ليالي بيشاور

ليالي بيشاور6%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235381 / تحميل: 3864
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن حريز عمن ذكره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأتوسع عليهم قال لا تفعل يا شهاب إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم وإن أمسكوا أذللتهم فاصحب نظراءك.

٨ ـ أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرج القوم النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا فقال ما أحب أن يذل نفسه ليخرج مع من هو مثله.

(باب)

(الدعاء في الطريق)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال صحبت أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو متوجه إلى مكة فلما صلى

الحديث السادس : مرسل. والأصوب حماد بن عيسى لما ذكره الصدوق (ره) في آخر أسانيد الفقيه ولأن الشائع روايته عن حريز لا رواية ابن عثمان عنه.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

باب الدعاء في الطريق

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

١٨١

قال ـ اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأحسن عافيتنا وكلما صعد أكمة قال ـ اللهم لك الشرف على كل شرف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن قاسم الصيرفي ، عن حفص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن على ذروة كل جسر شيطان فإذا انتهيت إليه فقل ـ بسم الله يرحل عنك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عيسى بن عبد الله القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قل اللهم إني أسألك لنفسي اليقين والعفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي وأنت عضدي وأنت ناصري بك أحل وبك أسير قال ومن يخرج في سفر وحده فليقل «ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ » اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي.

قولهعليه‌السلام :(١) « وقال الفيروزآبادي »« الأكمة » محركة التل من القف من حجارة واحدة أو هي دون الجبال ، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، وقال : ـ الشرف محركة ـ العلو والمكان العالي فأريد هنا بالأول الأول وبالثاني الثاني.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « شيطان » لعله بتقدير ضمير الشأن والأظهر شيطانا كما في الفقيه.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « أحل » هو بكسر الحاء أي أنزل.

قوله عليه‌السلام : « وأد غيبتي » الإسناد مجازي أي أدنى عن غيبتي.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن الصحيح أنّ هنا سقط ولعله من النسّاخ « كما صعد أكمّة ».

١٨٢

٥ ـ أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حماد ، عن رجل ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبد الله قال إذا خرجت في سفر فقل ـ اللهم إني خرجت في وجهي هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء آوي إليه إلا إليك ولا قوة أتكل عليها ولا حيلة ألجأ إليها إلا طلب فضلك وابتغاء رزقك وتعرضا لرحمتك وسكونا إلى حسن عادتك وأنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا مما أحب أو أكره فإنما أوقعت عليه يا رب من قدرك فمحمود فيه بلاؤك ومنتصح عندي فيه قضاؤك وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب اللهم فاصرف عني مقادير كل بلاء ومقضي كل لاواء وابسط علي كنفا من رحمتك ولطفا من عفوك وسعة من رزقك وتماما من نعمتك وجماعا من معافاتك وأوقع علي فيه جميع قضائك على موافقة جميع هواي في حقيقة أحسن أملي وادفع ما أحذر فيه وما لا أحذر على نفسي وديني ومالي مما أنت أعلم به مني واجعل ذلك خيرا لآخرتي ودنياي مع ما أسألك يا رب

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إلى حسن عادتك » وفي مصباح الزائر : عائدتك.

قوله عليه‌السلام : « متنصح » مبالغة في النصح أي خالص عن الغش« والأوار » الشدة.

وقال في القاموس :الكنف محركة الجانب والظل والحرز والستر والناحية يقال انهزموا فما كانت لهم كأنفه أي حاجز يحجز العدو عنهم.

وقال :« جماع » الشيء جمعه يقال : جماع الخباء والأخبية أي جمعها لأن الجماع ما جمع عددا.

وقال في النهاية : ومنه الحديث « الخمر جماع الإثم » أي مجمعة ومظنة(١) قوله عليه‌السلام : « وادفع » في مصباح الزائر : وادفع عني ما أحذر وما لا أحذر.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٢٩٥.

١٨٣

أن تحفظني فيمن خلفت ورائي من ولدي وأهلي ومالي ومعيشتي وحزانتي وقرابتي وإخواني بأحسن ما خلفت به غائبا من المؤمنين في تحصين كل عورة وحفظ من كل مضيعة وتمام كل نعمة وكفاية كل مكروه وستر كل سيئة وصرف كل محذور وكمال كل ما يجمع لي الرضا والسرور في جميع أموري وافعل ذلك بي بحق محمد وآل محمد وصل على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.

(باب)

(أشهر الحج)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » ـ شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد أن يحج فيما سواهن.

وفي القاموس :« حزانتك » عيالك الذين تتحزن لأمرهم.

وفي المغرب :المضيعة والمضيعة وزن المعيشة والمطيبة كلاهما بمعنى الضياع.

يقال : ترك عيال بمضيعة.

باب أشهر الحج

الحديث الأول : ضعيف. ويدل على أن تمام ذي الحجة داخل في أشهر الحج كما هو ظاهر الآية فيكون المعنى الأشهر التي يمكن إيقاع أفعال الحج فيها لا إنشاء الحج وهذا أقرب الأقوال في ذلك.

وقال العلامة في التحرير : للشيخ أقوال في أشهر الحج : ففي النهاية شوال وذو القعدة وذو الحجة.

وفي المبسوط : شوال وذو القعدة إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة.

وفي الخلاف : إلى طلوع الفجر.

وفي الجمل : وتسعة من ذي الحجة.

والأقرب : الأول ، ولا يتعلق بهذا الاختلاف حكم للإجماع على فوات الحج

١٨٤

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ » والفرض التلبية والإشعار والتقليد فأي ذلك فعل فقد فرض الحج ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة.

٣ ـ علي بن إبراهيم بإسناده قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأشهر السياحة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع

بفوات الموقفين وصحة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

الحديث الثالث : مرسل. وقال في المنتقى : لا يخلو حال طريق هذا الخبر من نظر لأنه يحتمل أن يكون قوله بإسناده إشارة إلى طريق غير مذكور فيكون مرسلا.

ويحتمل كون : الإضافة إليه للعهد ، والمراد إسناده الواقع في الحديث الذي قبله وهذا أقرب لكنه لقلة استعماله ربما يتوقف فيه.

قوله عليه‌السلام : « وعشر من ذي الحجة » هذا مبني على أن أشهر الحج هي الأشهر التي يمكن إنشاء الحج فيها ، أو إدراك الحج فيها فإنه يمكن إدراكه في اليوم العاشر بإدراك اختياري المشعر أو اضطرارية على قول قوي فيكون إطلاق الأشهر عليها مجازا وقد مر أن أشهر السياحة هي الأشهر التي أمر الله تعالى المشركين أن يسيحوا في الأرض في تلك المدة آمنين بعد أن نبذ إليهم عهودهم ببعث سورة البراءة إليهم مع أمير المؤمنينعليه‌السلام فقرأها عليهم يوم النحر وفيه قرأ عليهم«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ »(١) فكان ابتداء السياحة من اليوم الحادي عشر

__________________

(١) سورة التوبة : ٢.

١٨٥

الأول وعشر من شهر ربيع الآخر.

(باب)

(الحج الأكبر والأصغر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن يوم «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فقال هو يوم النحر والحج الأصغر العمرة.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحج الأكبر يوم النحر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فإن ابن عباس كان يقول ـ يوم عرفة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الحج الأكبر يوم النحر ويحتج بقوله عز وجل : «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ

إلى تمام أربعة أشهر.

باب الحج الأكبر والأصغر

الحديث الأول : حسن. وقد مر الكلام فيه في باب فرض الحج والعمرة.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « الحج الأكبر » أي يوم الحج الأكبر ، والمراد أن اليوم الذي قال الله تعالى : «وَأَذانٌ مِنَ اللهِ » إلى الناس «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ »(١) أي يوم هو الأذان في أي يوم وقع ، وقالعليه‌السلام الأذان وقع في يوم النحر وهو المراد بيوم الحج الأكبر وأما القول في الحج الأكبر فقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : ضعيف.

