ليالي بيشاور

ليالي بيشاور4%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235813 / تحميل: 3895
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الشافعي ، ومسند الإمام أحمد ، عن أنس بن مالك ، قال :

اتي النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بطائر فقال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي.

فجاء عليعليه‌السلام فحجبته مرّتين ، فجاء في الثالثة فأذنت له.

فقال النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : يا عليّ! ما حبسك؟! قال : هذه ثلاث مرّات قد جئتها فحبسني أنس.

قال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : لم يا أنس؟! قال : قلت : سمعت دعوتك يا رسول الله ، فأحببت أن يكون رجلا من قومي.

فقال النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : الرجل يحبّ قومه.

فأسأل الشيخ عبد السلام وأقول : هل استجاب الله تعالى دعوة حبيبه ونبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم لا؟!

الشيخ عبد السلام : نعم ، وكيف لا يستجيب وقد وعده الإجابة؟! وهو سبحانه يعلم أنّ النبيّ لا يدعوه ولا يطلب منه حاجة إلاّ في محلّها. فلذلك كانت دعوة رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) مستجابة في كلّ وقت.

قلت : على هذا فعليّعليه‌السلام هو أحبّ الخلق إلى الله عزّ وجلّ.

كما إنّ كبار علمائكم صرّحوا بذلك ، مثل : العلاّمة محمد بن طلحة الشافعي ، في أوائل الفصل الخامس من الباب الأوّل من كتابه «مطالب السئول» بمناسبة حديث الراية وحديث الطير ، فقد أثبت أنّ عليّاعليه‌السلام كان أحبّ الخلق إلى الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ يقول : أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحقّق للناس ثبوت هذه المنقبة السنيّة والصفة العليّة ، التي هي أعلى درجات المتّقين ، لعليّعليه‌السلام إلى آخره.

٣٤١

والعلاّمة الكنجي الشافعي ، فقيه الحرمين ومحدّث الشام وصدر الحفّاظ ، في كتابه «كفاية الطالب» الباب ٣٣ ، بعد نقله الحديث والخبر بسنده عن أربع طرق ، عن أنس وسفينة خادمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : وفيه دلالة واضحة على ان عليّاعليه‌السلام أحبّ الخلق الى الله ، وأدل الدلالة على ذلك إجابة دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ما دعا به ، وقد وعد الله تعالى من دعاه الإجابة ، حيث قال عزّ وجلّ :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (١) .

فأمر بالدعاء ووعد الإجابة ، وهو عزّ وجلّ لا يخلف الميعاد. وما كان الله عزّ وجلّ ليخلف وعده رسله ، ولا يردّ دعاء رسوله لأحبّ الخلق إليه ، ومن هو أقرب الوسائل إلى الله تعالى محبّته ومحبّة من يحبّ لحبّه.

وبعد هذا يقول : وحديث أنس الذي صدّرته في أوّل الباب ، أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري عن ستّة وثمانين رجلا ، كلّهم رووه عن أنس ، ثمّ يذكر أسماءهم(٢) .

__________________

(١) سورة غافر ، الآية ٦٠.

(٢) وإليك الحديث كما نقله العلاّمة الكنجي الشافعي في أول الباب ٣٣ من كتاب «كفاية الطالب» وأسماء رواته كما يلي :

أخبرنا منصور بن محمد أبو غالب المراتبي ، أخبرنا أبو الفرج بن أبي الحسين الحافظ ، أخبرنا أحمد بن محمد السدّي ، أخبرنا عليّ بن عمر بن محمد السكّري ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن السرّاج المصري ، حدّثنا أبو محمد فهد بن سليمان النحّاس ، حدّثنا أحمد بن يزيد ، حدّثنا زهير ، حدّثنا عثمان الطويل ، عن أنس بن مالك :اهدي إلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) طائر وكان يعجبه أكله ، فقال : ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر.

٣٤٢

__________________

فجاء عليّ بن أبي طالب فقال : استأذن لي على رسول الله. قال : فقلت : ما عليه إذن ، وكنت أحبّ أن يكون رجلا من الأنصار.

فذهب ثمّ رجع فقال : استأذن لي عليه ، فسمع النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) كلامه ، فقال : ادخل يا عليّ ؛ ثمّ قال : اللهمّ وإليّ ، اللهمّ وإليّ. ـ أي : هو أحبّ الناس إليّ أيضا ـ.

وأمّا أسماء رواة هذا الحديث عن أنس كما ذكرهم العلاّمة الكنجي الشافعي نقلا عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ النيسابوري ، وهم ستّة وثمانون رجلا ، ذكرهم في آخر الباب ٣٣ بترتيب حروف المعجم ، كما يلي :

[إ] إبراهيم بن هديّة أبو هديّة ، وإبراهيم بن مهاجر أبو إسحاق البجلي ، وإسماعيل ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدّي ، وإسماعيل بن سليمان بن المغيرة الأزرق ، وإسماعيل بن وردان ، وإسماعيل بن سليمان ، وإسماعيل غير منسوب من أهل الكوفة ، وإسماعيل بن سليمان التيمي ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وأبان بن أبي عيّاش أبو إسماعيل.

[ب] بسّام الصيرفي الكوفي ، وبرذعة بن عبد الرحمن.

[ث] ثابت بن أسلم البنانيان ، وثمامة بن عبد الله بن أنس.

[ج] جعفر بن سليمان النخعي.

[ح] حسن بن أبي الحسن البصري ، وحسن بن الحكم البجلي ، وحميد بن التيرويه الطويل.

[خ] خالد بن عبيد أبو عصام.

[ز] زبير بن عديّ ، وزياد بن محمد الثقفي ، وزياد بن شروان.

[س] سعيد بن المسيّب ، وسعيد بن ميسرة البكري ، وسليمان بن طرخان التيمي ، وسليمان بن مهران الأعمش ، وسليمان بن عامر بن عبد الله بن عبّاس ، وسليمان ابن الحجّاج الطائفي.

[ش] شقيق بن أبي عبد الله.

٣٤٣

__________________

[ع] عبد الله بن أنس بن مالك ، وعبد الملك بن عمير ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وعبد العزيز بن زياد ، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، وعمر بن أبي حفص الثقفي ، وعمر بن سليم البجلي ، وعمر بن يعلى الثقفي ، وعثمان الطويل ، وعلي بن أبي رافع ، وعامر بن شراحيل الشعبي ، وعمران بن مسلم الطائي ، وعمران بن هيثم ، وعطيّة بن سعد العوفي ، وعبّاد بن عبد الصمد ، وعيسى بن طهمان ، وعمّار بن أبي معاوية الدهني.

[ف] فضيل بن غزوان.

[ق] قتادة بن دعامة.

[ك‍] كلثوم بن جبر.

[م] محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، الباقر عليه‌السلام ، ومحمد بن مسلم الزهري ، ومحمد بن عمر بن علقمة ، ومحمد بن عبد الرحمن أبو الرجال ، ومحمد بن خالد بن المنتصر الثقفي ، ومحمد بن سليم ، ومحمد بن مالك الثقفي ، ومحمد بن جحادة ، ومطيّر بن خالد ، ومعلّى بن هلال ، وميمون أبو خلف ، وميمون غير منسوب ، ومسلم الملائي ، ومطر بن طهمان الورّاق ، وميمون بن مهران ، ومسلم بن كيسان ، وميمون بن جابر السلمي ، وموسى بن عبد الله الجهني ، ومصعب بن سليمان الأنصاري.

[ن] نافع مولى عبد الله بن عمر ، ونافع أبو هرمز.

[ه‍] هلال بن سويد.

[ي] يحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن هانئ ، ويوسف بن إبراهيم ، ويوسف أبو شيبة ـ وقيل هما واحد ـ ، ويزيد بن سفيان ، ويعلى بن مرّة ، ونعيم بن سالم.

[أبو] أبو الهندي ، وأبو مليح ، وأبو داود السبيعي ، وأبو حمزة الواسطي ، وأبو حذيفة العقيلي ، ورجل من آل عقيل ، وشيخ غير منسوب.

انتهى ما أردنا نقله من كتاب «كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن

٣٤٤

فأنصفوا أيها المستمعون! هل من الصحيح أن نتمسّك بخبر واحد رواه عمرو بن العاص ، وهو أحد أعداء الإمام عليّعليه‌السلام ، والمعلن عليه الحرب ، والخارج لقتاله ، ونعرض عن هذه الأخبار الكثيرة المتواترة في كتب كبار علمائكم ومحدّثيكم؟!

الشيخ عبد السلام : أظنّ أنّكم مصرّون على ردّ كلّ خبر ننقله في فضيلة الشيخين!!

نحن نتّبع الحقّ!

