المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة20%

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-8163-14-6
الصفحات: 288

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة
  • البداية
  • السابق
  • 288 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 36849 / تحميل: 5230
الحجم الحجم الحجم
المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ISBN: ٩٦٤-٨١٦٣-١٤-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

النبيعليه‌السلام ، حتى بدت أنيابه ، ثم قال : ( اذهب وأطعم عيالك )(١) .

ونحوه من طريق الخاصة(٢) .

وقال النخعي والشعبي وسعيد بن جبير وقتادة : لا كفّارة عليه(٣) .

وهو خرق الإِجماع ، فلا يلتفت إليه.

إذا عرفت هذا ، فقد أجمع العلماء على وجوب القضاء مع الكفّارة ، إلّا الأوزاعي ؛ فإنّه حكي عنه أنّه إن كفّر بالعتق أو الإِطعام ، قضى ، وإن كفّر بالصيام ، لم يقض ؛ لأنّه صام شهرين(٤) .

والإِجماع يبطله ، ولا منافاة.

وللشافعي قول : إنّه إذا وجبت الكفّارة ، سقط القضاء ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام ، لم يأمر الأعرابي بالقضاء(٥) .

وهو خطأ ؛ لأنّهعليه‌السلام ، قال : ( وصُم يوماً مكانه )(٦) .

ولا فرق بين وطء الميتة والحيّة والنائمة والمكرهة والمجنونة والصغيرة والمزني بها.

مسألة ١٥ : ويفسد [ الجماع ] صوم المرأة إجماعاً ، وعليها الكفّارة مع المطاوعة‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر والشافعي في‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤١ - ٤٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨١ / ١١١١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٤ / ١٦٧١ ، سنن الترمذي ٣ : ١٠٢ / ٧٢٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩٠ / ٤٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٣ / ٢٣٩٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢١ بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٤ : ١٠٢ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٧٢ / ٣٠٩ ، التهذيب ٤ : ٢٠٦ / ٥٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ - ٨١ / ٢٤٥.

(٣) المغني ٣ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٠.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٢٠٠ ، المغني ٣ : ٥٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٨.

(٥) المجموع ٦ : ٣٣١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٢ - ٤٥٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٠ ، المغني ٣ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٤ ذيل الحديث ١٦٧١ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٤ / ٢٣٩٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ١٩٠ / ٥١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢٦ و ٢٢٧.

٤١

أحد القولين(١) - لأنّها شاركت الرجل في السبب وحكم الإِفطار ، فتشاركه في الحكم الآخر ، وهو وجوب الكفّارة.

ولعموم الروايات ؛ لقول الرضاعليه‌السلام : « مَن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً فعليه عتق رقبة مؤمنة ، ويصوم يوماً بدل يوم »(٢) .

وفي الآخر للشافعي : لا كفّارة عليها - وعن أحمد روايتان(٣) - لأنّ النبيعليه‌السلام أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبة ، ولم يأمر في المرأة بشي‌ء(٤) .

ولا دلالة فيه ؛ فإنّ التخصيص بالذكر لا يوجبه في الحكم ، ولجواز أن تكون مكرهةً.

فروع :

أ - لو أكره زوجته على الجماع ، وجب عليه كفّارتان ، ولا شي‌ء عليها ؛ لأنّه هتك يصدر من اثنين ، وقد استقلّ بإيجاده ، فعليه ما يوجبه من العقوبة ، وهي الكفّارتان.

وخالف الجمهور ، فقالوا : تسقط عنها وعنه ؛ لصحة صومها(٥) .

وهو لا ينافي وجوب الكفّارة ، وللرواية(٦) .

____________________

(١) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٠٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٤ ، المغني ٣ : ٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٣١ و ٣٣٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٠.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٠٧ / ٦٠٠ ، الإستبصار ٢ : ٩٦ / ٣١١.

(٣) المغني ٣ : ٦١ - ٦٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٠.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٣١ و ٣٣٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٣ - ٤٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٠ ، المغني ٣ : ٦٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩.

(٥) اُنظر : المغني ٣ : ٦٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٦٠.

(٦) الكافي ٤ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٧٣ / ٣١٣ ، التهذيب ٤ : ٢١٥ / ٦٢٥.

٤٢

ولا قضاء عليها عندنا.

وقال أصحاب الرأي : يجب عليها القضاء. وهو قول الثوري والأوزاعي(١) .

وقال مالك : يجب على المكرهة القضاء والكفّارة(٢) .

وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر : إن كان الإِكراه بوعيد حتى فعلت ، وجب القضاء والكفّارة ، وإن كان إلجاءً ، لم تفطر ، والنائمة كالملجَأة(٣) .

ب - لو وطأ المجنون ، فإن طاوعته ، فعليها كفّارة واحدة عنها ، وإن أكرهها ، فلا كفّارة على أحدهما.

ج - لو زنى بامرأة ، فإن طاوعته ، فكفّارتان عليهما معاً ، وإن أكرهها ، فعليه كفّارة.

قال الشيخ : ولا يجب عنها شي‌ء ؛ لأنّ حمله على الزوجة قياس(٤) .

وهو مشكل ؛ لأنّ الفاحشة هنا أشدّ.

د - لو أكرهته على الجماع ، فعليها كفّارة عن نفسها ، ولا شي‌ء عليه ولا عليها عنه ؛ لأنّ القابل أقلّ في التأثير من الفاعل.

مسألة ١٦ : لو وطأ امرأته أو أجنبيةً في دُبرها فأنزل ، وجب عليه القضاء والكفّارة إجماعاً‌ ، وإن لم ينزل فكذلك - وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة في رواية(٥) - لأنّه أفسد صوم رمضان بجماع في فرج ، فوجب عليه الكفّارة ، كالقُبُل.

____________________

(١و٢) المغني ٣ : ٦٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٠.

(٣) المجموع ٦ : ٣٣٦ ، المغني ٣ : ٦٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٠.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٥.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٢ ، المجموع ٦ : ٣٤١ و ٣٤٢ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٣ ، المغني ٣ : ٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٨‌

٤٣

ولأنّهعليه‌السلام أمر مَن قال : واقعت أهلي ، بالقضاء والكفّارة(١) ، ولم يستفصله مع الاحتمال ، فيكون عاماً.

وفي رواية عن أبي حنيفة : لا كفّارة ؛ لعدم تعلّق الحدّ به(٢) .

وهو ممنوع ، وأيضاً لا ملازمة ، كالأكل.

فروع :

أ - لو وطأ غلاماً فأنزل ، لزمته الكفّارة ، وكذا إذا لم ينزل - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه وطأ عمداً وطءً يصير به جُنباً ، فوجبت الكفّارة.

وقال أبو حنيفة : لا كفّارة(٤) .

ب - لو وطأ في فرج بهيمة فأنزل ، وجب القضاء والكفّارة ، وإن لم ينزل قال الشيخ : لا نص فيه ، ويجب القول بالقضاء ؛ لأنّه مجمع عليه دون الكفّارة(٥) .

ومنع ابن إدريس القضاء(٦) أيضاً.

وقال بعض العامة : تجب به الكفّارة ؛ لأنّه وطء في فرج موجب للغسل ، مفسد للصوم ، فأشبه وطء الآدمية(٧) .

ج - إن أوجبنا الكفّارة على الواطئ دُبُراً ، وجب على المفعول ؛ لاشتراكهما في السبب ، وهو : الهتك.

____________________

(١) تقدمت الإِشارة إلى مصادره في صفحة ٤٠ الهامش (٦).

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٨ ، المجموع ٦ : ٣٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٣ ، المغني ٣ : ٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٢ ، المجموع ٦ : ٣٤١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٣ ، المغني ٣ : ٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩.

(٤) المغني : ٣ : ٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٣.

(٥) الخلاف ٢ : ١٩١ ، المسألة ٤٢.

(٦) السرائر : ٨٦.

(٧) المغني ٣ : ٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٣.

٤٤

مسألة ١٧ : لو أنزل عند الملاعبة أو الملامسة أو التقبيل ، أو استمنى بيده ، لزمه القضاء والكفّارة‌ ، وكذا لو وطأ فيما دون الفرجين فأنزل - وبه قال مالك وأبو ثور(١) - لأنّه أجنب مختاراً متعمّداً ، فكان كالمجامع.

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمر المفطر بالكفّارة(٢) .

ولأنّ الصادقعليه‌السلام ، سئل عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني ، قال : « عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع »(٣) .

وعن رجل وضع يده على شي‌ء من جسد امرأته فأدفق ، قال : « كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يُطعم ستين مسكيناً أو يُعتق رقبة »(٤) .

وعن الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في(٥) رمضان فيسبقه الماء فينزل ، قال : « عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع(٦) »(٧) .

وقال الشافعي وأبو حنيفة : عليه القضاء دون الكفّارة(٨) .

وقال أحمد : تجب الكفّارة في الوطء فيما دون الفرج مع الإِنزال(٩) .

وعنه في القُبلة واللمس روايتان(١٠) .

____________________

(١) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٤ ، المغني ٣ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٢ ، المجموع ٦ : ٣٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤.

(٢) اُنظر : المصادر في الهامش (١) من الصفحة ٤٠.

(٣) الكافي ٤ : ١٠٢ - ١٠٣ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٠٦ / ٥٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٨١ / ٢٤٧.

(٤) التهذيب ٤ : ٣٢٠ / ٩٨١.

(٥) في المصدر زيادة : قضاء شهر.