__________________

(١) سورة التوبة : ٣.

١٨٦

أَشْهُرٍ » وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر ويوما.

(باب)

(أصناف الحج)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » وبها أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والفضل فيها ولا نأمر الناس إلا بها.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن منصور الصيقل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد سائق للهدي وحاج مفرد للحج.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أي أنواع الحج أفضل فقال التمتع وكيف يكون شيء أفضل منه ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس

قوله عليه‌السلام : « لكان أربعة أشهر ويوما » لعل الاستدلال مبني على أنه كان مسلما عندهم إن آخر أشهر السياحة كان عاشر ربيع الآخر.

باب أصناف الحج

الحديث الأول : حسن وما يدل عليه من انقسام الحج إلى الأقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء ، وأما إنكار عمر : التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الإجماع بعده على جوازه.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : حسن.

١٨٧

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما نعلم حجا لله غير المتعة إنا إذا لقينا ربنا قلنا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ويقول القوم عملنا برأينا فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن معاوية

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أفضل » فإن قيل : هذا لا يستقيم في الآفاقي ولا في المكي لأن الآفاقي يجب عليه التمتع ولا يجزيه القرآن والإفراد فكيف يكون أفضل بالنسبة إليه والأفضلية لا تتحقق إلا بتحقق الفضل في المفضل عليه وأما في المكي لأنه مخير بين الإفراد والقران لا يجزيه التمتع فكيف يكون له أفضل.

قلنا : يمكن توجيهه بوجهين.

الأول : أن نخصه بالآفاقي ويكون التعبير بالأفضلية على سبيل المماشاة أي لو كان فيهما فضل كان التمتع خيرا منهما ومثله في الأخبار كثير كقولهمعليهم‌السلام قليل في سنة خير من كثير من بدعة.

والثاني : أن نحمله على غير حج الواجب ولا يستبعد كون التمتع في غير الواجب للمكي أيضا أفضل إن لم نقل : في حجة الإسلام له بذلك كما ذهب إليه جماعة.

والثالث : أن يكون المراد أن من يجوز له الإتيان بالتمتع ثوابه أكثر من ثواب القارن وإن لم يكونا بالنسبة إلى واحد ، وفيه بعد.

الحديث السادس : مجهول.

١٨٨

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من حج فليتمتع إنا لا نعدل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن بعض الناس يقول جرد الحج وبعض الناس يقول اقرن وسق وبعض الناس يقول تمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال لو حججت ألف عام لم أقرنها إلا متمتعا.

٨ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد قال كتب إليه علي بن ميسر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان ثم حضر له الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل فكتب إليه يتمتع أفضل.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحج فقال تمتع ثم قال إنا إذا وقفنا بين يدي الله عز وجل قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيك وقال الناس رأينا برأينا.

قوله عليه‌السلام : « لا نعدل » أي لا نعادل ولا نساوي بهما شيئا كما قال : تعالى «ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « لم أقرنها » (٢) وفي بعض النسخ بالباء الموحدة وفي بعضها بالنون ، وعلى الأول مبالغة في عدم الإتيان ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا ، ويحتمل أن يكون المراد أن القران يكون بسياق الهدي وبالقران بين الحج والعمرة فلو أتيت بالقرآن لم آت إلا بهذا النوع من القرآن ، وفي التهذيب ما قدمتها وهو أظهر.

الحديث الثامن : ضعيف.

الحديث التاسع : حسن.

__________________

(١) سورة الأنعام : ١.

(٢) هكذا في الأصل ولكن الصحيح أنّ هذا القول راجع إلى الحديث السابع وهو مخذوف ولعلّه من سهو النسّاخ.

١٨٩

١٠ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام في السنة التي حج فيها وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين فقلت جعلت فداك بأي شيء دخلت مكة مفردا أو متمتعا فقال متمتعا فقلت له أيما أفضل المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أو من أفرد وساق الهدي فقال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الملك بن عمرو أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال تمتع قال فقضى أنه أفرد الحج في ذلك العام أو بعده فقلت أصلحك الله سألتك فأمرتني بالتمتع وأراك قد أفردت الحج العام فقال أما والله إن الفضل لفي الذي أمرتك به ولكني ضعيف فشق علي طوافان بين الصفا والمروة فلذلك أفردت الحج.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمه عبيد الله أنه قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر فقال إني اعتمرت في الحرم وقدمت الآن متمتعا فسمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول نعم ما صنعت إنا لا نعدل ـ بكتاب الله عز وجل وسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا بعثنا ربنا

الحديث العاشر : مجهول كالصحيح.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « في الحرم » أي في الأشهر الحرم ، ويحتمل رجب وذو القعدة

١٩٠

أو وردنا على ربنا قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال الناس رأينا رأينا فصنع الله عز وجل بنا وبهم ما شاء.

١٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن درست ، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال دخلت مع إخوتي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلنا إنا نريد الحج وبعضنا صرورة فقال عليكم بالتمتع فإنا لا نتقي في التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » سلطانا واجتناب المسكر والمسح على الخفين.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني اعتمرت في رجب وأنا أريد الحج أفأسوق الهدي وأفرد الحج أو أتمتع فقال في كل فضل وكل حسن قلت فأي ذلك أفضل فقال تمتع هو

قوله عليه‌السلام : « أو وردنا » الترديد من الراوي.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فإنا لا نتقي » قيل : إن عدم التقية في تلك الأمور من خصائصهمعليهم‌السلام ولذا قال : فإنا لا نتقي وهو بعيد من سياق هذا الخبر. وقيل : إنما كانت التقية في تلك الأمور موضوعة عنهم لكون مذهبهم معلوما فيها ، أو لكون بعض المخالفين موافقا لهم فيها.

وقيل المراد : إن الإنسان لا يحتاج فيها إلى التقية أما في الحج فلاشتراك الطواف والسعي بين الجميع لإتيانهم بهما استحبابا للقدوم والنية والإحرام للحج لا يطلع عليهما أحد ، والتقصير يمكن إخفاؤه وأما اجتناب المسكر فيمكن الاعتدال في الترك بالضرر وغير ذلك وأما المسح فلان غسل الرجلين أحسن منه ، وظاهر الخبر عدم التقية فيها مطلقا ، ولم أر قائلا به من الأصحاب إلا أن الصدوقين روياه في كتابيهما.

الحديث الخامس عشر : حسن.

١٩١

والله أفضل ثم قال إن أهل مكة يقولون إن عمرته عراقية وحجته مكية كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجه لا يخرج حتى يقضيه ثم قال إني كنت أخرج لليلة أو لليلتين تبقيان من رجب فتقول ـ أم فروة أي أبه إن عمرتنا شعبانية وأقول لها أي بنية إنها فيما أهللت وليست فيما أحللت.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من لم يكن معه هدي وأفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين الله عز وجل.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عمير ، عن معاوية قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنهم يقولون في حجة المتمتع حجه مكية وعمرته عراقية فقال كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجته لا يخرج منها حتى يقضي حجته.

قوله عليه‌السلام : « وحجته مكية » أي أنهم يقولون لما أحرم بحج التمتع من مكة فصارت حجته كحجة أهل مكة لأنهم يحجون من منزلهم(١) فأجابهمعليه‌السلام بأن حج التمتع لما كان مرتبطا بعمرته فكأنهما فعل واحد فلما أحرم بالعمرة من الميقات ، وذكر الحج أيضا في تلبية العمرة كانت حجته أيضا عراقية كأنه أحرم بها من الميقات ثم ذكرعليه‌السلام قصة أم فروة مؤيدا لكون المدار على الإهلال بعد ما مهدعليه‌السلام على أن الإهلال بالحج أيضا وقع من الميقات وأم فروة كنية لأم الصادقعليه‌السلام بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، ويظهر من هذا الخبر أنه كانت لهعليه‌السلام ابنة مكناة بها أيضا.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع عشر : حسن.

