المصابيح

المصابيح9%

المصابيح مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 659

المصابيح
  • البداية
  • السابق
  • 659 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87636 / تحميل: 4189
الحجم الحجم الحجم
المصابيح

المصابيح

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

منقطعاً متواضعاً سهل العارية، رأيت جماعة من المحدّثين ذكروه فأطنبوا في حقه، ومدحوه بالحفظ والزهد، سألت الزكي البرزالي عنه فقال: ثقة جبل حافظ ديّن، وقال ابن النجار: حافظ متقن حجة عالم بالرجال ورع تقي، ما رأيت مثله في نزاهته وعفّته وحسن طريقته، وقال الشرف ابن النابلسي، ما رأيت مثل شيخنا الضياء.

.... عاش أربعاً وسبعين سنة، وتوفي إلى رضوان الله في جمادى الآخرة سنة ٦٤٣ »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « والشيخ الضياء أبو عبدالله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي الحافظ أحد الأعلام أفنى عمره في هذا الشأن، مع الدين المتين والورع، والفضيلة التامة والثقة والاتقان، وانتفع الناس بتصانيفه والمحدّثون بكتبه، فالله يرحمه ويرضى عنه، توفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة »(٢) .

٣ - السيوطي: « الضياء المقدسي هو: الإِمام العالم الحافظ الحجة محدث الشام شيخ السنّة صنّف وصحّح وليّن وجرح وعدّل، وكان المرجوع إليه في هذا الشأن، جبلاً ثقة ديّناً زاهداً ورعاً »(٣) .

(٩٧)

رواية ابن الشيخ البلوي

رواه في كتابه ( ألف باء ) الذي ذكر في ( كشف الظنون ) بما هذا نصه:

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٩٠.

(٢). العبر - حوادث ٦٤٣.

(٣). طبقات الحفاظ ٤٩٤.

١٦١

« ألف باء في المحاضرات للشيخ أبي الحجاج يوسف بن محمد البلوي الأندلسي المعروف بابن الشيخ، وهو مجلّد ضخم، أوله: إن أفصح كلام سمع وأعجز حمد الله تعالى نفسه. إلخ. ذكر فيه أنه جمع فوائد بدائع العلوم لا بنه عبد الرحيم، ليقرأه بعد موته إذا لم يلحق بعد لصغره إلى درجة النبلاء، وسمّى ما جمعه لهذا الطفل المربّا بكتاب ألف با. ومن نظمه في أوّله ثم ذكر تسعة وعشرين بيتاً على عدد الحروف المعجمة، وشرحه كلمة كلمة مع مقلوبة ومعكوسه، وأورد في أول الشعر ثمانية أبواب، وفي آخرها أربعاً من الكلمات المزدوجات المتشابهات الحروف، وهو تأليف غريب، لكن فيه فوائد كثيرة »(١) .

فقال ما نصه: « وأما عليرضي‌الله‌عنه فمكانه علي، وشرفه سنّي، أول من دخل في الاسلام، وزوج فاطمةعليها‌السلام بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد نظم في أبيات المفاخرة، وذكر فيها مآثره، حين فاخره بعض عداه ممّن لم يبلغ مداه، فقالرضي‌الله‌عنه يفخر بحمزة عمّه وبجعفر ابن أمّه رضي الله عن جميعهم:

محمد النبي أخي وصهري

وحمزة سيد الشهداء عمّي

وبنت محمد بيتي وعرسي

مشوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولداي منها

فأيّكم له سهم كسهمي

وجعفر الذي يمسي ويضحي

يطير مع الملائكة ابن أمّي

سبقتكم إلى الإسلام طفلا

صغيرا ما بلغت أوان حلمي

وأوجب لي الولاء حقا علي

كم رسول الله يوم غدير خم

يريد بذلك قولهعليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ١٥٠.

(٢). ألف باء. وقد ذكر البلوي خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام ٨ / ٢٧٤.

١٦٢

(٩٨)

رواية ابن طلحة

رواه حيث قال: « وأما مواخاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاه وامتزاجه به، وتنزيله إياه منزلة نفسه، وميله اليه، وإيثاره إياه، فهذا بيانه: فإنه قد روى الإِمام الترمذي في صحيحه، بسنده عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه أنه قال: لما آخى رسول الله بين أصحابه جاءه علي تدمع عيناه، فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد. قال: فسمعت رسول الله يقول: أنت أخي في الدنيا والآخرة.

و روى بسنده أيضاً: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهذا اللفظ بمجرده رواه الترمذي ولم يزد عليه، وزاد غيره ذكره اليوم والموضع، فذكر الزمان وهو عند عود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع من اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وذكر المكان وهو ما بين مكة والمدينة يسمى خماً في غدير هناك، فسمي ذلك اليوم يوم غدير خم، وقد ذكره حسان في شعره الذي تقدّم، وصار ذلك اليوم عيداً وموسماً، لكونه كان وقتاً خصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً بهذه المنزلة العلية، وشرّفه بها دون الناس كلّهم.

و نقل عن زاذان قال: سمعت علياً في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد منكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم وهو يقول ما قال، فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت

١٦٣

مولاه فعلي مولاه »(١) .

(٩٩)

رواية سبط ابن الجوزي

رواه حيث قال: « حديث في قوله عليه الصلاة والسلام: من كنت مولاه فعلي مولاه، قال أحمد بن حنبل في المسند، ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحيم الكندي عن زاذان، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول في الرحبة - وهو ينشد الناس - يقول: أنشد الله رجلا سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقام ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك.

و أخرجه الترمذي أيضاً في كتاب السنن، قال: حديث حسن، وزاد فيه: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأدر الحق معه كيفما دار وحيث دار.

و خرّجه أحمد أيضاً في الفضائل فقال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن سعد ابن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه - أو وليّه - فعلي وليه.

و في رواية: لما نشد علي الناس في الرحبة، قام خلق كبير فشهدوا له بذلك، وفي لفظ: فقام له ثلاثون رجلاً فشهدوا.

وقال أحمد في الفضائل: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي عن رباح بن الحارث، قال: جاء رهط إلى علي فقالوا: السلام عليك يا مولانا - وكان بالرحبة - فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟

____________________

(١). مطالب السئول في مناقب آل الرسول: ١٦. وتوجد ترجمة ابن طلحة في مرآة الجنان ٤ / ١٢٨، الأسنوي ٢ / ٥٠٣، السبكي ٥ / ٢٦ العبر ٥ / ٢١٣ وغيرها.

١٦٤

قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه قال رباح: فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أحمد في الفضائل: ثنا ابن نمير عن عبد الملك عن عطية العوفي قال: أتيت زيد بن أرقم فقلت له: إن ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي بن أبي طالب يوم الغدير، وأنا أحبّ أن أسمعه منك. فقال: إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس، فقال: نعم كنّا بالجحفة، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علينا ظهرا، وهو آخذ بعضد علي بن أبي طالب، فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: بلى، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قالها أربع مرات.

وقال أحمد في الفضائل: ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، ثنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين شجرتين، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فهذا مولاه، قال: فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة. وفي رواية: اللهم فانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه »(١) .

____________________

(١). تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة ٢٨ - ٢٩ وقد ذكرنا ترجمة السبط عن أبي المؤيد الخوارزمي، وابن خلكان، وقطب الدين اليونيني، وأبي الفداء، والذهبي، وغيرهم، في قسم حديث النور. كما ذكرنا مصادر أخرى أيضاً في قسم حديث الثقلين.

١٦٥

(١٠٠)

رواية الكنجي

رواه في كتابه ( كفاية الطّالب )، وبما أنّ كلامه يتضمّن دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإنا سنذكر نصَّ روايته وكلامه في مبحث دلالة الحديث، إنْ شاء الله تعالى(١) .

(١٠١)

رواية الرسعني

رواه عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني، وسيأتي نص روايته من كتاب ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا ) للبدخشاني. إنْ شاء الله تعالى(٢) .

(١٠٢)

رواية النووي

رواه حيث قال: « وفي كتاب الترمذي عن أبي سريحة الصحابي أو زيد بن أرقم - شكّ شعبة - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي

____________________

(١). ذكرنا الثناء عليه وعلى كتابه في قسم حديث النور.

(٢). ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٤٣، ابن كثير ١٣ / ٢٤١.

١٦٦

مولاه. رواه الترمذي وقال: حديث حسن، والشك في عين الصحابي لا يقدح في صحة الحديث، لأنهم كلّهم عدول »(١) .

ترجمته

١ - ابن قاضي شهبة: « يحيى بن شرف الفقيه الحافظ الزاهد، أحد الأعلام، شيخ الاسلام، محي الدين أبو زكريا الحزامي النووي - بحذف الألف ويجوز اثباتها - الدمشقي، ولد في المحرم سنة ٦٣١ كان محققا في علمه وفنونه، ومدققا في عمله وشئونه، حافظا لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه، وغريب ألفاظه واستنباط فقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم، سالكا في ذلك طريقة السلف إلى أن توفي في رجب سنة ٦٧٧ »(٢) .

٢ - السيوطي: « النووي الإِمام الفقيه الحافظ، الأوحد القدوة، شيخ الاسلام علم الأولياء كان إماماً بارعاً حافظاً متقنا، أتقن علوماً شتّى، وبارك الله في علمه وتصانيفه لحسن قصده، وكان شديد الورع والزهد، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر »(٣) .

