ليالي بيشاور

ليالي بيشاور1%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235475 / تحميل: 3871
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

والله عزّ وجلّ في تلك السورة أيضا سلّم على أنبيائه بقوله :( سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ) (١) ( سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ ) (٢) ( سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ ) (٣) ولم يسلّم على آل أحد الأنبياء إلاّ آل ياسين ، و «يس» أحد أسماء نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ الله تعالى ذكر لنبيّه الكريم في القرآن الحكيم خمسة أسماء وهي : محمّد وأحمد وعبد الله ونون ويس ، فقال :( يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (٤) يا : حرف نداء ، و «س» اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو إشارة إلى تساوي ظاهره وباطنه.

النوّاب : ما هو سبب اختيار حرف «س» من بين الحروف؟!

قلت : لأنّ حرف ال «س» في حروف التهجّي هو وحده يكون عدد ظاهره وباطنه متساويين ، فإنّ لكلّ حرف من حروف التهجّي عند المتخصّصين بعلم الحروف والأعداد زبر وبيّنه ، وحين تطبيق عدد : زبر وبيّنه كلّ حرف يكون عددهما مختلفا ، إلاّ حرف «س» فإنّ زبره يساوي بيّنته.

نوّاب : عفوا يا سيّد ، أرجو منك التوضيح بشكل نفهمه نحن العوام ، ونحن لا نعرف معنى : الزبر والبيّنة ، فنرجو توضيحا أكثر.

قلت : أوضّح :

الزبر : هو رسم الحرف الذي يخطّ على القرطاس : «س» وهو

__________________

(١) سورة الصافات ، الآية ٧٩.

(٢) سورة الصافات ، الآية ١٠٩.

(٣) سورة الصافات ، الآية ١٢٠.

(٤) سورة يس ، الآية ١ ـ ٣.

١٢١

حرف واحد ، ولكن عند التلفّظ يكون : ثلاثة حروف : س ي ن ، فكلّ ما زاد على رسم الحرف وخطّه في تلفّظ يكون بيّنته ، وعدد «س» عند العلماء : ستّون ، وعدد «ي» : عشرة ، و «ن» : خمسون ، فيكون جمعهما ستّون أيضا ، فيتساوى عدد : «س» وعدد : «ين» وهذا هو الحرف الوحيد بين حروف التهجّي يتساوى زبره وبيّنته.

ولذلك فإنّ الله تعالى خاطب نبيّه قائلا : يس ، الياء : حرف نداء ، و «س» : إشارة الى اعتدال ظاهره وباطنه.

وكذلك في الآية المباركة قال :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) .

الحافظ : إنّكم تريدون بسحر كلامكم أن تثبتوا شيئا لم يقله أحد من العلماء!

قلت : أرجوك أن لا تتسرّع في نفي ما أقول ، بل فكّر وتدبّر ولا تعجل ، فإنّ في العجلة ندامة ، لأنّي أثبت كلامي استنادا إلى كتبكم وصحاحكم ، وعندها تحرج أمام الحاضرين وتخجل ، وأنا لا احبّ لك ذلك.

وإنّكم إمّا غير مطّلعين على كتبكم ، أو مطّلعين عليها ولكنّكم تكتمون الحقّ!

أمّا نحن ، فمطّلعون على كتبكم وما فيها من الروايات والأحاديث الصحيحة والمدسوسة ، فنأخذ الصحيحة ونترك غيرها.

وفي خصوص هذا الموضوع نعرف روايات وأحاديث معتبرة في كثير من كتبكم ، منها : في كتاب «الصواعق المحرقة» الآية الثالثة ، في فضائل أهل البيت.

١٢٢

قال : إنّ جماعة من المفسّرين رووا عن ابن عبّاس أنّه قال : أنّ المراد ب( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) أي : سلام على آل محمّد ، قال : وكذا قاله الكلبي.

ونقل ابن حجر أيضا عن الإمام الفخر الرازي أنّه قال : إنّ أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يساوونه في خمسة أشياء :

١ ـ في السلام ، قال : السلام عليك أيّها النبيّ ، وقال : سلام على آل ياسين.

٢ ـ وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهّد.

