المصابيح

المصابيح9%

المصابيح مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 659

المصابيح
  • البداية
  • السابق
  • 659 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87036 / تحميل: 4135
الحجم الحجم الحجم
المصابيح

المصابيح

مؤلف:
العربية

المصابيح

الإمام أبوالعباس الحسني

١

بسم الله الرحمن الرحيم

٢

٣
٤

شكر وتقدير

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لا يشكر الناس لا يشكر الله»(١) وفي لفظ عن أبي سعيد الخدري «من لم يشكر الناس لم يشكر الله»(٢) وفي لفظ : «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»(٣) .

وقال كلثوم بن عمر العتابي في أبيات له :

فلو كان يستغني عن الشكر سيد

لعزة ملك أو علو مكان

لما أمر الله العباد بشكره

فقال اشكروا لي أيها الثقلان

وقال آخر :

فمن شكر المعروف يوما فقد أتى

أخا العرف من حسن المكافاة من عل

وانطلاقا من كل ذلك أتقدم بخالص شكري ، وفائق تقديري ، وجميل عرفاني إلى الوالد العلامة شيخ الإسلام ومجتهد العصر باليمن الميمون : مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي على ما تفضل به من التقديم والتعريف بالكتاب ومؤلفه ، سائلا اللهعزوجل أن يجعل ذلك في ميزان حسناته ، وأن ينفع بعلومه الأنام ، وأن يغفر له ولوالديه وللمؤمنين. آمين.

وهو أيضا للوالد : العلامة عبد الرحمن بن حسين شائم ، والعلامة محمد بن صلاح الهادي ،

__________________

(١) أخرجه الترمذي في جامعه (٤ / ٣٣٩ ح ١٩٥٤) عن أبي هريرة وقال : حديث حسن صحيح.

(٢) أخرجه الترمذي (٤ / ٣٣٩ ح ١٩٥٥) عن أبي سعيد الخدري ، وقال : حسن صحيح.

(٣) أخرجه أبو داود في سننه (٤ / ٢٥٥ ح ٤٨١١) عن أبي سعيد الخدري.

٥

وللأساتذة محمد بن محمد فليته ، وعلي بن مجد الدين بن محمد المؤيدي ، وعبد الرحمن بن محمد شمس الدين ، وإبراهيم وإسماعيل ابني مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي ، والذين قاموا بمقابلة الكتاب وتصحيح النص من الأخطاء المطبعية ، كل ذلك قبل الدراسة والتحقيق ، فجزاهم الله عني خير الجزاء ، وجعل ذلك في ميزان حسناتهم.

عبد الله بن عبد الله بن أحمد الحوثي

وفقه الله تعالى آمين

٦

تقديم

بقلم شيخ الإسلام : مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي.

الحمد لله المنزل في أفصح بيان وأوضح برهان :( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ ) [يوسف : ٣] ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وخاتم النبيين رحمته للعالمين ، وحجته على الخلق أجمعين ، أبي القاسم رسول الله وصفوة الله ، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، وعلى آله عترته الذين اختصهم بالصلاة عليهم معه في الصلاة وحرم عليهم كما حرم عليه الزكاة ، وجعل أجر رسالته المودة لذي قرباه ، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وأبانهم تبيانا واضحا منيرا حين مد عليهم كساءه ، وقرنهم في وجوب التمسك بهم في خبر الثقلين المعلوم بكتاب الله :

والقول والقرآن فاعرف قدرهم

ثقلان للثقلين نص محمد

ولهم فضائل لست أحصي عدها

من رام عد الشهب لم تتعدد

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليهم ، ورضوان الله على صحابته الأبرار من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فهذا كتاب المصابيح للسيد الإمام أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن الإمام محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

العالم الحافظ الحجة شيخ الأئمة ، ووارث الحكمة ، رباني آل الرسول ، وإمام المعقول

٧

والمنقول ، مؤلف النصوص ، وشارح المنتخب والأحكام ، وقد بلغ في كتابه المصابيح إلى الإمام يحيى بن زيد بن عليعليهم‌السلام ، وعاقه نزول الحمام عن بلوغ المرام ، وقد كان رسم فيها أسماء الأئمة الذين أراد ذكرهم إلى الناصر الحسن بن علي الأطروش ، فأتمها على وفق ترتيبه تلميذه الشيخ العلامة علي بن بلال.

وهذا السيد الإمام أبو العباس هو الذي أخذت عنه علوم آل محمد ، وأخذ هو والإمام المؤيد بالله والإمام أبو طالب عن الإمام الهادي عماد الإسلام ناشر علوم آبائه الكرام في الجيل والديلم وسائر جهات العجم يحيى بن الإمام المرتضى لدين الله محمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم ، وأخذ يحيى بن المرتضى عن عمه الناصر عن والده الهادي إلى الحق ، وهذه إحدى الطرق عن الهادي.

والثانية عن الإمام المرتضى عن أبيه يرويها الإمام أحمد بن سليمان بسنده إلى المرتضى.

والثالثة يرويها أبو العباس الحسني عن السيد الإمام المعمر المعاصر للهادي والناصر الراوي عنهما علي بن العباس بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبطعليهم‌السلام ، عن الإمام الهادي إلى الحق.

وكثيرا ما يروي المؤيد بالله عن أبي العباس ، وهو شيخ المؤيد بالله وأخيه الناطق بالحق ، وقد يطلق أنه خال الإمامين ، ولعله من الأم أو الرضاعة ، فإن أمهما من ولد الحسين وهو حسني.

توفيعليه‌السلام سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.

ونظرا لأهمية الكتاب فقد تهيأ طبعه ليعم نفعه إن شاء الله تعالى ، وقد أذنت للولد العلامة الأوحد فخر الدين والإسلام عبد الله بن عبد الله بن أحمد الحوثي ـ حرسه الله تعالى وتولاه ـ بدراسة وتحقيق الكتاب ، كما أجزته أن يرويه عني وجميع ما صح له عني من مروياتنا ومؤلفاتنا حسب ما حررته في الجامعة المهمة ولوامع الأنوار وشرح الزلف من رواية ودراية.

٨

وقد جمعت بحمد الله في كتاب التحف شرح الزلف من الأئمة ، وتحقيق أنسابهم ، واستكمال عدد القائمين من أهل البيت في الحرمين ، والعراق ، واليمن ، والجيل ، والديلم ، وسائر أقطار الأرض ، ولمعا من أخبارهم ، وطرفا من كراماتهم ، ومؤلفاتهم ، وأولادهم ، وأعيان علماء الأمة ، ما لا يوجد في غيرها من الكتب المطولات والمختصرات ، وقد قصدنا التقرب إلى الله بتحصيل الممكن من الفوائد المهمة ، وبيان أحوال هؤلاء الأئمة ، والقيام ببعض واجب حقوقهم ، والانتفاع لمن وقف عليها من صالح المؤمنين كثر الله سوادهم ، وقد وقع التثبت والتحري وإمعان النظر في تدريج الأسماء الشريفة ، وأخذها من كتب أهل البيت الصحيحة.

لا معرفة للعلم وأبوابه إلا بالكشف عن حملته وأربابه

واعلم أيها الأخ وفقنا الله ، وإياك أنه قد تساهل أهل هذا العصر ، واغفلوا البحث والنظر ، ولم يعلموا أنه لا معرفة للعلم وأبوابه إلا بالكشف عن حملته وأربابه ، وأنه لو لا معرفة الآثار التي أنفق فيها العلماء الأعلام نفائس الأعمار لما تميز لنا الموحد من الملحد ، ولا الصادق من الكاذب ، ولما عرف حملة السنة الشريفة رفع الله أحكامها ، وأنار أعلامها ، ولانسدت على المكلف أبواب دينه التي كلفه الله معرفتها ، والعلم دين فانظروا من تأخذون دينكم عنه ، فلأجل هذا وجب البحث ، ولا يكفيك أن تعرف مثلا الباقر والصادق ، وزيد بن علي ، والهادي ، والناصر ، والأئمة الأربعة وأمثالهم الذين عرفانهم كالشمس ، لا شك فيه ولا لبس فيه ، بل لا بد من معرفة سائر الأئمة والمقتصدين ، والمتحملين للعلم ، والبحث عن إجماعاتهم لا تباع سبيلهم ، وسلوك نهجهم ، ومعرفة أرباب العدالة ، وضدها من النقلة ، سواء كنت ترى سلب الأهلية أو مظنة التهمة.