قلت : إنّي أعجب من الشيخ إذ يتّهمني أمام الحاضرين بهذه التهمة! ولا أدري أي خبر موافق للكتاب الحكيم والعقل السليم والمنطق القويم قاله الشيخ وأنا رفضته وما قبلته؟! حتّى يجابهني بهذا العتاب ، ويواجهني بهذا الكلام الذي يقصد منه أنّنا نتّبع طريق اللجاج والعناد!!

__________________

أبي طالبعليه‌السلام » تأليف : العلاّمة ، فقيه الحرمين ، ومفتي العراقيين ، محدّث الشام ، وصدر الحفّاظ ، أبي عبد الله محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي.

وقد ثبت إجماع المسلمين على صحّة هذا الخبر ، فنقلوه بالتواتر في كتبهم ومسانيدهم ، كما ثبت أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام احتجّ بهذا الحديث في يوم الدار في اجتماع الّذين أوصاهم عمر بن الخطّاب أن يجتمعوا لتعيين خليفته من بينهم ، فقال الإمام عليّ عليه‌السلام : أنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء أحد غيري؟!

فقالوا : اللهمّ لا فقال عليه‌السلام : اللهمّ اشهد إلى آخره. «المترجم».

٣٤٥

وإنّي أعوذ بالله أن أكون معاندا أو متعصّبا جاهلا ، وأعوذ به سبحانه أن يكون في قلبي شيء من الحقد عليكم خصوصا ، وعلى إخواني من أهل السنّة عموما.

وإنّي أشهد الله ربّي وربّكم أنّي ما كنت معاندا وما تبعت طريق اللجاج في محاوراتي ومناظراتي مع اليهود والنصارى ، والهنود والمجوس ، ومع المادّيّين والوجوديّين ، وسائر المذاهب والفرق والأحزاب المنحرفة ، بل كنت دائما أطلب وجه الله عزّ وجلّ وأبحث عن الحقّ والحقيقة على أساس المنطق والعقل واصول العلم والبرهان ، فكيف أكون معاندا في محاورتي معكم وأنتم إخواني في الدين ، ونحن وإياكم على دين واحد ، وكتاب واحد ، ونبي واحد ، وقبلة واحدة؟!

غاية ما هنالك لقد وقعت بعض الاشتباهات والمغالطات في الأمر ، والتبس بذلك الحقّ عليكم ، ونحن بتشكيل مجالس البحث والمناظرة ، نريد أن نتفاهم في القضايا حتّى يرتفع الاختلاف إن شاء الله تعالى ، ويخيّم علينا الاتّحاد والائتلاف ، ويتحقّق أمر الله عزّ وجلّ إذ يقول :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (١) .

وأنتم والحمد لله عالمون وفاهمون ، ولكن تأثّرتم بكلمات وأكاذيب الامويّين المعادين للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الطيّبين فقلّدتم الناكثين والمارقين المتعصّبين ضدّ الإمام عليّ أمير المؤمنين وشيعته أهل الحقّ واليقين.

فإذا تخلّيتم عن أقاويل اولئك ، وتحرّرتم عن التعصّب والتقليد

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ١٠٣.

٣٤٦

الأعمى ، وأنصفتم الحكم في القضايا المطروحة ، فإنّا نصل إن شاء الله تعالى إلى الهدف المنشود والحقّ المعهود.

الشيخ عبد السلام : نحن قرأنا في الصحف والمجلاّت ، مناظراتكم مع الهنود والبراهمة في مدينة لاهور ، وعلمنا إفحامكم إيّاهم فأجبناكم لانتصاركم للدين الحنيف وإثباتكم الحقّ ، وكنّا نحبّ زيارتكم ونتشوّق لمجالستكم ، والآن نسأل الله تعالى أن يجمعنا وإيّاكم على الحقّ.

ونحن نوافقكم على مراجعة القرآن الحكيم في الأمور الخلافية ، وعرض الأخبار والأحاديث المرويّة على كتاب الله سبحانه ، فهو الفرقان الأعظم ، ولذا قبلنا منكم الردود على ما نقلناه من الأخبار والأحاديث حينما أثبتّم نقاط تعارضها مع الكتاب والعقل والعلم والمنطق.

فلذلك أذكر الآن دليلا من القرآن الكريم في شأن الخلفاء الراشدين وفضلهم ، وأنا على يقين بأنّكم ستوافقون عليه ولا تردّونه ، لأنّه مأخوذ ومقتبس من كتاب الله تعالى.

قلت : أعوذ بالله العظيم من أن أردّ الدلائل القرآنية أو الأحاديث الصحيحة النبوية. ولكن اعلموا أنّي حينما كنت احاور الفرق الملحدة مثل : الغلاة والخوارج ، وغيرهم من الّذين ينسبون أنفسهم للإسلام وما هم منه ، كانوا يحتجّون عليّ في إثبات ادّعائهم الباطل ببعض الآيات القرآنية! لأنّ بعض آيات الذكر الحكيم ذو معان متعدّدة ووجوه متشابهة ، ولذا لم يسمح النبيّ الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأحد أن يفسّر القرآن برأيه ، فقال :

٣٤٧

«من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار».

وقد وكّل هذا الأمر الهامّ إلى أهل بيته الكرامعليهم‌السلام ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا».

وقد أجمعت الامّة على صحّة هذا الحديث الشريف ، فيجب أن نأخذ تفسير القرآن ومعناه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو القرآن الناطق ، ومن بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجب أن نأخذ ذلك من العترة الهادية ، وهم أهل بيته الّذين جعلهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع القرآن ككفّتي ميزان.

والله سبحانه أيضا أمر الامّة أن يرجعوا إليهم في ما لا يعلمون ، فقال :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) .

والمقصود من أهل الذكر : عليّ بن أبي طالب والأئمّة من بنيهعليهم‌السلام كما روى الشيخ سليمان الحنفي في «ينابيع المودة» الباب ٣٩ نقلا عن تفسير «كشف البيان» للعلاّمة الثعلبي بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : نحن أهل الذكر ، والذكر : هو القرآن الحكيم لقوله تعالى :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) (٢) .

وبتعبير آخر من القرآن الكريم ، الذكر : هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقوله تعالى :( ... قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ ) (٣) .

فأهل الذكر هم آل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل القرآن الّذين نزل الوحي في

__________________

(١) سورة النحل ، الآية ٤٣.

(٢) سورة الحجر ، الآية ٩.

(٣) سورة الطلاق ، الآية ١٠ ـ ١١.

٣٤٨

بيتهم ، فهم أهل بيت النبوّة وأهل بيت الوحي.

ولذلك كان عليّعليه‌السلام يقول للناس : سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن كتاب الله ، فإنّه ليس من آية إلاّ وقد عرفت بليل نزلت أم نهار ، وفي سهل أم في جبل ، والله ما انزلت آية إلاّ وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من انزلت ، وإنّ ربّي وهب لي لسانا طلقا ، وقلبا عقولا إلى آخره.

ملخص القول : في نظرنا إنّ الاستدلال بالآيات القرآنية يجب أن يطابق بيان أهل البيت والعترة النبوية ، وإلاّ إذا كان كلّ إنسان يفسّر القرآن حسب رأيه وفكره لوقع الاختلاف في الكلمة والتشتّت في الآراء ، وهذا لا يرضى به الله سبحانه.

والآن بعد هذه المقدّمة ، فإنّا نستمع لبيانكم.

الشيخ عبد السلام : لقد أوّل بعض علمائنا الأعلام قوله تعالى :( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) (١) .

قالوا :( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) إشارة إلى أبي بكر الصدّيق ، فهو كان مع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في كلّ مكان حتّى في الغار ، ورافقه في الهجرة إلى المدينة المنوّرة.

والمقصود من( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) : هو عمر بن الخطّاب (رض) الذي كان شديدا على الكفّار.

والمراد من( رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) : هو عثمان ذو النورين ، فإنّه كان

__________________

(١) سورة الفتح ، الآية ٢٩.

٣٤٩

كما نعلم رقيق القلب كثير الرحمة.

والمعنيّ من( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) : هو عليّ ابن أبي طالب كرّم الله وجهه ، فإنّه ما سجد لصنم قطّ.

وأنا أرجو أن تقبل هذا التأويل الجميل ، والقول الجامع لفضيلة الخلفاء الراشدين!

قلت : يا شيخ! إنّي أعجب من كلامك وفي حيرة منه! ولا أدري من أين جئت به؟! فإنّي لم أجد في تفاسيركم المعتبرة المشهورة ، هذا التفسير ، ولو كان الأمر كما تقول ، لكان الخلفاء المتقدّمون على الإمام عليّعليه‌السلام احتجّوا بها حينما واجهوا معارضة بني هاشم وامتناع السيّدة فاطمة الزّهراء والامام عليّعليه‌السلام من البيعة لهم.

