ليالي بيشاور

ليالي بيشاور1%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234881 / تحميل: 3847
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

(ص) : لا. فقال عمر (رض) : أنا؟ فقال (ص) : لا ولكن خاصف النعل. قال : وكان أعطى عليا نعله يخصفها. للموصلي(١) . «انتهى

__________________

(١) أقول : هذا الحديث اشتهر وانتشر في الكتب المعتبرة ولقد رواه كبار علماء العامّة ومحدثيهم منهم أحمد بن حنبل في المسند : ج ٣ / ٣٣ عن أبي سعيد وفي ص ٨٢ أيضا رواه عنه بطريقين والحاكم في مستدرك الصحيحين : ج ٣ / ١٢٢ ، رواه بطريقين عن أبي سعيد.

وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء : ج ١ / ٦٧ بسنده عن أبي سعيد الخدري أيضا.

وابن الأثير في أسد الغابة : ج ٤ / ٣٢ رواه بسنده عن أبي سعيد ، وفي أسد الغابة : ج ٣ / ٢٨٢ قال : روى السري بن إسماعيل عن عامر الشعبي عن عبد الرحمن ابن بشير قال : كنّا جلوسا عند النبي (ص) إذ قال «ليضربنّكم رجل على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله. فقال أبو بكر : أنا هو؟ قال : لا قال عمر : أنا هو؟

قال : لا ، ولكن خاصف النّعل». وكان علي عليه‌السلام يخصف نعل رسول الله (ص).

ونقله العلامة القندوزي في الينابيع / الباب الحادي عشر من كتاب الإصابة عن عبد الرحمن بن بشير الأنصاري أيضا. وجاء في آخره : فانطلقنا فإذا عليّ يخصف نعل رسول الله (ص) في حجرة عائشة فبشّرناه.

أقول : وحدثته في الإصابة : ج ٤ / القسم الأول صفحة ١٥٢ ، قال : وأخرج الباوردي وابن مندة من طريق سيف بن محمد عن السري بن يحيى عن الشعبي عن عبد الرحمن بن بشير الخ.

وروى ابن حجر في الإصابة أيضا : ج ١ / القسم ١ / ٢٢ / بسنده عن الأخضر بن أبي الأخضر عن النبي (ص) قال «أنا أقاتل على تنزيل القرآن وعليّ يقاتل على تأويل». وأخرجه المتقي أيضا في كنز العمال : ج ٦ / ١٥٥ ، وقال : أخرجه الدارقطني في الافراد. وفي كنز العمال أيضا في نفس الصفحة روى عن النبي (ص) قال «إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، قيل : أبو بكر وعمر؟ قال : لا ولكنه خاصف النعل». ـ يعني عليا ـ قال : أخرجه أحمد في

١١٠١

كلام القندوزي».

فالظاهر من هذه الروايات ما نعتقده نحن كما قلت ، فإنّ حرب

__________________

مسنده ، وأبو يعلى في مسنده ، والبيهقي في شعب الإيمان ، والحاكم في المستدرك ، وأبو نعيم في حليته ، وسعيد بن منصور في سننه ، كلهم عن أبي سعيد.

ورواه الحافظ الهيثمي في مجمعه : ج ٥ / ١٨٦ عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله (ص) يقول الخ. قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. أقول : ورواه المحب الطبري أيضا في الرياض النضرة : ج ٢ / ١٩٢ ، وقال : أخرجه أبو حاتم.

وروى المتّقي في كنز العمال : ج ٦ / ٣٩٠ عن أبي ذر قال : كنت مع رسول الله (ص) وهو ببقيع الفرقد فقال «والذي نفسي بيده إنّ فيكم رجلا يقاتل الناس من بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت المشركين على تنزيله. وهم يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، فيكبر قتلهم على الناس حتى يطعنوا على وليّ الله ويسخطوا عمله كما سخط موسى أمر السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار. وكان خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لله رضى وسخط ذلك موسى». قال : أخرجه الديلمي.

وروى ابن عبد البر في الاستيعاب : ج ٢ / ٤٢٣ عن أبي عبد الرحمن السّلمي قال : [شهدنا مع عليّ صفين فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين إلاّ رأيت أصحاب محمد (ص) يتبعونه كأنّه علم لهم ، وسمعت عمارا يقول يومئذ لهاشم بن عتبة : يا هاشم تقدم الجنة تحت الأبارقة ، اليوم ألقى الاحبّة محمدا وحزبه ، والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحق وأنهم على الباطل ثم قال :

نحن ضربناكم على تنزيله

فاليوم نضربكم على تأويله

ضربا يزيل إلهام عن مقيله

أو يرجع الحقّ إلى سبيله]

أقول : الروايات في هذا الباب كثيرة ونكتفي بهذا المقدار.