٣ ـ وفي الطهارة ، قال تعالى :( طه ) (١) أي : يا طاهر ، وقال :( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٢) .

٤ ـ وفي تحريم الصدقة.

٥ ـ وفي المحبّة ، قال تعالى :( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (٣) وقال :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٤) .

وذكر السيّد أبو بكر بن شهاب الدين في كتابه «رشفة الصادي ..» في الباب الأول ص ٢٤ : عن جماعة من المفسّرين رووا عن ابن عبّاس ، والنقّاش عن الكلبي : سلام على آل ياسين ، أي : آل محمّد.

ورواه أيضا في الباب الثاني : ص ٣٤.

وذكر الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير ج ٧ ص ١٦٣ في

__________________

(١) سورة طه ، الآية ١.

(٢) سورة الأحزاب ، الآية ٣٣.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ٣١.

(٤) سورة الشورى ، الآية ٢٣.

١٢٣

تفسير الآية الكريمة :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) وجوها الوجه الثاني : إنّ آل ياسين هم آل محمّد(١) .

فجواز الصلاة والتسليم على آل محمّد ، أمر متّفق عليه بين الفريقين(٢) .

الصلاة والسلام على الآل سنّة

روى البخاري في صحيحه ج ٣.

ومسلم في صححه ج ١.

والعلاّمة القندوزي في ينابيع المودة ص ٢٢٧ نقلا عن البخاري ، وابن حجر في الصواعق المحرقة : في الباب الحادي عشر ، الفصل الأول ، الآية الثانية.

كلّهم رووا عن كعب بن عجرة ، قال : لمّا نزلت هذه الآية ، قلنا : يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلّم عليك ، فكيف نصلي عليك؟

فقال : قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد إلى آخره.

__________________

(١) ونقل الحافظ سليمان الحنفي في «ينابيع المودة» الطبعة السابعة ، ص ٦ من مقدّمته ما نصّه : وأخرج أبو نعيم الحافظ وجماعة من المفسّرين ، عن مجاهد وأبي صالح ، هما عن ابن عبّاس (رضي الله عنهما) ، قال : آل ياسين : آل محمّد ، وياسين :اسم من أسماء محمّد (ص). «المترجم».

(٢) وتطرّق الحافظ سليمان في مقدّمته كتابه «ينابيع المودّة» إلى ذكر كثير من الروايات في الموضوع ، ثمّ قال : فمن هذه الآيات والأحاديث علم أن لا تكون التصلية والتسليمة على الأنبياء والملائكة مختصّة لهم ـ وبعد ذكر أدلته ـ قال : وإنّما نشأ هذا القول ، بأنهما مختصّان للأنبياء والملائكة ، من التعصّب بعد افتراق الامّة ، نسأل الله أن يعصمنا من التعصّب. «المترجم».

١٢٤

قال ابن حجر : وفي رواية الحاكم ، فقلنا : يا رسول الله! كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟

قال : قولوا اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد إلى آخره.

قال ابن حجر : فسؤالهم بعد نزول الآية :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وإجابتهم ب : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد إلى آخره ، دليل ظاهر على أنّ الأمر بالصلاة على أهل بيته وبقيّة آله مراد من هذه الآية ، وإلاّ لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ولم يجابوا بما ذكر ، فلمّا اجيبوا به دلّ على أنّ الصلاة عليهم من جملة المأمور به إلى آخر كلامه في «الصواعق» فراجع.

وروى الإمام الفخر الرازي في ج ٦ من تفسيره الكبير ص ٧٩٧ : لمّا سأله الأصحاب : كيف نصلّي عليك؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.

وروى ابن حجر في الصواعق ص ٨٧ : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء.

فقالوا : وما الصلاة البتراء؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تقولون : اللهمّ صلّ على محمّد وتمسكون ، بل قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد(١) .

__________________

(١) رواه العلاّمة القندوزي في مقدّمة ينابيع المودّة : ص ٦ ، عن الصواعق المحرقة ، وعن جواهر العقدين. «المترجم».

١٢٥

قال : وقد أخرج الديلمي أنّه (ص) قال : الدعاء محجوب حتّى يصلّى على محمّد وأهل بيته ، اللهمّ صلّ على محمّد وآله.