ولكن لم نجد ذلك في التاريخ ولا في التفاسير التي كتبها كبار علمائكم ، أمثال : الطبري والثعلبي والنيسابوري والسيوطي والبيضاوي والزمخشري والفخر الرازي ، وغيرهم.

وهذا التأويل والتفسير ما هو إلاّ رأي شخصي غير مستند إلى حديث أو رواية ، وإنّ القائل والملتزم به ومن يقبله يشملهم حديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار».

وإذا قلت : إنّ ما قلته هو تأويل لا تفسير.

فأقول : إنّ مذاهبكم الأربعة لا يقبلون تأويل القرآن مطلقا ، ولا يجوز عند أئمّتكم تأويل القرآن ، وأضف على هذا ، إنّ في الآية الشريفة نكات علمية وأدبية تمنع من هذا التأويل ، وتحول دون الوصول إلى مقصودكم ، وهي :

أوّلا : الضمائر الموجودة في الآية الكريمة.

٣٥٠

وثانيا : صياغة الجمل ف( مُحَمَّدٌ ) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مبتدأ ، و( رَسُولُ اللهِ ) : عطف بيان أو صفة ، و( الَّذِينَ مَعَهُ ) : عطف على( مُحَمَّدٌ ) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و( أَشِدَّاءُ ) وما بعدها : خبر ؛ ولو قلنا غير هذا فهو غير معقول وخارج عن قواعد العربية والاصول.

ولذا فإنّ جميع المفسّرين من الفريقين قالوا : إنّ الآية الكريمة تشير إلى صفات المؤمنين بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميعا.

ولكنّي أقول : إنّ هذه الصفات ما اجتمعت في كلّ فرد فرد من المؤمنين ، بل مجموعها كانت في مجموع المؤمنين ، أي : إنّ بعضهم كانوا( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) وبعضهم كانوا( رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) وبعضهم( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) ولم يكن من المؤمنين إلاّ رجل واحد جمع كلّ هذه الصفات والميزات الدينية ، وهو : أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فهو الذي كان مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أوّل رسالته وبعثته حتّى آخر ساعات حياته المباركة ، إذ كان رأس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجر وصيّه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب حين فارقت روحه الدنيا.

الشيخ عبد السّلام : إنّك قلت : بأنّي لا اجادل ولست متعصّبا! بينما الآن تظهر التعصّب ، وتجادلنا على ما لا ينكره أيّ فرد من أهل العلم!

أما قرأت قوله تعالى :( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ

٣٥١

كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١) .

هذه الآية الكريمة إضافة على أنّها تؤيّد رأينا في تأويل الآية السابقة :( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) فهي تسجّل فضيلة كبرى ، ومنقبة عظمى لسيّدنا أبي بكر الصدّيق (رض) ، لأنّ مصاحبته للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تدلّ على منزلته عنده ، ودليل على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم بعلم الله أنّ أبا بكر يكون خليفته ، فكان يلزم عليه حفظه كما يلزم حفظ نفسه الشريفة ، لذلك أخذه معه حتّى لا يقع في أيدي المشركين ، ولم يأخذ النبيّ أحدا سواه ، وهذا أكبر دليل على خلافته.

قلت : إذا أبعدتم عنكم التعصّب ، وتركتم تقليد أسلافكم ، ونظرتم إلى الآية الكريمة بنظر التحقيق والتدقيق ، لوجدتم أنّها لا تعدّ فضيلة ومنقبة لأبي بكر ، وليس فيها أي دليل على خلافته!

الشيخ عبد السلام : إنّي أتعجّب من قولك هذا ، والآية صريحة في ما نقول ، ولا ينكره إلاّ معاند متعصّب!

قلت : قبل أن أخوض هذا البحث أرجو أن تعرضوا عن كلامكم ، لأنّي أخشى أن يمسّ ويخدش البحث عواطفكم ، فإنّ الكلام يجرّ الكلام ، ونصل بالبحث إلى ما لا يرام ، ولا يتحمّله العوامّ ، لسوء ما تركّز عندهم في الأفهام.

الشيخ عبد السلام : أرجو أن لا تتكلّم بالإبهام ، بل بيّن لنا كلّ ما عندك من الجواب والردّ على ما قلناه بالتمام ، ونحن إنّما اجتمعنا وحاورناكم لنعرف حقيقة الإسلام ، ونحن مستعدّون لاعتناق مذهبكم إذا ظهر لنا وثبت أنّه الحقّ الذي أمر به محمّد سيّد الأنام (صلّى الله

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٤٠.

٣٥٢

عليه [وآله] وسلّم).

قلت : إنّ إنكاري لقولكم لا يكون عن تعصّب وعناد ، وإعراضي عن الجواب ليس عن عيّ وجهل ، بل رعاية للأدب والوداد ، ولكن إصراركم على رأيكم ، وإحساسي بالمسئولية في كشف الحقّ وإظهار الحقيقة والإرشاد ، يفرض عليّ الردّ والجواب ، حتّى يعرف الحاضرون كلمة الحقّ والسداد ، فأقول :

أوّلا : قولك : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حمل معه أبا بكر ، لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم أنّه يكون خليفته ، فأراد أن يحفظه من شرّ المشركين ، كلام غريب

لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا حمله لهذا السبب ، فلما ذا لم يأخذ معه خلفاءه الآخرين ، الراشدين على حدّ زعمكم؟! عمر وعثمان وعليّ ، لأنّهم كانوا في مكّة مهدّدين أيضا!

فلما ذا هذا التبعيض؟! يأخذ أبا بكر ويأمر عليّا ليبيت على فراش الخطر ، ويفدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه!

هل هذا من العدل والإنصاف؟!

ثانيا : بناء على ما ذكره الطبري في تاريخه ، ج ٣ : إنّ أبا بكر ما كان يعلم بهجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء عند علي بن أبي طالب وسأله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخبره بأنّه هاجر نحو المدينة فأسرع أبو بكر ليلتقي بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرآه في الطريق فأخذه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه.

فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما أخذ معه أبا بكر على غير ميعاد ، لا كما تقول.

وقال بعض المحقّقين : إنّ أبا بكر بعد ما التقى بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الطريق ، اقتضت الحكمة النبوية أن يأخذه معه ولا يفارقه ؛ لأنّه كان من الممكن أن يفشي أمر الهجرة ، وكان المفروض أن يكون سرّا ، كما نوّه

٣٥٣

به الشيخ أبو القاسم ابن الصبّاغ ، وهو من كبار علمائكم ، قال في كتابه : «النور والبرهان» :

إنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أمر عليّا فنام على فراشه ، وخشي من أبي بكر أن يدلّهم عليه فأخذه معه ومضى إلى الغار!

ثالثا : أسألك أن تبيّن لنا محلّ الشاهد من الآية الكريمة ، وتوضّح الفضيلة التي سجّلتها الآية لأبي بكر؟!

الشيخ عبد السلام : محلّ الشاهد ظاهر ، والفضيلة أظهر ، وهي :

أوّلا : صحبة النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ، فإنّ الله تعالى يعبر عن الصدّيق (رض) بصاحب رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

ثانيا : جملة :( إِنَّ اللهَ مَعَنا ) .

ثالثا : نزول السكينة من عند الله سبحانه على سيّدنا أبي بكر.

ومجموعها تثبت أفضليّة سيّدنا الصديق وأحقّيّته بالخلافة.

قلت : لا ينكر أحد أنّ أبا بكر كان من كبار الصحابة ، ومن شيوخ المسلمين ، وأنّه زوّج ابنته من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكنّ هذه الامور لا تدلّ على أحقّيّته بالخلافة.

وكذلك كلّ ما ذكرتم من شواهد ودلائل في الآية الكريمة ، لا تكون فضائل خاصة بأبي بكر ، بل لقائل أن يقول : إنّ صحبة الأخيار والأبرار لا تكون دليلا على البرّ والخير ؛ فكم من كفّار كانوا في صحبة بعض المؤمنين والأنبياء ، وخاصة في الأسفار.

٣٥٤

الصحبة ليست فضيلة

١ ـ فإنّا نقرأ في سورة يوسف الصدّيقعليه‌السلام أنّه قال :( يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) (١) .

لقد اتّفق المفسّرون أنّ صاحبي يوسف الصدّيقعليه‌السلام هما ساقي الملك وطبّاخه ، وكانا كافرين ودخلا معه السجن ولبثا خمس سنين في صحبة النبيّ يوسف الصدّيقعليه‌السلام ، ولم يؤمنا بالله ، حتّى أنّهما خرجا من السجن كافرين ؛ فهل صحبة هذين الكافرين لنبي الله يوسفعليه‌السلام تعدّ منقبة وفضيلة لهما؟!