(١٠٣)

رواية محب الدين الطبري

وقال محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري: « ذكر اختصاصه بأنه مولى من

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٧ ورواه أيضاً في رياض الصالحين: ١٥٢.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٩.

(٣). طبقات الحفاظ: ٥١٠.

١٦٧

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه: عن رباح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رباح: فلما مضوا تبعتهم فسألت: من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري. خرّجه أحمد.

و عنه - قال: بينما علي جالس، إذ جاء رجل فدخل [ و ] عليه أثر السفر، فقال: السلام عليك يا مولاي. قال: من هذا؟ قال: أبو أيوب الانصاري. فقال علي: أفرجوا له ففرجوا، فقال أبو أيوب: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه.

و عن البراء بن عازب قال: كنّا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. [ قال: ] فأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

و عن زيد بن أرقم مثله.

خرّجهما [ خرجه ] أحمد في مسنده، وخرّج الأول ابن السمان.

وخرّج أحمد في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله: وعاد من عاداه: وانصر من نصره وأحبّ من أحبه. قال سعيد: أوقال: أبغض من أبغضه.

و خرّج ابن السّمان عن عمر منه: من كنت مولاه فعلي مولاه.

و خرّجه المخلّص الذهبي عن حبشي بن جنادة وقال بعد وانصر من نصره: و أعن من أعانه ولم يذكر ما بعده.

و عن أبي الطفيل قال: قال علي: أنشد الله كل إمرأ سمع رسول الله صلّى

١٦٨

الله عليه وسلّم يقول يوم غدير خم لما قام. فقام ناس فشهدوا أنهم سمعوه يقول: ألستم تعلمون أني أولى [ الناس ] بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فانّ هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فخرجت وفي نفسي من الريبة [ ذلك ] شيء، فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال: قد سمعناه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له ذلك. قال أبو نعيم: قلت لفطر - يعني الذي روى عنه الحديث -: كم بين القول وبين موته؟ قال: مائة يوم. خرّجه أبو حاتم وقال: يريد موت علي بن أبي طالب.

وخرّج الترمذي عنه من ذلك: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وخرّجه أحمد عن سعيد بن وهب ولفظه قال: [ أ ] نشد علي فقام خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله [ النبي ]صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وعن زيد بن أرقم قال: استنشد علي الناس فقال: أنشد الله رجلا سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام ستة عشر رجلا فشهدوا.

و عن زياد بن أبي زياد قال: سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلاً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال. فقام اثنا عشر رجلاً بدرياً فشهدوا.

و عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فلمـّا قدمت على النبي [ رسول الله]صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرت علياً فتنقّصته، فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، وقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرجه أحمد.

وعن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه.

وعن سالم قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً ما تصنعه بأحد من أصحاب

١٦٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: إنه مولاي.

وعن عمر - وقد جاءه أعرابيان يختصمان - فقال لعلي: إقض بينهما يا أبا الحسن، فقضى علي بينهما، فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا! فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.

وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينك هذا الجالس، وأشار إلى علي بن أبي طالب، فقال الرجل: هذا الأبطن!! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال: أتدري من صغّرت؟! [ هذا ] مولاي ومولى كل مسلم. خرجهنّ ابن السمان »(١) .

وقد روى المحبّ الطبري طرفاً من ألفاظ حديث الغدير في كتابه الآخر ( ذخائر العقبى ) تحت عنوان « ذكر أنه من كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه فعلي مولاه »(٢) .

ترجمته

وقد ترجم لهالأسنوي بقوله: « محب الدين أبو العباس أحمد بن عبدالله ابن محمد الطبري، ثم المكي، شيخ الحجاز، كان عالماً عاملاً جليل القدر، عالماً بالآثار والفقه، اشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري، وشرح التنبيه، وألّف كتاباً في المناسك، وكتاباً في الألغاز، وكتاباً نفيساً في أحاديث الأحكام. ولد يوم الخميس سابع عشر جمادى الآخرة سنة ٦١٥. وتوفي في سنة ٩٤، قيل في ذي القعدة، وقيل غير ذلك »(٣) .

____________________

(١). الرياض النضرة في فضائل العشرة ٢ / ٢٢٢ - ٢٢٥.

(٢). ذخائر العقبى ٦٧ / ٦٨.

(٣). طبقات الشافعية ٢ / ١٧٩ وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٤ وطبقات السبكي ٨ / ١٨ ومرآة الجنان ٤ / ٢٢٤ والنجوم الزاهرة ٨ / ٧٤ وشذرات الذهب ٥ / ٤١٥ وغيرها.

١٧٠

(١٠٤)

رواية الوصابي

رواه عن بريدة بقوله: « وعنهرضي‌الله‌عنه قال: خرجت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، أخرجه أبو زيد عثمان بن أبي شيبة في سننه، وابن جرير في تهذيب الآثار، وأبو نعيم في فضائل الصّحابة »(١) .

و عن ابن عباس بقوله: « وعنهرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه. أخرجه المحاملي في أماليه »(٢) .

قال: « وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الطبراني في الكبير، وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصّحابة، وأخرجه الترمذي في جامعه عن زيد بن أرقم »(٣) .

قال: « وعن أبي أيوب الأنصاريرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه النسائي في سننه والطبراني في الكبير. وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة عن مالك بن الحويرث و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه أبو زيد عثمان ابن أبي شيبة في سننه، و أخرجه ابن أبي عاصم وسعيد بن منصور في سننهما عن سعد بن أبي وقاص، عن عليرضي‌الله‌عنه : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه ابن عقدة

____________________

(١). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط، الباب الرابع منه المسمى بـ « أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ».

(٢). المصدر نفسه.

(٣). الاكتفاء - مخطوط.

١٧١

في كتابه الموالاة. وأخرجه الامام أحمد في مسنده، عن علي وثلاثة عشر رجلاً من الصحابة، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن جابر بن عبدالله الأنصاري »(١) .

قال: « وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الطبراني في الكبير. وعن أبي هريرة واثني عشر رجلا من الصحابة: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الإِمام أحمد في مسنده، والطبراني في الكبير، والضياء في المختارة. وأخرجه أيضا عن زيد بن أرقم وثلاثين رجلا من الصحابة. وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد بن أبي وقاص. وأخرجه الخطيب في المتفق والمفترق عن أنس.

و عن عمرو ذي مر: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه. أخرجه الطبراني في الكبير. و عن علي وطلحة معه رضي الله عنهما: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الحاكم في المستدرك.

و عن بريدة قال قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أخرجه الإِمام أحمد في مسنده، وسمّويه في فوائده »(٢) .

وقال: « وعن رفاعة بن أياس الضبّي عن أبيه عن جدّه قال: كنت مع علي في الجمل، فبعث إلى طلحة أن ألقني، فلقيه فقال: أنشدك الله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. قال: فلم تقاتلني؟ أخرجه ابن عساكر في تاريخه.

____________________

(١). الاكتفاء - مخطوط.

(٢). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

١٧٢

و عن جابر بن عبدالله الأنصاريرضي‌الله‌عنه قال: كنا بالجحفة بغدير خم، إذ خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه عثمان بن أبي شيبة في سننه.

و عنهرضي‌الله‌عنه في أخرى: قال كنّا بالجحفة بغدير خم، وثمة ناس من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأشار بيده ثلاثا، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه أخرجه النسائي في سننه »(١) .

(١٠٥)

ذكر سعيد الدين الفرغاني

حديث الغدير في ( شرح تائية ابن الفارض )، وسيأتي نص كلامه(٢) .

(١٠٦)

رواية الحمويني

ورواه ابراهيم بن محمد بن المؤيد بن عبدالله بن علي بن محمد بن حمويه، بسنده عن المطلب بن زياد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال:

« كنت عند جابر بن عبدالله في بيته، وعلي بن الحسين ومحمد بن الحنفيّة وأبو جعفر، فدخل رجل من أهل العراق فقال: أنشدك الله إلّا حدثتني بما رأيت

____________________

(١). الاكتفاء - مخطوط.

(٢). ترجمته في العبر حوادث ٦٨٩ ونفحات الأنس: ٥٥٩.

١٧٣

وما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: كنّا بالجحفة بغدير خم، وثم ناس كثير من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأشار بيده ثلاثاً، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ورواه بسنده عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب، ثم قال: « أورده الامام الحافظ شيخ السنة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي بتفاوت، في فضائل أمير المؤمنين علي، ونقلته من خطه المبارك »(٢) .

ورواه بسنده عن زيد بن عمر بن مورق قال: « كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يعطي الناس، فتقدّمت إليه فقال: ممن أنت؟ فقال: قلت من قريش قال: من أي قريش أنت؟ قلت: من بني هاشم. قال: من أيّ بني هاشم؟ فسكت، فوضع يده على صدره فقال: أنا والله مولى علي بن أبي طالب. ثم قال: حدثني عدة أنّهم سمعوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم قال: يا مزاحم كم تعطي أمثاله؟ قال: مائة ومائتي درهم. قال: أعطه خمسين ديناراً لولاية علي بن أبي طالب، ثم قال: الحق ببلدك فسيأتيك مثل ما يأتي نظرائك »(٣) .

ورواه أيضاً بأسانيد وألفاظ أخرى فراجعه(٤) .

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٦٢ - ٦٣.

(٢). المصدر ١ / ٦٤ - ٦٥.