__________________

(١) هكذا في الأصل : والأولى « من منازلهم ».

١٩٢

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الملك بن أعين قال حج جماعة من أصحابنا فلما قدموا المدينة دخلوا على أبي جعفرعليه‌السلام فقالوا إن زرارة أمرنا أن نهل بالحج إذا أحرمنا فقال لهم تمتعوا فلما خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت جعلت فداك لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة لنأتين الكوفة ولنصبحن به كذابا فقال ردهم فدخلوا عليه فقال صدق زرارة ثم قال أما والله لا يسمع هذا بعد هذا اليوم أحد مني.

(باب)

(ما على المتمتع من الطواف والسعي)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع

الحديث الثامن عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « صدق زرارة » لعلهعليه‌السلام إنما أراد بما أخبر به زرارة الإهلال بالحج مع تلبية العمرة ولم يفهم عبد الملك ، أو كان مرادهعليه‌السلام الإهلال بالحج ظاهرا تقية مع نية العمرة باطنا ولما لم يكن التقية في هذا الوقت شديدة لم يأمرهم بذلك فلما علم أنه يصير سببا لتكذيب زرارة أخبرهم وبين أنه لا حاجة إلى ذلك بعد اليوم.

وقال في المنتقى : كأنهعليه‌السلام أراد للجماعة تحصيل فضيلة التمتع فلما علم أنهم يذيعون وينكرون على زرارة فيما أخبر به على سبيل التقية عدلعليه‌السلام من كلامه وردهم إلى حكم التقية.

باب ما على المتمتع من الطواف والسعي

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

١٩٣

«بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة وعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام .

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت وطوافان بين الصفا والمروة وقطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكة ويحرم بالحج يوم التروية ويقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة.

قوله عليه‌السلام : « وعليه » الأولى عدم « الواو » وفي بعض نسخ الكتاب والتهذيب [ فعليه ] ولعله الصحيح لأنه تفصيل لما سبقة.

ثم اعلم أن هذه الأخبار تدل على عدم طواف النساء في العمرة المتمتع بها كما هو المشهور ، وفيه قول نادر بالوجوب وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

١٩٤

(باب)

(صفة الإقران وما يجب على القارن)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يكون القارن إلا بسياق الهدي وعليه طوافان بالبيت وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد ليس بأفضل من المفرد إلا بسياق الهدي.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القارن لا يكون إلا بسياق الهدي وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف بعد الحج وهو طواف النساء.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إني سقت الهدي وقرنت قال ولم فعلت ذلك التمتع أفضل ثم

باب صفة الأقران وما يجب على القارن

الحديث الأول : حسن كالصحيح. وما دل عليه الخبر من عدم التفاوت بين القارن والمفرد إلا بسياق الهدي ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال ابن أبي عقيل : القارن من ساق وجمع بين الحج والعمرة فلا يتحلل منها حتى يتحلل بالحج ونحوه قال الجعفي.

وحكي في المعتبر عن الشيخ في الخلاف أنه قال : إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد صار محلا فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن.

١٩٥

قال يجزئك فيه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة واحد وقال طف بالكعبة يوم النحر.

(باب)

(صفة الإشعار والتقليد)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني قد اشتريت بدنة فكيف أصنع بها فقال انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبيك ثم أنخها مستقبل القبلة ثم ادخل المسجد فصل ثم افرض بعد صلاتك ثم اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ثم قل بسم الله اللهم منك ولك اللهم تقبل مني ثم انطلق حتى تأتي البيداء فلبه.

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن

قوله عليه‌السلام : « طواف » لعله محمول على التقية ، أو المراد به جنس الطواف بقرينة عدم التقييد بالوحدة كما قيد في مقابله ، أو المراد بقوله « طف بالكعبة » طواف النساء وإن كان بعيدا ، أو كان طوافان فوقع التصحيف من النساخ أو الرواة.

باب صفة الإشعار والتقليد

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « ثم افرض » ظاهره التلبية ، ويحتمل نية الإحرام.

ثم اعلم : أن المشهور بين الأصحاب أن عقد الإحرام لغير القارن لا يكون إلا بالتلبية وأما القارن فيتخير في عقد إحرامه بينها وبين الإشعار والتقليد فبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا.

وقال المرتضى ، وابن إدريس : لا عقد في الجميع إلا بالتلبية وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

١٩٦

محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تجليل الهدي وتقليدها فقال لا تبالي أي ذلك فعلت وسألته عن إشعار الهدي فقال نعم من الشق الأيمن فقلت متى نشعرها قال حين تريد أن تحرم.

٣ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله وزرارة قالا سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البدن كيف تشعر ومتى يحرم صاحبها ومن أي جانب تشعر ومعقولة تنحر أو باركة فقال تنحر معقولة وتشعر من الجانب الأيمن.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن البدن كيف تشعر قال تشعر وهي معقولة وتنحر وهي قائمة تشعر من جانبها الأيمن ويحرم صاحبها إذا قلدت وأشعرت.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كانت البدن كثيرة قام فيما بين ثنتين ثم أشعر اليمنى ثم اليسرى ولا يشعر أبدا حتى يتهيأ للإحرام لأنه إذا أشعر وقلد وجلل وجب عليه الإحرام وهي بمنزلة التلبية.

قوله عليه‌السلام : « عن تجليل الهدي » أي إذا أردت أن أعلمها علامة لا تشتبه بغيرها ألبسها الجل أفضل ، أم أقلد في عنقها نعلا ، وتجويزهعليه‌السلام كلا منهما لا يدل على أنه ينعقد الإحرام بالتحليل ، وأما الإشعار من الجانب الأيمن فلا خلاف فيه مع وحدتها ، وأما مع التعدد فالمشهور بين الأصحاب أنه يدخل بينها ويشعرها يمينا وشمالا.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « وجلل » يدل على أن التجليل كاف لعقد الإحرام ويشترط مع التقليد ولم أر بهما قائلا إلا أن يقال : ذكر استطرادا ، نعم اكتفى ابن الجنيد بالتقليد بسير أو خيط صلى فيه.

١٩٧

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله قال البدن تشعر من الجانب الأيمن ويقوم الرجل في جانب الأيسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها.

(باب الإفراد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المفرد بالحج عليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أضحية قال وسألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء ويجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد صلى فيها » من الأصحاب من قرأه على بناء المعلوم فعين كون القارن صلى فيها ومنهم من قرأها على بناء المجهول فاكتفى بما إذا صلى فيه غيره أيضا.

باب الإفراد

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وهو طواف النساء » تسمية طواف النساء بطواف الزيارة خلاف المشهور ، وقال في الدروس : روى معاوية بن عمار عنهعليه‌السلام تسمية طواف النساء بطواف الزيارة(١) .

قوله عليه‌السلام : « ويجدد التلبية » ذهب الشيخ في النهاية ، وموضع من المبسوط إلى أن القارن والمفرد إذا طافا قبل المضي إلى عرفات الطواف الواجب أو غيره جددا التلبية عند فراغهما من الطواف وبدونهما يحلان وينقلب حجهما عمرة. وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٥٦ ح ١٣.

١٩٨

بالتلبية.

(باب)

(فيمن لم ينو المتعة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن رجل لبى بالحج مفردا فقدم مكة وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعى بين الصفا والمروة قال فليحل وليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن

في التهذيب : إن المفرد يحل بترك التلبية دون القارن وقال المفيد ، والمرتضى : إن التلبية بعد الطواف يلزم القارن لا المفرد ولم يتعرضا للتحلل بترك التلبية ولا عدمه ، ونقل عن ابن إدريس : أنه أنكر ذلك كله ، وقال : إن التحلل إنما يحصل بالنية لا بالطواف والسعي وليس تجديد التلبية بواجب وتركها مؤثرا في انقلاب الحج عمرة واختاره المحقق في كتبه الثلاثة والعلامة في المختلف.