«المترجم»

١١٠٢

الإمام عليّعليه‌السلام مع الناكثين والقاسطين والمارقين إنما كانت مثل حرب النبي (ص) مع الكفار والمشركين. إذ لو كانت هذه الطوائف الثالث من المسلمين لما كان رسول الله (ص) يأمر عليا وخيار أصحابه مثل أبي أيوب وعمار بن ياسر بقتالهم ومحاربتهم.

والحاصل من بحثنا أنّ الاضطرابات والحروب التي حدثت في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام لم تكن بسبب سوء سياسة أبي الحسنعليه‌السلام وسوء تدبيره وإدارته كما زعم الشيخ عبد السلام ، وإنما كانت بسبب كفر المخالفين وأحقاد المنافقين وحسد الحاسدين. ولو يراجع نهج البلاغة وتطالع عهود الإمام عليّعليه‌السلام إلى عماله ولا سيما عهده الذي كتبه إلى مالك الأشتر حين ولاّه مصر ، وكتبه الى محمد بن أبي بكر وعثمان بن حنيف وابن عباس وغيرهم لأذعنتم أنّ الإمام عليّعليه‌السلام بعد رسول الله (ص) أسوس الناس وأكيسهم وأحسنهم إدارة وأصحّهم تدبيرا كما كان أورعهم وأتقاهم وأعلمهم بكتاب الله وتفسيره وتأويله وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومجمله ومفصله وعامّة وخاصّه وظاهره وباطنه ، وعنده علم الغيب والشهود.

الشيخ عبد السلام : نرجو توضيح معنى الجملة الأخيرة ، فكيف يكون سيدنا عليّ كرّم الله وجهه عالم الغيب والشهود؟ فهذا كلام مبهم وغريب ومخالف لعقائد عامة المسلمين.

قلت : المقصود من علم الغيب هو العلم ببواطن الأمور وأسرار الكون التي تكون خفيّة إلاّ على الأنبياء والأوصياء والأولياء الذين اصطفاهم ربهم وأعطاهم من علمه ، كلّ على مقدار ظرفه ووعاء قلبه ولا شك أنّ خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيد المرسلين كان أعلمهم ومن بعده

١١٠٣

علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذ كان تلميذه فعلّمه كلّ ما كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علمه من الله تعالى.

الشيخ عبد السلام : ما كنت أتوقع من جنابكم أن تتكلّموا بكلام الغلات وعوام الشيعة ، لأنّك كنت في المجالس السالفة تتبرّأ من الغلات ومما يقوله عوام الشيعة وجهّالهم.

قلت : إنّ كلامي لم يكن غلوّا ولا مخالفا للقرآن الكريم ولكنك سقطت في الشبهة التي سقط فيها أسلافكم وإذا كنت تمعن النظر وتدقّق الفكر في كلامي ، ما رميتني بالغلوّ والجهل.

لا يعلم الغيب إلاّ الله سبحانه

الشيخ عبد السلام : إنّ كلامكم واعتقادكم يخالف نصّ الكتاب الحكيم وصريح القرآن الكريم إذ قال سبحانه وتعالى :( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) (١) .

هذه الآية تدل على أنّ علم الغيب يختصّ بالله عزّ وجلّ ، وكل من يعتقد بأنّ غير الله تعالى يعلم الغيب فقد غلى وأشرك المخلوق في علم الخالق ووصف العبد بصفة الله الواحد الأحد.

وإنّ كلامكم بأنّ عليا كرم الله وجهه كان عنده علم الغيب هو غلوّ في حقه إذ فضّلتموه على رسول الله (ص) وقدمتموه عليه لأنه (ص) كما قال له الله العزيز :( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية ٥٩.

١١٠٤

شاءَ اللهُ ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (١) .

وقال تعالى في سورة الهود / ٣١ :( وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) .

وفي سورة النمل / ٦٥ :( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) .

فإذا كان رسول الله وخاتم النبيين (ص) بصريح القرآن الحكيم لا يعلم الغيب ، فكيف تقولون بأن عليا كرّم الله وجهه كان عنده علم الغيب؟ والله تعالى يقول :( وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ ) (٢) .

قلت : نحن لا ننكر هذه الآيات الكريمة بل نعتقد ونتمسك بها ، ولكنك حفظت شيئا وغابت عنك أشياء.

فلقد ذكرت الآيات ولم تتدبّر فيها ولم تنظر إلى الآيات الاخرى التي تصرّح بأنّ الله تعالى يتفضل على بعض عباده من علم الغيب الذي عنده.