(٣). فرائد السمطين ١ / ٦٦.

(٤). ترجمته: تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٩٨ العبر حوادث ٧٢٢، الدرر الكامنة ١ / ٦٧.

١٧٤

(١٠٧)

رواية جمال الدين المزي

وقال جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي: « عامر بن واثلة أبو الطفيل الليثي الكناني - وله رواية [ رؤية ] - عن زيد بن أرقم حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. ت في المناقب عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن محمد بن مثنى عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - فذكره وقال: حسن غريب.

س - فيه: عن محمد بن مثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم به أتمّ من الأول: لمـّا رجع ونزل غدير خم. الحديث»(١) .

وقال: عبد الرحمن بن عبدالله بن سابط الجمحي المكي، عن سعد حديثاً قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل عليه سعد، فذكروا علياً. الحديث.

ق - في السنة عن علي بن محمد عن أبي معاوية عن موسى بن مسلم عن ابن سابط به »(٢) .

ترجمته

١ - السيوطي: « المزي - الإِمام العالم الحبر، الحافظ الأوحد، محدّث الشام مات يوم السبت، ثاني عشر صفر سنة ٧٤٢ »(٣) .

____________________

(١). تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ٣ / ١٩٥.

(٢). تحفة الاشراف ٣ / ٣٠٢.

(٣). طبقات الحفاظ ٥١٧.

١٧٥

٢ - الأسنوي: « كان أحفظ أهل زمانه، لا سيّما الرجال المتقدمين، وانتهت إليه الرحلة من أقطار الأرض، لروايته ودرايته، وكان إماماً في اللغة والتصريف، ديّناً خيّراً، منقبضاً عن الناس، طارحاً للتكلّف، فقيراً، صنّف: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، وكتاب الأطراف »(١) .

٣ - السبكي: « شيخنا وأستاذنا وقدوتنا »(٢) .

٤ - الشوكاني: « أخذ عنه الأكابر، وترجموا له، وعظّموه جدّاً »(٣) .

وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٩٨، الدرر الكامنة ٥ / ٢٣٣، النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٦، الكامل ١٤ / ١٩١ وغيرها.

(١٠٨)

رواية الذهبي

وقال الذهبي بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وشهد له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنة، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي. وقال: لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق.

ومناقب هذا الإِمام جمة، أفردتها في مجلّد وسمّيته بفتح المطالب في مناقب علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(٤) .

وقال بترجمة الحاكم: « وأمّا حديث الطّير فله طرق كثيرة جدّاً، قد أفردتها بمصنف، ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل. وأمّا حديث من كنت

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٤٦٤.

(٢). طبقات الشافعية ٦ / ٢٥١.

(٣). البدر الطالع ٢ / ٣٥٣.

(٤). تذكرة الحفاظ ١ / ١٠.

١٧٦

مولاه فله طرق جيّدة، وقد أفردت ذلك أيضاً »(١) .

(١٠٩)

رواية النيسابوري

ورواه الحسن بن حسين النيسابوري أيضاً، وسيأتي نص روايته.

(١١٠)

رواية السمناني

ورواه علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني، وسيأتي نص روايته كذلك.

(١١١)

رواية الخطيب التبريزي

رواه حيث قال: « وعن زيد بن أرقم: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، رواه أحمد والترمذي »(٢) .

وقال: « وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: إن رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نفس المصدر ٣ / ١٠٣٩ وتوجد ترجمة الذهبي في: الدرر الكامنة ٤ / ٤٢٦ والبدر الطالع ٢ / ١١٠ والنجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢ وشذرات الذهب ٦ / ١٥٣ والوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣ وغيرها.

(٢). مشكاة المصابيح ٣ / ٢٤٣.

١٧٧

وسلّم لمـّا نزل بغدير خم، أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: الستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً [ لك ] يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، رواه أحمد »(١) .

(١١٢)

رواية ابن الوردي

وقال عمر بن مظفر المعروف بابن الوردي في ذكر عليعليه‌السلام : « شيء من فضائله: من ذلك مشاهده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخوّة رسول الله له، وسبق إسلامه، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر: لأعطينَّ الرّاية رجلاً يحبّ الله ورسوله. الحديث ، و قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه ، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، و قوله: أقضاكم علي »(٢) .

ترجمته

وقد ترجم له ابنقاضى شهبة الأسدي بقوله: « عمر بن المظفر بن عمر ابن محمد بن أبي الفوارس بن علي، الامام العلّامة الأديب المؤرّخ، زين الدين أبو حفص المعري الحلبي، الشهير بابن الوردي، فقيه حلب ومؤرّخها وأديبها، تفقّه على الشيخ شرف الدين البارزي، له مصنفات جليلة نظماً ونثراً وكان ملازماً

____________________

(١). نفس المصدر ٣ / ٢٤٦.

(٢). تتمة المختصر في أخبار البشر ١ / ٢٢١.

١٧٨

للاشتغال والتصنيف، شاع ذكره، واشتهر بالفضل اسمه، ذكر له الصّلاح الصفدي في تاريخه ترجمة طويلة »(١) .

(١١٣)

ذكر ابن مكتوم

القيسي حديث الغدير في ( تذكرته )، كما سيأتي نص عبارته، نقلاً عن ( الأزهار فيما عقده الشعراء من الآثار ) للسيوطي.

وسنذكر هناك طرفاً من ترجمته، إن شاء الله تعالى.

(١١٤)

رواية الزرندي

ورواه جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي حيث قال: « روى الامام الحافظ أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقيرحمه‌الله ، بسنده إلى البراء بن عازب قال: أقبلنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، حتى إذا كنّا بغدير خم، يوم الخميس ثامن عشر من ذي الحجة، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ١٩٧.

١٧٩

بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى قال: أليس أزواجي أمهاتكم؟ قالوا: بلى. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه بعد ذلك، فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. هذه إحدى رواياته له. وفي رواية قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم أعنه وأعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال الامام أبو الحسن الواحديرحمه‌الله : هذه الولاية التي أثبتها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه مسئول عنها يوم القيامة، وروى في قوله تعالى( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي عن ولاية عليرضي‌الله‌عنه ، والمعنى: انهم يسئلون هل والوه حق الموالاة كما أوصاهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم أضاعوها وأهملوها »(١) .

(١١٥)

ذكر اليافعي

حديث الغدير بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله: « ومن مناقبهرضي‌الله‌عنه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر: لأعطينَّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله. الحديث الصحيح. و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. الحديث الصحيح. و فيه: خلّف رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين: ١٠٩ وقد ذكرنا ترجمة الزرندي في قسم حديث النور.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

فاقتتلوا قتالا شديدا أشد قتال أصحاب محمد بن سليمان وأصحابه وصبر المبيضة فلم ينهزم منهم أحد ، حتى إذا أتي على أكثرهم جعل أصحاب محمد بن سليمان يصيحون بالحسين الأمان الأمان يبذلونه له ، فيحمل عليهم ويقول : الأمان أريد ، حتى قتل وقتل معه رجلان من أهل بيته ، ورمي الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بنشابة فأصابت عينه ، فجعل يقاتل أشد قتال والنشابة مرتزة(١) في عينه ، فصاح به محمد : يا ابن خال اتقي الله في نفسك فلك الأمان(٢) .

فقال : أتؤمنني على أن تمنعني ما تمنع(٣) منه نفسك(٤) ؟ فأعطاه على ذلك العهود والمواثيق ، فألقى سيفه وأقبل نحوه ، فأمر بالنشابة فنزعت من عينه ، وأمر بقطنة فغمست في دهن بنفسج وماء ورد ووضعت في عينه ، وعصبت.

واستسقى(٥) ، فأمر محمد أن يسقي سويق لوز بثلج ، ثم أرسل إلى موسى بن عيسى يخبره بأمره ، فقال موسى «بن عيسى»(٦) : ما نقطع أمرا من دون العباس بن محمد ، وكان العباس بن محمد متقدما لموسى بينه وبين محمد ، فبعث إليه يستشيره في أمره ، فقال العباس : لا ولا كرامة أنت أمير الجيش وليس لمحمد إمرة يعطي فيها أحدا أمانا(٧) .

ووجه بالرسالة إلى موسى مع ابنه عبد الله ، فقال موسى : القول ما قال العباس يقتل ولا ينفذ له أمان.

فجاء عبد الله يركض مسرورا بذلك ، فلما صار حيث يرونه استعجل ، فجعل يريهم بيده

__________________

(١) مرتزة. رزّ وارتزّ السهم في الحائط ثبت ، والإرزيز : الطعن الثابت ، المنجد ، المعجم الوسيط مادة : (رزز).

(٢) الخبر أورده أبو الفرج الأصفهاني في المقاتل ص (٣٧٩).

(٣) في (ب ، ج ، د) : مما تمنع.

(٤) في مقاتل الطالبيين : «فقال : والله ما لكم أمان ، ولكني أقبل منكم» ص (٣٧٩).

(٥) في (أ، د) : فاستسقى.

(٦) ساقط في (د ، أ).

(٧) انظر مقاتل الطالبيين ص (٣٧٩) وما قبلها وما بعدها.

٤٨١

أن قد أمر بقتله ، وبعث العباس إلى محمد : «أن»(١) ابعث به إلينا ، فخذله وبعث به ، فأمر بضرب عنقه(٢) ، فلما فرغ منهم انصرف الجيش إلى مكة.