٢ ـ ونقرأ في سورة الكهف :( قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ) (٢) .

ذكر المفسّرون : أنّ المؤمن ـ وكان اسمه : يهودا ـ قال لصاحبه ـ واسمه : براطوس ـ وكان كافرا ؛ وقد نقل المفسّرون ـ منهم : الفخر الرازي ـ محاورات هذين الصاحبين ، ولا مجال لنقلها ؛ فهل صحبة براطوس ليهودا ، تعدّ له فضيلة أو شرفا يقدّمه على أقرانه؟!

أم هل تكون دليلا على إيمان براطوس ، مع تصريح الآية :( أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ) ؟!(٣) .

فالمصاحبة وحدها لا تدلّ على فضيلة وشرف يميّز صاحبها ويقدّمه على الآخرين.

وأمّا استدلالك علي أفضليّة أبي بكر ، بالجملة المحكيّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ٣٩.

(٢) سورة الكهف ، الآية ٣٧.

(٣) سورة الكهف ، الآية ٣٧.

٣٥٥

( إِنَّ اللهَ مَعَنا ) فلا أجد فيها فضيلة وميزة لأحد ؛ لأنّ الله تعالى لا يكون مع المؤمنين فحسب ، بل يكون مع غير المؤمنين أيضا ، لقوله تعالى :( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ) (١) .

فبحكم هذه الآية الكريمة ، فإنّ الله عزّ وجلّ يكون مع المؤمن والكافر والمنافق.

الشيخ عبد السلام : لا شكّ أنّ المراد من الآية الكريم :( إِنَّ اللهَ مَعَنا ) يعني : بما أنّنا مع الله ونعمل لله ، فإنّ ألطاف الله تعالى تكون معنا ، والعناية الإلهيّة تشملنا.

حقائق لا بدّ من كشفها

قلت : حتّى لو تنزّلنا لكم وسلّمنا لقولكم ، فلقائل أن يقول : إنّ الجملة مع هذا التفسير أيضا لا تدلّ على فضيلة ثابتة أو منقبة تقدّم صاحبها على الآخرين ؛ لأنّ هناك أشخاصا شملتهم الألطاف الإلهيّة والعناية الربّانيّة ، وما داموا مع الله كان الله معهم ، وحينما تركوا الله سبحانه تركهم وانقطعت العناية والألطاف الإلهية عنهم ، مثل :

١ ـ إبليس ـ ولا مناقشة في الأمثال ـ فإنّه عبد الله تعالى عبادة قلّ نظيرها من الملائكة ، وقد شملته الألطاف والعنايات الربّانية ، ولكن لمّا تمرّد عن أمر ربّه تكبّر واتّبع هواه واغترّ ، خاطبه الله الأعظم الأكبر قائلا :( قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) (٢) .

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية ٧.

(٢) سورة الحجر ، الآية ٣٤ ـ ٣٥.

٣٥٦

٢ ـ ومثله في البشر : بلعم بن باعورا ، فإنّه كما ذكر المفسّرون في تفسير قوله تعالى :( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ) (١) قالوا : إنّه تقرّب إلى الله تعالى بعبادته له إلى أن أعطاه الاسم الأعظم وأصبح ببركة اسم الله سبحانه مستجاب الدعوة ، وعلى أثر دعائه تاه موسى وبنو إسرائيل أعواما كثيرة في الوادي.

ولكن على أثر طلبه للرئاسة والدنيا سقط في الامتحان ، واتّبع الشيطان ، وخالف الرحمن ، وسلك سبيل البغي والطغيان ، وصار من المخلّدين في النيران.

وإذا أحببتم تفصيل قصّته ، فراجعوا التاريخ والتفاسير ، منها : تفسير الرازي ٤ / ٤٦٣ ، فإنّه يروي عن ابن عبّاس وابن مسعود ومجاهد بالتفصيل.

٣ ـ وبرصيصا في بني إسرائيل ، كان مجدّا في عبادة الله سبحانه حتّى أصبح من المقرّبين ، وكانت دعوته مستجابة. ولكن عند الامتحان اصيب بسوء العاقبة فترك عبادة ربّ العالمين ، وسجد لإبليس اللعين ، وأمسى من الخاسرين ، فقال الله تعالى فيه :( كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ ) (٢) .

فإذا صدر عمل حسن من إنسان ، فلا يدلّ على أنّ ذلك الإنسان يكون حسنا إلى آخر عمره وأنّ عاقبة أمره تكون خيرا ، ولذا ورد في

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية ١٧٥.

(٢) سورة الحشر ، الآية ١٦.

٣٥٧

أدعية أهل البيتعليهم‌السلام : اللهمّ اجعل عواقب امورنا خيرا.

إضافة إلى ما قلنا : فإنّكم تعلمون أنّه قد ثبت عند علماء المعاني والبيان ، أنّ التأكيد في الكلام يدلّ على شكّ المخاطب وعدم يقينه للموضوع ، أو توهّمه خلاف ذلك.

والآية مؤكّدة «بأنّ» فيظهر بأنّ مخاطب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صاحبه في الغار كان شاكّا في الحقّ ، على غير يقين بأنّ الله سبحانه يكون معهما!

الشيخ عبد السلام ـ شاط غاضبا ـ وقال : ليس من الإنصاف أن تمثّل صاحب رسول الله وخليفته بإبليس وبلعم وبرصيصا!

قلت : أنا في البداية بيّنت أن : «لا مناقشة في الأمثال» ومن المعلوم أنّ في المحاورات أنّما يذكرون الأمثال لتقريب موضوع الحوار إلى الأذهان ، وليس المقصود من المثل تشابه المتماثلين من جميع الجهات ، بل يكفي تشابههما من جهة واحدة ، وهي التي تركّز عليها موضوع الحوار.

وإنّي اشهد الله! بأنّي ما قصدت بالأمثال التي ذكرتها إهانة أحد أبدا ، بل البحث والحوار يقتضي أحيانا أن أذكر شاهدا لكلامي ، وابيّن مثلا لتفهيم مقصدي ومرامي.

الشيخ عبد السلام : دليلي على أنّ الآية الكريمة تتضمّن مناقب وفضائل لسيّدنا أبي بكر (رض) ، جملة :( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) فإنّ الضمير في :( عَلَيْهِ ) يرجع لأبي بكر الصدّيق ، وهذا مقام عظيم.

قلت : الضمير يرجع إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس لأبي بكر ، بقرينة الجملة التالية في الآية :( وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ) .

٣٥٨

وقد صرّح جميع المفسّرين : أنّ المؤيّد بجنود الله سبحانه هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الشيخ عبد السلام : ونحن نقول أيضا : إنّ المؤيّد بالجنود هو النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ولكنّ أبا بكر كذلك كان مؤيّدا مع النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

السكينة والتأييد من خصوصيات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

قلت : إذا كان الأمر كما تقول ، لجاءت الضمائر في الآية الكريمة بالتثنية ، بينما الضمائر كلّها جاءت مفردة ، فحينئذ لا يجوز لأحد أن يقول : إنّ الألطاف والعنايات الإلهيّة كالنصرة والسكينة شملت أبا بكر دون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .. فينحصر القول بأنّها شملت رسول الله دون صاحبه!!

الشيخ عبد السّلام : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) كان في غنى عن نزول السكينة عليه ، لأنّ السكينة الإلهية كانت دائما معه ولا تفارقه أبدا ، ولكن سيّدنا أبا بكر (رض) كان بحاجة ماسّة إلى السكينة فأنزلها الله سبحانه عليه.

قلت : لما ذا تضيّع الوقت بتكرار الكلام ، بأيّ دليل تقول : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يحتاج إلى السكينة الإلهية؟! بينما الله سبحانه يقول :( ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) (١) وذلك في غزوة حنين.

ويقول سبحانه وتعالى أيضا :( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٢٦.

٣٥٩

وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ) (١) وذلك في فتح مكّة المكرّمة.

فكما في الآيتين الكريمتين يذكر الله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويذكر بعده المؤمنين ، فلو كان أبو بكر في آية الغار من المؤمنين الّذين تشملهم السكينة الإلهيّة ، لكان الله عزّ وجلّ قد ذكره بعد ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو يقول : فأنزل الله سكينته عليهما.

هذا ، وقد صرّح كثير من كبار علمائكم : بأنّ ضمير( عَلَيْهِ ) في الآية الكريمة يرجع إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا إلى أبي بكر ؛ راجعوا كتاب : «نقض العثمانية» للعلاّمة الشيخ أبي جعفر الإسكافي وهو استاذ ابن أبي الحديد ، وقد كتب ذلك الكتاب القيّم في ردّ وجواب أباطيل أبي عثمان الجاحظ.

