ليالي بيشاور

ليالي بيشاور4%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235924 / تحميل: 3903
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

في (ص ٣٢٩ ) وقال : وحق على اللّه أن تعي.

[كنز العمال ج ٦ ص ٤٠٨ ] قال : عن عليعليه‌السلام في قوله :( وتَعِيَهٰا أُذُنٌ وٰاعِيَةٌ ) قال : قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : سألت اللّه ان يجعلها اذنك يا علي ، فما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم شيئاً فنسيته (قال) اخرجه الضياء المقدسي وابن مردويه وابو نعيم في المعرفة (اقول) وذكره الشبلنجي ايضاً في نور الأبصار (ص ٧٠ ) وقال فيه : ما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم كلاماً إلا وعيته وحفظته ولم أنسه.

قوله تعالى :

( اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ بِاللَّيْلِ واَلنَّهٰارِ سِرًّا وَعَلاٰنِيَةً فَلَهُمْ

أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ولاٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ)

في أواخر البقرة

[أُسد الغابة لابن الاثير الجزري ج ٤ ص ٢٥ ] روى بطريقين عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى :اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ بِاللَّيْلِ واَلنَّهٰارِ سِرًّا وعَلاٰنِيَةً قال : نزلت في علي بن أبي طالبعليه‌السلام كان عنده اربعة دراهم فانفق بالليل واحداً وبالنهار واحداً وفي السر واحداً وفي العلانية واحداً (أقول) وذكره الزمخشري ايضاً في الكشاف في تفسير الآية في أواخر البقرة ، وذكره السيوطي ايضاً في الدر المنثور في تفسير الآية في سورة البقرة ، وقال : أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وللطبراني وابن عساكر من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن ابيه عن ابن عباس ، وذكره الهيثمي ايضاً في

٣٢١

في مجمعه (ج ٦ ص ٣٢٤ ) وقال : رواه الطبراني.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٦ ] قال : عن ابن عباس في قوله تعالى( اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ بِاللَّيْلِ واَلنَّهٰارِ سِرًّا وعَلاٰنِيَةً ) قال : نزلت في علي ابن أبي طالبعليه‌السلام ، كانت معه أربعة دراهم فأنفق في الليل درهماً وفي النهار درهماً ، ودرهماً في السر ، ودرهما في العلانية ، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ما حملك على هذا؟ فقال : ان استوجب على اللّه ما وعدني ، فقال : ألا إن لك ذلك فنزلت الآية (قال) وتابع ابن عباس مجاهد وابن السائب ومقاتل (اقول) وذكره الفخر الرازي ايضاً في تفسيره الكبير في ذيل تفسير الآية باختلاف يسير.

[الصواعق المحرقة ص ٧٨ ] قال : واخرج الواقدي عن ابن عباس قال : كان مع عليعليه‌السلام أربعة دراهم لا يملك غيرها فتصدق بدرهم ليلاً وبدرهم نهاراً وبدرهم سراً وبدرهم علانية ، فنزل فيه( اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ بِاللَّيْلِ واَلنَّهٰارِ سِرًّا وعَلاٰنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ولاٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (أقول) وذكره الشبلنجي ايضاً في نور الابصار (ص ٧٠ ) وقال : نقله الواحدي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس.

[الواحدي في أسباب النزول ص ٦٤ ] روى بسنده عن مجاهد قال : كان لعليعليه‌السلام أربعة دراهم فأنفق درهما بالليل ودرهما بالنهار ودرهما سرا ودرهما علانية فنزلت( اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ بِاللَّيْلِ واَلنَّهٰارِ سِرًّا وعَلاٰنِيَةً )

(قال) وقال الكلبي : نزلت هذه الآية في علي بن ابي طالبعليه‌السلام لم يكن يملك غير اربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلاً وبدرهم نهاراً وبدرهم سراً وبدرهم علانية ، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : ما حملك على هذا؟ قال حملني ان استوجب على اللّه الذي وعدني ،

٣٢٢

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : الا ان ذلك لك فانزل اللّه تعالى هذه الآية.

قوله تعالى :

( إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمٰنُ وُدًّا )

في آخر سورة مريم

[الزمخشري في الكشاف] في تفسير الآية الكريمة في اواخر سورة مريم (قال) وروى ان النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال لعليعليه‌السلام : يا علي قال : اللهم اجعل لي عندك عهداً واجعل لي في صدور المؤمنين مودة فانزل اللّه هذه الآية (اقول) وذكره السيوطي ايضاً في الدر المنثور في تفسير الآية قال : واجعل لي عندك ودا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة ، فانزل اللّه( إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمٰنُ وُدًّا ) قال : فنزلت في عليعليه‌السلام ، قال : اخرجه ابن مردويه والديلمي عن البراء.

[السيوطي في الدر المنثور] في تفسير الآية الكريمة في اواخر سورة مريم ، قال : واخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالبعليه‌السلام ( إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمٰنُ وُدًّا ) قال : محبة في قلوب المؤمنين (اقول) وذكره الهيثمي ايضاً في مجمعه (ج ٩ ص ١٢٥ ) وقال : رواه الطبراني في الاوسط.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٧ ] قال : ومنها ـ اي ومن الآيات النازلة في فضل عليعليه‌السلام ـ قوله تعالى سيجعل لهم الرحمن وداً (قال) قال ابن الحنفية : لا يبقي مؤمن الا وفي قلبه ود لعليعليه‌السلام واهل بيته (قال) اخرجه الحافظ السلفي ، وهكذا ابن حجر في

٣٢٣

صواعقه (ص ١٠٢ ) قال مثل ذلك ، وذكره الشبلنجي أيضاً في نور الأبصار (ص ١٠١ ) وقال : اخرجه بعضهم عن محمد بن الحنفية ، وذكر الحديث (الى ان قال) وذكر النقاش انها نزلت في عليعليه‌السلام .

قوله تعالى :

( إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ أُولٰئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ )

في سورة لم يكن الذين كفروا

[تفسير ابن جرير الطبري ج ٣٠ ص ١٧١ ] روى بسنده عن ابي الجارود عن محمد بن علي( أُولٰئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ ) فقال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أنت يا علي وشيعتك.

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير قوله تعالى :( إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ أُولٰئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ ) في سورة لم يكن الذين كفروا (قال) واخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد اللّه قال : كنا عند النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فاقبل عليعليه‌السلام ، فقال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ، ونزلت إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ أُولٰئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ ، فكان اصحاب النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم إذا اقبل عليعليه‌السلام قالوا : جاء خير البرية.

[وقال ايضاً] واخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً على خير البرية.

[وقال ايضاً] واخرج ابن عدي عن ابن عباس قال : لما نزلت إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ أُولٰئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ ، قال رسول اللّه

٣٢٤

صلى الله عليه و (آله) وسلم لعليعليه‌السلام : هو انت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.

[وقال ايضاً] واخرج ابن مردويه عن عليعليه‌السلام قال : قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : الم تسمع قول اللّه : إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ أُولٰئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ؟ أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الامم للحساب تدعون غراً محجلين.

[الصواعق المحرقة ص ٩٦ ] قال : الآية الحادية عشرة قوله تعالى :( إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ أُولٰئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ ) ، قال : اخرج الحافظ جمال الدين الزرندي عن ابن عباس : ان هذه الآية لما نزلت قال صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم لعليعليه‌السلام : هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي عدوك غضاباً مقمحين قال : ومن عدوي؟ قال : من تبرأ منك ولعنك (اقول) وذكره الشبلنجي ايضاً في نور الابصار (في ص ٧٠ وص ١٠١ )

قوله تعالى :

( أَجَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ وعِمٰارَةَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ واَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ )

في سورة التوبة

[الواحدي في اسباب النزول ص ١٨٢ ] قال : قال الحسن والشعبي والقرطبي نزلت الآية في عليعليه‌السلام والعباس وطلحة بن شيبة ، وذلك انهم افتخروا ، فقال طلحة : انا صاحب البيت بيدي مفتاحه والى ثياب بيته وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، وقال عليعليه‌السلام : ما أدري ما تقولان ، لقد صليت ستة

٣٢٥

اشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فانزل اللّه تعالى هذه الآية ـ يعني قوله تعالى :أَجَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ وعِمٰارَةَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ واَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وجٰاهَدَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ لاٰ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اَللّٰهِ واَللّٰهُ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّٰالِمِينَ ، اَلَّذِينَ آمَنُوا وهٰاجَرُوا وجٰاهَدُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ بِأَمْوٰالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اَللّٰهِ وأُولٰئِكَ هُمُ اَلْفٰائِزُونَ (اقول) ورواه ابن جرير الطبري ايضاً في تفسيره (ج ١٠ ص ٦٨ ) مسنداً عن محمد بن كعب القرظي ، وذكره الفخر الرازي ايضاً في تفسيره الكبير في ذيل تفسير الآية في سورة التوبة.