باب فيمن لم ينو المتعة

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فليحل » جواز عدول المفرد اختيارا إلى التمتع كما دل عليه الخبر مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ادعى في المعتبر عليه الإجماع لكن الأكثر خصوه بما إذا لم يتعين عليه الإفراد.

وذهب الشهيد الثاني :رحمه‌الله إلى جواز العدول مطلقا وكذا عدم جواز عدول القارن مجمع عليه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : موثق.

١٩٩

بكير ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره.

٣ ـ أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب عمن أخبره ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ما طاف بين هذين الحجرين ـ الصفا والمروة أحد إلا أحل إلا سائق الهدي.

(باب)

(حج المجاورين وقطان مكة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس لأهل سرف ولا لأهل مر ولا لأهل مكة متعة يقول الله عز وجل : «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ».

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت لأهل مكة متعة قال لا ولا لأهل

ويدل على ما ذهب الشيخ مع الحمل على عدم التلبية كما سبق.

الحديث الثالث : مرسل.

باب حج المجاورين وقطان مكة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وقال الفيروزآبادي :سرف ـ بالسين المهملة ككتف ـ : موضع قرب التنعيم ، وقال في النهاية : هو موضوع من مكة على عشرة أميال ، وقيل أقل وأكثر(١) ، وقال الجوهريالمر ـ بالفتح ـ الجبل وبطن مر أيضا وهو من مكة على مرحلة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. وقال في المغرب :بستان بني عامر موضع قرب مكة انتهى.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٣٦٢.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

فيحصل من هذه الكلمات والجمل أنّهعليه‌السلام قعد عن حقه وسكت. رعاية لما هو أهم ، إذ أنّه كان يعلم بأنّ المنافقين وأعداء الدين يترصدون ويتربّصون ليوقعوا بالمسلمين ويقضوا على الدين ، وإذا كان الإمام عليعليه‌السلام يقوم بمطالبة حقه ويجرّد الصمصام ، لاغتنم المنافقون واليهود والنصارى الفرصة وقضوا على الإسلام. لذلك صبر وتحمّل وسكت عن حقه وتنازل. بعد ما احتجّ عليهم وأثبت حقّه في الأشهر الست التي ما بايع فيها كما في كتب أعلامكم ، فكانعليه‌السلام يتكلّم مع رءوس المهاجرين والأنصار ويستدلّ على حقوقه المغصوبة بالآيات البيّنات والسنن الواضحات والأمور الظاهرات ، فبعد ما بيّن لهم الحق وأتمّ عليهم الحجج بايع مكرها لا طائعا فصبر على أمرّ من العلقم وأحرّ من الجمر ، كما أشار إلى حاله في الخطبة الشقشقية المرويّة في نهج البلاغة وهي معروفة قالعليه‌السلام :

«أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة وانّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحى ينحدر عني السّيل ولا يرقى إليّ الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، أرى تراثي نهبا ، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطّاب بعده.». الخ.

ولا أطيل عليكم أكثر من هذا ، إنّما ذكرت لكم بعض كلماته وخطبهعليه‌السلام لنعرف آلامه القلبيّة من تلك الأحداث ثم نعرف علل قعوده وسكوته عن حقه.

١٠٠١

هل الخطبة الشّقشقية للإمام عليعليه‌السلام ؟

الشيخ عبد السلام : أوّلا : ليس في هذه الخطبة ما يدلّ على تألمات سيدنا عليّ كرّم الله وجهه.

ثانيا : المشهور أنّ هذه الخطبة من إنشاء الشريف الرضي ، ألحقها بخطب أمير المؤمنين وليست من إنشاء سيدنا عليّ ، وقد ثبت في التاريخ أنه ما كان ناقما على خلافة الخلفاء الراشدين قبله بل كان راضيا منهم ومن منجزاتهم.

قلت : كلام الشيخ ينبعث من إفراطه في حبّ الخلفاء والتعصّب لهم ، وإلاّ فإنّ تألّمات الإمام عليّعليه‌السلام واضحة في غير الخطبة الشقشقيّة أيضا وهي لا تخفى على كلّ من تابع الأحداث والقضايا التي وقعت وحدثت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا سيّما على المتتبّع لخطب الإمام وكتبه وكلماته واحتجاجاته مع مناوئيه وخصومه.

وأما كلامك بأنّ هذه الخطبة من إنشاء السيد الرضي (رضوان الله تعالى عليه) ، فهو افتراء منك على ذلك السيد الزاهد العابد الورع التقيّ ، فإنّه أجلّ وأورع من أن يضع خطبة وينسبها إلى سيد الأوصياءعليه‌السلام ، فإنّ هذا الكلام بعيد عن الإنصاف ، وبعيد من أهل التحقيق ، ولقد تبعت أسلافك ، وهم تبعوا المعاندين المتعصّبين ، وإلاّ لو كنت تطالع كتب أعلامكم وتحقّق عن الخطبة في تصانيف علمائكم لوجدت اعترافهم وتصريحهم بأنّها من خطب الإمام عليعليه‌السلام لا محالة.

والشارحون لنهج البلاغة من علمائكم مثل ابن أبي الحديد ،

١٠٠٢

والشيخ محمد عبده مفتي الديار المصريّة ، والشيخ محمد الخضري في كتاب محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية صفحة ٢٧ وغيرهم قد صرّحوا أنّ الخطبة الشقشقية من بيان الإمام عليّعليه‌السلام وردّوا القائلين بأنّها من إنشاء الشريف الرضي ، وهم بعض المعاندين والمتعصّبين من المتأخّرين ، وإلاّ فأكثر من أربعين عالم من الفريقين الشيعة والسنّة شرحوا كتاب نهج البلاغة وكلهم أذعنوا بأن الخطبة الشقشقية أيضا من كلام الإمام عليعليه‌السلام لأنها على نسق خطبة الأخرى ، إذ بيانهعليه‌السلام يمتاز ببلاغة منفردة تخصّه ولا يمكن لأحد أن يشابهه ويقلّده فيها حتى الشريف الرضي على ما كان يتمتع به من الأدب الرفيع والفصاحة والبلاغة في التكلم والكتابة ، فهو عاجز أن ينسج مثل الخطبة الشقشقية ، وهذا ليس كلامي وإنما هو كلام علمائكم الكبار مثل الشيخ محمد عبده والعلاّمة ابن أبي الحديد فإنّه نقل في آخر شرحه على الخطبة الشقشقيّة في الجزء الأول ، عن المصدّق بن شبيب أنّه قال لابن الخشّاب وهو من اساتذة هذا الفن [إنّ كثيرا من الناس يقولون إن الخطبة الشقشقيّة من كلام الرضيّرحمه‌الله تعالى. فقال : أنّى للرضي ولغير الرضيّ هذا النفس وهذا الأسلوب! قد وقفنا على رسائل الرضيّ وعرفنا طريقته وفنّه في الكلام المنثور ، وما يقع مع هذا الكلام في خلّ ولا خمر.]

الخطبة الشقشقيّة كانت قبل مولد الرضيّ

وبغضّ النظر عن البلاغة الخاصة بكلام الإمام عليّعليه‌السلام والمقايسات التي أشار إليها ابن الخشّاب وغيره ، فإنّ كثيرا من علماء

١٠٠٣

الفريقين قالوا : إنّهم وجدوا هذه الخطبة في الكتب المنتشرة قبل أن يولد الشريف الرضيّ وقبل أن يولد أبوه أبو أحمد النقيب ـ نقيب الطالبيين ـ ، فقد نقل ابن أبي الحديد في آخر شرحه للخطبة ، عن الشيخ عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشّاب أنّه قال [والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنّفت قبل أن يخلق الرضيّ بمائتي سنة ، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها ، وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضيّ.]