إضافة على ما ذكرنا ، نجد في الآية الكريمة جملة تناقض قولكم! وهي :( إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ) فالنبيّ ينهى أبا بكر عن الحزن ، فهل حزن أبي بكر كان عملا حسنا أم سيّئا؟

فإن كان حسنا ، فالرسول لا ينهى عن الحسن ، وإن كان سيّئا فنهي النبيّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من باب النهي عن المنكر بقوله :( لا تَحْزَنْ ) فالآية الكريمة لم تكن في فضل أبي بكر ومدحه ، بل تكون في ذمّه وقدحه! وصاحب السوء والمنكر ، لا تشمله العناية والسكينة الإلهيّة ، لأنّهما تختصّان بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين ، وهم أولياء الله الّذين لا يخشون أحدا إلاّ الله سبحانه.

__________________

(١) سورة الفتح ، الآية ٢٦.

٣٦٠

والتخمين.

مسالة ٨٢٥ : لو خرج بعض الثمن مستحقّاً ، بطل البيع في ذلك القدر‌ ، وتخيّر المشتري في الفسخ والإمضاء ، وهو أحد قولي الشافعي في تفريق الصفقة(١) .

فإن اختار الإمضاء ، فللشفيع الأخذ. وإن اختار الفسخ وأراد الشفيع أخذه ، فالأقوى تقديمه ، ويأخذ بالشفعة ، ويبطل فسخ المشتري ؛ لسبق حقّ الشفيع.

ولو ظهر استحقاق ما دفعه الشفيع ، لم تبطل شفعته ، سواء كان عالماً بالاستحقاق أو جاهلاً.

وللشافعيّة وجهان(٢) .

ولو قال الشفيع : تملّكت بهذه الدراهم ، لم تسقط شفعته مع استحقاقها أيضاً ؛ لعدم تعيّنها بالعقد.

وللشافعيّة قولان(٣) .

ثمّ إذا قال : تملّكت بهذه الدراهم ، حالة العلم بالاستحقاق أو الجهل ، فلا يبطل حقّه ، كما قلناه ، ويتبيّن أنه ملك بالقول لا بالدفع.

ولا يفتقر إلى تملّكٍ جديد ، وهو أحد قولي الشافعيّة.

والثاني : أنّه يفتقر إلى تجديد قوله : تملّكت(٤) .

ولو خرج الذهب نحاساً ، فكالمستحقّ.

ولو خرج الثمن معيباً ، فإن رضي البائع ، لم يلزم المشتري الرضا‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٦.

(٣و٤) روضة الطالبين ٤ : ١٧٦.

٣٦١

بمثله ، بل يأخذ من الشفيع ما وقع عليه العقد.

مسالة ٨٢٦ : قد بيّنّا أنّ الشفعة موروثة ، ويشترك الورثة فيها كما في الميراث ، وهو أحد قولي الشافعي على ما تقدّم(١) . وفي الثاني : على عدد الرؤوس(٢) .

فلو مات الشفيع عن ابن وزوجة ، فللزوجة ثُمْن الشفعة ، والباقي للابن ، وهو أصحّ طُرق الشافعيّة.

والطريق الثاني : القطع بالتسوية هنا.

والثالث : على القولين(٣) .

مسالة ٨٢٧ : لو كان بين اثنين دار بالسويّة باع أحدهما نصف نصيبه لزيدٍ ثمّ باع النصفَ الآخَر لعمرو ، فالشفعة في النصف الأوّل تختصّ بالشريك الأوّل ، ثمّ قد يعفو عنه وقد يأخذ.

وفي النصف الثاني للشافعيّة وجوه :

أحدها : أن يختصّ به الأوّل.

والثاني : يشترك فيه الأوّل والمشتري الأوّل.

وأصحّها عندهم : إن عفا الشريك الأوّل عن النصف الأوّل ، اشتركا ، وإلّا اختصّ به الشريك الأوّل(٤) .

مسالة ٨٢٨ : لو كانت الدار لأربعة فباع أحدهم نصيبه والثلاثة غُيّاب‌ ، فقدم أحدهم وأخذ كلّ الشقص ثمّ نصب الحاكم مَنْ يقسّم على الغُيّاب ،

____________________

(١) في ص ٢٨٥ ، ضمن المسألة ٧٥٨.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦١ - ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٠ - ٥٣١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٣ - ١٨٤.

٣٦٢

فاقتسما ، وبنى الحاضر فيما أصابه أو غرس ثمّ قدم الغائبان ، فهل لهما القلع مجّاناً؟ فيه احتمال.

وللشافعي وجهان :

أصحّهما عندهم : أنّه ليس لهما ذلك ، كما أنّ الشفيع لا يقلع بناء المشتري وغراسه مجّاناً.

والثاني : نعم ؛ لأنّهما يستحقّان كاستحقاق الأوّل ، فليس له التصرّف حتى يظهر حالهما ، بخلاف الشفيع مع المشتري(١) .

ولو حضر اثنان فأخذا الشقص واقتسما مع القيّم في مال الغائب ثمّ قدم(٢) ، فله الأخذ ، وإبطال القسمة ، فإن عفا ، استمرّت القسمة.

ولو أخذ اثنان فحضر الثالث فأراد أخذ ثلث ما في يد أحدهما ، ولا يأخذ من الثاني شيئاً ، فله ذلك ، كما للشفيع أن يأخذ نصيب أحد المشتريين دون الآخَر.

مسالة ٨٢٩ : لو وهب شقصاً لعبده ، لم يصح على ما اخترناه نحن‌ ، وعند الشيخ أنّه يملك ما يملّكه مولاه(٣) .

وللشافعي(٤) كالقولين.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٦.

(٢) أي : قدم الغائب.

(٣) في النهاية : ٥٤٣ ، والخلاف ٣ : ١٢١ ، ال يملك العبد التصرّف في المال ولا يملكه.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ٢٦٥ - ٢٦٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٦٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦٠ ، الوسيط ٣ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣ ، المغني ٤ : ٢٧٧.

٣٦٣

فعلى تقدير أن يملك لو باع شريك العبد حصّته ، كان للعبد الأخذُ بالشفعة.

والأولى افتقاره إلى إذن السيّد ؛ لأنّه محجور عليه.

وللشافعيّة وجهان(١) .

مسالة ٨٣٠ : لو كان بينهما دار فمات أحدهما عن حمل فباع الآخَر نصيبه‌ ، فهل للحمل شفعة؟ الأقرب : ذلك ، كما أنّه يعزل له الميراث.

إذا ثبت هذا ، فإن خرج ميّتا ، سقطت الشفعة. وإن خرج حيّاً ومات ، ثبتت لوارثه الشفعة.

فإن كان للميّت وصيّ ، فهل له أخذها حالة الحمل؟ الأقرب : المنع ؛ لعدم تيقّن حياته ، ولا ظنّ للحياة ، لعدم الاستناد إلى الاستصحاب ، بخلاف الغائب ، فإن خرج حيّاً ، كان له الأخذُ ، فإن ترك ، كان للحمل مع بلوغه ورشده الأخذ.

ويحتمل العدم ؛ لأنّ الحمل لا يملك بالابتداء إلّا الوصيّة.

وقال الشافعي : لا تثبت للحمل شفعة ، لعدم تيقّن الحياة ، فإن كان هناك وارث غير الحمل ، فله الشفعة. وإن انفصل حيّا ، فليس لوليّه أن يأخذ شيئا من الوارث(٢) . وهو ممنوع.

ولو ورث الحمل شفعة عن مورّثه ، فللأب أو الجدّ الأخذ قبل الانفصال ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٤.

٣٦٤

وقال ابن سريج : ليس لهما الأخذُ ؛ لأنّه لا يتيقّن وجوده(١) .

مسالة ٨٣١ : قد بيّنّا أنّ الأقرب ثبوت الشفعة في بيع الخيار‌ ، ولا يسقط الخيار عمّن له الخيار ، سواء اشترك الخيار أو اختصّ بأحدهما ، ولا يسقط خيار البائع. وكذا لو باع الشريك ، ثبت للمشتري الأوّل الشفعة.

وإن كان لبائعه خيار الفسخ فإن فسخ بعد الأخذ ، فالمشفوع للمشتري. وإن فسخ قبله ، فلا حقّ للبائع ، وفي المشتري إشكال.

مسالة ٨٣٢ : لو باع المكاتب شقصاً بمال الكتابة ثمّ فسخ السيّد الكتابة لعجزه‌ ، لم تسقط الشفعة ؛ لأنّها ثبتت أوّلاً ، فلا تبطل بالفسخ المتجدّد.

ولو عفا وليّ الطفل عن أخذ الشفعة له وكانت الغبطة في الأخذ ، لم يصح العفو.