[تفسير ابن جرير الطبري ج ١٠ ص ٦٨ ] روى بسنده عن السدي اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه ، قال : افتخر عليعليه‌السلام وعباس وشيبة بن عثمان ، فقال العباس : أنا افضلكم انا اسقي حجاج بيت اللّه ، وقال شيبة : انا اعمر مسجد اللّه ، وقال عليعليه‌السلام : أنا هاجرت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم واجاهد معه في سبيل اللّه فانزل اللّه :( اَلَّذِينَ آمَنُوا وهٰاجَرُوا وجٰاهَدُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ بِأَمْوٰالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اَللّٰهِ وأُولٰئِكَ هُمُ اَلْفٰائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ ورِضْوٰانٍ وجَنّٰاتٍ لَهُمْ فِيهٰا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ) .

[الفخر الرازي في تفسيره] في ذيل تفسير الآية الشريفة في سورة التوبة ، قال : قال ابن عباس في بعض الروايات عنه : ان علياًعليه‌السلام لما أغلظ الكلام للعباس قال العباس : ان كنتم سبقتمونا بالاسلام والهجرة والجهاد فلقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج قال : فنزلت هذه الآية.

[وقال ايضاً] في تفسير سورة التكاثر ما لفظه : والعقل دل على ان التكاثر والتفاخر في السعادات الحقيقية غير مذموم قال : ومن ذلك ما

٣٢٦

روي من تفاخر العباس بأن السقاية بيده وتفاخر شيبة بان المفتاح بيده (الى ان قال) قال عليعليه‌السلام : وانا قطعت خرطوم الكفر بسيفي فصار الكفر مثلة فاسلتم ، فشق ذلك عليهم فنزل قوله تعالى :( أَجَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ ) (الآية ).

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير الآية الشريفة في سورة التوبة (قال) واخرج ابو نعيم في فضائل الصحابة وابن عساكر عن أنس قال : قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران ، فقال له العباس : أنا اشرف منك أنا عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ووصي ابيه وساقي الحجيج فقال شيبة : أنا اشرف منك أنا أمين اللّه على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فاطلع عليهما عليعليه‌السلام فأخبراه بما قالا ، فقال عليعليه‌السلام : أنا أشرف منكما أنا أول من آمن وهاجر ، فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فأخبروه فما أجابهم بشيء ، فانصرفوا فنزل عليه الوحي بعد أيام فأرسل اليهم فقرأ( أَجَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ ) إلى آخر العشر.

[وقال ايضاً] وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وابو الشيخ عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية :( أَجَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ ) في العباس وعليعليه‌السلام تكلما في ذلك.

[وقال ايضاً] وأخرج ابن مردويه عن الشعبي قال : كانت بين عليعليه‌السلام والعباس منازعة فقال العباس لعليعليه‌السلام : أنا عم النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وانت ابن عمه وإلى سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام : فانزل اللّه :( أَجَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ ) (الآية).

[وقال ايضاً] واخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : نزلت في عليعليه‌السلام وعباس وعثمان وشيبة تكلموا في ذلك.

٣٢٧

قوله تعالى :

( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ )

في سورة الصافات

[الصواعق المحرقة ص ٨٩ ] قال : الآية الرابعة قوله تعالى :( وقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (قال) أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : وقفوهم إنهم مسؤولون عن ولاية عليعليه‌السلام (قال) وكأن هذا هو مراد الواحدي بقوله : روى في قوله تعالى :( وقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) اي عن ولاية عليعليه‌السلام واهل البيت ، لان اللّه امر نبيه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ان يعرف الخلق انه لا يسألهم على تبليغ الرسالة اجراً الا المودة في القربى ، والمعنى انهم يسألون هل والوهم حق الموالاة كما اوصاهم النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أم اضاعوها واهملوها؟ فتكون المطالبة والتبعة (انتهى).

قوله تعالى

( يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اَللّٰهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكٰافِرِينَ ، يُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ ولاٰ يَخٰافُونَ لَوْمَةَ لاٰئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ اَللّٰهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشٰاءُ واَللّٰهُ وٰاسِعٌ عَلِيمٌ )
في سورة المائدة

[الفخر الرازي في تفسيره الكبير] في ذيل تفسير الآية الشريفة في سورة المائدة (قال) وقال قوم : إنها نزلت في عليعليه‌السلام (قال) ويدل عليه وجهان (الاول) إنه (ص) لما دفع الراية الى عليعليه‌السلام يوم خيبر قال : لادفعن الراية غدا الى رجل يحب اللّه ورسوله

٣٢٨

ويحبه اللّه ورسوله وهذا هو الصفة المذكورة في الآية (والوجه الثاني) انه تعالى ذكر بعد هذه الآية قوله :( إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اَللّٰهُ ورَسُولُهُ واَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاٰةَ ويُؤْتُونَ اَلزَّكٰاةَ وهُمْ رٰاكِعُونَ ) وهذه الآية في حق عليعليه‌السلام ، فكان الاولى جعل ما قبلها ايضاً في حقه (انتهى) .

قوله تعالى :

( يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّٰهَ وكُونُوا مَعَ اَلصّٰادِقِينَ )

[ في سورة التوبة ]

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير الآية الشريفة في سورة التوبة (قال) واخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :اِتَّقُوا اَللّٰهَ وكُونُوا مَعَ اَلصّٰادِقِينَ ، (قال) مع علي بن ابي طالبعليه‌السلام .

[وقال ايضاً] واخرج ابن عساكر عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله :( وَكُونُوا مَعَ اَلصّٰادِقِينَ ) قال : مع علي بن ابي طالبعليه‌السلام .

قوله تعالى :

( فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ )

[ في سورتي النحل والأنبياء ]

[تفسير ابن جرير الطبري ج ١٧ ص ٥ ] روى بسنده عن جابر الجعفي ، قال :لما نزلت فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ ، قال عليعليه‌السلام : نحن اهل الذكر.

٣٢٩

قوله تعالى :

( وَأَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ ورَسُولِهِ إلى اَلنّٰاسِ يَوْمَ اَلْحَجِّ اَلْأَكْبَرِ )

[ في أول سورة التوبة ]

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير الآية الشريفة في اول التوبة (قال) اخرج ابن ابي حاتم عن حكيم بن حميد قال : قال لي علي ابن الحسينعليهما‌السلام : إن لعليعليه‌السلام في كتاب اللّه اسماً ولكن لا يعرفونه قلت : ما هو؟ قال : ألم تسمع قول اللّه : واذان من اللّه ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر؟ هو واللّه الاذان.

قوله تعالى :

( فَمٰا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ )

[ في سورة والتين ]

[تاريخ بغداد ج ٢ ص ٩٧ ] روى الخطيب بسنده عن انس قال : لما نزلت سورة والتين على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فرح لها فرحاً شديداً حتى بان لنا شدة فرحه ، فسألنا ابن عباس بعد ذلك عن تفسيرها فقال : اما قول اللّه تعالى : واَلتِّينِ فبلاد الشام ، ثم ساق الحديث (الى ان قال) فما يكذبك بعد بالدين علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

قوله تعالى :

( قُلْ بِفَضْلِ اَللّٰهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّٰا يَجْمَعُونَ )

[ في سورة يونس ]

[تاريخ بغداد ج ٥ ص ١٥ ] روى الخطيب بسنده عن ابن

٣٣٠

عباس قل بفضل اللّه وبرحمته ، بفضل اللّه النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، وبرحمته عليعليه‌السلام .