ثم قال ابن أبي الحديد : وقد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة ، وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبه ـ أحد متكلمي الإماميّة ـ المشهور المعروف بكتاب «الإنصاف» ، وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخيرحمه‌الله ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضيّرحمه‌الله تعالى موجودا. انتهى.

وقال كمال الدين ابن ميثم البحراني الحكيم المحقّق في كتابه شرح نهج البلاغة في الخطبة : إنّي وجدت هذه الخطبة في كتاب الإنصاف لابن قبه ، وهو متوفى قبل أن يولد الشريف الرضيّ.

ووجدتها أيضا بخطّ الوزير ابن فرات ، كان قد كتبها قبل ميلاد الرضيّ بستّين سنة.

فالدلائل والبيّنات قائمة على أنّ الخطبة كانت في الكتب والمصنّفات قبل أن يولد الشريف الرضيّرحمه‌الله تعالى. ولكنّ المعاندين المتعصّبين خلقوا هذه الفرية بأنّ الشقشقية من كلام الشريف

١٠٠٤

الرضي ، حتى يجدوا لأنفسهم مفرّا من الجواب.

وعلى فرض صحّة كلامهم ، فلو فرّوا وأعرضوا عن قبول الخطبة ومحتواها من هذا الطريق ، فما يصنعون مع سائر الخطب التي تعرّض فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام أيضا إلى الحوادث والوقائع التي أحدثوها في الاسلام ، فيشكو فيها الإمام عليعليه‌السلام ، ويبدي ظلامته ، ويفشي مكنون صدره وآلام قلبه من سوء سلوك القوم وظلمهم له ولأهل بيت المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

وقد أشرنا إلى بعضها في المجالس السالفة ، ومع ذلك فالشيخ عبد السلام ـ سلّمه الله ـ يقول : ما كان علي ناقما من خلافة الراشدين قبله ، وكان راضيا على ما أنجزوا ، ولا أعلم كيف عرف رضاه وهوعليه‌السلام كان في كل فرصة ومناسبة يعرب عن سخطه من عمل القوم؟ ويقول : إنّهم أخّروه عن مقامه وهو أولى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غيره ، كما في الخطبة المرقمة ١٩٠ في شرح ابن أبي الحديد. قال «ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّي لم أردّ على الله ولا على رسوله ساعة قطّ ، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال ، وتتأخّر الأقدام ، نجدة أكرمني الله بها.

ولقد قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّ رأسه لعلى صدري ، ولقد سالت نفسه في كفّي ، فأمررتها على وجهي ولقد ولّيت غسله والملائكة أعواني ، فضجّت الدار والأفنية ، ملأ يهبط وملأ يعرج ، وما فارقت سمعي هينمة منهم ، يصلّون عليه ، حتى واريناه في ضريحه ، فمن ذا أحقّ به منّي حيا وميّتا؟!

ثم قال : فو الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لعلى جادّة الحق ، وإنّهم

١٠٠٥

لعلى مزلّة الباطل».

ليت شعري ما يقول الشيخ وأتباعه في هذه الخطبة وأمثالها؟

وبأيّ بيان تريدون أن يفشي الإمام عليّعليه‌السلام سخطه وعدم رضاه في خلافة أبي بكر والذين تقدّموا عليه وأخّروه؟

فحق الإمام عليعليه‌السلام واضح ولائح ، وفضله وعلوّه على غيره ظاهر باهر ، ولا يمكن إخفاؤه بالكلمات( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (١) .

الشيخ عبد السلام : إنّي أؤجّل جوابي إلى الليلة المقبلة إن شاء الله والآن نختم المجلس فقد طال بنا وتعب الحاضرون.

فتوادعنا وخرجوا.

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٣٢.

١٠٠٦

المجلس العاشر

ليلة الأحد ـ الثالث من شعبان المعظم

اجتمع القوم أوّل الليل ـ وكان صاحب البيت قد استعدّ للاحتفال بذكرى ميلاد الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي يصادف ذلك اليوم فهيّأ الفواكه والحلويّات ، وبعد تناولها ، بدأ حضرة النوّاب عبد القيوم خان وقال :

أيها العلماء! اسمحوا لي بطرح سؤال قبل أن تدخلوا في موضوع الليلة الماضية ، والسؤال موجّه لسماحة السيد وأطلب منه الجواب.

قلت : أنا على أتمّ الاستعداد لذلك.

سؤال : حول علم عمر

النوّاب : اجتمع في بيتي صباح هذا اليوم كثير من الأصدقاء والأقرباء ، وكان بعضهم ممن لازم حضور مجالس البحث والحوار في كلّ الليالي الماضية ، وشرعوا بالحديث عن المناقشات والموضوعات التي طرحت فيها ، وأبدوا آراءهم في النتائج الحاصلة منها ، وكانت الصحف والمجلاّت التي نقلت تلك الأبحاث والمناظرات موجودة

١٠٠٧

عندهم يراجعونها عند الضرورة ، وكان كلام الحاضرين يدور حول المواضيع المطروحة. وإذا بولدي (عبد العزيز) ـ وهو طالب في إحدى المدارس الإسلاميّة ـ يقول : إنّ أستاذنا المعلّم ـ قبل أيّام ـ تكلم خلال الدرس عن الصحابة الذين برزوا وامتازوا في علم الفقه فذكر الخليفة عمر ، والإمام علي كرّم الله وجهه ، وعبد الله بن عبّاس ، وعبد الله بن مسعود ، وعكرمة ، وزيد بن ثابت (رضي الله عنهم) وقال بأن عمر بن الخطاب كان أبرزهم في علم الدين وأفقههم في أحكام الشرع المبين. حتى أنّ عليّ بن أبي طالب الذي اشتهر بعلمه وفقهه كان في بعض المسائل يتحيّر فيراجع الفاروق عمر بن الخطاب ويحصل على الجواب.

قال النواب : والجدير بالذكر أنّ أهل مجلسنا الحاضرين في داري كلهم أيّدوا ما نقله ولدي عن معلّمه ، وقالوا بأنّ علماءنا أيضا يقولون بذلك ، وهو ثابت عند كلّ المسلمين.

ولكنّي بقيت ساكتا متوقفا في الموضوع ، لأني جاهل وليس لي علم بالتاريخ والسيرة حتى أعرف صحّة مقال المعلم أو خطئه. لذلك وعدت ولدي والحاضرين أن أطرح هذا الموضوع هذه الليلة في مجلسنا هذا ، لكي نستفيد من محضر العلماء الحاضرين لا سيّما سماحة السيد المعظّم.

أفيدونا! جزاكم الله خير جزاء المحسنين.

قلت : كلام هذا المعلّم يثير تعجّبي ، ولكن العوام لا يؤاخذون في مثل هذه الأمور ، لأنّهم غالبا يسلكون طريق الإفراط والتفريط ، وهذا المعلم الجاهل سلك سبيل الغلوّ والإفراط ، لأنّه ادّعى ما لم يقله أحد من علمائكم ، حتى أنّ ابن حزم لمّا ذكر في بعض مقالاته هذا الأمر

١٠٠٨

المخالف للواقع ، خطّأه كبار علمائكم وردّوا عليه مقالته ، والجدير بالذكر أنّ عمر بن الخطّاب هو أيضا ما ادّعى هذا الأمر في حياته ، وربما لم يرض من أحد أن يقول ذلك.

نعم ذكر أكثر المؤرّخين سياسة عمر ، وإدارته وفطنته ، ولكنهم لم يذكروا فقهه وعلمه بأحكام الدين ، بل ذكروا أنّه جهل كثيرا من المسائل التي طرحت عليه وعجز عن الجواب ، فراجع فيها ابن مسعود أو الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام بالمدينة المنورة.