(٦) في المصدر زيادة : في رمضان.

(٧) الكافي ٤ : ١٠٣ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٣٢١ / ٩٨٣.

(٨) المجموع ٦ : ٣٤١ و ٣٤٢ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤ ، المغني ٣ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٠ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٥.

(٩) المغني ٣ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٢ ، المجموع ٦ : ٣٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤.

(١٠) الشرح الكبير ٣ : ٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤ ، المجموع ٦ : ٣٤٢.

٤٥

فروع :

أ - لو نظر أو تسمّع لكلام أو حادث فأمنى ، لم يفسد صومه - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - لعدم تمكّنه من الاحتراز عن النظرة الاُولى.

أمّا لو كرّر النظر حتى أنزل ، فالوجه : الإِفساد.

وقال الشيخ : إن نظر إلى محلّلة ، لم يلزمه شي‌ء بالإِمناء ، وإن نظر إلى محرَّمة ، لزمه القضاء(٢) .

وقال مالك : إن أنزل من النظرة الاُولى ، أفطر ولا كفّارة ، وإن استدام النظر حتى أنزل ، وجبت عليه الكفّارة(٣) . وهو جيّد.

ب - قال أبو الصلاح : لو أصغى فأمنى ، قضاه(٤) .

ج - لو قبّل أو لمس فأمذى ، لم يفطر - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّه خارج لا يوجب الغسل ، فأشبه البول.

وقال أحمد : يفطر ، لأنّه خارج تخلّله الشهوة ، فإذا انضمّ إلى المباشرة أفطر به ، كالمني(٦) .

والفرق : أنّ المني يلتذّ بخروجه ويوجب الغسل ، بخلافه.

د - لو تساحقت امرأتان ، فإن لم تنزلا ، فلا شي‌ء سوى الإِثم ، وإن أنزلتا ، فسد صومهما.

والوجه القضاء والكفّارة ؛ لأنّه إنزال عن فعل يوجب الحدّ ، فأشبه الزنا.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، الوجيز ١ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٦.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٢ - ٢٧٣.

(٣) حلية العلماء ٣ : ٢٠٤ ، المجموع ٦ : ٣٢٢.

(٤) الكافي في الفقه : ١٨٣.

(٥) المجموع ٦ : ٣٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣.

(٦) المغني ٣ : ٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣ ، المجموع ٦ : ٣٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦.

٤٦

وعن أحمد روايتان(١) .

ولو ساحق المجبوب فأنزل ، فكالمجامع في غير الفرج.

ه - لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدامه ، وجب القضاء والكفّارة‌ - وبه قال مالك والشافعي وأحمد(٢) - لصدق المجامع عليه.

وقال أبو حنيفة : يجب القضاء خاصة ؛ لأنّ وطأه لم يصادف صوماً صحيحاً ، فلم يوجب الكفّارة ، كما لو ترك النيّة وجامع(٣) .

ونمنع حكم الأصل.

و - لو نزع في الحال مع أول طلوع الفجر من غير تلوّم ، لم يتعلّق به حكم ، إلّا أن يُفرّط بترك المراعاة - وبه قال أبو حنيفة والشافعي(٤) - لأنّه ترك للجماع ، فلا يتعلّق به حكم الجماع.

وقال بعض الجمهور : تجب الكفّارة ، لأنّ النزع جماع يلتذّ به ، فيتعلّق به ما يتعلّق بالاستدامة(٥) .

وليس بحثنا فيه ، بل مع عدم التلذّذ.

وقال مالك : يبطل صومه ولا كفّارة ؛ لأنّه لا يقدر على أكثر ممّا فعله في ترك الجماع ، فأشبه المكره(٦) .

ونمنع وجوب القضاء.

مسألة ١٨ : ويجب بالأكل والشرب عامداً مختاراً في نهار رمضان‌ على‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٦٢ - ٦٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٢.

(٢) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٢.

(٣) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٢.

(٤) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٦ ، المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٠٩ و ٣١١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٣.

(٥) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧.

(٦) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧ ، المجموع ٦ : ٣١١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٣.

٤٧

مَن يجب عليه الصوم : القضاء والكفّارة عند علمائنا أجمع - وبه قال عطاء والحسن البصري والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو حنيفة ومالك(١) - لأنّه أفطر بأعلى ما في الباب من جنسه ، فوجب عليه الكفّارة ، كالجماع ؛ لما رواه الجمهور : أنّ رجلاً أفطر ، فأمره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن يُعتق رقبةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يُطعم ستّين مسكيناً(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه عبد الله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام ، في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذر ، قال : « يُعتق نسمةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يُطعم ستّين مسكيناً ، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق »(٣) .

وقال الشافعي : لا تجب الكفّارة ، بل القضاء خاصة - وبه قال سعيد ابن جبير والنخعي ومحمد بن سيرين وحمّاد بن أبي سليمان وأحمد وداود - لأصالة البراءة(٤) .

والأصل قد يخالف ؛ للدليل ، وقد بيّناه.

ولا فرق بين الرجل والمرأة والعبد والخنثى في ذلك ، ولا بين أكل المحلَّل والمحرَّم ، ولا المعتاد وغيره ، خلافاً للسيد المرتضى في الأخير(٥) ،

____________________

(١) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٣ ، الجامع الصغير للشيباني : ١٤٠ ، المجموع ٦ : ٣٣٠ ، المغني ٣ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٩ ، اختلاف العلماء : ٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٧.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٨٣ - ٧٨٤ / ٨٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٣ / ٢٣٩٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩١ / ٥٣.

(٣) الكافي ٤ : ١٠١ - ١٠٢ / ١ ، الفقيه ٢ : ٧٢ / ٣٠٨ ، التهذيب ٤ : ٣٢١ / ٩٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ - ٩٦ / ٣١٠.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٨ و ٣٢٩ - ٣٣٠ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٨ ، اختلاف العلماء : ٧٢ - ٧٣ ، المغني ٣ : ٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣٠٢ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٣.

(٥) جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤.

٤٨

ولأبي حنيفة والشافعي(١) .

مسألة ١٩ : ويجب بإيصال الغبار الغليظ والرقيق إلى الحلق عمداً : القضاء والكفّارة عند علمائنا‌ ؛ لأنّه مفسد واصل الى الجوف ، فأشبه الأكل.

وما رواه سليمان بن جعفر المروزي ، قال : سمعته يقول : « إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمّداً أو شمّ رائحةً غليظةً أو كنس بيتاً ، فدخل في أنفه وحلقه غبار ، فعليه صوم شهرين متتابعين ، فإنّ ذلك له فطر ، مثل الأكل والشرب »(٢) .

مسألة ٢٠ : لو أجنب ليلاً ، وتعمّد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر ، وجب عليه القضاء والكفّارة‌ ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَن أصبح جنباً في شهر رمضان فلا يصومنّ يومه )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ، ثم ترك الغسل متعمّداً حتى أصبح ، قال : « يُعتق رقبةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يُطعم ستين مسكيناً»(٤) .

وقال ابن أبي عقيل منّا : عليه القضاء خاصة. وهو ظاهر كلام السيد المرتضى(٥) ، وبه قال أبو هريرة والحسن البصري وسالم بن عبد الله والنخعي وعروة وطاوس(٦) .

____________________

(١) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٩ ، المجموع ٦ : ٣٢٨ و ٣٢٩ - ٣٣٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٨ ، المغني ٣ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢١٤ / ٦٢١ ، الاستبصار ٢ : ٩٤ / ٣٠٥ ، وفيهما : سليمان بن حفص المروزي.

(٣) أورده السيد المرتضى في الانتصار : ٦٣ ، والمحقق في المعتبر : ٣٠٦.

(٤) التهذيب ٤ : ٢١٢ / ٦١٦ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ / ٢٧٢.

(٥) اُنظر : جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٥.

(٦) المغني ٣ : ٧٨ - ٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، المجموع ٦ : ٣٠٧ - ٣٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٢.

٤٩

وقال الجمهور : لا قضاء ولا كفّارة ، وصومه صحيح(١) ، لقوله تعالى :( حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ) (٢) .

وما رووه عن النبيعليه‌السلام ، أنّه كان يُصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصومه(٣) .

والجواب : لا يجب اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الغاية.

والرواية ممنوعة ، على أنّها محمولة على أنّه كان يقارب بالاغتسال طلوع الفجر ، لا أنّه يفعله بعده ، وإلّا لكان مداوماً لترك الأفضل وهو الصلاة في أول وقتها ؛ فإنّ قولنا : كان يفعل ، يدلّ على المداومة.

تذنيب : لو أجنب ثم نام غير ناوٍ للغسل حتى طلع الفجر ، وجب عليه القضاء والكفّارة‌ ؛ لأنّه مع ترك العزم على الغسل يسقط اعتبار النوم ، ويصير كالمتعمّد للبقاء على الجنابة.

ولو نام على عزم الاغتسال ثم نام ثم انتبه ثانياً ثم نام ثالثاً على عزم الاغتسال ، واستمرّ نومه في الثالث حتى أصبح ، وجب عليه القضاء والكفّارة أيضاً ؛ لرواية سليمان بن جعفر المروزي عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : « إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ، فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم ، ولا يدرك فضل يومه »(٤) وهو يتناول صورة النزاع.

مسألة ٢١ : أوجب الشيخان بالارتماس القضاء والكفّارة(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٣٠٧ ، المغني ٣ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٠٦ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٥٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٢.

(٢) البقرة : ١٨٧.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٤٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢١٤.