ولابن حجر بحث مفصّل ينقل آراء علمائكم وفقهائكم في وجوب التصلية والتسليمة على آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التشهّد في الصلوات اليومية ، ثمّ يقول : وللشافعيرضي‌الله‌عنه :

يا أهل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنّكم

من لم يصلّ عليكم لا صلاة له

وقد بحث الموضوع السيّد أبو بكر بن شهاب الدين في كتابه رشفة الصادي ، الباب الثاني : ص ٢٩ ـ ٣٥. ، ونقل دلائل في وجوب التصلية والتسليمة على آل محمّد في الصلاة اليومية عن النسائي والدارقطني وابن حجر والبيهقي وأبي بكر الطرطوسي وأبي اسحاق المروزي والسمهودي والنووي والشيخ سراج الدين القصيمي.

ونظرا لضيق الوقت ورعاية لحال الحاضرين أكتفي بهذا المقدار ، وأترك الموضوع للعلماء الحاضرين حتّى يفكّروا ويراجعوا وجدانهم وضمائرهم ، ثمّ يحكموا فيه وينصفوا. وبعد هذا كلّه ستصدّقونني حتما وتقبلون بأنّ التصلية والتسليم على آل محمّد ليست بدعة ، وإنّما هي عبادة وسنّة أمر بها النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا ينكر هذا إلاّ الخوارج والنواصب المعاندون ، خذلهم الله ، حيث دلّسوا على إخواننا العامّة ، وألبسوا عليهم الحقّ والحقيقة.

ومن الواضح أنّ الّذين أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تقرن أسماؤهم مع اسمه الشريف ، ويصلّى ويسلّم عليهم في الصلوات اليومية مقدّمون على غيرهم في الفضل والشرف.

١٢٦

ومن السفاهة والجهل والتعصّب والعناد أن نرجّح الآخرين عليهم.

والآن اشاهد آثار التعب والنعاس تبدو على كثير من الإخوان ، لذلك انهي المجلس وأنتظر قدومكم في الليلة الآتية إن شاء الله تعالى.

فقام القوم وانصرفوا وشيّعتهم إلى باب الدار.

١٢٧
١٢٨

المجلس الثالث

ليلة الأحد ٢٥ / رجب / ١٣٤٥ هجرية

حضر مجلس البحث والحوار الذي انعقد في أوّل الليل فضيلة الحافظ محمد رشيد مع ثلّة من المشايخ والعلماء ، وجمع كبير من أتباعهم ، فلمّا استقرّ بهم المجلس وتناولوا الشاي والحلوى

قال الحافظ : في الليلة البارحة لمّا ذهبت من هنا إلى البيت لمت نفسي كثيرا لعدم تحقيقي ومطالعتي حول المذاهب الاخرى وعقائدهم وأقوالهم ، ولم اكتفيت بكتب مخالفيهم وبتعبيركم : المتعصّبين على غيرهم!

وقد ظهر لنا ـ من جملة كلامكم ـ في الليلة الماضية : أنّ الشيعة يفترقون على مذاهب وطرق شتّى ، فأيّ مذهب من مذاهب الشيعة على حقّ عندكم؟ بيّنوه حتّى نعرف على أيّ مذهب نحاوركم ، ونكون على بيّنه من الأمر في هذا التفاهم الديني والحوار المذهبي!

قلت : إنّي لم أذكر في الليلة الماضية أنّ الشيعة على مذاهب ، وإنّما الشيعة مذهب واحد ، وهم المطيعون لله وللرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٢٩

والائمة الاثني عشرعليهم‌السلام .

ولكن ظهرت مذاهب كثيرة بدواع دنيوية وسياسية زعمت أنّها من الشيعة ، وتبعهم كثير من الجهّال فاعتقدوا بأباطيلهم وكفرهم ، وحسبهم الجاهلون الغافلون بأنّهم من الشيعة ، ونشروا كتبا على هذا الأساس الباطل من غير تحقيق وتدقيق.

وأما المذاهب التي انتسبت إلى الشيعة عن جهل أو عمد لأغراض سياسية ودنيوية، فهي أربع مذاهب أوّليّة، وقد اضمحلّ منها مذهبان وبقي مذهبان، تشعبت منهما مذاهب اُخرى.