وقد قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة [أنّ عبد الله بن مسعود كان من فقهاء المدينة ، وكان عمر بن الخطّاب يصحبه معه ولا يفارقه ليرجع إلى رأيه في المسائل الفقهيّة.]

الشيخ عبد السلام : كأنّك تريد أن تقول بأنّ عمر الفاروق (رض) ما كان يعلم المسائل الفقهيّة والأحكام الشرعيّة فيحتاج الى ابن مسعود أو الإمام عليّ (رضي الله عنهما) ، وهذا ما لم نسمعه قبل اليوم.

قلت : أيها الشيخ لا تهرّج ولا تغالط ، فإنّي ما قلت بأنّ عمر ما كان يعلم المسائل الفقهيّة ، وإنّما قلت إنّه في كثير من المسائل كان يراجع الإمام عليّعليه‌السلام أو ابن مسعود أو ابن عباس ، لأنّه كان يجهلها.

نعم أقول ولا أنكر ما قلت : أنّ عمر بن الخطاب كان يجهل كثيرا من المسائل والأحكام الدينيّة ، وهذا ليس من عندي بل ذكره كبار أعلامكم ، والجدير بالذكر ما رواه علماؤكم في الكتب المعتبرة والمصادر المنتشرة ، عن اعتراف الخليفة بذلك في قضايا جديرة ومناسبات كثيرة.

الشيخ عبد السلام : لو سمحت اذكر لنا من تلك القضايا

١٠٠٩

حتى نعرفها.

كلّ الناس أفقه من عمر حتى ربّات الحجال

لقد ذكر كثير من كبار علمائكم وأعلام محدثيكم ومفسريكم بطرق شتى وألفاظ مختلفة والمعنى واحد ، أن الخليفة عمر صعد المنبر في المسجد وخطب فقال : لا يبلغني أنّ امرأة تجاوز صداقها صداق نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ ارتجعت ذلك منها ، فردّت عليه امرأة قائلة : ما جعل الله لك ذلك ، إنّه تعالى قال في سورة النساء :( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) (١) ؟.

فقال عمر [كل الناس افقه من عمر ، حتى ربّات الحجال! ألا تعجبون من إمام أخطأ وامرأة أصابت؟!]

هذا نصّ ما رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ١ / ١٨٢ ، ط إحياء الكتب العربية ، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور : ج ٢ / ١٣٣ وابن كثير في تفسيره : ج ١ / ٣٦٨ ، والزمخشري في تفسير الكشّاف : ج ١ / ٣٥٧ ، والنيسابوري في غرائب القرآن : ج ١ / في تفسير الآية الكريمة ، والقرطبي في تفسيره : ج ٥ / ٩٩ ، وابن ماجه في السنن : ج ١ ، والسندي في حاشية السنن : ج ١ / ٥٨٣ ، والبيهقي في السنن : ج ٧ / ٢٣٣ ، والقسطلاني في إرشاد الساري : ج ٨ / ٥٧ ، والمتّقي في كنز العمال : ج ٨ / ٢٩٨ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك : ج ٢ / ١٧٧ ، والباقلاني في التمهيد / ١٩٩ ، والعجلوني

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ٢٠.

١٠١٠

في كشف الخفاء : ج ١ / ٢٧٠ ، والشوكاني في فتح القدير : ج ١ / ٤٠٧ ، والذهبي في تلخيص المستدرك ، والحميدي في الجمع بين الصحيحين ، وابن الأثير في النهاية ، وغيرهم رووا بأسانيدهم عن طرق متعددة هذا الخبر وإن كانت ألفاظ بعضهم مختلفة ، ولكنّهم متفقون في المعنى.

فتحصّل من الخبر أنّ عمر كان جاهلا حتّى بالأحكام المنصوصة في القرآن الحكيم.

الشيخ عبد السلام : كلامكم مردود ، فإنّ الخليفة عمر (رض) كان عارفا بكتاب الله العزيز وكان حافظا لكثير من القرآن. وإنّما أراد من كلامه حمل الناس على العمل والالتزام بسنّة رسول الله (ص).

قلت : يا شيخ لقد اجتهد الخليفة فأخطأ ، وقد اعترف بخطئه ، وتراجع عن قوله ، وإنّ إصرارك لتصحيح خطأ الخليفة ذنب لا يغفر لأنّ الخليفة قد أخطأ جاهلا بالآية الكريمة ، ولمّا ردّت عليه المرأة ، قبل منها ، وتريد أنت تصحيح الخطأ بعد ما علمت أنّه مخالف لكتاب الله عزّ وجلّ.

ولا يخفى أنّ جهل الخليفة بكلام الله عزّ وجلّ لم ينحصر في هذا المورد ، بل هناك مورد آخر ، نقله أيضا كبار أعلامكم ، ورواه كل المؤرخين من غير استثناء.

إنكار عمر موت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

اتفق أصحاب الحديث والتاريخ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما توفّي أنكر عمر موته ، وكان يحلف بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما مات ولا يموت ، فلو كان عمر يحفظ القرآن أو يتفكر فيه ، ما أنكر موت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقوله

١٠١١

تعالى :( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) (١) وقوله سبحانه :( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (٢) .

قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ٢ / ٤٠ ، ط دار إحياء الكتب العربية :

وروى جميع أصحاب السيرة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا توفي كان أبو بكر في منزله بالسّنح ، فقام عمر بن الخطّاب فقال [ما مات رسول الله صلى الله عليه ولا يموت حتى يظهر دينه على الدين كلّه ، وليرجعنّ فليقطّعنّ أيدي رجال وأرجلهم ممّن أرجف بموته ، لا أسمع رجلا يقول : مات رسول الله إلاّ ضربته بسيفي.]

فجاء أبو بكر وكشف عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : بأبي وأمّي! طبت حيّا وميّتا ، ثم خرج والناس حول عمر ، وهو يقول لهم : إنّه لم يمت ويحلف ، فقال له : أيها الحالف ، على رسلك! ثم قال : [من كان يعبد محمدا فإنّ محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت. قال الله تعالى :( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) (٣) .

وقال عزّ وجلّ :( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (٤) .

قال عمر : فو الله ما ملكت نفسي حيث سمعتها أن سقطت إلى الأرض ، وعلمت أنّ رسول الله صلى الله عليه قد مات.]

فإذا كان عمر تاليا لكتاب الله العزيز آناء الليل وأطراف النهار ، عارفا لرموز القرآن وتعاليمه ، ما أنكر موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جازما بحيث يحلف عليه ويهدّد من خالفه في معتقده بالسيف!!

__________________

(١) سورة الزمر ، الآية ٣٠.

(٣) سورة الزمر ، الآية ٣٠.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٤٤.

(٤) سورة آل عمران ، الآية ١٤٤.

١٠١٢

وأمّا جهله وعدم معرفته بأحكام الله سبحانه فمذكور أيضا في كتب أعلامكم. ولقد اشتهر عنه في ذلك قضايا كثيرة لم ينكرها أحد من علمائكم ، وأنا أذكر بعضها لينكشف الواقع للحاضرين.

لو لا عليّ لهلك عمر

[١] الزناة الخمسة

روى الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين قال : في خلافة عمر بن الخطّاب ، جاءوا بخمسة رجال زنوا بامرأة وقد ثبت عليهم ذلك. فأمر الخليفة برجمهم جميعا. فأخذوهم لتنفيذ الحكم ، فلقيهم الإمام علي بن أبي طالب وأمر بردّهم ، وحضر معهم عند الخليفة وسأله هل أمرت برجمهم جميعا؟ فقال عمر [نعم فقد ثبت عليهم الزنا ، فالذنب الواحد يقتضي حكما واحدا.

فقال عليّ : ولكن حكم كل واحد من هؤلاء الرجال يختلف عن حكم صاحبه.