الله سبحانه يفيض من علمه على من يشاء

إنّ العلم على قسمين : ـ علم ذاتي وهو علم الله تعالى ، وعلم عرضيّ واكتسابيّ وهو علم البشر ـ وهذا على قسمين أيضا : علم تعليمي وهو علم التلميذ يأخذه من معلّمه وإن كان بإرادة الله ومشيّته

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية ١٨٨.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٧٩.

١١٠٥

فهو المعلم الحقيقي لقوله تعالى :( خَلَقَ الْإِنْسانَ* عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) (١) .

وقوله تعالى :( فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) (٢) .

القسم الآخر : هو العلم اللدنيّ ، وهو علم يلقيه الله سبحانه في قلب من يشاء وهو قوله تعالى :( فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ) (٣) .

وكذلك العلم الذي أفاضه على آدمعليه‌السلام وألقاه في قلبه مرّة واحدة ، بقوله تعالى :( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ) (٤) .

وهذا العلم يحصل من غير الطرق العاديّة أي بغير معلّم ومدرّس ولا يحتاج إلى كتاب وقلم وقرطاس.

الشيخ عبد السلام : هذه الآيات تشير إلى مطلق العلم ولكنّ علم الغيب مستثنى من هذا العام ، بدليل الآيات التي تلوتها آنفا ، وقد قالوا : إنّ القرآن يفسّر بعضه بعضا.

قلت : بدليل أنّ القرآن يفسر بعضه بعضا ، فإنّ الآيات التي تلوتها في انحصار علم الغيب بالله تعالى تكون من القسم العام ، وقد خصّ الله تعالى بعض عباده الذين اصطفى ، بقوله عزّ وجلّ :( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً* لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا

__________________

(١) سورة الرحمن ، الآية ٣ و ٤.

(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٣٩.

(٣) سورة الكهف ، الآية ٦٥.

(٤) سورة البقرة ، الآية ٣١.

١١٠٦

رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) (١) .

وأمّا الآية الأخيرة التي تلاها الشيخ عبد السلام فإنّه بترها ولم يتمّمها ليحصل غرضه ، وإنّ مثله كمن يبتر كلمة التوحيد ـ لا إله إلاّ الله ، فيتلفّظ بأوّلها ويترك آخرها ، وكذلك هذه الآية الكريمة فإنّ أوّلها يدلّ على معتقد الشيخ ، وإذا تلوناها إلى آخرها فنجدها تفنّد معتقد الشيخ وتؤيّد معتقدنا وهي كما في سورة آل عمران / ١٧٩ :( وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) ولا يخفى على أهل العلم معنى الاستثناء في الآية الكريمة ، والقاعدة العربيّة : الاستدراك بعد النفي إثبات كما أنّ الاستثناء بعد النفي في كلمة لا إله إلاّ الله إثبات للتوحيد. وكذلك الاستثناء في الآية التي تلوتها آنفا من سورة الجن( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) جاء الاستثناء بعد الجملة النافية ، فهو إثبات أي : يظهر على غيبه من ارتضى من رسول.

وفي آية اخرى يصرّح تعالى بأنّه يوحي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويعطيه من أنباء الغيب ، قوله تعالى :( تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا ) (٢) وقوله تعالى :( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا ) (٣) .

ثم إذا لم تعتقد بمعتقد الشيعة بأنّ الله تعالى يفيض من علم الغيب

__________________

(١) سورة الجن ، الآية ٢٦ ـ ٢٨.

(٢) سورة هود ، الآية ٤٩.

(٣) سورة الشورى ، الآية ٥٢.

١١٠٧

الذي عنده على بعض عباده الصالحين من الأنبياء والأولياء ، فكيف تفسّر قول عيسى بن مريمعليه‌السلام في سورة آل عمران / الآية ٤٩ :( وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) فإخبار الأنبياء والأولياء بالمغيّبات فهو من آيات الله تعالى ولا يخفى أنّ الله سبحانه لا يعطيهم العلم المطلق بجميع المغيّبات وإنما يطلعهم على الغيب حسب المصلحة والحكمة وعند اقتضاء الضرورة ، ولهذا المعنى تشير الآية الكريمة :( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ ) (١) .

الخلفاء الاثنا عشر عندهم علم الغيب

الشيخ عبد السلام : لو فرضنا صحة هذا الكلام ، فإنّه يختصّ بالأنبياء ، فما هو الدليل على تعدّي علم الغيب من رسول الله (ص) إلى سيدنا علي كرم الله وجهه؟ وإذا كان عليّ مثل رسول الله (ص) يطّلع على الغيب ، فيلزم أن نعتقد ذلك في الخلفاء الراشدين أيضا لأنّهم قاموا مقام النبي (ص) وتسلّموا مسئوليته في أمته من بعده.