(٤) التهذيب ٤ : ٢١٢ / ٦١٧ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ / ٢٧٣ ، وفي الأول : سليمان بن حفص المروزي.

(٥) المقنعة : ٥٤ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٠.

٥٠

واختار السيد المرتضى -رحمه‌الله - الكراهية ، ولا قضاء ولا كفّارة فيه(١) ، وبه قال مالك وأحمد(٢) .

وللشيخ قول في الاستبصار : إنّه محرَّم لا يوجب قضاءً ولا كفّارةً(٣) .

وهو الأقوى ؛ لدلالة الأحاديث(٤) على المنع ، وأصالة البراءة(٥) على سقوط القضاء والكفّارة.

وقال ابن أبي عقيل : إنّه سائغ مطلقاً. وبه قال الجمهور(٦) ، إلّا مَن تقدّم.

مسألة ٢٢ : أوجب الشيخان القضاء والكفّارة بتعمّد الكذب على الله تعالى‌ ، أو على رسوله ، أو على الأئمّةعليهم‌السلام (٧) .

وخالف فيه السيد المرتضى(٨) ، وابن أبي عقيل ، والجمهور(٩) كافّة ، وهو المعتمد ، لأصالة البراءة.

احتجّ الشيخان : برواية أبي بصير ، قال : سمعت الصادقعليه‌السلام ، يقول : « الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم » قال : قلت : هلكنا ، قال :

____________________

(١) حكاه عنه ، المحقّق في المعتبر : ٣٠٢ ، وانظر : جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤.

(٢) حكاه عنهما ، المحقّق في المعتبر : ٣٠٢.

(٣) الاستبصار ٢ : ٨٥.

(٤) اُنظر : الكافي ٤ : ١٠٦ / ١ - ٣ ، والتهذيب ٤ : ٢٠٣ / ٥٨٧ و ٥٨٨ ، والاستبصار ٢ : ٨٤ / ٢٥٨ - ٢٦٠.

(٥) أي : ولدلالة أصالة البراءة

(٦) المغني ٣ : ٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٣ ، المجموع ٦ : ٣٤٨.

(٧) المقنعة : ٥٤ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٠.

(٨) جُمل العلم والعلم ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤ ، وحكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٠٢.

(٩) كما في المعتبر : ٣٠٢.

٥١

« ليس حيث تذهب ، إنّما ذلك الكذب على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى الأئمّةعليهم‌السلام »(١) .

والإِفطار يستلزم الكفّارة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام ، في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذر ، قال : « يُعتق نسمةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يُطعم ستين مسكيناً ، فإن لم يقدر ، تصدّق بما يطيق »(٢) .

وهي محمولة على المفطرات الخاصة ، والحديث الأول اشتمل على ما هو ممنوع عندهم ، وهو : نقض الوضوء ، فيحمل على المبالغة.

مسألة ٢٣ : والقضاء الواجب هو يوم مكان يوم خاصة عند عامة العلماء(٣) .

وحكي عن ربيعة أنّه قال : يجب مكان كلّ يوم اثنا عشر يوماً(٤) .

وقال سعيد بن المسيب : إنّه يصوم عن كلّ يوم شهراً(٥) .

وقال إبراهيم النخعي ووكيع : يصوم عن كلّ يوم ثلاثة آلاف يوم(٦) .

والكلّ باطل ؛ لقولهعليه‌السلام للمجامع : ( وصُم يوماً مكانه )(٧) .

ومن طريق الخاصة : قول الكاظمعليه‌السلام : « ويصوم يوماً بدل يوم »(٨) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٥٤ / ٩ ، معاني الأخبار : ١٦٥ ، باب معنى قول الصادقعليه‌السلام : الكذبة تفطر الصائم ، الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٢٠٣ / ٥٨٥.

(٢) الكافي ٤ : ١٠١ - ١٠٢ باب من أفطر متعمّداً من غير عذر الحديث ١ ، الفقيه ٢ : ٧٢ / ٣٠٨ ، التهذيب ٤ : ٣٢١ / ٩٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ - ٩٦ / ٣١٠.

(٣) المغني ٣ : ٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٩.

(٤) كما في المغني ٣ : ٥٢ ، وحلية العلماء ٣ : ١٩٩ ، والمبسوط للسرخسي ٣ : ٧٢.

(٥ و ٦ ) المغني ٣ : ٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٩.

(٧) سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٤ ذيل الحديث ١٦٧١ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٤ / ٢٣٩٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩٠ / ٥١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢٦ و ٢٢٧.

(٨) التهذيب ٤ : ٢٠٧ / ٦٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٩٦ / ٣١١.

٥٢

مسألة ٢٤ : والكفّارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً على التخيير عند أكثر علمائنا‌(١) ، وبه قال مالك(٢) ؛ لما رواه أبو هريرة : أنّ رجلاً أفطر في رمضان ، فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن يكفّر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « يُعتق نسمةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يُطعم ستين مسكيناً »(٤) و « أو » للتخيير.

وقال ابن أبي عقيل : إنّها على الترتيب - وبه قال أبو حنيفة والثوري والشافعي والأوزاعي(٥) - لقولهعليه‌السلام للواقع على أهله : ( هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال : لا ، قال : ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ) قال : لا ، قال : ( فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ )(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الكاظمعليه‌السلام : « مَن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً فعليه عتق رقبة مؤمنة ، ويصوم يوماً بدل يوم »(٧) .

____________________

(١) كالشيخ الطوسي في النهاية : ١٥٤ ، والمبسوط ١ : ٢٧١ ، والجمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢١٢ ، وسلّار في المراسم : ١٨٧ ، وابن إدريس في السرائر : ٨٦.

(٢) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٠٥ ، المغني ٣ : ٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٩ ، المجموع ٦ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٢.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٧٨٢ و ٧٨٣ / ٨٣ و ٨٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢٥.

(٤) الفقيه ٢ : ٧٢ / ٣٠٨ ، التهذيب ٤ : ٣٢١ / ٩٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ - ٩٦ / ٣١٠.

(٥) بدائع الصنائع ٥ : ٩٦ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧١ ، المغني ٣ : ٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٩ ، المجموع ٦ : ٣٣٣ و ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٠٥.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ٤١ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨١ / ١١١١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٤ / ١٦٧١ ، سنن الترمذي ٣ : ١٠٢ / ٧٢٤ ، سنن الدار قطني ٢ : ١٩٠ / ٤٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٣ / ٢٣٩٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢١.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٠٧ / ٦٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٩٦ / ٣١١.

٥٣

ولا دلالة ؛ لأنّ إيجاب الرقبة لا ينافي التخيير بينها وبين غيرها ، وإيجاب العتق لا ينافي إيجاب غيره.

وقال الحسن البصري : إنّه مخيّر بين عتق رقبة ونَحر بدنة(١) ؛ لما رواه العامة عن جابر بن عبد الله عن النبيعليه‌السلام ، أنّه قال : « مَن أفطر يوماً في شهر رمضان في الحضر فليُهد بدنة ، فإن لم يجد فليُطعم ثلاثين صاعاً »(٢) .

ورواية ضعيف فلا يعوّل عليه.

وللسيد المرتضى -رحمه‌الله - قولان : أحدهما : أنّها على الترتيب ، والثاني: أنّها على التخيير(٣) .

وعن أحمد روايتان(٤) .

والتخيير عندنا أولى ؛ لموافقة براءة الذمّة.

تذنيب :

الأولى الترتيب‌ ؛ لما فيه من الخلاص عن الخلاف ، ولاشتماله على العتق الذي هو أفضل الخصال.

مسألة ٢٥ : صوم الشهرين متتابع عند علمائنا أجمع‌ - وهو قول عامة أهل العلم(٥) - لما رواه العامة عن أبي هريرة أنّ النبيعليه‌السلام ، قال لِمَنْ واقَعَ أهلَه : ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ )(٦) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠١.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ١٩١ / ٥٤.

(٣) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٠٦ ، وفي الانتصار : ٦٩ القول بالتخيير.

(٤) المغني ٣ : ٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٩ ، المجموع ٦ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠١.

(٥) المجموع ٦ : ٣٤٥ ، المغني ٣ : ٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٠ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٢.

(٦) أوعزنا إلى مصادرها في الهامش (١) من صفحة ٤٠.

٥٤

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « أو يصوم شهرين متتابعين »(١) .

ولأنّها كفّارة فيها صوم شهرين ، فكان متتابعاً ، كالظهار والقتل(٢) .

وقال ابن أبي ليلى : لا يجب التتابع(٣) ؛ لما روى أبو هريرة أنّ رجلاً أفطر في رمضان ، فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن يكفِّر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً(٤) . ولم يذكر التتابع ، والأصل عدمه.

وحديثنا أولى ؛ لأنّه لفظ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحديثكم لفظ الراوي ، ولأنّ الأخذ بالزيادة أولى.

مسألة ٢٦ : الواجب في الإِطعام مُدٌّ لكلّ مسكين‌ ، قدره رطلان ورُبع بالعراقي ، والواجب خمسة عشر صاعاً - وبه قال الشافعي وعطاء والأوزاعي(٥) - لما رواه العامة في حديث المـُجامع ، أنّه اُتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بمِكتَل فيه خمسة عشر صاعاً من تَمر ، فقال : ( خُذها وأطعم عيالك )(٦) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه عبد الرحمن عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً ، قال : « عليه خمسة عشر صاعاً ، لكلّ مسكين مُدٌّ بمُدِّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٠٥ - ٢٠٦ / ٥٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ - ٩٦ / ٣١٠ ، والفقيه ٢ : ٧٢ / ٣٠٨.

