاكم على تفاديه

وآخر القول إنّي أردت قصداً أن لا اُطيل في المقدّمة ولا اُفردها عن مقدّمة الناشر ـ للمتن الفارسي ـ ولقد سبق سيّدنا المحقّق السيّد علي الموحّد الأبطحي أيّده الله وسدّده إلى هذا الخير العميم حيث بذل جهداً مشكوراً لإخراج هذه اللؤلؤة المشعة والدرّة اليتيمة بحلّةٍ قشيبة وأعطي من فيض قلمه عطاءاً ثراً مفيد حيث حلّى هذا الكتاب بصياغة الهوامش النافعة والتعاليق الجديرة بالثقة والاطمئنان

وإنّي والحق يقال استفدت من تحقيقاته الكثير وأغناني بذكر المصادر بدقّة عن البحث عنها إلّا ما رأيت البحث عنه وفيه لازماً خلا أنّي أخذت على المحقّق ذكره للمصدر الأوّل الذي نقل عنه المؤلّف ثمّ يسارع فيأتي بالمصدر الثاني الذي نقل عن المصدر الأوّل فهو حين يروي الرواية عن المناقب يسارع فيثني بالبحار الذي نقل عن المناقب وهذا لا داعي له لأنّ المصدر الثاني لا يضفي على الرواية قوّة أو صحّة مضاعفة لأنّه ناقل لها وليس مخرجاً ومع ذلك فهو لا يشين تحقيقه الرشيق الجميل الدالٍ على الفضل وسعة الإطّلاع وله الفضل أوّلاً لأنّه المتقدّم وآخراً لانتفاعنا بتحقيقه وأسئل الله لي وله التوفيق في خدمة هذا المذهب الشريف والنجاح كما أرجو لكلّ المتعاونين معناً في نشر هذا الكتاب الخير والأجر لا سيّما سيّدنا الاستاذ السيّد المعلّم أحسن الله إلى الجميع

لهذا جعلتها صدراً لها وها هي ـ أي مقدّمة الناشر للمتن الفارسي ـ تليها ، والحمد لله أوّلاً وآخراً ، والصلاة على حبيبه المصطفى وآله المستكملين الشرفاء

٧

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة الناشر ( للمتن الفارسي )

بسم ربّ بطل الشهداء الحسين بن عليّعليهما‌السلام حمداً لا أمد له للربّ الرحيم الذي فتق في قلب الإنسان طاقات الودّ والمحبّة ، وعلّم أبجديّة الحبّ والإيثار والفداء سالكي طريقه ، وأنار مشعل التوحيد الوهّاج في طريقهم ، وأوقد بيادر أرواحهم ببارقة تجلّيه

والشكر العميق للربّ الذي زيّن المصطفين من أبناء البشر وأوليائه بزينة حبّه وعشقه ، وقضى عليهم الشهادة في سبيله

والحمد غير المتناهي للخالق العظيم الذي من أجل تعظيم الطريقة الحسينيّة وسالكها الحسين حلّى صدره المبارك بشارةِ لقب « ثار الله » وكنية « أبي عبد الله »

ومن اليوم إلى أن تقوم الساعة وما دام العالم قائماً ، يفتخر الكلّ في زيارته بترديد « السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره » و « السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك »

وجعل يوم عرفه أوّل يوم لعنايته بزوّاه وتوجّهه وتجلّيه لهم ثمّ للمثنين عليه والداعين في عرفاته ، وحمل ملائكة السماوات السبع والأرض وما فيها في قبال هذه العظمة والشموخ ونكران الذات على تعظيمه كي يعرفوا سرّ الحكمة التي

٨

قدّرها في فطرة ابن آدم ، ويلمّوا بها حقّ الإلمام ولا ينظروا إلى هذا الوجود الربّاني العزيز إلّا بعين العناية

والسلام والتحيّات على الأرواح الطاهرة للمولهين به والمدلهين بحبّه وحبّ مسلكه وعلى الطلايع الاُولى والقادة العظام من آدم إلى الخاتم وعلى أوصيائهم لاسيّما أشرفهم أمير المؤمنينعليه‌السلام وأوصيائه الكرام ، المخبرين بصدق عن كربلاء وعاشوراء ، الذين عرّفوا البشريّة بعمق الحادثة العظمى قبل وقوعها لكي يهب محبّو أبي عبد الله بوعي لنصرته ، والذود عن أهدافه ، ولا يبخلوا ببذل الروح من أجل علوّ نداء التوحيد ونفي الشرك والنفاق ، والابتعاد عن الأراذل والأوباش ، لكي يحطّوا رحالهم في حريم القرب الربّاني

والصلاة والثناء العاطر على أصحاب ذلك الإمام الأوفياء المضحّين ، الذين أقبلوا من كلّ حدب وصوب يحدوهم العشق حتّى التحقوا بركبه ، واقاموا ملحمةً في يوم عاشوراء لا يذهب صداها إلى الأبد عن اُذن الوجود ، كي لا يغيبوا في حمئة النسيان والضياع ، وتشمخ جباههم غرّاء في الزمان كلّه ؛ لأنّ هواء العش خطير ، وعمل المحبّين المطهّرين المتعلّقين بالواحد الأحد أخطر

والحمد والشكر الذي لا قرار له لله الكريم الوهّاب الذي منحني التوفيق حتّى كتبت الكتاب القيّم ( مناديان راستين كربلاء وعاشوراء ) لأحشر في زمرة المحبّين ، وباستطاعتي أن اُردّد :

درون شعله چون پروانه بسوختم اى دوست

بدين اُميد كه از عاشقان حساب شوم

بنارك اُحرقت مثل الفراش

وآمل اُحسب في العاشقين

نعم ، لو نلت توفيق نشر هذا الكتاب لكنت قدّمت إضمامة من الورد التي لا يعتريها الذبول في تعاقب الزمان ولا يمحى رونقها في لفح زمهرير الشتاء إلى عاشقي الحسين ومحبّيه

٩

ثمّ إنّ هذا الأثر الذي ترونه بين أيديكم ( شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ) الذي تحمل الكاتب عبأ تحقيقه وتصحيحه والتعليق عليه ، ورأيته لازماً لي واجباً عليّ لأنّه واحد من الآثار العلميّة والأدبيّة والتاريخيّة الثمينة الإسلاميّة ، ويفهم موضوعه من اسمه بأكمل وجه وهو الذي يفصح عن عظمته وخواصّه العلميّة والتاريخيّة

ومن المؤسف أنّ هذا الكتاب النفيس لم يقدّر حقّ قدره بشكل مؤلم ، ولم يوله أهل الفضل والعلم العناية اللازمة ، ولعلّ اللغة التي كتب بها وهي الفارسيّة دخلاً في عدم الاهتمام به ، وعسى أن يكون هو العامل الأصيل في ذلك أو من بعض عوامله ، على أنّه كنز عظيم لا يصحّ التفريط به على الإطلاق

والآن ومن أجل تبصّر القرّاء الكرام ومعرفتهم أكثر وأكثر بهذا الكتاب القيّم المفيد نوجّه عنايتهم إلى النكات التالية :

١ ـ ما هي الزيارة ومن هو الزائر ؟

الزيارة في الاصطلاح معناها رؤية علم عظيم والمثول في حضرته من أجل أداء التحيّة له وتقديم أدب الاحترام اللائق به

والزيارة للأقارب والأرحام والأحبّة أمر عاديّ ولكنّها إذا كانت للأنبياء والأئمّة المعصومين وكبار رجال الدين تحتوي على طقوس خاصّة وخصائص مميّزة