قلت : نعم يلزم أن يطّلع خلفاء رسول الله (ص) على الغيب أيضا ، لأنّهم قاموا مقامه وألقيت مسئوليته توجيه الأمة وإرشادهم بعد النبي (ص) على عواتقهم.

ولكن من هم خلفاؤه؟ أهم الذين لقّبوا بالراشدين ، أم الذين عرّفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأمّة بقوله «خلفائي بعدي اثنا عشر؟». وفي بعض الروايات نصّ عليهم بأسمائهم وألقابهم وهم الذين نعتقد نحن

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية ١٨٨.

١١٠٨

الشيعة بإمامتهم ونتمسك بقولهم ونلتزم بطريقتهم ومذهبهم(١) .

__________________

(١) حديث كون الخلفاء اثني عشر ، من الأحاديث المشهورة حتى عدوّه من المتواترات ، ولقد ذكره أصحاب الصحاح والمسانيد منهم : الترمذي في صحيحه : ج ٩ / ٦٦ ، ط الصاوي بمصر ، أخرج بسنده عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله (ص) «يكون من بعدي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش». ورواه عنه أيضا البخاري بسنده في الصحيح : ج ٩ ص ٨١ ، ط الأميرية بمصر ، وأحمد في المسند : ج ٥ / ٩٢ ، ط الميمنية بمصر كما في البخاري سندا ومتنا ، والعلاّمة أبو عوانة في المسند : ج ٤ ص ٣٩٦ ، ط حيدرآباد ، ذكره من طرق شتى في صفحة ٣٩٧ و ٣٩٨ و ٣٩٩ ، والحافظ أبو حجاج المزّي في تحفة الأشراف لمعرفة الأطراف : ج ٢ / ١٥٩ ط دار القيامة بمبئي ، والعلاّمة ابن الأثير الجزري في جامع الأصول : ج ٤ / ٤٤٠ ط مصر ، والعلامة النابلسي في شرح ثلاثيات مسند أحمد : ج ٢ / ٥٤٤ ط الإسلامي ببيروت ، والعلاّمة ابن كثير الدمشقي في كتابه قصص الأنبياء : ج ١ / ٣٠١ ط دار الكتب الحديثة ، والحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : ج ١٤ / ٣٥٣ ، طبع السعادة بمصر ، والعلامة الصنعاني في مشارق الأنوار ، والعلامة ابن الملك في مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار : ج ٢ / ١٩٣ طبع الآستانة ، وابن حجر في الصواعق المحرقة / ١٨٧ ، ط عبد اللطيف بمصر ، والعلامة المناوي في كنوز الحقائق / حرف الباء ، والعلامة الشيخ محمود أبو رية في أضواء على السنة المحمدية : ص ٢١٠ ط القاهرة.

وروى جمع من الأعلام عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي (ص) قال : «يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش».

منهم البخاري في التاريخ الكبير : ج ١ / قسم ١ / ص ٤٤٦ ، ط حيدرآباد وأحمد في المسند : ج ٥ / ٩٢ ، ط الميمنيّة بمصر ، وأبو عوانة في مسنده : ج ٤ / ٣٩٦ ، ط حيدرآباد ، والعلامة ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية : ج ٦ / ٢٤٨ ط السعادة بمصر ، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء : ج ٤ / ٣٣٣ ط السعادة بمصر ، والحافظ الطبراني في المعجم الكبير / ص ٩٤ نسخة جامعة طهران.

١١٠٩

__________________

والقاضي وكيع الأندلسي في أخبار القضاة / ١٧ ، ط الاستقامة بالقاهرة.

وروى جماعة من الأعلام وعلماء العامّة عن عبد الله بن مسعود عن النبي (ص) أنه قال : «الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدد نقباء بني إسرائيل» منهم : العلامة الهمداني في مودة القربى / ٩٤ ، ط لاهور ، وابن كثير الدمشقي في تفسير القرآن / المطبوع بهامش فتح البيان ج ٣ / ٣٠٩ طبع بولاق مصر ، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ / ١٩٠ ، ط مكتبة القدسي بالقاهرة ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : ص ٧ ط السعادة بمصر ، والعلاّمة ابن حمزة الحسيني الحنفي الدمشقي في البيان والتعريف : ج ١ / ٢٣٩ ط حلب ، رواه من طريق ابن عدي في الكامل ، وابن عساكر في التاريخ عن ابن مسعود ، والعلامة عبيد الله الحنفي في أرجح المطالب / ٤٤٨ ط لاهور ، والحاكم في مستدرك الصحيحين : ج ٤ / ٥٠١ ، عن مسروق عن ابن مسعود ، والعلامة العسقلاني في فتح الباري : ج ١٣ / ١٧٩ ، ط البهيّة بمصر ، روى الحديث من طريق أحمد وأبي يعلى والبزار عن ابن مسعود ، وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء / ٦١ ط السعادة بمصر : وأخرج أبو القاسم البغوي بسند حسن عن عبد الله بن عمر (رض) قال : سمعت رسول الله (ص) يقول «يكون خلفي اثنا عشر خليفة».