قوله تعالى :

( أَفَمَنْ وَعَدْنٰاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاٰقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنٰاهُ مَتٰاعَ اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ مِنَ اَلْمُحْضَرِينَ ) [ في سورة القصص ]

[تفسير ابن جرير الطبري ج ٢٠ ص ٦٢ ] روى بسنده عن مجاهد أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ، قال : نزلت في حمزة وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام وأبي جهل (اقول) ورواه الواحدي ايضاً في أسباب النزول (ص ٢٥٥ ) بسنده عن مجاهد ، وقال ، نزلت في عليعليه‌السلام وحمزة وابي جهل ، وذكره المحب الطبري ايضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ٢٠٧ ) وقال : قال مجاهد ، نزلت في عليعليه‌السلام وحمزة وأبي جهل.

قوله تعالى :

( أَفَمَنْ شَرَحَ اَللّٰهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاٰمِ فَهُوَ عَلىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقٰاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اَللّٰهِ أُولٰئِكَ فِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ ) [ في سورة الزمر ]

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٧ ] قال : ومنها ـ أي من الآيات النازلة في فضل عليعليه‌السلام ـ قوله تعالى :أَفَمَنْ شَرَحَ اَللّٰهُ صَدْرَهُ

٣٣١

لِلْإِسْلاٰمِ فَهُوَ عَليٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقٰاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اَللّٰهِ أُولٰئِكَ فِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ نزلت في عليعليه‌السلام وحمزة وابي لهب واولاده ، فعليعليه‌السلام وحمزة شرح اللّه صدرهما للاسلام ، وأبو لهب وأولاده قست قلوبهم (قال) ذكره الواحدي وابو الفرج (اقول) وجدت الحديث المذكور في أسباب النزول للواحدي كما ذكر هنا بنصه.

قوله تعالى :

( وَعَلَى اَلْأَعْرٰافِ رِجٰالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمٰاهُمْ )

[ في سورة الأعراف ]

[الصواعق المحرقة ص ١٠١ ] قال : الآية الثالثة عشرة قوله تعالى :( وَعَلَى اَلْأَعْرٰافِ رِجٰالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمٰاهُمْ ) (قال) اخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية عن ابن عباس انه قال : الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

قوله تعالى

( مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ رِجٰالٌ صَدَقُوا مٰا عٰاهَدُوا اَللّٰهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضيٰ نَحْبَهُ ومِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ومٰا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [ في سورة الأحزاب ]

[الصواعق المحرقة ص ٨٠ ] قال : وسئل ـ أي عليعليه‌السلام ـ وهو علي المنبر بالكوفة عن قوله تعالى :( رِجٰالٌ صَدَقُوا مٰا

٣٣٢

عٰاهَدُوا اَللّٰهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىٰ نَحْبَهُ ومِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ومٰا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) ، فقال : اللهم غفراً هذه الآية نزلت في وفي عمي حمزة وفي ابن عمي عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، فاما عبيدة فقضي نحبه شهيداً يوم بدر ، وحمزة قضى نحبه شهيداً يوم أُحد ، وأما أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه من هذه وأشار بيده الى لحيته ورأسه ، عهد عهده إلى حبيبي ابو القاسم صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم الحديث (اقول) وذكره الشبلنجي ايضاً في نور الأبصار (ص ٩٧ ) نقلاً عن الفصول المهمة لابن الصباغ.

قوله تعالى :

( وَاَلَّذِي جٰاءَ بِالصِّدْقِ وصَدَّقَ بِهِ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ )

[ في سورة الزمر ]

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير الآية الكريمة في سورة الزمر ، قال : واخرج ابن مردويه عن أبي هريرة ، والذي جاء بالصدق قال : رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، وصدق به قال : علي ابن أبي طالبعليه‌السلام .

قوله تعالى :

( مَرَجَ اَلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيٰانِ بَيْنَهُمٰا بَرْزَخٌ لاٰ يَبْغِيٰانِ فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اَللُّؤْلُؤُ واَلْمَرْجٰانُ ) [ في سورة الرحمن ]

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير قوله تعالى :( مرج البحرين يلتقيان ) في سورة الرحمن (قال) واخرج ابن مردويه عن ابن

٣٣٣

عباس في قوله :( مرج البحرين يلتقيان ) ، قال : علي وفاطمةعليهما‌السلام ، بينهما برزخ لا يبغيان قال : النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان قال : الحسن والحسينعليهما‌السلام .

[وقال ايضاً] : وأخرج ابن مردويه عن انس بن مالك في قوله : مرج البحرين يلتقيان ، قال : علي وفاطمة عليهما‌السلام ، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ، قال : الحسن والحسينعليهما‌السلام .

[نور الأبصار للشبلنجي ص ١٠١ ] قال : وعن أنس بن مالك في قوله تعالى : مَرَجَ اَلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيٰانِ ، قال : علي وفاطمةعليهما‌السلام يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ، قال : الحسن والحسينعليهما‌السلام ، قال : رواه صاحب كتاب الدرر.

قوله تعالى :

( إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ )

[ في سورة والعصر ]

[السيوطي في الدر المنثور] في تفسير سورة والعصر ، قال : وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : واَلْعَصْرِ إِنَّ اَلْإِنْسٰانَ لَفِي خُسْرٍ يعني أبا جهل بن هشام ، إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ ، ذكر علياًعليه‌السلام وسلمان.

قوله تعالى :

( أَمْ حَسِبَ اَلَّذِينَ اِجْتَرَحُوا اَلسَّيِّئٰاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ سَوٰاءً مَحْيٰاهُمْ ومَمٰاتُهُمْ سٰاءَ مٰا يَحْكُمُونَ ) [ في سورة الجاثية ]

[الفخر الرازي في تفسيره الكبير] في ذيل تفسير الآية الكريمة في

٣٣٤

سورة الجاثية ، قال : قال الكلبي : نزلت هذه الآية في عليعليه‌السلام وحمزة وعبيدة ، وفي ثلاثة من المشركين عتبة وشيبة والوليد بن عتبة ، قالوا للمؤمنين : واللّه ما أنتم على شيء ولو كان ما تقولون حقاً لكان حالنا افضل من حالكم في الآخرة كما انا افضل حالاً منكم في الدنيا ، فانكر اللّه عليهم هذا الكلام وبين أنه لا يمكن ان يكون حال المؤمن المطيع مساوياً لحال الكافر العاصي في درجات الثواب ومنازل السعادات (انتهى).

قوله تعالى :

( وَهُوَ اَلَّذِي خَلَقَ مِنَ اَلْمٰاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وصِهْراً )

[ في سورة الفرقان ]

[نور الابصار للشبلنجي ص ١٠٢ ] قال : وعن محمد بن سيرين في قوله تعالى :( وهُوَ اَلَّذِي خَلَقَ مِنَ اَلْمٰاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وصِهْراً ) انها نزلت في النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام هو ابن عم النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وزوج فاطمةعليها‌السلام ، فكان نسباً وصهراً.

٣٣٥

باب

في جملة من الآيات النازلة في اعداء عليعليه‌السلام

[الزمخشري في الكشاف] في تفسير قوله تعالى :( واَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَلْمُؤْمِنِينَ واَلْمُؤْمِنٰاتِ بِغَيْرِ مَا اِكْتَسَبُوا فَقَدِ اِحْتَمَلُوا بُهْتٰاناً وإِثْماً مُبِيناً ) في سورة الاحزاب ، قال ما لفظه : وقيل : نزلت في ناس من المنافقين يؤذون علياًعليه‌السلام ويسمعونه ، (انتهى) وقال الواحدي في اسباب النزول (ص ٢٧٣ ) ما لفظه : قال مقاتل : نزلت في علي بن ابي طالبعليه‌السلام وذلك ان أُناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه.

[الزمخشري في الكشاف] في تفسير قوله تعالى :( إِنَّ اَلَّذِينَ أَجْرَمُوا كٰانُوا مِنَ اَلَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ) في سورة المطففين ، قال : وقيل : جاء علي ابن أبي طالبعليه‌السلام في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا الى اصحابهم فقالوا : رأينا اليوم الاصلع ، فضحكوا منه فنزلت قبل ان يصل عليعليه‌السلام الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم (اقول) وذكره الفخر الرازي ايضاً في تفسيره الكبير.