فإن قلت كما قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى : الإرسال أسقطه ، وإنكار قبولهم إياه سفسطة؟

٩

قيل له : ذاك فيما كان مرسلا ، لكن لا بد من معرفة المرسل ، وحفظه وثقته ، وكونه لا يرسل إلا عن عدل ، مع اتفاق المذهب في العدالة ، ولا طريق لمن جهل هذا الفن إلى ذلك ، ولا إلى معرفة نزول الأحكام ، وأسباب النزول ، وما يتعلق بهما من التمييز بين الناسخ والمنسوخ ، والخاص والعام ، وغير ذلك من طرق الأحكام ، فلم يكن أكثر الخلاف في الاجتهاديات إلا لهذا.

وقد تكلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في أحوال الروايات ، والرواة ، بما يرشد الأمة إلى سبيل النجاة.

أما الإرسال فمذهب أهل البيت ومن تابعهم أنه إذا صح لهم الحديث ووثقوا بطرقه أرسلوه في كثير من الروايات في المؤلفات المختصرات.

قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة في سياق المراسيل بعد أن فصل أقسام الخبر : فمذهبنا أن ذلك يجوز ، ولا نعلم خلافا بين العترةعليهم‌السلام ، ومن قال بقولهم ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وأصحابه ، ومالك ، والمتكلمين ، بلا خلاف في ذلك بين من ذكرنا ، إلا ما يحكي عن عيسى بن أبان ، فإنه قال : تقبل مراسيل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، ومن نزل عن درجتهم لم تقبل مراسيله إلا أن يكون إماما إلى أن قال : وخالف في ذلك الذين يتسمون بأصحاب الحديث ، والظاهرية ، وقد نسب ذلك إلى الشافعي ، وتعليله هذه المقالة يقضي بأنه يجوز قبول المراسيل ، لكن لا على الإطلاق.

قالعليه‌السلام : الدليل على صحة ما ذهبنا إليه أن العلة التي أوجبت قبول مسند الراوي هي قائمة في مرسله ، وهي العدالة والضبط ، إلى أن قال : والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أن الصحابة اتفقوا على العمل بالمراسيل اتفاقهم على العمل بالمسانيد.

قلت : وهذه حجة لازمة بينه وقائمة ، قال السيد العلامة البدر محمد ابن إسماعيل الأمير ، المتوفى سنة اثنين وثمانين ومائة وألف ، صاحب : سبل السّلام ، والروضة ، والعدة ، وغيرها ،

١٠

جوابا على السيوطي لما تكلم على رواية فيها الإرسال ما لفظه : قلت لا يضر ذلك فإنه من قسم المرسل الذي أجمع السلف على قبوله ، كما ذكر العلامة محمد بن إبراهيم الوزير ، عن العلامة الكبير محمد بن جرير ، وقال إنه إجماع السلف ، ولم يظهر الخلاف إلا بعد المائتين ، ذكر ذلك في شرح التحفة العلوية.

لا ثمرة لأي قول وعمل لا يقصد بهما مطابقة أوامر الله ونواهيه

واعلم أيها الأخ أمدنا الله وإياك بتأييده ، وبصرنا بألطافه وتسديده ، أن من تفكر في المبدأ والمعاد ، ونظر بعين التحقيق إلى ما تنتهي إليه أحوال العباد ، يعلم علما لا ريب فيه أنه لا طائل ولا ثمرة لأي قول وعمل لا يقصد بهما مطابقة أوامر الله ونواهيه ، وموافقة مراده من عباده ومراضيه ، وما يضطر إليه فله حكم الضرورة ، وذلك لأن المعلوم الذي لا يتردد فيه عاقل ، أنه لا بقاء لهذه الدار ، ولا لجميع ما فيها ولا قرار ، وإنما هي ظل زائل ، وسناد مائل ، وغرور حائل ، ولله القائل :

منافسة الفنى فيما يزول

على نقصان همته دليل

ومختار القليل أقل منه

وكل فوائد الدنيا قليل

فكيف وبعد ذلك دار غير هذا الدار :

تفنى اللذاذة ممن نال بغيته

من الحرام ويبقى الإثم والعار

تبقى مغبة سوء في عواقبها

لا خير في لذة من بعدها النار

ولن يعبر عنها معبر أبلغ مما عبر وحذر ربنا الذي أحاط بكل شيء علما ، نحو قوله تعالى :( إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ ) [لقمان : ٣٣] ولو لا ما أراد الله بها من إقامة حجته ، وإبانة حكمته لقضائه العدل وحكمه الفصل أن لا يثيب ولا يعاقب على مجرد العلم منه سبحانه ، وإنما يجازي جل وعلا على الأعمال بعد التمكين ، والاختيار ، والإعذار ، والإنذار ، قال تعالى :( اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [فصلت : ٤٠].

١١

وقال تعالى :( إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً ، إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) [الدهر : ٢ ، ٣] ،( وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) [الشمس : ٧ ، ٨] ،( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) [البلد : ١٠] ولأجل هذا مثل لهم أمره تعالى بالابتلاء ، والاختبار ، وهو العليم الخبير ، قال تعالى :( تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) [الملك : ١ ، ٢] ، لو لا ما قضته الحكمة الربانية لكان إيجادها وجميع ما فيها والحال هذه عبثا ولعبا ، وعناء على أهلها وتعبا ، ولهذا قال جل سلطانه ، وتعالى عن كل شأن شأنه :( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ ) [المؤمنون : ١١٥] ، فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم :( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ، لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ ) [الأنبياء : ١٦ ، ١٧] ،( وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ، ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) [الدخان : ٣٨ ، ٣٩] ولكنه جل شأنه وعلا على كل سلطان سلطانه رتب عليها دارين دائمين ، لا زوال لهما ولا انقطاع ، ولا نفاذ لما فيهما ولا ارتفاع ، إما نعيما وملكا لا يبلى ، وإما عذابا وحميما(١) لا يفنى ، نعوذ برحمته من عذابه ، ونرجوه بمغفرته حسن ثوابه ، فيحق والله المعبود بكل عاقل أن يرتاد لنفسه طريق النجاة ، ويجتنب كل ما يقطعه عما أراده به مولاه ، وإذا نظر علم أن الضلال لم يكن في هذه الأمة ، والأمم الخالية إلا من طريق اتباع الهوى ، وهو الأصل في الإعراض عن الحق ، والركون إلى الدنيا ، ومجانبة الإنصاف ، ومطاوعة الكبراء ، والأسلاف ، قال الله تعالى لرسوله داود صلوات الله عليه :( وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) [ص : ٢٦] ، وقال تعالى :( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) [القصص : ٥٠] ،( فَأَمَّا مَنْ طَغى ، وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا ، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى ، وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ) [النازعات : ٣٧ ـ ٤١].

وقال جل اسمه :( وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا

__________________

(١) بالنصب على البدل من دارين ، وقد كان في الأصل بالرفع خبر مبتدأ محذوف.

١٢

يَخْرُصُونَ ، أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ، بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) [الزخرف : ٢٠ ـ ٢٢].

واعلم أن الله جل جلاله لم يرتض لعباده كما علمت إلا دينا قويما ، وصراطا مستقيما ، وسبيلا واحدا وطريقا قاسطا ، وكفى بقولهعزوجل :( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [الأنعام : ١٥٣] ، ونهى أشد النهي عن التفرق بهذه الآية ، وأمثالها من الكتاب العزيز ، وعن القول عليه سبحانه بغير علم ، والجدال بالباطل ، قال ذو الجلال :( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) [الشورى : ١٣].

افتراق الأمة

هذا وقد وقع علم قطعا وقوع الافتراق في الدين ، وأحاديث افتراق الأمة يصدقها الواقع ، وقد قال تعالى :( وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ) [هود : ١١٨ ، ١١٩] قال نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليهم في تفسيره : قال الله :( مُخْتَلِفِينَ ) لأن الاختلاف لا يزال أبدا بين المحقين والمبطلين ، وهو حبر من الله تعالى عما يكون ، وأنهم لن يزالوا مختلفين فيما يستأنفون ، فالاختلاف منهم وفيهم ، ولذلك نسبه الله إليهم.

وقوله :( إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) : يريد المؤمنين فإنهم في دينهم متآلفون غير مختلفين ، وقوله تبارك وتعالى :( وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ) يقول سبحانه : للمكنة مما يجب به الثواب والعقاب من السيئة والحسنة ، ولو لا خلقه لهم كذلك وعلى ما فطرهم من ذلك لما اختلفوا في شيء ، ولما نزل عليهم أمر ولا نهي ، ولما كان فيهم مسيء ، ولا محسن ، ولا كافر ، ولا مؤمن إلخ.

وكلام حفيده الهادي إلى الحق مثل كلامهعليهما‌السلام ، وبمعنى ما ذكراه فسر الآية صاحب الكشاف ، وقد قابلت عباراته في تفسيره للآيات فوجدته كثير الملاءمة لكلام من سبقه من الأئمةعليهم‌السلام ، لا سيما في تخريج الآيات القرآنية على المعاني البيانية ، وأصل ذلك أنه

١٣

معتمد على تفسير الحاكم الجشمي التهذيب ، وطريقة الحاكم رضي الله عنه في الاقتداء بمنارهم ، والاهتداء بأنوارهم معلومة ، وهذا عارض.