قال عمر : فاحكم فيهم بحكم الله فإني سمعت رسول الله (ص) يقول «عليّ أعلمكم ، وعليّ أقضاكم».

فحكم الإمام عليّعليه‌السلام بضرب عنق أحدهم ، ورجم الآخر ، وحدّ الثالث وضرب الرابع نصف الحدّ ، وعزّر الخامس.

فتعجّب عمر واستغرب فقال : كيف ذلك يا أبا الحسن؟!

فقال الإمام عليّ : أمّا الأوّل : فكان ذميّا ، زنى بمسلمة فخرج عن ذمّته ، والثاني : محصن فرجمناه ، وأمّا الثالث : فغير محصن فضربناه

١٠١٣

الحدّ ، والرابع : عبد مملوك فحدّه نصف ، وأمّا الخامس : فمغلوب على عقله فعزّزناه.

فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر ، لا عشت في أمّة لست فيها يا أبا الحسن!]

[٢] الزانية الحامل

ذكر كثير من أعلامكم منهم : أحمد في المسند ، والبخاري في الصحيح ، والحميدي في الجمع بين الصحيحين ، والقندوزي في الينابيع / باب الرابع عشر / عن مناقب الخوارزمي ، والفخر الرازي في الأربعين / ٤٦٦ ، والمحب الطبري في الرياض : ج ٢ / ١٩٦ وفي ذخائر العقبى / ٨٠ ، والخطيب الخوارزمي في المناقب / ٤٨ ، ومحمد بن طلحة العدوي النصيبي في مطالب السئول / الفصل السادس ، والعلاّمة محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي في كتابه كفاية الطالب / آخر باب ٥٩ ، ـ والنصّ للأخير ـ قال [روي إنّ امرأة أقرّت بالزنا ، وكانت حاملا فأمر عمر برجمها ، فقال عليّعليه‌السلام إن كان لك سلطان عليها فلا سلطان لك على ما في بطنها. فترك عمر رجمها(١) .]

__________________

(١) واخرج الكنجي في الباب قبل هذه القضيّة ، قضيّة أخرى قال [روي أنّ عمر أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر ، فرفع ذلك إلى عليّعليه‌السلام ، فنهاهم عن رجمها وقال : أقلّ مدّة الحمل ستة أشهر. فأنكروا ذلك. فقال : هو في كتاب الله تعالى ، قوله عزّ اسمه :( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) ثم بيّن مدّة إرضاع الصغير بقوله :( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) ، فتبيّن من مجموع الآيتين أنّ أقلّ مدة الحمل ستة أشهر ، فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر.]

أقول : لقد اشتهر هذا القول من عمر في حق الإمام عليّ عليه‌السلام في كتب أعلام

١٠١٤

[٣] المجنونة التي زنت

وكذلك روى أحمد في المسند ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى / ٨١ وفي الرياض / ١٩٦ ، والقندوزي في الينابيع / باب ١٤ ، وابن حجر في فتح الباري : ج ١٢ / ١٠١ ، وأبو داود في السنن : ج ٢ / ٢٢٧ ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة تحت عنوان [فصل في قول عمر بن الخطاب : أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن] ، وابن ماجة في السنن : ج ٢ / ٢٢٧ ، والمناوي في فيض القدير : ج ٤ / ٣٥٧ ، والحاكم في المستدرك : ج ٢ / ٥٩ ، والقسطلاني في إرشاد الساري : ج ١٠ / ٩ ، والبيهقي في السنن : ج ٦ / ٢٦٤ ، والبخاري في صحيحه باب لا يرجم المجنون والمجنونة ، هؤلاء وغيرهم من كبار أعلامكم رووا بأسانيدهم من طرق شتى قالوا [أتي عمر (رض) بامرأة قد زنت فأمر برجمها فذهبوا ليرجموها فرآهم الإمام عليّعليه‌السلام في الطريق ، فقال : ما شأن هذه؟ فأخبروه فأخلى سبيلها ، ثم جاء إلى عمر فقال له : لم رددتها؟ فقالعليه‌السلام : لأنّها معتوهة آل فلان ، وقد قال رسول الله (ص) :

__________________

العامّة حتى كاد أن يكون من المتواترات المسلّم صدورها منه ، حتى أنّ سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص فتح فصلا بعنوان : (فصل في قول عمر [أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن ، وما ورد في هذا المعنى) ثم نقل قضايا كثيرة حكم فيها الإمام عليعليه‌السلام ، كان عمر يجهلها ولذا كرّر قوله : لو لا علي لهلك عمر] أو ما بمعناه. «المترجم»

١٠١٥

«رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى يستيقظ والصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق». فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر(١) .]

ولقد ذكر ابن السّمّان في كتابه «الموافقة» روايات كثيرة من هذا القبيل فيها قد أخطأ عمر في الحكم ، حتى وجدت في بعض الكتب قريبا من مائة قضيّة من هذا القبيل ، ولكن ما نقلناه من كتب الأعلام يكفي لإثبات المرام.

وإنّما نقلت هذه الروايات ، تبيانا للحق وكشفا للحقيقة ، حتى يعرف حضرة النوّاب وابنه عبد العزيز وذلك المعلّم الذي زعم كذبا وادّعى باطلا ، ويعرف الذين أيّدوا مقال المعلم الجاهل وصدّقوه عن جهلهم ، ويعرف الحاضرون أجمع ، بأنّ الخليفة عمر بن الخطّاب ربّما كان عارفا بالسياسة وإدارة البلاد وتسيير العباد ، ولكن ما كان عالما بالفقه والأحكام الدينيّة وما كان عارفا بدقائق كلام الله العزيز وحقائق كتابه المجيد(٢) .

__________________

(١) ذكر هذه القضيّة ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ١٢ / ٢٠٥ ، ط إحياء الكتب العربي ذكرها ضمن المطاعن الواردة على عمر ، قال [الطعن الثالث ، خبر المجنونة التي امر برجمها ، فنبّهه أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال «إنّ القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق». فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر]. وذكر بحثا طويلا في الموضوع ، فراجع.

«المترجم»

(٢) قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ١ / ١٨١ ، دار إحياء الكتب العربية [وكان عمر يفتي كثيرا بالحكم ثم ينقضه. ويفتي بضدّه وخلافه.]

وروى في ج ١٢ قضايا تدل على عدم فهمه لدقائق القرآن الكريم. فقال في صفحة ١٥ [مرّ عمر بشاب من الأنصار وهو ظمآن فاستسقاه ، فخاض له عسلا ،

١٠١٦

__________________

فردّه ولم يشرب وقال : إنّي سمعت الله سبحانه يقول :( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها ) الأحقاف : ٢٠ ، فقال الفتى : إنها والله ليست لك ، فاقرأ يا أمير المؤمنين ما قبلها :( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا ) الخ ، أفنحن منهم! فشرب وقال : كل الناس أفقه من عمر!] وروى في صفحة ١٧ قال [وكان يعسّ ليلة فمرّ بدار سمع فيها صوتا ، فارتاب وتسوّر ، فرأى رجلا عند امرأة وزقّ خمر ، فقال : يا عدوّ الله ، أظننت أنّ الله يسترك وأنت على معصية! فقال : لا تعجل يا أمير المؤمنين! ان كنت اخطأت في واحدة فقد أخطأت [أنت] في ثلاث : قال الله تعالى :( وَلا تَجَسَّسُوا ) الحجرات : ١٢ ، وقد تجسّست.

وقال : ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) البقرة : ١٨٩. وقد تسوّرت.

وقال : ( فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا ) النور : ٦١. وما سلّمت. فقال : هل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال : نعم ، والله لا أعود. فقال : اذهب فقد عفوت عنك.