ولقد قيل : إنّ مجرّد توجّه القلب إلى اُولئك السادة تتحقّق الزيارة ولكن ما أحسن الزيارة لو تمّت على يد السالكين في معارج الحقّ ومناهج الربّ والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومحبّي آل البيت وأهل ولائهم من أجل نيل القرب منهم على نحو الزيارة ورؤية الحبيب بأحسن الكلام وأجمل العبارات يؤدّون هذه الزيارة في حضرتهم

١٠

وما أكمل هذه الزيارة أيضاً إذا اُخذت طرقها وآدابها وتحيّتها وثنائها وأخيراً كلّ ما يلتئم وهدف السالكين إلى حرم القرب من اُولئك الكبار أنفسهم ، وعملوا بدستور الحبّ والودّ بين التابع والمتبوع الذي ورد من جهتهم

ومن هذه الجهة اتفقت كلمة أئمّة المذهب وعلماء الطائفة على أنّ خير الزيارات وأفضل القربات ما جاء عن المعصومين فإنّه خير وسيلة من وسائل القرب لأهل الولاء ـ وكلام الملوك ملوك الكلام ـ ، وربّما ضمنوا مع بيان التحيّات والآداب حقائق العرفان ودقائقه الدائرة في فلك الولاية والإمامة ، بالشأن الذي ينبغي أن يكون عليه ، فأرووا عطاشى زلال المعرفة ، وأنقعوا غلّتهم ، بعناية وكفاية وسداد

٢ ـ دور الزيارة أو الدروس الحيّة

من المؤسف حقّاً أن يقلّ الاعتناء بمحتوى الزيارة ويزداد الإقبال على ظاهر الألفاظ والكلمات الخاصّة بهذه التعاليم الملكوتيّة ، في حين أنّ روح الزيارة في محتواها وهو دروس عميقة لتكوين الإنسان الفاضل وصنعه وهي تالية القرآن ونهج البلاغة والصحيفة السجّاديّة والأدعية المأثورة عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم أي أنّها تأتي بعد هذه المحتويات المقدّسة في الرتبة لرقي الإنسان ورفع معنويّاته ومنحه الروح الفاضلة تضعه في المكانة التي تؤهّله لمعرفة معارف أهل البيت عليهم‌السلام ، لا سيّما تلك المقدّمات والتقاليد والآداب والدساتير الموضوعة للعتبات المقدّسة وبيان طرق إجرائها للمتشرّفين بلقاء الأحبّة على تلك الساحات المشرّفة التي بمجموعها تترك آثاراً عينيّة ومشاهدة في سوق الإنسان باتجاه الكمال المطلوب ، والبُعد عن الأدناس ، وعلى هذا الأساس رصد

١١

جزاء عظيم وزائد عن الحدّ لمن وفّقهم الله فبلغوا حرم القرب ، ونالوا فضل الدنوّ من ذلك الحريم المطهّر

٣ ـ نظرة خاطفة على هذه التعاليم المفيدة

الأوّل : التوحيد ومعرفة الخالق

الثاني : العجز والخضوع المطلق في قبال الذات الوحدانيّة ، وخالق الوجود ذي الجلال عزّ اسمه

الثالث : الانعطاف نحو الجزاء والمثوبة الإلۤهيّة

الرابع : البعد عن المحارم واجتنابها

الخامس : تعاهد روح التقوى وتهذيبها وتربيتها

السادس : رعاية حقوق المؤمنين

السابع : تعليم روح الجهاد ، وتقويم النفس والاستماتة في سبيل الله

الثامن : إيجاد الصلة مع أولياء الله

التاسع : التوجّه إلى سيرة المصطفين وطريقتهم في الحياة ، حيث توجد في كلّ زاوية منها مدارس لتهذيب الإنسان ومثل عليا مقدّسة تحتذىٰ لكلّ إنسان

العاشر : بيان أهداف الأئمّة المعصومين من إعلاء كلمة الحقّ والطاعة الخالصة والإيثار في سبيل الحقّ

الحادي عشر : التوجّه إلى دقائق العرفان والاعتقاد والأخلاق والاجتماع والتاريخ وإجمالاً لما تقدّم الاُنس بالمعارف الإلۤهيّة المبثوثة في عبارات ومضامين تلك الزيارات والدروس

١٢

٤ ـ زيارة عاشوراء

زيارة عاشوراء هي مجموع الدروس الاعتقاديّة والسياسيّة والفكريّة ، وإظهار السخط والغضب على عدوّ أهل البيت المعصومين المطهّرين ، وهي المحك الذي يتميّز به النفيس من الخسيس ، وتقديم البرائة على الولاء أو التبرّي على التولّي وهي الدعاء والتضرّع إلى الله ، وطلب المعونة على الانتقام من العدوّ والتوفيق في أخذ الثأر منه ، وإرسال النداء تلو النداء بحيث تعكس كلّ عبارة فيه القيّم الفاضلة ، وفصولاً لا تحتمل التردّد تفتح للإنسان طريقه ، وفيها القدرة على منح الإنسان القوّة والاستقامة في قطع الطريق حتّى يصل إلى الحقيقة الراسخة

٥ ـ عظمة هذه الزيارة !

لا شكّ في أنّ زيارة عاشوراء من الأحاديث القدسيّة وتنتهي سلسلة إسنادها إلى قال الله تعالى ، وإمعان النظر في هذه المسألة يكشف لنا أهميّة زيارة عاشوراء أكثر فأكثر من حيث كونها كلام الله وليست كلاماً عاديّاً ، بحيث يستطيع المرء اجتيازه بسهولة ، ومن هذه الجهة يرى العلّامة الكبير الطهراني ميرزا أبو الفضل ـ مؤلّف الكتاب ـ وغيره من الشخصيّات العلميّة الإسلاميّة أنّ لكلّ كلمة من هذه الزيارة غوراً بعيداً وأسراراً مخبوثة ، تحتاج إلى من يكشفها ويجلّيها

٦ ـ آثار وبركات زيارة عاشوراء

ليست الآثار والبركات الظاهريّة والمعنويّة لزيارة عاشوراء وتعظيمها وقرائتها ومداومة قرائتها ما هو بحاجة إلى بيان لأنّه بمنزلة الشمس في رائعة النهار ، إلّا أنّنا إظهاراً لتعظيم مكانة الروحانية الشامخة وتبياناً لطرق أصحابها وسلوكهم نعمد إلى ذكر نموذج من تلكم التأثيرات ونكتفي بها

١٣

ذكر العلّامة عظيم الشأن صاحب كتاب « رياض الاُنس » عن اُستاذه جليل القدر آية الله العظمى الحاج عبد الكريم الحائري اليزدي أعلى الله مقامه الشريف(١) :

لمّا كان في مدينة سامرّاء نشتغل بالطلب ، دخل علينا ذات يوم المرحوم آية الله العظمى الاُستاذ الكبير السيّد محمّد فشاركي حلقة الدرس ، وهو مضطرب الحال لشيوع الهيضة في ذلك الزمان ، وقد أصاب جماعة من العراقيّين هذا الوباء المري فقضى عليهم ، فقال السيّد المذكور : هل تروني من المجتهدين ؟ قلنا : نعم ، فقال : ومن العدول ؟ قلنا : نعم ـ وكان غرضه بعد أخذ تأييدنا إصدار الحكم ـ ثمّ قال : إنّي أحكم على الشيعة جميعهم القاطنين في سامرّاء من ذكر واُنثى أن يتلو كلّ واحد منهم زيارة عاشوراء مرّة واحدة نيابة عن السيّدة المكرّمة اُمّ الإمام صاحب الزمان وأن يجعلوا هذه الاُمّ المقدّرة شفيعة عند ولدها المولى سيّدنا المهدي وليّ العصر وإمام الزمان عجّل الله فرجه ليسأل الله تعالى برفع هذا البلاء عن شيعة سامرّاء