والأقرب : أنّ للوليّ الأخذ بعد ذلك ؛ لبطلان العفو ، ولا عبرة بالتأخير هنا ، لأنّ التأخير حصل في حقّ الطفل لعذر ، وهو عفو الوليّ وتقصيره.

ويحتمل أن لا يكون للوليّ المطالبةُ ؛ لأنّه عفا ؛ فلو أثبتنا له الطلب ، لأدّى إلى التراخي ، بخلاف الصبي عند بلوغه ؛ لتجدّد الحقّ له حينئذٍ.

ولو ترك لإعسار الصبي ، لم يكن له الأخذ بعد يساره ، ولا للصبي ، والمغمى عليه كالغائب.

وكذا السكران وإن كان عذره محرّما.

وليس لغرماء المفلس الأخذُ بالشفعة بدله ، ولا لهم إجباره على الأخذ ولا مَنعْه منه وإن لم يكن له فيها حظٌّ.

نعم ، لهم منعه من دفع المال ثمناً فيها. فإن رضي الغرماء بالدفع أو‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٧ ، روضة الطالبين ٤ :١٩٤.

٣٦٥

المشتري بالصبر ، تعلّق حقّ الغرماء بالمشفوع ، وإلّا كان للمشتري الانتزاع.

مسالة ٨٣٣ : لو كان لأحد الثلاثة النصفُ وللآخَر الثلثُ وللثالث السدسُ‌ ، فباع أحدهم وأثبتنا الشفعة مع الكثرة ، فانظر مخرج السهام ، فخُذْ منها سهام الشفعاء ، فإذا علمت العدّة قسّمت المشفوع عليها ، ويصير العقار بين الشفعاء على تلك العدّة.

فلو كان البائع صاحبَ النصف ، فسهام الشفعاء ثلاثة : اثنان لصاحب الثلث ، وللآخر سهم ، فالشفعة على ثلاثة ، ويصير العقار كذلك.

ولو كان صاحبَ الثلث ، فالشفعة أرباعاً : لصاحب النصف ثلاثة أرباع ، وللآخَر ربع.

ولو كان صاحبَ السدس ، فهي بين الآخَرَيْن أخماساً : لصاحب النصف ثلاثة ، وللآخَر سهمان إن قلنا بثبوتها على قدر النصيب ، وإلّا تساووا.

ولو وهب بعض الشركاء نصيبه من الشفعة لبعض الشركاء أو غيره ، لم يصح.

مسالة ٨٣٤ : لو باع شقصاً من ثلاثة دفعةً ، فلا شفعة لأحدهم.

ولو رتّب ، فإن أخذ من اللاحق وعفا عن السابق ، شاركه السابق.

ويحتمل عدمه ؛ لأنّ ملكه حال شراء الثاني يستحقّ أخذه بالشفعة ، فلا يكون سبباً في استحقاقها.

ولو أخذ من الجميع ، لم يشاركه أحد.

ويحتمل مشاركة الأوّل الشفيع في شفعة الثاني ، ومشاركة الشفيع الأوّل والثاني في شفعة الثالث ؛ لأنّه كان ملكاً صحيحاً حال شراء الثاني ، ولهذا يستحقّ لو عفا عنه ، فكذا إذا لم يعف ؛ لأنّه إنّما يستحقّ الشفعة‌

٣٦٦

بالملك لا بالعفو ، كما لو باع الشفيع قبل علمه ، فحينئذ للشفيع سدس الأوّل ، وثلاثة أرباع سدس الثاني ، وثلاثة أخماس الثالث ، وللأوّل ربع سدس الثاني ، وخمس الثالث ، وللثاني خمس الثالث ، فيصحّ من مائة وعشرين : للشفيع مائة وسبعة ، وللأوّل تسعة ، وللثاني أربعة.

وعلى الآخر للأوّل نصف سدس الثاني وثلث الثالث ، وللثاني ثلث الثالث ، فيصحّ من ستّة وثلاثين : للشفيع تسعة وعشرون ، وللأوّل خمسة ، وللثاني اثنان.

مسالة ٨٣٥ : لو باع أحد الأربعة وعفا آخر ، فللآخرين أخذ المبيع.

ولو باع ثلاثة في عقود ثلاثة ولم يعلم الرابع ولا بعضهم ببعض ، فللرابع الشفعة على الجميع.

وفي استحقاق الثاني والثالث فيما باعه الأوّل واستحقاق الثالث فيما باعه الثاني وجهان.

وفي استحقاق مشتري الربع الأوّل فيما باعه الثاني والثالث ، واستحقاق الثاني شفعة الثالث ثلاثة أوجه : الاستحقاق ، لأنّهما مالكان حال البيع. وعدمه ، لتزلزل الملك. وثبوته للمعفوّ عنه خاصّة.

فإن أوجبناه للجميع ، فللّذي لم يبع ثلث كلّ ربع ، لأنّ له شريكين ، فصار له الربع مضموما إلى ملكه ، فكمل له النصف ، وللبائع الثالث والمشتري الأوّل الثلث لكلّ منهما سدس ، لأنّه شريك في شفعة مبيعين ، وللبائع الثاني والمشتري الثاني السدس لكلّ منهما نصفه ، لأنّه شريك في شفعة بيع واحد ، ويصحّ من اثني عشر.

مسالة ٨٣٦ : لو وهب المشتري الشقص - الذي اشتراه - لآخر‌ ، كان للشفيع فسخ الهبة ، وأخذ الشقص بالشفعة ، ويكون الثمن للواهب ، وقد‌

٣٦٧

تقدّم(١) .

هذا إذا لم تكن الهبة لازمةً ، وأمّا إن كانت لازمةً بأن يعوّض عنها أو كانت لذي الرحم ، فالأقرب : أنّ الثمن للمتّهب ، فإن قلنا بأنّه للواهب ، رجع المتّهب بما دفعه عوضاً ، وإلّا تخيّر بينه وبين الثمن.

ولو تقايلا أو ردّه المشتري ، فللشفيع فسخ الإقالة والردّ ، والدرك باق على المشتري.

ولو تحالفا عند اختلافهما في الثمن ، أخذه الشفيع بما حلف عليه البائع ؛ لأنّه يأخذه منه في هذه الصورة ، والدرك على البائع حينئذٍ ؛ لفسخ العقد بالتحالف ، وليس للشفيع فسخ البيع والأخذ من البائع.

ولو غرس المشتري أو بنى ، فللمشتري قلع غرسه وبنائه ، ولا يضمن النقص الداخل على الأرض بالغرس والبناء ؛ لأنّه لم يصادف ملك الشفيع ، ويأخذ الشفيع بكلّ الثمن أو يترك.

ولو امتنع المشتري من القلع ، تخيّر الشفيع بين قلعه مع دفع الأرش - ومع عدمه نظر - وبين النزول عن الشفعة.

فإن اتّفقا على بذل القيمة أوجبنا قبولها على المشتري مع اختيار الشفيع ، لم يقوَّم مستحقّاً للبقاء في الأرض ، ولا مقلوعاً ؛ لأنّه إنّما يملك قلعه مع الأرش ، بل إمّا أن تقوَّم الأرض وفيها الغرس ثمّ تقوّم خالية ، فالتفاوت قيمة الغرس ، فيدفعه الشفيع ، أو ما نقص منه إن اختار القلع ، أو يقوَّم الغرس مستحقاً للترك بالاُجرة أو لأخذه بالقيمة إذا امتنعا من قلعه.

ولو اختلف الوقت فاختار الشفيع قلعه في وقتٍ أسبق تقصر قيمته‌

____________________

(١) في ص ٢٧٢ ، المسألة ٧٥١.

٣٦٨

عن قلعه في آخَر ، فله ذلك.

ولو غرس المشتري أو بنى مع الشفيع أو وكيله في المشاع ثمّ أخذه الشفيع ، فالحكم كذلك.

مسالة ٨٣٧ : لو ردّ البائع الثمن بالعيب ، لم يمنع الشفيع ، لسبق حقّه‌ ، ويأخذه بقيمة الثمن ، وللبائع قيمة الشقص وإن زادت عن قيمة الثمن ، ولا يرجع المشتري بالزيادة.

ويُحتمل تقديم حقّ البائع ؛ لأنّ حقّه استند إلى وجود العيب الثابت حالة التبايع ، والشفعة تثبت بعده ، بخلاف المشتري لو وجد المبيع معيباً ؛ لأنّ حقّه استرجاع الثمن وقد حصل من الشفيع ، فلا فائدة في الردّ.

أمّا لو لم يردّ البائع الثمن حتى أخذ الشفيع ، فإنّ له ردَّ الثمن ، وليس له استرجاع المبيع ؛ لأنّ الشفيع ملكه بالأخذ ، فلا يملك البائع إبطال ملكه ، كما لو باعه المشتري لأجنبيّ.