أقول : وتوجد روايات أخرى كثيرة في هذا الباب بألفاظ قريبة مما ذكرنا ، ولقد فتح العلاّمة القندوزي بابا في كتابه ينابيع المودّة أسماه الباب السابع والسبعون في تحقيق حديث بعدي اثني عشر خليفة وأنقل بعض الروايات التي أخرجها والتحقيق الذي ذكره في آخر الباب ، قال : وفي جمع الفوائد ، جابر بن سمرة رفعه «لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة ، وسمعت كلاما من النبي (ص) لم أفهمه ، فقلت لأبي : ما يقول؟ قال : كلهم من قريش».

للشيخين ـ أي مسلم والبخاري ـ والترمذي وأبي داود بلفظه.

١١١٠

__________________

ذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة من عشرين طريقا في أنّ الخلفاء بعد النبي (ص) اثنا عشر خليفة كلهم من قريش.

في البخاري من ثلاثة طرق ، وفي مسلم من تسعة طرق ، وفي أبي داود من ثلاثة طرق ، وفي الترمذي من طريق واحد وفي الحميدي من ثلاثة طرق.

قال القندوزي : وفي المودة العاشرة من كتاب مودّة القربى للسيد علي الهمداني ، عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال : كنت مع أبي عند النبي (ص) فسمعته يقول «بعدي اثنا عشر خليفة ، ثم أخفى صوته. فقلت لأبي ما الذي أخفى صوته؟ قال : قال (ص) كلهم من بني هاشم». وعن سماك بن حرب مثل ذلك.

وعن الشعبي عن مسروق قال : بينا نحن عند ابن مسعود نعرض مصاحفنا عليه إذ قال له فتى : هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال : إنك لحديث السن وإنّ هذا شيء ما سألني عنه أحد قبلك [نعم عهد إلينا نبينا (ص) أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل.]

وقال القندوزي بعد نقله للروايات في هذا الباب : قال بعض المحققين : إنّ الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (ص) اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة ، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أنّ مراد رسول الله (ص) من حديثه هذا الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلّتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الأمويّة لزيادتهم على اثني عشر ولظلمهم الفاحش ، ولكونهم غير بني هاشم لأنّ النبي (ص) قال «كلهم من بني هاشم». في رواية عبد الملك عن جابر ، وإخفاء صوته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا القول يرجّح هذه الرواية ، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم ، ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسيّة لزيادتهم على العدد المذكور ولقلّة رعايتهم الآية : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وحديث الكساء ، فلا بدّ

١١١١

أما الذين سمّيتموهم أنتم وآباؤكم بخلفاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّهم كانوا يجهلون كثيرا من الظواهر فكيف بعلم الغيب؟! ولقد رويتم في كتبكم أنّ الخلفاء الثلاث كثيرا ما كانوا يراجعون الإمام عليّعليه‌السلام أو غيره من الصحابة في الأحكام والمسائل الدينيّة التي كانت ترد عليهم ، ولا سيما عمر بن الخطّاب الذي قال في أكثر من مورد [لو لا عليّ لهلك عمر ، ولا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن] كما نقلنا بعضها من كتب أعلامكم ومحدثيكم.

وأما سؤالكم عن دليلنا على أنّ علياعليه‌السلام كان يحظى بعلم الغيب ، فالأحاديث المرويّة في كتبكم عن رسول الله (ص) في علم عليّعليه‌السلام ، أدلّ دليل على كلامنا ، منها : حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ومن أراد العلم فليأت الباب».

__________________

من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته (ص) ، لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلّهم وأورعهم وأتقاهم وأعلاهم نسبا وأفضلهم حسبا وأكرمهم عند الله ، وكان علومهم عن آبائهم متصلا بجدهم (ص) وبالوراثة واللّدنيّة كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق وأهل الكشف والتوفيق ، ويؤيّد هذا المعنى ، أي أنّ مراد النبي (ص) الأئمة الاثني عشر من أهل بيته ، ويشهد له ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكررة المذكورة في هذا الكتاب ـ الينابيع ـ وغيرها ، وأما قوله (ص) كلهم تجتمع عليه الأمة ، في رواية عن جابر بن سمرة فمراده (ص) أنّ الأمة تجتمع على الإقرار بإمامة كلهم وقت ظهور قائمهم المهدي (رضي الله عنهم) «انتهى كلام القندوزي». «المترجم»

١١١٢

الشيخ عبد السلام : لم تثبت صحة هذا الحديث في مصادرنا وعند أعلامنا ، فهو موضوع ، ولقد عدّه أكثر علمائنا من الآحاد الضعاف.