٣٣٦

[السيوطي في الدر المنثور] في سورة محمد صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ويقال لها سورة القتال ايضاً ، في تفسير قوله تعالى :( إِنَّ اَلَّذِينَ اِرْتَدُّوا عَلىٰ أَدْبٰارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ لَهُمُ اَلْهُدَى اَلشَّيْطٰانُ سَوَّلَ لَهُمْ وأَمْلىٰ لَهُمْ ـ الى قوله تعالى ـأَمْ حَسِبَ اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اَللّٰهُ أَضْغٰانَهُمْ ولَوْ نَشٰاءُ لَأَرَيْنٰاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمٰاهُمْ ولَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ اَلْقَوْلِ واَللّٰهُ يَعْلَمُ أَعْمٰالَكُمْ ) قال واخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري في قوله : ولتعرفنهم في لحن القول قال : ببغضكم علي بن ابي طالبعليه‌السلام .

٣٣٧

باب

إن اللّه تعالى خفف عن هذه الامة بعليعليه‌السلام

ووضع عنهم صدقة النجو ى

[صحيح الترمذي ج ٢ ص ٢٢٧ ] في أبواب تفسير القرآن ، روى بسنده عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال : لما نزلت :( يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نٰاجَيْتُمُ اَلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقَةً ) ، قال لي النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : ما ترى ديناراً ، قلت : لا يطيقونه ، قال : فنصف دينار قلت : لا يطيقونه ، قال : فكم؟ قلت : شعيرة ، قال : انك لزهيد ، قال : فنزلت( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقٰاتٍ ) الآية ، قال : فبي خفف اللّه عن هذه الأمة ، قال الترمذي : ومعنى قوله : شعيرة يعني وزن شعيرة من ذهب (أقول) وذكره الفخر الرازي ايضاً في تفسيره الكبير في ذيل تفسير الآية في سورة المجادلة ، وقال في معني قول النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم إنك لزهيد ما لفظه : والمعنى إنك قليل المال فقدرت على حسب حالك (انتهى) وهو جيد ، ورواه ابن جرير الطبري ايضاً في تفسيره (ج ٢٨ ص ١٥ ) وذكره المتقي ايضاً في كنز العمال (ج ١ ص ٢٦٨ )

٣٣٨

وقال : اخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابو يعلى وابن جرير وابن المنذر والدورقي وابن حبان وابن مردويه وسعيد بن منصور (انتهى) وذكره المحب الطبري ايضاً في ذخائره (ص ١٠٩ ) وقال : اخرجه ابو حاتم ، وذكره السيوطي ايضاً في الدر المنثور في تفسير الآية في سورة المجادلة ، وذكر جمعاً كثيراً من أئمة الحديث ، ممن ذكرهم المتقي في كنز العمال وتقدمت اسماؤهم وغيرهم ، وقال : إنهم قد رووه.

[خصائص النسائي ص ٣٩ ] روى بسنده عن عليعليه‌السلام ، قال : لما نزلت :( يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نٰاجَيْتُمُ اَلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقَةً ) قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم لعليعليه‌السلام : مرهم ان يتصدقوا قال : بكم يا رسول اللّه؟ قال : بدينار ، قال : لا يطيقون : قال : فبنصف دينار ، قال : لا يطيقون ، قال : فبكم؟ قال : بشعيرة ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : إنك لزهيد ، فأنزل اللّه :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقٰاتٍ ) ، الآية ، وكان عليعليه‌السلام يقول : خفف بي عن هذه الامة.

٣٣٩

باب

في أنه لم يعمل بآية النجوى أحد الا عليعليه‌السلام

[تفسير ابن جرير الطبري ج ٢٨ ص ١٤ ] روى بسنده عن ليث عن مجاهد ، قال : قال عليعليه‌السلام : إن في كتاب اللّه عز وجل لآية ما عمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي( يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نٰاجَيْتُمُ اَلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقَةً ) قال : فرضت ثم نسخت (أقول) وذكره الزمخشري ايضاً في الكشاف في تفسير الآية في سورة المجادلة وقال في آخره : كان لي دينار فصرفته فكنت اذا ناجيته تصدقت بدرهم ، ثم قال : قال الكلبي تصدق في عشر كلمات سألهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وذكره الواحدي ايضاً في اسباب النزول (ص ٣٠٨ ) وقال فيه : كان لي دينار فبعته وكنت اذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد فنسخت بالآية :أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقٰاتٍ ، وذكره الفخر الرازي ايضاً في تفسيره وقال في آخر : وروى ابن جريج والكلبي وعطا عن ابن عباس انهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه احد الا عليعليه‌السلام ، تصدق بدينار ثم نزلت الرخصة ، ورواه ابن جرير ايضاً في (ج ٢٨ ص ١٤ ) بطريق آخر عن ليث عن مجاهد وقال فيه : كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم فكنت اذا جئت الى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم تصدقت بدرهم ، فنسخت فلم يعمل بها احد قبلي

٣٤٠

الشافعي ، ومسند الإمام أحمد ، عن أنس بن مالك ، قال :

اتي النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بطائر فقال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي.

فجاء عليعليه‌السلام فحجبته مرّتين ، فجاء في الثالثة فأذنت له.

فقال النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : يا عليّ! ما حبسك؟! قال : هذه ثلاث مرّات قد جئتها فحبسني أنس.

قال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : لم يا أنس؟! قال : قلت : سمعت دعوتك يا رسول الله ، فأحببت أن يكون رجلا من قومي.

فقال النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : الرجل يحبّ قومه.

فأسأل الشيخ عبد السلام وأقول : هل استجاب الله تعالى دعوة حبيبه ونبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم لا؟!

الشيخ عبد السلام : نعم ، وكيف لا يستجيب وقد وعده الإجابة؟! وهو سبحانه يعلم أنّ النبيّ لا يدعوه ولا يطلب منه حاجة إلاّ في محلّها. فلذلك كانت دعوة رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) مستجابة في كلّ وقت.

قلت : على هذا فعليّعليه‌السلام هو أحبّ الخلق إلى الله عزّ وجلّ.

كما إنّ كبار علمائكم صرّحوا بذلك ، مثل : العلاّمة محمد بن طلحة الشافعي ، في أوائل الفصل الخامس من الباب الأوّل من كتابه «مطالب السئول» بمناسبة حديث الراية وحديث الطير ، فقد أثبت أنّ عليّاعليه‌السلام كان أحبّ الخلق إلى الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ يقول : أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحقّق للناس ثبوت هذه المنقبة السنيّة والصفة العليّة ، التي هي أعلى درجات المتّقين ، لعليّعليه‌السلام إلى آخره.

٣٤١

والعلاّمة الكنجي الشافعي ، فقيه الحرمين ومحدّث الشام وصدر الحفّاظ ، في كتابه «كفاية الطالب» الباب ٣٣ ، بعد نقله الحديث والخبر بسنده عن أربع طرق ، عن أنس وسفينة خادمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : وفيه دلالة واضحة على ان عليّاعليه‌السلام أحبّ الخلق الى الله ، وأدل الدلالة على ذلك إجابة دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ما دعا به ، وقد وعد الله تعالى من دعاه الإجابة ، حيث قال عزّ وجلّ :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (١) .

فأمر بالدعاء ووعد الإجابة ، وهو عزّ وجلّ لا يخلف الميعاد. وما كان الله عزّ وجلّ ليخلف وعده رسله ، ولا يردّ دعاء رسوله لأحبّ الخلق إليه ، ومن هو أقرب الوسائل إلى الله تعالى محبّته ومحبّة من يحبّ لحبّه.

وبعد هذا يقول : وحديث أنس الذي صدّرته في أوّل الباب ، أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري عن ستّة وثمانين رجلا ، كلّهم رووه عن أنس ، ثمّ يذكر أسماءهم(٢) .

__________________

(١) سورة غافر ، الآية ٦٠.