والمذاهب الأربعة هي: الزيدية، الكيسانية، القداحية، الغلاة.

مذهب الزيدية

وبعد وفاة علي بن الحسينعليه‌السلام ساق جماعة من الشيعة الإمامة إلى زيد وعرف هؤلاء بالزيدية وهم الذين (ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم) إلاّ إنه جوزوا أن يكون كل فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة أن يكون إماما واجب الطاعة سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين(١) .

ولما كان زيد الشهيدعليه‌السلام كذلك اتخذوه إماما بعد أبيه فقد خرج ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويدفع الظلم عن نفسه وعن المؤمنين وكان سيدا شريفا ، عالما تقيا ، وشجاعا سخيا وقد أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن شهادته ، فقد روى الإمام الحسينعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضع يده على ظهري وقال : يا حسين سيخرج من صلبك رجل يقال له زيد يقتل شهيدا ، فإذا كان يوم القيامة يتخطى هو وأصحابه رقاب الناس ويدخلون الجنة.

وقال الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام للمأمون وهو يحدثه عن زيد بن

__________________

(١) الشهرستاني ـ الملل والنحل ص ٣٠٢.

١٣٠

علي الشهيد أنه كان من علماء آل محمد غضب في الله فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله ، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول : رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفّى لله ، ومن ذلك أنه قال : أدعوكم إلى الرضا من آل محمد(١) .

روى الخزاز(٢) في حديث طويل عن محمد بن بكير قال : دخلت على زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وعنده صالح بن بشر فسلمت عليه وهو يريد الخروج إلى العراق فقلت له : يا ابن رسول الله هل عهد إليكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متى يقوم قائمكم؟ قال : يا ابن بكير ، إنك لن تلحقه ، وان هذا الأمر تليه ستة من الأوصياء بعد هذا (ويعني الإمام الباقر) ثم يجعل الله خروج قائمنا ، فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

فقلت : يا ابن رسول الله ألست صاحب هذا الأمر؟

فقال : أنا من العترة ، فعدت فعاد إليّ ، فقلت : هذا الذي تقول عنك أو عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

فقال : لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ، لا ولكن عهد عهده إلينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الكيسانية

وهو أصحاب كيسان ، وكان عبدا اشتراه الإمام عليعليه‌السلام فأعتقه ، ويقولون بإمامة محمد بن الحنفية بعد إمامة الحسن المجتبى والحسين سيّد الشهداءعليه‌السلام ، ولكن محمدا لم يدع الإمامة أبدا ، وهو عندنا سيّد التابعين ، ويعرف بالعلم والزهد والورع والطّاعة للإمام السجادعليه‌السلام زين العابدين.

نعم ، نقل بعض المؤرّخين بعض الاختلافات بينهما ، وقد اتّخذ الكيسانية تلك الاختلافات دليلا على ادّعاء محمد بن الحنيفة لمقام الإمامة.

__________________

(١) الوسائل كتاب الجهاد.

(٢) الخزاز ـ كفاية الأثر ـ من كتاب الزيدية في موكب التاريخ للشيخ جعفر السبحاني.

١٣١

ولكنّ الحقيقة أنّه أراد أن يوجّه أصحابه إلى عدم صلاحيّته لذلك المقام الرفيع ، فكان في الملأ العامّ يخالف رأي الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، وكان الإمامعليه‌السلام يجيبه جوابا مقنعا فيفحمه ، فكان محمد يسلّم للإمام ويطيعه ، وأخيرا تحاكما عند الحجر الأسود في أمر الإمامة ، وأقرّ الحجر بإمامة عليّ بن الحسين السجّاد زين العابدين عليهما السّلام ، فبايع محمد بن الحنفية ابن أخيه الإمام السجّاد ، وتبعه أصحابه وعلى رأسهم أبو خالد الكابلي ، فبايعوا إلاّ قليل منهم بقوا على عقيدتهم الباطلة بحجّة أنّ اعتراف محمد بإمامة زين العابدينعليه‌السلام حدث لمصلحة لا نعرفها!!