قال : وكان موسى بن جعفرعليه‌السلام شهد الحج ذلك العام ، فأرسل إليه موسى بن عيسى ليحضر الأمر ، فجاء متقلدا سيفه على بغل أو بغلة ، فوقف مع موسى بن عيسى حتى انقضى أمر القوم.

قال النوفلي : قال أبي : وكان سليمان بن عبد الله بن الحسن مضعوفا ، فلما انهزم من انهزم بعد أن قتل أكثر القوم انهزم ، وصعد جبلا قريبا من موضع الوقعة ، فلما جاء ابن أخيه الحسن بن محمد بن عبد الله(٣) إلى محمد بن سليمان في الأمان قال له : هذا ابن خالك سليمان بن عبد الله ، وقد عرفت ضعفه وقد سلك هذا الجبل ، وأخاف أن يلقاه من يقتله ، فإن رأيت أن ترسل إليه من يؤمنه ويأتيك به.

فصاح محمد بخيله ويحكم الرجل في الجبل اذهبوا «إليه»(٤) فأعطوه الأمان ، وأتوني به ، فصعدوا فقتلوه وجاءوا برأسه(٥) .

وروى النوفلي ـ قال : حدثني شيخ من الشيعة ـ قال : كنت بمنى جالسا مع موسى بن جعفر بن محمد ، فإذا رجلان قد أقبلا أحدهما على برذون أدهم والثاني(٦) على برذون أشهب ، وفي يد كل واحد منهما رمح على أحد الرمحين رأس الحسين بن علي ، والأخر رأس الحسن بن محمد.

__________________

(١) ساقط في (ب).

(٢) في مقاتل الطالبيين : وضرب العباس بن محمد عنقه بيده صبرا. وانظر نفس المصدر ص (٣٧٩) وإتحاف الورى ص (٢٢٠).

(٣) أي الحسن بن محمد بن عبد الله (أبو الزفت).

(٤) ساقط في (ب).

(٥) في (ب) : وأتوا برأسه. انظر مقاتل الطالبيين ص (٣٦٥).

(٦) في (أ) : الآخر.

٤٨٢

وروي : أن حماد التركي(١) كان فيمن حضر وقعة الحسين صاحب فخ ؛ فقال(٢) للقوم وهم في القتال : أروني حسينا فأومئوا له إليه ، فرماه بسهم فقتله ، فوهب له محمد بن سليمان مائة ألف درهم ، ومائة ثوب(٣) .

وروى بعضهم قال : كنا بالعقيق(٤) فمرت بنا جماعة زهاء أربعين فيهم الحسين بن علي متوجها نحو مكة(٥) ، وإذا أصحابه قد خذلوه ، وهو على بغلة له على رأسه برطلة(٦) من الشمس وأخته بين يديه في قبة وحواليه الجماعة ، وعليهم السلاح.

فلما كان من الغد خرج جواري أهل المدينة في العقيق ، فإذا هذه قد جاءت بدرع ، وهذه ببيضة ، وهذه بساعد ، وإذا أصحابه قد خذلوه ، فلما صاروا إلى العقيق جعلوا ينزعون سلاحهم ويدفنونه في الرمل ، وتفرقوا عنه كيلا يعرفوا ، وكان شعارهم ذلك اليوم : يا وفاء ، جعلوا ذلك علامة بينهم وبين المبيضة الذين عقدوا بينهم ما عقدوا من أهل الكوفة ليعرف كل رجل منهم صاحبه فينصره ، فما أتوهم ولا وافوهم ولا وفوا لهم به.

[إخبار أمير المؤمنين (ع) بقتل الفخي]

وروي عن سفيان بن عيينة أنه حدث يوما بحديث علي بن أبي طالبعليه‌السلام أنه قال : يأتيكم صاحب الرعيلة(٧) ، قد شد حقبها بوضينها ، لم يقض تفثا من حج ولا عمرة ،

__________________

(١) في (أ) : أبو حماد التركي ، وهو تصحيف ، وانظر مقاتل الطالبيين ففيها : قال حماد التركي ص (٣٧٩) ، انظر : الوزراء والكتاب ص (١٣٤).

(٢) نهاية الصفحة [٢٨١ ـ أ].

(٣) انظر مقاتل الطالبيين ص (٣٧٩).

(٤) موضع يقع على نحو ميلين من المدينة ، وقيل : على عشرة أميال منها ، وعقيق المدينة من نخل وقبائل من العرب ، انظر : معجم البلدان (٤ / ١٣٨ ـ ١٤١) مناسك الحربي (٤٢٠) ، معجم ما استعجم (٣ / ٩٥٠ ، ٩٥٢) ، الروض المعطار (٤١٦ ـ ٤١٨).

(٥) في (أ) : إلى مكة.

(٦) هي القلنسوة.

(٧) الرعيل والرعلة : القطعة المتقدمة من الخيل.

٤٨٣

يقتلونه فتكون شر حجة حجها الأولون والآخرون(١) .

فقال سفيان : هذا الحسين بن علي بن أبي طالب.

فقال له بعض من حضر : يا أبا محمد على رسلك ، حسين بن علي خرج من مكة محلا غير محرم متوجها إلى العراق ، وإنما قال : لم يقض تفثا من حج ولا عمرة معه.

قال : فمن تراه؟

قال : الحسين بن علي صاحب فخ.

قال : فأمسك سفيان ساعة ، ثم قال : اضربوا عليه.

ويقال :(٢) إنه سمع على مياه غطفان(٣) كلها ليلة قتل الحسين بن علي هاتف يهتف ويقول(٤) :

ألا يا لقومي للسواد المصبح

ومقتل أولاد النبي ببلدح

ليبكي حسينا كل كهل وأمرد

من الجن إذ لم تبكه الأنس نوح

وإني لجني وإن معرسي لب

البرقة السوداء من دون زحزح

فسمعها الناس لا يدرون ما الخبر حتى أتاهم قتل الحسين.

قال النوفلي : حدثني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور عن الطلحي ، قال : سمعت ابن السوداء يقول : تأخر قوم بايعوا الحسين بن علي صاحب فخ ، فلما فقدهم في وقت(٥)

__________________

(١) هذا الخبر يؤيده حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين إلخ» أخرجه صاحب المقاتل مرفوعا ص (٣٦٦ ـ ٣٦٧).

(٢) في (ب ، ج ، د) : فيقال.

(٣) أي غطفان بني سعد ، ومن مياهم : المرّان ، عثلب ، يمن ، السّد ، ظي ، ودحل. والمياه المذكورة مياه لغطفان ثم بني حجاش بن سعد بني ذبيان بالقرب من معدن بني سليم ، انظر : معجم القبائل (٣ / ٨٨٨).

(٤) انظر الأبيات في مقاتل الطالبيين ص (٣٨٥) ، الحدائق الوردية (مصورة) (١ / ١٨١) ، معجم البلدان لياقوت (١ / ٤٨١).وتيسير المطالب (١١٧).

(٥) في (ب) : في يوم المعركة.

٤٨٤

المعركة أنشأ يقول :

وإني لأنوي الخير سرا وجهرة

وأعرف معروفا وأنكر منكرا

ويعجبني المرء الكريم نجاره(١)

ومن حين أدعوه إلى الخير شمرا

يعين على الأمر الجميل وإن يرى

فواحش لا يصبر عليها وغيرا

[من خرج معه من أهل بيته](٢)

قال المدائني : وخرج مع حسين من أهل بيته يحيى وسليمان وإدريس بنو عبد الله بن الحسن ، وعلي بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن وإبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا وحسن بن محمد بن عبد الله وعبد الله وعمر ابنا الحسن بن علي ، وهما ابنا الأفطس ، ولقيهم في الطريق عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن فصار معهم(٣) ، فلما التقوا كان الذين التقوا في المعركة الحسين ، وكان(٤) الرئيس وسليمان بن عبد الله والحسن بن محمد بن عبد الله ، وهو أبو الزفت(٥) قتل صبرا ، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم وتفرق الآخرون ، وأخذ بعضهم واستؤمن لهم ، ومنهم من حبس فأفلت ، وممن(٦) حبس وأفلت(٧) من الحبس عبد الله بن الأفطس وموسى بن عبد الله أفلت من الحبس فدخل على موسى بن عيسى وجلس في أخريات الناس وعن يمينه موسى بن جعفر وعن يساره الحسن بن زيد ، فقال موسى بن عيسى : كيف ترى صنع الله بكم؟

__________________

(١) النجار : هو الأصل والحسب.

(٢) انظر مقاتل الطالبيين ص (٣٧٢) وما بعدها.

(٣) نهاية الصفحة [٢٨٣ ـ أ].

(٤) في (ب ، ج ، د) : وهو.

(٥) سمي أبو الزفت لشدة سواده.

(٦) في (ب ، ج ، د) : فممن.

(٧) في (أ) : فأفلت.

٤٨٥

فقال موسى بن عبد الله بيت شعر وهو :

فإنّ الأولى تثني عليهم تعيبني

أولاك بني عمي وعمهم أبي

«إنك»(١) إن تمدح أباهم بمدحة

تصدق وإن تمدح أباك تكذب

فأمر به موسى فضرب بين العقابين(٢) خمسمائة سوط ، فما تأوه من ذلك ، ثم أمر به فقيد وأتي فطرق كعابه بالمطرقة فما نطق بحرف.