(٢) أي : كفّارة الظهار والقتل.

(٣) المجموع ٦ : ٣٤٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٢.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٧٨٣ - ٧٨٤ / ٨٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٣ / ٢٣٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩١ / ٥٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢٢٥.

(٥) المغني ٣ : ٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٧١ ، المجموع ٦ : ٣٤٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٠٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٨٩.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ٣١٣ / ٢٣٩٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩٠ / ٤٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢٢ بتفاوت يسير.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٠٧ / ٥٩٩ ، والاستبصار ٢ : ٩٦ / ٣١٢ بتفاوت يسير في الأخير.

٥٥

وقال الشيخرحمه‌الله : لكلّ مسكين مُدّان من طعام(١) .

والأصل براءة الذمة.

وقال أبو حنيفة : من البُرّ ، لكلّ مسكين نصفُ صاع ، ومن غيره صاع(٢) ؛ لما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث سلمة بن صخر : ( وأطعم وَسقاً من تَمر )(٣) .

وهو ضعيف ؛ لأنّه مختلف فيه.

وقال أحمد : مُدٌّ من بُرّ و(٤) نصف صاع من غيره(٥) ؛ لما رواه أبو زيد المدني قال : جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، للمُظاهر : ( أطعم هذا فإنّ مُدَّي شعيرٍ مكان مُدّ بُرٍّ(٦) .

وليس محلّ النزاع.

مسألة ٢٧ : قد بيّنّا أنّ الكفّارة مخيّرة‌ ، وعلى القول بالترتيب لو فقدت الرقبة فصام ثم وجد الرقبة في أثنائه ، جاز له المضيّ فيه ، والانتقال الى الرقبة أفضل ؛ لأنّ فرضه انتقل بعجزه الى الصيام وقد تلبّس به ، فكان الواجب إتمامه ، وسقط وجوب العتق ، كالمتيمّم يسقط عنه الوضوء بشروعه في الصلاة.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧١.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ٨٩ ، المغني ٣ : ٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٧١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٠٥.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ٢٦٥ / ٢٢١٣ ، مسند أحمد ٤ : ٣٧.

(٤) في المصدر : أو. وهو الصحيح.

(٥) المغني ٣ : ٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٧١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٦.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٧٠ ، والشرح الكبير ٣ : ٧٢.

٥٦

ولأنّه بعد الرقبة(١) تعيّن عليه الصوم ، فلا يزول هذا الحكم بوجود الرقبة ، كما لو وجدها بعد إكمال الصوم.

وقال أبو حنيفة والمزني : لا يجزئه الصوم ، ويكفّر بالعتق - وللشافعي قولان(٢) - لأنّه قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل ، فيبطل حكم البدل ، كالمتيمّم يرى الماء(٣) .

وليس حجّةً ؛ فإنّ المتيمّم بعد الدخول في الصلاة يمضي فيها ، ولا يبطل تيمّمه ، أمّا قبلها(٤) فلا ، والفرق : أنّه لم يتلبّس بما فعل التيمّم له ، فلم يظهر له حكم.

ولأنّ التيمّم لا يرفع الحدث بل يستره ، فإذا وجد الماء ، ظهر حكمه ، بخلاف الصوم ؛ فإنّه يرفع حكم الجماع بالكلية.

مسألة ٢٨ : لو عجز عن الأصناف الثلاثة ، صام ثمانية عشر يوماً‌ ، فإن لم يقدر ، تصدّق بما وجد ، أو صام ما استطاع ، فإن لم يتمكّن ، استغفر الله تعالى ولا شي‌ء عليه ، قاله علماؤنا ؛ لما رواه العامة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال للمجامع : ( اذهب فكُله أنت وعيالك )(٥) ولم يأمره بالكفّارة في ثاني الحال ، ولو كان الوجوب ثابتاً في ذمته ، لأمَره بالخروج عنه عند قدرته.

ومن طريق الخاصة : قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فخُذه فأطعمه عيالك واستغفر الله عزّ وجل )(٦) .

____________________

(١) أي : بعد فقدان الرقبة.

(٢) المغني ٣ : ٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧١ ، الاُم ٥ : ٢٨٣ ، مختصر المزني : ٢٠٦ ، المهذب للشيرازي ٢ : ١١٨ ، حلية العلماء ٧ : ١٩٥ ، الحاوي الكبير ١٠ : ٥٠٨.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٩٨ ، المغني ٣ : ٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧١ ، حلية العلماء ٧ : ١٩٥ ، المهذب للشيرازي ٢ : ١١٨ ، مختصر المزني : ٢٠٦.

(٤) في « ف » : قبله.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٧٨١ - ٧٨٢ / ١١١١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢١ بتفاوت.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٠٦ / ٥٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ - ٨١ / ٢٤٥ ، والكافي ٤ : ١٠٢ / ٢.

٥٧

ولأنّ الكفّارة حقٌّ من حقوق الله تعالى على وجه البدل ، فلا يجب مع العجز ، كصدقة الفطر.

وقال الزهري والثوري وأبو ثور : إذا لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة ، كانت الكفّارة ثابتةً في ذمّته - وهو قياس قول أبي حنيفة(١) - لأنّ النبيعليه‌السلام ، أمَر الأعرابي أن يأخذ التمر ويكفّر عن نفسه ، بعد أن أعلمه بعجزه عن الأنواع الثلاثة ، وهو يقتضي وجوب الكفّارة مع العجز.

ولأنّه حقُّ لله تعالى في المال ، فلا يسقط بالعجز ، كسائر الكفّارات(٢) .

وليس حجّةً ؛ لأنّهعليه‌السلام ، دفع ( التمر )(٣) تبرّعاً منه ، لا أنّه واجب على العاجز. وحكم الأصل ممنوع.

وقال الأوزاعي : تسقط الكفّارة عنه(٤) . وللشافعي قولان(٥) . وعن أحمد روايتان(٦) .

فروع :

أ - حدّ العجز عن التكفير : أن لا يجد ما يصرفه في الكفّارة فاضلاً عن قوته وقوت عياله ذلك اليوم.

ب - لا يسقط القضاء بسقوط الكفّارة مع العجز ، بل يجب القضاء مع القدرة عليه ، فإن عجز أيضاً عنه ، سقط ؛ لعدم الشرط ، وهو : القدرة.

ج - اختلفت عبارة الشيخين هنا ، فقال المفيدرحمه‌الله : لو عجز عن الأصناف الثلاثة ، صام ثمانية عشر يوماً متتابعات ، فإن لم يقدر ، تصدّق بما‌

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٣ : ٧٢ - ٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٢.

(٣) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، وفي الطبعة الحجرية : البُرّ. والصحيح - كما يقتضيه السياق - ما أثبتناه.

(٤) المغني والشرح الكبير ٣ : ٧٢.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٢ ، المجموع ٦ : ٣٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤.

(٦) المغني ٣ : ٧٢ - ٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٢.

٥٨

أطاق ، أو فليصُم ما استطاع(١) . فجعل الصدقة مرتّبةً على العجز عن صوم ثمانية عشر.

والشيخ -رحمه‌الله - عكس ، فقال : إن لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة فليتصدّق بما تمكّن منه ، فإن لم يتمكّن من الصدقة ، صام ثمانية عشر يوماً ، فإن لم يقدر ، صام ما تمكّن منه(٢) .

د - أطلق الشيخ -رحمه‌الله - صوم ثمانية عشر يوماً(٣) .

والمفيد والمرتضى - رحمهما الله - قيّداها بالتتابع(٤) .

ورواية سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسنعليه‌السلام ، من قوله : « إنّما الصيام الذي لا يفرّق كفّارة الظهار وكفّارة اليمين »(٥) يدلّ على قول الشيخرحمه‌الله تعالى.

ه- لو عجز عن صيام شهرين ، وقدر على صوم شهر مثلاً ، ففي وجوبه أو الاكتفاء بالثمانية عشر يوماً إشكال.

أمّا في الصدقة ، فلو عجز عن إطعام ستين ، وتمكّن من إطعام ثلاثين ، وجب قطعاً ؛ لقولهعليه‌السلام : ( فإن لم يتمكّن تصدّق بما استطاع )(٦) .

وكذا الإِشكال لو تمكّن من صيام شهر وإطعام ثلاثين هل يجبان أم لا؟

مسألة ٢٩ : وإنّما تجب الكفّارة في صوم تعيّن وقته إمّا بأصل الشرع ، كرمضان ، أو بغيره ، كالنذر المعيّن‌ ، وتجب أيضاً في قضاء رمضان بعد الزوال‌

____________________

(١) المقنعة : ٥٥.

(٢ و ٣ ) النهاية : ١٥٤.

(٤) المقنعة : ٥٥ ، جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٥.

(٥) الكافي ٤ : ١٢٠ / ١ ، الفقيه ٢ : ٩٥ / ٤٢٨ ، التهذيب ٤ : ٢٧٤ / ٨٣٠ ، الاستبصار ٢ : ١١٧ / ٣٨٢.

(٦) لم نعثر عليه في مظانّه من المصادر الحديثية لأبناء العامّة ، ونحوه من طريق الخاصة عن الإِمام الصادقعليه‌السلام ، في الكافي ٤ : ١٠١ و ١٠٢ / ١ و ٣ والفقيه ٢ : ٧٢ / ١ ، والتهذيب ٤ : ٢٠٥ و ٢٠٦ / ٥٩٤ و ٥٩٦ ، والاستبصار ٢ : ٩٥ و ٩٦ / ٣١٠ و ٣١٣.