قد خاض بعض أئمتنا المتأخرون وغيرهم في تعداد الفرق الثلاث والسبعين ، منهم : الإمام يحيى ، والإمام المهديعليهما‌السلام ، والقرشي صاحب المنهاج ، وما أحسن ما قاله إمام التحقيق الإمام عز الدين بن الحسنعليه‌السلام في المعراج ما نصه : أقول وبالله التوفيق : أما تعيين الثلاث والسبعين فمما لا ينبغي أن يحاوله أحد منا إلا بتوقيف ، فإنه لا يمكن القطع به وبت الاعتقاد. إلى قوله ، وأما معرفة الفرقة الناجية فالطريق إليها حاصلة إلى آخر كلامه.

وقد علمت أن دين الله لا يكون تابعا للأهواء :( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) [المؤمنين : ٧١] ،( فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) [يونس : ٣٢] ،( شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ ) [الشورى : ٢١] ، نعم وقد صار كل فريق يدعي أن الحق معه ، والنجاة لمن اتبعه :

وكل يدعي وصلا لليلى

وليلى لا تقر لهم بوصل

إلا أن نابغة ممن لا مبالاة عندهم بالدين ، ومخالفة العقل ، والكتاب المبين ، ذهبوا إلى تصويب جميع الناظرين ، وأغلب هذه الفئة ليس لها مأرب إلا مساعدة أهل السياسة ، والتأليف للمفترقين ، ولقد جمعوا بين الضلالات ، وقالوا بجميع الجهالات ، أما علموا أن الله سبحانه أحكم الحاكمين ، وأنه يحكم لا معقب لحكمه ، وأنه لا هوادة عنده لأحد من خلقه ، وأنها لا تزيد طاعتهم واجتماعهم في ملكه ، ولا ينقص تفرقهم وعصيانهم من سلطانه :( يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) [فاطر : ١٥] ، وقد خاطب سيد رسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله سلم بقولهعزوجل :( فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) [هود : ١١٢ ، ١١٣] مع أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله سلم ومن معه من أهل بدر ، فتدبر واعتبر إن كنت من ذوي الاعتبار ، فإذا أحطت علما بذلك ، وعقلت عن الله وعن رسوله ما ألزمك في تلك المسالك ، علمت أنه يتحتم عليك عرفان الحق واتباعه ، وموالاة أهله والكون معهم ،( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) [التوبة : ١١٩] ، ومفارقة الباطل وأتباعه ، ومباينتهم( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ

١٤

مِنْهُمْ ) [المائدة : ٥١] ،( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) [المجادلة : ٢٢] ،( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) [الممتحنة : ١] في آيات تتلى ، وأخبار تملى ، ولن تتمكن من معرفة الحق ، وأهله إلا بالاعتماد على حجج الله الواضحة ، وبراهينه البينة اللائحة ، التي هدي الخلق بها إلى الحق ، غير معرج على هوى ولا ملتفت إلى جدال ، ولا مراء ، ولا مبال بمذهب ولا محام عن منصب ،( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) [النساء : ١٣٥] ، وقد سمعت الله ينعي على المتخذين أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، وما حكى من تبري بعضهم من بعض ، ولعن بعضهم بعضا ، وتقطع الأسباب عندهم رؤية العذاب ، ولا يروعنك احتدام الباطل وكثرة أهله ، ولا يوحشنك اهتضام الحق وقلة حزبه ، فإن ربك جلّ شأنه يقول :( وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) [يوسف : ١٠٣] ،( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) [سبأ : ١٣] ،( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) [الأنعام : ١١٦].

واعلم ـ كما أسلفت لك ـ أن الدعاوى مشتركة بين جميع الفرق ، وكلهم يدعي أنه أولى بالحق ، وأن سادته وكبراءه أولو الطاعة ، وأهل السنة ، والجماعة ، ومن المعلوم أنه لا يقبل قول إلا ببرهان كما وضح به البيان من أدلة الألباب ، ومحكم السنة والكتاب.

وقد علم الله تعالى وهو بكل شيء عليم أنا لم نبن ما أمرنا كله إلا على الإنصاف ، والتسليم لحكم الرب الجليل ، بمقتضى الدليل :( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ) [الروم : ٣٠].

وأقول : قسما بالله العلي الكبير ، قسما يعلم صدقه العليم الخبير ألا غرض ولا هوى لنا غير النزول عند حكم الله ، والوقوف على مقتضى أمره ، وأنا لو علمنا الحق في جانب أقصى الخلق من عربي أو عجمي أو قرشي أو حبشي لقبلناه منه ، وتقبلناه عنه ، ولما أنفنا من اتباعه ، ولكنا من أعوانه عليه وأتباعه ، فليقل الناظر ما شاء ولا يراقب إلا ربه ، ولا يخشى إلا ذنبه فالحكم الله والموعد القيامة ، وإلى الله ترجع الأمور.

١٥

الفرقة الناجية

هذا وأنت أيها الناظر لدينه الناصح لنفسه ، الباحث في كتاب ربه وسنة نبيه ، إذا أخلصت النظر في الدليل ، ومحضت الفكر لمعرفة السبيل ، واقتفيت حجج الله وبيناته ، واهتديت بهدى الله ونير آياته ، علمت انها لم تقم الشهادة العادلة من كتاب رب العالمين ، وسنة الرسول الأمين ، بإجماع جميع المختلفين ، لطائفة على التعيين ، ولا لفرقة معلومة من المسلمين إلا لأهل بيت رسول الله ، وعترته وورثته صلوات الله عليه ، فقد علم في حقهم ما وضحت به الحجة على ذوي الأبصار ، واشتهر اشتهار الشمس رابعة النهار ، وامتلأت به دواوين الإسلام ، وشهد به الخاص والعام من الأنام ونطقت به ألسنة المعاندين ، وأخرج الله به الحق من أفواه الجاحدين ، لإقامة حجته ، وإبانة محجته ، على كافة بريته :( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [الأنفال : ٤٢].

ونشير بإعانة الله وتسديده إلى طرف يسير ، مما سطع من ذلك الفلق النوار ، واللج الزخار على سبيل الاختصار ، مع تضمن ذلك المقصد الأهم حل الأسئلة الواردة على الاستدلال بخصوص آية التطهير ، وبعموم إجماع آل محمد عليهم الصلاة والسّلام ، وبعضها نذكره وإن كان قد أجيب عنه ، كالذي قد تكلم فيه الإمام الناصر الأخير عبد الله بن الحسن في الأنموذج الخطير ، إما لبعد الجواب عن الانتوال ، أو لزيادة التقرير في كشف الإشكال ، واعلم أن الوارد فيهم صلوات الله عليهم لا نفي بحصره ، ولا نحيط بذكره ، وقد قال الإمام عز الدين بن الحسن في المعراج ناقلا عن الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزةعليه‌السلام ما لفظه : قالعليه‌السلام : وأعدل الشهادات شهادة الخصم لخصمه ، إذ هي لا حقة بالإقرار الذي لا ينسخه تعقب إنكاره ، وقد أكثرت الشيعة في رواياتها بالأسانيد الصحيحة إلى حد لم يدخل تحت إمكاننا حصره في وقتنا هذا إلا أنه الجم الغفير.

إلى أن قال : وتركنا ما ترويه الشيعة بطرقها الصحيحة التي لا يمكن عالما نقضها إلا بما يقدح في أصول الإسلام الشريف ، وكذلك ما اختص آباؤناعليهم‌السلام . إلى أن قال بعد ذكر لبعض كتب العامة : وفصول ما تناولته هذه الكتب مما يختص بالعترة الطاهرة خمسة وأربعون فصلا ، تشتمل على تسعمائة وعشرين حديثا ، منها من مسند أحمد بن حنبل مائة وأربعة

١٦

وتسعون حديثا ، ومن صحيح البخاري تسعة وسبعون حديثا ، ومن صحيح مسلم خمسة وتسعون حديثا ، ثم ساق ذلك حتى تمعليه‌السلام .