ومن بعد موته ، قالوا بأنّه لم يمت! وإنّما غاب في شعب جبل رضوى ، وهو الغائب المنتظر الذي أخبر عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا.

وقد انقسموا على أربع فرق : المختارية ، الكربية ، الإسحاقية ، الحربية ، وكلّهم انقرضوا ولا نعرف اليوم أحدا يعتقد بمذهبهم.

القدّاحية

وهم قوم باطنيّون يتظاهرون بالتمسّك ببعض عقائد الشيعة ويبطنون الكفر والزندقة والإلحاد!!

ومؤسّس هذا المذهب الباطل هو : ميمون بن سالم ، أو ديصان ، وكان يعرف ويلقّب بقدّاح ، وكان ابتداء هذا المذهب في مصر ، وهم فتحوا باب تأويل القرآن والأحاديث حسب رأيهم كيفما شاءوا ، وجعلوا للشريعة المقدّسة ظاهرا وباطنا وقالوا : إنّ الله تعالى علّم باطن

١٣٢

الشريعة لنبيّه ، وهو علّمه عليا ، وعليّعليه‌السلام علم أبناءه وشيعته المخلصين.

وقالوا : بأنّ الّذين عرفوا باطن الشريعة ، تحرّروا وخلصوا من الطاعة والعبودية الظاهرية!!

وقد بنوا مذهبهم على سبعة اسس ، واعتقدوا بسبعة أنبياء وسبعة أئمة ، فقالوا في الإمام السابع ، وهو موسى بن جعفرعليه‌السلام : بأنّه غاب ولم يمت ، وسيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا!! وهم فرقتان :

١ ـ الناصرية ، أي : أصحاب ناصر خسرو العلوي ، الذي تمكّن بقلمه وشعره أن يدفع كثيرا من الغافلين في هوّة الكفر والإلحاد ، وكان له أتباع في طبرستان.

٢ ـ الصّباحيّة : وهم أصحاب حسن الصبّاح ، وهو من أهل مصر ، ثمّ هاجر إلى إيران ونشر دعوته في نواحي قزوين ، وكانت واقعة قلعة «الموت» بسببه ، والتي قتل فيها كثير من الناس ، والتاريخ يذكرها بالتفصيل ولا مجال لذكرها.

الغلاة

وهم أخسّ الفرق المنسوبة إلى التشيّع ، وهم سبع فرق كلّهم ملحدون : السبأيّة ، المنصورية ، الغرابية ، البزيغية ، اليعقوبية ، الإسماعيلية ، الدرزية.

ولا مجال لشرح أحوالهم وعقائدهم ، وإنّما أشرت إليهم وذكرتهم لأقول : ـ نحن الشيعة الإمامية الاثني عشرية ـ نبرأ من هذه الطوائف والفرق والمذاهب الباطلة ونحكم عليهم بالكفر والنجاسة ،

١٣٣

ووجوب الاجتناب عنهم.

هذا حكم أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام الّذين نقتدي بهم ، وقد ذكرت لكم بعض الروايات عن أئمّتناعليهم‌السلام في حقّ اولئك الزنادقة الملحدين ـ في الليلة الماضية ـ.

ومع الأسف أن نرى كثيرا من أصحاب القلم لم يفرّقوا بين الشيعة الإمامية الجعفرية وبين هذه الفرق المنتسبة للشيعة ، مع العلم أنّ عددنا يربو على أتباع هذه المذاهب الباطلة بأضعاف مضاعفة ، وهم نسبة ضئيلة جدا ، وعددنا نحن اليوم أكثر من مائة مليون ، وأصحابنا موجودون في كلّ بلاد العالم ، ونعلن براءتنا من هذه العقائد الفاسدة ، والمذاهب الباطلة التي تنسب إلى الشيعة.

خلاصة عقائدنا

والآن أذكر لكم اصول عقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية باختصار ، وأرجو أن لا تنسبوا إلينا غير ما أبيّنه لكم.