فقالوا : لم لا تتكلم؟

فقال :

وإني من القوم الذين يزيدهم

قسوا وبأسا شدة الحدثان(٣)

ثم استأمن عبد الله بن الأفطس فأومن واستأمن علي بن إبراهيم فأومن ، ولحق يحيى بن عبد الله بالديلم بعد استخفائه بالكوفة ، ثم ببغداد ، وبعد أن جال البلاد ولحق إدريس بن عبد الله بأقصى المغرب ، وأنشد بعضهم يرثي من قتل بفخ :

يا عين بكي بدمع منك منهتن(٤)

فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن(٥)

صرعى بفخ تجر الريح فوقهم

أذيالها وغوادي دلج المزن

حتى عفت أعظم لو كان شاهدها

محمد ذبّ عنها ثم لم تهن

ما ذا يقولون والماضون قبلهم

على العداوة والشحناء والإحن

ما ذا نقول إذا قال الرسول لنا

ما ذا صنعتم بهم في سالف الزمن

لا الناس من مضر حاموا ولا غضبوا

ولا ربيعة والأحياء من يمن

يا ويحهم كيف لم يرعوا لهم حرما

وقد رعى الفيل حق البيت والركن

__________________

(١) في (ب ، ج ، د) : فإنك.

(٢) العقابين : عظمان مؤخر القدمين.

(٣) في (أ) : شماسا وبأسا شدة الحدثان.

(٤) في (ب) : منحدر. وقال في معجم البلدان : منهمر.

(٥) نهاية الصفحة [٢٨٤ ـ أ].

٤٨٦

[(١٦) عيسى بن زيد بن علي بن الحسين (ع)](١)

(١٠٩ ـ ١٦٨ ه‍ وقيل ١٩٦ ه‍ / ـ ٧٨٤ م)

[خبره وبيعته]

وذكر(٢) أن عيسى بن زيد حضر مع محمد بن عبد الله النفس الزكية ، وكان خليفته على جيشه وأكرم رجاله عليه من أهل بيته ، فلما قتل محمد بن عبد الله بالمدينة وجاء عيسى بن زيد مجروحا مع أخيه الحسين بن زيد في جماعة وخرجا إلى إبراهيم بن عبد الله ، وذكر أنه أوصى إليه محمد بن عبد الله بذلك إن قتل هو ، وإن قتل إبراهيم أيضا ، فقدما علي إبراهيم وكانا معه في أيامه وحروبه ، وكان عيسى بن زيد أعلمهم بعد محمد وإبراهيم وكان مع الحسين بن علي الفخي(٣) ، فنجا من الحرب وتوارى في سواد الكوفة ، وقتل إبراهيم بن عبد الله في سنة خمس

__________________

(١) انظر : مقاتل الطالبيين (٣٤٢ ـ ٣٦١) ، المجدي (١٨٦ ـ ١٨٧) ، أخبار فخ (٢٩ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٤٢ ، ٤٧) ، الفلك الدّوار ص (٣٢ ، ١١٨) ، الأعلام (٥ / ١٠٢ ـ ١٠٣) ، الكامل (٥ / ٣٦٢) ، والطبري حوادث سنة (١٦٦ ه‍) ، عمدة الطالب لابن عنبة ص (٣١٦ ـ ٣٢١) سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري ، الفلك الدوار (٣١ ، ١١٨) ، مطمح الآمال (خ) ، وطبقات الزيدية (٢ / خ) ، الجامع الوجيز (خ).

(٢) لعله المدائني ؛ لأن آخر رواية في الترجمة السابقة رواها هو.

(٣) قول المصنف أنه كان مع الحسين بن علي الفخي لا يصح ؛ لأن وفاة عيسى على ما ذكر صاحب الكتاب سنة مائة وستة وستين هجرية ، وعلى ما ذكره غيره سنة مائة وتسعة وستين هجرية ، وهذه السنة وإن كانت هي التي خرج فيها الحسين الفخيعليه‌السلام فإن خروجه في آخرها ، وقد ذكروا أن عيسى بن زيدعليه‌السلام مات قبل الحسن بن صالح بن حي بشهرين ومدة وموت الحسن بن صالح في هذه السنة ، وأيضا فالذين خرجوا مع الحسين الفخي من أهلهعليهم‌السلام جماعة معروفون محصورة أسماؤهم في هذا الكتاب وفي كتاب أخبار فخ ، والصحيح أن عيسى بن زيد كان ميمنة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ، وكان أيضا مع محمد بن عبد الله بن الحسن على ميمنته ، انظر مقاتل الطالبيين ص (٢٦٠ ، ٣٤٤ ، ٣٨٢).

٤٨٧

وأربعين ومائة ، وبايع الناس الحسن بن إبراهيم بن عبد الله سرا(١) ، وتوارى هو ولم يتم أمره وبيعته ، فلما دخلت سنة ست وخمسين ومائه وقعت بيعة عيسى بن زيدعليه‌السلام بايعه الناس بالإمامة ، وهو متوار بالعراق ، بايعه أهل الكوفة والسواد والبصرة والأهواز وواسط وورد عليه بيعة أهل الحجاز ومكة والمدينة وتهامة.

واشتد الطلب من أبي الدوانيق ، وأخذ الناس على الظنة والتهمة وحبسهم ودس إليه الرجال سرا ، وبذل الأموال الكثيرة لهم ، وأنفذ إليه إذا أظهرت نفسك أعطيتك من الدنيا في كلام نحو هذا(٢) .

فأجابه عيسى بن زيد فإذا أنا لئيم الأصل ودنيء الهمة(٣) أبيع آخرتي بالدنيا الفانية ، وأكون للظالمين ظهيرا ، والعجب منك ومن فعلك تطمع فيّ وأنت تعرفني.

وكانعليه‌السلام يقول : ما أحب أن أبيت ليلة وأنا آمن منهم وهم آمنون(٤) مني.

وكانعليه‌السلام يروي الناس الأحاديث ويفتيهم وابنه الحسين بن عيسى بن زيد أحد العلماء يروي عن أبيه ، وأحمد بن عيسى كان صغيرا لم يرو عن أبيه شيئا ، وهو من أحد الفاضلين.

وكان لعيسى بن زيد دعاة في جميع الآفاق في كور العراقين(٥) والحجاز وتهامة والجبال ، ووجه إلى مصر والشام دعاته ، وطار صوته في الآفاق ، وهمّ بالخروج غير مرة ، فلم يتيسر له ذلك ، إلى أن مات أبو الدوانيق في سنة مائة وتسع وخمسين ، فهمّ عيسى بن زيد بالخروج ، واشتد الطلب له بالكوفة والبصرة من ابن أبي الدوانيق ، وبذل الأموال الكثيرة ، ودس(٦) إليه الرجال وحبس خلقا كثيرا منهم.

وهمّ عيسى بن زيد بالخروج إلى أرض خراسان فوافى الري فلم يتهيأ له وانصرف إلى

__________________

(١) نهاية الصفحة [٢٨٥ ـ أ].

(٢) انظر : مقاتل الطالبيين ص (٣٤٨ ، ٣٥٥).

(٣) في (أ) : روي النعمة.

(٤) في (أ، د) : يأمنون.

(٥) في (ب ، د) : في الكوفة والعراقين.

(٦) نهاية الصفحة [٢٨٦ ـ أ].

٤٨٨

الأهواز ، وكان أكثر مقامه بها ، وانصرفت دعاته ببيعة الناس من كل بلد ، وكان له جميع الآلة من الأسلحة والدواب ، وأخذ من أصحابه الميعاد ليوم كذا وكذا فدس إليه ابن أبي الدوانيق رجلا من أصحابه ، وبذل له سني الأموال مقدار مائتي ألف درهم ، وضمن له نفيس الضياع ، وعجل المال ، فأنفذ إليه(١) شربة سم فجعله في طعامه وهو بسواد الكوفة مما يلي البصرة ، فسقاه ، فمات من ذلك صلوات الله عليه في اليوم الثالث ودفن سرا لا يعلم قبره(٢) ، وذلك في سنة ست وستين ومائة في شهر شعبان(٣) .

وكان عزمهعليه‌السلام على الخروج في غرة شهر رمضان(٤) ، وهو يومئذ ابن خمس وأربعين سنة ، وكان قد بويع وهو ابن ثلاثين سنة ، وقد خالطه الشيب ، وكان لا يختضب ، وكان مربوعا من الرجال عريض ما بين المنكبين صبيح الوجه ، أعلم رجل كان في زمانه ، وأزهدهم ، وأورعهم ، وأفقههم وأسخاهم ، وأشجعهم ، وكان من أئمة الهدى صلوات الله عليه.

ومات ابن أبي الدوانيق لعنه الله في سنة سبع وستين ومائه بعده بأقل من سنة(٥) .

وكان الأمر من بعده إلى من هو شر منه موسى أطبق ، وقتل موسى هذا جماعة من بني الحسن والحسين من العلماء والأخيار زيادة على عشرين رجلا ، فقتلهم جميعا في أيام ولايته(٦) لعنه الله(٧) .

__________________

(١) في (أ، د) : وأنفذ.

(٢) في (أ، ب ، د) : لا يعرف قبره.

(٣) انظر : المقاتل ص (٣٤٢ ـ ٣٦١) ، وانظر الفهرس ص (٦١٦).

(٤) في (أ، د) : في غرة رمضان.

(٥) توفي المهدي سنة (١٦٩ ه‍) ، نقله الطبري (٦ / ٣٩٤) ، وابن الأثير (٥ / ٧١) ، وأغلب من صنفوا في كتب السير والتراجم.