قال المرحوم آية الله الحائري : فلمّا أصدر حكمه ، وبما أنّ الخطر عامّ ، فقد أطاعه الشيعة كلّهم فلم يصب الوباء واحداً منهم ، ونجّى الله تعالى من هذا البلاء العام ببركة زيارة عاشوراء الشيعة جمعاء(٢)

٧ ـ دور كتاب شفاء الصدور

يظهر هذا الكتاب العلمي والأدبي والعقيدي والتاريخ عقائد الشيعة ومعارفهم

_________________

(١) كان آية الله الحائري قبل الهجرة إلى إيران يسكن مدينة كربلاء وكان مشتغلاً فيها بالتدريس وتربية جماعة من الأفاضل وكان الكاتب من تلامذته المبرّزين ( هامش الأصل )

(٢) يحكي هذا النوع من القضايا عن عظمة عاشوراء وبركاته ، وقد جمعناها في مجموع واحد تحت اسم « زيارت عاشوراء وشگفتيها » وقد نشرناها والحمد لله ( المحقّق )

١٤

وعظمة سيّد الشهداءعليه‌السلام ودور ثورته في إسقاط المؤامرة من الشجرة الملعونة الخبيثة ـ على لسان النبيّ والأئمّة المعصومين ـ بني اُميّة ، ويبيّن كذلك عن عظمة عاشوراء وزيارتها ، ويشرح اللطايف والدقايق الاعتقاديّة والأخلاقيّة والعرفانيّة والاجتماعيّة المودعة في عباراتها ومضامينها

ولا يحتاج إلى بيان ما فيها من لزوم الاطّلاع على المعارف الروحيّة وفاعليّتها

وممّا يؤسف له حقّاً خفاء عظمة هذا الكتاب النفيس والدرّة البيضاء وسموّ شأنه ورفيع مرتبته على كثير من العلماء ، ومن هذه الجهة لم يطبع إلّا مرّتين : الاُولى في بمبئي ، والثانية في طهران بالاُفست مع الأخطاء الكثيرة والتصحيف الكبير ، وأحمد الله على لطفه بي حيث حملني حبّي للحسينعليه‌السلام وأصحابه على تحقيقه والتدقيق فيه وذكر مصادره ومداركه ـ بقدر الإمكان ـ ونشره باُسلوب جديد عصري ، وتحمّل هذا العبأ الخطير ، على أمل قبوله من سيّد الشهداء مولانا أبي عبد الله الحسين روحي وأرواح العالمين له الفداء ، وأن نكون مورد عناية شفيعة يوم الجزاء اُمّه المظلومة فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، ومورد توجّه وقبول بقيّة الله مهدي الزمان وليّ العصر أرواحنا لمقدمه الشريف الفداء ، ويكون ذخيرة لنا في يوم الجزاء

٨ ـ في شرح أحوال المؤلّف

كان المرحوم الحاج ميرزا أبو الفضل الطهراني عالماً عاملاً ولم يتخطّ المرحلة الثانية والأربعين من مراحل حياته ، وفي هذا العمر القصير استطاع الإلمام بكثير من العلوم لا سيّما الفقه والاُصول والحكمة والعرفان والأدبيّات ، وفي كثير من العلوم النظريّة أوصل التحقيق فيها إلى درجة جعلها بمبعدة عن الوهم ومقربة من

١٥

الفهم الدقيق ، كان أقلّ مواهبه الشعر والقريحة ، ترسّل بالعربيّة حتّى لا تكاد تفرّق بينه وبين أكبر أساتيد العربيّة بحيث لم يصل إلى فصاحته وبلاغته في العربيّة نظير له من أبناء فارس ، ولو رآه العرب العرباء لما علمو أنّ منشئ هذا الكلام الفصيح رجل من العجم ولغته اللغة الفارسي ، وكان مشعلاً وهّاجاً يتباهى به الإسلام والمسلمون

ولد هذا العالم العظيم ـ وهو خلف الفقيه المحقّق ذي القدر الرفيع المرحوم الحاج ميرزا أبو القاسم الطهراني الكلانتري صاحب التقريرات ـ عام ١٢٧٣ هجريّة ، ولمّا كان يتحلّى بالفهم والفراسة والذكاء والعقل والدربة ، فقد كمل في أقصر وقت في العلوم العقليّة والأدبيّة والنقليّة كلّها ، ولشدّة حافظته وقوّتها كان يحفظ القصيدة إذا قرأها أو سمعها مرّةً واحدة ، وتنطبع في ضميره المنير كالنقش في الحجر ، وكان يحفظ غالب أشعار العرب والعجم ، فكان مثالاً يحتذىٰ لأهل زمانه ، ويشهد لمكانته العلميّة ما كتبه من المؤلّفات زمان بلوغه أو بعده بقليل ، فهي خير شاهد على الاُمور السالفة

هاجر المؤلّف إلى العتبات المقدّسة في سنة ١٣٠٠ لكي يكمل دراسته العلميّة ويحصل على الدرجات العالية مع ما كان يقول في حقّه المرحوم ملّا علي الكني ـ أعلى الله مقامه ـ من أنّه كمل في كلّ علم وبلغ رتبة الاجتهاد الرفيعة ، وما به من حاجة إلى الهجرة ، ولكنّه قصد يومئذٍ العراق وأفاد من محضر المرحوم آية الله الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي ـ أعلى الله مقامه ـ ونال شرف المثول في سامرّاء بدعوةٍ من المرحوم آية الله العظمى الميرزا حسن الشيرازي ، ونال الفائدة الكبرى من كمالات ذلك الرجل العظيم ، وبأمره ألّف كتاب « شفاء الصدور »

وفي سنة ١٣٠٦ سافر إلى الحجّة بمعيّة الحاج السيّد محمّد الصرّاف الطهراني ، وعاد في سنة ١٣١٠ إلى مقرّه المألوف ووطنه الأصلي طهران ، واشتغل بالتدريس

١٦

في المدرسة الحديثة البناء الناصريّة ، وقام مع التدريس بالفتوى ورتق اُمور المواطنين وإقامة صلاة الجماعة

وكان لتحلّيه في طلاقة اللسان وحلاوة البيان مع ما هو عليه من الرُتب العلميّة ودرجات التقوى سبباً داعياً وعاملاً مؤثّراً في ميل قلوب أهل الفضل إليه ، وإقبالهم عليه من شتّى بقاع الدولة ، ممّا أثار حسد بعض معاصريه فبالغوا في إزعاجه وآذوه وحمّلوه العذاب والعنت حتّى وافاه الأجل في غرّة صفر سنة ١٣١٦ مصاباً بمرض « الحصبة » وفي الثامن من الشهر المذكور ذهب إلى رحمة الله تعالى ، وكان يعتقد بعض أهل العلم والاطّلاع أنّه رحل عن هذه الدنيا مسموماً

دفن المرحوم في مقبرة والده الماجد الواقعة في صحن الحمزة وفي جوار عبدالعظيم الحسنيرحمه‌الله