نعتقد : بوجود الله سبحانه وتعالى ، الواجب الوجود ، الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، ليس له شبيه ولا نظير ، ولا جسم ولا صورة ، لا يحلّ في جسم ، ولا يحدّد بمكان ، ليس بعرض ولا جوهر ، بل هو خالق العرض والجوهر وخالق كلّ شيء ، منزّه عن جميع الصفات التي تشبهه بالممكنات ، ليس له شريك في الخلق وهو الغني المطلق ، والكلّ محتاج إليه على الإطلاق.

أرسل رسله إلى الخلق واصطفاهم من الناس واختارهم فبعثهم إليهم بآياته وأحكامه ليعرفوه ويعبدوه ، فجاء كلّ رسول من عند الله

١٣٤

سبحانه بما يقتضيه الحال ويحتاجه الناس ، وعدد الأنبياء كثير جدّا إلاّ أنّ أصحاب الشرائع خمسة ، وهم أولو العزم :

١ ـ نوح ، نجيّ الله ٢ ـ إبراهيم ، خليل الله ٣ ـ موسى ، كليم الله ٤ ـ عيسى ، روح الله ٥ ـ محمّد ، حبيب الله ، صلوات الله وسلامه عليهم جميعا.

وإنّ سيّدهم وخاتمهم هو : نبيّنا محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذي جاء بالإسلام الحنيف وارتضاه الله تعالى لعباده دينا إلى يوم القيامة.

فحلال محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.

والناس مجزون بأعمالهم يوم الحساب ، فالدنيا مزرعة الآخرة ، فيحيي الله الخلائق بقدرته ، ويردّ الأرواح إلى الأجساد ، ويحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم ،( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (١) .

ونعتقد : بالقرآن الحكيم كتابا ، أنزله الله تبارك وتعالى على رسوله الكريم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الآن بين أيدي المسلمين ، لم يحرّف ولم يغيّر منه حتّى حرف واحد ، فيجب علينا أن نلتزم به ونعمل بما فيه من : الصلاة والصوم والزكاة والخمس والحجّ والجهاد في سبيل الله.

ونلتزم بكلّ ما أمر به الربّ الجليل ، وبكلّ الواجبات والنوافل التي بلّغها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصلتنا عن طريقه.

ونمتنع عن ارتكاب المعاصي ، صغيرة أو كبيرة ، كشرب الخمر ولعب القمار والزنا واللواط والربا وقتل النفس المحرّمة والظلم

__________________

(١) سورة الزلزلة ، الآية ٧ و ٨.

١٣٥

والسرقة ، وغيرها ممّا نهى الله ورسوله عنها.

ونعتقد : أنّ الله عزّ وجلّ هو وحده يبعث الرسل وينزل عليهم الكتاب والشريعة ، ولا يحقّ لقوم أن يتّخذوا لأنفسهم دينا ونبيّا غير مبعوث من عند الله تعالى ، وكذلك هو وحده الذي ينتخب ويختار خلفاء رسوله بالنصّ ، والرسول يعرّفهم للامّة.

وكما أنّ جميع الأنبياء عرّفوا أوصياءهم وخلفاءهم لاممهم ، كذلك خاتم الأنبياء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يترك الامّة من غير هاد وبلا قائد مرشد من بعده ، بل نصب عليّا وليّا مرشدا ، وعلما هاديا ، وإماما لأمّته ، وخليفة من بعده في نشر دينه وحفظ شريعته.

وقد نصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كما في كتبكم أيضا ـ : أنّ خلفاءه من بعده اثنا عشر ، عرّفهم بأسمائهم وألقابهم ، أوّلهم : سيّد الأوصياء عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبعده ابنه الحسن المجتبى ، ثمّ الحسين سيّد الشهداء ، ثمّ عليّ بن الحسين زين العابدين ، ثمّ ابنه محمّد باقر العلوم ، ثمّ ابنه جعفر الصادق ، ثمّ ابنه موسى الكاظم ، ثم ابنه عليّ الرضا ، ثمّ ابنه محمد التقي ، ثمّ ابنه علي النقي ، ثمّ ابنه الحسن العسكري ، ثمّ ابنه محمد المهديّ ، وهو الحجّة القائم المنتظر ، الذي غاب عن الأنظار ، وسوف يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، وقد تواترت الأخبار في كتبكم وعن طرقكم أيضا ، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبر بظهور المهديّ صاحب الزمان ، وهو المصلح العالمي الذي ينتظره جميع أهل العالم ، ليمحو الظلم والجور ويقيم العدل والقسط على وجه البسيطة.