(٦) نهاية الصفحة [٢٨٧ ـ أ].

(٧) انظر : مقاتل الطالبيين ص (٣٦٤ ـ ٣٨٥).

٤٨٩

[(١٧) يحيى بن عبد الله بن الحسن (أبو الحسن)](١)

(... نحو ١٨٠ ه‍ / نحو ٧٩٦ م)

وأمه [قريبة] بنت محمد بن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، تزوجها عبد الله بن الحسن(٢) بعد هند بنت أبي عبيدة عمتها ، فهند أم محمد وإبراهيم وموسى وزينب وفاطمة بني عبد الله بن الحسن وأم يحيى بنت أخيها.

وذكر أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المثلى ، بإسناده عن محمد بن القاسم بن إبراهيم عن

__________________

(١) انظر : الطبري (٦ / ١٠ / ٤٤٩) ، تاريخ بغداد (١٤ / ١٣) ، مروج الذهب (٣ / ٣٥٣) الاستقصاء (١ / ٦٧) ، الوزراء والكتاب (١٨٩ / ١٩٠) ، ابن الأثير (٦ / ٧٤ ، ٨٨ ، ٩٠ ، ١١٤) ، ابن أبي الحديد (٤ / ٣٥٢ ـ ٤٥٣) الفخري (١٧٤ ـ ١٧٦) ، شرح شافية أبي فراس (١٨٨) ، مقاتل الطالبيين (٣٨٨ ـ ٤٠٦) ، سر السلسلة العلوية (٢١) ، التحف شرح الزلف (١١٢ ـ ١٣٠) ، الإفادة ص (٩٧ ـ ١٠٧) الحدائق الوردية (١ / ١ / ١٨١ ـ ١٩٥) ، رأب الصدع (٣ / ١٨٢٠ ـ ١٨٢٢) ، الشافي (١ / ١ / ٢٢٧) ، الأعلام للزركلي (٨ / ١٥٤) ، أخبار فخ انظر فهرس الكتاب ص (٢٧٣) ، الجامع الوجيز (خ) ، وذكر الإمام المهدي أحمد يحيى المرتضى في مقدمة البحر الزخار أنه توفي سنة (١٧٥ ه‍) ، النجوم الزاهرة (٢ / ٦٢) وانظر فهرسته ، البداية والنهاية (١٠ / ٥٤) ، وابن خلدون (٣ / ٢١٥ ، ٢١٨) ، سفينة البحار (١ / ٣٦٩ ، ٣٧٠) ، فهرس المخطوطات المصورة (١ / ٥٣٤) الرقم (٨١٤) وذكر في سفينة البحار للقمي أنه قتل في حبه شهيدا سنة (١٧٥ ه‍) ، الفلك الدوار ص (٢٨ ، ٣١) ، أخبار أئمة الزيدية (٦٨) عمدة الطالب لابن عنبة (١٧٦ ـ ١٧٩) الزيدية لصبحي (ط) ٢ (٩٤) ، طبقات الزيدية (خ). اللآلي المضيئة (خ) ، مطمح الآمال (تحت الطبع).

(٢) أمه أسمها قريبة بنت عبد الله المعروف بذبيح بن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي بن قصي ، وهي بنت أخي هند بنت أبي عبيدة أم محمد وإبراهيم وموسى وزينب وفاطمة أولاد عبد الله بن الحسن ، مقاتل الطالبيين ص (٣٨٨) ، الحدائق الوردية (١ / ١ / ١٨١). وعبد الله بن الحسن : هو عبد الله بن الحسن بن الحسن (المحض) والد النفس الزكية ، وإبراهيم بن يحيى وإدريس ، توفي في حبس المنصور ، انظر مقاتل الطالبيين ص (١٦٦ ـ ١٧١).

٤٩٠

مشايخ أهله من آل الحسن والحسين خبر يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

قالوا : خرج يحيى بن عبد الله في سنة سبعين ومائة في ولاية موسى أطبق ، وبايعه أهل الحرمين وجميع أهل الحجاز وتهامة وأرض اليمن وأرض مصر والعراقين(١) وبث دعاته في جميع الآفاق.

[من أجابه من العلماء]

وصحت إمامته ووردت الكتب بإجابته من أهل المشرق والمغرب من الفقهاء والعلماء والوجوه والقواد والعامة.

[٣٤] قال أبو العباس الحسني : فمن العلماء عبد ربه بن علقمة ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، ومحمد بن عامر ومخول بن إبراهيم ، والحسن بن الحسن العرني ، وإبراهيم بن إسحاق ، وسليمان بن جرير ، وعبد العزيز بن يحيى الكناني ، وبشر بن المعتمر ، وفليت بن إسماعيل ، ومحمد بن أبي نعيم ، ويونس بن إبراهيم ، ويونس البجلي ، وسعيد بن خثيم وغيرهم من الفقهاء(٢) .

قال غيره : والحسن بن صالح بن جبير.

__________________

(١) في (ج) : العراق.

(٢) إضافة إلى منصور البخاري ، محمد بن أبي إبراهيم ، سهل بن عامر البلخي ، عامر بن كثير السراج ، يحيى بن مساور ، إبراهيم اسحاق حبيب بن أرطاة ، حسن بن الحسين العزي ، والخبر في تيسير المطالب ص (١٢٧) ، ولفظه : «وبه قال ذكر أبو العباس الحسني أن العلماء الذين بايعوا يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسنعليه‌السلام هم عبد ربه بن علقمة ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، ومحمد بن عامر ، ومخول بن إبراهيم ، والحسن بن الحسن العربي ، وإبراهيم بن اسحاق ، وسلمان بن جرير وعبد العزيز بن يحيى الكناني ، وبسر بن المعتم ، وفليت بن إسماعيل ، ومحمد بن أبي نعيم ، ويونس بن إبراهيم ، يونس البجلي ، وسعيد بن خيثم.

٤٩١

[طوافه الأقطار وموقف هارون منه]

وصار يحيى بن عبد الله بنفسه(١) إلى اليمن وأقام بها مدة(٢) ، ثم صار إلى مصر وأرض المغرب(٣) ، ونواحيها ، فاشتد له الطلب من موسى أطبق ، ومات موسى سنة إحدى وسبعين ومائة ، واستخلف هارون بن محمد أخوه ، وهو شر منه فأنفذ في طلب يحيى بن عبد الله ودس إليه الرجال وبذل لهم الأموال ، وانصرف يحيى بن عبد الله إلى العراق ، ودخل بغداد ، وعلم به هارون فأخذ عليه الطرق والمراصد وفتش المنازل والقصور والأسواق والسكك «المحلات»(٤) بجميع بغداد فنجا منه.

وخرج إلى الري فأقام بها شهرا وزيادة ثم صار إلى خراسان ، ثم صار إلى ناحية جوزجان وبلخ فاشتد به الطلب من هارون ، وكان صاحب خراسان حينئذ هرثمة بن أعين قريبا من ثلاث سنين.

وصار يحيى إلى وراء النهر(٥) ، ووردت كتب هارون إلى صاحب خراسان يطلبه.

فصار إلى خاقان(٦) ملك الترك ومعه من شيعته وأوليائه ودعاته من أهل المدينة والبصرة والكوفة وأهل خراسان مقدار مائة وسبعين رجلا ، فأكرمه خاقان ملك الترك وأنزله أفضل منازله ، وقال له : مماليكي كلها لك وأنا بين يديك ، وأوسع عليه وعلى أصحابه من الخيرات

__________________

(١) نهاية الصفحة [٢٨٨ ـ أ].

(٢) يذكر أحمد بن سهل الرازي في كتابه (أخبار فخ) أنه دخل اليمن مرتين ، مرة بعد هروبه من بغداد متخفيا ، وأنه أقام في المرة الثانية ثمانية أشهر ، وأن الإمام الشافعي لقيه ودرس عليه ، أخبار فخ ص (١٩٠ ، ١٩٤).

(٣) المغرب : يطلق آنذاك على شمال إفريقيا الشامل ليبيا وتونس والجزائر ومراكش.

(٤) ورد في الأصل : المحال ، وقصد المؤلف به : جمع محل.

(٥) ما وراء النهر من بلاد فارس والجيل والديلم.

(٦) ملك الترك ، وهو : خاقان ملك الخزر ، والخزر : لقب من ملوك الصين وتركستان قديما ، وكان يطلق على ملوك آخرين أيضا ، والخزر : قوم كانوا يقيمون على شواطئ بحر الخزر وشمال جبال قفقاز ، انظر : الإعجاز والإيجاز للثعالبي ص (٣٦) ، والروض المعطار ص (٢١٩).

٤٩٢

والمعونة بكل ما يحتاجون إليه ، حتى اتصل الخبر بهارون بمكانه عند خاقان ، فأنفذ إلى خاقان ملك الترك رسولا يقال له النوفلي(١) ، وسأل خاقان أن يسلم إليه يحيى بن عبد الله فأبى ملك(٢) الترك ذلك ، وقال له(٣) : لا أفعل ولا أرى في ديني الغدر والمكر(٤) وهو رجل من ولد نبيكم شيخ عالم زاهد قد أتاني والتجأ إلي وهرب منكم وهو عندي عزيز مكرم.

فأقام يحيى بن عبد الله عنده سنتين وستة أشهر ، ثم خرج وقال له ملك الترك : لا تخرج فلك عندي ما تريد.