إعلان وإعلام

ما ذكر في بعض الكتاب والتراجم من كون اسم المؤلّف أبا الفضل أحمد ووفاته كانت عام ١٣١٧ وأنّ جسده نقل إلى النجف فدفن هناك في وادي السلام لا حقيقة له بل اسمه أبو الفضل ومولده سنة ١٢٧٣ ووفاته ١٣١٦ ومدفنه الشريف في مقبرة والده المعظّم في جوار عبدالعظيمرحمه‌الله في الري

شيوخ المؤلّف وأساتذته

حضر الشيخ أبو الفضل في مبتدء حياته العلميّة في محضر والده العظيم الحاج ميرزا أبي القاسم الطهراني الكلانتري وبعد أن لبّى والده نداء ربّه قضى أغلب أوقاته في حلقة فقيهي الزمان ووحيدي الأوان السيّد السند الآقا السيّد محمّد

١٧

الطباطبائي والعلم المعتمد الآقا ميرزا عبدالرحيم النهاوندي ـ نوّر الله مرقدهما ـ واشتغل عليهما بتحصيل الفقه والاُصول

وحضر في المعقول والعرفان على حكيمي العصر وفريدي الدهر الآقا ميرزا محمّد رضا القمشئي والآقا ميرزابي الحسن جلوه ـ طيّب الله تربتهما ـ وعمد إلى تدبيج بحوث الاُستاذ الفريد الآقا محمّد رضا القمشئي العرفانيّة والحكميّة بصورة تقريرات وما تزال هذه البحوث إلى الآن موجودة في ذلك البيت الشريف

وهاجر عام ١٣٠٠ هجريّة إلى العتبات المقدّسة وتشرّف بحضور مجلس آية الله العظمى الميرزا حبيب الله الرشتي ، ومن بعده حضر مجلس آية الله العظمى الحاج ميرزا حسن الشيرازي واستفاد من محضرهما كثيراً

زملاء المؤلّف في العلم والبحث

كان هذا العالم العظيم في أعماله العلميّة له مباحثات مركّزة علميّة مع آية الله الميرزا محمّد تقي الشيرازي وآية الله العظمى الآقا السيّد محمّد الاصفهاني

آثار المؤلّف العلميّة والأدبيّة

١ ـ اُرجوزة في النحو(١) ؛

٢ ـ الإصابة في قاعدة الإجماع على الإصابة(٢) ؛

٣ ـ تراجم ؛

٤ ـ تميمة الحديث ـ علم الدراية ( منظوم ) ؛

_________________

(١) مقدّمة ديوان المؤلّف

(٢) مقدّمة شفاء الصدور : ٢٢٨ و ٢٥٣

١٨

٥ ـ تنقيح المقالة في تحقيق الدلالة ؛

٦ ـ حاشية على رسائل الشيخ الأنصاري رحمة الله عليه ؛

٧ ـ حاشية وشرح على مكاسب الشيخ الأنصاري رحمة الله عليه(١) ؛

٨ ـ حاشية على رجال النجاشي(٢) ؛

٩ ـ ( شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ) طبع في بمبئي وفي طهران بالاُفست ؛

١٠ ـ صدح الحمامة ؛

١١ ـ قلائد الدرر في علم الصرف ؛

١٢ ـ الدر الفتيق في علم الرجال ؛

١٣ ـ ديوانه العربي ـ طبع في طهران ؛

١٤ ـ منية البصير في بيان كيفيّة الغدير ؛

١٥ ـ ميزان الفلك في علم الهيئة منظوم(٣) ؛

١٦ ـ منظومة في الإجماع

تذكّر وإعلام

من أجل اطّلاع أكثر ومعلومات أكبر عن أحوال هذا العالم الكبير المفيد الإسلامي وتأليفاته وآثاره العلميّة والأدبيّة بإمكان القارئ الكريم الرجوع إلى أقوال العلماء الذين تناولوا شخصيّته العلميّة والأدبيّة وتناولوا مكانته في عالم العلم ، منها :

_________________

(١) مقدّمة ديوان شفاء الصدور : ٢٢١

(٢) مقدّمة الديوان ، شفاء الصدور : ٢٤٣ و ٤٤٤ ( هامش الأصل )

(٣) مقدّمة الديوان ، شفاء الصدور : ٢٢٨

١٩

١ ـ إبداع البديع في صنعة الاشتقاق ، تأليف ميرزا حسن شمس العلماء الگرگاني ، طبع طهران سنة ١٣٢٨

٢ ـ أحسن الوديعة ، تأليف السيّد محمّد مهدي الكاظمي ، طبع الكاظميّة

٣ ـ أعيان الشيعة ، تأليف العلّامة الكبير السيّد محسن الشامي ، طبع بيروت

٤ ـ جُنّة النعيم في أحوال عبدالعظيم ، تأليف الحاج ميرزا باقر

٥ ـ الذريعة ، تأليف العلّامة عظيم الشأن الحاج الشيخ آغا بزرگ الطهرانيرحمه‌الله

٦ ـ طبقات أعلام الشيعة ١ : ٥٥ للعلّامة عظيم الشأن الحاج شيخ آغا بزرگ الطهرانيرحمه‌الله

٧ ـ الكنى والألقاب ، تأليف العلّامة العظيم المحدّث القمّي

٨ ـ مدينة الأدب ، تأليف عبرة النائيني

٩ ـ مدينة المدينة ، تأليف عبرة النائيني

١٠ ـ نامه فرهنگيان ، تأليف عبرة النائيني

١١ ـ ناسخ التواريخ ، الطراز المذهّب ، تأليف سپهر

١٢ ـ ناسخ التواريخ ، الإمام زين العابدين ، تأليف سپهر

١٣ ـ نامه دانشوران ، تأليف جماعة من الفضلاء

١٤ ـ مجموعة القدس ، تأليف الشيخ أبي الفضل الطهراني مؤلّف كتاب « شفاء الصدور »

١٥ ـ معجم المؤلّفين ٨ : ٧١ ، تأليف عمر رضا كحّالة

١٦ ـ مقدّمة ديوان المؤلّف ، تأليف العلّامة محدّث الاُرموي

ولا يخفى أنّ خير ما كتب في حقّ المؤلّف هو هذه المقدّمة لديوانه

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليرضي‌الله‌عنه ، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

سألت [ الله ] - يا علي - فيك خمساً، فمنعني واحدةً وأعطاني أربعاً، سألت الله أنْ يجمع عليك أُمّتي فأبى عليَّ. وأعطاني فيك: أنّ أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي، [ معك ] لواء الحمد، وأنت تحمله بين يديّ، تسبق [ به ] الأوّلين والآخرين. وأعطاني أنّك أخي في الدّنيا والآخرة. وأعطاني أن بيتي مقابل بيتك في الجنّة. وأعطاني أنّك وليّ المؤمنين بعدي »(١) .

أقول:

وإنّ هذا الحديث الشريف يهتك أستار التضليل والتخديع، ويكشف أسرار التزويق والتلميع، فهو من خير الأدلّة على بطلان تأويل حديث الولاية، وحمله على معنىً غير معنى ( المتصرّف في الأمر )، وسقوطه من أصله وقمعه من جذوره

إنّ هذا الحديث يدل دلالةً وأضحةً على أنّ المراد من جملة ( ولي المؤمنين بعدي ) معنىً جليل ومقام عظيم، لأنّ المنازل التي ذكرها النبي صلّى الله عليه وسلّم له قبل هذه الجملة يستوجب كلّ واحدةٍ منها على اليقين أفضليتهعليه‌السلام من جميع الخلائق من الأوّلين والآخرين، لأنّ مفادها مساواتهعليه‌السلام للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم - الذي لا شك في أفضليّته من الخلائق أجمعين - في مراتبه ومنازله كلّها.