الإمام عليعليه‌السلام باب مدينة علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنصّ أحاديثكم

قلت : إنّي لأتعجّب من كلام الشيخ إذ يضعّف هذا الحديث الذي عدّه كثير من علماء العامّة من المتواترات ، ونقله كثير من أعلام أهل السنّة في كتبهم وأقرّوا بصحّته منهم :

السيوطي في جمع الجوامع ، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار والسيد محمد البخاري في تذكرة الأبرار ، والحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين ، والفيروزآبادي في نقد الصحيح ، والمتقي في كنز العمّال ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب ، وجمال الدين الهندي في تذكرة الموضوعات ، وقد قال : فمن حكم بكذبه فقد أخطأ.

والأمير محمد اليماني في الروضة النديّة ، والحافظ أبو محمد السمرقندي في بحر الأسانيد وابن طلحة العدوي في مطالب السئول ، وغيرهم من أعلامكم الذين حكموا بصحة حديث «أنا مدينة العلم.». الخ.

ولقد وصل هذا الحديث إلى علماء الدين من طرق شتى وأسناد كثيرة متصلة بالصحابة والتابعين منهم : أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وأبي محمد الحسن السبطعليه‌السلام ، وحبر الأمة عبد الله بن عباس ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وعبد الله بن مسعود ، وحذيفة بن

١١١٣

اليمان ، وعبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وعمرو بن العاص من الصحابة.

والإمام السجاد علي بن الحسينعليه‌السلام ومحمد بن علي الباقرعليه‌السلام وأصبغ بن نباتة ، وجرير الضبيّ ، وحارث بن عبد الله الهمداني الكوفي ، وسعد بن طريف الحنظلي ، وسعيد بن جبير الأسدي ، وسلمة بن كهيل الحضرمي ، وسليمان بن مهران الأعمش ، وعاصم بن حمزة السلولي ، وعبد الله بن عثمان القاري المكي ، وعبد الرحمن بن عثمان ، وعبد الله بن عسيلة المرادي ، ومجاهد بن جبير أبي الحجاج المخزومي ، من التابعين.

وأمّا العلماء الأعلام والمحدثين العظام الذين أخرجوا هذا الحديث في كتبهم ومسانيدهم ، فكثير جدا ولا يسعني أن أذكرهم كلّهم ، ولذا أكتفي بمن يحضرني أسماؤهم ، حتى يعرف جناب الشيخ زيف كلامه ، وأرجو أن لا يتّبع قول أسلافه بعد سماع مصادر الحديث ، ومعرفة صحّته وتواتره عند أهل الحديث. وأطلب منه بعد هذا أن لا يتكلّم من غير تحقيق.

جملة من مصادر العامّة للحديث

١ ـ محمد بن جرير الطبري ، المفسّر والمؤرخ في القرن الثالث المتوفّى عام ٣١٠ ه‍ في تهذيب الآثار.

٢ ـ الحاكم النيسابوري المتوفى عام ٤٠٥ ه‍ في المستدرك : ج ٣ / ١٢٦ و ١٢٨ و ٢٢٦.

١١١٤

٣ ـ أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي المتوفى عام ٢٨٩ ه‍ في صحيحه.

٤ ـ جلال الدين السيوطي المتوفى عام ٩١١ ه‍ في جمع الجوامع ، والجامع الصغير ج ١ / ٣٧٤.

٥ ـ سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى عام ٣٦٠ ه‍ في الكبير والأوسط.

٦ ـ الحافظ أبو محمد السمرقندي المتوفّى عام ٤٩١ ه‍ في بحر الأسانيد.

٧ ـ أبو نعيم الحافظ المتوفّى عام ٤٣٠ ه‍ في معرفة الصحابة.

٨ ـ الحافظ ابن عبد البر القرطبي المتوفّى عام ٤٦٣ ه‍ في الاستيعاب : ج ٢ / ٤٦١.

٩ ـ الحافظ الفقيه ابن المغازلي المتوفى عام ٤٨٣ ه‍ في كتابه المناقب.

١٠ ـ الحافظ الديلمي المتوفى عام ٥٠٩ ه‍ في فردوس الأخبار.

١١ ـ الموفق بن أحمد الخطيب الخوارزمي المتوفى عام ٥٦٨ ه‍ في المناقب : ص ٤٩ وفي مقتل الحسين (ع) : ج ١ / ٤٣.