فقال يحيى بن عبد الله : لا يسعني المقام في ديني ، «وقد رجع إليّ دعاتي وثقاتي»(٥) ، وقد بايعني أهل المشرقين والعراقين(٦) وخراسان ، ووردت كتبهم عليّ وجزاه خيرا.

وكان يحيى بن عبد اللهعليه‌السلام لم يزل يعرض عليه الإسلام والتوحيد ، ويرغبه فيما عند الله في السر والعلانية ، فأسلم سرا ، وقال له : لا أجسر أن أظهر الإسلام خوفا على نفسي من أصحابي وقوادي وأهل مملكتي ، فإنهم إما أن يقتلوني أو يزول هذا الملك عني من يدي.

فخرج يحيى بن عبد الله من عنده وصار إلى قومس ، ودخل إلى جبال طبرستان التي كان يملكها شروين بن سرحان(٧) ، ثم خرج إلى ملك الديلم.

ووقع الخبر إلى العراق بمصيره إلى هناك ، فأنفذ هارون في طلبه الفضل بن يحيى البرمكي

__________________

(١) النوفلي : هو نوفل خادم المأمون ، وهو وكيله على ملكه بالسواد والناظر في أمر أولاده ببغداد ، انظر الكامل لابن الأثير (٥ / ١٤٥).

(٢) نهاية الصفحة [٢٨٩ ـ أ].

(٣) في (ب) : فقال.

(٤) في (أ، د) : الخدع والمكر.

(٥) ساقط في (أ).

(٦) في (أ، د) : أهل المشرقين والمغربين.

(٧) شروين : في بعض النسخ بن (سرخاب) ، وفي أخبار فخ (١٩٦) : تشرتون بن فلان ، وفي بعض النسخ التي اعتمدها محقق أخبار فخ : تشريون ، شروين.

٤٩٣

وأنفذ معه ثمانين ألف رجل(١) ، وقاضيه ، وهو أبو البحتري ، فنزلوا الري ، وكاتبوا ملك الديلم وخدعوه(٢) بالأموال الخطيرة حتى انخدع.

قال أبو الحسن النوفلي : قال : إني قلت ليحيى بن عبد الله لما قدم العراق ، وقد أعطي الأمان : كيف كانت حالتك بالديلم ، ولم قبلت الأمان؟

فقال : أما صاحب الديلم فكانت زوجته غالبة على أمره ، فلم تكن أموره تورد ولا تصدر إلّا عن(٣) رأيها ، فلم تزل به حتى تقاعد عن معونتي ، وحتى انخذل عني وكره مقامي عنده حتى خفته على نفسي واختلف علي أصحابي.

[أمان الرشيد لصاحب الترجمة]

فكتب له الرشيد أمانا محكما وحلف له بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك والأيمان المغلظة أن لا يناله منه مكروه ، وكتب له نسختين نسخة عنده ونسخة عند يحيى.

فلما خرج إليه أظهر بره وإكرامه وأعطاه مالا وهو ألف ألف درهم ، ولم(٤) يزل آمنا إلى أن(٥) سعى به إلى الرشيد الزبيري وأصحابه.

قال النوفلي : وحدثني أحمد بن سليمان عن أبيه أنه حج في السنة التي قدم فيها يحيى بن عبد الله بعد الأمان ، وقد أذن له في الحج ، قال : فرأيته جالسا في الحجر وبإزائه بعض مواليه وموالي أبيه ، ونعليه بين يديه ، وأنا لا أعرفه غير أني ظننت أنه من ولد فاطمة رضوان الله

__________________

(١) في (أ) : وأنفذ معه مائتي ألف رجل.

(٢) في (ب) : فخدعوه.

(٣) نهاية الصفحة [٢٩٠ ـ أ].

(٤) في (ج) : فلم.

(٥) في (أ، ب ، د) : آمنا حتى سعى.

٤٩٤

عليها ، وهو أسمر نحيف خفيف العارضين ، فشغل قلبي الفكر فيه ، وأنا في ذلك الطواف إذ مرت بي عجوز من عجائز أهل المدينة تطوف ، فلما وقعت عينها عليه أتته ، فقالت : بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله ، الحمد لله الذي أرانيك في هذا الموضع آمنا.

فلما عرفه الناس ازدحموا عليه فمد يده إلى نعله فانتعلهما(١) ، وخرج من المسجد إلى منزله.

قال أبو إسحاق إبراهيم بن رباح(٢) في حديثه : سمعت عبد الله بن محمد بن الزبير ، وكان أبوه خاصة الرشيد ، وذلك أنه كان صاحب رقيق بالمدينة ، وكان الرشيد يبتاع منه الجواري(٣) ، فصار عدة منهن أمهات أولاد ، وكان الفضل بن الربيع يأنس به.

قال إبراهيم : فحدثني عبد الله ، عن أبيه قال : دخلت مع الفضل يوما إلى الرشيد ، فرأيت يحيى بن عبد الله(٤) بين يديه ، والرشيد يقرعه ويعتد عليه بأشياء ، وفي كم يحيى بن عبد الله كتب ، فجعل يحيى يدخل يده فيخرج كتابا ، ثم يناوله الرشيد ، ويأخذ بطرفه ، ويقول : اقرأ هذا يا أمير المؤمنين فإذا أتى على قراءته أدخله كمه ، وأخرج كتابا آخر ففعل مثل ذلك ، قال : واعلم أن تلك الكتب حجج ليحيى ، فعرض لي أن تمثلت بقول الشاعر :

أنا أتيحت له حرباء تنضبة

لا يرسل الساق إلّا ممسكا ساقا

قال : فأقبل عليّ الرشيد مغضبا ، فقال : تؤيده وتلقنه وتؤازره؟

فقلت : لا والله يا أمير المؤمنين ما هكذا أنا ولا كنت على هذا قط ، ولكني رأيته فعل شيئا في هذه الكتب أذكرني هذا الشعر ، يناول الكتاب فلا يخليه في يدك ، ويمسك طرفه بيده ، ثم يرده إلى كمه ، ويخرج غيره ، فأذكرني هذا البيت.

__________________

(١) في (أ، د) : نعله فانتعلها.

(٢) أبو إسحاق هو إبراهيم بن رباح ، يروي عن عبد الله بن محمد بن الزبير السالف الذكر ، كان والده من خاصة الرشيد ، إذ كان أحد تجار الرقيق بالمدينة ، وكان الرشيد يبتاع منه الجواري ، ولم نقف على مزيد من أخباره غير ما هنا.

(٣) نهاية الصفحة [٢٩١ ـ أ].

(٤) ورد الاسم في (ج) : يحيى بن عبد الله بن زيد ، وهو تصحيف.

٤٩٥

فلما فرغ من قراءة تلك الكتب قال له : دعني من هذا ، أينا أحسن وجها ، وأنصع لونا ، «وأتم قامة وأحسن خلقة»(١) ، أنا أو أنت(٢) ؟

فقال : أنت والله يا أمير المؤمنين أحسن وجها وأنصع لونا وأتم قامة وأحسن خلقة ، وما أنا من هذه(٣) الطريق في شيء.

قال الرشيد : فدع ذا(٤) ، أينا أسخى ، أنا أو أنت(٥) ؟

فقال يحيى : يا أمير المؤمنين في الأول أجبتك بما قد علمه الله وعلمه كل مستمع وناظر ، فأما في هذه فأنا(٦) رجل أهتم بمعاشي أكثر السنة التي تأتي علي ، وأتقوت ما يصير إليّ على حسب السعة والضيق(٧) وأنت يا أمير المؤمنين يجيء إليك(٨) خراج الأرض ، والله ما أدري ما أجيب به ، في هذا.

قال : لتجيبني وما بهذا عليك خفاء(٩) .

قال : وقد والله صدقتك يا أمير المؤمنين ما أدري كيف ذاك(١٠) .

قال : فندع هذا ، فأينا أقرب إلى رسول الله؟

قال يحيى : يا أمير المؤمنين النسب واحد والأصل واحد والطينة واحدة ، وأنا أسألك يا أمير المؤمنين لما أعفيتني من الجواب في هذا ، فحلف له بالطلاق والعتاق والصدقة أن لا يعفيه.

__________________

(١) ساقط في (ب ، ج).

(٢) انظر : مقاتل الطالبيين (٣٦٩) وما بعدها ، وابن أبي الحديد (٤ / ٣٥٢).

(٣) في (ب) : وما أنا من هذا الطريق في شيء ، وفي (ج ، د) : وما أنا في هذا الطريق في شيء.

(٤) في (أ، د) : فيدع ذي.

(٥) في مقاتل الطالبيين : فأينا أكرم وأسخى ، أنا أو أنت؟

(٦) نهاية الصفحة [٢٩٢ ـ أ].

(٧) في (أ) : والضيقة.

(٨) في (ب ، أ) : تجيء إليك ، وفي (د) : يجيء إليك.

(٩) في (ب) : وما هذا عليك خفاء.

(١٠) في (ب) : ذلك.

٤٩٦

فقال يحيىعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين بحق الله وبحق رسوله وقرابتك منه لما أعفيتني.

قال : قد حلفت بما قد علمت فهبني أحتال بكفارة في اليمين بالمال والرقيق ، كيف الحيلة في الطلاق وبيع أمهات الأولاد.

فقال يحيىعليه‌السلام إن في نظر أمير المؤمنين وتفضله علي ما يصلح هذا.

قال : لا والله لا أعفيك.