(٢) وإليك الحديث كما نقله العلاّمة الكنجي الشافعي في أول الباب ٣٣ من كتاب «كفاية الطالب» وأسماء رواته كما يلي :

أخبرنا منصور بن محمد أبو غالب المراتبي ، أخبرنا أبو الفرج بن أبي الحسين الحافظ ، أخبرنا أحمد بن محمد السدّي ، أخبرنا عليّ بن عمر بن محمد السكّري ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن السرّاج المصري ، حدّثنا أبو محمد فهد بن سليمان النحّاس ، حدّثنا أحمد بن يزيد ، حدّثنا زهير ، حدّثنا عثمان الطويل ، عن أنس بن مالك :اهدي إلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) طائر وكان يعجبه أكله ، فقال : ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر.

٣٤٢

__________________

فجاء عليّ بن أبي طالب فقال : استأذن لي على رسول الله. قال : فقلت : ما عليه إذن ، وكنت أحبّ أن يكون رجلا من الأنصار.

فذهب ثمّ رجع فقال : استأذن لي عليه ، فسمع النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) كلامه ، فقال : ادخل يا عليّ ؛ ثمّ قال : اللهمّ وإليّ ، اللهمّ وإليّ. ـ أي : هو أحبّ الناس إليّ أيضا ـ.

وأمّا أسماء رواة هذا الحديث عن أنس كما ذكرهم العلاّمة الكنجي الشافعي نقلا عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ النيسابوري ، وهم ستّة وثمانون رجلا ، ذكرهم في آخر الباب ٣٣ بترتيب حروف المعجم ، كما يلي :

[إ] إبراهيم بن هديّة أبو هديّة ، وإبراهيم بن مهاجر أبو إسحاق البجلي ، وإسماعيل ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدّي ، وإسماعيل بن سليمان بن المغيرة الأزرق ، وإسماعيل بن وردان ، وإسماعيل بن سليمان ، وإسماعيل غير منسوب من أهل الكوفة ، وإسماعيل بن سليمان التيمي ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وأبان بن أبي عيّاش أبو إسماعيل.

[ب] بسّام الصيرفي الكوفي ، وبرذعة بن عبد الرحمن.

[ث] ثابت بن أسلم البنانيان ، وثمامة بن عبد الله بن أنس.

[ج] جعفر بن سليمان النخعي.

[ح] حسن بن أبي الحسن البصري ، وحسن بن الحكم البجلي ، وحميد بن التيرويه الطويل.

[خ] خالد بن عبيد أبو عصام.

[ز] زبير بن عديّ ، وزياد بن محمد الثقفي ، وزياد بن شروان.

[س] سعيد بن المسيّب ، وسعيد بن ميسرة البكري ، وسليمان بن طرخان التيمي ، وسليمان بن مهران الأعمش ، وسليمان بن عامر بن عبد الله بن عبّاس ، وسليمان ابن الحجّاج الطائفي.

[ش] شقيق بن أبي عبد الله.

٣٤٣

__________________

[ع] عبد الله بن أنس بن مالك ، وعبد الملك بن عمير ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وعبد العزيز بن زياد ، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، وعمر بن أبي حفص الثقفي ، وعمر بن سليم البجلي ، وعمر بن يعلى الثقفي ، وعثمان الطويل ، وعلي بن أبي رافع ، وعامر بن شراحيل الشعبي ، وعمران بن مسلم الطائي ، وعمران بن هيثم ، وعطيّة بن سعد العوفي ، وعبّاد بن عبد الصمد ، وعيسى بن طهمان ، وعمّار بن أبي معاوية الدهني.

[ف] فضيل بن غزوان.

[ق] قتادة بن دعامة.

[ك‍] كلثوم بن جبر.

[م] محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، الباقر عليه‌السلام ، ومحمد بن مسلم الزهري ، ومحمد بن عمر بن علقمة ، ومحمد بن عبد الرحمن أبو الرجال ، ومحمد بن خالد بن المنتصر الثقفي ، ومحمد بن سليم ، ومحمد بن مالك الثقفي ، ومحمد بن جحادة ، ومطيّر بن خالد ، ومعلّى بن هلال ، وميمون أبو خلف ، وميمون غير منسوب ، ومسلم الملائي ، ومطر بن طهمان الورّاق ، وميمون بن مهران ، ومسلم بن كيسان ، وميمون بن جابر السلمي ، وموسى بن عبد الله الجهني ، ومصعب بن سليمان الأنصاري.

[ن] نافع مولى عبد الله بن عمر ، ونافع أبو هرمز.

[ه‍] هلال بن سويد.

[ي] يحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن هانئ ، ويوسف بن إبراهيم ، ويوسف أبو شيبة ـ وقيل هما واحد ـ ، ويزيد بن سفيان ، ويعلى بن مرّة ، ونعيم بن سالم.

[أبو] أبو الهندي ، وأبو مليح ، وأبو داود السبيعي ، وأبو حمزة الواسطي ، وأبو حذيفة العقيلي ، ورجل من آل عقيل ، وشيخ غير منسوب.

انتهى ما أردنا نقله من كتاب «كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن

٣٤٤

فأنصفوا أيها المستمعون! هل من الصحيح أن نتمسّك بخبر واحد رواه عمرو بن العاص ، وهو أحد أعداء الإمام عليّعليه‌السلام ، والمعلن عليه الحرب ، والخارج لقتاله ، ونعرض عن هذه الأخبار الكثيرة المتواترة في كتب كبار علمائكم ومحدّثيكم؟!

الشيخ عبد السلام : أظنّ أنّكم مصرّون على ردّ كلّ خبر ننقله في فضيلة الشيخين!!

نحن نتّبع الحقّ!

قلت : إنّي أعجب من الشيخ إذ يتّهمني أمام الحاضرين بهذه التهمة! ولا أدري أي خبر موافق للكتاب الحكيم والعقل السليم والمنطق القويم قاله الشيخ وأنا رفضته وما قبلته؟! حتّى يجابهني بهذا العتاب ، ويواجهني بهذا الكلام الذي يقصد منه أنّنا نتّبع طريق اللجاج والعناد!!

__________________

أبي طالبعليه‌السلام » تأليف : العلاّمة ، فقيه الحرمين ، ومفتي العراقيين ، محدّث الشام ، وصدر الحفّاظ ، أبي عبد الله محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي.

وقد ثبت إجماع المسلمين على صحّة هذا الخبر ، فنقلوه بالتواتر في كتبهم ومسانيدهم ، كما ثبت أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام احتجّ بهذا الحديث في يوم الدار في اجتماع الّذين أوصاهم عمر بن الخطّاب أن يجتمعوا لتعيين خليفته من بينهم ، فقال الإمام عليّ عليه‌السلام : أنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء أحد غيري؟!

فقالوا : اللهمّ لا فقال عليه‌السلام : اللهمّ اشهد إلى آخره. «المترجم».

٣٤٥

وإنّي أعوذ بالله أن أكون معاندا أو متعصّبا جاهلا ، وأعوذ به سبحانه أن يكون في قلبي شيء من الحقد عليكم خصوصا ، وعلى إخواني من أهل السنّة عموما.

وإنّي أشهد الله ربّي وربّكم أنّي ما كنت معاندا وما تبعت طريق اللجاج في محاوراتي ومناظراتي مع اليهود والنصارى ، والهنود والمجوس ، ومع المادّيّين والوجوديّين ، وسائر المذاهب والفرق والأحزاب المنحرفة ، بل كنت دائما أطلب وجه الله عزّ وجلّ وأبحث عن الحقّ والحقيقة على أساس المنطق والعقل واصول العلم والبرهان ، فكيف أكون معاندا في محاورتي معكم وأنتم إخواني في الدين ، ونحن وإياكم على دين واحد ، وكتاب واحد ، ونبي واحد ، وقبلة واحدة؟!

غاية ما هنالك لقد وقعت بعض الاشتباهات والمغالطات في الأمر ، والتبس بذلك الحقّ عليكم ، ونحن بتشكيل مجالس البحث والمناظرة ، نريد أن نتفاهم في القضايا حتّى يرتفع الاختلاف إن شاء الله تعالى ، ويخيّم علينا الاتّحاد والائتلاف ، ويتحقّق أمر الله عزّ وجلّ إذ يقول :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (١) .