__________________

(١). التدوين بذكر أهل العلم بقزوين ٢ / ١٢٦.

٣٠١

فكما أنّ تلك المنازل والمراتب للنبي صلّى الله عليه وسلّم جعلته خير الخلائق وأشرف المرسلين كذلك يكون عليعليه‌السلام - المساوي له فيها - أفضل الخلائق أجمعين من الأنبياء والمرسلين وسائر الناس، فلذا قال بعد أن ذكرها: « وأعطاني أنّك وليُّ المؤمنين بعدي » ليشير إلى أن تلك المنازل توجب أنْ يكون هو ( المتصرّف ) في أُمور المؤمنين بعده صلّى الله عليه وسلّم، وهذا ليس إلّا ( الإمامة والخلاقة ).

ترجمة الرّافعي

ولا بأس بذكر ترجمة الرافعي الرّاوي لهذا الحديث عن بعض المصادر المعتبرة:

١ - الذهبي: الامام الرافعي أبو القاسم عبدالكريم بن محمّد بن عبدالكريم بن الفضل القزويني الشافعي، صاحب الشرح الكبير، إليه انتهت معرفة المذهب ودقائقه، وكان مع براعته في العلم صالحاً زاهداً ذا أحوالٍ وكراماتٍ ونسكٍ وتواضع. توفي في حدود آخر السنة.رحمه‌الله »(١) .

٢ - ابن الوردي: « وفيها مات إمام الدين عبدالكريم بن محمّد بن عبدالكريم الرافعي القزويني، مصنّف الشّرح الكبير والصّغير على الوجيز والمحرر، ومصنّف التذنيب على الشرحين. وكان مع براعته في العلوم صالحاً زاهداً ذا أحوالٍ وكرامات. وعلى شرحه الكبير اليوم إعتماد المفتين والحكّام في الدنيا »(٢) .

__________________

(١). العبر ٣ / ١٩٠ حوا دث ٦٢٣

(٢). تتمة المختصر في أخبار البشر - حوادث ٦٢٣.

٣٠٢

٣ - اليافعي: « وفيها توفي الإمام الكبير العلّامة البارع الشهير، الجامع بين العلوم والأعمال الصالحات، والزهد والعبادات، والتّصانيف المفيدات النفيسات، أبو القاسم عبدالكريم بن محمّد بن عبدالكريم القزويني الشافعي، صاحب الشرح الكبير المشتمل على معرفة المذهب ودقائقه الغامضات، الجامع الفائق على التصانيف السابقات واللّاحقات. ومن كراماته: أنّه أضاءت له شجرة في بيته لـمّا انطفى السراج الذي يستضيء به عند كتبه بعض مصنفاته »(١) .

٤ - الأسنوي: « أبو القاسم إمام الدين عبدالكريم بن محمّد القزويني، صاحب الشرح الوجيز الذي لم يصنّف في المذهب مثله. تفقّه على والده وعلى غيره.

وكان إماماً في الفقه والتفسير والحديث والاُصول وغيرها، طاهر اللّسان في تصنيفه، كثير الأدب، شديد الإحتراز في المنقولات، ولا يطلق نقلاً عن أحدٍ غالباً إلّا إذا رآه في كلامه، وإنْ لم يقف عليه فيه عبّر بقوله: وعن فلانٍ كذا، شديد الإحتراز أيضاً في مراتب الترجيح »(٢) .

وتوجد ترجمته أيضاً في:

سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٢٥٢

فوات الوفيات ٢ / ٧

طبقات الشافعية للسبكي ٨ / ٢٨١

تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٢٦٤

__________________

(١). مرآة الجنان ٤ / ٥٦.

(٢). طبقات الشافعية: ١ / ٢٨١.

٣٠٣

النجوم الزاهرة ٦ / ٢٦٦

شذرات الذهب ٥ / ١٠٨

(١٦)

« الأولياء » في تفسير أهل البيت بمعنى « الأئمّة »

جاء ذلك في خطبةٍ للإمام الحسن السّبطعليه‌السلام ، رواها الأئمة الطاهرون من أهل البيت، وأوردها العلّامة القندوزي، قال:

« وفي التفسير المنسوب إلى الأئمّة من أهل البيت الطيّبين - رضي الله عنهم - عن جعفر الصادق، عن أبيه، عن جدّه: إن الحسن ابن أمير المؤمنين علي - سلام الله عليهم - خطب على المنبر وقال:

إنّ الله عزّ وجلّ - بمنّه ورحمته – لـمّا فرض عليكم الفرائض، لم يفرض ذلك عليكم لحاجةٍ منه إليه، بل رحمةً منه، لا إله إلّا هو، ليميز الخبيث من الطيّب، وليبلي ما في صدوركم، وليمحّص ما في قلوبكم، ولتتسابقوا إلى رحمته، ولتتفاضل منازلكم في جنّته، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية لنا أهل البيت، وجعلها لكم باباً لتفتحوا به أبواب الفرائض، ومفتاحاً إلى سبيله، ولولا محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - وأوصياؤه لكنتم حيارى، لا تعرفون فرضاً من الفرائض، وهل تدخلون داراً إلّامن بابها؟

فلمّا منَّ الله عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيّكم - صلّى الله عليه وسلّم - قال:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ

٣٠٤

دِيناً ) . ففرض عليكم لأوليائه حقوقاً، وأمركم بأدائها إليهم، ليحلّ ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم، ويعرّفكم بذلك البركة والنماء والثروة، وليعلم من يطيعه منكم بالغيب.

ثم قال الله عزّ وجلّ:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) واعلموا أنّ من يبخل المودّة فإنّما يبخل عن نفسه، إنّ الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه.

فاعملوا من بعد ما شئتم، فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، ثم تردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون، والعاقبة للمتّقين، ولا عدون إلّا على الظالمين.

سمعت جدّي - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: خلقت أنا من نور الله وخلق أهل بيتي من نوري، وخلق محبّيهم من نورهم، وسائر الناس في النار »(١) .

أقول:

ولا ريب في أنّ مرادهعليه‌السلام من « إقامة الأولياء بعد النبي » هو: نصب الأئمة، ويؤكّده استشهاده بالآية المباركة( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) النازلة في يوم غدير خم.

فإذن: المراد من « الولي » هو « الإمام ».

فكذلك: المراد من « الولي » في حديثنا هو « الإمام ».

__________________

(١). ينابيع المودة ٣ / ٣٦٥ الطبعة المحققة.

٣٠٥

لأنّ: الحديث يفسّر بعضه بعضاً، كما نصّ عليه العلماء كالحافظ في ( شرح البخاري ) وغيره من الأعلام.

(١٧)

إختصاص لفظ « الولي » ومقام « الولاية » بنوّاب نبيّنا وهم « اثنا عشر »

وهذا ما نصَّ عليه شيخ الشيوخ سعدالدين الحموي، أورده الشيخ عزيز ابن محمّد النسفي(١) في كتابه، وحكاه الشيخ القندوزي، وهذا معرّبه:

إنّه لم يكن قبل نبيّنا محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - في الأديان السابقة عنوان « الولي » وإنّما كان عنوان « النبي »، وكان يسمّون المقرّبين إلى الله الوارثين لصاحب الشريعة بـ « الأنبياء » فلمـّا نزل الدين الجديد والشريعة الجديدة على محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - من عند الله عزّ وجلّ، وجد في هذا الدين اسم « الولي »، إذ اختار اثني عشر رجلاً من أهل بيت محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - وجعلهم الوارثين له، المقرّبين إلى نفسه، واختصهم بولايته، فهم النوّاب - من عند الله - لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم، الوارثون له، وهؤلاء الاثنا عشر هم الذين ورد فيهم الحديث: العلماء ورثة الأنبياء، والحديث: علماء اُمتي كأنبياء بني إسرائيل.