قال : أما إذ لا بد(١) يا أمير المؤمنين فأنا أنشدك الله لو بعث فينا رسول الله الساعة ، أكان له أن يتزوج فيكم؟

قال الرشيد : نعم.

قال يحيىعليه‌السلام : أفكان له أن يتزوج فينا؟

قال الرشيد : لا.

قال يحيىعليه‌السلام : فهذه حسب.

قال : فوثب الرشيد ومضى ، فقعد غير ذلك المجلس وخرج الفضل وخرجنا معه وهو ينفخ غما.

فسكت(٢) مليا ثم قال : ويحك سمعت شيئا أعجب مما كنا فيه قط ، والله لوددت أني فديت هذا المجلس بشطر ما أملك.

وذكر في غير هذه الرواية(٣) : أنه لما انقضت مناظرة الرشيد يحيى(٤) عليه‌السلام سأل الرشيد الفقهاء(٥) عن أمانه وأمرهم بالنظر فيه.

__________________

(١) في (ب) : أما إذا لا بد.

(٢) نهاية الصفحة [٢٩٣ ـ أ].

(٣) في مقاتل الطالبيين : ثم ردّه إلى محبسه في يومه ذلك ، ثم دعا به وجمع بينه وبين عبد الله بن مصعب الزبيري ليناظره فيما رفع إليه وساق بقية الرواية (ص ٣٦٩ ـ ٤٠٠).

(٤) في (أ) : لما انقضت مناظرة الرشيد ويحيى.

(٥) من الفقهاء : محمد بن الحسن ، صاحب أبي يوسف القاضي ، والحسن بن زياد اللؤلؤي ، وأبو البختري وهب بن وهب وابن الدّراوردي أبو محمد عبد العزيز بن محمد عبيد الجهني المدني ، مقاتل الطالبيين ص (٤٠١).

٤٩٧

فقال محمد بن الحسن الفقيه : بعث إليّ أبو البحتري وإلى عدة(١) من الفقهاء فيهم عبد الله بن صخر قاضي الرقة(٢) ، فأتيناه ، فقال : إن أمير المؤمنين باعث إليكم أمان يحيى بن عبد الله فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وقولوا الحق.

قال فغدونا فبدأ بنا في الإذن ، فلما سلمنا وجلسنا ألقي الأمان إلينا فنظرنا فيه ، فقلنا جميعا : ما نري فيه شيئا يخرجه من أمانه ، فأخذه أبو البحتري ونظر فيه ثم قال : ما أراه إلّا خارجا من أمانه ، فأمرنا بالقيام فقمنا وانصرفنا ، فلما كان من الغد بعث الرشيد بالأمان مع مسرور الخادم(٣) إلى أبي البحتري ، فأتاه ، فقال : إن أمير المؤمنين يقول لك إني ظننت أنك قلت في أمان يحيى بعض ما ظننته يقرب من موافقتي ولست أريد فيه إلّا الحق ، فأعد النظر فيه فإن رأيته جائزا فاردده ، وإن لم تره جائزا فخزّقه(٤) .

قال مسرور : فأبلغته الرسالة.

فقال : أنا على مثل قولي بالأمس.

فقلت له : هذا الأمان معي فنظر فيه ثم قال(٥) : ما أرى فيه إلّا مثل ما قد قلته.

فقلت له : فخزّقه(٦) إذن.

فقال : يا غلام هات المدية.

فقلت لغلام(٧) كان معي يقال له محبوب : يا محبوب هات سكينا ، فأخرجها من خفه

__________________

(١) في (أ، د) : جماعة.

(٢) لعله عبد الله بن صخر ورد ذكره في الجرح والتعديل (٥ / ٨٥ ت ٣٩٥) ، وقال : روى كلاما في الزهد والحكمة عن رجل تراءى له ثم غاب حتى لا يدري كيف ذهب فذكر له أنه كان الخضرعليه‌السلام ، روى نعيم بن ميسرة عن رجل من يحصب عنه. والرقة : مدينة مشهورة على الفرات ، انظر معجم البلدان (٣ / ٥٨ ـ ٦٠).

(٣) أحد خدام هارون الرشيد بن أبي جعفر المنصور ، انظر : مقاتل الطالبيين (٣٩١ ، ٣٩٥ ، ٤٠٠ ، ٤١١ ، ٤١٦ ، ٤٦٤ ، ٤٦٥ ، ٤٧٢).

(٤) في (ب ، ج) : فحرقه.

(٥) في (ب) : فقال.

(٦) في (ب ، ج) : فحرفه.

(٧) في (أ) : فقال لخادم.

٤٩٨

فدفعها(١) إلى أبي البحتري ، فشق بها الأمان ويده تضطرب حتى جعله سيورا ، فأخذته ووضعته في كمي ، وأتيت به هارون.

فقال لي : ما وراءك؟ فأخرجته إليه.

فقال لي : يا مبارك.

قال : ثم حبس يحيى بعد ذلك بأيام.

قال محمد بن الحسن الفقيه : لما ورد الرشيد الرقة ؛ وكنت قلدت القضاء ؛ دخلت أنا إليه والحسن بن زياد اللؤلؤي وأبو البحتري وهب بن وهب ، فأخرج إلينا الأمان الذي كتبه ليحيى بن عبد الله بن الحسن فدفعه إليّ فقرأته ، وقد علمت الأمر الذي أحضرنا له ، وعلمت ما ينالني من موجدة الرشيد إن لم أطعن فيه ، فآثرت أمر الله والدار الآخرة ، فقلت : هذا أمان مؤكد لا حيلة في نقضه ، فانتزع الصك من يدي ودفعه إلى اللؤلؤي فقرأه ، فقال كلمة ضعيفة ، لا أدري سمعت أو لم تسمع : هو أمان.

فانتزع من يده ودفع إلى أبي البحتري ، فقرأه وقال(٢) : ما أوجبها لله وما أمضاه ، هذا رجل(٣) قد شق العصا وسفك دماء المسلمين وفعل ما فعل لا أمان له ، ثم ضرب بيده إلى خفه ؛ وأنا أراه ؛ فاستخرج منه سكينا فشق الكتاب نصفين ثم دفعه إلى الخادم ، ثم التفت إلى الرشيد وقال : اقتله ودمه في عنقي يا أمير المؤمنين.

قال : فنهضنا عن المجلس ، وأتاني رسول الرشيد أن لا أفتي أحدا ، ولا أحكم ، فلم أزل على ذلك إلى أن أرادت أم جعفر(٤) أن تقف وقفا ، فوجهت إليّ في ذلك فعرفتها أن قد(٥) نهيت عن الفتيا وغيرها ، فكلمت الرشيد ، فأذن لي.

__________________

(١) نهاية الصفحة [٢٩٤ ـ أ].

(٢) في (أ، د) : ثم ، وفي (ب) : فقال.

(٣) في (أ) : هذا الرجل.

(٤) هي : سلّامة أم ولد بربرية ، قيل : نفزية بلد من المغرب ، وقيل : صنهاجية ، انظر جمهرة أنساب العرب لابن حزم تحقيق عبد السلام هارون ص (٢٠).

(٥) نهاية الصفحة [٢٩٥ ـ أ].

٤٩٩

قال محمد بن الحسن : فكنا وكل من كان في دار الرشيد يتعجب من أبي البحتري وهو حاكم وفتياه بما أفتى به ، وتقلده دم رجل من المسلمين ، ثم من حمله في خفه سكينا.

قال : ولم يقتل الرشيد يحيى في ذلك الوقت ، وإنما مات في الحبس بعد مدة.

قال محمد بن سماعة : وقرب الرشد محمد بن الحسن بعد ذلك وتقدم عنده وأحضره ليوليه قضاء القضاة ، قال : وأشخصه معه إلى الري واعتل ، وتوفي هو والكسائي ، فماتا في يوم واحد.

فكان الرشيد يقول : دفنت الفقه والنحو بالري(١) .

وذكر أن محمد بن الحسن لما أفتى بصحة الأمان ، ثم أفتى أبو البحتري بنقضه وأطلق له دمه ، قال له يحيى : يا أمير المؤمنين يفتيك محمد بن الحسن ؛ وموضعه من الفقه موضعه بصحة أماني فيفتيك(٢) هذا بنقضه ، وما لهذا والفتيا إنما كان أبو هذا طبالا بالمدينة.

[استشهاده (ع)]

قال النوفلي : حدثني زيد بن موسى ، قال : سمعت مسرور الكبير يقول : إن لآل أبي طالب أنفسا عجيبة ، أرسلني الرشيد إلى عبد الملك بن صالح ، حين أمره بحبسه فجئته فقلت له : أجب ، فقال : يا أبا هاشم ، وما ذا ؛ وأظهر خوفا وجزعا شديدا؟

فقلت له : لا علم لي.

قال : فدعني أدخل أجدد(٣) طهوري.

__________________

(١) الخبر أورده السيوطي في بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة وقال : مات بالري هو ـ أي الكسائي ـ ومحمد بن الحسن في يوم واحد ، وكانا قد خرجا مع الرشيد فقال : دفنت الفقه والنحو في يوم واحد ، وذلك سنة اثنتين أو ثلاث ، وقيل : تسع وثمانين ومائة ، وقيل : اثنين وتسعين ، بغية الوعاة (٢ / ١٦٤).

(٢) في (ب ، ج ، د) : ويفتيك.

(٣) في (ب ، ج ، د) : آخذ.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659