وأنتم والحمد لله عالمون وفاهمون ، ولكن تأثّرتم بكلمات وأكاذيب الامويّين المعادين للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الطيّبين فقلّدتم الناكثين والمارقين المتعصّبين ضدّ الإمام عليّ أمير المؤمنين وشيعته أهل الحقّ واليقين.

فإذا تخلّيتم عن أقاويل اولئك ، وتحرّرتم عن التعصّب والتقليد

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ١٠٣.

٣٤٦

الأعمى ، وأنصفتم الحكم في القضايا المطروحة ، فإنّا نصل إن شاء الله تعالى إلى الهدف المنشود والحقّ المعهود.

الشيخ عبد السلام : نحن قرأنا في الصحف والمجلاّت ، مناظراتكم مع الهنود والبراهمة في مدينة لاهور ، وعلمنا إفحامكم إيّاهم فأجبناكم لانتصاركم للدين الحنيف وإثباتكم الحقّ ، وكنّا نحبّ زيارتكم ونتشوّق لمجالستكم ، والآن نسأل الله تعالى أن يجمعنا وإيّاكم على الحقّ.

ونحن نوافقكم على مراجعة القرآن الحكيم في الأمور الخلافية ، وعرض الأخبار والأحاديث المرويّة على كتاب الله سبحانه ، فهو الفرقان الأعظم ، ولذا قبلنا منكم الردود على ما نقلناه من الأخبار والأحاديث حينما أثبتّم نقاط تعارضها مع الكتاب والعقل والعلم والمنطق.

فلذلك أذكر الآن دليلا من القرآن الكريم في شأن الخلفاء الراشدين وفضلهم ، وأنا على يقين بأنّكم ستوافقون عليه ولا تردّونه ، لأنّه مأخوذ ومقتبس من كتاب الله تعالى.

قلت : أعوذ بالله العظيم من أن أردّ الدلائل القرآنية أو الأحاديث الصحيحة النبوية. ولكن اعلموا أنّي حينما كنت احاور الفرق الملحدة مثل : الغلاة والخوارج ، وغيرهم من الّذين ينسبون أنفسهم للإسلام وما هم منه ، كانوا يحتجّون عليّ في إثبات ادّعائهم الباطل ببعض الآيات القرآنية! لأنّ بعض آيات الذكر الحكيم ذو معان متعدّدة ووجوه متشابهة ، ولذا لم يسمح النبيّ الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأحد أن يفسّر القرآن برأيه ، فقال :

٣٤٧

«من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار».

وقد وكّل هذا الأمر الهامّ إلى أهل بيته الكرامعليهم‌السلام ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا».

وقد أجمعت الامّة على صحّة هذا الحديث الشريف ، فيجب أن نأخذ تفسير القرآن ومعناه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو القرآن الناطق ، ومن بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجب أن نأخذ ذلك من العترة الهادية ، وهم أهل بيته الّذين جعلهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع القرآن ككفّتي ميزان.

والله سبحانه أيضا أمر الامّة أن يرجعوا إليهم في ما لا يعلمون ، فقال :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) .

والمقصود من أهل الذكر : عليّ بن أبي طالب والأئمّة من بنيهعليهم‌السلام كما روى الشيخ سليمان الحنفي في «ينابيع المودة» الباب ٣٩ نقلا عن تفسير «كشف البيان» للعلاّمة الثعلبي بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : نحن أهل الذكر ، والذكر : هو القرآن الحكيم لقوله تعالى :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) (٢) .

وبتعبير آخر من القرآن الكريم ، الذكر : هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقوله تعالى :( ... قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ ) (٣) .

فأهل الذكر هم آل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل القرآن الّذين نزل الوحي في

__________________

(١) سورة النحل ، الآية ٤٣.

(٢) سورة الحجر ، الآية ٩.

(٣) سورة الطلاق ، الآية ١٠ ـ ١١.

٣٤٨

بيتهم ، فهم أهل بيت النبوّة وأهل بيت الوحي.

ولذلك كان عليّعليه‌السلام يقول للناس : سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن كتاب الله ، فإنّه ليس من آية إلاّ وقد عرفت بليل نزلت أم نهار ، وفي سهل أم في جبل ، والله ما انزلت آية إلاّ وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من انزلت ، وإنّ ربّي وهب لي لسانا طلقا ، وقلبا عقولا إلى آخره.

ملخص القول : في نظرنا إنّ الاستدلال بالآيات القرآنية يجب أن يطابق بيان أهل البيت والعترة النبوية ، وإلاّ إذا كان كلّ إنسان يفسّر القرآن حسب رأيه وفكره لوقع الاختلاف في الكلمة والتشتّت في الآراء ، وهذا لا يرضى به الله سبحانه.

والآن بعد هذه المقدّمة ، فإنّا نستمع لبيانكم.

الشيخ عبد السلام : لقد أوّل بعض علمائنا الأعلام قوله تعالى :( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) (١) .

قالوا :( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) إشارة إلى أبي بكر الصدّيق ، فهو كان مع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في كلّ مكان حتّى في الغار ، ورافقه في الهجرة إلى المدينة المنوّرة.

والمقصود من( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) : هو عمر بن الخطّاب (رض) الذي كان شديدا على الكفّار.

والمراد من( رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) : هو عثمان ذو النورين ، فإنّه كان

__________________

(١) سورة الفتح ، الآية ٢٩.

٣٤٩

كما نعلم رقيق القلب كثير الرحمة.

والمعنيّ من( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) : هو عليّ ابن أبي طالب كرّم الله وجهه ، فإنّه ما سجد لصنم قطّ.

وأنا أرجو أن تقبل هذا التأويل الجميل ، والقول الجامع لفضيلة الخلفاء الراشدين!

قلت : يا شيخ! إنّي أعجب من كلامك وفي حيرة منه! ولا أدري من أين جئت به؟! فإنّي لم أجد في تفاسيركم المعتبرة المشهورة ، هذا التفسير ، ولو كان الأمر كما تقول ، لكان الخلفاء المتقدّمون على الإمام عليّعليه‌السلام احتجّوا بها حينما واجهوا معارضة بني هاشم وامتناع السيّدة فاطمة الزّهراء والامام عليّعليه‌السلام من البيعة لهم.

ولكن لم نجد ذلك في التاريخ ولا في التفاسير التي كتبها كبار علمائكم ، أمثال : الطبري والثعلبي والنيسابوري والسيوطي والبيضاوي والزمخشري والفخر الرازي ، وغيرهم.

وهذا التأويل والتفسير ما هو إلاّ رأي شخصي غير مستند إلى حديث أو رواية ، وإنّ القائل والملتزم به ومن يقبله يشملهم حديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار».

وإذا قلت : إنّ ما قلته هو تأويل لا تفسير.

فأقول : إنّ مذاهبكم الأربعة لا يقبلون تأويل القرآن مطلقا ، ولا يجوز عند أئمّتكم تأويل القرآن ، وأضف على هذا ، إنّ في الآية الشريفة نكات علمية وأدبية تمنع من هذا التأويل ، وتحول دون الوصول إلى مقصودكم ، وهي :

أوّلا : الضمائر الموجودة في الآية الكريمة.

٣٥٠

وثانيا : صياغة الجمل ف( مُحَمَّدٌ ) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مبتدأ ، و( رَسُولُ اللهِ ) : عطف بيان أو صفة ، و( الَّذِينَ مَعَهُ ) : عطف على( مُحَمَّدٌ ) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و( أَشِدَّاءُ ) وما بعدها : خبر ؛ ولو قلنا غير هذا فهو غير معقول وخارج عن قواعد العربية والاصول.

ولذا فإنّ جميع المفسّرين من الفريقين قالوا : إنّ الآية الكريمة تشير إلى صفات المؤمنين بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميعا.

ولكنّي أقول : إنّ هذه الصفات ما اجتمعت في كلّ فرد فرد من المؤمنين ، بل مجموعها كانت في مجموع المؤمنين ، أي : إنّ بعضهم كانوا( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) وبعضهم كانوا( رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) وبعضهم( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) ولم يكن من المؤمنين إلاّ رجل واحد جمع كلّ هذه الصفات والميزات الدينية ، وهو : أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فهو الذي كان مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أوّل رسالته وبعثته حتّى آخر ساعات حياته المباركة ، إذ كان رأس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجر وصيّه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب حين فارقت روحه الدنيا.