١٢ ـ العلاّمة ابن عساكر الدمشقي المتوفى عام ٥٧١ ه‍ في تاريخه الكبير.

١٣ ـ العلامة أبو الحجاج الأندلسي المتوفى عام ٦٠٥ في «ألف باء» ج ١ / ٢٢٢.

١٤ ـ العلامة ابن الأثير الجزري المتوفى عام ٦٣٠ ه‍ في أسد الغابة : ج ٤ / ٢٢.

١١١٥

١٥ ـ العلاّمة محب الدين الطبري المتوفى عام ٦٩٤ ه‍ في الرياض النضرة : ج ١ / ١٢٩ ، وفي ذخائر العقبى / ٧٧.

١٦ ـ العلامة شمس الدين الذهبي المتوفى عام ٧٤٨ ه‍ في تذكرة الحفاظ : ج ٤ / ٢٨.

١٧ ـ بدر الدين الزركشي المتوفى عام ٧٤٩ ه‍ في فيض القدير : ج ٣ / ٤٧.

١٨ ـ الحافظ الهيثمي المتوفى ٨٠٧ ه‍ في مجمع الزوائد : ج ٩ / ١١٤.

١٩ ـ العلامة الدميري المتوفى عام ٨٠٨ ه‍ في حياة الحيوان : ج ١ / ٥٥.

٢٠ ـ شمس الدين محمد بن محمد الجزري المتوفى ٨٣٣ ه‍ في أسنى المطالب / ص ١٤.

٢١ ـ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام ٨٥٢ ه‍ في تهذيب التهذيب : ج ٧ / ٣٣٧.

٢٢ ـ بدر الدين العيني الحنفي المتوفى عام ٨٥٥ ه‍ في عمدة القاري : ج ٧ / ٦٣١.

٢٣ ـ المتقي الهندي المتوفى عام ٩٧٥ ه‍ في كنز العمال : ج ٦ / ١٥٦.

٢٤ ـ عبد الرءوف المناوي المتوفى عام ١٠٣١ ه‍ في فيض القدير : ج ٣ / ٤٦.

٢٥ ـ الحافظ العزيزي المتوفى عام ١٠٧٠ ه‍ في السراج المنير : ج ٢ / ٦٣.

١١١٦

٢٦ ـ محمد بن يوسف الشامي المتوفى ٩٤٢ ه‍ في سبل الهدى والرشاد في أسماء خير العباد.

٢٧ ـ العلامة الفيروزآبادي المتوفى عام ٨١٧ ه‍ في نقد الصحيح.

٢٨ ـ أحمد بن حنبل المتوفى عام ٢٤١ ه‍ في المسند وفي المناقب.

٢٩ ـ محمد بن طلحة الشافعي المتوفى عام ٦٥٢ ه‍ في مطالب السئول.

٣٠ ـ شيخ الإسلام إبراهيم بن محمد الحمويني المتوفى عام ٧٢٢ ه‍ في فرائد السمطين.

٣١ ـ شهاب الدين الدولت آبادي المتوفى عام ٨٤٩ ه‍ في هداية السعداء.

٣٢ ـ العلاّمة السمهودي المتوفى عام ٩١١ ه‍ في جواهر العقدين.

٣٣ ـ القاضي فضل بن روزبهان في إبطال الباطل.

٣٤ ـ نور الدين بن الصبّاغ المتوفى عام ٨٥٥ ه‍ في الفصول المهمة.

٣٥ ـ ابن حجر المكي المتوفى عام ٩٧٤ ه‍ في الصواعق المحرقة.

٣٦ ـ جمال الدين الشيرازي المتوفى عام ١٠٠٠ ه‍ في الأربعين.

٣٧ ـ علي القاري الهروي المتوفى ١٠١٤ ه‍ في المرقاة في شرح المشكاة.

٣٨ ـ محمد بن علي الصّبّان المتوفى عام ١٢٠٥ ه‍ في إسعاف الراغبين / ١٦٥.

١١١٧

٣٩ ـ القاضي الشوكاني المتوفى عام ١٢٥٠ ه‍ في الفوائد المجموعة.

٤٠ ـ شهاب الدين الآلوسي المتوفى عام ١٢٧٠ ه‍ في تفسير روح المعاني.

٤١ ـ محمد الغزالي في إحياء العلوم.

٤٢ ـ العلاّمة الهمداني الشافعي في مودّة القربى.

٤٣ ـ أحمد بن محمد العاصمي في زين الفتى في شرح سورة هل أتى.

٤٤ ـ شمس الدين محمد السّخاوي المتوفى عام ٩٠٢ ه‍ في المقاصد الحسنة.