قلت : ولله السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير حيث يقول :

والقوم والقرآن فاعرف قدرهم

ثقلان للثقلين نص محمد

ولهم فضائل لست أحصي عدها

من رام عد الشهب لم تتعدد

هذا فأقول وبالله التوفيق : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي» ، الخبر المتواتر المروي في كتب الإسلام عن بضع وعشرين صحابيا ، منهم : أمير المؤمنين ، وأبو ذر ، وجابر ، وحذيفة ، وزيد بن أرقم ، وأبو رافع ، وهو بلفظ عترتي ، وبلفظ أهل بيتي ، مجمع على روايته ، وقد أخرجه أحمد ، ومسلم في صحيحه ، وأبو داود ، وعبد بن حميد ، وغيرهم بلفظ «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا»(١) ، وقد حاول البعض معارضة هذا الخبر بما روي مرسلا في الموطأ(٢) ، وفي المستدرك(٣) ، من طريق

__________________

(١) روي بألفاظ متقاربة ، فممن أخرجه الإمام زيد بن عليعليهما‌السلام في المجموع ص (٤٠٤) ، والإمام علي بن موسى الرضى في الصحيفة (٤٦٤) ، والدولابي في الذرية الطاهرة ص (١٦٦) رقم (٢٢٨) ، والبزار ٣ / ٨٩ رقم (٨٦٤) عن عليعليه‌السلام ، وأخرجه مسلم ١٥ / ١٧٩ ، والترمذي ٥ / ٦٢٢ رقم (٣٧٨٨) ، وابن خزيمة ٤ / ٦٢ رقم (٢٣٥٧) ، والطحاوي في مشكل الآثار ٤ / ٣٦٨ ـ ٣٦٩ ، وابن أبي شيبة في المصنف ٧ / ٤١٨ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥ / ٣٦٩ (تهذيبه) ، والطبري في ذخائر العقبى ١٦ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٧ / ٣٠ ، والطبراني في الكبير ٥ / ١٦٦ ، رقم (٤٨٦٩) ، والنسائي في الخصائص ١٥٠ رقم (٢٧٦) ، الدارمي ٢ / ٤٣١ ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب ٢٣٤ ، ٢٣٦ ، وأحمد في المسند ٤ / ٣٦٧ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ١٢ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ١٤٨ ، وصححه وأقره الذهبي ، عن زيد بن أرقم ، وأخرج عبد بن حميد ١٠٧ ـ ١٠٨ (المنتخب) ، وأحمد ٥ / ١٨٢ ، ١٨٩ ، الطبراني في الكبير ٥ / ١٦٦ ، وأورده السيوطي في الجامع الصغير ١٥٧ ، رقم (٢٦٣١) ، ورمز له بالتحسين ، وهو في كنز العمال ١ / ١٨٦ رقم ٩٤٥ ، وعزاه إلى ابن حميد وابن الأنباري عن زيد بن ثابت. وأخرجه أبو يعلى في المسند ٢ / ١٩٧ ، ٣٧٦ ، وابن أبي شيبة في المصنف ٧ / ١٧٧ ، والطبراني في الصغير ١ / ١٣١ ، ١٣٥ ، ٢٢٦ ، وأحمد في المسند ٣ / ١٧ ، ٦ / ٢٦ ، وهو في كنز العمال ١ / ١٨٥ ، رقم ٩٤٣ ، وعزاه إلى البارودي ورقم ٩٤٤ ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن سعد ، وأبو يعلى ، عن أبي سعيد الخدري ، وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٨ / ٤٤٢ ، وهو في الكنز ١ / ١٨٩ ، وعزاه إلى الطبراني في الكبير عن حذيفة بن أسيد ، وأخرجه الترمذي في السنن ٥ / ٦٢١ رقم ٣٧٨٦ ، وذكره في كنز العمال ١ / ١١٧ رقم (٩٥١) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة ، والخطيب في المتفق والمفترق ، عن جابر بن عبد الله. ومصادر أخرى عديدة يجدها الباحث في كتابنا (لوامع الأنوار) المتداول.

(٢) الموطأ ٢ / ٨٩٩.

(٣) المستدرك : ١ / ٩٣.

١٧

واحدة عن أبي هريرة بلفظ «وسنتي» مع أنه في المستدرك نفسه بلفظ : وعترتي من ثلاث طرق ، وعلى فرض ثبوت هذه الرواية الشاذة فلا معارضة ، فالكتاب والسنة مؤداهما واحد ، ولذا اكتفى بذكر الكتاب والعترة في الخبر المتواتر فكيف يعرضون عنه :( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) [النساء : ٥٤].

وإلى آية الولاية وهي قولهعزوجل :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) [المائدة : ٥٥] أجمع آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نزولها في الوصيعليه‌السلام ، قال الإمام الأعظم الهادي إلى الحق الأقومعليه‌السلام في الأحكام(١) في سياق الآية : فكان ذلك أمير المؤمنين دون جميع المسلمين ، وقال الإمام أبو طالبعليه‌السلام في زيادات شرح الأصول : ومنها النقل المتواتر القاطع للعذر أن الآية نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وقال الإمام أحمد بن سليمانعليه‌السلام : ولم يختلف الصحابة والتابعون أنه المراد بهذه الآية. وحكى الإمام المنصور باللهعليه‌السلام إجماع أهل النقل على أن المراد بها الوصي ، وحكى إجماع أهل البيت على ذلك الإمام الحسن بن بدر الدين ، والأمير الحسين ، والأمير صلاح بن الإمام إبراهيم بن تاج الدين ، والإمام القاسم بن محمدعليهم‌السلام وغيرهم كثير.

وروى ذلك الإمام المرشد باللهعليه‌السلام عن ابن عباس من أربع طرق ، وأتى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بطرق كثيرة في ذلك ، منها : عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وابن عباس ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر ، وجابر بن عبد الله ، والمقداد بن الأسود ، وأنس بن مالك ، ومن التابعين : محمد بن علي ، وأبي جعفر الباقر ، وعطاء بن السائب ، وعبد الملك بن جريج ، ومن الرواة في نزولها فيهعليه‌السلام : أبو علي الصفار ، والكنجي ، وأبو الحسن علي بن محمد المغازلي الشافعي ، وأبو إسحاق أحمد رزين العبدري ، والنسائي ، وحكى السيوطي أن الخطيب

__________________

(١) الأحكام ١ / ٣٧.

١٨

أخرج ذلك في المتفق والمفترق عن ابن عباس ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن مردويه ، وابن جرير ، وأبو الشيخ عنه.

وأخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عمار ، وأخرجه الشيخ ، وابن مردويه ، وابن عساكر ، عن سلمة بن كهيل ، وابن جرير عن مجاهد ، وأخرجه أيضا عن عتيبة بن أبي حكيم والسدي ، وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، عن أبي رافع ، وتكلم صاحب الكشاف ، وغيره على وجه الجمع مع أن المراد الفرد ، وذكر الرواية في نزولها فيه ، وكذلك الرازي في مفاتيح الغيب ، وأبو السعود في تفسيره ، وعلى الجملة الأمر كما قال الأمير الحسين بن محمدعليهما‌السلام : إجماع أهل النقل على أن المراد بها عليعليه‌السلام إلا من لا يعتد به. انتهى.

قال الإمام المنصور باللهعليه‌السلام في الرسالة النافعة بعد أن ساق الروايات من كتب العامة : وتنكبنا روايات الشيعة على اتساع نطاقها ، وثبوت ساقها ، ليعلم المستبصر أن دليل الحق واضح المنهاج ، مضيء السراج. انتهى.

ولله القائل :

يا من بخاتمه تصدق راكعا

إني رجوتك في القيامة شافعا

هذا والمنزل فيه وفي أهل بيت الرسول صلوات الله عليه وعليهم أكثر من أن يحصر ، فإنهم مهبط الوحي ، ومختلف الملائكة ، ولله القائل :

وبيت تقاصر عنه البيوت

طال سناء على الفرقد

تبيت الملائكة من حوله

ويصبح للوحي دار الندي

فبحق قول ابن عمه حبر الأمة ، وترجمان القرآن : عبد الله بن العباس رضي الله عنهم : أنزلت في علي ثلاثمائة آية.

وقوله أيضا : ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في علي كرم الله وجهه. وقوله أيضا :

١٩

ما أنزل الله يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي أميرها وشريفها ، وكل ذلك ثابت بأسانيده بحمد الله تعالى.

وإلى خبر الغدير الذي خطب به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع بمشهد الجمع الكثير ، والجم الغفير ، وفي ذلك اليوم الذي أنزل الله تعالى فيه على الأصح(١) :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) [المائدة : ٣].

قال إمام اليمن يحيى بن الحسينعليه‌السلام في الأحكام : وفيه أنزل الله على رسوله :( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) [المائدة : ٦٧] ، إلى أن قال : فنزل تحت الدوحة مكانه وجمع الناس ثم قال : «يا أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. فقال : اللهم اشهد ، ثم قال : اللهم اشهد ، ثم قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره». انتهى(٢) .

وقد خطب الحجيج صلوات الله عليه وآله بخطبة كبرى روى كل منها ما حفظ.

قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزةعليه‌السلام : هذا الخبر قد بلغ حد التواتر ، وليس لخبر من الأخبار ماله من كثرة الطرق ، وطرقه مائة وخمس طرق.

وقال السيد جمال الدين الهادي بن إبراهيم الوزير : من أنكر خبر الغدير فقد أنكر ما علم من الدين ضرورة ؛ لأن العلم به كالعلم بمكة وشبهها ، فالمنكر سوفسطائي. وقال السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير : إن حديث الغدير يروى بمائة طريق وثلاث وخمسين طريقا. انتهى.

__________________

(١) إشارة إلى ما رواه البخاري وغيره أن الآية نزلت يوم عرفة ، وهو محمول إن صح على تكرار النزول ، كما قالوا بذلك في كثير من الآي ، وقلنا إن صح بنا على ما هو الحق عند أرباب التحقيق والإنصاف من أن في الصحيحين الصحيح وغير الصحيح كغيرهما كما قرر ذلك الدار قطني فيما انتقده ، وابن حجر في هدي الساري ، خلافا لما عليه الكثير من المقلدين والمتعصبين ، ولسنا بصدد مجادلتهم.

(٢) الأحكام : ١ / ٣٧ ـ ٣٨.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

قلت لأبي جعفرعليه‌السلام رجل بال ولم يكن معه ماء فقال يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات وينتر طرفه فإن خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل.

_________________________________________

يحتمل أن يكون المراد من الأول عصر أصل الذكر إلى طرف الذكر أي ما بين المقعدة إلى رأس الذكر ، ويكون المراد به العصرين جميعا ، والمراد من نتر الطرف نتر رأس الذكر فيوافق المشهور.

وفي التهذيب نقلا عن هذا الكتاب يعصر أصل ذكره إلى ذكره ، وينقل عن بعض الأفاضل أنه قرأ ذكره بضم الذال وسكون الكاف وفسره بطرف الذكر لينطبق على ما ذكره الأصحاب من تثليث العصرات إذ الأول يدل حينئذ على عصر ما بين المقعدة إلى رأس الذكر ، والثاني على عصر رأس الحشفة بإرجاع ضمير طرفه إلى الذكر لا إلى الإنسان.

ويخدشه ما يظهر من كلام أهل اللغة من أن ذكرة السيف حدته وصرامته بالمعنى المصدري لا الناتئ من طرفه كما فهمه ، ولا يستقيم إلا بارتكاب تجوز لا ينفع في الاستدلال. نعم ما في الكتاب يمكن حمله عليه كما أومأنا إليه ، إلا أن قولهعليه‌السلام ينتر طرفه ظاهره جواز الاكتفاء بالواحد وتقدير الثلاثة بقرينة السابق تكلف بعيد ، لكنه مشترك بين الوجهين ويخصه وجه آخر من البعد ، وهو أن النتر جذب فيه جفوة وقوة كما سيظهر مما سننقله من النهاية فحمله على عصر رأس الذكر بعيد ، فالأولى حمله على الوجه الأول وتقدير الثلاثة في الأخير أيضا ، أو القول بجواز الاكتفاء في العصرة الثانية بالمرة كما يظهر من بعض الأخبار جواز الاكتفاء بإحدى العصرتين أيضا.

ثم فائدة الاستبراء هنا أنه إن خرج بعده شيء أو توهم خروجه كما هو المجرب من حال من لم يغسل مخرج البول لا يضره ذلك ، أما من حيث النجاسة

٦١

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبي داود جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل بال ثم توضأ وقام إلى الصلاة فوجد بللا قال لا يتوضأ إنما ذلك من الحبائل.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن صفوان قال سأل الرضاعليه‌السلام رجل وأنا حاضر فقال إن بي جرحا في مقعدتي فأتوضأ

_________________________________________

فلأنه غير واجد للماء ، وأما من حيث الحدث فظاهر فلا يحتاج إلى تجديد التيمم كلما أحس بذلك فتخصيص السؤال بعدم وجدان الماء ، لأن التوهم في هذه الصورة أكثر. وقيل يحتمل أن يكون وجه التخصيص كون الراوي عالما بأنه مع وجدان الماء إذا استبرأ وغسل المحل فلا بأس بما يخرج بعد ذلك ، ولكنه لم يعلم الحال في حال العدم أو يكون بناء على ما يقال إن الماء يقطع البول كما ذكره العلامة في المنتهى فتأمل.

وفي النهاية : فيه « إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث نترات » النتر جذب فيه قوة وجفوة ، ومنه الحديث « إن أحدكم يعذب في قبره فيقال إنه لم يكن يستنتر عند بوله » والاستنتار استفعال من النتر يريد الحرص عليه والاهتمام به وهو بعث على التطهر بالاستبراء من البول والحبائل عروق الظهر أو عروق الذكر كما قيل.

الحديث الثاني : صحيح.

وظاهره مذهب الصدوق من أنه مع عدم الاستبراء أيضا لا يجب إعادة الوضوء وإن أمكن حمله عليه ، لكن حمل الأخبار الأخرى على الاستحباب أظهر ، وهو موافق للأصل أيضا ، وإن كان مخالفا للمشهور.

الحديث الثالث : مجهول ، والسند الثاني صحيح.

قولهعليه‌السلام « فقال إن بي » الفاء للترتيب الذكري ، وهو عطف مفصل

٦٢

وأستنجي ثم أجد بعد ذلك الندى والصفرة من المقعدة أفأعيد الوضوء فقال وقد أنقيت فقال نعم قال لا ولكن رشه بالماء ولا تعد الوضوء.

أحمد ، عن أبي نصر قال سأل الرضاعليه‌السلام رجل بنحو حديث صفوان.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير قال سمعت رجلا سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال ربما بلت ولم أقدر على الماء ويشتد علي ذلك فقال إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك.

_________________________________________

على مجمل.

قولهعليه‌السلام « في مقعدتي ». كأنه بدل من لفظة بي أو خبر لأن أو صفة للجرح ، والفاء في فأتوضأ للترتيب المعنوي ، والصفرة إما صفة حقيقية إذا كانت بمعنى شيء له الصفرة كما هو المعروف في الإطلاق أو مجازية إن كانت مصدرا أو بدل من النداء ، ويحتمل أن يكون النداء صفة لاسم الإشارة أي أجد بعد ارتفاع تلك الرطوبة الحاصلة من الاستنجاء صفرة ، هذا كله على نسخة لم توجد فيها العاطفة كما في التهذيب أيضا ، ويحتمل أن يكون الوضوء في المواضع بمعنى الاستنجاء استعمالا في المعنى اللغوي فتدبر.

قولهعليه‌السلام « وقد أنقيت » هذا ليعلم أنه ليس من الغائط وأثره.

قولهعليه‌السلام « ولكن رشه ». يحتمل أن يكون المراد منه الغسل بناء على نجاسة الصفرة ، وأن يكون المراد معناه الحقيقي لدفع توهمها بناء على طهارتها لأنها الأصل ولعدم العلم بكونها دما مخلوطا.

الحديث الرابع : حسن ، أو موثق.

قولهعليه‌السلام « بريقك ». إما لرفع وسواس النجاسة أو لرفع وسواس انتقاص التيمم فإن مع الاستنجاء بالماء تنقطع دريرة البول أو يرتفع التوهم بخلاف ما إذا لم يستنج فإنه يتوهم آنا فانا خروج البول كما سبق ولعله أصوب ، وإن فهم مشايخنا رضوان الله عليهم الأول.

٦٣

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يعتريه البول ولا يقدر على حبسه قال فقال لي إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر يجعل خريطة.

٦ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان عبد الرحمن قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام في خصي يبول فيلقى من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل قال يتوضأ ثم ينتضح في النهار مرة واحدة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين.

_________________________________________

الحديث الخامس : حسن.

الحديث السادس : مجهول.

وأورد هذا الخبر في التهذيب مرتين في أبواب الزيادات(١) وفي كلا السندين عن سعدان بن مسلم عن عبد الرحيم القصير والظاهر زيادة ـ عن ـ هنا فإن سعدان اسمه عبد الرحمن ، وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى والدروس إلى العفو عن نجاسة ثوب الخصي الذي يتواتر بوله إذا غسله في النهار مرة ، واحتجوا برواية عبد الرحيم وفي طريقها ضعف ، ويمكن أن يحمل على أنه لا يعلم أنه بول فيحمل النضح على الاستحباب كما في أكثر موارد النضح ، وظاهر الأصحاب حمل النضح على الغسل وربما يقيد الحكم بما إذا لم يكن له إلا ثوب واحد.

الحديث السابع : حسن والأخيران مرسلان.

قولهعليه‌السلام « مرتين » موافق للمشهور وظاهره غير المخرج.