٥٩

لا قبله ، وفي الاعتكاف عند علمائنا.

وأطبقت العلماء على سقوط الكفّارة فيما عدا رمضان(١) ، إلّا قتادة ؛ فإنّه أوجب الكفّارة في قضاء رمضان(٢) .

أمّا قضاء رمضان : فلأنّه عبادة تجب الكفّارة في أدائها ، فتجب في قضائها كالحجّ.

ولما رواه بريد بن معاوية العجلي - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : « إن كان أتى أهله قبل الزوال ، فلا شي‌ء عليه إلّا يوماً مكان يوم ، وإن كان أتى أهله بعد الزوال فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين »(٣) .

وأمّا النذر المعيّن : فلتعيّن زمانه كرمضان.

ولأنّ القاسم الصيقل كتب اليهعليه‌السلام : يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوماً لله تعالى ، فوقع في ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفارة؟

فأجابه : « يصوم يوماً بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة »(٤) .

وأمّا الاعتكاف الواجب : فلأنّه كرمضان في التعيين.

ولأنّ زرارة سأل الباقرعليه‌السلام عن المعتكف يجامع ، فقال : « إذا فعل فعليه ما على المظاهر»(٥) .

مسألة ٣٠ : قد بيّنا أنّه فرقٌ بين أن يفطر في قضاء رمضان قبل الزوال وبعده‌ ، فتجب الكفّارة لو أفطر بعده ، ولا تجب لو أفطر قبله.

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٣ : ٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٨.

(٣) الكافي ٤ : ١٢٢ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٦ / ٤٣٠ ، التهذيب ٤ : ٢٧٨ - ٢٧٩ / ٨٤٤ ، الاستبصار ٢ : ١٢٠ / ٣٩١.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٨٦ / ٨٦٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٥ / ٤٠٦.

(٥) الكافي ٤ : ١٧٩ ( باب المعتكف يجامع أهله ) الحديث ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٢ / ٥٣٢ ، التهذيب ٤ : ٢٩١ / ٨٨٧ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ / ٤٢٤.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قصة : في ليلة بدر وهي معركة مشهورة بين قوى الشرك المتمثلة بقريش وعلى رأسهم ( أبو سفيان ) وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه ، وكان عدد المشركين ثلاث أضعاف عدد المسلمين ، وفي ليلة السابع عشر من شهر رمضان لم ينم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صفّ قدميه إلى جنب نخلة أو شجرة وانشغل بالصلاة والتضرّع إلى الله عزّ وجل في نصرة جيشه على المشركين( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ) (١) ، الله عزّ وجل نصر النبي والمسلمين حينما استغاث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بربّه وهكذا نحن إذا لجأنا وفزعنا إلى الله عند الشدّة يستجيب الله لنا ، والصلاة عبارة عن صلة العبد الفقير بربّه الغني وهكذا ينقل عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه إذا مرّت به شدّة كان يجمّع أولاده وعائلته ويصلي ركعتين ثم يدعوا الله عزّ وجل فتنكشف عنه تلك الشدّة

الانقطاع إلى الله يعزّز العبد عند الله تعالى :

في الحديث الشريف « أوحى الله إلى بعض أنبياءه أما انقطاعك إليّ فيعزّزك بي » نعم الخضوع والخشوع لله سبحانه يمنح الإنسان العزّة ، لأنّ العزّة الحقيقية بيد الله تعالى قال سبحانه( وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) إذا اشتغل الإنسان في طاعة الله واجتنب معاصيه يكون عزيزاً ، وقد أشار الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام : « من أراد عزاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان وغنىً بلا مال فليخرج من ذل معصية الله سبحانه إلى عزّ طاعته »

العوامل الوراثية لها دور في صياغة شخصية الإنسان :

الحوراء زينبعليها‌السلام فتحت عينها وترى تهجد جدّها المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقوم
___________________

(١) سورة الأنفال : الآية ٩

١٢١

الليل ويتهجّد بآيات القرآن الكريم ، وهكذا نظرت إلى أُمّها الزهراءعليها‌السلام وهي تقوم أكثر الليالي حتى لقد حدّث الحسن المجتبىعليه‌السلام قال رأيت أُمي في ليلة من ليالي الجمعة ، وقد صفّت قدميها واستقبلت القبلة ولم تزل راكعة ساجدة إلى أن اتضح عمود الصباح وما سمعتها دعت لنفسها بل كانت تدعوا لجيرانها ولمّا سألها الحسنعليه‌السلام عن سبب ذلك فقالت الجار ثم الدار ، وكذلك نظرت إلى أبيها أمير المؤمنين وكيف كان يقوم الليل حتى كانت تعتريه بعض الحالات التي يكون فيها كالخشبة اليابسة ، إنّ هذه المشاهد من شأنها أن تؤثر في الذريّة والأبناء وكل من يشاهدها ، من هنا كان من ألقاب الحوراء زينبعليها‌السلام « عابدةٌ آل علي » ، ولذا لا نستبعد ما نقله المحقق الشيخ جعفر النقدي في كتابه ( زينب الكبرى ) قال ان الحسينعليه‌السلام أوصى زينب « أُخيّه لا تنسيني في صلاة الليل »

من آثار العبادة :

أولاً : اليقين : العبادة تصقل النفس الإنسانية وتزكّيها خصوصاً إذا كانت العبادة عن علم ومعرفة ، وإذا زكت النفس ، أصبح القلب مستعدّاً لتلقّي الفيوضات الربانيّة والعلوم الدينية التي تفاض عليه وهكذا كانت الحوراء زينبعليها‌السلام كما وصفها جّة العصر زين العابدينعليه‌السلام : « أنت بحمد الله عالمة غير معلّمة وفهمة غير مفهّمة »

ثانياً : الصبر على مجابهة الصعاب والشدائد : من جملة آثار العبادة الصحيحة لله عزّ وجل ، العبد يشعر بالطمأنينة والسكينة قال تعالى :( أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ
) وهذه السكينة التي تحصل عند العبد تورثه الرضا بما يصدر عن الله تبارك وتعالى فلا يعترض على أمره أو شيء من قدره ، وهكذا كانت الحوراء زينبعليها‌السلام حينما خاطبها اللعين عبيد الله بن زياد في الكوفة أرأيت كيف صنع الله

١٢٢

بأخيك الحسينعليه‌السلام فقالت : ما رأيت إلّا جميلاً ، هؤلاء قومٌ كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم وتحاد وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أُمّك يابن مرجانه نلاحظ أنها قالت « ما رأيت إلّا جميلاً » وهناك شاهد آخر على صبرها وتسليمها ورضاها بما قضى الله عزّ وجل ، وهو أنّها أقبلت إلى جثمان أخيها الحسينعليه‌السلام وقالت بعد ان رفعته قليلاً إلى السماء « إلهي تقبّل منا هذا القربان »

ومن مظاهر صبرها انّها تحمّلت عناء السبيّ ولمحافظة على عيال أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام وكذلك مجابهة الطغاة وفضحهم ، وقامت بمسؤليتها على أحسن وجه وكانت تستعين بالصلاة خصوصاً تتهجّد في الليل للقيام بمسؤوليتها في النهار ومن هنا قال الامام زين العابدينعليه‌السلام إنّ عمتي الحوراء زينب لم تترك تهجدها الليلي حتى في ليلة الحادي عشر من المحرّم بل كانت في الطريق مع متاعب الطريق كانت لا تترك صلاة الليل ، بل ربّما للتعب والأعياء تصلّيها من جلوس ولمّا زين العابدينعليه‌السلام إلى عمّته تصلّي من جلوس فسألها فقالت على الضعف الذي نزل بي ، ولسان حالها :

يعمّه راح الحيل عنّي

من راح ابوك حسين عنّي

وطبرات جسمه الضعضعني

ميتة عسن من زغر سنّي



ثم تلتفت إلى رأس أخيها ولسان الحال :

يحسين حال الظيم حالي

ظليت حرمه ابغير والي

مشدوه من الهظم بالي

او راسك يبو الشيمه اگبالي

يتلى الذ چ ر فوگ العوالي

ما چنت اظن غدر الليالي

١٢٣

ايخلّيني امشي ابظعن خالي

من كل هلي اهل المعالي

او دمعي على الوجنات هالي

         



انه امن ابچي ابحزن مر مانعنه

مصاب احسين من مر مانعنه

غريب الطف خواته مانعنه

اشحال الناعيه الراحت سبيه



هتكوا عن نساءكم كل خدر

هذه زينب على الأكوار



١٢٤

الموت

ولربّ قائلة وغرب عيونها

يدمي فيخفي نطقها استعبار

ماذا السؤال فمت بدائك حسرة

قضت الحميّة واستبيح الجار

ما هاشم إن كنت تسأل هاشم

بعد الحسين ولا نزار نزار

أتوانياً ولكم بأشواط العلا

دون الأنام الورد والإصدار

هذي أُميّة لاسرىٰ في قطرها

غضّ النسيم ولا استهلّ قطار

أضحت برغم أنوفكم ما بينها

بنساءكم تتقاذف الأمصار

من كلّ باكية تجاوب مثلها

نوحاً بقلب الدين منه أوار

حملت على الأكوار بعد خدورها

الله ماذا تحمل الأكوار(١)