وإنّ آخر الأولياء - وهو آخر النوّاب - هو الولي والنائب الثاني عشر، وهو خاتم الأولياء، واسمه: المهدي، صاحب الزمان.

__________________

(١). عزيز الدين محمّد النّسفي، من أعلام الصّوفية، له في ذلك مصنّفات، توفي سنة ٦٨٦. هدية العارفين ١ / ٥٨٠.

٣٠٦

قال الشيخ: والأولياء في العالم لا يزيدون على اثني عشر، وأمّا الثلاثمائة والخمسون، الذين هم رجال الغيب، فلا يسمّون بالأولياء، وإنّما هم الأبدال »(١) .

فهذا رأي شيخ شيوخ القوم، الذي نقله النّسفي وهو من كبارهم، فدونكها من حجة حاسمة لشكوك أرباب الغواية، مبيّنة لكون « الولي » دليلاً على « الإمامة » في حديث الولاية!

(١٨)

تبادر « المتصرّف في الأمر » من « الولي » عند الإطلاق

فإنّ المنسبق إلى الأذهان من لفظ « الولي » عند الإطلاق هو معنى « المتصرّف في الأمر » فكيف لو ضمّ إليه كلمة « بعدي »؟

فلو غض النظر عن جميع الأدلة السابقة لكفى هذا التبادر وجهاً تامّاً للإستدلال، ودليلاً قاطعاً للشبهة.

وإنّ لنا على هذا الذي ذكرناه شواهد في كلمات كبار العلماء المعتمدين، ومن ذلك ما جاء في ( الروضة النديّة ) بعد حديث الثقلين المشتمل لفظه على حديث الغدير:

« وتكلّم الفقيه حميد(٢) على معانيه وأطال، ولننقل بعض ذلك:

__________________

(١). ينابيع المودّة: ٤٧٥.

(٢). حميد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبدالواحد المحلّي، النهمي، الوادعي، الهمداني. متكلّم، من شيوخ الزيدية، من تصانيفه: العمدة، في مجلدين، العقد الفريد.=

٣٠٧

قال -رحمه‌الله - منها: فضل العترةعليهم‌السلام ، ووجوب رعاية حقّهم، حيث جعلهم أحد الثقلين اللّذين يسأل عنهما، وأخبر بأنّه سأل لهم اللطيف الخبير وقال: فأعطاني، يعني: استجاب لدعاه فيهم.

... ومنها قوله: - صلّى الله عليه وسلّم -: من كنت وليّه فهذا وليّه. الولي: المالك المتصرف، بالسبق إلى الفهم، وإنْ استعمل في غيره، ولهذا قال: السلطان وليّ من لا وليّ له. يريد: ملك التصرف في عقد النكاح، يعني: إنّ الإمام له الولاية فيه حيث لا عصبة ».

(١٩)

وجوب حمل اللفظ المشترك على جميع معانيه حيث لا قرينة

عند الشافعي وجماعة

فلقد ذهب الشافعي(١) وأبو بكر الباقلاني(٢) وجماعة من أعلام الاُصوليين عند القوم إلى: وجوب حمل اللفظ المشترك عند فقد المخصّص على جميع معانيه، فلو فرضنا عدم الدليل على ما نذهب إليه في المراد من حديث الولاية، لكفى هذا المبنى الاُصولي في الاستدلال بالحديث على إمامة أمير

__________________

= الحسام الوسيط، عقيدة الآل. الحدائق الوردية. وفاته سنة: ٦٥٢. معجم المؤلفين ١ / ٦٥٨.

(١). محمد بن إدريس، إمام الشّافعيّة، توفي سنة ٢٠٤، من مصادر ترجمته: حليةالأولياء ٩ / ٦٣، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٤٤، وفيات الأعيان ٤ / ١٦٣، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥، صفة الصفوة ٢ / ٩٥.

(٢). محمّد بن الطيّب، المتكلّم الكبير، الاُصولي الشهير المتوفى سنة ٤٠٣. من مصادر ترجمته: تاريخ بغداد ٥ / ٣٧٩، وفيات الأعيان ٤ / ٢٦٩، سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٩٠.

٣٠٨

المؤمنينعليه‌السلام ، إذ لا ريب في أنّ من جملة المعاني هو: المتصرّف في الأمر، فيثبت له هذا المعنى، وسائر معاني لفظ « الولي » له، ولا ضير فيه.

وأمّا أن ما ذكر هو مذهب الشّافعي والباقلاني وأتباعهما، فصريح الكتب الاُصولية، قال العبري(١) في ( شرح المنهاج ).

« نقل عن الشافعي -رضي‌الله‌عنه - والقاضي أبي بكر -رحمه‌الله - وجوب حمل المشترك على جميع معانيه حيث لا قرينة معه تدل على تعيين المراد منه، لأنّ حمله على جميع معانيه غير ممنوع لما ذكرناه، فيجب أن يحمل، إذ لو لم حمل عليه فإمّا أنْ لا يحمل على شيء من معانيه، وذلك إهمال اللّفظ بالكليّة، وهو ظاهر البطلان، أو يحمل على بعض معانيه دون بعض، وذلك ترجيح بلا مرجّح، لاستواء الوضع بالنسبة إليها وعدم القرينة المعيّنة للبعض، وهو أيضاً محال »(٢) .

وقال الفخر الرازي في كتاب ( مناقب الشافعي ):

« المسألة الرابعة: عابوا عليه قوله: اللفظ المشترك محمول على جميع معانيه عند عدم المخصّص. قالوا: والدليل على أنّه غير جائز: إنّ الواضع وضعه لأحد المعنيين فقط، فاستعماله فيها معاً يكون مخالفةً للّغة.

وأقول: إن كثيراً من الاُصوليّين المحققين وافقوه عليه، كالقاضي أبي بكر الباقلاني، والقاضي عبدالجبّار بن أحمد. ووجه قوله فيه ظاهر وهو: إنّه لـمّا

__________________

(١). عبدالله بن محمّد العبري الفرغاني المتوفى سنة ٧٤٣، فقيه، اُصولي، متكلّم. البدر الطالع ١ / ٤١١، الدرر الكامنة ٢ / ٤٣٣.

(٢). شرح المنهاج في الاصول - مخطوط.

٣٠٩

تعذّر التعطيل والترجيح لم يبق إلّا الجمع. وإنّما قلنا: إنّه تعذّر التعطيل، لأنّه تعالى إنّما ذكره للبيان والفائدة، والقول بالتعطيل إخراج له عن كونه بياناً وفائدة. وإنّما قلنا: إنّه تعذّر الترجيح، لأنّه يقتضي ترجيح الممكن من غير مرجّح وهو محال. ولـمّا بطل القسمان لم يبق إلّا الجمع، وهذا وجه قوي حسن في المسألة وإنْ كنا لا نقول به ».