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ص ـ ٣٥٣ ـ الحديث ـ ١٤ ـ.

٦٤

وروي أنه يجزئ أن يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة وغيره وروي أنه ماء ليس بوسخ فيحتاج أن يدلك.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن فضال ، عن غالب بن عثمان ، عن روح بن عبد الرحيم قال بال أبو عبد اللهعليه‌السلام وأنا قائم على رأسه ومعي إداوة أو قال كوز فلما انقطع شخب البول قال بيده هكذا إلي فناولته بالماء فتوضأ مكانه.

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « بمثله » هذا الخبر قد أورده الشيخ(١) مسندا وقال : فيه أولا أنه خبر مرسل ـ ثم قال ـ ولو سلم وصح لاحتمل أن يكون أراد بقوله « بمثله ». بمثل ما خرج من البول وهو أكثر من مثلي ما يبقى على رأس الحشفة ، ثم استشهد لصحة تأويله بخبر داود الصرمي « قال : رأيت أبا الحسن الثالثعليه‌السلام غير مرة يبول ويتناول كوزا صغيرا ويصب الماء عليه من ساعته » ثم قال : ( يصب الماء عليه ) يدل على أن قدر الماء أكثر من مقدار بقية البول ، لأنه لا ينصب إلا مقدار يزيد على ذلك.

أقول : ويحتمل أن يكون المراد « بمثله » الجنس أي لا يكفي في إزالته إلا الماء ولا يجوز الاستنجاء بالأحجار كما في الغائط.

الحديث الثامن : موثق ، أو مجهول.

وظاهره عدم الاستبراء. وقال الوالد العلامة : الذي يظهر من بعض الأخبار جواز الاكتفاء بالانقطاع عن الاستبراء ، والأولى الاستبراء بعد انقطاع السيلان. والتوضؤ في آخر الخبر يحتمل الاستنجاء. وفي القاموس : الشخب ويضم ما خرج من الضرع من اللبن وانشخب عرقه وما انفجر.

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ص ـ ٣٥ ـ الحديث ـ ٣٤ ـ.

٦٥

(باب)

(مقدار الماء الذي يجزئ للوضوء والغسل ومن تعدى في الوضوء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ بها جسده والماء أوسع من ذلك.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه وإن المؤمن لا ينجسه شيء إنما يكفيه مثل الدهن.

_________________________________________

باب مقدار الماء الذي يجزى للوضوء وللغسل ومن تعدى في الوضوء

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام « أوسع من ذلك ». إما محمول على المبالغة أو الضرورة ، وقال في الحبل المتين : ما تضمنه هذه الرواية معلوم أنه ورد على سبيل المبالغة ولو عمل بظاهرها لم يبق فرق بين الغسل والمسح.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

قولهعليه‌السلام « لا ينجسه شيء ». قال البهائي أي أعضاؤه لا ينجس بشيء من الأحداث نجاسة خبيثة حتى يحتاج في إزالتها إلى صب ماء زائد على ما يشبه الدهن كما هو الواقع في أغلب النجاسات الحدثية انتهى. ويدل كلام المفيد في المقنعة ظاهرا على الاكتفاء بالمسح في الغسل عند الضرورة كما نسب إليه وإلى غيره. وظاهر الأصحاب اتفاقهم على لزوم الجريان في غير حال الضرورة ، ولا يخفى عليك أن ظاهر الأخبار الاكتفاء بالمسح كالدهن وحمل الأصحاب تلك الأخبار على أقل مراتب الجريان مبالغة.

٦٦

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبو داود جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن داود بن فرقد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن أبي كان يقول إن للوضوء حدا من تعداه لم يؤجر وكان أبي يقول إنما يتلدد فقال له رجل وما حده قال تغسل وجهك ويديك وتمسح رأسك ورجليك.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه

_________________________________________

الحديث الثالث : صحيح.

وقال في النهاية : اللدد الخصومة الشديدة وفي حديث عثمان « فتلددت تلدد المضطر » التلدد التلفت يمينا وشمالا تحيرا انتهى ، ويحتمل أن يكون المراد أنه كان أبي يقول : إنما يتلدد في هذا الباب أي يلتفت كثيرا إلى مواضع الوضوء للوسواس ، وليس بضرور لأن التلدد بمعنى الالتفات يمينا وشمالا ، وأن يكون المراد إنما يختصم كثيرا في هذا الباب لكن هذا الباب لم يجيء بهذا المعنى ، ويحتمل أن يكون حالا عن فاعل يقول ويكون مفعوله ما نقل عنه سابقا ويكون التلدد بالمعنى الأول أي كان يلتفتعليه‌السلام عند قوله ذلك يمينا وشمالا تقية.

وقيل : المعنى من يتجاوز عن حد الوضوء يتكلف مخاصمة الله في أحكامه ، أو إنما يفعل ذلك للوسواس والحيرة في الدين ، وقد يقرأ ـ أيما ـ بالياء المثناة من تحت ، والمراد أنه كان يقول ذلك كلما يتلدد ويختصم ، وفي بعض النسخ القديمة بالذالين المعجمتين أي يتلذذ الناس بتكرار الماء واستعماله كثيرا في الوضوء.

الحديث الرابع : صحيح أو حسن.

وظاهره أنه لبيان أن أقل الجريان كاف سواء كان الماء قليلا أو كثيرا ، ويحتمل أن يكون لبيان تبعيض الغسل وتوزيعه على الأعضاء بأنه إذا غسل عضوا من أعضائه يجري عليه أحكام المتطهر من جواز المس وغيره ولا يشترط إكمال الغسل ، و

٦٧

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن غسل الجنابة كم يجزئ من الماء فقال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته ويغتسلان جميعا من إناء واحد.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يجزئك من الغسل والاستنجاء ما ملئت يمينك.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة

_________________________________________

يكون المراد بالقليل والكثير قليل الجسد وكثيره.

الحديث الخامس : صحيح.

قولهعليه‌السلام « عن وقت غسل الجنابة ». أي عن حده ، وإنما اكتفى بصاع ومد للاشتراك كما صرح به في رواية أخرى.

الحديث السادس : صحيح.

ولعل المراد بالاستنجاء الاستنجاء من البول بقرينة اليمين ، وفي التهذيب والاستبصار ـ اليد ـ بدل اليمين وعلى التقديرين لعل المراد ببللها أخذ ماء قليل بها مرة واحدة ، ويؤيده أن في بعض النسخ القديمة « ما ملت يمينك » فيكون أصله ملأت فخفف وحذف ، وعلى التقديرين يدل على عدم وجوب التعدد في الاستنجاء ، وقد يقرأ على النسخة الأولى بلت بالتخفيف أي عملت كما يقال ـ لله بلاء فلان ـ أي لا يشترط في الغسل والاستنجاء استعمال ظرف بل يكفي الصب باليد ولا يخفى ما فيه ويمكن قراءة الغسل بفتح العين وضمها وقال الشيخ (ره) : المراد بأمثال هذا الخبر مطلق الإجزاء إلا أن مع ذلك فلا بد أن يجري الماء على الأعضاء ليكون غاسلا وإن كان قليلا ، مثل الدهن فإنه متى لم يجر لم يسم غاسلا ولا يكون ذلك مجزيا.

الحديث السابع : صحيح.

٦٨

بن أيوب ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الوضوء قال إذا مس جلدك الماء فحسبك.

٨ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له الرجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة فيخرج يجزئه ذلك من غسله قال نعم.

٩ ـ علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن لله ملكا يكتب سرف الوضوء كما يكتب عدوانه.

(باب)

(السواك)

١ ـ علي بن محمد ، عن سهل وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة.

_________________________________________

واستدل به على عدم وجوب الدلك وإمرار اليد وقال في الحبل المتين : لفظة جلدك أما مرفوعة بالفاعلية ، أو منصوبة بالمفعولية على التجوز.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام « يكتب سرف الوضوء ». أي الإسراف في ماء الوضوء كما يفعله العامة من الغسل ثلاثا « كما يكتب عدوانه » أي التجاوز عن حكمه كالغسل في موضع المسح أو يكون المراد بالعدوان التقصير فيه بأن لا يحصل الجريان أو غسل عضو زائد على المفروض فتأمل.

باب السواك

الحديث الأول : مجهول.

واستدل بهذا الخبر على أن الأمر للوجوب ، ولا يخفى ما فيه.

٦٩

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من سنن المرسلين السواك.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما زال جبرئيلعليه‌السلام يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفي أو أدرد.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير عمن ذكره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في السواك قال لا تدعه في كل ثلاث ولو أن تمره مرة.

٥ ـ علي بإسناده قال أدنى السواك أن تدلك بإصبعك.