وبكلمة واحدة أقول : نحن نعتقد بجميع الأحكام الخمسة ـ من : الحلال والحرام والمستحبّ والمكروه والمباح ـ التي أشار إليها القرآن

١٣٦

الكريم ، أو جاءت في الروايات والأخبار الصحيحة المعتبرة التي وصلتنا عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

وأنا أشكر الله ربّي إذ وفّقني لاعتقد بكلّ ذلك عن تحقيق ودراسة وعلم واستدلال ، لا عن تقليد الآباء والامّهات ، ولذا فإنّي أفتخر بهذا الدين والمذهب الذي أتمسّك به ، واعلن أنّي مستعد لاناقش على كلّ صغيرة وكبيرة من عقائدي ، وبحول الله وقوّته أثبت حقّانيّتها.

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ ) (١) .

ارتفع صوت المؤذّن لصلاة العشاء ، وبعد الفراغ من الصلاة شربوا الشاي وتناولوا شيئا من الحلوى ، ثمّ افتتح الحافظ كلامه قائلا : نشكركم على هذا التوضيح عن فرق الشيعة ، ولكن نرى في الأخبار والأدعية المرويّة في كتبكم عبارات ظاهرها يدلّ على الكفر!

قلت : أرجو أن تذكروا عبارة واحدة من تلك العبارات حتّى نعرف.

الحافظ : إنّي طالعت أخبارا كثيرة في كتبكم بهذا المعنى ولكن الذي أذكره الآن ويجول في خاطري ، عبارة ، في «تفسير الصافي»(٢) للفيض الكاشاني الذي هو أحد كبار علمائكم فقد روى : أنّ الحسين شهيد الطفّ وقف يوما بين أصحابه فقال : أيّها الناس! إنّ الله تعالى جلّ ذكره ما خلق العباد إلاّ ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه.

قال رجل من أصحابه : بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية ٤٣.

(٢) مصدر الحديث هو كتاب كنز الفوائد لأبي الفتح الكراجكي في رسالة له في وجوب الإمامة : ص ١٥١ ـ من الطبعة الحجرية.

١٣٧

معرفة الله؟

قالعليه‌السلام : معرفة أهل كلّ زمان إمامهم الذي تجب عليهم طاعته.

قلت :

أولا : يجب أن ننظر إلى سند الرواية ، هل كان صحيحا أو موثّقا ، قويّا أو ضعيفا ، معتبرا أو مردودا.

ثمّ على فرض صحّة السند فهو خبر واحد ، فلا يجوز الاستناد عليه والالتزام به ، فمثل هذا الخبر يلغى عندنا لمناقضته للآيات القرآنية والروايات الصريحة المرويّة عن أهل البيتعليهم‌السلام في التوحيد(١) .

ومن أراد أن يعرف نظر الشيعة في التوحيد فليراجع خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في «نهج البلاغة» حول التوحيد ، وليراجع مناظرات أئمّتناعليهم‌السلام ومناقشاتهم مع المادّيين والدهريّين المنكرين لوجود الله عزّ وجلّ ، لتعرفوا كيف ردّوا شبهاتهم ، وأثبتوا وجود الخالق وتوحيده على أحسن وجه.

راجعوا كتاب توحيد المفضّل ، وتوحيد الصدوق ، وكتاب التوحيد من موسوعة «بحار الأنوار» للعلامة المجلسي قدّس الله أسرارهم.

__________________

(١) وللشيخ الكراجكي ـقدس‌سره ـ تعليق دقيق يزيل كل مناقضة عن هذا الحديث الشريف ، قال :

اعلم أنّه لما كانت معرفة الله وطاعته لا ينفعان من لم يعرف الإمام ، ومعرفة الإمام وطاعته لا تقعان إلاّ بعد معرفة الله [لمّا كانت كذلك] صحّ أن يقال : إنّ معرفة الله هي معرفة الإمام وطاعته.