وروى في صفحة ٣٣ قال [خرج عمر يوما إلى المسجد وعليه قميص في ظهره أربع رقاع ، فقرأ «سورة عبس» حتى انتهى إلى قوله : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) فقال : ما الأبّ؟

ثم قال : إنّ هذا لهو التكلّف! وما عليك يا ابن الخطّاب ألاّ تدري ما الأب؟!]

وقال في صفحة ٦٩ : أسلم غيلان بن سلمة الثقفي عن عشر نسوة ، فقال له النبي (ص) [اختر منهنّ أربعا وطلّق ستا ، فلمّا كان على عهد عمر طلّق نساءه الأربع ، وقسّم ماله بين بنيه ، فبلغ ذلك عمر. فأحضره فقال له : إنّي لأظنّ الشيطان فيما يسترق من السمع ، سمع بموتك فقذفه في نفسك ، ولعلّك لا تمكث إلاّ قليلا! وأيم الله لتراجعن نساءك ، ولترجعنّ في مالك ، أو لأورّثنهنّ منك ، ولآمرنّ بقبرك فيرجم ، كما رجم قبر أبي رغال.]

١٠١٧

ولقد اتّفق جلّ علماء الاسلام أو كلّهم ، وثبت بالدلائل الواضحة والشواهد اللائحة أنّ أمير المؤمنين علياعليه‌السلام أعلم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقضاهم وأعرفهم بالفقه وأحكام الدين. وصرّح بهذا الرأي كثير من علماء السّنّة وأعلامهم ، منهم : العلاّمة نور الدين بن صبّاغ المالكي في كتابه الفصول المهمّة / الفصل الثالث في ذكر شيء من

__________________

أقول : لا أدري بأيّ دليل من القرآن والسّنّة أصدر هذا الحكم؟! ولا يخفى أنّ حكمه مخالف لحكم الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ونقل في صفحة ١٠٢ قال [وجاء رجل إلى عمر ، فقال : إنّ ضبيعا التميمي لقينا فجعل يسألنا عن تفسير حروف من القرآن. فقال : اللهم أمكني منه ، فبينا عمر يوما جالس يغدّي الناس إذ جاءه الضبيع وعليه ثياب وعمامة ، فتقدّم فأكل ، حتى إذا فرغ ، قال : يا أمير المؤمنين ما معنى قوله تعالى :( وَالذَّارِياتِ ذَرْواً* فَالْحامِلاتِ وِقْراً ) ؟ سورة الذاريات : ١ و ٢.

قال : ويحك أنت هو فقام إليه فحسر عن ذراعيه ، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته ، فإذا له ضفيرتان ، فقال : والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك ، ثم أمر به فجعل في بيت [أي حبسه] ثم كان يخرجه كلّ يوم فيضربه مائة ، فإذا أبرأ أخرجه فضربه مائة أخرى ، ثم حمله على قتب وسيّره إلى البصرة ، وكتب إلى أبي موسى يأمره أن يحرّم على الناس مجالسته ، وأن يقوم في الناس خطيبا ، ثم يقول : إنّ ضبيعا قد ابتغى العلم فأخطأه ، فلم يزل وضيعا في قومه وعند الناس حتى هلك ، وقد كان من قبل سيّد قومه.]

أقول : ليت شعري بأيّ حق عامل الرجل بهذه القسوة!! وبأيّ مستند شرعيّ أو عرفيّ حكم على الضبيع بالنفي من بلده وقومه؟! وذلّله بعد أن كان سيّدا عزيزا ، أكان يحق لعمر ذلك؟ أكان الضبيع يستحق ذلك الضرب والهتك والتبعيد و..؟!! «المترجم»

١٠١٨

علومه قال : فمنها علم الفقه الذي وهو مرجع الأنام ومنبع الحلال والحرام ، فقد كان عليّ مطّلعا على غوامض أحكام الإسلام ، منقادا له جامحه بزمامه ، مشهودا له فيه بعلوّ محلّه ومقامه. ولهذا خصّه رسول الله (ص) بعلم القضاء ، كما نقله الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي رحمة الله عليه في كتابه المصابيح ، مرويّا عن أنس بن مالك أنّ رسول الله (ص) لمّا خصّص جماعة من الصحابة كلّ واحد بفضيلة خصّص عليا بعلم القضاء ، فقال صلى الله عليه وسلّم «وأقضاكم عليعليه‌السلام ».

وروى هذا الحديث أيضا محمد بن طلحة العدوي في كتابه مطالب السئول / الفصل السادس / قال : ومن ذلك ـ أي الأحاديث الواردة في علم الإمام علي ـ ما نقله القاضي الإمام أبو محمد الحسين ابن مسعود البغوي : أنّ رسول الله (ص) خصّص جماعة من الصحابة كلّ واحد بفضيلة وخصّص عليّا بعلم القضاء. فقال «وأقضاهم عليعليه‌السلام ».

قال محمد بن طلحة : وقد صدع بالحديث بمنطوقه وصرّح بمفهومه أنّ أنواع العلم وأقسامه قد جمعها رسول الله (ص) لعليّعليه‌السلام دون غيره. وبعد تفصيل الحديث والخبر قال في أواخر الصفحة : فالنبي (ص) قد أخبر بثبوت هذه الصّفة العالية لعليّعليه‌السلام مع زيادة فيها على غيره بصيغة (أفعل التفضيل) ولا يتّصف بها إلاّ بعد أن يكون كامل العقل ، صحيح التمييز ، جيّد الفطنة ، بعيدا عن السهو والغفلة ، يتوصّل بفطنته إلى وضوح ما أشكل وفصل ما أعضل ، ذا عدالة تحجزه أن يحوم حول حمى المحارم ، ومروّة تحمله على محاسن الشّيم ومجانبة

١٠١٩

الدنايا ، صادق اللهجة ظاهر الأمانة ، عفيفا على المحظورات ، مأمونا في السخط والرّضا ، عارفا بالكتاب والسنّة ، والاتّفاق والاختلاف ، والقياس ولغة العرب بحيث يقدّم المحكم على المتشابه والخاص على العام والمبيّن على المجمل والناسخ على المنسوخ وبعد تفصيل وشرح مبسّط للعلوم اللازمة للقضاء ، قال : فظهر لك أيّدك الله تعالى أنّ رسول الله (ص) حيث وصف علياعليه‌السلام بهذه الصفة العالية بمنطوق لفظه المثبت له فضلا فقد وصفه بمفهومه بهذه العلوم المشروحة المتنوّعة الأقسام فرعا وأصلا ، وكفى بذلك دلالة لمن خصّ بهديّة الهداية قولا وفعلا على ارتقاء عليّعليه‌السلام في مناهج معارج العلوم إلى المقام الأعلى الخ.

والجدير بالذكر أنّ عمر بن الخطاب ـ الذي يحسبه الجاهلون المتعصّبون أمثال ذاك المعلم ومؤيّديه بأنّه أفقه وأعلم من الإمام عليعليه‌السلام ـ قد أعلن كرّات ومرّات وقال [لو لا علي لهلك عمر] أو بعبارات اخرى تتضمّن نفس المعنى ، حتى أنّ كبار علمائكم قالوا [أنّ عمر في سبعين موضع حينما عجز عن الفصل والقضاء راجع علي بن أبي طالب ، ولمّا حكم في القضيّة وبيّن الدلائل الشرعيّة والعقليّة في حكمه وقضائه ، قال عمر : لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن.]

ولقد قال أحمد بن حنبل في المسند ، ومحبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى كما نقل عنهما الحافظ القندوزي في ينابيع المودّة / باب ٥٦ ، وكذلك في كتاب الرياض النضرة للطبري أيضا : ج ٢ / ١٩٥ ، رووا أنّ معاوية قال [إنّ عمر بن الخطاب إذا أشكل عليه شيء أخذ من علي بن أبي طالب.

١٠٢٠

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205