٤٥ ـ العلاّمة القندوزي المتوفى عام ١٢٩٣ ه‍ في الينابيع / باب ١٤.

٤٦ ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمّة.

٤٧ ـ صدر الدين الفوزي الهروي في نزهة الأرواح.

٤٨ ـ كمال الدين الميبدي في شرح الديوان.

٤٩ ـ الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي المتوفى عام ٤٦٣ ه‍ في تاريخ بغداد : ج ٢ / ٣٧٧ وج ٤ / ٣٤٨ وج ٧ / ١٧٣.

٥٠ ـ محمد بن يوسف الكنجي المتوفى عام ٦٥٨ ه‍ في كفاية الطالب / الباب الثامن والخمسون ، بعد نقله للروايات قال : فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفضيل عليّعليه‌السلام وزيادة علمه وغزارته وحدّة فهمه ووفور حكمته وحسن قضاياه وصحّة فتواه ، وقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه

١١١٨

في الأحكام ويأخذون بقوله في النقض والإبرام اعترافا منهم بعلمه ووفور فضله ورجاحة عقله وصحّة حكمه ، وليس هذا الحديث : «أنا مدينة العلم وعلي بابها» في حقه بكثير ، لأنّ رتبته عند الله وعند رسوله (ص) وعند المؤمنين من عباده أجلّ وأعلا من ذلك.

ولا يخفى أنّ العلاّمة أحمد بن محمد بن صدّيق المغربي القاطن في مصر ، ألّف كتابا في تصحيح وتأييد هذا الحديث الشريف وأسماه بفتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ وقد طبع سنة ١٣٥٤ هجرية في مطبعة الإعلاميّة بمصر.

وهناك المزيد ، ونكتفي بذلك ، حتى نسمع منكم بقية الشبهات والأسئلة.

السيد عديل أختر(١) : ما أحسن الأحاديث النبويّة وخاصّة إذا كانت في فضل سيدنا علي كرم الله وجهه ، فإني رأيت كثيرا في كتبنا أنّ رسول الله (ص) قال «ذكر عليّ عبادة». ولقد رأيت في كتاب مودّة القربى للعالم الفاضل والزاهد الكامل العلاّمة مير سيد علي الهمداني الشافعي قال في المودّة الثانية / روى بسنده إلى أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول «ما من قوم اجتمعوا يذكرون فضائل محمّد وآل محمّد إلاّ هبطت ملائكة من السماء حتى لحقت بهم تحدّثهم فإذا تفرّقوا عرجت الملائكة وقالت الملائكة الآخرون لهم إنّا نشمّ رائحة منكم ما شممنا رائحة أطيب منها. فتقول لهم : كنا مع قوم كانوا يذكرون فضائل آل محمد (ص). فيقولون : اهبطوا بنا إليهم! فيقولون : إنهم قد تفرقوا ، فيقولون : اهبطوا بنا إلى المكان

__________________

(١) هو من علماء البلد وإمام مسجد لأهل السنّة والجماعة.

١١١٩

الذي كانوا فيه!».

فالرجاء أن تزيدونا من الأحاديث الشريفة التي نطق بها النبي (ص) في فضائل ومناقب سيدنا عليّ ، ولا سيما في علمه.

حديث : أنا دار الحكمة وعلي بابها

قلت : من الأحاديث التي نطق بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيان علم الإمام علي وحكمته هو الحديث المشهور في كتب الفريقين أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «أنا دار الحكمة وعليّ بابها ، ومن أراد الحكمة فليأت الباب». رواه جمع كثير من علمائكم وأعلام محدثيكم منهم : أحمد في المناقب والمسند ، والحاكم في المستدرك ، والمتقي في كنز العمال : ج ٦ / ٤٠١ ، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء : ج ١ / ٦٤ ، ومحمد ابن صبّان في إسعاف الراغبين ، وابن المغازلي في المناقب ، والعلاّمة السيوطي في الجامع الصغير وجمع الجوامع واللئالي المصنوعة ، والترمذي في صحيحه : ج ٢ / ٢١٤ ، ومحمد بن طلحة العدوي في مطالب السّئول ، والشيخ العلاّمة القندوزي في ينابيع المودّة ، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة ، وابن حجر المكي في الصواعق المحرقة ، ضمن الفصل الثاني من الباب التاسع ، والمحب الطبري في الرياض النضرة وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين ، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ، وآخرون من علمائكم الكبار ، بالإضافة إلى جمهور علماء الشيعة.

ولقد رواه محمد بن يوسف العلاّمة الكنجي في كتابه كفاية الطالب وخصّص له الباب الواحد والعشرون وبعد نقله الحديث قال :

١١٢٠

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205