٦ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن المعلى أبي عثمان ، عن معلى بن خنيس قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السواك بعد الوضوء فقال الاستياك قبل أن تتوضأ قلت أرأيت إن نسي حتى يتوضأ قال يستاك ثم

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : صحيح.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « إن أحفي أو أدرد » على بناء الفاعل ، أو المفعول فيهما ، وقال في النهاية : لزمت السواك حتى كدت أن أحفي فمي ـ أي أستقصي على أسناني فأذهبها بالتسوك ـ وقال فيه « لزمت السواك حتى خشيت أن يدردني » أي يذهب بأسناني والدرد سقوط الأسنان.

الحديث الرابع : مرسل.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : مختلف فيه وأخره مرسل.

قولهعليه‌السلام « ثلاث مرات » كان مستند الحكم باستحباب المضمضة ثلاثا مطلقا هذا الخبر ، لعدم خبر آخر يدل عليه ، ولا يخفى ما فيه ، نعم وجدنا مستند

٧٠

يتمضمض ثلاث مرات.

وروي أن السنة في السواك في وقت السحر.

٧ ـ علي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد ، عن أبي بكر بن أبي سماك قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا قمت بالليل فاستك فإن الملك يأتيك فيضع فاه على فيك وليس من حرف تتلوه وتنطق به إلا صعد به إلى السماء فليكن فوك طيب الريح.

(باب)

(المضمضة والاستنشاق)

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن حكم بن حكيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المضمضة والاستنشاق

_________________________________________

تثليث المضمضة والاستنشاق في ما كتب أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى أهل مصر مع محمد بن أبي بكر. قولهعليه‌السلام : « إن السنة ». حمل على أنه أكد.

الحديث السابع : ضعيف.

باب المضمضة والاستنشاق

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله : « قال لا » يحتمل أن يكون المراد أنهما ليسا من واجباته أو ليسا من أجزائه بل من مقدماته ، وقال في المدارك : الحكم باستحباب المضمضة والاستنشاق هو المعروف من المذهب والنصوص به مستفيضة. وقال ابن أبي عقيل : إنهما ليسا بفرض ولا سنة ، وله شواهد من الأخبار ، إلا أنها مع ضعفها قابلة للتأويل.

واشترط جماعة من الأصحاب تقدم المضمضة أولا وصرحوا باستحباب إعادة الاستنشاق مع العكس ، وقرب العلامة في النهاية جواز الجمع بينهما بأن

٧١

أمن الوضوء هي قال لا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن شاذان بن الخليل ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن حماد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المضمضة والاستنشاق قال ليس هما من الوضوء هما من الجوف.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس عليك مضمضة ولا استنشاق لأنهما من الجوف.

(باب)

(صفة الوضوء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبان وجميل ، عن زرارة قال حكى لنا أبو جعفرعليه‌السلام وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بقدح فأخذ كفا من ماء فأسدله على وجهه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعا

_________________________________________

يتمضمض مرة ثم يستنشق مرة وهكذا ثلاثا والكل حسن.

الحديث الثاني : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « من الجوف ». يعني أن الوجه المأمور بغسله في الآية هو الظاهر منه لا البواطن ، وقال الشيخ البهائي (ره) يمكن أن يكون الكلام واردا في غسل الميت وليس فيه مضمضة ولا استنشاق عندنا.

الحديث الثالث : حسن.

باب صفة الوضوء

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « بقدح » الباء زائدة للتوكيد نحو «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ »(١) أو للتعدية.

__________________

(١) البقرة : ١٩٥.

٧٢

ثم أعاد يده اليسرى في الإناء فأسدلها على يده اليمنى ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الإناء فصبها على اليسرى ثم صنع بها كما صنع باليمنى ثم مسح بما بقي في يده رأسه ورجليه ولم يعدهما في الإناء.

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « من الماء » يحتمل أن يكون من للبيان بأن يكون المراد بالظرف المظروف ، فإن المقادير والأعداد يراد بهما المقدر والمعدود ، كقولهم عشرون من درهم ، وراقود من خل ، وأن يكون ابتدائية بأن يكون المراد الظرف أي كفا مملوء ، أو مأخوذا من ماء ، ويحتمل أن يكون ـ من ماء ـ صلة لقوله « أخذ » أي أخذ من الماء مقدار كف ، والإسدال في اللغة إرخاء الستر وطرف العمامة ونحوها ، ومنه السديل لما يرخي على الهودج والمراد هنا الصب ، ففي الكلام استعارة تبعية كما كره شيخنا البهائي (ره).

قوله « ثم مسح وجهه » كان كلمه ثم في المواضع منسلخة عن معنى التراخي ، وهو في كلام البلغاء كثير ، ويمكن أن يكون الجمل معطوفة على الجملة الأولى ، لا كل واحدة على ما قبلها كما هو المشهور وحينئذ يكون فيها معنى التراخي لكنه خلاف الشائع في الاستعمالات والمتبادر عند الإطلاق ، وعليه بنوا كثيرا من استدلالاتهم كالاستدلال على الترتيب بين الأعضاء.

قوله : « من الجانبين » أي أمر يده على جانبي وجهه ، ويمكن أن يكون المارد أنهعليه‌السلام لم يقدم مسح جانب من وجهه على جانب آخر بل مسحهما معا من ابتداء الوجه إلى انتهائه فتأمل.

قوله : « ثم أعاد يده اليسرى » قال شيخنا البهائي (ره) كان الظاهر ـ ثم أدخل اليسرى ـ ولعله أطلق الإعادة على الإدخال الابتدائي لمشاكلة قوله فيما بعد ثم أعاد اليمنى ولا يتوهم أن تقدم المشاكل بالفتح على المشاكل بالكسر شرط فإنهم صرحوا بأن يمشي في قوله تعالى «فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ »(١)

__________________

(١) النور : ٤٥.

٧٣

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان ، عن أبي أيوب ، عن بكير بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ألا أحكي لكم وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ بكفه اليمنى كفا من ماء فغسل به وجهه ثم أخذ بيده اليسرى كفا من ماء فغسل به يده اليمنى ثم أخذ بيده اليمنى كفا من ماء فغسل به يده اليسرى ثم مسح بفضل يديه رأسه ورجليه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ بها جسده ـ والماء أوسع من ذلك ألا أحكي لكم وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قلت بلى قال فأدخل يده في الإناء ولم يغسل يده فأخذ كفا من ماء فصبه على وجهه ثم مسح جانبيه حتى مسحه كله ثم أخذ كفا آخر بيمينه فصبه على يساره ثم غسل به ذراعه الأيمن ثم أخذ كفا آخر فغسل به ذراعه الأيسر ثم مسح رأسه ورجليه بما بقي في يده.

٤ ـ علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام ألا أحكي لكم وضوء

_________________________________________

لمشاكلة قوله «وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ » ، ويمكن أن يقال : إنه أطلق الإعادة باعتبار كونها يدا لا باعتبار كونها يسري انتهى. ويدل على عدم استحباب الإدارة من إحداهما إلى الأخرى.

الحديث الثاني : حسن.

وفي الصحاح حكيت فعله وحاكيته ، إذا فعلت مثل فعله.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

قوله : « فوضعه بين يديه » إلى آخر مقال في مشرق الشمسين : يقال جلست بين يديه أي قدامه ، وفي مقابله ، ولعل الإناء كان أقرب إلى يمينهعليه‌السلام والميل اليسير

٧٤

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلنا بلى فدعا بقعب فيه شيء من ماء ثم وضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال هكذا إذا كانت الكف طاهرة ثم غرف فملأها ماء فوضعها على جبينه ثم قال بسم الله وسدله على أطراف لحيته ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ثم وضعه على مرفقه اليمنى وأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرى وأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه.

قال وقال أبو جعفرعليه‌السلام إن الله وتر يحب الوتر فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى وتمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسرى.

_________________________________________

إلى أحد الجانبين لا يقدح في المقابلة العرفية ، فلا ينافي هذا الحديث ما اشتهر من استحباب وضع الإناء على اليمين ، وحسر بالمهملات بمعنى كشف وهو متعد بنفسه ، ولعل مفعوله وهو الكم أو الثوب محذوف ، والإشارة في قولهعليه‌السلام ـ هذا إذا كانت الكف طاهرة إلى غمس اليد في الماء القليل من دون غسلها أولا. وسدل وأسدل بمعنى. وفي القاموس : القعب قدح من خشب مقعر. وفي الصحاح : حسرت كمي عن ذراعي أحسره حسرا ، كشفت.

قولهعليه‌السلام « وظاهر جبينه » أي ما لم يمكن من جبينه مستورا بالشعر فإنه ليس من الوجه.