عگب الهوادج يسّروها آل أُميه

او للطاغي ابن زياد ودّوها هديه

ما ظنتي ترضى يبو النفس الابيه

للطاغي ابن زياد ينظرها ابعينه

     

_____________________

(١) للسيد الحيدر الحلّي

١٢٥

ودّوها للشامات يا حيدر سردال

هي ويتاما احسين مچتوفين بحبال

او راس العزيز احسين منور فوگ عسال

نوره ايتلالا چالبدر يرعى الظعينه

في باب ابو الساعات وگفوهم يكرار

والناس من عظم الفرح تضرب المزمار

ناس يسبوهم ويضربوهم بالحجار

واحسين راسه فوگ خطي ناصبينه

     



زفيري اعليك شبه النار منهاي

ونه ايسيره لو تصيح الناس منهاي

كل خوفي يخويه احسين منهاي

طحت بالخفت منّه اشلون بيّه



أين الشهامة أم أين الحفاظ أما

يأبی لها شرف الأحساب والكرم

تسبى حرائرها بالطفّ حاسرة

ولم تكن بغبار الموت تلتثم

  

( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ
إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
) (١)

______________________

المقدمة :

القرآن الكريم كلام الله عزّ وجل والمعجزة الخالدة لنبينا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الثقل
___________________

(١) سورة الجمعة : الآية ٨

١٢٦

الأكبر كما صرّحت بذلك بعض الروايات ، وهو النور من الله يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ، وقد أكّد النبي الكريم وأهل بيته على ضرورة الاهتمام به والعمل بأحكامه فها هو أمير المؤمنينعليه‌السلام يوصينا ويقول : « الله الله في القرآن لا يسبقكم إلى العمل به غيركم » لم يقل تلاوته مع أنّ التلاوة فيها أجر وثواب لأنّ التلاوة مقدمة للتدبّر وإذا تدبّرنا تكون على تهيأة واستعداد للعمل به ، وقد دعانا القرآن الكريم لأن نتدبر آياته فقال( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )

هناك مجموعة أقفال تمنّع من التدبّر والاستفادة من القرآن ومنها حبّ الدنيا واتباع الهوى اضرب لك مثال : في يوم من الأيام الامام الصادقعليه‌السلام كان يأكل الطعام وإلى جنبه ( ابو حنيفة ) فلما فرغ من الطعام حمد الله عزّ وجل حسب الاستحباب الوارد في آداب المائدة وقال اللهم لك الحمد هذا منك ومن رسولك ، فقال ابو حنيفة للامام الصادقعليه‌السلام اشركت يا أبا عبد الله ، وإلى يومنا هذا توجد نماذج في عالمنا المعاصر ما عندها شغل إلّا تكفّر وتجعل المسلمين مشركين تقبّل شيء يشير إلى رمز عظيم عندنا أو شيء يذكّرنا برسول الله فيقولون أشركت ، يا أخي لا يمكن أن تحسب كل قبلة شرك ، طيّب لا تقبّل ابنك لأنه شرك لا تقبّل المصحف فانه شرك ، لا تقبّل الحجر الأسود فانه شرك ، اقول في جوابك كما انه ليس في تقبيل طفلي شرك لأنه من باب المحبّة وتعبير عنها أو في تقبيل المصحف رمز إلى أنه كلام الله عزّ وجل اعتزازاً به ، كذلك أقول لك أنّما أقبّل ضريح الحسينعليه‌السلام لأنّه يذكرني برسول الله يذكرني بفاطمة ، لأنّه حلّت في هذا المكان روح وجسد عزيز عند النبي وأمرني الرسول بمودته ولم يطلب اجراً سوى المودة في القربى( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) ثم هذا يذكرني بالحرية والعزة والكرامة التي علّمني إياها الحسينعليه‌السلام أن لا أضع يدي بيد الظالم يخاطب الشاعر ضريح الحسينعليه‌السلام :

١٢٧

شممت ثراك فهبّ النسيم

نسيم الكرامة من بلقع

وعفّرت خدي بحيث استراح

خدّ تفرّىٰ ولم يضرع

كأنّ يداً من وراء الضريح

حمراء مبتورة الأصبع



استلهم العزة والكرامة من هذه القبور إذن تقبيل الضريح لا يعني عبادة وليس كل تقبيل عبادة ، والنية لها دور أعود إلى الحديث فقال للامام الصادقعليه‌السلام اشركت يا أبا عبد الله ؟! فقال له الإمام وكيف فقال قلت هذا منك ومن رسولك ، لابد ان تقول هذا منك فقط وتسكت ، الامام الصادقعليه‌السلام ارجعه إلى القرآن فقال له ألم تقرأ القرآن قال بلى( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) فقال كأني لم أقرأها فقال له الامامعليه‌السلام أنت قرأتها ولكنّ الله عزّ وجل أنزل فيك وفي أمثالك أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها

عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سألت أبي عن الرجل يمسّ منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويتبرك بمسه ويقبّله ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى ، قال لا بأس به(١)

الحافظ ابو سعيد بن العاد وهو معاصر لابن تيمية قال وردنا عن الإمام أحمد بن حنبل أنّه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به(٢)

ابن حجر العسقلاني عن أحمد أنه لا يرى بأساً في تقبيل منبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقبره(٣)

___________________

(١) وفاء الوفاء ٢ : ٤٢٤

(٢) أخرج هذا الحديث ابن الجوزي وابن كثير ، مناقب أحمد لابن الجوزي : ٦٠٩ ، البداية
والنهاية لابن كثير ١٠ : ٣٦٥ حوادث سنة ( ٢٤١ هـ ) .

(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٣ : ٤٧٥ / ١٠٦٩

١٢٨

محمد بن المگدر وهو من أعلام التابعين توفي سنة ( ١٣٠ هـ ) كان يجلس مع أصحابه في المسجد النبوي الشريف فكان يقوم ويضع خدّه على قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم يرجع ، فعوتب في ذلك فقال إنه ليصيبني خطرة فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن فيتمرّغ فيه ويضطجع فقيل له في ذلك ، فقال هني رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا الموضع يعني في النوم(١)

ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ بيده فقبّلها ويقول يدٌ مسّتها يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢)

أعود إلى الآية الشريفة( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ ) :

لماذا يفرّ الانسان من الموت وهل كل الناس سواء أمن هو الذي يفرّ من الموت ؟

الجواب : ليس كل الناس يفرّون من الموت ، ها هو امير المؤمنينعليه‌السلام يقول والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل لمحالب أُمّه ، صاحب المنبر الحسينعليه‌السلام كان يقول :

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما



هؤلاء يزحفون إلى الموت لا يفرّون منه

إذن لماذا يفرّ من الموت ومن هو ؟

سأل الامام الحسن المجتبىعليه‌السلام ما بالنا نكره الموت ؟ فقال لأنكم عمّرتم الدنيا
وخرّبتم الآخرة فتكرهوا أن تنتقلوا من عمران إلى خراب ، الظالم لا يحبّ
___________________

(١) راجع الذهبي في سير أعلام النبلاء ٥ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩

(٢) سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٢

١٢٩

الموت ، الطواغيت لا يريدون الموت ، لكن أين يذهبون ، هارون مع ظلمه للإمام الكاظمعليه‌السلام لمّا نزل به الموت قال ما أغنى عنّي ماليه هلك عنّي سلطانيه

« فانّه ملاقيكم » : لابدّ من الموت أين يفرّ من الموت ، كلّا لا مفر إلى ربك يومئذ المستقر اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّده ، كل من عليها فان ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام في دعاء الصباح أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وقهر عباده بالموت والفناء »

إذا عرفنا ذلك لابدّ لنا من الاستعداد للموت في دعاء الحزين : « ولو لم يكن إلّا الموت كيف وما بعد الموت أعظم وأدهى » إذن لابدّ من الاستعداد له ، امامنا زين العابدينعليه‌السلام في دعاء أبي حمزة الثمالي يبكي ولا نبكي نحن أبكي ولم لا أبكي« اَبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري اَبْكي لِضيقِ لَحَدي ، اَبْكي لِسُؤٰالِ مُنْكَرٍ وَنَكيرٍ اِيّٰايَ ، اَبْكي
لِخُرُوجي مِنْ قَبْري عُرْيٰاناً ذَليلاً حٰامِلاً ثِقْلي عَلىٰ ظَهْري ، اَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني
وَاُخْرىٰ عَنْ شِمٰالي ، اِذِ الْخَلٰائِقُ في شَاْنٍ غَيْرِ شَاْني ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَاْنٌ
يُغْنيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ، ضٰاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ »

بعض علمائنا يذكرون أنفسهم لكي لا يغفل عن الموت يحفر له في داره حفرة أشبه بالقبر وينزل فيها ويقرأ هذه الآية( رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا
تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
) ويقول لنفسه ارجعوك اعمل

كان أمير المؤمنينعليه‌السلام في كل ليلة بعد اداء صلاة العشاء يخاطب الناس : « يقول أيها الناس تجهزوا يرحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل »

ثم تردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون : بعد الموت لابدّ من الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ويخبره بما عمل في هذه الحياة ، رقابة كاملة إلهية( مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ،( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا

١٣٠

أَنطَقَنَا اللَّـهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) ،( وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ
صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا
)