وقال محمد الأمير في ( الروضة الندية ) بعد الكلام المنقول عنه سابقاً، نقلاً عن الفقيه الحميد:

« ثم لو سلّمنا احتمال « الولي » لغير ما ذكرنا على حدّه، فهو كذلك يجب حمله على الجميع، بناءً على أنَّ كلّ لفظةٍ احتملت معنيين بطريقة الحقيقة فإنّه يجب حملها على الجميع، إذ لم يدل دليل على التخصيص ».

(٢٠)

ابن حجر: « من كنت وليّه » أي: المتصرّف في الأُمور

وهذا نصّ كلامه:

« على أنّ كون « المولى » بمعنى « الإمام » لم يعهد لغةً ولا شرعاً، أمّا الثاني فواضح، وأمّا الأوّل: فلأنَّ أحداً من أئمة العربيّة لم يذكر أن « مفعلاً » يأتي بمعنى « أفعل ». وقوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي: مقرّكم أو ناصرتكم مبالغةٌ في نفي النصرة، كقولهم: الجوع زاد من لا زاد له. وأيضاً: فالإستعمال يمنع من أنّ « مفعلاً » بمعنى « أفعل » إذْ يقال: هو أولى من كذا، دون: مولى من كذا. وأولى الرجلين، دون: مولاهما.

٣١٠

وحينئذٍ، فإنّما جعلنا من معانيه: المتصرف في الامور، نظراً للرواية الآتية: من كنت وليّه »(١) .

أقول:

فابن حجر يرى أنّ لفظ « الولي » في الحديث: « من كنت وليّه فعلي وليّه » بمعنى « المتصرّف في الاُمور »، وعليه يكون المراد منه في الحديث « وليّكم بعدي » هو « المتصرف في الاُمور » كذلك، حتى لا يلزم الافتراق واختلال الاتّساق المستبشع في المذاق، الذي لا يلتزمه إلّامن ليس له من الفهم والحدس الصائب خلاق.

ولا يخفى أنّ هذا كافٍ في الإستدلال به على المطلوب.

(٢١)

حديث بريدة بلفظ : « من كنت وليّه فعلي وليّه »

وفي بعض طرق حديث بريدة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « من كنت وليّه فعلي وليّه »، وأخرجه غير واحدٍ من الأئمة الأعلام:

* أخرج أحمد: « ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: من كنت وليّه فعلي وليّه »(٢) .

__________________

(١). الصواعق المحرقة: ٦٥.

(٢). مسند أحمد ٥ / ٣٦١.

٣١١

* وأخرج: « حدّثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: بعثنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في سرية، قال: لـمّا قدمنا قال: كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ قال: فإمّا شكوته أو شكاه غيري قال: فرفعت رأسي - وكنت رجلاً مكباباً - قال: فإذا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد احمرّ وجهه قال: وهو يقول: من كنت وليّه فعلي وليّه »(١) .

وأخرج: « ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه، إنّه مرّ على مجلسٍ وهم يتناولون من علي، فوقف فقال: إنّه قد كان في نفسي على علي شيء، وكان خالد بن الوليد كذلك، فبعثني رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في سرية عليها علي، وأصبنا سبياً، قال: فأخذ علي جاريةً من الخمس لنفسه، فقال خالد بن الوليد: دونك. قال: فلمـّا قدمنا على النبي - صلّى الله عليه وسلّم - في سرية عليها علي، وأصبنا سبياً، قال: فأخذ علي جاريةً من الخمس لنفسه، فقال خالد بن الوليد: دونك. قال: فلمـّا قدمنا على النبي - صلّى الله عليه وسلّم - جعلت اُحدّثه بما كان، ثم قلت: إنَّ علياً أخذ جاريةً من الخمس، قال: وكنت رجلاً مكباباً، قال: فرفعت رأسي فإذا وجه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قد تغيّر فقال: من كنت وليّه فعلي وليّه »(٢) .

* وأخرج النَسائي: « أخبرنا أبو كريب محمّد بن العلاء الكوفي قال: حدّثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: بعثنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في سرية، واستعمل علينا علياً، فلمـّا رجعنا سألنا كيف رأيتم صحبة صاحبكم، فإمّا شكوته أنا وإمّا شكاه غيري، فرفعت رأسي - وكنت رجلاً مكباباً - فإذا وجه رسول الله - صلّى الله

__________________

(١). مسند أحمد ٥ / ٣٥٠.

(٢). مسند أحمد ٥ / ٣٥٨.

٣١٢

عليه وسلّم - قد احمرّ فقال: من كنت وليّه فعلي وليّه »(١) .

* وأخرج: « أخبرنا محمّد بن المثنّى قال حدثنا يحيى بن حماد قال أخبرنا أبو عوانة عن سليمان قال: حدّثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: لـمّا رجع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - من حجّة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن، ثم قال: كأنّي قد دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنّهما لن يفترفا حتى يردا عليَّ الحوض. ثم قال:

إنّ الله مولاي، فأنا ولي كلّ مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليّه فهذا وليّه، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه.

فقلت لزيد: سمعته من رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -؟

قال: ما كان في الدوحات أحد إلّا رآه بعينه وسمعه باُذنه »(٢) .

* وأخرج الحاكم: « حدّثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي - ببغداد - ثنا أبو قلابة عبدالملك بن محمّد الرقاشي، حدّثنا يحيى بن حماد.

وحدّثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز، قالا: ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا يحيى بن حماد.

وثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه - ببخارى - ثنا صالح بن محمّد الحافظ البغدادي، ثنا خلف بن سالم المخرّمي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش قال: ثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن

__________________

(١). الخصائص: ٧٠.

(٢). الخصائص: ٦٩.

٣١٣

زيد بن أرقم قال: لـمّا رجع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - من حجّة الوداع، ونزل غدير خم، أمر بدوحاتٍ فقممن، ثم قال: كأنّي قد دعيت فأجبت، وإنّي قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض؛ ثمّ قال:

الله عزّ وجلّ مولاي، وأنا مولى كلّ مؤمنٍ، ثم أخذ بيد علي فقال:

من كنت مولاه فهذا وليّه، اللّهم والِ من والاه.

وذكر الحديث بطوله.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بطوله.

شاهده حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل أيضاً، صحيح على شرطهما »(١) .

* وروى ابن كثير عن سنن النسائي عن محمّد بن المثّنى بإسناده فيه:

« إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمنٍ. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليّه »(٢) .

* ورواه المتّقي الهندي عن ابن جرير الطبري وفيه:

« إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمنٍ. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليّه فعلي وليّه، اللّهم والِ من والاه وعاد من عاداه »(٣) .

* وقال العزيزي - شارح الجامع الصغير -: « من كنت وليّه فعلي وليّه،

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٠٩.

(٢). البداية والنهاية ٣ / ٢٠٩.

(٣). كنز العمال ١٣ / ١٠٤ رقم ٣٦٣٤٠.

٣١٤

يدفع عنه ما يكرهه. حم ن ك عن بريدة، وإسناده حسن »(١) .

* وقال محمد صدر العالم الهندي: « أخرج ابن أبي شيبة، والنسائي، وأحمد، وابن حبان، والحاكم، والضياء، عن بريدة. والطبراني عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: من كنت وليّه فعلي وليّه »(٢) .

أقول:

لا ريب في أنّ المراد من « الولي » في « فعلي وليّه » هو نفس المراد منه في « من كنت وليّه »، ولا ريب في أنّه بمعنى « المتصرّف في الاُمور ». قال العزيزي:

« أنا وليُّ المؤمنين. أي: متولّي أُمورهم. وكان - صلّى الله عليه وسلّم يباح له أنْ يزوّج ما شاء من النّساء ممّن يشاء من غيره ومن نفسه، وإنْ لم يأذن كلّ من الولي والمرأة، وأنْ يتولّى الطرفين بلا أذن. حم م ن »(٣) .