قولهعليه‌السلام : « ببلة يساره » حمل هذا الكلام على اللف والنشر المرتب يقتضي مسحهعليه‌السلام رأسه بيساره وهو في غاية البعد ، وحمله على المشوش أيضا بعيد وذكر البقية في اليمنى دون اليسرى لا يساعده فالأظهر أن يكون قولهعليه‌السلام « ببلة يساره » مع ما عطف عليه من متعلقات مسح القدمين فقط ، وعود القيد إلى

٧٥

قال زرارة قال أبو جعفرعليه‌السلام سأل رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحكى له مثل ذلك.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة وبكير أنهما سألا أبا جعفرعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على وجهه فغسل بها وجهه ثم غمس كفه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق ثم غمس كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ثم مسح رأسه وقدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا ثم قال ولا يدخل أصابعه تحت الشراك قال ثم قال إن الله عز وجل يقول «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ » فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله

_________________________________________

كلا المتعاطفين غير لازم كما في قوله تعالى «وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً » فإن النافلة ولد الولد وحينئذ يكون في إدراج لفظ البقية إشعار بأنهعليه‌السلام مسح رأسه بيمناه.

الحديث الخامس : حسن.

قوله « أو تور » الترديد من الراوي أو منهعليه‌السلام للتخيير بين إحضار أيهما تيسر. وفي النهاية : التور إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه ، انتهى. ولعله يدل على عدم كراهة هذه الاستعانة ، وما قيل ـ من أنه لبيان الجواز أو أن هذا الوضوء لعله لا يكون وضوء حقيقيا ـ فلا يخفى بعده من مقام البيان ، فتأمل. وربما يدل على استحباب كون الإناء مكشوفة الرأس ، وعلى رجحان الاغتراف لغسل الأعضاء.

٧٦

لأن الله يقول : «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » ثم قال «وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ » فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه.

قال فقلنا أين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون عظم الساق فقلنا هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذراع قال نعم إذا بالغت فيها

_________________________________________

قوله : « لا يردها إلى المرفق » يمكن أن يكون المراد نفي ابتداء الغسل من الأصابع كما تفعله العامة ، أو أنه في أثناء الغسل لا يمسح بيده إلى المرفق بل يرفع يده ثم يضع على المرفق وينزلها ، قوله : « فليس له » لأن الوجه حقيقة في كله وكذا اليد قوله « فإذا مسح » لأن الباء للتبعيض كما سيأتي.

قوله : « يعني المفصل » قال في الحبل المتين : الكعب المفصل بين الساق والقدم ذكره جماعة من أهل اللغة ، كصاحب القاموس حيث قال : الكعب كل مفصل للعظام ، وهذه الرواية كما ترى ظاهرة في هذا المعنى ، وهو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن الجنيد.

قوله : « دون عظم الساق ». قال الشيخ البهائي (ره) لفظة دون إما بمعنى تحت ، أو بمعنى عند ، أو بمعنى غير.

قوله : « هذا ما هو » أي قبتا طرفي القدم ، كما تقوله العامة.

قوله : « وغرفة للذراع ». أي لكل ذراع والمراد من الثنتين الغرفتان لكل عضو ، وما قيل : من أن الأول غرفة واحدة للذراعين معا والثاني الثنتان لهما أيضا كذلك فلا يخفى ما فيه من البعد ، وقال شيخنا البهائي (ره) أي إذا بالغت في أخذ الماء بها بأن ملأتها منه بحيث لا تسع معه شيئا ، ويمكن أن يكون المعنى إذا بالغت في غسل العضو بها بإمرار اليد ليصل ماؤها إلى كل جزء ، وقولهعليه‌السلام

٧٧

والثنتان تأتيان على ذلك كله.

٦ ـ محمد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رباط ، عن يونس بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوضوء للصلاة فقال مرة مرة.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبي داود جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن حماد بن عثمان ، عن علي بن المغيرة ، عن ميسرة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان قال كنت قاعدا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدعا بماء فملأ به كفه فعم به وجهه ثم ملأ كفه فعم به يده اليمنى ثم ملأ كفه فعم به يده اليسرى ثم مسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا يعني به التعدي في الوضوء.

٩ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم

_________________________________________

« والثنتان » إلى آخره ـ أي الغرفتان تكفيان في استيعاب العضو بدون مبالغة.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : مجهول.

وقال الشيخ البهائي (ره) ليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه ، كما يقال لما ارتفع وغلظ من الأرض ظهر الأرض.

الحديث الثامن : صحيح.

قولهعليه‌السلام « من لم يحدث » ظاهره عدم جواز الزيادة عن مرة واحدة ، واستحباب الغسلة الثانية هو المشهور بين الأصحاب بل ادعى ابن إدريس عليه الإجماع وقال الصدوق بعدم استحبابها وهو موافق لمقالة الكليني ، وقال ابن أبي نصر واعلم أن الفضل في واحدة ومن زاد على اثنين لم يؤجر.

الحديث التاسع : موثق وآخر الباب مرسل.

٧٨

عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوضوء فقال ما كان وضوء عليعليه‌السلام إلا مرة مرة.

هذا دليل على أن الوضوء إنما هو مرة مرة لأنه صلوات الله عليه كان إذا ورد عليه أمران كلاهما لله طاعة أخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه وإن الذي جاء عنهمعليهم‌السلام أنه قال الوضوء مرتان إنه هو لمن لم يقنعه مرة واستزاده فقال مرتان ثم قال ومن زاد على مرتين لم يؤجر وهذا أقصى غاية الحد في الوضوء الذي من تجاوزه أثم ولم يكن له وضوء وكان كمن صلى الظهر خمس ركعات ولو لم يطلقعليه‌السلام في المرتين لكان سبيلهما سبيل الثلاث.

وروي في رجل كان معه من الماء مقدار كف وحضرت الصلاة قال فقال يقسمه أثلاثا ثلث للوجه وثلث لليد اليمنى وثلث لليد اليسرى ويمسح بالبلة رأسه ورجليه.

(باب)

(حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قلت له أخبرني عن حد

_________________________________________

وقوله « هذا. » دليل كلام المؤلفقدس‌سره .

باب حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل

الحديث الأول : كالصحيح.

قولهعليه‌السلام « عن حد الوجه » الحد في اللغة المنع ، والفصل بين الشيئين ، والمراد هنا الثاني. والقصاص مثلثة القاف منتهى شعر الرأس حيث يؤخذ بالمقص من مقدمه ومؤخره ، وقيل : هو منتهى منبته من مقدمه. والمراد هنا المقدم

٧٩

الوجه الذي ينبغي له أن يوضأ الذي قال الله عز وجل فقال الوجه الذي أمر الله تعالى بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه إن زاد عليه

_________________________________________

حواه يحويه حيا أي جمعه واحتواه مثله ، واحتوى على الشيء أي اشتمل عليه كما ذكره الجوهري. وقال الفيروزآبادي : حواه يحويه حيا وحواية واحتوى عليه واحتواه جمعه وأحرزه انتهى. والصدغ هو المنخفض الذي بين أعلى الأذن وطرف الحاجب ، والسبابة من الأصابع التي تلي الإبهام.

وكل من الموصولين في قول زرارة ، الذي قال الله عز وجل ، وفي قولهعليه‌السلام الذي لا ينبغي لأحد نعت بعد نعت للوجه ، وجملة ، « لا ينبغي لأحد » ـ إلى آخره ـ صلة ـ للذي ـ وجملة لا ينقص منه عطف على جملة « لا ينبغي » أو يكن عطفا على يزيد ـ وتكون لفظة لا نافية على الأول وزائدة لتأكيد النفي على الثاني ، ويحتمل أن يكون لا ناهية ويكون حينئذ معطوفا على الموصول ، والجملة صفة للوجه بتقدير المقول في حقه ، كما هو الشائع في تصحيح الجمل الإنشائية الواقعة حالا بعد حال أو صفة على ما قيل ،

وجملة الشرط والجزاء في قولهعليه‌السلام « إن زاد عليه لم يؤجر » صلة بعد صلة له وقوله « وإن نقص منه أثم » عطف على إن زاد والصلة بعد الصلة وإن لم تكن بين النحاة مشهورا ، إلا أنه لا مانع منه ، كالخبر والحال. وقد جوز التفتازاني في حواشي الكشاف في قوله تعالى «فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ »(١) كون جملة أعدت صلة ثانية للتي. ويحتمل أن يكون هذه الشرطية مع المعطوف عليها مفسرة لقوله « لا ينبغي لأحد » ، وأن تكون معترضة بين المبتدأ والخبر والجار والمجرور. وفي قولهعليه‌السلام « من قصاص » إما متعلق بقوله « دارت » ، أو صفة مصدر محذوف ، وإما حال عن الموصول الواقع خبرا عن

__________________

(١) البقرة : ٢٤.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659