ولمّا كانت أيضا المعارف الدينيّة العقلية والسّمعية تحصل من جهة الإمام ، وكان الإمام آمرا بذلك وداعيا إليه ، صحّ القول بأنّ معرفة الإمام وطاعته هي معرفة الله سبحانه ، كما تقول في المعرفة بالرسول وطاعته : إنّها معرفة بالله سبحانه ، قال الله عز وجل : «من يطع الرسول فقد أطاع الله» ، كنز الفوائد : ص ١٥١ الطبعة الحجرية.

١٣٨

وطالعوا بدقّة كتاب النكت الاعتقادية ، والمقالات في المذاهب والمختارات ، وهما من تصانيف محمد بن محمد بن نعمان ، المعروف بالشيخ المفيد طاب ثراه ، وهو من أكبر علمائنا في القرن الرابع الهجري.

طالعوا بإمعان كتاب «الاحتجاج» للشيخ الجليل أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسيرحمه‌الله .

راجعوا هذه الكتب القيّمة حتّى تعرفوا كلام أئمّة الشيعة وعلمائهم في التوحيد.

ولكنّكم لا تريدون معرفة الحقيقة والواقع! وإنّما تبحثون في كتبنا لتجدوا أخبارا متشابهة فتتحاملون بها علينا ، وتهرّجون بها ضدّنا.

أتبصر في العين منّي القذى

وفي عينك الجذع لا تبصر؟

فكأنّكم لم تطالعوا كتبكم وصحاحكم فتجدوا فيها الأخبار الخرافية والموهومات ، بل الكفريّات التي تضحك الثكلى ويأباها العقل السليم ، فلو تقرأها بإمعان لما رفعت رأسك خجلا ، ولم تنظر في وجوه الحاضرين حياء!!

الحافظ : إنّ المضحك المخجل هو كلامكم في تخطئة الكتب العظيمة التي لم يصنّف ولم يؤلّف مثلها في الإسلام ، خصوصا صحيح البخاري وصحيح مسلم اللذان أجمع علماء الإسلام على صحّتهما ، وأنّ الأحاديث المرويّة فيهما صادرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قطعا ، ولو أنّ أحدا أنكر الصحيحين أو خطّأ بعض الأحاديث المرويّة فيهما فإنّه ينكر وينفي مذهب السنّة والجماعة ، لأنّ مدار عقائد أهل السّنّة وفقههم بعد القرآن يكون على هذين الكتابين.

كما كتب ابن حجر المكّي ، وهو من كبار علماء الإسلام وامام الحرمين ، في كتابه «الصواعق المحرقة» : فصلا في بيان كيفيّتها ـ أي :

١٣٩

كيفية خلافة أبي بكر ـ روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصحّ الكتب بعد القرآن ، بإجماع يعتدّ به : فلذلك من البديهي أنّ الأخبار المندرجة في الصحيحين كلّها قطعية الصدور عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ الأمّة أجمعت على قبولهما ، وكلّ ما أجمعت الأمّة على قبوله فهو مقطوع به ، فكلّ ما في الصحيحين مقطوع بصحته!!

على هذا ، كيف يتجرّأ أحد أن يقول : توجد في الصحيحين خرافات وكفريّات وموهومات؟!

ردّ الإجماع المزعوم

قلت : نحن نورد إشكالا علميا على الإجماع الذي تدّعونه على صحّة ما في الصحيحين وإسناد ما فيها الى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !

فقد ناقش كثير من علمائكم روايات الصحيحين ورفضوا كثيرا منها ، أضف على أولئك جميع الشيعة ، وهم أكثر من مائة مليون مسلم في العالم.

فإنّ إجماعكم هذا مثل الإجماع الذي زعمتم في الخلافة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !!

فإنّ كثيرا من علمائكم الكبار ، مثل : الدارقطني وابن حزم وشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني في «إرشاد الساري» والعلاّمة أبي الفضل جعفر بن ثعلب الشافعي في كتاب «الإمتاع في أحكام السماع» والشيخ عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي في «الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية» وشيخ الإسلام أبو زكريّا النووي في شرح صحيح مسلم ، وشمس الدين العلقمي في «الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير» وابن القيّم في كتاب «زاد المعاد في هدي خير

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205