ترجمة العزيزي

والعزيزي - شارح الجامع الصغير - إمامٌ عالم محدِّث جليل حافظ، قال العلّامة المحبّي بترجمته: « علي العزيزي البولاقي الشافعي، كان إماماً فقيهاً محدّثاً حافظاً، متقناً ذكيّاً، سريع الحفظ بعيد النسيان، مواظباً على النظر

__________________

(١). السراج المنير في شرح الجامع الصغير ٢ / ١٨٤.

(٢). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

(٣). السراج المنير في شرح الجامع الصغير ١ / ٢١٢.

٣١٥

والتحصيل، كثير التلاوة سريعها، متوادداً متواضعاً، كثير الاشتغال بالعلم ومحبّاً لأهله، خصوصاً أهل الحديث، حسن الخلق والمحاضرة، مشاراً إليه في العلم، شارك النور الشبراملسي في كثيرٍ من شيوخه، وأخذ عنه واستفاد منه، وكان يلازمه في دروسه الأصليّة والفرعيّة، وفنون العربية، وله مؤلفات كثيرة، نقله فيها يزيد على تصرّفه، منها: شرح على الجامع الصغير للسيوطي في مجلَّدات، وحاشية على شرح التحرير للقاضي زكريّا، وحاشية على شرح الغاية لابن القاسم في نحو سبعين كرّاسة، واُخرى على شرحها للخطيب.

وكانت وفاته ببولاق في سنة ١٠١٧٠ وبها دفن »(١) .

(٢٢)

الحديث بلفظ: « الله وليّي وأنا وليُّ المؤمنين ومن كنت وليّه فهذا وليّه »

وقد أخرجه النسائي من طريق الحسين بن حريث ...: « إنّ الله وليّي وأنا ولي المؤمنين ومن كنت وليه فهذا وليه، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره »(٢) .

ولا ريب أنّ الله هو « الولي » أي « متولّي أُمور الخلق »، فهذا المعنى هو المراد من ولاية النبي، فكذا ولاية علي

وأمّا أنّ المراد من ولاية الله ما ذكرناه فهو صريحهم في كتب التفسير وغيرها:

__________________

(١). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ٢٠١.

(٢). الخصائص ١٠١.

٣١٦

قال النيسابوري بتفسير آية الكرسي:( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) أي: متولّي أُمورهم وكافل مصالحهم، فعيل بمعنى فاعل »(١) .

وقال القاري في ( الحرز الثمين - شرح الحصن الحصين ) بشرح الدعاء: « اللّهم إني أعوذ بك من العجز والكسل اللّهم آت نفسي تقواها أنت وليّها » قال:

« أي المتصرّف فيها ومصلحها ومربّيها، ومولاها، أي: ناصرها وعاصمها. وقال الحفني: عطف تفسيري ».

(٢٣)

قوله لبريدة: « لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي »

فإنّه لـمّا شكى عليّاً عليه الصّلاة والسّلام نهاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وزبره بشدّة، وكذا فعل مع وهب بن حمزة لمـّا انتقصه، وقال: لا تقل هذا

وقد جاء هذا اللفظ في رواية:

سليمان بن أحمد الطبراني.

ومحمّد بن إسحاق بن يحيى بن مندة الأصبهاني.

وأحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني.

وأبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني.

وعلي بن محمّد بن محمّد الجزري المعروف بابن الأثير.

__________________

(١). تفسير النيسابوري ٣ / ٢٢ هامش الطبر ي

٣١٧

ونور الدين الهيثمي.

وجلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي.

وعلي بن حسام الدين المتّقي الهندي.

و إبراهيم بن عبدالله الوصّابي اليمني.

رواية الطبراني:

في ( مجمع الزوائد ): « وعن وهب بن حمزة قال: صحبت عليّاً إلى مكة، فرأيت منه بعض ما أكره. فقلت: لئن رجعت لأشكونّك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فلما قدمت لقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: رأيت من علي كذا وكذا، فقال: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بكم بعدي.

رواه الطبراني »(١) .

وفي ( كنز العمّال ): « لا تقل هذا، فهو أولى الناس بكم بعدي يعني: عليّاً. طب عن وهب بن حمزة »(٢) .

وفي ( الإكتفاء ): « عن وهب بن حمزة قال: قدم بريدة من اليمن - وكان خرج مع علي بن أي طالب، فرأى منه جفوةً - فأخذ يذكر عليّاً وينتقص من حقّه، فبلغ ذلك رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقال له: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بكم بعدي. يعني عليّاً. أخرجه الطّبراني في الكبير »(٣) .

__________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٠٩.

(٢). كنز العمال ١١ / ٦١٢ رقم ٣٢٩٦١.

(٣). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

٣١٨

رواية ابن مندة وأبي نعيم:

في ( اُسد الغابة ) قال: « وهب بن حمزة، يعدّ في أهل الكوفة، روى حديثه: يوسف بن صُهيب، عن رُكين، عن وهب بن حمزة قال: صحبت عليّاً -رضي‌الله‌عنه - من المدينة إلى مكّة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لأشكونّه إليه، فلمـّا قدمت لقيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقلت: رأيت من علي كذا وكذا. فقال: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بعدي. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم »(١) .

رواية ابن مردويه:

في كتاب ( الطرائف ): « وفي كتاب المناقب، تأليف أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه - وهو من رؤساء المخالفين لأهل البيتعليهم‌السلام - هذا الحديث من عدّة طرق. وفي رواية بريدة بزيادة وهي: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لبريدة:

أيه عنك يا بريدة، فقد أكثرت الوقوع في علي، فوالله إنّك لتقع في رجل إنّه أولى الناس بكم بعدي »(٢) .

__________________

(١). أُسد الغابة ٤ / ٦٨١.

(٢). الطرائف في معرفة الطوائف: ٦٦.

٣١٩

تراجم الرواة

ورواة هذا الحديث من أكابر الحفّاظ الأعلام.

أما الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم وابن الأثير، فقد سبقت تراجمهم.

بقي أن نترجم لابن مندة:

قال الذهبي: « ابن مندة. الإمام الحافظ الجوّال، محدّث العصر، أبو عبدالله محمّد ابن الشيخ أبي يعقوب إسحاق ابن الحافظ أبي عبدالله محمّد بن أبي زكريا يحيى بن مندة

ولد أبو عبدالله سنة ٣١٠ وقيل في التي تليها.

سمع أباه، وعم أبيه عبدالرحمن بن يحيى، وأبا علي الحسن بن أبي هريرة، وطائفة باصبهان، ومحمّد بن الحسين القطّان

وعدّه شيوخه الذين سمع وأخذ عنهم ألف وسبعمائة شيخ وما بلغنا أنّ أحداً من هذه الاُمّة سمع ما سمع، ولا جمع ما جمع، وكان ختام الرحّالين وفرد المكثرين، مع الحفظ والمعرفة والصّدق.

حدّث عنه

قال الباطرقاني: نا أبو عبدالله إمام الأئمة في الحديث لقّاه الله روضوانه.

قال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو مندة أعلام الحفّاظ في الدنيا قديماً وحديثاً، ألا ترون إلى قريحة أبي عبدالله؟!

وقيل: إنّ أبا نعيم ذكر له ابن مندة فقال: كان جبلاً من الجبال »(١) .

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٣١ - ١٠٣٣.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439