المؤمن والمؤمنة في حياتهما لابدّ لهما من أن يستحضرا الرقابة الالهية في كل وقت وبهذه يوفق ان لا يتوروا في المعصية إذا عرف أنّ الله عزّ وجل يراه « اللهم اجعلني اخشاك كأني أراك »

يقول الامام لأحد اصحابه « ان كنتم تعلم انه يراك وبرزت إليه بالمعصية فقد جعلته أهون الناظرين إليك »

العلامة الطباطبائيقدس‌سره أقبل إليه مسؤول فقال له أوصني فأجابه بهذه الاجابة « ألم يعلم بأنّ الله يرى » ومن هنا يقول سيد الشهداءعليه‌السلام هذا الدعاء ومحبته لله عزّ وجل وذلك أن قدّم فلذة كبده ، شبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خلقاً وخُلقاً ومنطقاً ، قدّمه ليكون أول شهيد من شهداء بني هاشم وليعرّف الملأ العام أن الدين الحنيف يستحق أن نقدّم له القرابين تلو القرابين ، وبعد أن قام بجهاده وببطولته وقتل فيهم مقتلة عظيمة ضربه منقذ مرّة العبدي على رأسه بعد أن طعنه في ظهره ، واعتنق الفرس لعلّه يأخذه إل ی أبيه فاحتمله الفرس إلى مخيم الأعداء فقطعوه سيوفهم إرباً إربا ، يقول المرحوم الشيخ محمد بن نصار :

عگب ما شرّگ الهامات والطاس

اجته ضربة العبدي على الراس

وگع وتواردوه ابسيوفها الناس

شبگ على المهر ويلي والمهر فر



شبگ عل ی المهر لبّاله يوديه

لبوه احسين عن الگوم يحميه

اويلي المهر للعدوان فرّ بيه

واوچب آه بمسوّط العسكر



١٣١

هذا ايفصّل ابسيفه وريده

وهذا بالخناجر فصّل ايده

وهذا يغطّ رمحه الحديده

ابخاصرته وهو يعالج ويفغر



نادى ابه حسين عليك منّي السلام هذا جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد سقاني بكأسه وبيده شربة لا اظمأ بعدها ابداً ويقول إنّ لك عنده كأساً مذخوره ، ولما سمع الحسين إلى صوته أخذت عيناه تدوران كالمحتضر ونادى بصوت مالك يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ، ثم ركب جواده وانطلق نحو الميدان ، ولما وصل إليه رمى بنفسه وتمدّد بطول ولده ووضع خدّه على خدّه وهو يقول بني علي على الدنيا بعدك العفا أما أنت فقد استرحت من هم الدنيا وغمّها وأبقيت أباك لهمّها وغمّها

يا نجعة الحيين هاشم والندى

وحما الذمارين العلى والسؤدد

فلتذهب الدنيا على الدنيا العفا

ما بعد يومك من زمان أرغد



سريت وللگلب سرّيت بعداك

فعلت أفعال حامي الجار بعداك

على الدنيا العفا يا بويه بعداك

محل الضيج يبني اگطعت بيّه



يبويه من سمع يمّك ونينك

ومن شبحت لعند الموت عينك

للعشرين ما وصلن اسنينك

وحاتفني عليك الدهر الأگشر



نقل الشيخ الحائري في معاليه ما مضمونه ، ان رجلاً من الأعراب مرّ على دور بني هاشم بعد واقعة كربلا فسمع أنيناً يخرج من بيت سمرّ بقدميه إلى الأرض حتى

١٣٢

أنّ الناقة بركت في مكانها من شدّة الأنين فوقف ينتظر حتى خرجت جارية من البيت ، فسألها لمن هذه الدار ؟ فقالت غاب صاحبها فقلت لها هي لمن ؟

قالت للحسين بن علي ، فقلت ومن هذي الباكية ؟ قالت أُم ولد يقال لها ليلى ما زالت تندب ولدها صباحاً ومساءاً كأني بلسان حالها :

يبني علي لو تشوف الليل

ع گب عينك اشلون اگضيه

نص بالدمع والحسره

ونص أحلم واشوفك بيه

اگول ترد ليالينا

وزمان الراح نرجع ليه



نهاري والعگل تايه

وليلي والدمع جاري

لا يبرد حزن گلبي

ولا هي تنطفي ناري

اظن ما بين هذا أو ذاك

اگضي الليل وانهاري

ولا هجعة تجيني ابليل

ولا فرحه تجي ابمصباح



١٣٣

المختار الثقفي

من مبلغ المصطفى استعمال أُمته

من بعده نسخ وحي الله بالشورى

جاشت على آله ما ارتاح واحدهم

من جور أعداه حتى مات مقهورا

قضى أخوه خضيب الشيب وابنته

غضبىٰ وسبطاه مسموماً ومنحورا

يا وقعة الطف كم أوقدتي في كبدي

وطيس حزن ليوم الحشر مسجورا

كأنّ كلّ مكان كربلاء لدى

عيني وكلّ زمان يوم عاشورا

لهفي لظام على شاطي الفرات قضى

ظمئان يرنو لعذب الماء مقرورا

يا ليت عين رسول الله ناظرة

رأس الحسين على العسّال مشهورا

وجسمه نسجت هوج الرياح له

ثوباً بقاني دم الأوداج مزرورا

ان يبقى ملقى بلا دفن فإنّ له

قبراً باحشاء من والاه محفورا(١)



نعم بقي على أرض كربلاء لمدة ثلاثة أيام وسيّروا زينب والنساء سبايا وكأني بها نادت بلسان الحال :

صاحت يوادي كربلا عنّك مشينه

بلايا غسل واكفان خلينه ولينه

  

_____________________

(١) الشيخ عبد الحسين الأعسم ، الدر النضيد : ١٨٧

١٣٤

غصباً عليّ سافرت يا مهجة احشاي

يحسين يالماضاگ من قبل الذبح ماي

جسمك يظل على الترب والراس وياي

فوگ الرمح مشهور يبرى للظعينه



لو چان بيدي يا خليصي ابگيت ويّاك

واگعد على گبرك ينور العين وانعاك

لچني لو ظليت من يبره اليتاماك

لو طوّح الحادي وسره وعنّك مشينه



وصدّت إلى المسناة والعبره جريه

ونادت يراعي المشرعه لحگ عليه

عگب الخدر للشام يردونه سبيّه

ولا واحد بطول الدرب ينغر علينه



هل هناك شواهد على ولاء المختار لأهل البيتعليهم‌السلام :

عن الامام زين العابدينعليه‌السلام : « الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي وجزى الله المختار »(١)

المقدمة :

أولاً : ادّعى النبوّة : وهذه ليس لها دليل ، افتعلوا منشأ ، كان عنده مملوك اسمه جبرئيل وكان أثيراً عنده ، ومقرّباً لديه ، فكان عند الخواص يقول وهو يتحدث بالاثناء معهم قال لي جبرئيل ، أو قلت لجبرئيل ، أعداء المختار وحسّاده حرّفوا ذلك وقالوا ادّعىٰ النبوة

___________________

(١) رجال الكشي : ١٢٧

١٣٥

ثانياً : يطلب الرئاسة : وهذا لا دليل عليه ، وإلّا الادعاءات كثيرة تحتاج إلى دليل يقول الشاعر :

الدعاوىٰ ان لم تقيموا عليها

بينات أصحابها أدعياءُ



الشواهد على ولائه لأهل لابيتعليهم‌السلام :

أولاً : مبايعته الامام الحسينعليه‌السلام على يد مسلم بن عقيل

ثانياً : إيواءه مسلم بن عقيل ، وفتح بابه أمام الشيعة ، حيث تحوّل منزله إلى مقر لأخذ البيعة للإمام الحسينعليه‌السلام (١)

ثالثاً : موقف عبيد الله بن زياد منه حيث استدعاه إلى مقر الإمارة وعنّفه في إعطاء البيعة للإمام الحسينعليه‌السلام وضرب عينه بقضيب وأودعه السجن إلى أن فرغ من الإمام الحسينعليه‌السلام حيث توسط له عبد الله بن عمر زوج أُخته عند يزيد بن معاوية بتحريك من زوجته ( صفية بنت ابي عبيدة الثقفي ) فأرسل يزيد إلى عبيد الله يأمره بإطلاق سراحه(٢) ولابدّ لنا من أن نفصّل ونتوسّع قليلاً في بيان هذه النقطة

مسلم بن عقيلعليه‌السلام لما انتقل إلى الكوفة اتّخذ من دار المختار مقرّاً له ، وهذا
الأمر لوحده له مجموعة دلالات سياسية واجتماعية وعسكرية ، لأنّ مسلم بن
عقيل عليه‌السلام لم يأتي إلى الكوفة مجرد امام جماعة مسجد ، مسلم جاء إلى الكوفة
وعنده مهمة دينية وعسكرية ، واجتماعية ونفس اتخاذ سيدنا مسلم بن عقيل
___________________