ولو باع الشفيع نصيبه بعد العلم بالشفعة ، بطلت ، وللمشتري الأوّل الشفعة على الثاني.

ولو باع بعض نصيبه وقلنا بثبوتها مع الكثرة ، احتُمل السقوطُ ؛ لسقوط ما يوجب الشفعة. والثبوت ، لبقاء ما يوجب الجميع ابتداءً ، فله أخذ الشقص من المشتري الأوّل.

وهل للمشتري الأوّل شفعة على الثاني؟ إشكال ينشأ : من ثبوت السبب ، وهو الملك ، ومن تزلزله ؛ لأنّه يؤخذ بالشفعة.

مسالة ٨٣٨ : لو وصّى لإنسان بشقص ، فباع الشريك بعد الموت وقبل القبول ، استحقّ الشفعةَ الوارثُ.

ويُحتمل الموصى له إن قلنا : إنّه يملك بالموت خاصّةً ، فإذا قَبِل‌

٣٦٩

الوصيّة ، استحقّ المطالبة ، لأنّا تبيّنّا أنّ الملك كان له ، ولا يستحقّ المطالبة قبل القبول ، ولا الوارث ؛ لأنّا لا نعلم أنّ الملك له قبل الردّ.

ويُحتمل مطالبة الوارث ؛ لأنّ الأصل عدم القبول ، وبقاء الحقّ ، فإذا طالَب الوارث ثمّ قَبِل الموصى له ، افتقر إلى الطلب ثانياً ؛ لظهور عدم استحقاق الطلب.

ويُحتمل أنّ المشفوع للوارث ؛ لأنّ الموصى به إنّما انتقل إلى الموصى له بعد أخذ الشفعة.

ولو لم يطالب الوارث حتى قَبِل الموصى لله ، فلا شفعة للموصى له ؛ لتأخّر ملكه عن البيع.

وفي الوارث وجهان مبنيّان على مَنْ باع قبل علمه ببيع شريكه.

مسالة ٨٣٩ : لو باع أحد الثلاثة حصّته من شريكه ثمّ باع المشتري على أجنبي ولم يعلم الثالث بالبيعين ، فإن أخذ بالثاني ، أخذ جميع ما في يد مشتريه ؛ إذ لا شريك له في الشفعة.

وإن أخذ بالأوّل ، أخذ نصف المبيع ، وهو السدس ، لأنّ المشتري شريكه ، ويأخذ نصفه من المشتري الأوّل ونصفه من الثاني ؛ لأنّ شريكه لمـّا اشترى الثلث كان بينهما.

فإذا باع الثلث من جميع ما في يده وفي يده ثلثان ، فقد باع نصف ما في يده ، والشفيع يستحقّ ربع ما في يده ، وهو السدس ، فصار منقسماً في أيديهما نصفين ، فيأخذ من كلّ واحد منهما نصفه ، وهو نصف السدس ، ويرجع المشتري الثاني على الأوّل بربع الثمن ، وتكون المسألة من اثني عشر ، ثمّ ترجع إلى أربعة : للشفيع النصفُ ، ولكلّ واحد الربعُ.

٣٧٠

وإن أخذ بالعقدين ، أخذ جميع ما في يد الثاني وربع ما في يد الأوّل ، فله ثلاثة أرباعه ، ولشريكه الربع ، ويدفع إلى الأوّل نصف الثمن الأوّل ، وإلى الثاني ثلاثة أرباع الثمن الثاني ، ويرجع الثاني على الأوّل بربع الثمن الثاني ؛ لأنّه يأخذ نصف ما اشتراه الأوّل ، وهو السدس ، فيدفع إليه نصف الثمن كذلك ، وقد صار نصف هذا النصف في يد الثاني ، وهو ربع ما في يده ، فيأخذه منه ، ويرجع الثاني على الأوّل بثمنه ، ويبقى المأخوذ من الثاني ثلاثة أرباع ما اشتراه ، فأخذها منه ، ودفع إليه ثلاثة أرباع الثمن.