الشيخ عبد السّلام : إنّك قلت : بأنّي لا اجادل ولست متعصّبا! بينما الآن تظهر التعصّب ، وتجادلنا على ما لا ينكره أيّ فرد من أهل العلم!

أما قرأت قوله تعالى :( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ

٣٥١

كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١) .

هذه الآية الكريمة إضافة على أنّها تؤيّد رأينا في تأويل الآية السابقة :( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) فهي تسجّل فضيلة كبرى ، ومنقبة عظمى لسيّدنا أبي بكر الصدّيق (رض) ، لأنّ مصاحبته للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تدلّ على منزلته عنده ، ودليل على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم بعلم الله أنّ أبا بكر يكون خليفته ، فكان يلزم عليه حفظه كما يلزم حفظ نفسه الشريفة ، لذلك أخذه معه حتّى لا يقع في أيدي المشركين ، ولم يأخذ النبيّ أحدا سواه ، وهذا أكبر دليل على خلافته.

قلت : إذا أبعدتم عنكم التعصّب ، وتركتم تقليد أسلافكم ، ونظرتم إلى الآية الكريمة بنظر التحقيق والتدقيق ، لوجدتم أنّها لا تعدّ فضيلة ومنقبة لأبي بكر ، وليس فيها أي دليل على خلافته!

الشيخ عبد السلام : إنّي أتعجّب من قولك هذا ، والآية صريحة في ما نقول ، ولا ينكره إلاّ معاند متعصّب!

قلت : قبل أن أخوض هذا البحث أرجو أن تعرضوا عن كلامكم ، لأنّي أخشى أن يمسّ ويخدش البحث عواطفكم ، فإنّ الكلام يجرّ الكلام ، ونصل بالبحث إلى ما لا يرام ، ولا يتحمّله العوامّ ، لسوء ما تركّز عندهم في الأفهام.

الشيخ عبد السلام : أرجو أن لا تتكلّم بالإبهام ، بل بيّن لنا كلّ ما عندك من الجواب والردّ على ما قلناه بالتمام ، ونحن إنّما اجتمعنا وحاورناكم لنعرف حقيقة الإسلام ، ونحن مستعدّون لاعتناق مذهبكم إذا ظهر لنا وثبت أنّه الحقّ الذي أمر به محمّد سيّد الأنام (صلّى الله

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٤٠.

٣٥٢

عليه [وآله] وسلّم).

قلت : إنّ إنكاري لقولكم لا يكون عن تعصّب وعناد ، وإعراضي عن الجواب ليس عن عيّ وجهل ، بل رعاية للأدب والوداد ، ولكن إصراركم على رأيكم ، وإحساسي بالمسئولية في كشف الحقّ وإظهار الحقيقة والإرشاد ، يفرض عليّ الردّ والجواب ، حتّى يعرف الحاضرون كلمة الحقّ والسداد ، فأقول :

أوّلا : قولك : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حمل معه أبا بكر ، لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم أنّه يكون خليفته ، فأراد أن يحفظه من شرّ المشركين ، كلام غريب

لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا حمله لهذا السبب ، فلما ذا لم يأخذ معه خلفاءه الآخرين ، الراشدين على حدّ زعمكم؟! عمر وعثمان وعليّ ، لأنّهم كانوا في مكّة مهدّدين أيضا!

فلما ذا هذا التبعيض؟! يأخذ أبا بكر ويأمر عليّا ليبيت على فراش الخطر ، ويفدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه!

هل هذا من العدل والإنصاف؟!

ثانيا : بناء على ما ذكره الطبري في تاريخه ، ج ٣ : إنّ أبا بكر ما كان يعلم بهجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء عند علي بن أبي طالب وسأله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخبره بأنّه هاجر نحو المدينة فأسرع أبو بكر ليلتقي بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرآه في الطريق فأخذه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه.

فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما أخذ معه أبا بكر على غير ميعاد ، لا كما تقول.

وقال بعض المحقّقين : إنّ أبا بكر بعد ما التقى بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الطريق ، اقتضت الحكمة النبوية أن يأخذه معه ولا يفارقه ؛ لأنّه كان من الممكن أن يفشي أمر الهجرة ، وكان المفروض أن يكون سرّا ، كما نوّه

٣٥٣

به الشيخ أبو القاسم ابن الصبّاغ ، وهو من كبار علمائكم ، قال في كتابه : «النور والبرهان» :

إنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أمر عليّا فنام على فراشه ، وخشي من أبي بكر أن يدلّهم عليه فأخذه معه ومضى إلى الغار!

ثالثا : أسألك أن تبيّن لنا محلّ الشاهد من الآية الكريمة ، وتوضّح الفضيلة التي سجّلتها الآية لأبي بكر؟!

الشيخ عبد السلام : محلّ الشاهد ظاهر ، والفضيلة أظهر ، وهي :

أوّلا : صحبة النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ، فإنّ الله تعالى يعبر عن الصدّيق (رض) بصاحب رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

ثانيا : جملة :( إِنَّ اللهَ مَعَنا ) .

ثالثا : نزول السكينة من عند الله سبحانه على سيّدنا أبي بكر.

ومجموعها تثبت أفضليّة سيّدنا الصديق وأحقّيّته بالخلافة.

قلت : لا ينكر أحد أنّ أبا بكر كان من كبار الصحابة ، ومن شيوخ المسلمين ، وأنّه زوّج ابنته من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكنّ هذه الامور لا تدلّ على أحقّيّته بالخلافة.

وكذلك كلّ ما ذكرتم من شواهد ودلائل في الآية الكريمة ، لا تكون فضائل خاصة بأبي بكر ، بل لقائل أن يقول : إنّ صحبة الأخيار والأبرار لا تكون دليلا على البرّ والخير ؛ فكم من كفّار كانوا في صحبة بعض المؤمنين والأنبياء ، وخاصة في الأسفار.

٣٥٤

الصحبة ليست فضيلة

١ ـ فإنّا نقرأ في سورة يوسف الصدّيقعليه‌السلام أنّه قال :( يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) (١) .

لقد اتّفق المفسّرون أنّ صاحبي يوسف الصدّيقعليه‌السلام هما ساقي الملك وطبّاخه ، وكانا كافرين ودخلا معه السجن ولبثا خمس سنين في صحبة النبيّ يوسف الصدّيقعليه‌السلام ، ولم يؤمنا بالله ، حتّى أنّهما خرجا من السجن كافرين ؛ فهل صحبة هذين الكافرين لنبي الله يوسفعليه‌السلام تعدّ منقبة وفضيلة لهما؟!

٢ ـ ونقرأ في سورة الكهف :( قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ) (٢) .

ذكر المفسّرون : أنّ المؤمن ـ وكان اسمه : يهودا ـ قال لصاحبه ـ واسمه : براطوس ـ وكان كافرا ؛ وقد نقل المفسّرون ـ منهم : الفخر الرازي ـ محاورات هذين الصاحبين ، ولا مجال لنقلها ؛ فهل صحبة براطوس ليهودا ، تعدّ له فضيلة أو شرفا يقدّمه على أقرانه؟!

أم هل تكون دليلا على إيمان براطوس ، مع تصريح الآية :( أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ) ؟!(٣) .

فالمصاحبة وحدها لا تدلّ على فضيلة وشرف يميّز صاحبها ويقدّمه على الآخرين.

وأمّا استدلالك علي أفضليّة أبي بكر ، بالجملة المحكيّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ٣٩.

(٢) سورة الكهف ، الآية ٣٧.

(٣) سورة الكهف ، الآية ٣٧.

٣٥٥

( إِنَّ اللهَ مَعَنا ) فلا أجد فيها فضيلة وميزة لأحد ؛ لأنّ الله تعالى لا يكون مع المؤمنين فحسب ، بل يكون مع غير المؤمنين أيضا ، لقوله تعالى :( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ) (١) .