(١) الكامل في التاريخ ٤ : ٣٦

(٢) الكامل في التاريخ ٤ : ٢١١

١٣٦

مقرّاً من دار المختار هذا الموضوع تزكية للمختار إلى أن دخل عبيد الله بن زياد لعنه الله الكوفة فانتقل سيدنا مسلم من دار المختار إلى دار هاني بن عروة المرادي المختار صار أمام الأمر الواقع فلذلك غيّب وجهه ، مسلم بن عقيل شكّل تشكيلاته العسكرية ، وعيّن كالكتائب والضبّاط وقادة الجيش ومن جملتهم مسلم بن عوسجة الأسدي ومن جملتهم المختار ولكن نتيجة للظرف الأمني والسياسي وزّع قواته خارج الحدود ( أي خارج حدود الكوفة ) ومنه أمّر عبد الله بن محمد الهاشمي على كتيبة ، وكذلك خرج المختار بكتيبة وظلّوا ينتظروا ساعة الصفر وساعة الوثبة ، لكنّ الذي حدث أنّ ساعة الصفر تقدّمت ففوجئ مسلم أي ان مسلم لمّا انكشف مقرّه في دار هانئ وأُلقي القبض عل هاني بن عروة وأودع في السجن اضطرّ مسلم بن عقيلعليه‌السلام أن يدخل في مواجهة عسكرية قبل ساعة الصفر وفعلاً صارت مواجهة واستشهد مسلم بن عقيل في القضية المعروفة

وكان المختار لا يعلم بتقدّم ساعة الصفر وهكذا عبد الله بن محمد الهاشمي إلى أن وصل لهم الخبر باستشهاد مسلمعليه‌السلام فتحركوا وإذا بهم يتفاجئون بالحصين بن نمير التميمي ( مدير الشرطة ) وصارت مواجهة عنيفة إلى أن قبض على المختار وأُسر وجيء به إلى ابن زياد وهذا الأمر نفسه أي تقدّم ساعة الصفر فوجئ بها البطل مسلم بن عوسجة الأسدي وكان مسؤول كتبية فالذي يستشكل يقول أينَ مسلم بن عوسجة الجواب هو نفس السبب أي تقدّم ساعة الصفر ولم يعلم بها أو علم ولم يمكنه ان يلتحق ، ومن هنا التحق بالحسينعليه‌السلام واستهشد مسلم بن عوسجه مع الحسينعليه‌السلام إلى أن جيء برأس أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد في الكوفة ، فأمر اللعين ابن زياد أن يخرج المختار من السجن وجاءوا به إلى عبيد الله بن زياد ، فلمّا نظر المختار إلى اللعين بعصاه ينكت شفتا أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام جرت مناوشة كلامية حادة بين المختار وبين ابن زياد ، لأنّ المختار

١٣٧

قال لابن زياد ارفع سوطك عن شفتي أبي عبد اللهعليه‌السلام ، حيث ان الرسول طالما رشفهما تقبيلاً ، فغضب اللعين ابن زياد وضربه بالسوط الغليظ على عينه فشتر عينه وأودع السجن مرّة ثانية إلى أن توسط عبد الله بن عمر بواسطة زوجته ( صفية بنت أبي عبيدة الثقفي ) التي اقترحت عليه ان يكلّم يزيد ، وكلّم يزيد فكتب كتاباً إلى ابن زياد يأمره باطلاق سراحه واطلق سراحه ، والكوفة قامت تغلي في أواخر أيام يزيد قبل هلاك يزيد بأيام قلائل وفي ١٤ ربيع الأول عام ( ٦٤ هـ ) هلك يزيد ، اضطربت الأوضاع السياسية في الكوفة ، الناس كانوا يرفضون حكومة الأمويين ، عبيد الله بن زياد أراد البقاء على سلطة الكوفة خرجت مظاهرات واحتجاجات حتى النساء ، نساء الكوفة ، نساء همدان ابن الزبير استغلّ هذا الظرف زحفت قواته وسيطر على الكوفة ، ومركز العاصمة الأموية دمشق صار بها صراع عنيف بين الجناحين للأُسرة الحاكمة ، الجناح السفياني والجناح المرواني ، إلى ان انتهى الأمر بغلبة الجناح المرواني ، تولّى مروان بن الحكم الحكومة إلى ان انتهت الدولة الأموية بآخر حاكم من حكامهم الملقّب بمروان الحمار

وفي هذا الجو تحرّك ابن الزبير للحصول على سلطة الكوفة ، وفي الشام تحرك مروان ، فالسلطتان الأموية والزبيرية صارتا تتنافسان بينهما ، تحرّك المختار ليثب على الحكم أحسّت به السلطة عن طريق والي عبد الله بن الزبير ( عبد الله بن مطيع العدوي ) كذلك أُلقي القبض على المختار وأودع السجن ، وكذلك صارت وساطة من قبل عبد الله بن عمر أيضاً وأطلق سراحه ، وأخذ يعمل حثيثاً حتى يصل إلى مراده الأخذ بثار أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام من هنا ورد عن الامام الباقرعليه‌السلام حيث يقول : « لا تسبوا المختار فإنه قتل قتلتنا وطلب بثأرنا »(١)

___________________

(١) رجال الكشي : ١٢٥

١٣٨

وكذلك ورد في الحديث الشريف عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسينعليه‌السلام »(١) وكذلك ما ورد عن عبد الله بن عباس حين قال : ابن الزبير ألم يبلغك قتل الكذاب ؟ قال ابن عباس ومن الكذاب ؟ قال ابن أبي عبيد ( ويقصد به المختار ) قال ابن عباس : قد بلغني قتل المختار ، قال : كأنك نكرت تسميته كذاباً ومتوجع له ، فقال ابن عباس : ذاك رجل قتل قتلتنا وطلب ثأرنا وشفى غليل صدورنا ، وليس جزاؤه منّا الشتم والشماتة(٢)

وفي عام ( ٦٦ هـ ) ليلة ١٤ ربيع الأول نجحت ثورة المختار واستشهد بـ (١٤)
شهر رمضان المبارك ( ٦٧ هـ ) أي حكم فقط ١٨ شهراً ، كم قتل بالكوفة أثناء حكمه
١٨٠٠٠ قتيلاً وأما واقعة الخازر التي قادها ابراهيم بن مالك الأشتر النخعي قدس‌سره
والتي قتل فيها عبيد الله بن زياد مع ٥٢٠٠٠ من عملائهم فيكون المجموع
٧٠٠٠٠ ألفاً ، ولعلّ هذا معنى قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي ينقله السيوطي في باب من
أعلام النبوة أن الله قتل بيحيى ابن زكريا ٧٠٠٠٠ وأنه قاتل بولدي الحسين
٧٠٠٠٠ ألفاً ، والحقيقة أن الثأر الأعظم للحسين بظهور ولي الله الأعظم المهدي
عجلّ الله فرجه ، ولما نجحت ثورة المختار أخذ يستغل مهارته السياسية ،
الأمويون من جانب له اعداء ، الزبيريون من جانب له اعداء ، حزب الخوارج
من جانب ، وآخرون من جانب عدة جبهات لذا أخذ يستعمل المختار أُسلوب
التدرج ، الذي عنده عشيرة قويّة كان يتركه أول الأمر ، عمر بن سعد عند عشيرة
قويّة وجماعة من اتباعه لذلك أُشير على المختار ان لا يفتك بعمر بني سعد
___________________

(١) رجال الكشي : ١٢٧

(٢) الكامل في التاريخ ٤ : ٢٧٨

١٣٩

في أول الوقت ، وجماعة تحرّكوا من جماعة عمر بن سعد وأخذوا له الأمان من المختار ومن باب الاستجابة لهم ، المختار أعطاه أمان مشروط بشرط ، الشرط يتكون من أمرين :

أولاً : إقامة جبرية بالكوفة

ثانياً : ان لا يحدث حدثاً ( وهذه في الظاهر أن لا يُخل بالنظام ) لكنّ المختار أراد المعنى الفقهي للحدث في باب نواقض الوضوء إنّما صنع ذلك حتى يبرّ يمينه ، عمر بن سعد لعنه الله بقى قلقاً على مصيره ، لذ قرّر ذات ليلة ان يخرج من الكوفة حتى يتخلص من القلق الذي يمزّقه داخلياً ، لذلك خرج إلى حدود الكوفة ، بيته مراقب ، رأساً أخبروا المختار بخروجه ، قال المختار لا عليكم أنّ في عنقه سلسلة ستعيده إلينا قيل له وما السلسلة ، قال دعاء المظلوم سيد الشهداءعليه‌السلام لأنّ الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء دعا عليه لمّا سمع صوت ولده علي الأكبر أبه حسين عليك مني السلام هذا جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد سقاني بكأسه وبيده شربة لا اظمأ بعدها أبدا ، فقال الحسينعليه‌السلام مالك يابن سعد قطع الله رحمك كما قعطت رحمي وسلّط الله عليك من يذبحك على فراشك وكأني برأسك على قصبة يتراماه الصبيان بالكوفة ، وبالفعل خادم عمر بن سعد قال له أنت لماذا خرجت فقال له أنا خائف ، فقال له أنت أخذت الأمان ، فقال مع ذلك إني قلق من المختار ، قال له الخادم ألم يشرط عليك أن لا تخرج قال بلى ، فقال له إذا خرجت تجعل للمختار على نفسك سبيلا ، فقال له الخادم ارجع فما زال به حتى أرجعه ، بيته مراقب والمختار أرسل على ولد عمر بن سعد فأحضره ، وأرسل المختار إلى مدير شرطته ( ابا عمرة ) وقال له نفّذ العملية وهجموا على عمر بن سعد وجدوه في فراشه ، تماماً كما قال سيد الشهداء ذبحه على فراشه ، أخذ رأسه الخبيث وجاء به إلى المختار وضع بين يديه ، سجد المختار لله شكراً ، والتفت المختار إلى ولد عمر بن سعد ، قال رأس من هذا؟ قال هذا رأس أبي ولا خير في الحياة من بعده ، فقال

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288