* * *

٣٧١

فهرس الموضوعات

المقصد الخامس : في تفريق الصفقة‌ مسالة ٥٥٠ : ٦

مسالة ٥٥١ : ٩

مسالة ٥٥٢ : ١١

مسالة ٥٣٣ : مسالة ٥٥٤ : ١٢

مسالة ٥٥٥ : ١٣

مسالة ٥٥٦ : ١٨

مسالة ٥٥٧ : مسالة ٥٥٨ : ٢٠

مسالة ٥٥٩ : ٢٤

مسالة ٥٦٠ : ٢٥

مسالة ٥٦١ : ٣١

مسالة ٥٦٢ : ٣٦

مسالة ٥٦٣ : ٣٨

مسالة ٥٦٤ : مسالة ٥٦٥ : ٣٩

المقصد السادس : فيما يندرج في المبيع‌ الأوّل : الأرض مسالة ٥٦٦ : ٤٢

مسالة ٥٦٧ : مسالة ٥٦٨ : ٤٤

مسالة ٥٦٩ : ٤٦

مسالة ٥٧٠ : مسالة ٥٧١ : ٤٧

مسالة ٥٧٢ : ٤٨

مسالة ٥٧٣ : ٤٩

مسالة ٥٧٤ : ٥٠

تذنيب : البحث الثاني : في البستان ٥٥

٣٧٢

البحث الثالث : في القرية ٥٦

البحث الرابع : الدار مسالة ٥٧٥ : ٥٨

مسالة ٥٧٦ : ٥٩

مسالة ٥٧٧ : ٦٠

مسالة ٥٧٨ : ٦١

مسالة ٥٧٩ : مسالة ٥٨٠ : مسالة ٥٨١ : ٦٣

البحث الخامس : العبد مسالة ٥٨٢ : ٦٤

مسالة ٥٨٣ : مسالة ٥٨٤ : ٦٥

البحث السادس : الشجر مسالة ٥٨٥ : ٦٦

مسالة ٥٨٦ : مسالة ٥٨٧ : ٦٧

مسالة ٥٨٨ : ٦٨

مسالة ٥٨٩ : ٦٩

مسالة ٥٩٠ : ٧٠

مسالة ٥٩١ : ٧١

فروع : ٧٣

مسالة ٥٩٢ : ٧٤

مسالة ٥٩٣ : ٧٦

مسالة ٥٩٤ : ٧٧

تذنيب : مسالة ٥٩٥ : ٧٨

مسالة ٥٩٦ : ٧٩

المقصد السابع : في التحالف‌ الأوّل : في سببه مسالة ٥٩٧ : مسالة ٥٩٨ : ٨٢

مسالة ٥٩٩ : ٨٣

مسالة ٦٠٠ : ٨٤

مسالة ٦٠١ : ٨٧

مسالة ٦٠٢ : مسالة ٦٠٣ : ٨٨

٣٧٣

مسالة ٦٠٤ : مسالة ٦٠٥ : ٨٩

مسالة ٦٠٦ : ٩١

مسالة ٦٠٧ : ٩٢

مسالة ٦٠٨ : ٩٣

مسالة ٦٠٩ : مسالة ٦١٠ : ٩٥

المطلب الثاني : في كيفيّة اليمين مسالة ٦١١ : ٩٦

مسالة ٦١٢ : ٩٧

مسالة ٦١٣ : ١٠٠

مسالة ٦١٤ : ١٠٢

المطلب الثالث : في حكم التحالف مسالة ٦١٥ : ١٠٤

مسالة ٦١٦ : ١٠٥

مسالة ٦١٧ : ١٠٩

مسالة ٦١٨ : ١١٠

مسالة ٦١٩ : ١١١

تذنيب : مسالة ٦٢٠ : ١١٢

مسالة ٦٢١ : ١١٣

مسالة ٦٢٢ : ١١٥

مسالة ٦٢٣ : ١١٦

مسالة ٦٢٤ : مسالة ٦٢٥ : ١١٧

مسالة ٦٢٦ : مسالة ٦٢٧ : ١١٨

مسالة ٦٢٨ : مسالة ٦٢٩ : ١١٩

مسالة ٦٣٠ : ١٢٠

مسالة ٦٣١ : ١٢١

مسالة ٦٣٢ : ١٢٢

مسالة ٦٣٣ : ١٢٤

٣٧٤

المقصد الثامن : في اللواحق‌ الأوّل : في أنواع المكاسب مسالة ٦٣٤ : ١٢٦

مسالة ٦٣٥ : ١٢٧

مسالة ٦٣٦ : ١٣٠

مسالة ٦٣٧ : ١٣١

مسالة ٦٣٨ : ١٣٣

مسالة ٦٣٩ : تذنيب : ١٣٤

مسالة ٦٤٠ : مسالة ٦٤١ : ١٣٥

مسالة ٦٤٢ : ١٣٦

مسالة ٦٤٣ : ١٣٧

مسالة ٦٤٤ : ١٣٨

مسالة ٦٤٥ : ١٣٩

مسالة ٦٤٦ : مسالة ٦٤٧ : ١٤٣

مسالة ٦٤٨ : مسالة ٦٤٩ : ١٤٤

مسالة ٦٥٠ : ١٤٥

مسالة ٦٥١ : ١٤٦

مسالة ٦٥٢ : ١٤٧

مسالة ٦٥٣ : ١٤٨

مسالة ٦٥٤ : مسالة ٦٥٥ : ١٤٩

مسالة ٦٥٦ : مسالة ٦٥٧ : ١٥٠

مسالة ٦٥٨ : ١٥٣

مسالة ٦٥٩ : مسالة ٦٦٠ : ١٥٤

مسالة ٦٦١ : مسالة ٦٦٢ : ١٥٥

مسالة ٦٦٣ : ١٥٦

مسالة ٦٦٤ : ١٥٧

مسالة ٦٦٥ : ١٥٨

٣٧٥

مسالة ٦٦٦ : ١٦٠

مسالة ٦٦٧ : ١٦١

تذنيب : ١٦٢

مسالة ٦٦٨ : ١٦٣

مسالة ٦٦٩ : ١٦٤

مسالة ٦٧٠ : ١٦٥

مسالة ٦٧١ : ١٦٦

مسالة ٦٧٢ : ١٦٧

مسالة ٦٧٣ : ١٦٩

مسالة ٦٧٤ : ١٧١

مسالة ٦٧٥ : ١٧٣

مسالة ٦٧٦ : ١٧٥

مسالة ٦٧٧ : ١٧٦

مسالة ٦٧٨ : مسالة ٦٧٩ : ١٧٨

مسالة ٦٨٠ : مسالة ٦٨١ : ١٨٠

مسالة ٦٨٢ : مسالة ٦٨٣ : ١٨١

مسالة ٦٨٤ : ١٨٢

مسالة ٦٨٥ : ١٨٣

مسالة ٦٨٦ : مسالة ٦٨٧ : ١٨٤

مسالة ٦٨٨ : ١٨٥

مسالة ٦٨٩ : ١٨٦

مسالة ٦٩٠ : مسالة ٦٩١ : ١٨٧

مسالة ٦٩٢ : ١٨٨

مسالة ٦٩٣ : مسالة ٦٩٤ : ١٨٩

مسالة ٦٩٥ : مسالة ٦٩٦ : ١٩٠

٣٧٦

مسالة ٦٩٧ : مسالة ٦٩٨ : ١٩١

مسالة ٦٩٩ : ١٩٢

مسالة ٧٠٠ : مسألة ٧٠١ : ١٩٣

الفصل الثاني : في الشفعة البحث الأوّل : المحلّ ١٩٤

مسالة ٧٠٢ : ١٩٨

مسالة ٧٠٣ : ١٩٩

مسالة ٧٠٤ : ٢٠١

مسالة ٧٠٥ : مسالة ٧٠٦ : ٢٠٢

مسالة ٧٠٧ : ٢٠٤

مسالة ٧٠٨ : مسالة ٧٠٩ : ٢٠٦

البحث الثاني : في الآخذ مسالة ٧١٠ : ٢٠٨

مسالة ٧١١ : ٢١٠

مسالة ٧١٢ : ٢١١

مسالة ٧١٣ : مسالة ٧١٤ : ٢١٣

مسالة ٧١٥ : ٢١٥

تذنيب : مسالة ٧١٦ : ٢١٦

مسالة ٧١٧ : ٢١٧

البحث الثالث : في المأخوذ منه مسالة ٧١٨ : ٢١٨

مسالة ٧١٩ : ٢٢٠

مسالة ٧٢٠ : ٢٢١

مسالة ٧٢١ : ٢٢٢

مسالة ٧٢٢ : ٢٢٣

مسالة ٧٢٣ : ٢٢٥

مسالة ٧٢٤ : ٢٢٦

مسالة ٧٢٥ : ٢٢٨

٣٧٧

مسالة ٧٢٦ : ٢٣٠

مسالة ٧٢٧ : ٢٣١

مسالة ٧٢٨ : ٢٣٢

مسالة ٧٢٩ : ٢٣٣

مسالة ٧٣٠ : ٢٣٥

مسالة ٧٣١ : مسالة ٧٣٢ : ٢٣٦

مسالة ٧٣٣ : ٢٣٨

مسالة ٧٣٤ : ٢٤٠

مسالة ٧٣٥ : ٢٤٥

البحث الرابع : في كيفيّة الأخذ بالشفعة مسالة ٧٣٦ : ٢٤٧

مسالة ٧٣٧: مسالة ٧٣٨ : ٢٤٩

مسالة ٧٣٩ : ٢٥١

مسالة ٧٤٠ : ٢٥٢

مسالة ٧٤١ : ٢٥٣

مسالة ٧٤٢ : ٢٥٤

مسالة ٧٤٣ : مسالة ٧٤٤ : ٢٥٧

تذنيب : مسالة ٧٤٥ : ٢٥٨

مسالة ٧٤٦ : ٢٦٠

مسالة ٧٤٧ : ٢٦٢

مسالة ٧٤٨ : ٢٦٤

مسالة ٧٤٩ : ٢٦٥

مسالة ٧٥٠ : ٢٧٠

تذنيب : مسالة ٧٥١ : ٢٧٣

مسالة ٧٥٢ : ٢٧٥

مسالة ٧٥٣ : ٢٧٧

٣٧٨

مسالة ٧٥٤ : ٢٧٨

تذنيب : ٢٨١

مسالة ٧٥٥ : ٢٨٢

مسالة ٧٥٦ : ٢٨٣

مسالة ٧٥٧ : مسالة ٧٥٨ : ٢٨٤

مسالة ٧٥٩ : ٢٨٧

تذنيب : مسالة ٧٦٠ : ٢٨٨

مسالة ٧٦١ : مسالة ٧٦٢ : ٢٨٩

مسالة ٧٦٣ : ٢٩٠

مسالة ٧٦٤ : ٢٩١

البحث الخامس : في التنازع مسالة ٧٦٥ : ٢٩٢

تذنيب : مسالة ٧٦٦ : ٢٩٥

مسالة ٧٦٧ : ٢٩٦

مسالة ٧٦٨ : ٢٩٧

مسالة ٧٦٩ : ٢٩٩

مسالة ٧٧٠ : ٣٠١

تذنيب : ٣٠٢

مسالة ٧٧١ : مسالة ٧٧٢ : ٣٠٣

مسالة ٧٧٣ : ٣٠٤

مسالة ٧٧٤ : ٣٠٦

فرعان : مسالة ٧٧٥ : ٣٠٧

مسالة ٧٧٦ : ٣٠٨

تذنيب : مسالة ٧٧٧ : ٣٠٩

مسالة ٧٧٨ : مسالة ٧٧٩ : ٣١٠

مسالة ٧٨٠ : مسالة ٧٨١ : ٣١١

٣٧٩

مسالة ٧٨٢ : مسالة ٧٨٣ : ٣١٢

البحث السادس : في مسقطات الشفعة مسالة ٧٨٤ : ٣١٣

مسالة ٧٨٥ : ٣١٦

مسالة ٧٨٦ : مسالة ٧٨٧ : ٣١٨

مسالة ٧٨٨ : ٣٢١

مسالة ٧٨٩ : ٣٢٢

مسالة ٧٩٠ : مسالة ٧٩١ : ٣٢٣

مسالة ٧٩٢ : مسالة ٧٩٣ : ٣٢٦

مسالة ٧٩٤ : ٣٢٧

فروع : ٣٢٨

مسالة ٧٩٥ : ٣٢٩

مسالة ٧٩٦ : مسالة ٧٩٧ : ٣٣١

البحث السابع : في تفاريع القول بالشفعة مع الكثرة مسالة ٧٩٨ : ٣٣٢

مسالة ٧٩٩ : ٣٣٤

مسالة ٨٠٠ : ٣٣٥

تذنيب : مسالة ٨٠١ : ٣٣٧

فروع : ٣٣٨

مسالة ٨٠٢ : ٣٤٠

مسالة ٨٠٣ : ٣٤٢

مسالة ٨٠٤ : مسالة ٨٠٥ : ٣٤٤

مسالة ٨٠٦ : ٣٤٥

مسالة ٨٠٧ : ٣٤٦

مسالة ٨٠٨ : مسالة ٨٠٩ : ٣٤٧

مسالة ٨١٠ : ٣٤٨

مسالة ٨١١ : مسالة ٨١٢ : ٣٤٩

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205