فبحكم هذه الآية الكريمة ، فإنّ الله عزّ وجلّ يكون مع المؤمن والكافر والمنافق.

الشيخ عبد السلام : لا شكّ أنّ المراد من الآية الكريم :( إِنَّ اللهَ مَعَنا ) يعني : بما أنّنا مع الله ونعمل لله ، فإنّ ألطاف الله تعالى تكون معنا ، والعناية الإلهيّة تشملنا.

حقائق لا بدّ من كشفها

قلت : حتّى لو تنزّلنا لكم وسلّمنا لقولكم ، فلقائل أن يقول : إنّ الجملة مع هذا التفسير أيضا لا تدلّ على فضيلة ثابتة أو منقبة تقدّم صاحبها على الآخرين ؛ لأنّ هناك أشخاصا شملتهم الألطاف الإلهيّة والعناية الربّانيّة ، وما داموا مع الله كان الله معهم ، وحينما تركوا الله سبحانه تركهم وانقطعت العناية والألطاف الإلهية عنهم ، مثل :

١ ـ إبليس ـ ولا مناقشة في الأمثال ـ فإنّه عبد الله تعالى عبادة قلّ نظيرها من الملائكة ، وقد شملته الألطاف والعنايات الربّانية ، ولكن لمّا تمرّد عن أمر ربّه تكبّر واتّبع هواه واغترّ ، خاطبه الله الأعظم الأكبر قائلا :( قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) (٢) .

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية ٧.

(٢) سورة الحجر ، الآية ٣٤ ـ ٣٥.

٣٥٦

٢ ـ ومثله في البشر : بلعم بن باعورا ، فإنّه كما ذكر المفسّرون في تفسير قوله تعالى :( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ) (١) قالوا : إنّه تقرّب إلى الله تعالى بعبادته له إلى أن أعطاه الاسم الأعظم وأصبح ببركة اسم الله سبحانه مستجاب الدعوة ، وعلى أثر دعائه تاه موسى وبنو إسرائيل أعواما كثيرة في الوادي.

ولكن على أثر طلبه للرئاسة والدنيا سقط في الامتحان ، واتّبع الشيطان ، وخالف الرحمن ، وسلك سبيل البغي والطغيان ، وصار من المخلّدين في النيران.

وإذا أحببتم تفصيل قصّته ، فراجعوا التاريخ والتفاسير ، منها : تفسير الرازي ٤ / ٤٦٣ ، فإنّه يروي عن ابن عبّاس وابن مسعود ومجاهد بالتفصيل.

٣ ـ وبرصيصا في بني إسرائيل ، كان مجدّا في عبادة الله سبحانه حتّى أصبح من المقرّبين ، وكانت دعوته مستجابة. ولكن عند الامتحان اصيب بسوء العاقبة فترك عبادة ربّ العالمين ، وسجد لإبليس اللعين ، وأمسى من الخاسرين ، فقال الله تعالى فيه :( كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ ) (٢) .

فإذا صدر عمل حسن من إنسان ، فلا يدلّ على أنّ ذلك الإنسان يكون حسنا إلى آخر عمره وأنّ عاقبة أمره تكون خيرا ، ولذا ورد في

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية ١٧٥.

(٢) سورة الحشر ، الآية ١٦.

٣٥٧

أدعية أهل البيتعليهم‌السلام : اللهمّ اجعل عواقب امورنا خيرا.

إضافة إلى ما قلنا : فإنّكم تعلمون أنّه قد ثبت عند علماء المعاني والبيان ، أنّ التأكيد في الكلام يدلّ على شكّ المخاطب وعدم يقينه للموضوع ، أو توهّمه خلاف ذلك.

والآية مؤكّدة «بأنّ» فيظهر بأنّ مخاطب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صاحبه في الغار كان شاكّا في الحقّ ، على غير يقين بأنّ الله سبحانه يكون معهما!

الشيخ عبد السلام ـ شاط غاضبا ـ وقال : ليس من الإنصاف أن تمثّل صاحب رسول الله وخليفته بإبليس وبلعم وبرصيصا!

قلت : أنا في البداية بيّنت أن : «لا مناقشة في الأمثال» ومن المعلوم أنّ في المحاورات أنّما يذكرون الأمثال لتقريب موضوع الحوار إلى الأذهان ، وليس المقصود من المثل تشابه المتماثلين من جميع الجهات ، بل يكفي تشابههما من جهة واحدة ، وهي التي تركّز عليها موضوع الحوار.

وإنّي اشهد الله! بأنّي ما قصدت بالأمثال التي ذكرتها إهانة أحد أبدا ، بل البحث والحوار يقتضي أحيانا أن أذكر شاهدا لكلامي ، وابيّن مثلا لتفهيم مقصدي ومرامي.

الشيخ عبد السلام : دليلي على أنّ الآية الكريمة تتضمّن مناقب وفضائل لسيّدنا أبي بكر (رض) ، جملة :( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) فإنّ الضمير في :( عَلَيْهِ ) يرجع لأبي بكر الصدّيق ، وهذا مقام عظيم.

قلت : الضمير يرجع إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس لأبي بكر ، بقرينة الجملة التالية في الآية :( وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ) .

٣٥٨

وقد صرّح جميع المفسّرين : أنّ المؤيّد بجنود الله سبحانه هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الشيخ عبد السلام : ونحن نقول أيضا : إنّ المؤيّد بالجنود هو النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ولكنّ أبا بكر كذلك كان مؤيّدا مع النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

السكينة والتأييد من خصوصيات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

قلت : إذا كان الأمر كما تقول ، لجاءت الضمائر في الآية الكريمة بالتثنية ، بينما الضمائر كلّها جاءت مفردة ، فحينئذ لا يجوز لأحد أن يقول : إنّ الألطاف والعنايات الإلهيّة كالنصرة والسكينة شملت أبا بكر دون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .. فينحصر القول بأنّها شملت رسول الله دون صاحبه!!

الشيخ عبد السّلام : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) كان في غنى عن نزول السكينة عليه ، لأنّ السكينة الإلهية كانت دائما معه ولا تفارقه أبدا ، ولكن سيّدنا أبا بكر (رض) كان بحاجة ماسّة إلى السكينة فأنزلها الله سبحانه عليه.

قلت : لما ذا تضيّع الوقت بتكرار الكلام ، بأيّ دليل تقول : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يحتاج إلى السكينة الإلهية؟! بينما الله سبحانه يقول :( ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) (١) وذلك في غزوة حنين.

ويقول سبحانه وتعالى أيضا :( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٢٦.

٣٥٩

وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ) (١) وذلك في فتح مكّة المكرّمة.

فكما في الآيتين الكريمتين يذكر الله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويذكر بعده المؤمنين ، فلو كان أبو بكر في آية الغار من المؤمنين الّذين تشملهم السكينة الإلهيّة ، لكان الله عزّ وجلّ قد ذكره بعد ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو يقول : فأنزل الله سكينته عليهما.

هذا ، وقد صرّح كثير من كبار علمائكم : بأنّ ضمير( عَلَيْهِ ) في الآية الكريمة يرجع إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا إلى أبي بكر ؛ راجعوا كتاب : «نقض العثمانية» للعلاّمة الشيخ أبي جعفر الإسكافي وهو استاذ ابن أبي الحديد ، وقد كتب ذلك الكتاب القيّم في ردّ وجواب أباطيل أبي عثمان الجاحظ.

إضافة على ما ذكرنا ، نجد في الآية الكريمة جملة تناقض قولكم! وهي :( إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ) فالنبيّ ينهى أبا بكر عن الحزن ، فهل حزن أبي بكر كان عملا حسنا أم سيّئا؟

فإن كان حسنا ، فالرسول لا ينهى عن الحسن ، وإن كان سيّئا فنهي النبيّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من باب النهي عن المنكر بقوله :( لا تَحْزَنْ ) فالآية الكريمة لم تكن في فضل أبي بكر ومدحه ، بل تكون في ذمّه وقدحه! وصاحب السوء والمنكر ، لا تشمله العناية والسكينة الإلهيّة ، لأنّهما تختصّان بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين ، وهم أولياء الله الّذين لا يخشون أحدا إلاّ الله سبحانه.

__________________

(١) سورة الفتح ، الآية ٢٦.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205